بسم الله الرحمن الرحیم
المبسوط فی فقه الامامیة، ج 1، ص 267-268
فصل: في ذكر علامة شهر رمضان و وقت الصوم و الإفطار علامة شهر رمضان رؤية الهلال أو قيام البينة برؤيته. فإذا رأى الإنسان هلال شهر رمضان و تحققه وجب عليه الصوم سواء رآه معه غيره أو لم يره، و إذا رأي هلال شهر شوال أفطر سواء رآه غيره أو لم يره. فإن أقام بذلك الشهادة فردت لم يسقط فرضه فإن أفطر فيه وجب عليه القضاء و الكفارة. و متى لم يره و رأي في البلد رؤية شائعة وجب أيضا الصوم فإن كان في السماء علة من غيم أو قتام أو غبار و شهد عدلان مسلمان برؤيته وجب أيضا الصوم. و متى كانت في السماء علة و لم ير في البلد أصلا، و شهد من خارج البلد نفسان عدلان قبل قولهما و وجب الصوم، و إن لم يكن هناك علة لم يقبل إلا شهادة القسامة خمسين رجلا، و إن لم يكن علة غير أنهم لم يروه لم يقبل من خارج البلد إلا شهادة القسامة خمسين رجلا، و لا يقبل شهادة النساء في الهلال لا مع الرجال، و لا على الانفراد فإن أخبر من النساء جماعة يوجب خبرهن العلم برؤية الهلال أو جماعة من الكفار كذلك وجب العمل به لمكان العلم دون الشهادة، و هذا الحكم فيمن لا يقبل شهادته من الفساق و الصبيان، و لا يجوز العمل في الصوم على العدد و لا على الجدول و لا غيره، و قد رويت روايات بأنه إذا تحقق هلال العام الماضي عد خمسة أيام و صام يوم الخامس أو تحقق هلال رجب عد تسعة و خمسون يوما و يصام يوم الستين، و ذلك محمول على أنه يصوم ذلك بنية شعبان استظهارا فأما بنية أنه من رمضان فلا يجوز على حال. و متى غم الهلال عد من شعبان ثلاثون و يصام بعده بنية رمضان. فإن غم هلال شعبان عد رجب أيضا ثلاثون و صام فإن رأى بعد ذلك هلال شوال ليلة تسعة و عشرين قضى يوما واحدا لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة و عشرين يوما و لا يلزمه قضاء أكثر من يوم واحد لأن اليوم الواحد متيقن و ما زاد عليه ليس عليه دليل، و متى غمت الشهور كلها عدوها ثلاثين ثلاثين فإن مضت السنة كلها و لم يتحقق فيها هلال شهر واحد ففي أصحابنا من قال: إنه يعد الشهور كلها ثلاثين، و يجوز عندي أن يعمل على هذه الرواية التي وردت بأنه يعد من السنة الماضية خمسة أيام و يصوم يوم الخامس لأن من المعلوم أنه لا يكون الشهور كلها تامة، و أما إذا رأي الهلال و قد تطوق أو رأي ظل الرأس فيه أو غاب بعد الشفق فإن جميع ذلك لا اعتبار به، و يجب العمل بالرؤية لأن ذلك يختلف بحسب اختلاف المطالع و العروض. و متى لم ير الهلال في البلد و رأي خارج البلد على ما بيناه وجب العمل به إذا كان البلدان التي رأى فيها متقاربة بحيث لو كانت السماء مضحية و الموانع مرتفعة لرأي في ذلك البلد أيضا لاتفاق عروضها و تقاربها مثل بغداد و أوسط و الكوفة و تكريت و الموصل فأما إذا بعدت البلاد مثل بغداد و خراسان، و بغداد و مصر فإن لكل بلد حكم نفسه. و لا يجب على أهل بلد العمل بما رآه أهل البلد الآخر.
