بسم الله الرحمن الرحیم

ملک و مالک در کتب قراءات و تفسیر

فهرست مباحث علوم قرآنی
القرائة-1|4|مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
بررسی کلام علامه مجلسی-و ان کان مالک اکثر
مفتاح المفاتيح بأسنانه الأربعةعشر-مالک-ملک-يوم الدين
بحث سبعة احرف در قرائت مالك و ملك
تواتر نقل اجماع بر تواتر قرائات سبع-مفتاح الکرامة
یک دلیل برای تعدد قراءات!!
ابوعلی فارسی-اماله الف مالک جایز نیست


ملک و مالک در روایات شیعه
بررسی کلام علامه مجلسی-و ان کان مالک اکثر
ملک و مالک در کتب فقهي شیعه
ملک و مالک در روایات اهل سنت

فراء میگوید هر دو روایت شده:

كتاب فيه لغات القرآن (ص: 5)
المؤلف: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
* وأما قوله: {مالك يوم الدين}؛ فللعرب فيه لغة إذا نودي: ذكر عن بعض القراء أنه قرأ: {يا مال ليقض علينا}، فقيل له: {يا مالك}، فقال: تلك لغة، وهذه لغة.
ومن قرأ: {ملك}؛ فإن معناه غير معنى {مالك}، وهما متقاربان،
فأما {ملك} فهو في معنى الملك، كقوله: {لمن الملك اليوم}، ومن قرأ: {مالك}؛ فإنه يريد -والله أعلم-: حاكم ومجاز بالدين.
وقد ذكرا جميعا عن النبي صلى الله عليه:
حدثني محمد، قال: حدثنا الفراء، قال: حدثني خازم بن حسين البصري، عن مالك بن دينار، عن أنس بن مالك، قال: قرأ النبي صلى الله عليه وأبو بكر وعمر وعثمان: {مالك يوم الدين}.
حدثني محمد، قال: حدثنا الفراء، قال: وحدثني أبو بكر بن عياش، قال: حدثني سليمان التيمي، عن رجل قد سماه، عن أم سلمة، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه يقرأ (1): {ملك يوم الدين}، بغير ألف.
حدثني محمد، قال: حدثنا الفراء، قال: حدثنا شريك (2)، عن أبي إسحاق الهمداني، عن يحيى بن وثاب، أنه قرأ ... بغير ألف.





معانى القرآن للأخفش (1/ 15)
المؤلف: أبو الحسن المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، المعروف بالأخفش الأوسط (المتوفى: 215هـ)
وأما قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فانه يجرّ لانه من صفة "اللَّهِ" عز وجل.
وقد قرأها قوم {مالكَ} نصب على الدعاء وذلك جائز, يجوز فيه النصب والجرّ, [وقرأها قوم {مَلْك} ] الا أن "المَلْك" اسم ليس بمشتق من فعل نحو قولك: "مَلْك ومُلوك" وأما "المالك" فهو الفاعل كما تقول: "مَلَك فهو مالِكٌ" مثل "قهر فهو قاهر".


ابن مجاهد میگوید هر دو روایت شده:

السبعة في القراءات (ص: 104)
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر اختلاف القراء في فاتحة الكتاب
1 - اختلفوا في قوله {مالك يوم الدين} 4 في إثبات الألف وإسقاطها
فقرأ عاصم والكسائي {مالك يوم الدين} بألف وقرأ الباقون {ملك} بغير ألف
ولم يمل أحد الألف من {ملك}
وحجة من قرأ {مالك} قوله {مالك الملك} آل عمران 26 ولم يقل ملك الملك
و {مالك} أمدح من {ملك} لأنه يجمع الاسم والفعل
وقال أبو حمدون عن اليزيدي عن أبي عمرو {ملك} يجمع مالكا و {ملك} لا يجمع ملكا
و {مالك يوم الدين} إنما هو ذلك اليوم بعينه و / ملك يوم الدين / ملك ذلك اليوم بما فيه
وحجة من قرأ {ملك} قوله (ملك الناس) الناس 2 وقوله {الملك القدوس} الحشر 22
وقد رويا جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثني مدين بن شعيب عن محمد بن شعيب الجرمي عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أبي عمرو أنه قرأ {ملك} ساكنة اللام
وروى غيره عن عبد الوارث عن أبي عمرو {ملك} مكسورة الميم وساكنة اللام
قال أبو بكر وهذا من اختلاس أبي عمرو الذي ذكر أنه كان يفعله كثيرا وهو كقول العرب في كبد كبد يسكنون وسط الاسم في الضم والكسر استثقالا






الحجة للقراء السبعة (1/ 8)
المؤلف: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ الأصل، أبو علي (المتوفى: 377هـ)
ولم يمل «1» أحد الألف من (مالك) «2»
__________
(1) قول الفارسي: ولم يمل أحد الألف من مالك، الظاهر أنه يريد أن أحدا من القراء السبعة، لم يمل ألف مالك، وهذا لا يمنع الإمالة عند غير السبعة، وإذا فلا وجه لقول أبي حيان في البحر 1/ 20: «وجهل النقل- أعني في قراءة الإمالة- أبو علي الفارسي فقال: لم يمل أحد من القراء ألف مالك، وذلك جائز إلا أنه لا يقرأ بما يجوز إلا أن يأتي بذلك أثر مستفيض».
قال أبو حيان: وقد قرأ «مالك» بالإمالة البليغة يحيى بن يعمر، وأيوب السختياني، وبين بين قتيبة بن مهران عن الكسائي. قلنا:
وهذه الرواية عن الكسائي ليست قراءته السبعية.
(2) في (ط): في مالك. وانظر السبعة في القراءات 104 فقد ذكره من قوله: اختلفوا.




الحجة للقراء السبعة (1/ 40)
المؤلف: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ الأصل، أبو علي (المتوفى: 377هـ)
والإمالة في (مالِكِ) في القياس لا تمتنع، لأنّه ليس في هذا الاسم ممّا يمنع الإمالة شيء، وليس كلّ ما جاز في قياس العربية تسوغ التلاوة به حتى ينضم إلى ذلك الأثر المستفيض بقراءة السلف له، وأخذهم به لأنّ القراءة سنة «2».
فأمّا «3» إعراب ملك يوم الدين فالجرّ في القراءتين.
__________
(2) راجع ما ذكره أبو حيان في إمالة «مالك» في البحر 1/ 20. وما قاله عن الفارسي، في هذا الحرف وانظر ص 8 مما سبق.




