بسم الله الرحمن الرحیم
جمل العلم و العمل، ص 89
و علامة دخول شهر رمضان رؤية الهلال، فإن خفي كملت عدد [8] الشهر الماضي ثلاثين و صمت، فإن شهد [9] عدلان على رؤية الهلال وجب الصوم، و لا تقبل [10] شهادة النساء. و في صيام يوم الشك ينوي [11] أنه من شعبان [12]، فإن ظهر فيما بعد أنه من شهر رمضان أجزأه.
المهذب، ص 189-190
«باب صوم شهر رمضان و علامة دخوله» علامة دخول شهر رمضان: رؤية الهلال مع زوال العوارض، فاذا رأيته فلا تشر اليه بيدك، و استقبل القبلة و ارفع يدك للدعاء و أقصده بكلامك و قل: ربي و ربك الله رب العالمين: ثم قل: اللهم اهله علينا و على بيوتنا و أشياعنا و إخواننا بأمن و ايمان و سلامة و إسلام، و بر و تقوى و عافية و رزق واسع و حسن و فراغ من الشغل، و اكفنا فيه بالقليل من النوم، و مسارعة فيما تحب و ترضى و ثبتنا عليه، اللهم بارك لنا في هذا العهد و ارزقنا بركته و خيره و عونه و غنمه و فوزه و اصرف عنا شره و ضره و بلائه و فتنته، اللهم ما قسمت فيه من رزق أو خير أو عافية أو فضل أو مغفرة أو رحمة فاجعل نصيبنا فيه الأكبر و حظنا فيه الأوفر انك على كل شيء قدير. ثم أصبح صائما من غدير يومك، فان لم تر الهلال لتركك النظر اليه، و التصدي لرؤيته و رآه الناس رؤية شائعة في البلد الذي أنت فيه وجب أيضا الصوم من الغد و ان لم يره أهل البلد و كان في السماء علة و راه خمسون رجلا وجب أيضا الصوم و إذا لم يره من ذكرناه و رآه واحدا أو اثنان وجب الصوم على من رآه في حق نفسه و لم يجب الصوم على غيره. و إذا كان في السماء علة و لم يره أحد من أهل البلد و رآه من خارجه شاهدان عدلان وجب الصوم، و متى لم يكن في السماء علة و تصدى الناس لرؤيته فلم يروه لم يجب الصوم فان شهد من خارج البلد خمسون رجلا برؤيته وجب الصوم، و إذا لم يشاهد أحد. الهلال و لا ورد خبر من خارج البلد برؤيته، عددت بشهر الماضي ثلاثين يوما و صمت بنية الوجوب فان ثبت بعد ذلك بينة عادلة برؤيته قبل يوم صيامك بنية الوجوب بيوم، كان عليك قضائه .
رسائل الشریف المرتضی، ج 1، ص 293
الهلال يغم في بلادنا كثيرا أو يخفى علينا، فهل له حساب يعول عليه غير رأي العين، و اليوم الذي يرى فيه هو منه، أو من الشهر المتقدم؟ الجواب: المعول في معرفة أوائل الشهور و أواخرها على رؤية الهلال دون الحساب، فإذا رأى الهلال ليلة ثلاثين فهو أول الشهر. فان غم فالشهر ثلاثون. و لا تعويل إلا على ذلك، دون ما يدعيه أصحاب العدد، فإذا رأى الهلال في نهار يوم، فذلك اليوم من الشهر الماضي دون المستقبل.
رسائل الشریف المرتضی ، ج 2، ص 36-43
قال صاحب الكتاب: أخبرونا عمن طلب أول شهر رمضان إذا رقب الهلال فرآه، لا يخلو أمره من احدى ثلاث خصال: اما أن يعتقد برؤيته أنه قد أدرك معرفة أوله لأهل الإسلام، حتى لا يجيز ورود الخبر برؤيته قبل ذلك في بعض البلاد.