المهذب، ج 1، ص 190
و إذا كانت البلدان متقاربة و لم ير الهلال في البلد، و رئي [1] من خارجه على ما قدمنا بيانه في الشهادة وجب العمل به، هذا إذا لم يكن في السماء علة، و كانت الموانع مرتفعة أو كانت البلدان كما ذكرناه متقاربة حتى لو رئي الهلال في أحدها لرئي في الأخر، مثل طرابلس و صور و مثل صور و الرملة و مثل حلب و طرابلس و مثل واسط و بغداد و واسط و البصرة و اما: إذا كانت البلدان متباعدة مثل طرابلس و بغداد و خراسان و مصر و بغداد و فلسطين و القيروان و ما جرى هذا المجرى، فان لكل بلد حكم سقعه [2] و نفسه، و لا يجب على أهل بلد مما ذكرناه العمل بما رآه أهل البلد الأخر.
الرسائل التسع(الرسالة الطبریة)، للمحقق الحلی، ص 321-322
المسألة الحادية و العشرون قولهم: إذا بعدت المسافة بين بلدين في رؤية الهلال فلكلّ بلد حكم نفسه. فنقول: إذا رئي الهلال في البلد الشرقي الشاسع من بلدك القريب منه عرضا بحيث يكون غروب الشمس في بلدك بعد ساعة من غروبها في ذلك البلد الشرقي فبالضرورة أنّ القمر يبعد عن الشمس تلك الساعة ثلاثين دقيقة أو أقلّ أو أكثر، فإذا رئي الهلال في البلد الشرقي فبالضرورة يجب أن يرى في بلدتك إذا لم يكن ثمّ مانع. فكيف أطلقوا القول بأنّ لكلّ بلد حكم نفسه؟
الجواب لا نقول إنّ لكلّ بلد حكم نفسه مطلقا، و كيف؟ و المرويّ عن الأئمة عليهم السلام أنّه يجب الصوم إذا شهد عدلان يدخلان و يخرجان من مصر . لكن قد يقال: إذا كانت البلدان التي رئي فيها متقاربة بحيث لو كانت السماء مصحية و الموانع مرتفعة لرئي في ذلك البلد أيضا لاتّفاق عروضها و تقاربها مثل بغداد و واسط و الكوفة و تكريت و الموصل. هكذا ذكر شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه اللّٰه في المبسوط . و هذا يدلّك على أنّ مع العلم بأنّه متى أهلّ في بلد يعلم أنّه مع ارتفاع المانع يجب أن يرى في الآخر كانت الرؤية فيه رؤية لذلك الآخر. أمّا إذا تباعدت البلدان تباعدا يزول معه هذا العلم فإنّه لا يجب أن يحكم لها بحكم واحد في الأهلّة، لأنّ تساوي عروضها لا يعلم
شرائع الاسلام، ج 1، ص 181
أما الأول [أي علامته] ف يعلم الشهر برؤية الهلال فمن رآه وجب عليه الصوم و لو انفرد برؤيته و كذا لو شهد فردت شهادته و كذا يفطر لو انفرد ب هلال شوال و من لم يره لا يجب عليه الصوم إلا أن يمضي من شعبان ثلاثون يوما أو ير رؤية شائعة فإن لم يتفق ذلك و شهد شاهدان قيل لا تقبل و قيل تقبل مع العلة و قيل تقبل مطلقا و هو الأظهر سواء كانا من البلد أو خارجه و إذا رئي في البلاد المتقاربة كالكوفة و بغداد وجب الصوم على ساكنيهما أجمع دون المتباعدة كالعراق و خراسان بل يلزم حيث رئي .
المعتبر فی شرح المختصر، ج 2، ص 689
فرع لو شهد بالهلال شاهدان، و لم ير بعد الثلاثين مع الصحو، لزم الفطر، و للشافعي قولان، لان عدم الرؤية مع الصحو يقين، و الحكم بالشاهدين ظن، و اليقين مقدم على الظن. و لنا: ان شهادة الاثنين يثبت بها الهلال، و الصوم، فيثبت بها الفطر، و حكم الهلال في البلاد المتقاربة واحد، و لا كذلك المتباعدة، بل يلزم من رأي، دون من لم ير، و قد أفتى بذلك عبد اللّه بن عباس،
ارشاد الاذهان، ج 1، ص 303
يعلم رمضان : برؤية الهلال، و بشياعه، و بمضي ثلاثين من شعبان، و بشهادة عدلين مطلقا على رأي . و المتقاربة كبغداد و الكوفة متحدة، بخلاف المتباعدة، فلو سافر بعد الرؤية و لم ير ليلة أحد و ثلاثين صام معهم، و بالعكس يفطر التاسع و العشرين.
