بسم الله الرحمن الرحیم

آیا رسم مصحف، توقیفي است؟

فهرست مباحث علوم قرآنی
رسم المصحف و ضبطه
زبانشناسی-زبان-الفبا-خط
كتابة المصحف-مجلة البحوث الإسلامية-الرئيس بن باز-بحث مفصل
علامات ضبط المصحف الشریف
سر کتابة السین صاداً فی القرآن الکریم
روش کتابت مسلمین در صدر اسلام
انواع رسم مصحف و ضبط مصحف
شواهد اعتماد قراءات بر سماع-عدم اختلاف در مواضع امکان اجتهاد
اختلاف رسم مصاحف، پشتوانه تعدد قراءات
خطأ الکاتب في المصحف
کلمات کسانی که نگاه تقدس توقیفی به رسم المصحف دارند
کلمات کسانی که نگاه احترام وجوبی به رسم المصحف دارند
کلمات کسانی که نگاه تخطئة و تضعیف به رسم المصحف دارند
تعاضد الرسم و القراءات
رسم المصحف
ارتباط مس مصحف بدون طهارت با انواع رسم و ضبط مصحف




معاني القرآن للفراء (3/ 114)
المؤلف: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
ولو قرأ قارئ: «والحب ذا العصف والريحان» لكان جائزا، أي: خلق ذا وذا، وهي في مصاحف أهل الشام: والحب ذا «3» العصف، ولم نسمع بها قارئا، كما أن في بعض مصاحف أهل الكوفة: «والجار ذا القربى» «4» [189/ ا] ولم يقرأ به أحد، وربما كتب الحرف على جهة واحدة، وهو في ذلك يقرأ بالوجوه.
وبلغني: إن كتاب علي بن أبي طالب رحمه الله كان مكتوبا: هذا كتاب من علي بن أبو طالب كتابها: أبو. في كل الجهات، وهي تعرب في الكلام إذا قرئت.




تفسير القرطبي (1/ 82)
وادعى أن عثمان رضى اله عنه لما أسند جمع القرآن إلى زيد بن ثابت لم يصب، لأن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب كانا أولى بذلك من زيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أقرأ أمتي أبي بن كعب" ولقوله عليه السلام:" من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد". وقال هذا القائل: لي أن أخالف مصحف عثمان كما خالفه أبو عمرو بن العلاء، فقرأ:" إن هذين «2» "،" فأصدق وأكون"، وبشر عبادي الذين" بفتح الياء،" فما أتاني الله" بفتح الياء. والذي في المصحف:" إن هذان «3» " بالألف، "فأصدق وأكن" بغير واو،" فبشر عباد"،" فما آتان الله" بغير ياءين في الموضعين .. كما خالف ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي مصحف عثمان فقرءوا:" كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" بإثبات نونين، يفتح الثانية بعضهم ويسكنها بعضهم، وفي المصحف نون واحدة «1»، وكما خالف حمزة المصحف فقرأ:" أتمدون بمال" بنون واحدة ووقف على الياء، وفي المصحف نونان ولا ياء بعدهما، وكما خالف حمزة أيضا المصحف فقرأ:" ألا إن ثمودا كفروا ربهم" بغير تنوين، وإثبات الألف يوجب التنوين، وكل هذا الذي شنع به على القراء ما يلزمهم به خلاف للمصحف. قلت: قد أشرنا إلى العد فيما تقدم مما اختلف فيه المصاحف، وسيأتي بيان هذه المواضع في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.


تفسير القرطبي (1/ 54)
ونسخ منها عثمان نسخا. قال غيره: قيل سبعة، وقيل أربعة وهو الأكثر، ووجه بها إلى الآفاق، فوجه للعراق والشام ومصر بأمهات، فاتخذها قراء الأمصار معتمد اختياراتهم، ولم يخالف أحد منهم مصحفه على النحو الذي بلغه، وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم وينقصها بعضهم فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه ورواه، إذ قد كان عثمان كتب تلك المواضع في بعض النسخ ولم يكتبها في بعض إشعارا بأن كل ذلك صحيح، وان القراء بكل منها جائزة.


تفسير القرطبي (13/ 201)
و" آتان" وقعت في كل المصاحف بغير ياء. وقرأ أبو عمرو ونافع وحفص:" آتاني الله" بياء مفتوحة، فإذا وقفوا حذفوا. وأما يعقوب فإنه يثبتها في الوقف ويحذف في الوصل لالتقاء الساكنين. الباقون بغير ياء في الحالين.





المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 19)
وسئل مالك رحمه الله هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء فقال لا إلا على الكتبة الأولى.
حدثنا أبو محمد عبد الملك بن الحسن إن عبد العزيز بن علي حدثهم قال حدثنا المقدام بن تليد قال حدثنا عبد الله بن عبد الحكم قال قال اشهب سئل مالك فقيل له ارأيت من استكتب مصحفا اليوم أترى أن يكتب على ما احدث الناس من الهجاء اليوم فقال لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى قال أبو عمرو ولا مخالف له في ذلك من علماء الآمة وبالله التوفيق.




المحكم في نقط المصاحف (ص: 10)
المؤلف: عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (المتوفى: 444هـ)
باب ذكر من كره نقط المصاحف من السلف
حدثنا خلف بن احمد بن ابي خالد القاضي قال نا زياد بن عبد الرحمن اللؤلئي قال نا محمد بن يحيى بن حميد قال نا محمد بن يحيى بن سلام قال نا أبي قال نا عثمان عن ابن 000 عن ابن عمر أنه كان يكره نقط المصاحف قال عثمان وكان قتادة يكره ذلك
حدثنا خلف بن إبراهيم قال نا احمد بن محمد المكي قال نا علي بن عبد العزيز قال نا القاسم بن سلام قال نا إسحاق الأزرق عن سفيان عن سلمة ابن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله قال جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء
حدثنا محمد بن احمد بن علي قال نا محمد بن القاسم قال نا سليمان بن يحيى قال نا محمد بن سعدان قال نا أبو معاوية عن جويبر عن الضحاك قال قال عبد الله بن مسعود جردوا القرآن
حدثنا الخاقاني خلف بن إبراهيم قال نا أحمد بن محمد قال نا علي بن عبد العزيز قال نا القاسم بن سلام قال نا هشيم قال أنا مغيرة عن إبراهيم أنه كان يكره نقط المصاحف ويقول جردوا القرآن ولا تخلطوا به ما ليس منه
نا خلف بن إبراهيم قال نا أحمد بن محمد قال نا علي قال نا أبو عبيد قال نا يزيد عن هشام عن الحسن وابن سيرين انهما كانا يكرهان نقط المصاحف
حدثت عن الحسن بن رشيق قال نا أبو العلاء محمد بن أحمد الذهلي قال لنا أبو بكر بن ابي شيبة قال أنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي رجاء قال سألت محمدا عن نقط المصاحف فقال إني أخاف أن يزيدوا في الحروف أو ينقصوا
حدثني عبد الملك بن الحسين قال نا عبد العزيز بن علي قال نا المقدام ابن تليد قال نا عبد الله بن عبد الحكم قال قال أشهب سئل مالك فقيل له أرأيت من استكتب مصحفا اليوم أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم فقال لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى قال مالك ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا أرى بذلك بأسا قال عبد الله وسمعت مالكا وسئل عن شكل المصاحف فقال أما الأمهات فلا أراه وأما المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان فلا بأس


