بسم الله الرحمن الرحیم
تواتر قراءات سبع
فهرست مباحث علوم قرآنی
نزول چند قرائت توسط ملك وحي
آیا شیخ طوسي قده تواتر قراءات را انکار کرده است؟-بررسی مقدمه تبیان و مجمع
قطب راوندی-فقه القرآن-علی مذهبنا-نعمل بالقراءتين
التبیان-الشیخ الطوسی-وجوه القرئات-کلهاحق-کلهاصواب
تواتر قراءات در اصول قرائت و بررسی قول ابن حاجب
طرح إقراء در ایران-شبکه إقراء-پروژه إقراء
القراءة سنة متبعة-رد حماد الراویة-ابن المقسم
قراءة العامة-الناس-المسلمین-الجمهور-المشهور-اهل الحرمین-اهل المدینة-المدنیون-العراقیون-الکوفیون-البصریون
استدلال علامه حلي در شرطیت تواتر در قرائات
التمهيد في علوم القرآن-هفوة من عظيم
سابقه کاربرد لفظ تواتر در قرائات
نقد بسیار تند ابن جزری سخن ابوشامه در المرشد الوجیز-عدول زرقانی از همراهی ابوشامه
تعارض بین نحو و قرائات
تواتر نقل اجماع بر تواتر قرائات سبع-مفتاح الکرامة
انواع تواتر
اشکالات تواتر قراءات سبع و عشر
ابن شهرآشوب-امیر المؤمنین ع اعلم الناس بوجوه القراءات
کلمات شیخ طوسي قده در باره قراءات
نقد تند نویری از عدول ابن جزری از اشتراط تواتر به کفایت صحت سند
مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف القرشي-أول المقرئین بالمدينة-من شهداء أحد(000 - 3 هـ = 000 - 625 م)
شواذ السبعة و العشرة
المهر-الصداق-تعیین الحرف-لقنها الجائز
تصریح کنندگان به اینکه تواتر الی الشارع است
سه اشتباه مهم تاثیرگزار بر فضای علمی فقهی بعد از قرن یازدهم
تعدد قراءات-اشکال و جواب
شواهد کلام قرطبی در تعدد اختیار برای هر قاری
شواهد کلام علامه طباطبائي قده در تعدد مصحف برای هر صحابی مقری
روح و کالبد تلاوت و رسم، زنده به دو رکن اداء و نص
رسم المصحف
اختلاف مصاحف عثماني
تعاضد الرسم و القراءات
کلمات سیوطي در باره قراءات
چند سؤال و جواب راجع به تواتر قراءات توسط م.م و ح.م
دو مورد که مرحوم رضي انکار تواتر میکنند، ارسال مسلم است که منظور از تواتر، تواتر الی الشارع است نه صاحب قرائت:
شرح الرضي على الكافية (2/ 336)
والظاهر أن حمزة جوز ذلك بناء على مذهب الكوفيين لأنه كوفي، ولا نسلم تواتر القراءات
النشر في القراءات العشر (1/ 166)
وقال حمزة: ما قرأت حرفا من كتاب الله إلا بأثر.
المبسوط في فقه الإمامية، ج4، ص: 273
و تعليم القرآن يجوز أن يكون صداقا فالكلام في التفريع عليه: و جملته أنه إذا أصدقها تعليم قرآن فلا يجوز حتى يكون القرآن معلوما: إن أصدقها تعليم سورة عين عليها، و إن كان تعليم آيات عينها، لأن ذلك يختلف، و هل يجب تعيين القراءة و هي الحرف الذي يعلمها إياه على وجهين، أحدهما لا يجب، و هو الأقوى، لأن النبي صلى الله عليه و آله لم يعين على الرجل و الوجه الآخر لا بد من تعيين الحروف لأن بعضها أصعب من بعض.فمن قال إنه شرط فان ذكره، و إلا كان فاسدا و لها مهر مثلها، و من قال ليس بشرط لقنها أي حرف شاء «إن شاء بالجائز و هو الصحيح عندنا، لأن التعيين يحتاج إلى دليل فإذا ثبت أنه يصح كان لها المطالبة بأي موضع شاءت، فإن أصدقها تعليم سورة بعينها و هو لا يحفظها، بأن قال على أن أحصل ذلك لك، صح لأنه أوجبها على نفسه في ذمته.و إن قال: على أن ألقنك أنا إياها، قيل فيه وجهان: أحدهما يصح لأن الحق وجب في ذمته فلا يلزم أن يكون مالكا له، و الثاني لا يصح لأنه لا يصح أن
عنایت زیاد امامیة قدیما و حدیثا به علم قراءات در کلام شیخ الطائفة در طلیعه تفسیر تبیان:
التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (1/ 2)
وسمعت جماعة من اصحابنا قديما وحديثا، يرغبون في كتاب مقتصد يجتمع على جميع فنون علم القرآن، من القراءة، والمعاني والاعراب، والكلام على ....
الشافي في الإمامة ج4 284 ضرب ابن مسعود ..... ص : 279
فامّا اختلاف الناس في القراءة و الاحرف فليس بموجب لما صنعه عثمان لانهم يروون ان النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: (نزل القرآن على سبعة احرف كلّها شاف كاف) فهذا الاختلاف عندهم في القرآن مباح مسند عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم فكيف يحظر عليهم عثمان من التوسّع في الحروف ما هو مباح؟ فلو كان في القراءة الواحدة تحصين القرآن كما ادّعى لما أباح النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم في الاصل الّا القراءة الواحدة لأنه أعلم بوجوه المصالح من جميع أمّته، من حيث كان
الشافي في الإمامة، ج4، ص: 285
مؤيّدا بالوحي، موفّقا في كلّ ما يأتي و يذر، و ليس له أن يقول: (حدث من الاختلاف في أيامه ما لم يكن في ايام الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و لا من جملة ما اباحه، و ذلك ان الامر لو كان على هذا لوجب أن ينهى عن القراءة الحادثة، و الامر المبتدع، و لا يحمله ما حدث من القراءة على تحريم المتقدّم المباح بلا شبهة.
رسائل آل طوق القطيفي؛ ج3، ص: 210
أمّا القول بتواتر العشر كما هو قول جمع من المحقّقين، بل قال الشيخ بهاء الدين: في حاشية تفسير البيضاوي:: (أن تواتر قراءة العشرة هو مشهور الإماميّة) فقول بتواتر قراءة السبعة من غير عكس.
________________________________________
قطيفى، آل طوق، احمد بن صالح، رسائل آل طوق القطيفي، 4 جلد، دار المصطفى لإحياء التراث، بيروت - لبنان، اول، 1422 ه ق
التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 356)
روى اصحابنا ان ألم نشرح من الضحى سورة واحدة لتعلق بعضها ببعض ولم يفصلوا بينهما ب (بسم الله الرحمن الرحيم) وأوجبوا قراء تهما في الفرائض في ركعة وألا يفصل بينهما. ومثله قالوا في سورة (ألم ترك كيف) و (الايلاف) وفى المصحف هما سورتان فصل بينهما ببسم الله.
تفسير مجمع البيان - الطبرسي (10/ 344، بترقيم الشاملة آليا)
و روى أصحابنا أن الضحى و أ لم نشرح سورة واحدة لتعلق إحديهما بالأخرى و لم يفصلوا بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم و جمعوا بينهما في الركعة الواحدة في الفريضة و كذلك القول في سورة أ لم تر كيف و لإيلاف قريش و السياق يدل على ذلك لأنه قال أ لم يجدك يتيما ف آوى إلى آخرها ثم قال :
قراءات پشتوانه بیرونی و مردمی داشت:
جامع البيان في القراءات السبع (1/ 167)
199 - حدثنا فارس بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثني الحسين بن بشر الصوفي قال: حدثنا روح بن عبد المؤمن، قال: حدثنا محمد بن صالح، قال: قرأ عبد الله بن كثير في بيت شبل وثم يومئذ عدة من القراء: أو من وراء جدر «3» [الحشر: 14] فناداه ابن الزبير «4»: ما هذه القراءة؟ ارجع إلى قراءة قومك، قال: إني لما هبطت العراق خلطوا علي قراءتي، قال:
فقال: أو من وراء جدار «5».
السبعة في القراءات (ص: 93)
وأخبرني أنه قرأ على أبي عمرو جنيد بن عمرو العدواني وأخبرني أنه قرأ على حميد بن قيس الأعرج مولى آل الزبير وأن حميدا قرأ على مجاهد
قال أبو الحسن وهذه قراءتنا والمجمع عليه عندنا
وأخبرني أحمد بن زهير بن حرب وإدريس بن عبد الكريم قالا حدثنا خلف ابن هشام قال حدثنا عبيد بن عقيل قال سألت شبل بن عباد المكي فحدثني بقراءة أهل مكة وهي قراءة عبد الله بن كثير وقراءة ابن كثير قراءة شبل
السبعة في القراءات (ص: 94)
وأخبرني الحسين بن بشر بن معروف الصوفي قال حدثنا روح بن عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن صالح المري الخياط قال حدثنا شبل بن عباد عن عبد الله بن كثير وأهل مكة بالقراءة
المهذب (لابن البراج)، ج2، ص: 199
و إذا أصدق الرجل المرأة شيئا من تعليم القرآن فيجب ان يكون ذلك معينا، و إذ أصدقها تعليم سورة عين عليها و كذلك: ان كان تعليم آيات منها، لان ذلك يختلف، فاما التعليم بالحرف الفلاني أو قراءة [2] فلان فغير معتبر به عندنا.فإن أصدقها تعليم سورة بعينها و هو لا يحفظها فان قال على ان أحصل لك ذلك كان صحيحا، لأنه أوجبه على نفسه في ذمته، و ان قال على ان القنك انا إياها صح ذلك لأنه وجب في ذمته، فليس يلزمه، ان يكون مالكا و ذكر انه لا يصح و هو الأحوط.
المعتبر في شرح المختصر؛ ج2، ص: 166
و لا تصح الصلاة مع الإخلال بالفاتحة عمدا و لو بحرف و كذا إعرابها و ترتيب آيها، و عليه علماؤنا أجمع، أما بطلان الصلاة مع العمد فلقوله «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» «5» و قول الصادق عليه السّلام في رواية محمد بن مسلم و قد سأله عمن لم يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته قال: «لا صلاة له» «1» و الإخلال بجزء منها إخلال بها لأن الإتيان بها إتيان بجميع أجزائها فيلزم أن يكون الإخلال بالجزء إخلالا بها.
و أما الإعراب فقد قال بعض الجمهور بجوازه إذا لم يخل بالمعنى، و الوجه ما ذكرناه لأنه كيفية لها و كما وجب الإتيان بحروفها وجب الإتيان بالاعراب المتلقى عن صاحب الشرع، و كذا التشديد في مواضعه، ذكره الشيخ في المبسوط، و البحث في الترتيب كذلك لان مع الإخلال بترتيب آيها لا يتحقق الإتيان بها، ....... و البسملة آية من الحمد و من كل سورة عدا البراءة، و في النمل آية، و بعض آية، فاخلال بها كالإخلال بغيرها من آي الحمد و كما لا يجزي مع الإخلال بغيرها من الاي فكذا البسملة، أما انها آية من الحمد فهو مذهب علمائنا و أكثر أهل العلم، و قال مالك و الأوزاعي: لا يقرأها في أول الحمد.
لنا- ما رووه عن نعيم قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم ثمَّ قرأ بأم الكتاب، ثمَّ قال: و الذي نفسي بيده اني لاشبهكم بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» «1» و عن ابن المنذر «ان النبي صلّى اللّه عليه و آله قرأ في الصلاة بسم اللّه الرحمن الرحيم» «2» و عن أم سلمة مثل ذلك و عدها آية الحمد للّه رب العالمين و عدها آيتين» «3» و رووا عن أبي هريرة «ان النبي صلّى اللّه عليه و آله قال: إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم اللّه الرحمن الرحيم فإنها آية منها» «4».
و يجب إيقاعها في أول الحمد ليحصل الترتيب المنقول، و ما رواه مالك «من كون النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يقرأها» «5» فهي رواية بالنفي فيكون الإثبات أرجح، و ربما يكون النبي صلّى اللّه عليه و آله قرأها و لم يسمع الراوي فأخبر عن حاله.
منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج2، ص: 397
احتجّ المانعون بقوله تعالى: حَتّى يَطَّهَّرْنَ «2» بالتّشديد، أي: يغتسلن، و لأنّها ممنوعة من الصّلاة بحدث الحيض فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقلّ الحيض.و بما رواه الشّيخ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطّهر، أ يقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: «لا، حتّى تغتسل» و عن امرأة حاضت في السّفر، ثمَّ طهرت فلم تجد ماء يوما و اثنين، أ يحلّ لزوجها أن يجامعها قبل أن تغتسل؟ قال: «لا يصلح حتّى تغتسل» «3».و روى، عن سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: قلت له: المرأة تحرم عليها الصّلاة، ثمَّ تطهر فتتوضّأ من غير أن تغتسل، أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال: «لا، حتّى تغتسل» «4».و الجواب عن الأوّل: أنّا قدّمنا انّ التّخفيف قراءة، فصارت القراءتان كآيتين، فيجب العمل بهما، فتحمل عند الاغتسال و عند الانقطاع، أو نقول: يحمل قراءة التّشديد على الاستحباب، و الأولى على الجواز، صونا للقراءتين عن التّنافي.
(تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية (ط - القديمة)؛ ج1، ص: 38
[- يو-] يجب أن يقرأ بالمتواتر فلو قرأ بمصحف ابن مسعود بطلت صلاته [- يز-] يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من القراءات السبع و لا يجوز أن يقرأ بغيرها و إن اتّصلت رواية
نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، ج1، ص: 465
التاسع: يجب أن يقرأ بالمتواتر من القراءة و هي السبعة، و لا يجوز أن يقرأ بالشاذ و لا بالعشرة.و أن يقرأ بالمتواتر من الآيات، فلا يقرأ بمصحف ابن مسعود، اتصلت به الرواية أو لا، لأن الآحاد ليس بقرآن.و المعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما، و لا اعتبار بإنكار ابن مسعود، للشبهة الداخلة عليه بأن النبي صلى اللّٰه عليه و آله كان يعوذ بهما الحسن و الحسين عليهما السلام، إذ لا منافاة، فإن القرآن صالح للتعوذ به لشرفه و بركته، و صلى الصادق عليه السلام المغرب فقرأهما فيها، و قال: اقرأ المعوذتين في المكتوبة «2».
تذكرة الفقهاء (ط - الحديثة)، ج3، ص: 141
مسألة 227: يجب أن يقرأ بالمتواتر من القراءاتو هي السبعة، و لا يجوز أن يقرأ بالشواذ، و لا بالعشرة، و جوّز أحمد قراءة العشرة، و كره قراءة حمزة و الكسائي من السبعة، لما فيها من الكسر و الإدغام «4».و يجب أن يقرأ بالمتواتر من الآيات و هو ما تضمنه مصحف علي عليه السلام؛ لأن أكثر الصحابة اتفقوا عليه، و حرق عثمان ما عداه، فلا يجوز أن يقرأ بمصحف ابن مسعود، و لا أبيّ، و لا غيرهما، و عن أحمد رواية بالجواز إذا اتصلت به الرواية «5»، و هو غلط لأن غير المتواتر ليس بقرآن.و المعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما، و لا اعتبار بإنكار ابن مسعود «6» للشبهة الداخلة عليه بأن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله كان يعوّذ بهما الحسن و الحسين عليهما السلام «7»، إذ لا منافاة بل القرآن صالح للتعوذ به لشرفه و بركته، و قال الصادق عليه السلام: «اقرأ المعوذتين في المكتوبة» «1» و صلّى عليه السلام المغرب فقرأهما فيها «2».
منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج5، ص: 64
الخامس: يقرأ بما نقل متواترا في المصحف الّذي يقرأ به النّاس أجمعو لا يعوّل على ما يوجد في مصحف ابن مسعود، لأنّ القرآن ثبت بالتّواتر و مصحف ابن مسعود لم يثبت متواترا «5»، و لو قرأ به بطلت صلاته، خلافا لبعض الجمهور «6».لنا: أنّه قرأ «7» بغير القرآن فلا يكون مجزئا.
السّادس: يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من السّبعةلتواترها أجمع، و لا يجوز أن يقرأ بالشّاذّ و إن اتّصلت رواية «8»، لعدم تواترها و أحبّ القراءات «9» إليّ ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عيّاش، و قراءة أبي عمرو بن العلاء، فإنّهما أولى من قراءة حمزة و الكسائيّ؛ لما فيهما من الإدغام و الإمالة و زيادة المدّ، و ذلك كلّه تكلّف، و لو قرأ به صحّت صلاته بلا خلاف.
الألفية في فقه الصلاة اليومية، ص: 56
شهيد اول، محمد بن مكى تاريخ وفات مؤلف: 786 ه ق
المقارنة الثالثة: القراءةو واجباتها ستة عشر:الأول: تلاوة الحمد و السورة في الثنائية و في الأوليين من غيرهما.الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها على الوجه المنقول بالتواتر، فلو قرأ بالشواذ [145] بطلت.الثالث: مراعاة ترتيب كلماتها و آيها على المتواتر.
ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، ج3، ص: 304
شهيد اول، محمد بن مكى تاريخ وفات مؤلف: 786 ه ق
الخامسة: لا يجوز الإخلال بحرف من الفاتحة عمدا،و لا من السورة بعدها، لعدم صدق الامتثال. و كذا يجب الترتيب بين كلماتها و آيها على الوجه المنقول بالتواتر، لأنّ ذلك هو القرآن الذي أمر بقراءته في الصلاة. و كذا التشديد، لأنّ الإخلال به إخلال بحرف. و كذا حركات الاعراب و البناء، سواء تغير المعنى بالإخلال بها أو لا، تأسيا بصاحب الشرع و أهل بيته.و يجب مراعاة مخارج الحروف حتى الضاد و الظاء و ان عسر ما لم يتعذر- و ليس في الحمد ظاء- لأنّ إخراج الحرف من غير مخرجه إخلال بحقيقة ذلك الحرف الذي هو إخلال بماهية القراءة.
فرع:تجوز القراءة بالمتواتر، و لا تجوز بالشواذ. و منع بعض الأصحاب من قراءة أبي جعفر و يعقوب و خلف «1» و هي كمال العشر، و الأصح جوازها، لثبوت تواترها كثبوت قراءة القرّاء السبعة.
رسائل الشهيد الأول، ص: 169
الثالثة: القراءة. و واجباتها ستة عشر:الأوّل: تلاوة الحمد و السورة في الثنائيّة و في الأوّلتين من غيرها.الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها على الوجه المنقول بالتواتر، فلو قرأ بالشواذّ بطلت.
جامع المقاصد في شرح القواعد، ج2، ص: 245
محقق ثانى، على بن حسين تاريخ وفات مؤلف: 940 ه ق
و يمكن أن يستفاد من قوله: (أو ترك إعرابا) وجوب القراءة بالمتواتر لا بالشواذّ، فقد اتفقوا على تواتر السّبع، و في الثلاث الآخر الّتي بها تكمل العشرة- و هي قراءة أبي جعفر، و يعقوب، و خلف- تردد، نظرا إلى الاختلاف في تواترها، و قد شهد شيخنا في الذّكرى بثبوت تواترها «1»، و لا يقصر عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد، فحينئذ تجوز القراءة بها، و ما عداها شاذ كقراءة ابن محيصن، و ابن مسعود، فلو قرأ بشيء من ذلك عمدا بطلت صلاته.
جامع المقاصد في شرح القواعد، ج13، ص: 344
و لو أصدقها تعليم سورة لم يجب تعيين الحرف، و لقنها الجائز على رأي، و لا يلزمه غيرها لو طلبت. (2)
-------------
(2) المراد بالحروف هنا القراءة كقراءة حمزة و غيره من السبعة أو العشرة على أقرب القولين، و الرأي الذي ذكره المصنف للشيخ في المبسوط و النهاية «1»، و غيره من الأصحاب «2».و وجهه ان النبي صلّى اللّه عليه و آله لم يعيّن على من عقد له على تعليم شيء من القرآن، و لو كان شرطا امتنع الإخلال به، فعلى هذا إذا أطلق العقد على تعليم سورة صح و بريء بتعليمها الجائز من القراءات دون ما كان شاذا، و في قول نقله جمع من الأصحاب- و لا نعرف القائل به- انه يشترط تعيين قراءة من القراءات الجائزة، لأنها متفاوتة في السهولة و الصعوبة، فلو لم يعين لزم الغرر، و ضعفه ظاهر، و المذهب الأول.و على هذا فلو طلبت غير الجائز على إطلاقه الصادق على مطلق القراءات، أو
رسائل المحقق الكركي، ج3، ص: 262
محقق ثانى، على بن حسين تاريخ وفات مؤلف: 940 ه ق
الحادي عشر: القيام بها فلو أوقعها قبل القيام بطلت. [المقارنة الثالثة: القراءة]المقارنة الثالثة: القراءة و واجباتها ستة عشر:الأول: تلاوة الحمد و السورة في الثنائية و في الأوليين من غيرهما.الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها على الوجه المنقول بالتواتر، فلو قرأ بالشواذ (1) بطلت (2).الثالث: مراعاة ترتيب كلماتها و آيها على المتواتر.الرابع: الموالاة، فلو سكت طويلا (3)
-------
قوله: و الشواذ.هو جمع شاذ، و المراد به ما لم يكن متواترا، و قد حصر بعضهم المتواتر في القراءات السبع المشهورة، و جوز المصنف الى العشر بإضافة قراءة أبي جعفر و يعقوب و خلف، لأنها متواترة و لا بأس به.
روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان (ط - الحديثة)، ج2، ص: 700
و المراد بالإعراب هنا ما تواتر نقله منه في القرآن، لا ما وافق العربيّة مطلقاً، فإنّ القراءة سنّة متّبعة، فلا تجوز القراءة بالشواذّ و إن كانت جائزةً في العربيّة.و المراد بالشاذّ ما زاد على قراءة العشرة المذكورة، كقراءة ابن مسعود و ابن محيصن.و قد أجمع العلماء على تواتر السبعة، و اختلفوا في تمام العشرة، و هي قراءة أبي جعفر و يعقوب و خلف. و المشهور بين المتأخّرين تواترها، و ممّن شهد به الشهيد «1» رحمه اللّه، و لا يقصر ذلك عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد، فتجوز القراءة بها، مع أنّ بعض محقّقي القرّاء من المتأخّرين أفرد كتاباً في أسماء الرجال الذين نقلوها في كلّ طبقة، و هُمْ يزيدون عمّا يعتبر في التواتر، فتجوز القراءة بها إن شاء اللّه. (و) كذا (لا) تجزئ القراءة (مع مخالفة ترتيب الآيات) على الوجه المنقول بالتواتر
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج8، ص: 180
قوله: «و هل يجب تعيين الحرف؟. إلخ». (2) المراد بالحرف القراءة المخصوصة، كقراءة عاصم و غيره. و وجه وجوب التعيين اختلاف القراءات في السهولة و الصعوبة على اللسان و الذهن.و الأقوى ما اختاره المصنف من عدم وجوب التعيين، و يجتزئ بتلقينها الجائز منها، سواء كان إحدى القراءات المتواترة أم الملفّق منها، لأن ذلك كلّه جائز أنزله اللّه تعالى، و التفاوت بينها مغتفر. و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا زوّج المرأة من سهل الساعدي على ما يحسن من القرآن «2» لم يعيّن له الحرف، مع أن التعدّد كان موجودا من يومئذ. و اختلاف القراءات على ألسنة العرب أصعب منه على ألسنة المولّدين.و وجه تسمية القراءة بالحرف ما روي من أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: «نزل القرآن على سبعة أحرف» «1» و فسّرها بعضهم بالقراءات «2».و ليس بجيّد، لأن القراءات المتواترة لا تنحصر في السبعة، بل و لا في العشرة، كما حقّق في محلّه. و إنما اقتصروا على السبعة تبعا لابن مجاهد «3» حيث اقتصر عليها تبرّكا بالحديث. و في أخبارنا أن السبعة أحرف ليست هي القراءات، بل أنواع التركيب من الأمر و النهي و القصص و غيرها
الحاشية الأولى على الألفية، ص: 529
شهيد ثانى، زين الدين بن على تاريخ وفات مؤلف: 966 ه ق
[الثالثة: القراءة]الثالثة: القراءة، و واجباتها ستة عشر: [الأوّل: تلاوة الحمد و السورة]الأوّل: تلاوة الحمد و السورة في الثنائيّة و في الأولتين من غيرها. [الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها]الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها على الوجه المنقول بالتواتر، (1)فلو قرأ بالشواذّ بطلت. (1) [الثالث: مراعاة ترتيب كلماتها و آيها على المتواتر]الثالث: مراعاة ترتيب كلماتها و آيها على المتواتر. [الرابع: الموالاة]الرابع: الموالاة، فلو سكتطويلا أو قرأ خلالها غيرها عمدا بطلت. (2)
------
قوله: «على الوجه المنقول بالتواتر». لا ريب في جواز القراءة بما نقل تواترا، و المحقّق منه ما اتّفق عليه أو ما اشتهر من قراءة السبعة «1»، و اختار المصنّف جواز القراءة بتمام العشرة «1» بإضافة أبي جعفر «2» و يعقوب «3» و خلف «4».و ليس المراد أنّ كلّ ما ورد من هذه القراءات متواتر، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل عنهم، فإنّ بعض ما نقل عن السبعة شاذّ فضلا عن غيرهم، كما حقّقه جماعة من أهل هذا الشأن. «5»و المعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات و إن ركّب بعضها في بعض، ما لم يكن مترتّبا بحيث لا تجيزه العربية، ك فَتَلَقّٰى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمٰاتٍ «6» بالرفع فيهما أو بالنصب، أخذا رفع آدم من غير قراءة ابن كثير، و رفع كلمات من قراءته، و نحوه.قوله: «فلو قرأ بالشواذّ بطلت». المراد بالشواذّ ما لم يكن متواترا، و ضمير (بطلت) يعود إلى الصلاة، و كذا كلّ ما سيأتي و إن كان عوده إلى القراءة أقرب من جهة اللفظ؛ لفساد المعنى في أكثر المواضع. و إنّما تبطل؛ لكون الشاذّ ليس بقرآن و لا دعاء، و ذلك يتمّ مع العمد، أمّا مع النسيان فلا كباقي الكلام.
الحاشية الثانية على الألفية، ص: 529
[الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها]الثاني: مراعاة إعرابها و تشديدها على الوجه المنقول بالتواتر، (1)
قوله: «على الوجه المنقول بالتواتر».و هو قراءة السبعة، و في جوازه بالعشرة قول قويّ.
حاشية شرائع الإسلام، ص: 96
شهيد ثانى، زين الدين بن على تاريخ وفات مؤلف: 966 ه ق
قوله: و روى أصحابنا أنّ «الضحى» و «أ لم نشرح» سورة واحدة، و كذا «الفيل» و «الإيلاف»، فلا يجوز إفراد إحداهما من صاحبتها في كلّ ركعة. و لا يفتقر إلى البسملة بينهما على الأظهر.الأقوى وجوبهما، و رعاية الترتيب بينهما على الوجه المتواتر.
المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، ص: 245
[الثاني: مراعاة إعرابها] (الثاني: مراعاة إعرابها) و المراد به ما يشمل الإعراب و البناء. (و تشديدها) لنيابته مناب الحرف المدغم. (على الوجه المنقول بالتواتر) و هي قراءة السبعة «1» المشهورة، و في تواتر تمام العشرة بإضافة أبي جعفر «1» و يعقوب «2» و خلف «3» خلاف، أجوده ثبوته، و قد شهد المصنّف في الذكرى بتواترها «4»، و هو لا يقصر عن نقل الإجماع بخبر الواحد.و اعلم أنّه ليس المراد أنّ كلّ ما ورد من هذه القراءات متواتر، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات، فإنّ بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم، كما حقّقه جماعة من أهل هذا الشأن «5».و المعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات و إن ركّب بعضها في بعض ما لم يترتّب بعضه على بعض آخر بحسب العربيّة، فيجب مراعاته، ك فَتَلَقّٰى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمٰاتٍ «6» فإنّه لا يجوز الرفع فيهما و لا النّصب و إن كان كلّ منهما متواترا، بأن يؤخذ رفع آدم من غير قراءة ابن كثير، و رفع كلمات من قراءته، فإنّ ذلك لا يصحّ؛ لفساد المعنى.و نحوه وَ كَفَّلَهٰا زَكَرِيّٰا «7» بالتشديد مع الرفع، أو بالعكس.و قد نقل ابن الجزري في (النشر) عن أكثر القرّاء جواز ذلك أيضا، و اختار ما ذكرناه «8».و أما اتّباع قراءة الواحد من العشرة في جميع السورة فغير واجب قطعا، بل و لا مستحبّ، فإنّ الكلّ من عند اللّه نزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين تخفيفا على الأمّة و تهوينا على أهل هذه الملّة. و انحصار القراءات فيما ذكر أمر حادث غير معروف في الزمن السّابق، بل كثير من الفضلاء أنكر ذلك خوفا من التباس الأمر، و توهّم أنّ المراد بالسبعة هي الأحرف التي ورد في النقل أن القرآن انزل عليها، و الأمر ليس كذلك، فالواجب القراءة بما تواتر منها. (فلو قرأ ب) القراءات (الشواذ) و هي في زماننا ما عدا العشر، و ما لم يكن متواترا (بطلت) الصلاة، و كذا القول فيما يأتي من ضمائر (بطلت) في هذا الباب فإنّه يعود إلى الصلاة لا إلى القراءة و إن كانت أقرب من جهة اللفظ؛ لفساد المعنى على تقريره في أكثر المواضع، كما ستراه.و الشارح المحقّق أعاد الضمير إلى القراءة «1»، و ستقف على مواضع كثيرة لا يتوجّه فيها ذلك، بل هذه منها أيضا؛ لأنّ الصلاة هنا تبطل لا القراءة خاصّة للنهي المفسد للعبادة، لأنّ الشاذ ليس بقرآن و لا دعاء. هذا مع العمد كما يقتضيه الإطلاق، أما مع النسيان فكباقي الكلام.
-------
(1) أبو جعفر يزيد بن قعقاع المخزومي المدني، ت 130 ه. (2) يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، ت 205 ه. (3) أبو محمّد خلف بن هشام الكوفي، ت 229 ه. (4) الذكرى: 187. (5) كابن الجزري في النشر في القراءات العشر 1: 9. (6) البقرة: 37. (7) آل عمران: 37. (8) النشر في القراءات العشر 1: 19.المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، ص: 246
مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج2، ص: 217
و معلوم من وجوب القراءة بالعربية المنقولة تواترا، عدم الاجزاء، و عدم جواز الإخلال بها حرفا و حركة، بنائية و إعرابية و تشديدا و مدا واجبا، و كذا تبديل الحروف و عدم إخراجها عن مخارجها لعدم صدق القرآن: فتبطل الصلاة مع الاكتفاء بها، و مع عدم الاكتفاء أيضا إذا كانت كذلك عمدا، و يكون مثله من الكلام الأجنبي مبطلا، و الا فتصح مع الإتيان بالصحيح.و كأنه لا خلاف في السبعة [3]، و كذا في الزيادة على العشرة، و اما الثلاثة التي بينهما فالظاهر عدم الاكتفاء، للعلم بوجوب قراءة علم كونها قرآنا، و هي غير معلومة: و ما نقل انها متواترة غير ثابت.و لا يكفي شهادة مثل الشهيد: لاشتراط التواتر في القرآن الذي يجب ثبوته، بالعلم: و لا يكفي في ثبوته، الظن، و الخبر الواحد، و نحوه كما ثبت في الأصول: فلا يقاس بقبول الإجماع بنقله، لانه يقبل فيه قول الواحد: و كيف يقبل ذلك، مع انه لو نقل عنه صلى الله عليه و آله ذلك، لم يثبت: فقول المحقق الثاني و الشهيد الثاني- انه يجزى ما فوق السبع إلى العشرة، لشهادة الشهيد بالتواتر، و هو كاف، لعدالته و اخباره بثبوته كنقل الإجماع- غير واضح. نعم يجوز له ذلك إذا كان ثابتا عنده بطريق علمي و هو واضح.بل يفهم من بعض كتب الأصول. ان تجويز قراءة ما ليس بمعلوم كونه قرآنا يقينا فسق، بل كفر: فكل ما ليس بمعلوم انه يقينا قرآن، منفي كونه قرآنا يقينا، على ما قالوا.ثم الظاهر منه وجوب العلم بما يقرأ قرآنا، انه قرآن: فينبغي لمن يجزم انه يقرء قرآنا تحصيله من التواتر فلا بد من العلم. فعلى هذا فالظاهر، عدم جواز الاكتفاء بالسماع من عدل واحد، مع عدم حصول العلم بالقرائن، مثل تكرره في الألسن بحيث يعلم.و اما لمجرد التلاوة، فلا يبعد الاكتفاء بغير العدل أيضا، لأن المنقول بالتواتر لا يختل، مع ان خصوصية كل كلمة كلمة من الاعراب و البناء و سائر الخصوصيات قليلا ما يوجد العدل العارف بذلك: فاشتراط ذلك موجب لسرعة ذهاب القرآن عن البين، و لما ثبت تواتره فهو مأمون من الاختلال لفسقه، مع انه مضبوط في الكتب. حتى انه معدود حرفا حرفا و حركة حركة. و كذا طريق الكتابة و غيرها مما يفيد الظن الغالب، بل العلم بعدم الزيادة على ذلك و النقص: فلا يبعد الأخذ في مثله عن اهله غير العدل، و الكتب المدونة: لحصول ظن قريب من العلم بعدم التغير.على ان غفلة الشيخ و التلميذ حين القراءة عن خصوص الألفاظ، كثيرة، و لهذا لا يوجد مصحف لا يكون فيه غلط الّا نادرا، مع انه قرء فيه على المشايخ و قرأه القاري، بل القراء:مع انا ما نجد أحدا يعرف خصوصية جميع ذلك بالحفظ بل يبنى على مصحفه الذي قرء فيه مع ما فيه. و لا مع مخالفة ترتيب الآيات.و لا مع قراءة السورة أولا. نعم لا بدان يكون موثوقا به و عارفا ناقلا (ناقدا- ظ) في الجملة ليحصل الوثوق بقوله و مصحفه في الجملة و هو ظاهر، و مع ذلك ينبغي الاحتياط، خصوصا إذا كانت القراءة واجبة بنذر و شبهه.و يحتمل على تقدير حصول غلط في القراءة المنذورة، عدم وجوب القضاء إذا كان الوقت معينا خارجا، غاية ما يجب اعادة المغلوط فقط، و يكون الترتيب ساقطا للنسيان، و عدم التعمد، سيما مع تصحيحة على العارف.و يحتمل إعادة الآية فقط، و مع باقي السورة، و السورة أيضا.و كذا في غير المعين، مع احتمال أولوية إعادة الكل هنا: و في المستأجر كذلك: مع احتمال إسقاط بعض الأجرة المقابل للغلط: و سقوط الكل، لعدم فعله ما استأجر، و هو بعيد، لبذل الجهد، و عدم توقف صحة البعض على آخر: مع ان الظاهر انه ينصرف الى المتعارف، و هذا هو المتعارف هنا سيما في الصلاة، فإنه لا يضربها تركها بالكلية سهوا و غلطا: و لانه ليس بأعظم من الصلاة و الحج و الصوم، فإنه لا يبطل بترك كثير من الأمور غلطا و نسيانا، بل البعض عمدا أيضا.فتأمل فيه: نعم لو فرض الغلط الفاحش يتوجه ذلك، و مع التقصير يحتمل البطلان بمجرد الغلط. الله يعلم.و اما باقي صفات الحروف. من الترقيق و التفخيم و الغنة و الإظهار و الإخفاء فالظاهر عدم الوجوب بل الاستحباب، لعدم الدليل شرعا، و صدق القرآن لغة و عرفا، و ان كان عند القراء واجبا، ما لم يؤد الى زيادة حرف و نقصانها، و عدم إخراج الحروف عن مخرجه، و مد و تشديد، و مع ذلك ينبغي رعاية ذلك كله و الاحتياط التام.
زبدة الأصول، المتن، ص: 176شيخ بهائي
فصل [في تواتر القرآن و القراءات السبع]
القرآن متواتر؛ لتوفّر الدواعي على نقله.
و البسملات في محالّها، اجزاء منه؛ لاجماعنا؛ و تظافر النصوص عن ائمّتنا «1» عليهم السّلام «2»؛ و للروايتين عن «ابن عبّاس» «3»؛ و لاتّفاق الكلّ على اثباتها بلون خطّه ك: «وَيْلٌ» «4» و «فَبِأَيِّ» «5»؛ مع مبالغة السلف في تجريده.
