بسم الله الرحمن الرحیم

بیع الدین-بیع ما فی الذمة

فهرست علوم
فهرست فقه
علم الحقوق
كتاب الضمان
الگوریتم ضمان-متلف-تالف-تلافي
الضمان الحکمی الشرعی و الضمان العقدی
انواع الحقوق
العقد-الایقاع-الفرق بین العقود و الایقاعات
العهدة-الذمة-الوفاء
تقسیم مباحث الفقه-التقسیم الرباعي-العبادات-العقود-الایقاعات-الاحکام
ساختار درختی عقود-ایقاعات-تحلیل و ترکیب
فهرست جلسات مباحثه فقه الضمانات
فهرست جلسات فقه هوش مصنوعي
العروة الوثقی-كتاب الضمان و الحوالة-مع الحواشي
اجماع-شهرت-اشهر-لاخلاف-اتفاق-عند علمائنا
انواع الوفاء للدین-الأداء-الحوالة-الضمان-التهاتر
وفاء دین الغیر تبرعا-ضمان دین الغیر تبرعا-رضایت-اذن-عدم الرد-مدیون-مضمون عنه
اتحاد طریق المسأتین لیس من القیاس
انواع القبول-رضایت-ردّ-جزء-شرط-مانع-انعقاد-استقرار-لزوم-مراعی-معلق-تعلیق-تزلزل
تطبیق عین و مال کلی در ذمة-کلی در معین-صاع من صبرة-حق بائع و مدیون
هل الابراء یحتاج الی القبول-شرط رضایت-عدم الرد





المقنعة (للشيخ المفيد)؛ ص: 614
24 باب بيع الأرزاق و الديون‌
و لا يجوز للإنسان بيع رزقه من السلطان حتى يقبضه فيبيع الذهب و الورق منه بالعروض و يبيع العروض بالذهب و الورق و لا بأس أن يبيع دينه على غيره قبل قبضه و الفرق بين الأمرين أن رزق السلطان غير مضمون لأنه ربما رأى إسقاط صاحبه من الديوان بحدث منه أو غناء عنه و الدين مضمون لصاحبه حتى يصل إليه‌


النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ ص: 310
باب بيع الديون و الأرزاق‌
لا بأس أن يبيع الإنسان ماله على غيره من الدّيون نقدا.
و يكره أن يبيع الإنسان ذلك نسيئة. و لا يجوز بيعه بدين آخر‌ مثله. فإن وفّى الذي عليه الدّين المشتري، و إلّا رجع على من اشتراه منه بالدرك.
و من باع الدّين بأقلّ ممّا له على المدين، لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال. و لا يجوز بيع الأرزاق من السّلطان، لأنّ ذلك غير مضمون.


الخلاف؛ ج‌3، ص: 125
مسألة 209: إذا كان ماله دينا، فباعه و ماله‌ صح البيع.
و قال الشافعي: باطل، لأن بيع الديون لا يصح «2».
دليلنا قوله تعالى «وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «3» و المنع يحتاج الى دليل، و أيضا فإن بيع الدين عندنا صحيح، فما بنى عليه من الأصل غير مسلم.


الخلاف؛ ج‌3، ص: 572
مسألة 20: إذا كان له على غيره حق، جاز له بيعه، و يكون مضمونا.
الخلاف، ج‌3، ص: 573‌
و يجوز هبته و رهنه، و لا يلزمان إلا بالقبض.
و للشافعي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يصح بيعه من غيره، و يصح هبته و تلزم الهبة بنفس العقد، و لا يشترط القبض في لزومها، و لا يصح رهنه، لأنه لا يزيل الملك «1».
و الثاني: أنه يصح البيع و الهبة و لا يلزم الهبة إلا بالقبض، و يصح الرهن و لا يلزم إلا بالقبض «2». و هذا مثل قولنا.
و الثالث: لا يصح بيعه و لا هبته، و لا رهنه لأنه غير مقدور على تسليمه، فهو كالطير في الهواء «3».
دليلنا: إجماع الفرقة على جواز بيع الديون، و لا مانع يمنع من هبته و لا رهنه.
و عموم الأخبار يقتضي جوازهما «4».


المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 137
و إن كان ماله دينا فباعه معه صح البيع لأن بيع الدين جائز عندنا.



************************

الخلاف؛ ج‌3، ص: 125
مسألة 209: إذا كان ماله دينا، فباعه و ماله‌ صح البيع.
و قال الشافعي: باطل، لأن بيع الديون لا يصح «2».
دليلنا قوله تعالى «وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «3» و المنع يحتاج الى دليل، و أيضا فإن بيع الدين عندنا صحيح، فما بنى عليه من الأصل غير مسلم.



المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌2، ص: 137
و إن كان ماله دينا فباعه معه صح البيع لأن بيع الدين جائز عندنا.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌1، ص: 444
هذا آخر كلام الحسن بن علي بن أبي عقيل رحمه اللّٰه. و كان من جلّة أصحابنا المصنّفين المتكلّمين، و الفقهاء المحصلين، قد ذكره شيخنا أبو جعفر، في فهرست المصنّفين، و أثنى عليه، و ذكر كتابه، و كذلك شيخنا المفيد كان يثني عليه.
قال محمّد بن إدريس رحمه اللّٰه: و إلى هذا القول، و المذهب أذهب، لوضوحه عندي، و لأنّ الأصل براءة الذمة، فمن أوجب الزكاة على مال ليست أعيانه في ملكه، يحتاج إلى دليل، و هذا يدل على ما ننبّه عليه، من فساد بيع الدين، إلا على من هو عليه.




السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌2، ص: 38
و من له على غيره مال، لم يجز له أن يجعله مضاربة، إلا بعد أن يقبضه، ثم يدفعه إليه، إن شاء للمضاربة و المضاربة «1» لا تكون إلا بالأموال المعينة، و لا تكون بما في الذمّم، لأنّ ما في الذمّة غير معيّن و لا يتعين إلا بعد قبضه و تعيينه، لأنّ الإنسان مخيّر في جهات القضاء من سائر أمواله، و هذا إجماع منعقد من أصحابنا.
فعلى هذا التحرير الذي لا خلاف فيه، بيع الدين على غير من هو عليه، لا يصح، لأنّ البيوع على ضربين، بيوع الأعيان، و بيوع ما في الذمم، و بيوع الأعيان على ضربين، بيع عين مرئية مشاهدة، فلا يحتاج إلى وصفها، و بيع عين غير مشاهدة، يحتاج إلى وصفها، و ذكر جنسها، و هذا البيع يسميه الفقهاء بيع خيار الرؤية، و لا بد أن يكون ملك جنسها في ملك البائع في حال عقد البيع، إلا أنّها غير مشاهدة، فيصفها ليقوم وصفها مقام مشاهدتها، و هي غير مضمونة، إن هلكت قبل التسليم على البائع.
فبيع الدين بيع عين غير مشاهدة «2» مرئية بغير خلاف، و لا بيع عن معينة موصوفة في ملك البائع، فإنّه لا يصلح له وصفها، لأنّا قد قدّمنا أنّ الدين عينه غير معيّن في ملك صاحبه، بل لا يتعيّن إلا بقبضه له، و قلنا إنّ من عليه الدين، مخيّر في «3» جهات القضاء من سائر أمواله، فلا يتقدّر أن تكون عين شي‌ء له و هي بعينها لمن له عليه «4» الحق، و إن كان على الجملة لصاحب الدين على المدين حق من جنس من أجناس من الأموال، و ليس له عليه «5» عين معينة من الأعيان، و الشي‌ء‌
______________________________
(1) ل: لأنّ مال المضاربة. ق: لأنّ مال المضاربة و المضاربة.
(2) ج: فبيع الدين لا بيع عين مشاهدة.
(3) ج: من جهات.
(4) ج: لمن عليه.
(5) ج: و ليس عليه.



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، ج‌2، ص: 39‌
المبيع بيع خيار الرؤية، يحتاج إلى أن يكون ملك جنسه معيّنا في ملك بائعه، و يذكر جنسه، و يصفه: لأنّه من جملة بيوع الأعيان.
فأمّا الضرب الآخر من البيوع الذي هو في الذمّة، هو المسمّى بالسّلم، بفتح السين و اللام، و السلف، فهذا مضمون على بايعه، يحتاج إلى الأوصاف، و الآجال المحروسة من الزيادة و النقصان، امّا بالسنين و الأعوام، أو بالشهور و الأيّام، و من شرط صحته قبض رأس المال الذي هو الثمن، قبل الافتراق من مجلس العقد، و بيع الدين ليس كذلك بغير خلاف.
فإن قيل: هذا خلاف إجماع الإمامية، و ذلك أنّ إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحّة بيع الدين و إمضائه، و عموم أخبارهم على ذلك، و كذلك أقوالهم، و تصنيفاتهم، و مسطوراتهم، و فتاويهم.
قلنا: نحن ما دفعنا ذلك أجمع، و أبطلناه، بل نحن عاملون بمقتضاه، و مخصصون لما ناقض الدليل و نفاه، لأنّه لا خلاف بين المحصلين لأصول الفقه، أنّ العموم قد يخص بالأدلة، و قد قلنا انّ بيع الدين على من هو عليه جائز، صحيح، لا خلاف فيه، فقد عملنا بالإجماع، و اتبعنا ظواهر الأقوال، و الأخبار، و الفتاوى، و ما في التصنيفات، و أعطينا الظاهر حقه، و خصصنا ما عدا بيع من عليه الدين، بالأدلة المجمع عليها، المقررة المحررة عند أصحابنا، المقدم ذكرها، و هذا تحقيق لا يبلغه إلا محصّل لأصول الفقه، ضابط لفروع المذهب، عالم بأحكامه محكم لمداره، و تقريراته، و تقسيماته، و مما يشيد ما حررناه، إجماع أصحابنا الذي لا خلاف فيه، و انعقاده على أنّ من كان له على غيره مال دينا، لم يجز له أن يجعله مضاربة، إلا بعد أن يقبضه، و يتعيّن في ملكه، ثمّ يدفعه إليه إن شاء للمضاربة، لأنّه قبل قبضه و تعيينه في ملكه، ملك لمن هو عليه ما انتقلت عينه إليه، فكيف يصح له أن يضاربه بعين ماله، فإنّه قبل أن يقبضه و يتعين عينه في ملكه، مال من هو عليه، فكيف يضاربه بماله، و لو فعل ذلك، لكان الربح كلّه لمن عليه المال، لأنّه‌



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، ج‌2، ص: 40‌
ربح ماله، و لا تصح المضاربة، لأنّ حقيقتها و موضوعها في الشريعة، أن من العامل العمل، و من رب المال المال، و من عليه الدين، منه المال و العمل جميعا.
فإن قيل: أنتم قد جعلتم من جملة أدلتكم على صحة ما حرّرتموه و اخترتموه، مسألة من كان له على غيره دين، فلا يجوز له أن يجعله معه مضاربة، إلا بعد قبضه و تعيينه له في ملكه، و لا يجوز له قبل ذلك جعله مضاربة، فعلى سياق هذا الاستدلال، و الاعتبار، يلزمكم أن لا تجوزوا بيع الدين على من هو عليه، قبل قبضه و تعيينه في ملك بائعه.
قلنا: لا يلزمنا ذلك، لأنّ بيع خيار الرؤية، لا يحتاج إلا إلى ذكر الجنس، و كونه في ملك البائع، و الوصف له، دون تعيين عينه بالإشارة إليه، و المشاهدة له، و القطع عليه، و ليس كذلك حكم مال المضاربة، لأنّه يجب أن يكون مذكور الجنس معينا، و لا يكفي ذكر الجنس و الصفة، دون تعيينه في الملك، كما كفى ذلك في بيع خيار الرؤية، و إن كان كلّ واحد من المالين، مملوك الجنس، غير متعيّن ملك عينه، و لا يتعيّن ملك عينه، إلا بعد قبضه، فيصح بيعه على من هو عليه، بيع خيار الرؤية، لأنّه مملوك الجنس للبائع، و من هو عليه عالم بصفته، فقام علم من هو عليه به، و بصفته، مقام وصف البائع له، فجمع هذا البيع الأمرين اللذين هما شرط في صحة بيع خيار الرؤية، و هو ذكر الجنس، و علم من هو عليه الذي هو قائم مقام صفته، لأنّ ذكر الصفة في بيع العين الغائبة، يقوم مقام المشاهدة و الرؤية لبيع العين الحاضرة المشاهدة، لأنّا لا نحتاج أن نصف العين المرئية عند البيع، و لا ذلك شرط في صحة العقد عليها، و هو شرط في صحة بيع العين الغائبة مع ذكر جنسها، فلأجل ذلك جوّزنا بيعها على من هي عليه، دون من سواه، لأنّ البيع عليه، بيع خيار الرؤية، لأنّ من شرطه ذكر الجنس و الصفة، فإذا بيع عليه، فقد جمع الأمرين جميعا، و ليس كذلك بيعه على غير من هو عليه، لأنّ أحد الأمرين لا يحصل له، لأنّ صاحبه لا يعلم عينه، حتى يصفها للمشتري،



السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، ج‌2، ص: 41‌
و لا يميّزها للعين، حتى يصفها فإن وصفها، كان كاذبا جاهلا، لأنّ عينها ما تميزت له في ملكه، و إن كان مالكا لجنسها، دون عينها قبل قبضها من الذي هي في ذمّته، فيدخل في النهي عن بيع الغرر، و النهي يدلّ على فساد المنهي عنه، فلأجل هذا جوّزنا بيعها على من هي عليه، دون من سواه، و ليس كذلك إذا ضاربه بها، لأنّ مال المضاربة يحتاج أن يكون متميز العين في ملك رب المال، و قبل قبضه ممن هو في ذمته، ليس هو متميز العين، فافترق الأمران، و يعضد ما أصلناه، قولهم في باب بيع الديون و الأرزاق: و من كان له على غيره دين، جاز له بيعه نقدا، و يكره ذلك نسية، و أطلقوا القول بكراهية النسية، و هذا لا يجوز بالإجماع، لأنّه إن كان الدين ذهبا، فلا يحل بيعه بذهب نسية، بغير خلاف، ثم قالوا فإن و في الذي عليه الدين المشتري، و إلا رجع على من باعه إيّاه بدركه، ثم قالوا: و إذا باع الدين بأقل ممّا له على المدين، لم يلزم المدين أن يؤدّي أكثر مما وزنه المشتري.
قال محمّد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: إن كان
________________________________________
حلّى، ابن ادريس، محمد بن منصور بن احمد، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى، 3 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1410 ه‍ ق





السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج‌2، ص: 314
قال محمّد بن إدريس رحمه اللّٰه: قد حرّرنا القول في بيع الدين، و قلنا إنّه لا‌ يجوز الأعلى من هو عليه، و شرحناه و أوضحناه في باب الديون، بما لا طائل في إعادته.


شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌2، ص: 60
العاشرة يجوز بيع الدين بعد حلوله‌
على الذي هو عليه و على غيره فإن باعه بما هو حاضر صح و إن باعه بمضمون حال صح أيضا و إن اشترط تأجيله قيل يبطل لأنه بيع دين بدين و قيل يكره و هو الأشبه.



المختصر النافع في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 134
الأولى- لا يجوز بيع السلم قبل حلوله‌
و يجوز بعده و إن لم يقبضه على كراهية في الطعام على من هو عليه و على غيره.
و كذا يجوز بيع بعضه و تولية بعضه. و كذا بيع الدين.
فإن باعه بما هو حاضر صح. و كذا إن باعه بمضمون حال.
و لو شرط تأجيل الثمن قيل: يحرم، لأنه بيع دين بدين.
و قيل يكره، و هو الأشبه.
أما لو باع دينا في ذمة زيد، بدين المشترى في ذمة عمرو فلا يجوز لأنه بيع دين بدين.



المختصر النافع في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 136
و لا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض. و لو باع الذمي ما لا يملكه المسلم [1] و قبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقه.
و لو أسلم الذمي قبل بيعه قيل يتولاه غيره و هو ضعيف.
و لو كان لاثنين ديون فاقتسماها، فما حصل لهما، و ما توى [2] منهما.
و لو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع على تردد:



الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية؛ ج‌5، ص: 22
(و منع ابن إدريس من بيع الدين على غير المديون) استنادا إلى دليل قاصر (8)، و تقسيم غير حاصر (9)، ...
______________________________
(8) و هو الإجماع و قد خطّأه صاحب الجواهر كيف و المشهور قد ذهب إلى الصحة.
(9) التقسيم هو: إن المبيع إما عين معينة أو في الذمة، و الأول إما بيع عين مرئية مشاهدة فلا تحتاج إلى وصف و إما عين غير مشاهدة فتحتاج إلى وصف و ذكر الجنس و هو بيع خيار الرؤية.
و الثاني و هو بيع ما في الذمة فهو السلف المفتقر إلى الأجل المعين و الوصف الخاص، فهذه ثلاثة أقسام للمبيع، و الدين ليس واحدا منها، لأنه ليس عينا مشاهدة و لا معينة موصوفة إذ للمديون التخيير في جهات القضاء من ردّ نفس العين أو مثلها، و ليس الدين‌


الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية، ج‌5، ص: 23‌
(و المشهور الصحة) مطلقا (1)، لعموم الأدلة‌
______________________________
بسلف إجماعا، و لا قسم رابع في البين فيتعين القول ببطلان بيعه.
و ردّ بأن الدين عين موصوفة، و التخيير للمديون لا يخرج الدين عن كونه كذلك فيصح بيعه لعموم أدلة البيع هذا و قد علق الشارح في الروضة هنا كما في الطبعة الحجرية بقوله (حاصل ...) يرجع إلى حصر حاصل استدلال ابن إدريس على المنع من بيعه على غير المديون يرجع إلى حصر ادعى صحته و هو: أن المبيع إما عين معينة أو في الذمة، و الأول إما بيع عين مرئية مشاهدة فلا يحتاج إلى وصف، و إما بيع عين غير مشاهدة فيحتاج إلى وصفها و ذكر جنسها و هو بيع خيار الرؤية و أما الذي في الذمة فهو السلف المفتقر إلى الأجل المعين و الوصف الخاص، قال: و الدين ليس عينا مشاهدة و لا معينة موصوفة إذ للمديون التخيير في جهات القضاء، و ليس بسلم إجماعا و لا قسم رابع هنا لنا.
ثم اعترض على نفسه بأنه خلاف الإجماع لانعقاده على صحة بيع الدين، ثم أجاب بأن العمومات قد تخصّ، و الأدلة هنا عامة تخصّها ببيعه على غير من هو عليه، ثم عقّب ذلك بأنه تحقيق لا يبلغه إلا محقق أصول الفقه و ضابط فروع المذهب، عالم بأحكامه محكّم لمداره و تقريراته و تقسيماته، ثم استدل أيضا بالإجماع على عدم صحة جعل الدين مضاربة إلا بعد قبضه، ثم أطنب في ذلك بما لا محصّل له.
و أنت خبير بأن التقسيم الذي ادعى فيه الحصر لا دليل عليه، و أما ما ادعاه من الإجماع وارد عليه، و ما أعتذر عنه من التخصيص متوقف على قيام المخصص و هو مفقود، و المنع من المضاربة على الدين لا مدخل له في المنع من بيعه أصلا، و إلا لمنع من بيعه على من هو عليه كما يمنع من مضاربته.
و إنما المانع عندهم من المضاربة أمر آخر أشرنا إليه في بابه، و لا فرق بين البيع للدين و السلم فيه إلا بالأجل، و هو لا يصيّر المجهول معلوما.
(1) سواء كان البيع على المديون أم على غيره.
________________________________________
عاملى، سيد محمد حسين ترحينى، الزبدة الفقهية في شرح الروضة البهية، 9 جلد، دار الفقه للطباعة و النشر، قم - ايران، چهارم، 1427 ه‍ ق




جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌24، ص: 344
[المسألة العاشرة و يجوز الدين بعد حلوله على الذي هو عليه]
كما أن المسألة العاشرة كذلك لا مدخلية لها في السلم إذ قد عرفت الحال في بيعه قبل الحلول، و بعده أما غيره ف‍ يجوز الدين بعد حلوله على الذي هو عليه بلا خلاف فيه بيننا و لا اشكال بل و على غيره وفاقا للمشهور، شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل لعلها كذلك بعد انحصار الخلاف في الحلي، لوجود المقتضى و ارتفاع المانع عدا ما يحكى عنه من الإجماع المتبين خطاؤه في تحصيله، بعدم موافقة أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه له في ذلك، بل ليس فيما حضرني من نسخة السرائر ذلك، و ان أطال في ترجيح ما ذهب اليه من المنع، بأنه ليس بيع عين مشاهدة، و لا مشخصة موصوفة و لا كلية موصوفة إذا لا خير سلم و ليس هو منه قطعا، كما أنه ليس من الأولين كذلك لعدم تعين الدين و تشخصه الا بالقبض، بل أورد على نفسه أن الإجماع منعقد بغير خلاف على صحة بيع الدين و إمضائه و عموم أخبارهم على ذلك، و أجاب بأنا عاملون بالإجماع و متبعون لظواهر القرآن في بيع الدين على من هو عليه دون غيره، و ظاهره وجود معقد إجماع مطلق.
______________________________
(1) الوسائل الباب- 9- من أبواب الصرف الحديث- 2.


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 345‌
و على كل حال فلا ريب في ضعف قوله، إذ لا مانع من كونه بيع عين موصوفة، و ان لم يكن سلما و لا مشخصة لعموم أدلة البيع، بل مقتضاها جواز البيع قبل الأجل كما هو صريح التذكرة و الروضة، و ظاهر المختلف و اللمعة و جماعة، و لا معارض لها، إذ الإجماع المدعى انما هو في السلم خاصة، و دعوى عدم الفرق واضحة المنع، كدعوى عدم الملكية للبائع قبل الأجل في نحو القرض المؤجل، و مهر الزوجة و نحوهما من أفراد الدين، و كذا عدم القدرة على التسليم بعد ما عرفت من عدم اعتبار القدرة فعلا في صحة البيع، فما في الدروس و ظاهر الإرشاد و محتمل النافع أو ظاهره من المنع ضعيف، هذا كله في أصل جواز البيع.
و أما ما يباع به فان باعه بما هو حاضر مشخص صح بلا خلاف و لا اشكال و كذا ان باعه بمضمون في العقد حال صح أيضا لعدم صدق الدين عليه، ضرورة عدم كون المراد منه التأخير بل غاية المراد منه الكلى الصادق على أفراد متعددة، أما إذا كان مضمونا قبل العقد بان يكون مؤجلا ثم يحل الأجل فالمتجه فيه المنع لانه بيع دين بدين كالحال بالمؤجل السابق، و اعتبار الأجل في الدين على تقدير تسليمه كما نص عليه بعض أهل اللغة بل نسب الى ظاهر بعض الأصحاب انما يراد منه اعتباره حين ثبوته بمعنى ان الدين ما يضرب فيه الأجل أول مرة، و لا ينافيه خلوه عنه في ثاني الحال، و لذا أطلق الأصحاب على الدين بعد حلول أجله لفظه إطلاقا حقيقيا و هو المتداول عرفا و لا يصح السلب عنه فيه حينئذ.
لكن في الرياض في شرح عبارة النافع التي هي كعبارة المتن هنا، إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان مؤجلا ثم حل الأجل أو كان غير مؤجل في الأصل، كما إذا بيع بدينار كلى غير مستقر في ذمته قبل البيع، و لا اشكال فيه لما مر، مع عدم صدق الدين عليه حقيقة كما يأتي، و يشكل في الأول ان لم يكن إجماع كما هو ظاهر الروضة حيث جعل الجواز أقوى و هو مشعر بل ظاهر في‌


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 346‌
وقوع الخلاف، و وجهه قوة احتمال صدق الدين عليه، بناء على تضمنه الأجل، و لو في الزمان السابق على العقد، فيلزم حينئذ بيع الدين بالدين، و وجه الجواز اما الشك في الصدق، أو لزوم الاقتصار في المنع في بيع الدين بالدين المخالف للأصل على محل الوفاق، و ليس منه محل الفرض، لوقوع الخلاف، و الخبر المانع عنه و ان كان عاما الا انه قاصر سندا يشكل الاعتماد عليه فيما عدا الإجماع.
و ربما يوجه باختصاص الدين بالمؤجل كما في كلام الأصحاب و جماعة من أهل اللغة، و محل الفرض بعد انقضاء أجله ليس كذلك الى آخره، و هو من غرائب الكلام، ضرورة ظهوره في أن الجواز بالمضمون السابق مظنة الإجماع، و فيه أن المراد بالمضمون في كلام الأصحاب ما قابل العين، أي الكلي في العقد فلا يشمل المضمون سابقا، بل ينبغي القطع بذلك، إذ لا خلاف بينهم في أن بيع المضمون المؤجل سابقا بمضمون سابقا كذلك من بيع الدين بالدين، سواء كانا حالين أو مؤجلين أو أحدهما حالا و الأخر مؤجلا، إنما البحث فيما صار دينا بالعقد، و هو الذي أشار إليه المصنف بقوله.
و ان اشترط تأجيله أي الثمن في بيع الدين بعد حلوله قيل و القائل المشهور يبطل لانه بيع دين بدين فيشمله النص و الإجماع و قيل يكره و هو الأشبه عند المصنف و جماعة، للأصل و العمومات التي يجب الاقتصار في الخروج عنها على المتيقن، و هو ما كان عوضا حال كونه دينا، كما هو مقتضى تعلق الباء به، و المضمون عند العقد ليس بدين، و انما يصير دينا بعده، فلم يتحقق بيع الدين به و الا لزم مثله في بيعه بالحال الذي لم يعرف من أحد المنع فيه، و الفرق غير واضح. و دعوى إطلاق اسم الدين عليه ان أرادوا به قبل العقد فممنوع، و بعده فمشترك بين الحال و المؤجل، فيلزم أن لا يصح بحال كما عرفت، و إطلاق بيع الدين بالدين عليه عرفا مجاز، على معنى أن الثمن بقي في ذمته دينا بعد‌


