بسم الله الرحمن الرحیم

رسم المصحف و ضبطه

فهرست مباحث علوم قرآنی
رسم المصحف
زبانشناسی-زبان-الفبا-خط
كتابة المصحف-مجلة البحوث الإسلامية-الرئيس بن باز-بحث مفصل
علامات ضبط المصحف الشریف
سر کتابة السین صاداً فی القرآن الکریم
روش کتابت مسلمین در صدر اسلام
اختلاف رسم مصاحف، پشتوانه تعدد قراءات
آیا رسم مصحف، توقیفي است؟
خطأ الکاتب في المصحف
مصحف منسوب به امیرالمؤمنین ع در عتبة رضویة ع
مصحف امیري
مصحف مدینة
قول عثمان-لو كان المملى من هذيل و الكاتب من ثقيف
شواهد کلام قرطبی در تعدد اختیار برای هر قاری
شواهد کلام علامه طباطبائي قده در تعدد مصحف برای هر صحابی مقری
رسم المصحف


علامات الضبط والوقف في المصحف-ویکی پدیا



ابو الاسود نقطه میگذاشت رنگی و فقط برای اعراب حرف آخر کلمه، و ضمه جلوی حرف میگذاشت که شاید به معنای پس حرف.

وسپس شاید نقطه رنگی برای حرکت بنائی کلمه و فاء الفعل و عین الفعل هم گذاشته شد.

سپس نقطه سیاه برای نقطه گذاری خود حروف یعنی اعجام

تشکیل توسط خلیل شد و شکل الشعر گفته میشد یعنی حروف کوچک هم‌شکل حروف اصلی برای اعراب و حرکت حروف کلمات

به نقل دانی و نیز مصحف قدیم هر دو نحو رایج شده بود ولی دانی میگوید بهتر نقطه گذاری رنگی است نه تشکیل خلیل

ظاهرا صنعت چاپ این بهتر را نمیتوانست سامان دهد و به زمان ما رسید

بنابر این اصطلاح نقط المصحف بر خلاف متفاهم آن، به معنای اعجام نیست بلکه به معنای اعراب گذاری است که تاریخا مقدم بر اعجام است.





رسم المصحف 9 مقدمة الطبعة الثانية
و لعل في مقدمتها كتب الإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت 444 ه)، رحمة اللّه عليه، خاصة كتابيه (المقنع) و (المحكم) الأول في دراسة الظواهر الهجائية، و الثاني في بيان تاريخ العلامات الكتابية،




بیش از ۶۰ صفحه بحث کردند:

أبحاث هيئة كبار العلماء (7/ 343)
(6) كتابة المصحف باللاتينية
هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية




معاني القرآن للفراء (3/ 114)
المؤلف: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
ولو قرأ قارئ: «والحب ذا العصف والريحان» لكان جائزا، أي: خلق ذا وذا، وهي في مصاحف أهل الشام: والحب ذا «3» العصف، ولم نسمع بها قارئا، كما أن في بعض مصاحف أهل الكوفة: «والجار ذا القربى» «4» [189/ ا] ولم يقرأ به أحد، وربما كتب الحرف على جهة واحدة، وهو في ذلك يقرأ بالوجوه.
وبلغني: إن كتاب علي بن أبي طالب رحمه الله كان مكتوبا: هذا كتاب من علي بن أبو طالب كتابها: أبو. في كل الجهات، وهي تعرب في الكلام إذا قرئت.





المقنع في رسم مصاحف الأمصار، ص: 19
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى إجازة قال حدثنا عبد الرحمن ابن عبد اللّه بن محمد حدثني جدّى قال حدثنا ابن عيينة عن مجالد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلّمتم الكتاب؟ قالوا من أهل الحيرة، و قالوا لأهل الحيرة: من أين تعلمتم؟ قالوا من الأنبار.
قال أبو عمرو: أكثر العلماء على أن عثمان بن عفان رضى اللّه عنه لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ و بعث إلى كل ناحية من النواحى بواحدة منهن، فوجّه إلى الكوفة إحداهن، و إلى البصرة أخرى، و إلى الشام الثالثة، و أمسك عند نفسه واحدة. و قد قيل إنه جعله سبع نسخ، و وجّه من ذلك أيضا نسخة إلى مكة، و نسخة إلى اليمن، و نسخة إلى البحرين؛ و الأول أصح و عليه الأيمة و سئل مالك رحمه اللّه: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال لا إلا على الكتبة الأولى.
حدثنا أبو محمد عبد الملك بن الحسن بن عبد العزيز بن على حدثهم قال حدثنا المقدام بن تليد قال حدثنا عبد اللّه بن عبد الحكم قال: قال أشهب:
سئل مالك فقيل له: أ رأيت من استكتب مصحفا اليوم أ ترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم؟ قال: لا أرى ذلك و لكن يكتب على الكتبة الأولى. قال أبو عمرو: و لا مخالف له في ذلك من علماء الأمة و باللّه التوفيق.




المقنع في رسم مصاحف الأمصار 87 باب ذكر ما اتفقت على رسمه مصاحف أهل الأمصار من أول القرآن إلى آخره
باب ذكر ما اتّفقت على رسمه مصاحف أهل الأمصار من أوّل القرآن إلى آخره‏
أخبرني خلف بن أحمد بن حمدان بن خاقان المقرئ أن محمد بن عبد اللّه الأصبهانى المقرئ حدثهم قال حدثنا أبو عبد اللّه الكسائى عن جعفر بن عبد اللّه ابن الصباح قال: قال محمد بن عيسى: و هذا ما اجتمع عليه كتّاب مصاحف أهل المدينة و الكوفة و البصرة و ما يكتب بالشام و ما يكتب بمدينة السلام لم يختلف في كتابه في شى‏ء من مصاحفهم. أخبرنى بهذا الباب نصير بن يوسف قرأت عليه.
كتبوا «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»* بغير ألف، و كتبوا «ملك يوم الدين» (س 1 آ 4) بغير ألف، قال أبو عمرو: و كذلك كتبوا «ملك الملك» (س 3 آ 26) و كتبوا في (س 2) «وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ» (آ 102)






المقنع في رسم مصاحف الأمصار 124 باب ذكر ما اختلفت فيه مصاحف أهل الحجاز و العراق و الشام المنتسخة من الإمام بالزيادة و النقصان
فإن قيل: فلم خصّ زيد بأمر المصاحف و قد كان فى الصحابة من هو أكبر منه كابن مسعود و أبى موسى الأشعرى و غيرهما من متقدمى الصحابة؟
قلت: إنما كان ذلك لأشياء كانت فيه، و مناقب اجتمعت له لم تجتمع لغيره، منها: أنه كتب الوحى للنبى صلّى اللّه عليه و سلم، و أنه جمع القرآن كله على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، و أن قراءته كانت على آخر عرضة عرضها النبى على جبريل عليهما السلام. و هذه الأشياء توجب تقديمه لذلك و تخصيصه به لامتناع اجتماعها فى غيره و إن كان كل واحد من الصحابة رضوان اللّه عليهم له فضله و سابقته، فلذلك قدّمه أبو بكر رضى اللّه عنه لكتاب المصاحف و خصه به دون غيره من سائر المهاجرين و الأنصار. ثم سلك عثمان رضى اللّه عنه طريق أبى بكر في ذلك إذ لم يسعه غيره، و إذ كان النبى صلّى اللّه عليه و سلم قد قال اقتدوا بالذين من بعدى أبى بكر و عمر فولّاه ذلك أيضا و جعل معه‏
المقنع في رسم مصاحف الأمصار، ص: 125
النفر القرشيين ليكون القرآن مجموعا على لغتهم و يكون ما فيه من لغات و وجوه في ذلك على مذهبهم دون ما لا يصح من اللغات و لا يثبت من القراءات فهذا الجواب عما سئلنا عنه و وجه السبب فى ذلك و باللّه التوفيق، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
[تم كتاب الهجاء فى المصاحف بحمد اللّه و حسن عونه‏]



رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 35)
كيفية تطبيق ذلك على المصاحف في دور الطباعة الحديثة:
سبق أن قلنا: إن اتفاق القراءة مع المصحف الذي أرسل إلى كل قطر إنما هو في الغالب فقط، وليس مطردا، وشرط قبول القراءة: موافقتها لأحد هذه المصاحف، وليس شرطا أن توافق مصحف أهل القطر المعين.
ولذلك نجد في المصاحف التي طبعت على رواية "حفص" أنه اتبع فيها رسم الكلمات على حسب الرواية، حتى ولو كانت مخالفة لمصحف أهل الكوفة.
جاء في التعريف بالمصحف الذي أشرفت على طبعه لجنة من العلماء في مصر سنة "1342هـ-1932م" ما نصه:
"أما الأحرف اليسيرة التي اختلفت فيها أهجية تلك المصاحف، فاتبع فيها الهجاء الغالب، مع مراعاة قراءة القارئ الذي يكتب المصحف لبيان قراءته"1.
ولذلك رسم فيه قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} 2 بسورة "يس" بالهاء، تبعا لرواية حفص، مع أنها في مصحف أهل الكوفة بدونها.
كما رسم قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} 3 بهائين، تبعا للرواية، وهي في مصحف الكوفيين بهاء واحدة.
وهذا لا يخرج المصحف عن كونه موافقا لرسم المصاحف العثمانية.
__________
1 راجع: التعريف بالمصحف الشريف في آخره.
2 سورة يس من الآية "35".
3 سورة الزخرف من الآية "71".





تفسير القرطبي (1/ 82)
وادعى أن عثمان رضى اله عنه لما أسند جمع القرآن إلى زيد بن ثابت لم يصب، لأن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب كانا أولى بذلك من زيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" أقرأ أمتي أبي بن كعب" ولقوله عليه السلام:" من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد". وقال هذا القائل: لي أن أخالف مصحف عثمان كما خالفه أبو عمرو بن العلاء، فقرأ:" إن هذين «2» "،" فأصدق وأكون"، وبشر عبادي الذين" بفتح الياء،" فما أتاني الله" بفتح الياء. والذي في المصحف:" إن هذان «3» " بالألف، "فأصدق وأكن" بغير واو،" فبشر عباد"،" فما آتان الله" بغير ياءين في الموضعين .. كما خالف ابن كثير ونافع وحمزة والكسائي مصحف عثمان فقرءوا:" كذلك حقا علينا ننج المؤمنين" بإثبات نونين، يفتح الثانية بعضهم ويسكنها بعضهم، وفي المصحف نون واحدة «1»، وكما خالف حمزة المصحف فقرأ:" أتمدون بمال" بنون واحدة ووقف على الياء، وفي المصحف نونان ولا ياء بعدهما، وكما خالف حمزة أيضا المصحف فقرأ:" ألا إن ثمودا كفروا ربهم" بغير تنوين، وإثبات الألف يوجب التنوين، وكل هذا الذي شنع به على القراء ما يلزمهم به خلاف للمصحف. قلت: قد أشرنا إلى العد فيما تقدم مما اختلف فيه المصاحف، وسيأتي بيان هذه المواضع في مواضعها من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.