قواعد الاحکام، ج 1، ص 387-388
و حكم المتقاربة واحد بخلاف المتباعدة، فلو سافر الى موضع بعيد لم ير الهلال فيه ليلة الثلاثين تابعهم ؛ و لو أصبح معيدا و سار به المركب الى موضع لم ير فيه الهلال لقرب الدرج ففي وجوب الإمساك نظر ؛ و لو رأى هلال رمضان ثمَّ سار الى موضع لم ير فيه فالأقرب وجوب الصوم يوم أحد و ثلاثين و بالعكس يفطر التاسع و العشرين ؛ و لو ثبت هلال شوال قبل الزوال أفطر و صلى العيد، و بعده يفطر و لا صلاة.
تحریر الاحکام الشرعیة، ج 1، ص 493-494
1712. الثاني عشر: إذا رأى الهلال أهل بلد، وجب الصوم على أهل البلاد [و] جميع الناس، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت. و الشيخ رحمه اللّه جعل البلاد المتقاربة الّتي لا تختلف في المطالع، كبغداد و البصرة، كالبلد الواحد، و البلاد المتباعدة، كبغداد و مصر لكلّ بلد حكم نفسه و فيه قوّة، فعلى قوله، لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين، فالوجه أنّه يصوم معهم بحكم الحال.
منتهی المطلب، ج 9، ص 252-256
مسألة: إذا رأى الهلال أهل بلد، وجب الصوم على جميع الناس، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت. و به قال أحمد ، و الليث بن سعد ، و بعض أصحاب الشافعيّ . و قال الشيخ - رحمه اللّه -: إن كانت البلاد متقاربة لا تختلف في المطالع، كبغداد و البصرة، كان حكمها واحدا، و إن تباعدت، كبغداد و مصر، كان لكلّ بلد حكم نفسه . و هو القول الآخر للشافعيّة . و اعتبر بعض الشافعيّة في التباعد مسافة التقصير و هو ثمانية و أربعون ميلا فاعتبر لكلّ بلد حكم نفسه إن كان بينهما هذه المسافة . و روي عن عكرمة أنّه قال: لأهل كلّ بلد رؤيتهم. و هو مذهب القاسم، و سالم، و إسحاق . لنا: أنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية، و في الباقي: بالشهادة، فيجب صومه؛ لقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ . و قوله عليه السّلام: «فرض اللّه صوم شهر رمضان» . و قد ثبت أنّ هذا اليوم منه. و لأنّ شهر رمضان عدّة بين هلالين و قد ثبت أنّ هذا اليوم منه. و لأنّه يحلّ به الدين و يجب به النذر و يقع به الطلاق و العتاق المتعلّقان به عندهم، فيجب صيامه. و لأنّ البيّنة العادلة شهدت بالهلال، فيجب الصوم، كما لو تقاربت البلاد. و لأنّه شهد برؤيته من يقبل قوله، فيجب القضاء لو فات؛ لما رواه الشيخ عن ابن مسكان و الحلبيّ جميعا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إلاّ أن تشهد لك بيّنة عدول، فإن شهدوا أنّهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم» . و في رواية منصور عنه عليه السّلام: «فإن شهد عندك شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه» . و في الحسن عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان، فقال: «لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر» و قال: «لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلاّ أن يقضي أهل الأمصار، فإن فعلوا فصمه» . علّق عليه السّلام وجوب القضاء بشهادة العدلين من جميع المسلمين و هو نصّ في التعميم قربا و بعدا، ثمّ عقّبه بمساواته لغيره من أهل الأمصار، و لم يعتبر عليه السّلام القرب في ذلك. و في حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه» . و لم يعتبر القرب أيضا. و في الصحيح عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال فيمن صام تسعة و عشرين قال: «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية، قضى يوما» . علّق عليه السّلام على الشهادة على مصر، و هو يكون شائعة يتناول الجميع على البدل فلا تخصيص بالصلاحية لبعض الأمصار إلاّ بدليل، و الأحاديث كثيرة في وجوب القضاء إذا شهدت البيّنة بالرؤية، و لم يعتبروا قرب البلاد و بعدها. احتجّوا: بما رواه كريب أنّ أمّ الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت بها حاجتي، و استهلّ عليّ رمضان فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد اللّه بن عبّاس و ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته، فقلت: نعم، و رآه الناس و صاموا و صام معاوية، فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتّى نكمل العدّة أو نراه، فقلت: أ فلا تكتفي برؤية معاوية و صيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله . و الجواب: ليس هذا دليلا على المطلوب؛ لاحتمال أنّ ابن عبّاس لم يعمل بشهادة كريب، و الظاهر أنّه كذلك؛ لأنّه واحد. و عمل معاوية ليس حجّة؛ لاختلال حاله عنده؛ لانحرافه عن عليّ عليه السّلام و محاربته له، فلا يعتدّ بعمله.
