بسم الله الرحمن الرحیم

استعمال اللفظ فی اکثر من معنی واحد

الفهرست العام
کتاب و کتابخانه
یادداشتها
گروه فقه

فهرست مباحث علوم قرآنی
اراده اکثر از معنای واحد
استعمال لفظ در اكثر معني در تفسير تبيان
هذان سران تحتهما اسرار در تفسير المیزان
حمل بر جمیع معانی صحیحة در تفسير التحریر و التنویر-ابن عاشور
۴- تباین تنزیلي، معنای صحیح سبعة أحرف، در موازنة تدوین با تکوین، و جمیع معانی صحیحة در استعمال در اکثر از معنا



کلام شیخ محمد رضا اصفهانی در استعمال لفظ در معنیین
کلام شیخ محمد رضا در تثنیه و جمع
استعمال لفظ در اکثر از معنی در کلام متاخرین
شواهد استعمال لفظ در اکثر از معنی
اراده همه معانی صحیح و مرتبط از قرآن کریم
تفسیر عجیب ملافتحعلی سلطان آبادی
اشکال محشین به دیدگاه آخوند در حل مسئله بطون
دو راه حل دیگر آخوند برای مسئله بطون قرآن




جواب المسائل الطرابلسیات الأولی
علم الهدی السید الشریف المرتضی
متن-صفحه ۲۵۱
[مُناقَشَةُ الاستدلالِ علىٰ تَضادِّ ألفاظِ القُرآنِ بِاختلافِ القِراءاتِ‌]
فإن قيلَ‌: فما قَولُكم في القِراءاتِ المختَلِفةِ و الحُروفِ المُتَبايِنَةِ التي قَرأَ بِها القُرّاءُ و مَعاني أكثَرِها مُتَضادّةٌ و مُختَلِفةٌ؟ أ تَذهَبونَ إلىٰ أنّ القُرآنَ نَزَلَ ببعضِها؟ فيَجِبُ علىٰ هذا أن لا يُقرأَ بسائِرها؛ بَل بما تَعيَّنَ نُزولُ القُرآنِ به. و إن قُلتم: إنَّ القُرآنَ نَزَلَ بالجَميعِ‌، فكَيفَ يَكونُ ذلكَ مع التَّضادِّ و الاختلافِ و زِيادةِ الحُروف و نُقصانِها و الاختلافِ في الإعرابِ و تَبايُنِه‌؟
قُلنا: لَيسَ يَمتَنِعُ أن يَكونَ اللّٰهُ تَعالىٰ عَلِمَ مِن مَصلَحةِ المُكلَّفينَ أن يَدرُسوا القُرآنَ و يَقرَؤوه علىٰ هذه القِراءاتِ المُختَلِفةِ‌، و أنَّ المَصلَحةَ في كُلِّ ذلكَ مُتَساويةٌ‌؛ فَجَعَلَهم مُخَيَّرينَ فيما المَصلَحةُ فيه مُتَّفِقةٌ‌، فأباحَ النبيُّ صَلَّى اللّٰهُ عليه و آلِه أُمّتَه هذه القِراءاتِ المُختَلِفة، و أنّ المَصلَحةَ لهذا الوَجهِ‌.
وَ لَيسَ يَمتَنِعُ أن يَكونَ جَبرَئيلُ عليه السلامُ إنّما هَبَطَ و أدّىٰ ما يُوافِقُ بَعضَ هذه الحروفِ‌، ثُمّ خيَّرَ فيما عَداه؛ فكأنّه أدّىٰ إلَى النبيِّ قَولَه تَعالىٰ‌: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَتَبَيَّنُوا» ، فيؤَدّيهِ بالنونِ‌، ثُمَّ يَقولُ للنبيّ صَلّى اللّٰهُ عليه و آلِه: «و مَن شاءَ أن يَقرأَ: «فتَثبَّتوا» فذلك له»، و كذلكَ في سائرِ الحُروفِ المُختَلِفةِ‌.
فإن قيل: إذا كان اللّٰهُ تَعالىٰ المُتَكلِّمَ بالقُرآنِ‌، فلا بُدَّ عندَ افتتاحِ إحداثِه مِن أن يَكونَ تَكَلَّمَ به علىٰ بَعضِ هذه الحُروفِ و القِراءاتِ المُختَلِفةِ‌؛ لأنّ الجَمعَ بَينَ الكُلِّ مُحالٌ في لفظٍ واحدٍ. و إذا كانَ مُنزَلاً علىٰ بَعضِ هذه الوُجوهِ و الحُروفِ‌، فيَجِبُ فيمن تَلاه علىٰ غيرِ ذلكَ الوَجهِ و بغَيرِ ذلكَ الحَرفِ أن لا يَكونَ حاكياً لكلامِ اللّٰهِ تَعالىٰ‌، و لا مُؤدّياً للَفظِه؛ و في هذا ما تَعلَمونَ‌.
قُلنا : الواجبُ أن يُقالَ في هذا البابِ أنّه تَعالىٰ إذا كانَ قد أباحَنا القِراءاتِ المُختَلِفةَ و الحُروفَ المُتَبايِنةَ‌، و ثَبَتَ أيضاً أنّ كلَّ قارىً بحَرفٍ من هذا حاكٍ لكَلامِ اللّٰهِ تَعالىٰ و مُؤدٍّ للَفظِه، فلا بُدَّ مِن أن يَكونَ اللّٰهُ تَعالىٰ في ابتداءِ إحداثِه لهذا القُرآنِ قَد تَكلَّمَ به - إمّا في حالٍ واحدةٍ‌ أو أحوالٍ مُتَغايِرةٍ - علىٰ هذه الوُجوهِ كُلِّها و الحُروفِ‌، حتّىٰ يَتِمَّ القَولُ معَ إباحتِه تَعالَى القِراءةَ بأيِّ شَيءٍ شِئناه مِن هٰذه الحُروفِ‌، بأن يَكونَ القارئُ بكُلِّ واحدٍ منها حاكياً لكلامِه و مُؤدّياً لمِثلِ لَفظِه؛ و إلّا فلا يَجوزُ أن يَكونَ مَن قرأَ: «فتَبيَّنوا» بالنونِ حاكياً لكلامِ‌ مَن قالَ‌: «فتَثبَّتوا» بالتاءِ‌.
و لَيسَ هٰذا بمُنكَرٍ؛ فإنّ أبا هاشمٍ‌ كانَ يَذهَبُ إلىٰ أنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ لَمّا قالَ‌: «وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاٰثَةَ قُرُوءٍ‌» و دَلَّ الدَّليلُ عندَ أبي هاشمٍ علىٰ أنَّ المُجتَهِدَ إذا أدّاه اجتهادُه إلىٰ أنَّ المُرادَ بلَفظةِ «القُرءِ‌» الطُّهرُ، فمُرادُ اللّٰهِ تَعالىٰ في تَكليفِه بهٰذه اللَّفظةِ مَرّتَينِ‌: مَرّةً أرادَ بها الطُّهرَ، و مَرّةً أرادَ بها الحَيضَ‌؛ لأنّ مِن مَذهبِه أنَّ [اللَّفظَ] الواحدَ لا يَجوزُ أن يُرادَ به المَعانيَ المُختَلِفةَ في وَقتٍ واحدٍ.
و قَد بَيَّنّا - فيما أَملَيناه مِن الكلامِ في أُصولِ الفقهِ أنَّ الصَّحيحَ غيرُ هٰذا، و أ نّه غيرُ مُمتَنِعٍ أن يُريدَ المُتكلِّمُ باللَّفظةِ الواحدةِ المَعانيَ المُختَلِفةَ‌ ، و لَيسَ يَحتاجُ إلىٰ أن يُردِّدَ اللَّفظَ بها حتّىٰ يُريدَ المَعانيَ‌ المُختَلِفةَ في الأوقاتِ المُتغايِرةِ‌.
و إنَّما أَورَدنا ما ذَكرناه حتّىٰ لا يُستَبعَدَ و يُستَنكَرَ ما قُلناه مِن «أ نّه تَعالىٰ يَجِبُ أن يَتكلَّمَ في ابتداءِ إحداثِ القُرآنِ علىٰ جَميعِ الحُروفِ و القِراءاتِ المُختَلِفةِ‌»، فذلكَ غيرُ مُنكَرٍ، و قد قالَ العُلماءُ بمِثلِه فيما حَكَيناه.





شرح طيبة النشر لابن الجزري (ص: 26)
ضمّنتها كتاب نشر العشر ... فهي به (طيّبة) في النّشر
يعني كتاب نشر العشرة وهو كتاب القراءات الذي ألفه الناظم يرجو به رضى الله عنه جزيل ثوابه، ولا حاجة إلى زيادة في وصفه وإطنابه، فإن من وقف عليه علم مقداره حتى قال بعض العلماء من المصنفين: لا تصح رواية القراءة لأحد بعد تأليفه حتى يطلع عليه، وسميت هذه الأرجوزة طيبة؛ وفي تسميتها بذلك تورية حسنة تامة تخدم في معان من طيب الرائحة ومن الحياة ومن البسط ومن الإذاعة ومن كتاب النشر.





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 11/9/2021 - 19:8

استعمال اللفظ فی کلام المتقدمین من الاصولیین

کلام سید مرتضی

و[1] اعلم أنّه غير ممتنع أن يراد باللفظة الواحدة في الحال الواحدة[2] من المعبّر[3] الواحد المعنيان المختلفان. و أن يراد بها أيضا الحقيقة و المجاز.

بخلاف ما حكى عمّن خالف في ذلك من أبي هاشم و غيره. و الّذي يدلّ على صحّة ما ذكرناه أنّ ذلك لو كان ممتنعا لم يخل امتناعه‏[4] من أن يكون‏


الذريعة إلى أصول الشريعة، ج‏1، ص: 18

لأمر يرجع إلى المعبّر[5]، أو لما يعود إلى العبارة، و ما يستحيل لأمر[6] يرجع إلى المعبّر[7]، تجب‏[8] استحالته مع فقد العبارة، كما أنّ ما صحّ لأمر يعود إليه، تجب‏[9] صحّته مع ارتفاع العبارة، و قد علمنا أنّه يصحّ من أحدنا أن يقول لغيره لا تنكح ما نكح أبوك، و يريد به لا تعقد على من عقد عليه و لا[10] من وطئه. و يقول أيضا لغيره إن لمست امرأتك فأعد الطهارة، و يريد به‏[11] الجماع و اللّمس باليد. و إن كنت محدثا فتوضّأ[12]، و يريد[13] جميع الأحداث. و إذا جاز أن يريد الضدين في الحالة الواحدة، فأجوز منه أن يريد المختلفين. فأما العبارة فلا مانع من جهتها يقتضى تعذّر ذلك، لأنّ المعنيين المختلفين قد جعلت هذه العبارة في وضع اللّغة عبارة عنهما، فلا مانع‏[14] من‏[15] أن يرادا بها. و كذلك‏[16] إذا استعملت هذه اللّفظة في أحدهما[17] مجازا[18] شرعا أو عرفا، فغير ممتنع أن يراد بالعبارة الواحدة، لأنّه لا تنافي و لا تمانع‏[19].


الذريعة إلى أصول الشريعة، ج‏1، ص: 19

و إنّما لا يجوز أن يريد باللّفظة الواحدة[20] الأمر و النّهى، لتنافي موجبيهما، لأنّ الأمر يقتضى إرادة المأمور به، و النّهى يقتضى كراهة[21] المنهيّ عنه، و يستحيل أن يكون مريدا كارها للشّي‏ء الواحد على الوجه الواحد.

و كذلك لا يجوز أن يريد باللّفظة الواحدة الاقتصار على الشّي‏ء و تعدّيه، لأنّ ذلك يقتضى أن يكون مريدا للشّي‏ء و أن لا يريده.

و قولهم لا[22] يجوز أن يريد باللّفظة الواحدة استعمالها فيما وضعت له و العدول بها[23] عمّا وضعت له، ليس بصحيح، لأنّ المتكلّم بالحقيقة و المجاز ليس يجب أن يكون قاصدا إلى ما وضعوه و إلى‏[24] ما لم يضعوه، بل يكفي في كونه متكلّما بالحقيقة، أن يستعملها فيما وضعت له في اللّغة، و هذا القدر كاف في كونه‏[25] متكلّما باللّغة، من غير حاجة إلى قصد استعمالها فيما وضعوه. و هذه الجملة كافية في إسقاط[26] الشبهة.

 

[1] ( 10)- ب و ج:- و.

[2] ( 11)- الف:- في الحال الواحدة.

[3] ( 12)- ب و ج: المعتبر.

[4] ( 13)- ب: اتساعه.

[5] ( 1)- ب و ج: المعتبر.

[6] ( 2)- ب: الأمر.

[7] ( 3)- ب و ج: المعتبر، الف:+ بحيث.

[8] ( 4)- ب و ج: يجب.

[9] ( 5)- ب و ج: يجب.

[10] ( 6)- ب و ج:+ على.

[11] ( 7)- ب و ج:- به.

[12] ( 8)- ب: فتوض.

[13] ( 9)- ب:+ به.

[14] ( 10)- ب و ج:+ يمنع.

[15] ( 11)- ج:- من.

[16] ( 12)- ب: فكذلك.

[17] ( 13)- ب: إحداهما.

[18] ( 14)- ب و ج:+ أو.

[19] ( 15)- ب و ج: مانع.

[20] ( 1)- ب و ج: باللفظ الواحد.

[21] ( 2)- ب و ج: كراهية.

[22] ( 3)- ب: الا.

[23] ( 4)- ب:- بها.

[24] ( 5)- ب: و لا.

[25] ( 6)- ب:- القدر كاف في كونه.

[26] ( 7)- ب:- الجملة كافية في إسقاط، و ج:+ هذه.




فأما كيفية المراد باللفظ الواحد للمعاني المختلفة، فالذي ينبغي أن يحصل في ذلك أن نقول: لا يخلو اللفظ من أن يكون يتناول الأشياء على الحقيقة، و يفيد في جميعها معنى واحدا، أو يفيد في كل واحد منها خلاف ما يفيده في الآخر:

فإن كان الأول، فلا خلاف بين أهل العلم في أنه يجوز أن يراد باللفظ ذلك [1] كله.

______________________________
[1] بأن يكون كل واحد من أفراد الكل مرادا من حيث عمومه لا من حيث الخصوص، فإنه يصير اللفظ مجازا.

______________________________
(1) أي على سبيل التخيير.

(2) في الأصل: كان.

(3) أوقف.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 53

و إن كان القسم الثاني، فقد اختلف العلماء في ذلك:

فذهب أبو هاشم [1]، و أبو عبد اللَّه [2]، و من تبعهما [3] إلى أنه لا يجوز أن يراد المعنيان‏ المختلفان بلفظ واحد، فإن دل الدليل على أنه أرادهما جميعا قالوا لا بد من أن نفرض أنه تكلم باللفظ مرتين، أراد كل مرة منهما معنى واحدا، و على هذا حملوا آية القرء بأن قالوا: لما دل الدليل على أنه أرادهما جميعا بحسب ما يؤدي اجتهاد المجتهد [4] إليه علمنا أنه تكلم بالآية مرتين، ثم أنزله على النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم و قالوا[1] في الحقيقة، و المجاز، و الكناية [5]، و الصريح مثل ذلك، و قالوا: لا يجوز [6] أن يريد بقوله: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ*[2] الجماع، و اللمس باليد، و بقوله:

______________________________
[1] هو أبو هاشم، عبد السلام، بن محمد، بن عبد الوهاب الجبائي، من كبار مفكري مدرسة الاعتزال و المنظرين لها، ولد سنة 277 ه و عاش ببغداد، و كان أشهر من أبيه، و صار أستاذا للصاحب بن عباد، أطلق على أصحابه و المنتمين إلى مدرسته اسم البهشمية. توفي سنة 321 ه ببغداد، له تصانيف كثيرة

. [2] هو الشيخ أبو عبد اللَّه، الحسين، بن علي البصري، المتكلم، الفقيه، أخذ الكلام عن أبي علي بن خلاد و أبي هاشم، و الفقه عن أبي الحسن الكرخي، و ألف في الفقه عدة كتب منها (شرح مختصر أبي الحسن الكرخي)، و له مؤلفات عديدة في علم الكلام، وصفه ابن النديم بقوله: (إليه انتهت رئاسة أصحابه في عصره، و كان فاضلا، فقيها، متكلما، عالي الذّكر، نبيه القدر)، كان معتزليا و يميل إلى أهل البيت عليهم السلام، و يقدم أمير المؤمنين عليه السلام على من سواه، و صنف كتاب (التفضيل) ولد سنة 308 ه و توفي ببغداد سنة 369 ه.

[3] و هذا مذهب جماعة مثل مالك، و أبي حنيفة، و أبي الحسن الكرخي، و أبي حامد الغزالي، و فخر الدين الرازي، و الجويني، و جماعة آخرون.

راجع: «المعتمد في أصول الفقه 1: 307- 300، الإبهاج 1: 166، المستصفى 2: 71، أصول السرخسي 1: 126 و 162».

[4] هذا بناء على القول بالتصويب على تفسير بعض العامة، و سيجي‏ء بطلان القول به في الكلام في الاجتهاد.

[5] الفرق بين المجاز و الكناية، أن المجاز مستعمل في غير الموضوع له بقرينة، و الكناية ما يستعمل في الموضوع له، لكن المقصود الأصلي أن ينتقل ذهن السامع إلى لازم له لا لأن اللازم مستعمل فيه.

[6] إن الجواز هنا يستلزم الوجوب، لأن المراد بالجواز بالنسبة إلى كل فرد من الكناية لا بالنسبة إلى نوعه، و إلّا لم يتحقق التباين الكلي بين المجاز و الكناية و هم بصدده.

______________________________
(1) في الأصل: فقالوا.

(2) النساء: 43.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 54

وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ‏[3] العقد، و الوطء.

و قال: لا يجوز أن يريد باللفظ الواحد الاقتصار على الشي‏ء و تجاوزه، و قال في قوله تعالى: وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا[4] و لا يجوز أن يريد به الغسل و الوضوء.

و قال أيضا: لا يجوز أن يريد باللفظ الواحد نفي الأجزاء و الكمال.

و قال: في قوله عليه السلام «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»[5] لا ينبئ عن نفي الأجزاء، و أنه إذا جاز أن يريد به نفي الأجزاء و نفي الكمال، و ثبت أن كليهما لا يصح أن يراد بعبارة واحدة، فيجب أن لا يدل الظاهر على نفي الأجزاء.

و قال: يصح أن يريد عزّ و جل بقوله: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا*[6]، الماء و النبيذ، لأنهما يتفقان فيما يفيده هذا الاسم، و إن كان أحدهما شرعيا و الآخر لغويا.

و قال: قولنا بأن النص الدال على أن الفخذ عورة، المراد به الفخذ، و الركبة لا ينقض هذا، لأن ذلك علمناه بغير اللفظ بل بدليل آخر.

و اعتل في ذلك بأن قال: لا يصح أن يقصد المعبر باللفظ الواحد استعماله فيما وضع له و العدول به عن ذلك، فكذلك لم يصح أن يريد باللفظ الواحد الحقيقة و المجاز، و ذكر أن تعذر ذلك معلوم لنا، و أن الواحد منا إذا قصده لم يصح منه، فدل على أن جميع ذلك غير صحيح‏[7].

و ذهب أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد [1] إلى أنه «يجب أن تعتبر العبارة،

______________________________
[1] هو القاضي عبد الجبار المعتزلي، الهمداني، الأسدآبادي، ولد سنة 325 ه و عاش ببغداد إلى أن عينه الصاحب بن عباد قاضيا بالري سنة 367 ه و من ثم لقب بقاضي القضاة، و كان شافعي المذهب، و يعد آخر علماء المعتزلة النابهين، كان مؤلفا كثير التصانيف و أشهر كتبه كتاب (المغني) و كتاب (الأمالي)، و قد رد الشريف المرتضى على كتاب المغني في كتاب (الشافي في الإمامة). توفي بالري سنة 415 ه.

______________________________
(1) النساء: 22.

(2) المائدة: 6.

(3) وسائل الشيعة: الباب 1: أبواب القراءة، كنز العمال 7: 443، و 7: 113.

(4) النساء: 43.

(5) المعتمد في أصول الفقه 1: 307- 300.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 55

و يعتبر ما به صارت عبارة عنه، فإن كانت مشتركة بين الشيئين المختلفين، فمتى‏[8] أراد أحدهما لم يصح أن يريد الشي‏ء[9] الآخر، و يستحيل ذلك فيه، قطع به.

و إن لم يمنع من ذلك جوز أن يراد به المعنيان معا، لأنه إذا كان المخاطب يصح أن يريد كل واحد منهما بالعبارة، و لا مانع يمنع من أن يريدهما جميعا، فيجب أن يريدهما معا.

قال: و قد علمنا أن القائل إذا قال لصاحبه «لا تنكح ما نكح أبوك» يصح أن يريد بذلك العقد و الوطء، و إرادته لأحد الأمرين لا يمنع من إرادته للآخر.

و إنما قلنا: أنه لا يجوز أن يريد بلفظ الأمر، الأمر و التهديد، لأنه ما به يصير أمرا و هي إرادة المأمور به يضاد ما به يصير تهديدا و هي كراهته‏[10]، و يستحيل أن يريد الشي‏ء الواحد، في الوقت الواحد، على وجه واحد، من مكلف واحد، و يكرهه على هذه الوجوه.

و قلنا: أنه لا يصح أن يريد بالعبارة الاقتصار على الشي‏ء و تجاوزه، لأنه يتنافى أن يريد الزيادة على ذلك الشي‏ء و ألا يريده، و لذلك استحال ذلك.

و إنما نقول: أنه لا يريد بالعبارة ما لم يوضع له على وجه، لأنه لا يصح أن يستعمل العبارة في الشي‏ء إلا بأن يفيده في الحقيقة أو المجاز، لا لأنه يتنافى أن يريدهما جميعا، لأنه يصح أن يريد بقوله: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ*[11] قتل النّفس و الإحسان إلى الناس، و لا يتنافى ذلك و إنما يصح أن يراد ذلك به لأن العبارة لم توضع له، و إذا صح ذلك و وجدنا عبارة قد وضعت لمعنيين مختلفين نحو القرء في أنه‏[12] موضوع للطهر و الحيض، لا يتنافى من المخاطب أن يريدهما جميعا، فلا وجه‏

______________________________
(1) و متى.

(2) في الأصل: المعنى.