أو يعتقد أنه أول الشهر عنده، لانه رآه و يجزي رؤية غيره له من قبل و استتاره عنه في الحال، لكنه لا يلتفت الى هذا الجواز، و لا يعول الا على ما أدركه و رآه.
أولا يعتقد ذلك و يقف مجوزا غير قاطع، لإمكان ورود الخبر الصادق بظهوره لغيره قبل تلك الليلة في إحدى الجهات.
فعلى أي هذه الأقسام يكون تعويل المكلف في رؤية الهلال؟
فان قالوا: على القسم الأول، و هو القطع و ترك التجويز مع المشاهدة ليصح الاعتقاد، أوجبوا على المكلف اعتقاد أمر آخر يجوز عند العقلاء خلافه و ألزموه ترك ما يشهد به الامتحان و العادة بتجويزه، لان اللبس يرتفع عن ذوي التحصيل في اختلاف أسباب المناظر و جواز تخصيص العوارض و الموانع. ثم ما رووه من وجوب صوم الشك حذرا من ورود الخبر برؤية الهلال، يدل على بطلان ذلك.
و ان قالوا: يعتمد على القسم الثاني، فيعتقد أنه أول الشهر لما دلته عليه المشاهدة، و لا تكثرت لما سوى ذلك من الأمور المجوزة. أجازوا اختلاف أول شهر رمضان، لجواز اختلاف رؤية الهلال. و أحلوا لبعض الناس الإفطار في يوم، أوجبوا على غيرهم فيه الصيام، و لزمهم في آخر الشهر نظير ما التزموه في أوله من غير انفصال. و هذا يؤول إلى نقصانه عند قوم و كونه عند قوم على التمام، و فيه أيضا بطلان التواريخ و فساد الأعياد، مع عموم التكليف لهم بصومه على الكمال، و هو خلاف ما أجمعت عليه الشيعة من الرد على أصحاب القياس، من بطلان تحليل شيء و تحريمه على غيرهم من الناس. و هو أيضا يضاد ما يروونه من صوم يوم الشك على سبيل الاستظهار. و ظهور بطلان هذا القسم يغني من الإطالة فيه و الإكثار.
و ان قالوا: الواجب على العبد إذا رأى الهلال أن لا يبادر بالقطع و الثبات، و أن يتوقف مجوزا، لورود أخبار البلاد بما يصح معه الاعتقاد. كان هذا بعيدا عن الصواب و أولى بالفساد، و هو مسقط عن كافة الأمة اعتقاد أول شهر رمضان الى أن يتصل بهم أخبار البلاد. و كيف السبیل لمن لم ير الهلال الى العلم، بأنه قد رأى في بعض الجهات، فيثبت له النية في فرض الصيام، بل كيف يصنع من رآه إذا اتصل به انه ظهر قبل تلك الليلة للناس، و متى يستدرك النية و الاعتقاد في أمر قد فات.
ثم قال: و اعلم أن إيجابهم لصوم يوم الشك، لا يسقط ما لزمهم في هذا الكلام، لأنا سألناهم عن النية و الاعتقاد. و ليس يمكنهم القول بأن يوم الشك من شهر رمضان، و لا يجب على من أفطره ما يجب من أفطر يوما فرض عليه فيه الصيام، و الشك فيه يمنع من النية على كل حال.