و بالجملة فليس دالاّ على المطلوب. و أيضا: فإنّه يدلّ على أنّهم لا يفطرون بقول الواحد، أمّا على عدم القضاء فلا. و لو قالوا: إنّ البلاد المتباعدة تختلف عروضها فجاز أن يرى الهلال في بعضها دون بعض؛ لكريّة الأرض. قلنا: إنّ المعمور منها قدر يسير هو الربع، و لا اعتداد به عند السماء. و بالجملة إن علم طلوعه في بعض الأصقاع، و عدم طلوعه في بعضها المتباعدة عنه لكريّة الأرض، لم يتساو حكماهما، أمّا بدون ذلك فالتساوي هو الحقّ.
فرع: على قول الشيخ - رحمه اللّه - لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه بعيد فلم ير الهلال بعد ثلاثين، فالوجه أنّه يصوم معهم بحكم الحال.
تذکرة الفقهاء، ج 6، ص 122-124
مسألة 76: إذا رأى الهلال أهل بلد، و لم يره أهل بلد آخر، فإن تقاربت البلدان كبغداد و الكوفة، كان حكمهما واحدا: يجب الصوم عليهما معا، و كذا الإفطار، و إن تباعدتا كبغداد و خراسان و الحجاز و العراق، فلكلّ بلد حكم نفسه، قاله الشيخ رحمه اللّٰه، و هو المعتمد، و به قال أبو حنيفة، و هو قول بعض الشافعية، و مذهب القاسم و سالم و إسحاق ، لما رواه كريب أنّ أمّ الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: قدمت الشام فقضيت بها حاجتي و استهلّ عليّ رمضان، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد اللّٰه بن عباس و ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم و رآه الناس و صاموا و صام معاوية، فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل العدّة أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية و صيامه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله . و لأنّ البلدان المتباعدة تختلف في الرؤية باختلاف المطالع و الأرض كرة، فجاز أن يرى الهلال في بلد و لا يظهر في آخر، لأنّ حدبة الأرض مانعة من رؤيته، و قد رصد ذلك أهل المعرفة، و شوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب القريبة لمن جدّ في السير نحو المشرق و بالعكس.
و قال بعض الشافعية: حكم البلاد كلّها واحد، متى رئي الهلال في بلد و حكم بأنّه أول الشهر، كان ذلك الحكم ماضيا في جميع أقطار الأرض، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت، اختلفت مطالعها أو لا - و به قال أحمد بن حنبل و الليث بن سعد ، و بعض علمائنا - لأنّه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد للرؤية، و في الباقي بالشهادة، فيجب صومه، لقوله تعالى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ . و قوله عليه السلام: (فرض اللّٰه صوم شهر رمضان) و قد ثبت أنّ هذا اليوم منه. و لأنّ الدّين يحلّ به، و يقع به النذر المعلّق عليه. و لقول الصادق عليه السلام: «فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه» . و قال عليه السلام، في من صام تسعة و عشرين، قال: «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية، قضى يوما» . و لأنّ الأرض مسطّحة، فإذا رئي في بعض البلاد عرفنا أنّ المانع في غيره شيء عارض، لأنّ الهلال ليس بمحل الرؤية. و نمنع كونه يوما من رمضان في حق الجميع، فإنه المتنازع، و لا نسلّم التعبّد بمثل هذه الشهادة، فإنّه أول المسألة. و قول الصادق عليه السلام محمول على البلد المقارب لبلد الرؤية، جمعا بين الأدلّة. و نمنع تسطيح الأرض، بل المشهور: كرويتها.
