و عليه يحمل ما ورد عنهم عليهم السلام من اختلاف القراءة في كلمة واحدة و ما ورد أيضا في تصويبهم القراءتين جميعا كما يأتي في مواضعه أو يحمل على أنهم لما لم يتمكنوا أن يحملوا الناس على القراءة الصحيحة جوزوا القراءة بغيرها كما أشير إليه
وإن لم يكن على سبيل النقل، بل على سبيل القراءة والتلاوة، فإنه جائز صحيح مقبول لا منع منه ولا حظر، وإن كنا نعيبه على أئمة القراءات العارفين باختلاف الروايات من وجه تساوي العلماء بالعوام لا من وجه أن ذلك مكروه أو حرام، إذ كل من عند الله نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين تخفيفا عن الأمة، وتهوينا على أهل هذه الملة، فلو أوجبنا عليهم قراءة كل رواية على حدة لشق عليهم تمييز القراءة الواحدة وانعكس المقصود من التخفيف وعاد بالسهولة إلى التكليف، وقد روينا في المعجم الكبير للطبراني بسند صحيح عن إبراهيم النخعي قال: قال عبد الله بن مسعود: (ليس الخطأ أن يقرأ بعضه في بعض، ولكن أن يلحقوا به ما ليس منه)
بحار الأنوار (ط - بيروت) ج89 53 باب 7 ما جاء في كيفية جمع القرآن و ما يدل على تغييره و فيه رسالة سعد بن عبد الله الأشعري القمي في أنواع آيات القرآن أيضا ..... ص : 40
في خبر طويل أنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف فاختلف في قراءتهما فقال ابن مسعود هذا الخلاف ما أقرؤه فذهبت بهما إلى النبي ص فغضب و علي عنده فقال علي رسول الله ص يأمركم أن تقرءوا كما علمتم.
و اعلموا ان العرف من مذهب أصحابنا و الشائع من اخبارهم و رواياتهم ان القرآن نزل بحرف واحد، على نبي واحد، غير انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء و أن الإنسان مخير باي قراءة شاء قرأ، و كرهوا تجويد قراءة بعينها بل أجازوا القراءة بالمجاز الذي يجوز بين القراء و لم يبلغوا بذلك حد التحريم و الحظر.
و روى المخالفون لنا عن النبي (ص) انه قال: (نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف.) و في بعضها: (على سبعة أبواب)
و كثرت في ذلك رواياتهم. و لا معنى للتشاغل بإيرادها. و اختلفوا في تأويل الخبر، فاختار قوم ان معناه على سبعة معان: أمر، و نهي، و وعد، و وعيد، و جدل، و قصص، و أمثال
[نزل القرآن على سبعة أحرف.] أي سبع لغات مختلفة، مما لا يغير حكما في تحليل و تحريم، مثل. هلم. و يقال من لغات مختلفة، و معانيها مؤتلفة. و كانوا مخيرين في أول الإسلام في أن يقرءوا بما شاءوا منها. ثم اجمعوا على حدها، فصار ما اجمعوا عليه مانعاً مما اعرضوا عنه. و قال آخرون: [نزل على سبع لغات من اللغات الفصيحة، لأن القبائل بعضها افصح من بعض] و هو الذي اختاره الطبري. و قال بعضهم: [هي على سبعة أوجه من اللغات، متفرقة في القرآن، لأنه لا يوجد حرف قرئ على سبعة أوجه.] و قال بعضهم: [وجه الاختلاف في القراءات سبعة:
أولها- اختلاف اعراب الكلمة او حركة بنائها فلا يزيلها عن صورتها في الكتاب و لا يغير معناها نحو قوله: هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ «1» بالرفع و النصب وَ هَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ؟ «2» بالنصب و النون و هل يجازى إلا الكفور؟ بالياء و الرفع. و بالبخل «3» و البخل و البخل برفع الباء و نصبها. و ميسرة «4» و ميسرة بنصب السين و رفعها.
و الثاني- الاختلاف في اعراب الكلمة و حركات بنائها مما يغير معناها و لا يزيلها عن صورتها في الكتابة مثل قوله: رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا «5» على الخبر.
ربنا باعد على الدعاء. إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ «6» بالتشديد و تلقونه بكسر اللام و التخفيف و الوجه الثالث- الاختلاف في حروف الكلمة دون اعرابها، مما يغير معناها و لا يزيل صورتها نحو قوله تعالى: كَيْفَ نُنْشِزُها «7» بالزاء المعجمة و بالراء الغير معجمة و الرابع- الاختلاف في الكلمة مما يغير صورتها و لا يغير معناها نحو قوله:
إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً «8» و الازقية. و كالصوف المنفوش و كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ «9» و الخامس- الاختلاف في الكلمة مما يزيل صورتها و معناها نحو: وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ «10» و طلع.
وَ جاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ «1» و جاءت سكرة الحق بالموت.
السابع- الاختلاف بالزيادة و النقصان نحو قوله: و ما عملت أيديهم و ما عملته «2» بإسقاط الهاء و إثباتها. و نحو قوله: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ و ان الله الغني الحميد. في سورة الحديد «3».
و هذا الخبر عندنا و ان كان خبراً واحداً لا يجب العمل به فالوجه الأخير أصلح الوجوه على ما روي عنهم عليه السلام من جواز القراءة بما اختلف القراءة فيه.
و اما القول الأول فهو على ما تضمنته لأن تأويل القرآن لا يخرج عن احد الأقسام السبعة: إما أمر. او نهي. او وعد. او وعيد. او خبر. او قصص. او مثل. و هو الذي ذكره أصحابنا في اقسام تفسير القرآن.
ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج1، ص: 298
فإن قيل فأين أنتم عن القراءة بنصب الأرجل و عليها أكثر القراء و هي موجبة للغسل و لا يحتمل سواه قلنا أول ما في ذلك أن القراءة بالجر مجمع عليها و القراءة بالنصب مختلف فيها لأنا نقول إن القراءة بالنصب غير جائزة و إنما القراءة المنزلة هي القراءة بالجر و الذي يدل على ذلك ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى قال أخبرني أحمد بن محمد عن أبيه عن أحمد بن إدريس و سعد بن عبد الله عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله عن حماد عن محمد بن النعمان عن غالب بن الهذيل قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل- و امسحوا برؤسكم و أرجلكم إلى الكعبين على الخفض هي أم على النصب قال بل هي على الخفض.
و هذا يسقط أصل السؤال ثم لو سلمنا أن القراءة بالجر مساوية للقراءة بالنصب من حيث قرأ بالجر من السبعة- ابن كثير و أبو عمرو و حمزة و في رواية أبي بكر عن عاصم و النصب قرأ به نافع و ابن عامر و الكسائي و في رواية حفص عن عاصم لكانت أيضا مقتضية للمسح لأن موضع الرءوس موضع نصب بوقوع الفعل الذي هو المسح عليه و إنما جر الرءوس بالباء و على هذا لا ينكر أن تعطف الأرجل على موضع الرءوس لا لفظها فتنصب و إن كان الفرض فيها المسح كما كان في الرءوس
__________________________________________________
قوله رحمه الله: غير جائزة.
