بسم الله الرحمن الرحیم
قرار ضمان-تعاقب ایدي
فهرست علوم
فهرست فقه
علم الحقوق
مباحثه مطالب مربوط به اعتباريات در مباحث الاصول
تبیین اعتباریات با تکیه بر نظام اغراض و ارزش ها
هوش مصنوعي
الگوریتم ضمان-متلف-تالف-تلافي
متلف-تالف-ضمان
قرار ضمان-تعاقب ایدي
مباشرت-تسبیب-علت-سبب-شرط
عمد-شبه عمد-خطأ محض
هدر
استناد
تعلق حق به رقبة
036-جلسات فقه هوش مصنوعي
037-جلسات فقه هوش مصنوعي
اشکال در تعلق عین واحد به ذمه های متعدد
کلمات الاصحاب فی رجوع المشتری العالم بالفساد الی البائع
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج25، ص: 188
و الظاهر أن قرار الضمان على من ضمنه المالك منهما، لو تلف بآفة سماوية، إن لم يثبت إجماع على قاعدة «قرار الضمان على من تلف في يده المال» كما عساه يظهر منهم في باب الغصب. لكن في المقام حكي عن فخر المحققين و ابن المتوج أن الأصح استقراره على من ضمنه المالك، و احتمله في المسالك، و استشكل فيه في القواعد، و هو يومي إلى عدم الإجماع المزبور بحيث يشمل المقام، و حينئذ يتجه ما قلناه ضرورة عدم الدليل على رجوعه على الآخر بعد أن كان رجوع المالك عليه بحق، و لم يكن منه غرور له.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام؛ ج12، ص: 223
و لو اشترى من غاصب (1) ضمن العين و المنافع، و لا يرجع على الغاصب إن كان عالما. و للمالك الرجوع على أيّهما شاء. فإن رجع على الغاصب رجع الغاصب على المشتري. و إن رجع على المشتري لم يرجع على الغاصب، لاستقرار التلف في يده.
و إن كان المشتري جاهلا بالغصب رجع على البائع بما دفع من الثمن. و للمالك مطالبته بالدرك إما مثلا أو قيمة، و لا يرجع [المشتري] بذلك على الغاصب، لأنه قبض ذلك مضمونا. و لو طالب الغاصب بذلك، رجع الغاصب على المشتري. [و لو طالب المشتري لم يرجع على الغاصب].
______________________________
و هذا يتمّ على تفسير الغصب بأنه الاستيلاء على مال الغير بغير حقّ، أما لو اعتبرنا العدوان لم يتمّ كونه غاصبا إلا بتقدير علمه بالفساد و جهل البائع، أما مع جهلهما أو جهل المشتري فليست يده يد عدوان. و الوجه حينئذ أنه يضمن القيمة يوم التلف إن لم نقل في الغاصب مطلقا كذلك، و إلا كان الحكم فيه كذلك مطلقا بطريق أولى.
قوله: «و لو اشترى من غاصب. إلخ».
(1) المشتري من الغاصب- سواء كان عالما بالغصب أم جاهلا- من باب تعاقب الأيدي على المغصوب. و قد تقدّم «1» تفصيل حكمها، و لكن يزيد هنا بواسطة الشرى «2» أحكاما تخصّه أوجب ذكره بخصوصه. و قد تقدّم الكلام فيه في البيع «3» أيضا.
______________________________
(1) في ص: 155.
(2) كذا في «و»، و في سائر النسخ: المشتري.
(3) في ج 3: 158- 159.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج12، ص: 224
..........
______________________________
و جملة أمره: أن المشتري إن كان عالما بالحال فهو غاصب محض يطالب بما يطالب به الغاصب. و يتخيّر المالك بين مطالبته بالعين أو بدلها و ما استوفاه من منافعها و فات تحت يده منها، و بين مطالبة الغاصب الأول و هو البائع.
فإن طالب البائع رجع على المشتري بما استقرّ تلفه تحت يده، و بالعين إن كانت باقية و بدلها إن كانت تالفة، لاستقرار التلف في يده. نعم، لو كان قبل بيعه قد استوفى شيئا من المنافع، أو مضى زمان يمكن استيفاء شيء منها فيه، أو نقصت في يده نقصانا مضمونا، اختصّ بضمانه من غير أن يرجع به على المشتري ابتداء أو عودا.
و إن رجع على المشتري بشيء من ذلك لم يرجع على البائع، لاستقرار التلف أو ما في حكمه في يده. و لا يرجع على البائع بالثمن إن كان تالفا، لأنه قد سلّطه عليه و أذن له في إتلافه، و إن كان في مقابله «1» عوض لم يسلم له، لأنه مع علمه بأنه لا يسلم له العوض في حكم المسلّط عليه مجّانا، و للإجماع على ذلك.
و إن كان الثمن باقيا ففي رجوعه عليه به قولان:
أحدهما- و هو الأشهر، بل ادّعى عليه في التذكرة «2» الإجماع-: عدم الرجوع، لأنه «3» بإعطائه إيّاه عالما بعدم عوض حقيقيّ في مقابلته يكون في معنى هبته إيّاه، إذ لا معنى لها إلا إعطاء العين من غير عوض، و هو متحقّق هنا.
و للمصنف- رحمه اللّٰه- في بعض رسائله «4» قول بجواز رجوعه به حينئذ.
و هو قويّ، لعدم وقوع ما يدلّ على التمليك، و أصالة بقائه على ملك مالكه
______________________________
(1) في «ل، م»: مقابلة.
(2) التذكرة 1: 463.
(3) كذا في «و، خ»، و في سائر النسخ: و لأنّه.
(4) الرسائل السبع للمحقّق: 306 المسألة الرابعة من المسائل الطبريّة.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج12، ص: 225
..........
______________________________
و تسليطه «1» على التصرّف فيه، غايته أن «2» يمنع الرجوع بعوضه بعد تلفه أما مع بقائه فلا.
و إن كان جاهلا، فإن كانت العين باقية في يده ردّها و أخذ الثمن إن كان باقيا و بدله إن كان تالفا، لظهور فساد العقد الموجب لترادّ العوضين.
ثمَّ إن كان عوض العين بقدر الثمن فذلك. و إن كان أزيد ففي رجوعه على الغاصب بالزيادة عن الثمن وجهان، من أن الشراء عقد ضمان و قد شرع فيه على أن يكون العين من ضمانه و إن كان الشراء صحيحا، و من دخوله على أن يكون المجموع في مقابلة الثمن، و هو يقتضي كون الزائد عليه في معنى التبرّع به و إعطائه إيّاه بغير عوض، فإذا أخذ منه عوضه رجع به.