يقال له: القسم الثاني من اقسامك التي ذكرتها هو الصحيح المعتمد، و ما رأيناك أبطلت هذا القسم الا بما لا طائل فيه، لأنك قلت: انه يلزم على اختلاف أول شهر رمضان، لجواز اختلاف رؤية الهلال، أن يحل لبعض الناس الإفطار في يوم يجب على غيرهم فيه الصيام، و أنه يلزم في آخر الشهر نظير ما لزم في أوله، و هذا يؤول إلى انقضائه عند قوم، و كونه عند غيرهم على التمام. و هذا الذي ذكرته كله و قلت انه لازم لهم، صحيح و نحن نلتزم ذلك، و هو مذهبنا. و أي شيء يمنع من اختلاف العبادات لاختلاف أسبابها و شروطها، و أن يلزم بعض المكلفين من العبادة ما لم يلزم غيره، فتختلف أحوالهم باختلاف أسبابهم. و من الذي يدفع هذا و ينكره و الشريعة مبنية عليه، ألا ترى أن من وجب عليه بعض الصلوات و يجتهد في جهة القبلة، فغلب في ظنه بقوة بعض الأمارات أنها في جهة مخصوصة، فإنه يجب عليه الصلاة الى تلك الجهة. و إذا اجتهد مكلف آخر فغلب في ظنه أنها في جهة أخرى غير تلك [الجهة] فإنه يجب عليه أن يصلي الى تلك الجهة الأخرى و ان خالفت الاولى فقد اختلفت فرض هذين المكلفين كما ترى، و صار فرض أحدهما أن يصلي الى جهة و فرض الأخر أن يصلي الى خلافها. و كذلك لو دخل اثنان في بعض الصلوات و ذكر أحدهما أنه على غير وضوء و أنه أحدث و نقض الوضوء، و الأخر لم يذكر شيئا من ذلك، لكان فرض أحدهما أن يقطع الصلاة و يستأنفها، و فرض الأخر أن يمضي فيها و يستمر عليها.
و كذلك لو حضر ماء بين يدي محدثين، فغلب في ظن أحدهما بأمارة لاحت له نجاسة ذلك الماء، و الأخر لم يغلب في ظنه نجاسته، لكان فرضاهما مختلفين و وجب على أحدهما أن يتجنب ذلك الماء، و على الأخر أن يستعمله. و كذلك حكم الأوقات عند من غلب في ظنه دخول بعض الصلوات، فإنه يجب عليه الصلاة في ذلك الوقت، و من لم يغلب ذلك في ظنه لا يحل له أن يصلي في ذلك الوقت. و هذا أكثر من أن يحصى، و الشريعة مبنية على ذلك. و كما يجوز أن يكون الوقت وقتا للصلاة عند قوم، و غير وقت لها عند آخرين. و القبلة في جهة عند قوم، و عند آخرين خلاف ذلك، فيختلف الفرض بحسب اختلاف الأسباب، كذلك يجوز أن يكون الشهر ناقصا عند قوم و تاما عند آخرين، و الا فما الفرق. فأما قوله «ان في ذلك بطلان التواريخ و فساد الأعياد يتبعان الرؤية» و قد يجوز أن يكون عيد قوم غير عيد غيرهم، لان ذلك يتبع الأسباب المختلفة. [نقل كلام المستدل بالعدد و المناقشة فيه] فأما قوله «و في هذا ان نية المعلوم من حقيقة المنتهى عند اللّٰه تعالى غير معلوم لسائر العباد، مع عموم التكليف لهم بصومه على الكمال». فكلام غير متحقق لما يقوله خصومة في هذا الباب، لان المعلوم من حكم الشريعة عند اللّٰه تعالى هو المعلوم للعباد من غير اختلاف و لا زيادة و لا نقصان، لان اللّٰه تعالى إذا أوجب على من رأى الهلال ليلة الشهر أن يصومه و يفتح اليوم الذي رأى الهلال من ليله بالصوم، و يحكم بأنه في عبادته أول الشهر على الحقيقة في حقه و أوجب على من لم يره في تلك الليلة و لا خبره برؤيته أن يحكم بأنه ليس من شهر رمضان، و لا وجب عليه فيه الصيام. فالمعلوم للّٰه تعالى هو هذا بعينه و انه تعالى يعلم هذا الذي فصلناه و فسرناه،