و السبع متواترة؛ ان كانت جوهريّة؛ ك: «ملك» و «مالك» «1». امّا الادائيّة «2»، كالمدّ و الامالة، فلا. و لا عمل بالشواذّ.
قيل: هي كاخبار الآحاد.
و لا بحث للمجتهد عن غير أحكامي الآيات؛ و هي خمسمائة تقريبا. و قد بسطنا الكلام فيها، في «مشرق الشمسين» «3».
للروايتين: الاولى: ما روي: انّه لمّا ترك النّاس قراءة البسملة في اوائل السور، قال «ابن عبّاس»: «سرق الشيطان من النّاس آية» «4».
و الثانية: ما روي عنه- ايضا- انّه قال: «من تركها، فقد ترك مائة و اربع عشرة آية من كتاب اللّه» «5».
و في متن هذه الرواية بحث مشهور؛ بسطنا الكلام فيه في تفسيرنا الموسوم ب:
«العروة الوثقى» «6».
ك: «ويل»: في قوله- تعالى- «وَيْلٌ- يَوْمَئِذٍ- لِلْمُكَذِّبِينَ!» «7».
و «فبأيّ»: في قوله- تعالى-: «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟» «8».
في تجريده: اي: عن كلّ ما يوهم انّه منه؛ حتّى انّهم غايروا «1» لون التراجم؛ لئلّا يتوهّم انّها منه. و تواتر البسلمة في اوائل السور عند قوم دون آخرين جائز؛ ككثير من المتواترات. فجزم «الحاجبيّ» «2» بعدمه- محتجّا بالاختلاف فيها مع الاتّفاق في «النمل»- غير جيّد.
و السبع: اي: القراءات السبع.
كالمدّ: اي: مطلق المدّ، و المدّ المتّصل.
و الامالة، فلا: اي: ليست المتواترة.
و لا عمل بالشواذّ: اي: لا عمل بقراءته، و لا باحكامه، لو ترتّب عليه حكم.
كاخبار الآحاد: في العمل؛ فمن عمل باخبار الآحاد، فعمل بها- ايضا- و الّا، فلا.
مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، ج3، ص: 338..........
و لا يخفى أن المراد بالإعراب هنا ما تواتر نقله في القرآن، لا ما وافق العربية، لأن القراءة سنة متبعة. و قد نقل جمع من الأصحاب الإجماع على تواتر القراءات السبع. و حكى في الذكرى عن بعض الأصحاب أنه منع من قراءة أبي جعفر، و يعقوب، و خلف، و هي كمال العشر. ثم رجح الجواز لثبوت تواترها كتواتر السبع «3».قال المحقق الشيخ علي- رحمه اللّه- بعد نقل ذلك: و هذا لا يقصر عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد، فتجوز القراءة بها «4». و هو غير جيد، لأن ذلك رجوع عن اعتبار التواتر.و قد نقل جدي- قدس سره- عن بعض محققي القراء أنه أفرد كتابا في أسماء الرجال الذين نقلوا هذه القراءات في كلّ طبقة، و هم يزيدون عما يعتبر في التواتر «5».
و البسملة آية منها يجب قراءتها معها، (1)
ثم [إنه] «1» حكي عن جماعة من القراء أنهم قالوا ليس المراد بتواتر السبع و العشر أن كل ما ورد من هذه القراءات متواتر، بل المراد انحصار التواتر الآن في ما نقل من هذه القراءات، فإن بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم. و هو مشكل جدا، لكن المتواتر لا يشتبه بغيره كما يشهد به الوجدان.قال في المنتهى: و أحبّ القراءات إليّ ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عياش (و طريق أبي عمرو بن العلاء فإنها أولى) «2» من قراءة حمزة و الكسائي، لما فيهما من الإدغام و الإمالة و زيادة المدّ و ذلك كله تكلف، و لو قرأ به صحت صلاته بلا خلاف «3».
----------------
(3) الذكرى: 187. (4) جامع المقاصد 1: 112. (5) روض الجنان: 264.مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، ج3، ص: 339
(1) أضفناها لاستقامة العبارة. (2) كذا في النسخ، و في المصدر: و قراءة أبي عمرو بن العلاء فإنهما أولى. (3) المنتهى 1: 273. (4) التهذيب 2: 289- 1157، الوسائل 4: 745 أبواب القراءة في الصلاة ب 11 ح 2.
غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 3)
فهذا كتاب غاية النهاية. من حصله أرجو أن يجمع بين الرواية والدراية. اختصرت فيه كتاب طبقات القراء الكبير الذي سميته: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات. وأتيت فيه على جميع ما في كتابي الحافظين أبي عمرو الداني وأبي عبد الله الذهبي رحمهما الله وزدت عليهما نحو الضعف...
ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد؛ ج2، ص: 273
ثم لا يخفى أن تواتر القراءات السّبع ممّا قد نوقش فيه حتّى قيل و ليس المراد بتواتر السّبع و العشر أن كلّما ورد من هذه القراءات متواتر بل المراد انحصار التواتر لأن فيما نقل من هذه القراءات فإن بعض ما نقل عن السّبعة شاذ فضلا عن غيرهم لكن الظاهر أنّه لا خلاف في جواز القراءة بها قال الشيخ أبو علي الطّبرسي في تفسيره الكبير الظاهر من مذهب الإمامية أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء بينهم من القراءات إلا أنهم اختاروا القراءة بما جاز بين القراء و كرهوا تجويد قراءة منفردة
و الشائع في أخبارهم أن القرآن نزل بحرف واحد ثم ذكر في تأويل ما روي عن النّبي ص أنزل القرآن على سبعة أحرف تأويلان ثانيهما أن المراد سبعة أوجه من القراءات و ذكر أن الاختلاف في القراءات على سبعة أوجه و فصل تلك الوجوه
ثم نقل عن الشيخ السّعيد أبي جعفر الطّوسي قدّس اللّٰه روحه أن هذا الوجه أصلح لما روي عنهم عليهم السّلام من جواز القراءة بما اختلف القراء فيه
و قال المصنّف في المنتهى أحبّ القراءات إلي ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عبّاس و طريق أبي عمرو بن العلاء فإنها أولى من قراءة حمزة و الكسائي لما فيهما من الإدغام و الإمالة و زيادة المد كلّه تكلف فلو قرأ به صحت صلاته بلا خلاف
________________________________________
سبزوارى، محقق، محمد باقر بن محمد مؤمن، ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد، 2 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1247 ه ق
کلمات صاحب وسائل قده در باره قراءات
تواتر القرآن، ص: 104 --صاحب الوسائل قده
الثّالث [تعارض العبارات]
ما أورده من العبارات متعارضة، فيفهم من بعضها بل من أكثرها أنّ جميع تلك القراءات متواترة أو أكثرها أو الّذي بقي منها و أنّ الّذي ترك منها هو الشّاذّ فكيف يجعل كلّها دليلا على نفي التّواتر عن القراءات السّبعة فضلا عن نفي تواتر القرآن؟! مع أنّها دليل على إثباته بطريق الأولويّة و لا يظنّ أنّ مرادهم تواتر القراءات عن صاحبها لعدم فائدته و انتفاء وجوب العمل بقوله بل مرادهم تواترها عن الرّسول عليه السّلام قطعا و إذا كانت العبارات قد تعارضت لزم تساقطها على تقدير تساويها، و معلوم أنّ طرف التّواتر هنا راجح بل [لا] معارض له عند التّحقيق فسقط الاستدلال.
الرّابع [كون الاختلاف في ا
تواتر القرآن، ص: 106
الثّامن [إجماع الخاصّة و العامّة على تواتر القرآن و القراءات]
إنّك عرفت إجماع الخاصّة و العامّة على تواتر القرآن و القراءات، فكيف يجوز حمل كلامهم على خلاف إجماعهم بل إجماع المسلمين؟! مع أنّه ليس بنصّ و لا ظاهر في الخلاف. قال الشّيخ أمين الدّين أبو عليّ الطّبرسيّ في مجمع البيان:
«إنّما اجتمع النّاس على قراءة هؤلاء و اقتدوا بهم فيها لسبين: «1» أحد هما (أنّهم) تجرّدوا قرّاء القرآن و اشتدّت (بذلك) عنايتهم مع كثرة علمهم و من كان قبلهم أو في أزمنتهم (ممّن نسب إليه القراءة من العلماء و عدّت قراءتهم في الشواذّ) لم يتجرّد «2» لذلك تجرّدهم (و كان الغالب على أولئك الفقه أو الحديث أو غير ذلك من العلوم) «3» و الآخر أنّ قراءتهم وجدت مسندة لفظا أو «1» سماعا حرفا من أوّل القرآن إلى آخره، مع ما عرف من فضائلهم «2» و كثرة علمهم بوجوه القرآن- قال- فإذا قد «3» تبيّنت ذلك فاعلم أنّ الظّاهر من مذهب الإماميّة أنّهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القرّاء (بينهم من القراءات، إلّا أنّهم اختاروا القراءة بما جاز بين القرّاء) «4» و كرهوا تجريد قراءة مفردة». «5»
تواتر القرآن، ص: 107
الحادي عشر [عدم استحالة تواتر هذه القراءات عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله]
إنّه لا يستحيل عقلا و لا نقلا كون هذه القراءات متواترة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما صرّح به علماء الخاصّة و العامّة و كثيرا ممّا أورده سابقا شاهد عليه، و ذلك إمّا أن يكون نزل على وجه واحد ثمّ جوّز النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأمر من اللّه الوجه الآخر أو الباقي. أو قرأ عليه السّلام بكلّ واحدة مرّة أو جبرئيل قرأ كذلك. و لا ينافيه نسبة القراءة فإنّها بسبب الاختصاص و الاختيار و الإضافة صادقة بأدنى ملابسة و لا ينافي ذلك تواترها قبله و في زمانه و بعده و لا يلزم حرف غالبا مع كثرة القراءات و لا ينافي ذلك قراءة نصف القرآن بحذف البسملة فإنّ ذلك مستثنى بإجماع أصحابنا و نصوصهم على عدم جواز تركها في الصّلاة، فما المانع من أن يكون تواتر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قراءتها تارة و تركها في غير الصّلاة أخرى دلالة و نصّا منه على الحكمين فاختلف القرّاء في الاختيار؟ و قد عرفت سابقا أنّ الإماميّة روت أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف و روت أيضا أنّه نزل بحرف واحد، و الجمع ممكن بأن يكون نزل على حرف واحد و نزل أيضا أنّه يجوز القراءة بسبعة أحرف فيصدق الخبران من غير منافاة.
قال ابو على الطّبرسيّ في مجمع البيان:
«الشائع في أخبارهم «1» أنّ القرآن نزل بحرف «2» واحد و ما روته العامّة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نزل القرآن....
....
أقول: إذا ثبت هذا فيصدق أنّ السّبعة أحرف منزلة إمّا حقيقة و تفصيلا [و] إمّا بأن يكون نزل واحد ثمّ نزل تجويز ستّة و يصدق أنّ السّبعة لم ينزل و إنّما نزل واحد كما روى المعاصر سابقا و لا منافاة بين الأمرين.
رسائل آل طوق القطيفي، ج3، ص: 209
[71] نور قرآني و خطاب بياني: تواتر القراءات السبع
كلّ واحدة من القراءات السبع متواترة بالنصّ و الإجماع.
أمّا الأول فحديث
اقرأوا كما تقرأ الناس «1».
و وجه الدلالة أن الشارع أمر المكلّفين بقراءة القرآن وجوباً عينيّاً أو كفائيّاً أو استحباباً ليدّبّروا آياته فيعملوا بها. و الضرورة قاضية بوجوب ذاته علىٰ نحو ما أمر به الرسول صلى الله عليه و آله:، و بلّغه عن اللّٰه، و نزل به جبرئيل، حتّى يحصل يقين أن هذا المتلوّ هو كلام اللّٰه، فلا يجوز قراءته كيفما اتّفق، و لا بأي لغة اتّفق، و لا بأيّ ترتيب اتّفق، و لا بأيّ إعراب اتّفق، بل بمثل ما جاء به الرسول صلى الله عليه و آله: عن اللّٰه تعالىٰ. فالقراءة بالرواية لا بالرأي إجماعاً.
فإذن، لا بدّ أن يعيّن الشارع إلىٰ معرفة ذلك طريقاً يوصل المكلّفين إليه؛ إذ لا تكليف إلّا بعد البيان؛ لأنّ التكليف بالمجهول تكليف بالمحال، و هو ظلم؛ فهو باطل بالضرورة، فحينئذٍ نقول: الطريق إلىٰ ذلك هو قراءة السبعة القرّاء المشهورين، فإنّ قراءة كلّ واحد منهم؛ إما أن تكون متواترة فالأمر فيها واضح، أو غير متواترة فلا يبقىٰ سبيل إلى العلم بكتاب اللّٰه الذي كلّف اللّٰه عباده بتدبّره و العمل بما فيه، و جعله معجزة الرسول صلى الله عليه و آله المستمرّة الكبرى، و الحجّة بينه و بين عباده. فلو لم تكن السبع متواترة لما حصل القطع بشيء من القراءات أنه كلام اللّٰه بعد الترجيح بينها، فتسقط
______________________________
(1) بصائر الدرجات 193/ 3، بحار الأنوار 89: 88/ 28، و فيهما: «اقرأ كما يقرأ الناس».
رسائل آل طوق القطيفي، ج3، ص: 210
حجّيّته و هو ضروري البطلان.
مضافاً إلى أن الشارع أذن للمكلّفين أن يقرءوا كما تقرأ الناس، و لا ريب أن الناس قد أطبقوا على القراءة بقراءة السبعة، و الاجتزاء بكلّ واحدة منها في الصلاة، و الاحتجاج بكلّ واحدة منها في الأُصول و الفروع بلا نكير، و هذا فرع تواتر كلّ منها. و لو قيل بالإطلاق بكلّ ما يقرأ الناس لزم عدم انحصار المتواتر منها، و لم تخرج السبع منها.
أمّا القول بتواتر العشر كما هو قول جمع من المحقّقين، بل قال الشيخ بهاء الدين: في حاشية تفسير البيضاوي:: (أن تواتر قراءة العشرة هو مشهور الإماميّة) فقول بتواتر قراءة السبعة من غير عكس.
فظهر بهذا أن القراءة بقراءة السبعة لا ريب أنّها قرآن و إن حصل الشكّ في غيرها؛ إذ لم يقل أحد من الأُمّة: إن القراءة المتواترة خارجة عن السبعة، و إن السبعة آحاد، فإنّ ذلك يوجب سدّ باب العلم بمعرفة ألفاظ القرآن الذي هو معجز نبيّنا صلى الله عليه و آله، و يوجب سدّ باب التكليف به.
فإذن وجب أن يكون هناك سبيل يعرف به على اليقين، و قد اتّفقت الأُمّة علىٰ تواتر قراءة السبعة و غيرها ممّا حصل الشكّ فيه في الجملة، فقد تبيّن أن قراءة السبعة هي قراءة الناس التي أمر أهل البيت عليهم السلام: بالرجوع إليها و القراءة بها.
و أيضاً ظاهر قولهم عليهم السلام
كما تقرأ الناس
أن الأمر إنّما ورد بالقراءة بما يقرأ به جميع الناس؛ لأنّ لفظ الناس بمنزلة الجمع المحلّىٰ، و هو يفيد العموم، و لم يقرأ جميع الناس إلّا بقراءة السبعة، فخرج الثلاثة المكمّلة للعشرة فضلًا عن الشواذّ عن الخبر، و انحصر مدلوله فيها. و لا يمكن أن يراد منه الأمر بالقراءة بكلّ ما قُرِئ به لبطلانه إجماعاً.
و أمّا الإجماع [فقد «1»] ثبت في سائر الأعصار و الأمصار قولًا و عملًا من الاجتزاء
______________________________
(1) في المخطوط: (فلا).
رسائل آل طوق القطيفي، ج3، ص: 211
بأيّ قراءة من السبعة في الواجب و الندب، و جميع أهل العصر يستدلّ بها في الأحكام و يقول: (دلّ كلام اللّٰه الذي أنزله علىٰ نبيّه) في كلّ عصر، طبقة فطبقة.
و أيضاً وجدنا كلّ من صنّف في هذا الباب في كلّ عصر يروي قراءة السبعة بطرق متعدّدة عمّن يثق به عن مشايخه الذين يعتمد علىٰ روايتهم من أهل الضبط و المعرفة و غيرهم، بل ربّما تجد كلّ مصنّف من المصنّفين يرويها بطرق غير طرق الآخر على اختلاف أطوارهم و أزمانهم، و مساكنهم و أهويتهم، و مطاعمهم و مشاربهم، بل لا يشكّ كلّ واحد بتواترها في كلّ عصر من أهل فرق مذاهب الإسلام؛ لأنه لا يرتاب أحد في أنّها كلّها كلام اللّٰه المنزل علىٰ محمَّد صلى الله عليه و آله: بعنوان القرآن بحيث [لا يشوبه «1»] شكّ، و هذا فرع ثبوت تواترها في كلّ نفس، فلو لم يكن ذلك حقّا لوجب على الإمام عليه السلام بيانه.
و لم أجد و لا أظنّ أن أحداً وجد قرينة فضلًا عن دليل تُشعر بأنّ قراءة أحد السبعة في آية ليست بقرآن، و بذلك علم يقيناً دخول قول المعصوم في جملة الأُمّة القائلين بتواتر قراءة السبعة و أنّها قرآن و كلام اللّٰه. و هذا هو معنى الإجماع، و لأنّ تقرير الإمام للأُمّة علىٰ ذلك دليل علىٰ رضاه به، و رضاه به دليل على أنه حقّ لا يحتمل النقيض.
هذا، و كم إجماع حصل عند أفاضل العلماء و تواتر ثبت لديهم بأقلّ ممّا ثبت به تواتر قراءة السبعة و أنّها إجماع بكثير «2». و بذلك تبيّن تواتر قراءة كلّ واحد من السبعة بالنصّ «3» و الإجماع الذي لا شكّ فيه.
و أيضاً فممّا لا ينبغي بل لا يمكن الشكّ فيه أن القرآن قطعيّ المتن، و أن ذلك إجماع، و هو فرع تواتره، فلا بدّ فيه من قراءة متواترة. و هذا في غير السبع ممنوع؛ لعدم الدليل عليه، فانحصر المتواتر فيها.
و أيضاً يلزم القائل بعدم تواتر السبع أنه لا متواتر في شيء من القراءات، فينسدّ
______________________________
(1) في المخطوط: (شوبه).
(2) كذا في المخطوط.
(3) وسائل الشيعة 6: 162، أبواب القراءة في الصلاة، ب 74.
رسائل آل طوق القطيفي، ج3، ص: 212
باب العلم بأنّ شيئاً منها كلام اللّٰه، فتبطل [حججه «1»] أجمع، نعم قال الشيخ الرضيّ: (لا نسلّم تواتر كلّ واحدة من قراءة السبعة) و هذا إن أراد به أن المتواتر منها ما اجتمعت السبعة عليه دون ما اختلفوا فيه، فقد خرج بهذا شطر القرآن أو نحوه عن كونه قرآناً على اليقين، و الظنّ لا يغني هنا شيئاً؛ فلا يحترم، و لا يجوز الاستدلال به و لا قراءته في الواجب. و هذا ضروريّ الفساد من وجوه، و مستلزم للتكليف بالمجهول، و مخالف لضروريّ الملّة، فضلًا عن المذهب، مع أن الطريق الذي ثبت به تواتر ما اتّفقوا عليه حاصلٌ فيما اختلفوا فيه؛ فإنّ مجرّد اتّفاقهم لا يدلّ علىٰ تواتر ما اتّفقوا عليه.
و إن أراد أن المتواتر هو ما اتّفقوا عليه و أحد ما اختلفوا فيه غير معلوم بعينه، لزم التكليف بالمحال و حجّيّة ما لا سبيل إلىٰ معرفته و الاستدلال بما لا يستطاع التوصّل إليه علىٰ كلّ حال. فشطر القرآن لا يعلم كونه قرآناً؛ إذ كلّ واحدة من قراءة السبعة مشكوك في كونها قرآناً و في تواترها.
نعم، هذا ينطبق على القول بأنّ الحقّ واحد غير معلوم، و هذا ضروريّ البطلان إجماعاً.
و إن أراد معنًى غير هذا فهو أعلم به.
و بالجملة، فظاهر هذا الكلام اجتهاد في مقابلة الدليل، و منعٌ للدليل بلا دليل، فإنّ جميع الأُمّة منذ كُتبت المصاحف العثمانيّة إلىٰ عصرنا هذا مطبقة على اليقين من حرّها و عبدها، ذكرها و أُنثاها، صغيرها و كبيرها، جاهلها و عالمها، مؤمنها و مسلمها أن ما بين الدفتين كلام اللّٰه، و أنه يجب احترامه و تعظيمه، و أنه لا يمسّه إلّا المطهّرون، و على أنه كلّه حجّة و دليل و معجزة في سائر الأعصار و الأمصار.
فلو فرض أن الرضيّ: مخالف في جزئيّ و حاشاه لم يضرّ بالإجماع الذي سبقه و لحقه و عاصره.
______________________________
(1) في المخطوط: (حجية).
رسائل آل طوق القطيفي، ج3، ص: 213
فثبت بما قرّرناه تواتر كلّ واحدة من قراءات السبعة بلا شكّ، و لا نسلّم تواتر العشرة.
و قد وقفتُ بعد هذه الكتابة علىٰ كلام للنيسابوري: في تفسيره يؤيّدها قال: (القراءات السبع متواترة، لا بمعنى أن سبب تواترها إطباق القرّاء السبعة عليها، بل بمعنى أن ثبوت التواتر بالنسبة إلى المتّفق قراءته كثبوته بالنسبة إلىٰ كلّ من المختلَف في قراءته، و لا مدخل للقارئ في ذلك إلّا من حيث أن مباشرته لقراءته أكثر من مباشرته لغيرها، حتّى نسبت إليه. و إنّما قلنا: إن القراءات السبع متواترة؛ لأنه لو لم يكن كذلك لكان بعضٌ غير متواتر ك- ملك، و مالك «1» و نحوهما؛ إذ لا سبيل إلىٰ كون كليهما غير متواتر، فإنّ أحدهما قرآن بالاتّفاق. و تخصيص أحدهما بأنه متواتر دون الآخر تحكّم باطل؛ لاستوائهما في النقل، فلا أولويّة به، فكلاهما متواتر، و إنّما يثبت التواتر فيما ليس من قبيل الأداء كالمدّ، و الإمالة، و تخفيف الهمزة، و نحوها) «2»، انتهىٰ.
و هو موافق لما قلناه و إن كان في استثناء بعض ما استثناه نظر، و اللّٰه العالم بحقيقة الحال.
______________________________
(1) الحمد: 4.
(2) تفسير غرائب القرآن 1: 23.
________________________________________
قطيفى، آل طوق، احمد بن صالح، رسائل آل طوق القطيفي، 4 جلد، دار المصطفى لإحياء التراث، بيروت - لبنان، اول، 1422 ه ق
الحاشية على مدارك الأحكام، ج3، ص: 20
.قوله «3»: و قد نقل جدّي رحمه اللّه عن بعض محقّقي القراءة. (3:338).لا يخفى أنّ القرآن عندنا نزل بحرف واحد من عند الواحد، و الاختلاف جاء من قبل الرواية «4»، فالمراد بالمتواتر ما تواتر صحة قراءته في زمان الأئمّة عليه السّلام، بحيث يظهر أنّهم كانوا يرضون به و يصحّحونه و يجوّزون ارتكابه في الصلاة و غيرها، لأنّهم كانوا راضين بقراءة القرآن على ما هو عند الناس، بل و ربما كانوا يمنعون من قراءة الحق و كانوا يقولون:هي مخصوصة بزمان ظهور القائم عليه السّلام «1».
منبع الحياة و حجية قول المجتهد من الأموات / 71 / المسألة التاسعة في التشاجر الواقع بين الأخباريين و الأصوليين في بيان مفاد الأدلة ..... ص : 64
جزايرى نعمت الله بن عبدالله-1112
و اما الثاني فقد خالف فيه الجمهور و معظم المجتهدين من أصحابنا فإنهم حكموا بتواتر القراءات السبع و بجواز القراءة بكل واحدة منها في الصلاة و قالوا ان الكل مما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين (ص)
و ربما استدلوا عليه بما روى من قوله (ص) نزل القرآن على سبعة أحرف فسروها بالقراءات
مع انه ورد في الاخبار عن ابي الحسن الرضا (ع) رد هذا الخبر و ان القرآن نزل على حرف واحد
على ان جماعة من العلماء فسروا السبعة أحرف باللغات السبع كلغة اليمن و هوازن و لغة أهل البصرة و نحوها لأن في ألفاظه ما يوافق ما اشتهر في هذه اللغات في اصطلاح أربابها
و اما الاعتراض بان ما ذكرتم من وقوع التحريف فيه لو كان حقا لازاله عنه أمير المؤمنين (ع) زمن خلافته فهو اعتراض في غاية الركاكة لأنه (ع) ما تمكن من رفع بدعهم الحقيرة كصلاة الضحى و تحريم المتعتين و عزل شريح عن القضاء و معاوية عن امارة الشام فكيف هذا الأمر العظيم المستلزم لتغليط الأعرابيين بل لتكفيرهما لان حبهما قد اشرب في قلوب الناس حتى انهم رضوا ان يبايعوه على سنة الشيخين. فلم يرض (ع) فعدلوا عنه الى عثمان
و اما الموافقون لنا على صحة هذين الدعوتين فعلى (الاولى) معظم الأخباريين خصوصا مشايخنا المعاصرين و اما (الثانية) فقد وافقنا عليها سيدنا الأجل علي بن طاوس طاب ثراه في مواضع من كتاب سعد السعود و غيره و صاحب الكشاف عند تفسير
کلمات السید محمد المجاهد قده در مفاتیح الاصول در باره قراءات
مفاتيح الأصول / 322 / مفتاح القول في بيان تواتر القراءات السبعة و عدمها ..... ص : 322
القول في الكتاب
مفتاح [القول في بيان تواتر القراءات السبعة و عدمها]
اختلفوا في أن القراءات السبع المشهورة هل هي متواترة أو لا على أقوال
الأول أنها متواترة مطلقا و إن الكل مما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين صلى اللَّه عليه و آله و هو للعلامة في المنتهى و التذكرة و النهاية الإحكام و غاية المأمول و ابن فهد في الموجز و المحقق الثاني في جامع المقاصد و الشهيد الثاني في الروضة و المقاصد العلية و المحدث الحر العاملي في الوسائل و المحكي عن الفاضل الجواد و في الصافي أنه أشهر بين العلماء و الفقهاء و في شرح الوافية لسيد صدر الدين معظم المجتهدين من أصحابنا حكموا بتواتر القراءات السبع و قالوا إن الكل مما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين صلى اللَّه عليه و آله و في الحدائق ادعى أصحابنا المتأخرون تواتر السبع و في شرح تيح لوالدي العلامة دام ظله العالي دعوى مشهورة بين أكثر علماء العامة و في كلام بعض الأجلة أن أكثر علمائنا على أن كل واحد من السبعة المشهورة متواترة و في التفسير الكبير للرازي ذهب إليه الأكثر من
الثاني أن القراءات السبع منها ....
و في جميع الوجوه المذكورة نظر و التحقيق أن يقال إنه لم يظهر دليل قاطع على أحد الأقوال في المسألة نعم يمكن استظهار القول الأول للإجماعات المحكية المعتضدة بالشهرة العظيمة بين الخاصة و العامة و المؤيدة بالمروي عن الخصال المتقدم إليه الإشارة و غيره مما ذكر حجة عليه و لا يعارضها خبر الفضيل و زرارة لقصور دلالتها جدا فإن المناقشة في حديث نزل القرآن على سبعة أحرف جار فيهما كما لا يخفى و لا يقدح فيها ما ذكره السيد نعمة الله و الرازي و غيرهما مما ذكر حجة على القول الثالث كما لا يخفى على المتدبر
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج8، ص: 95
[حكم القراءات السبع]
ثم قال و لا يخفى ان المراد بالإعراب هنا ما تواتر نقله في القرآن لا ما وافق العربية لأن القراءة سنة متبعة، و قد نقل جمع من الأصحاب الإجماع على تواتر القراءات السبع «1» و حكى في الذكرى عن بعض الأصحاب انه منع من قراءة أبي جعفر و يعقوب و خلف و هي كمال العشر ثم رجح الجواز لثبوت تواترها كتواتر السبع. قال المحقق الشيخ علي بعد نقل ذلك و هذا لا يقصر عن ثبوت الإجماع بخبر الواحد فيجوز القراءة بها. و هو غير جيد لأن ذلك رجوع عن اعتبار التواتر. و قد نقل جدي (قدس سره) عن بعض محققي القراء أنه أفرد كتابا في أسماء الرجال الذين نقلوا هذه القراءات في كل طبقة و هم يزيدون عما يعتبر في التواتر، ثم حكى عن جماعة من القراء انهم قالوا ليس المراد بتواتر السبع و العشر ان كل ما ورد من هذه القراءات متواتر بل المراد انحصار التواتر الآن في ما نقل من هذه القراءات فان بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم، و هو مشكل جدا لكن المتواتر لا يشتبه بغيره كما يشهد به الوجدان.و على هذا المنوال من الحكم بتواتر هذه القراءات عنه (صلى اللّٰه عليه و آله) جرى كلام غيره من علمائنا في هذه المجال، و هو عند من رجع إلى اخبار الآل (عليهم صلوات ذي الجلال) لا يخلو من الاشكال و ان اشتهر في كلامهم و صار عليه مدار نقضهم و إبرامهم حتى قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الرسالة الألفية مشير الى القراءات السبع:فان الكل من عند اللّٰه تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ على قلب سيد المرسلين (صلى اللّٰه عليه و آله) تخفيفا على الأمة و تهوينا على أهل هذه الملة «1» انتهى.و فيه (أولا) ان هذا التواتر المدعى ان ثبت فإنما هو من طريق العامة الذين هم النقلة لتلك القراءات و الرواة لها في جميع الطبقات و انما تلقاها غيرهم عنهم و أخذوها منهم، و ثبوت الأحكام الشرعية بنقلهم و ان ادعوا تواتره لا يخفى ما فيه.و (ثانيا) ما ذكره الإمام الرازي في تفسيره الكبير حيث قال على ما نقله بعض محدثي أصحابنا (رضوان اللّٰه عليهم): اتفق الأكثرون على ان القراءات المشهورة منقولة بالتواتر، و فيه إشكال لأنا نقول ان هذه القراءات منقولة بالتواتر، و ان اللّٰه خير المكلفين بين هذه القراءات فان كان كذلك كان ترجيح بعضها على بعض واقعا على خلاف الحكم الثابت بالتواتر فوجب ان يكون الذاهبون إلى ترجيح البعض على البعض مستوجبين للفسق ان لم يلزمهم الكفر، كما ترى ان كل واحد من هؤلاء القراء يختص بنوع معين من القراءة و يحمل الناس عليه و يمنعهم من غيره، و ان قلنا بعدم التواتر بل ثبوتها من طرق الآحاد فحينئذ يخرج القرآن عن كونه مفيدا للجزم و القطع و ذلك باطل قطعا. انتهى.و الجواب عن ذلك- بما ذكره شيخنا الشهيد الثاني الذي هو أحد المشيدين لهذه المباني و هو ما أشار إليه سبطه هنا من انه ليس المراد بتواترها ان كل ما ورد متواتر بل المراد انحصار المتواتر الآن في ما نقل إلا من القراءات فان بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم كما حققه جماعة من أهل هذا الشأن. انتهى- منظور فيه من وجهين (أحدهما) ما ذكره سبطه في الجواب عن ذلك من ان المتواتر لا يشتبه بغيره كما يشهد به الوجدان فلو كان بعضها متواترا كما ادعاه لصار معلوما على حدة لا يشتبه بما هو شاذ نادر كما ذكره و الحال ان الأمر ليس كذلك.و (ثانيهما) ما ذكره في شرح الألفية مما قدمنا نقله عنه فان ظاهره كون جميع تلك القراءات مما ثبت عن اللّٰه عز و جل بطريق واحد و هو ما ادعوه من التواتر.و بالجملة فإنه لو كان هنا شيء متواتر من هذه القراءات في الصدر الأول أعني زمن أولئك القراء أو كلها متواترة لم يجز هذا التعصب الذي ذكره الرازي بين أولئك القراء في حمل كل منهم الناس على قراءته و المنع من متابعة غيره، و هذا كما نقل عن النحويين من التعصب من كل منهم في ما ذهب اليه و نسبة غيره إلى الغلط مع أنهم الواسطة في النقل عن الغرب و مذاهبهم في النحو كاشفة عن كلام العرب في تلك المسائل. و الاشكال الذي ذكره الرازي ثمة جار أيضا في هذا المقام كما لا يخفى على ذوي الأفهام.و (ثالثا) و هو العمدة ان الوارد في أخبارنا يدفع ما ذكروهفروى ثقة الإسلام في الكافي
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج31، ص: 30
و على كل حال فبناء على اعتبار المعلومية لا بد من تعيين المهر بما يرفع الجهالة، فلو أصدقها تعليم سورة وجب تعيينها رفعا للجهالة، ضرورة اختلاف أفرادها اختلافا شديدا و حينئذ ف لو أبهم فسد المهر، و كان لها مع الدخول لا بدونه مهر المثل بلا خلاف أجده في شيء من ذلك، و إن كان قد يشكل أصل الحكم بما سمعت، بل قد تقدم ما فيخبر سهل الساعدي «1» من تزويج النبي صلى الله عليه و آله إياه على ما يحسنه من القرآنالذي استدل به في الرياض على اغتفار مثل هذه الجهالة في المهر، كما أنه قد يشكل ما ذكره غير واحد من وجوب المتعة في الفرض لو طلق قبل الدخول، بعد صدق التفويض عليه بناء على أنه ذكر المهر في العقد، اللهم إلا أن يقال إن الفاسد بحكم العدم، و ستسمع إن شاء الله التحقيق فيه.و هل يجب تعيين الحرف أي القراءة منقوله عليه السلام «1»: «نزل القرآن على سبعة أحرف»بناء على أن المراد منه القراءات السبع و إن كان في نصوصنا «2» نفي ذلك، و أن المراد أنواع التراكيب من الأمر و النهي و القصص و نحوها؟قيل و القائل بعض الأصحاب نعم يجب ذلك مع فرض عدم فرد ينصرف إليه الإطلاق، لشدة اختلافها و تفاوت الأغراض فيها. و قيل و القائل الأكثر كما في كشف اللثام لا يجب للأصل و عدم تعيين النبي صلى الله عليه و آله ذلك على سهل «3» مع أن التعدد كان موجودا في ذلك الزمان و اغتفار هذه الجهالة بعد فرض جواز الجميع، و حينئذ فيلقنها الجائز منها، سواء كان إحدى السبع أو الملفق منها، بل في المسالك أن المتواترة لا تنحصر في السبع، بل و لا في العشر كما حقق في محله و هو أشبه بإطلاق الأدلة و عمومها السالمة عن معارضة اعتبار الأزيد من ذلك، و الاقتصار على المتواتر لانصراف إطلاق التعليم إليه، ثم إن التخيير إليه، ضرورة كون الواجب في ذمته أمر كلي موكول إليه كغيره من الدين الكلي.و لو
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 363
أنّ كتابة القرآن و تعيين قراءتها وقعت أحيانا بالحدس الظنّي بحكم الغلبة، وجه مستقل في عدم التواتر.و لعلّه لذلك كلّه أنكر تواتر القراءات جماعة من الخاصة و العامّة، مثل الشيخ في التبيان «1» و ابن طاوس «2» و نجم الأئمة «3» و جمال الدين الخوانساري «4» و البهائي «5» و السيّد الجزائريّ «6» و غيرهما من الخاصّة، و الزمخشريّ «7» و الزركشيّ «8» و الحاجبي «9» و الرازيّ «10» و العضدي «11» من العامّة، و عن الفريد البهبهاني في حاشيته على المدارك «12» كما عن غيره: أنّ المسلّم تواتر جواز القراءة بها عن الأئمة عليهم السلام، و أمّا ما ادعي من الإجماع «13»
------------------------
(1) انظر التبيان 1: 7. (2) حكاه في الجواهر 9: 295، و مفتاح الكرامة 2: 390 عن سعد السعود، و انظر سعد السعود: 283. (3) شرح الكافية 1: 320. (4) لم نقف عليه. (5) لم نقف عليه. (6) لم نقف عليه، و حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 390. (7) لم نقف عليه، و حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 392، و صاحب الجواهر في الجواهر 9: 295. (8) البرهان في علوم القرآن 1: 318- 319، و فيه: امّا تواترها عن النبي (ص) ففيه نظر، و انظر مفتاح الكرامة 2: 392. (9) لم نقف عليه. (10) التفسير الكبير 1: 63. (11) لم نقف عليه. (12) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 393. (13) انظر الجواهر 9: 292.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 590
و هو الظاهر من عطفه على الحرف بقوله: حتّى التشديد و مع إثبات المدغم محرّكا إخلال بالكيفيّة المعتبرة في الكلمة بحكم أهل العربيّة، و ساكنا إخلال بالموالاة المعتبرة فيها.و لا فرق في التشديد بين الثابت في إدغام المتماثلين و الثابت في إدغام غيرهما، بشرط وجوب الإدغام في لغة العرب، كإدغام لام التعريف في الحروف الشمسيّة الأربعة عشر.أو وجوبه في خصوص القرآن لو ثبت، و إن لم يثبت في أصل لغة العرب، كما قيل في (أَ تُحٰاجُّونِّي) في سورة الأنعام «1» و (مٰا مَكَّنِّي) في الكهف «2» و (تَأْمُرُونِّي) في الزمر «3»، لو ثبت إجماع القرّاء على وجوبه- الكاشف عن كونه كذلك في أصل القرآن، بناء على تواتر كلّ من القراءات السبع- كما هو ظاهر المشهور المدّعى عليه الإجماع في الروض «4» كما عن جامع المقاصد الاتّفاق عليه «5»، و عن مجمع الفائدة نفي الخلاف فيه «1» [و عن] المدارك «2» و عن الذخيرة «3» نقل جماعة الإجماع عليه.و إن خالف في ذلك جماعة من الخاصّة و العامّة، مطلقا، كالشيخ في التبيان «4» و نجم الأئمّة «5» و السيّد نعمة اللّٰه الجزائري «6» و ابن طاوس «7» و جمال الدين الخوانساري «8» و المحدّث البحراني «9» و جماعة «10».أو في ما هو من مثل الهيئة، كالبهائي «11» و الحاجبي «12» و العضدي «13».أو وجود المتواتر فيها و عدم خروجه عنها و إن لم يكن كلّ واحدة متواترة، كما عن الشهيد الثاني في المقاصد العليّة «14»، و تلميذه والد الشيخ البهائي طاب ثراهم «1» تفسير تواتر السبع بذلك.أو تواتر جواز القراءة بها، بل وجوبها عن الأئمّة عليهم السلام، كما حكاه بعض سادة مشايخنا عن بعض الأفاضل «2»، و بعض مشايخنا المعاصرين عن الفريد البهبهاني في حاشية المدارك «3» و إنّها المرادة ب «قراءة الناس» التي ورد في رواية سالم بن أبي سلمة «4» و خبر محمد بن سليمان «5» و خبر سفيان بن السمط «6» و المرسل المشهور «7»: «إنّ القراءة سنّة متّبعة»، المؤيّدة بما عن «8». مفتاح الكرامة و غيره «9» من الاتفاق على عدم جواز القراءة بما عدا السبع أو العشر، مضافا إلى أصالة عدم كون غيره قرآنا بعد الإجماع- محققا و منقولا- على الجواز.و مما ذكرنا ظهر وجوب متابعة كلّ ما أوجبه القرّاء السبعة أو العشرة بأجمعهم في خصوص ألفاظ القرآن.و أمّا ما اختلفوا فيه: فلا إشكال في عدم وجوب مراعاته، بناء على ما ثبت بالإجماع المحقّق و المحكي عن جماعة «10» كمجمع البيان «1» و التبيان «2» و المنتهى «3» و البحار «4» و الذخيرة «5» و محكي الفاضل الجواد «6»- من التخيير بين القراءات.