الحجة للقراء السبعة (1/ 7)
فاتحة الكتاب
[الفاتحة: 4]
اختلفوا في إثبات الألف، وإسقاطها من قوله [عزّ وجلّ] «1»: ملك «2» يوم الدين [الفاتحة/ 4].
فقرأ عاصم «3»، والكسائي «4»: (مالك) بألف، وقرأ الباقون «5»: (ملك) بغير ألف، ولم يمل «1» أحد الألف من (مالك) «2»
قال أبو بكر محمد بن السريّ: قال أبو عمرو «1» فيما أخذته عن اليزيديين «2»: إن «ملك» يجمع مالكا، أي: ملك ذلك اليوم بما فيه، و «مالك» إنما يكون للشيء وحده، تقول:
هو مالك ذاك «3» الشيء، وقال الله سبحانه «4»: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران/ 26] للشيء بعينه، فملك يجمع مالكا، ومالك لا يجمع ملكا. وقال الله سبحانه «5»: مَلِكِ النَّاسِ [الناس/ 2] والْمَلِكُ الْقُدُّوسُ [الحشر/ 23].
قال «1»: وحكي أن عاصما الجحدري قرأها (ملك) «2» بغير ألف. فقال «3» محتجا على من قرأها «4» (مالك) بألف «5»:
يلزمه أن يقرأ: قل أعوذ برب الناس مالك الناس [الناس/ 1، 2]. قال هارون «6»: فذكرت ذلك لأبي عمرو، فقال: نعم، أفلا يقرءون: فتعالى الله المالك «7» الحق [المؤمنون/ 116]؟.
قال «8»: وقال بعض من اختار القراءة بملك: إن الله قد وصف نفسه بأنه مالك كل شيء بقوله: رَبِّ الْعالَمِينَ فلا فائدة في تكريره ذكر ما قد مضى ذكره من غير فصل بينهما بذكر «9» معنى غيره. قال: وقال: وإن الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «10» بقراءته: ملك يوم الدين أصح إسنادا من الخبر بقراءته (مالِكِ). وإنّ وصفه بالملك أبلغ في المدح، قال: وهي قراءة أبي جعفر، والأعرج «1» وشيبة بن نصاح «2».
قال «3» أحمد بن يحيى: من حجة الكسائي أنه يقال:
مَلِكِ النَّاسِ مثل سيّد الناس، وربّ الناس، ومالك يوم الدين، ولا يقال: سيد يوم الدين، فإذا كان مع الناس وما يفضل عليهم كان «ملك» وإذا كان مع غير الناس كان «مالك».
قال: وقال من احتجّ لمالك، وكره «ملك»: إن أول من قرأ «ملك» مروان بن الحكم «1» وإنه قد يدخل في الملك ما لا يجوز، ولا يصح دخوله في الملك، قالوا: وذلك أنه صحيح في الكلام أن يقال: فلان مالك الدراهم والطير، وغير صحيح أن يقال: فلان ملك الدراهم والدنانير. قالوا: فالوصف بالملك أعم من الوصف بالملك، والله سبحانه «2» مالك كل شيء قالوا: والمعنى: أنه يملك الحكم يوم الدين بين خلقه دون سائر الخلق الذين كانوا يحكمون بينهم في الدنيا. قالوا: وقد وصف الله سبحانه «3» نفسه بأنّه مالك الملك، فقال تعالى «4»: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ [آل عمران/ 26]، ولا يقال: هو ملك الملك، قالوا: فوصفه بالملك. أبلغ في الثناء وأعمّ في المدح من وصفه بالملك. وقرأها (مالِكِ) من متقدمي القرّاء قتادة «5» والأعمش «6».
وقال أبو عبيد «1» في قوله: ملك يوم الدين معناه:
الملك يومئذ ليس ملك غيره. ومن قرأ (مالِكِ) أراد: أنه يملك الدين والحساب لا يليه سواه. قال: وكذلك يروى عن عمر «2».
قال «3» أبو بكر محمد بن السري: الاختيار عندي: «ملك يوم الدين»، والحجة في ذلك: أن الملك والملك يجمعهما معنى واحد، ويرجعان إلى أصل، وهو الربط والشد، كما قالوا: ملكت العجين، أي: شددته. وقال الشاعر:
ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها «4»
يصف طعنة، يقول: شددت بها كفي. والإملاك من هذا، إنما هو رباط الرجل بالمرأة، وكلام العرب بعضه مأخوذ من بعض، فقد يكون الأصل واحدا ثم يخالف بالأبنية، فيلزم كل بناء ضربا من ذلك الجنس، مثال ذلك العدل، يشتقّ منه:
العدل والعديل، فالعدل: ما كان متاعا، والعديل: الإنسان، والأصل إنما هو العدل. وكذلك ملك، ومالك «1» فالملك الذي يملك الكثير من الأشياء: ويشارك غيره من الناس، بأنه يشاركه في ملكه بالحكم عليه فيه، وأنه لا يتصرف فيه إلا بما يطلقه له الملك، ويسوسه به، ويجتمع مع ذلك أن الملك يملك على الناس أمورهم في أنفسهم، وجميع متصرّفاتهم، فلا يستحق اسم الملك حتى يجتمع له ملك هذا كله، فكل ملك مالك، وليس كلّ مالك ملكا.
وأما قوله تعالى: «2» مالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران/ 26] فإنّ الله سبحانه «3» يملك ملوك الدنيا، وما ملكوا، وإنّما تأويل ذلك: أنّه يملك ملك الدنيا، فيؤتي الملك من يشاء. فأمّا يوم الدين فليس إلّا ملكه، وهو ملك الملوك جلّ وعزّ يملكهم كلّهم، وقد يستعمل هذا في الناس، فيقال: فلان ملك الملوك وأمير الأمراء، يراد بذلك: أن من دونه ملوكا وأمراء فيقال:
ملك الملوك وأمير الأمراء، ولا يقال: ملك الملك، ولا أمير الإمارة، لأنّ أميرا وملكا صفة غير جارية على فعل، فلا معنى لإضافتها إلى المصدر، فأمّا «1» إضافة ملك إلى الزمان فكما يقال: ملك عام كذا، وملوك سنيّ كذا، وملوك الدهر الأوّل، وملك زمانه، وسيّد زمانه، وهو في المدح أبلغ. والآية إنما نزلت بالثناء والمدح لله سبحانه «2» والصفة له، ألا ترى قوله [تعالى] «3»: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة/ 1 - 2]؟ فالربوبية والملك متشابهان.
قال: وللمختار لمالك أن يقول: قرأت: (مالِكِ) لأنّ المعنى: يملك يوم الدين، وهو يوم الجزاء، ولا يملك ذلك اليوم أن يأتي به ولا سائر الأيام غير الله سبحانه «4»، وهذا ما لا يشاركه فيه مخلوق في لفظ ولا معنى. فيقال: هذا الذي قلت حسن، ولولا هذا المعنى وما يؤيّده ما جازت القراءة به، ولا بدّ للمعاني من أن تتقارب، والملك في ذلك اليوم أيضا لا يكون إلا لله تعالى «5»، فهو متفرد «6» بهذا الوصف، ويقوّي ذلك قوله: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ «7» [غافر/ 16] وقوله: وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار/ 19].
فإن احتجّ المختار لمالك بما روي من أنّ أوّل من قرأ «ملك» مروان بن الحكم، احتجّ عليه من الأخبار بما يبطل ذلك، ولعل القائل لذلك أراد: أنّ «1» أول من قرأ في ذلك العصر، أو من ضربه، لأنّ القراءة بذلك أعرض وأوسع من ذلك بحسب ما انتهى إلينا. انتهت الحكاية عن أبي بكر «2».
قال أبو عليّ [الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار رضي الله عنه] «3»: قال أبو الحسن الأخفش فيما روى محمد بن العباس عن عمه عنه: يقال: ملك بيّن الملك، الميم مضمومة.
وتقول: مالك بيّن الملك والملك، بفتح الميم وكسرها.
وزعموا أن ضمّ الميم لغة في هذا المعنى.
وروى بعض رواة البغداذيين: يقال: طالت مملكتهم الناس ومملكتهم «4» وطال ملكه وملكه إذا طال رقّه. وأعطاني من ملكه وملكه، وهو ما يقدر عليه، ولي في هذا الوادي ملك وملك وملك. ويقال: نحن عبيد مملكة، ولسنا بعبيد قنّ، أي:
سبينا، لم نملك في الأصل.
وقال أبو عثمان «5»: شهدنا إملاك فلان، وملكه، ولا يقال: ملاكه.
وقال غيره:
ملكت بها كفي «1» ...
أي: شددت، وملكت العجين، أي: شددت عجنه.
قال أبو علي: وإملاك المرأة إنما هو العقد عليها، وقيل:
إملاك، كما قيل: عقدة النكاح، والملك للشيء: اختصاص من المالك به، وخروجه عن أن يكون مباحا لغيره، ومعنى الإباحة في الشيء كالاتساع فيه، وخلاف الحصر له، والقصر على شيء. ألا تراهم قالوا: باح السرّ، وباحة الدار؟ وقال أوس بن حجر «2»:
فملّك بالليط الذي تحت قشرها ... كغرقيء بيض كنّه القيض من عل
ملّك أي «3»: شدّد أي: ترك شيئا من القشر على قلبها يتمالك «4» به ويكنّها، لئلا يبدو قلب القوس فتنشق.
قال أبو علي «5»: وينبغي أن يكون موضع الذي: نصبا، بأنّه مفعول به لملّك، ولا يكون جرّا على أنّه وصف لليط، لأنّ الليط فوق القلب، ليس تحته، والمعنى: فملّك بالقشر الذي فوق القلب الذي تحت القشرة «1» ليصون القشر القلب فلا ينشقّ، ألا ترى أنّهم قالوا: إذا لم يكن عليها القشر صنعوها عقبة «2».
قال أبو علي: فكأن العقب يصون القلب كما يصونها بترك القشر عليه، ويدلّ على ذلك تشبيهه بالقيض والغرقئ.
قال أبو علي «3»: وأمّا ما حكاه أبو بكر عن بعض من اختار القراءة بملك، من أنّ الله سبحانه قد وصف نفسه بأنّه مالك كلّ شيء بقوله: رَبِّ الْعالَمِينَ فلا فائدة في تكرير ذكر ما قد مضى، فإنّه لا يرجّح قراءة ملك على مالك، لأنّ في التنزيل أشياء على هذه الصورة قد تقدّمها العامّ، وذكر بعد العامّ الخاصّ، كقوله «4» [عزّ وجلّ]: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق/ 1] [ثم قال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ] «5» [العلق/ 2]. فالذي: وصف للمضاف إليه «6» دون الأول المضاف لأنه كقوله: هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ [الحشر/ 24] ثم خصّ ذكر الإنسان تنبيها على تأمل ما فيه من إتقان الصنعة، ووجوه الحكمة، كما قال: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات/ 21] وقال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ [العلق/ 2]
وكقوله: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة/ 4] بعد قوله «1»: [عزّ وجلّ]: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة/ 3] والغيب يعمّ الآخرة، وغيرها، فخصّوا بالمدح بعلم ذلك والتيقن له، تفضيلا لهم على الكفار المنكرين لها، في قولهم: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ، قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ/ 3]. وكقولهم «2»: ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا [الجاثية/ 32]، وكقولهم:
ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا [الجاثية/ 24] وكذلك قوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرحمن أبلغ من الرحيم، بدلالة أنه لا يوصف به إلا الله سبحانه «3». وذكر الرحيم بعده لتخصيص المسلمين به في قوله تعالى «4»: وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب/ 43] فكما ذكرت هذه الأمور الخاصّة بعد الأشياء العامّة لها ولغيرها، كذلك «5» يكون قوله مالك يوم الدين، فيمن قرأها بالألف بعد قوله: الحمد لله رب العالمين.
وممّا يشهد لمن قرأ: (مالِكِ) من التنزيل قوله تعالى «6»:
وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار/ 19] لأن قولك: الأمر له، وهو مالك الأمر بمعنى. ألا ترى أن لام الجر معناها: الملك والاستحقاق، وكذلك قوله [عزّ وجلّ] «7»: يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً [الانفطار/ 19] يقوّي ذلك؟
والتقدير: مالك يوم الدين من الأحكام ما لا تملكه نفس لنفس. ففي هذا دلالة وتقوية لقراءة من قرأ: (مالك). وإن كان قوله: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر/ 66] أوضح دلالة. على قراءة من قرأ: ملك، من حيث كان اسم الفاعل من الملك: الملك «1» فإذا قال: الملك له ذلك اليوم، كان بمنزلة: هو ملك ذلك اليوم. هذا مع قوله: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ [طه/ 114] والْمَلِكُ الْقُدُّوسُ [الحشر/ 23] ومَلِكِ النَّاسِ [الناس/ 2].
واعلم أن الإضافة إلى يوم الدين في كلتا القراءتين من باب:
يا سارق الليلة أهل الدار «2» اتّسع في الظرف فنصب نصب المفعول به، ثم وقعت الإضافة إليه على هذا الحدّ، وليس إضافة اسم الفاعل هاهنا إلى اليوم كإضافة المصدر إلى الساعة في قوله: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [الزخرف/ 85]، لأن الساعة مفعول بها على الحقيقة، وليس على أن جعل الظرف مفعولا به «3» على السعة.
ألا ترى أن الظرف إذا جعل مفعولا على السعة فمعناه متّسعا فيه معنى الظرف؟ فلو جعلته ظرفا لكان المعنى: يعلم في الساعة، فلم يكن بالسهل، لأنّ القديم- سبحانه- يعلم في كل وقت، فإنّما معنى يعلم الساعة: يعرفها، وهي حقّ، وليس الأمر على ما الكفار عليه من إنكارها وردّها. وإذا كان كذلك فمن نصب: وَقِيلِهِ يا رَبِّ «1» [الزخرف/ 88] جاز أن يكون حاملا له على المعنى، وموضع الساعة «2»، لأن الاسم منصوب في المعنى بأنه مفعول به. وكذلك قوله: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ «3» [لقمان/ 34]، وهذا كقوله: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ [البقرة/ 65] وإذا كان كذلك، فالظرف في قوله: قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ [الأعراف/ 187] وإِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [الأعراف/ 187] لا يكون متعلقا بمحذوف إلّا أن تجعله في موضع حال. ومما يمكن أن يكون انتصابه على أنّه مفعول به على الاتساع وكان في الأصل ظرفا، قوله «4»: (أَيَّاماً) في قوله:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [البقرة/ 183] فالعامل في الأيام (كتب)، تقديره: كتب عليكم الصيام أياما معدودات.
أي: في أيام [معدودات] «1».
وإن شئت اتسعت فنصبته نصب المفعول به فتقول على هذا: يا مكتوب أيام عليه، ولا يستقيم أن ينتصب أيام بالصيام على أن يكون المعنى: كتب عليكم الصيام في أيام، لأنّ ذلك، وإن كان مستقيما في المعنى فهو في اللفظ ليس كذلك، ألا ترى أنّك إن حملته على ذلك فصلت بين الصلة والموصول بالأجنبي منهما! وذلك أن أياما تصير من صلة الصيام، وقد فصلت بينهما بمصدر: كتب، لأنّ التقدير: كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على من كان قبلكم، فالكاف في (كما) متعلقة بكتب، وقد فصلت بها بين المصدر وصلته، وليس من واحد منهما. فإن قلت: أضمر (الصِّيامُ) لتقدّم ذكر المتقدم عليه، كأنّه صيام أيّاما، فإنّ ذلك لا يستقيم، لأنّك لا تحذف بعض الاسم، ألا ترى أنّه قد قال «2»: في قوله:
لعمر أبيك إلا الفرقدان «3»
إنه لا يكون على: إلا أن يكون الفرقدان، لحذفك الموصول، فكذلك الآية. فأما قوله [عزّ وجلّ] «1»: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) [البقرة/ 197] فإنّه يكون على: أشهر الحجّ أشهر
معلومات، ليكون الثاني الأوّل في المعنى، ومعنى معلومات: أي أشهر مؤقتة معيّنة لا يجوز فيها ما كان يفعله أهل الجاهليّة من التبديل بالتقديم والتأخير اللذين كان يفعلهما النّسأة الذين أنزل فيهم: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ، يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً) إلى قوله: (فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ) [التوبة/ 37] أو يكون: الحجّ حجّ أشهر معلومات، أي: لا حجّ إلا في هذه الأشهر، ولا يجوز في غيرها، ولا يجزئ كما كان أهل الجاهلية يستجيزونه في غيرها من الأشهر. فالأشهر على هذا متّسع فيها مخرّجة عن الظروف، والمعنى على ذلك، ألا ترى أن الحجّ في الأشهر: كما أن الموعد في قوله: (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) [طه/ 59] في اليوم إلّا أنّه اتّسع فيه فجعل الأول لمّا كان فيه، كما فعل ذلك في قوله «يوم الزينة».
وإن قلت: موعدكم موعد يوم الزينة، فقد أخرجته أيضا على هذا التقدير عن أن يكون ظرفا، لأنك قد أضفت إليه، والإضافة إليه تخرجه عن أن يكون ظرفا، كما أن رفعه كذلك.
ويدلّك على تأكد خروجه عن الظرف عطفك عليه ما لا يكون ظرفا، وهو قوله: (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) [طه/ 59]، ولو نصبت اليوم على أنّه ظرف وأضمرت مبتدأ يكون قوله: (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) خبرا له كأنّه قال: وموعدكم أن يحشر الناس ضحى- لكان ذلك مستقيما في قياس العربية.
وقد يجوز أن تجعل الحجّ: الأشهر على الاتساع، لكونه فيها وكثرته من الفاعلين له، كما جعلتها الخنساء الإقبال والإدبار لكثرتهما منها «1»، وكما قال «2»:
لعمري وما دهري بتأبين هالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا
ألا ترى أنّه جعل دهره الجزع. فإن قلت: إن ذات الإقبال والإدبار فاعلة في المعنى، وليس الأشهر كذلك إنّما هي مفعول فيها. فإنّ الأشهر بمنزلة الدهر في قوله: ولا جزع، أي:
وما دهري بجزع. فكما أجاز سيبويه ذلك في الدهر فكذلك يجوز في الأشهر في الآية، وإذا جاز ذلك في الفاعل جاز في المفعول به، وفي الظرف، إذا جعل في الاتساع مفعولا به، ألا ترى أنّ المصدر لمّا أضيف إلى الفاعل أضيف إلى المفعول به أيضا في نحو [قوله تعالى] «1» مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ [فصلت/ 49] وبني الفعل للمفعول به كما بني للفاعل، واختصّ المفعول به بأبنية قصرت عليه، نحو: وضع في تجارته «2»، كما كان للفاعل أفعال لا تتعدّى إلى المفعول به، فكذلك إذا اتسع في هذا النحو في الفاعل يتّسع في المفعول به، وما أجري مجراه من الظروف. فأمّا قوله: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) «3» [الأنعام/ 124]. فالقول في العامل في «حيث» أنّه لا يخلو من أن يكون «أعلم» هذه المذكورة أو غيرها. وإن عمل «أعلم» فيه فلا يخلو من أن يكون ظرفا، أو غير ظرف. فلا يجوز أن يكون العامل فيه أعلم، على حسب ما عمل أحوج في ساعة في قوله «4»:
فإنّا وجدنا العرض أحوج ساعة...
....
الحجة للقراء السبعة (1/ 39)
وغير ذلك مما تركنا ذكره كراهة الإطالة، كذلك حذف في «2» قوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
والدين: الجزاء في هذا الموضع بدلالة قوله: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [غافر/ 17] والْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية/ 28] ولا تكون «3» الطاعة، ولا العادة، وقيل في قول ابن مقبل:
يا دار سلمى خلاء لا أكلّفها ... إلّا المرانة حتى تعرف الدّينا
«4» حتى تقوم القيامة، وتأويل هذا: حتى تعرف يوم الدين أي: يوم الجزاء. والمرانة: اسم ناقة عن الأصمعي. وقال غيره:
اسم موضع. فأما قوله: تعرف فيستقيم أن يكون مسندا إلى المتكلم المذكور في أكلّف «1» ويستقيم أن يكون للمؤنث الغائب.
والإمالة في (مالِكِ) في القياس لا تمتنع، لأنّه ليس في هذا الاسم ممّا يمنع الإمالة شيء، وليس كلّ ما جاز في قياس العربية تسوغ التلاوة به حتى ينضم إلى ذلك الأثر المستفيض بقراءة السلف له، وأخذهم به لأنّ القراءة سنة «2».
فأمّا «3» إعراب ملك يوم الدين فالجرّ في القراءتين.
وهو صفة لاسم مجرور، والصفات تجري على موصوفيها، إذا لم تقطع «4» عنهم لذمّ أو مدح.
فأمّا العامل فيها، فزعم أبو الحسن «5» أن الوصف يجري على ما قبله، وليس معه لفظ عمل فيه، إنّما فيه أنّه نعت، فذلك هو الذي يرفعه، وينصبه، ويجرّه، كما أن المبتدأ إنّما رفعه «6» الابتداء، وإنّما الابتداء معنى عمل فيه وليس لفظا، فكذلك هذا.
فإن قلت:...







إعراب القرآن للنحاس (1/ 19)
المؤلف: أبو جعفر النَّحَّاس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي النحوي (المتوفى: 338هـ)
ويجوز الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ على المدح، ويجوز رفعهما على إضمار مبتدأ، ويجوز رفع أحدهما ونصب الآخر، ويجوز خفض الأول ورفع الثاني ونصبه.
وقرأ محمد بن السّميفع «1» اليمانيّ مالك يوم الدّين بنصب مالك. وفيه أربع لغات: مالك وملك وملك ومليك. كما قال لبيد: [الكامل] 2-
فاقنع بما قسم المليك فإنّما ... قسم المعايش بيننا علّامها «2»
وفيه من العربية خمسة وعشرون وجها «3» : يقال «ملك يوم الدين» على النعت، والرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على المدح وعلى النداء وعلى الحال وعلى النعت وعلى قراءة من قرأ رَبِّ الْعالَمِينَ فهذه ستة أوجه، وفي «مالك» مثلها وفي «ملك» مثلها، وفي «مليك» مثلها. هذه أربعة وعشرون والخامس والعشرون روى عن أبي حيوة شريح بن يزيد «4» أنه قرأ ملك يوم الدّين «5» وقد روي عنه أنه قرأ ملك يوم الدين. قال أبو جعفر: جمع مالك وملّاك وملّك، وجمع ملك أملاك وملوك، وجمع ملك أملك وملوك فهذا على قول من قال: «ملك» لغة وليس بمسكّن من ملك، وجمع مليك ملكاء. يَوْمِ مخفوض بإضافة مالك إليه، والدِّينِ مخفوض بإضافة يوم إليه. وجمع يوم أيّام والأصل: أيوام أدغمت الواو في الياء ولا يستعمل منه فعل.
وزعم سيبويه أنه لو استعمل منه فعل لقيل: يمت. وجمع الدين أديان وديون.