تفسير القرطبي (1/ 54)
ونسخ منها عثمان نسخا. قال غيره: قيل سبعة، وقيل أربعة وهو الأكثر، ووجه بها إلى الآفاق، فوجه للعراق والشام ومصر بأمهات، فاتخذها قراء الأمصار معتمد اختياراتهم، ولم يخالف أحد منهم مصحفه على النحو الذي بلغه، وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم وينقصها بعضهم فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه ورواه، إذ قد كان عثمان كتب تلك المواضع في بعض النسخ ولم يكتبها في بعض إشعارا بأن كل ذلك صحيح، وان القراء بكل منها جائزة.


تفسير القرطبي (13/ 201)
و" آتان" وقعت في كل المصاحف بغير ياء. وقرأ أبو عمرو ونافع وحفص:" آتاني الله" بياء مفتوحة، فإذا وقفوا حذفوا. وأما يعقوب فإنه يثبتها في الوقف ويحذف في الوصل لالتقاء الساكنين. الباقون بغير ياء في الحالين.




************
تفسير مجمع البيان - الطبرسي (1/ 33)
[ الفن الأول ]: قي تعداد أي القرآن، والفائدة في معرفتها: إعلم أن عدد أهل الكوفة أصح الأعداد وأعلاها إسنادا، لأنه ماخوذ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وتعضده الرواية الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: فاتحة الكتاب سبع آيات إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم. وعدد أهل المدينة: منسوب إلى أبي جعفر يزيد بن القعقاع القاري، وشيبة بن نصاح، وهما المدني الأول، وإلى إسماعيل بن جعفر، وهو المدني الأخير. وقيل: المدني الأول هو الحسن بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، والمدني الأخير: أبو جعفر وشيبة وإسماعيل. والأول أشهر. وعدد أهل البصرة منسوب إلى عاصم بن أبي الصباح الجحدري، وأيوب بن المتوكل، لا يختلفان إلا في آية واحدة في ص قوله: فالحق والحق أقول، عدها الجحدري، وتركها أيوب. وعدد أهل مكة منسوب إلى مجاهد بن جبر، وإلى إسماعيل المكي، وقيل: لا ينسب عددهم إلى أحد بل وجد في مصاحفهم على رأس كل آية ثلاث نقط، وعدد أهل الشام منسوب إلى عبد الله بن عامر. والفائدة في معرفة آي القرآن أن القارئ إذا عدها بأصابعه كان أكثر ثوابا لأنه قد شغل يده بالقرآن مع قلبه ولسانه، وبالحري أن تشهد له يوم القيامة، فإنها مسؤولة، ولأن ذلك أقرب إلى التحفظ، فإن القارئ لا يأمن من السهو، وقد روى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: تعاهدوا القرآن فإنه وحشي. وقال عليه الصلاة والسلام لبعض النساء: اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات. وقال حمزة بن حبيب، وهو أحد القراء السبعة: العدد مسامير القرآن.











****************
ارسال شده توسط:
حسین سوزنچی
Tuesday - 12/4/2022 - 10:51

در گفتگوی حاج آقا با اساتید دانشگاهی (دیماه ۱۴۰۰) ظاهرا برخی از حاضران ادعا کردند که این اختلاف مصاحف عثمانی که می گویند اعتبار چندانی ندارد زیرا مصاحف عثمانی را ندیده اند. حاج آقا به کتاب قاسم بن سلام اشاره کرد وی می گفت وی خودش مصاحف را ندیده. سند زیر به نظرم شاهد خوبی است که اصل مصاحف عثمانی در دست افراد بوده است. من متنی که نشان می دهد مصحف اصلی دست نافع بوده را آوردم. وی در ادامه مصاحف تک تک این شهرها را بحث می کند

«مختصر التبيين لهجاء التنزيل» (1/ 157):

المؤلف: أبو داود، سليمان بن نجاح بن أبي القاسم الأموي بالولاء، الأندلسي (ت ٤٩٦هـ)
‌‌ثانيا: الرواية:
إن المؤلفات المتقدمة في رسم المصحف لم يصل إلينا منها شيء، إلا أن بعض المؤلفات في هجاء المصاحف التي تأتي متأخرة، قد نقلت ما جاء في تلك الكتب رواية، فنجد المؤلف يسند ما يذكره في كتابه إلى الأئمة المتقدمين، إضافة إلى ما قد يدونه من رؤيته وملاحظته، ونقله عن مصاحف عصره.
وإني قد لاحظت أن رواية الرسم سارت جنبا إلى جنب مع رواية القراءة، بل إن الرسم عده علماء القراءات ركنا من أركان قبول القراءة، لذلك نجد أن المؤلفين في القراءات لم تخل كتبهم من الكلام على الرسم، فعقدوا له بابا، وما ذلك إلا لبيان أن الرسم له تعلق كبير بالقراءة.
قال أبو العباس المهدوي (ت 430 هـ): «إذ لا يصح بعض ما اختلف القراءة فيه دون معرفته» (1) أي رسم المصاحف فقد ظهر في كل مصر من الأمصار إمام روى ما في مصحف بلده، وكان يومها لا يفصل بين رواية القراءة ورواية الرسم، فقد روى أئمة القراءات وصف هجاء الكلمات إلى جانب روايتهم للقراءات، لشدة الصلة الوثيقة بين الرسم والقراءة.
وكما كانت المدينة النبوية دارا للسنة، كانت قبل ذلك ومعه دارا للقرآن، قراءاته ورسمه. فكان من أهل المدينة ممن روى الرسم عبد الرحمن بن هرمز

‌‌_________
(1) انظر: كتاب هجاء مصاحف الأمصار ص 75

«مختصر التبيين لهجاء التنزيل» (1/ 158):
الأعرج المدني (ت 117 هـ)، تابعي جليل روى الرسم عن نافع وعن مصاحف أهل المدينة (1).
إلا أن إمام المدينة في الرسم هو نافع بن أبي نعيم المدني (ت 169 هـ)، قرأ على سبعين من التابعين، فكان أكثر من غيره في رواية رسم هجاء أهل المدينة.
قال أبو بكر اللبيب: «فكان المصحف الذي أعطاه عثمان رضي الله عنه لأهل المدينة لا يزال عنده، فبكثرة مطالعته له، ومواظبته إياه، تصوره في خلده، فلم تؤخذ حقيقة الرسم إلا عن نافع» (2).
ونقل عنه تلاميذه ما رواه في هجاء المصاحف، فكانوا أئمة في ذلك برواية أستاذهم الأول. قال اللبيب: «وعنه [أي نافع] أخذ الغازي بن قيس وعطاء بن يسار وحكم الناقط وغيرهم» (3).
إضافة إلى ما نقلوه بأنفسهم عن مصاحف المدينة مما شاهدوه ورأوه.
ومنهم سليمان بن مسلم بن جماز، المتوفى بعد 170 هـ، قرأ مصحف عثمان وروى منه (4).
ومنهم خالد بن إياس بن صخر بن أبي الجهم (ت 224 هـ)، ذكر أنه قرأ مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، فوجد فيه مما يخالف

‌‌_________
(1) انظر: المقنع للداني 40، غاية النهاية 1/ 381.
(2) انظر: الدرة الصقيلة ورقة 11، الوسيلة ۱۹

«مختصر التبيين لهجاء التنزيل» (1/ 159):
مصاحف أهل المدينة اثني عشر حرفا (1).
ومنهم إسماعيل بن جعفر المدني (ت 180 هـ)، روى عن مصاحف أهل الحجاز وأهل العراق (2).
ومنهم عيسى بن مينا قالون (ت 220 هـ)، أكثر من رواية الرسم والقراءة، فقال: «قرأت على نافع قراءته غير مرة، وكتبتها في كتابي» (3).
أقول: وقد ضمن أبو عمرو الداني هذه الروايات في كتابه المقنع (4)، إلا أن الغازي بن قيس (ت 199 هـ) أكثر منه رواية في الرسم عن نافع.
ومن الملازمين له. روى الرسم عن مصاحف أهل المدينة، وهو المعتمد في النقل عنها، وضمن هذه الروايات في كتابه: «هجاء السنة»، وقد سبق أن ذكرنا أنه صحح مصحفه على مصحف نافع ثلاث عشرة مرة أو أربع عشرة مرة (5).
واعتمد عليه أبو داود في الرواية والنقل عند الاختلاف كما يتبين ذلك في منهجه ومصادره.
وظهر في مدينة البصرة عاصم بن أبي الصباح الجحدري (ت 128 هـ)، وهو من المكثرين لرواية الرسم، روى عن المصحف الإمام وقرأه، وتأمل
‌‌_________
(1) انظر: المصاحف 46، المقنع 35.
(2) انظر: المقنع ص 108، 109، 112، غاية النهاية 1/ 193.
(3) انظر: غاية النهاية 1/ 615.
(4) انظر: المقنع للداني ص 10.
(5) تقدمت الإشارة إليه، وسيأتي في آخر سورة يونس








https://quranpedia.net/book/1645/1/29
القرآن الكريم
الاستماع
الموسوعة القرآنية
تواصل معنا

رسم القرآن الكريم في المصاحف السودانية

وقد أخذوا هجاء مصاحفهم عامة بما عليه رسم القرآن في المصاحف العراقية، وذلك مما رواه علماء الرسم عن المصحف الذي بعث به عثمان بن عفان إلى البصرة، وعن المصاحف المنتسخة منه لكن أحياناً يرسمون بعض الكلمات بما عليه رسمها في مصاحف المدينة، وذلك مثل رسمهم لكلمة (إبراهيم) في سورة البقرة وغيرها من الكلمات التي سنذكرها مع مراعاة القواعد التي استنبطها علماء الرسم من الأهجية المختلفة، على حسب ما رواه الشيخان أبو عمرو الداني وأبو داوود سليمان بن نجاح مع عدم ترجيحيهم لما ذهب إليه أي الشيخين عند اختلافهما، خلافاً لما ذهبت إليه لجنة مصحف الملك المطبوع برواية حفص عن عاصم بترجيح ما ذهب إليه سليمان بن نجاح عند اختلافه مع أبي عمرو الداني.
وكان عمدتهم في بيان ذلك على ما حققه الشيخ محمد بن محمد الأموي الشريشي المشهور بالخرّاز في منظومته ( مورد الظمآن) وما قرره شارحها الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الأغبش في كتابه المسمى عمدة البيان في رسم القرآن.
كما أنهم اتبعوا في عد آيات القرآن طريقة أهل البصرة عن ورش، عن نافع عن شيخيه أبي جعفر، وشيبة وهو العدد المعروف بالمدني الأول المروي عن أهل البصرة، وآي القرآن على طريقتهم أربع عشر ومائتان وستة آلاف آية (٦٢١٤).
كما اهتموا بالتخميس والتعشير في عد آيات القرآن الكريم، وجعلهم لكل خمسة آيات علامة تدل على انتهاء الخمس / العشر آيات، ثم التنبيه على تمام المائة آية وكذلك الألف وكل ذلك في إحصاء دقيق يتماشى وما عليه كتب العدد لآيات القرآن الكريم عند علماء هذا الشأن المختصين كالشاطبي في ناظمة الزهر.