أقول: هذا مبني على عدم تواتر القراءات عن النبي صلى الله عليه و آله، فإنه لو سلم تواترها فإنما هي متواترة عن أصحاب القراءات كعاصم مثلا، و هذا بين لمن تتبع كتب التفسير و القراءة و عرف كيفية ظهور تلك القراءات، مع أن الأخبار الكثيرة دالة على نقص القرآن و تغييره، و أن القرآن المنزل عند الأئمة عليهم السلام، و يظهر عند ظهور القائم عليه السلام و قد نزل بحرف واحد، و عليه جماعة من علمائنا كالسيد و المفيد و غيرهما.
نعم اتفقت الإمامية و تظافرت أخبارهم بوجوب تلاوة هذا القرآن، و العمل به بقراءاته المشهورة إلى أن يظهر الحق، فلا يمكن ردها لمحض رواية ضعيفة، فلا بد من توجيه لقراءة النصب، فالمعول على سائر الوجوه، و إنما ذكر هذا الوجه تقوية للمنع و استظهارا في الحجة، و الله يعلم.
الميزان في أحكام تجويد القرآن (ص: 23)---المؤلف: فريال زكريا العبد
منشأ القراءات:
أراد عثمان رضي الله عنه أن يوحد المسلمين على مصحف واحد يرسم بطريقة تتلاءم مع الحروف السبعة التى نزل بها القرآن، وما لا يحتمله الرسم كتبه فى نسخة بقراءة، وفى الأخرى بقراءة أخرى، ولم يكرره فى النسخة الواحدة لدفع توهم التكرار، فإن لكل منهما وجها من غير تكرار ولم يكتب أحدهما فى الأصل، والثانى فى الحاشية لأن فى ذلك ترجيحا بلا مرجح، ولدفع توهم أن تكون الكلمة فى الأصل غير صحيحة والتى فى الحاشية هى تصحيح لها.
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية بمجموعها متضمنة برسمها ما ثبت من القراءات المتواترة فى العرضة الأخيرة محتملة للأحرف السبعة وأرسل مع كل نسخة إماما عدلا ضابطا.
فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمصحف المدنى، وأرسل عبد الله بن السائب مع المصحف المكى، والمغيرة بن أبى شهاب المخزومى مع الشامى، وأبا عبد الرحمن السلمى مع المصحف الكوفى، وعامر بن عبد القيس مع المصحف البصرى.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 205
السابع:
أنه جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة و أحرق المصاحف «1» و أبطل ما لا شك أنه منزل من القرآن، و أنه مأخوذ من الرسول صلى الله عليه و آله، و لو كان ذلك حسنا لسبق إليه رسول الله صلى الله عليه و آله،
و سيأتي في كتاب القرآن «2»
أن أمير المؤمنين عليه السلام جمع القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله كما أوصأ «3» به فجاء به إلى المهاجرين و الأنصار، فلما رأى أبو بكر و عمر اشتماله على فضائح القوم أعرضا عنه و أمرا زيد بن ثابت بجمع القرآن و إسقاط ما اشتمل منه على الفضائح، و لما استخلف «4» عمر سأل عليا عليه السلام أن يدفع إليه القرآن الذي جمعه ليحرقه «5» و يبطله، فأبى عليه السلام عن ذلك، و قال: (لا يمسه إلا المطهرون) «6» من ولدي، و لا يظهر حتى يقوم القائم من أهل البيت
__________________________________________________
(1) كما نص عليه السيد المرتضى في الشافي 4- 283- 286، و الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي 4- 105- 108، و انظر ما جاء في تاريخ الخميس: 223، و الرياض لمحب الدين 2- 141، و الأنساب للبلاذري 5- 62 و غيرها، و البحث فيه ذو شجون.
و ذكر في التاج الجامع لأصول العامة 4- 34 إحراق عثمان ما وجد في كل صحيفة أو مصحف من القرآن غير ما جمعه منه. و أورد البخاري في صحيحه 1- 14- 19 باب جمع القرآن، و باب نزول القرآن بلغة قريش، و كتاب الأنبياء جملة روايات، و كذا الترمذي في كتاب التفسير سورة التوبة حديث 3103. و أورد ابن الأثير في جامع الأصول 2- 503- 507 حديث 975، و نص على جملة منها أبو داود في سننه في كتاب المصاحف 34- 35، و في كنز العمال- بهامش مسند أحمد 2- 43- 52، و ذكر في تعليقة جامع الأصول اختلاف عدد المصاحف التي أرسلها بها عثمان إلى الآفاق، فلاحظ.
(2) بحار الأنوار 92- 40- 53.
(3) كذا، و الصحيح: أوصى.
(4) في (س): استخلفت.
(5) جاء في بحار الأنوار 92- 43: فيحرفوهم فيما بينهم.
(6) الواقعة: 79.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 206
عليهم السلام فيحمل الناس عليه و يجري السنة على ما يتضمنه و يقتضيه.
و سيأتي «1» الأخبار الكثيرة في ذلك من طرق الخاصة و العامة.
و تفصيل القول في ذلك، أن الطعن فيه من وجهين:
الأول: جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت إبطال للقرآن المنزل، و عدول عن الراجح إلى المرجوح في اختيار زيد بن ثابت من حملة «2» قراءة القرآن «3»، بل هو رد صريح لقول الرسول صلى الله عليه و آله على ما يدل عليه صحاح أخبارهم.
و الثاني: أن إحراق المصاحف الصحيحة استخفاف بالدين و محادة لله رب العالمين.
أما الثاني، فلا يخفى على من له حظ من العقل و الإيمان.
و أما الأول، فلأن أخبارهم متضافرة في أن القرآن نزل على سبعة أحرف، و أن النبي صلى الله عليه و آله لم ينه أحدا عن الاختلاف في قراءة القرآن بل قررهم عليه، و صرح بجوازه، و أمر الناس بالتعلم من ابن مسعود و غيره ممن منع عثمان من قراءتهم، و ورد في فضلهم و علمهم بالقرآن ما لم يرد في زيد بن ثابت، فجمع الناس على قراءته و حظر ما سواه ليس إلا ردا لقول رسول الله صلى الله عليه و آله و إبطالا للصحيح الثابت من كتاب الله عز و جل. فأما ما يدل من رواياتهم على
__________________________________________________
(1) بحار الأنوار- كتاب القرآن، باب ما جاء في كيفية جمع القرآن 92- 40- 77، و كذا في 40- 155- 157 عن جملة من مصادر العامة.
(2) في (س): من جملة.