معاني القرآن للنحاس (1/ 61)
3 - وقوله تعالى ملك يوم الدين ويقرأ مالك يوم الدين واختار أبو حاتم مالك قال وهو اجمع من ملك لأنك تقول ان الله مالك الناس ومالك الطير ومالك الريح
ومالك كل شئ من الأشياء ونوع من الأنواع ولا يقال الله ملك الطير ولاملك الريح ونحو ذلك وإنما يحسن ملك الناس وحدهم
وخالفه في ذلك جلة أهل اللغة منهم أبو عبيد وأبو العباس محمد بن يزيد واحتجوا بقوله تعالى لمن الملك اليوم والملك مصدر الملك ومصدر المالك ملك بالكسر وهذا احتجاج حسن وأيضا فان حجة ابي حاتم لا تلزم لانه إنما لم يستعمل ملك الطير والرياح لانه ليس فيه معنى مدح وحدثنا محمد بن جعفر بن محمد عن ابي داود بن الانباري قال حدثنا محمد ابن اسماعيل قال حدثنا عمرو بن أسباط عند السدي وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن ابي مالك عن أبي مالك وعن أبي صالح عن بن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن اناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مالك يوم الدين يوم الدين هو يوم الحساب
وقال مجاهد الدين الجزاء والمعنيان واحد لان يوم القيامة يوم الحساب ويوم الجزاء والدين في غير هذه الطاعة والدين ايضا العادة كما قال أهذا دينه أبدا وديني والمعاني متقاربة لانه إذا أطاع فقد دان
والعادة تجري مجرى الدين وفلان في دين فلان أي في سلطانه وطاعته فان قيل لم خصت القيامة بهذا فالجواب ان يوم القيامة يوم يضطر فيه الخلائق الى ان يعرفوا ان الأمر كله لله تعالى وقيل خصه لان في الدنيا ملوكا وجبارين ويوم القيامة يرجع الأمر كله الى الله تعالى



النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام (1/ 84)
المؤلف: أحمد محمد بن علي بن محمد الكَرَجي القصَّاب (المتوفى: نحو 360هـ)
والقراءة في قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) بالألف: أحسن
- والله أعلم - لأن العرب لا تكاد تقول: فلان ملك كذا إلي للروحانيين من الناس، ويقولون: مالك يومه وساعته يصنع فيهما ما أحب، ولا يقولون: ملك اليوم، والله تعالى مالك يوم القيامة، وملك من يحضره من الخلق، والملك صفة من صفات الاقتدار، منوط بالاستعلاء والسلطان والقهر، واليوم لا يقهر ولا يستعلي عليه.
إنما يفعل كل هذا بالخلق من الناس، وسائر الروحانيين من أهل السموات والأرضين.
وما احتج به أبو عبيد من قوله: (لمن الملك اليوم) وإن كان حسنا، فليس بدافع لما قلناه، لأن من كان له الملك ذلك اليوم جاز أن يكون مالكه، وحسن أن يوصف بملك اليوم، والملك في اليوم، ولو كان قال: لمن ملك اليوم، كان الاحتجاج به أشبه لأنه كان يكون: الله مضافا إليه، ولا يكون ظرفا له.
وإذا كان اليوم ظرفا للملك، فالاحتجاج به على تصحيح (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
الذي هو مضاف إلى اليوم يبعد وجهه، وإن كان محتملا.



إعراب ثلاثين سورة (ص: 22)
المؤلف: الحسين بن أحمد بن خالويه، أبو عبد الله (المتوفى: 370هـ)
• "ملك يوم الدين": مالك جر نعت لله [علامة جره كسرة في آخره].
وفي ملك لغات أحسنها مَلِكٌ ومالِكٌ وقد رُويتا جميعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن أعربيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه امرأته، فقال:
إليكَ أشكو ذربة من الذرب ... يا مالك الملك وديان العرب
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذلك الله». وقال أهل النحو: إن مَلِكا أمدحُ من مالِكٍ، وذلك أن المالِكَ قد يكون غير ملك، ولا يكون الملك إلا مالِكا. واللغة الثالثة مليك، ولم يقرأ به أحد لأنه يخالف المصحف ولا إمام له. وقال ابن الزبعري- والزبعري في اللغة الرجل السيء الخلق، والزبعري الكثير شعر الأذن، ويقال أذن زبعراة، وأذن مهوبرة كثيرة الشعر، وكذلك القِردُ الكثير الشعر يسمى هوبرًا:
يا رسول المليك إن لساني ... راتق ما فتقت إذ أنا بور
إذ أجاري الشيطان في سنن الغي ومن مال ميله مثبور
والمثبور الهالك. والمثبور الناقص العقل من قوله: (وإني لأظنك يا فرعون مثبورا)
واللغة الرابعة مَلْكٌ مسكنة اللام تخفيفا، كما يقال في فَخِذٍ فَخْذٌ؛ وأنشد:
من مشيه في شعر يرجله ... تمشي الملك عليه حلله
وقرأ أبو هريرة: «مالِكَ يومِ الدينِ» على النداء المضاف أي يا مالكَ يومِ الدين. وقرأ أبو حيوة: «مَلِكُ يوم الدين». وقرأ أنس بن مالك: «مَلَكَ يومَ الدينِ».جعله فعلا ماضيًا. ويجوز في النحو مالك يوم الدين، [بالرفع] على معنى هو مالك، ولا يقرأ به لأن القراءة سنة ولا تحمل على قياس العربية. وجمع الملك أملاك [وملوك]، وجمع المالك ملاَّك ومالكون.
•"يوم الدين": [يوم] جر بالإضافة. و «الدين» جر بإضافة اليوم إليه. فإذا جمعت [اليوم] قلت أيام، والأصل أيوام، قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. والدين الحساب والجزاء؛ تقول العرب: "كما تدين تدان" أي كما تفعل يُفعَلُ بك؛ قال الشاعر:
واعلم وأيقن أن ملك زائل ... واعلم بأن كما تدين تُدانُ
فإن سأل سائلٌ فقال: الله تبارك وتعالى ملك الدنيا والآخرة، فلم قال" مَلِكِ يوم الدينِ"؟ فالجوابُ في ذلك أنَّ الدنيا قد مَلَّكها الله أقوامًا فنُسب الملك إليهم، فلما كانت الدنيا يملكُها الله تعالى، ويملكها غيره بالنسبة لا على الحقيقة، والآخرة لا يملكها إلا الله تبارك وتعالى ولا مالك في ذلك اليوم غيره، فخص لذلك. وقد قيل: إن الدنيا ملكها أربعة مؤمنان وكافران، فالمؤمنان سُليمان وذو القرنين، والكافران نُمرودُ وبختنصرُ.
والدين في اللغة أشياء، فالدين الجزاء وقد فسّرته، والدين الطاعة، كقوله: (في دين الملك) أي في طاعته؛ قال الشاعر:
لئن حللت بجو في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فدك
والدين الملة، قال الله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، والدين العادة، قال الشاعر:
تقول إذا درأتُ لها وضيني ... أهذا دينه أبدا وديني
أكل الدهر حل وارتحال ... أما تُبْقى علي ولا تقيني
تقول العرب: ما زال ذاك دأبه وعادته وإجرياءه ممدودًا وإجرياه مقصورا وهجيراه وإهجيراه وديدنه وديدونه ودينه. فأما الدَّيْدَبُونُ في شعر ابن أَحْمَر فهو مثلُ الدَّدِ والدَّدنِ والدَّدَا أربع لغات؛ قال ابنُ أحمر:
خلوا طريق الديدبون فقد ... فات الصبا وتفاوت النجرُ
ويروى «الدندبون» بالنون.





المبسوط في القراءات العشر (ص: 86)
المؤلف: أحمد بن الحسين بن مِهْران النيسابورىّ، أبو بكر (المتوفى: 381هـ)
ذكر الحروف
فاتحة الكتاب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة: {مَلِكِ} بغير ألف. وقرأ عاصم والكسائي ويعقوب وأبو حاتم وخلف {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بالألف، ولم يختلفوا في كسر الكاف واللام.
وقرأت على بكار المقرئ قال: قرأت على أبي علي الصواف المقرئ قال: قرأت على أبي عمر الدوري قال: قال الكسائي: اقرأ {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} و {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، يعني أنه كان يقرأ بالوجهين بالألف وغير الألف. ويؤيد هذه الرواية ماروي عن أبي عبيد أنه قال: قد كان الكسائي زماناً يقرؤها بالألف ثم بلغني عنه أنه قال: لا أبالي كيف قرأتها {مَلِكِ} أو {مَالِكِ} والله أعلم بذلك.



معاني القراءات للأزهري (1/ 109)
المؤلف: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)
قوله جلَّ وعزَّ: (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) .
قرأ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن
عامر، وحمزة بن حبيب.
وقرأ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) عاصم، والكسائي، ويعقوب الحضرمي،
قال الأزهري: مَن قرأ (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فمعناه: أنه ذو المِلْكَةِ في
يوم الدين.
وقيل: معناه أنه مالِك الملك يوم الدين.
وأخبرني المنذري عن أحمد بن يحيى أنه قال: اختار أبو عبيد - (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، قال: والفراء ذهب إليه.
قال: واختار الكسائي (مَالِكِ) ثم قال: (ناخِرةً) و (نَخرةً) يجوز هذا وهذا. قال: واعتل أبو عبيد بأن الإسناد فيها أقَوى، وَمَنْ قَرَأَ بها من أهل العِلم أكثر، وهي في المعنى أصح. .
ويقوي هذه القراءة قوله جلَّ وعزَّ: (فَتَعَالى اللهُ المَلكُ الحَق) ،
وقوله: (قُل أعُوذُ برَب الناس، مَلك الناس) ،
قالَ: وفيه وجه ثالث يقويه، وهو قوله تبارك وتعالى:
(لِمَن المُلكُ اليَومَ) .
وإنما اسم المصدر من الملِك: المِلك، يقال: مَلِك عظيمُ المِلك.
قال: والاسم من المالك: المُلْك. قال: ومما يزيده قوة أن الملِكَ
لا يكون إلا مالكًا، وقد يكون مالكا وليس بِمَلك وهو أتمُّ الوجهين.
قال أبو العباس: والذي أختارُ (مالك) لأَن كل من يملك فهو مالك،
لأنه بتأويل الفعل (مالك الدراهم) و (مالك الثوب) و (مالك يوم الدين "
الذي يملك إقامة يوم الدين.
ومنه قوله: (مالِكُ الملك) .
قال: وأمَّا "مَلِك الناسِ" و (سيد الناس) و (رَب النَاسِ) ،
فإنه أراد: أفضل من هؤلاء، ولم يرد: يملك هؤلاء.
وقد قالوا: (مالك الملك) .
ألا ترى أنه جعله مالكًا لكل شيء، فهذا يدل على الفعل.
قال أبو العباس: فكلا الوجهين حَسَن، له مذهب صحيح.
قال أبو منصور: القراءتان كلتاهما ثابت بالسنة، غير أن
(مالك) أحَبُّ إليَّ؛ لأنه أتم.







أحاديث عفان بن مسلم (ص: 65، بترقيم الشاملة آليا)
عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلى، أبو عثمان الصفار البصرى، مولى عزرة بن ثابت الأنصارى (المتوفى: بعد 219هـ)
96 - حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أبي عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس: ههنا فإنك صنو أبي.
حدثنا محمد بن طلحة، عن الأعمش، عن مسروق قال: ليودن أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض.
حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن عتيق قال: كان الحسن يقرؤها {مالك يوم الدين} [الفاتحة: 4] قال: وكان محمد يقرؤها: ملك يوم الدين.
حدثنا سلام أبو المنذر عن البتي قال: كان حماد إذا قال: ناو أن أصاب وإذا قال عن إبراهيم أخطأ.





حجة القراءات (ص: 77)
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد، أبو زرعة ابن زنجلة (المتوفى: حوالي 403هـ)
سورة فاتحة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر
1 - الفاتحة
{مالك يوم الدين} 4
قرأ عاصم والكسائي {مالك يوم الدين} بألف
وقرأ الباقون بغير ألف وحجتهم {الملك القدوس} و {ملك الناس} فتعالى الله الملك الحق وكان أبو عمرو يقول أولا تقولون {فتعالى الله الملك الحق}
وحجة أخرى ذكرها أبو عبيد وهي أن كل ملك فهو مالك وليس كل مالك ملكا لأن الرجل قد يملك الدار والثوب وغير ذلك فلا يسمى ملكا وهو مالك وكان أبو عمرو يقول ملك تجمع مالكا ومالك لا يجمع ملكا
وحجة أخرى وهي أن وصفه بالملك أبلغ في المدح من وصفه بالملك وبه وصف نفسه فقال {لمن الملك اليوم} فامتدح بملك ذلك وانفراده به يومئذ فمدحه بما امتدح به أحق وأولى من غيره والملك إنما هو من ملك لا من مالك لأنه لو كان من مالك لقيل لمن الملك بكسر الميم والمصدر من الملك الملك يقال هذا ملك عظيم الملك والاسم من المالك الملك يقال هذا مالك صحيح الملك بكسر الميم
وحجة من قرأ مالك هي أن مالكا يحوي الملك ويشتمل عليه ويصير الملك مملوكا لقوله جل وعز قل {اللهم مالك الملك} فقد جعل الملك للمالك فصار مالك أمدح وإن كان يشتمل على ما يشتمل عليه الملك وعلى ملكه سوى ما يتلوه 1 / 2 من زيادة الألف التي هي حسنة قد ضمن عنها عشر حسنات والدليل على هذا أن شاعرا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو امرأته فقال
يا مالك الملك وديان العرب
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه ذلك الله
وحجة أخرى وهي قوله {يوم لا تملك نفس لنفس شيئا} فقد أخبر أنه وإذا كان يملك فهو مالك
وحجة أخرى ذكرها الأخفش وهي أن مالكا يضاف في اللفظ إلى سائر المخلوقات فيقال هو مالك الناس والجن والحيوان ومالك الرياح ومالك الطير وسائر الأشياء ولا يقال هو ملك الريح والحيوان فلما كان ذلك كذلك كان الوصف بالملك أعم من الوصف بالملك لأنه يملك جميع ما ذكرنا وتحيط به قدرته ويحكم يوم الدين بين خلقه دون سائر خلقه
قال علماؤنا إنما يكون الملك أبلغ في المدح من مالك في صفة المخلوقين لأن أحدهم يملك شيئا دون شيء والله يملك كل شيء