وقد ساروا على نهج السلف في كتابة المصاحف فالحبر الأسود يكتب به كلمات القرآن وتكتب الهمزة المحققة نقطة صفراء، وهمزة الوصل في الابتداء نقطة خضراء، ويكتب ما عدا ذلك من الحركات والسكون، علامة القلب للتنوين والنون الساكنة عند الباء وصلة الضمير من واو أو ياء نحو له وبه، والتشديد ومطة المد ودارة المزيد التي تدل على أنّ الحرف زائد لا ينطق به، والواو والياء المحذوفتان في الخطّ العثماني الأول، ونقطة الروم والاشمام والاختلاس والامالة كل ذلك بالحبر الأحمر، وقد قال الخرّاز في ذلك في نظمه :
وكل ما ذكرت من تنوين... أو حركات أو من السكون
والقلب للباء وما للهاء... من صلة واو أو من ياء
ونحو يدع الداع والتشديد... ومطة ودارة المزيد
ونقط تأمنا وما يشم... مع الذي اختلسته فالحكم
أن يكتب الجميع بالحمراء... هذا تمام الضبط والهجاء
وقال في همزة الوصل في الابتداء وكونها بالخضراء :
ووضع ضبط الابتداء... نقط كوضع الشكل بالخضراء
أمامه إذا بضم ابتدأنا... وفوق أن فتح وتحت إن كسرنا
وقال في الهمزة المحققة تكتب بالحبر الأصفر :
فضبط ما حققته بالصفراء... نقطة وما سهل بالحمراء
وقد سار السودانيون وفق هذه القواعد فكانت المصاحف خاصة الفحول منها تكتب بهذه الألوان الأربعة، وفي المصاحف العامة يرخصون في ذلك فيكتبون كلمات القرآن بالحبر الأسود، وما سوى ذلك من الهمزات والحركات وغيرها بالحبر الأحمر، وفي بعض المصاحف تكتب الحركات بالحبر الأسود مع لون كلمات القرآن وغير ذلك بالحبر الأحمر.
وسوف أقف في المباحث التالية على بعض القواعد التي التزمها قراء السودان في كتابتهم للمصاحف السودانية برواية الدوري عن أبي عمرو في رسمهم القرآن وتنحصر هذه المباحث فيما يلي:
المبحث الأول
عدم ترجيحهم لأي مذهب من مذاهب الرسم

لم يتقيد السودانيون بترجيح مذهب أبي داوود سليمان بن نجاح عند اختلافه مع الحافظ أبي عمرو الداني كما فعلت اللجنة التي طبعت المصحف المطبوع بأمر الملك فؤاد سنة ١٣٣٧هـ والمصاحف التي أعيد طبعها من بعد بل كان مذهبهم في ذلك لما عليه القول الراجح، ولذلك تراهم أحياناً يختارون مذهب الحافظ الداني، وأحياناً يختارون مذهب أبي داوود سليمان بن نجاح فمن اختيارهم لمذهب الداني مثلاً :
[١] اثباتهم للألف في الأسماء الآتية وهي : إسرائيل وهاروت وماروت وقارون، قال الشيخ الضباع :( إسرائيل وهاروت وماروت وقارون اختلفت المصاحف فيهن، وأختار أبو داوود الحذف وشهّر الداني الاثبات، وألحق بهن بعض المتأخرين بابل والياس والياسين والعمل على الحذف في إسرائيل وأخواته، وعلى الاثبات في بابل وأخواته (١). وقال الداني بعد حديثة عن كلمة (داوود) واتفاق المصاحف على إثبات إلفها، قال : وكذلك إسرائيل رسم بالألف أيضاً في أكثر المصاحف، لأنه قد حذفت منه الياء التي هي صورة للهمزة، وقد وجدت ذلك في بعض المصاحف المدنية والعراقية القديمة بغير ألف وإثباتها أكثر (٢).
وقد رسمت الألف في كلمة إسرائيل وأخواتها في مصاحفنا السودانية تبعاً لقول الداني، وقد حذفت منها الألف في مصحف الدوري الذي طبعته وزارة الشئون الدينية والأوقاف، وقد حذفت في مصحف حفص وذلك لأنّ اللجنة التي قامت بطبع المصحف كانت ترجح قول أبي داوود على الداني عند اختلافهما كما أنّ هذه الألف في كلمة إسرائيل ثبتت ولم تحذف في مصحف ورش المطبوع.
(١) علي محمد الضباع – سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين ص ٣٨.
(٢) عثمان بن سعيد الداني ( أبو عمرو ) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار تحقيق محمد أحمد دهمان مكتبة الدراسات الإسلامية.

[٢] من ترجيحهم لمذهب الداني على مذهب أبي داوود اثباتهم للألف في كلمة (١). في سورة التوبة، قال الشيخ عبد الرحمن الأغبش: والظاهر من كلام الحافظ ترجيح زيادة الألف، أمّا أبو داوود فالراجح عنده عدم زيادة الألف، قلت : والظاهر ترجيح الداني وعليه العمل (٢). قال الداني بسنده إلى عاصم الجحدري قال : في الإمام :( ولا أوضعوا ) في التوبة و (لا أذبحنه) في النمل بزيادة الألف (٣). وقال نصير اختلفت المصاحف في الذي في التوبة واتفقت على الذي في النمل وحدثت عن قاسم بن أصبع قال : حدثنا عبد الله ابن مسلم بن قتيبة قالوا كتبوا في المصحف :( ولا أوضعوا ) و (لا أذبحنه) بزيادة الألف. قال الضباع اتفق الشيخان على زيادة ألف بعد اللام ألف في (أو لا أذبحنه ) بالنمل وعلى جواز حذف الألف وإثباتها بعد اللام ألف في (لا أوضعوا ) في التوبة، واختار أبو داوود الحذف ونقل أبو داوود أيضاً عن بعض المصاحف المدنية زيادة ألف بعد الجيم في (٤). بالزمر، و بالفجر (٥). وبعد اللام في (٦). في الأحزاب و في الحشر (٧). و (٨). في آل عمران والصافات لكنه اختار حذفها وعليه العمل (٩). في لأنتم ولأتوها ولإلى معا، وأما ( جاْئ ) معا فبالألف وتبعه الشاطبي على ذكر الخلاف في وجاْئ معا، ولا إلى معا فهما من زيادات العقيلة على المقنع (١٠).
(١) آية رقم ٤٧.
(٢) عبد الرحمن الاغبش عمدة البيان ص ١٣٥.
(٣) آية رقم ٢١.
(٤) آية رقم ٦٩.
(٥) آية رقم ٢٣
(٦) آية رقم ١٤
(٧) آية رقم ١٣
(٨) في آل عمران الآية رقم ١٥٣ وفي الصافات آية رقم ٦٨.
(٩) وفي المصحف المطبوع برواية حفص.
(١٠) علي محمد الضباع سمير الطالبين ص ٧٣.

وقد وجد رسم هذه الكلمات وضبطها اعتناء علماء السودان في ذلك الوقت، وقد كتبت في مصاحفنا السودانية بالألف في الجميع، كما علل الشيخ يوسف إبراهيم النور ثبوت الألف وزيادتها في هذه الكلمات في مصاحفنا السودانية عملا بقول الدنفاسي (١).
خذ لا إلى جملة القرآن في سورة اليقطين والعمران
فاكتبه بالهمز بعد اللام دبّر كلامي واستمع نظامي
وقال الهندي في نظمه الفوائد في علل الهمز والزوائد ذاكراً العلل لزيادة هذه الألف بعد اللام ألف مشيراً إلى ثبوت زيادتها في المصاحف السودانية بعد أن تحدث عن زيادة الألف في ( لا اذبحنه ) بسورة النمل قال :
ثم لا إلى الجحيم في النظام عللها تأتيك بالتمام
فالألف المنفصل المزادة مخصوصة بدارة الزيادة
أو دلالة على الاشباع أو حركة للهمزة بلا نزاع
ثم الهمزة تكون تحت اللام والدارة على المنفصل بلا إبهام
وإن جعلت الهمزة يا مريد تحت الألف المنفصل الفريد
فاجعل دارة المزيد بذي النظام على الألف المتصل باللام
تقوية للهمزة بلا نزاع أو دلالة للام على الاشباع (٢)
وقد كتبت في مصاحفنا السودانية هذه الكلمات بثبوت الألف بعد اللام ألف وهي :( لا أوضعوا التوبة، لا إلى الله تحشرون آل عمران، لا إلى الجحيم الصافات، لا أتوها الأحزاب، ولا أنتم أشد في الحشر )
كما وضعت عليها الدارة التي تدل على زيادتها، وحذفت هذه الألف منها في مصحف حفص المطبوع ترجيحاً لقول أبي داوود، كما رسمت أيضاً بحذف الألف في مصحف ورش المطبوع الليبي قال الشاطبي في العقيلة : لا اذبحن وعن خلف معا لا إلى..........................................................
ومع خلاف وزاد اللام ألف ألفاً لا أوضعوا جلهم وأجمعوا زمرا
(١) يوسف ابراهيم النور مع المصاحف ص ٤٧.
(٢) محمد الأمين الهندي الفوائد في علل الهمز والزوائد ص ٣.