-----------------
(1) مجمع الفائدة 2: 217. (2) المدارك 3: 338. (3) الذخيرة: 273. (4) التبيان 1: 7. (5) شرح الكافية 1: 320. (6) لم نقف عليه، و حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 390. (7) سعد السعود: 283. (8) لم نقف عليه. (9) الحدائق 8: 101 و 102. (10) راجع مفتاح الكرامة 2: 392. (11) انظر مفاتيح الأصول: 322. (12) لم نقف عليه. (13) لم نقف عليه. (14) المقاصد العليّة: 108.كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 592
(1) لم نقف عليه. (2) حكاه السيد المجاهد في مفاتيح الأصول: 322. (3) الجواهر 9: 294. (4) الوسائل 4: 821 الباب 74 من أبواب القراءة، الحديث الأوّل. (5) الوسائل 4: 821 الباب 74 من أبواب القراءة، الحديث 2. (6) الوسائل 4: 821 الباب 74 من أبواب القراءة، الحديث 3. (7) لم نقف عليه. (8) حكاه صاحب الجواهر في الجواهر 9: 292. (9) مفتاح الكرامة 2: 390. (10) حكاه السيد المجاهد في مفاتيح الأصول: 325.كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 593
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)؛ ج1، ص: 356
نعم، يوهن ذلك حكاية تجرّدها المذكورة المشتملة على تصرّف القرّاء في الإعرابات و النقط على ما يوافق مذهبهم في اللغة و العربيّة، فلا ينفع توجيه التجريد بأن يحمل على أنّ ضبط رسوم إعراب الكلام في الكتابة لم يكن متعارفا، سواء في ذلك إعرابات أواخر الكلام و حركات موادّها من حيث استغنائهم عن ذلك بانطلاق ألسنتهم بها، كانطلاق ألسنة أهل العجم بحركات كلماتهم على مقتضى العادة و الجبلّة، إلّا أن يصرف عنه صارف، كظاهر العطف في لفظة: «و رسوله»- في الآية السابقة- منضما إلى الغفلة عن المعنى، فجروا في كتابة القرآن على مقتضى عادتهم في كتابة غيره.
و بالجملة: إن علم كون الإعراب الخاص المضبوط في المصاحف مأثورا عن مهبطه، فلا إشكال في وجوب اتّباعه، و كذا ان احتمل ذلك، لعدم العلم بكون غيره قرآنا بمادته و صورته.
و أمّا مع العلم بكونه عن قياس عربي في مذهب بعض القرّاء، بل و كلّهم، فالظاهر عدم وجوب متابعتهم، و جواز القراءة بغيره إذا وافق العربيّة، لأنّ الأعراب من حيث هو ليس مقوّما للكلام النوعيّ و إن كان مقوّما للشخصيّ، حيث إنّه من أجزائه الصورية كحركات البنية المقوّمة لهما، و لذا لو قرأ أحد دعاء الصحيفة بأحد إعرابين صحيحين لغة، مع عدم علمه بموافقة الإعراب الذي أعربه سيّد الساجدين عليه و على آبائه و أبنائه أكمل صلوات المصلّين، صدق عليه أنّه قرأ دعاء الصحيفة، و لو سلبه عنه أحد كان كاذبا في سلبه،
______________________________
[1] لم نقف عليه.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 357
فإذا لم يكن مقوّما للكلام النوعي الذي هو المأمور به دون الشخصي، فليس اعتباره إلّا من حيث محافظة ما علم اعتباره في قراءة القرآن، من عدم اللحن العربي، فإذا فرض عدم اللحن فيه فلا وجه لعدم الاجتزاء به.
و ما سبق من حكاية دعوى أنّهم لا يتصرّفون في شيء من الحروف الشامل لإعرابها بالقياس فممنوع، و من هنا طعن نجم الأئمة- تبعا للزجاج- في قراءة حمزة (وَ اتَّقُوا اللّٰهَ الَّذِي تَسٰائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحٰامَ) «1»- بجرّ المعطوف- بأنّها صدرت عنه جريا على مذهبه و مذهب غيره من الكوفيين، من جواز العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجارّ، و إنّ تواتر القراءات السبع غير مسلّم «2». و عن الزمخشريّ: الطعن في رواية ابن عامر:
(قَتْلَ أَوْلٰادِهِمْ شُرَكٰاؤُهُمْ) «3» بالفصل بين المتضايفين «4».
نعم، طعن بعض شرّاح الشاطبية على مثل نجم الأئمة و الزمخشري و الزّجاج، من أرباب العربيّة الطاعنين في قراءة القرّاء، بأنّهم اعتمدوا في قواعدهم الكليّة و فروعهم الجزئيّة على كلام أهل الجاهليّة، و بنقل الأصمعي و نحوه ممن يبول على قدمه نظما و نثرا و يحتجّون به، و يطعنون تارة في قراءة نافع، و اخرى في قراءة ابن عامر، و مرّة في قراءة حمزة و أمثالهم، فإنّهم إن لم يعتقدوا تواتر القراءة فلا أقلّ من أن يعتبروا صحّة الرواية من أرباب العدالة «5».
______________________________
(1) النساء: 1.
(2) الكافية 1: 320.
(3) الأنعام: 137.
(4) حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 394، و انظر تفسير الكشاف 2: 70.
(5) شرح الشاطبية: لا يوجد لدينا.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 358
و هذا الطعن كما ترى مردود بأنّه بعد ما ثبت أنّ القرآن منزّل على لسان الأصمعي و نحوه ممّن يبول على قدمه، و لم يثبت صحّة قراءة حمزة في لسانهم و لا تواترها عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، فتخطئة اجتهاد حمزة في قراءته لا تقدح في عدالته.
و منه يظهر ضعف ما حكاه في ذلك الشرح- أيضا- عن بعض أهل التفسير الطاعن على الزجاج المخطّئ لقراءة الجر المذكورة: أنّ مثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين، لأنّ القراءات التي قرأها القرّاء ثبتت عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم تواتر يعرفه أهل الصنعة، فمن ردّ ذلك فقد ردّ على النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، و هذا المقام محذور لا يقلّد فيه أئمة اللغة و النحو، انتهى.
فقد حصل مما ذكرنا: أنّ المتّبع من الإعراب الموجود في المصاحف ما لم يعلم استناده إلى القياس.
و منه يظهر حكم غير الإعراب ممّا اعتبره القرّاء و لو بأجمعهم، من بعض أفراد الإدغام و نحوه من القواعد المقرّرة عندهم لتجويد قراءة مطلق الكلام قرآنا أو غيره، ممّا لا مدخل له في صحّة الكلام من حيث العربيّة، إذا علم استنادهم فيه إلى اقتضاء قاعدة التجويد الجارية في مطلق ما يتلى من القرآن و الدعاء، فإنّ مثله ليس من مقوّمات القرآن- من قبيل حركات البنيّة و ترتيب الحروف و الكلمات- و لا من مصححاته في العربيّة، لأنّ المفروض كونها غير موجبة للّحن في الكلام، و لذا ترى القارئ المتبحّر يهملها في المحاورة و عند قراءة عبائر الأخبار و الكتب، بل مطلقا عند الاستعجال، و لا يعدّ لاحنا.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 359
و لعلّه لذا احتمل الشارح قدّس سرّه- على ما حكي عنه [1]- أن يكون مرادهم من الوجوب فيما يستعملونه: تأكّد الفعل، كما اعترفوا به في اصطلاحهم على الوقف الواجب، و على تقدير إرادتهم المعنى الحقيقي فلا دليل على وجوب متابعتهم بعد إحراز القرآنية و الصحّة اللغوية، عدا ما دلّ على وجوب القراءة على الوجه المتعارف بين القرّاء، من الإجماع المنقول مستفيضا، بل متواترا- كما في مفتاح الكرامة «2»- على تواتر القراءات السبع أو العشر، المفسّر تارة: بتواتر كلّ واحدة منها عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، و اخرى: بانحصار المتواتر فيها، و ثالثة: بتواتر جواز القراءة بها، بل وجوبها عن الأئمة عليهم السلام، المستلزم لعدم جواز القراءة بغيرها، لعدم العلم بكونه قرآنا، مضافا إلى دعوى الإجماع بالخصوص على عدم الجواز بالغير.
و ما ورد من الروايات الآمرة بالقراءة «كما يقرأ الناس» كما في رواية سالم بن أبي سلمة «3»، أو «كما تعلّمتم» كما في مرسلة محمد بن سليمان «4»، أو «كما علمتم» كما في رواية سفيان بن السمط «5»، مع إمكان دعوى انصراف إطلاق الأمر بالقراءة إلى المتعارف منها، سيّما في تلك الأزمنة.
______________________________
[1] لم نعثر على هذه الحكاية، و في روض الجنان (265) ما يلي: و يستفاد من تخصيص الوجوب بمراعاة المخارج و الإعراب فيما تقدّم عدم وجوب مراعاة الصفات المقرّرة في العربيّة من الجهر و الهمس و الاستعلاء و الإطباق و نظائرها، و هو كذلك، بل مراعاة ذلك مستحبّة.
______________________________
(2) انظر مفتاح الكرامة 2: 392 و 393.
(3) الوسائل 4: 821، الباب 74 من أبواب القراءة، الحديث الأوّل.
(4) نفس المصدر، الحديث 2.
(5) نفس المصدر، الحديث 3.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 360
و ليس في شيء من هذه دلالة على المطلب، لمنع التواتر بالنسبة إلى الهيئة الحاصلة من إعمال تلك القواعد المقرّرة عندهم لتجويد الكلام العربي من حيث هو كلام، لا من حيث إنّه قرآن، مع صدق القرآن على المجرّد عنها صدقا حقيقيّا جزما و صحّته من حيث العربيّة قطعا بحكم الفرض، مع أنّه لو سلّم تواتر الهيئة عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم فلا دليل على وجوب متابعة كلّ هيئة قرأ بها صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، و لو من جهة اعتياده بها في مطلق الكلام، حيث إنّه أفصح من نطق بالضّاد، سيّما و أنّ خصوصيات الهيئات غير منضبطة. فالمدار في غير ما ثبت اعتباره من خصوصيات الهيئات على ما يصدق عرفا معه التكلّم بما تكلّم به النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم في مقام حكاية الوحي، و إن اختلفا في المدّ و الغنّة أو مقدارهما، و في الوقف و الوصل.
و أمّا الأخبار الآمرة بالقراءة كما يقرأ الناس و نحوها: فملاحظتها مع الصدر و الذيل تكشف عن أنّ المراد حذف الزيادات التي كان يتكلّم بها بعض أصحاب الأئمة بحضرتهم صلوات اللّٰه عليهم إلى أن يقوم القائم روحي و روح العالمين فداه و عجّل اللّٰه فرجه، فيظهر قرآن أمير المؤمنين عليه السلام، و الحاصل: أنّ مدار اعتبار الخصوصيات في القراءة على أحد أمور ثلاثة:
أحدها: كونها مقوّما للقرآنية من حيث المادّة أو الصورة، و به يثبت مراعاة الحروف و ترتيبها و موالاتها و حركات بنية الكلمة و نحو ذلك.
الثاني: كونه مصحّحا لعربيته، و به يثبت وجوب مراعاة جميع قواعد العربيّة في الأبنية و إعراب الكلم.
الثالث: كونه مأثورا عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، إمّا مجرد ذلك، بناء على أصالة وجوب التأسّي في غير ما خرج بالدليل، أو مع ثبوت الدليل على اعتباره.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 361
و إذا فرض خروج ما اتفق عليه القراء من الأوّلين، فلا بدّ من إثبات تواتره- أوّلا- عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم، ثمّ إقامة الدليل على وجوب التأسّي فيه، بناء على منع قاعدة التأسّي، سيّما في الخصوصيات العاديّة. و كلتا المقدمتين صعبة الإثبات.
و ممّا يوهن الاولى: ما عرفت من حكاية خلوّ المصاحف عن الإعراب و النقط، فضلا عن المدّ و نحوه حتى اختلفوا فيه اختلافا فاحشا، خطّأ كل واحد منهم مخالفه، بل قيل: إنّ كل واحد من القرّاء كان يمنع عن قراءة من تقدّم عليه من السبعة، و ربما خطّأهم الإمام عليه السّلام الّذي هو من أهل بيت الوحي، كما في جزئية البسملة لغير الفاتحة من السور، و تخطئتهم عليهم السلام ابن مسعود الذي هو عماد القرّاء في إخراج المعوّذتين من القرآن «1».
مضافا إلى أنّهم يستندون غالبا في قواعدهم إلى مناسبات اعتبارية و قلّما يتمسّكون فيه بالأثر، فلو كان القرآن بتلك الخصوصيات متواترة لاستندوا في الجميع إلى إسنادهم المتواتر كما يفعلون في قليل من المواضع.
و دعوى: أنّ ذكرهم للمناسبات إنّما هو لبيان المناسبة في الكيفيّة المأثورة لا لتصحيحها بنفس تلك المناسبة، كما هو دأب علماء النحو في ذكر المناسبات مع أنّ قواعدها توقيفية إجماعا، غير مجدية بعد ما علمنا أنّ مستندهم في التوقيف هو مجرّد موافقة القراءة أحد المصاحف العثمانيّة، و لو باحتمال رسمه له «كملك» و «مالك» مع صحّة سندها.
قال [ابن] الجزريّ في كتابه- على ما حكي عنه-: كلّ قراءة و وافقت العربية و لو بوجه، و وافقت أحد المصاحف العثمانيّة و لو احتمالا و صحّ سندها
______________________________
(1) انظر تفسير القمي 2: 450، و تفسير نور الثقلين 5: 717.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 362
فهي القراءة الصحيحة، سواء كانت من السبعة أم غيرهم- إلى أن قال-:
هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف و الخلف، لا نعرف من أحد منهم خلافه، و ما عداها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت من السبعة أو غيرهم «1»، انتهى. ثم صرّح في آخر كلامه بأنّ السند لا يجب أن يتواتر، و أنّ ما قيل: من أنّ القرآن لا يثبت إلّا بالتواتر، لا يخفى ما فيه.
و أنت خبير بأنّ السند الصحيح- بل المتواتر باعتقادهم- من أضعف الأسناد عندنا، لأنّهم يعتمدون في السند على من لا نشك نحن في كذبه.
و أمّا موافقة أحد المصاحف العثمانية فهي أيضا .... [1] و طيخوا [2] المصاحف الآخر لكتّاب الوحي.
فلم يبق- من الثلاثة المذكورة في كلام [ابن] الجزريّ، التي هي المناط في صحة القراءة دون كونها من السبعة أو العشرة، كما صرّح هو به في ذيل ما ذكرنا عنه- ما نشاركهم في الاعتماد عليه، إلّا موافقة العربية التي لا تدلّ إلّا على عدم كون القراءة باطلة، لا كونها مأثورة عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم.
مع أنّ حكاية طيخ عثمان ما عدا مصحفه من مصاحف كتّاب الوحي، و أمره- كما في شرح الشاطبية- كتّاب المصاحف عند اختلافهم في بعض الموارد بترجيح لغة قريش، معلّلا بأنّ أغلب القرآن نزل عليها، الدالّ على
______________________________
[1] مقدار سطرين من العبارة وردت في هامش «ق» ترتبط بالموضوع و قد أصابهما الماء فلم يمكن إيراده هنا.
[2] كذا ظاهرا، و الكلمة غير واضحة، من طاخ الأمر طيخا: أفسده، و يحتمل «طلخ» و هو بمعنى إفساد الكتاب، انظر لسان العرب 3: 39 و 38، مادّتي: «طيخ» و «طلخ».
______________________________
(1) النشر في القراءات العشر، لابن الجزري: 9، و حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 390، و المحدّث البحراني في الحدائق 8: 101.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 363
أنّ كتابة القرآن و تعيين قراءتها وقعت أحيانا بالحدس الظنّي بحكم الغلبة، وجه مستقل في عدم التواتر.
و لعلّه لذلك كلّه أنكر تواتر القراءات جماعة من الخاصة و العامّة، مثل الشيخ في التبيان «1» و ابن طاوس «2» و نجم الأئمة «3» و جمال الدين الخوانساري «4» و البهائي «5» و السيّد الجزائريّ «6» و غيرهما من الخاصّة، و الزمخشريّ «7» و الزركشيّ «8» و الحاجبي «9» و الرازيّ «10» و العضدي «11» من العامّة، و عن الفريد البهبهاني في حاشيته على المدارك «12» كما عن غيره: أنّ المسلّم تواتر جواز القراءة بها عن الأئمة عليهم السلام، و أمّا ما ادعي من الإجماع «13»
______________________________
(1) انظر التبيان 1: 7.
(2) حكاه في الجواهر 9: 295، و مفتاح الكرامة 2: 390 عن سعد السعود، و انظر سعد السعود: 283.
(3) شرح الكافية 1: 320.
(4) لم نقف عليه.
(5) لم نقف عليه.
(6) لم نقف عليه، و حكاه عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 390.
(7) لم نقف عليه، و حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 392، و صاحب الجواهر في الجواهر 9: 295.
(8) البرهان في علوم القرآن 1: 318- 319، و فيه: امّا تواترها عن النبي (ص) ففيه نظر، و انظر مفتاح الكرامة 2: 392.
(9) لم نقف عليه.
(10) التفسير الكبير 1: 63.
(11) لم نقف عليه.
(12) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 393.
(13) انظر الجواهر 9: 292.
كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج1، ص: 364
على عدم جواز القراءة بغير القراءات السبع أو العشر فإنّما هو في الشواذ التي لا يعلم كونها قرآنا، كما يومئ إليه استدلالهم عليه بأنّه ليس بقرآن، بناء على وجوب تواتر كلّ ما هو قرآن، أو بأنّه لم يعلم كونه قرآنا، بناء على عدم وجوب تواتر كلّ جزء من القرآن، لا في مثل فكّ بعض الإدغام أو ترك المدّ المخالفين لقراءة القرّاء مع العلم بصدق القرآن عليه كما تقدّم.
و أمّا دعوى انصراف الأوامر المطلقة بالقراءة إلى المتعارف منها، سيّما في تلك الأزمنة: فهي ممنوعة، إلّا إذا قلنا بانصراف المطلق إلى الكامل، و هو أيضا ممنوع.
فظهر ممّا ذكرنا: عدم الدليل على اعتبار كثير ممّا اتفقوا على اعتبارها، و إن كان بعضها ممّا اعتبره كثير من الأصحاب «1» كالمدّ المتصل و هو في أحد حروف المدّ إذا تعقّبه همزة في كلمة واحدة. و عن فوائد الشرائع: إنّه لا نعرف في وجوبه خلافا «2»، و علّله في جامع المقاصد بأنّ الإخلال به إخلال بالحرف «3»، و لعلّه أراد أنّ الحرف بدون المدّ غير تام. و فيه منع، و إلّا لم يفرّق بين المتصل و المنفصل، و علّله القرّاء بمناسبات ضعيفة.
________________________________________
دزفولى، مرتضى بن محمد امين انصارى، كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، 3 جلد، كنگره جهانى بزرگداشت شيخ اعظم انصارى، قم - ايران، اول، 1415 ه ق
كتاب الصلاة (للحائري)؛ ص: 202
[المسئلة الثالثة] في تفصيل كيفيات القراءة
المسئلة الثالثة يجب قراءة الحمد و السورة بتمامهما في الثنائية و الأوليين من الثلاثية و الرباعية و لا تصح الصلاة مع الإخلال بشيء منهما و لو بحرف واحد عمدا بحيث يعد ملحونا كما لو نقص حرفا و اما إبداله بحرف أخر فإن كان ممنوعا في المحاورة فلا إشكال في بطلان الصلاة به لو تعمد به و ان كان سائغا في المحاورات كقلب اللام راء في مثل قل ربي أو النون الساكنة ميما إذا اتصل بالباء كما في كلمة أنباء و مثلها أو إبدالها بواحد من حروف يرملون حين ادغامها فيه و غير ذلك مما صار متعارفا فلا إشكال في جوازه و عدم بطلان الصلاة به بل قد يستشكل لو قرء على نحو الوضع الاولى مثل ان يظهر النون الساكنة عند التقائها مع واحد من حروف يرملون و ان كان المظنون ان هذا الاشكال ليس في محله إذ لا وجه للحكم بغلطية ذكر الألفاظ بنحو الوضع الاولى لها بمجرد جرى العادة حين قرائتها على نحو آخر و يشهد بذلك ان نظير هذه التبديلات شائع في سائر اللغات و لا يقال لمن تكلم على نحو الوضع الأولي للألفاظ انه غلط الا ترى ان العجمي لو قال «من ميايم» يدرج النون الساكنة في الميم و لو لم يدرج واحد و تكلم بهذه الكلمة بصورتها الأولية فهل يحكم بكون كلامه لحنا و هكذا سائر التبديلات المرسومة.
و اما التشديد فان كان معتبرا في قوام ذات الكلمة بحسب وضعها الأفرادي
كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 203
كتشديد الباء من كلمة الرب مثلا فلا إشكال في ان الإخلال به يوجب البطلان و اما إذا كان يحدث بواسطة التقاء بعض الحروف مع الأخر في كلمتين كالادغام الحاصل في حروف يرملون عند التقائها مع التنوين و النون الساكنة بل و كذا إدغام لام التعريف في الراء و السين و كذا إدغام اللام الساكنة في الراء في مثل قل ربى مما يجرى على اللسان بحسب المحاورة فلا إشكال في صحة الكلام مع هذه الادغامات و اما الحكم ببطلان القراءة مع الإخلال بها و التكلم على حسب الوضع الاولى للفظ فيشكل كما أشرنا إليه سابقا و ان كان الأحوط مراعاة الجميع و اما الإدغام الكبير و هو إدراج المتحرك بعد الإسكان في المتحرك متماثلين أو متقاربين في كلمة كسلككم و خلقكم أو كلمتين كيعلم ما بين أيديهم و من زحزح عن النار فالالتزام بجواز ذلك و إتيان الكلمة على غير وضعها الاولى مشكل و الأحوط تركه فان صحة الكلمة إذا أتيت على حسب وضعها الاولى معلومة و صحتها على غير هذا الوجه مما يقوله بعض القراء غير معلومة و اما المد فالمقدار المتيقن من اللزوم ما إذا توقف أداء الكلمة على حسب وضعها مادة و هيئة عليه مثل كلمة الضالين فان تجاوز الضاد المفتوحة من الألف الساكنة الى اللام المشددة يتوقف على مد في الجملة إذ بدونه مع حفظ تشديد اللام تكون الكلمة على هيئة ضلين و مع حفظ الألف الساكنة تكون ضالين بتخفيف اللام و ما عدا ذلك مما التزمه القراء لا شاهد له و الأصل هو البراءة كما هو المحقق في محله و ان كان مراعاته موافقا للاحتياط.
و اما الإعراب فقد نسب الى المشهور عدم صحة الصلاة مع الإخلال به عمدا بل المحكي عن المعتبر دعوى الإجماع عليه و عن المنتهى نفى الخلاف فيه و لا إشكال في البطلان لو كان الإخلال موجبا لتغيير المعنى كضم تاء أنعمت فان كلمة أنعمت بالضم بوضعها التركيبي من حيث المادة و الهيئة تفيد معنى غير ما تفيد كلمة أنعمت بفتح التاء و المنزلة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم اللفظة الثانية الحاوية لمعناها فتلك اللفظة لو قرئت بالضم ليست جزء من سورة الفاتحة و اما مثل الإعراب الذي يعرض أخر المعرب من الرفع و النصب و الجر أو الحركة و السكون الواقعتين في آخر المبنى فقد يقال بعدم
كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 204
بطلان الصلاة بالإخلال بنحو الأمور المذكورة لأن القرآن عبارة عن أصل اللفظة المخصوصة و اما الهيئة الشخصية و ان كانت هي المنزلة فلا مدخلية لها في صدق القرآن بل تعتبر في صحته و إطلاق دليل وجوب القران يقتضي الاجزاء و لعل ما نسب الى السيد المرتضى قدس سره من صحة الصلاة بالإخلال بالإعراب ما لم يكن مغيرا للمعنى راجع الى ما ذكرنا و محصل الفرق عدم صدق القران لو قرء على وجه يغير المعنى و صدقه لو لم يغير المعنى و ان كان غلطا بل قد يقال بالبطلان لو اتى بها صحيحة بمقتضى العربية و لم تكن موافقة لقراءة أحد القراء السبعة الذين ادعى جماعة الإجماع على تواتر قرائاتهم أو العشرة بزيادة خلف و يعقوب و ابى جعفر الذين حكى عن بعض الأصحاب ادعاء تواتر قرائاتهم و في المحكي عن المدارك قال صرح المصنف بأنه لا فرق في بطلان الصلاة بالإخلال بالإعراب بين كونه مغيرا للمعنى ككسر كاف إياك و ضم تاء أنعمت أو غير مغير لان الاعراب كيفية للقراءة فكما وجب الإتيان بحروفها وجب الإتيان بالإعراب المتلقى عن صاحب الشرع، و قال ان ذلك قول علمائنا اجمع و حكى عن بعض الجمهور انه لا يقدح في الصحة الإخلال بالإعراب الذي لا يغير المعنى لصدق القراءة معه و هو منسوب الى المرتضى في بعض مسائله و لا ريب في ضعفه ثم قال و لا يخفى ان المراد بالإعراب هنا ما تواتر نقله في القرآن لا ما وافق العربية لأن القرآن سنة متبعة انتهى.
في حال تواتر القرائات
أقول يمكن ان يقال ان القرآن عبارة عن الألفاظ المنزلة و اما الحركات المختلفة الجارية على حسب القواعد فلا مدخلية لها في صدق عنوان القران نظير الوقف و الوصل من العوارض الشخصية للكلام مما لا يوجب اختلافها زوال الاسم و انتفاء المسمى ثم ان تواتر القرائات السبع مما لم يثبت بل ثبت خلافه خصوصا إذا كان الاختلاف في المادة أو الصورة النوعية للكلام بحيث يكون موجبا لانقلاب ماهية الكلام عرفا سواء تغير المعنى كمالك و ملك أم لا كالاختلاف في كلمة كفوا إذ من المعلوم ان المنزل على النبي صلّى اللّه عليه و آله ليس متعددا و يدل عليه اخبار أهل بيت العصمة عليهم السّلام ايضا مثل ما رواه الكليني
كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 205
بإسناده عن ابى جعفر عليه السّلام قال عليه السّلام ان القرآن واحد نزل من عند الواحد و لكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة و عن الفضيل بن يسار في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ان الناس يقولون نزل القرآن على سبعة أحرف فقال عليه السّلام كذبوا أعداء اللّه و لكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد و الحاصل ان نزول القرآن على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم متعددا مما يقطع بخلافه و على فرض الاحتمال ليس الا مجرد النقل و لا يكون تواترا حقيقيا و الذي يمكن ان يقال صحة كل من القرائات السبع في مقام تفريغ الذمة عن التكليف بقراءة القرآن و ان لم يعلم بموفقة المقرو للقران المنزل بل و ان علم عدمه كما هو مقتضى الأخبار الإمرة بقراءة القرآن كما يقرء الناس كخبر سالم بن أبي سلمة قال قرأ رجل على ابى عبد اللّه عليه السّلام و انا استمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرء الناس فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرء الناس حتى يقوم القائم عجل اللّه تعالى فرجه فإذا قام القائم عجل اللّه تعالى فرجه قرء كتاب اللّه على حده و مرسلة محمد بن سليمان عن ابى الحسن عليه السّلام قال جعلت فداك انا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها و لا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم فقال عليه السّلام لا أقروا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم و خبر سفيان بن السمط قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ترتيل القرآن فقال عليه السّلام أقروا كما علمتم
فان قلت لعل الأخبار ناظرة إلى الكف عن قراءة ما في مصحف أمير المؤمنين عليه السّلام مما أسقطوه أصلا أو غيروه عن صورته مثل كنتم خير امة الذي ورد في بعض الاخبار انه في الأصل خير ائمة و مثل وَ اجْعَلْنٰا لِلْمُتَّقِينَ إِمٰاماً الذي ورد انه في الأصل و اجعل لنا من المتقين اماما و أمثال ذلك مما هو محفوظ في المصحف الذي جمعه مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام و يظهره ولده المهدى و أرانا طلعته المباركة فلا دلالة ح للأخبار المذكورة على جواز قراءة كل من القرائات المختلف فيها من الرواة و بعبارة اخرى انا مأمورون بالكف عما هو محفوظ عند اهله و ان نقرأ مثل قراءة الناس فإذا اتفق الناس على قراءة فنحن مأمورون بأتباعهم و ان علمنا بعدم موافقة المقرو للقران المنزل و اما إذا اختلفوا فلا تدل الأخبار المذكورة على جواز متابعة كل واحد منهم على سبيل التخيير.
كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 206
قلت لسان بعض الاخبار هو الأمر بالقراءة كما تعلموا من الناس فإذا تعلم واحد من قار يقرء على صورة خاصة يجوز اتباعه بمقتضى الرواية و ان كانت القراءة عند قار آخر على نحو آخر و ليس هذا من قبيل الإرجاع إلى الخبرة حتى يكون اختلافهم موجبا للتحير كالأمر المتعلق بالطرق فان أمرهم عليه السّلام بالرجوع الى معلمي القراءة ليس من جهة طريقية قولهم للواقع بل لمصلحة أخرى أوجبت إرجاع الناس الى معلمي القرآن و لا شك في ان مثل هذا الأمر يوجب التخيير في صورة اختلافهم كما لا يخفى.
[تتمة استحباب] الترتيل في القراءة
تتمة و يستحب الترتيل في الق
________________________________________
يزدى، عبد الكريم حائرى، كتاب الصلاة (للحائري)، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامى حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1404 ه ق
فرائد الأصول، ج1، ص: 157
الامر الثاني: [لو اختلفت القراءة في الكتاب]
أنّه إذا اختلفت «1» القراءة في الكتاب على وجهين مختلفين في المؤدّى، كما في قوله تعالى: حَتَّى يَطْهُرْنَ «2»، حيث قرئ بالتشديد من التطهّر الظاهر في الاغتسال، و بالتخفيف «3» من الطهارة الظاهرة في النّقاء من الحيض، فلا يخلو: إمّا أن نقول بتواتر القراءات كلّها كما هو المشهور «4»، خصوصا في ما كان الاختلاف في المادّة، و إمّا أن لا نقول كما هو مذهب جماعة «5».
فعلى الأوّل: فهما بمنزلة آيتين تعارضتا، لا بدّ من الجمع بينهما بحمل الظاهر على النصّ أو على الأظهر، و مع التكافؤ لا بدّ من الحكم بالتوقّف و الرجوع إلى غيرهما «6».
و على الثاني: فإن ثبت جواز الاستدلال بكلّ قراءة- كما ثبت بالإجماع جواز القراءة بكلّ قراءة- كان الحكم كما تقدّم، و إلّا فلا بدّ من التوقّف في محلّ التعارض و الرجوع إلى القواعد مع عدم المرجّح، أو مطلقا بناء على عدم ثبوت الترجيح هنا «1»، فيحكم باستصحاب الحرمة قبل الاغتسال؛ إذ لم يثبت تواتر التخفيف، أو بالجواز بناء على عموم قوله تعالى: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ من حيث الزمان خرج منه أيّام الحيض على الوجهين في كون المقام من استصحاب حكم المخصّص أو العمل بالعموم الزمانيّ.
__________________________________________________
(1) كذا في (خ)، (د)، (ف) و (ن)، و في نسخنا: «اختلف».
(2) البقرة: 222.
(3) في (ت)، (ر)، (ص) و (ل): «و التخفيف».
(4) انظر القوانين 1: 406، و مفاتيح الاصول: 322، و مناهج الأحكام: 150، و شرح الوافية (مخطوط): 153- 154.
(5) ذكرهم في القوانين و مفاتيح الاصول، و ذهب إليه الفاضل النراقي في المناهج أيضا.
(6) في هامش (م) زيادة العبارة التالية: «قال البيضاوي عند تفسير قوله تعالى:
حَتَّى يَطْهُرْنَ: إنّ القراءتين آيتان يعمل بهما، ثمّ فرّع على ذلك ما لا يخلو تفرّعه عن بحث».
فرائد الأصول، ج1، ص: 228
به مستلزما عادة لوقوع متعلّقه.
[الكلام في تواتر القراءات:]
و من هنا يعلم: أنّ الحكم بوجوب القراءة في الصلاة إن كان منوطا بكون المقروء قرآنا واقعيّا قرأه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فلا إشكال في جواز الاعتماد على إخبار الشهيد رحمه اللّه بتواتر القراءات الثلاث «2»، أعني قراءة أبي جعفر و أخويه «3»، لكن بالشرط المتقدّم، و هو كون ما أخبر به الشهيد من التواتر ملزوما عادة لتحقّق القرآنيّة.
و كذا لا إشكال في الاعتماد من دون شرط إن كان الحكم منوطا بالقرآن المتواتر في الجملة؛ فإنّه قد ثبت تواتر تلك القراءات عند الشهيد بإخباره «4».
و إن كان الحكم معلّقا على القرآن المتواتر عند القارئ أو مجتهده، فلا يجدي إخبار الشهيد بتواتر تلك القراءات.
و إلى أحد الأوّلين نظر «1» حكم المحقّق و الشهيد الثانيين «2» بجواز القراءة بتلك القراءات؛ مستندا إلى أنّ الشهيد «3» و العلّامة «4» قدّس سرّهما قد ادّعيا تواترها و أنّ هذا لا يقصر عن نقل الإجماع.
و إلى الثالث نظر صاحب المدارك «5» و شيخه المقدّس الأردبيلي «6» قدّس سرّهما، حيث اعترضا على المحقّق و الشهيد: بأنّ هذا رجوع عن اشتراط التواتر في القراءة.