البرهان في علوم القرآن (1/ 340)
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله: قد أكثر المصنفون في القراءات والتفاسير من الترجيح بين قراءة {ملك} و {مالك} حتى إن بعضهم يبالغ إلى حد يكاد يسقط وجه القراءة الأخرى وليس هذا بمحمود بعد ثبوت القراءتين واتصاف الرب تعالى بهما ثم قال حتى إني أصلي بهذه في ركعة وبهذه في ركعة



إبراز المعاني من حرز الأماني (ص: 70)
أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (المتوفى: 665هـ)
أي قرأ مالك بالمد الكسائي وعاصم وقراءة الباقين بالقصر؛ لأنه ضد المد والمد هنا هو إثبات الألف والقصر حذفها، وكان التقييد ممكنا له لو قال: ومالك ممدودا نصير رواته والقراءتان صحيحتان ثابتتان وكلا اللفظين من مالك وملك صفة لله تعالى.
وقد أكثر المصنفون في القراءات والتفاسير من الكلام في الترجيح بين هاتين القراءتين حتى إن بعضهم يبالغ في ذلك إلى حد يكاد يسقط وجه القراءة الأخرى، وليس هذا بمحمود بعد ثبوت القراءتين، وصحة اتصاف الرب سبحانه وتعالى بهما فهما صفتان لله تعالى يتبين وجه الكمال له فيهما فقط ولا ينبغي أن يتجاوز ذلك.
وممن اختار قراءة "مالك" بالألف عيسى بن عمر وأبو حاتم وأبو بكر بن مجاهد وصاحبه أبو طاهر بن أبي هاشم وهي قراءة قتادة والأعمش وأبي المنذر وخلف ويعقوب، ورويت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن وابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبي هريرة ومعاوية، ثم عن الحسن وابن سيرين وعلقمة والأسود وسعيد بن جبير وأبي رجاء والنخعي وأبي عبد الرحمن السلمي ويحيى بن يعمر وغيرهم.
واختلف فيه عن علي وعمر بن عبد العزيز -رضي الله عنهم- أجمعين.
وأما قراءة ملك بغير ألف فرويت أيضا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقرأ بها جماعة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم منهم أبو الدرداء، وابن عمر، وابن عباس، ومروان بن الحكم، ومجاهد، ويحيى بن، وثاب، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وابن جريج، والجحدري، وابن جندب، وابن محيصن، وخمسة من الأئمة السبعة، وهي اختيار أبي عبيد، وأبي بكر بن السراج النحوي، ومكي المقري، وقد بينت كلامهم في ذلك في الشرح الكبير، وأنا أستحب القراءة بهما؛ هذه تارة، وهذه تارة، حتى إني في الصلاة أقرأ بهذه في ركعة، وهذه في ركعة، ونسأل الله تعالى اتباع كل ما صح نقله والعمل به،






السبعة في القراءات (ص: 104)
وقد رويا جميعا عن النبي صلى الله عليه وسلم


شرح طيبة النشر لابن الجزري (ص: 49)
مالك (ن) ل (ظ) لّا (روى) السّراط مع ... سراط (ز) ن خلفا (غ) لا كيف وقع
يعني قوله تعالى: مالك يوم الدين (1)، وهذا أول المواضع التي استغنى فيها باللفظ عن القيد لوضوحه، لأن الوزن لا يقوم بالقراءة الأخرى كما قدمنا بيانه، فلذلك لم يحتج أن يقول بالمد ولا بمد ولا نحو ذلك: أي قرأ مالك من قوله تعالى: مالك يوم الدين بالألف كما لفظ به عاصم ويعقوب والكسائي وخلف، والباقون ملك بغير ألف وكلاهما صفة من صفات الله، وللناس في ترجيح إحداهما على الأخرى كلام كثير. وفي ذلك نظر فان كلا منهما ثبت متواترا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ به جماعة من الصحابة والتابعين، وأنا أحب القراءة بكل منهما في كل ركعة، وأقدم المد في الأولى لزيادته نظرا إلى تطويل الأولى على الثانية، قوله:


الحجة للقراء السبعة (1/ 10)
المؤلف: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ الأصل، أبو علي (المتوفى: 377هـ)
قال: وقال: وإن الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «10» بقراءته: ملك يوم الدين أصح إسنادا من الخبر بقراءته (مالِكِ)

تفسير العياشي، ج‏1، ص: 22
21- عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع أنه كان يقرأ مالك يوم الدين «6».
22- عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله ع يقرأ ما لا أحصي ملك‏ يوم الدين «1».
23- عن الزهري قال: قال علي بن الحسين ع لو مات بين المشرق و المغرب- لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي، كان إذا قرأ مالك يوم الدين يكررها و يكاد أن يموت «2».


بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏82، ص: 22
11- العياشي، عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع أنه كان يقرأ مالك يوم الدين و يقرأ اهدنا الصراط المستقيم «2».
و منه عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله ع يقرأ ما لا أحصي ملك يوم الدين «3».
بيان: قرأ عاصم و الكسائي مالك و الباقون ملك و قد يؤيد الأولى بموافقة قوله تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا و الأمر يومئذ لله «4» و الثانية بوجوه خمسة الأول أنها أدخل في التعظيم الثاني أنها أنسب بالإضافة إلى يوم الدين كما يقال ملك العصر الثالث أنها أوفق بقوله تعالى لمن الملك اليوم لله الواحد القهار «5» الرابع أنها أشبه بما في خاتمة الكتاب من وصفه سبحانه بالملكية بعد الربوبية فيناسب الافتتاح الاختتام الخامس أنها غنية عن توجيه وصف المعرفة بما ظاهره التنكير و إضافة اسم الفاعل إلى الظرف لإجرائه مجرى المفعول به توسعا و المراد مالك الأمور كلها في ذلك اليوم و سوغ وصف المعرفة به إرادة معنى المضي تنزيلا للمحقق الوقوع منزلة ما وقع أو إرادة الاستمرار الثبوتي و أما قراءة ملك فغنية عن التوجيه لأنها من قبيل كريم البلد.
و في أخبارنا وردت القراءتان و إن كان مالك أكثر و هذا مما يرجحه و هذا الخبر ظاهره أنه سمعه ع يقرأ في الصلوات الكثيرة و في غيرها ملك دون مالك و يحتمل أن يكون المراد تكرار الآية في الصلاة الواحدة على وفق الرواية الآتية فيدل على جواز تكرار بعض الآيات و عدم كونه من القران المنهي عنه.
12- العياشي، عن الزهري قال: كان علي بن الحسين ع إذا قرأ مالك يوم الدين يكررها حتى يكاد أن يموت «1».




بحار الأنوار (ط - بيروت) ؛ ج‏82 ؛ ص51
43- كتاب العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم قال:....
و منه قال: تفسير الحمد لله رب العالمين‏ يعني الشكر لله و هو أمر و لفظه خبر و الأمر مضمر فيه و معناه قل الحمد لله رب العالمين و معنى‏ رب‏ أي خالق و العالمين‏ كل مخلوق خلقه الله‏ الرحمن‏ بجميع خلقه‏ الرحيم‏ بالمؤمنين خاصة ملك يوم الدين يعني يوم الحساب و الدليل على ذلك قوله‏ و قالوا يا ويلنا هذا يوم الدين‏ «1» الحق يوم الحساب و المجازاة إياك نعبد مخاطبة من رسول الله ص لله عز و جل‏ و إياك نستعين‏ مثل ذلك‏ اهدنا الصراط المستقيم‏ حدثني أبي عن جدي عن حماد ....



متشابه القرآن و مختلفه (لابن شهر آشوب) ؛ ج‏1 ؛ ص89
قوله سبحانه في الفاتحة ملك يوم الدين و مالك يوم الدين‏ و لم يجز في سورة الناس مالك الناس لأن صفة ملك يدل على تدبير من يشعر بالتدبير و ليس كذلك مالك لأنه يجوز أن يقال مالك الثوب و لا يجوز ملك الثوب و يجوز أن يقال ملك الروم و لا يجوز مالك فجرت في الفاتحة على معنى الملك في يوم الجزاء و مالك الجزاء و جرت في سورة الناس على ملك تدبير من يعقل التدبير.
قوله سبحانه‏ ملك الناس‏ إنما خص بأنه ملك الناس مع أنه ملك الخلق أجمعين‏
متشابه القرآن و مختلفه (لابن شهر آشوب)، ج‏1، ص: 90
للبيان لأن مدبر جميع الناس قادر أن يعيذهم من شر ما استعاذوا منه مع أنه أحق بالتعظيم من ملوك الناس.




متشابه القرآن و مختلفه؛ ج‌1، ص: 89
1/ 4‌
قوله سبحانه في الفاتحة ملك يوم الدين و مٰالِكِ يَوْمِ الدِّينِ و لم يجز في سورة الناس مالك الناس لأن صفة ملك يدل على تدبير من يشعر بالتدبير و ليس كذلك مالك لأنه يجوز أن يقال مالك الثوب و لا يجوز ملك الثوب و يجوز أن يقال ملك الروم و لا يجوز مالك فجرت في الفاتحة على معنى الملك في يوم الجزاء و مالك الجزاء و جرت في سورة الناس على ملك تدبير من يعقل التدبير.
114/ 2‌
قوله سبحانه مَلِكِ النّٰاسِ إنما خص بأنه ملك الناس مع أنه ملك الخلق أجمعين‌
متشابه القرآن و مختلفه، ج‌1، ص: 90‌
للبيان لأن مدبر جميع الناس قادر أن يعيذهم من شر ما استعاذوا منه مع أنه أحق بالتعظيم من ملوك الناس.
________________________________________
مازندرانى، ابن شهر آشوب، رشيد الدين محمد بن على، متشابه القرآن و مختلفه، 2 جلد، دار البيدار للنشر، قم - ايران، اول، 1369 ه‍ ق






التبيان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 33
القراءة
قرأ عاصم و الكسائي و خلف و يعقوب: مالك بالألف. الباقون ملك بغير الف، و لم يمل أحد الف مالك، و كسر جميعهم الكاف. و روي عن الأعمش، انه فتحها على النداء، و ربيعة بن نزار يخففون مالك و يسقطون الألف، فيقولون:
ملك بتسكين اللام و فتح الميم كما قال ابو النجم.
تمشي الملك عليه حلله.
و الألف ساقط في الخط في القراءتين و المعول على الأولتين دون النصب و إسكان اللام و معنى ملك يوم الدين بإسقاط الألف أنه الملك يومئذ لا ملك غيره و أنه لا يؤتى في ذلك الوقت أحداً الملك كما أتاه في الدنيا، و قوى ذلك بقوله تعالى: «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ» «2» و بانه يطابق ما تقدم من قوله: «رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» و من قرأ مالك بالف معناه انه مالك يوم الدين و الحساب لا يملكه غيره و لا يليه سواه.









بحار الأنوار؛ ج‌82، ص: 22
بيان: قرأ عاصم و الكسائي مٰالِكِ و الباقون مَلِكِ و قد يؤيد الأولى بموافقة قوله تعالى يَوْمَ لٰا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلّٰهِ «4» و الثانية بوجوه خمسة الأول أنها أدخل في التعظيم الثاني أنها أنسب بالإضافة إلى يوم الدين كما يقال ملك العصر الثالث أنها أوفق بقوله تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّٰهِ الْوٰاحِدِ الْقَهّٰارِ «5» الرابع أنها أشبه بما في خاتمة الكتاب من وصفه سبحانه بالملكية بعد الربوبية فيناسب الافتتاح الاختتام الخامس أنها غنية عن توجيه وصف المعرفة بما ظاهره التنكير و إضافة اسم الفاعل إلى الظرف لإجرائه مجرى المفعول به توسعا و المراد مالك الأمور كلها في ذلك اليوم و سوغ وصف المعرفة به إرادة معنى المضي تنزيلا‌ للمحقق الوقوع منزلة ما وقع أو إرادة الاستمرار الثبوتي و أما قراءة ملك فغنية عن التوجيه لأنها من قبيل كريم البلد.
و في أخبارنا وردت القراءتان و إن كان مالك أكثر و هذا مما يرجحه و هذا الخبر ظاهره أنه سمعه ع يقرأ في الصلوات الكثيرة و في غيرها ملك دون مالك و يحتمل أن يكون المراد تكرار الآية في الصلاة الواحدة على وفق الرواية الآتية فيدل على جواز تكرار بعض الآيات و عدم كونه من القران المنهي عنه.








الميزان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 21
(و قرأ الأكثر ملك يوم الدين) فالرب هو المالك الذي يدبر أمر مملوكه، ففيه معنى الملك، و معنى الملك (الذي عندنا في ظرف الاجتماع) هو نوع خاص من الاختصاص و هو نوع قيام شي‏ء بشي‏ء يوجب صحة التصرفات فيه، فقولنا العين الفلانية ملكنا معناه: أن لها نوعا من القيام و الاختصاص بنا يصح معه تصرفاتنا فيها و لو لا ذلك لم تصح تلك التصرفات و هذا في الاجتماع معنى وضعي اعتباري غير حقيقي و هو مأخوذ من معنى آخر حقيقي نسميه أيضا ملكا، و هو نحو قيام أجزاء وجودنا و قوانا بنا فإن لنا بصرا و سمعا و يدا و رجلا، و معنى هذا الملك أنها في وجودها قائمة بوجودنا غير مستقلة دوننا بل مستقلة باستقلالنا و لنا أن نتصرف فيها كيف شئنا و هذا هو الملك الحقيقي.
و الذي يمكن انتسابه إليه تعالى بحسب الحقيقة هو حقيقة الملك دون الملك الاعتباري الذي يبطل ببطلان الاعتبار و الوضع، و من المعلوم أن الملك الحقيقي لا ينفك عن التدبير فإن الشي‏ء إذا افتقر في وجوده إلى شي‏ء فلم يستقل عنه في وجوده لم يستقل عنه في آثار وجوده، فهو تعالى رب لما سواه لأن الرب هو المالك المدبر و هو تعالى كذلك.
....
و أما مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فقد عرفت معنى المالك و هو المأخوذ من الملك بكسر الميم، و أما الملك و هو مأخوذ من الملك بضم الميم، فهو الذي يملك النظام القومي و تدبيرهم دون العين، و بعبارة أخرى يملك الأمر و الحكم فيهم.
و قد ذكر لكل من القرائتين، ملك و مالك وجوه من التأييد غير أن المعنيين من السلطنة ثابتان في حقه تعالى، و الذي تعرفه اللغة و العرف أن الملك بضم الميم هو المنسوب إلى الزمان يقال: ملك العصر الفلاني، و لا يقال مالك العصر الفلاني إلا بعناية بعيدة، و قد قال تعالى: ملك يوم الدين فنسبه إلى اليوم، و قال أيضا: «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ»: غافر- 16 .