قال ابن القاصح في شرحه. أخبر أنّ جلّ المصاحف أي أكثرها رسم فيها قوله تعالى :( لا أوضعوا ) في سورة براءة بزيادة ألف بعد الألف المعانقة للام فصار بعد اللام ألفان، وقيل : إن الألف إنّما زيدت بعد الهمزة صورة لحركتها لأنّهم لم يكونوا أهل شكل فصوروا الفتح ألفاً قوله : وأجمعوا زمراً لا أذبحن. أخبر أنّ المصاحف اجتمعت على رسم قوله تعالى ( لا اذبحن ) في سورة النمل بزيادة ألف مفردة بعد الألف المعانقة للام، وعن خلف معا ( لا إلى ) أخبر أنّ المصاحف اختلفت في رسم قوله تعالى ( لا إلى الله ) في سورة آل عمران، وفي قوله تعالى ( لا إلى الجحيم ) في سورة الصافات، لأجل ذلك قال معا فهذا معنى قوله : وعن خلف، فرسم في بعض المصاحف بزيادة الألف مفردة بعد اللام ألف المعانقة للام وفي بعض المصاحف بدونها.
[٣] ومن ترجيحهم لقول الحافظ الداني على قول أبي داوود اثباتهم للألف بعد الهاء في كلمة ( هامان) قال الضباع : هامان يحذف الألف التي بعد ميمه عنهما. وأما التي بعد هائه فحذفها مختار عند أبي داوود، وقليل عند الداني ورواه الغازي عن العراقية (١).
وقد ثبت الألف الأول الذي بعد الهاء في مصاحفنا السودانية عملاً بقول الداني وحذف في مصحف حفص عملا بقول أبي داوود، وثبت في المصحف المطبوع برواية ورش. ولهذا فإن ثبوت الألف الأول من هامان عملا بقول الداني، وأيضاً تبعا لما عليه مصاحف العراق التي روى عنها الغازي بن قيس.
وإذا كان ما ذكرناه هنا من الأمثلة دليلاً على اختيارهم لمذهب الحافظ الداني في الرسم، فإنّهم كذلك اختاروا مذهب أبي داوود في رسم بعض الكلمات مرجحين في ذلك قوله على ما ذهب إليه الداني في المقنع، ومن أمثلة ذلك :
(١) علي محمد الضباع – سمير الطالبين ص ٣٨.

[١] حذفوا الألف في مصاحفنا الخطية من كلمة ( طغيان ) وكلمة (أموات) وهما عند الداني باثبات الألف وعند أبي داوود بحذفهما قال الشيخ عبد الرحمن الأغبش بعد حديثه عن مذاهب الرسام في بعض الأسماء الأعجمية: ثم عطف على الحذف كلمتان اختص بحذفهما أبو داوود فقال : وطغيان بتقدير واوا العطف والمعنى من كلامه أنّ طغيان بالحذف لأبي داوود كما سيأتي، وأتى به منكرا ليدخل تحته المعرف ولم يأت في هذه السورة إلاّ معرفاً، وهو قوله تعالى :(١). وأما طغيان عند الداني فثابت، لأنه من وزن فعلان، وكذلك وأموات بتقدير واو العطف، فإنّه بالحذف سواء كان معرفا مثل الأموات، أو منكراً نحو وكنتم أمواتا وسواء كان منصوباً أو مرفوعاً، وحذف الألف من هذين الكلمتين لابن نجاح، ولهذا قال كذا الكاف للتشبيه والذال للإشارة أي كذا ورد حذفهما لابن نجاح، وإنما خصّ ابن نجاح بالذكر، لأنّ الداني ألف طغيان عنده ثابت، لأنه على وزن فعلان، أمّا ألف أموات فلم يذكره الداني البتة لا بتعريض ولا بتصريح، فهذا من جملة المسكوت عنه عند الناظم فيكون عند الداني ثابت الألف (٢).
[٢] من اختيارهم لمذهب أبي داوود سليمان بن نجاح وترجيحه على مذهب الداني حذفهم الألف في مصاحفنا السودانية من كلمة ( برهان )، قال الأغبش : حذف أبو داوود لفظ البرهان والألف واللام فيه لاستغراق الجنس وهو محذوف كله سواء كان معرفاً أو منكرا نحو قوله تعالى :(٣) في البقرة والمنكر في سورة المؤمنون (٤). وأما عند الداني برهان من وزن فعلان فهو ثابت الألف عنده (٥).
(١) آية رقم ١٥ سورة البقرة
(٢) عبد الرحمن الأغبش – عمدة البيان ص ٨٥.
(٣) آية رقم ١١.
(٤) آية رقم ١١٧.
(٥) المرجع السابق ص ٨٧.

[٣] ومن ترجيحهم لمذهب أبي داوود على مذهب الداني حذفهم للألف من كلمة ( عداوة ) فألفها محذوفة عند أبي داوود غير الأولى وثابت في جميع ما ورد من هذا اللفظ عند الداني وسارت مصاحفنا السودانية في رسم هذه الكلمة على مذهب أبي داوود، فحذف الألف في جميع اللفظ سوى الأولى وهي في سورة المائدة قوله تعالى :(١). قال الأغبش في حديثه عن الحذف والإثبات في هذه الكلمة عند قول صاحب المورد: وغير الأولى وارد لابن نجاح.
يعني أن ابن نجاح أطلق الحذف في عداوة غير الأولى وسكت عن الأولى فهي ثابته عنده على الأصل، وأراد بالأولى قوله تعالى في المائدة : وأما عند الداني فهو ساكت عن لفظ عداوة كله فيفهم من سكوته الاثبات في جميعها (٢).
وعلى هذا النهج وهو أخذهم لمذهب الشيخين في رسمهم القرآن دون ترجيح لقول أحدهما على الأخر ساروا في كتابتهم للقرآن في مصاحفنا السودانية، فجمعوا بذلك ما عليه القول الراجح عند كل منهما واثبتوه في مصاحفهم.
المبحث الثاني
اختيارهم للقول الراجح عند أئمة الرسم
اختار كتاب المصاحف السودانية ما عليه القول الراجح والمشهور عند أئمة الرسم وساروا على ذلك في رسمهم لكلمات القرآن، وتمشياً لاختيارهم للقول الراجح تراهم إذا تكلم أحد الشيخين عن الحذف أو الإثبات في كلمة وسكت الآخر يأخذون بقول المتكلم باعتباره نصا في ذلك، ويتركون قول الساكت عن الحذف أو الإثبات في ذات الكلمة، وخير مثال على ذلك اثباتهم للألف في كلمة ( أذاقها ) في قوله تعالى في سورة النحل (٣). وذلك تبعا للقول الراجح، قال الأغبش عند شرحه لقول صاحب المورد : حذف أذاقها بنص النحل.
(١) آية رقم ١٤.
(٢) عبد الرحمن الإبش – عمدة البيان ص ١١٤.
(٣) آية رقم ١٢٢

قال ابن نحاج : ولم أروه عن غيره، قلت : والراجح فيها الإثبات (١). وقال المارغني : عن أبي داوود أيضاً بحذف ألف أذاقها في سورة النحل، عن عطاء المذكور، قال أبو داوود، ولم أروه عن غيره وشهّر بعضهم اثبات الألف وعليه العمل (٢).
فقد ثبت الألف في كلمة أذاقها في مصاحفنا السودانية، وثبتت أيضاً في مصحف ورش المطبوع وذلك تبعا للقول الراجح الذي رويناه عن الأغبش والمارغني، وحذف الألف من هذه الكلمة في مصحف حفص وذلك عملا بقول أبي داوود الذي رجحته تلك اللجنة على غيره عند الاختلاف مع الداني.
من أمثلة اختيارهم لقول المتكلم باعتباره نصا في المسألة، وتركهم لقول الساكت رسمهم لكلمة (٣). بسورة القيامة بحذف الألف تبعا لقول أبي داوود الذي عمم الحذف في هذه الكلمة إذا كانت مقرونة بالباء وقد سكت الداني عن الحديث في سورة القيامة وما يسكت عنه فهو بالاثبات وقد رسمت كلمة في هذه السورة بحذف الألف قال الأغبش عند شرحه لقوله الخرازي :
وحيث ما بقادر بالباء... لابن نجاح باستيفاء
والحاصل أن بقادر بالباء في ثلاثة مواضع في سورة يس والأحقاف والقيامة وأما التي في يس والأحقاف فقد اتفق الشيخان على حذفها وانفرد أبو داوود بحذف التي في القيامة وسكت عنها الداني، ومفهوم قول الناظم بالباء : أِن قادر بغير باء ثابت فيه الألف لها، لأنّه عند الداني من وزن فاعل وعند ابن نجاح الحذف مقيد بالباء (٤). وقد رسمت هذه الكلمة في مصحف حفص بحذف الألف تبعا لقول الداني، وفي ذلك اتفاق مع مصاحفنا السودانية برواية الدوري، وحذفت منها الألف أيضاً في مصحف ورش الليبي.
المبحث الثالث
اتباعهم لمصاحف أهل المدينة
(١) المرجع السابق ص ١٢١
(٢) ابراهيم احمد المارغني دليل الجيران ص ١٥٨.
(٣) آية رقم ٤٠.
(٤) عبد الرحمن الأغبش – عمدة البيان ص ١٣٥.

ذكرنا من قبل أنّ السودانيين أخذوا هجاء مصاحفهم بما عليه رسم القرآن في المصاحف العراقية وذلك مما رواه علماء الرسم عن المصحف الذي بعث به سيدنا عثمان بن عفان إلى البصرة، وعن المصاحف المنتسخة منه لكن بالمراجعة والتدقيق، وجدت بعض الكلمات رسمت في مصاحفنا السودانية بما عليه رسمها في مصاحف المدينة وخالف السودانيون في رسمهم بهذه الكلمات ما عليه مصاحف العراق وهذه الكلمات تنحصر فيما يلي :
[١] كلمة إبراهيم :
رسمت هذه الكلمة بثبوت الياء في سورة البقرة في جميع مصاحفنا السودانية وهي بحذف الياء في هذه السورة تبعا لما عليه رسمها في المصاحف العراقية التي أخذ السودانيون هجاء مصاحفهم على رسمها، قال الداني :( كتبوا في سورة البقرة إلى أخرها في بعض المصاحف ( إبراهيم ) بغير ياء، وفي بعضها بالياء قال أبو عمرو بغير الياء وجدت أنا ذلك في مصاحف أهل العراق في البقرة خاصة، وكذلك رسم في مصاحف أهل الشام وقال معلي بن عيسى الوراق عن عاصم الجحدري :( إبراهيم ) في البقرة بغير ياء كذلك وجد في الإمام، وقال بسنده إلى أبي عبيد : قال تتبعت رسمه في المصاحف فوجدته كتب في البقرة خاصة ( إبراهيم ) بغير ياء (١). وقال الشاطبي في العقيلة :-
والحذف في ياء بإبراهيم قيل هنا شام عراق ونهم العرق ما انتشرا
(١) أبو عمرو الداني المقنع ص ٩٢.