ایضاح الفوائد، ج 1، ص 251-252
قال دام ظله: و لو أصبح معيدا و سار به المركب الى موضع لم ير فيه الهلال لقرب الدرج ففي وجوب الإمساك نظر. (2) أقول: ينشأ من ثبوت حكمهم عليه بانتقاله إليهم (و من) لزوم تجزية اليوم و ترتب حكم بلده عليه و الأقوى انه لا يثبت عليه وجوب الصوم لسبق تعبده بالعيد و هو مناف. قال دام ظله: و لو راى هلال رمضان ثم سار الى موضع لم ير فيه فالأقرب وجوب الصوم يوم واحد و ثلثين و بالعكس يفطر يوم التاسع و العشرين. (1) أقول: وجه القرب ان الاعتبار برؤية الأهلة و عدمها انما هو بالموضع الذي فيه الشخص لا بلد سكناه و الا لوجب على الغائب عن بلده الصوم برؤية الهلال في بلده إذا لم يستهل في موضعه، و لما وجب عليه الصوم برؤيته في موضعه إذا لم يهل في بلده و هو باطل إجماعا (و يحتمل) ضعيفا عدمه هنا لاستلزامه الزيادة على الشهر أو النقصان عنه قطعا (و مبنى) هذه المسئلة على ان الأرض هل هي كروية أو مسطحة: الأقرب الأول (لأن) الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية، و كذا في الغروب فكل بلد غربي بعد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي ساعة واحدة، و انما عرفنا ذلك بإرصاد الكسوفات القمرية حيث بدئت في ساعات أقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية و أكثر من ساعات بلدنا في المساكن الشرقية فعرفنا ان غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا و غروبها في المساكن الغربية بعد غروبها في بلدنا و لو كانت الأرض مسطحة لكان الطلوع و الغروب في جميع المواضع في وقت واحد، (و لأن) السائر على خط من خطوط نصف النهار على الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع القطب الشمالي و انخفاض الجنوبي و بالعكس فالأول مبنى على الأول و الثاني على الثاني:
موسوعة الشهید الاول، ج 9، ص 200
والبلاد المتقاربة كالبصرة وبغداد متّحدة لا كبغداد ومصر، قاله الشيخ . ويحتمل ثبوت الهلال في البلاد المغربيّة برؤيته في البلاد المشرقيّة وإن تباعدت؛ للقطع بالرؤية عند عدم المانع.
موسوعة الشهید الاول، ج 14، ص 166
الحاشیة النجاریة
قوله: «وحكم المتقاربة واحد». قطب الدين البويهي قال: المعتبر بعروض البلدان ومطالعها، فإنّ القمر يرى في بلد على عشر درجات، وفي أُخرى على تسع أو أقلّ. قال: ويعرف ذلك من المنجّمين.
مدارک الاحکام، ج 6، ص 171-173
قوله: (و إذا رئي في البلاد المتقاربة كالكوفة و بغداد وجب الصوم على ساكنها أجمع، دون المتباعدة كالعراق و خراسان، بل يلزم حيث رئي). -- المراد أنه إذا رؤي الهلال في إحدى البلاد المتقاربة - و هي التي لم تختلف مطالعها - و لم ير في الباقي وجب الصوم على جميع من في تلك البلاد، بخلاف المتباعدة، و هي ما علم اختلاف مطالعها فإن الصوم يلزم من رأى دون من لم ير. و حكى العلامة في التذكرة قولا عن بعض علمائنا بأن حكم البلاد كلها واحد، فمتى رئي الهلال في بلد و حكم بأنه أول الشهر كان ذلك الحكم ماضيا في جميع أقطار الأرض، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت، اختلفت مطالعها أو لا . و إلى هذا القول ذهب العلامة في المنتهى في أول كلامه، فإنه قال: إذا رأى الهلال أهل بلد وجب الصوم على جميع