البيان في تفسير القرآن، ص: 452
(2) تحليل آية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
القراءة
المشهور على ضم الدال من كلمة «الحمد»، و كسر اللام من كلمة «اللّه» و قرأ بعضهم بكسر الدال اتباعا له لما بعده، و قرأ بعضهم بضم اللام اتباعا له لما قبله، و كلتا القراءتين شاذة لا يعتنى بها.
و اختلفت القراءات في كلمة مالك، و المعروف منها اثنتان: إحداهما على زنة «فاعل» و ثانيتهما على زنة «كتف». و قرأ بعضهم على زنة «فلس» و قرأ بعضهم على زنة «فعيل». و قرأ أبو حنيفة بصيغة الماضي، و غير الأوليين من القراءات شاذ لا اعتبار به.
وجوه ترجيح القراءتين:
و قد ذكروا لترجيح كل واحدة من القراءتين الأوليين «زنة فاعل و فعل» على الاخرى وجوها، منها:


البيان في تفسير القرآن، ص: 453
1- ان مفهوم مالك أوسع و أشمل، فإذا قيل: مالك القوم استفيد منه كونه ملكا لهم. و إذا قيل: ملك القوم لم يستفد منه كونه مالكهم، فقراءة مالك أرجح من قراءة ملك.
2- ان الزمان لا تضاف اليه كلمة مالك غالبا، و إنما تضاف اليه كلمة ملك، فيقال: ملك العصر، و ملوك الأعصار المتقدمة، فقراءة ملك أرجح من قراءة مالك.
عدم جدوى الترجيح:
و الصحيح أن الترجيح في القراءات المعروفة لا محصل له، فإن القراءات إن ثبت تواترها عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فلا معنى للترجيح ما بينها، و إن لم يثبت كما هو الحق «1» فإن أوجب الترجيح الجزم ببطلان القراءة المرجوحة فهو، و دون إثباته خرط القتاد.
و إن لم يوجب ذلك- كما هو الغالب- فلا فائدة في الترجيح بعد أن ثبت جواز القراءة بكل واحدة منها «2».
و الترجيح في المقام باطل على الخصوص، فإن اختلاف معنى مالك و معنى ملك إنما يكون إذا كان الملك- السلطنة و الجدة- أمرا اعتباريا فإنه يختلف حينئذ باختلاف موارده، و هذا الاختلاف يكون في غير اللّه تعالى، و أما ملك اللّه سبحانه فإنه حقيقي ناشئ عن إحاطته القيّوميّة بجميع الموجودات، فهذه الإحاطة بذاتها منشأ صدق مالك و ملك عليه تعالى، و من ذلك يتضح أن نسبة مالك إلى الزمان إذا لم تصح في غير اللّه فلا يلزمها عدم صحتها فيه سبحانه فهو مالك للزمان كما هو مالك لغيره.
__________________________________________________
(1) تقدمت أدلة ذلك في الصفحة 144 من هذا الكتاب.
(2) تقدم بيان ذلك في الصفحة 159 من هذا الكتاب.


البيان في تفسير القرآن، ص: 454
و قد يقال:
إضافة مالك إلى يوم الدين إضافة لفظية لا تفيد التعريف فلا يصح أن تقع الجملة وصفا للمعرفة، فالمتعين قراءة ملك، فإن المراد به السلطان و هو في حكم الجامد، و إضافته معنوية.
و أجيب عنه في الكشاف و غيره: بأن إضافة اسم الفاعل و نحوه تكون لفظية إذا كان بمعنى الحال و الاستقبال، و معنوية إذا كان بمعنى الماضي أو أريد به الدوام.
و من الأول قوله تعالى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا «35: 1».
و من الثاني قوله تعالى:
تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ «40: 3».
و المقام من قبيل الثاني، فإن مالكيته تعالى ليوم الدين صفة ثابتة له لا تختص بزمان دون زمان، فيصح كون الجملة صفة للمعرفة.
و التحقيق: إن الإضافة مطلقا لا تفيد تعريفا، و إنما تفيد التخصيص و التضييق و التعريف إنما يستفاد من عهد خارجي.
و دليل ذلك:
انه لا فرق بالضرورة بين قولنا غلام لزيد و قولنا غلام زيد فكما أن القول الأول لا يفيد إلا التخصيص كذلك القول الثاني، و التخصيص يتحقق في موارد الإضافة اللفظية كما يتحقق في موارد الإضافة المعنوية.


البيان في تفسير القرآن، ص: 455
و الفارق: أن التخصيص في الاولى لم ينشأ من الإضافة، بل هو حاصل بدونها، و أن الاضافة لم تفد إلا التخفيف إلا أن هذا لا يوجب أن لا يقع المضاف فيها صفة للمعرفة، فإن المصحح لذلك إن كان هو التخصيص فهو موجود في مواردها، و إن كان هو التعريف الحاصل من العهد الخارجي فهو مشترك بين الإضافتين معا، فلا فرق في مقام الثبوت، و بلحاظ ذات المعنى بين موارد الإضافتين.
و جميع ما ذكروه لا يرجع إلى محصل: نعم يبقى الكلام في مقام الإثبات، و قد ادعي الاتفاق على أن المضاف بالإضافة اللفظية لا يقع صفة لمعرفة إذا كان المضاف من الصفات المشبهة، و أما غيرها فقد نقل سيبوية، عن يونس و الخليل وقوعه صفة للمعرفة في كلام العرب كثيرا «1» و عليه يحمل ما ورد في القرآن من ذلك، كما في المقام.
و أما قول الكشاف: إن اسم الفاعل هنا بمعنى الاستمرار فهو واضح البطلان فإن إحاطة اللّه تعالى بالموجودات، و مالكيته لها و إن كانت استمرارية إلا أن كلمة مالك في الآية المباركة قد أضيفت إلى يوم الدين، و هو متأخر في الوجود، فلا بد من أن يكون اسم الفاعل المضاف اليه بمعنى الاستقبال.
و أما التفرقة التي ذكرها بعضهم في اسم الفاعل المضاف- بين ما إذا كان بمعنى الماضي فيصح وقوعه صفة للمعرفة، و بين غيره فلا يصح، لأن حدوث الشي‏ء يوجب تعيّنه- فهي بيّنة الفساد، فإن حدوث الشي‏ء لا يستلزم- في الغالب- العلم به، و إذا كانت العبرة بالعلم الشخصي فلا فرق بين تعلقة بالماضي و تعلقة بغيره.
و الحاصل إن المتبع في الكلام العربي هو القواعد المتخذة من استعمالات العرب الفصحى، و لا اعتماد على الوجوه الاستحسانية الواهية التي يذكرها النحويون.
__________________________________________________
(1) تفسير أبي حيان: 1/ 21.







تفسير منهج الصادقين في إلزام المخالفين، ج‏1، ص: 40
و بدانكه عاصم و كسايى باثبات الف مالك خوانده‏اند كه بمعنى متصرفست در اعيان مملوكه بهر وجهى كه خواهد و مشتق منه آن ملك است بكسر ميم و نافع و ابن كثير و ابو عمرو و حمزه ملك بحذف الف كه بمعنى متصرف است بامر و نهى در مامورين مشتق از ملك بضم ميم و اين ابلغ است در مدح از اول و دين بمعنى جزاست و منه (كما تدين تدان) و قوله (و لم يبق سوى العدوان دناهم كما دانوا) و اضافه اسم فاعل بطرف بجهت اجراء ظرف است در مجراى مفعول به بر سبيل اتساء كقولهم يا سارق الليلة كه بمعنى سارق المال فى الليلة است پس تقدير كلام اينست كه (مالك الامور يا ملك الاوامر و النواهى يوم الدين) يعنى متصرف و خداوند همه اشياء يا پادشاه جميع امرها و نهى‏ها در روز جزا و مالك ميتواند بود كه بمعنى ملك باشد كه فعل ماضى است بجهت تحقق وقوع آن بر طريقه وَ نادى‏ أَصْحابُ الْجَنَّةِ كه نادى بمعنى يناديست و بمعنى اينكه (له الملك له الملك فى هذا اليوم على وجه الاستمرار) تا اضافه بر حقيقت باشد و معد وقوع صفت براى معرفت يعنى تا لازم نيايد كه اضافه اسم فاعل غير حقيقى باشد و غير معطى معنى تعريف كه مقتضى عدم جواز وقوع آنست صفت معرفت چه اضافه غير حقيقيه در صورتيست كه اسم فاعل بمعنى حال يا استقبال باشد كه در تقدير انفصال است كقولك (مالك الساعة و مالك غدا) و اما هر گاه از آن قصد ماضى كنند كقولك (هو مالك عبده امس) يا زمان مستمر كقولك (زيد مالك العبيد) چنان كه باين مفسر شد اضافه حقيقة خواهد بود از قبيل مولى العبيد




تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 148)
القول في تأويل قوله: {مالك يوم الدين} .
قال أبو جعفر: القراء مختلفون في تلاوة (ملك يوم الدين) . فبعضهم يتلوه " ملك يوم الدين "، وبعضهم يتلوه (ملك يوم الدين) وبعضهم يتلوه (مالك يوم الدين) بنصب الكاف. وقد استقصينا حكاية الرواية عمن روي عنه في ذلك قراءة في " كتاب القراآت "، وأخبرنا بالذي نختار من القراءة فيه، والعلة الموجبة صحة ما اخترنا من القراءة فيه، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع، إذ كان الذي قصدنا له، في كتابنا هذا، البيان عن وجوه تأويل آي القرآن، دون وجوه قراءتها.
ولا خلاف بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب، أن الملك من "الملك" مشتق، وأن المالك من "الملك" مأخوذ. فتأويل قراءة من قرأ ذلك: (ملك يوم الدين) ، أن لله الملك يوم الدين خالصا دون جميع خلقه، الذين كانوا قبل ذلك في الدنيا ملوكا جبابرة ينازعونه الملك، ويدافعونه الانفراد بالكبرياء والعظمة والسلطان والجبرية (1) . فأيقنوا بلقاء الله يوم الدين أنهم الصغرة الأذلة (2) ، وأن له - من دونهم، ودون غيرهم - الملك والكبرياء، والعزة والبهاء، كما قال جل ذكره وتقدست أسماؤه في تنزيله: (يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) [سورة غافر: 16] . فأخبر تعالى ذكره أنه المنفرد يومئذ بالملك دون ملوك الدنيا، الذين صاروا يوم الدين من ملكهم إلى ذلة وصغار، ومن دنياهم في المعاد إلى خسار.
وأما تأويل قراءة من قرأ: (مالك يوم الدين) ، فما:-
166 - حدثنا به أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس: (مالك يوم الدين) ، يقول: لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكما كملكهم في الدنيا. ثم قال: (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) [سورة النبأ: 38] وقال: (وخشعت الأصوات للرحمن) [سورة طه: 108] . وقال: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) (3) [سورة الأنبياء: 28] .
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالآية، وأصح القراءتين في التلاوة عندي، التأويل الأول، وهي قراءة من قرأ "ملك" بمعنى "الملك". لأن في الإقرار له بالانفراد بالملك، إيجابا لانفراده بالملك، وفضيلة زيادة الملك على المالك (1) ، إذ كان معلوما أن لا ملك إلا وهو مالك، وقد يكون المالك لا ملكا.
وبعد، فإن الله جل ذكره، قد أخبر عباده في الآية التي قبل قوله (ملك يوم الدين) أنه مالك جميع العالمين وسيدهم، ومصلحهم، والناظر لهم، والرحيم بهم في الدنيا والآخرة، بقوله: (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم) .
وإذ كان جل ذكره قد أنبأهم عن ملكه إياهم كذلك بقوله: (رب العالمين) ، فأولى الصفات من صفاته جل ذكره أن يتبع ذلك ما لم يحوه قوله (رب العالمين الرحمن الرحيم) ، مع قرب ما بين الآيتين من المواصلة والمجاورة، إذ كانت حكمته الحكمة التي لا تشبهها حكمة، وكان في إعادة وصفه جل ذكره بأنه (مالك يوم الدين) ، إعادة ما قد مضى من وصفه به في قوله (رب العالمين) ، مع تقارب الآيتين وتجاوز الصفتين. وكان في إعادة ذلك تكرار ألفاظ مختلفة بمعان متفقة، لا تفيد سامع ما كرر منه فائدة به إليها حاجة. والذي لم يحوه من صفاته جل ذكره ما قبل قوله: (مالك يوم الدين) ، المعنى الذي في قوله: (ملك يوم الدين) ، وهو وصفه بأنه الملك.
فبين إذا أن أولى القراءتين بالصواب، وأحق التأويلين بالكتاب، قراءة من قرأه (ملك يوم الدين) ، بمعنى إخلاص الملك له يوم الدين، دون قراءة من قرأ (مالك يوم الدين) الذي بمعنى أنه يملك الحكم بينهم وفصل القضاء، متفردا به دون سائر خلقه.
فإن ظن ظان أن قوله (رب العالمين) نبأ عن ملكه إياهم في الدنيا دون الآخرة، يوجب وصل ذلك بالنبأ عن نفسه أنه: من ملكهم في الآخرة على نحو ملكه إياهم في الدنيا بقوله (مالك يوم الدين) - فقد أغفل وظن خطأ (1) .
وذلك أنه لو جاز لظان أن يظن أن قوله (رب العالمين) محصور معناه على الخبر عن ربوبية عالم الدنيا دون عالم الآخرة، مع عدم الدلالة على أن معنى ذلك كذلك في ظاهر التنزيل، أو في خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم به منقول، أو بحجة موجودة في المعقول - لجاز لآخر أن يظن أن ذلك محصور على عالم الزمان الذي فيه نزل قوله (رب العالمين) ، دون سائر ما يحدث بعده في الأزمنة الحادثة من العالمين. إذ كان صحيحا بما قد قدمنا من البيان، أن عالم كل زمان غير عالم الزمان الذي بعده.
فإن غبي - عن علم صحة ذلك بما قد قدمنا - ذو غباء، فإن في قول الله جل ثناؤه: (ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين) [سورة الجاثية: 16] دلالة واضحة على أن عالم كل زمان، غير عالم الزمان الذي كان قبله، وعالم الزمان الذي بعده، إذ كان الله جل ثناؤه قد فضل أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأمم الخالية، وأخبرهم بذلك في قوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) الآية [سورة آل عمران: 110] . فمعلوم بذلك أن بني إسرائيل في عصر نبينا لم يكونوا -مع تكذيبهم به صلى الله عليه وسلم- أفضل العالمين، بل كان أفضل العالمين في ذلك العصر وبعده إلى قيام الساعة، المؤمنون به المتبعون منهاجه، دون من سواهم من الأمم المكذبة الضالة عن منهاجه.
وإذ كان بينا فساد تأويل متأول لو تأول قوله (رب العالمين) أنه معني به أن الله رب عالمي زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، دون عالمي سائر الأزمنة غيره - كان واضحا فساد قول من زعم أن تأويله: رب عالم الدنيا دون عالم الآخرة، وأن "مالك يوم الدين" استحق الوصل به ليعلم أنه في الآخرة من ملكهم وربوبيتهم بمثل الذي كان عليه في الدنيا.
ويسأل زاعم ذلك، الفرق بينه وبين متحكم مثله - في تأويل قوله (رب العالمين) ، تحكم فقال: إنه إنما عنى بذلك أنه رب عالمي زمان محمد صلى الله عليه وسلم، دون عالمي غيره من الأزمان الماضية قبله، والحادثة بعده، كالذي زعم قائل هذا القول: أنه عنى به عالمي الدنيا دون عالمي الآخرة - من أصل أو دلالة (1) . فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله.
وأما الزاعم أن تأويل قوله (مالك يوم الدين) أنه الذي يملك إقامة يوم الدين، فإن الذي ألزمنا قائل هذا القول الذي قبله - له لازم. إذ كانت إقامة القيامة، إنما هي إعادة الخلق الذين قد بادوا لهيئاتهم التي كانوا عليها قبل الهلاك، في الدار التي أعد الله لهم فيها ما أعد. وهم العالمون الذين قد أخبر جل ذكره عنهم أنه ربهم في قوله (رب العالمين) .
وأما تأويل ذلك في قراءة من قرأ (مالك يوم الدين) ، فإنه أراد: يا مالك يوم الدين، فنصبه بنية النداء والدعاء، كما قال جل ثناؤه: (يوسف أعرض عن هذا) [سورة يوسف: 29] بتأويل: يا يوسف أعرض عن هذا، وكما قال الشاعر من بني أسد، وهو شعر -فيما يقال- جاهلي:
إن كنت أزننتني بها كذبا ... جزء، فلاقيت مثلها عجلا (2)
يريد: يا جزء، وكما قال الآخر:
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها، ... بني شاب قرناها تصر وتحلب (1)
يريد: يا بني شاب قرناها. وإنما أورطه في قراءة ذلك - بنصب الكاف من "مالك"، على المعنى الذي وصفت - حيرته في توجيه قوله: (إياك نعبد وإياك نستعين) وجهته، مع جر (مالك يوم الدين) وخفضه. فظن أنه لا يصح معنى ذلك بعد جره (مالك يوم الدين) ، فنصب: "مالك يوم الدين" ليكون (إياك نعبد) له خطابا. كأنه أراد: يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين. ولو كان علم تأويل أول السورة، وأن "الحمد لله رب العالمين" أمر من الله عبده بقيل ذلك - كما ذكرنا قبل من الخبر عن ابن عباس: أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى ذكره: قل يا محمد، (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين) ، وقل أيضا يا محمد: (إياك نعبد وإياك نستعين) (2) - وكان عقل (3) عن العرب أن من شأنها إذا حكت أو أمرت بحكاية خبر يتلو القول، أن تخاطب ثم تخبر عن غائب، وتخبر عن الغائب ثم تعود إلى الخطاب، لما في الحكاية بالقول من معنى الغائب والمخاطب، كقولهم للرجل: قد قلت لأخيك: لو قمت لقمت، وقد قلت لأخيك: لو قام لقمت (4) - لسهل عليه مخرج ما استصعب عليه وجهته من جر "مالك يوم الدين".
ومن نظير "مالك يوم الدين" مجرورا، ثم عوده إلى الخطاب بـ "إياك نعبد "، لما ذكرنا قبل - البيت السائر من شعر أبي كبير الهذلي:
يا لهف نفسي كان جدة خالد ... وبياض وجهك للتراب الأعفر (1)
فرجع إلى الخطاب بقوله: " وبياض وجهك "، بعد ما قد مضى الخبر عن خالد على معنى الخبر عن الغائب.
ومنه قول لبيد بن ربيعة:
باتت تشكى إلي النفس مجهشة ... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا (2)
فرجع إلى مخاطبة نفسه، وقد تقدم الخبر عنها على وجه الخبر عن الغائب.
ومنه قول الله، وهو أصدق قيل وأثبت حجة: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) [سورة يونس: 22] ، فخاطب ثم رجع إلى الخبر عن الغائب، ولم يقل: وجرين بكم. والشواهد من الشعر وكلام العرب في ذلك أكثر من أن تحصى، وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه.
فقراءة: " مالك يوم الدين " محظورة غير جائزة، لإجماع جميع الحجة من القراء وعلماء الأمة على رفض القراءة بها.
* * *


تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 154)
وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه.
فقراءة: " مالك يوم الدين " محظورة غير جائزة، لإجماع جميع الحجة من القراء وعلماء الأمة على رفض القراءة بها.



مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 100
أنه سبحانه لما بين ملكه في الدنيا بقوله «رَبِّ الْعالَمِينَ» بين أيضا ملكه في الآخرة بقوله «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» و أراد باليوم الوقت و قيل أراد به امتداد الضياء إلى أن يفرغ من القضاء و يستقر أهل كل دار فيها و قال أبو علي الجبائي أراد به يوم الجزاء على الدين و قال محمد بن كعب أراد يوم لا ينفع إلا الدين




تفسير القرآن الكريم (صدرا)، ج‏1، ص: 83
قوله جل اسمه: [سورة الفاتحة (1): آية 4]
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
قرء عاصم و الكسائي و خلف و يعقوب بالألف، و الباقون بغيره. و قرئ بتسكين اللام. و قرئ بلفظ الفعل و نصب اليوم. و قرئ مالك- بالفتح- و ملك- كذلك- على المدح أو الحالية، و مالك- بالرفع منوّنا و مضافا- على أنه خبر مبتدإ محذوف. و ملك كذلك.
قيل: المختار بغير الألف لأنه أمدح، و لأنه قراءة أهل الحرمين، و قوله:
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [40/ 16] و لقوله: مَلِكِ النَّاسِ [114/ 2]. و لأن الملك يعمّ و الملك يخصّ. و لأنه لا يكون إلا مع القدرة الكثيرة و الاحتواء على الجمع الكثير بالسياسة و التدبير.
و لمن قرء بالألف أن يقول: إنّ هذه الصفة أمدح لأنه لا يكون مالكا للشي‏ء إلا و هو يملكه و قد يكون ملكا للشي‏ء و لا يملكه. و قد يدخل في الملك ما لا يصحّ دخوله في الملك يقال: فلان مالك البهائم. و لا يقال: ملك البهائم.
و من هذا ظهر انّ الوصف بالملك أعمّ من الوصف بالملك و لأنه تعالى مالك كلّ شي‏ء وصف نفسه بأنّه مالِكَ الْمُلْكِ [3/ 26].
و الحق إنّ لكل من الوصفين شي‏ء من الفضيلة بحسب المفهوم على الآخر و اللّه متّصف بكمال كل من الملك و الملك.
و يوم الدين بمعنى يوم الجزاء و منه «كما تَدين تُدان» (و اضافة ملك إلى الزمان كما يقال: ملوك الزمان و ملوك الدهر و ملك زمانه و سيّد عصره فهو في المدح أبلغ) «1» و معناه ملك الأمور يوم الدين إجراء للظرف مجرى المفعول به على الاتّساع كقولهم: يا سارق الليلة أهل الدار. و من هذا القبيل وَ نادى‏ أَصْحابُ الْجَنَّةِ [7/ 44].5)

اعلم إنّ إضافة اسم الفاعل إذا أريد به معنى الحال أو الاستقبال لا يكون حقيقية معطية للتعريف، فلم يجز وقوعه صفة للمعرفة، فكان في تقدير الانفصال. و أما إذا أريد به معنى المضيّ أو الاستمرار كانت حقيقية فالأوليان كقولك: مالك الساعة و مالك غد.
و الأخيرتان كقولك: زيد مالك عبده أمس و هو مالك العبيد. و هذا هو المراد في مالك يوم الدّين.




تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 423
القراءة و اختلافها
و هنا فوائد:
الفائدة الاولى قراءات الآية
قال السيوطي في «الإتقان»: فيه ثلاثة عشر قراءة. و هذا هو مأخوذ مّما فصّله ابن حيّان، و لا بأس بنقلها مع رعاية الاختصار:
1- قرأ «مالك» على وزن فاعل بالخفض، عاصم و الكسائي و خلف في اختياره و يعقوب، و هي قراءة العشرة إلّا طلحة و الزبير، و قراءة كثير من الصحابة، منهم أبيّ و ابن مسعود و معاذ و ابن عباس، و التابعين منهم قتادة و الأعمش.
2- و قرأ «ملك» على وزن فعل بالخفض، باقي السبعة و زيد و أبو الدرداء و ابن عمر و المسور و كثير من الصحابة و التابعين.
3- و قرأ «ملك» على وزن سهل، أبو هريرة و عاصم الجحدري، و رواها الجعفي و عبد الوارث، عن أبي عمرو، و هي لغة بكر بن وائل.
4- و قرأ «ملكي»- بإشباع كسرة الكاف- أحمد بن صالح، عن ورش، عن نافع.


تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 424
5- و قرأ «ملك» على وزن عجل، أبو عثمان الهندي و الشعبي و عطيّة، و نسبها ابن عطيّة إلى أبي حياة.
6- و قال صاحب اللوامح: قرأ أنس بن مالك و أبو نوفل عمر بن مسلم بن أبي عدي «ملك» بنصب الكاف من غير ألف، و جاء كذلك عن أبي حياة.
انتهى.
7- و قرأ كذلك إلّا أنّه رفع الكاف، سعد بن أبي وقاص و عائشة و مورّق العجلي.
8- و قرأ «ملك» فعلا ماضيا، أبو حياة و أبو حنيفة و جبير بن مطعم و أبو عاصم عبيد بن عمير الليثي و أبو المحشر عاصم بن ميمون الجحدري، فينصبون «اليوم»،
و ذكر ابن عطيّة: أنّ هذه قراءة يحيى بن يعمر و الحسن و عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السّلام.
9- و قرأ «مالك» بنصب الكاف، الأعمش و جماعة اخرى مضى ذكرهم في مبحث الإعراب.
10- و روى ابن أبي عاصم عن اليمان ملكا بالنصب و التنوين.
11- و قرأ «مالك» برفع الكاف و التنوين، عون العقيلي، و رويت عن خلف بن هشام و أبي عبيد و أبي حاتم و بنصب اليوم.
12- و قرأ «مالك يوم» بالرفع و الإضافة، أبو هريرة و أبو حياة و عمر بن عبد العزيز بخلاف عنه، و نسبها صاحب اللوامح إلى أبي روح عون بن أبي شدّاد العقيلي ساكن البصرة.
13- و قرأ «مليك» على وزن فعيل، أبيّ و أبو هريرة و أبو رجاء العطاردي.


تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 425
14- و قرأ «مالك» بالإمالة البليغة، يحيى بن يعمر و أيوب السختياني.
15- و بين بين قتيبة بن مهران، عن الكسائي، و جهل النقل- أعني في قراءة الإمالة- أبو علي الفارسي، فقال: لم يمل أحد من القرّاء ألف «مالك»، و ذلك جائز، إلّا أنّه لا يقرأ بما يجوز إلّا أن يأتي بذلك أثر مستفيض.
16- و ذكر أيضا: أنّه قرأ في الشاذّ «ملّاك» بالألف و التشديد للام و كسر الكاف.
فهذه ثلاث عشرة قراءة «1». انتهى.
و أنت قد عرفت بلوغها إلى ستّة عشر. و من العجب أنّ «روح المعاني» قد أخذ ما أفاده و لم ينسبه إليه «2»، و هو من الخيانة في وجه، كما لا يخفى.
الفائدة الثانية في ترجيح إحدى القراءات‏
بناء على ما تقرّر و تحرّر في بحث اللغة: أنّ «المالك» هو معناه ذو الملك بكسر الميم و ذو الملك بضم الميم، و هما بمعنى واحد، و الملك أيضا معناه ذو المملكة و ذو الملك و ذو الملك، و هي بمعنى واحد، و المليك مثله، و هكذا الملك بسكون اللام سواء كان مخفّفا عن المالك‏
__________________________________________________
(1) البحر المحيط 1: 20.
(2) روح المعاني 1: 77- 78.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 426
أو صفة مشبّهة، و من راجع موارد استعمالات هذه المادّة في الكتاب العزيز يجد صدق دعوانا، فإنّ الملك- بالضمّ- كثير استعماله، و معناه العزّة و القدرة و السيطرة: وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ «1» وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ «2» رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي «3» فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً «4» ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى‏ شَيْ‏ءٍ «5». و هذا الأخير- بحسب الاستعمال- منحصر في موضع واحد في سورة النحل، و هو أيضا معناه أي الذي لا يقدر و لا يكون له السلطنة.
فما ترى في كتب القوم و التفاسير من التمسّك بالوجوه المعنويّة لترجيح إحدى القراءات على الاخرى، كلّه ساقط جدّا لاتّحاد معنى الكلّ، و بذلك تسقط صفحات كثيرة من كتب التفسير المتعرضة لذلك، الغافلين عن حقيقة الحال، و اللّه هو المستعان.
و ممّا يؤيّد هذا قوله تعالى في سورة آل عمران: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ «6»، فلو كان المالك من «الملك» بالكسر، لكان ينبغي أن يقال:
«قل اللّهمّ مالك الملك» بالكسر.
__________________________________________________
(1) الإسراء (17): 111.
(2) آل عمران (3): 189. و الآيات بهذا اللفظ كثيرة في القرآن الكريم.
(3) ص (38): 35.
(4) النساء (4): 54. [.....]
(5) النحل (16): 75.
(6) آل عمران (3): 26.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 427
و من هنا يسقط كثير من الوجوه المعنويّة المتمسّك بها لترجيح «الملك» على «المالك» «1» لمناسبة إضافته إلى يوم توهّما أنّ الزمان لا يناسب المملوكيّة بخلاف الملكية، مع أنّ «مالك» كصاحب وزنا و معنى في وجه، و يقال: صاحب الزمان (عجّل اللّه فرجه الشريف)، فاغتنم.
الفائدة الثالثة حول عدم الاعتناء بالقراءات‏
ربّما يخطر بالبال سؤال و هو: أنّ الكتب السابقة على القرآن، و الأنثار و الأشعار المتعارفة بين الناس قبل هذا الوحي الإلهيّ، كانت تقرأ في المحافل و المجالس و على المنابر و الأعواد، و ما كان يقرأ إلّا على الوجه الظاهر، و لم يكن بين الناس خلاف في كيفيّة القراءة، بل و ما كانت الكتب السماويّة غير هذا السّفر القيّم مورد هذا الشقاق و النفاق، و لا محلّ الميول و الآمال، و لا مصبّ الأمراض و الأغراض.
فهل كان الرسول الأعظم الإلهي يقرأ الكتاب مختلفا حسب الحالات و الأطوار، أم هل كان القرآن نزل كرارا و مختلفا، أو النبيّ الأعظم الإسلامي و العقل الكلّي الإنساني أمر و أصدر حكما حول هذه النكتة، فذهب كلّ اشتهاء و ميل إلى ما يميله، أم هل المسلمون رأوا أنّ عظمة القرآن، تقتضي أن يكون الكتاب النافي لسائر الكتب، مورد الدقّة و محلّ الفكرة و موضوعا لهذه المباحث الراقية مثلا؟
__________________________________________________
(1) راجع التفسير الكبير 1: 238.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 428
أو هل يمكن توهّم: أنّ عناد المسلمين للقرآن و معاندتهم للوحي أورثوا مثل هذه الاحدوثة، أم اليهود و النصارى و أمثالهم كانوا يشعرون بذلك، فأوقعوهم في مثل هذه الخلافات، الموجبة للوهن في الكتاب و لسقوطه عن الاهتداء به، و عن الاستدلال بكثير من الآيات لأنّ اختلاف القراءات لا ثمرة فيه إلّا ذلك؟
فالأمر عندي مشكل جدّا، و لا أستطيع أن اصغي إلى روايات لو كانت هي معتبرة، تشعر بصحّة القراءات أو اختلاف القرآن في الوحي و النزول، فإنّه كسائر الكتب المدوّنة، لا يخصّه شي‏ء وارء رقاء موضوعاته و كيفيّة تأليفه و تركيبه، و ارتقاء ما فيه من الأحكام العقليّة و النقليّة من السياسات و غيرها، و أمّا هذا الاختلاف فلا يظهر لي منه شي‏ء، إلّا توهّم الوجه الأخير، أو قلّة شعور جماعة من المسلمين و ثلّة من الطبقة العليا.
و من الأباطيل الواضحة و الأكاذيب الظاهرة، تواتر القراءات السبع و تفصيله في مقام آخر.
فعلى هذا المنهج و المسلك الذي أبدعناه إلى هنا تبيّن: أنّه لا بدّ من تفتيش القرائن و الآثار على أنّ النازل على النبي الأعظم- صلّى اللّه عليه و آله الطيّبين الطاهرين و سلّم- ماذا من تلك القراءات.
و قبل الخوض في ذلك لا بدّ من الإشارة إلى نكتة و أمر و هو: أنّ كثيرا من تلك القراءات- مضافا إلى شذوذه و برودته و خروجه عن أسلوب الكلام- مخالف للقواعد الأدبيّة، و منها قراءة «ملك» على وزن الفعل الماضي، فإنّه كما مرّ في «ربّ» لا يمكن أن يكون وصفا لما سبق و لا جملة