قال ابن القاصح في شرحه لهذا البيت : أخبر أن الياء من إبراهيم حذفها من الرسم الشامي والكوفي والبصري في كلها في البقرة المشار إليها بقوله هنا وهو خمسة عشر موضعاً وثبت في الرسم المدني والمكي، والإمام، وقال نصير: كتبوا إبراهيم في كل القرآن بالياء وفي البقرة بغير ياء (١). قال الضباع : وحذفت الياء من إبراهيم كل ما في البقرة في الشامية والعراقية واثبتت في المدنية والمكي والإمام (٢).
فقد ثبت بما ذكرناه عن رسم هذه الكلمة حذف الياء منها في المصاحف العراقية وثبوتها في المدنية والمكي والإمام ومخالفة السودانيين مصاحف العراق واتباعهم لمصاحف المدينة، خاصة التي كان القرآن قد انتشر برسمها في المغرب الإسلامي على رواية ورش وقالون عن نافع المدني، إذ كان يقرأ بهذه القراءة في المغرب الإسلامي عند تدفق الهجرات العربية إلى السودان وإلى اليوم وذلك أيضاً لأخذ السودانيين بما عليه مذهب المغاربة عامة في رسمهم وضبطهم للقرآن
ويذكر الشيخ يوسف ابراهيم النور رحمه الله سبباً آخر لثبوت هذه الياء في كلمة ابراهيم في سورة البقرة في مصاحفنا السودانية حيث يقول : وبالأسف فإن مصاحفنا السودانية وهي على رواية الدوري عن أبي عمرو لم تكن بالدّقة المطلوبة في هذا المقام فقد كُتبت فيها هذه المواضع كلها بالياء وفاقا لقراءة أبي عمرو لها بالياء، ولكنها خالفت الرسم العراقي والسبب في ذلك خطأ مصاحفنا على ما أظن أنّ السودانيين يعتمدون في الرسم والضبط على تحقيقات الشيخ عبد الرحمن الأغبش في شروحه لمورد الظمآن وضبط الخرازي :
وليس في مورد الظمآن ذكر لحذف ياء إبراهيم لأن النظم على قراءة نافع، ونافع ومصحفه المدني العام يثبتان الياء وقد قال الخرازي في نظمه
وفق قراءة أبي رويم... المدني ابن أبي نعيم
(١) على بن عثمان بن القاصح تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد ص ٢٢
(٢) علي محمد الضباع – سمير الطالبين ص ٦٧.

ثم يضيف قائلاً :( ومن المؤكد أنّ الشيخ عبد الرحمن الأغبش وقد توفى في القرن الحادي عشر الهجري لم يطلع على كتاب الإعلان لابن عاشر الذي ألّفه سنة ١٢٩٦هـ أي في آخر القرن الثالث عشر الهجري، وكتاب الإعلان كتاب جيد في اختلاف المصاحف العثمانية قال في خطبته :
بحمد ربه ابتدأ ابن عاشر مصليا على النبي الحاشر
هاك زوائد لمورد تفي بالسبع معه خلاف المصحف
المدني والمكي والإمام والكوفي والبصري والشام
فارسم لك قارئ منها بما وافقه إن كان مما لزما
إلى أن يقول : فكتاب الاعلان ذيل لمورد الظمآن للخراز الذي فيه خلاف المصاحف الخمسة الباقية بعد مصحف المدينة العام، لأن مورد الظمآن اقتصر على مصحف المدينة العام (١).
(١) يوسف إبراهيم النور مع المصاحف ص ٤٢ / ٤٣.

وقول الشيخ يوسف هنا عن عدم اطلاع الشيخ عبد الرحمن الأغبش على كتاب الإعلان لابن عاشر ووفاة ابن عاشر في سنة ١٢٩٦هـ ليس بصحيح كذلك وفاة الشيخ عبد الرحمن الأغبش في القرن الحادي عشر الهجري والصحيح أنّ الشيخ عبد الرحمن الأغبش قد اطلع على مؤلفات ابن عاشر خاصة في شرحه على مورد الظمآن واعتبره من مصادره في كتابه عمدة البيان في رسم القرآن وكثيراً ما كان يحيل القارئ إلى شرح ابن عاشر هذا على المورد، وقد ذكرنا ذلك من قبل في حديثنا عن مصادر الشيخ عبد الرحمن الأغبش في كتابه عمدة البيان، كما أن ابن عاشر توفي في سنة ١٠٤١هـ أي في القرن الحادي العشر الهجري ولم يتوف في سنة ١٢٩٦هـ كما ذكر الشيخ يوسف، كما أن الشيخ عبد الرحمن الأغبش عاش إلى القرن الثاني عشر الهجري وألّف كتابه مصباح الدجا في الضبط في سنة (١١٠٣هـ ) وكتابه عمدة البيان في سنة (١١٦٣هـ) ولم يتوف في القرن الحادي عشر الهجري كما ذكر فضيلة الشيخ يوسف رحمه الله. وبذلك يتضح أنّ الشيخ عبد الرحمن الأغبش على العلم بمؤلفات ابن عاشر في الرسم بدليل ذكرها والاستشهاد بها في غير موضع في مؤلفاته وإحالة القارئ إليها كثيراً للتوسع فيما يذكره مختصراً في كتابه عمدة البيان خاصة إذ ذكر في مقدمته أنّه تلخيص لأمهات المصادر في كتب الرسم.
هذا وقد ثبتت الياء في كلمة إبراهيم في سورة البقرة في مصحف ورش تبعاً لمصاحف المدينة، وحذفت هذه الياء من مصحف الدوري الذي قامت بطبعه وزارة الشئون الدينية سابقاً وفي مصحف حفص المطبوع أيضاً محذوفة تبعا لمصاحف العراق.
[٢] كلمة يا عبادي:

من قوله تعالى ( يا عبادي لا خوف عليكم ) (١). في سورة الزخرف رسمت بالياء في مصاحفنا السودانية ورسمت أيضاً بالياء في مصحف الدوري في مصاحفنا السودانية ورسمت أيضاً بالياء في مصحف الدوري المطبوع ومصحف ورش تبعا لمصاحف المدينة ورسمت بحذف الياء في مصحف حفص تبعا للمصاحف العراقية. ولما كانت مصاحفنا السودانية المخطوطة كتبت لما عليه مصاحف العراق، كان الأولى أن تكتب فيها بحذف الياء تبعا للمصاحف العراقية ولكن نجد أنّ أبا عمرو قرأها بالياء أخذا عن شيوخه المدنيين وكذلك رآها في مصاحفهم ولذلك يجوز رسمها بالياء طالما أنّ قارئها أثبت الياء في قراءته لها وذلك يجوز عند علماء الرسم بشرط أن لا تجتمع في قراءته لها المصاحف على خلافه قال ابن عاشر في الإعلان :
فارسم لكل قارئ منها بما وافقه إن كان مما لزما
أو بمخالفة خلافا اغتفر وكن في الإجماع من الخلف حذر
ومعنى هذا أنّ الرسم لكل قارئ يوافق قراءته بشرط أن لا تجتمع المصاحف على خلافه، قال الداني : واختلفت المصاحف في حرف الزخرف ( يا عبادي لا خوف عليكم ) فهو في مصاحف أهل المدينة بياء في مصاحفنا يعني مصاحف أهل العراق بغير ياء، ثم قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا محمد بن قطن قال : حدثنا أبو خلاد قال : حدثنا اليزيدي عن أبي عمرو أنّه رأى ذلك في مصاحف أهل المدينة والحجاز بالياء قال اليزيدي : وهي في مصاحفنا بغير ياء (٢).
(١) آية رقم ٦٨
(٢) أبو عمرو الداني المقنع ص ٣٤

قال الضباع : واختلفت المصاحف في يا عباد بالزخرف فرسم في العراقية بدون ياء ولعله في المكية كذلك ولكن لا نص، وقرأها أبو عمرو بالياء، قال الداني : إنّ القراء كثيراً ما يخالفون مرسوم مصحفهم، ألا ترى أنّ أبا عمرو قرأ يا عبادي لا خوف عليكم بالزخرف بالياء وهو في مصاحف أهل البصرة بغير ياء، فسئل عن ذلك فقال : إني رأيته في مصاحف أهل المدينة بالياء فترك ما في مصاحف أهل بلده واتبع في ذلك مصحف المدينة (١).
[٣] كلمة جايء بسورة الفجر والزمر:
وهي في قوله تعالى في سورة الزمر (٢). وفي سورة الفجر (٣). فقد رسمت كلمة جايء بزيادة ألف بعد الجيم في مصاحفنا الخطية، وكذلك في مصحف حفص المطبوع ومصحف ورش فزيادة الألف في مصاحفنا في هذه الكلمة تبعا للمصاحف المدنية، أما في المصاحف العراقية فلم ترسم هذه الكلمة فيها بزيادة الألف قال الداني : وفي مصاحف بلدنا القديمة المتبع في رسمها مصاحف أهل المدينة (وجايء بالنبيين) في الزمر و( جائ يومئذ بجهنم ) في الفجر بألف زائدة بين الجيم والياء وفيها أيضاً في آل عمران ( لا إلى الله تحشرون ) وفي الصافات ( لا إلى الجحيم ) بزيادة ألف ولم أجد أنا ذلك كذلك مرسوماً في شئ من مصاحف أهل العراق القديمة (٤). قال الشاطبي في العقيلة :
وجئ أندلس تزيده ألفاً معا وبالمدني رسما عنوا سيرا
(١) علي محمد الضباع – سمير الطالبين
(٢) آية رقم ٢٩.
(٣) آية رقم ٢٣
(٤) عثمان بن سعيد الداني ( أبو عمرو ) المحكم في نقط المصاحف تحقيق الدكتور عزة الحسن دمشق ١٣٧٩هـ ١٩٦٠م مطبوعات مديرية احياء التراث القديم ص ١٧٥/ ١٧٦.

قال ابن القاصح في شرح هذا البيت : زاد الأندلسيون فيهما ألفاً بين الجيم والياء في مصاحفهم واعتمادهم فيها على المصحف المدني وهاتان الكلمتان لم يتكلم عليهما الداني في المقنع ولذا اعتبرت هذه من زيادات العقيلة على المقنع (١).
ومن هذا يتضح أنّ رسم هذه الكلمة في مصاحفنا السودانية فيه مخالفة للرسم العراقي الذي رسمت مصاحفنا على هجائه، وفيه أيضاً يتضح تأثر مصاحفنا السودانية الواضح بما عليه مذهب المغاربة والأندلسيين في رسمهم للقرآن، إذ كانت زيادة الألف في هذه الكلمة في مصاحف الأندلس نقلا عن المصاحف المدنية التي يقرأ بها على قراءة نافع في المغرب الإسلامي وهذا يرجح أنّ قراءة أبي عمرو انتقلت إلى السودان عن طريق المغرب الإسلامي نقلها أولئك النفر الذين دخلوا السودان عند تدفق الهجرات العربية إلى السودان.
أما زيادة الألف في هذه الكلمة فهي تبعا لمذهب أبي داوود، قال الشيخ الضباع : نقل أبو داوود أيضاً عن بعض المصاحف المدنية زيادة ألف بعد الجيم في ( وجائ بالنبيين ) بالزمر ( وجائ يومئذ بجهنم ) بالفجر. قال صاحب المورد:
وابن نجاح نقلا... جائ لا أنتم لا أتوها لا إلى
(١) علي بن عثمان بن القاصح – تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد ص ٩٢.