(3) كراهية ذلك.

(4) الإسراء: 33.

(5) فإنه.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 56

لإحالة القول في ذلك. و قد وضع قولنا «النكاح» للوطء حقيقة و للعقد[13] مجازا، و إرادة أحدهما لا تمنع من إرادة الآخر، فلا مانع من أن يراد جميعا بالنكاح‏[14].

فإن قيل: الّذي يمنع من ذلك أنه لا يجوز استعمال العبارة فيما وضعت له و العدول بها عما وضعت له في اللغة، فلذلك منعت من أن يراد جميعا بها، لأن ذلك يتنافى استعمالها (في ما وضعت له)[15].

قيل له: إن العبارة تستعمل فيما وضعت له إذا قصد بها إفادة ذلك، و إن لم يقصد المعبر إلى‏[16] أن يستعملها فيما وضعت له.

فإن قيل: فإن إرادة الوطء و العقد بهذه الكلمة يتعذر، و نجد تعذر ذلك من أنفسنا، فلذلك منعت من أن يراد جميعا بها! قيل له: إن ما ادعيت تعذره نحن نجده منا مأتيا فلا معنى لتعلقك به.

هذه ألفاظه بعينها قد سقناها على ما ذكرها في كتاب‏[17] «العمد»[18].

و هذا المذهب‏[19] أقرب إلى الصواب من مذهب أبي عبد اللَّه‏[20]، و أبي هاشم‏[21]، و ما ذكره سديد واقع موقعه.

و القول في الكناية و الصريح يجري أيضا على هذا المنهاج.

و قوله: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ*[22] ما كان يمتنع أن يريد به الجماع و اللمس باليد،

______________________________
(1) العقد.

(2) في الأصل: بالكلام.

(3) الزيادة من النسخة الثانية.

(4) على.

(5) كتابه.

(6) انظر التعليقة رقم (2) صفحة 502.

(7) أي القول بالجواز العقلي، أو به و بالجواز اللغوي أقرب إلى الصواب.

(8) الشيخ أبو عبد اللَّه الحسين بن علي البصري.

(9) هو أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي.

(10) النساء: 43.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 57

لكن علمنا بالدليل [1] أنه أراد أحدهما و هو الجماع.

و أما ما ذكره أبو عبد اللَّه‏[23] من قوله عليه السلام: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»[24]، و أن ذلك لا يمكن حمله على نفي الأجزاء و الكمال من حيث كان نفي أحدهما يقتضي ثبوت الآخر، فليس على ما ذكره، لأنه متى نفى الأجزاء فقد نفى أيضا الكمال، لأنه إذا لم يكن مجزئا كيف يثبت كونها كاملة؟ فكيف يدعي أن في نفي أحدهما إثباتا للآخر؟ و كذلك إذا نفى الكمال لا يمتنع أن ينفي معه الأجزاء أيضا، لأنه ليس في نفيه إثبات الأجزاء، فلا يمكن ادعاء ذلك فيه. و ينبغي أن يكون الكلام في ذلك مثل الكلام فيما تقدم.

و أما ما ذكره عبد الجبار[25] من أنه لا يجوز أن يريد باللفظ الواحد الاقتصار على الشي‏ء و تجاوزه، لأنه يتنافى أن يريد الزيادة و ألا يريدها، فالذي يليق بما ذكره من المذهب الصحيح غير ذلك، و هو أن يقال: أن ذلك غير ممتنع، لأنه لا يمتنع أن يريد الاقتصار على الشي‏ء و يريد أيضا ما زاد على ذلك على وجه التخيير، و ليس بينهما تناف، و ليس ذلك بأكثر من إرادة الطهر و الحيض باللفظ الواحد و قد أجاز ذلك، فكذلك القول في هذا.

و متى كان اللفظ يفيد في اللغة شيئا، و في العرف شيئا آخر، و في الشرع شيئا آخر، لا يمتنع أن يريدهما معا، و كذلك القول في الحقيقة، و المجاز، و الكناية، و الصريح.

فإن قيل: إذا كان جميع ما ذكرتموه [2] غير ممتنع أن يكون مرادا باللفظ،

______________________________
[1] أراد بالدليل ما يدل على عدم الجواز لغة، أو القرينة الدالة على عدم إرادة الصريح، و يؤيد الأخير قوله «و هو الجماع».

[2] أي استعمال اللفظ في المعنيين الحقيقيّين، و في الحقيقي و المجازي، و في الكناية و الصريح، و في المعنى اللغوي، و العرفي، و الشرعي، و غير ذلك من الصور الآتية في قوله: (و كذلك إن كان اللفظ يفيد في اللغة شيئا.).، و تداخل الصور، غير مضر.

______________________________
(1) الشيخ أبو عبد اللَّه الحسين بن علي البصري.

(2) وسائل الشيعة: الباب 1 أبواب القراءة، كنز العمال 7: 443 و 8: 113.

(3) أي القاضي عبد الجبار المعتزلي.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 58

فكيف الطريق إلى القطع على أن الجميع مراد بظاهره [1] أم بدليل؟ و كيف القول فيه؟

قيل له: لا يخلو أن‏[26] يكون اللفظ حقيقة في الأمرين، (و حقيقة في أحدهما و مجازا في الآخر، فإن كان اللفظ حقيقة في الأمرين)[27] فلا يخلو أن‏[28] يكون وقت الخطاب وقت الحاجة إلى الفعل أو[29] لا يكون كذلك:

فإن كان الوقت وقت الحاجة، و لم يقترن به ما يدل على أنه أراد أحدهما، وجب القطع على أنه أرادهما باللفظ، و إن اقترن به ما يدل على أنه أراد أحدهما قطع به و حكم بأنه لم يرد الآخر. و كذلك إن دل على أنه لم يرد أحدهما قطع على أنه أراد الآخر، كل ذلك باللفظ.

و إن لم يكن الوقت وقت الحاجة، توقف في ذلك، و جوز كل واحد من الأمرين، و انتظر البيان على ما نذهب إليه من جواز تأخير بيان المجمل عن وقت الخطاب.

و إن كان اللفظ حقيقة في أحدهما و مجازا في الآخر قطع على أنه أراد الحقيقة، إلا أن يدل دليل على أنه أراد المجاز، أو أراد الحقيقة و المجاز، فيحكم بذلك.

فإن دل الدليل على أنه أراد المجاز، لم يمنع ذلك من أن يكون أراد الحقيقة أيضا، فينبغي أن يحمل عليهما، إلا أن يدل الدليل‏[30] على أنه (لم يرد الحقيقة أو لا يمكن الجمع بينهما، فيحمل حينئذ على أنه) [2] أراد المجاز لا غير، و كذلك إن كان اللفظ يفيد في اللغة شيئا و في الشرع شيئا آخر، وجب القطع على أنه أراد ما اقتضاه الشرع، إلا أن يدل دليل على أنه أراد ما وضع له في اللغة أو أرادهما جميعا،

______________________________
[1] حرف الاستفهام محذوف، أي أ بظاهره و هو بيان لقوله: «فكيف الطريق» فالباء متعلق بالقطع لا بمراد.

[2] مقتضى ما ذكره سابقا أنه إن دل الدليل على أنه أراد ما وضع له في اللغة لم يمنع ذلك من أن يكون أراد ما وضع له في الشرع أيضا، فإن المعنى اللغوي مجازي في الألفاظ الشرعية.

______________________________
(1) إما أن.

(2) زيادة من النسخة الحجرية.

(3) إما أن.

(4) في الأصل: أم.

(5) دليل.

العدة في أصول الفقه، ج‏1، ص: 59

فيحكم بذلك.

و كذلك القول في الكناية و الصريح، ينبغي أن يقطع على أنه أراد الصريح، إلا أن يدل دليل على أنه أراد الكناية أو أرادهما جميعا.

هذا إذا لم يكن اللفظ حقيقة في الكناية و الصريح، فأما إذا كان اللفظ حقيقة فيهما على ما نذهب إليه في فحوى الخطاب و دليل الخطاب، فينبغي أن يكون الحكم حكم الحقيقيّين، على التفصيل الّذي قدمنا.

و القول في الاسم اللغوي و العرفي، أو العرفي و الشرعي مثل القول في اللغوي و الشرعي على ما قدمنا القول فيه.

 

[1] ( 1) في الأصل: فقالوا.

[2] ( 2) النساء: 43.

[3] ( 1) النساء: 22.

[4] ( 2) المائدة: 6.

[5] ( 3) وسائل الشيعة: الباب 1: أبواب القراءة، كنز العمال 7: 443، و 7: 113.

[6] ( 4) النساء: 43.

[7] ( 5) المعتمد في أصول الفقه 1: 307- 300.

[8] ( 1) و متى.

[9] ( 2) في الأصل: المعنى.

[10] ( 3) كراهية ذلك.

[11] ( 4) الإسراء: 33.

[12] ( 5) فإنه.

[13] ( 1) العقد.

[14] ( 2) في الأصل: بالكلام.

[15] ( 3) الزيادة من النسخة الثانية.

[16] ( 4) على.

[17] ( 5) كتابه.

[18] ( 6) انظر التعليقة رقم( 2) صفحة 502.

[19] ( 7) أي القول بالجواز العقلي، أو به و بالجواز اللغوي أقرب إلى الصواب.

[20] ( 8) الشيخ أبو عبد اللَّه الحسين بن علي البصري.

[21] ( 9) هو أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي.

[22] ( 10) النساء: 43.

[23] ( 1) الشيخ أبو عبد اللَّه الحسين بن علي البصري.

[24] ( 2) وسائل الشيعة: الباب 1 أبواب القراءة، كنز العمال 7: 443 و 8: 113.

[25] ( 3) أي القاضي عبد الجبار المعتزلي.

[26] ( 1) إما أن.

[27] ( 2) زيادة من النسخة الحجرية.

[28] ( 3) إما أن.

[29] ( 4) في الأصل: أم.

[30] ( 5) دليل.

الفرع الثاني: يجوز أن يراد باللّفظ الواحد كلا معنييه- حقيقة كان فيهما، او مجازا، أو في‏[1] أحدهما- نظرا إلى الإمكان لا إلى اللّغة.

و أحال أبو هاشم‏[2] و أبو عبد اللّه‏[3] ذلك‏[4]. و شرط أبو عبد اللّه في المنع شروطا أربعة: اتحاد المتكلم، و العبارة، و الوقت، و كون المعنيين لا تضمّهما فائدة واحدة[5]. و قال القاضي‏[6]: ذلك جائز ما لم يتنافيا كاستعمال‏

______________________________
(1) في ب: (يلزمه) بدل: (يلزم). و في ن: (الألفاظ) بدل (ألفاظه).

(2) كلمة: (في) لم ترد في ب.

(3) هو: عبد السلام بن محمّد بن عبد الوهّاب الجبّائي- نسبة على غير قياس إلى (جبّا) من قرى البصرة- من أبناء أبان مولى عثمان: عالم بالكلام، هو و أبوه- أبو علي- من كبار المعتزلة. له آراء انفرد بها. و تبعته فرقة سمّيت (البهشمية) نسبة إلى كنيته (أبي هاشم). ولد في عام 247 ه. و توفي سنة 321 ه. له مصنّفات، منها (الشامل) في الفقه، و (تذكرة العالم) و (العدّة) في اصول الفقه. عن: الأعلام للزركلي: 4/ 7.

(4) هو: أبو عبد اللّه البصري؛ الحسين بن علي بن إبراهيم، الملقّب ب (الجعل): فقيه حنفي المذهب، من شيوخ المعتزلة، كان رفيع القدر، انتشرت شهرته في الأصقاع لا سيّما خراسان. مولده في البصرة عام 288 ه. و وفاته ببغداد سنة 369 ه. قال عنه أبو حيّان: «يرجع إلى قوّة عجيبة في التدريس، و طول نفس في الإملاء، مع ضيق صدر عند لقاء الخصم». من كتبه (الردّ على الراوندي) و (الرد على الرازي).

عن: الأعلام للزركلي: 2/ 244.

(5) المعتمد: 1/ 300، العدّة: 1/ 53، الإحكام: 1/ 452.

(6) المعتمد: 1/ 300، التبصرة: 184.

(7) هو: عبد الجبّار بن أحمد بن عبد الجبّار الهمذاني الأسدآبادي، أبو الحسين:

قاض، اصولي، كان شيخ المعتزلة في عصره. و هم يلقبونه ب (قاضي القضاة) و لا

معارج الأصول ( طبع جديد )، ص: 83

لفظة (افعل) في الأمر و التهديد، أو[7] الوجوب و الندب‏[8].

لنا: أنه ليس بين إرادة اعتداد المرأة بالحيض و اعتدادها بالطهر منافاة، و لا بين إرادة الحقيقة و إرادة المجاز معا منافاة، و إذا لم يكن ثمّة منافاة لم يمتنع اجتماع الإرادتين عند التكلّم‏[9] باللّفظ.

حجّة المانع‏[10]: لو استعمل المتكلم اللّفظة في حقيقتها و مجازها لكان جامعا بين المتنافيين، و إنّما قلنا ذلك لوجهين: أحدهما: أنّه يكون مريدا لاستعمالها فيما وضعت له و العدول بها عنه. و الثاني: أنّ المتجوّز يضمر كاف التشبيه، و مستعمل الحقيقة لا يضمر، فلو استعملها في المعنيين لأراد الإضمار و عدمه.

الجواب: لا نسلّم كونه جامعا بين المتنافيين. قوله: «يكون مريدا لموضوعها و العدول عنه». قلنا: تعني بالعدول كونه مريدا لاستعمالها في غير ما وضعت له‏[11] كما أراد استعمالها فيما وضعت له؟ أم تريد استعمالها فيما وضعت له و أن لا يستعملها فيه؟ الأوّل مسلّم و لا ينفعك، و الثاني ممنوع.

______________________________
يطلقون هذا اللقب على غيره. ولي القضاء بالري، و مات فيها سنة 415 ه. له تصانيف كثيرة، منها (تنزيه القرآن عن المطاعن) و (المجموع المحيط بالتكليف) و (شرح الاصول الخمسة) و (المغني في ابواب التوحيد و العدل). عن: الأعلام للزركلي: 3/ 273.

(1) في ج، الحجرية: عطف بالواو.

(2) المعتمد: 1/ 301، الإحكام: 1/ 452.

(3) في ه، الحجرية: (المتكلم).

(4) المعتمد: 1/ 302.

(5) كلمة: (له) لم ترد في ب، د.

معارج الأصول ( طبع جديد )، ص: 84

قوله في الوجه الثاني: «يريد الإضمار و عدمه». قلنا: لا بالنسبة إلى شي‏ء واحد، بل بالنسبة إلى شيئين، و ذلك ليس بمتناف.

و أمّا بالنظر إلى اللّغة: فتنزيل المشترك على معنييه باطل، لأنّه لو نزّل على ذلك لكان استعمالا له في غير ما وضع له، لأنّ اللّغوي لم يضعه للمجموع، بل لهذا وحده، أو[12] لذاك وحده، فلو نزّل عليهما معا لكان ذلك عدولا عن وضع اللّغة.

حجّة المخالف وجهان‏[13]:

الأوّل: قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ‏[14].

الثاني: قال سيبويه: (الويل)[15] دعاء و خبر.

جواب الأوّل: أنّ في الآية إضمارا: أمّا على قراءة النصب، فلأنّ ذلك أدخل في باب التعظيم. و أمّا على قراءة الرفع، فلأنّ العطف على اسم (إنّ) لا يصحّ إلّا بعد تمام الخبر عند البصريين‏[16]، فكان التقدير: (إنّ اللّه يصلّي و ملائكته يصلّون).

و عن الثاني: أنّ ذلك إخبار عن كون اللّفظة موضوعة لهما معا، و ذلك غير موضع النزاع.

 

[1] ( 2) كلمة:( في) لم ترد في ب.

[2] ( 3) هو: عبد السلام بن محمّد بن عبد الوهّاب الجبّائي- نسبة على غير قياس إلى( جبّا) من قرى البصرة- من أبناء أبان مولى عثمان: عالم بالكلام، هو و أبوه- أبو علي- من كبار المعتزلة. له آراء انفرد بها. و تبعته فرقة سمّيت( البهشمية) نسبة إلى كنيته( أبي هاشم). ولد في عام 247 ه. و توفي سنة 321 ه. له مصنّفات، منها( الشامل) في الفقه، و( تذكرة العالم) و( العدّة) في اصول الفقه. عن: الأعلام للزركلي: 4/ 7.

[3] ( 4) هو: أبو عبد اللّه البصري؛ الحسين بن علي بن إبراهيم، الملقّب ب( الجعل): فقيه حنفي المذهب، من شيوخ المعتزلة، كان رفيع القدر، انتشرت شهرته في الأصقاع لا سيّما خراسان. مولده في البصرة عام 288 ه. و وفاته ببغداد سنة 369 ه. قال عنه أبو حيّان:« يرجع إلى قوّة عجيبة في التدريس، و طول نفس في الإملاء، مع ضيق صدر عند لقاء الخصم». من كتبه( الردّ على الراوندي) و( الرد على الرازي).

عن: الأعلام للزركلي: 2/ 244.

[4] ( 5) المعتمد: 1/ 300، العدّة: 1/ 53، الإحكام: 1/ 452.

[5] ( 6) المعتمد: 1/ 300، التبصرة: 184.

[6] ( 7) هو: عبد الجبّار بن أحمد بن عبد الجبّار الهمذاني الأسدآبادي، أبو الحسين:

قاض، اصولي، كان شيخ المعتزلة في عصره. و هم يلقبونه ب( قاضي القضاة) و لا يطلقون هذا اللقب على غيره. ولي القضاء بالري، و مات فيها سنة 415 ه. له تصانيف كثيرة، منها( تنزيه القرآن عن المطاعن) و( المجموع المحيط بالتكليف) و( شرح الاصول الخمسة) و( المغني في ابواب التوحيد و العدل). عن: الأعلام للزركلي: 3/ 273.

[7] ( 1) في ج، الحجرية: عطف بالواو.

[8] ( 2) المعتمد: 1/ 301، الإحكام: 1/ 452.

[9] ( 3) في ه، الحجرية:( المتكلم).

[10] ( 4) المعتمد: 1/ 302.

[11] ( 5) كلمة:( له) لم ترد في ب، د.

[12] ( 1) في ه: عطف بالواو.

[13] ( 2) الإحكام: 1/ 453.

[14] ( 3) الأحزاب/ 56. و وجه الاستدلال: أنّ الصلاة من اللّه الرحمة، و من الملائكة الدعاء و الاستغفار، و هما معنيان مختلفان، و قد اريدا بلفظ واحد. كما في:

الإحكام: 1/ 453.

[15] ( 4) أي: قول القائل لغيره:( الويل لك). كما في: المعتمد: 1/ 306.

[16] ( 5) الإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري: 1/ 186 مسألة( 23). ط عام 1380 ه- 1961 م بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.

المبحث السادس: في أنّه هل يجوز استعمال‏ المشترك‏ المفرد في معنييه؟

اختلف الناس في ذلك، فذهب الشافعي و القاضي أبو بكر، و الجبائيّ، و القاضي عبد الجبّار بن أحمد[1]، و السيّد المرتضى‏[2] إلى جوازه إن أمكن‏

______________________________
(1). قال الأرموي: و من الناس من جعل حسن الاستفسار عن مراد اللافظ دليل الاشتراك، و كذلك شيوع الاستعمال. الحاصل من المحصول: 1/ 327.

(2). هو أبو الحسن أحد أئمّة المعتزلة، و يلقّب عندهم ب «قاضي القضاة» و لم يمنحوا هذا اللقب لغيره، و له مصنّفات منها: «تنزيه القرآن عن المطاعن» و «شرح الأصول الخمسة» و «المغني في أبواب التوحيد و العدل» مات سنة 415 ه. لاحظ الأعلام للزركلي: 3/ 273.

(3). الذريعة إلى أصول الشريعة: 1/ 17.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 219

الجمع، و إن لم يمكن كاستعمال صيغة افعل في الأمر بالشي‏ء و التهديد عليه، لم يجز.

ثمّ قال الشافعي و المرتضى و عبد الجبّار: مهما تجرّد اللفظ عن القرينة الصّارفة إلى أحد معنييه، وجب حمله عليهما معا.

و منع منه أبو هاشم و أبو عبد اللّه و أبو الحسين البصري و الكرخي‏[3] و فخر الدين الرازي‏[4].

ثمّ قال أبو عبد اللّه البصري‏[5]: يجب أن يعتبر فيه أربع شرائط: كون الكلام واحدا، و المعبّر واحدا، و الوقت واحدا، و المعنيين مختلفين.[6]

ثمّ اختلفوا فمنهم من منع منه لأمر يرجع إلى القصد، و منهم من منع لأمر يرجع إلى الوضع، و هو اختيار أبو الحسين البصري‏[7]، و الغزالي‏[8]، و فخر الدين الرّازي.

و هو الأقرب، لنا:

______________________________
(1). أبو الحسن الكرخي عبيد اللّه بن الحسين المتوفى سنة 340 ه كان معتزليّا أخذ الكلام عن أبي عبد اللّه البصري المعتزلي، و له رسالة في الأصول، عليها مدار فروع الحنفيّة. انظر الأعلام للزركلي: 4/ 193، و طبقات الفقهاء: 4/ 257.

(2). المحصول في علم الأصول: 1/ 102.

(3) الحسين بن علي بن إبراهيم الملقب بالجعل، فقيه من شيوخ المعتزلة ولد في البصرة و مات ببغداد سنة (369 ه). لاحظ الاعلام للزركلي: 2/ 244.

(4). نقله عنه في المعتمد: 1/ 300.

(5). المعتمد: 1/ 300.

(6). المستصفى: 2/ 141.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 220

أنّ اللفظ موضوع لكلّ واحد من المعنيين بخصوصية، و لا يلزم من كون اللفظ موضوعا لهما على البدل وضعه لهما على الجمع، للتغاير بين المجموع و بين أفراده، فحينئذ نقول: إمّا أن يكون الواضع قد وضعه للمجموع، كما وضعه لكلّ واحد من جزئه أو لا.