الناس، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت، و استدل عليه بأنه يوم من شهر رمضان في بعض البلاد بالرؤية، و في الباقي بالشهادة، فيجب صومه، و بأن البينة العادلة .......... شهدت بالهلال فيجب الصوم كما لو تقاربت البلاد، و بأنه شهد برؤيته من يقبل قوله فيجب القضاء لو فات للأخبار الكثيرة الدالة عليه، كقول الصادق عليه السلام في صحيحة منصور: «فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه» . و في صحيحة هشام بن الحكم: فيمن صام تسعة و عشرين يوما: «إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤية قضى يوما» علق عليه السلام قضاء اليوم على الشهادة على أهل مصر، و هو نكرة شائعة تتناول الجميع على البدل، فلا يخص ببعض الأمصار إلا بدليل. ثم قال في آخر كلامه: و لو قالوا إن البلاد المتباعدة تختلف عروضها فجاز أن يرى الهلال في بعضها دون بعض لكرية الأرض، قلنا: إن المعمور منها قدر يسير و هو الربع، و لا اعتداد به عند السماء، و بالجملة إن علم طلوعه في بعض الأصقاع و عدم طلوعه في بعضها المتباعد عنه لكرية الأرض لم يتساو حكماهما، أو بدون ذلك فالتساوي هو الحق [3]. هذا كلامه رحمه اللّه و هو جيد. و لا ينافي ذلك الروايات المتضمنة لوجوب القضاء لو فات و قامت البينة بالرؤية، لأنها غير صريحة في التعميم على وجه يتناول البلاد المختلفة اللّه و هو جيد. و لا ينافي ذلك الروايات المتضمنة لوجوب القضاء لو فات و قامت البينة بالرؤية، لأنها غير صريحة في التعميم على وجه يتناول البلاد المختلفة المطالع. قال المحقق الشيخ فخر الدين في شرح القواعد: و مبنى هذه المسألة على أن الأرض هل هي كرية أو مسطحة، و الأقرب الأول، لأن الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية، و كذا في .......... الغروب، و كل بلد غربي بعد عن الشرقي بألف ميل يتأخر غروبه عن غروب الشرقي ساعة واحدة، و إنما عرفنا ذلك بإرصاد الكسوفات القمرية، حيث ابتدأت في ساعات أقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية، و أكثر من ساعات بلدنا في المساكن الشرقية، فعرفنا أن غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا، و غروبها في المساكن الغربية بعد غروبها في بلدنا، و لو كانت الأرض مسطحة لكان الطلوع و الغروب في جميع المواضع في وقت واحد، و لأن السائر على خط من خطوط نصف النهار على الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع الشمالي و انخفاض الجنوبي و بالعكس . انتهى. و يتفرع على اختلاف الحكم مع التباعد أن المكلف بالصوم لو رأى الهلال في بلد و سافر إلى آخر يخالفه في حكمه انتقل حكمه إليه، فلو رأى الهلال في بلد ليلة الجمعة مثلا ثم سافر إلى بلد بعيدة شرقية قد رئي فيها ليلة السبت، أو بالعكس، صام في الأول إحدى و ثلاثين، و يفطر في الثاني على ثمانية و عشرين. و لو أصبح معيّدا ثم انتقل ليومه و وصل قبل الزوال أمسك بالنية و أجزأه، و لو وصل بعد الزوال أمسك مع القضاء. و لو أصبح صائما للرؤية ثم انتقل احتمل جواز الإفطار لانتقال الحكم، و عدمه لتحقق الرؤية، و سبق التكليف بالصوم. قال في الدروس: و لو روعي الاحتياط في هذه الفروض كان أولى . و لا ريب في ذلك، لأن المسألة قوية الإشكال.