و لا يخلو نظرهما عن نظر، فتدبّر.
و الحمد للّه، و صلّى اللّه على محمّد و آله، و لعنة اللّه على أعدائهم أجمعين.
__________________________________________________
(1) في (ر)، (ل) و (ه): «ليرتّب».
(2) الذكرى (الطبعة الحجريّة): 187.
(3) في (ت) و (ل) زيادة: «يعقوب و خلف».
(4) في (ظ) و (م): «بإخبار».
(1) في (ر)، (ص)، (ل)، (ه) و نسخة بدل (ت): ينظر.
(2) انظر جامع المقاصد 2: 246، و روض الجنان: 262، و المقاصد العليّة: 137.
(3) الذكرى (الطبعة الحجريّة): 187.
(4) لم نعثر عليه في كتب العلّامة، بل وجدنا خلافه، انظر نهاية الإحكام 1:
565، و لم ينسبه المحقّق و الشهيد الثانيان في الكتب المذكورة إلّا إلى الشهيد، و يبدو أنّ المصنّف اعتمد في ذلك على ما نقله السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول:
326.
(5) المدارك 3: 338.
(6) مجمع الفائدة 2: 217- 218.
كتاب الإجارة (للميرزا حبيب الله)؛ ص: 144
[أدلة المانعين من صحة الفضولي]
و امّا القول بالمنع فاستدلّ له بالادلّة الاربعة الاوّل الكتاب و هو قوله تعالى في سورة النّساء يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ الآية دلّ بالمستثنى منه و المستثنى على المنع امّا الاوّل فلان عقد الفضولى شيء باطل و قد نهى اللّه عن الاكل بسبب باطل و وجه كونه باطلا انّه اما حرام كما زعمه جماعة حيث زعموا انّه تصرّف في مال الغير او دخول فيما لم يجعل اللّه الدّخول فيه و امّا الثّانى فلأنّه يدلّ على انحصار سبب الحلّ في التجارة عن تراض و عقد الفضولى ليس تجارة عن تراض كما لا يخفى و لا الاجازة اللاحقة لأنّ التّجارة كما صرّح به المفسّرون و يشهد به العرف هو المبيع او كلّ معاوضة
و اجيب اولا انّ الآية لا تدلّ على الحصر اذ الاستثناء منقطع كما هو واضح و صرّح به المفسّرون فالمعنى ان اكل المال بالباطل حرام و بالتّجارة عن تراض حلال و لو استند في اثبات الحصر الى مفهوم القيد الوارد في مقام التّحديد و البيان لسبب الحلّ و الحرام و فيه ان القيد خارج مخرج الغالب كالرّبائب في قوله تعالى وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ فيكون مستدركا غير مقصود به شيء من الاحتراز فكأنّه قال الّا ان تكون تجارة
و ثانيا ان الاستدلال به على رفع تجارة فيكون عن تراض قيدا لها كما هو قراءة الكوفيّين
فعلى قراءة النّصب كما عليه غيرهم لا تدلّ على الحصر ابد الاحتمال ان يكون خبرا بعد خبر فالمعنى الّا ان تكون سبب الاكل تجارة و يكون عن تراض فلا تقييد للتجارة حتى يدلّ على خروج عقد الفضولى لكونه تجارة لا عن تراض بل اقصى ما يدلّ عليه ح انه لا بدّ في السّبب المحلّل امران التّجارة و الرّضا و كلاهما موجودان بعد الاجازة لا انّه لا بدّ من تجارة مخصوصة و هى المقيدة بكونها عن تراض كما على تقدير الرّفع
و ثالثا انّه بعد الاجازة يتّصف العقد بالتّراضى فيكون تجارة عن تراض على فرض التقيد أيضا
قلت هذه الاجوبة كلّها مدخولة
امّا الاوّل فلان الاستثناء المنقطع خلاف اصل لا يرتكبه المتكلّم خصوصا الفصيح الا لفائدة و ليست هى هنا الا الدّلالة على الحصر فكأنّه قال انّ ما عدا التّجارة سبب باطل لا يحلّ اكل المال به نعم لو كان وجه الحل هو مفهوم القيد في مقام التّحديد و السّكوت في مقام البيان اتّجه عليه المنع لما مر من خروجه مخرج الغالب
و امّا الثّانى فلان
جميع القراءات معتبرة حتّى في مقام الاستدلال كما تقرر في الاصول بناء على تواتر القراءات السّبع او كونها بمنزلة المتواتر بحكم الاجماع فيستدلّ ح بها على قراءة الرّفع و هى الاشهر مع انّ قراءة النّصب قاضية بكون الاجازة ناقلة و المجيب لا يقول به و امّا قراءة الرّفع فهي الّتي تكلفوا في انطباقها على الكشف فافهم و امّا الثّالث ....
________________________________________
گيلانى، نجفى، ميرزا حبيب الله رشتى، كتاب الإجارة (للميرزا حبيب الله)، در يك جلد، بىنا، نامعلوم، اول، 1311 ه ق
البحر المحيط في أصول الفقه (2/ 209)
المؤلف: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ)
[مسألة القراءات السبع]
القراءات عن الأئمة السبعة متواترة عند الأكثرين، منهم إمام الحرمين في البرهان "، خلافا لصاحب البديع " من الحنفية، فإنه اختار أنها مشهورة. وقال السروجي في باب الصوم من الغاية ": القراءات السبع متواترة عند الأئمة الأربعة، وجميع أهل السنة خلافا للمعتزلة فإنها آحاد عندهم.
وقال في باب الصلاة: المشهور عن أحمد كراهة قراءة حمزة لما فيها من الكسر والإدغام وزيادة المد، ونقل عنه كراهة قراءة الكسائي، لأنها كقراءة حمزة في الإمالة والإدغام. وهذا خطأ، لأن الأمة مجمعة ما عدا المعتزلة على أن كل واحدة من السبع ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتواتر فكيف تكره؟ . اهـ.
النشر في القراءات العشر (1/ 41)
وكان من جواب الإمام الحافظ أستاذ المفسرين أبي حيان محمد بن يوسف بن حيان الجياني الأندلسي - رحمه الله -، ومن خطه نقلت: قد ثبت لنا .....
ثم قال: وهل هذه المختصرات التي بأيدي الناس اليوم كالتيسير والتبصرة والعنوان والشاطبية بالنسبة لما اشتهر من قراءات الأئمة السبعة إلا نزر من كثر، وقطرة من قطر، وينشأ الفقيه الفروعي فلا يرى إلا مثل الشاطبية والعنوان فيعتقد أن السبعة محصورة في هذا فقط، ومن كان له اطلاع على هذا الفن رأى أن هذين الكتابين ونحوهما من السبعة (كثغبة من دأماء وتربة في بهماء) هذا أبو عمرو بن العلاء الإمام الذي يقرأ أهل الشام ومصر بقراءته اشتهر عنه في هذه الكتب المختصرة اليزيدي وعنه رجلان الدوري والسوسي وعند أهل النقل اشتهر عنه سبعة عشر راويا: اليزيدي وشجاع وعبد الوارث والعباس بن الفضل وسعيد بن أوس وهارون الأعور والخفاف وعبيد بن عقيل وحسين الجعفي ويونس بن حبيب واللؤلؤي ومحبوب وخارجة والجهضمي وعصمة والأصمعي وأبو جعفر الرؤاسي، فكيف تقصر قراءة أبي عمرو على اليزيدي، ويلغى من سواه من الرواة على كثرتهم وضبطهم ودرايتهم وثقتهم، وربما يكون فيهم من هو أوثق وأعلم من اليزيدي؟
وننتقل إلى اليزيدي فنقول: اشتهر ممن روى عن اليزيدي: الدوري والسوسي وأبو حمدان ومحمد بن أحمد بن جبير وأوقية أبو الفتح وأبو خلاد وجعفر بن حمدان سجادة وابن سعدان وأحمد بن محمد بن اليزيدي وأبو الحارث الليث بن خالد، فهؤلاء عشرة فكيف يقتصر على أبي شعيب والدوري ويلغى بقية هؤلاء الرواة الذين شاركوهما في اليزيدي، وربما فيهم من هو أضبط منهما وأوثق؟
وننتقل إلى الدوري فنقول: اشتهر ممن روى عنه ابن فرح وابن بشار وأبو الزعراء وابن مسعود السراج: والكاغدي وابن برزة وأحمد بن حرب المعدل.
وننتقل إلى ابن فرح فنقول: روى عنه مما اشتهر: زيد بن أبي بلال وعمر بن عبد الصمد وأبو العباس بن محيريز وأبو محمد القطان والمطوعي، وهكذا ننزل هؤلاء القراء طبقة طبقة إلى زماننا هذا فكيف، وهذا نافع الإمام الذي يقرأ أهل المغرب بقراءته اشتهر عنه في هذه الكتب المختصرة ورش وقالون، وعند أهل النقل اشتهر عنه تسعة رجال: ورش وقالون وإسماعيل بن جعفر وأبو خليد وابن جماز وخارجة والأصمعي وكردم والمسيبي.
وهكذا كل إمام من باقي السبعة قد اشتهر عنه رواة غير ما في هذه المختصرات، فكيف يلغى نقلهم ويقتصر على اثنين؟ وأي مزية وشرف لذينك الاثنين على رفقائهما وكلهم أخذوا عن شيخ واحد وكلهم ضابطون ثقات؟ وأيضا فقد كان في زمان هؤلاء السبعة من أئمة الإسلام الناقلين القراءات عالم لا يحصون، وإنما جاء مقرئ اختار هؤلاء وسماهم، ولكسل بعض الناس وقصر الهمم، وإرادة الله أن ينقص العلم اقتصروا على السبعة، ثم اقتصروا من السبعة على نزر يسير منها. انتهى.
غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع؛ ص: 56
و الفرض السابع: مسح ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين،
و هما الناتئان في وسط القدم عند معقد الشراك، و الأفضل أن يكون ذلك بباطن الكفين، و يجزي بإصبعين منهما، و يدل على ذلك مضافا إلى الإجماع المذكور قوله تعالى (وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) «3»، لأنه سبحانه أمر بمسح الرأس، ثم عطف عليها الأجل، فوجب أن يكون لها بمقتضى العطف مثل حكمها، كما وجب مثل ذلك في الأيدي و الوجوه، و سواء في ذلك القراءة بالجر و النصب.
أما الجر فلا وجه له إلا العطف على الرؤوس، و من تعسف .... و أما النصب فهو أيضا بالعطف على موضع الرؤوس (كما قال:
معاوي اننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال و لا الحديدا [1].
و الشواهد على ذلك كثيرة، و عطفها على موضع الرؤوس) «1» أولى من عطفها على الأيدي لاتفاق أهل العربية على أن إعمال أقرب العاملين أولى من إعمال الأبعد، .... و أيضا فقد بينا أن القراءة بالجر لا يحتمل سوى المسح، فيجب حمل القراءة بالنصب على ما يطابقها، لأن قراءة الآية الواحدة بحرفين يجري مجرى الآيتين في وجوب المطابقة بينهما.
مدارك تحرير الوسيلة - الصلاة؛ ج1، ص: 460
ثمّ إنّ صاحب «الجواهر» (رحمه اللّٰه) بعد أن أجاب بأجوبة أربعة عن استدلال القول بوجوب القراءة بإحدى القراءات السبع، قال: و بالجملة من أنكر التواتر منّا و من القوم خلق كثير، بل ربّما نسب إلى أكثر قدمائهم تجويز العمل بها و بغيرها. إلى أن قال بعد صفحتين: و من ذلك كلّه و غيره ممّا يفهم ممّا ذكر بان لك ما في دعوى الإجماع على التواتر.
على أنّه لو اغضي عن جميع ذلك فلا يفيد نحو هذه الإجماعات بالنسبة إلينا إلّا الظنّ بالتواتر، و هو غير مجدٍ؛ إذ دعوى حصول القطع به من أمثال ذلك مكابرة واضحة، كدعوى كفاية الظنّ في حرمة التعدّي عنه إلى غيره ممّا هو جائز و موافق للنهج العربي و أنّه متى خالف بطلت صلاته؛ إذ لا دليل على ذلك، بل لعلّ إطلاق الأدلّة يشهد بخلافه و احتمال الاستدلال عليه بالتأسّي أو بقاعدة الشغل كما ترى.
و أمّا الإجماع المدّعىٰ على وجوب العمل بالقراءات السبع أو العشر كقراءة ابن عامر قَتْلَ أَوْلٰادِهِمْ شُرَكٰاؤُهُمْ «1» و قراءة حمزة تَسَائلُونَ بِهِ وَ الأَرْحَامَ «2» بالجرّ و أنّه لا يجوز التعدّي منها إلى غيرها و إن وافق النهج العربي، ففيه: أنّ أقصى ما يمكن تسليمه منه جواز العمل بها. و ربّما يقال: و إن خالفت الأفشى و الأقيس في العربية. أمّا تعيين ذلك و حرمة التعدّي عنه فمحلّ منع، بل ربّما كان إطلاق الفتاوى و خلوّ كلام الأساطين منهم عن إيجاب مثل ذلك في القراءة أقوى شاهدٍ على عدمه «3»، انتهى موضع الحاجة بطوله.
مدارك تحرير الوسيلة - الصلاة؛ ج1، ص: 461
______________________________
و بعد الإحاطة بما ذكرناه و نقلناه عن أكابر فقهائنا لا يصغي بدعوى جماعةٍ الإجماع على تواترها.
و مع ذلك كلّه: لا ينبغي ترك الاحتياط بقراءة إحدى القراءات السبع، و كذا لا ينبغي ترك الاحتياط بقراءة ما في المصاحف الكريمة الموجودة بين أيدي المسلمين؛ لتداوله بينهم زمناً بعد زمن حتّى ينتهي إلى زمان المعصومين (عليهم السّلام). و لكن يحتمل أن يكون الموجود في المصاحف في بعض الأزمنة هو «ملك» دون «مالك»؛ و حينئذٍ فلا يكون وجه للاحتياط. و الوجه في عدم إضرار قراءة «ملك» مكان «مالك» و «كفواً» مكان «كفؤا» هو أنّ ستّاً من القرّاء العشرة قرأ «ملك»؛ و هم غير عاصم و الكسائي و خلف و يعقوب، و أنّ غير الحفص قرؤوا «كفؤا» بالهمزة، بعضهم بسكون الفاء و بعضهم الآخر بضمّها.
(20) الوجه في جواز القراءة ب «مالك» و «ملك» هو ثبوت القراءة بكليهما؛ فقد قرأ عاصم و الكسائي و خلف و يعقوب «مالك» و الباقون من العشرة قرؤوا «ملك»، و لعلّ الوجه في أرجحية «مالك» عند المصنّف (رحمه اللّٰه) هو أنّه المرسوم في المصاحف الموجودة في أيدينا و أيدي من تقدّمنا.
و فيه أوّلًا: أنّ المحكي عن جماعة منهم شارح «الشاطبية» في كتابه «سراج القارئ» هو أنّ المرسوم في المصاحف كان «ملك» بحذف الألف. و ثانياً أنّ قرّاء «ملك» أكثر عدداً من قرّاء «مالك».
و أمّا قراءة «صراط» بالصاد فهو أرجح من قراءة «سراط» بالسين؛ لقراءة أكثر القرّاء أي غير يعقوب الحضرمي بالصاد.
و أمّا قراءة «كفواً» ففي «مجمع البيان»: قرأ إسماعيل عن نافع و حمزة و خلف و رويس «كفؤا» ساكنة الفاء مهموزة، و قرأ حفص «كفواً» مضمومة الفاء مفتوحة الواو، و قرأ الباقون بالهمزة و ضمّ الفاء. و لم ينقل من أحدٍ من القرّاء القراءة بالواو مع سكون الفاء؛ و لذا قال السيّد (رحمه اللّٰه) في «العروة الوثقى»: و إن كان الأحوط ترك الأخيرة. و لعلّ الوجه في أرجحية القراءة بضمّ الفاء مع الواو عند المصنّف كونه المرسوم في المصاحف الموجودة.
________________________________________
بنى فضل، مرتضى بن سيف على، مدارك تحرير الوسيلة - الصلاة، 3 جلد، ه ق
التمهيد في علوم القرآن، ج2، ص: 57 --محمدهادی معرفت
هفوة من عظيم
: المعروف من مذهب اهل البيت- عليهم السلام-: ان القرآن واحد نزل من عند واحد، و لكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة كما فى الحديث المتفق عليه عن الامام الصادق عليه السلام «1».
و على ذلك سار فقهاء الامامية خلفا عن سلف، لم يشذ عنهم أحد لا قديما و لا حديثا. نعم أخذوا من القراءات المشهورة المتلقاة بالقبول لدى عامة المسلمين طريقا الى القرآن الموحى الى النبى صلّى اللّه عليه و آله فقالوا بجواز القراءة بما يتداوله القراء المعروفون، و بذلك صح احاديثهم المروية عن اهل البيت. و عملهم الذى ساروا عليه فى الفقه و الاستنباط.
قال الشيخ ابو جعفر الطوسى- قدس سره-: «ان العرف من مذهب أصحابنا و الشائع من اخبارهم و رواياتهم: ان القرآن نزل بحرف واحد على نبى واحد، غير أنهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء» «2» و قد عرفت- فى الفصل المتقدم- كلام الحجة البلاغى، و الامام الخوئى، و هكذا تجد كلمات علمائنا متفقة فى ذلك فى جميع مصنفاتهم الفقهية و الكلامية و كتبهم فى القرآن و التفسير.
هذا ... و قد شذ كلام غريب من شيخنا الشهيد الثانى زين الدين الجبعى- قدس سره الشريف- ذكر فى كتابه «المقاصد العلية فى شرح الالفية»: «ان كلا من القراءات السبع، من عند اللّه تعالى، نزل به الروح الامين على قلب سيد المرسلين صلّى اللّه عليه و آله تخفيفا على الامة و تهوينا على اهل هذه الملة» «3».
و هذا الكلام من مثل هذا الرجل العظيم مستغرب جدا و لا يقبل أى تأويل او حمل وجيه.
و اظنه قد فرط منه ذلك فى أوليات تآليفه من غير تحقيق- نظير ما كتبه ابن الجزرى فى منجده ثم رجع عنه فى سائر كتبه المتأخرة التحقيقية- و من ثم لا نرى لذلك اثرا فى سائر تآليفه التحقيقية الضخمة التى كتبها متأخرا، كمسالك الافهام فى شرح شرايع الاسلام، و الروضة البهية فى شرح اللمعة الدمشقية، و غيرهما.
و قد رد عليه الوحيد البهبهانى- فى حاشية المدارك- قائلا:
«لا يخفى ان القراءة عندنا نزلت بحرف واحد، من عند الواحد، و الاختلاف جاء من قبل الرواية- إشارة الى حديث الامام الصادق عليه السلام الانف الذى تسلمه الاصحاب بالقبول-» «1».
و قال الشهيد الثانى- ايضا-: «ليس المراد بتواتر القراءات ان كل ما ورد من هذه السبع متواتر، بل المراد: انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات فان بعض ما نقل عن السبعة شاذ، فضلا عن غيرهم، كما حققه جماعة من اهل هذا الشأن».
قال سبطه «السيد محمد العاملى»- بعد نقل ذلك عنه-: «هذا مشكل جدا لكون المتواتر لا يشتبه بغيره».
قال السيد محمد الجواد العاملى: «و كلام الشهيد الثانى هذا- بظاهره- قد يخالف كلامه السابق، مع انه ذكر الكلامين فى كتاب واحد، و الجمع بينهما ممكن.» «2».
قلت: ذلك دليل على ان كلامه الاول صدر منه من غير تحقيق و لا التفات- عن جد- الى فحواه، و الا فكيف هذا التناقض؟! و لا يخفى عدم امكان الجمع بين الكلامين، و لا بين كلامه الاول و كلام سائر علمائنا الاعلام. فالصحيح: انه من اوليات كتاباته فى الفقه، اذ لم نجد له اثرا فى سائر تآليفه اطلاقا.
اما موقع القراءات السبع المشهورات من القرآن الثابت الجائز قراءته فى الصلاة عندنا، فسنتكلم عنه فى فصل قادم عند ما نعرض اختيارنا فى القراءة الصحيحة.
مجموع الفتاوى (12/ 569)
وقال - قدس الله روحه -:
فصل:
والقرآن الذي بين لوحي المصحف متواتر؛ فإن هذه المصاحف المكتوبة اتفق عليها الصحابة ونقلوها قرآنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي متواترة من عهد الصحابة نعلم علما ضروريا أنها ما غيرت والقراءة المعروفة عن السلف الموافقة للمصحف تجوز القراءة بها بلا نزاع بين الأئمة ولا فرق عند الأئمة بين قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف وبين قراءة حمزة والكسائي وأبي عمرو ونعيم ولم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها إن القراءة مختصة بالقراء السبعة. فإن هؤلاء: إنما جمع قراءاتهم أبو بكر ابن مجاهد بعد ثلاثمائة سنة من الهجرة واتبعه الناس على ذلك وقصد أن ينتخب قراءة سبعة من قراء الأمصار ولم يقل هو ولا أحد من الأئمة إن ما خرج عن هذه السبعة فهو باطل ولا إن قول النبي صلى الله عليه وسلم {أنزل القرآن على سبعة أحرف} أريد به قراءة هؤلاء السبعة؛ ولكن هذه السبعة اشتهرت في أمصار لا يعرفون غيرها كأرض المغرب. فأولئك لا يقرءون بغيرها؛ لعدم معرفتهم باشتهار غيرها. فأما من اشتهرت عندهم هذه كما اشتهر غيرها. مثل أرض العراق وغيرها فلهم أن يقرءوا بهذا وهذا والقراءة الشاذة مثل ما خرج عن مصحف عثمان كقراءة من قرأ: الحي القيام وصراط من أنعمت عليهم وإن كانت الأزقية واحدة والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى وأمثال ذلك. فهذه إذا قرئ بها في الصلاة ففيها قولان مشهوران للعلماء هما روايتان عن الإمام أحمد. " أحدهما " تصح الصلاة بها؛ لأن الصحابة الذين قرءوا بها كانوا يقرءونها في الصلاة ولا ينكر عليهم. " والثاني " لا؛ لأنها لم تتواتر إلينا وعلى هذا القول فهل يقال: إنها كانت قرآنا فنسخ ولم يعرف من قرأ بالناسخ؟ أو لم تنسخ ولكن كانت القراءة بها جائزة لمن ثبتت عنده دون من لم تثبت أو لغير ذلك هذا فيه نزاع مبسوط في غير هذا الموضع. وأما من قرأ بقراءة أبي جعفر ويعقوب ونحوهما: فلا تبطل الصلاة بها باتفاق الأئمة؛ ولكن بعض المتأخرين من المغاربة ذكر في ذلك كلاما وافقه عليه بعض من لم يعرف أصل هذه المسألة.
نام كتاب: دراسة حول القرآن الكريم
نويسنده: محمد حسين حسينى جلالى
دراسة حول القرآن الكريم 331 و أما الركن الثالث: ..... ص : 328
(و الخلاصة) إن الموقف تجاه القراءات السبع التي سبّعها ابن مجاهد (ت 324 ه) ان نلتزم بأحد أمرين:
الأول: أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قرأ بهذه القراءات السبع كلها و هذا يأباه الاعتبار إذ أن العرضة الأخيرة لا بد و أن تكون بإحداها و من الركاكة البعيدة عن الذوق العربي أن يكرر اللفظ سبع مرات (مضافا) إلى أن أصحاب السبعة أنفسهم ذكروا وجوها لاختياراتهم مما تدل على أن اختيارهم استند إلى قراءة النص المكتوب في بعضها.
الثاني: إن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قرأ بهذه القراءات السبع في فترات مختلفة قبل العرضة الأخيرة فيكون حالها حال الأحاديث التي رويت عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في فترات مختلفة في حياته الشريفة و هذا ما لا يقول به دعاة التواتر و لو صح هذا فلا اعتداد به لأن الاعتبار بالعرضة الأخيرة فقط دون غيرها.
(و الحق) أن دعاة التواتر يدّعون ما لم يدّعه أصحاب القراءات السبع أنفسهم. فإن أسانيدهم إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا تبلغ التواتر و إن بلغت الاستفاضة، فالأمر إذا يدور بين سبع قراءات كل منها منسوبة إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قد وصلت إلى حد الاستفاضة و ليس هناك دليل شرعي على ترجيح أي منها على الأخرى، فيجب قبولها جميعا و لكن ذلك في مقام العمل غير ممكن إلا بالتخيير بين أي قراءة شاء أو الاجتهاد بينها كما فعل الطبري في تفسيره و حيث أن الاجتهاد غير متيسر لعامة الناس فبقي التخيير هو الحل العلمي الوحيد.
و من هنا قال صاحب الحدائق البحراني (ت 1186 ه) أن جار اللّه الزمخشري ينكر تواتر السبع و يقول أن القراءة الصحيحة التي
شرح الرضي على الكافية (2/ 260)
وقد جاء في السعة، الفصل بالمفعول، إن كان المضاف مصدرا، والمضاف إليه فاعلا له، كقراءة ابن عامر 6: (...قتل أولادهم شركائهم 7)، وهو مثل قوله:
309 - فزججتها بمزجة * زج القلوص أبي مرادة 1 وقوله: 310 - تنفي يداها الحصى في كل هاجرة * نفي الدراهيم تنقاد الصياريف 2 عند من روى: بنصب الدراهيم، وجر تنقاد، وأنكر أكثر النجاة الفصل بالمفعول وغيره في السعة، ولا شك أن الفصل بينهما في الضرورة بالظرف ثابت، مع قلته وقبحه، والفصل بغير الظرف في الشعر، أقبح منه بالظرف، وكذا الفصل بالظرف في غير الشعر أقبح منه في الشعر، وهو عند يونس 3 قياس، كما مر في باب (لا) التبرئة 4، والفصل بغير الظرف في غير الشعر أقبح من الكل 5، مفعولا كان الفاصل، أو يمينا أو غيرهما، فقراءة ابن عامر ليست بذاك، ولا نسلم تواتر القراءات السبع، وإن ذهب إليه بعض الأصوليين 6،
__________
(1) قيل أن هذا بيت مصنوع، أو من شعر المولدين فلا يصلح حجة، وفي كلام البغدادي في خزانة الأدب
تفصيل طيب عن مثل هذه الأساليب، وفيه رد على الرضي فيما سيذكره عقب ذلك من إنكار لتواتر القراءات، (2) للفرزدق في وصف راحلته وأنها لسرعة سيرها في الهاجرة تضرب الحصى فيتناثر، فيقرع بعضه بعضا، فيشبه صوت الدراهيم حين ينقدها الصيرفي فينفي منها الزائف، والأشهر في رواية البيت جر الدراهيم ورفع تنقاد، صوت الدراهيم حين ينقدها الصيرفي فينفي منها الزائف، والأشهر في رواية البيت جر الدراهيم ورفع تنقاد، (3) تقدم ذكر يونس بن حبيب في هذا الجزء وفي الجزء الأول، (4) تكرر وجه تسميتها بذلك، (5) ذكر الرضي قبل قليل، أن لفظ (كل) وبعض، يمتنع دخول اللام عليهما، ثم نقل عن بعضهم جواز ذلك، (6) يسلك الرضي في هذا مسلك الزمخشري وأمثاله ممن ينكرون تواتر القراءات السبع، أو يرون أنها أخذت بالرأي والاجتهاد من رسم المصحف، وفي هذا الشرح أمثلة كثيرة لهذا الاتجاه منه، سيأتي قريبا في هذا البحث نقده لقراءتي نافع وحمزة، وهما من القراء السبعة كابن عامر، وعبارته هنا قريبة من عبارة الزمخشري في الكشاف في نقد قراءة ابن عامر، في سورة الأنعام، (*)
شرح الرضي على الكافية (2/ 336)
وهذا الذي ذكرنا أعني لزوم إعادة الجار في حال السعة والاختيار: مذهب البصريين، ويجوز عندهم تركها 1 اضطرارا، كقوله: 342 - فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والأيام من عجب 2 وأجاز الكوفيون ترك الأعادة في حال السعة مستدلين بالأشعار، ولا دليل فيها، إذ الضرورة حاملة عليه، ولا خلاف معها، وبقوله تعالى: (تساءلون به والأرحام 3)، بالجر، في قراءة حمزة 4، وأجيب بأن الباء مقدرة، والجر بها، وهو ضعيف، لأن حرف الجر لأ، يعمل مقدرا في الاختيار إلا في نحو: الله لأفعلن، وأيضا لو ظهر الجار فالعمل للأول، كما ذكرنا،
ولا يجوز أن تكون الواو للقسم لأنه يكون، إذن، قسم السؤال، لأن قبله: (واتقوا الله الذي تساءلون به) وقسم السؤال لا يكون إلا مع الباء كما يجئ 5، والظاهر أن حمزة جوز ذلك بناء على مذهب الكوفيين لأنه كوفي، ولا نسلم تواتر القراءات 6، وذهب الجرمي 7 وحده، إلى جواز العطف على المجرور المتصل بلا إدعادة الجار، بعد تأكيده بالضمير المنفصل المرفوع نحو: مررت بك أنت وزيد، قياسا على العطف على الضمير المتصل المرفوع، وليس بشئ لأنه لم يسمع ذلك، مع أن تأكيد المجرور
__________
(1) أي ترك الأعادة، (2) قربت أي أخذت وشرعت، ولم ينسب البيت إلى قائل مع كثرته في كتب النحو، وقال البغدادي انه من أبيات سيبويه التي جهل قائلوها، (3) من الآية الأولى في سورة النساء، (4) حمزة بن حبيب الزيات أحد القراء السبعة وتقدم ذكره، (5) يجيئ في باب القسم آخر الكتاب، وتقدم للرضي حديث عنه في آخر باب الاستثناء من هذا الجزء، (6) يتكرر من الرضي هذا الطعن في القراءات السبع وإنكار تواترها، وتقدم له مثل ذلك في الفصل بين المضاف
والمضاف إليه، (7) صالح بن إسحاق الجرمي ممن تكرر ذكرهم في هذا الشرح، (*)
شرح الرضي على الكافية (2/ 409)
فإن قيل: أليس الفصل جائزا بين المضاف والمضاف إليه في الشعر ؟، قلت: ذلك
مع الظاهر قبيح 1، فامتنع في المضمر الذي هو أشد اتصالا بعامله من الظاهر، وكل واحد من هذه الأنواع الخمسة 2، يكون لثمانية عشر معنى، لأن كل واحد منها، إما أن يكون لمتكلم أو مخاطب أو غائب، وكل واحد من هذه الثلاثة إما أن يكون
__________
(1) للرضي رأي في الفصل بين المتضايقين أدي إلى إنكاره لتواتر القراءات كما في باب الأضافة، (2) المستفادة من كلام المصنف، (*)
شرح الرضي على الكافية (4/ 492)
قوله: (ولا تدخلهما الخفيفة)، أي لا تدخل الخفيفة المثنى، وجمع المؤنث، لأنه يلزم التقاء الساكنين على غيره حده 1، وأما مع المثقلة فلأن النون المدغمة، وإن كانت ساكنة، فهي كالمتحركة، لأنه يرتفع اللسان بها، وبالمتحركة ارتفاعه واحدة، فهما كحرف واحد متحرك، ولا يجوز، عند سيبويه 2، أيضا، إلحاقها في نحو: اضرباني، بنون الوقاية واضربان، نعمان، وإن كان يزول التقاء الساكنين الممنوع بالأدغام في نون الوقاية ونون نعمان، لأن النونين المدغم فيهما ليستا بلازمتين، وأما يونس والكوفيون، فجوزوا إلحاق الخفيفة بالمثنى وجمع المؤنث، فبعد ذلك، إما أن تبقى النون عندهم ساكنة، وهو المروي عن يونس، لأن الألف قبلها، كالحركة لما فيها من المدة، كقراءة نافع 3: (ومحياي) 4 أو قراءة أبي عمرو 5: (واللاي) 6 وقولهم: التقت حلقتا البطان 7، ولا شك أن كل واحد 8 في مقام الشذوذ 9، فلا يجوز القياس عليه، وإما أن تحرك بالكسر للساكنين، وعليه حمل قوله تعالى: (ولا تتبعان) 1، بتخفيف النون، واعلم أن كلا من الثقيلة والخفيفة حرف برأسها، عند سيبويه 2، وعند أكثر الكوفيين: المخففة فرع المثقلة،
__________
(1) حده هو أن يكون الساكنان في كلمة واحدة
وأولهما مدة، (2) كل ما يتصل بنوني التوكيد في سيبويه ج 2 ص 149 وما بعدها وفيه كثير مما أورده الرضي هنا بلفظه، (3) نافع أحد القراء السبعة وهو من قراء المدينة، وتقدم له ذكر في هذا الشرح، (4) من الآية 62 في سورة الأنعام، (5) أبو عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة وإمام من أئمة النحو، وتقدم ذكره، (6) من الآية 4 سورة الطلاق، (7) كناية عن ضيق الأمر واشتداده، وورد مثله في شعر أوس بن حجر، وهو قوله: وازدحمت حلقتا البطان بأقوام * وجاشت نفوسهم جزعا (8) أي كل واحد مما أورده من الأمثلة، (9) الشارح الرضي لا يتحرج من نقد القراءات حيث يعتبر هنا أن كل ما تقدم من قبيل الشذوذ، وفيه بعض = (*)= القراءات المتواترة، وقد صرح في باب الأضافة في الفصل بين المتضايفين بقوله لا نسلم تواتر القراءات، وللعلماء آراء متعددة في موضوع القراءات عموما، ليس هنا مجال ذكره، (1) من الآية 89 سورة يونس، (2) انظر سيبويه ج 2 ص 149 (*)،
تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/ 69)
[سورة الأنعام (6) : آية 137]
وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (137)
وَكَذلِكَ ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك في قسمة القربان بين الله تعالى والآلهة، أو ومثل ذلك التزيين البليغ «1» الذي هو علم من الشياطين. والمعنى: أن شركاءهم من الشياطين، أو من سدنة الأصنام زينوا لهم قتل أولادهم «2» بالوأد، أو بنحرهم للآلهة وكان الرجل في الجاهلية يحلف: لئن ولد له كذا غلاماً لينحرنّ أحدهم، كما حلف عبد المطلب. وقرئ: زين، على البناء للفاعل الذي هو شركاؤهم، ونصب قَتْلَ أَوْلادِهِمْ وزين، على البناء للمفعول الذي هو القتل، ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين، كأنه قيل: لما قيل زين لهم قتل أولادهم من زينه؟
فقيل: زينه لهم شركاؤهم. وأما قراءة ابن عامر: قتل أولادهم شركائهم برفع القتل ونصب الأولاد وجرّ الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء، والفصل بينهما بغير الظرف، فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر، لكان سمجاً مردوداً، كما سمج وردّ.
زجّ القلوص أبى مزاده «1»
فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته. والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف شركائهم مكتوباً بالياء. ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء- لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم- لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب...
__________
(1) . قوله «ومثل ذلك التزيين البليغ الذي» لعله التزيين الذي. (ع) [.....]
(2) . قال محمود: «المعنى أن شركاءهم من الشياطين أو من سدنة الأصنام زينوا لهم قتل أولادهم ... الخ» قال أحمد رحمه الله: لقد ركب المصنف في هذا الفصل متن عمياء، وتاه في تيهاء. وأنا أبرأ إلى الله وأبرئ حملة كتابه وحفظة كلامه مما رماهم به «فانه تخيل أن القراء أئمة الوجوه السبعة اختار كل منهم حرفا قرأ به اجتهاداً، لا نقلا وسماعا فلذلك غلط ابن عامر في قراءته هذه، وأخذ يبين أن وجه غلطه رؤيته الياء ثابتة في شركائهم، فاستدل بذلك على أنه مجرور، وتعين عنده نصب أولادهم بالقياس، إذ لا يضاف المصدر إلى أمرين معاً فقرأه منصوبا، قال المصنف: وكانت له مندوحة عن نصبه إلى جره بالاضافة وإبدال الشركاء منه، وكان ذلك أولى مما ارتكبه يعنى ابن عامر من الفصل بين المضاف والمضاف إليه الذي يسمج في الشعر فضلا عن النثر فضلا عن المعجز. فهذا كله كما ترى ظن من الزمخشري أن ابن عامر قرأ قراءته هذه رأيا منه، وكان الصواب خلافه والفصيح سواه، ولم يعلم الزمخشري أن هذه القراءة بنصب الأولاد والفعل بين المضاف والمضاف إليه، بها يعلم ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها على جبريل كما أنزلها عليه كذلك، ثم تلاها النبي صلى الله عليه وسلم على عدد التواتر من الأئمة، ولم يزل عدد التواتر يتناقلونها ويقرؤن بها خلفاً عن سلف، إلى أن انتهت إلى ابن عامر فقرأها أيضاً كما سمعها. فهذا معتقد أهل الحق في جميع الوجوه السبعة أنها متواترة جملة وتفصيلا عن أفصح من نطق بالضاد صلى الله عليه وسلم.