و هذا قويّ. و لا يمنع من ذلك كون البيع عقد ضمان، لأنه إن كان المراد من كونه عقد ضمان أنه إذا تلف المبيع عنده تلف من ماله و استقرّ عليه الثمن فهذا مسلّم، و لكن لم يكن شارعا فيه على أن يضمن القيمة، و معلوم أنه لو لم يكن المبيع مغصوبا لم يلزمه شيء بالتلف، غايته أن يكون ما قابل الثمن من المبيع مأخوذا بعوضه و الباقي سالم «3» له بغير عوض، فكان الغاصب مغرّرا موقعا إيّاه في خطر الضمان فليرجع عليه. و إن كان المراد غيره فلم قلتم: إن الشراء عقد ضمان مطلقا؟
و حينئذ، فإن رجع المالك على المشتري جاهلا بعوض المبيع لم يرجع به على الغاصب البائع إن لم تزد قيمته عن الثمن. و إن رجع به على الغاصب رجع به على المشتري. و إن رجع بالزيادة على المشتري رجع بها على الغاصب. و إن
______________________________
(1) كذا فيما لدينا من النسخ الخطّية، و لعلّ الصحيح: تسلّطه.
(2) في «ل»: أنه.
(3) في «ل»: سالما.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج12، ص: 226
و ما يغترمه المشتري، (1) ممّا لم يحصل له في مقابلته نفع، كالنفقة و العمارة، فله الرجوع به على البائع.
و لو أولدها المشتري كان حرّا، و غرم قيمة الولد، و يرجع بها على البائع.
و قيل في هذه: له مطالبة أيّهما شاء. لكن لو طالب المشتري رجع على البائع، و لو طالب البائع لم يرجع على المشتري. و فيه احتمال آخر.
أما ما حصل للمشتري في مقابلته نفع، كسكنى الدار و ثمرة الشجر و الصوف و اللبن، فقد قيل: يضمنه الغاصب لا غير، لأنه سبب الإتلاف، و مباشرة المشتري مع الغرور ضعيفة، فيكون السبب أقوى، كما لو غصب طعاما و أطعمه المالك.
و قيل: له إلزام أيّهما شاء، أما الغاصب فلمكان الحيلولة، و أما المشتري فلمباشرة الإتلاف. فإن رجع على الغاصب رجع على المشتري، لاستقرار التلف في يده. و إن رجع على المشتري لم يرجع على الغاصب [و الأول أشبه] [1].
______________________________
رجع بها على الغاصب لم يرجع بها على المشتري. و يظهر من إطلاق المصنف عدم رجوع المشتري بالدرك مثلا و قيمة، و من تعليله بكونه قبضه مضمونا، عدم رجوعه بالزائد. و قد عرفت جواب التعليل.
قوله: «و ما يغترمه المشتري. إلخ».
(1) ما تقدّم حكم رجوع المشتري على الغاصب بالثمن و عوض المبيع،
______________________________
[1] لم يرد ما بين المعقوفتين في متن نسخة الشرائع الخطّية المعتمدة، و ورد في هامشها بعنوان: خ، أي: نسخة، و ورد في الشرائع الطبعة الحجريّة: 277، و متن الجواهر 37:
182.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج12، ص: 227
..........
______________________________
و الكلام هنا في غيره من منافعه و ما غرمه على المبيع.
و محصّله: أن غرامة المشتري بواسطة المبيع عليه أو المالك إن لم يكن حصل له في مقابلته نفع- كالبناء و الغرس إذا نقضه المالك- فله الرجوع به على الغاصب، لأنه دخل على أن يكون ذلك له بغير غرم، و إنما جاء الضرر من تغرير الغاصب. و كذا القول في أرش نقصانه.
و إن حصل له في مقابلته نفع، كالسكنى و الثمرة و اللبن و الركوب إذا غرّمه المالك، ففي رجوعه به على الغاصب قولان:
أحدهما: العدم، ذهب إليه الشيخ في المبسوط «1» و الخلاف «2» و ابن إدريس «3»، لمباشرته الإتلاف مع حصول منفعة في مقابلته، و حوالة الضمان على مباشر الإتلاف أولى.
و الثاني: الرجوع، ذهب إليه المصنف في كتاب التجارة «4» من هذا الكتاب و في النافع «5»، و إن كان هنا [1] لم يرجّح أحد القولين، لأن الغاصب قد غرّه، و لم يشرع على أن يضمن ذلك، فكان الضمان على الغارّ، كما لو قدّم إليه طعام الغير فأكله جاهلا و رجع المالك على الآكل، أو غصب طعاما فأطعمه المالك، فإنه لا يرجع على الغارّ.
و على هذا فيتخيّر المالك بين رجوعه ابتداء على الغاصب، فلا يرجع على
______________________________
[1] كلام الشارح «قدّس سرّه» يبتني على نسخته من الشرائع حيث لم ترد فيها جملة:
«و الأول أشبه»، و انظر الهامش (1) في الصحفة السابقة.
______________________________
(1) المبسوط 3: 71.
(2) لم نجده فيه.
(3) السرائر 2: 493.
(4) شرائع الإسلام 2: 13.
(5) انظر المختصر النافع: 256- 257، و لكنّه تردّد في الحكم و لم يصرّح بالرجوع.
مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، ج12، ص: 228
[الخامسة: لو غصب مملوكة فوطئها]
الخامسة: لو غصب مملوكة فوطئها، (1) فإن كانا جاهلين بالتحريم لزمه مهر أمثالها، للشبهة. و قيل: عشر قيمتها إن كانت بكرا، و نصف العشر إن كانت ثيّبا. و ربما قصّر بعض «1» الأصحاب هذا الحكم على الوطء بعقد الشبهة.
______________________________
المشتري، و بين أن يرجع على المشتري لترتّب يده على ماله، فيرجع على الغاصب. و قيل: بل يتعيّن الرجوع على الغاصب خاصّة. و الأصحّ الأول.
و لو كان المغصوب جارية بكرا فافتضّها المشتري فرجع عليه بالعوض، ففي رجوعه به الوجهان، لحصول نفع في مقابلته. و أولى بعدم الرجوع هنا لو قيل به ثمَّ، لأنه بدل جزء منها أتلفه، فأشبه ما لو قطع عضوا من أعضائها.
و أما المنافع التي لم يستوفها و فاتت تحت يده فرجع عليه بها، ففي حكم ما لم يحصل له في مقابلته نفع. و أولى بالرجوع، لأنه لم يتلف، و لا شرع في العقد على أن يضمنها.
و لو أولد الأمة غرم قيمته لمولاها «2» عند انعقاده حرّا، و يرجع به على الغاصب، لأنه شرع في العقد على أن يسلم الولد حرّا من غير غرامة، و لم يوجد منه تفويت. و الكلام في تخيّر المالك في الرجوع- مع استقراره- على الغاصب أو كونه ابتداء عليه كما مرّ. و يحتمل إلحاق عوض الولد بما حصل له في مقابلته نفع كالمهر، لأن نفع حرّية الولد يعود إليه. و هذا هو الاحتمال الذي أشار إليه، فيجري فيه الوجهان، إلا أن الأشهر الأول.