فإن كان الأوّل، كان استعمال اللفظ في المجموع استعمالا له في بعض موارده، لأنّ اللّفظ حينئذ يكون موضوعا لمعان ثلاثة: الفردان، و المجموع.

إلّا أن يقال: إنّه مستعمل في المجموع و كلّ من الفردين على سبيل الجمع، لكن ذلك محال، لأنّ إفادة المجموع تقتضي عدم الاكتفاء بكلّ من الفردين بدلا عن صاحبه، و إفادة الإفراد تقتضي الاكتفاء بأيّهما كان، و الجمع بينهما محال.

و إن لم يكن موضوعا للمجموع، كان استعماله فيه استعمال اللفظ في غير ما وضع له، فيكون مجازا (و لاستلزامه كون كلّ لفظ مشترك، مشتركا بين ما لا يتناهى)[9].

اعترض [بوجوه‏]:

[1]- بأنّ النزاع في استعماله في كلّ واحد من المفهومات، لا في كلّها، و بينهما فرق.

[2]- ثمّ استعمال اللّفظ في معنى لا يوجب الاكتفاء به مع استعماله في‏

______________________________
(1). ما بين القوسين يوجد في «أ» و «ج».

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 221

غيره معه، كاستعمال العامّ في كلّ واحد من أفراده و أفراد أنواعه.

[3]- و أيضا المحال المذكور يلزم من استعماله في كلّ واحد من الفردين، فلا حاجة إلى عدم التلازم بين الوضع لكلّ واحد على البدل و على الجمع.

[4]- و أيضا إن عنى بالوضع ما يعمّ الحقيقة و المجاز، لم يستلزم من استعمال اللفظ في جميع معانيه استعماله في المجموع.

و إن عنى به المختصّ بالحقيقة لا يلزم من عدم الوضع له عدم جواز استعماله فيه.[10]

و الجواب: أنّ الخلاف لم يقع في استعمال اللفظ في كلّ واحد من معانيه بل في الجميع جمعا، فإنّ أحدا لم يخالف في استعماله في كلّ واحد منهما.

و التحقيق أنّ استعماله في كلّ واحد يؤخذ باعتبارات ثلاثة، وضعه لكلّ واحد بشرط عدم انضمام غيره إليه، و بشرط انضمامه، و مطلقا.

و الثاني غير مراد إجماعا.

و الأوّل ينافي المجموع.

و النزاع في الثالث.

قوله: استعمال اللفظ في معنى لا يوجب الاكتفاء به، مع استعماله في غيره كاستعمال العامّ.

______________________________
(1). الاعتراضات الأربعة نسبها في نفائس الأصول في شرح المحصول إلى سراج الدين: 1/ 385.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 222

قلنا: المراد بالاستعمال هنا، الاقتصار على ما فرض مستعملا فيه، فإنّ الشارع لو قال لها: «اعتدّي بالقرء» و أراد به الحيض بخصوصه، و الطهر بخصوصه، و المجموع، كان معناه: أنّك متعبّدة بالاعتداد بأحدهما أيّهما كان، و بالمجموع، و ذلك يقتضي التناقض، كما قدّمناه، بخلاف العامّ، فإنّه يتناول جميع الأفراد جمعا.

قوله: المحال يلزم من استعماله في كلّ واحد من المفردين، فلا حاجة إلى عدم التلازم بين الوضع لكلّ واحد على البدل، و الوضع لكلّ واحد على الجمع.

قلنا: المحال لم يلزم من استعماله في كلّ واحد من المفردين، فإنّ ذلك ممكن، فإن أمكن الاجتماع، حمل عليها معا، لكن بقرينة صارفة إليه، و إن لم يمكن، كان الحكم فيه التخيير.

و إنّما نشأ المحال من استعماله في كلّ واحد بخصوصه و في المجموع، إذ استعماله في كلّ واحد بخصوصه، يقتضي عدم اعتبار الجمع، و استعماله في المجموع، يقتضي وجوب اعتباره.

قوله: إن عنى بالوضع ما يعمّ الحقيقة و المجاز، لم يلزم من استعماله في جميع معانيه استعماله في المجموع.

قلنا: المراد الحقيقة خاصّة.

قوله: يجوز استعماله.

قلنا: مجازا، و نحن نسلّمه.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 223

قيل على أصل الدّليل‏[11]: «إنّه مبنيّ على أنّ الاسم المشترك موضوع لأحد مسمّياته على سبيل البدل حقيقة، و ليس كذلك عند الشافعي و القاضي أبي بكر، بل هو حقيقة في المجموع، كسائر الألفاظ العامّة.

و لهذا، فإنّه إذا تجرّد عن القرينة عندهما، وجب حمله على الجميع، و إنّما فارق باقي الألفاظ العامّة، من جهة تناوله لأشياء لا تشترك في معنى واحد يصلح أن يكون مدلولا للفظ، بخلاف باقي العمومات.

فنسبة اللّفظ المشترك في دلالته إلى جملة مدلولاته و إلى أفرادها، كنسبة غيره من الألفاظ العامّة إلى مدلولاتها، جملة و إفرادا.

و حينئذ، بطل ما قيل من التّقسيم المبنيّ على أنّ اللفظ المشترك، موضوع لأحد مسمّياته على طريق البدل حقيقة، ضرورة كونه مبنيّا عليه، و إنّما هو لازم على مشايخ المعتزلة، حيث اعتقدوا كون اللفظ المشترك موضوعا لأحد مسمّياته حقيقة على طريق البدل».

و هذا الكلام ليس بجيّد، لأنّه إنكار للمشترك بالكليّة، و نحن إنّما بحثنا على تقدير وجوده.

و بيانه: أنّ المشترك نعني به اللّفظ الموضوع لحقيقتين على البدل، لا على الجمع، و إلّا لم يكن مشتركا.

و قد احتجّ أبو عبد اللّه البصري‏[12] على المنع: بأنّ الواحد منّا إذا رجع إلى نفسه، علم استحالة أن نريد بالعبارة الواحدة الحقيقتين، و لو ساغ ذلك في اللّه‏

______________________________
(1). القائل هو الآمدي في الأحكام: 2/ 361.

(2). تقدّمت ترجمته.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 224

تعالى ساغ فينا، و هذا يستحيل، كما يستحيل أن نريد بالفعل الواحد تعظيم زيد و الاستحقار به.[13]

و ليس بجيّد، لأنّا نمنع استحالة ذلك، و القياس على التعظيم و الاستخفاف بزيد، باطل، إمّا أوّلا، فلعدم الجامع، و إمّا ثانيا، فللفارق، و هو اتّحاد الشّخص.

و احتجّ المجوّزون بوجوه:

الأوّل: يجب أن تعتبر العبارة و ما به تكون عبارة عمّا هي عبارة عنه، فإن منع أحدهما من إرادة المعنيين المختلفين، قضي به، و إلّا قضي بجوازه، و ينبغي ألا يعتبر غيرهما[14].

لأنّ الكلام، إنّما هو فيما يجوز أن يراد بالعبارة الواحدة، فلا مدخل لغير العبارة، و ما به يكون عبارة عنه في ذلك، و لهذا لا مدخل، لاستحالة اجتماع الضدّين في استحالة إرادة معنيين مختلفين بالعبارة الواحدة.

أمّا اعتبار العبارة الواحدة، فإنّا نمنع إرادة المعنيين منها لأمر يرجع إليها، بأن لا تكون العبارة مستعملة لأحدهما في اللّغة، لا حقيقة و لا مجازا، فلا يجوز أن يراد بها، ما كان المتكلّم بها متّبعا لهم في اللغة.

و أمّا اعتبار ما به تكون العبارة عبارة عمّا هي عبارة عنه، فهو الإرادة و الكراهة، و معلوم أنّه لا يستحيل أن يريد الإنسان المعنيين المختلفين، فوجود العبارة، لا يمنع من اجتماع هاتين الإرادتين، لأنّهما لا يدخلهما أن يكونا ضدّين، و لا تجريان مجرى الضدّين، فتجب صحّة وجود هاتين الإرادتين، و هو متكلّم بالعبارة الواحدة.

______________________________
(1). نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد: 1/ 301.

(2). في «ج»: و لا ينبغي أن يعتبر غيرهما.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 225

أمّا الّذي يمنع منه، فهو أن نريد بالعبارة الخصوص و الاقتصار عليه، و نريد العموم، لتنافيهما.

و بعبارة أخرى: لو قدّرنا عدم التكلم بلفظ القرء، لم يمتنع الجمع بين إرادة الاعتداد بالحيض، و إرادة الاعتداد بالطّهر، فوجود اللفظ لا يحيل‏[15] ما كان جائزا.

الثاني: الصّلاة من اللّه تعالى هي الرحمة و من الملائكة الاستغفار، ثمّ إنّه تعالى أراد بهذه اللفظة كلا المعنيين في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ‏[16].

الثالث: قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُ‏[17] و المراد بالسّجود هنا الخشوع، لأنّه المقصود من الدّوابّ، و يراد أيضا وضع الجبهة على الأرض، لأنّ تخصيص كثير من الناس بالسجود، دون غيرهم ممّن حقّ عليه العذاب، مع استوائهم في السجود بمعنى الخشوع، يدلّ على أنّ المراد بالسجود وضع الجبهة.

الرابع: قوله تعالى: وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ[18] و أراد به الطهر و الحيض معا، فإنّ المجتهدة متعبّدة بكلّ واحد منهما بدلا عن صاحبه، بشرط أن يؤدّي اجتهادها إليه.

______________________________
(1). في «ب» و «ج»: لا يختلّ.

(2). الأحزاب: 56.

(3). الحجّ: 18.

(4). البقرة: 228.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 226

الخامس: قال سيبويه‏[19]: قول الإنسان لغيره «الويل لك» دعاء و خبر.

السادس: يجوز لاثنين ارادة المعنيين، و هما حينئذ جاريان على قانون اللغة، فليجز من الواحد.

و الجواب عن الأوّل: أنّ اعتبار العبارة أن يمنع من ذلك، لما بيّنا من أنّ الواضع إنّما وضع اللّفظ للأفراد على سبيل البدل، و لم يضعه للمجموع من حيث هو مجموع.

سلّمنا، لكن لم لا يجوز أن يكون المانع هو الإرادة.

بيانه: أنّ المتكلّم بالمشترك، إمّا أن يريد الحقيقة أو المجاز، فإن أراد المجاز، جاز أن يراد المجموع، و لا منازعة حينئذ.

و إن أراد الحقيقة، قلنا: اللّفظ حقيقة في كلّ من المعنيين بخصوصه، فإذا أراد هذا المعنى، لم يرد المجاز أعني المجموع، و إلّا لزم التناقض، كما بيّناه.

و عن العبارة الاخرى: أنّه لا منازعة في إرادة الشيئين، لكن من اللّفظ الواحد.

و عن البواقي بوجوه:

أحدها: يجوز إرادة المجموع مجازا.

ثانيها: يجوز أن تكون هذه الألفاظ الخاصّة، موضوعة للمجموع، كما وضعت للآحاد، فإذا أريد المجموع، كان إرادة معنى واحد من معاني المشترك.

ثالثها: يجوز أن يكون اللفظ موضوعا لمعنى مشترك كالصّلاة، فإنّ‏

______________________________
(1). تقدّمت ترجمته: 169.

نهاية الوصول الى علم الأصول، ج‏1، ص: 227

مسمّاها القدر المشترك من الاعتناء، و مسمّى السّجود، المشترك بين الخضوع و الانقياد، دفعا للاشتراك و المجاز، أو يجعل «كثير حقّ عليه العذاب» مندرجا تحت الساجد.
 

[1] ( 2). هو أبو الحسن أحد أئمّة المعتزلة، و يلقّب عندهم ب« قاضي القضاة» و لم يمنحوا هذا اللقب لغيره، و له مصنّفات منها:« تنزيه القرآن عن المطاعن» و« شرح الأصول الخمسة» و« المغني في أبواب التوحيد و العدل» مات سنة 415 ه. لاحظ الأعلام للزركلي: 3/ 273.

[2] ( 3). الذريعة إلى أصول الشريعة: 1/ 17.

[3] ( 1). أبو الحسن الكرخي عبيد اللّه بن الحسين المتوفى سنة 340 ه كان معتزليّا أخذ الكلام عن أبي عبد اللّه البصري المعتزلي، و له رسالة في الأصول، عليها مدار فروع الحنفيّة. انظر الأعلام للزركلي: 4/ 193، و طبقات الفقهاء: 4/ 257.

[4] ( 2). المحصول في علم الأصول: 1/ 102.

[5] ( 3) الحسين بن علي بن إبراهيم الملقب بالجعل، فقيه من شيوخ المعتزلة ولد في البصرة و مات ببغداد سنة( 369 ه). لاحظ الاعلام للزركلي: 2/ 244.

[6] ( 4). نقله عنه في المعتمد: 1/ 300.

[7] ( 5). المعتمد: 1/ 300.

[8] ( 6). المستصفى: 2/ 141.

[9] ( 1). ما بين القوسين يوجد في« أ» و« ج».

[10] ( 1). الاعتراضات الأربعة نسبها في نفائس الأصول في شرح المحصول إلى سراج الدين: 1/ 385.

[11] ( 1). القائل هو الآمدي في الأحكام: 2/ 361.

[12] ( 2). تقدّمت ترجمته.

[13] ( 1). نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد: 1/ 301.

[14] ( 2). في« ج»: و لا ينبغي أن يعتبر غيرهما.

[15] ( 1). في« ب» و« ج»: لا يختلّ.

[16] ( 2). الأحزاب: 56.

[17] ( 3). الحجّ: 18.

[18] ( 4). البقرة: 228.

[19] ( 1). تقدّمت ترجمته: 169.

أصل‏

الحق أن الاشتراك واقع في لغة العرب و قد أحاله شرذمة و هو شاذ ضعيف لا يلتفت إليه. ثم إن القائلين بالوقوع اختلفوا في استعماله في أكثر من معنى إذا كان الجمع بين ما يستعمل فيه من المعاني ممكنا فجوزه قوم مطلقا و منعه آخرون مطلقا و فصل ثالث فمنعه في المفرد و جوزه في التثنية و الجمع و رابع فنفاه في الإثبات و أثبته في النفي.

معالم الدين و ملاذ المجتهدين، ص: 39

ثم اختلف المجوزون فقال قوم منهم إنه بطريق الحقيقة و زاد بعض هؤلاء أنه ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن فيجب حمله عليه حينئذ و قال الباقون إنه بطريق المجاز. و الأقوى عندي جوازه مطلقا لكنه في المفرد مجاز و في غيره حقيقة لنا على الجواز انتفاء المانع بما سنبينه من بطلان ما تمسك به المانعون و على كونه مجازا في المفرد تبادر الوحدة منه عند إطلاق اللفظ فيفتقر إرادة الجميع منه إلى إلغاء اعتبار قيد الوحدة فيصير اللفظ مستعملا في خلاف موضوعه لكن وجود العلاقة المصححة للتجوز أعني علاقة الكل و الجزء يجوزه فيكون مجازا. فإن قلت محل النزاع في المفرد هو استعمال اللفظ في كل من المعنيين بأن يراد به في إطلاق واحد هذا و ذاك على أن يكون كل منهما مناطا للحكم و متعلقا للإثبات و النفي لا في المجموع المركب الذي أحد المعنيين جزء منه سلمنا لكن ليس كل جزء يصح إطلاقه على الكل بل إذا كان للكل تركب حقيقي و كان الجزء مما إذا انتفى انتفى الكل بحسب العرف أيضا كالرقبة للإنسان بخلاف الإصبع و الظفر و نحو ذلك. قلت لم أرد بوجود علاقة الكل و الجزء أن اللفظ موضوع لأحد المعنيين و مستعمل حينئذ في مجموعهما معا فيكون من باب إطلاق اللفظ الموضوع للجزء و إرادة الكل كما توهمه بعضهم ليرد ما ذكرت بل المراد أن اللفظ لما كان حقيقة في كل من المعنيين لكن مع قيد الوحدة كان استعماله في الجميع مقتضيا لإلغاء اعتبار قيد الوحدة كما ذكرناه و اختصاص اللفظ ببعض الموضوع له أعني ما سوى الوحدة فيكون من باب إطلاق اللفظ الموضوع للكل و إرادة الجزء و هو غير مشترط بشي‏ء مما اشترط في عكسه فلا إشكال.

معالم الدين و ملاذ المجتهدين، ص: 40

و لنا على كونه حقيقة في التثنية و الجمع أنهما في قوة تكرير المفرد بالعطف و الظاهر اعتبار الاتفاق في اللفظ دون المعنى في المفردات أ لا ترى أنه يقال زيدان و زيدون و ما أشبه هذا مع كون المعنى في الآحاد مختلفا و تأويل بعضهم له بالمسمى تعسف بعيد و حينئذ فكما أنه يجوز إرادة المعاني المتعددة من الألفاظ المفردة المتحدة المتعاطفة على أن يكون كل واحد منها مستعملا في معنى بطريق الحقيقة فكذا ما هو في قوته. احتج المانع مطلقا بأنه لو جاز استعماله فيهما معا لكان ذلك بطريق الحقيقة إذ المفروض أنه موضوع لكل من المعنيين و أن الاستعمال في كل منهما بطريق الحقيقة و إذا كان بطريق الحقيقة يلزم كونه مريدا لأحدهما خاصة غير مريد له خاصة و هو محال. بيان الملازمة أن له حينئذ ثلاثة معان هذا وحده و هذا وحده و هما معا و قد فرض استعماله في جميع معانيه فيكون مريدا لهذا وحده و لهذا وحده و لهما معا و كونه مريدا لهما معا معناه أن لا يريد هذا وحده و هذا وحده فيلزم من إرادته لهما على سبيل البدلية الاكتفاء بكل واحد منهما و كونهما مرادين على الانفراد و من إرادة المجموع معا عدم الاكتفاء بأحدهما و كونهما مرادين على الاجتماع و هو ما ذكرنا من اللازم. و الجواب أنه مناقشة لفظية إذ المراد نفس المدلولين معا لا بقاؤه لكل واحد منفردا و غاية ما يمكن حينئذ أن يقال إن مفهومي المشترك هما منفردين فإذا استعمل في المجموع لم يكن مستعملا في مفهوميه فيرجع البحث إلى تسمية ذلك استعمالا له في مفهوميه لا إلى إبطال أصل الاستعمال و ذلك قليل الجدوى و احتج من خص المنع بالمفرد بأن التثنية و الجمع متعددان في التقدير فجاز تعدد مدلوليهما بخلاف المفرد.

معالم الدين و ملاذ المجتهدين، ص: 41

و أجيب عنه بأن التثنية و الجمع إنما يفيدان تعدد المعنى المستفاد من المفرد فإن أفاد المفرد التعدد أفاداه و إلا فلا. و فيه نظر يعلم مما قلناه في حجة ما اخترناه. و الحق أن يقال إن هذا الدليل إنما يقتضي نفي كون الاستعمال المذكور بالنسبة إلى المفرد حقيقة و أما نفي صحته مجازا حيث توجد العلاقة المجوزة له فلا. و احتج من خص الجواز بالنفي بأن النفي يفيد العموم فيتعدد بخلاف الإثبات. و جوابه أن النفي إنما هو للمعنى المستفاد عند الإثبات فإذا لم يكن متعددا فمن أين يجي‏ء التعدد في النفي. حجة مجوزيه حقيقة أن ما وضع له اللفظ و استعمل فيه هو كل من المعنيين لا بشرط أن يكون وحده و لا بشرط كونه مع غيره على ما هو شأن الماهية لا بشرط شي‏ء و هو متحقق في حال الانفراد عن الآخر و الاجتماع معه فيكون حقيقة في كل منهما. و الجواب أن الوحدة تتبادر من المفرد عند إطلاقه و ذلك آية الحقيقة و حينئذ فالمعنى الموضوع له فيه ليس هو الماهية لا بشرط شي‏ء بل هي بشرط شي‏ء و أما فيما عداه فالمدعى حق كما أسلفناه. و حجة من زعم أنه ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرائن قوله تعالى‏ أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ‏ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ‏ فإن السجود من الناس وضع الجبهة على الأرض و من غيرهم أمر مخالف لذلك قطعا و قوله‏ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ‏ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ‏ فإن الصلاة من الله المغفرة

معالم الدين و ملاذ المجتهدين، ص: 42

و من الملائكة الاستغفار و هما مختلفان. و الجواب من وجوه أحدها أن معنى السجود في الكل واحد و هو غاية الخضوع و كذا في الصلاة و هو الاعتناء بإظهار الشرف و لو مجازا. و ثانيها أن الآية الأولى بتقدير فعل كأنه قيل و يسجد له كثير من الناس و الثانية بتقدير خبر كأنه قيل إن الله يصلي و إنما جاز هذا التقدير لأن قوله‏ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ‏ و قوله‏ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ‏ مقارن له و هو مثل المحذوف فكان دالا عليه مثل قوله‏
نحن بما عندنا و أنت بما عندك راض و الرأي مختلف‏

أي نحن بما عندنا راضون و على هذا فيكون قد كرر اللفظ مرادا به في كل مرة معنى لأن المقدر في حكم المذكور و ذلك جائز بالاتفاق. و ثالثها أنه و إن ثبت الاستعمال فلا يتعين كونه حقيقة بل نقول هو مجاز لما قدمناه من الدليل و إن كان المجاز على خلاف الأصل و لو سلم كونه حقيقة فالقرينة على إرادة الجميع فيه ظاهرة فأين وجه الدلالة على ظهوره في ذلك مع فقد القرينة كما هو المدعى‏






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 13/9/2021 - 2:42

کلام المتاخرین فی استعمال اللفظ فی اکثر من معنی

حاشیه معالم الدین لملاصالح،ص 51

قوله لنا على الجواز (5) إلى آخره حاصله أن المقتضي لجواز استعماله فيهما و هو الوضع موجود و المانع منه و هو ما يتمسك به المانعون مفقود لما سنبيّنه من بطلانه فالمقتضي متحقق و فيه نظر لأن عدم المانع المخصوص لا يستلزم عدم المانع مطلقا على أن لقائل أن يقول إرادة المعنى من اللفظ يجوز أن يكون مشروطا بعدم وجود معنى مساو له و دفعه مشكل‏

 

 

نقد الاصول الفقهیه للفیض، 54-55

اصل: هل يجوز استعمال اللفظ المشترك فى أكثر من معنى واحد إذا كان الجمع بين ما يستعمل فيه من المعانى ممكنا مطلقا أو فى التثنية و الجمع دون المفرد أو فى النفى دون الاثبات؟ و على‏
                      قدير الجواز، هل هو بطريق الحقيقة أو المجاز؟ و على تقدير الحقيقة، هل هو ظاهر فى الجميع عند التجرّد عن القرائن فيحمل عليه أم لا؟ أقوال. و الحقّ إطلاق الجواز، لكن فى التثنية و الجمع بطريق الحقيقة و فى المفرد بطريق المجاز. أمّا الاوّل: فلانتفاء المانع، و سيعلم الّذين منعوا أىّ متمسّك يتمسّكون

 

 

القوانین المحکمه فی الاصول، ج 1 ،ص 141-144

استعمال المشترك في أكثر من معنى يتصوّر على وجوه:
منها: استعماله في جميع المعاني من حيث المجموع.
و منها: استعماله في كلّ منها على البدل «1»، بأن يكون كلّ واحد منها مناطا للحكم، و الفرق بينهما الفرق بين الكلّ المجموعي و الأفرادي «2».
و منها: استعماله في معنى مجازي عام يشمل جميع المعاني، و قد يسمّى ذلك‏
                      بعموم الاشتراك، و الظاهر أنّه لا إشكال كما أنّه لا خلاف في جواز الأخير.
و أمّا الأوّل فالظاهر أنّه لا إشكال في عدم الجواز، أمّا حقيقة فظاهر، و أمّا مجازا فلاشتراط استعمال اللّفظ الموضوع للجزء في الكلّ، بكون الجزء ممّا ينتفي الكلّ بانتفائه مع اشتراط كون الكلّ ممّا له تركّب حقيقيّ كما مرّت إليه الإشارة و هو منتف فيما نحن فيه.
و امّا المعنى الثاني، فهو محلّ النزاع، فقيل فيه أقوال:
ثالثها: الجواز في التثنية و الجمع دون المفرد.
و رابعها: الجواز في النفي دون الإثبات.
ثمّ اختلف المجوّزون على أقوال:
ثالثها: كونه مجازا في المفرد و حقيقة في التثنية و الجمع.
و الأظهر عندي عدم الجواز مطلقا.
أمّا في المفرد، فعدم الجواز حقيقة لما عرفت في المقدّمة الثانية من أنّ اللّفظ المفرد موضوع للمعنى حال الانفراد، و العدول عنه في استعماله فيه في غير حال الانفراد ليس استعمالا فيما وضع له حقيقة.
و أمّا عدم الجواز مجازا فلما عرفت في المقدمة الثالثة، من عدم ثبوت الرّخصة في هذا النوع من الاستعمال، فلو ثبت إرادة أكثر من معنى، فلا بدّ من حمله على معنى مجازيّ عامّ يشمل جميع المعاني.
و أمّا ما ذكره بعضهم(1) من أنّ العلاقة فيه هو أنّ اللّفظ الموضوع للكلّ- و هو
__________________________________________________
 (1) كصاحب «المعالم» في مبحث المشترك في الجواز مطلقا ص 99 دفعا لما يمكن أن يقال من أنّ العلاقة موجودة فلم نحكم بعدم ثبوت الرخصة لفقدانها.
                 