فإذا علمت العقيدة الصحيحة فلا مبالاة بعدها بقول الزمخشري، ولا بقول أمثاله ممن لحن ابن عامر، فان المنكر عليه إنما أنكر ما ثبت أنه براء منه قطعا وضرورة. ولولا عذر أن المنكر ليس من أهل الشأنين، أعنى علم القراءة وعلم الأصول، ولا يعد من ذوى الفنين المذكورين، لخيف عليه الخروج من ربقة الدين. وأنه على هذا العذر لفي عهدة خطرة وزلة منكرة تزيد على زلة من ظن أن تفاصيل الوجوه السبعة فيها ما ليس متواتراً، فان هذا القائل لم يثبتها بغير النقل.
وغايته أنه ادعى أن نقلها لا يشترط فيه التواتر. وأما الزمخشري فظن أنها تثبت بالرأى غير موقوفة على النقل.
وهذا لم يقل به أحد من المسلمين. وما حمله على هذا الخيال إلا التغالى في اعتقاد اطراد الأقيسة النحوية، فظنها قطعية حتى يرد ما خالفها، ثم إذا تنزل معه على اطراد القياس الذي ادعاه مطرداً، فقراءة ابن عامر هذه لا تخالفه. وذلك أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه وإن كان عسراً، إلا أن المصدر إذا أضيف إلى معموله فهو مقدر بالفعل، وبهذا التقدير عمل، وهو أن لم تكن إضافته غير محضة، إلا أنه شبه بما إضافته غير محضة حتى قال بعض النحاة:
إن إضافته ليست محضة لذلك. فالحاصل أن اتصاله بالمضاف إليه ليس كاتصال غيره. وقد جاء الفصل بين المضاف غير المصدر وبين المضاف إليه بالظرف، فلا أقل من أن يتميز المصدر على غيره لما بيناه من انفكاكه في التقدير وعدم توغله في الاتصال بأن يفصل بينه وبين المضاف إليه بما ليس أجنبياً عنه، وكأنه بالتقدير فكة بالفعل، ثم قدم المفعول على الفاعل وأضافه إلى الفاعل وبقي المفعول مكانه حين الفك، ويسهل ذلك أيضا تغاير حال المصدر، إذ تارة يضاف إلى الفاعل وتارة يضاف إلى المفعول. وقد التزم بعضهم اختصاص الجواز بالفصل بالمفعول بينه وبين الفاعل لوقوعه في غير مرتبته، إذ ينوى به التأخير، فكأنه لم يفصل، كما جاز تقدم المضمر على الظاهر إذا حل في غير رتبته، لأن النية به التأخير. وأنشد أبو عبيدة
فداسهم دوس الحصاد الدائس
وأنشد أيضاً:
يفرك حب السنبل الكنافج ... بالقاع فرك القطن المحالج
ففصل كما ترى بين المصدر وبين الفاعل بالمفعول. ومما يقوى عدم توغله في الاضافة جواز العطف على موضع مخفوضه رفعاً ونصباً، فهذه كلها نكت مؤيدة بقواعد منظرة. بشواهد من أقيسة العربية. تجمع شمل القوانين النحوية لهذه القراءة، وليس غرضنا تصحيح القراءة بقواعد العربة، بل تصحيح قواعد العربية بالقراءة. وهذا القدر كاف إن شاء الله في الجمع بينهما والله الموفق. وما أجريناه في أدراج الكلام من تقريب إضافة المصدر من غير المحضة، إنما أردنا انضمامه إلى غيره من الوجوه التي يدل باجتماعها على أن الفصل غير منكر في إضافته، ولا مستبعد من القياس، ولم يفرده في الدلالة المذكورة إذ المتفق على عدم تمحضها لا يسوغ فيها الفصل، فلا يمكن استقلال الوجه المذكور بالدلالة، والله الموفق.
تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (4/ 603)
والهاء للسكت في كِتابِيَهْ، وكذلك في حِسابِيَهْ ومالِيَهْ وسُلْطانِيَهْ وحق هذه الهاءات أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل، «1» وقد استحب إيثار الوقف إيثارا لثباتها لثباتها في المصحف.
وقيل: لا بأس بالوصل والإسقاط. وقرأ ابن محيصن بإسكان الياء بغير هاء. وقرأ جماعة بإثبات الهاء في الوصل والوقف جميعا لاتباع المصحف ظَنَنْتُ علمت. وإنما أجرى الظن مجرى العلم، لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام.
__________
(1) . قال محمود: «وحق هذه الهاءات يعنى في كتابيه وحسابيه وماليه وسلطانيه ... الخ» قال أحمد: تعليل القراءة باتباع المصحف عجيب مع أن المعتقد الحق أن القراآت السبع بتفاصيلها منقولة تواترا عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، فالذي أثبت الهاء في الوصل إنما أثبتها من التواتر عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: آيها كذلك قبل أن تكتب في المصحف، وما نفس هؤلاء إلا إدخال الاجتهاد في القراآت المستفيضة، واعتقاد أن فيها ما أخذ بالاختيار النظري وهذا خطأ لا ينبغي فتح بابه، فانه ذريعة إلى ما هو أكبر منه، ولقد جرت بيني وبين الشيخ أبى عمرو رحمه الله مفاوضة في قوله وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ على قراءة حفص، انتهت إلى أن ألزم الرد على من أثبت الهاء في الوصل في كلمات سورة الحاقة. لأنى حججته بإثبات القراء المشاهير لها كذلك، ففهمت من رده لذلك ما فهمه من كلام الزمخشري هاهنا ولم أقبله منه رحمه الله، فتراجع عنه، وكانت هذه المفاوضة بمكاتبة بيني وبينه، وهي آخر ما كتب من العلوم على ما أخبرنى به خاصته، وذلك صحيح لأنها كانت في أوائل مرضه رحمه الله، والله أعلم.
تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (4/ 667)
وقرئ: سلاسل، غير منون. وسلاسلا، بالتنوين «2» . وفيه وجهان: أحدهما أن تكون هذه النون بدلا من حرف الإطلاق، ويجرى الوصل مجرى الوقف. والثاني: أن يكون صاحب القراءة به ممن ضرى برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف.
__________
(2) . قال محمود: «قرئ بتنوين سلاسل فوجهه أن تكون هذه النون بدلا من ألف الإطلاق ... الخ» قال أحمد: وهذا من الطراز الأول لأن معتقده أن القراءة المستفيضة غير موقوفة على النقل المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفاصيلها، وأنها موكولة إلى اجتهاد القراء واختيارهم بمقتضى نظرهم كما مر له، وطم على ذلك هاهنا فجعل تنوين سلاسل من قبيل الغلط الذي يسبق إليه اللسان في غير موضعه لتمرنه عليه في موضعه، والحق أن جميع الوجوه المستفيضة منقولة تواترا عنه صلى الله عليه وسلم، وتنوين هذا على لغة من يصرف في نثر الكلام جميع ما لا ينصرف إلا أفعل، والقراآت مشتملة على اللغات المختلفة، وأما قوارير قوارير: فقرئ بترك تنوينهما وهو الأصل، وتنوين الأول خاصة بدلا من ألف الإطلاق لأنها فاصلة، وتنوين الثانية كالأولى اتباعا لها، ولم يقرأ أحد بتنوين الثانية وترك تنوين الأولى، فانه عكس أن يترك تنوين الفاصلة مع الحاجة إلى المجانسة، وتنوين غيرها من غير حاجة.
البرهان في علوم القرآن (1/ 226)
المؤلف: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ)
وقال بعض المتأخرين الأشبه بظواهر الأحاديث أن المراد بهذه الأحرف اللغات وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم وما جرت عليه عادتهم من الإظهار والإدغام والإمالة والتفخيم والإشمام والهمز والتليين والمد وغير ذلك من وجوه اللغات إلى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة فإن الحرف هو الطرف والوجه كما قال تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} أي على وجه واحد وهو أن يعبده في السراء دون الضراء وهذه الوجوه هي القراءات السبع التي قرأها القراء السبعة فإنها كلها صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف
وهذه القراءات السبع اختيارات أولئك القراء فإن كل واحد اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءة ما هو الأحسن عنده والأولى ولزم طريقة منها ورواها وقرأ بها واشتهرت عنه ونسبت إليه فقيل حرف نافع وحرف ابن كثير ولم يمنع واحد منهم حرف الآخر ولا أنكره بل سوغه وحسنه وكل واحد من هؤلاء السبعة روي عنه اختياران وأكثر وكل صحيح
وقد أجمع المسلمون في هذه الأعصار على الاعتماد على ما صح عنهم وكان الإنزال على الأحرف السبعة توسعة من الله ورحمة على الأمة إذ لو كلف كل فريق منهم ترك لغته والعدول عن عادة نشئوا عليها من الإمالة والهمز والتليين والمد وغيره لشق عليهم
ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أبي بن كعب أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: "يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط فقال يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف" وقال حسن صحيح
قراءات پشتوانه بیرونی و مردمی داشت:
جامع البيان في القراءات السبع (1/ 167)
199 - حدثنا فارس بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن موسى، قال: حدثني الحسين بن بشر الصوفي قال: حدثنا روح بن عبد المؤمن، قال: حدثنا محمد بن صالح، قال: قرأ عبد الله بن كثير في بيت شبل وثم يومئذ عدة من القراء: أو من وراء جدر «3» [الحشر: 14] فناداه ابن الزبير «4»: ما هذه القراءة؟ ارجع إلى قراءة قومك، قال: إني لما هبطت العراق خلطوا علي قراءتي، قال:
فقال: أو من وراء جدار «5».
المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز (1/ 173)
فصل:
واعلم أن القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها، قد انتهت إلى السبعة القراء المقدم ذكرهم، واشتهر نقلها عنهم لتصديهم لذلك وإجماع الناس عليهم، فاشتهروا بها كما اشتهر في كل علم من الحديث والفقه والعربية أئمة اقتدي بهم وعول فيها عليهم.
ونحن فإن قلنا: إن القراءات الصحيحة إليهم نسبت وعنهم نقلت، فلسنا ممن يقول: إن جميع ما روي عنهم يكون بهذه الصفة، بل قد روي عنهم ما يطلق عليه أنه ضعيف وشاذ بخروجه عن الضابط المذكور باختلال بعض الأركان الثلاثة، ولهذا ترى كتب المصنفين في القراءات السبع مختلفة في ذلك، ففي بعضها ذكر ما سقط في غيرها، والصحيح بالاعتبار الذي ذكرناه موجود في جميعها إن شاء الله تعالى.
فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة، وإن هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء، فذلك لا يخرجها عن الصحة. فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف، لا عمن تنسب إليه.
فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة [69 و] لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.
فمما نسب إليهم وفيه إنكار لأهل اللغة وغيرهم:
الجمع بين الساكنين في تاءات البزي (1) ، إدغام (2) أبي عمرو، وقراءة حمزة "فما اسطّاعوا" (3) ، وتسكين من أسكن "بارِئْكم" و"يأمُرْكم" (4)
ونحوه و"سبأْ" (1) و"يا بُنَيْ" (2) و"مَكْر السيئْ"" (3) ، وإشباع الياء في "نرتعي" (4) و"يتقي ويصبرْ" (5) و"أفئدة من الناس" (6) وقراءة "ليكة" (7) بفتح الهاء، وهمز "سَأْقيها" (8) ، وخفض "والأرحامِ" (1) ، ونصب "كن فيكونَ" (2) ، والفصل بين المضافين في "الأنعام" (3) ، وغير ذلك على ما نقلناه وبيناه بعون الله تعالى وتوفيقه في شرح (4) قصيدة الشيخ الشاطبي رحمه الله.
فكل هذا محمول على قلة ضبط الرواة فيه على ما أشار إليه كلام ابن مجاهد المنقول في أول هذا الباب (5) .
وإن صح فيه النقل فهو من بقايا الأحرف السبعة التي كانت القراءة مباحة عليها، على ما هو جائز في العربية، فصيحا كان أو دون ذلك.
وأما بعد كتابة المصاحف على اللفظ المنزل، فلا ينبغي قراءة ذلك اللفظ إلا على اللغة الفصحى من لغة قريش وما ناسبها، حملا لقراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والسادة من أصحابه على ما هو اللائق بهم، فإنهم كما كتبوه على لسان قريش، فكذا قراءتهم له.
وقد شاع [69 ظ] على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة، أي كل فرد فرد مما روى عن هؤلاء الأئمة السبعة، قالوا: والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب.
ونحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها.
فإن القراءات السبع المراد بها ما روي عن الأئمة السبعة القراء المشهورين، وذلك المروي عنهم منقسم إلى ما أجمع عليه عنهم لم يختلف فيه الطرق، وإلى ما اختلف فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق.
فالمصنفون لكتب القراءات يختلفون في ذلك اختلافا كثيرًا، ومن تصفح كتبهم في ذلك ووقف على كلامهم فيه عرف صحة ما ذكرناه.
وأما من يهول في عبارته قائلا: إن القراءات السبع متواترة، لـ"أن القرآن أنزل على سبعة أحرف" فخطؤه ظاهر؛ لأن الأحرف السبعة المراد بها غير القراءات السبع على ما سبق تقريره في الأبواب المتقدمة.
ولو سئل هذا القائل عن القراءات السبع التي ذكرها لم يعرفها ولم يهتد [70 و] إلى حصرها، وإنما هي شيء طرق سمعه فقاله غير مفكر في صحته، وغايته -إن كان من أهل هذا العلم- أن يجيب بما في الكتاب الذي حفظه.
والكتب في ذلك -كما ذكرنا- مختلفة، ولا سيما كتب المغاربة والمشارقة، فبين كتب الفريقين تباين في مواضع كثيرة، فكم في كتابه من قراءة قد أنكرت، وكم فات كتابه من قراءة صحيحة فيه ما سطرت، على أنه لو عرف شروط التواتر لم يجسر على إطلاق هذه العبارة في كل حرف من حروف القراءة.
فالحاصل إنا لسنا ممن يلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلف فيها بين القراء، بل القراءات كلها منقسمة إلى متواتر وغير متواتر، وذلك بين لمن أنصف وعرف وتصفح القراءات وطرقها.
وغاية ما يبديه مدعي تواتر المشهور منها كإدغام أبي عمرو ونقل الحركة لورش وصلة ميم الجمع وهاء الكناية لابن كثير أنه متواتر عن ذلك الإمام الذي نسبت تلك القراءة إليه بعد أن يجهد نفسه في استواء الطرفين والواسطة إلا أنه بقي عليه التواتر من ذلك الإمام إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل فرد فرد من ذلك، وهنالك تكسب العبرات، فإنها من ثم لم تنقل إلا آحادًا، إلا اليسير منها.
وقد حققنا هذا [70 ظ] الفصل أيضا في "كتاب البسملة الكبير" ونقلنا فيه من كلام الحذاق من الأئمة المتقنين ما تلاشى عنده شبه المشنعين، وبالله التوفيق.
فليس الأقرب في ضبط هذا الفصل إلا ما ذكرناه مرارًا من أن كل قراءة اشتهرت بعد صحة إسنادها وموافقتها خط المصحف ولم تنكر من جهة العربية فهي القراءة المعتمد عليها، وما عدا ذلك فهو داخل في حيز الشاذ والضعيف، وبعض ذلك أقوى من بعض.
والمأمور باجتنابه من ذلك ما خالف الإجماع لا ما خالف شيئا من هذه الكتب المشهورة عند من لا خبرة له.
قال أبو القاسم الهذلي في كتابه "الكامل":
"وليس لأحد أن يقول: لا تكثروا من الروايات، ويسمي ما لم يصل من القراءات الشاذ؛ لأن ما من قراءة قرئت ولا رواية رويت إلا وهي صحيحة إذا وافقت رسم الإمام ولم تخالف الإجماع".
فإن قلت: قراءة من لم يبسمل بين السورتين ينبغي أن يكون ضعيفة لمخالفتها الرسم.
قلت: لا، فإنه يبسمل إذا ابتدأ كل سورة، فهو يرى أن البسملة إنما رسمت في أوائل السور لذلك على أنا نقول الترجيح مع من بسمل مطلقا بين السورتين وعند الابتداء، وذلك على وفق مذهب إمامنا الشافعي (1) رحمه الله، وفي كل ذلك مباحث حسنة ذكرناها في "كتاب البسملة الكبير"، وبالله التوفيق.
__________
(1) هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي الشافعي أبو عبد الله المكي، أحد الفقهاء الأربعة عند أهل السنة، له تصانيف كثيرة، أشهرها كتابه "الأم" في الفقه، توفي سنة 204هـ "تاريخ بغداد 2/ 56، معجم الأدباء 6/ 367، وفيات الأعيان 1/ 565، تذكرة الحفاظ 1/ 329، طبقات السبكي 1/ 100، غاية النهاية 2/ 95".
جمال القراء وكمال الإقراء ت عبد الحق (2/ 571)
فإن قيل: فقد قال الطبري: إن عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب ما كتب من القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
قال: وليس اختلاف القراء الآن هو الذي أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة احرف» «4».
واختلاف القراء عن هذا بمعزل، قال: لأن ما اختلف فيه القراء لا يخرج عن خط المصحف الذي كتب على حرف واحد، قال: والستة الأحرف قد سقطت، وذهب العمل بها بالإجماع على خط المصحف المكتوب على حرف واحد اه «5».
فالجواب: ان هذا الذي ادعاه من ان عثمان- رضي الله عنه إنّما كتب حرفا واحدا من الأحرف السبعة التي أنزلها الله عزّ وجلّ: لا يوافق عليه ولا يسلّم له، وما كان عثمان- رضي الله عنه- يستجيز ذلك ولا يستحل ما حرّم الله عزّ وجلّ من هجر كتابه وأبطاله وتركه «1».
وإنما قصد سد باب القالة «2» وأن يدعى مدع شيئا ليس مما أنزل الله، فيجعله من كتاب الله عزّ وجلّ، أو يرى أن تغيير لفظ القرآن «3» بغيره مما هو بمعناه لا بأس به، فلما كتب هذه المصاحف وأمر بالقراءة بما فيها لم يمكن أحدا من أولئك أن يفعل ما كان يفعل، والذي فعل ذلك مخطئ، لأن عمر- رضي الله عنه- أنكر على هشام بن حكيم لفظا لم يسمعه عمر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «4» وعمر- رضي الله عنه- يعلم أن ذلك جائز في العربية والدليل على أنه جائز في العربية أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «هكذا أنزلت» فلولا أن تغيير القرآن لا يجوز لما أنكر عمر- رضي الله عنه- ما أنكر، فأراد عثمان- رضي الله عنه- أن يجمع القرآن كله بجميع وجوهه السبعة التي أنزل عليها، سدا لباب الدعوى، وردا لرأي من يرى تبديل حرف منه بغيره «5».
ألا ترى أنه أحضر (المصحف) «1» التي كتبها الصديق- رضي الله عنه- وكانت بالأحرف السبعة، واستظهر مع ذلك بما كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الرقاع والأكتاف واللخاف «2» إرادة أن لا يبقى لقائل قول ولا لمدع دعوى.
وأما قوله: إنه إنما كتب حرفا واحدا من تلك الأحرف السبعة: فغير صحيح، فقد كتب في بعض المصاحف وأوصى «3» وفي بعضها وَوَصَّى وكتب في بعضها وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ «4» وفي بعضها قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ* وكتب سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ «5» في موضع بغير واو، وفي مصحف وَسارِعُوا وكتب في المدني والشامي يَرْتَدِدْ «6» وفي غيرهما يَرْتَدَّ* بدال واحدة وتَجْرِي تَحْتَهَا «7» في سورة التوبة، وفي بعض المصاحف مِنْ تَحْتِهَا* وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ «1» في آل عمران في المصحف الشامي، وفي غيره وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ إلى غير ذلك من المواضع «2» نحو شُرَكائِهِمْ* «3» وشُرَكاؤُهُمْ* «4» وفإن الله الغني «5» وفَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ* وكل وعد الله «6» وكُلًّا إلى غير ذلك مما تركت ذكره خشية الإطالة «7».
وقد ذكرت أن الأمة لا ترضى لأحد من خلق الله بترك كتاب الله وما ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن أحدا لا يقدر على أن ينتزع من أيديها ما اشتهر بينها وتداولته النقلة، واستمرت على تلاوته الألسنة حتى يصير نسيا منسيا، لا يعرفه إلّا الشاذ منهم بعد أن كان يعرفه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، هذا من المحال في مجرى العادة.
والذي لا يشك فيه أن عثمان- رحمه الله- كتب جميع القرآن بجميع وجوهه، ولم يغادر منه شيئا، ولو ترك شيئا منه لم يوافق عليه، وقد جاء بعده علي- عليه السلام- ولم يزد على ما كتبه حرفا «8».
الكتاب: جمال القراء وكمال الإقراء
المؤلف: علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري الشافعي، أبو الحسن، علم الدين السخاوي (المتوفى: 643هـ)
دراسة وتحقيق: عبد الحق عبد الدايم سيف القاضي
(أصل الكتاب رسالة دكتوراة بإشراف د محمد سالم المحيسن)
الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم مسلسل واحد)
الطبعة: الأولى، 1419 هـ - 1999 م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
جمال القراء وكمال الإقراء ت عبد الحق (2/ 566)
ذكر الشواذ
الشاذ: مأخوذ من قولهم: شذ الرجل يشذ ويشذ «1» شذوذا، اذا انفرد عن القوم واعتزل عن جماعتهم «2».
وكفى بهذه التسمية تنبيها على انفراد الشاذ وخروجه عما عليه الجمهور والذي لم يزل عليه الأئمة الكبار القدوة في جميع الأمصار من الفقهاء والمحدثين وأئمة العربية: توقير القرآن واجتناب الشاذ، واتباع القراءة المشهورة، ولزوم الطرق المعروفة في الصلاة وغيرها «3».
__________
(1) كلمة (ويشذ) ساقطة من ظ.
(2) انظر: لسان العرب (3/ 494) (شذذ) والمعجم الوسيط (1/ 476).
(3) نقل هذا الكلام بلفظه عن السخاوي تلميذه أبو شامة، قائلا: «قال شيخنا أبو الحسن رحمه/ الله ... » انظر المرشد الوجيز (ص 179).
قال القسطلاني: «أجمع الأصوليون والفقهاء وغيرهم أن الشاذ ليس بقرآن، لعدم صدق حد القرآن عليه أو شرطه وهو التواتر، صرح بذلك الغزالي وابن الحاجب والقاضي عضد الدين والسخاوي في «جمال القراء» والجمهور على تحريم القراءة بالشواذ، وأنه ان قرأ بها غير معتقد أنه قرآن، ولا يوهم أحدا ذلك بل لما فيه من الأحكام الشرعية عند من يحتج بها، أو الأحكام الأدبية، فلا كلام في جواز قراءتها.
وعلى هذا يحمل كل من قرأ بها من المتقدمين، وكذلك يجوز تدوينها في الكتب والتكلم على ما فيها، فإن قرأها معتقدا قرآنيته أو موهما ذلك حرم عليه ... » اه.
ثم ذكر كلام النووي وابن عبد البر وابن الحاجب وغيرهم، والذي يدل على تحريم القراءة بالشواذ. انظر لطائف الإشارات (1/ 72) فما بعدها وراجع غيث النفع (ص 18).
وسيأتي كلام السخاوي على هذا وأنه لا يجوز القراءة بشيء من هذه الشواذ، وأنه قد ظهر في زمانه قوم يطالعون كتب الشواذ ويقرءون بما فيها، وربما صحفوا ذلك فيزداد الأمر ظلمة وعمى.
(2/566)
************
قال ابن مهدي «1»: «لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم، ولا يكون إماما في العلم من روى عن كل أحد، ولا يكون إماما في العلم من روى كل ما سمع» «2».
وقال الحارث بن يعقوب «3»: «الفقيه كل الفقيه من فقه في القرآن وعرف مكيدة الشيطان».
وقال خلاد بن يزيد الباهلي «4»: قلت ليحيى بن عبد الله بن أبي مليكة «5»: «ان نافعا «6» حدّثني عن أبيك «7» عن عائشة رضي الله عنها (إنها كانت تقرأ (إذ تلقونه) «8» «9» وتقول: إنما هو ولق الكذب) «10».
__________
(1) عبد الرحمن بن مهدي تقدم.
(2) ذكر هذا عن ابن مهدي ابن الجوزي في صفة الصفوة (4/ 5)، ونقله عن السخاوي تلميذه أبو شامة في كتابه المرشد الوجيز (ص 179).
(3) الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري، ثقة عابد، مات سنة 130 هـ. التقريب (1/ 145) والجرح والتعديل (3/ 93) والكاشف للذهبي (1/ 199).
(4) خلاد بن يزيد الباهلي أبو الهيثم البصري المعروف بالأرقط، صدوق جليل، توفي سنة 220 هـ.
ميزان الاعتدال (1/ 657) وغاية النهاية (1/ 275) والتقريب (1/ 230).
(5) يحيى بن عبد الله بن أبي مليكة- بالتصغير- القرشي التميمي لين الحديث، من أفاضل أهل مكة مات سنة 173 هـ. انظر: التقريب (2/ 352) ومشاهير علماء الأمصار (ص 148)، والميزان (4/ 390).
(6) نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجمحي الحافظ المكي، روى عن ابن أبي مليكة وغيره وعنه عبد الرحمن بن مهدي وغيره ثقة ثبت مات سنة 169 هـ. التقريب (2/ 296) والتهذيب (10/ 409) والكاشف (3/ 197) وتذكرة الحفاظ (1/ 231) وفيه توفي سنة 179 هـ.
(7) عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله أبي مليكة، التميمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثقة فقيه، مات سنة 117 هـ. التقريب (1/ 431). وانظر: تاريخ الثقات (ص 268) وغاية النهاية (1/ 430).
(8) أي بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف، وهي قراءة ليست سبعية ولا عشرية، قال القرطبي:
«ومعنى هذه القراءة، من قول العرب: ولق الرجل يلق ولقا إذا كذب واستمر عليه، وقراءة الجمهور بحرف التاء الواحدة وإظهار الذال دون إدغام وهو من التلقي ... » اه تفسير القرطبي (12/ 204).
وانظر تفسير أبي حيان (6/ 438) وفتح الباري (8/ 482)، قال ابن خالويه: «ففي هذا الحرف عشر قراءات ... » اه وذكرها انظر: مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه (ص 100).
(9) النور (15) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ.
(10) رواه البخاري بسنده إلى عائشة رضي الله عنها كتاب التفسير (6/ 10) وفي كتاب المغازي بلفظ:
(2/567)
************
فقال يحيى: ما يضرك ألا تكون سمعته من عائشة، نافع ثقة على أبي وأبي ثقة على عائشة، وما يسرني إني قرأتها هكذا، ولي كذا كذا.
قلت «1»: ولم وأنت تزعم أنها قد قالت؟ «2».
قال: لأنه غير قراءة الناس «3».
ونحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين، ما كان بيننا وبينه إلّا التوبة، أو تضرب «4» عنقه، نجيء به عن الأمة عن الأمة «5»، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عن جبريل عن الله عزّ وجلّ، وتقولون أنتم: حدّثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى، ما أدرى «6» ماذا أن ابن مسعود يقرأ غير ما في اللوحتين «7» إنّما هو- والله- ضرب العنق أو التوبة اه.
وقال هارون «8»: ذكر ذلك لأبي عمرو «9» - يعني القراءة المعزوة إلى عائشة- فقال:
__________
كانت تقرأ (إذ تلقونه بألسنتكم) وتقول الولق: الكذب.
قال ابن أبي مليكة: «وكانت أعلم من غيرها بذلك لأنه نزل فيها» اه فتح الباري (7/ 439).
(1) القائل: خلاد الباهلي.
(2) في المرشد الوجيز نقلا عن المؤلف: قد قرأت.
(3) قال النووي: «مذهبنا أن القراءة الشاذة لا يحتج بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأن ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر بالإجماع، وإذا لم يثبت قرآنا لا يثبت خبرا، والمسألة مقررة في أصول الفقه ... » اه شرح النووي على مسلم (5/ 131) وقد أشار ابن تيمية- رحمه الله- إلى الخلاف بين العلماء بالاحتجاج بما لم يتواتر من القراءات التي صحت عن بعض الصحابة، مع كونها ليست في مصحف عثمان- رضي الله عنه- فإنها تضمنت عملا وعلما، وهي خبر واحد صحيح، فاحتجوا بها في إثبات العمل، ولم يثبتوها قرآنا، لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين» اه. انظر الفتاوي (20/ 260).
(4) في د وظ: وتضرب عنقه.
(5) في ت: كتب الناسخ الكلمتين ثم وضع خطأ على إحداهما ظنا منه أنها مكررة وليس كذلك، بل المقصود أن الأمة تروي عن الأمة ... الخ.
(6) في د وظ: وما أدري.
(7) هكذا العبارة في النسخ وهي مضطربة- كما ترى- وقد وجدتها بنقل أبي شامة عن شيخه السخاوي:
«حدثنا فلان الأعرج عن فلان الأعمى أن ابن مسعود يقرأ ما بين اللوحين، ما أدري ماذا؟! إنما هو- والله- ضرب العنق أو التوبة» اه المرشد الوجيز (ص 180).
ولعل كلمة (غير) سقطت، وهي موجودة في نص السخاوي وبها يتم المعنى، والله أعلم.
(8) هو هارون بن موسى أبو عبد الله الأعور العتكي البصري الأزدي مولاهم علامة صدوق، نبيل له قراءة معروفة، وكان من القراء، مات قبل المائتين تقريبا. انظر غاية النهاية (2/ 348) والتقريب (2/ 313).
(9) أبو عمرو بن العلاء بن عمار العريان- واسمه زبان على الأصح- وقيل غير ذلك، المازني النحوي
(2/568)
************
قد سمعت هذا قبل أن تولد «1» ولكنا لا نأخذ به «2».
وقال محمد بن صالح «3»: سمعت رجلا يقول لأبي عمرو: وكيف تقرأ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ* وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ «4»؟
قال: لا يُعَذِّبُ «5» عَذابَهُ أَحَدٌ، فقال له الرجل: كيف، وقد جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يُعَذِّبُ «6» عَذابَهُ أَحَدٌ «7»؟.
فقال له أبو عمرو: لو سمعت الرجل الذي قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم ما أخذته عنه!.
وتدري لم ذاك؟ لأني أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة اه «8».
وقراءة الفتح ثابتة- أيضا- بالتواتر، وقد يتواتر الخبر عند قوم دون قوم «9» وإنما
__________
القارئ، ثقة، من علماء العربية وأحد القراء السبعة المشهورين (68 - 154 هـ) وقيل غير ذلك.
معرفة القراء الكبار (11/ 100) وغاية النهاية (1/ 288) والتقريب (2/ 454) ومشاهير علماء الأمصار (ص 153) وفيه توفي سنة 146 هـ.
(1) في د وظ: قبل أن يولد. بالياء التحتانية.
(2) انظر المرشد الوجيز (ص 180).
(3) لم أستطع الجزم بالمراد بهذا الشخص حيث أن هناك الكثير ممن يسمى بهذا الاسم.
(4) الفجر: 25، 26 فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ....
(5) أي بكسر الذال المشددة والثاء المثلثة المكسورة، وبها قرأ السبعة غير الكسائي، فإنه قرأ بفتح الذال والثاء على ما لم يسم فاعله. انظر الكشف عن وجوه القراءات (2/ 373) والتبصرة (ص 556)، كلاهما لمكي بن أبي طالب.
(6) أي بفتح الذال، وهي قراء الكسائي كما سبق.
(7) قال السيوطي: أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه وابن جرير والبغوي والحاكم وصححه وأبو نعيم عن أبي قلابة عمن اقرأه النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وفي رواية مالك بن الحويرث «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرأه، وفي لفظ أقرأ إياه فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ.
وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ منصوبة الذال والثاء» اه. الدر المنثور (8/ 513) قال الحاكم: «- عقب إيراده لهذا الحديث- هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، والصحابي الذي لم يسمه أبو قلابة قد سماه غيره مالك بن الحويرث» اه وأقره الذهبي. انظر المستدرك كتاب التفسير (2/ 255).
(8) انظر: المرشد الوجيز (ص 181).
(9) قال القسطلاني نقلا عن السخاوي: «ولا يقدح في تواتر القراءات السبع إذا استندت من طريق الآحاد، كما لو قلت: أخبرني فلان عن فلان أنه رأى مدينة سمرقند، وقد علم وجودها بطريق
(2/569)
************
أنكرها أبو عمرو: لأنها لم تبلغه على وجه التواتر «1».
وعن أبي حاتم السجستاني «2» - رحمه الله- قال: أول من تتبع بالبصرة وجوه القرآن وألفها، وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده: هارون ابن موسى الأعور، وكان من العتيك مولى، وكان من القراء، فكره الناس ذلك، وقالوا: قد أساء حين ألفها، وذلك أن القراءة «3» إنّما يأخذها قرون وأمة عن أفواه أمة، ولا يلتفت منها إلى ما جاء من وراء وراء.
وقال الأصمعي: عن هارون المذكور- كان ثقة مأمونا، وقال «4»: كنت أشتهي أن يضرب لمكان تأليفه الحروف «5» وكان الأصمعي لا يذكر أحدا بسوء إلا من عرفه ببدعة.
قلت: وإذا كان القرآن هو المتواتر، فالشاذ ليس بقرآن لأنه لم يتواتر فإن قيل: لعلّه قد كان مشهورا متواترا، ثم ترك حتى صار شاذا.
قلت: هذا كالمستحيل بما تحققناه من أحوال هذه الأمة وأتباعها لما جاء عن نبيها صلّى الله عليه وسلّم، وحرصها على امتثال أوامره.
وقد قال لهم صلّى الله عليه وسلّم: «بلغوا عني ولو آية» «6». وأمرهم باتباع القرآن والحرص عليه، وحضّهم على تعلّمه وتعليمه، ووعدهم على ذلك الثواب الجزيل والمقام الجليل، فكيف استجازوا تركه، وهجروا القراءة به حتى صار شاذا بتضييعهم إياه وانحرافهم عنه؟
فإن قيل منعوا من القراءة به وحرقت مصاحفه.
قلت: هذا من المحال، وليس في قدرة أحد من البشر أن يرفع ما أطبقت عليه الأمة
__________
التواتر لم يقدح ذلك فيما سبق من العلم بها، فقراءة السبع كلها متواترة وقد اتفق على أن المكتوب في المصاحف متواتر الكلمات والحروف ... » اه لطائف الإشارات (1/ 78).
(1) وقد روى أن أبا عمرو رجع إلى قراءة النبي صلّى الله عليه وسلّم. انظر: تفسير القرطبي (20/ 57).
(2) هو سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد أبو حاتم السجستاني، إمام البصرة في النحو والقراءة واللغة والعروض، له مصنفات في القراءات، توفي سنة 255 هـ. الفهرست لابن النديم (ص 86) ومعرفة القراء الكبار (1/ 219) وغاية النهاية (1/ 320).
(3) في د: أن القراء.
(4) في بقية النسخ: قال.
(5) كلام أبي حاتم السجستاني والأصمعي ذكره أبو شامة تلميذ السخاوي نقلا عن «جمال القراء» انظر المرشد الوجيز (ص 181) وراجع غاية النهاية (2/ 348).
(6) رواه البخاري كتاب الأنبياء باب ذكر بني إسرائيل (4/ 145)، والترمذي في أبواب العلم باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل (7/ 431).
(2/570)
************
وأجمعت عليه الكافة، وأن يختم على أفواههم فلا تنطق به، ولا أن يمحوه من صدورهم بعد وعيه وحفظه «1» ولو تركوه في الملأ لم يتركوه في الخلوة، ولكان ذلك كالحامل لهم على إذاعته والجد في حراسته كي لا يذهب من هذه الأمة كتابها وأصل دينها.
ولو أراد بعض ولاة الأمر في زماننا هذا أن ينزع القرآن- والعياذ بالله- من أيدي الأمة أو شيئا منه، ويعفى «2» أثره لم يستطع ذلك، فكيف يجوز ذلك في زمن الصحابة
والتابعين؟ وهم هم ونحن نحن، على أنه قد روى أن عثمان- رضي الله عنه- قد قال لهم بعد ذلك- لما أنكروا عليه تحريق المصاحف وأمرهم بالقراءة بما كتب-: «اقرءوا كيف شئتم، إنّما فعلت ذلك لئلا تختلفوا» «3».
فإن قيل: فقد قال الطبري: إن عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب ما كتب من القرآن على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
قال: وليس اختلاف القراء الآن هو الذي أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة احرف» «4».