قوله: «لو غصب مملو
________________________________________
عاملى، شهيد ثانى، زين الدين بن على، مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، 15 جلد، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم - ايران، اول، 1413 ه ق
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج37، ص: 179
و إن كان المشتري جاهلا بالغصب رجع على البائع بما دفع من الثمن إن باقيا و بدله إن كان تالفا، لظهور فساد العقد الموجب لتراد العوضين.
ثم إن كانت قيمة العين بقدر الثمن فذاك، و إن كانت أزيد ففي رجوعه على الغاصب بالزيادة عن الثمن وجهان، من أن الشراء عقد ضمان، و قد شرع فيه على أن يكون العين من ضمانه و إن كان الشراء صحيحا، و من دخوله على أن يكون المجموع في مقابلة الثمن، و هو يقتضي كون الزائد عليه في معنى التبرع به و إعطائه إياه بغير عوض، فأخذ (فإذا أخذ خ ل) منه عوضه فيرجع (رجع خ ل) به.
و في المسالك «و هذا قوى، و لا يمنع من ذلك كون البيع عقد ضمان، لأنه إن كان المراد من كونه عقد ضمان أنه إذا تلف المبيع عنده تلف من ماله و استقر عليه الثمن فهذا مسلم، و لكن لم يكن شارعا فيه على أن يضمن القيمة، و معلوم أنه لو لم يكن المبيع مغصوبا لم يلزمه شيء بالتلف، غايته أن يكون ما قابل الثمن من المبيع مأخوذا بعوضه و الباقي سالم له بغير عوض، فكان الغاصب غارا موقعا إياه في خطر الضمان، فليرجع عليه، و إن كان المراد غيره فلم قلتم: إن الشراء عقد ضمان مطلقا، و حينئذ فإن رجع المالك على المشتري جاهلا بعوض المبيع لم يرجع به على الغاصب البائع إن لم تزد قيمته عن الثمن، و إن رجع به على الغاصب رجع به على المشتري، و إن رجع بالزيادة على المشتري رجع بها على الغاصب، و إن رجع بها على الغاصب لم يرجع بها على المشتري، و يظهر من إطلاق المصنف عدم رجوع المشتري بالدرك مثلا أو قيمة، و من تعليله بكون قبضه مضمونا عدم رجوعه بالزائد، و قد عرفت جواب التعليل».
قلت: الظاهر صحة إطلاق المصنف و للمالك مطالبته بالدرك
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج37، ص: 180
إما مثلا أو قيمة، و لا يرجع بذلك على الغاصب، لأنه قبض ذلك مضمونا، و لو طالب الغاصب بذلك رجع الغاصب على المشتري الذي هو غير مغرور بالنسبة إلى ذلك، و يده يد ضمان للشيء مثلا أو قيمة لو فسد البيع بفساد صيغة و نحوها، كما لا إشكال في عدم رجوعه به، و هذا معنى إقدامه على كون العين مضمونة عليه، لا ما ذكره.
و ما في الروضة- من أن ضمانه للمثل و القيمة أمر زائد على فوات العين الذي قد قدم على ضمانه و هو مغرور من البائع بكون المجموع له بالثمن، فالزائد بمنزلة ما رجع عليه به، و قد حصل في مقابلته نفع بل أولى- لا محصل له، خصوصا قوله: «فالزائد» إلى آخره. بناء على عدم رجوعه بمثله.
ثم قال: «هذا إذا كانت الزيادة على الثمن موجودة حال البيع، أما لو تجددت بعده فحكمها حكم الثمرة، فيرجع بها أيضا كغيرها مما حصل له نفع في مقابله على الأقوى، لغروره و دخوله على أن يكون ذلك له بغير عوض».
و هو مثل سابقه أيضا، ضرورة كون الاقدام المزبور إنما هو على تقدير صحة البيع لا مطلقا، إذ هو معنى كون البيع عقد ضمان كما عرفت، و دعوى أن الفعل نفسه غرور ممنوعة بعد ما عرفت من كون مبناه كذلك نحو الفساد بغير ذلك من الخلل في الشرائط الذي لا كلام عندهم في ضمان المشتري المبيع بزيادة قيمته حتى مع علم البائع بالفساد دون المشتري و إن وسوس فيه بعض الناس لكنه في غير محله.
و احتمال الفرق بأن ذلك إنما نشأ من الجهل بالحكم الشرعي الذي لا مدخلية فيه للبائع بخلاف المقام الذي منشأه الجهل بالموضوع، و الفرض علم البائع به دونه.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج37، ص: 181
يدفعه (أولا) أن المسألة عندهم عامة لما إذا كان البائع عالما أو لا و إن فرضت في المقام مخصوصة. (و ثانيا) مبني الضمان عندهم أن فعل البائع من التسبيب الذي ترتب عليه فعل المشتري، سواء كان البائع عالما أولا، كتسبيب حفر البئر للتردي فيها و إن لم يقصد الحافر ذلك و لا علمه.
و فيه إمكان منع التسبيب المقتضي للضمان فضلا عن كون القرار عليه، خصوصا بعد ملاحظة ما ذكرنا من أن مقتضى الاقدام على المعاوضة ذلك، فتأمل جيدا، و الله العالم.
هذا كله بالنسبة إلى الثمن. و أما ما يغترمه (ما يغرمه خ ل) المشتري مما لم يحصل له في مقابلته نفع كالنفقة و العمارة إذا نقضها المالك فله الرجوع به على البائع الذي هو الغاصب، لأنه دخل على أن يكون ذلك له بغير غرم، و إنما جاء الضرر من تغرير الغاصب، و كذا القول في أرش نقصانه، و ظاهرهم عدم الخلاف فيه، معللين له بالغرور الذي هو من السبب المقتضي للضمان مقدما على غيره مما هو أضعف منه.
و هو إن تم إجماعا فذاك، و إلا كان للنظر فيه مجال لا يخفى عليك وجهه بعد الإحاطة بما ذكرناه من منع مثله سببا يقتضي الضمان على وجه يقدم على مباشرة المشتري، مضافا إلى اقتضاء معنى كون البيع عقد ضمان على الوجه الذي ذكرناه ذلك أيضا، فتأمل جيدا، و الله العالم.
________________________________________
نجفى، صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، 43 جلد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، هفتم، 1404 ه ق
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج22، ص: 300
فان لم يجز و كان الفضولي قد دفع المبيع كان له أي المالك انتزاعه من المشتري قطعا بلا خلاف و لا إشكال،
قال:
زرارة «2» «قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل اشترى من سوق المسلمين جارية فخرج بها إلى أرضه فولدت منه أولادا ثم أتاها من يزعم أنها له، و أقام على ذلك البينة قال: يقبض ولده و يدفع إليه الجارية
______________________________
(1) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام الوكالة الحديث 1.