كلّ واحد من المعاني مع الوحدة المعتبرة في الموضوع له- قد استعمل في المعنى بإسقاط قيد الوحدة و هو جزء الموضوع له، فيظهر ما فيه ممّا ذكرنا في المقدّمات، مع أنّ ذلك يستلزم وجود سبعين مجازا في استعمال واحد في مثل العين بالنسبة الى سبعين حقيقة، و هو أجنبيّ بالنسبة الى موارد استعمالات العرب.
و أمّا في التثنية و الجمع حقيقة، فلما عرفت في المقدّمة الرابعة من أنّهما حقيقتان في فردين أو أفراد من ماهيّة، لا في الشّيئين المتّفقين في اللّفظ و الأشياء كذلك، و للزوم الاشتراك و تكثّر الاحتياج الى القرائن لو كان كذلك، و المجاز خير من الاشتراك.
و أمّا مجازا، فلعدم ثبوت الرّخصة في هذا المجاز، فإنّ الظاهر أنّ المجاز في التثنية و الجمع إنّما يرجع الى ما لحقه علامتهما، لا الى العلامة و الملحق به معا، فإنّ الألف و النّون و نحوهما لا يتفاوت فيهما الحال في حال من الأحوال، فإنّ لفظ عينان أو عينين مثلا يراد به الشيئان، سواء أردت منهما الفردين من عين أو شيئين مسمّيين بالعين، إنّما التفاوت في لفظ العين، فيراد «1» في أحد الاستعمالين منهما [منها]، أعني الاستعمال الحقيقيّ الماهيّة المعيّنة الواحدة، و يشار بالألف و النّون و نحوهما الى الفردين منها أو أكثر، و في الاستعمال الآخر لا يمكن إرادة كلّ واحد، بأن يكون مجازا مرسلا من باب استعمال اللّفظ الموضوع للكلّ في الجزء، فلا بدّ أن يراد منها المسمّى بالعين ليكون كليّا له أفراد، فيشار بالألف و النون حينئذ الى الفردين من المسمّى بالعين أو أكثر، و هذا واضح ممّا ذكرنا، و هذا المجاز خارج عن المتنازع و يكون من قبيل عموم الاشتراك.
__________________________________________________
 (1) من لفظ المفرد في ضمن التثنية.
                        القوانين المحكمة في الأصول ( طبع جديد )، ج‏1، ص: 143
اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّ مدلول العلامات ليس مجرّد الإشارة الى الاثنينيّة أو التعدّد، بل الاثنينيّة الخاصّة و التعدّد الخاصّ، أعني ما يراد بها اثنان من ماهيّة أو أفراد منها، فيكون التثنية و الجمع مستندا بوضع على حدة، فيمكن حينئذ القول بالتجوّز في هذا اللّفظ بأجمعه فيستعمل اللّفظ الموضوع لإفادة الفردين من ماهيّة، أو الأفراد من ماهيّة في شيئين متّفقين في الإسم لا لكونهما فردين من المسمّى بهذا الإسم، بل لكونهما مشابهين لفردين من ماهيّة معيّنة، و علاقة المشابهة اشتراكهما في الإسم و صدق الإسم عليهما لفظا و إن لم يرتبطا معنى.
و الحاصل، تشبيه الاشتراك اللّفظي بالمعنوي، فيكون استعارة، إلّا أنّ ذلك لا يثمر فائدة بعد تجويز إرادة الفردين من المسمّى بالعين مجازا. و ذلك لأنّ ثمرة النّزاع في استعمال اللّفظ حقيقة و مجازا يحصل بذلك المجاز، فإذا علم بالقرينة عدم إرادة المعنى الحقيقي، فيصحّ الحمل على هذا المجازي- أعني عموم الاشتراك- فثبوت المجاز الآخر الذي هو داخل في محلّ النّزاع غير معلوم، و عدم الثبوت يكفي في ثبوت العدم، غاية الأمر جوازه، و هو لا يفيد وقوعه؛ فتأمّل، مع أنّ المجاز الأوّل أقرب و أشيع فهو أولى بالإرادة.
لا يقال: يمكن القول بوجود ثمرة ضعيفة حينئذ، نظير الثمرة الحاصلة في الفرق بين قول المعتزلة و الأشاعرة في الواجب التخييري «1»، لأنّ مورد الحكم هنا
ى الثاني، و المصنف قد ذكر في قانون الواجب التخيري انّ الثمرة بينهما إنّما تظهر في اتصاف الافراد بالوجوب الشرعي على الأوّل دون الثاني، فإنّ الواجب شرعا على الثاني.
                        الفردان على التقديرين، لا الطبيعة كما لا يخفى على المتأمّل، فتأمّل.

 

 

اشارات الاصول ، ص 56-59

و اما مع امكان الاجتماع فيتصور استعماله على وجوه استعماله فى المجموع من حيث المجموع او فى جميع الافراد بحيث يصير كل واحد منها مناطا للحكم و هو يتصور على احد الوجهين اما ان يكون متعلق الحكم العموم الافرادى او يكون المتعلق هذا و ذاك و ذلك و هكذا و استعماله فى امر كلى يعم الجميع و هو يتصور على احد الوجوه كان يستعمل فى احد المعنيين او كل واحد على وجه التخيير او فى معنى كلى يعم الجميع و يسمى بعموم الاشتراك و ما وقع النزاع فى جوازه و اشتهر بالبحث هو الوجه الثانى من القسم الثانى و اما غيره فلا يجوز على وجه الحقيقة لعدم كونه مدلول المشترك و لا توهمه احد فى شي‏ء منها ذلك الا فى الوجه الثانى من القسم الثالث حيث ان المحكى عن السكاكى توهم كونه حقيقة و هو بمكان من الضعف لعدم دخول الترديد فى الوضع و هو فى غاية الظهور و اما على وجه المجاز فمردد بين ما وقع الاتفاق على جوازه كالاخير و عدمه كالاول و ما هو بحكمهما كغيرهما اما الاول فلوجود العلاقة على الفرض و اما الثانى فلعدم وجود العلاقة فيما علمنا باشتراكه فان علاقة الجزء و الكل مشروطة بما لا تحقق فيه ذلك و اما الثالث و هو ساير المعانى فقال المدقق الشيروانى بعد ذكر الوجه الاول من القسم الثالث و لا نزاع فى صحته و فى كونه مجازا و كذا ما يساوقه من المفهومات المشتركة بين المعنيين و هو ظاهر غير واحد منهم و لا علاقة للعموم الافرادى كما هو ظ
                        إشارات الأصول، ص: 57
بقى الكلام فيما وقع النزاع فيه فقد اختلفوا فيه فمنهم من نفى جوازه مط و منهم من جوزه مط و منهم من جوزه فى التثنية و الجمع و نفاه فى المفرد و منهم من جوزه فى النفى دون الاثبات و منهم من توقف ثم هم افترقوا فمنهم من جعله حقيقة مطلقا و منهم من جعله مجازا فى المفرد حقيقة فى التثنية و الجمع و الاقوى العدم مط فان الالفاظ كما سمعت و ان كانت موضوعة لنفس المعانى و الطوارى من الاعتقاد و الوجود و ضم المعانى الى المعانى او الالفاظ الى الالفاظ خارجة عن المدلولات لكن كما يجب اتباع الواضع فى نفس الاوضاع كذلك يجب اتباعه فى كيفية استعمالاته فانهما توقيفتان بلا فرق و لذا ترى انهم يعدون من اللحن مخالفة الاعراب و الوقف من الوصل بالسكون او الفصل بالحركة الى غير ذلك و هو مبتن عليه ففى هذا المقام يمكن ان يقال لما نرى هجر الجمع بين الحقيقتين فى الكتاب و السنة و الخطب و غيرها من كلام البلغاء و الفصحاء جيلا بعد جيل و حديثا بعد قديم بحيث لم يظهر له محل محصل عرفنا انه نشاء من اشتراط الواضع الوحدة فى الاستعمال فلا يجوز التعدى عنه مع انه لو تنزلنا و اكتفينا بان نقول ذلك يكشف عن عدم اطلاعهم على الاذن لكفى و دلالته عليه فى وجه قطعى كيف و مع طول الزمان و كثرة البلغاء و ضبط استعمالاتهم و بدائع اطوارهم من العلماء لم يوجد من قضية الجمع مط اثر فى كلماتهم مع انه عام الحاجة في مراعات النكات البديعية على ان الشك فى ثبوت الاذن كاف هنا نظرا الى التوقيفية و لا يستريب عاقل فى حصوله بما مر مع انه يلزمهم جواز ذلك فى التثنية و الجمع بارادة معنيين لا اقل من المفرد ففى التثنية يلزم جواز استعماله فى اربعة و هكذا فى الجمع و استنكاره غير خفى على ذى مسكة و بذلك يرفع التفرقة بين المفرد و التثنية و الجمع بل يبطل الحصر بين الاسم و الفعل و الحرف لوجود رابع و خامس و هكذا على هذا و القول بالفرق بين الاقسام مع ذلك ابعد و لو توهم منافات ذلك لقضية البطون فى القرآن لنرده بان ذلك مبنى على عدم التفرقة بين الاستعمال و ارادة الفهم فانهما منفكان بلا ارتياب و هو معروف بين الاصوليين فان استفادة المعانى لا يستلزم الاستعمال ككثير من المزايا المرعية عند ارباب الفصاحة و البلاغة من الاشارات و التلويحات و نحوها و منها المفاهيم عند بعضهم و ان كان فيه نظر و التاكيد من الزيادة و ضمير الفصل كما ان الاستعمال لا يستلزم الارادة كالكناية على ما مر بل ربما يحصل الفهم و لا ارادة و لا استعمال كالمعانى الحقيقة عند استعمال اللفظ فى المعانى المجازية هذا كله فى المفرد على وجه الحقيقة و اما فيه على وجه المجاز فلا يجوز لعدم العلاقة و هو ظ على المختار من كون الالفاظ موضوعة لنفس المعانى كما مر و اما فى التثنية و الجمع على وجه الحقيقة فلكونهما حقيقتين فى فردين او افراد من ماهيّة واحدة للتبادر و الاستقراء و لا ينافى ذلك ان علماء اللغة مختلفون فيهما فمنهم من اكتفى فيهما بالاتفاق فى اللفظ و لم يعتبروا اتفاقهما فى المعنى و جعلوهما ظاهرين فيه لكونه مردودا بما مر و يرجح الآخر بالشهرة و حكم بعضهم بشذوذ القلم احد اللسانين و اما على وجه المجاز فلتوقفه على العلاقة و هى غير ظاهرة الا بتشبيه الفردين الغير المتحدين معنى بالفردين المتحدين معنى و هو مردود بعدم ثبوت العلاقة
                        إشارات الأصول، ص: 58
لمثله على ان الحكم بالشذوذ فى مثله من بعض علماء العربية و عدم تصحيحه بطريق المجاز من احد منهم يؤكده و استدل بانه لو صح لكان على وجه الحقيقة و ذلك مستلزم للمحال و هو اجتماع الارادتين المتضادتين و هو ارادة هذا وحده و ذاك وحده و ارادتهما معا و هو ظاهر البطلان و فيه انه مع كونه مبتنيا على دخول الوحدة فى الموضوع له و ستعرف حاله خارج عن المتنازع فيه فان النزاع فى الجمع بين نفس المعنيين و للمجوز مط حقيقة كون الالفاظ موضوعة للمعانى لا بشرط شي‏ء و ان استعمالها فى اكثر من معنى ليس ممتنعا كان يراد بالنكاح العقد و الوطى و باللمس الجماع و اللمس باليد الى غير ذلك بل ثبوت الاستعمال فيه فى الايتين و الاصل فى الاستعمال الحقيقة و الجواب عن الجميع بالمنع مع ان الاخيرين غير نافعين لعدم استلزامهما المدعى فان غايتهما الاستعمال و هو اعم مع ان فى استلزام الاخير الاستعمال ايضا محل منع فان الايتين تحتملان الاضمار و تقديم ما كنا فيه فرع الجواز و هو اول المسألة و للمجوز مجازا فى المفرد و حقيقة فى غيره كصاحب المعالم عدم المانع لضعف ما تمسك به المانعون و وجود المقتضى و هو تبادر الوحدة فى المفرد و كونها جزءا للموضوع له و وجود العلاقة المصححة فيه على تقدير انسلاخها عنه و هو الكلية و الجزئية و اما فى التثنية و الجمع فلكونهما فى قوة تكرير المفرد بالعطف و الظاهر اعتبار الاتفاق فى اللفظ دون المعنى فى المفردات أ لا ترى انه يقال زيدان و زيدون و ما اشبه هذا مع كون المعنى فى الآحاد مختلفا و تاويله بالمسمى تعسف بعيد و جوابه ان الوحدة غير داخلة فى نفس المعنى بل خارجة عنه و من عوارض الاستعمال فان الاستعمال يمكن ان يقع بانفراد المعنى عن الآخر و باجتماعه معه فلا يؤثر فى اختلاف المعنى و بذلك يشهد العرف فان الوحدة غير مفهومة من الالفاظ كيف و المتكلم و المخاطب لا يشعران بها و يغفلان عنها بل يصح سلبها مع نفس المعنى عن الالفاظ غاية الامر هجر الاستعمال على وجه الاجتماع فى العرف راسا فى الحقائق و المجازات و فيهما بحيث يكشف عن عدم الاذن او الاشتراط فلا يصح التعدى ح كما مر على انه لو صح تبادر الوحدة لا يفيد الجزئية بل يحتمل كونه قيدا فيه فيكون التقييد داخلا و القيد خارجا بل هو المتعين على تقديره فان المفهوم من اللفظ ليس نفس المعنى و الوحدة كيف و لا يتوهم احد صحته و يصح سلبه عنه قطعا فعلى هذا ليس العلاقة الكلية و الجزئية مع ان الكلام فى ارادة كل من المعنيين و ليس هذا جزءا من الموضوع له و كونها مشروطة بالتركب الحقيقى و كونه بحيث اذا انتفى انتفى عرفا لعدم ثبوت ازيد من ذلك منها و يكفينا الشك و هو مما لا ريب فيه فتوهم الاشتراط من احد الطرفين دون آخر مما لا ينبغى كتوهم انحصار سبب المنع فى ما ذكره فان فى التوقيفية و عدم الدليل كفاية و قد سبق فضلا مما زدنا عليه مما مر و اما فى غير المفرد مما ذكره من كونه فى قوة تكرير المفرد لا يجدى فانه ان اراد ان اصله ذلك كما ذكره بعض علماء العربية فذلك غير معلوم بل فاقد النظير فى لغة العرب او نادرة بل الظاهر كونه موضوعا بوضع النوعى كما ذكره ثلة بان يقال فى التثنية مثلا كل ما كان آخر مفرده الف او ياء مفتوح ما قبلها و نون مكسورة فهو موضوع لفردين و هكذا
                        إشارات الأصول، ص: 59
فى الجمع مع تايد ذلك بالجمع المكسر مع ظهور اطراد الوضع فى الجميع و بالجملة هو اظهر الوجهين و اشهرهما فتعين الحكم به و احتمال كون الوضع فى التثنية و الجمع راجعا الى العلاقة خاصة اوهن الاحتمالات الثلاثة و باطل و ان اراد ان مفاد الوضع اللغوى معنى مفاده ما ذكره قلنا لم يثبت بل ازيد من التعدد مع وحدة معنى مفرداته غير مفهوم و لو قيل هذا الكلام معروف بين علماء اللغة و يستفاد منه ما ذكرناه قلنا لو سلم نقول لا يستفاد منه العموم فان كون شي‏ء فى قوة شي‏ء لا يستلزم اشتراكه فى جميع احكامه و اما نحو القمرين و الزيدين و نحوهما فخارج عما نحن فيه فان الاول معلوم ابتناؤه على تشبيه احد الشيئين بالآخر كتشبيه الشمس بالقمر ثم اطلاق القمر عليها ثم بناء التثنية منهما باعتبار المسمى كما ان التاويل فى الثانى بالمسمى ايضا مع ان غاية ما فيهما الاستعمال مع القرينة ان تم و هو غير مجد فى اثبات الحقيقة و لو سلم قلنا ثبت استعمال التثنية و الجمع على وجهين مرة باعتبار وحدة المعنى و اللفظ و اخرى باعتبار وحدة اللفظ خاصة و الاستعمال فى القدر المشترك غير ثابت فتعين كون احدهما على وجه الحقيقة و الآخر على وجه المجاز و كونه فى الاول على وجه المجاز باطل بالاتفاق فتعين الاول و اما الاشتراك اللفظى فباطل هنا باتفاق الفريقين فضلا عما مر فى محله و اما الاشتراك المعنوى فمع ما مر لا يكافئ غلبة المجاز و لو لا الا هجره لكفى و للمجوز فى النفى دون الاثبات ان النفى يفيد العموم فيتعدد بخلاف الاثبات و هو ظاهر البطلان فان النفى تابع للاثبات فاذا لم يكن متعددا فيه فكيف يصير متعددا فى النفى و للمانع فى المفرد و المجوز فى غيره عدم التعدد فى الاول دون الثانى و هو فى الاول حق و فى الثانى يظهر جوابه مما مر ثم ان من المجوزين افرطوا فجعلوه ظاهرا فى الجميع عند التجرد عن القرينة تعويلا على ان حمله على جميع معانيه غير ممنوع فيجب حمله عليه اذ لو لم يحمل عليه فاما ان لا يحمل على شي‏ء من معانيه و ذلك اهمال اللفظ بالكلية و هو ظاهر البطلان او يحمل على بعض دون بعض و ذلك ترجيح بلا مرجح و تحكم فضلا عن الايتين و الجواب عن الاول باختيار الشق الاول فان اقصى ما مر اثبات الجواز حقيقة و اما ظهوره فلا بل قد عرفت ان الاستعمال الشائع هو الاستعمال الوحدانى فيردد حينئذ بين اسقاط القرينة او استعماله مجردا و الاول اظهر فيتوقف فلا يحمل على شي‏ء من معانيه و عن الايتين بانهما غير ظاهرتين فى الاستعمال فى ازيد من معنى لاحتمال الحذف فيهما او عموم الاشتراك سلمنا استعمال بالقرينة فيكون مجاز اسلمنا من اين ثبت ظهورهما فى الجميع مع ان دلالتهما بالقرينة فلعل الظهور بها و بالجملة سخافته يغنى عن التدقيق فى الجواب و مما يتفرع عليه حكم الموالى وصية و تحبيسا و وقفا صحة و فسادا و عموما

 

 