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 429
حاليّة لاحتياجها إلى الواو الحاليّة و غير ذلك.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ طريق استكشاف ذلك هو السبر في القرائين المخطوطة و الكتب المشتملة عليها، كالكتب القديمة التفسيريّة أو الكتب الحديثيّة و الفقهيّة و أمثالها مما تكون مشتملة على سورة الحمد و الفاتحة لتناسب اقتضاه، فإذا كانت الكتب القديمة و أقدم قرآن مخطوط مكتوبا بالألف و مخفوضا، فهو كاف لكشف الحال، و إذا انضمّت إليه سائر الكتب، فهو يورث الاطمئنان و العلم العادي بأنّ ما هو القرآن المتداول من الأوّل بين المسلمين كان مع الألف.
و إذا وجدنا أنّ المولى أمير المؤمنين- عليه أفضل صلاة المصلّين- مع نهاية الدقّة ينظر إلى القرآن و يحافظ عليه من الحدثان، و كان هذا القرآن قبل الأمير عليه السّلام مدوّنا، و لم يرمز إلى ما فيه من الغلط في الضبط بشي‏ء، فهو يشهد على أنّ هذا الكتاب بعينه من غير تفاوت هو النازل، و مجرّد الاحتمالات الاخرى لا يضرّ بما هو مورد النظر، و هو حصول الوثوق و الاطمئنان و العلم النظامي العادي بذلك، و إذا انضمّ إلى ذلك شدّة اهتمام المسلمين بحفظ الكتاب الإلهي عن الاشتباه و الاختلاف، يحصل من وراء هذه الأمور شي‏ء آخر يسمّى بالقطع و اليقين بعدم التحريف.
و لكنّه عندي غير تامّ لأنّ انسداد باب الاحتمالات غير ممكنة، إلّا أنّ الاطمئنان و الوثوق القويّ حاصل بذلك جدّا، فما هو بين أيدينا من الأوّل إلى الآخر- حسب هذا السّبر و التقسيم- هو المنزّل على النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من غير نقص و لا زيادة.
و هنا شواهد اخرى على عدم التحريف بالمعنى الأعمّ، و تفصيله يذكر



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 430
في مدخل الكتاب عند البحث عن تحريف الكتاب- إن شاء اللّه تعالى-.
فبالجملة: كان التجويد و اختلاف القراءات حسب التخريص، من أسباب المعيشة و من موجبات التقرّب إلى السلاطين و التدخّل في البلاط.
و ممّا يؤيّد ذلك جدّا: أنّ مذهب الشيعة ليس متدخّلا في هذه الأمور، و ليس من القرّاء من يعدّ منا أهل البيت لما أنّ الشيعة كانوا يعتقدون بأنّ القرآن واحد و من الواحد إلى الواحد للتوحيد.
و إنّ لهذه المسألة موقفا آخر، ذكرنا هنا شرذمة قليلة من المباحث الطويلة المحتاجة إلى التعمّق الكثير في التاريخ حتّى يتبيّن لغيرنا حقيقة الأمر أيضا.
و من العجب ميل بعض أصحابنا إلى القراءات الاخرى حتّى كتب شيخ الشريعة الأصفهاني قدّس سرّه رسالة في هذه المسألة سمّاها «إنارة الهالك في قراءة ملك و مالك» و اعتقد أنّه «ملك»، و قد هلك. و اللّه المستعان.
و غير خفيّ: أنّ مقتضى هذه المسألة عدم جواز التجاوز من القرآن الموجود إلى سائر القراءات في القراءات الندبيّة و الوجوبيّة.
اللّهمّ إلّا أن يقال: بأنّ ما هو النازل واحد، إلّا أنّه يجوز تغييره إعرابا و في الكيفيّات دون الموادّ، فيجوز- مثلا- رفع «مالك»، و لكنّه لا يجوز حذف الألف، فليتأمّل جيّدا.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 431
الفائدة الرابعة في ذكر الوجوه المتمسّك بها لترجيح «مالك» على «ملك»
بعد سقوط القراءات الاخر لشذوذها «1»:
1- مفهوم «مالك» أوسع و أشمل من مفهوم «ملك».
2- و لزيادة حروفها على حروفه بواحدة، و قد حكي عن الشجر أنّه قال: كان من عادتي قرائة «مالك»، فسمعت من بعض أصحاب الفضل أنّ «ملك» أبلغ، فتركت عادتي و قرأت «ملك»، و رأيت في المنام قائلا يقول لي:
لم نقصت من حسناتك عشرة؟ أما سمعت‏
قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من قرأ القرآن، كتب له بكلّ حرف عشر حسنات، و محيت منه عشر سيّئات، و رفعت له عشر درجات».
3- و لأنّ فيه إشارة واضحة إلى الفضل الكبير و الرحمة الواسعة، و الطمع بالمالك من حيث إنّه مالك فوق الطمع بالملك من حيث إنّه ملك، فأقصى ما يرجى من الملك أن ينجو الإنسان منه رأسا برأس، و من المالك يرجى ما هو فوق ذلك، فالقراءة به أرفق بالمذنبين، و أنسب بما قبله.
4- و لأنّ إضافته إلى «يوم الدين» أنسب لأنّ يوم الدين يستلزم‏
__________________________________________________
(1) راجع التفسير الكبير 1: 237- 242، و الجامع لأحكام القرآن 1: 140- 141، و البحر المحيط 1: 22، و روح المعاني 1: 78- 79.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 432
الحرارة في قلوب السامعين، و يورث القلق في أفئدة المؤمنين، و يشبه ذلك في وجه قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ «1» فلا بدّ- حينئذ- من المبرّد و المبشّر و من ذكر الرحمة بالعناوين المختلفة «2».
5- و لأنّ قراءة «المالك» تناسب سائر الجمل السابقة المشتملة على الألف، ك «العالمين» و «للّه» و «الرحمن»، فكأنّه يلزم من تلك الكيفيّة الخاصّة الملحوظة في الآيات السابقة، وجود مماثلها في هذه الآية، كما نشاهدها في إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ بل إلى آخر السورة، فاغتنم.
الفائدة الخامسة في ذكر الوجوه المتمسّك بها لترجيح قراءة «ملك» على «مالك» «3»
1- هو أعمّ و أشمل مفهوما من «مالك».
2- إنّ الزمان لا يضاف إليه كلمة «مالك» غالبا، بخلاف كلمة «ملك»، فيقال: ملك العصر و العصور.
و هذا لا يستلزم ترجيح «ملك» عليه لأنّه شاذّ لا يعبأ به، و الكلام فيما هو الأرجح بعد جواز كلّ واحدة من القراءتين لتواترهما مثلا، أو لجواز
__________________________________________________
(1) التوبة (9): 43.
(2) روح المعاني 1: 78- 79.
(3) نفس المصدر.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 433
الاقتداء بالسبعة أو العشرة في القراءة، فلا تخلط كما خلطوا.
و من هنا يظهر ما في توهّم بعض من الإشكال في ذكر التراجيح: بأنّه بعد جوازها لا معنى له «1»، و كأنّه تخيّل من هذه الوجوه تعيّن الوجه المقصود بها، و قد غفل عن ذلك لأنّ البحث في الأرجح منهما، لا في المتعيّن من بين القراءات، فلا تغفل.
نعم لو كان مقصود الأصحاب و المفسّرين من ذكر الوجوه التخيّليّة، تعيين إحدى القراءات، فما قيل في محلّه، إلّا على قول من يقول بعدم جواز الاقتداء بتلك القراءات المحكيّة، بل لا بدّ من الفحص عمّا قرأه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و نزل به الكتاب، فإنّه عند ذلك لا بدّ من ذكر الدليل، و هذه الوجوه الاستحسانيّة غير كافية، و ليست حجّة عقلائيّة و لا شرعيّة عليه بالضرورة. و لعمري إنّه لا يتفوّه بذلك أحد، فإنّه كيف يجوز تعيين «مالك» لما فيه من زيادة الثواب، فإنّه منه يعلم أنّه يجوز بقراءة «ملك»، و لكنّه في مقام الترجيح في مقام العمل، فافهم و تأمّل.
3- و لأنّه قراءة أهل الحرمين.
4- و لعدم لزوم التكرار ضرورة أنّ «مالك» من معاني «الربّ»، أو هما مثلان في الشمول، فلا بدّ من ذكر الأخصّ، و هو «ملك» بناء على أخصّيّته، كما لا يخفى.
5- و لأنّه تعالى وصف نفسه و ذاته المتعالية بالملكيّة عند
__________________________________________________
(1) روح المعاني 1: 78- 79، البيان في تفسير القرآن، الخوئي: 480.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 434
المبالغة في قوله تعالى: مالِكَ الْمُلْكِ «1» دون المالكيّة.
الفائدة السادسة حول ترجيح المرجّحات‏
اعلم أنّ الوجوه الاخر لترجيح «مالك» على «ملك» مذكورة في المفصّلات، و هكذا لعكسه.
و أنت بعد ما أحطت خبرا بمقالتنا في هذا المسائل تقدر على تزييف هذه المسائل بما لا مزيد عليه. هذا أوّلا.
و ثانيا بعد ما اتّضح أنّ مراد المتصدّين لترجيح قراءة على قراءة اخرى، ليس إلّا ترخيص ذلك في مقام العمل، و إلّا فيجوز عند الكلّ قراءتهما، فلا معنى للغور في تلك الوجوه، بل العبد يتبع في قراءته حاله فتارة يغلب على حاله ما يناسب المالكيّة، و اخرى ما يناسب الملكيّة، و على كلّ يقرأ ما يناسبها.
و بعبارة اخرى: لا تنافي بين كون كلّ واحدة منهما ذات مرجّحات اعتباريّة و استحسانيّة، و لا يجب تقديم إحداهما على الاخرى على وجه يتعيّن ذو المزيّة على الآخر، بل لا يمكن ذلك بالضرورة لصحّة كثير من الوجوه المسطورة و غيرها، فيختار العبد حسب حاله إحداهما.
بل لنا أن نقول بجواز تكرار الآية،
ففي «الكافي» عن السجّاد عليه السّلام:
__________________________________________________
(1) آل عمران (3): 26.



تفسير القرآن الكريم (الخميني)، ج‏1، ص: 435
«أنّه إذا قرأ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، يكرّرها حتّى كاد أن يموت» «1»
فإذا جاز تكرارها بالألف فلم لا يجوز بغير الألف، بعد جواز القراءة حسب ما ارتضوه في الفقه. و بهذا يجمع بين المرجّحات، و لا يلزم إبطالها كما تصدّى له بعض المفسّرين «2».
فما في كتب التفسير في هذه المواقف كلّه ساقط جدّا، و لا يكاد ينقضي التعجّب من أنّ الكتاب العزيز كان مورد البحث من العصر الأوّل، و مع ذلك لم ينقح مباحثه و مسائله، و ذهب كلّ إله إلى ما خلق له و تيسّر.
و اللّه من وراء القصد.
__________________________________________________
(1) الكافي 2: 440/ 13.
(2) روح المعاني 1: 78- 79.