(2) الوسائل الباب 88 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث 2.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 301
و يعوضه قيمة ما أصاب من لبنها و خدمتها»
و قال: أيضا في خبر جميل «1» «في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها، ثم يجيء مستحق الجارية فقال: يأخذ الجارية المستحق و يدفع إليه المبتاع قيمة الولد و يرجع على من باعه بثمن الجارية
و قيمة الولد الذي أخذت منه» و كذا في خبر زريق «2» الذي ستسمعه نعم يرجع المشتري على البائع بما دفع إليه من الثمن، بل و بما اغترمه للمالك من نفقة أو عوض عن أجرة أو عن نماء أو أرش جناية أو قيمة شجر أفسده القلع أو أجرة حفر أو طمة أو بناء جدار أو شق أنهار أو حفر آبار أو غير ذلك، و لكن إنما يكون له الرجوع إذا لم يكن عالما أنه لغير البائع و اغتر بظاهر فعله، و إن لم يكن من قصد البائع غروره لعدم توقف صدقه على ذلك أو كان عالما انه لغيره و لكن ادعى البائع أن المالك أذن له و لم يكن له معارض لقاعدة الغرور، و خبر جميل السابق و الإجماع بقسميه، عدا ما حصل له نفع في مقابل ما غرمه من عوض نماء أو منفعة و نحوها.
أما فيه فالمشهور أنه كذلك أيضا للقاعدة المزبورة إذ النفع الذي قد حصل له إنما قدم عليه مجانا، باعتبار الغرور من فعل البائع، أو دعواه فيكون حينئذ كما لو قدم إليه طعام الغير فأكله جاهلا، و في شرح الأستاد أن في خبر جميل دلالة عليه خلافا للمحكي عن الخلاف و موضع من المبسوط و ظاهر السرائر و صريح كشف الرموز فلا يرجع به لعدم تضرره بعد فرض انتفاعه في مقابلة غرامته، و قاعدة الغرر مبناها الضرر، و فيه أن الضرر متحقق بعد الاقدام منه على استيفاء
______________________________
(1) الوسائل الباب 88 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث 5.
(2) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 302
ذلك مجانا، و إمكان كون بناء قاعدة الغرر على قوة السبب من المباشر و على كل فما في الحدائق من أنه لا يرجع إلا بالثمن، مخالف للنص و القاعدة و الإجماع بقسميه، لما عرفت.
مضافا إلى عدم ما يصلح له سندا لذلك سوى ما ذكره من
خبر زريق «1» الذي باع قاضي الكوفة معيشته في دين ادعاه عليه ورثة ميت، ثم ظهر بعد ذلك بطلان الدعوى فجاء المشتري لها إلى أبي عبد الله عليه السلام يسأله عن ذلك فقال له بعد شرح حاله: «جعلت فداك كيف أصنع؟ فقال: تصنع أن ترجع بمالك على الورثة و ترد المعيشة إلى صاحبها، و تخرج يدك عنها قال: فإذا أنا فعلت ذلك له أن يطالبني بغير هذا؟ قال: نعم له أن يأخذ منك ما أخذت من الغلة من ثمن الثمار و كل ما كان مرسوما في المعيشة يوم اشتريتها يجب أن ترد ذلك إلا ما كان من زرع زرعته أنت فإن للزارع إما قيمة الزرع و إما ان يصبر عليك إلى وقت حصاد الزرع فان لم يفعل كان له ذلك و رد عليك القيمة و كان الزرع له قلت: جعلت فداك فان كان هذا قد أحدث فيها بناء و غرس؟ قال: له قيمة ذلك أو يكون ذلك المحدث بعينه يقلعه و يأخذه قلت: أ رأيت ان كان فيها غرس أو بناء، فقلع الغرس و هدم البناء؟ فقال: يرد ذلك إلى ما كان أو يغرم القيمة لصاحب الأرض فإذا رد جميع ما أخذ من غلاتها إلى صاحبها و رد البناء و الغرس و كل محدث إلى ما كان أو رد القيمة كذلك يجب على صاحب الأرض أن يرد عليه كل ما أخرج منه في إصلاح المعيشة من قيمة غرس أو بناء أو نفقة في مصلحة المعيشة و دفع النوائب عنها».
كل ذلك فهو مردود إليه باعتبار اقتصاره في جواب قوله كيف
______________________________
(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يكتسب به الحديث 1.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 303
أصنع؟ على الرجوع بماله الذي هو الثمن على الورثة و رد المعيشة على صاحبها، و لو كان له الرجوع بغيره عليه لذكره لأنه في مقام الحاجة إلى البيان خصوصا مع تعرضه «ع» لرجوع المالك عليه بعوض المنافع، مضافا إلى ما في ذيله من الرجوع بما أنفقه على مصلحة المعيشة و دفع النوائب عنها على المالك، لا على غيره، و فيه مع قصوره عن معارضة غيره و أعمية مثل هذا الاقتصار فيه من عدم الرجوع خصوصا بعد قضاء قاعدة الغرور، و خبر جميل «1» و الإجماع به، أنه يمكن أن يكون خارجا عما نحن فيه ضرورة عدم الغرور به لأن الفرض فيه أن زريقا كان عند أبي عبد الله عليه السلام يوما إذ دخل عليه رجلان إلى أن قال: فقال أحدهما انه كان على مال لرجل من بني عمار و له بذلك ذكر حق و شهود فأخذ المال و لم أسترجع منه الذكر بالحق، و لا كتبت عليه كتابا و لا أخذت منه برأيه، و ذلك لأني وثقت به و قلت له مزق الذكر بالحق الذي عندك فمات و تهاون بذلك، و لم يمزقها و عقب هذا طالبني بالمال وراثه و حاكموني و اخرجوا بذلك الذكر بالحق، و أقاموا العدول فشهدوا عند الحاكم فأخذت بالمال و كان المال كثيرا فتواريت عن الحاكم فباع على قاض الكوفة معيشة لي و قبض القوم المال، و هذا رجل من إخواننا ابتلى بشراء معيشتي من القاضي، ثم إن ورثة الميت أقروا أن المال كان أبوهم قد قبضه، و قد سألوه أن يرد على معيشتي و يعطونه في أنجم معلومة، فقال: إني أحب أن أسأل أبا عبد الله عليه السلام عن هذا، فقال: الرجل يعني المشتري جعلني الله فداك كيف أصنع إلى آخر ما سمعته سابقا.
