بسم الله الرحمن الرحیم

اختلاف رسم مصاحف، پشتوانه تعدد قراءات

فهرست مباحث علوم قرآنی
رسم المصحف و ضبطه
زبانشناسی-زبان-الفبا-خط
كتابة المصحف-مجلة البحوث الإسلامية-الرئيس بن باز-بحث مفصل
علامات ضبط المصحف الشریف
سر کتابة السین صاداً فی القرآن الکریم
روش کتابت مسلمین در صدر اسلام
انواع رسم مصحف و ضبط مصحف
شواهد اعتماد قراءات بر سماع-عدم اختلاف در مواضع امکان اجتهاد
آیا رسم مصحف، توقیفي است؟
خطأ الکاتب في المصحف
یک دلیل برای تعدد قراءات!!
روح و کالبد تلاوت و رسم، زنده به دو رکن اداء و نص
رسم المصحف
تعاضد الرسم و القراءات
ارتباط مس مصحف بدون طهارت با انواع رسم و ضبط مصحف



معاني القرآن للفراء (3/ 114)
المؤلف: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
ولو قرأ قارئ: «والحب ذا العصف والريحان» لكان جائزا، أي: خلق ذا وذا، وهي في مصاحف أهل الشام: والحب ذا «3» العصف، ولم نسمع بها قارئا، كما أن في بعض مصاحف أهل الكوفة: «والجار ذا القربى» «4» [189/ ا] ولم يقرأ به أحد، وربما كتب الحرف على جهة واحدة، وهو في ذلك يقرأ بالوجوه.
وبلغني: إن كتاب علي بن أبي طالب رحمه الله كان مكتوبا: هذا كتاب من علي بن أبو طالب كتابها: أبو. في كل الجهات، وهي تعرب في الكلام إذا قرئت.



فضائل القرآن للقاسم بن سلام (ص: 328)
حروف القرآن التي اختلفت فيها مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق، وهي اثنا عشر حرفا
حدثنا إسماعيل بن جعفر المديني، أن أهل الحجاز، وأهل العراق اختلفت مصاحفهم في هذه الحروف.
قال: كتب أهل المدينة في سورة البقرة ....
... باب وهذه الحروف التي اختلفت فيها مصاحف أهل الشام وأهل العراق وقد وافقت أهل الحجاز في بعض وفارقت بعضا
قال أبو عبيد: قد ذكرنا ما خالفت فيه مصاحف أهل الحجاز وأهل الشام مصاحف أهل العراق،
فأما العراق نفسها فلم تختلف مصاحفها فيما بينها إلا خمسة أحرف بين مصاحف الكوفة والبصرة.
كتب الكوفيون في سورة الأنعام: ....
وكتبها البصريون: لئن أنجيتنا بالتاء.
.... قال أبو عبيد: هذه الحروف التي اختلفت في مصاحف الأمصار، ... وهي كلها عندنا كلام الله، والصلاة بها تامة إذ كانت هذه حالها





المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 118)
قال أبو عمرو فإن سأل عن السبب الموجب لاختلاف مرسوم هذه الحروف الزوائد في المصاحف قلت السبب في ذلك عندنا إن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه لما جمع القرآن في المصاحف ونسخها على صورة واحدة وآثر في رسمها لغة قريش دون غيرها مما لا يصحّ ولا يثبت نظرا للأُمّة واحتياطا على أهل المللّة وثبت عنده إن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منزلة ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة وعلم إن جمعها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكّن إلا بإعادة الكلمة مرتّين وفي رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم مالا خفاء به ففرقها في المصاحف لذلك فجاءت مثبتة في بعضها ومحذوفة في بعضها لكي تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله عز وجل وعلى ما سُمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا سبب اختلاف مرسومها في مصاحف أهل الأمصار.


النشر في القراءات العشر (1/ 12)
(قلت) : فانظر كيف كتبوا الصراط والمصيطرون بالصاد المبدلة من السين، وعدلوا عن السين التي هي الأصل لتكون قراءة السين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة، ولو كتب ذلك بالسين على الأصل لفات ذلك وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم والأصل، ولذلك كان الخلاف في المشهور في بسطة الأعراف دون بسطة البقرة ; لكون حرف البقرة كتب بالسين وحرف الأعراف بالصاد،




المحكم في نقط المصاحف (ص: 3)
وإنما أخلى الصدر منهم المصاحف من ذلك ومن الشكل من حيث أرادوا الدلالة على بقاء السعة في اللغات والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لعباده في الأخذ بها والقراءة بما شاءت منها فكان الأمر على ذلك إلى أن حدث في الناس ما أوجب نقطها وشكلها


المحكم في نقط المصاحف (ص: 11)
حدثت عن الحسن بن رشيق قال نا أبو العلاء محمد بن أحمد الذهلي قال لنا أبو بكر بن ابي شيبة قال أنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي رجاء قال سألت محمدا عن نقط المصاحف فقال إني أخاف أن يزيدوا في الحروف أو ينقصوا


المحكم في نقط المصاحف (ص: 11)
حدثني عبد الملك بن الحسين قال نا عبد العزيز بن علي قال نا المقدام ابن تليد قال نا عبد الله بن عبد الحكم قال قال أشهب سئل مالك فقيل له أرأيت من استكتب مصحفا اليوم أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم فقال لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى قال مالك ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا أرى بذلك بأسا قال عبد الله وسمعت مالكا وسئل عن شكل المصاحف فقال أما الأمهات فلا أراه وأما المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان فلا بأس



المحكم في نقط المصاحف (ص: 17)
حدثنا فارس بن احمد المقرئ قال نا احمد بن محمد قال نا احمد بن عثمان قال نا ابن شاذان قال نا محمد بن عيسى قال نا ابراهيم بن موسى قال أنا الوليد بن مسلم قال نا الاوزاعي سمعت يحيى بن ابي كثير يقول كان القرآن مجردا في المصاحف فأول ما أحدثوا فيها النقط على التاء والياء وقالوا لا بأس به هو نور له ثم أحدثوا فيها نقطا عند منتهى الآي ثم أحدثوا الفواتح والخواتم
قال أبو عمرو وهذا يدل على التوسعة في ذلك



المحكم في نقط المصاحف (ص: 18)
باب جامع القول في النقط وعلى ما يبنى من الوصل والوقف وما يستعمل له من الألوان وما يكره من جمع قراءات شتى وروايات مختلفة في مصحف واحد وما يتصل بذلك من المعاني اللطيفة والنكت الخفية
اعلم أيدك الله بتوفيقه أن الذي دعا السلف رضي الله عنهم إلى نقط المصاحف بعد أن كانت خالية من ذلك وعارية منه وقت رسمها وحين توجيهها إلى الأمصار للمعنى الذي بيناه والوجه الذي شرحناه ما شاهدوه من


المحكم في نقط المصاحف (ص: 20)
قال أبو عمرو وعلى ما استعمله أهل المدينة من هذين اللونين في المواضع التي ذكرناها عامة نقاط أهل بلدنا قديما وحديثا من زمان الغاز بن قيس صاحب نافع بن ابي نعيم رحمه الله إلى وقتنا هذا اقتداء بمذاهبهم واتباعا لسننهم
فأما نقاط أهل العراق فيستعملون للحركات وغيرها وللهمزات الحمرة وحدها وبذلك تعرف مصاحفهم وتميز من غيرها
وطوائف من أهل الكوفة والبصرة قد يدخلون الحروف الشواذ في المصاحف وينقطونها بالخضرة وربما جعلوا الخضرة للقراءة المشهورة الصحيحة وجعلوا الحمرة للقراءة الشاذة المتروكة وذلك تخليط وتغيير وقد كره ذلك جماعة من العلماء
أخبرني الخاقاني أن محمد بن عبد الله الأصبهاني حدثهم بإسناده عن احمد بن جبير الانطاكي قال إياك والخضرة التي تكون في المصاحف فإنه يكون فيها لحن وخلاف للتأويل وحروف لم يقرأ بها أحد


المحكم في نقط المصاحف (ص: 20)
قال أبو عمرو وأكره من ذلك واقبح منه ما استعمله ناس من القراء وجهلة من النقاط من جمع قراءات شتى وحروف مختلفة في مصحف واحد وجعلهم لكل قراءة وحرف لونا من الألوان المخالفة للسواد كالحمرة والخضرة والصفرة واللازورد وتنبيههم على ذلك في أول المصحف ودلالتهم عليه هناك لكي تعرف القراءات وتميز الحروف إذ ذلك من اعظم التخليط وأشد التغيير للمرسوم



المحكم في نقط المصاحف (ص: 21)
ومن الدلالة على كراهة ذلك والمنع منه سوى ما قدمناه من الأخبار عن ابن مسعود والحسن وغيرهما ما حدثناه خلف بن إبراهيم بن محمد قال نا احمد بن محمد قال نا علي بن عبد العزيز قال نا القاسم بن سلام قال نا هشيم عن ابي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس انه قرأ {عباد الرحمن} قال سعيد فقلت لابن عباس إن في مصحفي عند الرحمن فقال امحها واكتبها عباد الرحمن ألا ترى ابن عباس رحمه الله قد آمر سعيد بن جبير بمحو إحدى القراءتين وإثبات الثانية مع علمه بصحة القراءتين في ذلك وأنهما منزلتان من عند الله تعالى وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهما جميعا وأقرأ بهما أصحابه غير أن التي أمره بإثباتها منهما كانت اختياره إما لكثرة القارئين بها من الصحابة وإما لشيء صح عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر شاهده من عليه الصحابة
فلو كان جمع القراءات وإثبات الروايات والوجوه واللغات في مصحف واحد جائزا لامر ابن عباس سعيدا بإثباتهما معا في مصحفه بنقطة يجعلها فوق الحرف الذي بعد العين وضمه امام الدال دون ألف مرسومة بينهما إذ قد تسقط من الرسم في نحو ذلك كثيرا لخفتها وتترك النقطة التي فوق ذلك الحرف والفتحة التي على الدال فتجتمع بذلك القراءتان في الكلمة المتقدمة ولم يأمره بتغيير إحداهما ومحوها وإثبات الثانية خاصة فبان بذلك صحة ما قلناه وما ذهب إليه العلماء من كراهة ذلك لأجل التخليط على القارئين والتغيير للمرسوم


المحكم في نقط المصاحف (ص: 22)
وكان بعض الكتاب لا يغير رسم المصحف الاول واذا مر بحرف يعلم ان النقط والشكل لا يضبطه كتب ما يريد من القراءات المختلفة تعليقا بألوان مختلفة وهذا كله موجود في المصاحف



المحكم في نقط المصاحف (ص: 23)
والشكل والنقط شيء واحد غير ان فهم القارئ يسرع الى الشكل أقرب مما يسرع الى النقط لاختلاف صورة الشكل واتفاق صورة النقط إذ كان النقط كله مدورا فيه الضم والكسر والفتح والهمز والتشديد بعلامات مختلفة وذلك عامته مجتمع في النقط


المحكم في نقط المصاحف (ص: 22)
والشكل المدور يسمى نقطا لكونه على صورة الاعجام الذي هو نقط بالسواد والشكل أصله التقييد والضبط تقول شكلت الكتاب شكلا أي قيدته وضبطته وشكلت الدابة شكالا وشكلت الطائر شكولا والشكل الضرب المتشابه ومنه قوله تعالى {وآخر من شكله أزواج} أي من ضربه ومثله قوله الرجل ما أنت من شكلي أي من ضربي والشكل المثل وأشكل الامر إذا اشتبه والقوم أشكال أي أشباه


المحكم في نقط المصاحف (ص: 35)
قال ابو عمرو النقط عند العرب إعجام الحروف في سمتها وقد روى عن هشام الكلبي انه قال اسلم بن خدرة اول من وضع الاعجام والتقط والنقط




المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 117)
قال أبو عمرو فهذا جميع ما انتهى إلينا بالروايات من الاختلاف بين مصاحف أهل الأمصار وقد مضى من ذلك حروف كثيرة في الأبواب المتقدمة والقطع عندنا على كيفية ذلك في مصاحف أهل الأمصار على قراءة أيّمتهم غير جائر إلا برواية صحيحة عن مصاحفهم بذلك إذ قراءتهم في كثير من ذلك قد تكون على غير مرسوم مصحفهم ألا ترى إن أبا عمرو قرأ " يعبادي لا خوف عليكم " في الزخرف بالياء وهو في مصحف أهل البصرة بغير ياء فسئُل عن ذلك فقال اني رأيته في مصاحف أهل المدينة بالياء فترك ما في مصحف أهل بلده واتبع في ذلك مصاحف أهل المدينة. وكذلك قراءته في الحجرات " لا يألتكم من اعملكم شيئا " بالهمزة التي صورتها ألف وذلك مرسوم في جميع المصاحف بغير ألف وكذلك قراءته أيضا في المنافقون " وأكون من الصلحين " بالواو والنصب وذلك في كل المصاحف بغير واو مع الجزم قال أبو عبيد وكذا رأيته في الإمام قال وأتفقت على ذلك المصاحف وكذلك أيضا قراءته في المرسلات " واذا الرسل وُقّتت " بالواو من الوقت وذلك في الإمام وفي كل المصاحف بالألف وكذلك قراءته وقراءة ابن كثير في البقرة " أو ننسأها " بهمزة ساكنة بين السين والهاء وصورتها ألف وليست كذلك في مصاحف أهل مكة ولا في غيرها وكذلك قراءة ابن عامر وعاصم من رواية حفص بن سليمان في الزخرف " قال أولو جئتكم " بالألف ولا خبر عندنا إن ذلك كذلك مرسوم في مصاحف أهل الشام ولا غيرها

المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 118)
وكذلك أيضا قراءة عاصم من الطريق المذكور في الانبياء " قال رب احكم بالحق " بالألف ولا رواية عندنا إن ذلك كذلك مرسوم في شيء من المصاحف في نظائر لذلك كثيرة ترد عن ايّمة القراءة بخلاف مرسوم مصحفهم وإنما بيّنت هذا الفصل ونّبهت عليه لآني رأيت بعض من أشار إلى جمع شيء من هجاء المصاحف من منتحلي القراءة من أهل عصرنا قد قصد هذا المعنى وجعله أصلا فأضاف بذلك ما قرأ به كل واحد من الايّمة من الزيادة والنقصان في الحروف المتقدمة وغيرها إلى مصاحف أهل بلده وذلك من الخطأ الذي يقود إليه إهمال الرواية وإفراط الغباوة وقلّة التحصيل إذ غير جائز القطع على كيفية ذلك إلا بخبر منقول عن الايّمة السالفين ورواية صحيحة عن العلماء المختصين بعلم ذلك المؤتمنين على نقله وإيراده لما بيّناه من الدلالة وبالله التوفيق.




المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 118)
قال أبو عمرو فإن سأل عن السبب الموجب لاختلاف مرسوم هذه الحروف الزوائد في المصاحف قلت السبب في ذلك عندنا إن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه لما جمع القرآن في المصاحف ونسخها على صورة واحدة وآثر في رسمها لغة قريش دون غيرها مما لا يصحّ ولا يثبت نظرا للأُمّة واحتياطا على أهل المللّة وثبت عنده إن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منزلة ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة وعلم إن جمعها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكّن إلا بإعادة الكلمة مرتّين وفي رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم مالا خفاء به ففرقها في المصاحف لذلك فجاءت مثبتة في بعضها ومحذوفة في بعضها لكي تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله عز وجل وعلى ما سُمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا سبب اختلاف مرسومها في مصاحف أهل الأمصار.

فإن قال قائل فما تقول في الخبر الذي رويتموه عن يحيى بن يعمر وعكرمة مولى ابن عباس عن عثمان رضي الله عنه إن المصاحف لما نّسخت عُرضت عليه فوجد فيها حروفا من اللحن فقال اتركوها فإن العرب ستقيمها أو ستعربها بلسانها إذ يدل على خطأ في الرسم
قلت هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة ولا يصح به دليل من جهتين أحدهما انه مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه مرسل لأن ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئا ولا رأياه وأيضا فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان رضي الله عنه لما فيه من الطعن عليه مع محلّه من الدين ومكانه من الإسلام وشدّة اجتهاده في بذل النصيحة واهتباله بما فيه الصلاح للأمة فغير متمكن إن يتولى لهم جمع المصحف مع سائر الصحابة الأتقياء الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ممن لا شك انه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده هذا مالا يجوز لقائل إن يقوله ولا يحل لأحد إن يعتقده.

فإن قال فما وجه ذلك عندك لو صحّ عن عثمان رضي الله عنه قلت وجهه إن يكون عثمان رضي الله عنه أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم إذ كان كثير منه لو تُلي على رسمه لا نقلب بلك معنى التلاوة وتغيرت الفاظها إلا ترى قوله " اولاأذبحنّه " و " لأاوضعوا " و " من نبأي المرسلين " و " سأوريكم " و " الربوا " وشبهه مما زيدت الألف والياء والواو في رسمه لو تلاه تالٍ لا معرفة له بحقيقة الرسم على صورته في الخط لصير الإيجاب ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من اصله فأتى من الحن بما لا خفاء به على من سمعه مع كون رسم ذلك كذلك جائزا مستعملا فأعلم عثمان رضي الله عنه إذ وقف على ذلك إن من فاته تمييز ذلك وعزبت معرفته عنه ممن يأتي بعده سيأخذ ذلك عن العرب اذهم الذين نزل القرآن بلغتهم فيعرفونه بحقية تلاوته ويدلونهّ على صواب رسمه فهذا وجه عندي والله اعلم.
فإن قيل فما معنى قول عثمان رضي الله عنه في آخر هذا الخبر لو كان الكتاب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد هذه الحروف قلت معناه أي توجد فيه مرسومة بتلك الصور المبنية على المعاني دون الالفاظ المخالفة لذلك اذ كانت قريش ومن ولي نَسْخ المصاحف من غيرها قد استعملوا ذلك في كثير من الكتابة وسلكوا فيها تلك الطريقة ولم تكن ثقيف وهذيل مع فصاحتهما يستعملان ذلك فلو انهما وليتا من امر المصاحف ماوليه من تقدم من المهاجرين والانصار لرستما جميع تلك الحروف على حال استقرارها في اللفظ ووجدها في المنطق دون المعاني والوجوه اذ ذلك هو المعهود عندهما والذي جرى عليه استعمالها هذا تأويل قول عثمان عندي لو ثبت وجاء مجيء الحجّة وبالله التوفيق.
حدثنا خلف بن إبراهيم المقرئ قال حدثنا احمد بن محمد المكي قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا القسم بن سلام قال حدثنا حجاج عن هرون قال اخبرني الزبير بن الخريت عن عكرمة قال لما كُتبت المصاحف عُرضت على عثمان رضي الله عنه فوجد فيها حروفا من اللحن فقال لا تغيّروها فان العرب ستغيرها أو قال ستعربها بألسنتها لو كان الكتاب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف.
حدثنا عبد الرحمن بن عثمان قال حدثنا قاسم ابن اصبغ قال حدثنا احمد بن زهير قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا عمران القطان عن قتادة عن نصير بن عاصم عن عبد الله بن أبي فطيمة عن يحيى بن يعمر قال قال عثمان بن عفان رضي الله عنه في القرآن لحن تقيمها العرب بألسنتها.