المحكم في نقط المصاحف (ص: 12)
باب ذكر من ترخص في نقطها
حدثنا فارس بن أحمد قال نا احمد بن محمد قال نا احمد بن عثمان الرازي قال نا الفضل بن شاذان قال نا أحمد بن ابي محمد قال نا هشام بن عمار قال نا مسلمة بن علي قال نا الأوزاعي عن ثابت بن معبد قال العجم نور الكتاب
حدثنا الخاقاني خلف بن إبراهيم قال نا احمد بن محمد قال نا علي بن عبد العزيز قال نا القاسم بن سلام قال نا هشيم قال أنا منصور قال سألت الحسن عن نقط المصاحف قال لا بأس به ما لم تبغوا
حدثت عن الحسن بن رشيق قال نا أبو العلاء الكوفي قال نا أبو بكر ابن ابي شيبة قال أنا وكيع عن الهذلي عن الحسن قال لا بأس بنقطها بالأحمر
حدثنا خلف بن إبراهيم قال نا أحمد بن محمد قال نا علي بن عبد العزيز قال نا أبو عبيد قال نا الانصاري عن أشعث عن الحسن قال لا بأس بنقط المصاحف وكرهه ابن سيرين
حدثنا خلف بن إبراهيم قال نا احمد المكي قال نا علي قال نا القاسم قال نا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن خالد الحذاء قال كنت أمسك على ابن سيرين في مصحف منقوط
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الربعي قال نا علي بن مسرور الدباغ قال نا احمد بن ابي سليمان قال نا سحنون بن سعيد قال نا عبد الله بن وهب قال حدثني نافع بن أبي نعيم قال سألت ربيعة بن ابي عبد الرحمن عن شكل القرآن في المصحف فقال لا بأس به قال ابن وهب وحدثني الليث قال لا أرى بأسا أن ينقط المصحف بالعربية قال ابن وهب وقال لي مالك أما هذه المصاحف الصغار فلا أرى بأسا وأما الأمهات فلا
أخبرت عن مسلمة بن القاسم قال نا صالح بن احمد بن عبد الله بن صالح قال نا ابي قال قال أبو يوسف كان ابن ابي ليلى من انقط الناس لمصحف
حدثنا محمد بن علي الكاتب قال نا أبو بكر بن مجاهد قال قال خلف يعني ابن هشام البزار كنت أحضر بين يدي الكسائي وهو يقرأ على الناس وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم



الانتصار للقرآن للباقلاني (2/ 531)
المؤلف: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (المتوفى: 403هـ)
الكلام عليهم فيما طعنوا على القرآن ونحلوه من اللحن
قالوا: ويدل أيضا على تغيير أبي بكر وعمر وعثمان للمصحف وتحريفهم له، وغلطهم فيه ولحوق الخلل والفساد به، ما نجده فيه من اللحن الفاحش الذي لا يسوغ مثله، ولا يجوز على الله سبحانه، ولا على رسوله التكلم به، والأمر بحفظه وتبقية رسمه ودعوى الإحكام والإعجاز فيه، نحو قوله: (إن هذان لساحران) ، وهو موضع نصب، وقوله: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون) ، وهو موضع نصب لا إشكال فيه على أحد.
وقوله: (لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) .
وموضع المقيمين رفع واجب في هذا الموضع وجوبا ظاهرا بينا.
وقوله: (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء) .
وهو الصابرون بغير اختلاف بين أهل الإعراب، وقوله في المنافقين: (فأصدق وأكن من الصالحين (10) .
وهو موضع نصب، وهو في المصحف مجزوم.
قالوا: وقد ثبت وعلم أن الله سبحانه لا يجوز أن يتكلم باللحن ولا يتزل القرآن ملحونا، وأن ذلك إئما هو تخليط ممن جمع القرآن وكتب المصحف، وتحريفهم إما للجهل بذلك وذهابهم عن معرفة الوجه الذي أنزل عليه، أو لقصد العناد والإلباس وإفساد كتاب الله وإيقاع التخليط فيه.



الانتصار للقرآن للباقلاني (2/ 547)
فإن قالوا: على هذا الجواب فقد صرتم إلى أنه قد وقع في خط المصحف ورسمه خطأ، وما ليس بصواب، وما كان غيره أولى منه، وأن القوم أجازوا ذلك وأمضوه وسوغوه، وذلك إجماع منهم على خطأ، وإقرار بما ليس بصواب.

يقال لهم: لا يجب ما قلتم، لأجل أن الله إنما أوجب على القراء والحفظة أن يقرؤوا القرآن ويؤدوه على منهاج محدود، وسبيل ما أنزل عليه، وأن لا يجاوزوا ذلك ولا يؤخروا منه مقدما ولا يقدموا مؤخرا، ولا يزيدوا فيه حرفا ولا ينقصوا منه شيئا، ولا يأتون به على المعنى والتعريب دون لفظ التنزيل على ما بيناه فيما سلف،
ولم يأخذ على كتبة القرآن وحفاظ المصاحف رسما بعينه دون غيره أوجبه عليهم وحظر ما عداه، لأن ذلك لا يجب لو كان واجبا إلا بالسمع والتوقيف، وليس في نص الكتاب ولا في مضمونه ولحنه أن رسم القرآن وخطه لا يجوز إلا على وجه مخصوص وحد محدود، ولا يجوز تجاوزه إلى غيره، ولا في نص السنة أيضا ما يوجب ذلك ويدل عليه، ولا هو مما أجمعت عليه الأمة، ولا دلت عليه المقاييس الشرعية،
بل السنة قد دلت على جواز كتبه بأي رسم سهل وسنح للكاتب، لأن رسول الله صلى الله عليه كان يأمر برسمه وإثباته على ما بيناه سالفا، ولا يأخذ أحدا بخط محدود ورسم محصور ولا يسألهم عن ذلك، ولا يحفط عنه فيه حرف واحد، ولأجل ذلك اختلفت خطوط المصاحف، وكان منهم من يكتب الكلمة على مطابقة مخرج اللفظ، ومنهم من يحذف أو يزيد مما يعلم أنه أولى في القياس بمطابقته وسياقه ومخرجه، غير أنه يستجيز ذلك لعلمه بأنه اصطلاح وأن الناس لا يخفى عليهم،
ولأجل هذا بعنيه جاز أن يكتب بالحروف الكوفية والخط الأول، وأن يجعل اللام على صورة الكاف وأن يعوج الألفات، وأن يكتب أيضا على غير هذه الوجوه، وساغ أن يكتب الكاتب المصحف على الخط والهجاء القديمين، وجاز أن يكتب بالهجاء
والخطوط المحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك.
وإذا علم وثبت أن خطوط المصاحف وكثيرا من حروفها مختلفة متغايرة الصورة، وأن الناس قد أجازوا ذلك أجمع ولم ينكر أحد منهم على غيره مخالفة لرسمه وصورة خطه، بل أجازوا أن يكتب كل واحد بما هو عادته واشتهر عنده، وما هو أسهل وأولى من غير تأثيم ولا تناكر لذلك، علم أنه لم يوجد على الناس في ذلك حد محدود محصور، كما أخذ عليهم في القراءة والأداء، والسبب في ذلك أن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجري مجرى الإشارات والعقود والرموز وكل شيء يدل على اللغظ وينبي عنه، وإذا دك الرسم على الكلمة وطريقها والوجه الذي يجب التكلم عليه بها، وجب صحته وصواب الكاتب له على أي صورة كان وأي سبيل كتب، وإذا كان ذلك كذلك بطل ما توهموه.
وفي الجملة فإن كل من ادعى أنه قد ألزم الناس وأخذ عليهم في كتب المصحف رسما محصورا وصورة محدودة لا يجوز العدول عنها إلى غيرها لزمه إقامة الحجة وإيراد السمع الدال على ذلك وأنى له به، وإن عارضوا بمثل هذا في قراءة القرآن على إيراد معناه أي لفظ كان وعلى أي سبيل تسنح وبوجه، وقد بينا من قبل الحجة على فساد ذلك بغير طريق فأغنى عن إعادته.






تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (3/ 265)
وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ...
وقعت اللام في المصحف مفصولة عن هذا خارجة عن أوضاع الخط العربي. وخط المصحف سنة لا تغير.



تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (1/ 444)
فيمن قرأ بالتاء نصب وأَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ بدل منه: أى ولا تحسبنّ أنّ ما نملي للكافرين خير لهم، و «أن» مع ما في حيزه ينوب عن المفعولين، كقوله: أم تحسب أنّ أكثرهم يسمعون، وما مصدرية، بمعنى: ولا تحسبنّ أنّ إملاءنا خير، وكان حقها في قياس علم الخط أن تكتب مفصولة. ولكنها وقعت في الإمام متصلة فلا يخالف، وتتبع سنة الإمام في خط المصاحف.



تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (7/ 72)
المسألة الثانية: قرأ حمزة والكسائي الربا بالإمالة لمكان كسرة الراء والباقون بالتفخيم بفتح الباء، وهي في المصاحف مكتوبة بالواو، وأنت مخير في كتابتها بالألف والواو والياء، قال صاحب «الكشاف» : الربا كتبت بالواو على لغة من يفخم كما كتبت الصلاة والزكاة وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع.



البرهان في علوم القرآن (1/ 376)
المؤلف: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (المتوفى: 794هـ)
النوع الخامس والعشرون: علم مرسوم الخط
ولما كان خط المصحف هو الإمام الذي يعتمده القارئ في الوقف والتمام ولا يعدو رسومه ولا يتجاوز مرسومه قد خالف خط الإمام في كثير من الحروف والأعلام ولم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم قد تحقق وجب الاعتناء به والوقوف على سببه
ولما كتب الصحابة المصحف زمن عثمان رضي الله عنه اختلفوا في كتابة التابوت فقال زيد التابوه وقال النفر القرشيون التابوت وترافعوا إلى عثمان فقال اكتبوا التابوت فإنما أنزل القرآن على لسان قريش
قال ابن درستويه خطان لا يقاس عليهما خط المصحف وخط تقطيع العروض
وقال أبو البقاء في كتاب اللباب ذهب جماعة من أهل اللغة إلى كتابة الكلمة على لفظها إلا في خط المصحف فإنهم اتبعوا في ذلك ما وجدوه في الإمام والعمل على الأول
فحصل أن الخط ثلاثة أقسام خط يتبع به الاقتداء السلفي وهو رسم المصحف وخط جرى على ما أثبته اللفظ وإسقاط ما حذفه وهو خط العروض فيكتبون التنوين ويحذفون همزة الوصل وخط جرى على العادة المعروفة وهو الذي يتكلم عليه النحوي
واعلم أن للشيء في الوجود أربع مراتب: الأولى حقيقته في نفسه والثانية مثاله في الذهن وهذان لا يختلفان باختلاف الأمم والثالثة اللفظ الدال على المثال الذهني والخارجي والرابعة الكتابة الدالة على اللفظ وهذان قد يختلفان باختلاف الأمم كاختلاف اللغة العربية والفارسية والخط العربي والهندي ولهذا صنف الناس في الخط والهجاء إذ لا يجري على حقيقة اللفظ من كل وجه
وقال الفارسي: لما عمل أبو بكر بن السراج كتاب الخط والهجاء قال لي اكتب كتابنا هذا قلت له نعم إلا أني آخذ بآخر حرف منه قال وما هو قلت قوله ومن عرف صواب اللفظ عرف صواب الخط
قال أبو الحسين بن فارس في كتاب فقه اللغة يروى أن أول من كتب الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة سنة كتبها في طين وطبخه فلما أصاب الأرض الغرق وجد كل قوم كتابا فكتبوه فأصاب إسماعيل الكتاب العربي وكان ابن عباس يقول أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل عليه السلام قال والروايات في هذا الباب كثيرة ومختلفة
والذي نقوله: إن الخط توقيفي لقوله: {علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم} وقال تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}
وإذا كان كذا فليس ببعيد أن يوقف آدم وغيره من الأنبياء عليهم السلام على الكتاب
وزعم قوم أن العرب العاربة لم تعرف هذه الحروف بأسمائها وأنهم لم يعرفوا نحوا ولا إعرابا ولا رفعا ولا نصبا ولا همزا
ومذهبنا فيه التوقيف فنقول أن أسماء هذه الحروف داخلة في الأسماء التي علم الله تعالى آدم عليه السلام
قال وما اشتهر أن أبا الأسود أول من وضع العربية وأن الخليل أول من وضع العروض فلا ننكره وإنما نقول إن هذين العلمين كانا قديما وأتت عليهما الأيام وقلا في أيدي الناس ثم جددهما هذان الإمامان
ومن الدليل على عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم ذلك كتابتهم المصحف على الذي يعلله النحويون في ذوات الواو والياء والهمز والمد والقصر فكتبوا ذوات الياء بالياء وذوات الواو بالواو ولم يصوروا الهمزة إذا كان ما قبلها ساكنا نحو الخبء والدفء والملء فصار ذلك كله حجة وحتى كره بعض العلماء ترك اتباع المصحف
وأسند إلى الفراء قال اتباع المصحف إذا وجدت له وجها من كلام العرب وقراءة الفراء أحب إلي من خلافه
وقال أشهب سئل مالك رحمه الله هل تكتب المصحف على ما أخذته الناس من الهجاء فقال لا إلا على الكتبة الأولى رواه أبو عمرو الداني في المقنع ثم قال ولا مخالف له من علماء الأمة
وقال في موضع آخر سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف أترى أن تغير من المصحف إذا وجدا فيه كذلك فقال لا قال أبو عمرو يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم لمعنى المعدومتين في اللفظ نحو الواو في {أولو الألباب} {وأولات} و {الربوا} ونحوه
وقال الإمام أحمد رحمه الله تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك
قلت: وكان هذا في الصدر الأول والعلم حي غض وأما الآن فقد يخشى الإلباس ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة لئلا يوقع في تغيير من الجهال ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه لئلا يؤدي إلى دروس العلم وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين ولن تخلو الأرض من قائم لله بالحجة وقد قال البيهقي في شعب الإيمان من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على حروف الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف ولا يخالفهم فيها ولا يغير مما كتبوه شيئا فإنهم أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة منا فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم وروى بسنده عن زيد قال القراءة سنة قال سليمان بن داود الهاشمي يعني ألا تخالف الناس برأيك في الاتباع
قال وبمعناه بلغني عن أبي عبيد في تفسير ذلك وترى القراء لم يلتفتوا إلى مذهب العربية في القراءة إذا خالف ذلك خط المصحف واتباع حروف المصاحف عندنا كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها




رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 63)
المؤلف: شعبان محمد إسماعيل
هل الرسم العثماني توقيفي:
أثارت قضية الرسم العثماني خلافا بين العلماء، منهم يرى أنه توقيفي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعن الصحابة -رضي الله عنهم- حيث أمرهم -صلى الله عليه وسلم- بكتابته وأقرهم عليه.
ومنهم من يرى أنه اصطلاحي، ولا مانع من مخالفته وكتابته بالطرق الحديثة تحقيقا للمصلحة العامة للمسلمين.
وللعلماء في هذه المسألة ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أن رسم المصحف توقيفي لا يجوز تغييره، وتحرم مخالفته، شأنه في ذلك شأن ترتيب سور القرآن وآياته، لا يجوز لنا أن نقدم أو نؤخر منها شيئا.
وهو مذهب جمهور الأمة سلفا وخلفا، ونقل كثير من العلماء الإجماع على ذلك.
المذهب الثاني: أن رسم المصحف ليس توقيفيا، وأنه لا مانع من تغيير هذا الرسم حسبما تقتضيه قواعد الرسم الحديثة.
وممن ناصر هذه المذهب: أبو بكر الباقلاني، وابن خلدون، وكثير من العلماء المعاصرين1.
المذهب الثالث: جواز كتابته بالرسم الحديث لعامة الناس حسب قواعد الخط في أي عصر، مع الإبقاء على الرسم العثماني والمحافظة عليه للعلماء والخاصة، كأثر من الآثار النفيسة التي حافظت عليها الأجيال المتعاقبة.
وممن ناصر هذا المذهب: الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وبدر الدين الزركشي2.
__________
1 انظر: تاريخ ابن خلدون "1/ 757"، مناهل العرفان "1/ 373"، المصحف الشريف للشيخ القاضي ص98.
2 انظر: البرهان "1/ 379".



رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 81)
قرارات المجامع الفقهية حول الرسم العثماني:
وإذا كان العلماء السابقون قد نصوا على أن الرسم العثماني توقيفي، ولا يجوز تغييره بحال من الأحوال، فإن المجامع الفقهية التي تضم عددا من العلماء المحققين المخلصين قد أصدرت قرارات واضحة وحاسمة حول هذه القضية، وهي تمثل في العصر الحاضر إجماع علماء الأمة، أو الأكثرية منهم على الأقل.
وسوف ننقل هنا نص هذه القرارات حتى لا يفتح مجال البحث في هذا الموضوع مرة أخرى.
1- قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف:



رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 35)
كيفية تطبيق ذلك على المصاحف في دور الطباعة الحديثة:
سبق أن قلنا: إن اتفاق القراءة مع المصحف الذي أرسل إلى كل قطر إنما هو في الغالب فقط، وليس مطردا، وشرط قبول القراءة: موافقتها لأحد هذه المصاحف، وليس شرطا أن توافق مصحف أهل القطر المعين.
ولذلك نجد في المصاحف التي طبعت على رواية "حفص" أنه اتبع فيها رسم الكلمات على حسب الرواية، حتى ولو كانت مخالفة لمصحف أهل الكوفة.
جاء في التعريف بالمصحف الذي أشرفت على طبعه لجنة من العلماء في مصر سنة "1342هـ-1932م" ما نصه:
"أما الأحرف اليسيرة التي اختلفت فيها أهجية تلك المصاحف، فاتبع فيها الهجاء الغالب، مع مراعاة قراءة القارئ الذي يكتب المصحف لبيان قراءته"1.
ولذلك رسم فيه قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} 2 بسورة "يس" بالهاء، تبعا لرواية حفص، مع أنها في مصحف أهل الكوفة بدونها.
كما رسم قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} 3 بهائين، تبعا للرواية، وهي في مصحف الكوفيين بهاء واحدة.
وهذا لا يخرج المصحف عن كونه موافقا لرسم المصاحف العثمانية.
__________
1 راجع: التعريف بالمصحف الشريف في آخره.
2 سورة يس من الآية "35".
3 سورة الزخرف من الآية "71".



رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 37)
ظواهر الرسم العثماني وموقف العلماء منها:
الرسم: أصله الأثر. أي: أثر الكتابة في اللفظ.
ومعناه: تصوير الكلمة بحروف هجائها، بتقدير الابتداء بها والوقف عليها.
فالأصل في كل كلمة أن تكتب بحسب منطوق حروفها، بدون زيادة أو نقصان، أو إبدال أو غير ذلك، وهو ما يعرف بالرسم العثماني، وأكثر الكلمات القرآنية متفقة مع هذه القواعد.
وقد خرجت عن هذه القواعد بعض الألفاظ فرسمت بالزيادة أو الحذف أو الإبدال، أو غير ذلك من الظواهر التي تضمنها علم "الرسم العثماني".
وقد حصرها العلماء في: الحذف، والزيادة، والهمز، والبدل، والفصل والوصل، وما فيه قراءتان متواتراتان وكتب على إحداهما.
أولا- الحذف:
وتحته ثلاثة أنواع:


رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 41)
موقف العلماء من هذه الظواهر:
وإزاء هذه الظواهر التي جاءت في الرسم العثماني مخالفة لقواعد الرسم القياسي، اختلف العلماء في ذلك على اتجاهين:
الاتجاه الأول:
أن الصحابة -رضي الله عنهم- الذين كتبوا المصاحف كانوا متقنين لقواعد العربية والخط العربي، فكتبوا المصاحف على هذه القواعد، وخالفوا هذه القواعد في بعض الكلمات لعلل وأسرار كثيرة، تتفق مع مكانة القرآن الكريم وكيفية تلاوته.
قال العلامة اللغوي ابن فارس:


رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 43)
من أسرار ظواهر الرسم العثماني:
أ- ظاهرة الزيادة:
من أمثلة هذه الظاهرة:
1- زيادة الألف في "مائة" للفرق بينها وبين "منه" باعتبار أن المصاحف كانت خالية من النقط والشكل والهمز، وألحق بها "مائتين" حيث وقعتا.
2- زيدت الواو في "أولى" للفرق....