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 347‌
البيع، و لو اعتبر مثل هذا الإطلاق جاء مثله في الحال إذا لم يقبضه، خصوصا إذا أمهله به من غير تأجيل.
و فيه منع كون المراد من النص ذلك لا غير، و تعلق الباء أعم، إذ يمكن كون المراد المنع من بيع الدين بالدين المقابل للعين و الحال اى لا تبع الدين بهذا الصنف من البيع فيكون التعريف إشارة الى هذا القسم من البيع المعهود في الذهن و حينئذ فأظهر الفردين المؤجل في العقد لا العكس و قد تقدم في تأجيل ثمن السلف ما يستفاد منه المفروغية من تناول بيع الدين بالدين للمؤجل ثمنه بالعقد، و أنه من الواضحات فلا ريب حينئذ في أن الأشبه خلاف ما ذكره المصنف.
و قد تحصل من مجموع ما ذكرنا المنع من بيع الدين السابق بالدين السابق في الصور الأربعة أي الحالين و المؤجلين و المختلفين، و اما إذا كانا مضمونين بالعقد فالمؤجلان منهما لا ريب في بطلانه، بل يمكن اندراجه في بيع الكالي بالكالي و قد عرفت الحال فيه في تأجيل ثمن السلف إذ هو هو، و الحالان منهما لا إشكال في صحتهما للعمومات كالمختلفين، و أما إذا كان أحدهما مضمونا بالعقد و الأخر قبله فان كان المضمون سابقا سلما لم يجز بيعه قبل حلوله مطلقا و جاز بعده إذا كان الثمن حالا، و ان لم يكن سلما جاز قبل حلوله بعين حاضرة، و بكلي مضمون بالعقد حال لا مؤجل على الأقوى، و لو جعل المضمون سابقا ثمنا لعين أو كلي حال جاز قطعا إذا كان حالا، من غير فرق بين السلم و غيره و ان كان مؤجلا فوجهان، إذا كان سلما أقواهما العدم، بناء على عدم الفرق في المنع بين جعله ثمنا أو مثمنا قبل حلول اجله و ان لم يكن سلما فالأقوى الجواز بل ينبغي القطع به إذ هو كالعكس فتأمل جيدا.
و قد تلخص مما ذكرنا جواز بيع الحال بالحال مع عدم أجل لهما في السابق فضلا عن الحالين بالعقد، و عن الحال كذلك بالمؤجل السابق أو بالعقد، لما عرفته من عدم ارادة ما يشمل الكلى المضمون حالا، و قيمة المغصوب و نحوها من بيع الدين بالدين‌


جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌24، ص: 348‌
و مدار البحث على اعتبار الأجل في صدق اسم الدين هنا و صدقه عليه بعد حلوله و على عدم اعتبار سبق الدينية في صدق بيع الدين بالدين و الله العالم.
________________________________________
نجفى، صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، 43 جلد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، هفتم، 1404 ه‍ ق




سؤال و جواب (للسيد اليزدي)؛ ص: 205
سؤال 341 [اقسام بيع دين و احكام آنها]
ما يقول مولانا في بيع الدين على من هو عليه أو على غيره، قبل حلول الأجل أو بعده، الدين طعام أو غيره، بيعه بثمن حال أو مؤجل؟
جواب: أما قبل الأجل فإن كان ذلك الدين مبيعا في السلم فلا يجوز بيعه مطلقا و لو على من هو عليه، سواء كان بثمن معين أو كلي في الذمة، حال أو مؤجل. و إن كان من غير مبيع السلم، أو كان بعد حلول الأجل مطلقا و لو في السلم، فيجوز بيعه بثمن شخصي أو كلي في الذمة، حال بجنسه بشرط المساواة إذا كان من الربويات، و بغير جنسه مطلقا. و لا يجوز بيعه بثمن مؤجل أو بدين آخر و لو حال الأجل.
هذا إذا لم يكن مكيلا أو موزونا، أو كان منهما و لم يكن تملكه بالشراء، و أما المكيل أو الموزون اللذان كان تملكهما بالشراء، ففي جواز بيعه على غير من عليه قبل القبض، سواء كان قبل حلول الأجل أو بعده، و سواء كان الثمن شخصيا أو كليا في الذمة حالا، إشكال و خلاف: بين قائل بالحرمة مطلقا و قائل بالكراهة مطلقا و مفصل بين الطعام فالتحريم و غيره فيجوز، و مفصل بين المرابحة فلا يجوز و غيرها فيجوز، و مفصل بين التولية فيجوز و غيرها فلا يجوز، و الأحوط تركه خصوصا في الطعام في غير بيع التولية، و أما بيع التولية فلا يخلو جوازه من قوة، و إن كان الأحوط تركه أيضا.
و أما ثمن قرار دادن دين قبل از حلول اجل، پس جواز آن در مورد منع مبيع قرار دادن، محل اشكال است. و هم چنين بعد از حلول و قبل از قبض، در مكيل و موزون (و اللّٰه العالم).
________________________________________
يزدى، سيد محمد كاظم طباطبايى، سؤال و جواب (للسيد اليزدي)، در يك جلد، مركز نشر العلوم الإسلامي، تهران - ايران، اول، 1415 ه‍ ق





جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌24، ص: 320
و أما انه يجوز بعد حلوله و قبضه، فلا خلاف فيه و لا اشكال، بل الأقوى الجواز و ان لم يقبضه على من هو عليه و على غيره بجنس الثمن و مخالفه بالمساوي له أو بالأقل أو بالأكثر ما لم يستلزم الربا، سواء كان المسلم فيه طعاما أو غيره مكيلا أو موزونا أو معدودا أو غيره، لإطلاق الأدلة و عمومها، و خصوص‌.................

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌24، ص: 321
بناء على ان المراد بذلك كله خصوصا الأخير البيع لا الوفاء بدونه، و قصورها سندا أو دلالة منجبر بالشهرة المحكية و المحصلة، كما أن اختصاص مواردها بالبيع على من له عليه غير قادح بعد تتميمه بما في الرياض من انه لا قائل بالفرق بين الطائفة.
و ان كان قد يناقش بما في التنقيح من الإجماع على صحة بيع السلم بعد حلوله قبل قبضه على من هو عليه، اما على غيره ففيه خلاف، قال الشيخ يصح، و منعه ابن إدريس و هو كذلك، لأنه في السرائر في باب السلم بعد ان حكى عن الشيخ الجواز مطلقا قال:
قد حررنا القول في بيع الدين و قلنا: انه لا يجوز الا على من هو عليه، و شرحناه و أوضحناه في باب الديون بما لا طائل في إعادته، فجعل ما نحن فيه من جزئيات تلك المسألة و كيف كان ففي الرياض انه قد خالف في ذلك الشيخ في التهذيب حيث منع من البيع بالدراهم إذا كان الثمن الأول كذلك، ل‍‌



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌15، ص: 65
[في حكم بيع الدين]
و يصحّ بيع الدين على من هو عليه و على غيره (1)
______________________________
[في حكم بيع الدين]
قوله: (و يصحّ بيع الدين على من هو عليه و على غيره)
قد تقدّم «1» الكلام فيه في باب السلم. و قال أيضا في المقام في «المختلف «2»»: يجوز بيع الدين، و هو مذهب علمائنا، و لا فرق بين بيعه على من هو عليه و لا على غيره، و في «اللمعة «3» و الروضة «4»» أنّه المشهور. و نسبه في «المبسوط «5»» إلى رواية أصحابنا.
و في «السرائر «6»» أنّ إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحّة بيع الدين و إمضائه و أخبارهم على ذلك، و كذلك أقوالهم و تصنيفاتهم و مسطوراتهم و فتاواهم إلّا أنّه خصّه ببيعه على من هو عليه كما ستسمع.
و المراد بعد الحلول بما هو حاضر، و أمّا قبله فستسمع الكلام فيه.
و المخالف فيما نحن فيه ابن إدريس، فمنع من بيعه على غير من هو عليه استنادا إلى دليل قاصر و تقسيم غير حاصر. و قد نقل كلامه في «المختلف «7»» برمّته على طوله و بالغ في ردّه، و قد رماه جماعة «8» بالضعف للأصل و العمومات السالمة عن المعارض إلّا ما يظهر من «السرائر» من دعوى الإجماع الموهون بمصيرهم إلى خلافه.
______________________________
(1) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(2) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 379.
(3) اللمعة الدمشقية: في الدين ص 135.
(4) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19- 23.
(5) المبسوط: في المكاتب ج 6 ص 126- 127.
(6) السرائر: في وجوب قضاء الدين إلى الحيّ و الميّت ج 2 ص 39.
(7) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 379- 381.
(8) منهم المحقّق الكركي في جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 18، و السبزواري في الكفاية:
في الدين ج 1 ص 535، و السيوري في التنقيح: في السلم ج 2 ص 146، و الشهيد الثاني في المسالك: في السلف ج 3 ص 433.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 66‌
..........
______________________________
و أمّا بيعه قبل الأجل ففي «السرائر «1»» إن كان مؤجّلا لا يجوز بيعه على من هو عليه بلا خلاف، و يلزم عليه بطريق الأولويّة تحريمه على غيره. و في «التنقيح «2»» أنّ المشهور أنّ الدين لا يجوز بيعه قبل حلوله مطلقا. و هو ظاهر جماعة كالمحقّق في «الشرائع «3» و النافع «4»» و المصنّف في «الإرشاد «5»» و ما يأتي من الكتاب «6» و غيرهما «7»، و صريح آخرين منهم المصنّف في «التحرير «8»» و الشهيد في «الدروس «9»».
و الجواز خيرة جماعة كالمصنّف في «التذكرة «10» و المختلف «11»» و الشهيدين في «اللمعة «12» و الروضة «13»» و صاحب «إيضاح النافع» و المقدّس الأردبيلي «14» و المولى الخراساني «15». و مال إليه في «المسالك «16»» و كأنّ المحقّق الثاني «17» متردّد.
و قد نصّ أكثر هؤلاء على أنّ ذلك- أي الجواز- إنّما هو فيما إذا باعه بالحال‌
______________________________
(1) السرائر: في وجوب قضاء الدين إلى الحيّ و الميّت ج 2 ص 39.
(2) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 146.
(3) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66.
(4) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(5) إرشاد الأذهان: في الديون و توابعه ج 1 ص 391.
(6) قواعد الأحكام: في القرض ج 2 ص 106.
(7) تبصرة المتعلّمين: في الديون ص 112.
(8) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 457.
(9) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(10) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 20.
(11) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(12) هذا هو الموجود في أكثر نسخ اللمعة المشروحة و غيرها، و قد نسبه في أكثر نسخها إلى الشهرة و في بعض نسخها لم تنسب الفتوى المذكورة إلى الشهرة، فراجع اللمعة الدمشقية: ص 135.
(13) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(14) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(15) كفاية الأحكام: في الدين ج 1 ص 535.
(16) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 432.
(17) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 38.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 67‌
..........
______________________________
لا بالمؤجّل. و في «الروضة «1»» مال إلى جوازه بالمؤجّل أيضا، و كذلك المقدّس الأردبيلي «2» و قوّاه صاحب «إيضاح النافع» و لقد خبط صاحب «غاية المرام «3»» في المقام فتوقّ خبطه.
و لعلّ مستند المانعين بعد الإجماع الظاهر من «السرائر» المعتضد بشهرة «التنقيح» إجماعهم على عدم جواز بيع السلم قبل حلوله. و هو محكي في «كشف الرموز و التنقيح» و ظاهر «الغنية و جامع المقاصد و مجمع البرهان و الكفاية» كما بيّنّا «4» ذلك كلّه و قلنا: إنّ المخالف صاحب «الوسيلة» في ظاهره و بعض من تأخّر ممّن ندر مستندا إلى أنّه حقّ مالي فيجوز بيعه، و لا ينافيه عدم استحقاق المشتري له لتعلّق ذلك بالمطالبة دون الملكيّة ... إلى آخر ما بيّناه هناك.
و قد يضعّف «5» بأنّ ذلك مبنيّ على حصول الملكيّة و هي محلّ مناقشة، إذ هي فرع الانتقال و هو مشروط بانقضاء المدّة، فصرف الاستحقاق المنفي إلى المطالبة خاصّة دون الملكيّة لا وجه له، لظهور اشتراطها بانقضاء المدّة، و فيه نظر ظاهر، فالمدار على الإجماع، و حينئذ فيتّجه للقائل بالجواز أن يقول: إنّ الإجماع مفقود فيما نحن فيه، فيبقى الأصل و العمومات سالمة عن المعارض.
ثمّ إن سلّمنا عدم انتقال المال المسلم فيه حين العقد قلنا: إنّ الملكيّة حاصلة فيما نحن فيه بمجرّد السبب، غاية الأمر توقّف المطالبة على انقضاء الأجل كما في مهر الزوجة، و لذا أطبقوا على المنع في السلف و اختلفوا هنا، فقد ظهر ما يحتجّ به لكلّ من القولين.
______________________________
(1) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(2) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(3) غاية المرام: في السلف ج 2 ص 120- 121.
(4) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(5) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 448.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 68‌
فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ على رأي. (1)
______________________________
و وجه جوازه بالمؤجّل يتوقّف على بيان المراد من الدين في بيع الدين بالدين الّذي نهي عنه في خبر طلحة و انعقد الإجماع عليه هل هو ما كان دينا قبل العقد كما هو ظاهر جماعة فيخصّ بذلك؟ أو يشمل ما صار دينا بسبب العقد و إن لم يكن دينا؟ و قد تقدّم «1» منّا بيان ذلك في أوّل المقصد الرابع في أنواع البيع. و قلنا هناك إنّ المشهور الثاني، و في باب السلف «2» ظهر لنا أنّه محلّ إجماع، لأنّ المسلم فيه ليس بدين حال العقد و إنّما يصير دينا به مع أنّ ظاهرهم الإجماع كما هو صريح «جامع المقاصد «3»» على أنّه من بيع الدين المنهيّ عنه لو كان الثمن دينا كما أوضحنا ذلك فيما سلف «4». و قد تقدّم «5» في أوّل هذا الباب- أي باب الدين- عن «الوسيلة و جامع الشرائع» ما قد يدلّ على ذلك، و تقدّم «6» في باب الصرف ما له نفع تامّ في المقام. و تمام الكلام يأتي قريبا «7» عند تعرّض المصنّف له عند قوله «و لا يصحّ بيع الدين بدين آخر».
قوله: (فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ على رأي)
قاله المتأخّرون كما في «الدروس «8» و المهذّب البارع «9»»‌
______________________________
(1) تقدّمت الإشارة إلى ذلك في ج 4 ص 425- 426 و لم نجد هناك ذكرا للشهرة على الثاني بل و لم يذكر المسألة هناك صريحا إلّا ما ذكره عن المهذّب البارع الّذي لا إشارة فيه إلى المسألة، فراجع.
(2) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(3) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.
(4) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(5) تقدّم ذكره في ص 8.
(6) تقدّم في ج 13 ص 551- 557.
(7) سيأتي في ص 90- 98.
(8) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق




مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 779
لكن بيع الدين قبل قبضه و بعد حلوله إذا لم يكن سلما ممّا لا خلاف فيه على الظاهر إلّا من ابن إدريس- كما سمعت- و من ابن حمزة في «الوسيلة» إذا كان طعاما كما عرفت، و ذلك ليس ممّا نحن فيه، لأنّ الخلاف فيما نحن فيه من المكيل و الموزون مبيعا و كراهية إنّما هو فيما إذا كان انتقل إليه بالبيع و أراد نقله به.
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 774
[حكم بيع السلم قبل حلول أجله]
و لا يجوز بيع السلم قبل حلوله، (1)
______________________________
[حكم بيع السلم قبل حلول أجله]
قوله قدّس سرّه: (و لا يجوز بيع السلم قبل حلوله)
عدم جواز بيع السلم قبل حلوله إجماعي كما في «كشف الرموز «1» و التنقيح «2»» و ظاهر «الغنية «3» و جامع المقاصد «4» و مجمع البرهان «5» و الكفاية «6» و الحدائق «7»» و لا فرق في ذلك بين كونه على من هو عليه أو غيره حالّا أو مؤجّلا كما هو قضيّة كلامهم.
و في «الرياض» أنّه لم يظهر له خلاف في ذلك كلّه إلّا من بعض من ندر ممّن تأخّر «8». قلت: قد تعطي عبارة «الوسيلة» خلافا في المقام، قال: و إذا أراد أن يبيع المسلف ما أسلف فيه من المستسلف عند حلول الأجل أو قبله بجنس ما ابتاعه بأكثر من الثمن الّذي ابتاعه لم يجز، و إن باع بجنس غير ذلك جاز «9»، انتهى فليتأمّل.
و قد جوّز الشهيدان «10» و الفاضل الميسي الصلح عليه، و هذا منهم بناء على أنّ الصلح أصل لا فرع.
و من ندر ممّن تأخّر «11» نظر إلى أنّه حقّ مالي فيجوز بيعه و لا ينافيه عدم استحقاق المشتري له، لتعلّق عدم الاستحقاق بالمطالبة دون الملكية فإنّها حاصلة و إن لم‌
______________________________
(1) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 525.
(2) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 145.
(3) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(4) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 241.
(5) مجمع الفائدة و البرهان: في السلف ج 8 ص 360.
(6) كفاية الأحكام: في السلف ج 1 ص 523.
(7) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 35.
(8) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 447.
(9) الوسيلة: في السلف ص 242.
(10) الدروس الشرعية: في السلف ج 3 ص 261، و الروضة: في السلف ج 3 ص 422.
(11) الوسيلة: في السلف ص 242.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 775‌
و يجوز بعده قبل القبض على الغريم و غيره على كراهية، (1)
______________________________
يجز له قبل الأجل المطالبة. و القدرة على التسليم المشترطة في صحّة المعاملة إنّما هي في الجملة لا حين إجراء عقد المعاملة، و إلّا لما صحّ ابتياع الحيوان الغائبة إلّا بعد حضورها و القدرة على تسليمها حين المعاملة، و ذلك معلوم الفساد، فالأصل في المسألة الإجماع، نعم إذا باعه حالّا بطل، لعدم استحقاق المطالبة.
قوله قدّس سرّه: (و يجوز بعده قبل القبض على الغريم و غيره على كراهية)
ذكر في «التذكرة» أنّ لعلمائنا في بيع ما لم يقبض خمسة أقوال:
الجواز على كراهية مطلقا، و المنع مطلقا، و المنع في المكيل و الموزون مطلقا و الجواز في غيرهما، و المنع في الطعام خاصّة، و المنع في المكيل و الموزون خاصّة إلّا تولية «1». و هذه الأقوال لم ينقلها هكذا أحد، بل ادّعى الإجماع على بيع ما عدا المكيل و الموزن «2».
و على كلّ حال فالّذي يظهر أنّ الأقوال أكثر من ذلك. و قد اختار في «التحرير» أنّه يحرم بيع الطعام قبل قبضه إلّا تولية «3». و هذا غير القول الخامس، لأنّ القول الخامس المنع في المكيل و الموزون إلّا تولية، و هو أعمّ. و ما في الكتاب كلّه صرّح به في موضع من «الشرائع «4» و التحرير «5» و اللمعة «6»» و كذا «التذكرة «7» و الإرشاد «8»» غير أنّه لم يذكر الكراهية فيهما.
______________________________
(1) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 119- 122.
(2) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338، و في أحكام السلف: ص 430.
(3) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338، و في أحكام السلف: ص 430.
(4) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 65.
(5) تحرير الأحكام: في أحكام السلف ج 2 ص 430.
(6) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 125.
(7) تذكرة الفقهاء: في السلم ج 11 ص 359 و ذكر فيها الكراهة.
(8) إرشاد الأذهان: في السلف ج 1 ص 372.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 776‌
..........
______________________________
و في «النهاية «1»» و موضع من «المبسوط «2» و الشرائع «3» و الإرشاد «4» و التحرير «5» و الكتاب» أيضا و «الدروس «6»» أنّه من ابتاع متاعا لم يقبضه ثمّ أراد بيعه كان مكروها إذا كان ممّا يكال أو يوزن. و هو خيرة «الإيضاح «7» و التنقيح «8» و جامع المقاصد «9» و مجمع البرهان «10»» و المحكي عن المفيد «11» و القاضي في الكامل «12».
و في موضع من «المبسوط «13» و التذكرة «14» و الميسية و المسالك «15»» في موضعين منه و «الروضة «16»» المنع من ذلك. و هو المنقول عن الحسن بن عيسى «17»، بل في باب القبض من «المبسوط» الإجماع على أنّه لا يجوز بيع المسلم فيه قبل القبض على من هو عليه و على غيره «18»، و في موضع من «المبسوط» الإجماع‌
______________________________
(1) النهاية: في السلف ص 398.
(2) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 119- 120.
(3) شرائع الإسلام: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 31.
(4) إرشاد الأذهان: في التسليم ج 1 ص 382.
(5) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.
(6) الدروس الشرعية: في القبض ج 3 ص 211.
(7) إيضاح الفوائد: في التسليم ج 1 ص 508.
(8) التنقيح الرائع: في أحكام المبيع ج 2 ص 68.
(9) جامع المقاصد: في التسليم ج 4 ص 398.
(10) مجمع الفائدة و البرهان: في التسليم ج 8 ص 507.
(11) الحاكي عنه هو المقداد في التنقيح الرائع: في أحكام المبيع ج 2 ص 68.
(12) الحاكي عنه هو العلّامة في مختلف الشيعة: في القبض ج 5 ص 281.
(13) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 119.
(14) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 129 و في السلم ج 11 ص 360.
(15) مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 247 و بيع السلف ص 424.
(16) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 421.
(17) نقله عنه فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد: في التسليم ج 1 ص 508، و الفاضل المقداد في التنقيح: ج 2 ص 68.
(18) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 122.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 777‌
..........
______________________________
على المنع منه في الطعام «1» «كالغنية «2»».
و في «الخلاف» يجوز بيع ما عدا الطعام ما لم يقبض «3». و هو خيرة القاضي في «المهذّب «4»». و هو الّذي استظهره في موضع من «التذكرة» على إشكال له فيه «5».
و في «التحرير» يحرم إذا كان طعاما إلّا تولية «6». و في موضع آخر من «المبسوط» المنع عن بيع ما لم يقبض مطلقا «7» و لو كان مال كتابة كما ستعرف «8». و في «النافع «9»» عين ما في الكتاب إلّا أنّه خصّص الكراهية بالطعام.
و أبو جعفر الطوسي منع من بيع الطعام قبل القبض سواء كان مبيعا أو قرضا، و قال: إنّ غير الطعام يجوز بيعه قبل القبض على كلّ حال إلّا أن يكون سلفا «10».
و أبو الصلاح قال: يصحّ بيع ما استحقّ تسليمه قبل أن يقبضه و ينوب قبض الثاني عن الأوّل «11» و أطلق. و في «المقنع «12»» لا يجوز أن يشتري الطعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه، و روي في حديث أنّه لا بأس أن يشتري الطعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه «13».
و نقل «14» عن الشهيد أنّه حكى عن كثير من الأصحاب منهم ابن أبي عقيل القول‌
______________________________
(1) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 122.
(2) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(3) الخلاف: في البيع ج 3 ص 97 مسألة 158.
(4) المهذّب البارع: في بيع ما لم يقبض ج 1 ص 385.
(5) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 122.
(6) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.
(7) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 120.
(8) سيأتي في ص 779.
(9) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(10) الوسيلة: في بيع ما لم يقبض ص 252.
(11) الكافي في الفقه: في البيع ص 355.
(12) المقنع: في المكاسب و التجارات ص 367.
(13) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ح 6 ج 12 ص 388.
(14) الناقل عنه المقداد في التنقيح الرائع: في القبض ج 2 ص 68.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 778‌
..........
______________________________
بالتحريم مطلقا طعاما كان أو غيره. و قد سمعت ما وجدنا حكايته عن ابن أبي عقيل. و في موضع من «الدروس «1»» الأقرب الكراهية في المكيل و الموزون، و تتأكّد في الطعام، و آكد منه إذا باعه بربح. و نحوه ما في موضع من «النافع «2» و كشف الرموز «3»». و في «التحرير» في آخر بحث الصبرة: أنّ بيع الطعام قبل قبضه مكروه عندنا «4»، و ظاهره الإجماع عليه. و جوّز في «المراسم «5»» البيع بعد الأجل، و أطلق و لم يفصّل. و قال في موضع آخر: يجوز بيع الدين قبل قبضه «6».
و في دين «السرائر «7»» أنّه لا يصحّ بيعه على غير من هو عليه، لأنّه غير معيّن.
و قال في سلف «السرائر «8»»: يجوز بيعه على الّذي هو عليه بزيادة أو نقصان من دون ذكر كراهية. و ظاهر الشيخ في «التهذيب «9»» المنع من البيع بالدراهم إذا كان الثمن الأوّل كذلك للخبر، و قد حملا «10» على ما إذا تفاوت الثمن بالزيادة. و نسب في «كشف الرموز «11»» إلى الشيخ و أتباعه جواز بيعه على من هو عليه و على غيره، و نسب الخلاف إلى ابن إدريس في باب الدين. و في «التنقيح» الإجماع على صحّة بيعه على من هو عليه «12». و في «التحرير» يجوز بيع ما لا يكال و لا يوزن قبل قبضه إجماعا «13».
______________________________
(1) الدروس الشرعية: في القبض ج 3 ص 211.
(2) المختصر النافع: في القبض ص 124.
(3) كشف الرموز: في القبض ج 1 ص 472.
(4) تحرير الأحكام: في أحكام الصبرة ج 2 ص 344.
(5) المراسم: في البيع بالنسيئة ص 174 و في بيع الأرزاق ... ص 181.
(6) المراسم: في البيع بالنسيئة ص 174 و في بيع الأرزاق ... ص 181.
(7) السرائر: في بيع الديون ج 2 ص 55.
(8) السرائر: في السلف ج 2 ص 314.
(9) تهذيب الأحكام: ب 3 في بيع المضمون ذيل ح 129 ج 7 ص 30- 31.
(10) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 449.
(11) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 525.
(12) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 145.
(13) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 779‌
..........
______________________________
هذا كلامهم في ما يتعلّق في المنع و الجواز مع الكراهة و بدونها و البيع على من هو عليه و غيره مع قطع النظر عن التفاوت بزيادة الثمن و عدمه. و هذا الّذي ذكرناه من أقوالهم نقلناه من كلامهم في المقام و في باب بيع ما لم يقبض بناء منّا على أنّ المسألتين من سنخ واحد كما هو الظاهر من كلماتهم و ملاحظة أدلّتهم و قضية قواعدهم و صريح بعضهم.
لكن بيع الدين قبل قبضه و بعد حلوله إذا لم يكن سلما ممّا لا خلاف فيه على الظاهر إلّا من ابن إدريس- كما سمعت- و من ابن حمزة في «الوسيلة» إذا كان طعاما كما عرفت، و ذلك ليس ممّا نحن فيه، لأنّ الخلاف فيما نحن فيه من المكيل و الموزون مبيعا و كراهية إنّما هو فيما إذا كان انتقل إليه بالبيع و أراد نقله به.
و أمّا في صورة التفاوت فالمفيد و الحلّيون على الجواز كما في «الدروس «1»»، قال: و هو ظاهر مرسلة أبان «2» و مكاتبة ابن فضّال «3». قلت: و هو خيرة «المختلف «4»» و ظاهر «النهاية «5»» و موضع من «المبسوط «6»» و موضعين من «الشرائع «7»» و غيرها «8» كما أسمعناك ذلك كلّه. و قد وافقهم أبو المكارم «9» و أبو الصلاح فيما حكي «10» عنه فيما إذا باعه على غير من هو عليه، و ادّعى الأوّل الإجماع عليه. و قد سمعت ما في «المراسم» و ما في «السرائر» في موضعين منها. و في «الحدائق «11»» أنّ هذا القول‌
______________________________
(1) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(2) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 5 و 8 ج 13 ص 69 و 70.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 5 و 8 ج 13 ص 69 و 70.
(4) مختلف الشيعة: في السلف ج 5 ص 139.
(5) النهاية: في باب البيع بالنقد و النسيئة ص 388.
(6) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 123.
(7) شرائع الإسلام: في النقد و النسيئة ج 2 ص 26، و في أحكام السلف ص 66.
(8) كالدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(9) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(10) الحاكي عنه هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(11) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 40.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 780‌
..........
______________________________
مشهور بين الأصحاب على كراهية في المكيل و الموزون.
حجّة هذا القول الأصل و العمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة سوى صحاح غير صريحة الدلالة على وقوع المعاملة الثانية، فيحتمل ورودها في الفسخ خاصّة، و لا ريب حينئذ في المنع عن الزيادة مع التجانس في الكيل و الوزن، و ما روي في «الكافي «1» و التهذيب «2»» عن أحمد عن ابن أبي عمير عن أبان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يسلف الدراهم في الطعام إلى أجل فيحلّ الطعام، فيقول: ليس عندي طعام، و لكن انظر ما قيمته فخذ منّي ثمنه، قال: لا بأس بذلك. و هذا الخبر يلحق بالصحيح أو بالموثّق عند جماعة «3». و قد عضده مكاتبة ابن فضّال «4» و مكاتبة عليّ بن محمّد، قال: كتبت إليه «5» ... الحديث.
و خبر عليّ بن جعفر «6» فإنّه بإطلاقه شامل لما نحن فيه صريح في الربح، و قوله عليه السّلام:
«لم يصلح» ظاهر في الكراهية، و الخبر صحيح على الصحيح، لأنّ طريق الشيخ إلى عليّ بن جعفر صحيح، فقول بعضهم «7» «إنّه ضعيف» غفلة.
و ذهب الشيخ في موضع من «النهاية «8»» و أبو جعفر في «الوسيلة «9»» إلى أنّه في صورة التفاوت بالزيادة لا يجوز. و هو المحكي عن أبي عليّ «10» و العماني «11» و القاضي «12». و حمل عليه كلام «التهذيب «13»» و هو قضية كلام أبي المكارم فيما إذا‌
______________________________
(1) الكافي: في باب السلم في الطعام ح 6 ج 5 ص 185.
(2) تهذيب الأحكام: ب 3 في بيع المضمون ح 127 ج 7 ص 30.
(3) منهم الطباطبائي في الرياض: ج 8 ص 451، و البحراني في الحدائق: ج 20 ص 38.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(7) كالطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(8) النهاية: في السلف ص 397.
(9) الوسيلة: في السلف ص 242.
(10) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(11) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(12) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(13) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 781‌
..........
______________________________
باعه على المسلم عليه بجنسه «1». و في «الدروس «2»» أنّه مذهب الأكثر و الرواية به أشهر. و حكى صاحب «الرياض «3»» عن أبي الصلاح نقل الإجماع عليه و ادّعى أنّه- أي الإجماع- ظاهر «الغنية» و الموجود في «الغنية» ما أسمعناكه أوّلا و آخرا.
و الأخبار الدالّة عليه صحيحتا محمّد بن قيس «4» و صحيحة سليمان بن خالد «5» و صحيحة يعقوب بن شعيب «6» و موثّقة عبد اللّه بن بكير «7» و غيرها «8». و هذه الأخبار و إن قلنا إنّها غير صريحة الدلالة في المعاملة الثانية إلّا أنّ منها ما هو ظاهر في ذلك كإحدى صحيحتي محمّد بن قيس الواردة في رجل أعطى رجلا ورقا في وصيف إلى أجل مسمّى، فقال له صاحبه: لا أجد لك وصيفا خذ منّي قيمة وصيفك اليوم ورقا، فقال: لا يأخذ إلّا وصيفه أو ورقه الّذي أعطاه أوّل مرّة و لا يزداد عليه شيئا. و كقوله عليه السّلام في صحيحه الآخر: فلا يأخذ إلّا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ. و لو سلّم عدم الظهور فإطلاقها يشمل المعاملة الثانية، و هذا بالنظر إلى الأصل و العمومات خاصّ فليقدّم.
على أنّ أخبار القول الأوّل قابلة للحمل على صورة عدم الزيادة مع الفسخ و الإقالة أو عدم المجانسة، و لا ريب في ذلك نصّا و فتوى، ففي صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتّى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام و وجد عنده دوابا و رقيقا و متاعا أ يحلّ له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه؟ قال: نعم يسمّي كذا و كذا صاعا «9». و هذا الخبر كصحيح محمّد بن قيس و غيره صريح في جواز بيع الطعام على من هو عليه قبل‌
______________________________
(1) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(2) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(3) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(7) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(8) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(9) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 6 ج 13 ص 69.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 782‌
..........
______________________________
القبض من دون كراهية فضلا عن الحرمة. و لعلّ من كره أو حرّم نظر إلى إطلاق النصوص المانعة من بيعه قبل قبضه. و فيه: أنّ هذه مقدّمة لخصوصها لكن في مواردها، و هو البيع على من هو عليه خاصّة، و لعلّ القول بها على الإطلاق غير بعيد تفصّيا من شبهة الخلاف و دعوى الإجماع و الإطلاق المشار إليه.
و ليعلم أنّ أكثر الأخبار المانعة مصرّحة بالطعام و أطلق في صحيحة منصور بن حازم «1» و معاوية بن رهب «2» النهي عن بيع كلّ المكيل و الموزون إلّا تولية. و هل يحمل المطلق على المقيد في المقام أولا لعدم التنافي حتّى يجمع بينهما بالحمل على المقيّد؟
و قد تحصّل من هذين القولين أنّ البيع قبل القبض بمجانس الثمن- ربويّين كانا أو لم يكونا إذا لم يكن بين الثمنين الربويّين تفاوت بزيادة و لا نقيصة- ممّا اتفق عليه أصحاب هذين القولين.
و يدلّ عليه بعد الأصل و العمومات الأخبار الصحاح و المعتبرة، و مواردها و إن اختصّت بالبيع على المسلم لكن القائل بالفصل نادر.
و المراد بالطعام الحنطة و الشعير، لأنّه معناه شرعا كما نبّهوا «3» عليه في مواضع منها حلّ طعام أهل الكتاب «4». و به صرّح فخر الدين كما حكي «5» عنه. و استجوده بعض المتأخّرين «6» اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقّن. و قيل «7»: المراد به كلّ ما‌
______________________________
(1) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب السلف ص 67.
(2) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ح 11 ج 12 ص 389.
(3) المنبّه على ذلك- مضافا إلى أهل اللغة كالطريحي في المجمع: ج 6 ص 105 نقلا عن غيره و الجوهري في الصحاح: ج 5 ص 1974، و قد استشهد بحديث أبي سعيد و غيرهما- البحراني في الحدائق: ج 5 ص 171 نقلا عن جملة من أفاضل أهل اللغة و الشهيد الأوّل في الدروس: ج 2 ص 186، و الشهيد الثاني في المسالك: ج 10 ص 94.
(4) المائدة: 5.
(5) حكاه الشهيد الثاني و استجوده في مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 248.
(6) حكاه الشهيد الثاني و استجوده في مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 248.
(7) الحدائق الناضرة: في أحكام القبض ج 19 ص 179.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 783‌
..........
______________________________
اعدّ للأكل كما هو موضوعه لغة. و حكى الشهيد «1» في باب القبض عن المصنّف في التحرير أنّه الحنطة خاصّة. و هو محكي «2» عن بعض أهل اللغة.
و على القول بالمنع مطلقا أو على بعض الوجوه هل يقع البيع باطلا أو يأثم خاصّة؟
يبنى على أنّ النهي في المعاملة يقتضي الفساد أولا. و في «المختلف «3» و التنقيح «4»» أنّه لا يبطل و إنّما يأثم و بالبطلان صرّح ابن أبي عقيل فيما حكي «5» عنه. و هو الأصحّ.
و من أراد الوقوف على الأخبار في الباب فليلحظ «الوافي «6»» في المقام و في باب بيع الشي‌ء بعد شرائه و قبل كيله أو قبضه، لكن أخبار الباب على كثرتها مخصوصة بالبيع على من عليه الدين، و أخبار بيع الشي‌ء قبل قبضه بعد ضمّ مطلقها إلى مقيّدها و مجملها إلى مبيّنها ظاهرة في البيع على الغير. و قد يتخيّل من ذلك أنّ المسألتين ليستا من واد واحد و ليس كذلك و إن أوهمته بعض الروايات أو احتمل من كلامهم في بعض المقامات. و من لحظ كلامهم و أدلّتهم في البابين علم اتّحاد المسألتين.
و هنا فوائد طفحت بها عباراتهم و قد ذكرها في «التنقيح» نافيا عنها الخلاف، قال:
الاولى: لم نسمع خلافا بين أصحابنا و غيرهم في جواز بيع الأمانات قبل قبضها لتمام الملك و عدم كونها مضمونة على من هي في يده، و كذا المملوك بالإرث إلّا أن يكون الموروث ملكه بالشراء و لم يقبضه. قلت: في الاستثناء نظر، لأنّ انتقاله إلى الوارث بالإرث واسطة بين البيعين، و كذلك الحال في الصداق إذا كان المصدق اشتراه و لم يقبضه ثمّ أصدقه و أرادت المرأة بيعه. و مثله عوض الخلع‌
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق






الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 35
المسألة الثانية لو أراد بيع ما أسلف فيه‌
فهنا صور، احديها بيعه قبل حلول الأجل حالا، و الظاهر أنه لا خلاف في عدم الجواز لعدم استحقاقه له «1».
______________________________
(1) أقول عبائر جملة الأصحاب حتى الأصحاب المتون انه لا يجوز بيعه قبل حلوله و هو أعم من أن يكون المبيع حالا أو مؤجلا، و الثمن ايضا حالا أو مؤجلا، و قال في المهذب: الدين المؤجل منع ابن إدريس من بيعه مطلقا و ادعى عليه الإجماع، و أجاز العلامة بيعه على من هو عليه، فيباع بالحال لا بالمؤجل انتهى. و تعليل المحقق المشار إليه في الأصل في الصورة الثانية بلزوم منع من الدين انما يتجه فيما إذا كان الثمن مؤجلا و اما لو كان نقدا فلا، و المدعى في كلامهم أعم من ذلك كما عرفت- منه رحمه الله.
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 36‌
و ثانيها الصورة المذكورة الا انه يبيعه مؤجلا، و ظاهر الأصحاب العدم ايضا، قال بعض المحققين بعد نقل ذلك عنهم: و كان دليله الإجماع، و احتمال دخوله تحت بيع الدين بالدين، ثم قال: فتأمل خصوصا على من هو عليه، لانه مقبوض له انتهى.
و ثالثها بيعه بعد الحلول و بعد القبض، و لا خلاف في صحة البيع.
و رابعها بعد الحلول و قبل القبض، و المشهور أنه يجوز بيعه من البائع بزيادة و نقصان، سواء كان من جنس الثمن أم لا، و منع الشيخ في التهذيب من بيعه بعد الأجل بجنس الثمن مع الزيادة، و به قال ابن الجنيد و ابن ابى عقيل و ابن البراج و ابن حمزة، و الروايات في هذه الصورة لا يخلو من اختلاف، فالواجب أولا نقل ما وصل إلينا منها ثم الكلام فيما يحصل به الجمع بينها.
الاولى ما رواه‌
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 40
هذا جملة ما حضرني من الاخبار، و المشهور بين الأصحاب في هذه المسألة هو جواز البيع على من عليه الحق و غيره بزيادة أو نقيصة، و ان كان على كراهية في المكيل و الموزون، لان هذه المسألة عندهم أحد جزئيات مسألة بيع الشي‌ء قبل قبضه، و قد تقدم الكلام عليها في فصل بيع النقد و النسية و المشهور بينهم ثمة هو الجواز على كراهية في المكيل و الموزون فجروا هنا على ذلك، و قد عرفت آنفا أن المختار في تلك المسألة هو التحريم، وفاقا لجمع من المتقدمين و لشيخنا الشهيد الثاني من المتأخرين.
و لكن أخبار هذه المسألة كما سيظهر لك إنشاء الله مما يؤذن بمغايرة المسألتين، و يعضده أن مورد أخبار هذه المسألة كلها على كثرتها و اختلافها مخصوصة بالبيع على من عليه الدين، بخلاف أخبار تلك المسألة فإنها بعد ضم مطلقها الى مقيدها و مجملها‌
______________________________
(1) الكافي ج 5 ص 186 التهذيب ج 7 ص 29 الفقيه ج 3 ص 166.
(2) الكافي ج 5 ص 186 الفقيه ج 3 ص 165.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 41‌
الى مفصلها ظاهرة في البيع على الغير، و يدل على القول المشهور الخبر السابع و الثامن و التاسع، فإنها ظاهرة في الجواز بزيادة أو نقيصة.
و يؤيده أيضا أنه كسائر أمواله له الاختيار في بيعها بزيادة عما اشترى أو نقيصة، الا أن جل الأخبار المتقدمة قد منعت من الزيادة على رأس المال صريحا في بعض و ظاهرا في آخر، و هذا مما يؤذن بالمغايرة بين المسألتين أيضا، و الأصحاب رضوان الله عليهم لم ينقلوا إلا صحيحتي محمد بن قيس، و حملوهما على كراهة البيع قبل القبض، أو الاستحباب:
و الأقرب في الجمع بين الاخبار المذكورة انما هو حمل ما دل على أخذ رأس المال خاصة- و المنع من الزائد- على ما إذا فسخ العقد الأول «1» لتعذر المبيع كلا أو بالنسبة الى ما تعذر منه من نصفه أو ثلثه، فإنه في هذه الحال لا يجوز أخذ الزائد على رأس المال، لاستلزامه الربا، و الاخبار الدالة على القول المشهور على ظاهرها من بقاء المبيع من غير فسخ، فله بيعه بما شاء زيادة و نقيصة.
و أما ما دل عليه الخبر الثاني عشر و الثالث عشر- من النهى عن الشراء بالدراهم المرسلة اليه الا ان يكون معه آخر يشترى و يوفيه فهي محمولة على خوف التهمة، بدليل الخبر الرابع عشر، لا ما حمله عليه في الوافي من فسخ البيع و الوقوع في الربا، فان ظاهر الاخبار الثلاثة أنه أرسل إليه الدراهم و جعله وكيلا عنه في الاشتراء و الإقباض، و لكن حصل النهي في بعضها للعلة التي ذكرناها، كما أفصح به‌
______________________________
(1) و انما حملت الأخبار المذكورة على فسخ العقد لأن الحق الثابت في الذمة انما هو الجنس الذي أسلم فيه، فالواجب دفعه أو قيمته ان كان قيميا أو مثله ان كان مثليا، فان هذا هو مقتضى القواعد الشرعية، لكن لما دلت هذه الاخبار على خلاف ذلك من أخذ رأس المال خاصة فلا بد من حملها على فسخ العقد، لتعين أخذ رأس المال خاصة، و لا يجوز الزيادة حينئذ لوقوع الربا بذلك.
منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 42‌
البعض الأخر.
و استند الشيخ فيما تقدم نقله عنه الى الخبر الخامس، قال في التهذيب بعد إيراد الخبر السابع و الثامن ثم الخبر الخامس قال محمد بن الحسن: الذي افتى به ما تضمنه الخبر الأخير من أنه إذا كان الذي أسلف فيه دراهم لم يجز له أن يبيع عليه بدراهم، لانه يكون قد باع دراهم بدراهم.
و ربما كان فيه زيادة و نقصان، و ذلك ربا، و لا تنافي بين هذا الخبر و الخبرين الأولين، لأن الخبر الأول مرسل غير مسند، و لو كان مسندا لكان قوله «انظر ما قيمته على السعر الذي أخذت منى» فإنا قد بينا أنه يجوز له أن يأخذ القيمة برأس ماله من غير زيادة و لا نقصان، و الخبر الثاني أيضا مثل ذلك، و ليس في واحد من الخبرين أنه يعطيه القيمة بسعر الوقت، و إذا احتمل ما ذكرناه فلا تنافي بينهما على حال، على أن الخبرين يحتملان وجها آخر و هو أن يكون انما جاز له أن يأخذ الدراهم بقيمته إذا كان قد أعطاه في وقت السلف غير الدراهم، و لا يؤدى ذلك الى الربا لاختلاف الجنسين انتهى.
و لا يخفى بعد ما ذكره، سيما الاحتمال الأخير فإن أحد الخبرين المذكورين في كلامه و هو مرسلة أبان صريح في كونه أسلف دراهم، و قد اعترضه في هذا الاستدلال بعض من تأخر عنه، بأن الخبر الذي استند اليه يدل على خلاف ما ذهب اليه، فلا يصح له الاعتماد عليه، لانه عليه السلام منع من التقويم بالدراهم مطلقا سواء كان بقدر الثمن أو أقل أو أزيد، و الشيخ قد جوز بالمساوي فما يدل عليه الحديث بإطلاقه لا يقول به، و ما يقول به لا يدل عليه الخبر، إذ لا دلالة للعام على الخاص فلا يمكنه الاحتجاج به و هو جيد.
و كيف كان فان روايات المسألة كلها متفقة على الجمع الذي قدمنا ذكره «1»‌
______________________________
(1) أقول و ملخص الكلام في اخبار هذا الباب بعد الجمع بينها كما ذكرناه في الأصل ان جملة منها قد دل على انه الفسخ يرجع الى رأس ماله و مع عدم الفسخ فان بعضها دل بأنه يبيعه عليه بما شاء كما هو القول المشهور، و بعضها دل على انه يعطيه دراهم يشترى بها وكالة عنه و يقبض جنسه الذي اشتراه من وجه طلبه، و بعضها دل على انه مع قبض بعض له الفسخ في الباقي و أخذ رأس ماله، و بعضها دل على انه يجوز عوض سلفه عروضه يكون قيمة سلفه، و الجميع موافق لمقتضى الأصول و القواعد و لم يخرج من تحت رواية على بن جعفر لما عرفت في الأصل منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 43‌
و أما هذه الرواية فهي مخالفة للقواعد الفقهية المتفق عليها نصا و فتوى، فإنه بالبيع قد استحق المال المسلم فيه و صار ماله، يتصرف فيه كيف شاء، سواء اشتراه بدراهم أو عروض، و له بيعه بما شاء من الدراهم و العروض، الا أن يفسخ البيع، فيلزم رأس المال خاصة.
و أما مع عدم الفسخ فلا وجه للمنع من تقويمه بالدراهم، و كون المدفوع في قيمته دراهم و بيعه الان بدراهم لا يوجب ذلك الربا، لأنه إنما باع المتاع الذي أسلم فيه لا الثمن الذي دفعه قيمة، و أما ما دل عليه الخبر الخامس عشر فسيأتي الكلام فيه في محله إنشاء الله تعالى.
و بالجملة فالظاهر من الاخبار المذكورة بمعونة الجمع الذي قدمنا ذكره أنه مع عدم فسخ البيع الأول فله ان يبيع ما في ذمة المسلم اليه بما أراد من زيادة و نقيصة عليه أو على غيره، لانه ماله يتصرف فيه كيف شاء و لا مانع من ذلك شرعا إلا ما ربما يتخيل مما تقدم في مسألة البيع قبل القبض، و ان المختار ثمة هو التحريم كما دل عليه جل روايات تلك المسألة.
و الجواب عن ذلك ان الظاهر عندي ان هذه المسألة غير مترتبة على تلك، بل هي مسألة على حيالها كما لا يخفى على المتأمل في أخبار المسألتين و موضوع اخبار هذه المسألة انما هو بيع مال السلم على من هو عليه، و اخبار تلك المسألة انما هو الشراء على غير وجه السلم و بيعه على الغير قبل قبضه كما لا يخفى على المتأمل‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 44‌
فيها و ان اشترك الجميع في كونه بيعا قبل القبض، و المختار عندنا هنا هو الجواز كما عرفت من الاخبار التي أشرنا إليها، و هي الخبر السابع و الثامن و التاسع بالتقريب المتقدم، و ظاهر شيخنا الشهيد الثاني اختيار التحريم هنا بناء على اختياره التحريم في تلك المسألة كما قدمنا نقله عنه «1» و هو غفلة عن ملاحظة روايات هذه المسألة المذكورة فإنها صريحة في الجواز كلا و انما اختلفت في الزيادة عن رأس المال منعا و تجويزا و إلا فأصل البيع لا خلاف فيه لا في الاخبار و لا في كلام الأصحاب بخلاف روايات تلك المسألة، فإنها مختلفة في جواز البيع و عدمه، و جل الاخبار على العدم، كما رجحناه ثمة، و الظاهر ان الكراهة التي‌
______________________________
(1) حيث قال بعد قول المصنف «و يجوز بيعه على من هو عليه و على غيره و ان لم يقبضه على كراهية: ما صورته هذا إذا كان بما يكال أو يوزن» اما لو كان مما يعد ففي الكراهية نظر، لعدم الدليل، و قد تقدم في ذلك و ان الأقوى التحريم إذا كان طعاما أو إذا كان مما يكال أو يؤزن على ما فصل انتهى.
و هو ظاهر في بناء هذه المسألة على تلك المسألة فإن قوله و قد تقدم الكلام إشارة الى ما قدمه في تلك المسألة و ان عنده التحريم هنا و ان من اختار في تلك المسألة الكراهية اختار الكراهية هنا ايضا و أنت خبير في الجميع فإن الكراهة التي جمعوا بها بين اخبار تلك المسألة راجعة إلى أصل البيع حيث ان اخبار تلك المسألة اختلفت في صحة البيع و بطلانه.
و اما اخبار هذه المسألة فلم يختلفن في أصل البيع و انما اختلفت في الثمن فالكراهة إنما ترجع الى الثمن و زيادته على رأس المال لا إلى أصل البيع، فإنه لا دلالة في شي‌ء من هذه الاخبار على بطلان البيع و انما قيد المنع من الزيادة على رأس المال و في رواية على بن جعفر المنع من خصوص الدراهم و هم حملوا على الكراهة و على ما ذكرناه من الجمع باعتبار فسخ العقد و عدمه فلا يحتاج الى ما ذكروه و بالجملة فإن كلامه هنا مبنى على تلك المسألة و غفلته عن روايات هذه المسألة و الله العالم- منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 45‌
ذكرها القائلون بالجواز في هذه المسألة حيث انهم صرحوا بجواز بيع السلم على من هو عليه على كراهية، إنما استندوا فيها الى اخبار تلك المسألة لاختلافها في جواز البيع قبل القبض و عدمه، فجمعوا بينها بالكراهة، و الا فأخبار هذه المسألة على كثرتها متفقة على الجواز، و انما اختلفت في الزيادة على رأس المال.
و الظاهر ان السبب في ذلك كله هو ادراجهم هذه المسألة تحت تلك المسألة و الغفلة عن ملاحظة أخبار هذه المسألة مع كثرتها و تعددها، و التحقيق بالنظر الى اخبار كل من المسألتين هو تغاير الحكمين، و ان الأظهر في هذه المسألة هو الجواز للاخبار المتقدم ذكرها بلا كراهة بناء على ما جمعنا به بين اخبارها، و في تلك المسألة هو التحريم لما قدمناه فيها و الله العالم.
تذنيبان:
الأول [إذا حل الأجل و تأخر التسليم لعارض]
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 157
المسألة الثانية [في حكم من كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه]:
لو كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه عينا أو قيمة على وجه لا يحصل فيه الربا، و لا الإخلال بشروط الصرف لو كان العوضان من الأثمان، فالمشهور بين الأصحاب أنه يجب على الذي عليه الدين دفع ذلك الدين كملا إلى المشتري، لأنه قد انتقل اليه بالعقد الصحيح كما انتقل الثمن بأجمعه إلى البائع.
و قال الشيخ و جماعة: انه لا يلزم المدين أكثر مما دفعه المشترى من الثمن، و لا ريب في مخالفة هذا القول للقواعد الشرعية، و الضوابط المرعية، الا أنه قد وردت به الاخبار و عليها اعتمد الشيخ (رحمة الله عليه) فيما أفتى به هنا.
و منها ما رواه‌
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 158
و المشهور بين المتأخرين رد الخبرين بضعف الاسناد، و مخالفة القواعد الشرعية كما ذكرناه آنفا، خصوصا الرواية الثانية المتضمنة لبراءة المدين عليه المال من جميع ما بقي عليه، فإنه لا يعقل هيهنا وجه للبراءة لأنه قبل البيع ملك البائع و بعد البيع فاما أن ينتقل بالبيع إلى المشتري أم لا؟ فان انتقل فالواجب دفع الجميع إلى المشترى، و الا فلا موجب لخروجه عن ملك الأول.
و أما الرواية الأولى فيمكن حملها على مساواة ما اشترى به الدين الذي اشتراه فإنها و ان كانت مطلقة، لكن تنزيلها على ما ذكرناه ممكن لئلا يخرج عن مقتضى القواعد الصحيحة و الضوابط الصريحة.
و بالجملة فالمسألة بمحل من الإشكال، إذ الخروج عن مقتضى القواعد المذكورة مشكل، و طرح الخبرين من غير معارض في المقام أشكل، و لو وقع بطريق الصلح صح و لا اشكال، و لا يراعى فيه شروط الصرف، لاختصاصه بالبيع، أما الربا فينبغي مراعاته للقول بعدم اختصاصه بالبيع، كما تقدم في بابه «2».
______________________________
(1) الكافي ج 5 ص 100، التهذيب ج 6 ص 191.
(2) و مما يؤيد الخبرين المذكورين، رواه في الكافي و التهذيب عن عمر بن يزيد (الكافي ج 5 ص 259) «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل ضمن على رجل ضمانا ثم صالح عليه قال: ليس له الا الذي صالح عليه» فإنه ظاهر في براءة ذمة المضمون عنه فيما زاد عن مال الصلح، و بذلك صرح الأصحاب أيضا في هذه المسألة و الفرق بين المسألتين لا يخلو من خفاء و اشكال، و ان أمكن تكلفه الا أن الخبر المذكور لا يخلو من تأييد لما نحن فيه. منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 159‌
و للعلامة في المختلف هنا مع ابن إدريس كلام قد بسط فيه لسان الطعن على ابن إدريس و التشنيع لنسبته الى التجهيل مع التأويل للخبرين المذكورين لا بأس بنقله في المقام، و ان طال به زمام الكلام، لما فيه من الفوائد الظاهرة لذوي الأفهام.
قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: لو باع الدين بأقل مما له على المديون، قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال، و تبعه ابن البراج على ذلك، و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنه إذا كان الدين، ذهبا كيف يجوز أن
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق


الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 159
قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: لو باع الدين بأقل مما له على المديون، قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال، و تبعه ابن البراج على ذلك، و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنه إذا كان الدين، ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه، و ان كان فضة كيف يجوز بيعه بفضة أقل منه، أو ان كان ذهبا فباعه بفضة، أو فضة فباعه بذهب، كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع الا بعد أن يتقابضا الثمن و المثمن، يقبض البائع الثمن، و المشترى المثمن، فان هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين، و قوله لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال ان كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنه صار مالا من أمواله بالشراء، و قد يشتري الإنسان ما يساوى خمسين قنطارا بدينار واحد، إذا كان البائع من أهل الخبرة، و انما هذه أخبار آحاد أوردها على ما وجدها إيرادا لا اعتقادا.
ثم قال العلامة: و اعلم أن كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين، الأول- جواز بيع الدين بأقل منه. و لا ريب في جوازه، و نسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه الى أنه طريف عجيب يضحك به الثكلى جهل منه، و قلة تأمل و سوء فهم، و عدم بصيرة و انتفاء التحصيل لكلام العلماء، و عدم معرفة بمدلول أقوالهم، فإن الشيخ لم يحصر هو و لا غيره من المحصلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثم لم يحصروا بيع الدين بالنقود، و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب، أو الفضة حتى يتعجب من ذلك، و يظهر للعامة قلة إدراكه و عدم تحصيل و سوء أد به و مواجهة مثل هذا الشيخ المعظم الذي هو رأس المذهب و المعلم له، و المستخرج للمعاني من كلام الأئمة (عليهم السلام)، بمثل هذه السفه‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 160‌
و القول الردى، و هل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار، أو بيع الدينار الدين بربع القفيز، فإن أداه سوء فهمه و قلة تحصيله الى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة أقل كان ذلك غلطا ظاهرا، و جعل المال ما لا يدخل فيه الربا فيه، لظهور مثل هذه القواعد الممهدة و القوانين الموطدة من تحريم الربا، على انه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك حيث تعجب من عدم التزام المديون بجميع الدين، و سوغ بيع ما يساوى خمسين قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، و تعجبه بنفسه لا يبالي أين يذهب.
الحكم الثاني- عدم إلزام المديون بأكثر مما وزنه المشترى و الشيخ عول في ذلك على رواية محمد بن الفضيل، ثم ذكر الرواية كما قدمناه، ثم ذكر رواية أبي حمزة، ثم قال: و لا ريب في صحة البيع و لزومه و وجوب إيفاء المشتري ما على المديون.
و لا بد حينئذ من محمل للروايتين و ليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أحد الأمرين، الأول- الضمان و يكون إطلاق البيع عليه و الشراء بنوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدى عن المضمون باذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة بالقيمة، و هو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هي هو في الحقيقة، و انما ينفصل عنه بمجرد اللفظ لا غير.
المحمل الثاني أن يكون البيع وقع فاسدا فإنه يجب على المديون دفع ما ساوى مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، و يبرئ من جميع ما بقي عليه من المشترى، لا من البائع، و يجب عليه دفع الباقي الى البائع لبرائته من المشترى، و هذان المحملان قريبان، يمكن صرف الروايتين إليهما، و كلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب الشيخ الى ما نسبه ابن إدريس انتهى كلامه زيد مقامه.
و لا يخفى ما في كل من محمليه للخبرين من التكلف و التعسف، الذي يقطع‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 161‌
بعدمه، و ربما يفهم من مثل هذا التشنيع من العلامة هنا و مثله ما وقع في كلام شيخنا المفيد في مقام الرد على الصدوق- في مسألة نفى السهو عن المعصوم، و في شرح الاعتقادات و مثلهما غيرهما أيضا من المتأخرين- جواز الغيبة و استثنائها من التحريم المتفق عليه في مثل هذه المواضع، و الا فالأمر مشكل، فان جلالة مثل هؤلاء المشايخ و عدالتهم و ورعهم و تقواهم الظاهر كالشمس في رابعة النهار، يمنع من قدومهم على هذا الأمر المتفق على تحريمه نصا و فتوى، و ان كانوا لم يصرحوا بذلك في مستثنيات الغيبة. و الله سبحانه العالم.
تذنيب [الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه]:
قال في المختلف: قال ابن إدريس: الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه بلا خلاف، و الوجه عندي الكراهة، للأصل الدال على الجواز و الإجماع ممنوع، و أما ان كان حالا لم يجز بيعه بدين آخر مثله، و هل يجوز بيعه نسيئة؟ قال في النهاية: يكره ذلك مع أنه منع من بيعه بدين آخر مثله، و قال ابن إدريس: لا يجوز بيعه نسيئة، بل هو حرام محظور، لانه بعينه بيع الدين بالدين، و هو حسن انتهى.
أقول: قد تقدم في مباحث الفصل الثاني في السلف ما يتعلق بهذا المقام و يأتي إنشاء الله تعالى في بعض مسائل هذا الكتاب ما فيه كفاية لذوي الأفهام.
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 46
الثاني [بيع السلف على من هو عليه، أو على غيره قبل حلوله]
قد عرفت في صدر المسألة أن من جملة صورها بيع السلف على من هو عليه، أو على غيره قبل حلوله، يعنى حال كونه دينا و انه لا خلاف بينهم في عدم الجواز، لعدم استحقاقه له يومئذ، و ظاهرهم أن ذلك أعم من أن يبيعه حالا أو مؤجلا للعلة المذكورة، و ظاهر المحقق المتقدم ذكره ثمة أن دليلهم الإجماع، مع أنه في المسالك نقل عن العلامة في التذكرة القول بالجواز، و اليه يميل ايضا كلامه في المسالك مستندا إلى أنه حق مالي إلى آخر ما يعتبر في البيع فينبغي أن يصح بيعه على حالته التي هو عليها، و ان لم يجز المطالبة قبل الأجل. ثم اعترض على نفسه بأنه ربما أشكل بعدم إمكان قبضه الذي هو شرط في الصحة، ثم أجاب بمنع اشتراط إمكان القبض حين العقد، بل إمكانه مطلقا و يمكن تحققه بعد الحلول، كما لو باعه عينا غائبة منقولة لا يمكن قبضها الا بعد مضى زمان يمكن فيه الوصول إليها.
أقول و الاشكال المذكور انما يتوجه فيما إذا كان البيع على غير من عليه الحق،