واختلاف القراء عن هذا بمعزل، قال: لأن ما اختلف فيه القراء لا يخرج عن خط المصحف الذي كتب على حرف واحد، قال: والستة الأحرف قد سقطت، وذهب العمل بها بالإجماع على خط المصحف المكتوب على حرف واحد اه «5».
فالجواب: ان هذا الذي ادعاه من ان عثمان- رضي الله عنه إنّما كتب حرفا واحدا
__________
(1) في د وظ: بعد وعيد حفظه.
(2) أي يمحوه ويطمسه، مأخوذ من قولهم: «عفت الرياح الآثار، إذا درستها ومحتها» اه. انظر: اللسان (15/ 72) (عفا).
(3) رواه ابن أبي داود بنحوه ضمن حديث طويل، ذكر فيه أنه لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان وينقمون عليه بعض الأمور التي فعلها، ومن ضمنها أنه محا كتاب الله عز وجل، فكان هذا من جوابه عليهم. انظر كتاب المصاحف باب اطلاق عثمان رضي الله عنه القراءة على غير مصحفه (ص 45، 46).
وأقول: إنه لا يفهم من كلام عثمان- رضي الله عنه- هذا أنه أباح لهم القراءة بالشاذ، وإنما يفهم منه أنه جوز لهم القراءة بما هو ثابت وصحيح، فإذا ما رجعوا إلى الثابت الصحيح فإنهم بالطبع سيرجعون إلى المصحف الإمام الذي كتبه على ملأ من كبار الصحابة، فلعلهم أنكروا عليه صنيعه دون النظر في معرفة السبب ودون الرجوع إلى دستوره فيما كتبه رضي الله عنه.
(4) سبق تخريجه أثناء الحديث عن ذكر الأحرف السبعة.
(5) راجع مقدمة تفسير الطبري (1/ 28).
(2/571)
************
من الأحرف السبعة التي أنزلها الله عزّ وجلّ: لا يوافق عليه ولا يسلّم له، وما كان عثمان- رضي الله عنه- يستجيز ذلك ولا يستحل ما حرّم الله عزّ وجلّ من هجر كتابه وأبطاله وتركه «1».
وإنما قصد سد باب القالة «2» وأن يدعى مدع شيئا ليس مما أنزل الله، فيجعله من كتاب الله عزّ وجلّ، أو يرى أن تغيير لفظ القرآن «3» بغيره مما هو بمعناه لا بأس به، فلما كتب هذه المصاحف وأمر بالقراءة بما فيها لم يمكن أحدا من أولئك أن يفعل ما كان يفعل، والذي فعل ذلك مخطئ، لأن عمر- رضي الله عنه- أنكر على هشام بن حكيم لفظا لم يسمعه عمر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «4» وعمر- رضي الله عنه- يعلم أن ذلك جائز في العربية والدليل على أنه جائز في العربية أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «هكذا أنزلت» فلولا أن تغيير القرآن لا يجوز لما أنكر عمر- رضي الله عنه- ما أنكر، فأراد عثمان- رضي الله عنه- أن يجمع القرآن كله بجميع وجوهه السبعة التي أنزل عليها، سدا لباب الدعوى، وردا لرأي من يرى تبديل حرف منه بغيره «5».
__________
(1) قال الطبري: ما ملخصه- «فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهم إياها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة، لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة واجبا عند من يقوم بنقله الحجة، وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، فإذا كان ذلك كذلك لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراءات السبع تاركين ما وجب عليهم نقله ... » اه باختصار. انظر مقدمة جامع البيان (1/ 28).
وأقول: أن هناك فرقا بين القول بأن المصاحف العثمانية كانت مشتملة ومتضمنة للأحرف السبعة، ولم يوجب علينا الشارع الإحاطة بجميعها، وإنما هي للتيسير والتسهيل، فكل يأخذ منها ما تيسر له فهذا كلام لا غبار عليه، فرق بين هذا وبين كون عثمان- رضي الله عنه- إنما كتب المصاحف على حرف واحد وترك ما سواها خشية الفرقة والاختلاف، فهذا هو الذي رفضه السخاوي ورد على الطبري القول به، وقد أصاب رحمه الله في ذلك.
والإمام الطبري لم يحالفه الصواب في رأيه هذا، ولكل جواد كبوة والله أعلم.
(2) جمع قائل، فالقول في الخير والشر، والقال والقيل في الشر ويقال: كثر القيل والقال، فحكاية أقوال الناس والبحث عما لا يجدي عليه خيرا ولا يعنيه أمره، من هذا القبيل، والقالة: القول الفاحش في الناس اه اللسان (11/ 573) (قول) التقاطا.
(3) في بقية النسخ: لفظ الكتاب العزيز.
(4) وقد تقدم ذكر حديث عمر مع هشام بن حكيم أثناء الكلام على الأحرف السبعة.
(5) وأيضا فإن كثيرا من الصحابة- رضوان الله عليهم- قد تلقوا بعض تلك القراءات وانطلقوا دعاة إلى
(2/572)
************
ألا ترى أنه أحضر (المصحف) «1» التي كتبها الصديق- رضي الله عنه- وكانت بالأحرف السبعة، واستظهر مع ذلك بما كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الرقاع والأكتاف واللخاف «2» إرادة أن لا يبقى لقائل قول ولا لمدع دعوى.
وأما قوله: إنه إنما كتب حرفا واحدا من تلك الأحرف السبعة: فغير صحيح، فقد كتب في بعض المصاحف وأوصى «3» وفي بعضها وَوَصَّى وكتب في بعضها وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ «4» وفي بعضها قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ* وكتب سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ «5» في موضع بغير واو، وفي مصحف وَسارِعُوا وكتب في المدني والشامي يَرْتَدِدْ «6» وفي غيرهما يَرْتَدَّ* بدال واحدة وتَجْرِي تَحْتَهَا «7» في سورة التوبة، وفي بعض المصاحف مِنْ تَحْتِهَا*
__________
الله عز وجل ومجاهديه في سبيله وأخذوا يعلمون الناس ما تلقوه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم أنه نسخ ما نسخ في العرضة الأخيرة، ولم تثبت بعض تلك الأحرف التي نزلت للتيسير والتسهيل، فكان كل يقرأ على حسب ما تلقاه وعلمه، وبذلك حدثت الفتنة، وكانت السبب الداعي لعثمان- رضي الله عنه- أن يكتب تلك المصاحف مشتملة على ما استقر في العرضة الأخيرة، وأن يبعث بها إلى الأمصار، وأمر المسلمين الالتزام بها دون سواها، وأرسل مع كل مصحف إماما يقرئ الناس، وبهذا يكون قد قضى على تلك الفتنة قبل أن يستفحل شرها.
(1) هكذا في الأصل: المصحف، وفي بقية النسخ: الصحف، وهو الصواب.
(2) تقدم شرح هذه الألفاظ أثناء الكلام على الأحرف السبعة.
(3) البقرة (132) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ... وقد قرأ نافع وابن عامر بهمزة مخففا، وشدد الباقون من غير همز، الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي بن أبي طالب (1/ 265)، والنشر (2/ 222).
(4) البقرة (116) وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ... قرأ ابن عامر بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام، وقرأ الباقون (وقالوا) بالواو. الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 260) والنشر (2/ 220).
(5) آل عمران (133) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قرأ نافع وابن عامر بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام وقرأ الباقون بالواو، الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 356) والنشر (2/ 242).
(6) المائدة (54) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ... قرأ نافع وابن عامر (يرتدد) بدالين، الثانية ساكنة وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام، وقرأ الباقون بدال واحدة مفتوحة مشددة وكذلك هي في مصاحف أهل الكوفة والبصرة ومكة الكشف عن وجوه القراءات (1/ 412) والنشر (2/ 255).
(7) التوبة (100) ... وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ ... قرأ ابن كثير بزيادة (من) وكذلك هي في مصحف أهل مكة وقرأ الباقون بغير (من) وكذلك هي في بقية المصاحف. الكشف (1/ 505) والنشر (2/ 280).
(2/573)
************
وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ «1» في آل عمران في المصحف الشامي، وفي غيره وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ إلى غير ذلك من المواضع «2» نحو شُرَكائِهِمْ* «3» وشُرَكاؤُهُمْ* «4» وفإن الله الغني «5» وفَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ* وكل وعد الله «6» وكُلًّا إلى غير ذلك مما تركت ذكره خشية الإطالة «7».
وقد ذكرت أن الأمة لا ترضى لأحد من خلق الله بترك كتاب الله وما ثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن أحدا لا يقدر على أن ينتزع من أيديها ما اشتهر بينها وتداولته النقلة، واستمرت على تلاوته الألسنة حتى يصير نسيا منسيا، لا يعرفه إلّا الشاذ منهم بعد أن كان يعرفه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، هذا من المحال في مجرى العادة.
والذي لا يشك فيه أن عثمان- رحمه الله- كتب جميع القرآن بجميع وجوهه، ولم يغادر منه شيئا، ولو ترك شيئا منه لم يوافق عليه، وقد جاء بعده علي- عليه السلام- ولم يزد على ما كتبه حرفا «8».
__________
(1) آل عمران (184) ... جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ قرأ ابن عامر (وبالزبر) بالباء بعد الواو، وقرأ هشام (وبالكتاب) كذلك وهو كذلك في مصاحف أهل الشام، وقرأهما الباقون بغير الباء. الكشف (1/ 370) والنشر (2/ 245).
(2) قال ابن الجزري:- بعد أن ذكر بعض الأمثلة على ما كان ثابتا في بعض المصاحف دون البعض الآخر- قال: «فلو لم يكن ذلك كذلك في شيء من المصاحف العثمانية لكانت القراءة بذلك شاذة لمخالفتها الرسم المجمع عليه» اه النشر (1/ 11).
(3) الأنعام (137) وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ ... قرأ ابن عامر (زين) بضم الزاي على ما لم يسم فاعلة، (قتل) بالرفع على أنه مفعول لم يسم فاعله، (أولادهم) بالنصب، اعمل فيه القتل، (شركائهم) بالخفض على إضافة القتل إليهم لأنهم الفاعلون، فأضاف الفعل إلى فاعله ... وقرأ الباقون بفتح الزاي على ما يسمى فاعله ونصبوا (قتل) ب (زين) وخفضوا (الأولاد) لإضافة (قتل) إليهم، أضافوه إلى المفعول، ورفعوا الشركاء. انظر: الكشف لمكي بن أبي طالب (1/ 453، 454) والنشر (2/ 263).
(4) سقطت الواو من ظق وكتبت الآية خطأ في الأصل.
(5) الحديد (24) قرأ المدنيان وابن عامر بغير (هو) وكذلك هو في مصاحف المدينة وأهل الشام، وقرأ الباقون بزيادة (هو) وكذلك هو في مصاحفهم. انظر: النشر في القراءات العشر (2/ 384).
(6) الحديد (10) وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى. قرأ ابن عامر بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب. الكشف (2/ 307) والنشر (2/ 384).
(7) راجع فضائل القرآن لأبي عبيد (ص 294) فما بعدها، وكتاب المصاحف لابن أبي داود باب اختلاف مصاحف الأمصار التي نسخت من الإمام (ص 49) وكتاب الانتصار لنقل القرآن للباقلاني (ص 389) فما بعدها، والمرشد الوجيز (ص 138) فقد أوردوا كثيرا من الأمثلة على ذلك.
(8) راجع الانتصار لنقل القرآن لأبي بكر الباقلاني (ص 359، 387) والمرشد الوجير (ص 143) والنشر
(2/574)
************
قال عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم «1»: وقد نبغ نابغ «2» في عصرنا هذا
__________
في القراءات العشر (1/ 31 - 33).
قال الشيخ الزرقاني: «- تحت عنوان دستور عثمان في كتابة المصاحف- ما ملخصه: ومما تواضع عليه هؤلاء الصحابة أنهم كانوا لا يكتبون في هذه المصاحف إلا ما تحققوا أنه قرآن وعلموا أنه قد استقر في العرضة الأخيرة، وما أيقنوا صحته عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مما لم ينسخ، وتركوا ما سوى ذلك، وكتبوا مصاحف متعددة، لأن عثمان قصد إرسال ما وقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين المتعددة أيضا، وكتبوها متفاوتة من إثبات وحذف وغير ذلك، لأنه- رضي الله عنه- قصد اشتمالها على الأحرف السبعة، وجعلوها خالية من النقط والشكل تحقيقا لهذا الاحتمال أما الكلمات التي لا تدل على أكثر من قراءة عند خلوها من النقط والشكل مع أنها واردة بقراءة أخرى أيضا، فإنهم كانوا يرسمونها في بعض المصاحف برسم يدل على قراءة، وفي بعض آخر برسم آخر يدل على القراءة الثانية ...
إلى أن قال: والذي دعا الصحابة إلى انتهاج هذه الخطة في رسم المصاحف وكتابتها أنهم تلقوا القرآن عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بجميع وجوه قراءاته وبكافة حروفه التي نزل عليها، فكانت هذه الطريقة أدنى إلى الإحاطة بالقرآن على وجوهه كلها حتى لا يقال: إنهم أسقطوا شيئا من قراءاته، أو منعوا أحدا من القراءة بأي حرف شاء، على حين أنها كلها منقولة نقلا متواترا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ... » اه مناهل العرفان (1/ 257 - 259).
(1) البزار أبو طاهر، من أهل بغداد، قرأ على أبي بكر بن مجاهد وغيره، وكان بارعا في الإلقاء والإقراء، توفي سنة 349 هـ وله سبعون سنة. تاريخ بغداد (11/ 7) والفهرست لابن النديم (ص 48) ومعرفة القراء الكبار (1/ 312) وغاية النهاية (1/ 475) وهدية العارفين (1/ 633).
(2) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم البغدادي المقرئ النحوي العطار، أحد القراء بمدينة السلام، كان عالما باللغة والشعر، توفي سنة 362 هـ. تاريخ بغداد (2/ 206) وفيه: مولده سنة 265 ووفاته سنة 354 هـ. والفهرست لابن النديم (ص 49) ومعرفة القراء (1/ 306) وغاية النهاية (2/ 123).
قال الخطيب البغدادي:- عند ترجمته لابن مقسم هذا- وقد ذكر حاله أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ- صاحب أبي بكر ابن مجاهد- في كتابه الذي سماه (البيان) فقال فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ، قال: أنبأنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم، قال:
وقد نبغ نابغ ... الخ ما ذكره السخاوي عن ابن أبي هاشم. ومما ذكره الخطيب البغدادي عن ابن مقسم قوله: كان من أحفظ الناس لنحو الكوفيين وأعرفهم بالقراءات، وله في التفسير ومعاني القرآن كتاب جليل سماه «كتاب الأنوار» وله أيضا في القراءات وعلوم القرآن تصانيف عدة، ومما طعن عليه أنه عمد إلى حروف من القرآن فخالف الإجماع فيها، فقرأها وأقرأها على وجوه ذكر انها تجوز في اللغة العربية، وشاع ذلك عنه عند أهل العلم، فأنكروا عليه، وارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء، فأذعن بالتوبة، وكتب محضر توبته وأثبت جماعة من حضر ذلك المجلس خطوطهم فيه بالشهادة عليه وقيل: إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرأ بها إلى حين وفاته» اه. تاريخ بغداد (2/ 207) وراجع غاية النهاية (2/ 124) ومعرفة القراء الكبار (2/ 308).
(2/575)
************
فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية بحرف من القرآن يوافق خط المصحف «1» فقراءته به «2» جائزة في الصلاة وفي غيرها، فابتدع بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل، وتورط في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله عزّ وجلّ من الباطل ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله- بسيئ رأيه «3» - طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخيّر القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل الاسلام قبوله، والأخذ به كابرا عن كابر، وخالفا عن سالف، وكان أبو بكر بن مجاهد «4» - رحمه الله- استتابه عن بدعته «5» وأحضره السلطان ليؤدبه، فاستوهب من السلطان تأديبه عند توبته وإظهاره الإقلاع عن بدعته، ثم عاد إلى ما كان عليه، واستغوى من أصاغر المسلمين وأهل الغفلة والغباوة جماعة ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إماما، ولن تعدو ضلالته مجلسه «6» لأن الله عزّ وجلّ قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لفظ الزائفين وشبهات الملحدين بقوله عزّ وجلّ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «7» وأبو طاهر عبد الواحد هذا إمام من أئمة القرآن، وهو صاحب ابن مجاهد، وفي هذه «8»
__________
قال ابن الجزري: وظن أبو شامة بعد نقله هذا عن أبي طاهر في كتابه المرشد الوجيز أنه ابن شنبوذ» اه غاية النهاية (2/ 124).
قلت: وما ذكرته عن الخطيب صريح بأنه ليس ابن شنبوذ وإنما هو ابن مقسم، ولكن يظهر من كلام أبي شامة وغيره أيضا أن ابن شنبوذ صارت له قضية شبيهة بقضية ابن مقسم، إلا أن ابن شنبوذ فاء إلى رشده ورجع إلى الحق وأعلن توبته ولم يذكر عنه أنه رجع إلى بدعته تلك، والله أعلم.
(1) قال ابن الجزري: «وهذا القسم مردود، وهو ما وافق العربية والرسم ولم ينقل البتة، فهذا رده أحق ومنعه أشد، ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر. وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي إلى أن قال: ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق، وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه، ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه» اه النسر (1/ 17).
(2) (به) ساقطة من د وظ.
(3) في د وظ: يسيء قراءته.
(4) أحمد بن موسى بن العباس المقرئ الأستاذ، مصنف كتاب (القراءات السبعة) كان واسع العلم، وفاق سائر نظائره من أهل صناعته (245 - 324 هـ). معرفة القراء (1/ 269) وغاية النهاية (1/ 139).
(5) انظر: تاريخ الأدب العربي (4/ 3).
(6) في ظق: مجالسه.
(7) الحجر (9).
(8) في ظ: وفي هذا.
(2/576)
************
الشواذ قطعة كبيرة من هذا الوجه الذي ذكره «1».
قال الأصمعي: سمعت نافعا يقرأ يَقُصُّ الْحَقَّ «2» فقلت له: إن أبا عمرو يقرأ يقض الحق وقال: القضاء مع الفصل، فقال نافع: وي! يا أهل «3» العراق، تقيسون في القرآن؟!.
قلت: معنى قول أبي عمرو: القضاء مع الفصل: أي إني اخترت هذه «4» القراءة (لهذا ولم يرد رد القراءة) «5» الأخرى، ومعنى قول نافع: يقيسون في القرآن: لم يرد به أن قراءتهم أخذوها بالقياس، وإنّما يريد أنهم اختاروا ذلك لذلك، والقراءتان ثابتتان عندهما، قال ابن أبي هاشم: قال يريد إياكم (أن) «6» تأخذوا القراءة على قياس العربية، إنا أخذنا «7» بالرواية «8».
وقال بعض أصحاب سليم «9»: قلت لسليم:- في حرف من القرآن- من أي وجه «10» كان كذا وكذا؟ فرفع كمه وضربني به وغضب، وقال: اتّق الله لا تأخذن في
__________
(1) راجع ما ذكره الخطيب حول شبهة ابن مقسم التي تذرع بها، وهي شبهة واهية. تاريخ بغداد (2/ 208).
(2) أي قوله تعالى: ... إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ الأنعام (57). قرأ نافع وابن كثير وعاصم بالصاد مضمومة غير معجمة من القصص، وقرأ الباقون بالضاد المعجمة المكسورة من القضاء، ودل على ذلك أن بعده (خير الفاصلين) والفصل لا يكون إلا عن قضاء» اه ملخصا من الكشف (1/ 434) وانظر: النشر في القراءات العشر (2/ 258) والإتحاف (ص 209).
(3) في ظق: يا هل.
(4) في د: أخبرت هذه، وفي ظ: أخبرت بهذه، وهما عبارتان مضطربتان.
(5) سقط هذا الكلام من الأصل: (لهذا ولم يرد رد القراءة) اه.
(6) سقطت (أن) من الأصل ظق.
(7) في بقية النسخ أنا أخذناها بالرواية.
(8) قال ابن الجزري نقلا عن أبي عمرو الداني: «وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها» اه.
النشر (1/ 10).
(9) هو سليم بن عيسى بن سليم أبو عيسى، ويقال: أبو محمد الحنفي مولاهم الكوفي المقرئ صاحب حمزة الزيات وأخص تلامذته، وأحذقهم في القراءة، ولد سنة 130 هـ وقيل 119 هـ وتوفي سنة 188 هـ.
معرفة القراء الكبار (1/ 138) وانظر الجرح والتعديل (4/ 215) والميزان (2/ 131).
(10) في د: حرفت الكلمة إلى (وجد).
(2/577)
************
شيء من هذا، إنّما نقرأ القرآن على الثقات من الرجال الذين قرءوا على الثقات.
وقال الكسائي «1»:- رحمه الله- لو قرأت على قياس العربية لقرأت كُبره «2» برفع الكاف «3» لأنه أراد عظمه، ولكني قرأت على الأثر.
وقال يحيى بن آدم: ثنا أبو بكر بن عياش «4» بحروف «5» عاصم في القراءة، وقال: سألته عنها حرفا حرفا، فحدّثني بها، ثم قال: أقرأنيها عاصم كما حدثتك بها حرفا حرفا، تعلمتها منه تعلما اختلف إليه نحوا من ثلاث سنين كل غداة في البرد والأمطار، حتى أستحي من أهل مسجد بني كاهل في الصيف والشتاء، وأعملت نفسي فيها سنة بعد سنة، فلمّا قرأت عليه، قال لي: احمد الله، فإنّك قد جئت وما تحسن شيئا، قال: تعلمت القراءة من عاصم كما يتعلّم الغلام في الكتّاب، ما أحسن غير
__________
(1) هو الإمام علي بن حمزة الكسائي أبو الحسن الأسدي مولاهم الكوفي المقرئ أحد القراء السبعة المشهورين، وأحد الأعلام في النحو والقرآن، ولد في حدود سنة 120 هـ وتوفي سنة 189 هـ على الصحيح.
معرفة القراء (1/ 120 - 128) وانظر غاية النهاية (1/ 535) وتاريخ بغداد (11/ 403) وطبقات المفسرين للداودي (1/ 404).
(2) أي قوله تعالى: وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ النور آية (11).
قال ابن الجزري: قرأ يعقوب بضم الكاف، وهي قراءة أبي رجاء وحميد بن قيس وسفيان الثوري ويزيد بن قطيب وعمرة بنت عبد الرحمن وقرأ الباقون بكسرها، وهما مصدران لكبر الشيء، أي عظم، لكن المستعمل في السن الضم، أي تولي أعظمه.
وقيل: «بالضم معظمه وبالكسر البداءة» اه النشر في القراءات العشر (2/ 331) وانظر إتحاف فضلاء البشر (ص 323). فقراءة ضم الكاف تعتبر قراءة عشرية نسبت إلى يعقوب الحضرمي أحد القراء الثلاثة المتممين للعشرة.
فقول الكسائي: ولكني قرأت على الأثر، لعله يقصد الأثر الذي بلغه في ذلك، وقد سبق أنه قد يبلغ هذا ما لا يبلغ ذاك، والله أعلم.
(3) قال القراء: وهو وجه جيد في النحو، لأن العرب تقول: فلان تولى عظم- بضم فسكون- كذا وكذا، يريدون أكثره اه. معاني القرآن (2/ 247).
(4) قال الذهبي: اختلف في اسمه على عشرة أقوال، أصحها قولان، أن اسمه كنيته، والثاني شعبة، فهو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الإمام، أحد الأعلام قرأ القرآن ثلاث مرات على عاصم
وكان سيدا إماما حجة كثير العلم والعمل، منقطع القرين، ولد سنة 95 هـ وتوفي سنة 193 هـ. كما ورخه يحيى بن آدم وأحمد بن حنبل. معرفة القراء الكبار (1/ 134 - 138).
(5) في د وظ: بحرف.
(2/578)
************
قراءته «1» وقال أبو بكر بن عياش: قال عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إلّا أبو (عبد الله) «2» السلمي، وكان (53/ أ) أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- «3».
فإن قيل: فهل في هذه الشواذ شيء تجوز القراءة به؟
قلت: لا تجوز القراءة بشيء منها:
أ- لخروجها عن إجماع المسلمين.
ب- وعن الوجه الذي ثبت به القرآن، وهو التواتر، وإن كان موافقا، للعربية وخط المصحف، لأنه جاء من طريق الآحاد، وإن كانت نقلته ثقات، فتلك الطريق لا يثبت بها القرآن.
ج- ومنها من نقله «4» من لا يعتد بنقله، ولا يوثق بخبره، (فهذه) «5» أيضا مردود، لا تجوز القراءة به ولا تقبل، وإن وافق العربية وخط المصحف «6» نحو
__________
(1) ذكر هذا بنحوه مختصرا الذهبي عند ترجمته لأبي بكر بن عياش (1/ 137،، 138) وفي موضع آخر قال:- عند ترجمته ليحيى بن آدم- قال جماعة: حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا يحيى بن آدم، قال: سألت أبا بكر عن حروف عاصم التي في هذه الكراسة أربعين سنة، فحدثني بها كلها، وقرأها عليّ حرفا حرفا» اه. المصدر نفسه (1/ 168).
(2) هكذا في الأصل: أبو عبد الله. وقد تكرر هذا الخطأ من قبل وفي بقية النسخ: أبو عبد الرحمن.
وهو الصواب.
(3) ذكر هذا الخبر الذهبي، وقال عقبة: وكنت أرجع من عنده فأعرض على زر، وكان قد قرأ على عبد الله رضي الله عنه، فقلت لعاصم: لقد استقوثقت. رواها يحيى بن آدم عنه اه.
معرفة القراء (1/ 91).
(4) في بقية النسخ: ما نقله.
(5) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ: فهذا. وهو الصواب.
(6) وفي هذا يقول مكي بن أبي طالب: ما ملخصه: فإن سأل سائل فقال: فما الذي يقبل من القرآن الآن فيقرأ به، وما الذي لا يقبل ولا يقرأ به وما الذي يقبل ولا يقرأ به؟ فالجواب أن جميع ما روى في القرآن على ثلاثة أقسام:
أ- قسم يقرأ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه الشروط الثلاثة؛ نقله عن الثقات، وأن يكون له وجه في العربية التي نزل بها سائغا وأن يكون موافقا لخط المصحف ...
ب- والقسم الثاني: ما صح نقله عن الآحاد وصح وجهه في العربية وخالف لفظه خط المصحف، فهذا يقبل ولا يقرأ به، لأنه لم يؤخذ بإجماع، فلا تجوز القراءة به ولا يكفر من جحده.
ج- والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية، فهذا لا يقبل ...
قال: ولكل صنف من هذه الأقسام تمثيل تركنا ذكره اختصارا اه. الإبانة (ص 51، 52). وقد
(2/579)
************
ملك «1» يوم الدين بالنصب «2» «3».
ولقد نبع في هذا الزمان قوم يطالعون كتب الشواذ، ويقرءون بما فيها، وربما صحفوا ذلك، فيزداد الأمر ظلمة وعمى «4».
فإن قيل: فقراءة الكسائي هل تستطيع ربّك «5» راجعة إلى ما روى عبادة بن نسيّ «6» عن عبد الرحمن بن غنم «7» قال: سألت معاذ بن جبل عن قول الحواريين هَلْ
__________
نقل هذا عن مكي: ابن الجزري ومثل لكل قسم فانظر ذلك في النشر في القراءات العشر (1/ 14).
(1) في بقية النسخ: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
(2) نقل هذا التساؤل والجواب عنه الشيخ أبو شامة عن شيخه السخاوي وعزاه إلى «جمال القراء».
انظر: المرشد الوجيز (ص 181، 182) قال مكي بن أبي طالب: «وقرأ علي بن أبي طالب ملك يوم الدين بنصب اللام والكاف ونصب يوم، جعله فعلا ماضيا» اه الإبانة (ص 121). وهي إحدى القراءات الكثيرة الشاذة التي أوردها مكي وغيره في هذا اللفظ (مالك) سوى القراءتين المشهورتين المتواترتين (مالك) بالألف لعاصم والكسائي و (ملك) بدون ألف للباقين من السبعة.
انظر تلك القراءات الشاذة التي وردت في لفظ (مالك) في مختصر من شواذ القرآن لابن خالويه (ص 1) وأحكام القرآن للقرطبي (1/ 139) والبحر المحيط (1/ 20).
(3) في المطبوع حصل هنا خلط بالتقديم والتأخير ما يقرب من عشرين سطرا، مما أفسد المعنى، فبعد كلمة (بالنصب) جاءت عبارة: و (فتبينوا) و (فتثبتوا) وجملة ذلك سبعة أوجه ... وبعد ذكر الوجه الخامس، عاد إلى الكلام: ولقد نبع في هذا الزمان ... وذكره إلى آخره، ثم عاد إلى ذكر الوجهين السادس والسابع!! ولعل هذا وقع أثناء الطبع.
(4) انظر: المرشد الوجيز لأبي شامة (ص 182). وقد تقدم في أول هذا الفصل نبذة من كلام الأئمة في المنع من القراءات بالشاذ.
(5) المائدة (112) إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ ... وقد قرأها الكسائي بالتاء ونصب (ربك) وقرأ الباقون بالياء ورفع (ربك) وحجة من قرأ بالتاء أنه أجراه على مخاطبة الحواريين لعيسى، وفيه معنى التعظيم للرب جل ذكره على أن يستفهم عيسى عن استطاعته، إذ هو تعالى مستطيع لذلك، فإنما معناه هل تستطيع سؤال ربك في إنزال مائدة علينا، أي هل تفعل لنا ذلك؟
وحجة من قرأ بالياء أنه على معنى: هل يفعل ربك ذلك؟ لأنهم لم يشكوا في استطاعة الباري على ذلك، لأنهم كانوا مؤمنين، فإنما هو كقولك للرجل: «هل يستطيع فلان أن يأتي؟ وقد علمت أنه مستطيع» اه الكشف (1/ 422) وراجع تفسير القرطبي (6/ 364) والمهذب (1/ 199).
(6) بضم النون وفتح المهملة الخفيفة الكندي، أبو عمر الشامي، ثقة فاضل، مات سنة 118 هـ.
التقريب (1/ 395) وتاريخ الثقات (ص 247) ومشاهير علماء الأمصار (ص 180).
(7) بفتح المعجمة وسكون النون- الأشعري مختلف في صحبته، وذكره العجلي في كبار التابعين، مات سنة 98 هـ. التقريب (1/ 494) وتاريخ الثقات (ص 297).
(2/580)
************
تستطيع ربك أو يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ؟ فقال: «أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هل تستطيع ربّك مرارا بالتاء والنصب» «1».
وهذا حديث يرويه محمد بن سعيد الشامي «2» وهو مشهود على كذبه، ورداءة مذهبه، قلنا: ليس هذا الحديث هو أصل القراءة، ولا هي راجعة إليه، والقراءة ثابتة مقطوع بصحتها، وإذا علم ذلك من غير هذا الحديث، فلا يقدح ذلك فيه.
ومن الشاذ ما هو لحن فلا يقبل لخروجه عن الشهرة والعربية، وكيف لا يخرج عن الشهرة وهو لحن؟
وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبيّ:- وهو يقرئ رجلا- (قوم لسانه، ثم علمه، فإنك مأجور، الذي أنزله لم يلحن فيه، ولا الذي نزل به، ولا الذي نزل به، ولا الذي نزل عليه، وأنه قرآن «3» عربي) «4».
فإن قيل: فأين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن القرآن أنزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟.
قلت: هي متفرقة في القرآن نحو يُسَيِّرُكُمْ «5» وينشركم و (نحو) «6» ويقض
__________
(1) رواه الحاكم في المستدرك كتاب التفسير، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (2/ 238) ورواه الترمذي وضعفه، وليس فيه محمد بن سعيد الشامي. أبواب القراءات (8/ 250).
ونسبه السيوطي إلى الحاكم والطبراني وابن مردويه عن عبد الرحمن ابن غنم، قال: سألت معاذ بن جبل ... وذكره. انظر الدر المنثور (3/ 231).
(2) الأسدي المصلوب، كذبوه، وقتله المنصور على الزندقة وصلبه. التقريب (2/ 164).
قال الذهبي: روى عن الزهري وعبادة بن نسي، وقد غيروا اسمه على وجوه سترا له، وتدليسا لضعفه، ثم ذكر تلك الأسماء. انظر ميزان الاعتدال (3/ 561).
(3) في د وظ: لقرآن عربي.
(4) لم أعثر عليه.
(5) يونس (22) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ .... قرأ ابن عامر بالنون الساكنة بعد الياء وبالشين قبل الراء (ينشركم) من النشور، وقرأ الباقون بالياء والسين من التسيير والمشي انظر الكشف (1/ 516) والنشر (2/ 282).
(6) هنا كلمة ساقطة من الأصل وهي (ونحو).
(2/581)
************
ويَقُصُّ «1» وتَحْتَهَا ومن تحتها «2» ونحو لَنُبَوِّئَنَّهُمْ* ولنثوينهم «3» وفَتَبَيَّنُوا* وفتثبتوا «4» وجملة ذلك سبعة أوجه:
(الأول) «5»: كلمتان تقرأ «6» بكل واحدة في موضع أخرى نحو ما ذكرته.
والثاني: أن تزاد كلمة في أحد الوجهين وتترك في الوجه الآخر. نحو تَحْتَهَا ومن تحتها ونحو فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ «7» وفإن الله الغني الحميد.
والثالث: زيادة حرف ونقصانه نحو بما كَسَبَتْ «8» وفيما كسبت.
والرابع: مجيء حرف في موضع حرف نحو نقول «9» ويَقُولُ
__________
(1) تقدمت قريبا في هذا الفصل.
(2) تقدمت أيضا قريبا. وانظر النشر في القراءات العشر (1/ 280).
(3) العنكبوت (58) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً قرأ حمزة والكسائي (لنثوينهم) بالثاء المثلثة الساكنة بعد النون وإبدال الهمزة (ياء) من الثواء وهو الإقامة في الجنة. وقرأ الباقون بالباء الموحدة والهمزة من التبوء، وهو المنزل. انظر: الكشف (2/ 181) والنشر (2/ 344).
(4) النساء (94) والحجرات (6) ونص آية النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا ... قرأ حمزة والكسائي (فتثبتوا) في الموضعين من التثبت. وقرأ الباقون بالياء
من التبيين.
الكشف (1/ 394)، والنشر (2/ 251).
(5) هنا كلمة ساقطة من الأصل وهي: (الأول).
(6) في د وظ: يقرأ.
(7) الحديد (24) قرأ نافع وابن عامر بغير (هو) وكذلك ثبت إسقاطها في مصاحف المدينة والشام، وقرأ الباقون بزيادة (هو) وكذلك هو في مصاحف أهل الكوفة والبصرة ومكة. انظر: الكشف (2/ 312) والنشر (2/ 384).
(8) الشورى (30) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ... قرأ نافع وابن عامر بغير فاء وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام وتكون (ما) في قوله (وما أصابكم) بمعنى (الذي) في موضع رفع بالابتداء، فيكون قوله (بما كسبت) خبر الابتداء، فلا يحتاج إلى (فاء).
وقرأ الباقون (فبما) بالفاء، وكذلك هي في جميع المصاحف، إلا مصاحف أهل الشام والمدينة، وتكون (ما) في قوله (وما أصابكم) للشرط، والفاء جواب الشرط.
انظر: الكشف لمكي بن أبي طالب (2/ 251) والنشر في القراءات العشر (2/ 367).
(9) العنكبوت (55) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا .... قرأ نافع والكوفيون بالياء على الأخبار عن الله تعالى أو عن الموكّل بعذابهم لهم، وقرأ الباقون بالنون على الإخبار من الله عن نفسه، لأن كل شيء لا يكون إلا بأمره. الكشف (2/ 180) وانظر النشر (2/ 343).
(2/582)
************
وتتلوا «1» وتَبْلُوا «2».
الخامس: تغيير «3» حركات، اما بحركات أخر أو بسكون، نحو فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ «4» ونحو وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ «5».
والسادس: التشديد والتخفيف نحو تُساقِطْ عَلَيْكِ «6» وتسّاقط عليك وبَلَدٍ مَيِّتٍ «7» وميْت ونحو ذلك.
السابع: التقديم والتأخير «8» كقوله عز وجل: وَقاتَلُوا
__________
(1) يونس (30) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ .... قرأ حمزة والكسائي (تتلو) بتاءين، من التلاوة، وقرأ الباقون (تبلو) بالباء من الابتلاء وهو الاختبار، أي هناك تختبر كل نفس ما أسلفت لها من عمل. الكشف (1/ 517)، وانظر النشر (2/ 383).
(2) في ظ: (ونتلوا).
(3) في ظ: تغير.