(3) أقول: أخرج البخاري من طريق عبد الله بن مسعود، قال: أخذت من في رسول الله صلى الله عليه و آله سبعين سورة، و إن زيد بن ثابت لصبي من الصبيان، و في لفظ: أحكمتها قبل أن يسلم زيد بن ثابت و له ذؤابة يلعب مع الغلمان. و في لفظ: ما ينازعني فيها أحد، كما جاء في حلية الأولياء 1- 125، و الاستيعاب 1- 373، و تهذيب التهذيب 6- 28 و صححه، و كنز العمال 7- 56 نقلا عن أبي داود، و قد أورده ابن داود في سننه كتاب المصاحف: 14 و 16 من طريق خمير و جمع، و أخرجه الترمذي في كتاب التفسير باب سورة براءة حديث 3103. و جاء في صحيح البخاري 1- 14 18 كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن و باب نزول القرآن بلغة قريش و كتاب الأنبياء، و قد مرت.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 207
أن القرآن نزل على سبعة أحرف، و على تقرير النبي صلى الله عليه و آله على الاختلاف في القراءة.
فمنها.:
ما رواه البخاري «1»، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه [و آله] قال: أقرأني جبرئيل على حرف فراجعته فزادني «2»، فلم أزل أستزيده و يزيدني حتى انتهى على سبعة أحرف «3».
و روي في جامع الأصول «4»، عن البخاري «5» و مسلم «6» و مالك «7» و أبو داود «8» و النسائي «9» بأسانيدهم، عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤه على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم فكدت أساوره «10» في الصلاة، فتربصت حتى سلم فلببته بردائه «11»، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرؤها؟. قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله
__________________________________________________
(1) صحيح البخاري 6- 97 [6- 227 دار الشعب] باب فضائل القرآن، و قريب منه في البخاري 4- 75 [4- 137 دار الشعب] كتاب بدء الخلق.
(2) لا توجد: فزادني في صحيح البخاري المطبوع في دار الشعب.
(3) و أورده القسطلاني في إرشاد الساري 5- 321 و 7- 537، و العسقلاني في فتح الباري 6- 222 و 9- 20، و العيني في عمدة القاري 7- 204، و 9- 308.
(4) جامع الأصول 2- 477- 478 حديث 939.
(5) صحيح البخاري 9- 20- 21 كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، و باب من لم ير بأسا أن يقول: سورة البقرة و سورة كذا، و كتاب الخصومات باب كلام الخصومات بعضهم في بعض، و كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: ( «فاقرؤا ما تيسر من القرآن»).
(6) صحيح مسلم، كتاب الصلاة باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف حديث 818.
(7) موطأ مالك 1- 201 كتاب القرآن باب ما جاء في القرآن.
(8) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب ما أنزل من القرآن على سبعة أحرف حديث 1475.
(9) سنن النسائي 2- 150- 152، كتاب الصلاة باب جامع القرآن.
(10) قال في القاموس 2- 53: ساوره: أخذ برأسه، و فلانا: واثبه.
(11) في (س): برداء.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 208
عليه [و آله] و سلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه [و آله]، فقلت «1»: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرأنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم: أرسله، اقرأ يا هشام.
فقرأ عليه القراءة التي «2» سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم: كذلك «3» أنزلت، ثم قال «4»: اقرأ يا عمر. فقرأته القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه.
قال في جامع الأصول: أخرجه الجماعة. و قال الترمذي «5» هذا حديث صحيح.
و روى مسلم «6» و الترمذي «7» و أبي داود «8» و النسائي «9» في صحاحهم و أورده في المشكاة «10» و في جامع الأصول «11» عن أبي بن كعب، قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها، ثم دخل رجل «12» آخر فقرأ قراءة سوى قراءة
__________________________________________________
(1) في المصدر زيادة: يا رسول الله، بعد: فقلت.
(2) في المصدر: التي كنت.
(3) في جامع الأصول: هكذا.
(4) في المصدر: قال النبي صلى الله عليه [و آله] و سلم.
(5) سنن الترمذي، كتاب القراءات باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف حديث 2944.
(6) صحيح مسلم 1- 225 كتاب الصلاة باب بيان أن القرآن نزل على سبعة أحرف حديث 820.
(7) صحيح الترمذي، كتاب القراءات باب ما جاء أن القرآن أنزل على سبعة أحرف حديث 2945، و قال: و إسناده حسن.
(8) كذا، و الظاهر: أبو داود، انظر: سنن أبي داود كتاب الصلاة باب أنزل القرآن على سبعة أحرف حديث 1477 و 1478.
(9) سنن النسائي كتاب الصلاة باب جامع ما جاء في القرآن 2- 152- 154.
(10) مشكاة المصابيح 1- 680 حديث 2213 باختلاف يسير عما هنا.
(11) جامع الأصول 2- 479- 480 حديث 490.
(12) لا توجد: رجل، في المصدر.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 209
صاحبه، فلما قضيت «1» الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم، فقلت: إن هذا قرأ «2» قراءة أنكرتها «3» عليه، فدخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما النبي صلى الله عليه [و آله] و سلم فقرءا فحسن «4» شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب و لا إذ كنت في الجاهلية «5»، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم ما قد غشيني، ضرب في صدري ففضت عرقا، و كأنما أنظر إلى الله «6» فرقا. فقال لي: يا أبي! أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه:
أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية: اقرأه «7» على حرفين، فرددت إليه: أن هون على أمتي، فرد إلي الثالثة: اقرأه «8» على سبعة أحرف، و لك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقال: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، و أخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه السلام.
أقول:: و قد رووا روايات كثيرة بتلك المضامين «9» لا نطيل الكلام بإيرادها،
__________________________________________________
(1) في بعض المصادر السالفة: قضينا.
(2) في جامع الأصول: قد قرأ.
(3) في (س): أنكر بها.
(4) في المصدر زيادة: النبي صلى الله عليه [و آله] و سلم.
(5) جاء في هامش جامع الأصول: معناه: و وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لأنه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب، فتدبر.
(6) في الجامع زيادة: عز و جل بعد لفظ الجلالة. و في مشكاة المصابيح كالمتن.
(7) في جامع الأصول: أن اقرأه.
(8) في جامع الأصول: أن اقرأه.
(9) كما جاء في صحيح أبي داود- كتاب الوتر: 22، و مسند أحمد بن حنبل 1- 24، 40، 43، 264، 299، 313، 445 و 2- 300، 332، 440 و 4- 170، 204، 205 و غيرها، و سنن الترمذي 11- 62 كتاب القرآن 6- 227- 228 باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، و الموطإ لمالك كتاب القرآن: 15، و صحيح مسلم باب أن القرآن أنزل على سبعة أحرف 2- 202 و 203، و كتاب المسافرين: 264، 370، 372، 374 [طبعة محمد علي صبيح بمصر]، و تفسير الطبري 1- 9 15، و أورد جملة منها في صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن الباب الخامس، و كتاب الخصومات الباب الرابع، و كتاب بدء الخلق الباب السادس، و كتاب التوحيد الباب الثالث و الخمسون، و غيره. و انظر أيضا الروايات و الأقوال حول هذه المسألة، و كذا تفسير القرطبي 1- 43 و غيرها.- و أدرجت بقية الأقوال هناك، فلاحظ.