و هو كما ترى لا غرور فيه، من أحد، ضرورة معذورية القاضي و الشهود و الورثة، و أقصاه ظهور الخطأ في حكم القاضي الذي قد باشر
______________________________
(1) الوسائل الباب 88 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث 5.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 304
البيع، و هو لا يقضي بتغريمه، و من هنا اتجه ما ذكره فيه من الاحكام التي سمعتها كما هو واضح، فحينئذ لا إشكال في الرجوع بما عرفت، نعم قد يقوى عدمه في الزائد على المعتاد من النفقة و الأجرة على بعض الأعمال و نحو ذلك، مما هو مستند إلى تقصيره و كذا بذل ما يستحب في تلك المعاملة، و اللوازم البعيدة، بل و كذا لا يرجع لو أبرأه المالك ضرورة أن المراد رجوع المغرور على من غره فيما غرمه، و لذا عبر به الأصحاب بل لعل المتجه ذلك أيضا لو تبرع متبرع بالدفع عنه، لكن في شرح الأستاد الإشكال في الأولين، و وجهان في الأخيرين، ثم قال:
و يرجع بعوض عمله الجاري على عادة الملاك، و في الأعمال المنسوبة من عبادات و غيرها، و عمل المتبرع و الزائد على المعتاد و التوابع البعيدة يقوى الاشكال، قلت: بل قد يتوقف في الرجوع بعمله أو عمل المتبرع له و إن جرى على المعتاد لعدم الغرامة المنساقة من لفظ الرجوع أما لو احتسب المالك ما في ذمته عليه خمسا، أو زكاة كان له الرجوع أيضا لصدق الغرامة، و إن رجعت إليه بوجه آخر كما هو واضح.
هذا كله مع غرور المشتري و عدم علمه ف ان لم يكن كذلك بل أخبره البائع فإنه فضولي أو غاصب أو نحو ذلك مما يرتفع به غروره لم يرجع على البائع بما اغترمه على المبيع من نفقة و نحوها و للمالك لو رجع عليه من عوض منفعة فأتت في يده أو استوفاها أو نماء كذلك أو غيرها مما عرفت، بلا خلاف و لا إشكال لأنه بحكم الغاصب في إثبات يده على مال الغير قبل تحقق رضاه، ضرورة عدم اقتضاء مجرد العقد قبل تحقق شرطه الذي مقتضى الأصل عدم حصوله ذلك، و إن حكمنا بصحته التي يراد منها قابليته للتأثير بعد جمع
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 305
الشرائط على حسب ما أوضحناه سابقا.
و من الغريب ما في الحدائق من أنه لا يجتمع القول بصحة الفضولي و حرمة تصرف المشتري لاقتضاء الصحة ذلك، و نحوه من المقتضيات بل فيها أنى لا أعرف وجها لذلك، إذ هو كما ترى مما لا ينبغي أن يصغى إليه، و أغرب من هذا نسبته إلى صريح كلامهم صحة الفضولي بالمعنى الذي يترتب عليها جواز التصرفات على حسب وقوع البيع من المالك، و هو شيء لا ينبغي نسبته إلى أصاغر الطلبة، فضلا عن فحول الطائفة و حفاظ الشريعة المؤيدين المسددين، و على كل حال فعدم رجوعه واضح، بل قيل أنه لا يرجع بالثمن الذي دفعه إلى البائع أيضا بسوء اختياره، مع العلم بالغصب بل في التذكرة قال: علمائنا ليس للمشتري الرجوع على الغاصب و أطلقوا القول في ذلك، و في تخليص التلخيص أطلق الأصحاب كافة ذلك، بل عن الإيضاح أنه نسب عدم الرجوع مع بقاء العين فضلا عن تلفها تارة إلى قول الأصحاب، و اخرى إلى نصهم، و في جامع المقاصد يمتنع استرداده العين عند الأصحاب و ان بقيت العين، و لعله يريد ظاهرهم كما حكى عنه ذلك أيضا في موضع آخر، إلا أنه لا يخفى عليك ما فيه من الاشكال، و عدم الانطباق على الضوابط المقتضية خلافه في نظائره كثمن الخمر و الميتة و غيرها، و من هنا حكي عن المصنف في بعض تحقيقاته القول بالرجوع به مطلقا، و هو و إن كان موافقا لما عرفت، لكنه مخالف للجمع عليه بين الأصحاب نقلا و تحصيلا، كما اعترف به الفخر و الكركي و ثاني الشهيدين و الأستاد من عدم الرجوع في صورة التلف الذي هو المتيقن من إطلاقهم، الموافق لما قرروه من أن دفعه بعد العلم بالغصب إباحة منه للمال بلا عوض، فليس له الرجوع
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 306
حينئذ بعد التلف كغيره من المال المباح من مالكه، و لذا كان خيرة التذكرة و المختلف و القواعد في موضع منها و نهاية الأحكام و الإيضاح و شرح الإرشاد للفخر و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و المسالك و الكفاية التفصيل بينه و بين البقاء، فلا يرجع مع الأول، و يرجع مع الثاني، لبقائه على ملكه، و
«الناس مسلطون على أموالهم» «1»
لكن فيه أن ذلك لو كان للإباحة لجرى في غيره من نظائره، و لاقتضى حلية التصرف فيه و فيها، مع أنه
ورد في كثير منها أن «أثمانها سحت» «2»
مضافا إلى ما عرفته سابقا من ضمان الثمن و المثمن في القبض بالعقد الفاسد، من غير فرق بين التلف و عدمه، و العلم بالفساد و عدمه، فالعمدة حينئذ ظهور إطباق الأصحاب الذي قد عرفت الاعتراف منهم بأن معقده مطلق، شامل لصورتي البقاء و التلف، مع إمكان تقريبه إلى الذهن بنحو ما سمعته من الإباحة، بالنسبة إلى التلف، بأنه يمكن أن يكون عقوبة له، و لا استبعاد في عدم جواز الرجوع به و إن بقي على ملكه، بل و يجب رده على من في يده، كالمال الذي حلف عليه المنكر «3» أو يكون نحو المال المعرض عنه، أو الموهوب أو نحو ذلك فيملكه حينئذ البائع مع حرمة التصرف عليه، أو عدمها.
و على كل حال فبناء على ذلك لا وجه للتفصيل المزبور اللهم إلا أن يقال أن المنشأ في التلف الإباحة من المالك، و هي لا تنافي حرمة تصرف الغاصب، للنهي الشرعي عن الإباحة في مقابلة المحرمات، و لا تلازم بين الحرمة المالكية و الشرعية، فيمكن أن يكون الشارع حرم
______________________________
(1) البحار ج 2 ص 272 الطبع الحديث.
(2) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به.
(3) الوسائل الباب 3 و 4 من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 307
التصرف فيما دفع عوضا عن المغصوب مثلا و إن رضى المالك، فيكون عدم الرجوع عليه باعتبار الإباحة المزبورة التي هي المدار فيه و في أمثاله، بل لا بأس بالتزام مثل ذلك في جميع نظائره، مما دفع فيه الثمن بلا مقابل معتد به، كما صرح به الأستاد في شرحه، حيث أنه بعد اختياره التفصيل قال: و يقوى تسرية الحكم في المقامين إلى كل ما دفع من غير مقابل، أو بمقابل غير قابل.
نعم لا يجري مثله في البيع الفاسد بغير ذلك، و ما شابهه بأن كلا من المتعاملين فيه قد قدم على أخذ العوض من صاحبه، و يرجع مع التلف إلى ثمن المثل، و إن زاد على المسمى، لتحقق مسمى الاقدام على الضمان في الجملة، بخلاف المقام الذي هو عند الانحلال تسليط على المال بلا عوض شرعا، و هتك لحرمة الملك بالاذن منه في الإتلاف و نحوه بل ربما ظهر من الكركي و غيره جواز التصرف للبائع فيه بملاحظة الاذن المزبورة، بل نسب ذلك إلى الأصحاب، و إن كان فيه ما لا يخفى من المنافاة لما هو كالمعلوم ضرورة من الشرع.