الفصول الغرویه،ص 53-57

اختلفوا في استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد إلى أقوال ثالثها الجواز في التثنية و الجمع دون المفرد و رابعها الجواز في النفي دون الإثبات ثم من المجوزين من ذهب إلى أن ذلك بطريق الحقيقة مطلقا و من هؤلاء من زاد أنه ظاهر في الجميع عند التجرد عن القرينة و قال بعضهم أنه بطريق المجاز مطلقا و منهم من فصل فجعله في التثنية و الجمع بطريق الحقيقة دون المفرد و لا بد قبل الخوض في الاستدلال من تحرير محل النزاع فنقول استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد يقع على وجوه أحدها أن يستعمل في معنى يتناول جميع معانيه أو جملة منها كمفهوم المسمى و لا نزاع في جوازه في الجملة فإن كان ذلك المعنى أحد المعاني التي وضع اللفظ بإزائها كان حقيقة و إلا كان مجازا و يعتبر حينئذ فيه العلاقة و هذا هو الذي يسمونه بعموم الاشتراك الثاني أن يستعمل و يراد به كل واحد من معانيه على وجه الترديد و البدلية كالنكرة سواء جعل الترديد شطرا من المعنى أو شرطا له و لا ريب في عدم جواز ذلك حقيقة خلافا لصاحب المفتاح ضرورة أن ما وضع له اللفظ كل واحد منها بعينه و هو يغاير كل واحد منها لا بعينه و لا مجازا لعدم العلاقة المصححة بل التحقيق أن الاستعمال على هذا الوجه غير معقول و إلحاقه بالنكرة قياس مع الفارق لتحقق قدر مشترك فيها يصح أخذ التقييد بالخصوصيات على وجه الترديد بالقياس إليه بخلاف المشترك إذ لا يصح اعتبار الترديد فيه ما لم يضمن أو يقدر معنى أزيد و هو متضح الفساد و قد ينزل كلام السكاكي على إرادة مفهوم أحد المعاني و يدعى رجوعه إلى القسم السابق و أما نحو مررت بأحدكم و بأحمد بالتنوين فمؤول بالمسمى لأن مدلول العلم حقيقة لا يحتمل النكارة الثالث أن يستعمل و يراد به مجموع معنييه أو معانيه من حيث المجموع سواء تعلق الحكم به أيضا من حيث المجموع أو تعلق به من حيث الآحاد بأن كان كل واحد منها مناطا للحكم و متعلقا للنفي و الإثبات و هذا أيضا كالوجه الأول مما لا نزاع في جوازه في الجملة فمع ثبوت الوضع يكون حقيقة و مع انتفائه يتبع العلاقة فيجوز معها مجازا كلفظ الشمس المشترك بين الجرم و النور إذا استعمل في المجموع حقيقة أو مجازا و الفرق بين الوجه الأول و هذا الوجه أن شمول المعنى المستعمل فيه لمعانيه على الأول من قبيل شمول الكلي لأفراده و على هذا من قبيل شمول الكل لأجزائه و هو ظاهر و من منع الاستعمال على الوجه الأخير مدعيا عليه الوفاق فقد سها سهوا بينا الرابع أن يستعمل في كل واحد من المعنيين أو المعاني على أن يكون كل واحد مرادا من اللفظ بانفراده كما إذا كرر اللفظ و أريد ذلك و هذا قد يكون بأن يطلق المشترك على كل واحد من المعاني بملاحظة العلاقة مع الآخر أو يلاحظ الوضع في بعض و العلاقة في آخر فيكون من استعمال اللفظ في معانيه المجازية أو الحقيقة و المجازية و سيأتي الكلام في عدم جوازهما بقول مطلق مع ما فيه في محل الفرض من اعتبار العلاقة في الاستعمال و إهمال الوضع و جوازه غير واضح و قد يكون بأن يطلق و يلاحظ جميع أوضاعه أو جملة منها و يراد بحسب كل وضع معناه و هذا محل النزاع و لا فرق حينئذ بين أن يكون كل واحد منها متعلقا للحكم و مناطا للنفي و الإثبات أو يكون المجموع كذلك كما في صورة التكرير و يظهر من صاحب المعالم أن النزاع في استعمال اللفظ المشترك في المعنيين أو المعاني على أن يكون كل منهما مناطا للحكم و متعلقا للإثبات و النفي و هو غير مستقيم طردا و عكسا لدخول استعمال المشترك في مجموع معنيين أو معان حقيقة أو مجازا أو غلطا حيث يعتبر تعلق الحكم بكل واحد من المعاني بل ربما يدخل استعماله في معنى متناول لمعانيه إذا اعتبر الحكم متعلقا بكل واحد مع أن شيئا من ذلك مما لا نزاع فيه و يخرج منه استعمال اللفظ في كل واحد من معانيه على الوجه الذي قررناه في محل النزاع إذا اعتبر تعلق الحكم بالمجموع مع أن النزاع متوجه إليه إذ العبرة في المقام بكيفية استعمال المشترك لا باعتبار تعلق الحكم به ثم النزاع في المقام ينبغي أن يكون في جواز استعمال اللفظ في معنييه أو معانيه الحقيقية حقيقة ليغاير النزاعين الآتيين و لا يكون ذلك إلا إذا أريد به تمام المعنيين أو المعاني فالقول بجوازه مجازا نظرا إلى استلزامه فوات جزء المعنى أعني قيد الوحدة
فيكون من استعمال الموضوع للكل في الجزء خروج عن محل البحث لأن مرجعه إلى جواز استعماله في‏
                        الفصول الغروية في الأصول الفقهية، ص: 54
معنييه أو معانيه المجازية و هو نزاع آخر لا يختص مورده بالفرض المذكور و عند التحقيق يذهب هذا القائل إلى المنع فيما هو محل النزاع هنا فذكره من جملة القائلين بالجواز ليس على ما ينبغي نعم يمكن إلغاء جهة كون الاستعمال في المعنى الحقيقي على وجه الحقيقة في تحرير النزاع و يعتبر التغاير بين النزاعات الثلاثة بوجه آخر و ذلك بأن يقال إذا أطلق اللفظ و أريد به كل من معنييه أو معانيه على الاستقلال فلا يخلو إما أن يكون استعماله في كل واحد بملاحظة وضعه له في الجملة سواء كان الاعتماد في الاستعمال على الوضع فقط أو على مراعاة العلاقة أيضا فهذا هو النزاع في استعمال اللفظ المشترك في معنييه أو معانيه الحقيقية و إما أن يكون استعماله في كل بدون هذه الملاحظة و هو النزاع في استعماله في معنييه أو معانيه المجازية أو يكون استعماله في البعض بالملاحظة المذكورة و في البعض بدونه و هو النزاع في استعمال اللفظ في معناه الحقيقي و المجازي و حينئذ فيمكن أن يكون استعماله في معناه الحقيقي في القسم الأول و الأخير بطريق الحقيقة و أن يكون بطريق المجاز ثم استعمال المشترك في المثنى و المجموع في أكثر من معنى واحد يتصور على وجهين الأول أن يعتبر التعدد المقصود بالتثنية و الجمع بالنسبة إلى أفراد كل واحد من المعنيين أو المعاني المرادة من مفرده أو بالنسبة إلى لفظه المأخوذة آحاده بمعنيين أو معان من مدلوله سواء اعتبرت الفردية للمعنى معه أو لا و الأول مبني على القول باعتبار الاتحاد في معنى المفرد فإن المراد به أن يكون التعدد المستفاد من التثنية و الجمع مأخوذا بالنسبة إلى المعنى الذي أريد بالمفرد و إن تعدد لا الاتحاد حقيقة فإن ذلك لا يتم إلا على القول بعدم جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد و على هذا فمعنى عينين فردان من الجارية و فردان من الباصرة و هكذا و معنى عيون ثلاثة أفراد من كل واحد أو أكثر على حسب ما أريد من هيئة الجمع و الثاني مبني على القول بكفاية الاتحاد في اللفظ في بنائهما فيعتبر التعدد بالنسبة إليه و على هذا فمعنى عيون عين مكرر ثلاثا فما زاد فيراد بكل معنيان فصاعدا على التساوي أو الاختلاف و مثله الكلام في التثنية الثاني أن يعتبر التعدد المراد منهما بالنسبة إلى الجميع من المعنيين أو المعاني سواء اعتبرت الفردية للمعنى معه أو لا أو من اللفظين أو الألفاظ المراد بكل واحد منها معنى واحد مع اعتبار الفردية و بدونه و لا خفاء في أن النزاع فيهما على الوجه الأول بقسميه إنما يتفرع على النزاع في المفرد جوازا و حقيقة و مجازا و نزاع المفصلين بين المفرد و غيره في ذلك مبني على الوجه الثاني بل القسم الثاني منه كما يشير إليه حجتهم ثم قضية إطلاق كلماتهم و أدلتهم في المقام عدم الفرق بين ما إذا كان اللفظ مشتركا بين معنيين إفراديين أو إفرادي و تركيبي لكن قد عرفت مما مر في بعض المباحث السابقة أن القائلين بالوضع في المركبات يقولون بظهورها في المعنيين حتى إنهم يلتزمون بالتجوز فيها على تقدير عدم إرادة أحد المعنيين منها أما في مفرداتها أو في المركب حيث يقولون بتعيين استعمالها بحسب كل من الوضعين إما في الموضوع له أو في غيره و العجب أنهم لم يتفطنوا الاندراج ذلك في عنوان الباب و لا لشمول أدلته له و لهذا لم يتعرض أحد منهم لنقله في المقام ثم إنهم و إن حرروا النزاع في المشترك و فسره كثير منهم عند تقسيم اللفظ إليه و إلى غيره بما يقابل المنقول و المرتجل لكن الكلام يتسرى إليهما و إلى ما يكون فيه الوضع عاما و الموضوع له خاصا أيضا لجريان الأدلة التي تمسكوا بها في الجميع من غير فرق و لو حرروا النزاع في استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين فما زاد تناول الجميع من غير تكلف إذا عرفت ذلك فنقول الحق أن هذا الاستعمال غير جائز مطلقا لا في المفرد و لا في غيره لا حقيقة و لا مجازا من غير فرق بين الأقسام المذكورة لنا على أنه غير جائز في المفرد مطلقا حقيقة وجوه الأول أن الوضع على ما يساعد عليه التحقيق عبارة عن نوع تخصيص ينشئه الواضع و مرجعه إلى قصر اللفظ على المعنى و يدل عليه تعريف بعضهم له بأنه تخصيص شي‏ء بشي‏ء و هو الظاهر من تعريف آخرين له بأنه تعيين شي‏ء بشي‏ء و حينئذ فإذا وضع لفظ لمعنيين فقضية كل وضع أن لا يستعمل إلا في المعنى الذي وضع اللفظ بإزائه فإذا أطلق و أريد به أحدهما صح‏
الاستعمال على ما هو قضية أحد الوضعين و إن أطلق و أريد به كلا المعنيين لم يصح لأن قضية كل من الوضعين أن لا يراد منه المعنى الآخر ففي الجمع بينهما نقض لهما فلا يكون اللفظ مستعملا فيما وضع له بحسب شي‏ء من الوضعين لا يقال فعلى هذا البيان يلزم أن يمتنع الاشتراك سيما إذا كان من واضع واحد و خصوصا إذا وضع في زمن واحد لأن قضية كل وضع نفي الآخر على ما قررت من التنافي لأنا نقول الوضع تخصيص جعلي منوط بتوظيف الواضع فلا استحالة في توارد متعددة على اللفظ الواحد في نفسه لدوران تحققه مدار الجعل و التوظيف و لا من حيث الحكمة لعدم ترتب قبح عليه و لا من حيث الاستعمال لأن مراعاة ما قرره الواضع إنما يلزم المستعمل التابع لوضعه في متابعته له لا غير سواء قلنا بأن الواضع إنما يضع اللفظ الذي يستعمل على حسب وضعه أو قلنا بأنه يضع اللفظ مطلقا و أما على الأول فظاهر و أما على الثاني فلأنه و إن أطلق الوضع إلا أنه لا يقع إلا مقيدا بمعنى أن مقتضاه لا يلزم لغير المتبع له لعدم مساعدة ما يدل على اعتباره على إطلاقه و ظاهر أن الواضع لا يتبع في شي‏ء من أوضاعه وضعا آخر فلا يلزمه أحكامه هذا على ما يقتضيه النظر الصحيح في المقام و لقائل أن يقول لا نسلم أن الوضع عبارة عن قصر اللفظ على المعنى و الحد الدال عليه ممنوع أو مؤول بل عبارة عن جعل المعنى لازما للفظ و تابعا له فأثر الوضع إنما هو تحقق هذا للزوم و التبعية دون الاختصاص و على هذا فلا يكون في استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ما ينافي مقتضى الوضع لجواز أن يكون لملزوم واحد لوازم و توابع عديدة و لا يخفى بعده الثاني الاستقراء فإنا تتبعنا لغة العرب من قديمهم و حديثهم و تصفحنا في موارد استعمالاتهم و مجاري كلماتهم فلم يتحقق عندنا صدور مثل هذا الاستعمال ممن يعتد منهم بكلامه في نظم و لا نثر بل تصفحنا فلم نقف على ذلك في سائر اللغات التي‏
                        الفصول الغروية في الأصول الفقهية، ص: 55
وقفنا عليها أيضا مع ما نرى من شيوع الاشتراك بينهم و مسيس الحاجة كثيرا إلى التعبير به عما زاد على معنى واحد و لا خفاء في أن عدم الوجدان في مثل ذلك بعد الاستقراء يدل على عدم الوجود و هو يوجب ظنا قويا بعدم الجواز إن لم يوجب العلم به و قد تقرر أن مثل هذا الظن حجة في مباحث الألفاظ الثالث أن الذي ثبت من الوضع جواز استعمال اللفظ في معنى واحد و أما استعماله فيما زاد عليه فلم يتبين لنا بعد الفحص ما يوجب جوازه و مجرد إطلاق الوضع على تقدير تسليمه مدفوع بعدم مساعدة الطبع عليه فقضية كون الأوضاع توقيفية الاقتصار على القدر المعلوم الرابع ما ذكره بعض المعاصرين من أن الوضع إنما صدر مع الانفراد و في حال الانفراد لا بشرط الانفراد فيلزم أن تكون الوحدة جزء للموضوع له و حينئذ فاستعماله في الزائد على المعنى الواحد إخلال بالوضع و فيه نظر لأن حال الانفراد إن اعتبرت قيدا في الوضع فهو معنى بشرط الوحدة و قد أنكره و ما زعمه من أن هذا الاشتراط يقضي بجزئية الوحدة للموضوع له فليس بشي‏ء كيف و قضيته الاشتراط خروجها عنه و إن لم تعتبر قيدا و شرطا فلا يقتضي منع الاستعمال عند عدمها ضرورة أن الأسماء تصدق عند تغير الحال في مسمياتها حيث لم يعتبر بقاؤها في التسمية الخامس أن اللفظ المشترك بين المعنيين أو المعاني إما أن يكون موضوعا للمجموع أيضا أو لا يكون فإن كان الأول فإن أريد به المجموع فقط كان مستعملا في بعض معانيه دون الجميع و لا كلام فيه و إن أريد به كل واحد أيضا لزم التناقض لأن إرادة كل واحد يقتضي الاكتفاء به و إرادة المجموع يقتضي عدم الاكتفاء به و ذلك تناقض و إن كان الثاني كان استعماله فيه استعمالا في غير ما وضع له فيكون مجازا فلا يكون مستعملا في شي‏ء من معانيه و لا كلام فيه و إن أريد به كل واحد من معانيه أيضا لزم التناقض كما مر إذ قضية إرادة أحدهما الاكتفاء به و قضية إرادة الآخر عدم الاكتفاء به و العجب من العلامة حيث ذكر هذه الحجة إلى قولنا فيكون مجازا و تمسك بها على جواز الاستعمال مجازا مع أنها لو تمت لدلت على نفيه مجازا أيضا و فيه نظر لأن النزاع على ما عرفت في استعمال اللفظ في نفس المجموع أي في كل واحد من المعاني لا المجموع من حيث المجموع و حينئذ فنختار كلا من التقديرين الأخيرين و لا إشكال إذ لا نسلم أن إرادة كل واحد يقتضي الاكتفاء به فيما أريد من اللفظ و إنما يقتضيه لو لم يكن غيره مرادا أيضا و إن أريد الاكتفاء به بحسب إرادته فلزوم التناقض ممنوع السادس ما استدل به بعضهم و محصله بعد تنقيحه و تصحيحه أنه لو جاز ذلك لكان بطريق الحقيقة و التالي باطل فكذا المقدم بيان الملازمة أن الفرض كون اللفظ موضوعا لكل من المعاني مستعملا فيه و لا نعني بالحقيقة إلا ذلك و أما بطلان التالي فلأن اللفظ موضوع لكل واحد من المعاني مقيدا بكونه وحده فإذا استعمل في الجميع كان المراد به كل معنى من المعاني وحده على ما يقتضيه الوضع و لا وحده على ما يقتضيه الاستعمال و ذلك تناقض و أورد عليه بعضهم بأن المراد استعماله في معنييه لا بقيد الوحدة فإن منع كونه حينئذ مستعملا في معنييه لفوات بعض المعنى منه و هو قيد الوحدة رجع البحث إلى مجرد التسمية و هو قليل الجدوى و هذا الإيراد كأصل الدليل مبني على كون الألفاظ موضوعة لمعانيها مع قيد الوحدة و هو عندنا فاسد كما سيأتي التنبيه عليه مضافا إلى ما في الإيراد من الخروج عن محل النزاع على ما عرفت و لنا على عدم جواز الاستعمال في المفرد مجازا مطلقا مضافا إلى شمول بعض الأدلة السابقة له أن الفرض استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين أو معانيه الحقيقية فيكون مستعملا فيما وضع له فلا يكون مجازا و لو أريد بالمعنى الحقيقي نفس المعنى و إن تجرد عن الوصف فقد عرفت في تحرير محل النزاع على أن إرادة كل واحد من المعاني منه على تقدير الجواز منوطة بملاحظة وضعه بإزائه و الاستعمال المستند إلى الوضع لا يكون مجازا على أن القائل كل واحد من المعاني منه على تقدير الجواز منوطة بملاحظة وضعه بإزائه و الاستعمال المستند إلى الوضع لا يكون مجازا على أن القائل بمجازيته إنما يقول به من جهة مصيره إلى أن اللفظ موضوع للمعنى مع قيد الوحدة فيتجرد عنها عند استعماله في أكثر من معنى واحد فيكون من استعمال‏
الموضوع للكل في الجزء و نحن سنبين فساد ذلك و نحقق أن اللفظ موضوع لنفس المعنى من غير ضميمة الوحدة فيبطل احتمال المجازية و مع الإغماض عن ذلك فالمجاز يتوقف على علاقة معتبرة و هي غير متحققة في المقام لما عرفت من بشاعة الاستعمال و قد مر في بعض الوجوه السابقة ما يدل عليه و لنا على عدم جوازه في التثنية و الجمع حقيقة أن أداتهما إنما تدل على إرادة فردين أو أفراد من معنى المفرد فمفادها التعدد في أفراد مدلول المفرد فإذا لم يكن مدلول المفرد إلا أحد المعنيين أو المعاني كما بينا لم يكن التعدد المستفاد منها إلا بحسب أحد المعنيين و لنا على عدم جوازه فيهما مجازا أن ذلك إما بالتصرف في مدلول المادة أعني المفرد و قد عرفت فساده أو بالتصرف في الأداة باستعمالها مجازا في إفادة التعدد في لفظ المفرد فيراد بحسب كل معنى أو في إفادته بالنسبة إلى ما أريد من المادة و ما لم يرد منها و كلاهما مما لا يساعد الطبع و الاستعمال على جوازه فإن معاني الحروف إنما تعتور على المعنى الذي أريد من مدخولها دون لفظه أو معنى آخر لم يرد من مدخولها أ لا ترى أن اللام مثلا في قولك العين للإشارة إلى ما أريد من لفظ العين كالباصرة و لا يصح أن يراد بها الإشارة إلى اللفظ حتى إنه لو أريد به اللفظ و الإشارة إليه من حيث إنه معناه أو معنى آخر لم يقصد في الاستعمال كالجارية و كذلك التنوين في قولك عين و على هذا القياس بقية اللواحق و لا فرق في ذلك بين أن يعتبر التعدد المستفاد من التثنية و الجمع بالنسبة إلى كل واحد من المعاني أو بالنسبة إلى الجميع فقط حجة من أجازه مجازا أن اللفظ موضوع لكل واحد من المعاني بقيد الوحدة فإذا استعمل في الجميع فلا بد من إلغاء هذا القيد دفعا للتناقض فيكون من استعمال اللفظ الموضوع للكل في الجزء مجازا و هو غير مشروط بشي‏ء كما اشترط في عكسه و جوابه أن اللفظ غير موضوع للمعنى مع قيد الوحدة قطعا ضرورة أن دلالة الإنسان على نفس مفهومه و دلالة زيد على نفس ذاته بالمطابقة لا بالتضمن على أن الوحدة إن أريد بها ما يتصف بها المعنى في نفسه فاعتبارها مفهوما أو مصداقا مع كونه حشوا إذ كل معنى فله في حد ذاته وحدة غير مجد في ذلك ضرورة
                        الفصول الغروية في الأصول الفقهية، ص: 56
جواز إرادة جميع الوحدات و كذا لو جعل اللفظ موضوعا للمعنى مع مفهوم وحدة الاستعمال أو الإرادة أو مصداقهما و إن اعتبرت معنى خبريا متعلقا بالمعنى أو بالاستعمال أو بالإرادة و ذلك بأن يكون لفظ الإنسان مثلا موضوعا لمفهومه المعروف و لمعنى آخر و هو أنه معناه وحده أي لا مع غيره أو أن اللفظ مستعمل فيه وحده أو مراد منه وحده على طريقة الإخبار صح ما ذكروه من لزوم التناقض لكن يلزم على تقديره أن يكون كل لفظ مفرد مشتملا على معنى مفرد و جملة خبرية تامة و ذلك مما لا يلتزم به ذو مسكة و مع ذلك لا يثبت به المنع من حيث الوضع و غاية توجيه كلامهم أن يقال المراد أن اللفظ موضوع للمعنى الواحد أي المنفرد عن غيره في تلك الإرادة أو ذلك الاستعمال بصفة وحدته سواء اعتبرت معنى اسميا أو حرفيا بأن أخذت آلة لملاحظة حال المعنى و اعتبرت داخلة في مدلول اللفظ كما في دخول الإشارة في مدلول اسم الإشارة فيستقيم ما ادعاه المستدل من التنافي و لا يلزم عليه الإشكال المذكور لكنهما ضعيفان لا سيما الوجه الأول لشهادة التبادر و الاستعمال على خلافه كما مر و مما ينبه عليه أنا إذا رجعنا وجداننا عند وضع اللفظ للمعنى وجدنا حصول الوضع منا لنفس المعنى من غير أن تعتبر معه الإرادة فضلا عن اعتبار الوحدة معها و نقطع بأن هذا هو الشأن في جميع الأوضاع مع أن ما ذكروه على تقدير تسليمه لا يدل على عموم المنع لأنا لو وضعنا لفظا لمعنيين على الاشتراك من غير ملاحظة أمر آخر فلا ريب في جوازه و الاعتداد به فيلزمهم الالتزام بجواز استعماله في المعنيين حقيقة لانتفاء المانع مع أن الوجدان لا يساعد عليه كما في غيره ثم لا يذهب عليك أنهم لو جعلوا اللفظ موضوعا للمعنى بشرط كونه مرادا منه أو مستعملا فيه وحده على أن يكون الشرط معتبرا فيه خارجا عنه و جعلوا إطلاقه عليه بدون الشرط حيث يراد معه غيره استعارة بعلاقة المشابهة لكان أقرب إلى السداد و أسلم من الفساد التزموا به من جزئية الوحدة و إن كان مشاركا معه في الضعف و قد يستدل على القول المذكور بأن المتبادر من استعمال اللفظ استعماله في معنى واحد و إن لم يتبادر ذلك من نفس اللفظ فيكون مجازا في المتعدد و جوابه أن الاستعمال من حيث نفسه لا وضع له و إنما الوضع للفظ المستعمل فالخروج عما هو المتبادر منه على تقدير تسليمه لا يوجب التجوز حجة من أجازه حقيقة أن اللفظ موضوع لكل من المعاني لا بشرط الوحدة و لا عدمها فيجوز أن يستعمل فيما زاد على المعنى الواحد و يصدق عليه بالنسبة إلى كل واحد من المعاني المرادة أنه استعمال اللفظ فيما وضع له فيكون حقيقة في الجميع و جوابها يظهر من تقرير الحجة على المنع و أجاب عنها في المعالم بما يرجع حاصله إلى منع الدليل في المفرد لتبادر الوحدة منه عند الإطلاق فتكون الوحدة جزء للمعنى منافية لإرادة غيره و تسليم المدعى في التثنية و الجمع لأنهما في قوة تكرير المفرد بالعطف فيجوز أخذه بمعان مختلفة و وجوه فساده واضح مما قررنا من منع تبادر الوحدة لا سيما على سبيل الجزئية ثم منافاتها لإرادة معنى آخر من حيث الوضع و عدم كون التثنية و الجمع في قوة تكرير المفرد مطلقا بل مع اتحاد معنى المكرر و نزيد الكلام على تسليمه لما ادعاه هذا القائل في التثنية و الجمع أنه في غير محله فإن القائل المذكور إن لم يعتبر الاتحاد المعنوي في التثنية و الجمع كان تجويزه للاستعمال المذكور فيهما أعم من تجويز صاحب المعالم على ما يقتضيه بيانه و إلا كان مباينا له كما يتضح مما نبهنا عليه عند تحرير محل النزاع احتج القائل بظهوره في الجميع عند عدم القرينة بأنه حينئذ إما أن يحمل على أحد المعاني لا بعينه فيلزم الإجمال أو يعين و لا مرجح له فيتعين الحمل على الجميع و لقوله تعالى و لله يسجد من في السماوات و من في الأرض إلى قوله و كثير من الناس فإن السجود مشترك بين الخضوع و وضع الجبهة على الأرض و قد استعمل فيهما أما في الأول فبدليل إسناده إلى الشجر و الدواب و أما في الثاني فبدليل إسناده إلى كثير من الناس إذ مطلق الخضوع لا يختص بالكثير و قوله تعالى إن الله و ملائكته يصلون على النبي فإن الصلاة من الله الرحمة و من غيره طلبها و هو مشترك بينهما و قد استعمل فيهما بدليل الإسناد و الجواب أما عن الأول فبأنه إنما يتفرع على تقدير صحة الاستعمال‏
بل كونه حقيقة و قد عرفت وجه المنع منها و لو سلم فمخالفة الاستعمال المذكور للأصل من حيث ندرة مورده على تقدير تحققه لا يقصر عن مخالفة الإجمال له إن لم يزد عليه فيتعارض الأصلان فيجب الوقف و أما عن الثاني فبالتزام تقدير فعل في الآيتين بقرينة المذكور فيقدر في الأول يسجد و في الثاني يصلي على حد قوله نحن بما عندنا و أنت بما عندك راض و ربما يستشكل بأن مجرد المشاركة في اللفظ لا يصلح قرينة على الحذف و فيه أن فيه أيضا مناسبة مدلول و مساعدة مقام أو نحمل السجود و الصلاة على المعنى الأعم فيراد به الخضوع و بها إظهار الشرف و وجه تخصيص الكثير أن خضوعهم لما كان أتم لمزيتهم فيه على غيرهم من حيث الإظهار على الجوارح و الجوانح ناسب ذكرهم بخصوصهم و إن اندرجوا مع غيرهم في عموم في الأرض ثم لو سلم اشتراك اللفظين و استعمالهما في الآيتين في المعنيين فليس فيه ما يوجب كونه على الحقيقة و لو سلم فهو ظهور بالقرينة فمن أين يثبت الظهور عند عدمها كما هو المدعى احتج من أجازه في المفرد مجازا و في التثنية و الجمع حقيقة أما في المفرد فبما مر في حجة القائلين بالمجازية و قد عرفت الجواب عنها و أما في التثنية و الجمع فبأنهما في قوة تكرير المفرد فكما يجوز أن يراد به عند التكرير معان متعددة كذلك يجوز فيما في قوته و أيضا لا ريب في جواز سبكهما من الأعلام و ظاهر أن الاتفاق هناك إنما هو في مجرد اللفظ و الجواب أنا لا نسلم أنهما في قوة تكرير المفرد مطلقا حتى في جواز إرادة المعاني المختلفة منهما و سبكهما من الأعلام مؤول بالمسمى مجازا و ذلك لأن أداة التثنية و الجمع كأداة العموم إنما تدل على التعدد في معنى المفرد لا في لفظه كما يشهد به التبادر فيختص لحوقها بأسماء الأجناس فإن المفهوم من قولك رجلان فردان من مفهوم رجل لا من لفظه و من قولك رجال أفراد من مفهوم رجل لا من لفظه كما في التثنية و الجمع من سائر اللغات و إلا لامتنع جريان حكم المسمى عليهما من غير تكلف و مما يدل على التأويل المذكور في الأعلام دخول لام التعريف عليها حينئذ مع امتناع دخولها على مفردها و وصفها معها بالمعرف و عند التجريد بالمنكر و أما نحن هذان رفعا
                        الفصول الغروية في الأصول الفقهية، ص: 57
و هذين نصبا و جرا فهما موضوعان بوضع مستقل للإشارة في الحالتين إلى كل فردين مما يشار إليهما و ليسا بتثنية هذا لامتناعها بدون التأويل و معه يلزم عدم اختصاصه بالفردين المشار إليهما لكلية المسمى مع أن المتبادر خلافه و من اكتفي في بناء التثنية و الجمع باتحاد اللفظ فله أن يلتزم بأن كلا منهما موضوع بأداته بوضع واحد كما قررنا و أن لفظ المفرد مستعمل في لفظه و الأداة مستعملة لإفادة تعدده على أن يكون المعنى مرادا من كل واحد فيكون الحكم اللفظي متعلقا بلفظهما باعتبار تعلق الحكم المعنوي بمعنى معناهما أو أن المفرد المذكور مستعمل في معناه و الأداة مستعملة لإفادة اعتبار لفظ آخر مثله على أن يكون معناه مرادا أو موردا للحكم المذكور و ذلك لئلا يمتنع جريان حكم المسمى عليهما كما يشهد به ضرورة الاستعمال حجة من جوزه في التثنية و الجمع دون المفرد أنهما يدلان على التعدد فيجوز إرادة المعاني المختلفة منهما بخلاف المفرد و جوابه أنهما يدلان على التعدد في المعنى الذي أفاده المفرد فإذا لم يكن مدلول المفرد إلا أحد المعاني فمن أين يدلان على التعدد فيما زاد عليه حجة من خص الجواز بالنفي أن النفي يفيد العموم فيجوز أن يتعدد بخلاف الإثبات و جوابه ظاهر فإن النفي إنما يقتضي العموم فيما أفاد الإثبات فإذا كان مفاد الإثبات أحد المعاني لم يكن أثر النفي إلا إفادة العموم فيه و أيضا لو تم التعليل المذكور لزم أن لا يختص الجواز بالنفي لأن الإثبات قد يفيد العموم أيضا و لا يعم كل نفي إذ قد يكون المشترك معرفة كالعلم فلا يقتضي وقوعه في سياق النفي للعموم فإذن يكون الدليل أعم من المدعى من وجه و أخص من وجه و يمكن دفع الثاني بأن مقصود المستدل أن المشترك في صلوحه لكل معنى من معانيه على البدلية كالنكرة في صلوحها لكل فرد من أفرادها على البدلية فإذا وقع في سياق النفي أفاد العموم فيما يصلح له على البدلية كالنكرة المنفية فلا يدور مدار التنكير و يتجه عليه أن مدلول المشترك أحد المعاني بعينه فنفيه لا يقتضي إلا نفي أحد المعاني بعينه بخلاف النكرة فإن مدلولها أحد المعاني لا بعينه فنفيه يقتضي نفي الجميع و سيأتي توضيح ذلك في محله إن شاء الله و إن كان القول المذكور مبنيا على ما زعمه السكاكي فهو مع فساده في نفسه كما أشرنا إليه يوجب بظاهره الخروج عن محل البحث و اعلم أنه كما لا يجوز استعمال مشترك اللفظ في معنيين فصاعدا كذلك لا يجوز استعمال مشترك الكتابة في لفظين فصاعدا و المستند عليه ما عرفت و كذا الكلام في أبعاض اللفظ فلا يجوز في نحو ضربلال في ضرب بلال و ليس الإدغام في موارده منه لأنه في معنى حرفين و ربما يرتكب مثله في الكتابة مع أمن اللبس‏