(4) البقرة (37) قرأ ابن كثير بنصب (آدم) ورفع (كلمات) أي أن الكلمات استنقذت آدم بتوفيق الله له لقوله إياها وللدعاء بها، فتاب الله عليه، وقرأ الباقون برفع (آدم) ونصب (الكلمات) والتاء مكسورة في حال النصب، أي أن آدم هو الذي تلقى الكلمات، لأنه هو الذي قبلها ودعا بها وعمل بها فتاب الله عليه .... الكشف لمكي ابن أبي طالب (1/ 237) وانظر: النشر (2/ 211).
(5) المائدة: 47 وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ... قرأ حمزة بكسر اللام على أنه جعلها لام كي فنصب الفعل بها، وقرأ الباقون باسكانهما على أنهم جعلوها لام الأمر. الكشف (1/ 410، 411) وانظر النشر (2/ 354).
(6) مريم (25) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. قرأ حفص بضم التاء وكسر القاف مخففة، وفتحهما الباقون، وكلهم شدد السين إلا حمزة وحفصا.
فمن قرأ بضم التاء جعله مستقبل (ساقطت) فعداه إلى الرطب فنصبه به، والفاعل النخلة، تضمر في (تساقط) أي تساقط النخلة رطبا جنيا عليك، ومن فتح التاء وخفف السين: أراد (تتساقط)، فحذف إحدى التاءين، ويكون الفعل مسندا إلى النخلة أيضا ويكون نصب (رطب) على الحال، وحجة من شدد أنه أدغم التاء الثانية في السين اه ملخصا من الكشف لمكي بن أبي طالب (2/ 87، 88).
(7) أي قوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ ... الآية (9) من سورة فاطر. وما شاكله. قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي بتشديد الياء، والباقون بالتخفيف انظر: غيث النفع (ص 329) والكشف (1/ 339) والنشر (2/ 224، 225).
(8) نقل هذا الرأي في معنى الأحرف السبعة عن السخاوي: تلميذه أبو شامة المقدسي في كتابه «المرشد الوجيز» قائلا: وأخبرنا شيخنا أبو الحسن رحمه الله في كتابه «جمال القراء» قال: فإن قيل: فأين السبعة التي أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن القرآن أنزل عليها .. وذكرها. المرشد الوجيز (ص 123).
وقد تقدم أن عقد السخاوي عنوانا (ذكر السبعة الأحرف) وذكر هناك حديث عمر بن الخطاب مع
(2/583)
************
وَقُتِلُوا «1» وقتلوا وقاتلوا.
وقوله عز وجل ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ «2» يقرأ «3» على سبعة أوجه، وكذلك قوله عز وجل- فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ (53/ ب) أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ «4».
وقوله عز وجل فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا «5» وكذلك «6» نظائره «7».
__________
هشام بن حكيم رضي الله عنهما، ولم يذكر غير ذلك. وقد ذكرت هناك بعض ما قاله العلماء حول الأحرف السبعة بقدر ما يقتضيه المقام، وقد تعرض لهذا الموضوع كثير من مؤلفي كتب التفسير والقراءات وعلوم القرآن.
(1) آل عمران (195) ... فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا ... الآية. قرأ الكسائي وحمزة بتقديم المفعول على الفاعل، على أن الواو لا تعطي ترتيبا، فسواء التقديم والتأخير، أو يحمل على التوزيع أي منهم من قتل ومنهم من قاتل، وقرأ الباقون ببناء الأول للفاعل والثاني للمفعول، لأن القتال قبل القتل. انظر: الكشف (1/ 373) والنشر (2/ 246) وإتحاف فضلاء البشر (ص 184).
(2) المائدة (75) ... انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ.
(3) في د وظ: تقرأ.
(4) الأنعام (35).
(5) الأنعام (43).
(6) في د وظ: ولذلك نظائر، وكذلك في المرشد الوجيز.
(7) قال أبو شامة: عقب ذكره لكلام شيخه هذا- قلت: يعني في مجموع هذه الكلم من هذه الآيات سبعة أوجه لا في كل كلمة منها، وقد يأتي في غيرها أكثر من سبعة أوجه بوجوه كثيرة، إذا نظر إلى مجموع الكلم دون آحادها ... اه المرشد الوجيز (ص 126).
(2/584)
************
الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ «1»
الناسخ هو: الخاطب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه
__________
(1) لا شك أن موضوع النسخ في القرآن الكريم يعتبر من أهم العلوم المتعلقة به، ولقد اهتم به السلف والخلف وأولوه عناية فائقة وكل أدلى بدلوه في هذا الميدان الفسيح المترامي الأطراف المتشعب المسالك، والذي لا زال مثار بحث وتدبر من كثير من العلماء على مر الأزمان، وقد كثر المصنفون فيه فمن مسرف ومفرط فيه، ومن مقتصد بين ذلك، ومن منكر له بالكلية، وكان من الذين أدلوا بدلوهم في هذا الميدان علم الدين بالسخاوي، حيث ضمن كتابه الذي بين أيدينا هذا العنوان البارز (الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ) وهو في الحقيقة اسم على مسمى فهو كالجبل العظيم الراسي كمّا وكيفا.
فقد شبه السخاوي هذا الموضوع بالجبل العظيم في ارتفاع قمته وضخامة منبته، لتشعب أطرافه من ناحية وخطورته من ناحية أخرى، لأن معرفة الناسخ والمنسوخ ليس بالأمر السهل، بل يجب على من يلج في خضم هذا الموضوع الخطير أن يكون لديه دراية بالقرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال الصحابة الذين عاصروا التنزيل وعرفوا التفسير والتأويل. فليس للعقل فيه مجال حتى يمكنه أن يجد ويجتهد ويستنبط بتفكيره ومهارته، وإنما هو أمر توقيفي ممن لا ينطق عن الهوى صلّى الله عليه وسلّم أو ممن شاهدوا الوحي وعرفوا الناسخ من المنسوخ، وليس عليه إلا أن يعمل فكره في معرفة صحيح ذلك من سقيمه، وأن يغوص في بطون كتب التفسير وعلوم القرآن ليقف على ما توصل إليه العلماء الجهابذة في هذا الشأن رحمة الله عليهم جميعا، وهذا ما فعله الإمام السخاوي في كلامه على الناسخ والمنسوخ، وسأترك هذا الفصل الضخم يتحدث عن نفسه وينبئ عما يحمله في طياته ولكن قبل أن أبدأ في تحقيقه أذكر بعض النقاط حول أهمية هذا الموضوع الخطير، ملخصا ذلك من كتاب مناهل العرفان:-- أن هذا الموضوع كثير التعاريج متشعب المسالك طويل الذيل.
- أنه كان ولا يزال مثار جدال وخلاف شديد بين العلماء.
- أن أعداء الإسلام كالملاحدة والمستشرقين والمبشرين قد اتخذوا من النسخ أسلحة مسمومة طعنوا بها
(2/585)
************
لولاه لكان ثابتا مع تراخيه عنه «1».
والمنسوخ هو: الحكم الزائل- بعد ثباته بخطاب متقدم- بخطاب واقع بعده متراخ عنه دال على ارتفاعه، على وجه لولاه لكان ثابتا «2».
وأما النسخ: فإنه زوال شرع بشرع متأخر عنه «3».
والنسخ في العربية.
أ) النقل، تقول: نسخت الكتاب، إذا نقلته.
ب) والإزالة، يقولون: نسخت الشمس الظل، أي أزالته وحلت محله وتقول أيضا، نسخت الريح الأثر، فهذه إزالته لا إلى بدل «4». ونسخ القرآن بمعنى الإزالة.
__________
في صدر الإسلام الحنيف وزينوا للناس للنيل من قدسية القرآن الكريم فوقع في شراكهم بعض المغفلين، فأنكروا وقوع النسخ ظنا منهم أنهم ينزهون الله تعالى عن التغيير والتبديل.
- أن إثبات النسخ يكشف النقاب عن سر التشريع الإسلامي، ويطلع الإنسان على حكمة الله تعالى في تربية الخلق وسياسته للبشر وابتلائه للناس بتجديد الأحكام، وهذا يدل على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد.
- أن معرفة الناسخ والمنسوخ يهدي الإنسان إلى صحيح الأحكام وينجو عن نسخ ما ليس بمنسوخ حين لا يجد التعارض بين الآيتين .. » اه. مناهل العرفان: (2/ 173 - 174).
(1) انظر: تفسير ابن عطية (1/ 377). وراجع تفسير القرطبي (2/ 64) فقد تولى شرح هذا التعريف، حتى يكون سالما من الاعتراضات. وهناك تعريفات أخرى للنسخ ذكرت في كثير من كتب التفسير
وعلوم القرآن وأصول الفقه.
راجع الإيضاح لمكي ص 85 والناسخ والمنسوخ للبغدادي ص 42، والأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (4/ 59)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص 90، وشرح النووي على صحيح مسلم (1/ 35) وبصائر ذوي التمييز (1/ 120)، وتفسير النسفي (1/ 67)، وعلم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (ص 262).
(2) وهذا التعريف مبني على تعريف الناسخ الذي ذكره المصنف، وهو أجمع التعاريف- حسب فهمي- وأصحها.
وقد عرفه الزركشي بقوله: اختلف العلماء، فقيل: المنسوخ ما رفع تلاوة تنزيله، كما رفع العمل به» اه البرهان في علوم القرآن (2/ 30).
(3) وعرفه ابن جزي الكلبي بقوله: ومعنى النسخ في الشريعة: رفع الحكم الشرعي بعد ما نزل» اه كتاب التسهيل لعلوم التنزيل 1/ 10 الباب السابع من المقدمة الأولى. وعرفه ابن الجوزي فقال:
رفع الحكم الذي ثبت تكليفه للعباد، إما بإسقاطه إلى غير بدل أو إلى بدل» اه. نواسخ القرآن ص 90.
(4) انظر: الإيضاح ص: 47، فما بعدها وتفسير ان عطية (1/ 377) ونواسخ القرآن ص 90،
(2/586)
************
وقولنا: ناسخ ومنسوخ أمر يختص بالتلاوة.
وأما المتلو فلا يجوز ذلك فيه «1»، وكذلك المجاز أمر يختص بالتلاوة «2». وكلام الله عزّ وجلّ «3»: قديم «4» لم يزل موجودا، وكان قبل إيجاد الخلق غير مكتوب ولا مقروء، ثم بالإنزال كان مقروءا ومكتوبا ومسموعا ولم ينتقل بذلك من حال إلى حال كما أن الباري عز وجل قبل خلق العباد لم يكن معبودا، وإنما عبد بعد إيجاد العباد ولم يوجب له ذلك تفسيرا سبحانه. وحكمة النسخ: اللطف بالعباد وحملهم على ما فيه إصلاح لهم «5».
ولم يزل الباري عز وجل عالما بالأول والثاني، وبمدة الأول وابتداء مدة الثاني قبل إيجاد خلقه وتكليفهم ذلك ونقلهم عنه إلى غيره، وما زال عز وجل مريدا للأول إلى زمن نسخه مريدا (لازالته «6» وحكمه) إلى بدل أو إلى غير بدل «7»، وكلامه صفة له،
__________
وتفسير القرطبي (2/ 62)، والبرهان للزركشي (2/ 29)، والإتقان للسيوطي (3/ 59) وقلائد المرجان ص 22 واللسان (3/ 61) (نسخ) والمصباح المنير ص: 603.
(1) أي أن الناسخ قد يرفع حكم المنسوخ وتبقى ألفاظه.
(2) لأن المجاز يتعلق بالألفاظ، والألفاظ أوعية للمعاني.
(3) سبق في آخر فصل (الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز) من هذا الكتاب أن تعرض المصنف لقضية كلام الله تعالى وأنه كلام رب العالمين غير مخلوق قال: وعلى ذلك أئمة المسلمين، وفند آراء المعتزلة القائلين بخلق القرآن، وقد سقت بعضا من كلام العلماء في ذلك تأييدا لما ذكره السخاوي فانظره هناك.
(4) ذكر شارح الطحاوية أن الناس افترقوا في مسألة الكلام إلى تسعة أقوال، ثم ذكرها ناسبا كل قول إلى قائله. وأنا أنقل هنا القول التاسع منها، وهو الموافق لما ذكره السخاوي تبعا لأهل الحديث وغيرهم من أئمة السلف.
قال: والتاسع أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء، وهو يتكلم به بصوت يسمع، وأن نوع الكلام قديم، وأن لم يكن الصوت المعين قديما، وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة اه شرح العقيدة الطحاوية ص: 180.
(5) انظر: الإيضاح ص: 56. وراجع بصائر ذوي التمييز فقد ذكر الفيروزآبادي ست حكم من حكم النسخ (1/ 121).
قال الزرقاني: إن معرفة الحكمة تريح النفس وتزيل اللبس وتعصم من الوسوسة والدس، خصوصا في مثل هذا الموضوع الخطير (النسخ) الذي كثر منكروه وتصيدوا لإنكاره الشبهات من هنا وهناك ثم ذكر كثيرا من الحكم المتعلقة بالنسخ، وهي كلها تؤول إلى ما فيه صلاح البشرية واستقامة أمرها في معاشها ومعادها. انظر مناهل العرفان (2/ 194) فما بعدها.
(6) هكذا في الأصل: لإزالته وحكمه. وفي بقية النسخ: لإزالة حكمه. وهو الصواب.
(7) يشير السخاوي في هذا إلى الفرق بين النسخ والبداء- بفتح الباء والدال- وهو ظهور الشيء بعد
(2/587)
************
لا تغيير فيه ولا تبديل «1».
وحقيقة التخصيص والاستثناء تخالف حقيقة النسخ «2»، لأن التخصيص: أن يجيء اللفظ عاما والمراد بعض متناولاته، فإذا أتى ما دل على أن المراد غير ظاهر اللفظ ظهر التخصيص.
وقالوا في حده: إخراج بعض ما تناوله الخطاب «3».
ولأن الاستثناء: صيغة دالة على أن المستثني غير داخل في الخطاب، فالتخصيص قريب من معنى الاستثناء، إلا أن الاستثناء لا يكون إلا بحرف دال على إخراج المستثنى، لهذا قالوا في حده: صيغة دالة.
ودلالة التخصيص: أما بنص آخر أو إجماع أو قرينة «4».
__________
خفائه، كقوله تعالى: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ الزمر: 48، أو نشأة رأى جديد لم يكن من قبل كقوله سبحانه ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ
يوسف: 35 أي نشأ لهم في يوسف رأي جديد.
فالسخاوي- رحمه الله- يقصد بهذا الرد على القائلين بالبداء، أي أن الله تعالى كان يأمر بالأمر، ثم يبدو له خلاف ذلك، فينسخه ويأتي بغيره، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
راجع ما ذكره النحاس في الفرق بين النسخ والبداء في الناسخ والمنسوخ له ص: 8، والأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (4/ 68) ومناهل العرفان للزرقاني (2/ 181).
(1) وبنحو هذا الذي ذكره السخاوي ذكر غيره من العلماء. فقد قال مكي: «أعلم أن الله جل ذكره هو الآمر فوق كل أمر، قد علم ما سيكون قبل أن يكون وكيف يكون ... فهو تعالى قد علم ما يأمر به خلقه ويتعبدهم به، وما ينهاهم عنه قبل كل شيء، وعلم ما يقرهم عليه من أوامره ونواهيه وما ينقلهم عنه إلى ما أراد من عبادته، وعلم وقت ما يأمرهم وينهاهم، ووقت ينقلهم عن ذلك قبل أمره لهم ونهيه بلا أمد ... » اه. انظر بقية كلامه في الإيضاح ص 55 - 56.
(2) قال مكي: «أعلم أن النسخ والتخصيص والاستثناء يجتمعن في معنى أنها كلّها لإزالة حكم متقدم قبلها، ويفترقن في معان أخر.
فالنسخ: إزالة حكم المنسوخ كله بغير حرف متوسط ببدل حكم آخر أو بغير بدل في وقت معين، فهو بيان الأزمان التي انتهى إليها العمل بالفرض الأول، ومنها ابتدأ الفرض الثاني الناسخ للأول.
والتخصيص: إزالة بعض الحكم بغير حرف متوسط، فهو بيان الأعيان الذين عمهم اللفظ، أي أن بعضهم غير داخل تحت ذلك اللفظ. والاستثناء: مثل التخصيص إلا أنه لا يكون إلا بحرف متوسط. ولا يكون إلا متصلا بالمستثنى منه ... » اه الإيضاح ص: 85. وراجع الأحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري: (4/ 66).
(3) أو قصر العام على بعض أفراده. مناهل العرفان (2/ 184). وقد ذكر الزرقاني سبعة فروق بين النسخ والتخصيص فلتنظر.
(4) انظر: الإيضاح ص 85 - 86.
(2/588)
************
1 - فالتخصيص نحو قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ «1» بعد قوله عز وجل: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ «2» ولو كان هذا نسخا لكانت آية البقرة المراد بها: الكتابيات. وقد روى عن ابن عباس- رضي الله عنه أنه قال: (آية المائدة ناسخة لآية البقرة) «3».
وقال قائلون: لا يصح هذا، إلا على أن تكون آية البقرة في المشركات من أهل الكتاب «4».
وأقول: أن هذا «5» الذي قالوه غير مستقيم، فإن قولنا: نسخ وتخصيص واستثناء: اصطلاح وقع بعد ابن عباس، وكان ابن عباس يسمى ذلك نسخا «6».
__________
(1) المائدة: آية 5. الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ .. إلى قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ...
(2) البقرة: آية: 221.
(3) ذكره السيوطي وعزاه إلى أبي داود في ناسخه عن ابن عباس. الدر المنثور (1/ 614). وقد ذكر الطبري رواية عن ابن عباس تدل على أن الله تعالى استثنى من عموم المشركات نساء أهل الكتاب، وذكر أقوال أهل التأويل في المعنى المراد من آية البقرة.
ثم قال: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عني بقوله وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ: من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات، وأن الآية عام ظاهرها، خاص باطنها، لم ينسخ منها شيء، وأن نساء أهل الكتاب داخلات فيها. ثم أخذ يدلل على ذلك إلى أن قال: فقول القائل: هذه ناسخة، هذه دعوى لا برهان له عليها، والمدعي دعوى لا برهان له عليها متحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحد» اه جامع البيان (2/ 377، 378).
وراجع الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخة لمكي ص 88، وأضواء البيان للشنقيطي (1/ 204).
(4) قال مكي:- عقب ذكره لرواية ابن عباس (ان آية المائدة ناسخة لآية البقرة) -.
قال: وهذا إنما يجوز على أن تكون آية البقرة يراد بها الكتابيات خاصة، حرّمن إلى وقت، ثم نسخت بآية المائدة في وقت آخر ... فبيّن الأزمان بالنسخ، وذهب الحكم الأول بكليته. والاستثناء والتخصيص يزيلان بعض الحكم الأول، والنسخ يزيل الحكم كله فاعرفه، ويكون تحريم نكاح المشركات من غير أهل الكتاب بالسنة فكون آية المائدة مخصصة لآية البقرة أولى من كونها ناسخة لها، ليكون تحريم نكاح المشركات من غير أهل الكتاب بنص القرآن اه الإيضاح ص 88 - 89.
وهذا هو الحق، وهو ما قرره الطبري ومكي وغيرهما، من أن هذا من باب التخصيص وليس من النسخ في شيء، والله أعلم.
(5) (هذا): ساقط من د وظ.
(6) ومما يدل على هذا أن في هذه الآية نفسها أي وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ ذكر الطبري عن ابن عباس
(2/589)
************
ولو وقع الاصطلاح على تسمية جميع ذلك نسخا- ويكون النسخ على ثلاثة أضرب «1» - لم يمتنع لاجتماع المعاني الثلاثة في الإزالة للحكم المتقدم.
والناسخ/ يكون مدنيا لا غير «2». (54/ أ) فأما أن ينسخ مكيا، أو ينسخ «3» مدنيا نزل قبله «4».
وقد تقدم ذكر المدني والمكي «5»، ونزيد هنا فنقول:
__________
والربيع أنه استثنى من ذلك نساء أهل الكتاب.
وذكر ابن القيم بسندين وألفاظ متقاربة عن محمد بن سيرين عن حذيفة أنه قال: (إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل يعلم ناسخ القرآن ومنسوخه ... ).
قال ابن القيم: «ومراده ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة- وهو اصطلاح المتأخرين- ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة، أما بتخصيص أو تقييد أو حمل
مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى انهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد.
فالنسخ عندهم، وفي لسانهم: هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر» اه. إعلام الموقعين (1/ 35).
(1) أي ويكون برفع الحكم وإزالته، أو باستثناء بعض أفراده، أو بتخصيص عمومه، فإن هذه المعاني الثلاثة تشترك في معنى الإزالة والله أعلم.
(2) أما القول بنسخ المكي للمكي فهو أمر لم يتفق عليه بين العلماء، وهو قليل، وقد مثل له مكي بن أبي طالب بقوله تعالى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا الآية 7 من سورة غافر؛ قال: قال ابن وهب: «هذا ناسخ لقوله في (عسق) وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ الآية 5 من سورة الشورى.
قال: وهو من نسخ المكي للمكي، وهو قليل غير متفق عليه» اه الإيضاح ص 399. وهذا قول مرجوح لأن كليهما خبر. وقد نقل السيوطي هذا عن مكي، ثم قال: وأحسن من هذا نسخ قيام الليل في أول سورة المزمل بآخرها، أو بإيجاب الصلوات الخمس، وذلك بمكة اتفاقا» اه الإتقان (3/ 71).
(3) في د وظ: وأما ينسخ.
(4) قال مكي: وهذان الأصلان عليهما كل الناسخ والمنسوخ، ولا يجوز أن ينسخ المكيّ المدنيّ.
قال: ويجوز أن ينسخ المكيّ المكيّ الذي نزل قبله، كما جاز أن ينسخ المدنيّ المدنيّ الذي نزل قبله .. » اه الإيضاح ص 113.
(5) وذلك في أول هذا الكتاب تحت عنوان (نثر الدرر في ذكر الآيات والسور).
(2/590)
************
أرشيف ملتقى أهل التفسير (ص: 0)
هل كل ما في القراءات السبعة متواتر؟
ـ[محمد الأمين]•---------------------------------•[08 Nov 2003, 08:59 م]ـ
قرأت رأياً لأحد المعاصرين (وليس بثقة) يزعم به أن القرآن كله متواتر بالجملة، لكن ليس كل حرف منه متواتر لا في قراءة عاصم ولا في غيرها!! وقال أن الدليل على ذلك أن إسناد المقرئين تجده مسلسلاً بالآحاد وليس عن جماعة. فهل من رد على هذا الزعم؟
ـ[راجي رحمة ربه]•---------------------------------•[09 Nov 2003, 07:48 ص]ـ
بعد بحث طويل في هذه المسألة الحساسة، خلصت لما يلي.
هناك جزء كبير جدا من القراءات العشر متواتر،
وأفضل كتاب تجد فيه بحث هذه القضية هو كتاب منجد المقرئين لخاتمة المحققين ابن الجزري في كتابه منجد المقرئين.
وأثبت فيه أن الشاطبية متواترة بل وغيرها كثير من الكتب المشهورة وأنكر على من لا يعتقد تواتر غيرها.
وساق الأدلة المقنعة جدا على هذا الرأي.
فالقراءت العشر تروى طبقة عن طبقة من مئات القراء بل الآلاف جيلا بعد جيل
أما الأسانيد فهي تذكر للاستئناس، فلا يعقل أبدا أن يذكروا أسماء أهل الناحية كلها من القراء في كل إجازة وإقراء.
فمن باب المحافظة على الإسناد فحسب دونت هذه السلاسل المباركة.
ولإثبات كثرة الأسانيد افتح كتاب الغاية في طبقات القراء وأكتب على لوحة كبيرة جدا في أعلاه اسم الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم ثم الأسانيد إلى القراء العشرة بخط صغير ثم دون أشجار الأسانيد لأسماء كل من قرأ عنهم وهكذا وسترى العجب العجاب.
علما أن هذا الكتاب فقط ذكر من تصل إليهم الأسانيد المشهورة.
أما لإكمال التحقيق فافتح كتب التراجم والتواريخ ودون أسماء كل من قرأ على غيره
وأضف أسماء القراء من أهل النواحي المختلفة
وسترى ما هو أعجب وأعجب
=================
لكن ابن الجزري في كتابه الأخير النشر في القراءات العشر نحى منحى آخر في ظاهره التعارض مع ما سبق
لكن عند النظر تجده هنا يبحث صحة ما تجوز به القراءة
فوضع الشروط الثلاثة المعروفة
صحة السند، وموافقة اللغة ولو بوجه فصيح، وموافقة احتمال الرسم العثماني
فهذه الأسانيد يعبر عنها بالمشهور وليس التواتر.
لكني أرى الجمع بين القولين
فالذي خلصت له.
أن هناك ما هو متواتر كالشاطبية وغيرها من كتب في السبع والعشر
أما ما تصح به القراءة مما في النشر منه ما هو متواتر ومنه ما هو مشهور تلقته الأمة بالقبول.
أما الأسانيد التي في إجازاتنا اليوم ويرويها الأفراد عن الأفراد فهي تذكر لبركة الاتصال بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل بجبريل ثم برب العزة جل وعلا وهي وإن كانت تروى عن أعلام وجبال في العدالة والضبط لكن أصلها أن تكون جيلا عن جيل والذي منع ذكر المئات من الأسماء في إسناد الإقراء والإجازات هو الصعوبة بل الاستحالة كما أن ذلك مما لا يطلب شرعا ولا عقلا
طبعا هناك من ألف الكتب في ترجيح القول الأول لابن الجزري في منجد المقرئين
وأفضل ما وقفت عليه كتاب اسمه
القراءات القرآنية
لعبد الحليم بن محمد بن الهادي قابة
ط دار المغرب الإسلامي 1999
وهو كتاب جدير بالاقتناء، ولابد لكل مهتم بأمر القراءات من الاطلاع عليه
ـ[محمد الأمين]•---------------------------------•[09 Nov 2003, 11:31 م]ـ
أخي الفاضل جزاك الله خيرا
وأنا لا أشك في صحة وصول هذه القراءات إلينا وتواترها عن القراء العشرة. لكن هل نقلها هؤلاء القراء بأسانيد فردية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم متواترة؟ فمثلاً نافع ذكروا أنه أخذ عن سبعين شيخاً وهذا متواتر بلا شك. وعاصم نقل قراءته عن ابن مسعود وعن علي، وهذا يعتبره ابن حزم تواتراً. لكن هل كان هذا حال جميع القراء؟
وأهم من ذلك من باب التفسير، هل كل اختلاف في حرف المصحف مما جاء بالقراءات العشرة متواتر؟ بعضه يبدو متوتراً مثل "ملك يوم الدين" و "مالك يوم الدين". فماذا عن باقي الاختلافات؟
ـ[أبو خالد السلمي]•---------------------------------•[10 Nov 2003, 05:19 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا المبحث استكمال لنقاش المشايخ الفضلاء حول تواتر أسانيد القراءات العشر، وجواب على ما طرح من إشكالات، واستجابة لطلب الشيخ الفاضل محمد الأمين _ حفظه الله _ حيث طلب ذكر أسانيد كل قارئ من العشرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقول _وبالله تعالى التوفيق _:
إن أسانيد القراءات تنقسم حالياً إلى أربعة أجزاء:
(يُتْبَعُ)
الجزء الأول: من المعاصرين إلى ابن الجزري، وهذا متواتر بلا شك فأسانيد العالم الإسلامي إلى ابن الجزري اليوم بالآلاف، ولكن يظل لدينا إشكال وهو أن ابن الجزري شخص واحد، وجميع أسانيد القراءات العشرة المتصلة بالسماع والعرض اليوم تلتقي عند ابن الجزري ثم يبدأ تفرعها من عنده أيضاً فكيف تكون متواترة في طبقة ابن الجزري؟ وحل هذا الإشكال من وجهين:
1) أن تلاميذ ابن الجزري وهم كثيرون قد قرؤوا بالقراءات العشر على غير ابن الجزري، كما هو مدون في تراجمهم، ولو أن ابن الجزري شذ بشيء غير معروف عن غيره لما قبلوه منه، فالإسناد وإن اكتفي فيه تخفيفا بذكر ابن الجزري لشهرته وإمامته وعلو سنده إلا أنه كان معه معاصرون له كثر قرؤوا على شيوخه بما قرأ هو به، وهؤلاء المعاصرون لهم تلاميذ كثيرون تتفرع عنهم أسانيد عديدة تبلغ حد التواتر.
2) أن كتب القراءات المسندة لها أسانيد عديدة مبثوثة في الأثبات الحديثية تبلغ حد التواتر من غير طريق ابن الجزري، وهذه الأسانيد وإن كانت بالإجازة المجردة عن السماع إلا أنها مع انضمامها إلى الإسناد المتصل بالسماع المار بابن الجزري تزيده قوة إلى قوته.
الجزء الثاني: من ابن الجزري إلى أصحاب الكتب المسندة في القراءات العشر كلها أو ست أوسبع أو ثماني قراءات منها أو أقل أو أكثر، مثل التيسير للداني والكامل للهذلي والكفاية لسبط الخياط والروضة لابن المعدل والمصباح للشهرزوري وأمثالها، وهذا القسم متواتر أيضاً على أساس أن ابن الجزري له أكثر من ألف إسناد في القراءات، وهذه الأسانيد ترجع إلى أكثر من خمسين كتابا مسندا في القراءات العشر كل كتاب منها قرأ ابن الجزري بما تضمنه من القراءات على العشرات من شيوخه بأسانيدهم إلى مؤلفي هذه الكتب، وتفصيل ذلك موجود في كتاب النشر في القراءات العشر.
الجزء الثالث: من مؤلفي الكتب المسندة إلى الرواة العشرين عن القراء العشرة (كل قارئ من العشرة عنه راويان) وهذا متواتر أيضاً، لأن كتب القراءات المسندة كما ذكرنا أكثر من خمسين كتابا، ولكل كتاب منها عدة أسانيد إلى كل راو من الرواة العشرين، تصل هذه الأسانيد إلى حد التواتر كما يستفاد من الكتب نفسها، وقد حقق اليوم الكثير من هذه الكتب التي هي أصول النشر، ووجد لها العديد من النسخ المخطوطة النفيسة، وهذه الكتب هي الأصول التي استقى ابن الجزري منها مادته في النشر.
الجزء الرابع: من الرواة العشرين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الجزء منه ما توافق فيه الرواة العشرون أو مجموعة منهم يبلغون حد التواتر فهذا لا إشكال فيه، وأكثر القرآن بحمد الله لا ينفرد فيه راو بل يوافقه غيره من الرواة العشرين عن القراء العشرة، ومنه ما انفرد فيه راو أو عدد من الرواة لا يبلغ حد التواتر وهو محل الإشكال، لكن يمكن أن يقال إن أسانيد القراءات العشر وإن كانت آحادية فإن كل واحد من القراء العشرة لم يكن منفردا بما يقرأ به بل شاركه فيه أهل بلده، ولكن انقطعت أسانيدهم ولم يعتن بنقلها، اكتفاء بالبعض عن الكل، فابن عامر مثلا قرأ على أبي الدرداء رضي الله عنه الذي قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم ينفرد ابن عامر برواية قراءة أبي الدرداء، فقد قرأ على أبي الدرداء رضي الله عنه ألف وخمسمائة شخص، ولكن لم تصلنا أسانيدهم، وكذلك أبو الدرداء رضي الله عنه لم ينفرد بالقراءة التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم بل شاركه غيره من الصحابة، فإذا قصد بالتواتر هذا المعنى فهذا صحيح، وأما إذا قصد بالتواتر أن كل كلمة انفرد بها واحد من القراء السبعة أو العشرة أو أحد الرواة عنهم قد رواها جمع غفير عن جمع غفير حتى ينتهي الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا قد لا نستطيع أن نأتي عليه بدليل سوى أن نأتي بالأسانيد المتواترة إلى القارئ من القراء العشرة، ثم بعد ذلك نقول إن القارئ لم يكن منفردا بهذه القراءة في بلده بل كان معاصروه من أهل بلده ممن يبلغون حد التواتر يقرؤون به ويروونه ولو أنه انفرد عن أهل بلده بحرف لما اختار أئمة القراءات قراءته، فأحياناً ينفرد راو من هؤلاء الرواة العشرين بحرف كانفراد حفص عن عاصم مثلا بقراءة قوله تعالى (سوف يؤتيهم أجورهم) (النساء: 152) بالياء، بينما الرواة التسعة عشر
(يُتْبَعُ)
الباقون قرؤوا هذا الحرف بالنون (سوف نؤتيهم أجورهم)، أو ينفرد قارئ من العشرة بحرف كانفراد يعقوب بضم هاء (نؤتيهم) في الآية المذكورة (النساء: 152)، أو ينفرد راو أو قارئ بأصل من الأصول كانفراد البزي عن ابن كثير بتشديد التاءات في الفعل المضارع المحذوف إحدى التاءين تخفيفاً، نحو (وقبائل لتَّعارفوا، فتَّفرق بكم عن سبيله، ولا تَّجسسوا ... ) وأمثال ذلك، فهذا يمكن اعتباره متواتراً إذا نظرنا إلى أنه لم يكن الراوي أو القارئ منفردا بهذه القراءة في بلده بل كان معاصروه من أهل بلده ممن يبلغون حد التواتر يقرؤون به ويروونه ولو أنه انفرد عن أهل بلده بحرف لما اختار أئمة القراءات قراءته أو روايته وعدوها من السبع أو العشر، كما ذكرنا، فإنهم لم يختاروا قراءة ابن محيصن المكي، مع أنه شيخ ابن كثير، لأنه ينفرد عن أهل بلده بأشياء، واختاروا قراءة ابن كثير لأنه يقرأ بالقراءة المعروفة عن أهل مكة في زمنه، فبهذا الاعتبار يمكن أن نقول كل حرف في القراءات العشر متواتر بهذا المعنى، على أساس أن كل راو أو قارئ كان معه معاصرون له يروون مثل ما روى ويقرؤون بمثل ما يقرأ، لكن لو أردنا أن نطبق مصطلح التواتر تطبيقا حرفياً بأن نأتي مثلاً بعشرة أسانيد (إذا قلنا إن أقل التواتر عشرة، أو سبعين إسنادا إذا قلنا أقل التواتر سبعين أو غير ذلك على حسب اختلاف الأقوال في أدنى التواتر) إلى عشرة رواة معاصرين لحفص رووا عن عاصم أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ثم عشرة معاصرين لعاصم رووا عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ثم عشرة معاصرين لأبي عبد الرحمن السلمي رووا عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ثم عشرة من الصحابة رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ (سوف يؤتيهم) بالياء، ونحو ذلك في كل نظير، فهذا لا يوجد، وهذا هو ما دعا كثيرا من المحققين إلى القول بأنه يكفي صحة الإسناد لإثبات القراءة، ولا يشترط التواتر.
قال الشوكاني: وقد ادُّعِيَ تواتر كل واحدة من القراءات السبع، وهي قراءة أبي عمرو ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر، وادعي أيضا تواتر القراءات العشر، وهي هذه مع قراءة يعقوب وأبي جعفر وخلف، وليس على ذلك أثارة من علم فإن هذه القراءات كل واحدة منها منقولة نقلا آحاديا، كما يعرف ذلك من يعرف أسانيد هؤلاء القراء لقراءاتهم، وقد نقل جماعة من القراء الإجماع على أن في هذه القراءات ما هو متواتر وفيها ما هو آحاد، ولم يقل أحد منهم بتواتر كل واحدة من السبع فضلا عن العشر، وإنما هو قول قاله بعض أهل الأصول، وأهل الفن أخبر بفنهم. (1) فالذي عليه المحققون أنه لايشترط التواتر لأنه لادليل على اشتراطه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث آحاد الصحابة لتعليم القرآن، وكانوا يسمعون الآية من الصحابي فيعملون بها ويقرؤون بها في صلواتهم، قال ابن الجزري: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد لايثبت به قرآن، وهذا مما لايخفى ما فيه، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم، ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا ثم ظهر فساده (2).
واستكمالا للبحث فإني أذكر هنا أسانيد كل قارئ من العشرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يتبين من ذكر هذه الأسانيد أنه ما من قراءة من العشر إلا ولها من الأسانيد الثابتة ما تطمئن إليه النفس وتقوم به الحجة.