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 47‌
و الا فلو كان على من هو عليه فإنه مقبوض، لكونه في ذمته، و الى ذلك يميل أيضا كلام المحقق الشيخ حسن بن شيخنا الشهيد الثاني في حواشيه على شرح اللمعة على ما نقله عنه ابنه الشيخ محمد، حيث أن شيخنا المشار إليه جرى في الكتاب المذكور على القول المشهور، فقال: و اما بيعه قبل حلوله فلا، لعدم استحقاقه حينئذ، فكتب عليه ابنه المحقق المذكور ان أريد بالاستحقاق استحقاق أصل الملك على أن المراد أنه لا يملك أصل المسلم فيه الا بعد الأجل فتوجه المنع اليه ظاهر، و ان أريد به عدم استحقاقه المطالبة، فمنع ذلك البيع غير واضح انتهى: ثم ان ابنه الشيخ محمد كتب على ما ذكره أبوه الجواب نختار الشق الثاني و منعه البيع واضح، لاشتراط القدرة على التسليم انتهى.
أقول و كأنه غفل عما ذكره جده في المسالك، و لم يقف عليه من الجواب عما ذكره، و اليه يميل ايضا كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد و هو الذي عبرنا عنه ببعض المحققين في صدر المسألة، و قد تقدم كلامه في صدر المسألة، و بالجملة فالمسألة لخلوها عن النص لا يخلو عن اشكال، و ان كان ما ذكره هؤلاء المحققون ظاهر القوة خصوصا في البيع على من هو عليه، و كذا في صورة ما لو كان البيع مع تأجيل المبيع إلى المدة المضروبة أو لا، و ان كان على غير من هو عليه، لحصول الاستحقاق بعد المدة.
ثم ان ظاهر القول المشهور من المنع من بيعه قبل حلوله أنه لا فرق بين أن يكون الثمن حالا أو مؤجلا، لما عرفت من التعليل المذكور في كلامهم، و هو عدم الاستحقاق، و أما على القول بالجواز فلا إشكال في صحته بالحال، مشخصا كان أو مضمونا، و لا إشكال أيضا في عدم الصحة لو كان الثمن دينا قبل العقد، للزوم بيع الدين بالدين المنهي عنه، و انما الكلام فيما لو شرط تأجيله في العقد بمعنى أنه انما يكون دينا بعد العقد لا قبله، فظاهر جملة من الأصحاب دخوله في بيع الدين بالدين، و الظاهر انه المشهور.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 48‌
و ظاهر جملة منهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك و الروضة العدم، قال في المسالك بعد قول المصنف في مسألة بيع الدين بعد حلوله بما شرط تأجيله قيل يبطل، لانه بيع دين بدين، و قيل يكره، و هو الأشبه ما لفظه:
و أما بيعه بمؤجل فقد ذهب جماعة إلى المنع منه، اعتمادا على أن المؤجل يقع عليه اسم الدين، و فيه أنهم ان أرادوا إطلاق اسم الدين عليه قبل العقد، و حالته فظاهر منعه، لانه لا يعد دينا حتى يثبت في الذمة، و لا يثبت الا بعد العقد، فلم يتحقق بيع الدين بالدين، و ان أرادوا أنه دين بعد ذلك لزم مثله في المضمون الحال، و لا يقولون ببطلانه، و أما دعوى إطلاق اسم الدين على المؤجل قبل ثبوته في الذمة دون الحال فهو تحكم.
و الحق أن اسم بيع الدين بالدين لا يتحقق إلا إذا كان العوضان معا دينا قبل المعاوضة، كما لو باعه الدين الذي في ذمته بدين آخر له في ذمته، أو في ذمة ثالث أو تبايعا دينا في ذمة غريم لأحدهما بدين في ذمة غريم آخر للآخر، و نحو ذلك لاقتضاء الباء كون الدين نفسه عوضا، و المضمون الذي لم يكن ثابتا في الذمة قبل ذلك لا يعد جعله عوضا بيع دين بدين، و أما ما يقال: اشترى فلان كذا بالدين، مريدين به أن الثمن في ذمته لم يدفعه، فهو مجاز يريدون به أن الثمن بقي في ذمته دينا بعد البيع، و لو لا ذلك لزم مثله في الحال لإطلاقهم فيه ذلك نعم. الدين المبيع يطلق عليه اسم الدين قبل حلوله و بعده، فلا بد في المنع من دين آخر يقابله، فظهر أن ما اختاره المصنف من جواز ذلك على كراهية أوضح. انتهى و هو جيد، الا ان ما ذكره من ان الدين المبيع كالسلم مثلا يطلق عليه اسم الدين بعد الحلول أيضا و ان كان هو الظاهر من كلام غيره من الأصحاب أيضا، الا ان الدين لغة كما صرح به جملة من أرباب اللغة مخصوص بالمؤجل دون الحال، قال في القاموس: الدين ماله أجل، و ما لا أجل له فقرض.
و قال في النهاية الأثيرية فيه انه نهى عن الكالي أي النسيئة، بالنسيئة و ذلك ان يشترى الرجل شيئا الى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضى به فيقول بعينه‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 49‌
إلى أجل آخر بزيادة شي‌ء فيبيعه منه، و لا يجرى بينهما تقابض.
و قال في كتاب الغريبين قوله تعالى «إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ» الدين ما له أجل، و القرض ما لا أجل له، و هو عين ما ذكره في القاموس، الا ان الظاهر من كلام الفيومي في المصباح المنير خلاف ذلك، قال بعد ذكر كلمات جملة من أهل اللغة في مادة الاشتقاق: تشتمل على إطلاق الدين على القرض، ثم ذكر قوله سبحانه «إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ» اى تعاملتم بدين من سلم و غيره: ما لفظه فثبت بالآية و بما تقدم ان الدين لغة هو القرض، و ثمن المبيع الى آخره، و ربما ظهر منه الاختصاص بما ذكره، و الحال كما ترى لا يخلو من الاشكال، و مثله يأتي فيما ألزمهم به من إطلاق الدين على المضمون الحال، فإنه يمكن الجواب عنه بأنه بناء على ما ذكره من تخصيص الدين بالمؤجل لغة لا يرد ما أورده، الا ان يكون مراده الإطلاق عرفا كما هو ظاهر سياق الكلام، و كيف كان فالمسألة لا تخلو عن شوب الاشكال كما تقدمت الإشارة اليه و الله العالم.
المسألة الثالثة [في دفع السلم دون الصفة و فوقها]
________________________________________
بحرانى، آل عصفور، يوسف بن احمد بن ابراهيم، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، 25 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1405 ه‍ ق




مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول؛ ج‌19، ص: 52
باب بيع الدين بالدين الحديث الأول: ضعيف كالموثق.
قوله عليه السلام:" لا يباع الدين" المشهور بين الأصحاب جواز بيع الدين بعد حلوله على الذي عليه و على غيره، و منع ابن إدريس من بيعه على غير الغريم، و هو‌ ضعيف، و جوز في التذكرة بيعه قبل الحلول أيضا، ثم إنه لا خلاف مع الجواز أنه يجوز بيعه بالعين، و كذا بالمضمون الحال، و إن اشترط تأجيله قيل: يبطل، لأنه بيع دين بدين، و قيل: يكره و هو أشهر.
الحديث الثاني: مجهول.
الحديث الثالث: مجهول.
و قال الشهيد الثاني- رحمه الله-، بعد إيراد هذا الخبر و الذي قبله: عمل بمضمونها الشيخ و ابن البراج، و المستند ضعيف مخالف للأصول، و ربما حملنا على الضمان مجازا أو على فساد البيع، فيكون دفع ذلك الأقل مأذونا فيه من البائع في مقابلة ما دفع، و يبقى الباقي لمالكه، و الأقوى أنه مع صحة البيع يلزمه دفع الجميع.
________________________________________
اصفهانى، مجلسى دوم، محمد باقر بن محمد تقى، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، 26 جلد، دار الكتب الإسلامية، تهران - ايران، دوم، 1404 ه‍ ق




مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌5، ص: 371
مسألة: لو باع الدين بأقلّ ممّا له على المديون‌
قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال «6»، و تبعه ابن البرّاج على ذلك.
و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنّه إذا كان الدين ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه؟! و ان كان فضة فكيف يجوز أن يبيعها بفضة أقل منها؟! و ان كان ذهبا فباعه بفضة أو فضة‌
______________________________
(1) الكافي في الفقه: ص 331.
(2) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 194 ح 423، وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب الدين و القرض ح 1 ج 13 ص 115.
(3) السرائر: ج 2 ص 55.
(4) النهاية و نكتها: ج 2 ص 30- 31.
(5) السرائر: ج 2 ص 55- 56.
(6) النهاية و نكتها: ج 2 ص 31- 32.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 372‌
فباعها بذهب كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع؟! إلّا بعد أن يتقابضا الثمن و المثمن، يقبض البائع الثمن و المشتري المثمن، فإنّ هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين. و قوله: «لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال» إذا كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنّه صار مالا من أمواله بالشراء و قد يشتري الإنسان ما يساوي خمسين قنطارا بدينار واحد إذا كان البائع من أهل الخبرة، و انّما هذه أخبار احاد أوردها على ما وجدها إيرادا لا اعتقادا «1».
و اعلم أنّ كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين:
الأوّل: جواز بيع الدين بأقلّ منه، و لا ريب في جوازه، و نسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه الى أنّه «طريف عجيب يضحك الثكلى» جهل منه، و قلّة تأمل، و سوء فهم، و عدم بصيرة، و انتفاء تحصيل كلام العلماء، و عدم معرفته بمدلول أقوالهم، فإنّ الشيخ لم يحصر هو و لا غيره من المحصّلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثمَّ لم يحصروا بيع الدين بالنقود، و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب أو الفضة حتى يتعجّب من ذلك، و يظهر للغاية قلّة إدراكه، و عدم تحصيله، و سوء أدبه، و مواجهته مثل هذا الشيخ المعظّم الذي هو رأس المذهب، و المعلّم له، و المستخرج للمعاني من كلام الأئمة- عليهم السلام- بمثل هذه الشنعة و القول الردي‌ء، و هل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار أو بيع الدينار من الدين بربع القفيز؟! فإن أدّاه سوء فهمه و قلّة تحصيله الى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة «أقل» كان ذلك غلطا ظاهرا، و جعل المال مالا يدخل فيه الربا، لظهور مثل هذه القواعد الممهّدة و القوانين المطّردة من‌
______________________________
(1) السرائر: ج 2 ص 56.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 373‌
تحريم الربا، على انّه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك، حيث تعجّب من عدم التزام المديون بجميع الدين، و سوّغ بيع ما يساوي قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلّة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، و تعجّبه بنفسه لا يبالي أين يذهب.
الحكم الثاني: عدم التزام المديون بأكثر ممّا وزنه المشتري.
و الشيخ قد عوّل في ذلك على رواية محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا- عليه السلام-: رجل اشترى دينا على رجل ثمَّ ذهب الى صاحب الدين فقال له: ادفع إليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، فقال: يدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين و يبرئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه «1».
و ما رواه أبو حمزة، عن الباقر- عليه السلام- قال: سئل عن رجل كان له على رجل دين فجاء رجل فاشترى منه بعرض ثمَّ انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له: أعطني ما لفلان عليك فإنّي قد اشتريته منه فكيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال له أبو جعفر- عليه السلام-: يردّ على الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه من الرجل الذي عليه الدين «2».
و لا ريب في صحة البيع و لزومه و وجوب إيفاء المشتري ما على المديون، و لا بدّ حينئذ من محمل للروايتين، و ليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أمرين:
الأوّل: الضمان و يكون إطلاق البيع عليه و الشراء نوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدّى عن المضمون عنه بإذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة‌
______________________________
(1) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 191 ح 410، وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الدين و القرض ح 3 ج 13 ص 100.
(2) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 189 ح 401، وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الدين و القرض ح 2 ج 13 ص 99.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 374‌
بالقيمة، و هو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هو في الحقيقة، و انّما ينفصل عنه بمجرّد اللفظ لا غير.
المحمل الثاني: أن يكون البيع وقع فاسدا، فإنّه يجب على المديون دفع ما يساوي مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، و يبرأ من جميع ما بقي عليه من مال المشتري لا من البائع، و يجب عليه دفع الباقي الى البائع لبراءته من المشتري.
و هذان المحملان قريبان يمكن صرف الروايتين إليهما، و كلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب كلام الشيخ الى ما نسبه ابن إدريس.
________________________________________
حلّى، علامه، حسن بن يوسف بن مطهر اسدى، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، 9 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1413 ه‍ ق




مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌5، ص: 379
مسألة: قد بيّنا انّه يجوز بيع الدين‌
، و هو مذهب علمائنا، و لا فرق بين بيعه على من هو عليه أو على غيره.
و منع ابن إدريس من بيعه على غير من هو عليه، و استدلّ عليه- بحصر استفاده من ذهنه القاصر و هو-: انّ المبيع إمّا عين معيّنة أو في الذمة، و الأوّل إمّا بيع عين مرئية مشاهدة فلا يحتاج الى وصف، و إمّا بيع عين غير مشاهدة فيحتاج الى وصفها و ذكر جنسها، و هو بيع خيار الرؤية. و أمّا الذي في الذمة فإنّه السلف المفتقر إلى الأجل المعيّن «2».
و الوصف الخاص و الدين ليس عينا مشاهدة و لا معيّنة موصوفة، إذ للمديون التخيير في جهات القضاء، و ليس بمسلّم إجماعا، و لا قسم رابع لنا.
ثمَّ اعترض على نفسه بأنّه خلاف إجماع الإمامية، لانعقاده على صحة بيع الدين.
ثمَّ أجاب: بأنّ العمومات قد تخصّ، و الأدلّة هنا عامة يخصها بيعه على غير من هو عليه، و يجوز بيعه على من هو عليه. ثمَّ عقّب بذلك بعد ذلك بأنّه تحقيق لا يبلغه إلّا محصّل لأصول الفقه، ضابط لفروع المذهب، عالم بأحكامه، محكم لمراده و تقريراته و تقسيماته. ثمَّ شيّد احتجاجه بالإجماع على منع جعل الدين مضاربة إلّا بعد قبضه، لأنّه قبل قبضه ملك لمن هو عليه.
______________________________
(1) تهذيب الاحكام: ج 6 ص 194- 195 ح 426.
(2) السرائر: ج 2 ص 38- 39.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 380‌
ثمَّ اعترض على نفسه بأنّ منع جعل الدين مضاربة إلّا بعد قبضه لا يستلزم منع بيعه على من هو عليه قبل قبضه و تعيّنه في ملك بائعه.
ثمَّ أجاب: بأنّ بيع خيار الرؤية لا يحتاج إلّا الى ذكر الجنس، و كونه في ملك البائع و الوصف له دون تعيين عينه بالإشارة إليه و المشاهدة له و القطع عليه، و ليس كذلك حكم مال المضاربة، لأنّه يجب أن يكون مذكور الجنس معينا، و لا يكفي ذكر الجنس و الوصف دون تعيينه في الملك كما كفى ذلك في بيع خيار الرؤية، و ان كان كلّ واحد من المالين مملوك الجنس غير متعيّن ملك عينه، و لا يتعيّن ملك عينه إلّا بعد قبضه فيصح بيعه على من هو عليه بيع خيار الرؤية، لأنّه مملوك الجنس للبائع، و من هو عليه عالم بقبضه فقام- علم من هو عليه به و بصفته- مقام وصف البائع له. فجمع هذا البيع الأمرين اللذين هما شرط في صحة بيع خيار الرؤية و هو: ذكر الجنس و علم من هو عليه الذي هو قائم مقام صفته، فلذلك جوّزنا بيعها على من هي عليه، لأنّ البيع عليه بيع خيار الرؤية، لأنّ من شرطه ذكر الجنس و الصفة، فإذا بيع عليه فقد جمع الأمرين جميعا، بخلاف بيعه على غيره، لأنّ أحد الأمرين لا يحصل له، لأنّ صاحبه لا يعلم عينه حتى يصفها للمشتري، فإن وصفها كان كاذبا جاهلا، فيدخل في النهي عن بيع الغرر، و النهي يدلّ على فساد المنهي عنه، فلهذا جوّزنا بيعها على من هي عليه دون غيره، و ليس كذلك إذا ضاربه بها، لأنّ مال المضاربة يحتاج أن يكون متميّز العين في ملك رب المال و قبل قبضه لمن هو في ذمته ليس هو متميّز العين فافترقا «1».
و طوّل في هذا الباب، و أطنب بما لا تحصيل له، و سبب غلطه ما توهّمه من الحصر و لم يدلّ عليه بدليل. ثمَّ اعتذاره عن مخالفة الإجماع بجواز التخصيص‌
______________________________
(1) السرائر: ج 2 ص 39، و فيه: «بصفته» بدل «بقبضه».



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌5، ص: 381‌
خطأ، لأنّه إنّما يجوز مع قيام ناهض يخصص العموم و لم يوجد، و منع علماؤنا من جعله مضاربة ليس لانتفاء الملك بل لانتفاء التعيين. ثمَّ قوله: «انّ بيع خيار الرؤية لا يفتقر إلى الإشارة» ليس بجيد، إذ هو بيع شخصية غير مشاهدة على ما قرّره في تقسيمه، و هذا الاضطراب يدلّ على انّه لا يبالي أين ذهب بكلامه، و انتفاء العلم بالعين الشخصية لا يمنع من العلم بالعين الكلية الموصوفة بالصفات المطلوبة المشترطة في وصف السلم، و أيّ غرر هنا، و لا فرق بين هذا البيع و بين السلم إلّا بالأجل، و لا شكّ في أنّ ضرب الأجل لا يصيّر المجهول معلوما.
________________________________________
حلّى، علامه، حسن بن يوسف بن مطهر اسدى، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، 9 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، دوم، 1413 ه‍ ق




















بیع الدین-بیع ما فی الذمة