[٤] ومما خالفت فيه مصاحفنا السودانية المصاحف العراقية كلمة (المنشئات ) بسورة الرحمن في قوله تعالى (١). فقد رسمت هذه الكلمة في مصاحفنا السودانية بالألف، خلافاً لما عليه رسمها في مصاحف العراق فقد رسمت فيها بالياء قال الداني : ووجدت في مصاحف أهل العراق ( المنشئت ) في الرحمن بالياء من غير الألف وكذلك رسمه الغازي ابن قيس في كتابه وذلك على قراءة من كسر الشين كأنهم لما حذفوا الألف أثبتوا الياء (٢). قال الضباع :( المنشئات ) في الرحمن ذكر الغازي أنه في بعض العراقية بالياء من غير ألف وفي أكثر المصاحف بالألف (٣). قال الشاطبي في حرز الأماني :
وفي المنشئات الشين بالكسر... فاحملا صحيحا بخلف
قال ابن القاصح في شرحه لهذا البيت : أخبر أن المشار إليه بالفاء والصاد من قوله فاحملا صحيحا، وهما حمزة وشعبة قرأا ( وله الجوار المنشئات ) بكسر الشين ثم قال : بخلف أي عن شعبة فتعين للباقين القراءة بفتح الشين وهو الوجه الثاني لشعبة (٤).
قال الشيخ يوسف ابراهيم النور في حديثه عن رسم هذه الكلمة : أما مصحف حفص المطبوع، فقد خالف المصحف العراقي وهو مصحفه لأنّه كتب فيه بالياء وخالف بقية المصاحف التي لا تكتب بالياء ولا ألف فكتب فيه بالألف، ولا أدري لم صنعت لجنة مصحف الملك ذلك ومثله في ذلك مصاحفنا السودانية، أما مصحف ورش فقد أصاب حين لم يكتب بالياء (٥).
(١) آية رقم ٢٤
(٢) أبو عمرو الداني المقنع ص ٥٠
(٣) علي محمد الضباع – سمير الطالبين ص ١٠٥.
(٤) على بن عثمان القاصح – سراج القارئ المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي ص ٢٦٢.
(٥) يوسف ابراهيم النور – مع المصاحف ص ٦٥

وأقول : إن رسم هذه الكلمة بالألف في مصاحفنا السودانية ومصحف حفص المطبوع تبعا لما قاله ونقله الغازي بن قيس عن المصاحف حيث قال : إنّه في بعض العراقية بالياء من غير ألف وفي أكثر المصاحف بالألف إضافة لذلك قوله : وفي أكثر المصاحف بالألف فكتابة هذه الكلمة في مصاحفنا السودانية ومصحف حفص روعي في رسمها ما عليه بعض مصاحف أهل العراق وأكثر المصاحف التي رسمتها بالألف ولم يخالف السودانيون في ذلك كل المصاحف العراقية.
المبحث الرابع
مخالفتهم في المصاحف السودانية للرسم العثماني
هنالك بعض الكلمات خالف فيها السودانيون في رسمها الرسم العثماني ورسمت في مصاحفنا السودانية على وفق قراءتها وقد منع ذلك الأئمة إذ يجوز عندهم أن ترسم لك قارئ قراءته بشرط ألاّ تجمع المصاحف على خلافه، وقد اجتمعت المصاحف على مخالفة ذلك إلاّ ما سنذكره من هذه الكلمات في سورة طه في قوله تعالى (١). فقد رسمت في مصاحفنا السودانية بالياء في ( هذان ) على وفق قراءتهما عند أبي عمرو إذ قراها بالياء على أنّها اسم إنّ فقرأ ( إنّ هذين لساحران ) ويؤكد الشريف الهندي في مؤلفه مقدمة الأحكام رسمها بالياء الكحلاء وفقا لقراءة البصري إذ يقول :
وإنّ هذين يا زكي... ياؤها بالكحلاء للبصري
قال الضباع : قرأ حفص ( إن هذان ) بإسكان نون إن وتخفيف نون هذان مع ألف قبلها وابن كثير بإسكان نون إن أيضاً وهذان بالألف وتشديد النون ولابد من الاشباع للساكنين وأبو عمرو بتشديد نون إنّ وهذين بياء ساكنة مكان الألف وتخفيف النون والباقون بتشديد نون إنّ وهذان بالألف وتخفيف النون (٢).
(١) آية رقم ٦٣
(٢) علي محمد الضباع ارشاد المريد إلى مقصود القصيد شرح الشاطبية مكتبة ومطبعة محمد علي صيح وأولاده ١٣٨١هـ / ١٩٦١م / ص ٢٧٤

هذه القراءات أما الرسم فقد اتفقت المصاحف على حذف الألف من هذان وكذلك رسم محذوفاً في المصحف المطبوع برواية حفص ومصحف ورش، قال الداني بسنده إلى أبي عبيد القاسم بن سلام قال : رأيت في الإمام مصحف عثمان بن عفان استخرج لي من بعض خزائن الأمراء، ورأيت فيه أثر دمه إلى أن قال : وفي طه ( إنّ هذان ) (١). قال في إتحاف فضلاء البشر : وقرأ أبوعمرو أِنّ بتشديد النون وهذين بالياء مع تخفيف النون، وهذه القراءة واضحة من حيث الإعراب والمعنى لأنّ هذين اسم نصب بالياء وساحران خبرها ودخلت اللام للتأكيد ولكن استشكلت من حيث خط المصحف وذلك أِن هذين رسم بغير ألف ولا ياء ( هذن ) في جميع المصاحف قال ولا يرد هذا على أبي عمرو، وما جاء في الرسم مما هو خارج عن القياس مع صحة القراءة به وتواترها وحيث ثبت تواتر القراءة فلا يلتفت لطعن طاعن فيها (٢).
وموافقة الرسم العثماني شرط من شروط القراءة الصحيحة كما قال ابن الجزري في طيبة النشر :
وكل ما وافق وجه النحو و كان للرسم احتمالا يحوى
وصح اسنادا هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان
وحيثما يختل ركن أثبت شذوذه لو أنّه في السبعة
وقال في النشر : فلو لم تكن القراءة موافقة لمصحف من المصاحف العثمانية كانت شاذة لمخالفة الرسم المجمع عليه (٣).
ومن هذا يتضح مخالفة مصاحفنا السودانية في رسم هذه الكلمة ما عليه رسمها في المصاحف العثمانية وهذا لا يجوز لمخالفته إجماع المصاحف، وقد راعت اللجنة التي قامت بطبع مصحف الدوري هذا الخطأ ورسمت هذه الكلمة في المصحف بحذف الياء وألحقت في محلها ياء صغيرة دليلاً على الحاقها في هذا المحل.
(١) ابوعمرو الداني المقنع ص ١٥
(٢) محمد بن أحمد الدمياطي اتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر
(٣) ابن الجزري النشر في القراءات العشر ج ١ ص ١١

من هذه الكلمات التي رسمها السودانيون على قراءتها مخالفين بذلك ما عليه رسمها في المصاحف العثمانية على أشهر الأقوال التي أخذ بها أئمة الرسم كلمة ( وأكون ) بسورة المنافقون في قوله تعالى :(١). فقد رسمت هذه الكلمة بحذف الواو في المصاحف العثمانية على ما نقله الحاقاني، قال الداني : حدثنا الحاقاني قال : حدثنا أحمد، حدثنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : رأيت في الأمام مصحف عثمان ( وأكن من الصالحين ) بحذف الواو واتفقت المصاحف بذلك فلم تختلف. قال الحلواني أحمد ابن زيد عن خالد بن خداش قال : قرأت في إمام عثمان ( وأكون ) بالواو وقال : رأيت المصحف ممتلئا دما وأكثره في النجم (٢). قال الضباع نقلاً عن الجعبري وقد تعارض نقل هذين العدلين ويحتمل أن يكون أحدهما رآه بعد دثور الواو (٣).
أقول لعل السودانيين قد تبعوا في ذلك قول الحلواني وروايته في هذا المحل، فيكون رسمها بالواو في مصاحفهم ليس فيه مخالفة للرسم العثماني، فرسمهم لها بالواو وافق أحد المصاحف العثمانية وهذا مما أجازه أئمة الرسم العمل به موافقة للقراءة السبعية طالما ورد رسمها في أحد المصاحف العثمانية، وذلك فيما نقله الحلواني عن الإمام مصحف عثمان وحديث الجعبري عن نقل الحلواني هذا يعضد ذلك ويجيز الرسم به، طالما نقله الثقة عن الإمام مصحف عثمان.
وقد تكلم عن رسم هذه الكلمة الشريف محمد الأمين الهندي، حيث وصف رسم هذه الكلمة بالواو على رواية البصري هو المذهب المختار عند أئمة المغاربة من الرسام، وذكر أنّ رسمها بحذف الواو هو الذي جرى عليه العمل لكن ثبوت الواو فيها رسما هو الراجح قال الهندي :
وأكون رسمها بالواو... عن الإمام المازني الراوى
ورسمها بالواو قل مختار... عن كل المغاربة الأخيار
لكن حذفها جرى به العمل... والراجح الاثبات والحذف أقل
(١) آية رقم ١٠
(٢) أبو عمرو الداني المقنع ص ٤٣
(٣) علي محمد الضباع – سمير الطالبين ص ١٠٥

ولقوله هذا وروايته لثبوت الواو ووصفه لذلك بالقول الراجح جرى العمل به مصاحفنا السودانية بثبوت الواو الكحلاء في أكثر المصاحف التي وقفت عليها، إلاّ مصحفاً واحداً وجدتها مرسومة فيه بالحمراء وهو مصحف الشريف الهندي نفسه الذي كتبه له تلميذه الفقيه ضرار الدنقلاوي، الذي سبق ذكره واشتهر في ذلك الوقت بكتابة المصاحف.
هذا وقد أشار كتّاب المصاحف السودانية إلى الخلاف الذي ذكرناه في ثبوت هذه الواو وحذفها حيث كتب فوق هذه الواو كلمة ( خلاف ) بالمداد الأحمر إشارة إلى ذلك الخلاف عن الرواة الذي ذكرناه.
وحذفت منها الواو في مصحف الدوري السوداني المطبوع وكتب فوق محلها واو صغيرة دليلا على إلحاقها في هذا المحل ولم يتكلم الشيخ عبد الرحمن الأغبش في كتابه عمدة البيان عن هذه الواو، واعتنى بذلك الهندي من علماء السودان رحمه الله.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا أنّ مصاحفنا السودانية اجتمعت على رسم بعض الكلمات القرآنية على ما ورد به رسمها في المصاحف العثمانية مخالفين في ذلك قراءتها لأبي عمرو الذي قرأها بخلاف الرسم، وهذه الكلمات هي : كلمة (١). بسورة مريم، وكلمة (٢). بسورة يوسف وكلمة (٣). بسورة التكوير.
أما كلمة ( لأهب) بسورة مريم فقد رسمت بالألف بعد اللام في جميع المصاحف العثمانية، وهكذا كان رسمها في مصاحفنا السودانية علما بأنّ أبا عمرو يقرأها بالياء بدل الهمزة، فيقول :( ليهب) قال الضباع : قرأ ورش وأبو عمرو وقالون بخلف عنه ليهب لك بالياء بعد اللام، وبه قرأ له الداني على فارس (٤). وقد رسمت في مصاحفنا السودانية بالألف الكحلاء، وعليها نقطة حمراء دلالة على تسهيل هذا الألف، وإبدالها ياء في القراءة.
(١) آية رقم ١٩ قال.
(٢) آية رقم ١١٠.
(٣) آية رقم ٢٤.
(٤) علي محمد الضباع – ارشاد المريد إلى مقصود القصيد ص ٢٤٤