أسانيد نافع:
قرأ نافع القرآن على سبعين من التابعين، منهم شيبة بن نصاح الذي سمعه من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقرأ شيبة على مولاه عبد الله بن عياش المخزومي، و قرأ نافع أيضا على أبي جعفر والأعرج اللذين قرآ على أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما، وقرأ أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن عياش المخزومي رضي الله عنهم على أبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، وقرأ عمر وأبي وزيد رضي الله عنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العزة جل شأنه. (3)
أسانيد ابن كثير:
(يُتْبَعُ)
قرأ ابن كثير على عبد الله بن السائب ومجاهد ودرباس، وقرأ ابن السائب على عمر بن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما، وقرأ مجاهد ودرباس على ابن عباس عن أبي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وقرأ عمر وأبي وزيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. (4)
أسانيد أبي عمرو:
قرأ أبوعمرو على أبي العالية و يحيى بن يعمر ومجاهد والحسن البصري وسعيد بن جبير وعطاء وغيرهم، وقرأ أبو العالية على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقرأ يحيى بن يعمر على أبي الأسود الدؤلي الذي قرأ على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وقرأ مجاهد على ابن عباس عن أبي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وقرأ عمر وعثمان وعلي وأبي وزيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. (5)
أسانيد ابن عامر:
هو أعلى القراء العشرة إسنادا، لأنه قرأ على أبي الدرداء رضي الله عنه الذي قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، فليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلا واسطة واحدة، كما قرأ أيضا على المغيرة بن شهاب المخزومي الذي قرأ على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقرأ عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم. (6)
أسانيد عاصم:
قرأ عاصم على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وسعد ابن إلياس الشيباني، وقرأ زر بن حبيش وسعد بن إلياس الشيباني على ابن مسعود رضي الله عنه، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وقرأ عثمان وعلي وابن مسعود وأبي وزيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. (7)
أسانيد حمزة:
منها أن حمزة قرأ على جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين رضي الله عنه عن أبيه علي رضي الله عنه الذي قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، كما قرأ على حمران وأبي إسحاق اللذين قرآ على أبي عبد الرحمن السلمي وأبي الأسود الدؤلي اللذين قرآ على عثمان وعلي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قرأ أيضا على الأعمش الذي قرأ على يحيى بن وثاب عن علقمة والأسود وعبيدة السلماني عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقرأ ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم. (8)
أسانيد الكسائي:
منها أن الكسائي قرأ على حمزة عن جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين رضي الله عنه عن أبيه علي رضي الله عنه الذي قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، كما قرأ على عيسى بن عمر عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي الأسود الدؤلي اللذين قرآ على عثمان وعلي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قرأ عيسى أيضا على الأعمش الذي قرأ على يحيى بن وثاب عن علقمة والأسود وعبيدة السلماني عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقرأ ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قرأ الكسائي على ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (9)
أسانيد أبي جعفر:
قرأ أبو جعفر على أبي هريرة وابن عباس وابن عياش المخزومي رضي الله عنهم، وقرأ هؤلاء الثلاثة على أبي بن كعب وزيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (10)
أسانيده يعقوب:
قرأ يعقوب على أبي الأشهب العطاردي الذي قرأ على أبي رجاء العطاردي الذي قرأ على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وقرأ أبو موسى الأشعري رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن الجزري: هذا إسناد في غاية العلو والصحة، وله أسانيد أخر. (11)
أسانيد خلف:
منها أن خلفاً قرأ على يعقوب الأعشى عن شعبة عن عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقرأ ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأ خلف على سليم عن حمزة عن جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه الحسين رضي الله عنه عن أبيه علي رضي الله عنه الذي قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى عن الكسائي عن عيسى بن عمر عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي الأسود الدؤلي اللذين قرآ على عثمان وعلي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم. (12)
_________________________________
(1) إرشاد الفحول 63
(2) النشر 1/ 18
(3) انظر ترجمته في الجرح والتعديل 4/ 456، غاية النهاية 2/ 330، النشر 1/ 93، خلاصة التذهيب 342
(4) انظر ترجمته في الجرح والتعديل 2/ 2/144، النشر 1/ 99، غاية النهاية 1/ 433
(5) انظر ترجمته في النشر 1/ 109، غاية النهاية 1/ 288، تهذيب التهذيب 2/ 178
(6) انظر ترجمته في النشر 1/ 112، غاية النهاية 1/ 423، تهذيب التهذيب 5/ 274، طبقات ابن سعد 7/ 449، الجرح والتعديل 2/ 2/122
(7) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 6/ 320،الجرح والتعديل 3/ 1/340،النشر 1/ 125 - 126، غاية النهاية 1/ 347
(8) انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 3/ 27 - 28، سير أعلام النبلاء 7/ 9،الميزان 1/ 605، النشر 1/ 133، غاية النهاية 1/ 261، طبقات ابن سعد 6/ 385،
(9) انظر ترجمته في النشر 1/ 138، غاية النهاية 1/ 535، الجرح والتعديل 3/ 2/182، التاريخ الكبير 6/ 268
(10) انظر ترجمته في النشر 1/ 142 - 143، غاية النهاية 2/ 382، تهذيب الكمال 33/ 200
(11) انظر ترجمته في النشر 1/ 148 - 149، تهذيب التهذيب11/ 335، تهذيب الكمال 32/ 316
(12) انظر ترجمته في النشر 1/ 152، سير أعلام النبلاء 10/ 579، تهذيب التهذيب 3/ 134، تهذيب الكمال 8/ 300
(يُتْبَعُ)
ـ[راجي رحمة ربه]•---------------------------------•[10 Nov 2003, 06:23 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا خالد على هذا البحث اللطيف
ولي تعقيب على عبارة ابن الجزري
قال ابن الجزري: وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأن ما جاء مجيء الآحاد لايثبت به قرآن، وهذا مما لايخفى ما فيه، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم، ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا ثم ظهر فساده (النشر 1/ 18)
أقول لا يخفى عليك أن بعض الناس اعتبر ما ذكره ابن الجزري هنا مناقضا لما في منجد المقرئين، مع أنك ترى فيه تحقيقا قلما تجده في كتاب من كتاب القراءات عن تواتر العشر.
وأذكر أنه فرق هناك بين ما هو مثلا كالمد المتصل فهو عند حفص واجب المد (وهذا متواتر) وبين الخلاف في كونه 4 أو 5 أو 6
فأصل المسألة متواتر وفرعها آحاد متلقى بالقبول
وضرب أمثلة كثيرة في غاية الروعة.
والذي يظهر لي أن الإمر لا يحمل على التعارض وليس في قوله (ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا ثم ظهر فساده) أنه أبطل جميع ما بحثه في المنجد، لأنه في نظري يتعلق بقضيتين مختلفتين فهناك أثبت أن السبع التي في الشاطبية متواترة بل وما في غيرها كثير من الكتب المشهورة كالإرشاد لأبي العز والعنوان لأبي طاهر ووصل به الحد أن في البحث والتدليل على الإنكار على من لا يعتقد بتواتر غير الشاطبية، وساق الأدلة المقنعة جدا على هذا الرأي، أما في النشر فأراد تحقيق وجمع ما تصح به القراءة
وأنت ترى أنهما مسألتان مختلفتان
وقد جرى بين الإمام ابن الجزري والفقيه الأصولي عبدالوهاب بن السبكي الشافعي رحمهما الله كلام كثير في موضوع القراءات فتوجه له ابن الجزري بالسؤال وقال:
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين في القرآن والقراءات العشر التي يقرأ بها اليوم هل هي متواترة أو غير متواترة؟ وهل كل ما انفرد به واحد من العشرة بحرف من الحروف متواتر أم لا وإذا كانت متواترة فيما يجب عليى من جحدها أو حرفا منها.
فأجاب ما نصه:
الحمد لله، القراءات التي اقتصر عليها الشاطبي والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر وقراءة يعقوب وقراءة خلف متواترة معلومة من الدين بالصرورة وكل حرف انفرد به واحد من العشرة معلوم من الدين بالضرورة أنه نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكابر في شيء من ذلك إلا جاهل، وليس تواتر شيء منها مقصورا على من قرأ بالروايات بل هي متواترة عند كل مسلم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ولو كان مع ذلك عاميا جلفا لا يحفظ من القرآن حرفا.
ولهذا تقرير طويل وبرهان عريض لا يسع هذه الورقة شرحه. وحظ كل مسلم وحقه أن يدين الله تعالى ويجزم نفسه بأن ما ذكرناه متواتر معلوم باليقين لا يتطرق الظنون ولا الارتياب إلى شيء منه والله أعلم.
كتبه عبد الوهاب بن السبكي الشافعي.
وليس بين يدي الآن منجد المقرئين وإلا كنت سقت منه نقولا كثيرة تشفي الغليل، لكن هذا النص أعلاه نقلته من مقدمة المصحف بالقراءات العشر الذي اعتنى به الشيخ كريم راجح شيخ القراء في بلاد الشام.
ـ[محمد الأمين]•---------------------------------•[13 Nov 2003, 09:25 ص]ـ
شيخنا العلامة أبو خالد السلمي بارك الله بك ونفعنا بعلمك
لفت انتباهي كلمات مهمة في مقالتكم القيمة:
"وأما إذا قصد بالتواتر أن كل كلمة انفرد بها واحد من القراء السبعة أو العشرة أو أحد الرواة عنهم قد رواها جمع غفير عن جمع غفير حتى ينتهي الإسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا قد لا نستطيع أن نأتي عليه بدليل سوى أن نأتي بالأسانيد المتواترة إلى القارئ من القراء العشرة "
أقول: أنا أميل لمذهب ابن حزم في أن أدنى حد للتواتر هو رجلين. ويبدو أن كل الأسانيد تنتهي إلى صحابيين أو أكثر إلا:
"قرأ يعقوب على أبي الأشهب العطاردي الذي قرأ على أبي رجاء العطاردي الذي قرأ على أبي موسى الأشعري رضي الله عنه "
فهذه تعني أن قراءة يعقوب غير متواتر، أليس كذلك؟
قولكم: "فأحياناً ينفرد راو من هؤلاء الرواة العشرين بحرف كانفراد حفص عن عاصم مثلا بقراءة قوله تعالى (سوف يؤتيهم أجورهم) (النساء: 152) بالياء، بينما الرواة التسعة عشر الباقون قرؤوا هذا الحرف بالنون (سوف نؤتيهم أجورهم) ..... فهذا يمكن اعتباره متواتراً إذا نظرنا إلى أنه لم يكن الراوي أو القارئ منفردا بهذه القراءة في بلده بل كان معاصروه من أهل بلده ممن يبلغون حد التواتر يقرؤون به ويروونه ولو أنه انفرد عن أهل بلده بحرف لما اختار أئمة القراءات قراءته أو روايته وعدوها من السبع أو العشر، كما ذكرنا "
أقول: هذا بالضبط ما أريد الاطمئنان عليه. إذ سمعت أن حفصاً قد خالف عاصماً بسبب حديث ضعيف سمعه. وأنا أريد التأكد إن كانت تلك المخالفة متواترة أم لا. فإذا كانت متواترة، فلا تثريب، وإلا فهناك إشكال، خاصة أن عاصماً ضعيف جداً عند أهل الحديث.
ثم يا شيخ لدي سؤال هو: ذكر لي أحد المشايخ عن كتاب فيه القرآن كاملاً مع التنبيه (ربما في الهامش مثلاً) على اختلاف الرسم والتشكيل بين القراءات الـ14 جميعاً. لكنه للأسف لم يتذكر اسمه. فهل تذكرون كتاباً على هذا النمط تنصحون به؟
أحتاجه للتفسير خصوصاً، وليس لأتلو منه، لأني أعرف أن أحكام التجويد لا يمكن الإلمام بها بدون التلقي من شيخ مشافهةً. لكن الذي يهمني من قضية التواتر في ألفاظ القراءات هو إمكانية استعمالها في التفسير أم لا. وطبعاً التواتر له علاقة بمبحث نسخ القرآن بالسنة وأشباه ذلك.
أيضاً -وأرجو أن لا أكون قد أثقلت عليكم- ما قولكم في القراءات الأربعة الزائدة عن القراءات العشرة؟
(يُتْبَعُ)
ـ[راجي رحمة ربه]•---------------------------------•[13 Nov 2003, 12:43 م]ـ
فقط فيما يتعلق بآخر سؤال
(والباقي للشيخ السلمي)
http://www.furat.com/BooksCovers/5443.gif
لعل ما تسأل عنه
هو ما يسمى بـ: الميسر في القراءات الأربع عشرة
وهو عبارة عن المصحف وبهامشه القراءات العشر الكبرى مع الأربع الشواذ
مراجعة الشيخ محمّد كريم راجح, تأليف الشيخ محمّد فهد خاروف
http://www.furat.com/bookdetails.cgi?bookid=5630
ولهما التسهيل في قراءات التنزيل
http://www.furat.com/bookdetails.cgi?bookid=9623
ـ[أمين الشنقيطي]•---------------------------------•[23 Jan 2004, 11:32 م]ـ
نصرة القراء من وهم الضعفاء
السلام عليكم جميعا ياأهل الملتقى:
فى الحقيقة المقالات السابقة فيها نوع ارتجال، وتششت فى المسائل، وعدم وضوح الطرح،
وفى الحقيقة لماذا يبحث الأخوان السابقان فى مسألة لم يطرحاها على أهل العلم من قبل،
وقد صرحت فى هذا الملتقى بأنني بحثت المنفرد عن القراء العشرة وأرجعته إلى شذوذ، أو ورود على سبيل الغلط، كما هو معلوم حقيقة عند المحدثين.
فليت الإخوة يطرحون أسئلة مبسطة من غير إجابة أو استطراد حتى نجد فائدة فيما يقال ويكتب.
مثلا ماهو المنفرد؟ ماهي حقيقته مثال له؟
هل هو فى الإسنادأو فى المتن؟ وهل منه عام ومنه مقيد؟ وهكذا بعد البحث والتأكد من صيغة الأسئلة المطروحة قد
ـ[عبدالله الحسني]•---------------------------------•[25 Jan 2004, 11:01 م]ـ
الدكتور أمين
أرى في بحث الأخوة علم كثير وجواب شاف في المسألة
ـ[عمار الخطيب]•---------------------------------•[08 Feb 2006, 04:58 ص]ـ
لم أطلع على هذه الموضوع من قبل حيث يبدو لي من تاريخه أنه من المواضيع القديمة.
وبعد أن تصفحته سريعا ... ورأيتُ ما رأيت! قلتُ في نفسي: آن لشيخنا السّلمي أن يُعرفَ
له قدره.
================================================== ==
ترجمة فضيلة الشيخ المقرئ المتفنّن: وليد بن إدريس المنيسي السّلمي.
بقلم: عمار بن محمد الخطيب (أحد تلاميذ الشيخ ومحبيه).
.................................................. ..................................................
اسمه ونسبه:
هو الشيخ الفاضل المقرئ وليد بن إدريس بن عبد العزيز المنيسي السُلميُّ الحنبليُّ مذهبا.
مولده:
ولد -حفظه الله- بمدينة الإسكندرية عام 1386 هـ الموافق 1966مـ
شيوخه:
· الشيخ عبد العزيز البرماوي: قرأ عليه شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ونيل الأوطار وغيرها.
· الشيخ السيد بن سعد الدين الغباشي: لازمه شيخنا أكثر من عشر سنين قرأ عليه فيها كتباً شتى في مختلف العلوم الشرعية.
·الشيخ المقرئ الضابط محمد عبد الحميد الإسكندري: قرأ عليه ختمة كاملة بالقراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة.
· الشيخ المقرئ عبد الباسط هاشم: يقرأ عليه -حاليا- ختمة بالقراءات الأربع عشرة.
· الشيخ المقرئ إيهاب بن أحمد فكري: قرأ عليه ثلاث ختمات بالقراءات العشر الصغرى.
· الشيخ المقرئ محمد سامر النص الدمشقيّ: قرأ عليه من فاتحة الكتاب إلى قوله تعالى: "إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا" الإسراء: 87
ولم يكمل الختمة بسبب سفر الشيخ، وقد أجازه الشيخ قبل مغادرته بالعشر الكبرى وجميع مروياته.
· الشيخ المقرئ عباس مصطفى أنور المصري: قرأ عليه ختمة كاملة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية والطيبة، ثم قرأ عليه ختمة كاملة برواية ورش عن نافع وبعض القرآن ببقية القراءات، وقد أجازه الشيخ بالعشر الصغرى.
· الشيخ المقرئ المحدث عبد الله بن صالح العبيد: قرأ عليه ختمة كاملة بالقراءات العشر المتواترة وبالأربع الشواذ.
ولقد تتلمذ شيخنا - حفظه الله - على عدد من أهل العلم في الفترة التي أقام بها في مدينة الرياض ومنهم: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد الله بن قعود والشيخ ابن جبرين والشيخ ابن فوزان والشيخ صالح آل الشيخ والشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي.
مؤلفاته:
لشيخنا بعض المصنفات في علوم مختلفة منها ما هو مطبوع ومنها ما يزال مخطوطا، فمن مصنفاته المطبوعة:
· الأرجوزة الوليدية المتممة للرحبية.
· شرح الأرجوزة الوليدية المتممة للرحبية.
· مختصر اقتضاء الصراط المستقيم.
· فتاوى ورسائل الشيخ عبد الرزاق عفيفي.
· إتحاف الصحبة برواية شعبة.
· أثر القراءات الأربعة عشر في مباحث العقيدة والفقه.
وأما المخطوط من مؤلفاته فهي:
· مسك الختام شرح عمدة الأحكام.
· شرح عمدة الفقه لابن قدامة.
· مذكرة في مصطلح الحديث.
· إنعام الملك القدوس بأسانيد وليد بن إدريس.
تلامذته:
قرأ على الشيخ واستجازه عدد من طلبة العلم وعددهم يتجاوز الخمسين طالبا، وما يزال كثير من طلاب العلم ينتفعون بعلمه حفظه الله.
ـ[أبو عمار المليباري]•---------------------------------•[13 Feb 2006, 12:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. الحقيقة هناك تعارض بين قولي ابن الجزري. ولكن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ. فما كتبه ابن الجزري في المنجد كان رأيه في أول الأمر ثم رجع عنه واكتفى بصحة السند وهو الذي أثبته في النشر والطيبة، فقال:
وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان
وأنصح القراء للاستزادة في هذا المبحث أن يقرؤوا كتاب شيخنا د. عبدالقيوم السندي، واسمه "صفحات في علوم القراءات".
(يُتْبَعُ)
ـ[إبراهيم الجوريشي]•---------------------------------•[01 May 2006, 07:18 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وبارك فيكم
ـ[الجكني]•---------------------------------•[02 May 2006, 01:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الذى (تواترت) نعمه على الخلائق،وعلى خاتم الآنبياء الصلاة التامة والسلام اللائق وبعد:
فإن ماسطره يراع الشيخ الفاضل السلمي هو التحقيق والتدقيق،لايهتدى إليه بعد عون الله إلا من سبح وغاص فى بحر (النشر فى القراءات العشر) لكن أرى أن الأخوة قد فاتهم التنبيه على:
1 - مسألة هل القرآن والقراءات حقيقتان متغايران أم لا؟
والذي أميل إليه -والله أعلم- أنهما متغايران بدليل أن منكر القراءة غير منكر للقرآن 'بمعنى لو أن شخصاً-غير متخصص فى القراءات -لو قال (مالك) هي القرآن (وملك) ليست قرآناً لأن أهل بلده لايعرفونها ' فهذاأنكر قراءة ولم ينكر قرآنأ 'عكس ما لو أنكر الآثنتين معاً وقال هذه الكلمة ليست من القرآن 'فإنه فى هذه الحالة أنكر قرآناً معلوم من الدين بالضرورة0
2 - القول بأن (كل القراءات التى فى النشر متواترة) ليس على إطلاقه ألبتة 'فالنشر فيه المتواتر والانفراد بل وفيه قليل من الشاذ ' وهذا التنبيه لابد منه -لغير المتخصص - أما المتخصص فيعرف التمييز بين كل ذلك 0
3 - أما القول بتواتر الثلاث الزائدة على السبعة فكان الأولى من الأخوة الإشارة إلى خلف الأصوليين مع القراء فى هذه المسألة 0والله تعالى أعلم
أرشيف ملتقى أهل التفسير (ص: 0)
هل القراآت السبع متواترة أصولاً وفرشاً أم يوجد فيها شواذ؟.
ـ[مهدي المشولي]•---------------------------------•[13 May 2009, 05:42 م]ـ
جزاكم الله خيراً وحفظكم الله ونفع بكم أرجو أن تحلو لي الإشكالات التالية:
قال أبو شامة - رحمه الله -: فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وإن هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط (ويقصد بها الشروط الثلاثة وقد ذكرها قبل هذا الكلام)،
ثم قال بعد ذلك: فإن القراآت المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ .... (المرشد الوجيز ص: 135 طبعة دار الكتب العلمية). عندي سؤالان:
السؤال الأول: هل يحتاج في هذه الأعصار إلى تطبيق الشروط الثلاثة على القراآت السبع أو العشر؟ أم أن الشروط قد تبين توافرها فيها وغيرها لم تتوفر فيه؟.
السؤال الثاني: هل يوجد في القراآت السبع شواذ كما هو ظاهر كلام أبي شامة المتقدم؟.
وقد ناقش ابن الجزري رحمه الله كلام أبي شامة في كتابه "منجد المقرئين" لكنه تراجع في كتاب "النشر" فيما يتعلق باشتراط التواتر في كل حرف حيث قال:" وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم ولقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف" النشر (1/ 13).
ولكني لم أجد له تراجعاً فيما يتعلق بوجود الشاذ في القراآت السبع مع أن محقق منجد المقرئين ذكر (ص197 حاشية 2): أن ابن الجزري تراجع عن ذلك وأحال على النشر في الصفحة السابقة ولم أجد فيها أن من السبع ما هو شاذ نعم وجدت له كلاماً أن من السبع ما ليس بمتواتر (منجد المقرئين ص 90، 106)، وفرق بين وجود ما ليس بمتواتر ووجود الشاذ إذ قد يوجد المشهور المستفيض المتلقى بالقبول مما لم يبلغ درجة التواتر - وهذا بناء على أن معنى التواتر هو المعروف عند المحدثين - ومعلوم أن هذا ليس من الشاذ،
والإشكال هو وجود الشاذ في السبع هل يقول به ابن الجزري وهل هو صحيح في نفس الأمر أرجو من مشايخنا بيان ذلك بياناً شافياً أدام الله النفع بكم واسبغ عليكم نعمة وإيانا آمين؛؛؛
ـ[د. أنمار]•---------------------------------•[14 May 2009, 02:33 م]ـ
لقد التبس عليكم الأمر، الشاذ الذي يقصدونه هو نسبة بعض الأحرف لأحد القراء السبعة أو رواتهم مما رده المحققون وحكموا بشذوذه عنهم إما لضعف الطريق أو وهم بعض الرواة أو الكتب.
ويدخل فيه اليوم وكذا لعصور مضت ما لا يقرأ به لأحد منهم اليوم.
أما ما هو مقروء به اليوم للسبعة من طريق الشاطبية فليس فيه من الشاذ شيء، بل كله متواتر إلى القراء السبعة والشذوذ الذي تكلموا عنه يقع في هذا الجزء.
أما إن ثبت عنهم وتواتر إليهم فالذي أدين به إلى الله أنه كذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا الذي عليه جمهور القراء المحققين والأصوليين وذهب بعضهم إلى وقوع المشهور فيه والمقروء به المتلقى بالقبول على تفصيل ليس هذا موضعه.
وكذا ما اتصلت قراءته اليوم لنا من طريق النشر، ولذا اشترط على نفسه الإمام ابن الجزري ألا يروي من القراءات ما انفرد بروايته صاحب كتاب أو استقل به طريق ما. فكل ما في النشر متواتر أيضا كما سبق.
وعبارتهم أعلاه واضحة إذ مقصودهم ما شذ بنسبته إلى واحد من السبعة بعض المسندين أو في بعض الطرق
مثاله (عطلت) بتخفيف الطاء عن البزي عن ابن كثير كما في التقريب والبيان
و (التي لم يخلق مثلها) بالتاء ورفعها وفتح اللام عن أبي زيد عن أبي عمرو كما في المصباح
و (فقالوا سلاما قال سلام)
بكسر السين وإسكان اللام عن المفضل عن عاصم كما في المصباح.
وهذه أمثلة لشواذ نسبت لأحد القراءة السبعة لم تتواتر عنهم وبعضها لم يصح لمخالفة الراوي جمهور الرواة. وأبدع في تتبعها وتفصيلها الشيخ الشنقيطي في رسالته عن الانفرادات وفقه الله لما يحب ويرضى.
وقد نبه شراح الشاطبية على بعض ما هو منسوب للسبعة مما ليس من المقروء المتواتر
كقول الإمام الشاطبي وفي وجبت خلف ابن ذكوان يفتلا
رده الإمام ابن الجزري وهو محمول على ما بينته لك.
وقوله
وكنتم تمنون الذي مع تفكهو ن عنه على الوجهين فافهم محصلا
قال الشيخ أيمن سويد: المحققون على أنه لا يقرأ للبزي من طريق الشاطبية في هاتين الكلمتين إلا بتخفيف التاء كسائر القراء
وقد تتبع الشيخ حفظه الله جميع تلك المواضع في تحقيقه الفريد للشاطبية وتعليقاته في الهوامش من ص 119 - 139 وهي مواضع معدودة محصورة معروفة عند أهل الشأن من المحققين العلماء
وعللوا ذكره في كثير من المواضع في الشاطبية أنه على سبيل الحكاية
وفي هذا دليل على أنهم لا يتناقلون الأحرف إلا عن تحقيق وتحري لما عليه الجماعة جيل بعد جيل
أما بالنسبة صحته في نفس الأمر فهذا مما لا يمكن الجزم به نفيا أو إثباتا بل الأسلم ديانة أن نكل علمه إلى الله.
(يُتْبَعُ)
ـ[مهدي المشولي]•---------------------------------•[15 May 2009, 02:44 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، ونفع بكم، وألهمكم الصواب، ووفقكم للحق؛ فقد شفيتم وكفيتم، بارك الله في علمكم آمين،
ولكن أشكل عليّ قولكم:"أما ما هو مقروء به اليوم للسبعة من طريق الشاطبية فليس فيه من الشاذ شيء، بل كله متواتر إلى القراء السبعة"
مع تمثيل أبي شامة رحمه الله في معرض ذكره لِمَا أُنكِر على السبعة بما ورد عن حمزة من جرِّ الأرحام في النساء، وما ورد عن ابن عامر في الفصل بين المضافين في الأنعام، وغير وذلك، (المرشد الوجيز (ص135))،
وهذه وجوه مقروء بها من طريق الشاطبية،
وكذلك تمثيل ابن الجزري:بقراءة ابن ذكوان بتخفيف النوان في: تتبعآنّ وغير ذلك، (منجد المقرئين (ص89))،
وكذلك ما قاله ابن الجزري في النشر حيث قال:"وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف فيه بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وإن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن وهذا ما لا يخفى ما فيه فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره، إذْ ما ثبت من أحرف الخلاف متواتراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قبوله وقطع بكونه قرآناً سواء وافق الرسم أم خالفه وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء الأئمة السبعة وغيرهم" النشر (ص13)، ففي كلامه رحمه الله أنّ من القراآت السبع ماليس بمتواتر،
أرجو توضيخ ذلك أدام الله عزكم في الدارين وحفظكم من كل سوء وإيانا، آمين.
ـ[د. أنمار]•---------------------------------•[15 May 2009, 02:07 م]ـ
جزاكم الله خيراً، ونفع بكم، وألهمكم الصواب، ووفقكم للحق؛ فقد شفيتم وكفيتم، بارك الله في علمكم آمين،
ولكن أشكل عليّ قولكم:"أما ما هو مقروء به اليوم للسبعة من طريق الشاطبية فليس فيه من الشاذ شيء، بل كله متواتر إلى القراء السبعة"
مع تمثيل أبي شامة رحمه الله في معرض ذكره لِمَا أُنكِر على السبعة بما ورد عن حمزة من جرِّ الأرحام في النساء، وما ورد عن ابن عامر في الفصل بين المضافين في الأنعام، وغير وذلك، (المرشد الوجيز (ص135))،
وهذه وجوه مقروء بها من طريق الشاطبية،
بارك الله بكم
لا تعارض بين العبارتين،
ومن واجب طالب العلم، تحقيق العبارة، وقراءتها بما قبلها وما بعدها وتدبرها، لئلا ينسب لعالم ما هو منه برئ ولعل عذرك أنك نقلت كلام أبي شامة عن غيرك فما أظنك إلا طالب حق إن شاء الله.
فعبارة الوجيز ص 176 طبعة قولاج
وخفض الأرحام ونصب كن فيكون والفصل بين المضافين في الأنعام، وغير وذلك، على ما نقلناه وبيناه بعون الله تعالى وتوفيقه في شرح قصيدة الشيخ رحمه الله.
اهـ بلفظه
والمعلم عليه زيادة موضحة لمذهب الشيخ.
وقد أحالك على شرحه على الشاطبية لبيان وجه اعتراضات بعض أهل اللغة ثم ذكر ضمن انتصاره لصحة قراءة حمزة ص 411 بأنها قراءة مجاهد والنخعي وقتادة وابن رزين ويحيى بن وثاب وطلحة والأعمش وأبي صالح وغيرهم
ثم قال بعد ذلك ما نصه:
وأما رد بعض أئمة العربية ذلك فقد سبق جوابه وحكى أبو نصر ابن القشيري رحمه الله في تفسيره كلام أبي إسحاق الزجاج الذي حكيناه ثم قال ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم تواترا يعرفه أهل الصنعة وإذا ثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رد ذلك فقد رد على النبي صلى الله عليه وسلم واستقبح ما قرأ به وهذا مقام محذور لا تقلد فيه أئمة اللغة والنحو ولعلهم أرادوا أنه صحيح فصيح وإن كان غيره أفصح منه فإنا لا ندعي أن كل القراءات على أرفع الدرجات في الفصاحة
ثم قال أبو شامة وهذا كلام حسن صحيح والله أعلم
اهـ من إبراز المعاني ص 412
أما بقية الإشكالات وما يشابهها فقد كنت أشرت في مقال سابق إلى ما فيه بيان شاف لطالبي الحق إن شاء الله.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6799
ـ[مهدي المشولي]•---------------------------------•[15 May 2009, 07:16 م]ـ
نفع الله بكم ما أنا إلا طويلب علم يريد الفائدة فإذا أخطأت فقوموني جزاكم الله خيراً،
(يُتْبَعُ)
وأما قولكم: "ولعل عذرك أنك نقلت كلام أبي شامة عن غيرك". لم أنقله عن غيري إنما نقلته بنفسي من كتابه: المرشد الوجيز الذي قدم له وعلق عليه: إبراهيم شمس الدين وطبعته دار الكتب العلمية الطبعة الأولى عام 1424هـ (ص135) كما عزوتُ ذلك في المقال الأول،
وبالنسبة لعباراته التي ذكرتم فلم أرَ فيها زيادة توضيحية لمذهب الشيخ أبي شامة!! - إلا إن أردتم بالتوضيخ إحالته على كلامه في شرح الشاطبية - بل كلامه بعد ذلك فيه إشارة إلى عدم جواز القراءة بتلك الأوجه حيث قال رحمه الله:
"فكل هذا محمول على قلة ضبط الرواة فيه على ما أشار إليه كلام ابن مجاهد المنقول في أول هذا الباب، وإن صح فيه النقل فهو من بقايا الأحرف السبعة التي كانت القراءة مباحة عليها، على ماهو جائز في العربية، فصيحاً كان أو دون ذلك، وأما بعد كتابة المصاحف على اللفظ المنزل؛ فلا ينبغي قراءة ذلك اللفظ إلا على اللغة الفصحى من لغة قريش وما ناسبها؛ حملاً لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم والسادة من أصحابه على ما هو اللائق بهم فإنهم كما كتبوه على لسان قريش، فكذا قرائتهم له".المرشد الوجيز (ص135).
على أن ابن الجزري أشار إلى أن كلام أبي شامة في المرشد غيرُ كلامه في شرح الشاطبية حيث قال:" ... وأنا من فرط اعتقادي فيه أكاد أجزم بأنه ليس من كلامه في شيء، ربما يكون بعض الجهلة المتعصبين ألحقه بكتابه، أو أنه إنما ألّف هذا الكتاب أول أمره، كما يقع لكثير من المصنفين، وإلا فهو في غيره من مصنفاته كشرح الشاطبية بالغ في الانتصار والتوجيه لقراءة حمزة .... " منجد المقرئين (ص 205).
فهذا ابن الجزري فهم من كلام أبي شامة قريباً مما فهمت إن لم يكن نفس الفهم وأما كون الكلام من أبي شامة غير صحيح أو مرجوح فهذا شيء آخر فيمكن أن يعتذر له رحمه الله كما فعل ابن الجزري رحمه الله حيث اعتذر له بأنه يحتمل أنه ألف كتابه في أول أمره.
وأقول أخيراً جزاكم الله خيراً يا دكتور أنمار على إفادتك لي وأنا أريد أن أفهم فقط: هل هذه الآراء من هؤلاء الأئمة معتبرة صحيحة أم تراجعوا عنها أم أن خلافهم في المسألة نظري؟
ونحن لا نشكُّ في هذا القراآت إنما نبتغي العلم بحججه وبراهينه ونريد حل الإشكال الذي يعرض لنا حتى نُحْسِن عرضه وتوجيهه لمن ورائنا،
أجزل الله مثوبتكم ورفع قدركم آمين؛؛؛
ـ[د. أنمار]•---------------------------------•[15 May 2009, 08:40 م]ـ
الخاص أولى وأقوى من العام
وما من عام إلا وخص
وفتح الله عليكم من فتوح العارفين
ـ[مهدي المشولي]•---------------------------------•[15 May 2009, 08:58 م]ـ
حفظكم الله من كل سوء ونفعنا بكم،
لم أفهم قصدكم بالخاص والعام فأين الخاص الأقوى، وأين العام الأقل قوةً، وأين التخصيص؟
جزاكم الله خيراً وفتح علينا وعليكم آمين؛؛؛
ـ[د. أنمار]•---------------------------------•[18 May 2009, 02:08 م]ـ
أخي السيد مهدي وفقكم الله لكل خير، وفتح لكم باب النفع والعناية.
قوله في الوجيز ((إن صح)) معلق على الصحة وقد صحت تلك الأحرف وهو نفسه أثبت ذلك في الشرح، وهو المحال عليه.
كما أن النشر بجمعه للطرق أثبت صحة تلك الأحرف عن القراء فلا مجال لدفعها إذن، وما قام به الإمام ابن الجزري في هذا الباب حجة على كل من بعده إلى يوم الدين.
فكلامه في الوجيز عام ومطلق وفي إبراز المعاني خاص ومقيد عند كل حرف على حدة مناضلا ومدافعا بكل الحجج التفصيلية.
فلذا هو المقدم في نظري،.
ـ[السيد العجوز]•---------------------------------•[19 May 2009, 03:44 م]ـ
نفع الله بكما؛فقد أفدتما
ـ[مهدي المشولي]•---------------------------------•[25 May 2009, 06:04 م]ـ
شكر الله سعيكم د. أنمار على فوائدكم ونفعنا بعلومكم وبارك فيكم آمين،،،،
وعذراً على التأخر فلم أرَ الرد إلا اليوم.
والشكر موصول إلى السيد العجوز فجزاه الله خيراً.
****************
ارسال شده توسط:
Tuesday - 11/8/2020 - 19:5
عن ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال": قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله ص شيئا من القرآن- فليأت به و كانوا يكتبون ذلك في الصحف و الألواح و العسب، و كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شهيدان.
و عنه أيضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه- و في الطريق انقطاع":- أن أبا بكر قال لعمر و لزيد: اقعدوا على باب المسجد- فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه.
و في الإتقان عن ابن أشتة في المصاحف، عن الليث بن سعد قال": أول من جمع القرآن أبو بكر و كتبه زيد، و كان الناس يأتون زيد بن ثابت- فكان لا يكتب آية إلا
الميزان فى تفسير القرآن، ج12، ص: 120
بشاهدي عدل، و إن آخر سورة براءة لم يوجد إلا مع أبي خزيمة بن ثابت- فقال:
اكتبوها فإن رسول الله ص جعل شهادته بشهادة رجلين- فكتب و إن عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنه كان وحده.
اگر قراءات متوانرند الی النبی ص چه نیازی به این کار ابوبکر بوده؟
****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Sunday - 14/4/2024 - 10:11
المسالک الجامعیة فی شرح الالفیة الشهیدیة، ص 349-350
المولف: ابن ابی جمهور الاحسائی
وبالجملة: تجب مراعاة الشرائط التي أجمع القرّاء على وجوبها في القراءة أمّا القراءات التي اختلف القرّاء فيها فالإجماع منعقد على جواز القراءة بقراءة القرّاء السبعة المشهورة، فيجوز للمصلّي وغيره أن يقرأ بكل واحدة منها، من غير أن تلزمه قراءة واحد بعينه، والتخيير إليه. وهل يصح القراءة بتمام العشر؟ خلاف، فقيل بالمنع مطلقا، في الصلاةوغيرها؛ لعدم تواترها، فتدخل في الشواذ، وقيل بالجواز مطلقا؛ لادعاء التواتر فيها كالسبع، وقيل بالمنع في الصلاة والجواز في غيرها؛ احتياطا للصلاة، وهو أقربها إلى الصواب.