فان قيل فما تأويل الخبر الذي رويتموه أيضا عن هشام بن عروة عن أبيه انه سأل عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن عن قوله " إن هذين لسحران " وعن " والمقيمين الصلوة والمؤتون الزكوة " وعن " إن الذين ءامنوا والذين هادوا.. والصبئون " فقالت يا ابن اختي هذا عمل الكتّاب اخطئوا في الكتابة
قلت تأويله ظاهر وذلك إن عروة لم يسأل عائشة فيه عن حروف الرسم التي تزاد فيها لمعنى وتنقصى منها لأخر تأكيداً للبيان وطلبا للخفّة وانما سأله فيه عن حروف من القراءة المختلفة الالفاظ المحتملة الوجوه على اختلاف اللغات التي اذن الله عز وجل لنبيّه عليه السلام ولاُمّته في القراءة بها واللزوم على ماشاءت منها تيسير الها وتوسعة عليها وما هذا سبيله وتلك حاله فعن اللحن والخطأ والوهم والزلل بمعزل لفشّوه في اللغة ووضوحه في قياس العربية واذا كان الامر في ذلك كذلك فليس ما قصدته فيه بداخل في معنى المرسوم ولا هو من سببه في شيء وانما سّمى عروة ذلك لحنا وأطلقت عائشة على مرسومه كذلك الخطأ على جهة الاتّساع في الاخبار وطريق المجاز في العبارة اذ كان ذلك مخالفا لمذهبهما وخارجا عن اختيارهما وكان الأوجه والأولى عندهما الأكثر والافشى لديهما لا على وجه الحقيقية والتحصيل والقطع لما بيّناه قبل من جواز ذلك وفشوه فب اللغة واستعمال مثله في قياس العربية مع انعقاد الاجماع على تلاوته كذلك دون ما ذهبا إليه إلا ما كان من شذوذ أبي عمرو بن العلاء في " إن هذين " خاصّة هذا الذي يُحمل عليه هذا الخبر ويتأوّل فيه دون إن يقطع به على إن ام المؤمنين رضي الله عنها مع عظيم محلّها وجليل قدرها واتّساع علمها ومعرفتها بلغة قومها لّحنت الصحابة وخطأت الكتبة وموضعهم من الفصاحة والعلم باللغة موضهم الذي لا يجهل ولا ينكر هذا مالا يسوغ ولا يجوز وقد تأوّل بعض علمائنا قول امّ المؤمنين اخطئوا في الكتاب أي خطئوا في اختيار الأولى من الاحرف السبعة بجمع الناس عليه لا إن الذي مدّة وقوعة وعظم قدر موقعه وتأوّل اللحن انه القراءة واللغة كقول عمر رضي الله عنه أبي واِناّ لندع بعض لحنه أي قراءته ولغته فهذا بين وبالله التوفيق.
حدثنا الخاقاني قال حدثنا احمد بن محمد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أَبيه قال سأَلتُ عائشة رضي الله عنها عن لحن اُلقرآن عن قول الله عز وجل " إن هذين لسحرن " وعن قوله " والمقيمين اُلصلوة والمؤتون الزكوة " وعن قوله تبارك وتعلى " اِنّ الذين ءامنوا والذين هادوا..والصبئون " فقالت ياابن اختي عمل الكتاب اخطئوا في الكتاب
فان قال قائل فاذ قد أَوضحت ما سئلتَ عنه من تأول هذين الخبرين فعرفنا بالسبب الذي دعا عثمان رضي الله عنه إلى جمع القرآن في المصاحف وقد كان مجموعا في الصحف عَلَى ما رويته لنا في حديث زيد بن ثابت المتقدم قلت السبب في ذلك بين فذلك الخبر عَلى قول بعض العلماء وهو إن أبا بكر رضي الله عنه كان قد جمعه أَولاً عَلى السبعة الاحرف التي اذن الله عز وجل للامة في التلاوة بها ولم يخص حرفا بعينه فلما كان زمان عثمان ووقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشام في القراءة وأَعلمه حذيفة بذلك رأَى هو ومن بالحضرة من الصحابة إن يجمع الناس على حرف واحد من تلك الاحرف وان يسقط ما سواه فيكون ذلك مما يرتفع به الاختلاف ويوجب الاتفاق اذ كانت الامة لم تؤمر بحفظ الاحرف السبعة وانما خُيّرت في ايّها شاءت لزمته واجزأها كتخييرها في كفارة اليمين بالله بين الاطعام والكسوة والعتق لا إن يجمع ذلك كله فكذلك السبعة الاحرف.
وقيل انما جمع الصحف في مصحف واحد لما في ذلك من حياطة القرآن وصيانته وجعل المصاحف المختلفة مصحفا واحدا متفقا عليه واسقط ما لا يصحّ من القراءات ولا يثبت من اللغات وذلك من مناقبه وفضائله رضي الله عنه.

فان قيل لم جعل عثمان مع زيد غيره هلا افرده بذلك كما فعل أبو بكر رضي الله عنه
قلت انما فعل ذلك حين بلغه اختلاف الناس في القراءة لكي يحصل القرآن مجموعا على لغة قريش خاصّة اذ لغتها القرآن كله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان قراءته كانت على آخر عرضة عرضها النبي على جبريل عليهما السلام وهذه الاشياء توجب تقديمه لذلك وتخصيصه به لا متناع اجتماعهما في غيره وان كان كل واحد من الصحابة رضوان الله عليهم له فضله وسابقته فلذلك قدمه أبو بكر رضي الله عنه لكتاب المصاحف وخصّة به دون غيره من سائر المهاجرين والانصار ثم سلك عثمان رضي الله عنه طرق أبي بكر في ذلك اذ لم يسعه غيره واذ كان النبيّ صلى الله عليه وسلم قد قال اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر فولاه ذلك أيضا وجعل معه النفر القرشيين ليكون القرآن مجموعا على لغتهم ويكون ما فيه لغات ووجوه من ذلك على مذهبهم دون مالا يصحّ من اللغات ولا يثبت من القراءات
فهذا الجواب عما سئلنا عنه ووجه السبب في ذلك بالله التوفيق وحسبنا الله ونعم الوكيل
تم كتاب الهجاء في المصاحف بحمد الله وحسن عونه.



كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 713)
ذكر النقط والإعجام، في الإسلام
اعلم أن الصدر الأول أخذ القرآن والحديث من أفواه الرجال بالتلقين، ثم لما كثر أهل الإسلام اضطر إلى وضع النقط والإعجام.
فقيل: إن أول من وضع النقط مرار (مرامر) ، والعجام: عامر، وقيل: الحجاج، وقيل: أبو الأسود الدؤلي بتلقين علي رضي الله تعالى عنه، إلا أن الظاهر أنهما موضوعان مع الحروف، إذ يبعد أن الحروف مع تشابه صورها كانت عرية عن النقط إلى حين نقط الصحف.
وقد روى أن الصحابة جردوا المصحف من كل شيء حتى النقط، ولو لم يوجد في زمانهم لما يصح (لما صح) التجريد منه.
وذكر ابن خلكان في ترجمة الحجاج: أنه حكى أبو أحمد العسكري في كتاب (التصحيف) : أن الناس مكثوا يقرؤون في




رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 35)
كيفية تطبيق ذلك على المصاحف في دور الطباعة الحديثة:
سبق أن قلنا: إن اتفاق القراءة مع المصحف الذي أرسل إلى كل قطر إنما هو في الغالب فقط، وليس مطردا، وشرط قبول القراءة: موافقتها لأحد هذه المصاحف، وليس شرطا أن توافق مصحف أهل القطر المعين.
ولذلك نجد في المصاحف التي طبعت على رواية "حفص" أنه اتبع فيها رسم الكلمات على حسب الرواية، حتى ولو كانت مخالفة لمصحف أهل الكوفة.
جاء في التعريف بالمصحف الذي أشرفت على طبعه لجنة من العلماء في مصر سنة "1342هـ-1932م" ما نصه:
"أما الأحرف اليسيرة التي اختلفت فيها أهجية تلك المصاحف، فاتبع فيها الهجاء الغالب، مع مراعاة قراءة القارئ الذي يكتب المصحف لبيان قراءته"1.
ولذلك رسم فيه قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} 2 بسورة "يس" بالهاء، تبعا لرواية حفص، مع أنها في مصحف أهل الكوفة بدونها.
كما رسم قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} 3 بهائين، تبعا للرواية، وهي في مصحف الكوفيين بهاء واحدة.
وهذا لا يخرج المصحف عن كونه موافقا لرسم المصاحف العثمانية.
__________
1 راجع: التعريف بالمصحف الشريف في آخره.
2 سورة يس من الآية "35".
3 سورة الزخرف من الآية "71".



دراسات في علوم القرآن - محمد بكر إسماعيل (ص: 136)
المؤلف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ)
4- تفسير الزيادة والحذف باحتمال القراءات:
ذهب بعض الباحثين إلى أن المصحف العثماني كُتِبَ ليشتمل على الأحرف السبعة، أو أنه جاء شاملًا لما يحتمله رسمه منها.
وقد ضعَّفَ هذا الاحتمال الأستاذ "غانم قدوري الحمد" فقال: "إن المصحف العثماني إنما كُتِبَ على قراءة معينة، أي: أن رسم الكلمات جاء لتمثيل لفظ واحد, ونطق معيِّنٍ, بغض النظر عن احتماله لأكثر من قراءة، بسبب تجرد الكتابة آنذاك من الشكل والإعجام، ومن ثَمَّ فإن هذا الاتجاه في تعليل بعض ظواهر الرسم لا يقوم على أساس راجح -في نظرنا, بل إنه لا يختلف كثيرًا عن الاتجاه القائل باختلاف أحوال الرسم لاختلاف المعاني في ضعف الأساس الذي بُنِيَ عليه"1.
وقوله هذا مرجوح وليس براجح في نظري, على ما يأتي بيانه قريبًا.
__________
1 رسم المصحف ص231-232.











المحكم في نقط المصاحف (ص: 25)
باب ذكر القول في حروف التهجي وترتيب رسمها في الكتابة
حدثنا عبد الرحمن بن عثمان قال نا قاسم بن أصبغ قال نا أحمد بن زهير قال نا الفضل بن دكين قال نا إسرائيل عن جابر عن عامر عن سمرة بن جندب قال نظرت في كتاب العربية فوجدتها قد مرت بالانبار قبل ان تمر بالحيرة
حدثنا ابن عفان قال نا قاسم قال نا احمد قال نا الزبير بن بكار قال حدثني إبراهيم بن المنذر قال حدثني عبد العزيز بن عمران قال حدثني ابراهيم بن اسماعيل بن ابي حبيب عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال أول من نطق بالعربية فوضع الكتاب على لفظه ومنطقه ثم جعله كتابا واحدا مثل بسما لله الموصول حتى فرق بينه ولده إسماعيل بن ابراهيم صلى اللة عليه وسلم
أخبرنا احمد بن ابراهيم بن فراس المكي قال نا عبد الرحمن بن عبد الله ابن محمد قال حدثني جدي قال نا سفيان بن عيينة عن مجالد عن الشعبي قال سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتاب قالوا من أهل الحيرة وقالوا لأهل الحيرة من أين تعلمتم الكتاب قالوا من أهل الأنبار
قال أبو عمرو وفي كتاب محمد بن سحنون حدثنا ابو الحجاج واسمه سكن بن ثابت قال نا عبد الله بن فروخ عن عبد الرحمن بن زياد بن انعم المعافري عن أبيه زياد بن أنعم قال قلت لعبد الله بن عباس معاشر قريش هل كنتم تكتبون في الجاهلية بهذا الكتاب العربي تجمعون فيه ما أجتمع وتفرقون فيه ما افترق هجاء بالالف واللام والميم والشكل والقطع وما يكتب به اليوم قبل أن يبعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم قلت فمن علمكم الكتاب قال حرب بن أمية قلت فمن علم حرب بن امية قال عبد الله بن جدعان قلت فمن علم عبد الله بن جدعان قال أهل الأنبار قلت فمن علم أهل الانبار قال طارئ طرأ عليهم من أرض اليمن من كندة قلت فمن علم الطارئ قال الجلجان بن الموهم كان كاتب هود نبي الله صلى الله عليه وسلم بالوحي عن الله عز وجل


المحكم في نقط المصاحف (ص: 35)
قال ابو عمرو النقط عند العرب إعجام الحروف في سمتها وقد روى عن هشام الكلبي انه قال اسلم بن خدرة اول من وضع الاعجام والتقط والنقط



تفسير القرطبي (1/ 82)
وادعى أن عثمان رضى اله عنه لما أسند جمع القرآن إلى زيد بن ثابت لم يصب، لأن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب كانا أولى بذلك من زيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أقرأ أمتي أبي بن كعب" ولقوله عليه السلام:" من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد". وقال هذا القائل: لي أن أخالف مصحف عثمان كما خالفه أبو عمرو بن العلاء، فقرأ:" إن هذين «2» "،" فأصدق وأكون"، وبشر عبادي الذين" بفتح الياء،" فما أتاني الله" بفتح الياء. والذي في المصحف:" إن هذان «3» " بالألف، "فأصدق وأكن" بغير واو،" فبشر عباد"،" فما آتان الله" بغير ياءين في الموضعين .. كما خالف ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي مصحف عثمان فقرءوا:" كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" بإثبات نونين، يفتح الثانية بعضهم ويسكنها بعضهم، وفي المصحف نون واحدة «1»، وكما خالف حمزة المصحف فقرأ:" أتمدون بمال" بنون واحدة ووقف على الياء، وفي المصحف نونان ولا ياء بعدهما، وكما خالف حمزة أيضا المصحف فقرأ:" ألا إن ثمودا كفروا ربهم" بغير تنوين، وإثبات الألف يوجب التنوين، وكل هذا الذي شنع به على القراء ما يلزمهم به خلاف للمصحف. قلت: قد أشرنا إلى العد فيما تقدم مما اختلف فيه المصاحف، وسيأتي بيان هذه المواضع في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.


تفسير القرطبي (1/ 54)
ونسخ منها عثمان نسخا. قال غيره: قيل سبعة، وقيل أربعة وهو الأكثر، ووجه بها إلى الآفاق، فوجه للعراق والشام ومصر بأمهات، فاتخذها قراء الأمصار معتمد اختياراتهم، ولم يخالف أحد منهم مصحفه على النحو الذي بلغه، وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم وينقصها بعضهم فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه ورواه، إذ قد كان عثمان كتب تلك المواضع في بعض النسخ ولم يكتبها في بعض إشعارا بأن كل ذلك صحيح، وان القراء بكل منها جائزة.


تفسير القرطبي (13/ 201)
و" آتان" وقعت في كل المصاحف بغير ياء. وقرأ أبو عمرو ونافع وحفص:" آتاني الله" بياء مفتوحة، فإذا وقفوا حذفوا. وأما يعقوب فإنه يثبتها في الوقف ويحذف في الوصل لالتقاء الساكنين. الباقون بغير ياء في الحالين.



تفسير الألوسي = روح المعاني (15/ 403)
ولهم في هذا الباب كلام فصل يضيق عنه الكتاب، وظاهر الآثار أن الكتابة في الأمم غير العرب قديمة وفيهم حادثة لا سيما في أهل الحجاز، وذكر غير واحد أن الكتابة نقلت إليهم من أهل الحيرة وأنهم أخذوها من أهل الأنبار، وذكر الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل للخط العربي من العراق إلى الحجاز حرب بن أمية وكان قد قدم الحيرة فعاد إلى مكة به، وأنه قيل لابنه أبي سفيان ممن أخذ أبوك هذا الخط؟ فقال: من أسلم بن أسدرة. وقال: سألت أسلم ممن أخذت هذا الخط؟ فقال: من واضعه مرامر بن مرة. وقيل: كان لحمير كتابة يسمونها المسند منفصلة غير متصلة وكان لها شأن عندهم فلا يتعاطاها إلا من أذن له في تعلمها، وأصناف الكتابة كثيرة. وزعم بعضهم أن جل كتابات الأمم اثنا عشر صنفا العربية والحميرية والفارسية والعبرانية واليونانية والرومية والقبطية والبربرية والأندلسية والهندية والصينية والسريانية ولعل هذا إن صح باعتبار الأصول وإلا فالفروع توشك أن لا يحصيها قلم كما لا يخفى والله تعالى أعلم



مرآة الجنان وعبرة اليقظان (3/ 34)
وفيها توفي ابن البواب الكاتب علي بن هلال. قيل ليس له في الكتابة مثل ولا مقارب، وإن كان أبو علي أول من نقل هذه الطريقة من الخط الكوفي، وأبرزها في هذه الصورة، وله بذلك فضيلة السبق، وخطه أيضاً في نهاية الحسن، لكن ابن البواب هذب طريقته، ونقاها، وكساها حلاوة وبهجة، والكل معترفون له بالتفرد، وعلى منواله ينسجون، وليس فيهم من يلحق شأنه، ولما توفي رثي بهذين البيتين:
استشعر الكتاب فقدك سالفاً ... وقضت بصحة ذلك الأيام
فلذاك سودت الروي كأنه ... أسف عليك وشقت الأقلام
وروى ابن الكلبي الهيثم بن العدي أن ناقل هذه الكتابة من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان قد قدم الحيرة، فعاد إلى مكة بهذه كتابة، وقال لأبي سفيان بن حرب: ممن أخذ أبوك هذه الكتابة؟ فقال: من أسلم بن نذر، وقال: سألت أسلم ممن أخذ الكتابة فقال: من واضعها، من عامر بن مرة. قالوا: فحدوث هذه الكتابة قبل الإسلام بقليل. وكان لحمير كتابة تسمى المسند، وحروفها منفصلة غير متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعليمها، فلا يتعاطاها أحد إلا بإذنهم، فجاءت ملة الإسلام، وليس بجميع اليمن من يقرأ ويكتب، وجميع كتابات الأمم من سكان الشرق والغرب اثنتا عشرة كتابة، وهي العربية والحميرية واليونانية والفارسية والسريانية والعبرانية الرومية والقبطية والبربرية والأندلسية والهندية والصينية.




البداية والنهاية ط إحياء التراث (12/ 18)
سمعون الواعظ، وقد أثنى على ابن البواب غير واحد من دينه وأمانته، وأما خطه وطريقته فيه فأشهر من أن ننبه عليها، وخطه أوضح تعريبا من خط أبي علي بن مقلة، ولم يكن بعد ابن مقلة أكتب منه، وعلى طريقته الناس اليوم في سائر الأقاليم إلا القليل.
قال ابن الجوزي: توفي يوم السبت ثاني جمادى الآخرة منها، ودفن بمقبرة باب حرب، وقد رثاه بعضهم بأبيات منها قوله: فللقلوب التي أبهجتها حرق * وللعيون التي أقررتها سهر فما لعيش وقد ودعته أرج * وما لليل وقد فارقته سحر قال ابن خلكان: ويقال له الستري، لأن أباه كان ملازما لستر الباب، ويقال له ابن البواب وكان قد أخذ الخط عن عبد الله بن محمد بن أسد بن علي بن سعيد البزاز، وقد سمع أسد هذا على النجاد وغيره، وتوفي سنة عشر وأربعمائة، وأما ابن البواب فإنه توفي في جمادى الأولى من هذه السنة، وقبل في سنة ثلاث وعشرين (1) وأربعمائة، وقد رثاه بعضهم فقال: استشعرت (2) الكتاب فقدك سالفا * وقضت بصحة ذلك الأيام فلذاك سودت الدوي كآبة * أسفا عليك وشقت الأقلام ثم ذكر ابن خلكان أول من كتب بالعربية، فقيل إسماعيل عليه السلام، وقيل أول من كتب
بالعربية من قريش حرب بن أمية بن عبد شمس، أخذها من بلاد الحيرة عن رجل يقال له أسلم بن سدرة، وسأله ممن اقتبستها؟ فقال: من واضعها رجل يقال له مرامر بن مروة، وهو رجل من أهل الأنبار.
فأصل الكتابة في العرب من الأنبار.
وقال الهيثم بن عدي: وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند، وهي حروف متصلة غير منفصلة (3) ، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، وجميع كتابات الناس تنتهي إلى اثني عشر صنفا وهي العربية، والحميرية، واليونانية، والفارسية، والرومانية (4) ، والعبرانية، والرومية، والقبطية، والبربرية، والهندية، والأندلسية، والصينية.
وقد اندرس كثير منها فقل من يعرف شيئا منها.
وفيها توفي من الأعيان ... على بن عيسى ابن سليمان بن محمد بن أبان، أبو الحسن الفارسي المعروف بالسكري الشاعر، وكان يحفظ
__________
(1) في الوفيات 3 / 343 والكامل 9 / 325: ثلاث عشرة.
(2) في الوفيات: استشعر.
(3) في الوفيات 3 / 344: منفصلة غير متصلة.
(4) في الوفيات: السريانية.