أما كلمة ( فنجي ) بسورة يوسف من قوله تعالى ( فنجي من نشاء ) فقد أجمعت المصاحف على رسمها بنون واحدة، واختلف فيها القراء، قال الداني بسنده إلى أبي عبيدة بن سلام قال : رأيت في الذي يقال له الإمام مصحف عثمان رضي الله عنه ( فنجي من نشاء ) في يوسف و ( ونجي المؤمنين) (١). في الأنبياء بنون واحدة، قال : ثم اجتمعت عليها المصاحف في الأمصار كلها فلا نعلمها اختلفت (٢). قال ابن القاصح في شرحه لقول الشاطبي :
وثاني ننجي احذف... وشدّد وحركا كذا نل
أمر أن يقرأ ننجي من نشاء بحذف النون الثانية وتشديد الجيم وتحريك الياء أي بفتحها للمشار إليهما بالكاف والنون في قوله ( كذا نل ) وهما ابن عامر وعاصم، فيصير اللفظ به فنجي وتعيَّن للباقين القراءة بإثبات النون الثانية ساكنة وتخفيف الجيم وإسكان الياء (٣).
وقد رسمت هذه الكلمة في مصاحفنا السودانية بنون واحدة بالكحلاء موافقة للرسم العثماني، ورسمت النون الثانية بالحمراء دليلاً على قراءة أبي عمرو لها بنونين موافقة للرسم، وبهذا يكون قراء السودان وكتاب المصاحف قد وافقوا الرسم العثماني لهذه الكلمة مع مخالفة القراءة لذلك.
أمّا كلمة ( بضنين ) في سورة التكوير، وذلك من قوله تعالى ( وما هو على الغيب بضنين ) فقد رسُمت في المصاحف السودانية بالضاد الكحلاء تبعا لإجماع المصاحف على ذلك، وكُتبت فوق هذه الضاد ( ظاء ) بالحمراء إشارة لقراءة أبي عمرو لها بالظاء قال الداني : ورسموا ( بضنين ) في كُوّرت بالضاد وقال أبو حاتم هو في مصحف عثمان رضي الله عنه كذلك وروى أبن المبارك عن حنظلة بن أبي سفيان عن عطاء : زعموا أنّها في مصحف عثمان رضي الله عنه ( بضنين ) بالضاد (٤). قال الشاطبي :-
وظا بضنين حق راو وخف
(١) آية رقم ٨٨
(٢) أبو عمرو الداني المقنع ص ٩١
(٣) علي بن عثمان بن القاصح سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئء المنتهي. ص ٣٦١.
(٤) ابو عمرو الداني المقنع ص ٩٢

قال ابن القاصح : أخبر أن المشار إليه بالراء من ( راو وحق ) وهم ابن كثير وأبو عمرو والكسائي، قرأوا ( وما هو على الغيب بضنين ) بالظاء القائمة مكان الضاد على ما قيده وأنّ الباقين قرأوا بالضاد كلفظه (١).
المبحث الخامس
اختيارهم لبعض الاصلاحات التي تشير إلى الخلاف في رسم الكلمات القرآنية
يلاحظ الباحث أنّ هناك بعض الاصطلاحات اتفقت عليها مصاحفنا الخطية في الرسم، وذلك عندما يكون في الكلمة القرآنية خلاف بين علماء الرسم في الحذف أو الإثبات في تلك الكلمة، فتراهم لا يغفلون عن هذا الخلاف ويشيرون إليه بالقلم الأحمر فوق الحرف المختلف فيه حيث يكتبون فوق الحرف بخط دقيق حرف ( خ ) وأحياناً كلمة ( خلاف ) والأمثلة على ذلك كثيرة.
ففي كلمة (سبحان) من قوله تعالى في سورة الإسراء ـ ـ ـ ـ ـ (٢). روى شيوخ الرسم في هذه الكلمة الخلاف في حذف الألف وإثباتها، فالسودانيون لا يغفلون عن هذا الخلاف فيكتبون كلمة سبحان هكذا (سبحان) قال الداني : فإنّ المصاحف اختلفت فيه ورأيته أنا في مصاحف العراق العُتّق بالألف (٣). وقال أبو زيت حار : كما اتفقوا على نقل خلاف المصاحف بين الحذف والإثبات في ألف ( سبحان ربي ) الواقع بعد قل بالإسراء وشهّر اللبيب فيه الحذف وشهّر غيره الإثبات (٤).
في كلمة ( فالق ) من قوله تعالى ـ ـ ـ ـ (٥). بسورة الأنعام كُتب حرف (خ) فوق ألف ( فالق ) دليلاً على قوة الخلاف الذي نُقل عن المصاحف العثمانية في ثبوت الألف، وحذفها في هذه الكلمة، قال الأغبش عند شرحه لقول الخرازي :-
وجاء خلف فالق الإصباح عن الذي يغري إلى نجاح
(١) علي بن عثمان بن القاصح سراج الدين المبتدئ وتذكار المقرئ المنتهي ص ٣٨٢.
(٢) الآية ٩٣
(٣) ابو عمرو الداني المقنع ص ١٧
(٤) أحمد محمد أبو زيت حار لطائف البيان في رسم القرآن شرح مورد الظمآن ج ١ ص ٤٤
(٥) آية رقم ٩٦

يعني ابن نجاح اختص بذكر الخلاف دون الداني وأما عند الداني فهو ثابت لأنّه من وزن فاعل (١).
وكذلك ثبتت هذه الإشارة إلى خلاف المصاحف في ألفات الأسماء الأعجمية التي ورد عن شيوخ النقل الخلاف في ثبوت ألفها وحذفها وهي هاروت وماروت وألف هامان الذي بعد الهاء وقارون وإسرائيل وثبت حرف خاء الذي يدل على الخلاف خاصة في هاروت وماروت فوق الألف هكذا (هاروت، وماروت ) قال الأغبش في حديثه عن حذف وإثبات الألف في الأسماء الأعجمية : و قسم اختلفت المصاحف فيه والإثبات أشهر وهي هاروت وماروت وألف هامان الأولى وقارون وإسرائيل فهذه الخمسة الأعجمية فالأقلون قالوا : يحذف الألف منها والأكثرون قالوا بإثباته (٢).
ومن هذه الاصطلاحات التي وردت في مصاحفنا السودانية وثبتت في أكثر هذه المصاحف تلك الكلمات التي تشير إلى المتشابهات في الحذف أو الاثبات في الرسم والمتشابهات اللفظية التي وردت في القرآن الكريم في موقعين مثلا ولم يرد في القرآن الكريم غيرها سواء كانت بالحذف أو بالاثبات أو الحركة الإعرابية ويشيرون إلى ذلك بالكلمة ( حرفان ) وتكتب هذه الكلمة فوق الكلمة القرآنية بالحبر الأحمر دلالة على ورود الكلمة القرآنية بهذا الرسم أو الحركة الإعرابية في موقعين فقط في القرآن الكريم، فمن الكلمات التي وقعت في القرآن الكريم محذوفة الألف في موضوعين كلمة ( قرءانا ) في أول سورة يوسف، وفي أول سورة الزخرف فقد حُذفت الألف رسما من هاتين الكلمتين وثبتت في سواهما في جميع القرآن الكريم، قال الداني : وكذلك حذفت الألف بعد الهمزة في قوله ( قرءانا ) في مكانين في يوسف ـ ـ ـ ـ ـ ـ (٣). وفي الزخرف ـ ـ ـ ـ ـ ـ (٤). ورأيت أنا هذين الموضعين في مصاحف أهل العراق وغيرها بالألف (٥).
(١) عبد الرحمن الأغبش عمدة البيان ص ١١٧
(٢) المرجع السابق ص ٨٥
(٣) الآية رقم
(٤) آية رقم ٣
(٥) ابو عمرو الداني المقنع ص ١٩.

وكانوا كثيراً ما يكتبون بهوامش المصاحف أبياتاً من الرجز مما كتبه السودانيون دلالة على ورود تلك الكلمة في موقعين من القرآن، وقد كتبوا عند كلمة قرءان في سورة يوسف بالهامش قول صاحب التنبيه (١).
واحذف قرءانا في أول الصديق وفي أول الزخرف بالتحقيق
ومن المتشابهات في الحركة الإعرابية التي كانوا كثيراً ما يكتبون عليها من فوق كلمة ( حرفان ) بالقلم الأحمر إشارة إلى ورود تلك الكلمة في القرآن الكريم في موقعين فقط لا غير كلمة ـ ـ ـ ـ (٢). التي وردت في آخر سورة النساء بالفتح ولم يرد غيرها في القرآن بهذه الحركة وبعدها لكم فتكتب هكذا ( خيراً لكم ) وتجد بالهامش بالقلم الأحمر قول الدنفاسي في ذلك :
خيرا لكم مفتوحة حرفان وجدتها في آخر النسوان
حلفت بالمهيمن الديان لا غيرها في جملة القرآن
ومن الاصطلاحات أيضاً التي تعارفوا على كتابتها في مصاحفهم كلمة (فردة ) التي تكتب فوق الكلمة القرآنية دلالة على ورود هذه الكلمة في القرآن الكريم مرة واحدة سواء كان من ناحية الرسم أو حركة الإعراب.
فمن الرسم ورد في باب المقطوع والموصول كلمة ( إنّ ) بالكسر فقد وردت مشددة مقطوعة في القرآن الكريم عن ( ما ) في موضع واحد في سورة الأنعام فلذلك تجدهم يكتبون فوقها بالحبر الأحمر كلمة ( فردة ) هكذا ( إنّ ما توعدون ) قال الداني : وكتبوا ( إن ما ) مقطوعة في موضع واحد في الأنعام ـ ـ ـ ـ ـ ـ (٣). قال لي ابن كيسة :( إنّما توعدون ) في الكتاب ( إنّ ) وحدها و( ما ) وحدها ليس في القرآن غيرها (٤). قال الدنفاسي في ذلك :
(١) ذكر الشيح يوسف ابراهيم النور في كتابه مع المصاحف ص ١٣٤ أنه يُرجح أن كتاب التنبيه من مؤلفات الشريف الهندي وذكر لي الشريف الصديق الهندي حفيد الشريف أن هذا الكتاب ليس من مؤلفاته.
(٢) آية رقم ١٧٠، والآية رقم ١٧١.
(٣) الآية رقم ١٣٤
(٤) ابوعمرو الداني المقنع ص ٧٣