الموسوعة الفقهية الكويتية (38/ 5)
الأحكام المتعلقة بالمصحف:
تتعلق بالمصحف أحكام منها:

الموسوعة الفقهية الكويتية (38/ 12)
اتباع رسم المصحف الإمام:
16 - ذهب جمهور فقهاء الأمة إلى وجوب الاقتداء في رسم المصاحف برسم مصحف عثمان رضي الله عنه، لكونه قد أجمع الصحابة عليه (2) .
سئل الإمام مالك: أرأيت من استكتب مصحفا اليوم، أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى، وروي أنه سئل عن الحروف التي تكون في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن تغير من المصحف إذا وجدت فيه كذلك؟ فقال: لا، قال الداني: يعني الواو والألف الزائدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ قال: ولا مخالف لمالك في ذلك من علماء الأمة، وقال أحمد: تحرم مخالفة مصحف الإمام في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك (1) .
وقال البيهقي في شعب الإيمان: من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به هذه المصاحف ولا يخالفهم فيه، ولا يغير مما كتبوا شيئا، فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق لسانا وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم (2) .
ومن هنا صرح الحنابلة وغيرهم أنه لا ينبغي أن يقرأ في الصلاة بما يخرج عن مصحف عثمان كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه وغيرها، لأن القرآن ثبت بالتواتر، وهذه لم يثبت التواتر بها، فلا يثبت كونها قرآنا، واختلفوا في صحة صلاته إذا قرأ بشيء منها مما صحت به الرواية، كبعض ما روي من قراءة ابن مسعود رضي الله عنه (3) .
وصحح المحققون من أئمة القراءة بأن القراءة الصحيحة لا بد أن توافق رسم مصحف عثمان رضي الله عنه ولو احتمالا (1) .
والخلاف في هذه المسألة منقول عن عز الدين ابن عبد السلام فقد نقل عنه الزركشي قوله: لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة لئلا يوقع في تغيير الجهال. وتعقبه الزركشي بقوله: لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه لئلا يؤدي إلى دروس العلم، وشيء أحكمته القدماء لا يترك مراعاة لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم لله بالحجة (2) .
ونقل عن أبي بكر الباقلاني مثل قول ابن عبد السلام (3) .






دراسات في علوم القرآن - محمد بكر إسماعيل (ص: 136)
المؤلف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ)
4- تفسير الزيادة والحذف باحتمال القراءات:
ذهب بعض الباحثين إلى أن المصحف العثماني كُتِبَ ليشتمل على الأحرف السبعة، أو أنه جاء شاملًا لما يحتمله رسمه منها.
وقد ضعَّفَ هذا الاحتمال الأستاذ "غانم قدوري الحمد" فقال: "إن المصحف العثماني إنما كُتِبَ على قراءة معينة، أي: أن رسم الكلمات جاء لتمثيل لفظ واحد, ونطق معيِّنٍ, بغض النظر عن احتماله لأكثر من قراءة، بسبب تجرد الكتابة آنذاك من الشكل والإعجام، ومن ثَمَّ فإن هذا الاتجاه في تعليل بعض ظواهر الرسم لا يقوم على أساس راجح -في نظرنا, بل إنه لا يختلف كثيرًا عن الاتجاه القائل باختلاف أحوال الرسم لاختلاف المعاني في ضعف الأساس الذي بُنِيَ عليه"1.
وقوله هذا مرجوح وليس براجح في نظري, على ما يأتي بيانه قريبًا.
__________
1 رسم المصحف ص231-232.




دراسات في علوم القرآن - محمد بكر إسماعيل (ص: 137)
المؤلف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ)
الخلاصة:
ومما سبق يتبيِّنُ لنا مدى عناية العلماء سلفًا وخلفًا بكتاب الله تعالى قراءة وكتابة، لم يَفُتْهُم من ألفاظه ولا معانيه ولا مراميه صغيرة ولا كبيرة، إلّا وقفوا عندها مستلْهِمِين من الله الرشد في تفسيرها وتأويلها، وتحليلها وتعليلها.
وقد كان الخط الذي كتب به المصحف في عهد عثمان -رضي الله عنه- ظاهرة فريدة، استرعت انتباههم، ودفعتهم إلى تفسيرها وكشف أسرارها، فكان لهم في هذا التفسير والتعليل اتجاهات خمسة، وهي التي أشرنا إليها في هذا المقام، وكل اتجاه منها له وجهاته، وفيه ما فيه من الصواب، وعليه ما عليه من المآخذ.

أما الاتجاه الأول: وهو تعليل بعض ظواهر الرسم بعلل لغوية أو نحوية، فهو كما يظهر من عنوانه أنه قاصر على تحليل بعض الظواهر دون بعض، فلا يصلح أن يكون حكمًا على الجميع، ولكنه مع ذلك فاتحة خير وخطوة على طريق البحث، فلعل الله -عز وجل- يكشف لنا التحليل اللغوي والنحوي في سائر الظواهر التي لم يتوصَّل العلماء إلى كلمة الفصل فيها.

وأما الاتجاه الثاني: وهو حمل تلك الظواهر على خطأ الكاتب, فقد رددناه بما فيه الكفاية، ونضيف هنا أن خطأ الكُتَّاب أمرٌ لا يستبعد؛ لأن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ليسوا معصومين من الخطأ.
ولكن وعد الله -عز وجل- بحفظ كتابه يقتضي صيانته نطقًا وخطًّا، فلا بُدَّ من أن يكون الله -عز وجل- قد وفقَّ أولئك الكُتَّاب الأطهار المهرة إلى هذا الرسم ليتميز القرآن عن غيره خطًّا كما تميز نطقًا.
وما كان ينبغي أن يبادر ابن قتيبة وابن خلدون ومن لَفَّ لفهما إلى نسبة الخطأ إلى هؤلاء الكُتَّاب، بل كان عليهم أن يبحثوا بجد واجتهاد عن تنزيه ساحتهم منه؛ رعاية لحقهم، وصيانة لكتاب الله من أن يكون خطه غير موافق للفظه من بعض الوجوه، وأن يحملوا الروايات الواردة في تخطئة هؤلاء الكُتَّاب -إن صحَّ سندها- على محملٍ حسنٍ يتفق مع المحافظة على هيبة هؤلاء الكُتَّاب البررة، وسدًّا لباب من أبواب الشبهات التي ينفذ من خلالها أعداء الإسلام للنَّيْل من الإسلام في كتاب ربهم -عز وجل، وسُنَّة نبيهم -صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين المهديين -رضوان الله عليهم.