أقول: و هي جملة روايات بمضامين متعددة جاءت من طرق العامة، و هي مخالفة صريحا لما ورد عن بيت العصمة و الطهارة سلام الله عليهم، ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:
إن القرآن واحد نزل من عند واحد، و لكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة [أصول الكافي- كتاب فضل القرآن- باب النوادر الرواية: 12]. و في الرواية التي تليها في جواب الفضيل بن يسار حيث سأل أبا عبد الله عليه السلام قائلا: إن الناس يقولون: إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كذبوا- أعداء الله- و لكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد .. و غيرها.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 210
و في بعضها قال: لقي رسول الله صلى الله عليه و آله جبرئيل، فقال: يا جبرئيل! إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز و الشيخ الكبير و الغلام و الجارية و الرجل الذي لا يقرأ كتابا قط، فقال لي: يا محمد! إن القرآن أنزل على سبعة أحرف.
فهذه الأخبار كما ترى صريحة في جواز القراءة على الوجوه المختلفة، و إن كلا من الأحرف السبعة من كلام الله المنزل، و في بعض الروايات تصريح بأنه صلى الله عليه و آله كره المنع من القراءات المتعددة، فجمع الناس على قراءة واحدة، و المنع عما سواها رد صريح و مضادة لنص الرسول صلى الله عليه و آله.
و ما قيل: من أن المراد بنزوله على سبعة أحرف اشتماله على سبعة معان، كالوعد و الوعيد و المحكم و المتشابه و الحلال و الحرام و القصص و الأمثال و الأمر و النهي .. و نحو ذلك فالأخبار تدفعه، لأنها ناطقة بأن السبعة الأحرف مما يختلف به اللفظ و ليس الاختلاف فيها مقصورا على المعنى.
و كذا ما يقال من أن هذه الأحرف السبعة ظهرت و استفاضت عن رسول الله صلى الله عليه و آله و ضبطتها عنه الأئمة و أثبتها عثمان و الجماعة في المصحف و أخبروا بصحتها، و إنما حذفوا عنها ما لم يثبت متواترا، و إن هذه الأحرف تختلف معانيها تارة و ألفاظها أخرى فهو مردود بأن من راجع السير و كتب القراءة علم أن مصحف عثمان لم يكن إلا حرفا واحد، و أنه أبطل ما سوى ذلك الحرف، و لذلك نقم عليه ابن مسعود و غيره، و كان غرضه رفع الاختلاف و جمع الناس على أمر واحد و اختيار هؤلاء السبعة من بين القراء، و الاقتصار على قراءتهم، و رفض
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 211
من سواهم من القراء على كثرتهم إنما هو من فعل المتأخرين، و قد تشعبت القراءات و اختلفت كلمة القراء بعد ما جمع عثمان الناس على قراءة زيد بن ثابت، و كتب المصاحف السبعة على المشهور بين القراء فبعث بواحد منها إلى الكوفة و بواحد إلى البصرة و إلى كل من الشام و مكة و اليمن و البحرين بواحد و أمسك في المدينة مصحفا كانوا يقولون له: الإمام، ثم لما كانت تلك المصاحف مجردة عن النقط و علامة الإعراب و نحو ذلك، و كانت الكلمات المشتملة على حرف الألف مرسومة فيها بغير ألف، اختلفت القراءات بحسب ما تحتمله صورة الكتابة، فقرأ كل بما ظنه أولى من حيث المعنى أو من جهة قواعد العربية و اللغة إلا في مواضع يسيرة لم يتفقوا على صورة الكتابة، و الظاهر أنها نشأت من كتاب المصاحف السبعة، و اختلافها إما لأن كلا منهم كتب الكلمة بلغة كانت عنده أصح كالصراط بالصاد و السين-، أو للسهو و الغفلة، أو لاشتباه حصل في صورة الكتابة.
و بالجملة، جميع القراء المتأخرين عن عصر الصحابة السبعة و غيرهم يزعمون مطابقة قراءتهم لمصحف من مصاحف عثمان، بل للقراءة الواحدة التي جمع عثمان الناس عليها و أمر بترك ما سواها، فهذه القراءات إنما تشعبت عن مصاحف عثمان، و لذلك اشترط علماء القراءة في صحة القراءة و وجوب اعتبارها ثلاثة شروط: كونها منقولة عن الثقات، و كونها غير مخالفة للقواعد، و كونها مطابقة لرسم مصحف من تلك المصاحف بحيث تحتملها صورة الكتابة و إن كانت محتملة لغيرها، و ادعوا انعقاد الإجماع على صحة كل قراءة كانت كذلك، و لما كثر اختلاف القراء و تكثرت القراءات الصحيحة عندهم جرى المتأخرون منهم على سنة عثمان في إبطال القراءات، فاقتصر طائفة منهم على السبعة، و زاد طائفة ثلاثة، و زاد بعضهم على العشرة، و طرح بعضهم الثلاثة من العشرة، و زاد عشرين رجلا، و زاد الطبري على السبعة نحو خمسة عشر رجلا «1»، و قد فعلوا
__________________________________________________
(1) تفسير الطبري 1- 15.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 212
بالرواة عن السبعة أو العشرة أو فوقهما ما فعلوا بهؤلاء، فاعتبروا قوما من الرواة و طرحوا أكثرهم.
و قد بسط الجزري في النشر «1» الكلام في ذلك، قال بعد إيراد تشعب القراءات و كثرتها ما هذا لفظه-: بلغنا عن بعض من لا علم له أن القراءات الصحيحة هي التي عن هؤلاء السبعة، أو أن الأحرف «2» السبعة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه [و آله] هي قراءة هؤلاء السبعة، بل غلب على كثير من الجهال أن القراءات الصحيحة هي التي في الشاطبية و التيسير، و أنها «3» هي المشار إليها
بقوله صلى الله عليه [و آله]: أنزل القرآن على سبعة أحرف.
، حتى أن بعضهم يطلق على ما لم يكن في هذين الكتابين أنه شاذ.
ثم قال «4»: و إنما أوقع هؤلاء في الشبهة كونهم سمعوا: أنزل القرآن على سبعة أحرف، و سمعوا قراءات السبعة، فظنوا أن هذه السبعة هي تلك المشار إليها، و لذلك «5» كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء و خطئوه في ذلك، و قالوا: أ لا أقتصر على دون هذا العدد أو زاده أو بين مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة؟ .. ثم نقل مثل هذا الكلام عن إمامه أبي العباس المهدوي.
أقول: فظهر أن تعدد تلك القراءات لا ينفع في القدح فيما فعله عثمان من المنع من غير قراءة زيد بن ثابت و جمع الناس عليها، ثم لو تنزلنا عن هذا المقام و قلنا بجواز جمع الناس على قراءة واحدة فنقول: اختيار زيد بن ثابت على مثل عبد الله بن مسعود و المنع من قراءته و تعلم القرآن منه مخالفة صريحة لأمر الرسول
__________________________________________________
(1) النشر في القراءات العشر 1- 36.
(2) لا توجد في (س): الأحرف.
(3) في (س): إنما.
(4) النشر 1- 36.
(5) في (ك): كذلك.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 213
صلى الله عليه و آله على ما تظافرت به أخبارهم الصحيحة عندهم.