و كيف كان فمن ذلك ينقدح أنه لو فرض في المقام اشتراط المشتري على البائع الرجوع عليه بالثمن لو رجع المالك عليه بالعين، اتجه له الرجوع عليه مع التلف أيضا، ضرورة كونه حينئذ كالمقبوض بالعقد الفاسد، فلا يكون مندرجا في معقد الإجماع كما جزم به في شرح الأستاد، بل جزم أيضا بالرجوع مع اشتراط الخيار أو بقاء الثمن مدة فيقع التلف فيها أو نحو ذلك مما يقتضي عدم إطلاق الإباحة له، و هو لا يخلو من وجه، مع احتمال القول بأن الحكم تعبدي محض في خصوص المقام، و في خصوص المتيقن، و لعله الأوفق بالقواعد و كلام الأصحاب و على كل حال فظاهر المتن و غيره ممن عبر كعبارته أن بيع الغاصب من
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 308
الفضولي، كما صرح به في التذكرة و المختلف و نهاية الأحكام و الدروس و حواشي الشهيد و التنقيح و جامع المقاصد و غيرها، على ما حكي عن بعضها بل عن الإيضاح نسبته إلى الأكثر، و إن كان قد باع قاصدا للنقل عن نفسه و قبله المشتري على ذلك، إلا أنه لا ينافي الفضولية التي قد عرفت أنها عبارة عن وقوع العقد من غير المالك كيف ما قصد، بل عرفت مدركها فيما تقدم مما لا فرق فيه بين ذلك كله، بل و لا بين علم المشتري بالغصبية و جهله بها، كما صرح به بعضهم لتناول معظم ما عرفته من الأدلة السابقة لذلك كله.
فما جزم به بعض الناس من عدم كون بيع الغاصب مطلقا أو مع علم المشتري بالغصب، أو تردد فيه كذلك من الفضولي في غير محله و قصد النفس أو الغير لا مدخلية له حينئذ، بعد فرض دلالة الأدلة على قابلية تأثير لفظ العقد مع وقوعه على ما كان قابلا للتأثير فيه من غير فرق بين المالك و غيره، و نصوص النهي عن بيع ما لا يملك و السرقة و نحوها «1» قد عرفت الحال فيها، و ما تسمعه إنشاء الله من عدم رجوع المشتري على الغاصب إذا لم يجيز المالك بالثمن مطلقا أو مع التلف لو دفعه إليه عالما بالغصب، غير مناف لصحة الفضولي قطعا، مع عدم انحصار الثمن فيما لو دفعت كما كان كليا، ضرورة رجوع المالك حينئذ على المشتري مع إجازته البيع دون القبض بمصداق الثمن بل و كذا لو أجاز القبض و كانت العين باقية، بناء على اختصاص عدم الرجوع في صورة التلف، فان له الرجوع بها حينئذ عليه، بل و مع التلف أيضا بناء على الكشف، فان له ذلك أيضا، و عدم رجوع المشتري عليه في صورة عدم الإجازة تعبدا، أو للإباحة لا ينافي رجوع المالك
______________________________
(1) الوسائل الباب 1 و 2 من أبواب ما يكتسب به.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 309
الذي انكشف سبق ملكه بإجازته على إتلافه، و لو فرض اعتبار بقاء المال على صفة الملكية عند الإجازة اتجه البطلان، لا لخصوص بيع الغاصب، بل هو كذلك و لو كان البائع فضوليا و فرض تلفه في يد المشتري قبل الإجازة، و كذا الكلام على فرض كون الإجازة ناقلة.
و من ذلك يظهر لك الحال لو كان الثمن عينا و قد دفعها المشتري للغاصب، فإنه يتجه للمالك الرجوع بها مع الإجازة و فرض بقائها في يده، بل و مع تلفها لما عرفت من اختصاص عدم الرجوع بها بالمشتري مع عدم إجازة المالك، بل قد يقال: أن له الرجوع بها على المشتري أيضا بناء على الكشف، و عدم إجازة القبض لكونها مضمونة في يده حينئذ، و على كل حال فلا إشكال في جريان حكم الفضولية عليه من هذه الجهة و إن وقع من بعض الأفاضل، إلا أنه في غير محله كما هو واضح بأدنى تأمل، خصوصا بملاحظة ما ذكرناه، و كيف كان فقد ظهر لك الحال في أصل المسألة و أطرافها على وجه ارتفع عنه الإشكال في جميع ما كثر فيه القيل و القال، و لعله من خواص هذا الكتاب ككثير من المباحث التي وقع فيها البحث و الاضطراب، و نسأل الله السداد و الهداية إلى ما عنده من الرشاد.
[القول في بيع ما يملك و ما لا يملك]
و كذا ظهر لك الحال فيما لو باع ما يملك و ما لا يملك بعقد واحد و ثمن كذلك ضرورة كون حكمه أنه مضى بيعه فيما يملك و كان فيما لا يملك موقوفا على الإجازة بناء على ما سمعته من صحة الفضولي، و باطلا على القول الأخر، و على كل حال فلا خلاف في صحته بيعه و نفوذه فيما يملك إذا لم يتولد من عدم الإجازة مانع شرعي كلزوم رباء و بيع آبق من دون ضميمة و نحو ذلك، بل ظاهرهم الإجماع عليه كما اعترف به في الرياض، بل عن الغنية دعواه عليه
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 310
صريحا كالأستاد في شرحه، لإطلاق الأدلة و عمومها السالمين عن المعارض خصوصا بعد ملاحظة ما يظهر من النص و الفتوى من كون الأسباب الشرعية كالعقلية تؤثر في القابل، دون غيره، و ما سمعته من خبر الصفار من وجوب الشراء على
________________________________________
نجفى، صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، 43 جلد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، هفتم، 1404 ه ق
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج22، ص: 413
و على كل حال ف لو تسلمه المشتري مع اختلال هذا الشرط بل و غيره من الشرائط فتلف في يده كان مضمونا عليه مع العلم و الجهل بلا خلاف و لا إشكال، لعموم
«على اليد» «3»
و «من أتلف» «4»
و أصالة احترام مال المسلم، و قاعدة ما يضمن بصحيحه
______________________________
(1) الوسائل الباب 5 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 1.
(2) الوسائل الباب 5 من أبواب عقد البيع و شروطه.
(3) سنن البيهقي ج 6 ص 90 و كنز العمال ج 5 ص 257.