وأما الاتجاه الثالث: وهو اختلاف الرسم لاختلاف المعنى, فقد ذكرنا أنه لا يعتمد على دليل صحيح تقوم به الحجة، فهو لا يعدو أن يكون تفسيرًا باطنيًّا يذكر استئناسًا لتنزيه ساحة الكُتَّاب من وقوع الخطأ منهم في كتابة المصاحف.
وليس كل كلام جاء معتبرًا ... إلا كلام له حظ من النظر

وأما الاتجاه الرابع: وهو تفسير الزيادة والحذف باحتمال القراءات فهو قول صحيح؛ لأن كُتَّاب المصاحف قد بذلوا طاقتهم في أن تكون هذه المصاحف مشتملة في جملتها على الأحرف السبعة التي أُنْزِلَ عليها القرآن الكريم، فقد كتبوا مصاحف سبعة أو ثمانية، كل مصحف منها يحمل حرفًا من هذه الأحرف السبعة، وأرسلوا كل مصحف إلى القطر الذي يقرأ أهله بحرفه، وبذلك حفظت الأحرف السبعة كلها من الضياع.
وهذا القول أولى من قول من قال: إنهم كتبوا هذه المصاحف على حرف واحد من هذه الأحرف السبعة؛ لأنهم خُيِّرُوا فاختاروا، فهذا القول فيه اتهام لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم فرَّطوا في هذه الأحرف، فضيَّعوا منه ستة، وكان يمكنهم أن يحافظوا عليها جميعًا، ويمحوا ما سواها من الأوجه التي لم يثبت سندها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك كفاية لدرء الفتنة والقضاء على المحنة التي كادت تُوقِعُ بين المسلمين انقسامًا خطيرًا.

وأما الاتجاه الخامس: وهو أن الرسم بُنِيَ على حكمة ذهبت بذهاب كتبته, فهو اتجاه قوم توقَّفوا عن القول بما ليس لهم به علم، وآثروا السلامة على الخوض في حديث لا تدفعهم إليه حاجة ملحة، وقولهم هذا صحيح.
ولكن لماذا لا نفتِّشُ عن الحكمة بقدر طاقتنا، وبالوسائل المتاحة لنا، وقد أُمِرْنَا بالتدبر والنظر في كل ما يقع أمامنا من الظواهر الكونية والقرآنية، ونسعى جادِّين في تحقيق المسائل العلمية وتمحيصها، ولا سيما تلك الظواهر المتعلقة بكتاب الله تعالى، كظاهرة الرسم العثماني، فعسى أن نجد فيها سرًّا من أسرار هذا الكتاب العظيم، ونعثر على ضربٍ آخر من إعجازه البياني.
والحكمة ضالة المؤمن، والعلم أبواب مغلقة لا تنفتح إلّا بالتأمل والنظر.

قواعد رسم المصحف:
وللمصحف العثماني قواعد في خَطِّه ورسمه، حصرها علماء الفنِّ في ست قواعد، وهي:
الحذف والزيادة، والهمز والبدل، والفصل والوصل، وما فيه قراءتان فقرئ على إحداهما.
وهاك شيئًا عنها بالإجمال ليكون الفرق بينها وبين مصطلح الخطوط في عصرنا على بالٍ منك:




تاريخ القرآن الكريم (ص: 127)
المؤلف: محمد طاهر بن عبد القادر الكردي المكي الشافعي الخطاط (المتوفى: 1400هـ)
الفصل الخامس (في معرفة الصحابة لقواعد الاملاء والكتابة)
يعتقد كثير من الناس ان الصحابة رضوان الله عليهم ما كانوا يعرفون قواعد الاملاء واصول الكتابة ويستدلون على هذا برسم المصحف العثماني حتى ابن خلدون يقول بهذا في مقدمته، على انهم لو قالوا ان الكتابة لم تكن منتشرة فيهم لكان أولى من نسبتهم إلى جهل اصولها وقواعدها مع انها ما وصلت الينا الا منهم.
ونحن نعتقد اعتقادا جازما بأن الصحابة كانوا يعرفون قواعد الاملاء والكتابة حق المعرفة (1) ونستدل على قولنا هذا استدلالا فنيا بثلاثة امور (الامر الاول) قال الالوسى في تفسيره روح المعاني ما نصه: والظاهر ان الصحابة كانوا متقنين رسم الخط عارفين ما يقتصى ان يكتب وما يقتضى ان لا يكتب وما يقتضى ان يوصل وما يقتضى ان لا يوصل إلى غير ذلك لكن خالفوا القواعد في بعض المواضع لحكمة اه
قوله في بعض المواضع أي من القرآن الكريم ورسم كلماته فالآلوسي وهو العالم المتبحر وصاحب التفسير الكبير لا يقول هذا الا بعد النظر والتحقيق وان لم يذكر الشواهد التى تؤيد قوله.
(الامر الثاني) مما لا يخفى على أحد ان الصحابة كانوا يراسلون الملوك والامراء في مهمات الامور وكانوا يكتبون فيما بينهم العقود والمستندات من بيع وشراء وضمان وعطاء، فلو كتبوا هذه الامور على غير قواعد الاملاء والكتابة لادى ذلك إلى الالتباس والخطأ في فهم مرادهم مع ان الحروف والكلمات ما وضعت الا لتدل على الكلام الملفوظ (1) فان اختفلت كتابته اختلف اللفظ فاختلف المعنى فاختلط الامر عليهم.
واى دليل اعظم على نباهة العرب قبل اختراع الحركات " التشكيل " من تفرقتهم في الكتابة بين عمر وبين عمرو بزيادة الواو في الاسم الا خير لئلا يحصل لبس واشتباه، فلو تأملت لم اختاروا الواو علامة للتفرقة بين الاسمين دون غيرها من الاحرف الهجائية لظهر لك ذكاؤهم المفرط وقوة تفكيرهم في ذلك.