فقد روى ابن عبد البر في الإستيعاب «1» في ترجمة ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه [و آله] و سلم أنه قال: استقرءوا القرآن من أربعة نفر فبدأ بابن أم عبد «2».
و عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم يقول: خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد فبدأ به و معاذ بن جبل، و أبي بن كعب، و سالم مولى أبي حذيفة.
قال: و قال صلى الله عليه [و آله] و سلم: من أحب أن يسمع القرآن غضا فليسمعه من ابن أم عبد. و بعضهم «3» يرويه: من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد. و عن عبد الله مثله.
و عن أبي وائل «4»، قال: سمعت ابن مسعود يقول: إني لأعلمهم بكتاب الله و ما أنا بخيرهم، و ما في كتاب الله سورة و لا آية إلا و أنا أعلم فيما نزلت، و متى نزلت. قال أبو وائل «5»: فما سمعت أحدا أنكر عليه ذلك «6».
و عن حذيفة قال: لقد علم المحفوظون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم أن عبد الله «7» كان من أقربهم وسيلة، و أعلمهم بكتاب الله عز و جل «8».
__________________________________________________
(1) المطبوع هامش الإصابة 2- 319.
(2) في الاستيعاب: بعبد الله بن مسعود، بدلا من: ابن أم عبد.
(3) كما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 2- 320.
(4) كما أورده في الاستيعاب 2- 321. و في (ك): وابل.
(5) في (ك): وابل.
(6) في الاستيعاب: ذلك عليه- بتقديم و تأخير-.
(7) في المصدر زيادة: بن مسعود.
(8) لا يوجد: عز و جل، في الاستيعاب.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 214
و عن أبي ظبيان «1»، قال: قال لي عبد الله بن عباس: أي القراءتين تقرأ؟.
قلت: القراءة الأولى، قراءة ابن أم عبد. فقال لي: بل هي القراءة الأخيرة «2»، إن رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم كان يعرض القرآن على جبرئيل في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم عرضه عليه مرتين، فحضر ذلك عبد الله فعلم ما نسخ من ذلك و ما بدل.
و عن علقمة «3»، قال: جاء رجل إلى عمر و هو بعرفات فقال: جئتك من الكوفة و تركت بها رجلا يملي «4» المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب عمر غضبا شديدا و قال: ويحك! و من هو؟. قال: عبد الله بن مسعود. قال: فذهب عنه الغضب «5»، و سكن و عاد إلى حاله، و قال: و الله ما أعلم من الناس أحدا هو أحق «6» بذلك منه.
قال «7»: و سئل علي عليه السلام عن قوم من الصحابة منهم ابن مسعود، فقال: أما ابن مسعود فقرأ القرآن و علم السنة .. و كفى بذلك.
و عن شقيق «8»، عن أبي وائل، قال: لما أمر عثمان في المصاحف بما أمر، قام عبد الله بن مسعود خطيبا، فقال: تأمرونني «9» أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت؟ و الذي نفسي بيده لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم
__________________________________________________
(1) كما في الاستيعاب- هامش الإصابة- 2- 322.
(2) في المصدر: فقال: أجل هي الآخرة، بدل: فقال لي: بل هي القراءة الأخيرة.
(3) كما في الاستيعاب- هامش الإصابة- 2- 322- 323.
(4) في المصدر: يحكي، بدلا من: يملي.
(5) في الاستيعاب: ذلك الغضب.
(6) في (س) لا توجد: أحق.
(7) أي ابن عبد البر في الاستيعاب 2- 323.
(8) كما في الاستيعاب 2- 23، و فيه: عن شقيق بن سلمة بن أبي وائل. و في (س): وائل. و في (ك):
وابل.
(9) في المصدر: أ يأمروني.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 215
سبعين سورة، و إن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب مع «1» الغلمان، و الله ما نزل من القرآن شيء إلا و أنا أعلم في أي شيء نزل، و ما أحد أعلم بكتاب الله مني، و لو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغنيه الإبل لأتيته «2». قال: ثم استحيا مما قال، فقال: و ما أنا بخيركم.
قال شقيق: فقعدت في الحلق فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم فما سمعت أحدا أنكر «3» عليه و لا رد ما قال.
و روى في جامع الأصول «4»، عن البخاري «5» و مسلم «6» و الترمذي «7»، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: ذكر عنده عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم يقول: خذوا القرآن من أربعة، من: عبد الله، و سالم، و معاذ، و أبي بن كعب «8».
استقرءوا القرآن من أربعة، من: ابن مسعود فبدأ به-، و سالم مولى أبي حذيفة، و معاذ، و أبي.
و في رواية الترمذي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [و آله] و سلم: خذوا القرآن من أربعة، من: ابن مسعود، و أبي بن كعب، و معاذ بن جبل، و سالم مولى أبي حذيفة.
__________________________________________________
(1) في الاستيعاب: به، بدلا من: مع.
(2) في المصدر: أحدا تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته.
(3) في الاستيعاب: أنكر ذلك.
(4) جامع الأصول 8- 568- 569 حديث 6378.
(5) صحيح البخاري 9- 42 و 43 كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله، و كتاب فضائل أصحاب النبي (ص)، باب مناقب سالم، و باب مناقب معاذ بن جبل، و باب مناقب أبي بن كعب.
(6) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب في فضائل عبد الله بن مسعود حديث 2464.
(7) سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب عبد الله بن مسعود حديث 3812.
(8) في المصدر زيادة هنا: و في رواية.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 216
و روي من الصحاح أكثر الأخبار السالفة بأسانيد، فهذا ما رووه في ابن مسعود و أن النبي صلى الله عليه و آله أمر الناس بأخذ القرآن منه، و صرح بأن قراءته مطابقة للقرآن المنزل، فالمنع من قراءته و إحراق مصحفه رد على الرسول صلى الله عليه و آله و محادة لله عز و جل، و مع التنزل عن مخالفة النص أيضا نقول كان على عثمان أن يجمعهم على قراءة عبد الله دون زيد، إذ قد روي في فضل عبد الله ما سمعت و لم يذكروا لزيد بن ثابت فضلا يشابه ما روي في عبد الله سندا و لا متنا، و قد رووا ما يقدح فيه و لم يذكر أحد منهم قدحا في عبد الله، و الإطناب في ذلك يوجب الخروج عما هو المقصود من الكتاب، و من أراد ذلك فليرجع إلى الإستيعاب «1» و غيره «2» ليظهر له ما ذكرنا.
و قال في الإستيعاب «3»: كان زيد عثمانيا و لم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي عليه السلام مع الأنصار.
فظهر أن السبب الحامل لهم على تفويض جمع القرآن إليه أولا، و جمع الناس على قراءته ثانيا تحريف الكلم عن مواضعه، و إسقاط بعض الآيات الدالة على فضل أهل البيت عليهم السلام و النص عليهم، كما يظهر من الأخبار المأثورة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام، و لو فوضوا إلى غيره لم يتيسر لهم ما حاولوا.