وإنّ ما بالكسر في الأنعام مقطوعة فاعلم بلا إيهام
ومن هذا النوع أيضاً كلمة ( إن ما ) المكسورة الساكنة فلم تقع في القرآن الكريم إلاّ في سورة الرعد في قوله تعالى : ـ ـ ـ ـ ـ (١). فيكتبون فوق النون كلمة فردة دلالة على ورودها مرة واحدة في القرآن الكريم ولا مثيل لها بهذا الرسم قال الداني حدثنا خلف قال لم يقطع من ( إن ) ( ما ) في المصحف إلا حرف واحد في آخر سورة الرعد ـ ـ ـ ـ ـ (٢). قال الدنفاسي في ذلك :
وإن ما بقطع النون في القرآن في الرعد فرد خذه بالبيان
كذلك يكتبون هذه اللفظة فوق الكلمة التي لم ترد في القرآن إلاّ مرة واحدة وذلك مثل كلمة ( فارض ) وكلمة ( عوان ) بسورة البقرة فتراهم يكتبون كلمة ( فردة ) فوق هاتين الكلمتين هكذا ( فردة ) ويكون ذلك بالحبر الأحمر وأمثلته كثيرة في القرآن الكريم في كل كلمة لم يتكرر ورودها ولم تأت إلاّ مرة واحدة.
وهكذا تتوارد هذه الاصطلاحات عند قرائنا السودانيين وكتّاب المصاحف منهم لتبين للقارئ لكتاب الله تعالى وتعينه على معرفة رسم القرآن الكريم ومعرفة ألفاظه.
(١) الآية رقم ٤٠.
(٢) ابو عمرو الداني المقنع ص ٧٠

ومما تجدر الإشارة إليه هنا في هذا الفصل ما ذكره الشيخ يوسف إبراهيم النور في كتابه مع المصاحف وحديثه عن رسم كلمة ( لننظر ) في سورة يونس في قوله تعالى :( لننظر كيف تعملون ) وكلمة ( لننصر ) في سورة غافر عند قوله تعالى : ـ ـ ـ ـ ـ (١). حيث ذكر الشيخ يوسف أنّ هاتين الكلمتين كتبتا في مصاحفنا السودانية بنون واحدة حيث قال: ( وفيهما خلاف في الرسم فكتبتا في بعض المصاحف بغير تعيين لها بنون واحدة وفي بعضها بنونين وكتبتا في مصحف حفص المطبوع المسمى بمصحف الملك بنونين لأن لجنة طبعه ترجح اختيار أبي داوود وكذلك كتبتا بنونين في مصحف ورش المطبوع وكتبتا في مصاحفنا السودانية بنون واحدة وذلك أن السودانيين لا يتقيدون بترجيح أبي داوود (٢).
وبمراجعتي وتتبعي لمصاحفنا السودانية حيث وقفت على كثير منها في تحرير هذه الملاحظات وجدت هاتين الكلمتين كتبتا بنونين في جميع المصاحف التي وقفت عليها وراجعتها خلافاً لما ذكره الشيخ يوسف رحمه الله قال الشاطبي في العقيلة:
وفي لننظر حذف النون رد وفي إنا لننصر عن منصور انتصرا
قال ابن القاصح : أخبر أنّ من حكى حذف النون من هاتين الكلمتين وهما قوله تعالى في سورة يونس - عليه السلام - : ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ (٣). وفي سورة غافر ( انا لننصر رسلنا) وانه بنون واحدة فقوله مردود، بل الصحيح أنهما مرسومتان بنونين ثم قال : وحاصله أن الناظم نقل في حذف النونين وجهين ورجح الاثبات في العقيلة (٤).
ولهذا فإنّ مصاحفنا السودانية المخطوطة لم أجد فيها اختلافاً في رسم هاتين الكلمتين مع ما قاله الشاطبي خلافاً لما ذكره فضيلة الشيخ يوسف إبراهيم النور.
(١) آية رقم ٥١
(٢) يوسف ابراهيم النور مع المصاحف ص ٥٦
(٣) آية رقم ١٤
(٤) علي بن عثمان بن القاصح تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد ص ٣٠.










****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Tuesday - 8/4/2025 - 14:11

التخميس و التعشير

مختصر التبیین لهجاء التنزیل، ص 279

ثم قال تعالى: يسئلونك عن الخمر إلى قوله: تتفكّرون ، رأس الآية عند المدني الأخير - الذي بنينا كتابنا عليه، في التعشير و التخميس و عدد الآي - و عند الكوفي و الشامي، و لم يعدها الباقون .

 

 

المحكم فی نقط المصاحف، ص 14-15

باب ذكر ما جاء في تعشير المصاحف و تخميسها، و من كره ذلك، و من أجازه حدثنا خلف بن إبراهيم، قال نا أحمد بن محمد، قال نا علي، قال نا القاسم ابن سلاّم، قال نا أبو بكر بن عيّاش، قال أنا أبو حصين عن يحيى بن وثّاب، عن مسروق، عن عبد اللّه أنه كره التعشير في المصحف. حدثنا خلف بن إبراهيم، قال نا أحمد، قال نا علي، قال نا أبو عبيد، قال نا عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة، عن أبي حصين، عن يحيى بن وثّاب، عن مسروق، عن عبد اللّه أنه كان يحكّ التعشير من المصحف. حدّثت عن الحسن بن رشيق، قال نا أبو العلاء، قال نا أبو بكر بن أبي شيبة، قال نا أبو بكر بن عيّاش عن أبي حصين، عن يحيى، عن مسروق، عن عبد اللّه أنه كان يكره التعشير في المصحف. و به عن ابن أبي شيبة، قال نا أبو خالد الأحمر عن حجاج، عن عطاء أنه كره التعشير في المصحف، أو يكتب/فيه شيء من غيره. و به عن ابن أبي شيبة، قال أنا المحاربي عن ليث، عن مجاهد أنه كان يكره أن يكتب في المصحف تعشير أو تفصيل . و به عن ابن شيبة، قال نا عفّان، قال نا حماد بن زيد عن شعيب بن الحبحاب أن أبا العالية كان يكره العواشر. حدثنا خلف بن إبراهيم، قال نا أحمد المكي، قال نا علي، قال نا القاسم، قال نا عبد الرحمن عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد أنه كره التعشير و الطّيب في المصحف . حدثنا خلف بن إبراهيم، قال نا أحمد، قال نا علي، قال نا أبو عبيد، قال نا يزيد عن هشام، عن ابن سيرين أنه كان يكره الفواتح و العواشر التي فيها قاف، كاف. حدثني عبد الملك بن الحسين، قال نا عبد العزيز بن علي، قال نا المقدام بن تليد، قال نا عبد اللّه بن عبد الحكم، قال سمعت مالكا و سئل عن العشور التي تكون في المصحف بالحمرة و غيرها من الألوان، فكره ذلك، و قال: تعشير المصحف بالخبر لا بأس به. حدثنا فارس بن أحمد، قال نا أحمد بن محمد، قال نا أبو بكر الرازي، قال نا الفضل بن شاذان، قال نا أحمد بن يزيد، قال نا العباس بن الوليد، قال نا فديك، قال نا الأوزاعي، قال: سمعت قتادة يقول: بدءوا فنقطوا، ثم خمّسوا، ثم عشّروا. قال أبو عمرو: و هذا يدل على الترخّص في ذلك، و السّعة فيه.

 

 

تاریخ القرآن، ص 130

و هكذا جرى الضبط و التدقيق للشكل في القرآن، فأضيف له بعد رسمه في الخط الكوفي، النقط و الحركات، و الهمز و التشديد، و التخميس و التعشير، و الفصل بين الآيات و ترقيمها، ثم تطور الأخير إلى دوائر صغيرة، وضع فيها رقم الآية بحسب تسلسلها من السورة، ثم كتبت أسماء السور مع عدد آياتها في أول السورة و قبل البسملة متخذة لذلك عنوانا بالاسم، و إحصاء بالآيات، ثم قسم هذا النص إلى ثلاثين جزءا، و قسم كل جزء إلى أربعة أحزاب، و كان ذلك بإشارات هامشية و أرقام و كتابات جانبية رسمية غير مختلطة بالنص القرآني الكريم، و إلى جانب هذا أضيفت علامات التجويد و الوقف، و مواضع السجود و أمثال ذلك مما لم يكن معروفا في عصر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمة عليهم السّلام و الصحابة (رض)، و هي زيادات قصد بها الإيضاح و الكشف و البيان، و لم يخالف فيها الرسم المصحفي، فقد بقيت صور الكلمات على هيئتها، و حافظت على أشكالها، كما و صفتها لنا كتب السلف في الموضوع، و في طليعتها كتاب: المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار، لأبي عمرو و عثمان بن سعيد الداني (ت: 444 ه‍).

 

 

المدخل لدراسة القرآن الکریم، ص 383

التخميس كتابة لفظ خمس، عند رأس كل خمس آيات، و التعشير كتابة لفظ عشر، عن رأس كل عشر آيات، و منهم من يكتفي بكتابة حرفي (خ)، (ع‍).

 

 

علوم القرآن عند المفسرین، ص 415

قال الدانى رضي اللّه عنه: و هذه الأخبار كلها تؤذن بأن التعشير و التخميس، و فواتح السور و رءوس الآى من عمل الصحابة رضي اللّه عنهم، قادهم إلى عمله الاجتهاد؛ و رأى أن من كره ذلك منهم و من غيرهم إنما كره أن يعمل بالألوان كالحمرة و الصفرة و غيرهما؛ على أن المسلمين في سائر الآفاق قد أطبقوا على جواز ذلك و استعماله في الأمهات و غيرها، و الحرج و الخطأ مرتفعان عنهم فيما أطبقوا عليه إن شاء اللّه» . قال ابن جزي: «و أما نقط القرآن و شكله فأوّل من فعل ذلك الحجاج بن يوسف بأمر عبد الملك بن مروان، و زاد الحجاج تحزيبه. و قيل: أوّل من نقطه يحيى بن يعمر و قيل: أبو الأسود الدؤلى، و أما وضع الأعشار فيه، فقيل: إنّ الحجاج فعل ذلك و قيل: بل أمر به المأمون العباسى» .