فتاوى الشبكة الإسلامية (2/ 1213، بترقيم الشاملة آليا)
الأدلة على أن رسم القرآن توقيفي

[السؤال]
ـ[أشرتم في الفتاوى رقم 26916 و 75526 و 98218 إلى أن رسم القرآن سنة متبعة وأمر توقيفي صدر من الصحابة رضوان الله عليهم فيه ولا تجوز مخالفته، ولكنكم لم تذكروا الدليل على ذلك، خصوصا أنه كما هو معروف فإن التشريع يؤخذ من النبي صلى الله عليه وسلم وليس من الصحابة إلا إذا كان إجماعا، وفعل الصحابة هذا يجب أخذه في إطار أن معرفة الكتابة كانت نادرة في ذلك العصر ولم تكن اللغة قد تطورت بالصورة التي جاءت بعد، فما الأدلة الصريحة على أن رسم القرآن توقيفي ولا يجوز مخالفته، خصوصا أن لفظ "توقيفي" تأخذ من طرف النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ما المانع من مخالفة الرسم القرآني الذي لم ينزل به (كألواح سيدنا موسى عليه السلام) وقد قام العلماء بعد ذلك بإضافة النقط والهمزات والتشكيل كما عليه اليوم مما غير من صورة الرسم القرآني بل ولم يعد الرسم القديم موجودا كما كان في عصر الصحابة؟]ـ

[الفتوى]
خلاصة الفتوى:

من الأدلة الصريحة على أن رسم القرآن توقيفي إجماع الصحابة في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، ثم إجماع الأمة في القرون المشهود لها بالخير، فيمنع التغيير فيه حتى يظل كما كتب وقرئ عند نزوله..

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن رسم القرآن الكريم توقيفي لا يجوز تغييره أو تبديله -كما سبق بيانه في عدة فتاوى- ودليل ذلك أنه كتب بهذا الرسم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقر النبي صلى الله عليه وسلم كتبة الوحي عليه، واستمر عليه عمل الخلفاء الراشدين والإجماع عليه من بعدهم، ومن المعلوم أن الإجماع هو المصدر الثالث من مصادر التشريع بعد الكتاب والسنة، ودليله منهما قول الله تبارك وتعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا {النساء:115} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين.... الحديث رواه أحمد وغيره وقال الترمذي: حسن صحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن أمتي لا تجتمع على ضلالة. صححه الألباني.

وأما المانع من تغييره فهو الحفاظ عليه من أن تمتد إليه يد التغيير كما امتدت إلى غيره من الكتب السابقة، فكان ذلك سببا لتحريفها وتبديلها ... ومن الموانع كذلك تحقيق حفظه -بمعنى الحفظ الشامل- تحقيقا لقول الله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون {الحجر:9} ، فمن تمام حفظه أن يتلى بالكيفية التي نزل بها، ويكتب بالكيفية التي كتب بها عند نزوله، ولا سيما وأنه قد كتب بطريقة يستوعب بها القراءات المختلفة، ومنها كذلك المحافظة على الحكم والأسرار الموجودة في كتابته، فإذا خضع للكتابة بالإملاء الذي يتغير ويختلف باختلاف البيئات والعصور والمجامع اللغوية.. فإن هذه الحكم تزول ويصبح عرضة للتغيير والتبديل والتحريف ...

ونحب أن ننوه هنا إلى أن الحديث عن كتابة المصحف بغير الرسم العثماني قديم، فقد بحثه أئمة السلف قبل أكثر من ألف سنة، وقد جمع الجلال السيوطي نقولا عنهم في الموضوع يتبين منها ما حكموا به في ذلك فرأينا إثباتها فيما يلي، قال الجلال السيوطي: قال أشهب: سئل مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى، رواه الداني في المقنع ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة.

وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل: الواو والألف أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو: أولو. وقال الإمام أحمد: يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك.

ومحل مراعاة رسم القرآن هو عند كتابة مصحف أو ما هو خاص بالقرآن، وأما كتابة الآية أو الآيات للاستشهاد بها أو ما أشبه ذلك فلا مانع من كتابتها بالإملاء.. وأما ما أضافه علماء القراءات من الضبط للتوضيح للعامة وإزالة الإشكال ... فإنه لم يمس رسم القرآن من قريب أو بعيد ولم يغير فيه ولو حرفا واحدا.. وقد ظل هذا الضبط مميزا عن الرسم بالكتابة وبالألوان وألفت فيه الكتب كما هو معلوم عند أهل الفن.

والله أعلم.

[تاريخ الفتوى]
28 شعبان 1428





فتاوى دار الإفتاء المصرية (7/ 476، بترقيم الشاملة آليا)
رسم المصحف

المفتي
عطية صقر.
مايو 1997

المبادئ
القرآن والسنة

السؤال
نجد فى القرآن الكريم كلمات مكتوبة على خلاف الرسم الإملائى ويصعب علينا قراءتها بالرسم الحالى، فهل تجوز كتابته بالرسم الإملائى لتيسير قراءتها وفهمها؟ وهل تجوز كتابة القرآن بغير الحروف العربية؟