الكتاب: شرح مشكل الآثار
المؤلف: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)
تحقيق: شعيب الأرنؤوط
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى - 1415 هـ، 1494 م
عدد الأجزاء: 16 (15 وجزء للفهارس)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج]

باب بيان مشكل ما روته عائشة، وأم سلمة، وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة فاتحة الكتاب: (ملك يوم الدين) ، أو: {مالك يوم الدين}
(14/5)
************
5404 - حدثنا روح بن الفرج قال: حدثنا هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي، حدثنا خالد بن نزار الأيلي، عن القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنبر، فوضع، ثم صلى، ووعد الناس يخرجون يوما، فقالت عائشة: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر، فحمد الله تعالى، ثم قال: " إنكم شكوتم إلي جدب جنابكم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم "، ثم قال: " {الحمد لله رب العالمين} [البقرة: 1] ، (ملك يوم الدين) ، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء "، ثم ذكر بقية الحديث. [ص:6] قال أبو جعفر: ففي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في فاتحة الكتاب: (ملك يوم الدين) ، لا: {مالك يوم الدين}
(14/5)
************
5405 - وحدثنا فهد بن سليمان، حدثنا عمر بن حفص بن غياث النخعي، حدثنا أبي، حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيتها، فيقرأ: {" بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 2] (ملك [ص:7] يوم الدين) {إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين} [الفاتحة: 5] . آمين "
(14/6)
************
5406 - وأجاز لنا علي بن عبد العزيز ما ذكر لنا، أن أبا عبيد القاسم بن سلام حدثه إياه قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا عبد الملك بن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته: (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين) "
(14/8)
************
5407 - وحدثنا يوسف بن يزيد، أخبرنا نعيم بن حماد، حدثنا عمر بن هارون، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: (بسم الله الرحمن [ص:9] الرحيم) إلى آخرها، يعدها بأصابع إحدى يديه سبع آيات: (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وقرأ: (ملك يوم الدين) ، ولم يقرأ: {مالك يوم الدين} ، فنظرنا في إسناد حديث أم سلمة هذا، فوجدنا الليث بن سعد قد رواه عن ابن أبي مليكة، بزيادة رجل فيه , بينه وبين أم سلمة

5408 - كما حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا شعيب بن الليث قال: حدثنا الليث، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن يعلى - يعني ابن مملك - أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعتت له قراءة مفسرة حرفا حرفا. [ص:10] وقد يجوز أن يكون نعت أم سلمة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، كيف كان يقرأ بها ما سمعته يقرؤها بغيره من القرآن، فثبت بتصحيح ما رويناه منها في هذا الباب أنه لا دليل فيما رويناه عنها فيه مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ به ذلك الحرف: هل هو: (ملك) ، أو {مالك} [آل عمران: 26] ، هذا يحاج به من روى هذا الحديث كما رواه حفص، ويحيى بن سعيد الأموي، لا من رواه كما رواه عمر بن هارون
(14/8)
************
5409 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا هارون بن موسى النحوي، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي حصين، أو أم حصين، عن جدته أم حصين، أنها صلت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ: {مالك يوم الدين} ، حتى إذا بلغ: {ولا الضالين} [الفاتحة: 7] قال: " آمين " [ص:11] قال أبو جعفر: وهذا الحديث، فمن أحسن ما روي في هذا الباب؛ لأنه وإن دار على إسماعيل بن مسلم وهو العبدي، فهو مقبول الرواية، ثبت فيها
(14/10)
************
5410 - وحدثنا أبو أمية، حدثنا الخضر بن محمد بن شجاع الحراني، حدثنا أبو معاوية، عن أبي إسحاق الحميسي، عن مالك بن دينار، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: {مالك يوم الدين} [ص:12] قال أبو جعفر: فكانت هذه الآثار قد تكافأت في (ملك) ، و {مالك} [آل عمران: 26] ، فلم يكن بعضها أولى من بعض، فطلبنا الوجه في ذلك مما رواه غير من ذكرنا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(14/11)
************
5411 - فوجدنا يونس قد حدثنا قال: حدثنا ابن وهب، أن مالكا حدثه، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله عز وجل: قسمت - يعني الصلاة - بيني وبين عبدي نصفين: نصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرءوا يقول: {الحمد لله رب العالمين} [البقرة: 1] , يقول الله تعالى: حمدني عبدي يقول العبد: {الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] يقول الله تعالى: أثنى علي عبدي يقول: (ملك يوم الدين) يقول الله تعالى: [ص:13] مجدني عبدي، وهذه الآية بيني وبين عبدي يقول العبد: {إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 6] ، فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل " [ص:14] فكان في هذا الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في فاتحة الكتاب: (ملك يوم الدين) ، غير أنا قد وجدنا قتيبة بن سعيد قد خالف ابن وهب، عن مالك، فذكر فيه مكان (ملك) : {مالك} [آل عمران: 26]

5412 - كما حدثنا أحمد بن شعيب، أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، ثم ذكر مثل حديث ابن وهب بإسناده وبمتنه، غير أنه قال مكان (ملك يوم الدين) : {مالك} [آل عمران: 26] . ثم نظرنا هذا الحرف في رواية غير مالك، عن العلاء، كيف هو؟

5413 - فوجدنا ابن أبي داود قد حدثنا قال: حدثنا سعيد ابن أبي مريم، حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف، حدثني العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر مثله , غير أنه قال فيه: {مالك يوم الدين} [ص:15]

5414 - ووجدنا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال: حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، حدثنا جهضم بن عبد الله، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر مثله، غير أنه قال فيه: {مالك يوم الدين} ، مكان: (ملك يوم الدين) .

5415 - ووجدنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قد حدثنا قال: حدثنا عيسى بن أبي الطائي وهو الحمصي، وهو محمود في روايته - قال: حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد، حدثنا ابن ثوبان، حدثني الحسن بن الحر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله، غير أنه قال: (ملك [ص:16] يوم الدين) ، مكان: {مالك يوم الدين}

5416 - ووجدنا محمد بن عزيز الأيلي، حدثنا قال: حدثنا سلامة بن روح، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة -، أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر مثله، وقال فيه: (ملك يوم الدين) ، مكان: {مالك يوم الدين}
(14/12)
************
5417 - ووجدنا محمد بن علي بن داود البغدادي قد حدثنا قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل الواسطي، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قرأ: {مالك يوم الدين}
(14/16)
************
5418 - ووجدنا محمد بن علي أيضا قد حدثنا قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل، حدثنا ابن فضيل قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قرأ: (ملك يوم الدين) . فاختلف سفيان، وابن فضيل، عن الأعمش في هذا الحرف، فرواه كل واحد منهما عنه، كما ذكرناه عنه في هذا الباب، ولا نعلم أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى من الأسانيد المقبولة غير ما قد ذكرناه في هذا الباب , غير شيء رواه أيوب بن سويد فيه، وإن كان في القلوب من أيوب ما فيها وهو
(14/17)
************
5419 - ما قد حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أيوب بن سويد، عن يونس، عن الزهري، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر، كانوا يقرءون: {مالك يوم الدين} [ص:18] قال أبو جعفر: وكان الصحيح في هذا الحديث

5420 - ما قد حدثنا يوسف بن يزيد، حدثنا نعيم بن حماد، أخبرنا صفوان بن عيسى البصري، وابن المنكدر، عن معمر، عن الزهري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، مثله. ولم يذكر أنسا [ص:19] ثم نظرنا فيما روي عن أبي هريرة، كيف قرأ هذا الحرف بعد النبي صلى الله عليه وسلم لنقف به على الصحيح مما قد روي فيه عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجدنا أبا شريح محمد بن زكريا بن يحيى، وابن أبي مريم، قد حدثانا: حدثنا الفريابي، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة أنه كان يقرؤها: {مالك يوم الدين} ووجدنا إبراهيم بن مرزوق قد حدثنا قال: حدثنا عفان بن مسلم، عن أبي عوانة، عن سليمان، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مثله. [ص:20] فقوي في القلوب ما روي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بما روي عنه أنه قرأه بعده: {مالك} [آل عمران: 26] ، لا (ملك) ، ثم نظرنا إلى ما روي في ذلك عن أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما، مما قرآ به هذا الحرف بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم نجد عن أبي بكر شيئا في ذلك
(14/17)
************
ووجدنا عن عمر فيه ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق: حدثنا عفان، عن أبي عوانة، عن سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود، أنهما كانا يقرآن: {مالك يوم الدين} ، وكانا يحدثان أن عمر كان يقرؤها: {مالك يوم الدين} فقوي في القلوب أن الصحيح عن عمر في ذلك: {مالك} [آل عمران: 26] لا (ملك) ثم نظرنا في قراءة القراء من بعدهم لذلك الحرف، كيف كانت؟ فوجدنا هارون بن محمد العسقلاني قد حدثنا قال: حدثنا عمرو بن علي الصيرفي قال: [ص:21] سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما رأيت أحدا يجترئ أن يسأل الأعمش إلا رجلين: حفص بن غياث، وأبا معاوية، غير أني رأيت عباد بن كثير سأله، فقال: يا أبا محمد، كيف تقرأ هذا الحرف {مالك} [آل عمران: 26] أو (ملك) ؟ قال: {مالك يوم الدين} وكانت قراءة الأعمش ترجع إلى يحيى بن وثاب، وقراءة يحيى ترجع إلى عبيد بن نضلة، وقراءة عبيد ترجع إلى علقمة، وقراءة علقمة ترجع إلى عبد الله بن مسعود، وقراءة عبد الله بن مسعود ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ووجدنا روح بن الفرج قد حدثنا قال: حدثنا الجعفي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم أنه قرأ: {مالك يوم الدين} ، ووجدنا ابن أبي عمران قد حدثنا قال: حدثنا خلف بن هشام البزار، حدثنا يحيى بن آدم قال: قال لي أبو بكر بن عياش: قال لي عاصم: ما أقرأني أحد من الناس إلا أبو عبد الرحمن السلمي قال: وكان أبو عبد الرحمن قد قرأ على علي. قال عاصم: وكنت أرجع من عند أبي عبد الرحمن، فأعرض على زر بن حبيش، وكان زر قد قرأ على عبد الله قال: قلت لعاصم: لقد استوثقت. [ص:22] قال خلف في هذه الرواية: وكان عاصم يقرؤها: {مالك يوم الدين} قال خلف: والأعمش يقرؤها كمثل. ووجدنا روحا قد حدثنا قال: حدثنا الجعفي، حدثنا أبو بكر بن عياش، ثم ذكر بإسناده مثله، وزاد فيه: وقرأ عبد الله على النبي صلى الله عليه وسلم. وقبل ذلك ما قد ذكر في قراءة علي قال: وقرأ علي على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الجعفي هذه عن أبي بكر، عن عاصم، أنه قرأ: {مالك يوم الدين} . وسمعت ابن أبي عمران يقول: سمعت يحيى بن أكثم يقول: إن كانت القراءة تؤخذ من صحة المخرج، فما نعلم لقراءة من صحة المخرج ما لقراءة عاصم. ثم ذكر هذه الحكاية في قراءته على أبي عبد الرحمن، وفي قراءة أبي عبد الرحمن على علي رضي الله عنه، وفي قراءة علي على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قراءته على زر بن حبيش، وفي قراءة زر على عبد الله، وفي قراءة عبد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو جعفر: ولقراءة عاصم أيضا زيادة على هذا المعنى
(14/20)
************
وهو: ما قد حدثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي قال: حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي، عن حفص بن سليمان، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن قال: " عرضت القراءة على علي بن أبي طالب، وعرض علي بن أبي طالب على النبي عليه السلام، ثم حججت، فلقيت زيد بن ثابت، فقرأت القرآن عليه كما قرأته على علي، فما خالفه في حرف واحد " [ص:23] ثم رجعنا إلى ما قرأ هذا الحرف عليه غير عاصم، فوجدنا حمزة بن حبيب قد قرأه: (ملك يوم الدين) . كما حدثنا ابن أبي عمران، حدثنا خلف، حدثنا سليم بن عيسى، عن حمزة، ثم ذكر ذلك، وقال في روايته: قال حمزة: ما قرأت القرآن إلا على رجلين: ابن أبي ليلى، والأعمش، فما كان من حرف ابن أبي ليلى، فعلى حرف علي، وما كان من حرف الأعمش، فعلى حرف عبد الله، وكانت قراءة ابن أبي ليلى أخذها عن أخيه عيسى، وأخذها أخوه عيسى، عن أبيه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأخذها أبوه عن علي رضي الله عنه. وأما نافع، فكان يقرؤها: (ملك يوم الدين) أيضا، وقد قرأ على جماعة منهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وقرأ أبو جعفر على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وقرأ مولاه على أبي بن كعب. وسائر القراء سوى من ذكرنا من الاختلاف في هذا الحرف على مثل من ذكرنا من الاختلاف فيه. ثم رجعنا إلى طلب الوجه في ذلك من طريق الاستخراج، فوجدنا أبا عبيد قد ذكر ما أجازه لنا عنه علي بن عبد العزيز: أنه كان يختار في ذلك: (ملك يوم الدين) على {مالك يوم الدين} ، ويذكر فيه أن حجاج بن محمد حدثه، عن هارون بن موسى العتكي قال: كان عاصم الجحدري يقرؤها بغير ألف، يعني: (ملك يوم الدين) قال [ص:24] هارون: فذكرت ذلك لأبي عمرو، وأنه كان يحتج في ذلك على من قرأه: {مالك} [آل عمران: 26] بالألف، فقال: يلزمه أن يقرأ: (قل أعوذ برب الناس مالك الناس) . فقال أبو عمرو: نعم , لموافقته عاصما على ذلك، أولا يقرءون: (فتعالى الله المالك الحق) . قال أبو عبيد: ونحن نختار هذه القراءة أيضا، فذكر كلاما فيه. ولأن (ملكا) فيه ما ليس في (مالك) ؛ لأنه قد يكون (مالكا) غير (ملك) ، ولا يكون (ملكا) إلا (مالكا) ، ولم يختلفوا في قراءة: {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} [غافر: 16] ، أنه كذلك لا ما سواه. ووجدنا بعض من يحتج لمن قرأها {مالك} [آل عمران: 26] يحتج بقول الله تعالى: {قل اللهم مالك الملك} [آل عمران: 26] ، وكان أولى ما قرأت عليه عندنا - والله أعلم - أن يرجع فيما سمى الله عز وجل به نفسه إلى ما سمى الله به نفسه، فقد سمى الله نفسه في كتابه بما قد تلوناه في: {قل أعوذ برب الناس} [الناس: 1] ، وبما ذكره في سورة الحشر من قوله: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس} [الحشر: 23] ، وبما ذكره في سورة الجمعة في قوله: {يسبح لله ما في السموات وما في الأرض الملك القدوس} ، فكان ما سمى به نفسه مما قد تلوناه في هذه الآيات أولى ما رد إليه الحرف المختلف فيه الذي قد ذكرناه من {مالك} [آل عمران: 26] ومن (ملك) إلى (ملك) لا إلى (مالك) ، وبالله التوفيق
(14/22)