(4) قاعدة مستفادة من مضامين الأخبار و من أراد الاطلاع على مداركها فليراجع القواعد الفقهية ج 2 للسيد البجنوردي.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 414
يضمن بفاسده، و الإجماع بقسميه، و غير ذلك مما يقضي بكونه مغصوبا في يده، أو كالمغصوب في جميع أحكامه، فما عن الأردبيلي و تابعه المحدث البحراني من الوسوسة في ذلك، لأصالة البراءة و إمكان العلم فضلا عن الظن بالرضاء من البائع بالتصرف في المبيع، عوض التصرف في الثمن، و إن كان البيع فاسدا، و نحو ذلك من الخرافات الخارجة عن مفروض المسألة الذي هو قبض المبيع بالبيع الفاسد، من حيث كونه كذلك، الأجنبي عن المعاطاة المتوقفة على إنشاء جديد غير الأول، و عن التصرف بعلم الرضا الذي هو جائز من دون توسط البيع في غير محله، إنما الكلام في كيفية ضمانه، فخيرة المصنف بل ربما قيل الأكثر أنه كان قيميا يضمنه، بقيمته يوم قبضه لأنه وقت تعلق الخطاب، و إن كان ترتيبا، و لخبر البغل «1» المتمم بعدم القول بالفصل بين مورده أي الغصب و بين المقام، و قيل يوم تلفه، بل نسبه غير واحد إلى الأكثر لأنه زمان الانتقال إليها.
و قيل بأعلى القيم من يوم قبضه إلى يوم تلفه مطلقا كما هو ظاهر بعضهم، بل ربما نسب إلى الأشهر لأن القيمة على اختلاف أحوالها للمالك فيملك أعلاها، و لدعوى دلالة خبر البغل و إن كانت التفاوت بسبب نقص في العين أو زيادة، لأن زيادة العين مضمونة مع بقائها، فكذا مع تلفها دون ما لو كان باختلاف السوق، فإنه يضمن حينئذ بقيمته يوم تلفه، كما هو صريح المسالك و في محكي المقنعة و النهاية في خصوص الفساد بما في المتن الضمان يوم البيع، إلا أن يحكم على نفسه بالأكثر فيجب أو يكون البائع حاكما فيحكم بالأقل فيتبع، و عن أبي الصلاح و القاضي اختياره، و لعل الأقوى الثاني، لما عرفت من أنه
______________________________
(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام الإجارة الحديث 1.
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 415
زمان الانتقال إليها، بل ربما يرجع إليه الأخير، ضرورة كون البحث في القيمة من حيث اختلاف السوق، و إلا فلا ريب في أنه للمالك أرش النقص لو فرض حصوله في يد المشتري، مضافا إلى ضمان القيمة يوم التلف ناقصة، و لا يضمنها كاملة تقديرا حال التلف، و كذا الزيادة التي حصلت عند المشتري، إن قلنا بضمانها، لأنها كما لو كانت عند البائع فتلفت عند المشتري في التبعية لملك العين، و استدامة الغصب كابتدائه بالنسبة إلى ذلك.
نعم قد يتوقف في ضمانه لها لو رد العين إلى المالك، كما كان قد أخذها منه، لصدق أداء ما أخذت، مع احتمال أن يقال: انه و إن صدق أداء ما أخذ بالأخذ الأول، لكنه غير صادق بالنسبة إلى استدامة يده، فإنه أخذ أيضا و لم يؤد كما أخذ به، لأن الفرض تلف الزيادة، فلا فرق حينئذ في ضمان النقص عما كانت في يد المالك، و النقص عما كانت في يده، زمانا من الأزمنة، و ربما يأتي لذلك مزيد تحقيق إنشاء الله في باب الغصب، على كل حال فهو خارج عما نحن فيه من ضمان قيمة العين، من حيث السوق، ضرورة أنه في الفرض المزبور يضمن النقص عند تلفه، و يضمن العين عند تلفها، لا أنه يضمن أعلى القيم، فلعل مراد ثاني الشهيدين ذلك، كما هو خيرته في الروضة.
بل يمكن إرجاع القول بضمان أعلى القيم من القبض إلى يوم التلف إلى ذلك، بالتقريب الذي ذكرناه، إذ احتمال إرادة الأعلى من السوق، يدفعه أن ذلك أمر اعتباري و ليس مالا محققا كي يضمنه الغاصب، فيكون في المسألة قولان، و لا ريب في أن ثانيهما أقواهما، لأن الخطاب الترتيبي قبل حصول المرتب عليه غير محقق، فلا يترتب عليه حكم، و خبر البغل غير دال على ذلك، لاحتمال كون المراد فيه يلزمك
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 416
يوم خالفته قيمة البغل لو عطب بل الظاهر، لا أن المراد قيمته يوم المخالفة، فإن ذلك غير ملحوظ بل مقطوع بعدمه، خصوصا و من المستبعد اختلاف قيمة البغل في ذلك الزمان، و لذا حكم في آخره بأنه إذا أقام صاحب البغل البينة على قيمة بغله يوم أجرة أداها له و ما ذلك إلا للبناء على اتحاد القيمة في سائر الأحوال، كما هو الغالب و ربما يؤيده أيضا ما فيه جواب قوله، فإذا أصاب البغل كسرا و دبرا و غمر، عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه، ضرورة كون المراد أن عليك يوم ترد البغل إلى مالكه قيمة ما بين الصحة و العيب يوم تعيبه، لأنه في ذلك الوقت تعلق به الضمان دون يوم الأداء، و من هنا يعلم ضعف احتمال ضمان القيمة يوم الأداء في المسألة، مع أني لم أجده قولا لأحد، كاحتمال يوم المطالبة و الأعلى من يوم القبض أو التلف إلى المطالبة أو الأداء فإنها مبنية على اعتبارات ضعيفة، و الموافق لأصول المذهب ما عرفته، كما أن الموافق لها في المثلي ضمانه بمثله، و بقيمته يوم إعوازه، لأنه وقت الخطاب لا قيمته حين تسلم البدل، و إن قيل أنه الأشهر، و لا أعلى القيم من يوم قبضه إلى إعوازه و لا إلى المطالبة، و لا إلى الأداء و لا من إعوازه إلى المطالبة، و لا إلى الدفع، و الله العالم.
و كيف كان فقد عرفت أنه ان نقص المبيع مثلا فله أرشه مع رد العين أو عوضها، و كذا لو زاد لا بفعل المشتري بل من الله بل و من فعله مع العلم بالفساد، فإنه ليس له حينئذ إلا الزيادة العينية التي يمكن فضلها كما في المسالك و إن كان لا يخلو من نظر نعم لو زاد بفعله جاهلا كان له قيمة الزيادة و إن لم تكن عينا، و بالجملة حكمه في ذلك حكم الغاصب الذي تعرف تحقيق الحال
جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج22، ص: 417
في محله إنشاء الله هذا و قد ظهر لك مما ذكرناه في أول البحث الحال في الشرط.