الجواب
عقد الإمام السيوطى فصلا فى الجزء الثانى "ص 166 " من كتابه "الإتقان " خاصا برسم الخط وآداب كتابته، وذكر بعض من أفردوا ذلك بالتصنيف، منهم أبو عمرو لدانى وأبو عباس المراكشى واستطرد فذكر أول من وضع الكتاب العربى ثم قال:
القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء به والوقف عليه.
وقد مهد النحاة له أصولا وقواعد، وخالفها فى بعض الحروف خط المصحف الإمام، وقال أشهب: سئل مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى، رواه الدانى فى المقنع، ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة وقال أبو عمرو الدانى موضحا ذلك: يعنى الواو والألف المزيدتين، فى الرسم المعدومتين فى اللفظ نحو أولوا وقال الإمام أحمد: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان فى واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك، ورأى البيهقى فى " شعب الإيمان " هذا الرأى لأن الذين كتبوا المصحف كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة منا، فلا ينبغى أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم.
ثم ذكر السيوطى أن أمر الرسم ينحصر فى ست قواعد، الحذف والزيادة والهمز والبدل والوصل والفصل وما فيه قراءات، ومثل لذلك باستفاضة، وذكر السر فى حذف الحرف الأخير من بعض الكلمات مثل "يوم يدع الداع " "سندع الزبانية " أن المراكشى قال: السر فى حذفها: التنبيه على سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل وشدة قبول المتأثر به فى الوجود. وهكذا ذكر مبررات لكل قواعد الرسم وقد سئلت لجنة الفتوى بالأزهر سنة 1355 و (1936 م) فأجابت بما ملخصه، أن عثمان بن عفان رضى الله عنه أمر بأن تنسخ عدة نسخ من المصحف الذى كان موجودا عند السيدة حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضى الله عنها وعن أبيها. وكان هذا المصحف عند عمر ومن قبله كان عند أبى بكر الصديق رضى اللَّه عنهما. وكان المصحف مأخوذا من القطع المتعددة التى كان مكتوبا عليها قى زمن النبى @ ووزع عثمان هذه النسخ على الأمصار واستبقى واحدة منها بالمدينة. وكل مصحف من هذه المصاحف يسمى "المصحف الإمام " وقد رسمت بعض الكلمات فيها رسما يخالف قواعد الإملاء المعروفة الآن. وجرى المسلمون من عهد عثمان إلى الآن على اتباع العثمانى.
ثم قالت اللجنة: إن الجمهور من العلماء على التزام. الرسم العثمانى وحرمة مخالفته واستدلوا على ذلك بإجماع الصحابة على الصفة التى كتب عليها عثمان ولم يرو عن واحد منهم أنه كتب القرآن على غير هذه الصفة. وذكرت اللجنة ما نقل عن مالك وأحمد والبيهقى مما سبق ذكره هنا نقلا عن السيوطى فى "الإتقان ".
ثم قالت اللجنة: إن بعض العلماء ذهبوا إلى جواز كتابته بأى رسم كان ولو خالف الرسم العثمانى، فكل رسم حصلت به الدلالة فهو جائز،، ولم يتعرض للكيفية التى كتب بها، وإجماع الصحابة لا يدل على أكثر من جواز رسمه على نحو ما كتب الصحابة، أما رسمه على غير هذه الطريقة فلم تتعرض له الصحابة لا بحظر ولا بإباحة وذكرت ما قاله القاضى أبو بكر الباقلانى فى كتابه "الانتصار" موضحا لهذا الرأى الذى لا يحتم التزام الرسم العثمانى. ولكن اللجنة اختارت بقاء المصحف على الرسم الذى كان عليه فى عهد عثمان رضى الله عنه.
وعدم كتابته على الرسم الإملائى الحديث، فإن الرسم الحديث ما يزال موضع الشكوى لعدم تيسر القراءة به، حيث توجد به أحرف لا تنطق، وتنقص منه حروف تنطق، ولا تتيسر القراءة والفهم إلا بعد التمرن الطويل والإتقان لمعرفة قواعد الإملاء. ثم من قواعد الإملاء عرضة للتعديل، فهل يكتب القرآن على القواعد الإملائية المعدلة أو القديمة؟ وقد توجد عدة نسخ مختلفة الرسم، وهنا تكون البلبلة والتعرض لتحريف القرآن وضعف الثقة فيه.
ثم قالت اللجنة: إن تلاوة القرآن لا تؤخذ أبدا من الرسم، بل من التلقى لأن هناك أحكاما لتجويد القرآن وإخراج الحروف من مخارجها الحقيقية لا يمكن للشكل الإملائى أن يدل عليها، ولذلك أرسل عثمان مع المصاحف قراء، فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدينة، والمغيرة بن شهاب أن يقرئ بالشام، وعامر بن عبد قيس أن يقرئ بالبصرة، وأبا عبد الرحمن السلمى أن يقرئ بالكوفة فاللائق بقدسية القرآن بقاء كتابته على الرسم العثمانى. انتهى تلخيص الفتوى.
وعلى ضوء ما جاء عن السيوطى فى "الإتقان " وما اختارته لجنة الفتوى عملت بحوث ونشرت مقالات وصدرت فتوى من دار الإفتاء المصرية سنة 1956 م وقرر مجمع البحوث الإسلامية فى دور انعقاده الرابع 1968 م الالتزام بالرسم العثمانى ومنها البحث الذى قدمه الدكتور محمد محمد أبو شهبة، مشيرا إلى بعض التآليف فى ذلك.
كالمقنع لأبى عمرو الدانى، عنوان الدليل فى مرسوم خط التنزيل لأبى العباس المراكشى المتوفى سنة 721هـ والمعروف بابن البناء والأرجوزة للشيخ محمد بن أحمد المتولى، وشرحها للشيخ محمد على خلف الحسينى شيخ المقارئ المصرية فى عهده، مع تذيل الشرح بكتاب سماه "مرشد الحيران إلى معرفة ما يجب اتباعه فى رسم القرآن " وإيقاظ الأعلام إلى اتباع رسم المصحف الإمام للشيخ محمد حبيب اللَّه بن عبد الله بن أحمد بن مايابى الجكنى الشنقيطى ومناهل العرفان للشيخ الزرقانى، المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبى شهبة، وهذا الحكم موجود فى كتب الأئمة وعلماء التفسير، وجاء فى الشفا للقاضى عياض: من غير حرفا بزيادة أو نقص أو بدَّله بحرف غيره فهو كافر، ووافقه على ذلك شارحه الخفاجى وشارحه ملاَّ على القارى. "منبر الإسلام - ذو الحجة 1402 هـ ".
2- وأما كتابة المصحف بغير الحروف العربية. فقد ذكر السيوطى فى " الإتقان "ج 2 ص 171 ما نصه: وهل تجوز كتابته بقلم غير العربى؟ قال الزركشى: لم لأجد فيه كلاما لأحد من العلماء. قال:
ويحتمل الجواز لأنه قد يحسنه من يقرؤه بالعربية والأقرب المنع كما تحرم قراءته بغير لسان العرب، ولقولهم: القلم أحد اللسانين، والعرب لا تعرف قلما غير العربى، وقد قال الله تعالى {بلسان عربى مبين} الشعراء:195،.
وقال الشيخ محمود أبو دقيقة من كبار علماء الأزهر: أجمع الأئمة الأربعة على أنه لا يجوز كتابة القرن بغير اللغة العربية، لأن كتابته بغيرها تخرجه عن الرسم الوارد الذى قام الإجماع على أنه يجب التزامه، بل قد تؤدى كتابته بغير العربية إلى التغيير فى اللفظ لأن بعض الحروف العربية لا نظير له فى بعض اللغات الأخرى، والتغيير فى اللفظ يؤدى إلى التغيير فى المعنى، وحيث كانت الكتابة بغير العربية تؤدى إلى هذا فلا يجوز. وقال بعض علماء الحنفية: إن من تعمد كتابة القرآن بغير العربية يكون مجنونا أو زنديقا، فالمجنون يداوى والزنديق يقتل "مجلة الأزهر-المجلد الثالث ص 31 -34 "




أبحاث هيئة كبار العلماء (7/ 288)
ثانيا: نقول عن العلماء يتبين منها رأيهم في كتابة المصحف بغير الرسم العثماني:
إن الحديث عن كتابة المصحف بغير الرسم العثماني قديم، فقد بحثه أئمة السلف قبل أكثر من ألف سنة، وألف فيه علماء القراءة والرسم كتبا وحكموا فيه بما ظهر لهم من الكراهة أو التحريم، وقد جمع الجلال السيوطي نقولا عنهم في الموضوع يتبين منها ما حكموا به في ذلك، فرأينا إثباتها فيما يلي:
قال الجلال السيوطي: (فصل) القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء به والوقوف عليه، وقد مهد له النحاة أصولا وقواعد، وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام، وقال أشهب: سئل مالك هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟
فقال: لا إلا على الكتبة الأولى. رواه الداني في [المقنع] ثم قال: ولا مخالف له من علماء الأمة.
وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: لا. قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو أولوا.
وقال الإمام أحمد: يحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك.
وقال البيهقي في [شعب الإيمان] : من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيه ولا يغير مما