وفيات الأعيان (3/ 344)
ومما يتعلق بالكتابة (1) أن أول من خط بالعربي إسماعيلٌ عليه السلام، والصحيح عند أهل العلم أنه مرامر بن مروة من أهل الأنبار، وقيل إنه من بني مرة، ومن الأنباء انتشرت الكتابة في الناس. قال الأصمعي: ذكروا أن قريشاً سألوا: من أين لكم الكتابة فقالوا: من الحيرة، وقيل لأهل الحيرة: من أين لكم الكتابة فقالوا: من الأنبار (2) .
وروى ابن الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل لهذه الكتابة من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وكان قدم الحيرة فعاد إلى مكة بهذه الكتابة، وقالا: قيل لأبي سفيان ابن حرب: ممن أخذ أبوك هذه الكتابة فقال: من أسلم بن سدرة، وقال: سألت أسلم: ممن أخذت هذه الكتابة فقال: من واضعها مرامر بن مرة، فحدوث هذه الكتابة قبل الإسلام بقليل. وكان لحمير كتابة تسمى المسند، وحروفها منفصلة غير متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، فلا يتعاطاها أحد إلا بإذنهم، فجاءت ملة الإسلام وليس بجميع اليمن من يقرأ ويكتب.
وجميع كتابات الأمم من سكان الشرق والغرب اثنتا عشرة كتابة، وهي: العربية والحميرية واليونانية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية والقبطية والبربرية والأندلسية والهندية والصينية (3) ، فخمس منها اضمحلت وبطل استعمالها وذهب من يعرفها، وهي: الحميرية واليونانية والقبطية والبربرية والأندلسية، وثلاث قد بقي استعمالها وعدم من يعرفها في بلاد الإسلام، وهي: الرومية والهندية والصينية، وحصلت أربع هي مستعملات في بلاد الإسلام وهي: العربية والفارسية والسريانية والعبرانية.



الأعلام للزركلي (7/ 200)
مُرَامِر (000 - 000 = 000 - 000)
مرامر بن مُرة الطائي: أحد من يقال إنهم وضعوا الخط العربيّ، أو نقلوه من طريقة إلى أخرى، في الجاهلية. وتدل آثار الحميريين (في اليمن) على أن الكتابة كانت عندهم قبل انتشارها في شبه الجزيرة. ويقول الرواة إن اثنين من بني طيِّئ، هما صاحب الترجمة وشخص آخر يسمونه (أسلم بن سدرة) حوَّلا خط الحميريين (المسند) إلى نوع يقال له (الجزم) وانتقل (الجزم) من طيِّئ إلى الأنبار ثم إلى غيرها، فكان أساسا للقاعدة (الكوفية) ولقواعد الكتابة الأخرى حتى الآن (1) .
__________
(1) صحاح الجوهري: مادة مرر. والتاج 3: 539 وآداب دياب 1: 58 وللدكتور جواد علي، في تاريخ العرب قبل الإسلام 1: 185 - 212 بحث في الخط العربيّ ومنشئه، هو أوسع ما كتب بهذا الشأن، فراجعه. وفي (منتخبات في تاريخ اليمن) 98 (مرامر، اسم رجل من أهل الأنبار يقال إنه أول من وضع الهجاء العربيّ، فانتشر في الأنبار ثم في الحيرة ثم في الناس بعد ذلك) .





قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر (3/ 363)
1844 - [الكاتب ابن البوّاب] (1)
علي بن هلال المعروف بابن البواب الكاتب.
قيل: ليس له في الكتابة مثل ولا مقارب وإن كان علي ابن مقلة أول من نقل هذه الطريقة من الخط الكوفي وأبرزها في هذه الصورة، وله في ذلك فضيلة السبق، وخطه أيضا في نهاية الحسن، لكن ابن البواب هذب طريقته ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة، والكل معترفون له بالتفرد، وعلى منواله ينسجون، وليس منهم من لحق شأوه.
توفي سنة ثلاث وعشرين وأربع مائة، كذا في «تاريخ اليافعي» (2) وفي «العبر» للذهبي أنه توفي سنة ثلاث عشرة (3)، وذكره غيره سنة اثنتي عشرة، والله سبحانه أعلم بالصواب.
ورثي بهذين البيتين: [من الكامل]
استشعر الكتاب فقدك سالفا … وقضت بصحة ذلك الأيام
فلذاك سوّدت الدوي كآبة … أسفا عليك وشقت الأقلام
وروى ابن الكلبي والهيثم بن عدي: أن الناقل لهذه الكتابة من الحيرة إلى الحجاز هو حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان قد قدم الحيرة، فعاد إلى مكة بهذه الكتابة، وقالا: قيل لأبي سفيان بن حرب عمن أخذ أبوك هذه الكتابة؟ فقال: من أسلم بن سدرة، وقال: سألت أسلم ممن أخذ الكتابة، فقال: من واضعها مرامر بن مرّة، قالوا: فحدوث هذه الكتابة قبل الإسلام بقليل.
وكان لحمير كتابة تسمى: المسند، وحروفها منفصلة غير متصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها، فلا يتعاطاها أحد إلا بإذنهم، فجاءت ملة الإسلام وليس بجميع اليمن من يقرأ ويكتب.
وجميع كتابات الأمم من سكان الشرق والغرب اثنتا عشرة كتابة، وهي: العربية والحميرية واليونانية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية والقبطية والبربرية والأندلسية والهندية والصينية.
_________
(1) «المنتظم» (9/ 185)، و «معجم الأدباء» (5/ 414)، و «وفيات الأعيان» (3/ 342)، و «سير أعلام النبلاء» (17/ 315)، و «تاريخ الإسلام» (28/ 325)، و «العبر» (3/ 115)، و «مرآة الجنان» (3/ 42)، و «البداية والنهاية» (12/ 452).
(2) «مرآة الجنان» (3/ 42).
(3) «العبر» (3/ 115)، وعليه أكثر المؤرخين، وقد تقدم ذكر ابن البواب في الحوادث من سنة (413 هـ‍)، انظر (3/ 350).





حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق (ص: 27)
المؤلف: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)
فصل
في ذكر من وضع الخط وأصله ووصله وفصَّله
يقال: إن أول من وضع الخط والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة سنة، كتبها في طين وطبخه، فلما أضل القوم الفرق أصاب كل قوم كتابهم.
وقيل: أول من وضعه أخنوخ، وهو إدريس عليه السلام.
وقيل إن نفيس، ونصر، وتيما، ورومه، بنو إسماعيل، وضعوا كتاباً واحداً وجعلوه سطراً واحدا غير متفرق، موصول الحروف كلها، ثم فرقه نبت، وهميسع وقيذار، وفرقوا الحروف وجعلوا الأشباه.
وأما الخط العربي فأول من وضعه وألف حروفه ستة أشخاص من طسم، كانوا نزولا عند عدنان بن أدد، وكانت أسماؤهم: أبجد هوز حطى كلمن سعفص قرشت، فوضعوا الكتابة والخط على أسمائهم، فلما وجدوا في الألفاظ حروفاً ليست في أسمائهم ألحقوها بها، وسموها الروادف، وهي ثخد ضظع.
وقيل: أول من وضع الخط العربي مرامر بن مرة وقيل، عامر بن جدرة - وقد ذكر كلاً نهما صاحب القاموس - وقيل أسلم بن سدرة، وهم نفر من بولان رسموه أحرفاً مقطعة، ثم قاسوه على هجاء السريانية، فوضع مرامر صوره، وعامر أعجمه، وأسلم وصل وفصل.
وقال ابن خلكان: والصحيح عند أهل العلم أن أول من خط هو مرامر بن مرة من أهل الأنبار، وقيل إنه من بني مرة. ومن الأنبار انتشرت الكتابة في الناس. قال الأصمعي: ذكروا أن قريشاً سئلوا: من أين لكم الكتابة؟ فقالوا: من الأنبار.
وقال هشام بن محمد بن السائب: تعلم بشر بن عبد الملك الكتابة من أهل الأنبار وخرج إلى مكة وتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية. تعلم منه حرب، ومنه ابنه سفيان، ومنه ابن أخيه سيدنا معاوية رضي الله عنه، ثم انتشر في قريش، وهو الخط الكوفي الذي استنبطت منه الأقلام التي هي الآن.
وفيه ذكرنا كلامهم في الإعلام للسهيلي، والمزهر للسيوطي، والأوليات للعسكري، وقد ذكرنا كلامهم في كتابنا تاج العروس لشرح جواهر القاموس. فمن أراد الزيادة على ذلك فليراجعه.



حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق (ص: 61)
فصل
في النقط
هو الذي يستدل به على حروف المعجم، ويفصل به بينهما، فتعرف به الباء من التاء.
ويقال: أول من نقط المصاحف ووضع العربية أبو الأسود الدبلي، من تلقين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال ابن أبي مقلة: وللنقط صورتان: أحدهما شكل مربع، والآخر شكل مستدير. وإذا كانت نقطتان على حرف فإن شئت جعلت واحدة فوق أخرى، أو جعلتهما في سطر معاً. وإذا كان بجوار ذلك الحرف حرف ينقط لم يجز أن تكون النقط إذا انشفعت إلا واحدة فوق أخرى. والعلة في ذلك أن النقط إذا كن في سطر وخرجن عن حروفهن وقع اللبس والإشكال، فإذا جعل بعضها على بعض كان على حرف قسطه من النقط، فزال الإشكال.

فصل في الشكل
قال بعض أهل اللغة: شكل الحروف مأخوذ من شكل الدابة، لأن الحروف تضبط به وتقيد، فلا يلتبس إعرابها، كما تضبط الدابة بالشكال.
وقال بعضهم: حلوا غرائب الكلم بالتقييد، وحصنوها عن شبه التصحيف والتحريف.
وهو ثلاث حركات: رفع ونصب وخفض. وأما الجزم فصورته بخلاف صور الحركات دائرة كلها، كأنهم يريدون بها الميم من الجزم، وحذفوا عراقة الميم استخفافاً.
وقال ابن العفيف: إذا كان الحرف مفتوحاً منوناً فعلامته خطتان من فوقه وتكون بينهما كقدر واحدة منهما، وإذا كان مضموماً منوناً فعلامته سين بغير عراقة، كأنك تريد أول خفيف. هذا مذهب الأستاذ أبي الحسن، وعليه جملة أهل المشرق. وإذا كان مهموزاً فعلامته أن تثبت فوقه عيناً بلا عراقة وذلك لقرب مخرج الهمزة من العين.
قال، ولا بد من تناسب الشكل والنقط وتناسب البياضات في ذلك

فصل في ذكر حروف المعجم وسرها في تعيين العدد
قال كراع: إنما سميت الحروف المقطعات حروف المعجم لأنها كانت مبهمة حتى بينت بالنقط.









المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 49)
نصر (أبو الوفاء) ابن الشيخ نصر يونس الوفائي الهوريني الأحمدي الأزهري الأشعري الحنفي الشافعيّ (المتوفى: 1291هـ)

الفائدة الثالثة في في أَوَّلية الكتابة العربية
أي: مَن وضعها أولًا على الصورة الكُوفية؟ ومِن أين وَصَلتْ إِلى الأمة الأُمِّيَّة؛ وهم العرب القُرشية قبل بناء الكوفة؟ ومَن نقلها عن صورتها الأُولى إِلى الصورة التي هى عليها الآن؟ وفي بيان معنى كونه عليه السلام أُمِّيًّا، وحكاية أنه كتب اسمه واسم أبيه مرة على قول بعضهم. وفي بيان عِدّة كُتَّابه، وعدد المصاحف التي كُتِبتْ بأمر سيدنا عثمان وأرسلها إِلى الأَمْصار، وبيان أسماء كُتَّابها رضوان الله عليهم أجمعين.

[اختلاف الروايات في تحديد أولية الكتابة (أول من كتب)]:
أما أَوَّلِيَّةُ الكتابة من حيث هى فقد اختلفتْ الروايات فيهما كما قاله الحافظ السيوطي (1) في كتاب (الأوائل) (2)، وكذا في (المُزْهِر) في النوع [42]، فإِنه قال (3): "يُروى أن آدم عليه السلام أولُ مَن كَتَبَ الكتاب العربى والسِّريانى وسائر الكتب الإِثْنَىْ عَشَر وأن الكتابات كلَّها مِن وضعه كان قد كلتبها في طينٍ، وطبَخَه -يعني أحرقه- ودفنه قبل موته بثلاثمائة سنة. فبعد الطُّوفان وجد كلُّ قوم كتابًا فتعلموه بإِلهام إِلهى، ونقلوا صورته، واتخذوه أصل كتابتهم. وفي رواية أخرى: أن أول مَن خطَّ بالعربى إِسماعيل عليه السلام، وأن حروفه كلها كانت متصلة حتى الألف والراء بعكس الحِمْيرية، إِلى أن
__________
(1) سبقت ترجمته ص (31) حاشية رقم (5).
(2) الوسائل إِلى معرفة الأوائل للسيوطي (ط الخانجي، القاهرة) ص 119.
(3) المزهر جـ2 ص 341 - 342 (ط دار التراث بتحقيق محمد أبو الفضل إِبراهيم وآخرين). وانظر الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (ط الحلبي 1398 هـ -1978م) جـ2 ص 212.



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 50)
فصلها من بعضها ولداه: قيدار (1) والهَمَيْسَع".
وقال الحلبى في (السيرة): "الصحيح أن أول من كتب بالعربى من ولد إِسماعيل نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنان" (2)، قال: وأما ما ورد "أول مَن خَطَّ إِدريس عليه السلام فالمراد به خط الرَّمَل. وأما ما روى أن أول العرب كتب بالعربية حَرْب بن أُميَّة (3) فالمراد من العرب فيه قريش، فهي أَوَّلِيَّةٌ نِسْبِيَّة" اهـ (4).
وفيه نظر، لأن الرواية: "أول من خط بالقلم إِدريس" كما في (الجلالين) (5).
وقال السيوطي في (المُزْهِر) (6): "والمشهور عند أهل العلم ما رواه ابن
__________
(1) في المزهر جـ2 ص 342: "قيذر" بالذال المعجمة. وقال الطبرى في تاريخه: "ومن ثابت وقيدر (وهما من أولاد إِسماعيل بن إِبراهيم عليهما السلام) نشر الله العرب ... وقد ينطق أسماء أولاد إِسماعيل بغير الألفاظ التي ذكرت، فيقول بعضهم في قيدر: قيدار" (تاريخ الرسل والملوك جـ1 ص 314 ط دار المعارف، الطبعة الثالثة).
(2) السيرة الحلبية جـ1 ص 29.
(3) حرب بن أمية بن عبد شمس، من قريش وكنيته أبو عمر. من قضاة العرب في الجاهلية ومن سادات قومه، وهو جد معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وكان معاصرًا لعبد المطلب ابن هاشم (جد النبي - صلى الله عليه وسلم -) ومات بالشام سنة 36 قبل الهجرة. قال زياد بن أنعم المعافري لعبد الله بن عباس: هل كنتم معاشر العرب تكتبون في الجاهلية بهذا الكتاب العربي؟. قال: نعم قال: فمن علمكم؟ قال: حرب بن أمية. (انظر مروج الذهب للمسعودي (ط باريس) جـ3 ص 326، تاريخ اليعقوبي جـ1 ص 215، المحبَّر لابن حبيب ص 132، 165، 173 وراجع الأعلام جـ2 ص 172.
(4) السيرة الحلبية جـ1 ص 30.
(5) تفسير الجلالين جـ4 ص 284، تفسير سورة العلق عند قوله تعالى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق: 4] (ط عيسى بابي الحلبي، على هامش الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين). وفي كتاب الأوائل، لابن قتيبة الدينوري ص 26 (ط دار ابن كثير، دمشق- بيروت 1407 هـ، 1987م): "قال وهب بن منبه: أول من خط بالقلم إِدريس عليه الصلاة والسلام" اهـ.
(6) المزهر جـ2 ص 346 - 347 والنقل عن المزهر ينتهي بانتهاء الأبيات الخمسة الآتية والسياق التالي ورد بنحوه في (الاقتضاب شرح أدب الكتَّاب) للبَطَليَوْسِي، جـ1 ص 171 (ط الهيئة المصرية العامة للكتاب).



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 51)
الكَلْبى (1) عن عَوَانة (2) قال: أول من كتب بخطنا هذا -وهو الجزْم (3) - مُرامِرُ ابن مُرَّة وأَسْلم بن سِدرة (4) أي: وكذا عامر بن جَدَرة كما في (القاموس) (5)، وهم من عرب طَىّ تعلموه من كاتب الوحى لسيدنا هود عليه السلام، ثم علَّموه أهلَ الأَنْبار (6)، ومنهم انتشرت الكتابة في العراق الحيرة (7) وغيرها،
__________
(1) محمَّد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي، أبو النضر، نسَّابة راوية عالم بالتفسير والأخبار وأيام الناس. من أهل الكوفة، مولده ووفاته فيها. وهو من كلب بن وبرة من قضاعة مُفْرط في التشيع وقيل: كان سبئيًا (وهم صنف من الشيعة الرافضة أصحاب عبد الله بن سبأ)، متَّهم بالكذب. وصنف كتابًا في تفسير القرآن. توفي سنة 146 هـ (من مصادر ترجمته: الفهرست ص 139 [طبع دار المعرفة، بيروت] وفيات الأعيان جـ4 ص 309 - 311، تهذيب التهذيب جـ9 ص 178).
(2) عوانة بن الحكم بن عياض، من بني كلب، أبو الحكم. مؤرخ من أهل الكوفة، ضرير كان عالمًا بالأنساب والشعر، واتُّهم بوضع الأخبار لبني أمية. توفي سنة 147 هـ وله من الكتاب: كتاب التاريخ، وكتاب سيرة معاوية وبني أمية (من مصادر ترجمته: الفهرست ص 134، معجم الأدباء جـ6 ص 93، لسان الميزان جـ4 ص 386).
(3) قال في اللسان (جزم): الجزم هو القطع. قال ابن سيده: والجزْم هو الخط المؤلف من حروف المعجم. قال أبو حاتم: سُمِّي جَزْمًا لأنه جُزم عن المسْنَد (وهو خط حِمْيَرْ في أيام مُلكهم) أي: قُطِع. والجزم في الخط: تسوية الحروف.
(4) مرامر بن مرة الطائي، أحد من يقال إِنهم وضعوا الخط العربي أو نقلوه من طريقة إِلى أخرى في الجاهلية. وتدل آثار الحميريين (في اليمن) على أن الكتابة كانت عندهم قبل انتشارها في شبه الجزيرة. ويقول الرواة: إِن اثنين من بني طىء هما (صاحب الترجمة وشخص آخر يسمي أسلم بن سدرة) حوّلا خط الحميريين (المسند) إِلى نوع يقال له الجزْم. وانتقل الجزم من طيء إِلى الأنبار، ثم إِلى غيرها، فكان أساسًا للقاعدة الكوفية ولقواعد الكتابة الأخرى (انظر الأعلام جـ7 ص 200).
(5) القاموس المحيط -مرر (باب الراء -فصل الميم).
(6) الأنبار: مدينة على نهر الفرات غربي بغداد، كانت الفرس تسميها فيروز سابور. أول من عَمَّرها سابور ذو الأكتاف. وسميت كذلك لأنه كان يجمع فيه أنابير الحنطة والشعير والقَت والتبن. وكانت الأكاسرة ترزق أصحابها منها. وقيل في تسميتها غير ذلك. وقد فتحت الأنبار في خلافة أبي بكر سنة 12 هـ، فتحها خالد بن الوليد صلحًا (انظر معجم البلدان جـ1 ص 257، مراصد الإطلاع جـ1 ص120).
(7) الحيرة: مدينة بالعراق كانت تقع على ثلاثة أميال من الكوفة وسموها بالحيرة البيضاء لحسنها وقيل: سميت بالحيرة لأن تُبّعًا لما قصد خراسان خلَّف ضَعَفة جنده بذلك الموضع وقال لهم: حيّروا به، أي: أقيموا. وقيل في تسميتها غير ذلك نزلها المسلمون بعد بناء الكوفة سنة 17 هـ (انظر معجم البلدان جـ2 ص 328).