و من جملة القراءات التي حظرها و أحرق المصحف المطابق لها قراءة أبي بن كعب و معاذ بن جبل، و قد عرفت في بعض الروايات السابقة أن النبي صلى الله عليه و آله أمر بالأخذ عنهما. هذا سوق الطعن على وجه الإلزام و بناء الكلام على الروايات العامية، و أما إذا بني الكلام على ما روي عن أهل البيت عليهم السلام
__________________________________________________
(1) الاستيعاب المطبوع هامش الإصابة 2- 316- 324.
(2) حلية الأولياء 1- 124، تاريخ الخميس 2- 257، البيان و التبيان 2- 56، البدء و التاريخ 5- 97 و غيرها.
(3) الاستيعاب المطبوع هامش الإصابة 1- 554.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 217
فتوجه الطعن أظهر و أبين، كما ستطلع عليه في كتاب القرآن «1» إن شاء الله.
توضيح:
قوله: فسقط في نفسي .. يقال للنادم المتحسر على فعل فعله: سقط في يده و هو مسقوط في يده «2»، قال الله تعالى: (لما سقط في أيديهم) «3» و لعله هنا أيضا بهذا المعنى. و قال بعض شراح الحديث من العامة: سقط ببناء مجهول- ..
أي ندمت و وقع في خاطري من تكذيب النبي صلى الله عليه و آله ما لم أقدر على وصفه، ففاعل سقط محذوف .. أي سقط في نفسي ما لم يسقط مثله في الإسلام و لا في الجاهلية، لأنه كان في الجاهلية غافلا أو متشككا، و كان من أكابر الصحابة، و ما وقع له فهو من نزغة الشيطان و زال ببركة يد النبي صلى الله عليه و آله.
و قال النووي في شرح صحيح مسلم «4»: أي وقع في نفسي من تصويب قراءة الرجلين أشد مما كنت في الجاهلية، لأنه كان إما جاهلا أو متشككا و وسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب «5».
قوله: ففضت بكسر الفاء-، قوله «6»: عرقا، تمييز، كقولهم تصيب الفرس عرقا. و قال الكرماني: إسناد الفيضان إلى نفسه و إن كان مستدركا بالتميز فإن فيه إشارة إلى أن العرق فاض منه حتى كأن النفس فاضت معه، و مثله قولهم: سالت
__________________________________________________
(1) بحار الأنوار 40- 57، و قد مرت في 24- 35 بهذا المضمون، و انظر المقدمة الثامنة من تفسير الصافي.
(2) كما في القاموس 2- 365، و مجمع البحرين 4- 253، و الصحاح 3- 1132.
(3) الأعراف: 149.
(4) شرح صحيح مسلم للنووي 6- 102، باختلاف كثير. و لاحظ 4- 144 فضائل القرآن باب 16، و في المتن منه 1- 225.
(5) في المصدر جاءت العبارة هكذا: معناه وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية، لأنه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب.
(6) في (س): و قوله.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج31، ص: 218
عيني دمعا..
وحي بياني
الذريعة إلى حافظ الشريعة (شرح أصول الكافي جيلانى)، ج1، ص: 571
فالأخبار المشتملة على اسمه عليه السلام في خلال الآيات وقول المعصوم: «هكذا نزلت» بمعنى أن جبرئيل عليه السلام نزل بالآية مقترنا بهذا التفسير؛ فتبصر واستقم كما امرت.
النشر في القراءات العشر (1/ 32)
وأما من يقول: إن بعض الصحابة كابن مسعود كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه، إنما قال: نظرت القراءات فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم. نعم كانوا ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرآنا فهم آمنون من الالتباس وربما كان بعضهم يكتبه معه، لكن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يكره ذلك ويمنع منه فروى مسروق عنه أنه كان يكره التفسير في القرآن وروى غيره عنه: " جردوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه ".
واژۀ «اقراء» كه در برخى از روايات تحريف نما به كار رفته است به چه معناست؟
کتاب
تحریف ناپذیری قرآن بخش اول; سلامت قرآن از تحريف گفتار دوم; بررسى مبانى نقد روايات تحريف قرآن 12. واژۀ «اقراء» كه در برخى از روايات تحريف نما به كار رفته است به چه معناست؟
تحریف ناپذیری قرآن
تاریخ انتشار : 1397/8/22
بازدید : 12232
پدیدآورنده : نجارزادگان، فتح اله
ناشر : نشر مشعر
محل نشر : تهران - ایران
سال نشر : 1384
تعداد جلد : 1
صفحات : 256
قطع : رقعی
12. واژۀ «اقراء» كه در برخى از روايات تحريف نما به كار رفته است به چه معناست؟
«إقراء» در لغت مصدر ثلاثى مزيد از ماده «ق، ر، أ» به معناى، «به سخن آوردن» است و هنگامى كه گفته مىشود «أقرأه القرآن» يعنى او را قرائت قرآن آموخت.1
دانشمند بزرگوار، سيد مرتضى عسكرى (مدظله) دربارهى معناى اصطلاحى اين تعبير در روايات، بحثى گسترده همراه با سير تحول تاريخى آن گشوده كه چكيدهى آن بدين شرح است:
معناى «اقراء» در زمان رسول اكرم صلّى اللّه عليه و آله تا چند سال بعد از ايشان، تعليم تلاوة الفاظ آيات همراه با تعليم معناى آنها بوده است، و اصطلاحا «مقرئ» به كسى مىگفتند كه الفاظ قرآن را با معنا و معارف آن تعليم دهد.... پس از آن كه فراگيرى قرآن رواج يافت، واژۀ «إقراء» تنها به معناى تعليم معناى آياتى به كار رفت كه نيازمند به تفسير باشد. نمونهاى از اين مورد در صحيح بخارى است كه مىگويد: عبد اللّه بن عباس مىگويد «در سال 23 ه. ق. به عبد الرحمن بن عوف، قرآن را إقراء مىكردم.» و اين در حالى است كه عبد الرحمن بن عوف در سال سوم هجرت ايمان آورده و در عصر نزول وحى حاضر بوده است. وى انسان ناآگاهى نبوده تا عبد اللّه بن عباس وى را آموزش تلاوت الفاظ قرآن دهد؛
1) ابراهيم انيس عبد الحليم منتصر، المعجم الوسيط، مادهى «ق. ر. أ» ص 722.
45بنابراين مراد از اين كه مىگويد وى را «اقراء» مىكردم اين است كه به وى تفسير قرآن را آموزش مىدادم.1
بنابراين معناى «إقراء» در عصر نزول وحى، تعليم تلاوت الفاظ قرآن، همراه با تعليم معانى و معارف آن بوده است. پس اگر به طور نمونه عبد اللّه بن مسعود دربارهى آيهى 67 سورهى مائده مىگويد: يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - إنّ عليّا مولى المؤمنين - و إن لم تفعل فما بلّغت رسالته... هكذا كنّا نقرأ الآية على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله2 ؛ (اى رسول آن چه بر تو از سوى پروردگارت فرودآمده، برسان - به تحقيق على مولاى مؤمنان است - و اگر چنين نكنى، رسالت آن را نرساندهاى...)، در اينجا مراد عبد اللّه بن مسعود اين نيست كه تعبير «ان عليّا مولى المؤمنين» در ضمن آيات، وحى قرآنى است، تا وجود اين تعبير در متن قرآن موجب پندار تحريف قرآن شود، بلكه مرادش اين است كه اين آيهى شريفه را در مقام تعليم الفاظ و معانى چنين مىخوانديم؛ تا قارى قرآن آنچه را كه در فهم درست آيه دخالت مستقيم دارد بياموزد.