و هو أن هذا اليوم في حق من رأى الهلال في ليلة من شهر رمضان، فواجب عليه صومه، و ليس هو من شهر رمضان في حق من لم يره و لا صح بالخبر رؤيته، و لا معلوم له يخالف ذلك. كما قلنا في سائر المسائل الشرعية، و في جهة القبلة، و ان من غلب في ظنه أنها في جهة مخصوصة، وجب عليه التوجه الى خلاف الجهة الاولى، و اختلف فرض هذين المكلفين، و كان معلوم اللّٰه تعالى مطابقا لمعلومهما و غير مختلف لما وجب عليهما و علماه في هذا الباب. فان قيل: أ ليس اللّٰه تعالى لا بدّ أن يكون عالما بأن القبلة في جهة بعينها لا يجوز عليه الاختلاف و ان اختلف ظنون المتوجهين، و كذلك لا بدّ أن يكون عالما بطلوع الهلال في ليلة مخصوصة، أو بفقد طلوعها فيها و ان لم يظهر ذلك بعينه للمكلف، و كيف يكون ما علمه اللّٰه تعالى في هذه المواضع مساويا لما يعتقده العبد و يعمله. قلنا: لا اعتبار في باب التكليف بجهة الكعبة نفسها، مع فقد المعاينة و بعد الدار، و انما الاعتبار الذي يتبعه الحكم انما يرجع الى ظن المكلف بما يؤديه إليه اجتهاده في جهة الكعبة مع بعد داره عنها. و تكليفه انما يختلف بحسب اختلاف ظنونه، فإذا غلب في ظنه أنها في جهة مخصوصة، فتكليفه متعلق بالتوجه إلى الجهة بعينها، سواء كانت الكعبة فيها أو لم تكن، و ان كان فرضه بالتوجه متعلقا بما يغلب في ظنه أنه جهة الكعبة، فتلك الجهة هي قبلته، و المفروض عليه التوجه إليها، و علم اللّٰه متعلق بهذا بعينه. و كذلك القول في مكلف آخر غلب في ظنه أن جهة الكعبة في جهة أخرى، فان الواجب عليه التوجه الى تلك الجهة و هي جهة القبلة، و القول في طلوع الهلال و استتاره كالقول في الكعبة، فلا معنى لإعادته. فأما قوله في الفصل «هو خلاف ما أجمعت عليه الشيعة في الرد على أصحاب القياس في بطلان تحليل شيء لقوم و تحريمه على غيرهم من الناس». فما أجمعت الشيعة على ما ظنه، و لا يرد من الشيعة على أصحاب القياس بهذا الضرب من الرد محصل و لا متأمل. و قد بينا في كثير من كتبنا و كلامنا كلاما في هذا الموضع، و أنه لا يمتنع في التكليف أن يحلل اللّٰه تعالى شيئا على قوم و يحرمه على آخرين، و ان هذا غير متناقض و لا متناف. و انما يعول على هذا الضرب من الكلام من يبطل القياس من طريق العقول، و يعتقد أن العبادة تستحيل أن ترد به، و قد بينا جواز ورود العبادة بالقياس، و انما نحرمه في الشريعة و لا نثبت به أحكامها، لأن العبادة ما وردت به و لا دلت على صحته. فأما قوله «و هو أيضا يضاد ما يروونه من صوم يوم الشك على سبيل الاستظهار» و قد كان ينبغي أن يبين و يوضح موضع التضاد بين القولين في مذهبنا بالرؤية، و بين ما تستحب من صوم يوم الشك على سبيل الاستظهار و ما تعرض لذلك. فأما قوله «فالواجب على العبد إذ رأى الهلال أن لا يبادر الى القطع و الثبات، و أن يتوقف مجوزا لورود أخبار البلاد بما يصح، و اعتقاد هذا بعيد عن الصواب و أولى بالفساد، و هو مسقط عن كافة الأمة اعتقاد أول شهر رمضان الى أن يتصل بهم أخبار البلاد». فقد بينا أن القسم الصحيح من أقسامه التي قسمتها هو غير هذا القسم و أوضحناه، و أن الواجب على من رأى الهلال أن يعتقد أن هذه ليلة أول شهر رمضان في حقه و حق من يجري مجراه في رؤيته، و ان جوز أن يكون رؤى في بعض البلاد، و يختلف فرض من رآه تلك الليلة و من لم يره و