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 52)
فتعلمها بِشر بن عبد الملك أخو أُكَيْدِر بن عبد الملك صاحب دُومَةِ الجَنْدَل (1)، وكان له صُحْبة بحرب بن أُميَّة (2) لتجارته عندهم في بلاد العراق، فتعلم حَرْب منه الكتابة، ثم سافر معه بِشْر إِلى مكة، فتزوج الصَّهْباء بنت حرب أخت أبى سفيان (3)، فتعلم منه جماعة من أهل مكة. فبهذا كَثُر من يكتب بمكة من قريش قُبيْل الإِسلام، ولذلك قال رجل كِنْدِى من أهل دُومَة الجَنْدَل يَمُنُّ على قريش بذلك:
لا تَجْحَدُوا نَعْماءَ بِشْرٍ عَلَيْكُمُو ... فَقَدْ كَانَ مَيْمُونَ النَّقِيبةِ أَزْهَرَا
__________
(1) دومة الجندل: حصن وقرى بين الشام والمدينة، على سبع مراحل من دمشق، قرب جبلي طيء. سميت بدوم (وقيل: دوما، رقيل: دوماءُ) بن إِسماعيل عليه السلام. قال ابن الكلبي: لما كثر ولد إِسماعيل عليه السلام بتهامة خرج دوماءُ بن إِسماعيل حتى نزل موضع دومة الجندل وبنى به حصنًا، فقيل: دوماء، ونسب الحصن إِليه وقيل: سميت دومة الجندل لأن حصنها مبني بالجندل، وهو الحجارة (معجم البلدان جـ2 ص 487، لسان العرب - جندل).
وأُكيدر هو أُكَيدر بن عبد الملك بن عبد الحيّ ... السكوني الكندي، كان ملكًا علي دومة الجندل، ووجَّه إِليه النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد (وكان في تبوك) سنة 9 هـ، فأسره خالد، وقتل أخاه حسان، وافتتح "دومة" عنوة. ثم إِن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح أكيدر على "دومة" وآمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية، وكان نصرانيًا فأسلم، فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما في يده. ثم نقض أكيدر الصلح بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وارتد، فغزا خالد بن الوليد دومة الجندل سنة 12 هـ في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وقتل أكيدر (راجع تاريخ الطبرى جـ3 ص 108 - 109، ص 378، ص 385. معجم البلدان جـ2 ص 487 - 488).
(2) سبق التعريف به - راجع حاشية رقم (3) ص50.
(3) صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، صحابى، من سادات قريش في الجاهلية، وهو والد معاوية رأس الدولة الأموية. كان من رؤساء المشركين في حرب الإِسلام عند ظهوره، وقاد قريشًا وكنانة يوم أحد ويوم الخندق لقتال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأسلم يوم فتح مكة وأبلى بعد إِسلامه البلاء الحسن، وشهد حُنينًا والطائف، ففقئت عينه يوم الطائف، ثم فقئت الأخرى يوم اليرموك سنة 13 هـ، فعمى. وكان من الشجعان الأبطال. ولما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أبو سفيان عامله على نجران، وتوفي بالمدينة سنة 31 هـ (انظر الإصابة في تمييز الصحابة جـ3 ص 412 - 415، المحبَّر ص 246، البدء والتاريخ جـ5 ص 107 الأعلام جـ 3 ص 201.



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 53)
أَتَاكُمْ بِخَطّ الجزمِ حَتَّى حفِظتُمُو ... مِنَ المالِ مَا قَدْ كَانَ شَتَّى مُبَعْثَرا
وَأَتْقَنْتُمو مَا كَانَ بالمالٍ مُهْمَلا ... وطَامَنْتُموُ ما كان مِنْه مُبقَّرا
فَأجْرَيْتُمُ الأَقْلامَ عَوْدًا وَبَدْأَةً ... وضَاهَيْتُمُ كِتَابَ كِسْرَى وَقَيْصَرا
وأَغْنَيْتُمُ عَن مُسْنَدِ الحىّ حِمْيرا ... وَمَا زَبَرتْ في الصُّحفِ أَقْلامُ حِمْيَرَا (1)
وإنما قال: "أتاكم بخط الجزم" (2) - كما قال عَوَانة: "بخطنا هذا، وهو الجَزْم" لأن الخط الكوفى كان أولًا يُسمَّى الجَزْم قبل وجود الكوفة لكونه جُزم، أي اقْتطِع ووُلِّد من المسْنَدِ الحِمْيَرىِ (3) كما في (الاقْتِضاب) شرح البَطليَوْسِى (4) على (أدب الكاتب) (5). وقد عَرفْتَ أن الذي اقتطعه "مُرامِر" وصاحباه على ما مَرَّ في (المزْهِر) (6).
قال السيوطي: "وقد قيل للمهاجرين من قريش: من أين لكم الكتابة؟ فقالوا: من الحِيرةِ. وقيل لأهل الحيرة: من أين لكم الكتابة؟ فقالوا: من
__________
(1) إلى هنا ينتهي النقل عن المزهر. والأبيات من بحر الطويل.
(2) سبق التعريف بخط الجزم، راجع ص (51) حاشية رقم (3).
(3) راجع معنى المسند ص (45) حاشية رقم (1).
(4) هو عبد الله بن محمَّد بن السيد البطليوسي، أبو محمَّد. من أبرز من أنجبته الأندلس من العلماء والأدباء. فهو نحوي لغوي فقيه شاعر، وله مشاركة في علوم الفلسفة والمنطق وعلم الهيئة. ولد سنة 444 هـ في بَطليُوس ونشأ بها (وهي مدينة كبيرة غربي الأندلس) وانتقل إِلى بلنسية فسكنها وتوفي بها سنة 521 هـ. وقد وصف بغزارة الحفظ وسعة الإطلاع وقوة التقصي والدقة في البسط والشرح. من كتبه: "الاقتضاب" وهو شرح علي "أدب الكاتب" لابن قتيبة (سبقت ترجمته ص 33) و"شرح الموطأ" للإمام مالك. و"الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم" (راجع وفيات الأعيان جـ3 ص 96، المغرب في حلى المغرب جـ1 ص 385 بغيه الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس ص 337).
(5) الاقتضاب جـ1 ص 173.
(6) راجع ص (50، 51) حاشية رقم (6).



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 54)
الأَنْبار" اهـ (1).
وكذلك النّوَوِى (2) في شرحه على (صحيح مسلم) (3) نقل عن الفَرَّاء (4) أنه قال: "إِنما كتبوا "الرِّبَا" في المصحف بالواو لأن أهل الحجاز تعلَّموا الخط من أهل الحيرة، ولغتهم "الرِّبَو"، فعلموهم صورة الخط على لغتهم" اهـ (5) ولذا قال ابن خلدون (6) في (المقدمة) صفحة [204]:
__________
(1) المزهر جـ2 ص 343. وهذا النص موجود بلفظه في كتاب الأوائل لابن قتيبة الدينوري ص 27 - 28 (ط دار ابن كثير، دمشق).
(2) هو يحيى بن شرف بن حسن بن حسين الحزامي الحوراني النووي الشافعي، أبو زكريا محيي الدين. عالم بالفقه والحديث، مولده سنة 631 هـ في نوى (من قرى حوران بسورية) وإليها نسبته وتعلم في دمشق وأقام فيها زمنًا طويلًا. توفي سنة 676 هـ. ومن تصانيفه: "تهذيب الأسماء واللغات" و"المنهاج في شرح صحيح مسلم" و"المجموع" شرح المهذب في الفقه الشافعي، وغيرها (من مصادر ترجمته: طبقات الشافعية للسبكي جـ5 ص165، النجوم الزاهرة جـ7 ص 278، البداية والنهاية جـ7 ص 277 ط دار الغد العربي).
(3) الكتاب الصحيح للإِمام مسلم، وهو مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد القشيري النيسابوري أبو الحسين كان من حفاظ الحديث وأوعية العلم. له رحلات كثيرة إِلى مختلف البلدان في سبيل طلب الحديث وسماع الشيوخ واتصل بالإمام البخاري وتلقى عنه وكان يجله، ولد سنة 206 هـ وتوفي سنة 261 هـ (من مصادر ترجمته تهذيب التهذيب جـ 10 ص 126 - 128، البداية والنهاية جـ6 ص 44 - 46، طبع دار الغد العربي 1991 م).
(4) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد (أو بني منقر)، أبو زكريا المعروف بالفراء، إِمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. كان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو. ومن كلام ثعلب: "لولا الفراء ما كانت اللغة". وكان مع تقدمه في اللغة فقيهًا عالمًا بأيام العرب وأخبارها، عارفًا بالنجوم والطب. وقد عهد إِليه المأمون (الخليفة العباسي) بتأديب ابنيه فكان أكثر مقامه ببغداد. توفي في طريقه إِلى مكة سنة 207 هـ. ومن كتبه: "معاني القرآن"، "اختلاف أهل الكوفة والبصرة في المصاحف"، "مشكل اللغة" وغير ذلك (من مصادر ترجمته: الفهرست ص 98 - 100، طبقات النحويين واللغويين ص131 - 133، معجم الأدباء جـ7 ص 276، وفيات الأعيان جـ6 ص 176، نزهة الألباء ص 81 - 84، تاريخ بغداد جـ14 ص149 - 155).
(5) صحيح مسلم بشرح النووي جـ11 ص 8 (كتاب المساقاة -باب الربا).
(6) عبد الرحمن بن محمَّد بن محمَّد بن خلدون، أبو زيد، ولي الدين الحضرمي =



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 55)
"فالقول بأن أهل الحجاز إِنما لُقِّنُوها -يعني الكتابة- من الحيرة، ولُقِّنُها أهل الحيرة من التَّبَابِعة وحِمْيَر: هو أليق الأقوال" اهـ (1).

[المشهورون بالكتابة من الصحابة]:
هذا، وقد جاء الإِسلام وعمر بن الخطاب ممن يكتب ويقرأ المكتوب كما يدل لذلك قصة إِسلامه المذكورة في (السيرة الحلبية) (2) و (شرح البخاري) في باب إِسلامه في صفحة [157] من سادس (القسطلانى) (3)، مع أنه كان قبل إِسلامه مُبَرْطِسًا؛ أي: دلّالًا أو ساعيًا بين البائع والمشترى على ما في (القاموس) (4).
__________
= الإشبيلي، المؤرخ البَّحاثة أصله من إِشبيلية، ومولده ومنشأه بتونس رحل إِلى فاس وغرناطة وتلمسان، وتولى أعمالًا، واعترضته دسائس ووشايات، وعاد إِلى تونس، ثم توجه إلى مصر فأكرمه سلطانها الظاهر برقوق، وولي فيها قضاء المالكية. مولده سنة 732 هـ، وكانت وفاته فجأة في القاهرة سنة 808هـ وقد اشتهر بكتابه "العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر" في سبع مجلدات أولها المقدمة التي اشتهرت بمقدمة ابن خلدون، وهي تعد من أصول علم الاجتماع (الضوء اللامع جـ4 ص145، نفح الطيب جـ4 ص 414، الأعلام جـ3 ص 330).
(1) مقدمة ابن خلدون (جـ2 من تاريخ ابن خلدون - ط دار الكتاب اللبناني، بيروت) ص 746.
(2) السيرة الحلبية جـ2 ص 13.
(3) إِرشاد الساري لشرح صحيح البخاري جـ6 ص 194، والقسطلاني: هو أحمد بن محمَّد ابن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني المصري، أبو العباس، شهاب الدين. محدث فقيه مؤرخ مقرىء. مولده سنة 851 هـ بالقاهرة، وفيها توفي سنة 923 هـ. وله من المؤلفات غير إِرشاد الساري: "منهاج الابتهاج بشرح مسلم بن الحجاج"، "لطائف الإِشارات في علم القراءات" و"المواهب اللدنية في المنح المحمدية" في السيرة، وغير ذلك (راجع الضوء اللامع جـ2 ص 103، البدر الطالع جـ1 ص 102، الكواكب السائرة جـ1 ص 126، الخطط التوفيقية لعلي مبارك جـ6 ص 11، وشذرات الذهب جـ8 ص 121، معجم المؤلفين جـ2 ص 85 - 86).
(4) القاموس المحيط -المبرطس. قال الفيروزآبادي: هو الذي يكتري للناس الإبل والحمير، ويأخذ عليه جعلًا. والاسم البرطسة (وراجع لسان العرب -برطس).



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 64)

[كتابة المصاحف بالخط الكوفى (خط الجزْم)]
هذا، وقد كانت الكتابة في المصاحف العثمانية وغيرها وكُتُبِ الحديث على صورة حروف الجزْم (4) التي سُميت فيما بعد بالخط الكوفى، واستمرت على ذلك مدة تقرب من ثلاثة قرون، إِلى أن جاء ابن مُقْلة الوزير أبو على (5) أو أخوه (1) -على خلافٍ في ذلك- وحَوَّلها أواخر القرن الثالث كما في (ابن خلِّكان) (2)، قال: "فهو أول من نقل الكتابة من الخط الكوفى إِلى هذه الطريقة، وأبرزها في هذه الصورة، ونال بذلك فضيلة السَّبْق. ثم جاء بعده علي بن هلال البواب (3) الكاتب البغدادى، فهذَّب طريقته ونقَّحها، وكساها طلاوة وبهجة" (4).
قال ابن خلدون: "وهكذا شأن الصناعات تكون في أولها غير حسنة، ثم تتحسن شيئًا فشيئًا".


المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 67)
نَعَم، المصاحفُ التي أمر سيدنا عثمان بنسخها وإرسالها إِلى أجناد الأمصار كانت على الكاغِد، ما عدا المصحف الذي كان عنده بالمدينة فإِنه على رَقّ الغزال كما شُوهد بمصر.



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 408)
قال ابن جِنّى (1): اسم المِفْتاح بالفارسية -وهو كليد- لا يُعرف أن أوله متحرك أو ساكن. قال: وحدثنى أبو على -يعني الفارسي (2) - قال: دخلت بلدةً فسمعت أهلها ينطقون بفتحة غريبة لم أسمعها قبل، فتعجبت منها، وأقمت بها أيامًا، فتكلمت بها، فلما فارقت تلك البلدة نسيتها" انتهى (3).
وبمثله يقول الفقير: وقع لي نظير ذلك لما أقمت مُدّةً في مدينة باريس، ثم رجعت بحمد الله سالمًا (4).



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 409)
[التفريق بين النقط والشكل بعد عصر الحجاج بن يوسف الثقفى]:
وذكر ابن خَلِّكان (1) في ترجمة الحجَّاج (2) ما حكاه أبو أحمد العسكري (3) في كتاب (التصحيف) أن الناس غبروا (4) يَقْرءُون في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه نَيِّفًا وأربعين سنة إِلىَ أيام عبد الملك بن (5)، ثم كَثُر التصحيف، وانتشر بالعراق، ففزع الحجاج بن يوسف (6) إِلى كُتَّابه، فسألهم أن يضعوا علاماتٍ لهذه الحروف المشْتَبَهة، فيُقال: إِن نصر بن عاصم (7) قام بذلك، فوضع النَّقْط أَفرادًا وأَزواجًا، وخالف بين أماكنها،
__________
(1) سبقت ترجمته ص (43).
(2) تقدمت ترجمة الحجاج ص (404).
(3) هو الحسن بن عبد الله بن سعيد بن إِسماعيل العسكري، أبو أحمد، فقيه أديب، انتهت إِليه رياسة التحديث والإِملاء والتدريس في بلاد خوزستان في عصره. ولد في عسكر مكرم (من كور الأهواز) سنة 293 هـ. وانتقل إِلى بغداد، وتجول في البصرة وأصفهان وغيرها، وعلت شهرته، ورحل إِليه الأجلاء للأخذ عنه. وكانت وفاته سنة 382 هـ من كتبه: "المصون" في الأدب. و"صناعة الشعر" وغيرها، وهو خال أبى هلال العسكري الحسن بن عبد الله بن سهل المتوفى سنة 395 وأستاذه (من مصادر ترجمته: سير أعلام النبلاء للذهبى جـ1 ص 413، البداية والنهاية حـ6 ص 399. وانظر الأعلام جـ2 ص 196).
(4) غبر الشىءُ يغْبُر غُبُورًا: مكث وبقى (لسان العرب - غبر). وجاءت هذه الكلمة في نسخة (المطالع النصرية) بالعين المهملة وهو خطأ.
(5) سبقت ترجمته ص (117).
(6) تقدمت ترجمة الحجاج ص (404).
(7) نصر بن عاصم الليثى. من أوائل واضعى النحو. قال أبو بكر الزَّبيدى: أول من أَصَّل ذلك (أي: علم العربية) وأعمل فكره فيه: أبو الأسود الدؤلى ونصر بن عاصم وعبد الرحمن =



المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية (ص: 410)
فغبر (1) الناس بذلك لا يكتبون إِلا منقوطًا، فكان مع استعمال النَّقْط يقع التصحيف، فأَحدثوا الإِعجام، فكانوا يتبعون النقط بالإِعجام، وإذا أُغفل الاستقصاء عن الكلمة ولم تُوفَّ حقوقها اعترى التصحيف، فالتمسوا حيلةً فلم يَقْدروا فيها إِلا على الأخذ من أفواه الرجال بالتَّلْقين انتهى كلام ابن خَلِّكان (2). فانظر في التوفيق بينه وبين ما سبق عن المُطرِّزِى في حق الدُّؤَلى مما نقله عن ابن خَلِّكان أيضًا (3).
هذا، ولما قال البيْضاوِى (4) في قوله تعالى {اهْبِطُوا مِصْرًا} [البقرة: 61]: "إِنه غير مُنَوَّن" (5): قال الشّهاب عليه: "معنى قوله (غير مُنَوَّن) أي غير مكتوب بعد الراء ألف، فلا يُرد أن الشَّكْل حدث بعد العصر الأول" (6) اهـ.
ورأيت في الصفحة [22] من (خطط المقريزى) أن {مِصْرًا} بالتنوين في خط المصاحف، إِلا ما حُكِىَ عن بعض مصاحف عثمان. ثم قال: "وكذا في مصحف أُبّىّ بن كَعْب غير مُنَوَّنة" (7) اهـ.
__________
= ابن هرمز، فوضعوا للنحو أبوابًا وأصلوا له أصولًا. وقال ياقوت: كان فقيهًا عالمًا بالعربية من فقهاء التابعين، وله كتاب في العربية وهو أول من نقط المصاحف مات بالبصرة سنة 89 هـ (من مصادر ترجمته: طبقات النحويين واللغويين للزبيدى ص 27 معجم الأدباء لياقوت جـ7 ص 27، نزهة الألباء في طبقات الأدباء لابن الأنبارى ص 23 - 24).
(1) في نسخة (المطالع النصرية) جاءت هذه الكلمة بالعين المهملة، والصحيح بالغين. وقد سبق تفسير معناها قبل أسطر قليلة.
(2) وفيات الأعيان جـ2 ص 32. وراجع ترجمة ابن خلكان ص 43.
(3) سبقت الإشارة إِلى ذلك ص (403). وترجمة المطرزى والدؤلى ص (82) ص (46) على التوالى.
(4) تقدمت ترجمته ص (62).
(5) تفسير البيضاوى جـ1 ص 157.
(6) حاشية الشهاب على تفسير البيضاوى جـ2 ص 168. وهي الحاشية المسماة (عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوى -طبع دار صادر، بيروت في ثمانية أجزاء).
(7) الخطط التوفيقية جـ1 ص 39 - 40 وتقدمت ترجمة المقريزى ص (45).





كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 711)
فصل
في أهل الخط العربي.
قال ابن إسحاق: أول من كتب المصاحف في الصدر الأول يوصف بحسن الخط: خالد بن أبي الهياج، وكان سعد نصبه لكتب المصاحف، والشعر، والأخبار للوليد بن عبد الملك.
وكان الخط العربي حينئذ هو المعروف الآن بالكوفي، ومنه استنبطت الأقلام كما في شرح العقيلة.
ومن كتاب (المصاحف) خشنام البصري، والمهدي الكوفي، وكانا في أيام الرشيد.
ومنهم: أبوحدي وكان يكتب المصاحف في أيام المعتصم؛ من كبار الكوفيين وحذاقهم.
وأول من كتب في أيام بني أمية: قطبة وهو استخرج الأقلام الأربعة، واشتق بعضها من بعض، وكان أكتب الناس.
ثم كان بعده: الضحاك بن عجلان الكاتب في أول خلافة بني العباس، فزاد على قطبة.
ثم كان: إسحاق بن حماد في خلافة المنصور والمهدي، وله عدة تلامذة كتبوا الخطوط الأصلية الموزونة، وهي: اثنا عشر قلماً:
قلم الجليل، قلم السجلات، قلم الديباج، قلم الطومار الكبير، قلم الثلثين، قلم الزنبور، قلم المفتح، قلم الحرم، قلم الموامرات، قلم العهود، قلم القصص، قلم الحرفاج.
فحين ظهر الهاشميون، حدث خط يسمى: العراقي، وهو المحقق، ولم يزل يزيد حتى انتهى الأمر إلى المأمون، فأخذ كتابه بتجويد خطوطهم.
وظهر رجل يعرف بالأحول المحرر، فتكلم على رسومه، وقوانينه، وجعله أنواعاً.
ثم ظهر قلم المرصع، وقلم النساخ، وقلم الرياسي، اختراع ذي الرياستين: الفضل بن سهل، وقلم الرقاع، وقلم غبار الحلية.
ثم كان إسحاق بن إبراهيم التميمي، المكنى: الحسين، معلم المقتدر وأولاده، أكتب زمانه، وله رسالة في الخط، سماها: (تحفة الوامق) .
ومن الوزراء الكتاب: أبو علي: محمد بن علي بن مقلة.
المتوفى: سنة 328، ثمان عشرين وثلاثمائة.
وهو أول من كتب الخط البديع المنسوب، ثم ظهر في سنة: ثلاث عشرة وأربعمائة صاحب الخط البديع: علي بن هلال، المعروف: بابن البواب.
المتوفى: سنة 413، ثلاث عشرة وأربعمائة.
ولم يوجد في المتقدمين من كتب مثله، ولا قاربه، وإن كان ابن مقلة أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين، وأبرزها في هذه الصورة، وله بذلك فضيلة السبق، وخطه أيضاً في نهاية الحسن، لكن ابن البواب هذب طريقته، ونقحها، وكساها طلاوة وبهجة.
وكان شيخه في الكتابة: محمد بن أسد الكاتب، ثم ظهر أبو الدر: ياقوت بن عبد الله الموصلي، الملكي.
المتوفى: سنة 618، ثمان عشرة وستمائة.
ثم ظهر أبو الدر: ياقوت بن عبد الله الرومي، الحموي.
المتوفى: سنة 667، سبع وستين وستمائة (626) .
ثم ظهر أبو الدر (أبو المجد) : ياقوت بن عبد الله الرومي، المستعصي.
المتوفى: سنة 698، ثمان وتسعين وستمائة.
وهو الذي سار ذكره في الآفاق، واعترفوا بالعجز عن مداناة رتبته.
ثم اشتهرت الأقلام الستة بين المتأخرين، وهي: الثلث، والنسخ، والتعليق، والريحان، والمحقق، والرقاع.
ومن الماهرين في هذه الأنواع: ابن مقلة، وابن البواب، وياقوت، وعبد الله أرغون، وعبد الله الصيرفي، ويحيى الصوفي، والشيخ: أحمد السهروردي، ومباركشاه السيوفي، ومبارك شاه القطب، وأسد الله الكرماني.
ومن المشهورين في البلاد الرومية: حمد الله ابن الشيخ الأماسي، وابنه دده جلبي، والجلال، والجمال، وأحمد القراحصاري، وتلميذه حسن، وعبد الله الأماسي، وعبد الله القريمي، وغيرهم من الناسخين.
ثم ظهر قلم التعليق، والديواني، والدشتي.
وكان ممن اشتهر بالتعليق: سلطان علي المشهدي، ومير علي، ومير عماد.
وفي الديواني: تاج، وخبرهم مدون في غير هذا المحل مفصلاً.
ولسنا نخوض بذكرهم؛ لأن غرضنا بيان علم الخط.
وأما المولى: أبو الخير، فأورد في الشعبة الأولى من (مفتاح السعادة) علوماً متعلقة بكيفية الصناعة الخطية، فنذكرها إجمالاً في فصل.
فمما ذكره أولاً: علم أدوات الخط من القلم، وطريق بريها، وأحوال الشق والقط، ومن الدواة، والمداد، والكاعد.
فأقول هذه الأمور من أحوال علم الخط، فلا وجه لإفرازه، ولو كان مثل ذلك علماً لكان الأمر عسيراً.
وذكر أن ابن البواب نظم فيه قصيدة رائية بليغة، استقصى فيها أدوات الكتابة.
ولياقوت، رسالة فيه أيضاً.
ومنها: علم قوانين الكتابة، أي: كيفية نقش صور الحروف البسائط، وما ذلك إلا علم الخط.
ومنها: علم تحسين الحروف، وهو أيضاً من قبيل تكثير السواد، قال: ومبنى هذا الفن الاستحسانات الناشئة من مقتضى الطباع السليمة بحسب الإلف، والعادة، والمزاج، بل بحسب كل شخص شخص، وغير ذلك مما يؤثر في استحسان الصور واستقباحها.
ولهذا يتنوع هذا العلم بحسب قوم وقوم، ولهذا لا يكاد يوجد خطان متماثلان من كل الوجوه.
أقول: ما ذكره في الاستحسان مسلم؛ لكن تنوعه ليس بمتفرع عليه، وعدم وجد أن الخطين المتماثلين لا يترتب على الاستحسان، بل هو أمر عادي قريب إلى الجبلي، كسائر أخلاق الكاتب وشمايله، وفيه سر إلهي لا يطلع عليه الأفراد.
ومنها: علم كيفية تولد الخطوط عن أصولها بالاختصار، والزيادة، والتغيير، وهو أيضاً من هذا القبيل.
ومنها: علم ترتيب حروف التهجي بهذا الترتيب المعهود، وإزالة التباسها بالنقط.
ولابن جني، والجنزي، رسالة في هذا الباب.
أما ترتيب الحروف، فهو من أحوال علم الحروف، وإعجامها من أحوال علم الخط.



كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 713)
ذكر النقط والإعجام، في الإسلام
اعلم أن الصدر الأول أخذ القرآن والحديث من أفواه الرجال بالتلقين، ثم لما كثر أهل الإسلام اضطر إلى وضع النقط والإعجام.
فقيل: إن أول من وضع النقط مرار (مرامر) ، والعجام: عامر، وقيل: الحجاج، وقيل: أبو الأسود الدؤلي بتلقين علي رضي الله تعالى عنه، إلا أن الظاهر أنهما موضوعان مع الحروف، إذ يبعد أن الحروف مع تشابه صورها كانت عرية عن النقط إلى حين نقط الصحف.
وقد روى أن الصحابة جردوا المصحف من كل شيء حتى النقط، ولو لم يوجد في زمانهم لما يصح (لما صح) التجريد منه.
وذكر ابن خلكان في ترجمة الحجاج: أنه حكى أبو أحمد العسكري في كتاب (التصحيف) : أن الناس مكثوا يقرؤون في مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه نيفاً وأربعين سنة، إلى أيام عبد الملك بن مروان، ثم كثر التصحيف، وانتشر بالعراق، ففزع الحجاج إلى كتابه، وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبهة علامات.
فيقال: أن نصر بن عاصم، وقيل: يحيى بن يعمر قام بذلك، فوضع النقط، وكان مع ذلك أيضاً يقع التصحيف، فأحدثوا الإعجام. انتهى.
واعلم أن النقط والإعجام في زماننا واجبان في المصحف، وأما في غير المصحف فعند خوف اللبس واجبان البتة؛ لأنهما ما وضعا إلا لإزالته، وأما مع أمن اللبس فتركه (فتركهما) أولى سيما إذا كان المكتوب إليه أهلاً.
وقد حكى أنه عرض على عبد الله بن طاهر خط بعض الكتاب، فقال: ما أحسنه! لولا أكثر شونيزه.
ويقال: كثرة النقط في الكتاب سوء الظن بالمكتوب إليه، وقد يقع بالنقط ضرر.
كما حكى أن جعفر المتوكل كتب إلى بعض عماله: أن أحص من قبلك من الذميين، وعرفنا بمبلغ عددهم، فوقع على الحاء نقطة، فجمع العامل من كان في عمله منهم، وخصاهم، فماتوا غير رجلين، إلا في حروف لا يحتمل غيرها كصورة الياء، والنون، والقاف، والفاء المفردات وفيها أيضا مخير.
ثم أورد في الشعبة الثانية علوماً متعلقة بإملاء الحروف المفردة، وهي أيضاً كالأولى.
فمنها: علم تركيب أشكال بسائط الحروف من حيث حسنها، فكما أن للحروف حسناً حال بساطتها، فكذلك لها حسن مخصوص حال تركيبها من تناسب الشكل.
ومباديها: أمور استحسانية، ترجع إلى رعاية النسبة الطبيعية في الأشكال، وله استمداد من الهندسيات، وذلك الحسن نوعان:
حسن التشكيل في الحروف، يكون بخمسة:
أولها: التوفية، وهي أن يوفي كل حرف من الحروف حظه من التقوس، والانحناء، والانبطاح.
والثاني: الإتمام، وهو أن يعطى كل حرف قسمته من الأقدار في الطول، والقصر، والدقة، والغلظة.
والثالث: الانكباب، والاستلقاء.
والرابع: الأشبع.
والخامس: الإرسال، وهو أن يرسل يده بسرعة.
وحسن الوضع في الكلمات، وهي ستة:
الترصيف: وهو وصل حرف إلى حرف.
والتأليف: وهو جمع حرف غير متصل.
والتسطير: وهو إضافة كلمة إلى كلمة.
والتفصيل: وهو مواقع المدات المستحسنة، ومراعاة فواصل الكلام، وحسن التدبير في قطع كلمة واحدة؛ بوقوعها في آخر السطر، وفصل الكلمة التامة، ووصلها، بأن يكتب بعضها في آخر السطر، وبعضها في أوله.
ومنها: علم إملاء الخط العربي، أي: الأحوال العارضة لنقوش الخطوط العربية لا من حيث حسنها، بل من حيث دلالتها على الألفاظ، وهو أيضاً من قبيل تكثير السواد.
ومنها: علم خط المصحف، على ما اصطلح عليه الصحابة عند جمع القرآن الكريم، على ما اختاره زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه، ويسمى: الاصطلاح السلفي أيضاً.
وفيه (العقيلة الرائية) للشاطبي.
ومنها: علم خط العروض، وهو ما اصطلح عليه أهل العروض، في تقطيع الشعر، واعتمادهم في ذلك على ما يقع في السمع؛ دون المعنى المعتد به في صنعة العروض، إنما هو اللفظ؛ لأنهم يريدون به عدد الحروف التي يقوم بها الوزن متحركاً وساكناً، فيكتبون التنوين نوناً ساكنة، ولا يراعون حذفها في الوقف، ويكتبون الحرف المدغم بحرفين، ويحذفون اللام مما يدغم فيه في الحرف الذي بعده كالرحمن، والذاهب، والضارب، ويعتمدون في الحروف على أجزاء التفعيل، كما في قول الشاعر:
شعر
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً * ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
فيكتبون على هذه الصورة ستبدي. لكلاييا. مما كن. تجاهلن. ويأتي. كبلاخبا. رمنلم. تزوودي.
قال في الكاشف: وقد اتفقت في خط المصحف أشياء خارجة عن القياس، ثم ما عاد ذلك بضير، ولا نقصان، لاستقامة اللفظ، وبقاء الحفظ، وكان اتباع خط المصحف سنة لا تخالف.
وقال ابن درستويه: في كتاب الكتاب خطان لا يقاسان، خط المصحف؛ لأنه سنة، وخط العروض؛ لأنه يثبت فيه ما أثبته اللفظ، ويسقط عنه ما أسقط هذا خلاصة ما ذكروه في علم الخط، ومتفرعاته.
وأما الكتب المصنفة فيه، فقد سبق ذكر بعض الرسائل، وما عداها نادراً جداً، سوى أوراق ومختصرات، كأرجوزة عون الدين.



كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 493)
التنبيه، على النقط والشكل
للشيخ، أبي عمرو: عثمان بن سعيد الداني.
المتوفى: سنة 444، أربع وأربعين وأربعمائة.



كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1467)
كتاب: النقط، والشكل
للخليل بن أحمد النحوي.
المتوفى: سنة 170، سبعين ومائة.
ولأبي إسحاق: إبراهيم بن سفيان الزيادي.
المتوفى: سنة 249، تسع وأربعين ومائتين.


كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1617)
المحكم، في النقط
لأبي عمرو: عثمان بن سعيد الداني، المقري.
المتوفى: سنة 444، أربع وأربعين وأربعمائة.
المذكور في: (التيسير) .


كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1975)
النقط، لمعجم ما أشكل عليه من الخطط
يعني خطط مصر.
للشريف: محمد بن إسماعيل الجواني.
المتوفى: سنة ...
نبه فيه على معالم قد دثرت.





مصادر الشعر الجاهلي (ص: 39)
المؤلف: ناصر الدين الأسد
6- وربما كان أخطر ما يوجه إلى من يدعي نقط الكتابة في الجاهلية هو هذه النقوش الجاهلية الخالية من النقط. وهو دليل لا سبيل إلى إنكاره، وإن كان لا بأس في التحدث عنه حديثًا قد يكون فيه بعض حجة؛ وذلك أن جميع ما عثرنا عليه من الكتابة الجاهلية كان نقوشًا على الحجر والصخر، وكان سطورًا قلائل بل كلمات معدودات؛ ولم نعثر على كتابة جاهلية على الرق أو البردي مثلًا كثيرة السطور والكلمات. فربما كان عدم النقط ناجمًا عن اطمئنان الكاتب إلى أن كلماته هذه المنقوشة في نجاة من التصحيف والخلط في القراءة؛ لأنها أسماء أعلام، وسنوات، وكلمات بينهما من اليسير معرفتها؛ وربما كان مما يسوغ له إهمال النقط فوق ذلك صعوبة فنية ومشقة عملية في النقش.
7- ولعل خير ما يدعم هذه النقطة السابقة من حديثنا: تلك الوثيقة البردية التي يرجع تاريخها إلى سنة 22 هجرية على عهد عمر بن الخطاب وهي مكتوبة باللغتين العربية واليونانية1. والذي يعنينا من هذه البردية أن بعض حروفها منقوط معجم وهي حروف: الحاء والذال والزاي والشين والنون. وكذلك الشأن في نقش وجد بقرب الطائف ومؤرخ في سنة 58 هجرية على عهد معاوية بن أبي سفيان، فإن أكثر حروفه التي تحتاج إلى نقط منقوطة معجمة2.
فنحن نرى إذن أن تاريخ الوثيقة البردية وهو سنة 22 هجرية سابق بسنوات كثيرة على ما ذكره الكُتَّاب العرب في نشأة النقط والإعجام، وكذلك هذا النقش المؤرخ في سنة 58 هجرية. وثمة أمر آخر يجدر بنا أن ننبه عليه وهو أن أكثر الوثائق البردية -التي عُثر عليها مؤرخةً في القرن الأول الهجري- غير منقوطة ولا معجمة، وذلك يعني أن إهمال النقط فيما عثرنا عليه من نقوش جاهلية ضرورة أن النقط لم يكن معروفًا مستعملًا؛ لأن إهمال النقط في النقوش وأوراق البردي الإسلامية لم يمنع وجود وثائق ونقوش منقوطة. وجدير بالذكر أن إهمال النقط أمر كان شائعًا في العهود الإسلامية قرونًا متوالية، بل لقد عد بعضهم الإعجام والنقط مما لا يليق في الكتب والرسائل؛ لأنه يدل على أن الكاتب يتوهم فيمن يكتب إليه الجهل وسوء الفهم1.
وحسبنا ما قدمنا عن النقط، ونحن أول من يعرف أن هذا كله لا يقوم وحده دليلًا قاطعًا على وجود النقط قبل الإسلام، ولكننا أحببنا أن نثبته للأسباب التي قدمناها، فلعل غيرنا قادر من بعدنا على الوصول إلى مفصل من الأمر يتم به ما بدأنا.
__________
1 صورة هذه البردية في كتاب الدكتور جروهمان from the world of Islamic papyri, p. 11 "a"
ووصفها ونصها مع ترجمتها في ص113-114؛ ثم انظر ص82 من الكتاب نفسه.
2 انظر مقالة: ج. س. مايلز عن: النقوش الإسلامية المبكرة بقرب الطائف في الحجاز
GG. Miles Early islamic inscriptions Near Taif in the Hijaz JNES. 7 "1948"
وصورة النقش هناك رقم 18.
__________
1 قال أبو بكر الصولي في كتابه أدب الكتاب ص57-58 "كره الكتاب الشكل والإعجام إلا في المواضع الملتبسة من كتب العظماء إلى من دونهم. فإذا كانت الكتب ممن دونهم إليهم ترك ذلك في الملتبس وغيره؛ إجلالًا لهم عن أن يتوهم عنهم الشك وسوء الفهم، وتنزيهًا لعلومهم وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف".