و يا به طور نمونه روايتى كه مىگويد: «ابىّ أقرأنا؛ ابى بن كعب در قرائت برتر از ديگران است.» به همين معناست؛ يعنى ابى بن كعب در آشنايى با الفاظ وحى قرآنى، درك معانى آنها، شناخت تفسير حضرت رسول اكرم صلّى اللّه عليه و آله از قرآن و ناسخ و منسوخ آيات، از ديگران كارآمدتر بوده است.3
بنابراين شأن مقرئ قرآن همين بود كه الفاظ آيات وحى را همراه با معارف آن تعليم دهد، تا آن كه به دستور خلفا قرآن را از تبيين و تفسير حضرت صلّى اللّه عليه و آله تجريد كردند4 و
1) سيد مرتضى عسكرى، القرآن الكريم و روايات المدرستين، ج 1، ص 291.
2) جلال الدين سيوطى، الدر المنثور فى التفسير بالمأثور، ج 2، ص 131 و نيز ر. ك: علىّ بن عيسى اربلى، كشف الغمّة فى معرفة الأئمة، تعليق سيد هاشم رسولى، ج 1، ص 219.
3) يوسف بن عبد البر، الاستيعاب فى معرفة الاصحاب، تحقيق على محمد البجاوى، ج 1، ص 131 و نيز ر. ك: محمد بن عيسى بن سورة ترمذى، الجامع الصحيح، تحقيق احمد محمد شاكر، ج 5، ص 666.
4) مسألهى تجريد قرآن از تفسير و تبيين، مانند شعارى در عصر خلفا به ويژه خليفهى دوم درآمد. ر. ك:محمد ابن جرير طبرى، تاريخ الامم و الملوك، تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، ج 4، ص 204؛ محمد بن سعد منيع، ج 5، ص 188، و شمس الدين ذهبى، تذكرة الحفاظ، ج 1، ص 7.
46به تدريج نقطههاى آغاز اختلاف در فهم آيات به وجود آمد و با گذشت زمان بر سر تأويل (- معنا و مراد آيات) و تنزيل (- مورد نزول آيات و تفسير آنها) اختلاف كردند.1
13. واژۀ «تنزيل» كه در برخى از روايات تحريف نما به كار رفته، به چه معناست؟
1) قاسم بن سلام، فضائل القرآن، ص 45.
لینک کوتاه:
http://noo.rs/wHruj
ذكر تفسير در مصاحف
الانتصار للقرآن للباقلاني (1/ 211)
قالوا: فأمّا جِلةُ الصحابة فذلك أيضا مرويٌ عن كثيرٍ منهم، فروى
إسرائيل عن عامر قال: "كتب رجلٌ مصحَفاً عندَ كل آيةٍ تفسيرُها، فدعا به عُمرُ بن الخطاب رضوانُ الله عليه فقرَّضَه بالمقارِيض ".
إذهاب الحزن وشفاء الصدر السقيم (ص: 475)
المؤلف: عبد السلام مقبل مجبرى (المتوفي: معاصر)
المطلب الرابع: القراءة التفسيرية:
هي التي وردت في ثنايا كلام السلف أثناء قراءتهم للقران في وعظ أو في مجلس تفسير، أو علم، دون فاصل بين ما هو من القران وما هو من كلامهم فيتوهم السامع أنه قراءة، وليس كذلك وهذا النوع يشبه الحديث المدرج، فتسمية الحديث المدرج بالحديث فيه تجوز كبير، وكذلك تسمية هذا النوع بالقراءة.
راجع الكتاب راجع به قرائت تفسيري و نقل به معنا
إذهاب الحزن وشفاء الصدر السقيم (ص: 478)
ولأن القراءة الشاذة- في الغالب- تكون تفسيرا للقراءة المشهورة ... سميت قراءة هنا مجازا: كما قال أبو عبيد في الفضائل: «القصد من الشاذة تفسير المشهورة وتبيين معانيها كقراءة عائشة وحفصة: والصلاة الوسطى صلاة العصر» «2» .
ومثل ذلك ما قرره الغزالي- رحمه الله تعالى- في المنسوب إلى ابن مسعود من قراءة فصيام ثلاثة أيام متتابعات حيث قال: «تحمل على أنه ذكرها في معرض البيان لما اعتقده مذهبا فلعله اعتقد التتابع حملا لهذا المطلق على المقيد بالتتابع في الظهار» «3» ، وحملوا جميع ما جاء من الروايات مخالفا لخط المصحف إذا تيقنت صحنه على وجه التفسير، لا أنه من التلاوة «4» .
وجعل السيوطي هذا النوع شبيها بالحديث المدرج فقال:
«وظهر لي سادس يشبهه من أنواع الحديث المدرج وهو ما زيد في القراات على وجه التفسير كقراءة سعد بن أبي وقاص وله أخ أو أخت من أم أخرجها سعيد بن منصور» «5» .
__________
(1) مسلم (3/ 1678) ، مرجع سابق.
(2) فضائل القران لأبي عبيد ص 289، مرجع سابق.
(3) المستصفى ص 81، مرجع سابق.
(4) شرح الهداية ص 8، مرجع سابق.
(5) الإتقان (1/ 207) ، مرجع سابق.
إذهاب الحزن وشفاء الصدر السقيم (ص: 479)
«لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القران مما سألت» «3» ، وكلام مجاهد هنا يدل دلالة واضحة على أن «القراات الشاذة» التي تنسب إلى مصحف ابن مسعود تفسير من ابن مسعود وليست بقراءة قرانية.
ومثال ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج مع نظائر لهذه الحروف كثيرة» «4» ، وقرر ابن حزم
الإتقان في علوم القرآن (1/ 264)
قلت: أتقن الإمام ابن الجزري هذا الفصل جدا وقد تحرر لي منه أن القراءات أنواع:
الأول: المتواتر وهو ما نقله جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه وغالب القراءات كذلك.
الثاني: المشهور وهو ما صح سنده ولم يبلغ درجة التواتر ووافق العربية والرسم واشتهر عن القراء فلم يعده من الغلط ولا من الشذوذ ويقرأ به على ما ذكر ابن الجزري ويفهمه كلام أبي شامة السابق ومثاله ما اختلفت الطرق في نقله عن السبعة فرواه بعض الرواة عنهم دون بعض وأمثلة ذلك كثيرة في فرش الحروف من كتب القراءات كالذي قبله ومن أشهر ما صنف في ذلك التيسير للداني وقصيدة الشاطبي وأوعية النشر في القراءات العشر وتقريب النشر كلاهما لابن الجزري.