يخبر عنه، غير أنه و ان قطع بالرؤية على أنه أول يوم من شهر رمضان. فلا بد أن يكون ذلك مشروطا بأن لا يرد الخبر الصحيح بأنه رئي قبل تلك الليلة و كان قد صام بالاتفاق و على سبيل الشك اليوم الذي رآه غيره في ليلة أخرى، أجزأه ذلك عنه و سقط عنه فرض قضائه و كان مؤديا، و ان لم يتفق له صوم ذلك اليوم كان عليه قضاء صيامه و لا اثم عليه و لا حرج. و أما قوله «كيف السبيل لمن لم ير الهلال الى العلم بأنه قد رئي في بعض الجهات، فيثبت له النية في فرض الصيام، بل كيف يصنع من رآه إذا اتصل به أنه ظهر قبل تلك الناس؟ و متى يستدرك النية و الاعتقاد في أمر قد فات؟». فقد بينا كيف السبيل لمن لم يره الى العلم بأنه قد رئي في بعض تلك الجهات قبل تلك الليلة، و هو أن يخبره عن ذلك من يثق بعدالته و أمانته، فيثبت له النية، و إذا كان ما فاته صيام ذلك اليوم، فقد بينا ذلك. فأما من رآه في بعض الليالي و صح عنده أنه ظهر قبل تلك الليلة و لم يكن صام ذلك اليوم بنية النفل، فعليه القضاء على ما بيناه، و ليس عليه من الاستدراك أكثر من أن يصوم يوما و يعتقد أنه قضاء ذلك اليوم الفائت. و أما قوله «و اعلم ان إيجابهم لصوم يوم الشك لا يسقط ما لزمهم في هذا الكلام سألناهم عن النية و الاعتقاد، و ليس يمكنهم القول بأن يوم الشك من شهر رمضان، و لا يجب على من أفطره ما يجب على من أفطر يوما فرض عليه فيه الصيام، و الشك فيه يمنع من النية على كل حال». فكلام غير صحيح، لأنا لا نوجب صيام يوم الشك و لا أحد من المسلمين أوجبه و ما نستحبه و نرى فيه فضل و استظهار للفرض. و انما نستجيز صومه بنية النفل و التطوع، فان اتفق أن يظهر من شهر رمضان، فقد أجزأ ذلك الصيام و وقع في موقعه و لا قضاء عليه، و ان لم يتفق ظهور أنه من شهر رمضان كان صائم ذلك اليوم مثابا عليه ثواب النفل و التطوع. و قوله «و ليس يمكنهم القول بأن يوم الشك من شهر رمضان، و لا يجب على من أفطره ما يجب على من أفطر يوما من شهر رمضان». فبعيد عن الصواب، لأنا لا نوجب صيام يوم الشك على ما قدمنا ذكره، و يوم الشك انما هو اليوم الذي يجوز المكلفون أن يروا الهلال في ليلته، فيحكموا أنه من شهر رمضان، و يخرج من أن يستحق اسم الشك بما لا يجوزون أن لا يروا الهلال في تلك الليلة، و لا يخبرهم عن رؤيته مخبر يقع القطع على أنه من شعبان و يزول عنه اسم الشك أيضا. و لسنا نقول بأن يوم الشك يوم من شهر رمضان على الإطلاق، بل على القسمة الصحيحة التي ذكرناها. فأما من أفطر يوم الشك و لم بر الهلال و لا أخبر عنه، فلا اثم عليه و لا قضاء. فأما إذا رآه في ليلة يوم الشك لو أخبر عن رؤيته، فالذي يجب عليه أن يقضي ان كان ما صام ذلك اليوم. و ان كان قد اتفق له صيامه بنية النفل، فلا قضاء عليه. [الكلام في صوم يوم الشك] ثم قال صاحب الكتاب: و ربما التبس الأمر عليهم في هذا الباب، فظنوا أن صوم يوم الشك بغير اعتقاد أنه من شهر رمضان يغني عن الاعتقاد إذا كان منه و يجري مجرى بقية الأيام قياسا على المسجون إذا كان قد صام شهرا على الكمال فصادف ذلك شهر رمضان على الاتفاق من غير علم بذلك، و أنه يخبر به عن الفرض عليه من صومه في شريعة الإسلام و ان لم يقدم النية و الاعتقاد، و الفرق واضح بين الصومين بلا ارتياب.