مصادر الشعر الجاهلي (ص: 34)
النقط والشكل والإعجام:
وهذه النقوش تقودنا إلى الحديث في نقطة أخرى لها خطرها الكبير في تاريخ الكتابة العربية في الجاهلية. ونحن نعرض في هذا الموضوع ما وصلنا إليه في بحثنا؛ وسنكتفي بالعرض المجرد وحده، لا نثبت ولا ننفي، فحسبنا أن نثير هذا الموضوع ونجعله ميدانًا للبحث لعل مُقبل الأيام يتكفل بجلائه ويمدنا بما نستطيع أن نلقي به القول الفصل مطمئنين واثقين.
تلك هي مسألة النقط والإعجام. فهذه النقوش التي عرضناها جميعًا خالية من النقط خلوًّا كاملًا، فليس فيها حرف واحد منقوط، وكذلك كانت الكتابة النبطية -التي يرجح أن الخط العربي مشتق منها ومتطور عنها- لا تعرف النقط والإعجام1. وقد كان من الجائز أن نقف عند هذا الحد الذي أوقفتنا عنده هذه النقوش، وأن نردد مع جميع الباحثين قبلنا رأيهم في أن الكتابة العربية، في أول نشأتها، كانت غير منقوطة، بل إنها استمرت خالية من النقط حتى زمن عبد الملك بن مروان2. ولكن وجهًا آخر استبان لنا في أثناء الدراسة فوجدنا حقًّا علينا أن نعرضه. وخلاصة ذلك أننا عثرنا في خلال بحثنا على قول أورده القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه "العواصم من القواصم"، قال3:
"وكان نقل المصحف إلى نسخه على النحو الذي كانوا يكتبونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابة عثمان وزيد وأبي وسواهم من غير نقط ولا ضبط. واعتمدوا هذا النقل ليبقى بعد جمع الناس على ما في المصحف نوع من الرفق في القراءة باختلاف الضبط".
وقد استوقفنا كلام ابن العربي على غموضه وحاجته إلى فضل بيان يوضحه، فلما قرأنا ما سنعرضه من كلام ابن الجزري كان خير موضح، قال1 " ... ثم إن الصحابة رضي الله عنهم لما كتبوا تلك المصاحف جردوها من النقط والشكل ليحتمله ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهةً بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين. فإن الصحابة رضوان الله عليهم تلقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمر الله تعالى بتبليغه إليهم من القرآن: لفظه ومعناه جميعًا، ولم يكونوا ليسقطوا شيئًا من القرآن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم ولا يمنعوا من القراءة به".
وقول ثالث رُوِي عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال2 "جردوا القرآن ليربو فيه صغيركم ولا ينأى عنه كبيركم.." وقد ذكر الزمخشري شارحًا قول ابن مسعود أنه "أراد تجريده من النقط والفواتح والعشور لئلا ينشأ نشء فيرى أنها من القرآن".
وهذه الأقوال الثلاثة يُفهم منها أن النقط أمر قد كان معروفًا قبل كتابة مصحف عثمان، ثم عدل عنه عدلًا مقصودًا، وجرد القرآن منه تجريدًا متعمدًا.
__________
1 خليل يحيى نامى، أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام، ص87.
2 انظر كتاب التنبيه على حدوث التصحيف لحمزة الأصفهاني "ورقة 37-40" حيث يذكر أن الحجاج أمر كتابه أن يضعوا للحروف المشتبهة -مثل الباء والتاء والثاء والنون- علامات تميزها.
3 ج2 ص196-197 "ط. الجزائر".


مصادر الشعر الجاهلي (ص: 37)
1- ما رواه الفراء قال1: "حدثني سفيان بن عيينة، رفعه إلى زيد ابن ثابت، قال: كتب في حجر: ننشزها، ولم يتسن، وانظر إلى زيد بن ثابت فنقط على الشين والزاي أربعًا، وكتب "يتسنه" بالهاء".
2- ورُوِي عن ابن عباس قال2: "أول من كتب بالعربية ثلاثة رجال من بولان، وهي قبيلة سكنوا الأنبار، وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفًا مقطعة وموصولة، وهم: مرامر بن مرة، وأسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة -ويقال مروة وجدلة- فأما مرامر فوضع الصور، وأما أسلم ففصل ووصل، وأما عامر فوضع الإعجام".
وقد ذكرنا في صدر هذا البحث أن صحة هذه الرواية وأمثالها عن أصل الخط العربي لا تعنينا في شيء، ونحن هنا لا نسوقها إلا لأمر واحد لا نعدوه، وذلك أن في هذا القول لابن عباس -إن كان قاله- دليلًا واضحًا على أن ابن عباس كان يعرف الإعجام، وأن من قبله كانوا يعرفونه؛ وأما إن لم يكن قاله فما زال يحمل من الدلالة ما لا يصح معها أن نغفله، وذلك أن واضع هذا القول وناسبه إلى ابن عباس كان لا بد يعرف أن ابن عباس كان يعرف الإعجام وإلا لما قبل الناس قوله.
3- وقد ذكر السجستاني أن "الحجاج بن يوسف غيَّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفًا، قال: ... وكانت في يونس "آية 22" "هو الذي ينشركم" فغيره "يسيركم".
وقد نقبل أن يكون الحجاج هو الذي نقط هذه الكلمة وكانت من قبل غير منقوطة كما يزعمون، ولكن أن يكون غير نقطها فذلك هو ما نقف عنده،
__________
1 معاني القرآن 1: 172-173.
2 مصاحف السجستاني: 49، 117.




کلمات شیخ طوسي قده در باره قراءات

التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 52، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر " أصحاب اليكة " على انه اسم المدينة معرفة لا ينصرف.
قال ابوعلي الفارسي: الاجود أن يكون ذلك على تخفيف الهمزة، مثل لحمر ونصبه يضعف، لانه يكون نصب حرف الاعراب في موضع الجر، مع لام التعريف، وذلك لا يجوز. وحجة من قرأ بذلك أنه في المصحف بلا ألف.
وقالوا هو اسم المدينة بعينها. الباقون " أصحاب الايكة " بالالف واللام مطلقا مضافا.
ومثله الخلاف في ص.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (1/ 24، بترقيم الشاملة آليا)
وحذفت الالف في اللفظ لانه ألف الوصل تسقط في الدرج وحذفت ههنا وحدها في الخط لكثرة الاستعمال ولا تحذف في قوله تعالى " إقرأ باسم ربك "(1) وقوله " فسبح باسم ربك " وما أشبه ذلك لقلة استعمالها هناك



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (1/ 32، بترقيم الشاملة آليا)
قوله: مالك يوم الدين
القراءة: قرأ عاصم والكسائي وخلف ويعقوب: ومالك بالالف.
الباقون ملك بغير الف، ولم يمل أحد الف مالك وكسر جميعهم الكاف وروي عن الاعمش انه فتحها على النداء وربيعة بن نزار يخففون مالك ويسقطون الالف فيقولون: ملك بتسكين اللام وفتح الميم كما قال ابوالنجم تمشي الملك عليه حلله والالف ساقط في الخط في القراءتين والمعول على الاولتين دون النصب وإسكان اللام



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (6/ 204، بترقيم الشاملة آليا)
ومن قرأ " فننجي " بنونين، فعلى انه حكاية حال، لان القصة كانت فيما مضى، فانما حكى فعل الحال على ماكانت، كماقال " وإن ربك ليحكم بينهم "(2) حكاية الحال الكائنة، ومثله " وكلبهم باسط ذراعيه "(3) فلو لم يكن على الحال لم يعمل اسم الفاعل، لانه إذا مضى اختص، وصار معهودا، فخرج بذلك من شبه الفعل.
واما النون الثانية من (ننجي) فهم مخفاة مع الجيم، وكذلك النون مع جميع حروف الفم، لاتكون الا مخفاة، قال ابوعثمان المازني وتبيينها معها لحن.
قال وللنون مع الحروف ثلاثة احوال: الادغام، والاخفاء، والبيان، فهي تدغم مع ما يقارنها كما تدغم سائر المتقارنة.
والاخفاء فيها مع حروف الفم التي لاتقارنها والبيان منها مع حروف الحلق، وحذف النون الثانية من الخط يشبه ان يكون لكراهة اجتماع المثلين فيه.
ومن ذهب إلى ان الثانية مدغمة في الجيم، فقد غلط، لانها ليست بمثل للجيم، ولامقارنة له.
ووجه قراءة عاصم انه اتى به على لفط الماضي، لان القصة ما ضية.
وما رواه هبيرة عن عاصم بنونين، وفتح الياء، فهو غلط من الراوي، كما قال ابن مجاهد، وروى نصر بن علي عن أبيه عن ابي عمرو " فنجي " بنون واحدة ساكنة الياء خفيفة الجيم، فهذا غلط، لانا قد بينا ان النون، لا تدغم في الجيم، لما بيناه.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 268، بترقيم الشاملة آليا)
وقد قرأ ابوبكر عن عاصم " نجى المؤمنين " بنون واحدة مشددة الجيم. الباقون بنونين.
وهي في المصحف بنون واحدة حذف الثانية كراهة الجمع بين المثلين في الخط، ولان النون الثانية تخفى مع الجيم، ومع حروف الفم، ولا تظهر، ولذلك ظن قوم أنها ادغمت في الجيم، فقرؤها مدغما، وليس بمدغم. ولا وجه لقراء ة عاصم هذه ولا لقول أبي عبيدة حاكيا عن أبي عمرو: ان النون مدغمة، لانها لا تدغم في الجيم.
وقال الزجاج: هذا لحن، ولا وجه لمن تأوله: نجى النجا المؤمنين، كما لايجوز ضرب زيدا بمعنى ضرب الضرب زيدا.
وقال الفراء: هو لحن.
وقال قوم - محتجين لابي بكر - انه أراد فعلا ماضيا، على ما لم يسم فاعله، فاسكن الياء، كما قرأ الحسن " وذروا ما بقي من الربا "(1) أقام المصدر مقام المعفول الذي لايذكر فاعله، فكذلك نجى النجا المؤمنين، واحتجوا بأن أبا جعفر قرأ " لنجزى قوما "(2) في الجاثية على تقدير لنجزي الجراء قوما قال الشاعر.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 189، بترقيم الشاملة آليا)
القراء ة: أهل الحجاز يقولون: سل بغير همز. وبعض بني تميم يقولون: اسأل بالهمز، وبعضهم يقولون: اسل بالالف وطرح الهمز - والاولى أحسنها لانها خط المصحف.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (1/ 23، بترقيم الشاملة آليا)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحجة - عندنا آية من الحمد ومن كل سورة بدلالة إثباتهم لها في المصاحف بالخط الذي كتب به المصحف مع تجنبهم إثبات الاعشار والاخماس كذلك وفي ذلك خلاف ذكرناه في خلاف الفقهاء ولا خلاف أنها بعض سورة النمل.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (1/ 264، بترقيم الشاملة آليا)
القراءة: من اختار النون من القراء، قال: لانه مطابق لما تقدم من قوله: " وظللنا " و " قلنا ". وانما اتفق القراء على خطاياكم هاهنا، واختلفوا في الاعراف وسورة نوح، لان اللتين في الاعراف ونوح كتبتا في المصحف بالياء بعد ألف، والتي في البقرة بألف.


التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (5/ 6، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ اهل المدينة وابن عامر ويعقوب (يغفر) بالياء وضمها، وفتح الفاء الباقون بالنون وكسر الفاء، وقرأ اهل المدينة ويعقوب (خطيئاتكم) على جمع السلامة ورفع التاء، وقرأ ابن عامر على التوحيد ورفع التاء، وقرأ ابوعمرو (خطاياكم) بغير همز على جمع التكسير، الباقون وهم ابن كثير واهل الكوفة (خطيآتكم) على جمع السلامة وكسر التاء.
من قرأ " يغفر " حمله على قوله تعالى " وإذ قيل لهم " ادخلوا.. يغفر، والتي في البقرة (نغفر) بالنون، فالنون هناك احسن لقوله " وإذ قلنا " وجاز ههنا بالنون كأنه قيل لهم ادخلوا.. نغفر. أي إن دخلتم غفرنا.
ومن قرأ تغفر بالتاء المضمومة فلانه اسند اليها خطيئاتكم وهو مؤنث فأنث وبنى الفعل للمفعول اشبه بما قبله، لان قبله واذ قيل.
ومن قرأ بالنون فلقوله " سنزيد المحسنين " وخطايا جمع خطيئة جمع تكسير (وخطياتكم) مسكنا لانه يكثر فيه السكون وسميت القرية قرية لان الماء يقري اليها يقال قريت الماء في الحوض أقريه قريا إذا حمعته. ويجوز ان يكون مشتقا من اجتماع الناس اليها.
وقد مضى تفسير مثل هذه الاية في سورة البقرة(1) فلا معنى لاعادته.


التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 135، بترقيم الشاملة آليا)
وقرأ ابوعمرو (خطاياهم) على جمع التكسير. الباقون (خطيئاتهم) على جمع السلامة.







التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (1/ 274، بترقيم الشاملة آليا)
ومن نون أراد مصرا من الامصار غير معين. ويجوز أيضا أن يريد مصرا بعينه الذي خرجوا منه. وإنما نون إتباعا للمصحف، لان في المصحف بألف: كما قرأ: " قواريرا قواريرا "(2) منونا اتباعا لخط المصحف. ومن لم ينون اراد مصر بعينها لا غير. وكل ذلك محتمل.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 144، بترقيم الشاملة آليا)
وإنما كتبت بغير ألف - في الثلاث والكلام(1) في المصحف للايجاز، كما كتبوا الرحمن بلا ألف. وكذلك صالح وخالد، وما أشبهها، من حروف المد واللين، لقوتها على التغيير.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 210، بترقيم الشاملة آليا)
وكتبت " رحمة الله " بالتاء في المصحف على الوصل، والاقيس بالهاء على الوقف، كما كتب " يدع الداع "(1) و " يقضي بالحق "(2) " واضرب لهم مثلا "(3) كل ذلك على الوقف.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 346، بترقيم الشاملة آليا)
وقوله: (والله واسع عليم) حكى البلخي أنه بغير واو في مصاحف أهل الشام ولم يقرأ به أحد فان صح فهو دلالة على نقصان الحروف من كثير من القرآن على ما اختلفوا فيه.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 379، بترقيم الشاملة آليا)
فأما (رهان) فهو جمع رهن، وهو على القياس نحو حبل وحبال، وفعل وفعال، وكبش وكباش، وإنما اختار أبوعمرو: فرهن لانه موافق لخط المصحف، ولغلبة الاستعمال في الرهان في الخيل، واختاره الزجاج أيضا.
ومن اختار (رهان) فلا طراده في باب الجمع. وكل حسن.
وارتفع (فرهن) بأنه خبر ابتداء محذوف تقديره فالوثيقة رهن ويجوز فعليه ورهن.
ولو قرئ " فرهنا " بالنصب بمعنى فارتهنوا رهنا جاز في العربية، ولكن لم يقرأ به أحد.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 421، بترقيم الشاملة آليا)
القراء ة: قرأ حمزة ونصير " ويقاتلون الذين يأمرون " بالف لان في مصحف عبدالله " وقاتلوا " والاجود ما عليه الجماعة.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (2/ 590، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ نافع وابن عامر " سارعوا " بلا واو، والباقون بالواو، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام بلا واو.
وفي مصاحف أهل العراق بالواو، والمعنى واحد، وإنما الفرق بينهما استئناف الكلام إذا كان بلا واو، ووصلها بما تقدم إذا قرئ بواو، لانه يكون عطفا على ما تقدم.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (3/ 68، بترقيم الشاملة آليا)
القراء ة، والحجة: قرأ ابن عامر وحده وبالزبر وكذلك هو في مصاحف أهل الشام.
الباقون بحذف الباء، فمن حذف فلان واو العطف أغنت عن تكرار العامل ومن أثبتها فانما كرر العامل تأكيدا، وكلاهما جيدان.


التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (3/ 244، بترقيم الشاملة آليا)
القراء ة، والحجة: قرأ ابن عامر وحده " إلا قليلا " بالنصب، وكذلك هو في مصاحف أهل الشام. الباقون بالرفع.
وقيل: إن النصب قراء ة أبي، فمن رفع فعلى البدل من المضر كأنه قال: مافعله إلا قليل منهم. وهذايجوز في النفي دون الاثبات، لانه لايجوز أن يقول فعله إلا قليل منهم، لان الفعل ليس للقليل في الاثبات كما هو لهم في النفي.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (3/ 328، بترقيم الشاملة آليا)
الرابع - قال مجاهد: الاناث هي الاوثان. وروي عن عروة عن أبيه أن في مصحف عائشة الاأوثانا وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأها إلا وثنا جمع وثن كأنه جمع وثنا، وثنا، ثم قلب الواو همزة مضمومة مثل وجوه وأوجه وقتت واقتت، وقرأ بعضهم أنثا جمع أناث مثل ثمار وثمر والقراء ة المشهورة أناثا، وعليه القراء من أهل الامصار.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (3/ 368، بترقيم الشاملة آليا)
" وسوف يؤت الله " كتبت في المصحف بلاياء تخفيفا ومثله " يوم يأت لا تكلم " وقوله: " ماكنا نبغ " وغير ذلك. وكان الكسائي يثبت الياء في الوصل دون الوقف، ثم رجع عنه. وابوعمرو يثبتها في الوصل واهل المدينة يثبتونها في الحالين.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (3/ 389، بترقيم الشاملة آليا)
واختاره الطبري. قال لانه في قراء ة أبي كذلك، وكذلك هو في مصحفه. فلما وافق مصحفه لمصحفنا ذلك على انه ليس بغلط.
وقال اخرون: المعنى المؤمنون يؤمنون بما انزل اليك، وما انزل من قبلك، ويؤمنون بالمقيمين الصلاة، وهم الائمة المعصومون، والمؤتون الزكاة، كما قال: يؤمن بالله، ويؤمن للمؤمنين. وانكروا النصب على المدح.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (3/ 552، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ نافع وأهل المدينة " يرتدد " بدالين، وبه قرأ ابن عامر، وكذلك هو في مصاحفهم.
الباقون بدال واحدة مشددة، وكذلك هو في مصاحفهم.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (4/ 143، بترقيم الشاملة آليا)
وقال البلخي: قراء ة ابن عامر غلط، لان العرب اذا ادخلت الالف واللام قالوا: الغداة يقولون: رأيتك بالغداة، ولايقولون بالغدوة، فاذا نزعوا الالف واللام قالوا رأيتك غدوة. وانما كتبت واو في المصحف، كما كتبوا الصلاة والزكاة والحياة كذلك.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (4/ 157، بترقيم الشاملة آليا)
كلهم قرأ " توفته رسلنا " بالتاء الاحمزة فانه قرأ " توفاه ".
وحجة من قرأ بالتاء قوله " كذبت رسل من قبلك "(1) وقوله " اذجاء تهم الرسل من بين أيديهم "(2) و " جاء تهم رسلهم بالبينات(3) و " قالت رسلهم "(4) وحجة حمزة انه فعل متقدم مسند إلى مؤنث غير حقيقي. وانما التأنيث للجمع، فهومثل قوله " وقال نسوة في المدينة "(5) وماأشبه ذلك مما يأتيه تأنيث الجمع، قال وليس ذلك خلافا للمصحف، لان الالف الممالة تكتب ياء.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (4/ 227، بترقيم الشاملة آليا)
وقال ابوعلي النحوي: من قرأ " دارست " معناه أهل الكتاب وذاكرتهم، قال وقد يحذف الالف في مثل هذا في المصحف.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (4/ 287، بترقيم الشاملة آليا)
وقيل انما حمل ابن عامر على هذه القراء ة انه وجد (شركائهم) في مصاحف اهل الشام بالياء لا بالواو،


التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (4/ 404، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن عامر " ماكنا لنهتدي " بلاواو، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام. الباقون باثباتها. وجه الاستغناء عن الواو أن الجملة متصلة بماقبلها فأغنى التباسها بها عن حرف العطف.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (4/ 452، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن عامر " وقال الملا " بزيادة واو، وكذلك في مصاحف أهل الشام الباقون بلاواو.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (5/ 281، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن كثير وحده " جنات تجري من تحتها " باثبات (من) وكذلك هو في مصاحف اهل مكة. الباقون بحذف (من) ونصبوا تحتها على الظرف وقرأ يعقوب " والانصار والذين " بضم الراء. الباقون بجرها.
من رفع عطف على قوله " والسابقون الاولون " ورفع على الابتداء والخبر قوله " رضي الله عنهم " ومن جر عطفه على " المهاجرين " كأنه قال: من المهاجرين ومن الانصار.
ومن اثبت (من) فلان في القرآن مواضع لا تحصى " جنات تجري من تحتها " ومن أسقطها تبع مصحف غير أهل مكة. والمعنى واحد.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (5/ 488، بترقيم الشاملة آليا)
وروي عن علي عليه السلام أنه قرأ ونادى نوح ابنها فنسبه إلى المرأة، وأنه كان يربيه.
وروي عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام وعروة بن الزبير أنهما قرء ا " ونادى نوح ابنه " بفتح الهاء وترك الالف كراهة ما يخالف المصحف، وأرادا أن ينسباه إلى المرأة، وأنه لم يكن ابنه لصلبه.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (6/ 41، بترقيم الشاملة آليا)
ومن رفع (امراتك) جعله بدلا من قوله " ولايلتفت منكم أحد " ومن نصبه جعله استثناء من قوله " فأسر بأهلك " كأنه قلا فأسر بأهلك إلا امرأتك، وزعموا ان في مصحف عبدالله وأبي " فاسر باهلك بقطع من الليل إلا امرأتك "، وليس فيه " ولايلتفت منكم احد " وجاز النصب على ضعفه. والرفع الوجه