 

 

الفوائد الاصولیه

فائدة [1] فى ان استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد غير جائز
استعمال اللفظ فى معنيين مجازيين و اكثر غير جائز كاستعماله فى معنيين حقيقيين، و حقيقى و مجازى، سواء كان المجازان لحقيقة واحدة كالشجاع و الابخر للاسد «1» ام لحقيقتين كالنحاس و الرصاص للعين بمعنى الذهب و الفضّة، سواء كانت المناسبة فى المعنيين من نوع واحد من العلائق او من نوعين، لا لما ذكروه من اعتبار «وحدة» «2» المراد فى الموضوع له بالوضع المجازى، كاخذها فى الموضوع له بالوضع الحقيقى.
__________________________________________________
 (1)- الابخر هو الذى كرهت ريح فمه، و البخر كراهة ريح الفم و يقال الابخر للاسد لكراهة ريح فمه.
 (2)- من اعتبر «الوحدة» فى وضع اللفظ هو صاحب المعالم و ردّ عليه الشيخ الاعظم كما ترى و كذلك بعده صاحب الكفاية فى الامر الثانى عشر من مقدمة الكتاب و اتعب نفسه (ره) فيما هو توهم صرف فراجع.
                        الفوائد الأصولية، ص: 137
لانّ الوحدة و الانضمام من حيث ارادة المستعمل لا يعقل اخذهما من قيود ذات المعنى الذى يعرض له الوضع، و لا بدّ من تصوّره قبل الوضع المقدم على الاستعمال و الارادة، بل لما ذكرنا فى المنع عن اخويه من انّ و حدة المراد ملحوظ فى اصل وضع اللفظ لافادة المعنى بحيث صار البناء فى المحاورات على ان لا يجعل لفظ قالبا لاكثر من معنى الّا ان يجعل المعنيان معنى واحدا، امّا بملاحظتهما مجتمعين بحيث يكون كل واحد جزء المعنى، و امّا بملاحظتهما على نحو ملاحظة الفرد فى العام الاصولى بان يستعمل اللفظ فى مفهوم يعبّر عنه بكل واحد واحد من المعنيين نظير معنى العام الافرادى، كما انّ سابقه نظير العام المجموعى.
ثمّ انّ من قال بالجواز حقيقة فى المشترك لزمه الجواز هنا مجازا فى القسم الثانى اعنى: ما كان التجوز باعتبار حقيقتين.
و من قال بالجواز هناك مجازا كصاحب المعالم (ره) نظرا الى اعتبار «الوحدة» فى المعنى الحقيقى، فالظاهر انّه لا يجوز هنا، لانّ الظاهر انّ الوحدة مأخوذ فى الوضع المجازى، و مع اخذها فيه فلا معنى للتّجوز.
و لا يمكن ان يتوّهم هنا الجواز من باب سبك المجاز من المجاز بان يقال: المعنى المجازى للموضوع له و ان اخذت فيه الوحدة، الّا انّه يمكن التجوز فى هذا المعنى المجازى بارادة معنى آخر معه فيكون ارادة المجازين على وجه التجوز عن المجاز الاوّل المأخوذ فيه.
و وجه اندفاع هذا التّوهم: انّ التجوّز الثانى ايضا ماخوذ فيه قيد «الوحدة» فيكون استعمال اللفظ فى معنيين مجازيين بعد فرض اعتبار الوحدة
                        الفوائد الأصولية، ص: 138
فى المعنى المجازى الاوّلى تجوّزا ثانويا فى مجازين ايضا عن التجوّز، مثلا اذا قلنا: بان الماخوذ فى استعمال لفظ العين الذهبى فى النحاس بعلاقة هو كون النحاس مرادا وحدة، فالوحدة صارت جزءا من المعنى المجازى على مذهب صاحب المعالم (ره) على فرض اجراء اخذ الوحدة فى الاوضاع المجازية و حينئذ فلو استعمل «العين» فى معنيين مجازيين عن الذهب، فهذا لا يكون مجازا اوليا بفرض اخذ الوحدة.
فلو كان مجازا عن مجاز، كان العلاقة بين المسبوك و المسبوك منه هو علاقة الكل و الجزء، لكن المفروض ان هذه من العلائق المجوزة لاستعمال الكل فى الجزء على ان يراد الجزء وحدة، و المفروض هنا انّ كلّا من المجازين بعد الغاء قيد الوحدة جزء استعمل فيه اللفظ الموضوع بالوضع المجازى للكلّ و هو كل من المجازين مع قيد الوحدة، فيكون كرّا على ما فرّ.
و امّا من قال بعدم الجواز رأسا لاعتبار قيد الوحدة و عدم العلاقة المجوزة للتجوّز، فلو قال باعتبار الوحدة فى الوضع المجازى ايضا لزمه المنع مطلقا و الّا فله ان يقول بالجواز.
هذا كلّه فى التجوّز عن الحقيقتين، و امّا فى المجازين عن حقيقة واحدة فهو مبنيّ على اعتبار الوحدة فى الاوضاع المجازية و امّا استعمال اللفظ فى فردين من معناه الحقيقى، فان اريد به الفردان بارادة واحدة حتى يكون معنى واحدا مساويا لمدلول التثنية، فهذا موقوف على وجود العلاقة المعتبرة و قد جعل من هذا القبيل قوله تعالى «فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً» «1» فقد
__________________________________________________
 (1)- النور: 33- «وَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ‏

                        الفوائد الأصولية، ص: 139
فسّر «الخير» بالدين و المال و ان كان كل منهما بارادة مستقلّة، فهو و ان لم يحتج الى علاقة- لانّ هذا امر راجع الى الاستعمال لا الى المستعمل فيه- حتى يكون مجازا كما عرفت فى تحرير محل النزاع: من ان استعمال اللفظ فى معنيين ليس استعمالا له فى معنى ثالث حتى يكون خلاف الموضوع له و مجازا، بل هو استعمال و ارادة كل معنى بالاستقلال على نحو ارادته لو لم يرد غيره. «1»
و كيف كان فالمانع هنا- لو قلنا بجواز مثل هذا الاستعمال لذاته- هو دخول الوحدة الفردية فى الموضوع له، فهو مانع عن ارادة الفردين و لو بإرادتين مستقلّتين، و من هذا القبيل جميع اسماء الاشارة نحو: هذا، فانه لا يجوز ان يراد به اثنان بارادتين مستقلتين و ان قلنا بجواز استعمال اللفظ فى معنيين.
و امّا اللفظ الموضوع للماهيّة فلا شبهة فى ان استعماله و ارادة فردين بالخصوص بارادة واحدة مجاز شايع جائز، اذ لا فرق فى اطلاق الكلّى و ارادة الخصوصية مجازا بين الواحد و المتعدّد و ان كان بارادتين مستقلتين فيدخل فى مسئلة الاستعمال فى معنيين مجازيين. «2»
__________________________________________________
خَيْراً»
 (1)- و بسط الكلام فى موضوع هذه‏
الفائدة شيخ المحققين فى هداية المسترشدين بما لا مزيد عليه.
 (2)- موضوع الفائدة الاولى كما ترى استعمال اللفظ فى معنيين حقيقيين او مجازيين و اكثر: بان يلحظ كل واحد لحاظا مستقلّا فى استعمال واحد، من مزاعم الاصوليين التى ليس تحتها طائل، و ممن بسط الكلام فيه صاحب المعالم و اختلفوا فى جوازه و عدمه‏
                        الفوائد الأصولية، ص: 140
__________________________________________________
و لخصّ الاقوال صاحب قوامع الفضول و قال: «فاعلم المحكى فى النهاية عن السيد المرتضى و القاضى عبد الجبّار و ابو على الجبائى و غير واحد آخر الجواز، و عن ابى هاشم المعتزلى و ابى عبد اللّه و ابى الحسين البصريين و الكرخى و الرازى هو المنع، و عن ثالث الفرق بين النفى فيجوز، و الاثبات فلا، و عن رابع الوقف. ثم اختلف المجوّزون بين من اطلق و من صرح بانه مجاز مطلق او حقيقة كذلك او الاوّل فى المفرد و الثانى فى التثنية و الجمع، و بين من افرط و صرح بكونه حقيقة فى الجميع و هذا هو المحكى عن الشافعى.» و يؤيد الاخير ما قاله بعض المحدثين: «... و اذا لم توجد قرينة تدلّ على احد المعانى وجب حمله على جميع معانيه احتياطا عند الشافعى و غيره»!! (الوجيز فى اصول التشريع الاسلامى: ص 11 الدكتور محمد حسن هيتو).
و المقصود مثلا انّ للفظ «العين» عند اهل اللغة- كما يزعمون- معان كثيرة مختلفة وضعا و ان امرت احدا: جئنى بعين او بعينين و تريد بها معانيها المختلفة: كالفضّة و الذهب و الجارية و الباصرة و المنبع و الجاسوس و ... يجب على المأمور اتيانها كلّها و هذا شي‏ء تضحك منه الثكلى و لا يحاوله احد فضلا عن الشارع فى مقام التشريع. و من المعاصرين من اجازه و أيده مطلقا و استشهد فيه باقوال الشعراء و الكتّاب و خلطوا مجالات التشريع و الاستنباط بمجالات الشعر و الادب. و ردّ عليهم المحقّقون منهم الشهيد الاوّل و قال: «لا يحمل اللفظ الواحد على حقيقته و مجازه معا عند كثير من الاصوليين لانّ حمله على حقيقته يستلزم كونه موضوعا لها و حمله على مجازه يستلزم كونه غير موضوع لها و هو تناقض» (نضد القواعد الفقهية: ص 97).
لمّا كان الاشتغال به تضييعا للعمر مثل كثير من المسائل قام على ردّه و قلع اساسه الشيخ الاعظم- قدّس سرّه- و تبعه تلاميذه المحقّقون كصاحب الكفاية و لم يتعرض عليه تلميذه الاكبر الميرزا ابو القاسم كلانتر (ره) فى تقريرات بحثه و انكره بعض المعاصرين و هو الحق.






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 18/9/2021 - 18:11

کلام آخوند خراسانی

کفایه

کفایه ، ص 36

أنه قد اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى على سبيل الانفراد و الاستقلال بأن يراد منه كل واحد كما إذا لم يستعمل إلا فيه على أقوال ».
أظهرها عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا.
و بيانه أن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى بل جعله وجها و عنوانا له بل بوجه نفسه كأنه الملقى و لذا يسري إليه قبحه و حسنه كما لا يخفى و لا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك إلا لمعنى واحد ضرورة أن لحاظه هكذا في إرادة معنى ينافي لحاظه كذلك في إرادة الآخر حيث إن لحاظه كذلك لا يكاد يكون إلا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه و العنوان في المعنون و معه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد و مع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال.
و بالجملة  لا يكاد يمكن في حال استعمال واحد لحاظه وجها لمعنيين و فانيا في الاثنين إلا أن يكون اللاحظ أحول العينين.