جواهر الکلام، ج 16، ص 360-362
و كيف كان ف إذا رؤي الهلال في البلاد المتقاربة كالكوفة و بغداد و نحوهما مما لم تختلف فيه المطالع وجب الصوم على ساكنيها اجمع بلا خلاف و لا إشكال بعد قول الصادق عليه السلام في صحيح منصور : «فان شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه» و في صحيح هشام فيمن صام تسعة و عشرين يوما «إن كانت له بينة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوما» و غيرهما من النصوص دون البلاد المتباعدة كالعراق و خراسان و نحوهما مما علم فيه اختلاف المطالع أو احتمل، فلا يجب الصوم و لا القضاء بل يلزم حيث رؤي للأصل بعد انصراف النصوص إلى غير الفرض، لكنه قد يشكل بمنع اختلاف المطالع في الربع المسكون، إما لعدم كروية الأرض بل هي مسطحة، فلا تختلف المطالع حينئذ، و إما لكونه قدرا يسيرا لا اعتداد باختلافه بالنسبة إلى علو السماء، و ربما يومي إلى ذلك - مضافا إلى الإطلاق المزبور، خصوصا صحيح هشام المشتمل على النكرة الشائعة المتناولة للجميع على البدل - قوله عليه السلام في الدعاء : «و جعلت رؤيتها لجميع الناس مرأى واحدا» و عدم اتفاق حصول الاختلاف بين البلاد الشرقية و الغربية في ذلك، و لعله لذا قال في الدروس بعد نسبة ما في المتن إلى قول الشيخ: و يحتمل ثبوت الهلال في البلاد المغربية برؤيته في البلاد المشرقية و إن تباعدت، للقطع بالرؤية عند عدم المانع، بل ظاهر المحكي عن المنتهى اختياره في أول كلامه، لكن قال في آخره: و بالجملة إن علم طلوعه في بعض الأصقاع و عدم طلوعه في بعضها للتباعد عنه لكروية الأرض لم يتساو أحكامهما، أما بدون ذلك فالتساوي هو الحق، و استجوده في المدارك، و يمكن أن لا يكون كذلك، ضرورة عدم اتفاق العلم بذلك عادة، فالوجوب حينئذ على الجميع مطلقا قوي، و حينئذ يسقط ما ذكره في الدروس من التفريع بما لو رأى الهلال في بلد و سافر إلى آخر يخالفه إلى (في ل ظ) حكمه انتقل حكمه إليه، فيصوم زائدا أو يفطر على ثمانية و عشرين يوما، حتى لو أصبح معيدا ثم انتقل أمسك، و لو أصبح صائما للرؤية ثم انتقل ففي جواز الإفطار نظر، أي لو رأى الهلال في بلد ليلة الجمعة مثلا ثم سافر إلى بلد بعيدة مشرقية قد رؤي الهلال فيها ليلة السبت أو بالعكس صام في الأول أحد و ثلاثين يوما، و يفطر في الثاني على ثمانية و عشرين يوما، و لو أصبح معيدا ثم انتقل ليومه و وصل قبل الزوال أمسك بالنية و أجزأه، و لو وصل بعد الزوال أمسك مع القضاء، و لو أصبح صائما للرؤية احتمل جواز الإفطار لانتقال الحكم، و عدمه لتحقق الرؤية، و سبق التكليف بالصوم، ضرورة سقوط ذلك كله على المختار، لكن في الدروس انه لو روعي الاحتياط في هذه الفروض كان أولى، و في المدارك انه لا ريب في ذلك، لأن المسألة قوية الإشكال، قلت: لكن يسهل الخطب ندرة وقوع شيء من الفروض السابقة، و الله أعلم.
کلام سید ابوتراب خوانساری
رؤيت هلال، ج4، ص: 2534
بقي في المقام فرع لم يتعرّض له المصنّف رحمه اللّه، و هو أنّه لو رئي الهلال في أحد البلدين المتقاربين- كبغداد و الكوفة و نحوهما من البلاد التي نقطع بعدم اختلافهما من حيث المطالع و المغارب إلى حدّ يوجب إمكان رؤية الهلال في بعضها دون بعض لو لا المانع الخارجي من وجود جبال و وهاد و أشجار و غلظ الهواء و نحو ذلك من الحواجب- ثبت حكمه لأهل البلد الآخر إجماعا بقسميه؛ لقوله عليه السّلام في موثّقة البصري: «فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه» «1».و في صحيحة هشام: «و إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنّهم صاموا ثلاثين على رؤية قضى يوما» «2» و غير ذلك.