[الخامس أن يكون المبيع معلوما]
________________________________________
نجفى، صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، 43 جلد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، هفتم، 1404 ه ق
****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 26/10/2024 - 10:22
استقر الضمان-استقرار الضمان-قرار الضمان
المبسوط، ج 3، ص 85
و إن غصب طعاما و استدعى من يأكله كان له أن يطالب من شاء منهما، فان طالب الآكل لم يكن للأكل الرجوع به على الغاصب، و قد قيل: إن له أن يرجع على الغاصب لأن الآكل أتلفه في حق نفسه، فعاد النفع إليه، فلهذا استقر الضمان عليه و هذا أقوى.
اشارة السبق، ص 48
الثالث: لا فرق في ما ذكرنا من اقتضاء الأخذ للضمان بين أن لا يسبق الأخذ به آخذ آخر أو يسبقه، للإطلاق، و من ذلك باب تعاقب الأيدي، نعم هنا إشكال في تصوير ضمان أشخاص عديدة لشخص واحد، إذ كيف يتصوّر ثبوت مال واحد في العهدات المتعدّدة و كيف يتصوّر مالكية المالك للذّمم، و هل يملك الجميع أو واحدا بنفسه أو لا بعينه و أنّه بعد استقرار الضمان على من وقع في يده التلف، كيف حال رجوع بعضهم إلى بعض و كيف يملكون ذمائمهم.
شرائع الاسلام، ج 4، ص 133-134
الثالث لو حكم فقامت بينة بالجرح مطلقا لم ينقض الحكم لاحتمال التجدد بعد الحكم و لو تعين الوقت و هو متقدم على الشهادة نقض و لو كان بعد الشهادة و قبل الحكم لم ينقض و إذا نقض الحكم فإن كان قتلا أو جرحا فلا قود و الدية في بيت المال و لو كان المباشر ل لقصاص هو الولي ففي ضمانه تردد و الأشبه أنه لا يضمن مع حكم الحاكم و إذنه و لو قتل بعد الحكم و قبل الإذن ضمن الدية أما لو كان مالا فإنه يستعاد إن كانت العين باقية و إن كانت تالفة فعلى المشهود له لأنه ضمن بالقبض بخلاف القصاص و لو كان معسرا قال الشيخ ضمن الإمام و يرجع به على المحكوم له إذا أيسر و فيه إشكال من حيث استقرار الضمان على المحكوم له بتلف المال في يده فلا وجه لضمان الحاكم.
تذکرة الفقهاء، ج 15، ص 183
مسألة 782: هذا كلّه إذا لم يعترف المشتري بالوكالة، فإن اعترف بها فإن صدّق الموكّل، فالبيع باطل، و عليه ردّ المبيع إن كان باقياً. و إن تلف، فالموكّل بالخيار إن شاء غرّم الوكيل؛ لأنّه تعدّى ما أمره الموكّل، و إن شاء غرّم المشتري؛ لتفرّع يده على يدٍ مضمونة، و لأنّه أتلف السلعة على الموكّل بشرائه من غير إذن مالكها، و قرار الضمان على المشتري؛ لحصول الهلاك في يده.
تذکرة الفقهاء، ج 19، ص 186-187
مسألة 1021: قد بيّنّا حكم قرار الضمان عند تلف المغصوب في يد من ترتّبت يده على يد الغاصب، أمّا إذا أتلفه فإنّ قرار الضمان على المتلف إن استقلّ به؛ لأنّ الإتلاف أقوى من إثبات اليد العادية، فإن رجع المالك على الغاصب رجع الغاصب على المتلف، و إن رجع على المتلف لم يرجع على الغاصب. و لو لم يستقل بالإتلاف، بل شاركه فيه غيره، فالضمان عليهما معا، فيرجع المالك على كلّ واحد منهما بالنصف، و لا يرجع أحدهما على الآخر بشيء. و لو استقلّ كلّ واحد منهما بإثبات اليد عليه في وقتين متغايرين ثمّ أتلفاه معا، كان للمالك أن يرجع على كلّ واحد بالنصف، و إن شاء رجع على من شاء منهما بالجميع، و على أيّهما رجع بالجميع رجع على صاحبه بالنصف الذي باشر إتلافه، و لا نعلم في ذلك خلافا.
...
موسوعة الشهید الاول، ج 14، ص 303 الحواشی النجاریة
قوله: «ولو استعار من الغاصب - إلى قوله: - فالأقرب الضمان». [ 197/2 ] جزم في باب الغصب بأنّ قرار الضمان على الثاني في العارية المضمونة . يريد به قرار الضمان، وإلّا فأصل الضمان يتخيّر فيه المالك قطعاً.
حاشیة المکاسب(آقا رضا)، ص 77-78
و حكي عن تذكرة الفاضل رحمه اللّه في ترتيب ذكره من أنّه: «لو استعار من غير المالك عالما أو جاهلا ضمن و استقرّ الضّمان عليه، لأنّ التّلف حصل في يده، و لا يرجع على المعير، و لو رجع المالك على المعير كان للمعير الرّجوع على المستعير» انتهى. و حكي عن «المسالك» حاكيا عنها و عن «القواعد» في مسألة المستعير، من المستعير من إطلاق الإشكال في رجوع المستعير على المعير لو رجع عليها مطلقا، و في رجوع المعير على المستعير الجاهل مع حكمه في المستعير من الغاصب بخلاف ذلك. إذا عرفت هذه الأقوال. فنقول: إنّ هنا قواعد ثلاث: أحدها: قاعدة ما لا يضمن. و الأخرى: قاعدة الغرور. و الثّالثة: قاعدة استقرار الضّمان على يد من تلف في يده. أمّا القاعدة الأولى: فهي بظاهرها و إن دلّت على عدم قرار الضّمان على المستعير أصلا، فمقتضاه عدم جواز الرّجوع إليه مطلقا، و لكنّه لمّا كان مدركها الاستيمان، و هو بالنّسبة إلى المالك منتف، حيث لم يتحقّق من قبله فله الرّجوع إليه، و امّا بالنّسبة إلى الغاصب فمتحقّق، لتسليطه عليه بعنوان المجّانية من غير تضمين، فليس له الرّجوع إليه أصلا لأنّه أمين بالنّسبة إليه حيث استأمنه، و قاعدة استقرار الضّمان مخصّصة بما إذا كان من تلف في يده أمينا، و قد عرفت أنّ المستعير ليس ممّن استأمنه المالك، و لكنّه بالنّسبة إلى الغاصب أمين، فللمالك أن يرجع إلى المستعير بمقتضى قاعدة اليد، و أنّ الضّمان على يد من تلف في يده و إلى الغاصب لكون المسألة ممّا تعاقب عليه الأيدي، و لكنّه بعد رجوعه إلى الغاصب ليس للغاصب الرّجوع إلى المستعير سواء كان عالما أو جاهلا، لكونه أمينا من قبله، و قد عرفت تخصيص القاعدة بالأمانة، و امّا لو رجع إلى المستعير فله الرّجوع إلى المعير لو كان جاهلا لقاعدة الغرور - لو سلّمنا جريانها في المقام - و امّا لو كان عالما فلا لعدم جريان القاعدة كما لا يخفى.