 

تقریرات درس آخوند

فوائد الاصول

                      -55  فوائد الاصول، ص: 50
فائدة» في استعمال اللّفظ في أكثر من معنى‏
                      في بيان امتناع استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد على سبيل الاستقلال و الانفراد في الإرادة، بأن يراد هذا المعنى بخصوصه تارة و الآخر أخرى، كما هو التّحقيق في تحرير محلّ النّزاع، و أمّا استعماله في المجموع نحو استعمال العشرة، أو في مفهوم الكلّ كما في استعمال العام في معناه، فليس من محلّ الكلام بين الأعلام و ليس إلاّ من الاستعمال في معنى واحد و يكون جواز منوطا بوجود العلاقة بينه و بين ما هو الموضوع له إن لم يكن ممّا وضع له.
و تحقيق ذلك يتوقّف على تمهيد مقدّمات:
و هي أنّ استعمال اللّفظ في المعنى عبارة عن جعله وجهه و عنوانه و إلقاء المعنى و إظهاره به كأنّه هو، و هو الملحوظ في هذا الحال على الاستقلال دونه، و لذا لا يصحّ أن يحكم عليه بأحكامه و آثاره، و إنّما يصحّ الحكم عليه بما عليه في غير هذا الحال و بلحاظ آخر غير لحاظ حال الاستعمال.
و بالجملة ليس نظر المستعمل في تلك الحال إلاّ إلى المعنى و لا نظر له إلى اللّفظ على حياله و باستقلاله، بل يتبعه و بما هو وجهه و عنوانه و بوجه بما هو هو على ما هو الشّأن في ملاحظة الشّي‏ء بالوجه و العنوان، و يظهر صدق هذا المقال لمن تأمّل حال اللّفظ حين الاستعمال.
فإذا عرفت ذلك، ظهر لك أنّه لا يمكن في استعمال واحد أن يراد من اللّفظ أكثر من واحد، لاستلزامه أن يكون شخص اللفظ المستعمل في حال كونه وجها لمعنى، بل بوجه عينه وجها لآخر كما لا يخفى، و وجه الشّي‏ء و عنوانه في حال لحاظ كونه وجها و عنوانا له لا يكاد أن يلحظ وجها و عنوانا لغيره، ضرورة مساوقة أنّه غيره، و ذلك لما عرفت من اتّحاد الشّي‏ء و وجه بوجه، و لا يخفى أنّه ينافى لحاظه وجها
                   لحاظه بنفسه، بل و لحاظ أنّه الوجه فضلا عن لحاظه وجها لآخر، فافهم فإنّه دقيق.
نعم يمكن إرادة أكثر من واحد حال التّلفظ به إذا لم يجعل وجها لواحد إلاّ للواحد، مع الدّلالة على أنّه في هذا الحال يريد الأكثر بمواضعة أو قرينة، إلاّ أنّه ليس من استعمال اللّفظ في الأكثر، و عليه يمكن أن ينزّل ما ورد من الرّوايات  الدّالة على تعدّد البطون للقرآن الكريم و الفرقان العظيم.
فانقدح بما ذكرنا أنّ عدم جواز الاستعمال في الأكثر ليس لدعوى اعتبار قيد الوحدة و الانفراد فيما يراد، أو كون الوضع في حال الانفراد، و معه يكون المقتضى للجواز غير محرز و هو كاف لعدم إحراز حكم الوضع إلا في هذا الحال لأنّه من الأمور التّوقيفيّة، كي يتوجّه عليها منع اعتبار هذا القيد، و عدم اقتضاء كون الوضع في هذا الحال لعدم إحراز المقتضى للجواز، إذ يكفى فيه ثبوت وضعه للمعنى من دون اعتبار قيد الانفراد في الوضع أو الموضوع له كما لا يخفى، بل لأجل أنّ الاستعمال في الأكثر محال عقلا، كما عرفت، و لا يهمّنا التّعرّض لتفصيل ما في المسألة من الأقوال و ما ذكر لها من الاستدلال، فانّه على عهدة المطوّلات.

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 20/9/2021 - 18:5

الوجه فی اللغه

1.العین

وجه:
الوجه: مستقبل كل شي‏ء. و الجهة: النحو. يقال: أخذت جهة كذا، أي: نحوه. و رجل أحمر من جهته الحمرة، و أسود من جهته السواد. و الوجهة: القبلة و شبهها في كل شي‏ء استقبلته و أخذت فيه. توجهوا إليك، يعني: ولوا وجوههم إليك. و التوجه: الفعل اللازم. و الوجاه و التجاه: ما استقبل شي‏ء شيئا. تقول: دار فلان تجاه دار فلان. و المواجهة: استقبالك الرجل بكلام. أو وجه.

 

 

2.جمهره اللغه

وجه‏
و وجه الإنسان و غيره: معروف.
و وجه النهار: أوله.
و وجه الكلام: السبيل التي تقصدها به.
و وجوه القوم: سادتهم.
و صرفت الشي‏ء عن وجهه، أي عن سننه.
و رجل وجيه عند السلطان و موجه.
                        جمهرة اللغة، ج‏1، ص: 499
و كساء موجه: له وجهان.
و يجمع وجه على أوجه و وجوه و أجوه.
و بنو وجيهة: بطن من العرب.
و ضل الرجل وجهة أمره، إذا ضل قصده. قال الشاعر (كامل) «1»:
         نبذ الجؤار و ضل وجهة روقه             لما اختللت فؤاده بالمطرد

و روي عن الأصمعي: هدية روقه.
و واجهت الرجل بكلام حسن أو قبيح، و استعمالهم هذه الكلمة في القبيح أكثر.
و واجهتك بالأمر مواجهة و وجاها.
و دور بني فلان تواجه دور بني فلان، أي تقابلها، و هي المواجهة و الوجاه.
و الوجيه: فرس من خيل العرب، قديم معروف.
و رجل ذو وجهين، إذا لقي بخلاف ما في قلبه. و قال الأحنف في بعض كلامه: لا يكون ذو الوجهين عند الله وجيها.

 

 

3.مقاییس

الواو و الجيم و الهاء: أصل واحد يدل على مقابلة لشى‏ء.
و الوجه مستقبل لكل شى‏ء. يقال وجه الرجل و غيره. و ربما غبر عن الذات بالوجه. [و] تقول: وجهى إليك. قال:
                        معجم مقاييس اللغه، ج‏6، ص: 89
         أستغفر الله ذنبا لست محصيه             رب العباد إليه الوجه و العمل «1»

و واجهت فلانا: جعلت وجهى تلقاء وجهه.
و من الباب قولهم: هو وجية بين الجاه. و الجاه مقلوب. و الوجهة: كل موضع استقبلته. قال الله تعالى: و لكل وجهة

. و وجهت الشى‏ء: جعلته على جهة «2». و أصل جهته وجهته. و التوجيه: أن تحفر تحت القثاءة أو البطيخة ثم تضجعها. و توجه الشيخ: ولى و أدبر، كأنه أقبل بوجهه على الآخر. و يقال للمهر إذا خرجت يداه من الرحم: وجيه.

 

 

4.مفردات

أصل الوجه الجارحة. قال تعالى: فاغسلوا وجوهكم و أيديكم‏
 [المائدة/ 6]، و تغشى وجوههم النار
 [إبراهيم/ 50] و لما كان الوجه أول ما يستقبلك، و أشرف ما في ظاهر البدن استعمل في مستقبل كل شي‏ء، و في أشرفه و مبدئه، فقيل: وجه كذا، و وجه النهار. و ربما
                        مفردات ألفاظ القرآن، ص: 856
عبر عن الذات بالوجه في قول الله: و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام‏
 [الرحمن/ 27] قيل: ذاته.

 

 

6.التحقیق

و التحقيق:
أن الأصل الواحد في المادة: هو ما يتوجه اليه من شي‏ء، و فيه أيضا معنى مواجهة. و من مصاديقه: ما يتوجه اليه من ذات أو عمل، و مستقبل الشي‏ء الذى يتوجه اليه، و كذلك الحالة المخصوصة الجالبة للتوجه، و المنزلة و الرتبة و الجاه التى توجب توجها، و الجهة و الجانب و المكان يتوجه اليها.
و التوجيه: جعل شي‏ء مورد توجه لشخص أو لشي‏ء، و منه حفر محل لإضجاع بطيخة أو غيرها، أو لإمالة التوجه الى جهة اخرى بالإدبار.

 

 

 

7.معجم اشتقاقی

«المعجم الاشتقاقي المؤصل» (1/ 346):
«• (‌وجه):
{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ ‌وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]»

"وَجْهُ البيت: الحد الذي يكون فيه بابه. ووَجْه الكعبة (زادها الله تشريفًا وتكريمًا): الحد الذي فيه الباب. ووَجْه الإنسان وغيره: معروف. وجّه السُدْفة أي الحجاب - ض: كشفه وأزاله، والمطر الأرضَ: قَشَر وجهها وأثر فيه - كَحَرصَها (قشرها)، والريح الحصى: ساقته ".
 
‌‌° المعنى المحوري مُقْتَبَل ملامح الشيء ومقدَّمه المكشوف الذي يُعرف به وتعرف حقيقته. كوجه البيت والكعبة والإنسان والحيوان، وكتبين ما وراء الحجاب وما تحت الحصى من سطح الأرض. ومنه "الوجيه من الخيل: الذي تخرج يداه معًا عند النتاج (يخرج بمقدمه). فمن الوجه المعروف {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144 وكذا 149، 150]، {فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي} [يوسف: 93] , وسائر كلمة (وجه) في القرآن إما حقيقة وإما كناية مع التوسع في معناها - مثل {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9] وكذا {أَقِمْ وَجْهَكَ} [يونس: 105، الروم: 30، 143] {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 29] انصبوا قلوبكم مع وجوهكم عند كل داعية سجود (أخذًا من الإقامة ومن الوجه الذات) [وينظر قر 7/ 188، بحر 4/ 289]. {أَسْلَمَ وَجْهَهُ} [البقرة 112، النساء 125، وكذا ما في آل عمران 20، لقمان 22]، {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 79]، {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11]، {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} [طه: 111] خص الوجوه لأن آثار الذل إنما تظهر أولا في الوجوه [بحر 6/ 260] أقول وكذا غير الذل. {مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} {سِيْئَتْ وُجُوهُ} [الملك 22، 27]، {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7]. وسائر ما بقى أيضًا تصلح فيه الكناية {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108] أي على ما شهدا (وانكشف لهما) حقيقة دون إنكار

ولا تحريف، ولا كذب [بحر 4/ 51] {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]: أي قِبلةُ الله. [طب 2/ 536] وتفسير هذا بأنه تعبير عن قرب المولى عز وجل من عباده في كل مكان وزمان وحال أنسب للإطلاق في (أينما)، {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: 272] (أي طلبًا للوصول إليه أي إلى رضوانه عز وجل وكذا كل {ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} {وَجْهِ رَبِّهِمْ} وما بمعناها {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ذاته عز وجل): قبلة [طب 3/ 148]. ووَجْهُ النهار: أوله (ملتقاه) {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ} [آل عمران: 72]. والوجهة - بالكسر: القبلة (طريق ومنحى إلى الملتقى) .. {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148] ووجّهه - ض: أرسله (الأصل: أداره إلى ملتقَى) {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ} [النحل: 76] {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: 22]. وأما توجه الرجل: كَبِر سِنُّه وولّى. فمن المعنى وكأن المراد توجه إلى لقاء ربه. و "الوِجَاه والتِجاه: الوجه الذي تقصده. والجاه: المنزلة والقدر عند السلطان (مقلوب من الوجه: أي هو ذو وَجْه يُقْصَد أو هو جِهة تُقْصَد). ورجل مُوَجَّه - كمعظم ووجيه: ذو جاه ". {وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69] , {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [آل عمران: 45]: ذا وجه ومنزلة عالية عند الله وشرفٍ وكرامة. يقال للرجل الذي يَشْرُفُ وتعظّمُه الملوكُ والناسُ وَجِيه [طب 6/ 415]- كأن أصل المراد: ذو وجه كريم أو شريف).

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 20/9/2021 - 19:29

 و لا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك إلا لمعنى واحد

محقق اصفهانی:

نهایه الدرایه، ج 1 ، ص153

و منه تعرف: أن الاستعمال لو فرض- محالا- تحقّقه بلا لحاظ لكان محالا، و إنه لا يدور الامتناع و الجواز مدار امتناع تقوّم الواحد بلحاظين و عدمه.
و أما الامتناع بواسطة الجمع بين لحاظين في لحاظ واحد، فهو و إن كان حقا، إلا أن اللفظ و المعنى من أعظم أركان الاستعمال، فالعدول عن التعليل بلزوم تعدّد الواحد في اللفظ إلى مثله في اللحاظ، بلا وجه بل يجب الاستناد في الاستحالة إلى ما ذكرنا، لا إلى امتناع تقوّم الواحد بلحاظين؛ ضرورة أن اللفظ بوجوده الخارجي لا يقوّم اللحاظ، بل المقوّم له صورة شخصه في افق النفس، فأي مانع من تصوّر شخص اللفظ الصادر بتصورين في آن واحد مقدمة لاستعمال اللفظ الصادر في معنيين لو لم يكن جهة اخرى في البين.

 




آیت الله بهجت:

                        مباحث الأصول، ج‏1، ص: 163-164

 (تقرير إشكال اجتماع اللحاظين على مبنى كون الاستعمال إيجادا)
و كيف كان فقد يقال: إنّ كان الاستعمال جعل اللفظ علامة على المعنى، فلا مانع من إعلامين بلفظ واحد مجعول علامة بالوضع الشخصي أو النوعي أو بهما.
و إن كان إيجاد المعنى باللفظ، فلازمه- مع تعدّد المعنى- اجتماع اللحاظين في واحد حكما؛ فإنّ اللفظ الواحد في استعمال واحد و إيجاد واحد، ملحوظ بلحاظين، كلّ منهما مقوّم لاستعمال واحد و إرادة إفهام معنى واحد بذلك اللفظ.
و فيه محذور اجتماع المثلين و إن لم يكن منه حقيقة، إذ اللّحاظان وجودان ذهنيان لا خارجيّان، و الملحوظ ماهيّة الوجود الخارجي، لا الموجود الخارجي؛ فغاية
                   ما فيه، عدم قبول ماهيّة واحدة لوجودين ذهنيّين كانا أو خارجيّين مع التحفّظ على وحدتها بأيّة شخصيّة كانت، بل حيث كان مقوّم اللّحاظ صورة ما في الخارج، فمعروض الوجود الذهنيّ غير الوجود الخارجي، إلّا أنّه بنظر الملاحظ عينه، فلا يمكن لحاظه لواحد خارجي فرضا، بلحاظين في زمان واحد.و دعوى «1» أنّ الأمور الذهنيّة تابعة للقصد، و اللّحاظ من هذا القبيل، فلحاظ اللفظ آلة لمعنى ملحوظ مستقلّا، غير لحاظه آلة لمعنى آخر، مدفوعة بأنّ معلول العلّة الغائيّة نفس لحاظ اللفظ، لا اللحاظ بوصف معلوليّته بنحو الحيثيّة التقييديّة حتّى يلزم تغاير اللّحاظين و عدم كونهما مثلين

...

ص ١۶۵

و يمكن أن يقال: إنّ متعلّق اللحاظ المصحّح للاستعمال و إيجاد اللفظ لتفهيم المعنى، طبيعيّ اللفظ لا شخصه، و لا محذور في تعدّد وجود طبيعة واحدة في زمان واحد من شخص واحد، لغايتين متعدّدتين، كما نلاحظ وجودي الطبيعة في زمان واحد، تصوّرا لا تصديقا، لاشتراكهما في المحذور العقلي المراد في هذا الوجه. و تأثير لحاظي الطبيعة في إيجاد واحد، لازمه تأثير مجموع السببين المجتمعين، في الواحد، [بحيث‏] لو انفردا، أثّر كلّ منهما في إيجاده لإحدى الغايتين؛ فلمّا اجتمعا، أثّرا معا و تحقّقت الغايتان و هو إفهام المعنيين، و المفروض وفاء مقام الإثبات بالإفهام.
 (إثبات أنّ متعلّق اللحاظ، طبيعيّ اللفظ)
و أمّا أنّ المتعلّق هو الطبيعة لا الشخص، فلمكان أنّ المعلول متأخر رتبة عن العلّة الحقيقيّة، و متعلّق اللحاظ متقدّم- طبعا- على اللحاظ المؤثّر في وجود اللفظ خارجا؛ و لا يمكن تعلّق اللحاظ و أيّ وجود بما هو متأخّر عنه بشخصه المعلول لذلك اللّحاظ، مع كون العليّة حقيقيّة لا اعتباريّة، كما في الوجود مع الماهيّة؛ فإنّه حينئذ في مرتبة وجود العلّة، لا شي‏ء تتعلّق به، فضلا عن تقدّمه عليها، لفرض تأخّر المعلول عن رتبة العلّة؛ فنفس الملحوظ موجود بعين وجود اللحاظ، و لا يمكن أن يكون المعلول موجودا بعين وجود العلّة الحقيقيّة للمعلول الحقيقي.




****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 20/9/2021 - 20:7

انعکاس شرطی

شرطی‌شدن کلاسیک(نام‌های دیگر:شرطی‌شدن واکنشی، شرطی‌شدن نوع I)

 

یک نوع یادگیری همخوان یا تداعی است. در شرطی‌شدن کلاسیک جانور یادمی‌گیرد که بین یک محرک بی‌اثر، با یک پاداش یا تنبیه کردن ارتباط برقرار کند.
ایوان پاولف

اصطلاح شرطی‌شدن کلاسیک نخستین‌بار توسط ایوان پاولف، فیزیولوژیست روسی، پیشنهاد شد. مشاهده ابتدایی‌ای که پاولف را به سمت این نظریه سوق داد، این بود که بزاق دهان سگ‌ها صرفاً با دیدن کسی که قبلاً چندبار به آنها غذا داده‌است، ترشح می‌شود؛ حتی اگر شخص اکنون غذایی به همراه نداشته باشد.[۱]
محتویات

    ۱ آزمایش‌های پاولف
    ۲ فراگیری و خاموشی
    ۳ تعمیم و افتراق
    ۴ رسکورلا:پیش‌بینی‌پذیری و عوامل شناختی
    ۵ شرطی‌شدن کلاسیک در انسان
    ۶ شرطی‌شدن در ادبیات و فرهنگ عامه
    ۷ پیوند به بیرون
    ۸ پانویس

آزمایش‌های پاولف
برای اندازه‌گیری مقدار بزاق ترشح شده، فیستولی به مجرای بزاق سگ متصل شده و از طریق گونهٔ حیوان به خارج راه داده شده بود. تصویر از مدل نمایش داده شده در موزهٔ پاولف برداشته شده‌است.

ترشح بزاق نوعی پاسخ طبیعی به غذاست؛ هرگاه پاولف پودر گوشت (محرک طبیعی، غیرشرطی) را به سگ گرسنه می‌داد، بزاق سگ (پاسخ طبیعی) ترشح می‌شد.[۲]

پاولف پس از مدتی متوجه شد که حتی اگر غذایی به همراه نداشته باشد، با دیدن او بزاق سگ ترشح می‌شود. پاولف بر این اساس آزمایشی را طراحی کرد. او هم‌زمان با دادن پودر گوشت زنگی را به صدا درمی‌آورد. صدای زنگ محرکی بود که ارتباطی با غذا نداشت و به تنهایی برای سگ بی‌مفهوم بود؛ امّا به دنبال تکرار این کار، سگ بین صدای زنگ و غذا ارتباط برقرار کرد؛ به‌طوری که با صدای زنگ، حتی بدون وجود غذا بزاق او ترشح می‌شد. به عبارتی سگ نسبت به همراه بودن صدای زنگ و پودر گوشت، شرطی شده بود.[۲]

در این نوع یادگیری، هرگاه یک محرک بی‌اثر (مثلاً صدای زنگ)، به همراه یک محرک طبیعی (مثلاً غذا) به جانور عرضه شود، پس از مدتی محرک بی‌اثر به تنهایی سبب بروز پاسخ (مثلاً ترشح بزاق) در جانور می‌شود. به این محرک جدید محرک شرطی می‌گویند؛ زیرا به شرطی می‌تواند سبب بروز رفتار شود که پیش از آن همراه با یک محرک طبیعی باشد. به محرک طبیعی، محرک غیرشرطی نیز گفته می‌شود.[۲]

پیش از شرطی‌شدن، محرک طبیعی یا غیرشرطی(US) باعث پاسخ طبیعی یا غیرشرطی(UR) می‌شود. در جانوری که شرطی شده‌است؛ محرک شرطی یا بی‌اثر(CS) نیز، باعث پاسخ شرطی(CR) می‌شود.[۳]
فراگیری و خاموشی
مقایسهٔ شرطی‌شدن تأخیری و ردی

هر نوبت که CS و US باهم ارائه شوند؛ یک کوشش(T) نامیده می‌شود. در اثر تکرار کوشش‌ها جاندار در مسیر فراگیری(A) قرار می‌گیرد؛ یعنی دوره‌ای که جانور در حال تداعی دو محرک و ایجاد ارتباط میان آن‌هاست.[۳]

بر اساس فاصلهٔ زمانی ارائهٔ محرک‌های شرطی و غیرشرطی سه حال پیش می‌آید:

    شرطی‌شدن همزمان:ارائهٔ همزمان محرک شرطی و غیرشرطی؛ و محرک شرطی تا آغاز پاسخ باقی می‌ماند.
    شرطی‌شدن تأخیری(Delayed):ارائهٔ محرک شرطی چند ثانیه پیش از محرک غیر شرطی؛ و محرک شرطی تا آغاز پاسخ باقی می‌ماند.
    شرطی‌شدن ردی(Trace):ارائهٔ محرک شرطی چند ثانیه پیش از محرک غیر شرطی؛ و قبل از ارائهٔ محرک غیرشرطی، محرک شرطی حذف می‌شود.

تکرار محرک شرطی بدون ارائهٔ محرک غیرشرطی، منجر به حذف پاسخ شرطی خواهد شد که این مسیر، خاموشی(E) نام گرفته‌است.[۳]

در هر دو مسیر فراگیری و خاموشی، در آغاز تغییرات سریع‌تر اتفاق افتاده و به تدریج سرعت تغییرات کاهش می‌یابد.[۳]
تعمیم و افتراق

هنگامی که جانوری شرطی شده باشد و در برابر محرکی شرطی، پاسخی شرطی بدهد؛ در برابر محرک‌های شرطی مشابه هم پاسخ می‌دهد. برای مثال سگی که در برابر صدای سوت پاسخ ترشح بزاق را نشان می‌دهد؛ به سوت‌های بالاتر و پایین‌تر نیز همان پاسخ را ارائه می‌دهد.[۳]

اصل تعمیم بیان می‌کند که هر چه یک محرک شرطی جدید، با محرک شرطی پیشین شباهت بیش‌تری داشته باشد، احتمال بروز پاسخ شرطی در برابر محرک جدید افزایش می‌یابد.[۳]

افتراق واکنش به تفاوت‌هاست؛ از طریق تقویت افتراقی افراد شرطی می‌شوند تا دو محرک را از هم تمیز دهند.[۳]
رسکورلا:پیش‌بینی‌پذیری و عوامل شناختی

تبیین پدیدهٔ شرطی‌شدن با استفاده از رویکرد رفتارگرا، روشی متداول است؛ امّا برخی روان‌شناسان با رویکرد شناختی، بر این باورند که عامل زیربنایی در شرطی‌شدن کلاسیک اطلاعات قبلی جانور، و سپس فرآهم آمدن اطلاعاتی تازه در مورد پیوند دو محرک است.[۳]

پاولف عامل اساسی در شرطی‌شدن کلاسیک را مجاورت زمانی و فراوانی دفعات همراهی CS و US می‌دانست. دیدگاه شناختی در تبیین شرطی‌شدن کلاسیک، پیش‌بینی‌پذیری را به جای مجاورت مطرح می‌کند. رسکورلا در آزمایش‌هایی مهم نشان داد که در شرطی‌شدن، CS باید پیش‌بینی کنندهٔ US باشد و احتمال وقوع US در مواقع ارائهٔ CS باید بیش‌تر از زمانی باشد که CS ارائه نمی‌شود.[۳]
شرطی‌شدن کلاسیک در انسان

یادگیری کودک دربارهٔ اینکه به دنبال مشاهدهٔ سینهٔ مادر، مزهٔ شیر خواهد آمد، نمونه‌ای از شرطی شدن کلاسیک است.[۳]

حالت تهوع هنگام شیمی‌درمانی برای بیماران سرطانی یک واکنش طبیعی است. امّا مشاهده می‌شود که گاهی این بیماران به محض ورود به اتاق درمان دچار حالت تهوع می‌شوند. حتّی مشاهده شده‌است هنگامی که به کودکان سرطانی پیش از شیمی‌درمانی بستنی داده می‌شود؛ کودک در مواقع دیگر نیز نسبت به بستنی شرطی شده و حتی اگر شیمی‌درمانی انجام نشود؛ پس از خوردن بستنی استفراغ می‌کند.[۳]

بر این اساس جان واتسون بر این باور است که عواطف عمیق در انسان ممکن است از طریق شرطی‌شدن کلاسیک ایجاد شوند؛ از آن جمله می‌توان به شرطی شدن ترس در کودکی با دیدن کلاه پوستی سفیدرنگ اشاره کرد؛ چرا که خرگوشی سفید سابقاً دست او را گاز گرفته بود.