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (6/ 145، بترقيم الشاملة آليا)
وحكي عن الحسن أنه قرأ " أنا اجبكم بتأويله " وهو خلاف المصحف.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (6/ 203، بترقيم الشاملة آليا)
وقرأعاصم وابن عامر " فنجي من نشاء " بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء.
الباقون بنونين على الاستقبال، وهي في المصحف بنون واحدة.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 111، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابوعمرو ونافع في رواية ورش وقالون عنه (ليهب لك) بالياء (ربك غلاما) الباقون (لاهب) بالهمزة على الحكاية، وتقديره قال ربك لاهب لك.
وقال الحسن: معناه لاهب لك باذن الله (غلاما زكيا) اى صار بالبشارة كأنه وهب لها.
وضعف ابوعبيدة قراء ة أبي عمرو، لانها خلاف المصحف.
قال ابن خالوية: حجة ابي عمرو أن حروف المد واللين وذوات الهمز يحول بعضها إلى بعض، كما قرئ (ليلا) بالياء - والاصل الهمزة: (لئلا) قال ابوعلي النحوي: من قرأ - بالياء - يجوز أن يكون أراد الهمزة، وانما قلبها ياء على مذهب ابي الحسن أو جعلها بين بين قول الخليل.
وفى قراء ة أبي وابن مسعود (ليهب) بالياء، وهو الاجود،



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 268، بترقيم الشاملة آليا)
وقد قرأ ابوبكر عن عاصم " نجى المؤمنين " بنون واحدة مشددة الجيم. الباقون بنونين.
وهي في المصحف بنون واحدة حذف الثانية كراهة الجمع بين المثلين في الخط، ولان النون الثانية تخفى مع الجيم، ومع حروف الفم، ولا تظهر، ولذلك ظن قوم أنها ادغمت في الجيم، فقرؤها مدغما، وليس بمدغم. ولا وجه لقراء ة عاصم هذه ولا لقول أبي عبيدة حاكيا عن أبي عمرو: ان النون مدغمة، لانها لا تدغم في الجيم.
وقال الزجاج: هذا لحن، ولا وجه لمن تأوله: نجى النجا المؤمنين، كما لايجوز ضرب زيدا بمعنى ضرب الضرب زيدا.
وقال الفراء: هو لحن.
وقال قوم - محتجين لابي بكر - انه أراد فعلا ماضيا، على ما لم يسم فاعله، فاسكن الياء، كما قرأ الحسن " وذروا ما بقي من الربا "(1) أقام المصدر مقام المعفول الذي لايذكر فاعله، فكذلك نجى النجا المؤمنين، واحتجوا بأن أبا جعفر قرأ " لنجزى قوما "(2) في الجاثية على تقدير لنجزي الجراء قوما قال الشاعر.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 280، بترقيم الشاملة آليا)
وقال قتادة: كان النبي صلى الله عليه وآله اذا شهد قتالا قال (رب احكم بالحق) بيني وبين المشركين بما يظهر به الحق للجميع. وقرأ حفص وحده (قال رب أحكم) على الخبر. الباقون على الامر، وضم الباء ابوجعفر اتباعا لضم الكاف. الباقون بكسرها على أصل حركة إلتقاء الساكين.
وقوله (وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون) أي على ما تذكرون، مما ينافي التوحيد. وحكي عن الضحاك انه قرأ (قال ربي أحكم) باثبات الياء، وهو خلاف ما في المصاحف، ويكون على هذا (ربي) مبتدأ و (أحكم) خبره، كقوله (الله احسن الخالقين)(1).
وقرا ابن ذكران عن ابن عامر (عما يصفون) بالياء يعني على ما يكذب هؤلاء الكفار من انكار البعث. الباقون بالتاء على الخطاب لهم بذلك.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 299، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ نافع وأبوبكر " ولؤلؤا " بالنصب. الباقون بالجر......ومن نصبه عطفه على الموضع، لان (من) وما بعدها في موضع نصب، فعطف " ولؤلؤا " على الموضع، وتقديره: ويحلون لؤلوا. وقد روي عن عاصم همز الاولى وتليين الثانية. وروي ضده، وهو تليين الاولى وهمز الثانية. الباقون يهمزونهما. وكل ذلك جائز في العربية. واللؤلؤ الكبار، والمرجان الصغار.
ويجوز أن يكون اللؤلؤ مرصعا في الذهب، فلذلك قال: يحلون لؤلؤا وقوى القراء ة بالنصب أنه في المصاحف مكتوبا بالالف، قال ابوعمرو: كتب كذلك، كما كتبوا كفروا بالالف.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 382، بترقيم الشاملة آليا)
فانهم " سيقولون الله " الذي له .... ومن قرأ (الله) باثبات الالف، فلانه يطابق السؤال في قوله (من رب السموات السبع ورب الارض... ومن بيده ملكوت كل شئ) لان جواب ذلك على اللفظ أن يقولوا (الله).
ومن قرأ " لله " باسقاط الالف، حمله على المعنى دون اللفظ، كقول القائل .... وذكر أنها في مصاحف أهل الامصار بغير الف، ومصحف أهل البصرة فانها بالف.(2) فأما الاولى فلا خلاف أنها بلا ألف لمطابقة السؤال في قول (قل لمن الارض) والجواب يقتضي أن يقولوا: لله.
-------------
(2) وفي المخطوطة (في مصاحف اهل الشام بغير الف وفى مصاحف أهل الامصار بالالف)




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (7/ 424، بترقيم الشاملة آليا)
ثم أمر الله تعالى المكلفين، فقال " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " أي لتفوزوا بثواب الجنة. ومن نصب (غير) يجوز أن يكون على الاستثناء، ويجوز أن يكون على الحال. ومن كسرجعله نعتا ل " التابعين، غير " وإن لم يوصف به المعارف، فانما المراد ب (التابعين) ليس بمعين. وابن عامر انما ضم الهاء ووقف بلا ألف في (أيه) اتباعا للمصحف.
قال ابوعلي: وقراء ته ضعيفة، لان آخر الاسم هو الياء الثانية في أي، فينبغي أن يكون المضموم آخر الاسم ولا يجوز ضم الهاء، كما لا يجوز ضم الميم في قوله " اللهم " ولانه آخر الكلام، وها للتنبيه، فلا يجوز حذف الالف بحال.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 52، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر " أصحاب اليكة " على انه اسم المدينة معرفة لا ينصرف.
قال ابوعلي الفارسي: الاجود أن يكون ذلك على تخفيف الهمزة، مثل لحمر ونصبه يضعف، لانه يكون نصب حرف الاعراب في موضع الجر، مع لام التعريف، وذلك لا يجوز. وحجة من قرأ بذلك أنه في المصحف بلا ألف.
وقالوا هو اسم المدينة بعينها. الباقون " أصحاب الايكة " بالالف واللام مطلقا مضافا.
ومثله الخلاف في ص.
وقرأ ابوا حفص " كفا " بفتح السين - ههنا - وفى (سبأ). الباقون باسكانها.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 63، بترقيم الشاملة آليا)
وقرأ ابن عامر ونافع " فتوكل " بالفاء، لانها في مصاحف أهل المدينة والشام كذلك. الباقون بالواو، وكذلك هو في مصاحفهم.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 142، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن كثير " قال موسى " بلا واو، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة. الباقون - بالواو - وكذلك هو في المصاحف.
وقرأ اهل الكوفة إلا عاصما " من يكون " بالياء. الباقون بالتاء من قرأ بالياء فلان تأنيث العاقبة ليس بحقيقي.
ومن قرأ بالتاء، فلان لفظه مؤنث. وتقدير الكلام



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 171، بترقيم الشاملة آليا)
روي عن الكسائي الوقف على " وي " من قوله تعالى " وي كان الله " ومن قوله " وي كأنه " وروي عن ابن عمر الوقف على الكاف منهما قال ابوطاهر: الاختيار اتباع المصحف، وهما فيه كلمة واحدة، وقرأ حفص ويعقوب " لخسف بنا " بفتح الخاء والسين. الباقون بضم الخاء وكسر السين على ما لم يسم فاعله.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 304، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ بن كثير والكسائي وحفص عن عاصم " الظنونا " بألف في الوقف دون الوصل. وقرأ نافع وابوجعفر وابوبكر عن عاصم وابن عامر - بالالف - فيهما وقرأ ابوعمرو ويعقوب وحمزة - بغير الف - فيهما وفي المصحف بألف. من أثبت الالف أثبته لاجل الفواصل التي يطلب بها تشاكل المقاطع، ولان الالف ثابتة في المصاحف، فاتبعوا المصحف، ومن حذف قال: لان هذا الالف يكون بدلا من التنوين في حال الوقف، فاذا دخلت الالف واللام اسقطت التنوين، فقط ايضا ما هو بدل منه، ولان مثل ذلك إنما يجوز في القوافي وذلك لا يليق بالقرآن، قال الشاعر:



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 318، بترقيم الشاملة آليا)
وقيل: وكفى الله المؤمنين القتال بعلي عليه السلام وهي قراء ة ابن مسعود، وكذلك هو في مصحفه، في قتله عمرو بن عبد ود، وكان ذلك سبب هزيمة القوم.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 419، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابوعمرو وحده " يجزى " بضم الياء على ما لم يسم فاعله. الباقون. بالنون على وجه الاخبار من الله عن نفسه. وقرأ ابن كثير وابوعمرو وحفص " على بينة " بالتوحيد لقوله " قد جاء كم بينة من ربكم "(1) الباقون " بينات " على الجمع، لانها مكتوبة في المصاحف بالالف والتاء، والبينة والبينات القرآن، وفي قوله " حتى تأتيهم البينة رسول من الله "(2) وهو محمد صلى الله عليه واله.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 440، بترقيم الشاملة آليا)
اراد على الماء، فحذف لالتقاء المضاعف، وأما (ما) في قوله " وما عملت أيديهم " يحتمل ثلاثة اوجه: ... فمن أثبت الهاء او حذفها تبع المصاحف، لان المصاحف مختلفة.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 502، بترقيم الشاملة آليا)
(وناديناه ان يا ابراهيم) * و (ناديناه) هو جواب (فلما) قال الفراء: العرب تدخل الواو في جواب (فلما) و (حتى) و (إذا) كما قال * (حتى إذا جاؤها فتحت ابوابها) *(1) وفي موضع آخر * (وفتحت) *(2) وفي قراء ة عبدالله * (فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية) *(3) وفي المصاحف (جعل) بلا واو وموضع ان نصب بوقوع النداء عليه وتقديره وناديناه بأن يا ابراهيم أي



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (8/ 527، بترقيم الشاملة آليا)
ومن زعم انه (لا تحين) موصوله، فقد غلط، لانها في المصحف وتأويل العلماء مفصولة.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 130، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ اهل المدينة وابن عار وحفص " ثمرات " على الجمع. الباقون " ثمرة " على التوحيد من قرأ على الجمع فلا ختلاف أجناس الثمار، ولانه في المصاحف مكتوبا بتاء ممدودة.
ومن وحده قال: الثمرة تفيد الجمع والتوحيد فلا يحتاج إلى الجمع، لانه في مصحف عبدالله مكتوب بالهاء، و " الاكمام " جمع (كم) في قول الفراء، و (كمة) في قول ابي عبيدة. وهي الكفرى.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 136، بترقيم الشاملة آليا)
واما الحجة من جهة التخفي، فان النون تدغم في الميم وتخفى عند القاف والمخفي بمنزلة المظهر، فلما كره التشديد في (طسم) اظهروا لما كان المخفي بمنزلة الظاهر ولم يحتج إلى اظهار القاف، قال الفراء: ذكر عن ابن عباس انه قال (حمسق) بلا عين. وقال السين كل فرقة تكون. والقاف كل جماعة كانت، قال الفراء وكانت في بعض مصاحف عبدالله مثل ذلك.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 154، بترقيم الشاملة آليا)
ويمحوا الله الباطل " وقوله " ويمحوا الله الباطل " رفع إلا أنه حذف الواو من المصاحف كما حذف من قوله " سندع الزبانية "(2) على اللفظ وذهابه لا لتقاء الساكنين، وليس بعطف على قوله " يختم " لانه رفع " وبين ذلك بقوله " ويحق الحق بكلماته " أي ويثبت الحق بأقواله التي ينزلها على انبيائه يتبين بها كذب من ادعى على الله كذبا في أنه نبي، ولا يكون كذلك " إنه عليم بذات الصدور " أي بأسرار ما في الصدور، لا يخفى عليه شئ منها.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 156، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن عامر ونافع " بما كسبت " بلا فاء، وكذلك هو في مصاحف اهل المدينة واهل الشام. الباقون بالفاء، وكذلك في مصاحفهم، فعلى هذا يكون جزاء وعلى الاول يكون المعنى الذي أصابكم من مصيبة بما كسبت ايديكم.


التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 160، بترقيم الشاملة آليا)
ومن اثبت الياء في الحالين في قوله (الجواري) فلا أنها الاصل، لكن خالف المصحف، ومن اثبتها وصلا دون الوقف استعمل الاصل وتبع المصحف، ومن حذفها في الحالين يتبع المصحف، واجتزأ بالكسوة الدالة على الياء. وواحد الجواري جارية، وهي السفينة، وحكي عن ابن مسعود انه قرأ بضم الراء كأنه قلب، كما قالوا (شاك) في (شائك) فأراد الجوائر فقلب.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 181، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ اهل الكوفة إلا أبابكر " او من ينشأ " بضم الياء وتشديد الشين.
الباقون بفتح الياء والتخفيف. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر " عند الرحمن " بالنون. الباقون " عباد " على الجمع وقرأ نافع " أأشهدوا " بضم الالف وفتح الهمزة من (اشهدت) الباقون " اشهدوا " من (شهدت) من قرأ (ينشأ) بالتشديد جعله في موضع مفعول لانه تعالى قال " إنا انشأناهن إنشاء "(1) فانشأت ونشأت بمعنى إذا ربيت.....
ومن قرء عباد فجمع (عبد) فهو كقوله " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون "(4) فاراد الله أن يكذبهم في قولهم: إن الملائكة بنات الله، وبين انهم عباده.
ومن قرأ " عند " بالنون، فكقوله " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته "(5) وقال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس في مصحفي " عباد " فقال: حكه.
ووجه قراء ة نافع " أأشهدوا " انه جعله من اشهد يشهد جعلهم مفعولين



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 324، بترقيم الشاملة آليا)
قال الفراء: ورأيتها في مصحف الحارث بن سويد التميمي من أصحاب عبدالله (وكانوا أهلها واحق بها) وهو تقديم وتأخير، وكان مصحفه دفن أيام الحجاج.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 337، بترقيم الشاملة آليا)
قرا اهل البصرة (لا يألتكم) بالهمزة. الباقون (لا يلتكم) بلا همزة، وهما لغتان، يقال: ألت يألت إذا أنقص، ولات يليت مثل ذلك.
وفى المصحف بلا الف



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 507، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابوعمرو وحده (وقد اخذ ميثاقكم) بضم الالف، على ما لم يسم فاعله. الباقون - بالفتح - بمعنى واخذ الله ميثاقكم، وقرأ ابن عامر ووحده (وكل وعد الله الحسنى) بالرفع، وهي في مصاحفهم بلا الف جعله مبتدء ا وخبرا وعدى الفعل إلى ضميره، وتقديره: وكل وعده الله الحسنى،


التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (9/ 518، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابوعمرو " بما أتاكم " مقصور يعني بما جاء كم.
الباقون بالمد يعني بما اعطاكم وقرأ اهل المدينة واهل الشام " فان الله الغني الحميد " بلا فصل لانهم وجدوا في مصاحفهم كذلك، والباقون بأثبات (هو) وكذلك هو في مصاحفهم فمن اسقط (هو) جعل (الغني) خبر (ان) و (الحميد) نعته ومن زاد (هو) احتمل شيئين: احدهما - ان يجعل (هو) عمادا أو صلة زائدة. والثاني - أن يجعله ابتداء،



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 8، بترقيم الشاملة آليا)
وقيل: تقديره وإذا رأوا لهوا او تجارة انفضوا اليها، فرد الضمير إلى اقرب المذكورين، لانه كان أهم اليهم، وكذلك قرأ ابن مسعود في مصحفه.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 12، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابوعمرو وحده (وأكون) بالواو، الباقون (واكن) وفى المصاحف بلاواو فقيل لابي عمرو: لم سقطت من المصاحف؟. فقال كما كتبوا: (كلهن) وقرأ يحيى عن أبي بكر (يعملون) بالياء. الباقون بالتاء. ومن قرأ بالياء فعلى الخبر، ومن قرأ بالتاء فعلى الخطاب.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 46، بترقيم الشاملة آليا)
وقال الزجاج: (صالح المؤمنين) واحد في موضع الجمع، وقال أبومسلم محمد بن بحر الاصفهاني: هو صالحوا المؤمنين على الجمع، غير انه حذفت الواو للاضافة، وهذا غلط، لان النون سقطت للاضافة، فكان يجب ان يثبت الواو في الحظ، وفي المصاحف بلا واو، وروت الخاصة والعامة أن المراد بصالح المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك يدل على انه أفضلهم، لان القائل إذا قال:



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 100، بترقيم الشاملة آليا)
وقال قوم: معناه هلك عني تسلطي وأمري ونهيي في دار الدنيا على ما كنت مسلطا عليه لا أمر لي ولا نهي، فالهلاك ذهاب الشئ بحيث لايقع عليه احساس، هلك يهلك هلوكا، فهو هلك، قال الزجاج: والوجه أن يوقف على هذه الهاآت، ولا توصل، لانها ادخلت للوقف، وقد حذفها قوم. وفي ذلك مخالفة المصحف، فلا احب حذفها.
قال: ولا احب ان اصل وأثبت الهاء، فان هذه رؤس الاي فالوجه الوقف عندها، وكذلك قوله (وما ادراك ماهيه) وقد وصل بلاهاء الكسائي. الباقون بالهاء في الحالين.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 196، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ (سلاسلا) منونا نافع والكسائي وابوبكر عن عاصم اتباعا للمصحف ولتشاكل ما جاوره من رأس الاية. الباقون بغير تنوين، لان مثل هذا الجمع لا ينصرف في معرفة ولا في نكرة، لانه على (فعائل) بعد الفه حرفان.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 204، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ نافع والكسائي وابوبكر عن عاصم (قواريرا قواريرا) بالتنوين فيهما.
وقرأ بغير تنوين ولا الف في الوقف حمزة وابن عامر، وقرأ الاولى بالتنوين والثانية بغير تنوين ابن كثير.
وقرأ ابوعمرو فيهما بغير تنوين إلا انه يقف عليه بالالف.
من نون الاولى اتبع المصحف، ولانه رأس آية، ثم كرهوا أن يخالفوا بينهما فنونوا الثانية، وكذلك قرأ الكسائي (ألا ان ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود)(1) صرفهما لئلا بخالف بينهما مع قربهما، ومن لم يصرفهما فعلى موجب العربية، لانه جمع على (فواعيل) بعد ألفه حرفان.
ومن صرف الاولى فلانها رأس آية ولم يصرف الثانية على أصل العربية.



التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 275، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ ابن كثير وابوعمرو والكسائي ورويس (بظنين) بالظاء أي ليس على الغيب، بمتهم، والغيب هو القرآن، وما تضمنه من الاحكام وغير ذلك من اخباره عن الله. الباقون بالضاد - بمعنى انه ليس بخيلا لا يمنع أحدا من تعليمه ولا يكتمه دونه. وفى المصحف بالضاد.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 346، بترقيم الشاملة آليا)
قرأ اهل المدينة وابن عامر (فلا يخاف) بالفاء وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام. الباقون بالواو، وكذلك في مصاحفهم.




التبيان في تفسير القرآن - الشيخ الطوسي (10/ 356، بترقيم الشاملة آليا)
روى اصحابنا ان ألم نشرح من الضحى سورة واحدة لتعلق بعضها ببعض ولم يفصلوا بينهما ب (بسم الله الرحمن الرحيم) وأوجبوا قراء تهما في الفرائض في ركعة وألا يفصل بينهما. ومثله قالوا في سورة (ألم ترك كيف) و (الايلاف) وفى المصحف هما سورتان فصل بينهما ببسم الله.

کلمات شیخ طوسي قده در باره قراءات









اشتباه فاحش ابیاری

الموسوعة القرآنية (1/ 355)
المؤلف: إبراهيم بن إسماعيل الأبياري (المتوفى: 1414هـ)
13- كتب المصاحف
ولقد كتب نفر من السّلف كتبا عرضوا فيها للمصاحف القديمة التى سبقت مصحف عثمان، والتى جاء مصحف عثمان ملغيا لها، نذكر منها:
1- اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق، لابن عامر، المتوفى سنة 118 هـ.
2- اختلاف مصاحف أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، عن الكسائى، المتوفى سنة 189 هـ.
3- اختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام فى المصاحف، للفراء، المتوفى سنة 207 هـ.
4- اختلاف المصاحف لخلف بن هشام، المتوفى سنة 229 هـ.
5- اختلاف المصاحف وجامع القراءات، للمدائنى، المتوفى سنة 231 هـ.
6- اختلاف المصاحف، لأبى حاتم سهل بن محمد السجستانى، المتوفى سنة 248 هـ.
7- المصاحف والهجاء، لمحمد بن عيسى الأصبهانى، المتوفى سنة 253 هـ.
8- المصاحف، لأبى عبد الله بن أبى داود السجستانى، المتوفى سنة 316 هـ.
9- المصاحف، لابن الأنبارى، المتوفى سنة 327 هـ.
10- المصاحف، لابن أشته الأصبهانى، المتوفى سنة 360 هـ.
11- غريب المصاحف للوراق.
وترى من هذا العرض لهذه الكتب ومؤلفيها أن المصحف الإمام لم يلغ المصاحف، التى جاء ليلغيها، إلغاء تامّا، وأن هذه المصاحف بخلافها على المصحف الإمام ظلّت حيّة، إن لم تكن كتابة فحفظا، وإن كنا نرجّح الأولى. وأول كتاب فى هذا كان لابن عامر- كما ترى- وابن عامر كانت وفاته سنة 118 هـ، أى بعد مقتل عثمان بما يقرب من ثلاثة وثمانين سنة، فلقد كانت وفاة عثمان فى الخامسة والثلاثين من الهجرة.
ولقد انتهى إلينا من هذه الكتب كلها كتاب المصاحف لأبى بكر عبد الله بن أبى داود السّجستانى، وقد نقلت لك نصوصا مرت بك، وأشرت إلى موضعها من النسخة المطبوعة من هذا الكتاب.
ويكاد يكون كتاب أبى بكر السّجستانى جامعا لكلام من سبقوه، لتأخّره فى الزمن عنهم، وما أظن من بعده أضاف كثيرا. أعنى بهذا أن كتاب أبى بكر السّجستانى يكاد يمثّل لنا هذا الخلاف كله.
وإنى لأعدّ إقدام هؤلاء النفر من السّلف على مثل هذا التأليف إحياء لخلاف حاول الخلفاء الثلاثة أبو بكر، وعمر، وعثمان- أو قل، الخلفاء الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلىّ- أن يضعوا له نهاية، بالمحاولة الأولى التى تمّت على يد أبى بكر وعمر، ثم بالمحاولة الثانية التى تمت على يد عثمان وأقرّه عليها علىّ، وشارك فيها كثير من الصحابة، ومنهم من كان صاحب مصحف. مثل «أبى» .
وعثمان لم يقدم على ما فعل إلا حين فزّعه الخلاف، ولم يمض ما أقدم عليه إلا بعد أن اطمأنت نفسه إلى ما انتهى إليه، ولم يطمئن إليه اطمئنانه إلا بعد أن آزرته عليه الكثرة. وبعد هذا كله وقف عثمان موقفه الحازم القاطع فألزم الأمصار بالمصحف الإمام، ثم أحرق ما عداه. ومعنى هذا أنه لا رجعة إلى هذا الخلاف، ولا سبيل إلى الرّجعة إليه، إذ لو صحّ أن ثمة شكّا وقع فى روع عثمان لما كان منه هذا القرار الحازم القاطع.
ولعلك تذكر ما كان من مروان من إحراقه مصحف حفصة، الذى كان مرجعا من مراجع الإمام.
ولقد أراد من هذا ألّا يكون ثمة رجعة إلى الوراء تثير هذا الخلاف فى كتاب قال فيه تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «1» .
وبعد ما يقرب من قرن إلا قليلا يطالعنا ابن عامر بمؤلفه فى اختلاف مصاحف الشام والحجاز والعراق، أو قل بعد أن اختفى جيل القرّاء الأول والثانى والثالث من الميدان، وبعد أن نفض أصحاب المصحف الإمام أيديهم من أدلّتهم واطرحوها وأحرقوها، بعد هذا كله تثار قضية لا تكافؤ فيها، أدلتها الخلافيّة قطع فيها بالرأى، واستبعد شىء لا يستقيم، وأقيم مقامه شىء مستقيم.
وإنا من أجل هذا من القائلين- لا خوفا على ما بين أيدينا- بأن إثارة مثل هذا ليست نوعا من الدّراسة، فتلك دراسة بتراء لا تملك أسلوبها العلمى الصّحيح. ولقد كنا نرحّب بها لو كانت شيئا جديدا لم تعرفه البيئة الأولى حين حكمت فى أمره، بل لقد كان شيئا معهودا للبيئة الأولى تعرفه وتعرف أكثر منه، ولقد حكمت فيه وفرغت منه، فإثارته بعد هذا ليكون شيئا يدرس نوع من الكيد، ولو كنا نملك لعفّينا آثاره كما عفى عثمان آثارا مثله، ولن نكون معها متجنّين أو متعسفين أو خائفين، بل نكون مع الحزم الذى اتصف به «عثمان» وناصره عليه «علىّ» ، واجتمع معه فى الرأى عليه اثنا عشر صحابيّا، جمعهم عثمان لهذا العمل الجليل.
وما أصدقها كلمة جرت على لسان أبى بكر السّجستانى فى ختام عرضه لمصحف «أبىّ بن كعب» حين يقول: لا نرى أن يقرأ القرآن إلّا بمصحف عثمان الّذى اجتمع عليه أصحاب النّبى صلى الله عليه وسلم، فإن قرأ إنسان بخلافه فى الصّلاة أمرته بالإعادة.
ولقد جاء فى المصحف الإمام من الرسم القديم، ما كان مظنة اللبس، ولقد رأى عثمان أن ألسنة العرب تقيمه على وجهه، وإن بدا على غير وجهه، فلم يعرض له، ولعل هذا هو تفسير ما عزى إلى عثمان حين قال:
إن فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها. ويزيد هذا بيانا قوله، أعنى: عثمان: «لو كان المملى من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا» .
ويقول ابن أشته فى كتابه «المصاحف» : جميع ما كتب خطأ يجب أن يقرأ على صحة لغته لا على رسمه، وذلك فى نحو «لا أوضعوا» و «لا أذبحنه» بزيادة ألف فى وسط الكلمتين، إذا لو قرئ بظاهر الخط لكان لحنا شنيعا، يقلب معنى الكلام ويخل بنظامه.
ويقول أبو بكر السّجستانى فى كتابه «المصاحف» «1» تعقيبا على الحديث المعزوّ إلى عثمان: «هذا عندى يعنى: بلغتها- يريد: معنى قوله بألسنتها- وإلا لو كان فيه لحن لا يجوز فى كلام العرب جميعا لما استجاز أن يبعث به إلى قوم يقرءونه» .
ويؤيد هذا ما روى عن عمر بن الخطاب: «إنا لنرغب عن كثير من لحن أبىّ. يعنى: لغة أبى «2» » .


الموسوعة القرآنية (6/ 308)
2- بإسقاط «هو» ، وهى قراءة نافع، وابن عامر، وكذا فى مصاحف المدينة والشام، وكلتا القراءتين متواترة.


الموسوعة القرآنية (4/ 5)
الجزء الرابع
الباب الثامن وجوه الاعراب فى القران

الموسوعة القرآنية (4/ 97)
66- وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً «إلا قليل» : رفع على البدل من المضمر فى «فعلوه» ، وقرأ ابن عامر بالنصب، على الاستثناء، وهو بعيد فى النفي، لكنه كذلك بالألف فى مصاحف أهل الشام.

الموسوعة القرآنية (5/ 160)
2- وبالزبر، وهى قراءة ابن عامر، وكذا هى فى مصاحف أهل الشام.


الموسوعة القرآنية (5/ 205)
1- بغير واو، وهى قراءة الابنين، ونافع، كأنه جواب قائل: ما يقول المؤمنون حينئذ؟ وكذا هى فى مصاحف أهل مكة والمدينة.
2- بالواو، وهى قراءة الباقين.


الموسوعة القرآنية (5/ 247)
ما كنا، بغير واو، وكذا هى فى مصاحف أهل الشام، وهى قراءة ابن عامر.


الموسوعة القرآنية (5/ 252)
الملو، بالواو، وكذلك هى فى مصاحف أهل الشام، وهى قراءة ابن عامر.
وقيل: إن هذا ليس مشهورا عن ابن عامر، وقراءته كقراءة باقى السبعة بهمزة.


الموسوعة القرآنية (5/ 295)
1- من تحتها، بإثبات «من» الجارة، وهى ثابتة فى مصاحف مكة، وهى قراءة ابن كثير.
2- بإسقاطها، وهى قراءة باقى السبعة.


الموسوعة القرآنية (5/ 330)
لتنبئنهم:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرىء:
2- بياء الغيبة، وهى قراءة ابن عمر، وكذا هى فى بعض مصاحف البصرة.
3- بالنون، وهى قراءة سلام.


الموسوعة القرآنية (5/ 393)
1- على التوحيد، وعود الضمير على «الجنة» ، وهى قراءة الكوفيين، وأبى عمرو، وكذا فى مصاحف الكوفة والبصرة.


الموسوعة القرآنية (5/ 394)
2- منهما، على التثنية وعود الضمير على «الجنتين» ، وهى قراءة ابن الزبير، وزيد بن على، وأبى بحرية، وأبى جعفر، وسيبه، وابن محيصن، وحميد، وابن مناذر، ونافع، وابن كثير، وابن عامر، وكذا فى مصاحف مكة والمدينة والشام.


الموسوعة القرآنية (6/ 308)
2- بإسقاط «هو» ، وهى قراءة نافع، وابن عامر، وكذا فى مصاحف المدينة والشام، وكلتا القراءتين متواترة.






رسم المصحف 598 المبحث الخامس الكلمات التي اختلف رسمها في المصاحف العثمانية ..... ص : 586
غانم قدوری
أما علاقة الأداء بهذه الكلمات المرسومة على أكثر من وجه في المصاحف فإن تأمل اتجاهات القراءة في أول نشأتها تظهر- كما سبق- أن قراء كل مصر من الأمصار الإسلامية قد نقلوا من القراءات التي أخذوها من الصحابة ما يوافق خط مصحفهم لذلك‏ فإنّ الغالب أن توافق قراءة كل إمام مصحف أهل بلده، و قد قال ابن الجزري: إذا اختلفت المصاحف في رسم حرف فينبغي أن تتبع في تلك المصاحف مذاهب أئمة أمصار تلك المصاحف، فينبغي إذا كان مكتوبا مثلا في مصاحف المدينة أن يجري ذلك في قراءة نافع و أبي جعفر، و إذا كان في المصحف المكي فقراءة ابن كثير، و المصحف الشامي فقراءة ابن عامر، و البصري فقراءة أبي عمرو و يعقوب، و الكوفي فقراءة الكوفيين؛ هذا هو الأليق بمذاهبهم و الأصوب بأصولهم‏ . و لكن ربما قرأ بعض القراء بعض هذه الحروف على خلاف مصحفه، على نحو ما يرويه عمّن أخذ قراءته عنه‏ .
و لذلك قال الإمام أبو عمرو الداني: و القطع عندنا على كيفية ذلك في مصاحف أهل الأمصار على قراءة أئمتهم غير جائز إلّا برواية صحيحة عن مصاحفهم بذلك؛ إذ قراءتهم في كثير من ذلك قد تكون على غير مرسوم مصحفهم، ثم يضرب الداني مثلا لذلك بقراءة أبي عمرو بن العلاء قوله تعالى (الزخرف 43/ 68): يا عبادي لا خوف عليكم بالياء و هو في مصاحف أهل البصرة بغير ياء، و قراءته (و أكون من الصالحين) (المنافقون 63/ 10) بالواو و النصب. و هو في كل المصاحف بغير واو مع الجزم.
و قراءته في و المرسلات (77/ 11) (و إذا الرّسل وقّتت) بالواو من الوقت و هو في كل المصاحف بالألف ثم يذكر أمثلة أخرى من هذا الباب و يقول: و إنما بينت هذا الفصل و نبّهت عليه لأني رأيت بعض من أشار إلى جمع شي‏ء من هجاء المصاحف من منتحلي القراءة من أهل عصرنا قد قصد هذا المعنى و جعله أصلا فأضاف بذلك ما قرأ به كل واحد من الأئمة من الزيادة و النقصان في الحروف المتقدمة و غيرها إلى مصاحف أهل بلده، و ذلك من الخطأ الذي يقود إليه إهمال الرواية و إفراط الغباوة و قلة التحصيل إذ من غير الجائز القطع على كيفية ذلك إلا بخبر منقول عن الأئمة السالفين و رواية صحيحة عن العلماء المختصين بعلم ذلك، المؤتمنين على نقله و إيراده لما بيّناه من الدلالة .
و ما ذكره الداني- هاهنا- إنما يؤكد أن كلا من هجاء الكلمات في المصاحف‏
______________________________
(1) النشر، ج 2، ص 158.
(2) انظر: المهدوي، ص 121.
(3) المقنع، ص (113- 114).



رسم المصحف، ص: 600
و قراءة قراء الأمصار ينبني على الرواية و النقل و ليس أحدهما تبعا للآخر و إن كان الرسم قد صار أحد أركان القراءة الصحيحة، و لكن لما كان أئمة القراءة في الأمصار قد ثبتوا على قراءة ما يوافق خط مصحف بلدهم فمن المتوقع أن تأتي قراءتهم موافقة لما فيه، و لكن قد لا توافق روايات أولئك القراء ما في مصاحف بلدانهم فيعتمدون على الرواية و يتركون الرسم على ما خط عليه.
و قد ظهر من تتبع مواضع الاختلاف السابقة في كل من كتاب السبعة لابن مجاهد و التيسير للداني و النشر لابن الجزري أن قراء الأمصار يوافقون مصاحفهم في الحروف التي اختلفت في الرسم غالبا، و لما كانت القراءة رواية و تلقيا فقد ظهرت أمثلة متعددة لمخالفة بعض القراء لمصاحف بلدانهم في ما اختلفت فيه المصاحف من حروف، و هو شاهد أكيد على أن المعتمد في القراءة هو الرواية و المشافهة أولا ثم موافقة الرسم مما صح نقله من قراءات ثانيا، فإن لم تتحقق الموافقة فيما يرويه القارئ من قراءات ثبت على روايته و إن خالفت الرسم. و قد قال أبو طاهر العقيلي «و مرسوم المصحف لم يكن وضع على قراءة أهل البلد الذي سير إليه كل مصحف حتى يكون تابعا لهم، و إنما مرجع ما أضيف إلى مصحف كل قطر العنعنة أيضا، فربما وافق قراءتهم مصحفهم و هو الغالب، و ربما اختلفا و لا غرة» .
و من الأمثلة التي توضح ذلك أن في سورة يونس (10/ 22) رسم في مصاحف الشام (ينشركم) و في بقية المصاحف‏ يُسَيِّرُكُمْ‏ . و قد قرأ ابن عامر و أبو جعفر المدني (ينشركم) ، فابن عامر موافق لمصحف بلده، و أبو جعفر غير موافق لمصحف بلده.



رسم المصحف 600 المبحث الخامس الكلمات التي اختلف رسمها في المصاحف العثمانية ..... ص : 586
و رسم في مصحف الكوفة في سورة يس (36/ 35) و ما عملت أيديهم بغير هاء بعد التاء، و في سائر المصاحف‏ وَ ما عَمِلَتْهُ‏ بالهاء . و قد قرأ حمزة و الكسائي و خلف و أبو بكر عن عاصم (عملت)، و قرأ حفص عن عاصم‏ (وَ ما عَمِلَتْهُ) بالهاء مثل‏ باقي القراء . و يكون عاصم من طريق أبي بكر- بذلك- موافقا لمصحف بلده و غير موافق من طريق حفص.
و رسم في مصحف الكوفة في سورة المؤمن (40/ 26) أو يظهر في الأرض الفساد بألف قبل الواو. و في سائر المصاحف (و أن يظهر) . و قد قرأ الكوفيون و يعقوب البصري‏ أَوْ أَنْ* . فيكون يعقوب بذلك مخالفا لمصحف أهل البصرة.
و رسم في سورة الزخرف (43/ 71) في مصاحف أهل العراق و مكة (و فيها ما تشتهي الأنفس) بغير هاء في تشتهي. و في مصاحف المدينة و الشام‏ تَشْتَهِيهِ‏ بإثبات الهاء .
و قد قرأ المدنيان و ابن عامر و حفص عن عاصم‏ تَشْتَهِيهِ‏ بهاء بعد الياء . و يكون عاصم بذلك مخالفا لمصحف الكوفة من طريق حفص.
و يبدو أن هذه المواضع التي اختلف هجاؤها بين مصاحف الأمصار أخذت ترسم في فترات متأخرة وفق قراءة القارئ التي يضبط بها المصحف. و نجد هذا في المصحف الذي خط و طبع بمصر سنة (1923 م 1342 ه) تحت إشراف لجنة من العلماء و الذي أشرنا إليه من قبل، فقد جاء في التعريف بالمصحف ما نصه «أما الأحرف اليسيرة التي اختلفت فيها أهجية تلك المصاحف فاتبع فيها الهجاء الغالب مع مراعاة قراءة القارئ الذي يكتب المصحف لبيان قراءته» . و لذلك فقد رسم فيه‏ وَ ما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ‏ (يس 36/ 35) بالهاء، و هي في مصاحف الكوفة بدونها، و كذلك رسم‏ وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ‏ (الزخرف 43/ 71) بالهاء عكس ما عليه مصاحف الكوفة أيضا، حتى توافق رواية حفص هذه الحروف، و هو يوافق بذلك المصاحف غير الكوفية.
______________________________
(1) ابن مجاهد: ص 540. و الداني: التيسير، ص 184. و ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 353.
(2) الداني: المقنع، ص 106.
(3) ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 365.
(4) انظر أبو عبيد: فضائل القرآن، لوحة 45. و ابن أبي داود: ص 47. و المهدوي: ص 120.
و الداني: المقنع، ص 107. و ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 370.
(5) ابن مجاهد: ص 588. الداني: التيسير، ص 197. و ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 370.
(6) انظر: ص (ج- د) من التعريف بالمصحف في خاتمته.