رسائل الشریف المرتضی، ج 4، ص 48-49
[حكم الخلاف في رؤية الهلال] مسألة من المسائل الرملية: ما القول في من طلب هلال شهر رمضان فلم يره، أو رآه و جوز رؤية غيره له من قبل في بلد آخر و كانت رويته لا تعطي معرفة له، أي شيء يعتقد و على أي شيء يقول؟ و كذلك إذا ظهر آخر الشهر لقوم و استتر عن قوم حتى وجب الصيام على من استتر عنهم و الإفطار على من ظهر لهم، أ ليس يؤدي هذا الى نقصانه عند بعض المكلفين و تمامه عند آخرين فتبطل حقيقة شهر رمضان في نفسه، أو يكون له حقيقة عند اللّٰه تعالى لم ينصب لخلقه دليلا يتفقون به عليها و يعتقدونها على وجهها، و يؤدي أيضا الى اختلاف الأعياد و فساد التواريخ و مماثلة أهل الاجتهاد في الخلاف؟
(الجواب) و باللّه التوفيق: ان تكليف كل مكلف يختص به و لا يتعلق بغيره، فليس بمنكر أن يختلف تكليف الشخصين في الوقت الواحد، كما لا يمتنع اختلاف تكليف الشخص الواحد في الوقتين و الوجهين و في الوقت الواحد و الوجه الواحد إذا كان التكليف على التخيير. و إذا صحت هذه الجملة فما المانع من أن يكون تكليف من رأى هلال شهر رمضان الصوم و تكليف من لم يره و لا قامت حجة برؤيته الفطر، و كذلك حكمها في رؤية الفطر. و أي فساد في اختلاف التكليف إذا اختلفت وجوهه أو طرقه؟ أو ليس اللّٰه تعالى قد كلف واجد الماء الطهارة به دون غيره و أسقط من فاقد الماء تكليف الطهارة به و كلفه التيمم بالتراب و جعل تكليفهما في صلاة واحدة مختلفا كما ترى، و لم يقتض ذلك فسادا. و كذلك تكليف المريض الصلاة من قعود و الصحيح الصلاة من قيام، فاختلف التكليف فيهما لاختلاف أسبابهما به. و من طلب جهة القبلة و غلب في ظنه بأمارة لاحت له أنها في بعض الجهات وجب عليه ان يصلي إليها بعينها، و من طلبها في تلك الحال و غلب في ظنه بأمارة أخرى أنها في جهة سواها وجب عليه أن يصلي الى خلاف الجهة الأولى. و كل واحد منهما مؤد فرضه و ان اختلف التكليف. و لو ذهبنا الى ما ذكر مما يختلف فيه التكليف من ضروب الشرائع لطال القول و اتسع. و لسنا نعيب أصحاب الاجتهاد بالاختلاف في التكليف على ظن المسائل، لأن الاختلاف إذا كان عن دليل موجب للعلم و حجة صحيحة لم يكن معيبا. و انما عبناهم بالاجتهاد و القياس في الشريعة، لأنه لا دليل عليهما و لا
المبسوط فی فقه الامامیة، ج 1، ص 267-268
فصل: في ذكر علامة شهر رمضان و وقت الصوم و الإفطار علامة شهر رمضان رؤية الهلال أو قيام البينة برؤيته. فإذا رأى الإنسان هلال شهر رمضان و تحققه وجب عليه الصوم سواء رآه معه غيره أو لم يره، و إذا رأي هلال شهر شوال أفطر سواء رآه غيره أو لم يره. فإن أقام بذلك الشهادة فردت لم يسقط فرضه فإن أفطر فيه وجب عليه القضاء و الكفارة. و متى لم يره و رأي في البلد رؤية شائعة وجب أيضا الصوم فإن كان في السماء علة من غيم أو قتام أو غبار و شهد عدلان مسلمان برؤيته وجب أيضا الصوم. و متى كانت