و أمّا لو تباعدا بحيث يحتمل فيهما ذلك، فالشيخ و الفاضلان «3» و جماعة «4» على أنّه لا يثبت حكم أحدهما للآخر؛ للأصل، و انصراف النصوص إلى البلاد المتقاربة.و لكن في التذكرة نقلا عن بعض العلماء أنّ حكم البلاد كلّها واحد مطلقا و لو كانت
.رؤيت هلال، ج4، ص: 2535
متباعدة «1»، و مال إليه في المنتهى «2» في أوّل كلامه، و احتمله في الدروس «3»، و اختاره غير واحد ممّن تأخّر و منهم المستند و الجواهر «4».و هو الأقوى،
لا لما في الدروس ...بل لأنّ المصير إلى القول الأوّل مبنيّ على أن يكون المدار في مبادئ الشهور على رؤية الهلال في بلد المكلّف أو ما يكشف عنه من الرؤية في البلاد المتقاربة، و لا شاهد عليه جدّا.بل الذي تشهد به الأدلّة إنّما هو كفاية الرؤية مطلقا و لو في بلد آخر من المعمورة مع عدم إمكان الرؤية في بلد المكلّف،
و ذلك لإطلاق قوله عليه السّلام: «صم للرؤية، و أفطر للرؤية» «1» و إطلاق ما دلّ على كفاية الرؤية في بلد آخر.و دعواهم الانصراف فيه يدفعها أنّ الندرة وجوديّة، فلا تصلح سببا للانصراف، مع إمكان منع الندرة أيضا؛ لأنّ الاطّلاع بحال البلاد المتباعدة و قيام البيّنة على الرؤية فيها بعد شهور أو سنة أمر غير نادر جدّا؛ لكثرة تردّد القوافل العظيمة بين البلاد المتباعدة في كلّ زمان.نعم، الاطّلاع في نفس يوم الشكّ ممّا لم يكن يتّفق في تلك الأزمنة؛ لامتناعه عادة، إلّا بآلة التلگراف المخترع في زماننا و نحوها، و هو غير مراد من تلك النصوص أيضا.
و لنصّ صحيحة محمّد بن عيسى:ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان، فلا نراه و نرى السماء ليست فيها علّة فيفطر الناس فنفطر معهم، و يقول قوم من الحسّاب قبلنا: إنّه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر و إفريقيّة و الأندلس، فهل يجوز- يا مولاي- ما قال الحسّاب في هذا الباب حتّى يختلف الفرض على أهل الأمصار، فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا؟ فوقّع عليه السّلام: «لا تصومنّ الشكّ، أفطر لرؤيته و صم لرؤيته» «2».حيث إنّ النهي عن الصوم لأجل كونه شاكّا من قولهم كالصريح في أنّه لو كان قاطعا برؤية أهل تلك البلاد لكان له حكمهم، و الحال أنّها من البلاد البعيدة جدّا بالنسبة إلى بلاد الراوي، كما لا يخفى، بل و ظاهر السؤال أنّ [ظ: أنّه] في استخراج أهل الحساب أيضا إنّما
446.رؤيت هلال، ج4، ص: 2538
كان ممكن الرؤية في تلك البلاد خاصّة دون بلد الراوي، كما لا يخفى.و احتمال أن يكون المراد أنّ الرؤية في تلك البلاد موجبة للشكّ في إمكان الرؤية في بلدك، فلا تصم لأجل ذلك، فيدلّ على أنّ العبرة ببلد المكلّف خاصّة، كما ترى خلاف الظاهر جدّا و لو بالنظر إلى أنّه لو كان المراد ذلك لقال: صم بالرؤية في بلدك، صريحا، و لم يأمره بالصوم بالرؤية بقول مطلق الذي هو في مقابل العمل بقول أهل الحساب و نحوه من الأمور الظنّيّة، كما أشرنا إليه مرارا، و إلى أنّ من البعيد فرض الشكّ في إمكان الرؤية في بلد الراوي بعد فرض عدم رؤية جميع الناس طرّا مع عدم العلّة في السماء و كونه في استخراج أهل الحساب غير ممكن الرؤية، فليس إلّا الشكّ في الرؤية في تلك البلاد لقول أهل الحساب بإمكان الرؤية فيها.هذا كلّه، مضافا إلى أنّ موضوع الشهر ممّا لا اختراع فيه للشرع، بل إنّما هو كسائر الموضوعات العرفيّة التي علّق عليها الأحكام، فالمرجع فيه ليس إلّا العرف، و المدار فيه عندهم على الرؤية مطلقا و لو في البلاد المتباعدة، فتأمّل جيّدا.