نهج البلاغة (للصبحي صالح)، ص: 342
222 و من كلام له ع قاله عند تلاوته: يسبح له فيها بالغدو و الآصال رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله
إن الله سبحانه و تعالى جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوقرة و تبصر به بعد العشوة و تنقاد به بعد المعاندة
و ما برح لله عزت آلاؤه في البرهة بعد البرهة و في أزمان الفترات عباد ناجاهم في فكرهم و كلمهم في ذات عقولهم فاستصبحوا بنور يقظة في [الأسماع و الأبصار] الأبصار و الأسماع و الأفئدة يذكرون بأيام الله و يخوفون مقامه بمنزلة الأدلة في الفلوات من أخذ القصد حمدوا إليه طريقه و بشروه بالنجاة و من أخذ يمينا و شمالا ذموا إليه الطريق و حذروه من الهلكة و كانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات و أدلة تلك الشبهات
و إن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة و لا بيع عنه يقطعون به أيام الحياة و يهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين و يأمرون بالقسط و يأتمرون به و ينهون عن المنكر و يتناهون عنه- [فكأنهم] فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة و هم فيها فشاهدوا ما وراء ذلك فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الإقامة فيه و حققت القيامة عليهم عداتها فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدنيا حتى كأنهم يرون ما لا يرى الناس و يسمعون ما لا يسمعون
فلو مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة و مجالسهم المشهودة و قد نشروا دواوين أعمالهم و فرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة و كبيرة أمروا بها فقصروا عنها أو نهوا عنها ففرطوا فيها و حملوا ثقل أوزارهم ظهورهم فضعفوا عن الاستقلال بها فنشجوا نشيجا و تجاوبوا نحيبا يعجون إلى ربهم من مقام ندم و اعتراف لرأيت أعلام هدى و مصابيح دجى قد حفت بهم الملائكة و تنزلت عليهم السكينة و فتحت لهم أبواب السماء و أعدت لهم مقاعد الكرامات في مقعد اطلع الله عليهم فيه فرضي سعيهم و حمد مقامهم يتنسمون بدعائه روح التجاوز رهائن فاقة إلى فضله و أسارى ذلة لعظمته
جرح طول الأسى قلوبهم و طول البكاء عيونهم
لكل باب رغبة إلى الله منهم يد قارعة يسألون من لا تضيق لديه المنادح و لا يخيب عليه الراغبون
فحاسب نفسك لنفسك فإن غيرها من الأنفس لها حسيب غيرك
الأمالي( للصدوق)، النص، ص: 196
المجلس السادس و الثلاثون
و هو يوم الثلاثاء لأربع بقين من المحرم من سنة ثمان و ستين و ثلاثمائة
....
و قال الصادق ع أوحى الله عز و جل إلى داود ع يا داود بي فرح [فافرح] و بذكري فتلذذ و بمناجاتي فتنعم فعن قليل أخلي الدار من الفاسقين و أجعل لعنتي على الظالمين.