الثالث: الآحاد وهو ما صح سنده وخالف الرسم أو العربية أو لم يشتهر الاشتهار المذكور ولا يقرأ به وقد عقد الترمذي في جامعه والحاكم في مستدركه لذلك بابا أخرجا فيه شيئا كثيرا صحيح الإسناد من ذلك ما أخرجه الحاكم من طريق عاصم الجحدري عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: "متكئين على رفارف خضر وعبقري حسان".
وأخرج من حديث أبي هريرة أنه قرأ: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرات أعين".
وأخرج عن ابن عباس أنه قرأ: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم" بفتح الفاء. وأخرج عن عائشة أنه قرأ: "فروح وريحان" يعني بضم الراء.
الرابع: الشاذ وهو ما لم يصح سنده وفيه كتب مؤلفة من ذلك قراءة: "ملك يوم الدين" بصيغة الماضي ونصب " يوم " و" إياك يعبد "ببنائه للمفعول.
الخامس: الموضوع كقراءات الخزاعي.
وظهر لي سادس يشبهه من أنواع الحديث المدرج وهو ما زيد في القراءات على وجه التفسير كقراءة سعد بن أبي وقاص: "وله أخ أو أخت من أم " أخرجها سعيد بن منصور.
وقراءة ابن عباس: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ". أخرجها البخاري.
وقراءة ابن الزبير: "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ما أصابهم " قال عمر: فما أدري: أكانت قراءته أم فسر؟ أخرجه سعيد بن منصور وأخرجه ابن الأنبا ري وجزم بأنه تفسير.
وأخرج عن الحسن أنه كان يقرأ: "وإن منكم إلا واردها"الورود الدخول. قال ابن الأنبا ري: قوله: "الورود الدخول "، تفسير من الحسن لمعنى الورود وغلط فيه بعض الرواة فألحقه بالقرآن.
قال ابن الجزري في آخر كلامه: وربما كانوا يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا فهم آمنون من الالتباس وربما كان بعضهم يكتبه معه.
وأما من يقول: إن بعض الصحابة كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب. انتهى.
وسأفرد في هذا النوع - أعني المدرج - تأليفا مستقلا.
تنبيهات
الأول: لا خلاف أن كل ما هو من القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه وأما في محله ووضعه وترتيبه فكذلك عند محققي أهل السنة للقطع بأن العادة تقضي بالتواتر في تفاصيل مثله لأن هذا المعجز العظيم الذي هو أصل الدين القويم والصراط المستقيم مما تتوفر الدواعي على نقل جمله وتفاصيله فما نقل آحادا ولم يتواتر يقطع بأنه ليس من القرآن قطعا.
وذهب كثير من الأصوليين إلى أن التواتر شرط في ثبوت ما هو من القرآن بحسب أصله وليس بشرط في محله ووضعه وترتيبه بل يكثر فيها نقل الآحاد. قيل: وهو الذي يقتضيه صنع الشافعي في إثبات البسملة من كل سورة.
التمهيد في علوم القرآن، ج2، ص: 57 --محمدهادی معرفت
هفوة من عظيم
: المعروف من مذهب اهل البيت- عليهم السلام-: ان القرآن واحد نزل من عند واحد، و لكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة كما فى الحديث المتفق عليه عن الامام الصادق عليه السلام «1».
و على ذلك سار فقهاء الامامية خلفا عن سلف، لم يشذ عنهم أحد لا قديما و لا حديثا. نعم أخذوا من القراءات المشهورة المتلقاة بالقبول لدى عامة المسلمين طريقا الى القرآن الموحى الى النبى صلّى اللّه عليه و آله فقالوا بجواز القراءة بما يتداوله القراء المعروفون، و بذلك صح احاديثهم المروية عن اهل البيت. و عملهم الذى ساروا عليه فى الفقه و الاستنباط.
قال الشيخ ابو جعفر الطوسى- قدس سره-: «ان العرف من مذهب أصحابنا و الشائع من اخبارهم و رواياتهم: ان القرآن نزل بحرف واحد على نبى واحد، غير أنهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء» «2» و قد عرفت- فى الفصل المتقدم- كلام الحجة البلاغى، و الامام الخوئى، و هكذا تجد كلمات علمائنا متفقة فى ذلك فى جميع مصنفاتهم الفقهية و الكلامية و كتبهم فى القرآن و التفسير.
هذا ... و قد شذ كلام غريب من شيخنا الشهيد الثانى زين الدين الجبعى- قدس سره الشريف- ذكر فى كتابه «المقاصد العلية فى شرح الالفية»: «ان كلا من القراءات السبع، من عند اللّه تعالى، نزل به الروح الامين على قلب سيد المرسلين صلّى اللّه عليه و آله تخفيفا على الامة و تهوينا على اهل هذه الملة» «3».
و هذا الكلام من مثل هذا الرجل العظيم مستغرب جدا و لا يقبل أى تأويل او حمل وجيه.
و اظنه قد فرط منه ذلك فى أوليات تآليفه من غير تحقيق- نظير ما كتبه ابن الجزرى فى منجده ثم رجع عنه فى سائر كتبه المتأخرة التحقيقية- و من ثم لا نرى لذلك اثرا فى سائر تآليفه التحقيقية الضخمة التى كتبها متأخرا، كمسالك الافهام فى شرح شرايع الاسلام، و الروضة البهية فى شرح اللمعة الدمشقية، و غيرهما.
و قد رد عليه الوحيد البهبهانى- فى حاشية المدارك- قائلا:
«لا يخفى ان القراءة عندنا نزلت بحرف واحد، من عند الواحد، و الاختلاف جاء من قبل الرواية- إشارة الى حديث الامام الصادق عليه السلام الانف الذى تسلمه الاصحاب بالقبول-» «1».
و قال الشهيد الثانى- ايضا-: «ليس المراد بتواتر القراءات ان كل ما ورد من هذه السبع متواتر، بل المراد: انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات فان بعض ما نقل عن السبعة شاذ، فضلا عن غيرهم، كما حققه جماعة من اهل هذا الشأن».
قال سبطه «السيد محمد العاملى»- بعد نقل ذلك عنه-: «هذا مشكل جدا لكون المتواتر لا يشتبه بغيره».
قال السيد محمد الجواد العاملى: «و كلام الشهيد الثانى هذا- بظاهره- قد يخالف كلامه السابق، مع انه ذكر الكلامين فى كتاب واحد، و الجمع بينهما ممكن.» «2».
قلت: ذلك دليل على ان كلامه الاول صدر منه من غير تحقيق و لا التفات- عن جد- الى فحواه، و الا فكيف هذا التناقض؟! و لا يخفى عدم امكان الجمع بين الكلامين، و لا بين كلامه الاول و كلام سائر علمائنا الاعلام. فالصحيح: انه من اوليات كتاباته فى الفقه، اذ لم نجد له اثرا فى سائر تآليفه اطلاقا.
اما موقع القراءات السبع المشهورات من القرآن الثابت الجائز قراءته فى الصلاة عندنا، فسنتكلم عنه فى فصل قادم عند ما نعرض اختيارنا فى القراءة الصحيحة.