في السماء علة و لم ير في البلد أصلا، و شهد من خارج البلد نفسان عدلان قبل قولهما و وجب الصوم، و إن لم يكن هناك علة لم يقبل إلا شهادة القسامة خمسين رجلا، و إن لم يكن علة غير أنهم لم يروه لم يقبل من خارج البلد إلا شهادة القسامة خمسين رجلا، و لا يقبل شهادة النساء في الهلال لا مع الرجال، و لا على الانفراد فإن أخبر من النساء جماعة يوجب خبرهن العلم برؤية الهلال أو جماعة من الكفار كذلك وجب العمل به لمكان العلم دون الشهادة، و هذا الحكم فيمن لا يقبل شهادته من الفساق و الصبيان، و لا يجوز العمل في الصوم على العدد و لا على الجدول و لا غيره، و قد رويت روايات بأنه إذا تحقق هلال العام الماضي عد خمسة أيام و صام يوم الخامس أو تحقق هلال رجب عد تسعة و خمسون يوما و يصام يوم الستين، و ذلك محمول على أنه يصوم ذلك بنية شعبان استظهارا فأما بنية أنه من رمضان فلا يجوز على حال. و متى غم الهلال عد من شعبان ثلاثون و يصام بعده بنية رمضان. فإن غم هلال شعبان عد رجب أيضا ثلاثون و صام فإن رأى بعد ذلك هلال شوال ليلة تسعة و عشرين قضى يوما واحدا لأن الشهر لا يكون أقل من تسعة و عشرين يوما و لا يلزمه قضاء أكثر من يوم واحد لأن اليوم الواحد متيقن و ما زاد عليه ليس عليه دليل، و متى غمت الشهور كلها عدوها ثلاثين ثلاثين فإن مضت السنة كلها و لم يتحقق فيها هلال شهر واحد ففي أصحابنا من قال: إنه يعد الشهور كلها ثلاثين، و يجوز عندي أن يعمل على هذه الرواية التي وردت بأنه يعد من السنة الماضية خمسة أيام و يصوم يوم الخامس لأن من المعلوم أنه لا يكون الشهور كلها تامة، و أما إذا رأي الهلال و قد تطوق أو رأي ظل الرأس فيه أو غاب بعد الشفق فإن جميع ذلك لا اعتبار به،
و يجب العمل بالرؤية لأن ذلك يختلف بحسب اختلاف المطالع و العروض. و متى لم ير الهلال في البلد و رأي خارج البلد على ما بيناه وجب العمل به إذا كان البلدان التي رأى فيها متقاربة بحيث لو كانت السماء مضحية و الموانع مرتفعة لرأي في ذلك البلد أيضا لاتفاق عروضها و تقاربها مثل بغداد و أوسط و الكوفة و تكريت و الموصل فأما إذا بعدت البلاد مثل بغداد و خراسان، و بغداد و مصر فإن لكل بلد حكم نفسه. و لا يجب على أهل بلد العمل بما رآه أهل البلد الآخر.
اصباح الشیعة، ص 134-135
الفصل الثالث علامة شهر رمضان رؤية الهلال أو قيام البينة برؤيته دون العدد، فمن لم يره و قد رئي في البلد رؤية شائعة وجب عليه الصوم، و كذا إن كان في السماء غيم أو غبار و شهد عدلان مسلمان برؤيته من أهل البلد أو من خارجه وجب الصوم، و مع فقد العلة لا يقبل إلا بشهادة خمسين رجلا من البلد أو الخارج، و متى لم ير في البلد و رئي في بلد آخر أو في البراري وجب العمل به إذا كان البلد الذي رئي فيه بحيث لو كانت السماء مصحية و الموانع مرتفعة لرئي في الموضعين معا لتقاربهما، و أما إذا بعدت فلكل بلد حكم نفسه،