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 9/10/2021 - 14:19

كلام شهید صدر

نظریه القرن الاکید

     بحوث في علم الأصول، ج‏2، ص: 49-55

التحقيق في حقيقة الوضع‏
البحث في حقيقة الوضع، هو بحث في كيفية نشوء الدلالة بين اللفظ و المعنى، و أنه كيف يصبح اللفظ سببا لتصور المعنى، بعد أن لم يكن بحدّ ذاته سببا لذلك؛ ما ذا يصنع الواضع لكي يجعل اللفظ سببا للانتقال إلى المعنى، مع أن اللفظ بطبعه و ذاته، ليس سببا للانتقال إلى المعنى.
و تحقيق ذلك أن يقال:
إنه في باب الانتقال من إدراك شي‏ء إلى تصور شي‏ء يوجد ثلاث قوانين تكوينية ثابتة مخلوقة من قبل خالق العالم الذي وضع القوانين التكوينية لهذا العالم، و هذه القوانين التكوينية الثلاثة نصطلح عليها: بالقانون الأولي التكويني، و القانون الثانوي التكويني الأول، و القانون الثانوي التكويني الثاني.
القانون الأولي التكويني: هذا القانون التكويني الأولي، هو أنّ الإدراك و الإحساس بشي‏ء، يوجب الانتقال التصوري إلى معناه، مثلا الإحساس ب (الأسد) يوجب الانتقال إلى تصور معنى الحيوان المفترس، فهذه سببية واقعية تكوينية مبنية على قانون تكويني خلقه اللّه تعالى، حين خلق الإنسان و أعطاه إحساسه و خياله و تصوره، جعل هذه السببية تكوينا، بحيث أن الإحساس بشي‏ء يوجب الانتقال إلى تصور معنى ذاك الشي‏ء؛ فالإحساس‏
                       بشي‏ء سبب، و تصور معناه مسبّب. هذا هو القانون الأولي التكويني.
القانون الثانوي التكويني الأول: هو إنّ الإنسان لو لم يحس بالشي‏ء، و لكن أحسّ بما يشابه ذلك الشي‏ء، فأيضا ينتقل منه إلى تصور ذلك المعنى و إن كان لم يحسّ به، و لكن أحسّ بمشابهه، فهذا القانون يقتضي أيضا الانتقال إلى المعنى؛ مثلا: نحن نرسم صورة (الأسد) على الورق، فإذا رأى إنسان هذه الصورة، يتصور في ذهنه الحيوان المفترس، مع أنه لم ير الحيوان المفترس نفسه، و لكن رأى المشابه له من بعض الجهات، لكن حينئذ إدراك المشابه يعوّض عن إدراك نفسه، فيكون سببا أيضا للانتقال إلى معنى الحيوان المفترس و هذا القانون ليس مربوطا بالواضع، و لا بجعل الواضع بوجه من الوجوه، و هو حاكم على القانون التكويني الأولي، لأنّ القانون التكويني الأولي مفاده. من أحس بالحيوان المفترس ينتقل ذهنه إلى تصور معناه، و هذا القانون الثانوي الأول يجعل الإحساس بالمشابه بمنزلة الإحساس به، فله حكومة عليه، و لكنها حكومة تكوينية، لا حكومة تنزيلية ادعائية اعتبارية، بل هي حكومة واقعية، بمعنى أن يجعل المشابه، له الأثر نفسه الموجود بالمشابه، فمتى ما رأينا صورة (الأسد) على الورق. انتقلنا إلى صورة الحيوان المفترس، هذا هو القانون الثانوي التكويني الأول.
القانون الثانوي التكويني الثاني: و هذا القانون الذي له أيضا حكومة على القانون التكويني الأولي، مفاده أنه لو لم نر الحيوان المفترس، و لم نر أيضا شيئا مشابها له على الورق، لكن أدركنا شيئا كان يقترن مع الحيوان المفترس بوجه مخصوص، اقترانا مخصوصا شديدا، حينئذ ننتقل منه إلى تصور الحيوان المفترس، فإذا فرضنا أن شيئا كان يقترن مع شي‏ء آخر، اقترانا مخصوصا، و حينئذ إذا أدركنا أحدهما و رأيناه، ينتقل ذهننا أيضا إلى الآخر، فكأن المقترن أيضا يصير له هذه الحالة، و هي أنه يوجب الانتقال الذهني و التصوري إلى شكل الشي‏ء الآخر الذي كان مقترنا معه بوجه مخصوص.
و هذا الاقتران المخصوص تارة تكون الخصوصية فيه خصوصية كمية،
                   بحيث تنشأ هذه الخصوصية بسبب كثرة الاقتران، كما لو فرضنا أنّ أحد الشيئين اقترن بالآخر مئات المرات، مرارا و تكرارا، فحينئذ إذا رأينا أحدهما، انتقل ذهننا تصورا إلى الآخر، فمثلا: في علم الرجال دائما نرى (النوفلي) يروي عن (السكوني)، ف (النوفلي) و (السكوني) مقترنان في تصورنا متى ما رأينا (نوفلي) رأينا (سكوني)؛ فلو رأينا على ورق في مرة من المرات كلمة (سكوني) ينتقل ذهننا فورا إلى (النوفلي)، لأن (السكوني) رأيناه مرارا و تكرارا مع (النوفلي)، فأصبح للسكوني هذه الحالة، و هي أنه متى ما رأيناه انتقل ذهننا تصورا إلى (النوفلي).
و تارة أخرى تكون تلك الخصوصية خصوصية كيفية، بحيث لم تنشأ من كثرة الاقتران مرارا و تكرارا، بل قد يتفق أن يقترن أحد الشيئين بالآخر مرة واحدة، لكن باقتران مخصوص بكيفية مخصوصة، بحيث بعد هذا إذا أدركنا أحدهما ينتقل ذهننا إلى الآخر؛ فمثلا إذا سافر الإنسان إلى بلد «بغداد» و ابتلي بمرض شديد، و بعد هذا رجع، قد يتفق أنه متى ما تصور اسم ذلك البلد، انتقل ذهنه إلى ذلك المرض الذي أصابه، و إن كان البلد مع المرض قد اقترنا مرة واحدة، لكن حيث أنه اقتران من نوع شديد، و بكيفية أكيدة، و لهذا متى ما تصور أحدهما «بغداد» انتقل ذهنه إلى أنه ذهب إلى البلد، و مرض مرضا شديدا.
تطبيقات:
صار واضحا أنه يوجد قانون تكويني أولي، و قانونان تكوينيان حاكمان على القانون التكويني الأولي، و بعد هذا نقول:
إنّ الدلالات التي تواضع عليها الناس فيما بينهم، بعضها بحسب الحقيقة صغريات و تطبيقات لكبرى القانون الثانوي التكويني الأول، و بعضها أيضا صغريات و تطبيقات لكبرى القانون الثانوي التكويني الثاني، و قد يتفق أن يكون بعض هذه الدلالات التي تواضع عليها الناس صغريات و تطبيقات لكبرى القانونين الثانويين التكوينيين معا.
                        بحوث في علم الأصول، ج‏2، ص: 52
فهناك من الدلالات التي تواضع عليها الناس، الإشارات التصويرية، بحيث أصبحت لغة عالمية مللية بين مختلف الملل و النحل، مثالها الإنسان حينما يريد أن يبيّن للآخر أنّ هذا تاجر مثلا، فيحرك بيده بنحو، يجعل بالإشارة صورة يده مشابهة مع ذلك الشخص الذي يريد أن يفهمه إيّاه؛ فمثل هذه نسميها بالإشارات التصويرية التي تواضع عليها الناس منذ القدم، و إلى يومنا هذا، و هي بحسب الحقيقة صغرى، و تطبيق للقانون الثانوي التكويني الأول.
و هنا أيضا نقول: إنّا نخلق باليد و حركتها، حالة مشابهة لطلبة يلبس العمامة، حينئذ هذا الخلق لهذه الصورة يوجب انتقال ذهنه تصورا إلى الطلبة، من قبيل، أنه لو رأى صورة (الأسد) على الورق، ينتقل ذهنه إلى الحيوان المفترس.
فهذه الدلالات الإشارية و الإشارات التصويرية، تكون تطبيقا للقانون الثانوي التكويني الأول.
و هناك ما يكون تطبيقا للقانون الثانوي التكويني الثاني.
فالإنسان منذ البداية كان يلاحظ أن أصواتا معينة تقترن مع حيوانات معينة، فالنهيق، و الزئير، هذه أصوات معينة لحيوانات معينة، فكلما رأينا (الأسد)، سمعنا معه زئيره و كلما رأى (الحمار) سمع معه نهيقه، و هكذا اقترن اقترانا متكررا، و حينئذ إذا سمعنا الزئير و لم نر (الأسد) بعينه، فسماع الزئير نفسه متكررا، يوجب انتقال الذهن إلى صورة (الأسد) إلى معنى الحيوان المفترس.
و هذا بحسب الحقيقة تطبيق و صغرى للقانون الثانوي التكويني الثاني، لأنّ الزئير اقترن مرارا عديدة مع شكل (الأسد)، و حينئذ بعد هذا، إذا سمعنا الزئير نتصور في ذهننا صورة الحيوان المفترس.
و هناك ما يكون تطبيقا لكلا القانونين معا، فمثلا.
                     قد يتفق لنا أن لا نسمع الزئير بل نسمع صوتا شبيها بالزئير، بأن كان إنسان يقلّد (الأسد)، حينئذ ينتقل الذهن فورا إلى صورة (الأسد)، و هذا تطبيق لكلا القانونين معا؛ لأنّ الذهن انتقل من شبيه الزئير إلى الزئير، و هذا تطبيق للقانون الثانوي التكويني الأول، و انتقل الذهن من الزئير إلى (الأسد)، و هذا تطبيق للقانون الثانوي التكويني الثاني، لأنّ الزئير مقترن (بالأسد) مرارا عديدة.
و أيضا لو أنّ إنسانا لا يعرف اللغة، و أراد أن يفهم إنسانا آخرا، أنّ هناك أسد، فيصدر صوتا شبيها بالزئير، و ذاك يلتفت فورا إلى أنّ هناك (أسد)؛ فهنا بحسب الحقيقة، دلالة هذا الصوت الشبيه تتم ببركة ضم أحد هذين القانونين الثانويين إلى الآخر. و كذلك يضم هذان القانونان، لو أردنا أن نعبر بهذا الصوت عن رجل شجاع، و هذه الدلالة، و هي دلالة الصوت الشبيه بصوت (الأسد)، على الرجل الشجاع، تكون بتطبيقات عديدة لهذين القانونين، لأنّ الصوت الخارج من الإنسان يدل على الزئير من باب دلالة الشبيه على الشبيه الآخر، و الزئير يدل على (الأسد)، و (الأسد) يدل على الرجل الشجاع؛ فبتطبيقات عديدة لهذين القانونين أصبح هذا الصوت يدلّ على الرجل الشجاع.
و إلى هنا نرى أن الإنسان بلا عناية من قبله، و في حدود هذين القانونين الثانويين التكوينيين المخلوقين من قبل اللّه تعالى، أمكن أن يوجد لنفسه لغة، لأنّه بأصوات متعددة يمكن أن يفهم أشياء متعددة، فهو يفهم إمّا أصحاب الأصوات أنفسهم، و هذا تطبيق للقانون الثاني، أو يفهم ما يشبه أصحاب الأصوات، و هذا ضم لأحد القانونين إلى الآخر.
و هكذا و بلا إعمال عناية من قبل الإنسان، حصلت لغة، و هذه اللغة و هذه الدلالة- دلالة اللفظ على المعنى- لا يتدخل فيها أي عناية من قبل الإنسان، لا في الكبرى و لا في الصغرى؛ لا في كبرى القانون، لأنها تكوينية مجعولة من قبل خالق الإنسان، و خالق العالم، و لا في صغرى القانون- الزئير
                      قد اقترن مرارا عديدة- لأنها أمر طبيعي صدفتي، فصدفة اقترن الزئير مع (الأسد) لا بفعل أي إنسان في العالم، و بدون أي تصرف من أحد.
الوضع التعييني و التعيّني:
إذن صار واضحا أن بعض الدلالات التي تواضع عليها الناس، ما يكون تطبيقا للقانونين الثانويين الأول و الثاني، كما في مقام تفهيم الرجل الشجاع، حيث أن الإنسان يستعمل صوتا شبيها بصوت الأسد لتفهيم شخص آخر بأن زيدا من الناس شجاع. فلو فرضنا أن هذا المستعمل للصوت الشبيه بالزئير، كرّر هذه العملية، مرارا و تكرارا، بحيث اقترن هذا الصوت مع هذا المعنى في الذهن، مرارا عديدة، حينئذ يصبح هذا بنفسه تطبيقا للقانون الأول، بلا حاجة إلى ضم مسألة المشابهة، و حينئذ يصبح هذا الصوت بنفسه يدل ابتداء على الرجل الشجاع، بلا حاجة إلى توسط أن هذا شبيه بالأسد، و إلى أن هذا صوت شبيه بصوت الأسد، بل بتكرره يصبح هذا الصوت بنفسه دالا على الرجل الشجاع، و هذا هو معنى الوضع التعيّني فالوضع التعييني الذي نقول بأنه ينشأ من كثرة الاستعمال، حقيقته هذا النحو، يعني إيجاد صغرى من قبل الإنسان للقانون الثاني، و هو أن إدراك أحد المتقارنين بوجه مخصوص، يؤدي إلى الانتقال إلى مقارنه و تصوره، فمثلا: الإنسان يوجد الصغرى- التقارن بين هذا الصوت الفلاني و بين الرجل الشجاع- فإذا أوجد هذا التقارن متكررا، فقد أوجد الصغرى من القانون الثاني، و هذه الصغرى هي الوضع التعيّني.
إذن فالوضع التعيّني: هو إيجاد صغرى للقانون الثاني، إيجاد تقارن متكرر بكثرة الاستعمال بين اللفظ و المعني‏
ثم إنّ الإنسان يصبح عنده ألفة و استيناسا بأن ينتقل من الأصوات إلى المعاني بحيث يصبح هذا الأمر مألوفا، فإذا سمع صوتا يعرف أن هذا لا بد له من معنى، هنا يجي‏ء الوضع التعييني، فحينئذ الواضع طبقا للحاجة يضع بعض الألفاظ لبعض المعاني، يعني يقرن ما بينهما قرنا آنيا دفعيا في عملية ملفتة للنظر مؤكدة، من قبيل عملية المرض «ببغداد».
                       فالوضع التعييني يحسب الحقيقة هو: إيجاد صغرى لكبرى القانون التكويني الثانوي الثاني، و ليس فيه أي تصرف من قبل الواضع، سوى إيجاد صغرى لهذا القانون، بأن يقرن أحدهما بالآخر قرنا أكيدا شديدا.
و من هنا يتضح من أن إتعاب النفس، في أنّ الواضع هل يعتبر اللفظ على المعنى، أو تحت المعنى، أو أداة للمعنى، أو وجودا تنزيليا للمعنى، كل هذا لا معنى له، لأن النكتة المطلوبة من الوضع، هي إيجاد صغرى لهذا القانون التكويني في نفسه. و إيجاد الصغرى، بأن يوجد حادثة، بحيث يقترن فيها اللفظ مع المعنى، اقترانا أكيدا شديدا

و هذا الاقتران الأكيد الشديد، تارة يحصل بكثرة الاستعمال، و أخرى يحصل بإنشاء، كإن يرزق ولد مثلا و يقول:
سمّيته عليا. هذا هو الوضع التعييني.

 

                        بحوث في علم الأصول، ج‏1، ص: 82

هذا هو حقيقة الوضع؛ فالواضع بحسب الحقيقة يمارس عملية الإقران بين اللفظ و المعنى بشكل أكيد بالغ، و هذا الاقتران البالغ إذا كان على أساس العامل الكمي- كثرة التكرار- سمي بالوضع التعيني و إذا كان على أساس العامل الكيفي سمي بالوضع التعييني

مميزات النظرية المختارة في الوضع‏
و في ضوء هذا التحليل لحقيقة الوضع تتضح الأمور التالية:
1- ان الوضع ليس مجعولا من المجعولات الإنشائية و الاعتبارية كالتمليك بعوض المجعول في باب البيع مثلا. و إنما هو أمر تكويني يتمثل في أشراط مخصوص بين اللفظ و المعنى المحقق لصغرى قانون الاستجابة الشرطية الّذي هو قانون طبيعي.
و قد يستخدم الإنشاء لإيجاد هذا الأشراط- كما في الوضع التعييني- و لكن هذا لا يعني ان الأشراط هو المنشأ بل نفس الإنشاء بما هو عملية تكوينية تصدر خارجا يحقق الأشراط المطلوب


استعمال اللفظ فی اکثر من معنی

                        بحوث في علم الأصول، ج‏3، ص: 103-104
الوجه الثالث:
ما ذكره صاحب الكفاية «1» (قده)، و توضيحه، أن الاستعمال هو عبارة عن إراءة المعنى باللفظ، بحيث أن لحاظ اللفظ يكون لحاظا آليا مرآتيا، و لحاظ المعنى لحاظا استقلاليا، تماما كمن يرى الصورة في المرآة فهو لا يرى المرآة بما هي هي، و إنما يراها فانية و آلة للصورة، و هو يرى الصورة و يلحظها لحظا استقلاليا، و كذلك الحال في باب الاستعمال، فاللفظ بالنسبة للمعنى هو كالمرآة بالنسبة للصورة فيكون اللفظ فانيا في المعنى على حدّ فناء المرآة في ذيها.
و بناء على هذا، فاستحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنى واضحة، لأن اللفظ بعد فنائه في هذا المعنى لا يعقل أن يفنى في المعنى الآخر و في عرض واحد، إذ معنى فنائه أنه في عالم التصور قد استهلك في جنب هذا المعنى، و معه لا يعقل أن يستهلك في نفس الوقت في جنب معنى آخر.
و هذا البيان تعرض له السيد الأستاذ قائلا «2»، بأن هذا مبني على المشهور في الوضع، فإذا قيل بأن الوضع عبارة عن الاعتبار و التنزيل، فكأن اللفظ أفني في المعنى، و حينئذ يتم هذا البيان و أما إذا قلنا بأن الوضع عبارة عن التعهد بأنه متى ما أتى باللفظ يجعله علامة على هذا المعنى المخصوص فليس بابه باب الإفناء فلا يتم البيان المذكور.
و التحقيق أن برهان المحقق الخراساني غير مربوط بباب الوضع، بل هو مربوط بتشخيص معنى الاستعمال، و في هذا المقام، قد يقال.
إن حقيقة الاستعمال هو الإفنائية و المرآتية، و قد يقال، إنه العلامية، فهنا احتمالان، أحدهما، أن يكون الاستعمال بابه باب المرآة و ذيها، فاللفظ مرآة و المعنى ذو المرآة، و الآخر، أن يكون باب الاستعمال باب العلامة و ذيها، من قبيل العامود على رأس الفرسخ.
و حينئذ، كلا الاحتمالين معقول على جميع المباني في الوضع، فيمكن لصاحب التعهد أو لصاحب الاعتبار، أن يختار الاحتمال الأول، أو الاحتمال الثاني، و حيث أنه لا برهان على أن يكون الاستعمال متعينا في باب المرآة، كما أنه لا برهان أيضا على تعيّنه في باب العلامة، فحينئذ لا يتم برهان صاحب الكفاية، حيث يجاب، بأن ما ذهب إليه إنما يتم لو اتبع المستعمل طريقة الاستعمال المرآتي، و أما إذا اتبع طريقة الاستعمال العلامي، فلا بأس أن يجعل اللفظ علامة على شيئين سواء كان بانيا في الوضع على التعهد أو الاعتبار.
نعم حيث أن المرآتية في الاستعمال هي الغالب، و هي المنصرف من الاستعمال بحسب المحاورات العرفية، و لهذا يكون ذلك هو النكتة العرفية في استظهار أن لا يكون اللفظ مستعملا في أكثر من معنى، و هناك من اضطره القول بأن استعمال اللفظ في أكثر من معنى هو على خلاف الظهور العرفي، لأخذ قيد الوحدة في المعنى الموضوع له.
و قد عرفت أن المناط في ذلك، هو أن الآلية في الاستعمال هي على طبق الظهور العرفي، و مع الآلية لا تعدّد في المعنى المستعمل فيه.
إذن فبحسب الحقيقة، استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى أمر معقول ثبوتا، على أن يكون بنحو العلامية، لا بنحو المرآتية، لكن حيث أن ظاهر الاستعمال عرفا هو المرآتية، لهذا يصير فهم معنيين و استعمال اللفظ في معنيين على خلاف الظهور العرفي للدليل.

و عليه لا يصح استعمال اللفظ في أكثر من معنى ثبوتا و إثباتا.






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 6/11/2021 - 19:58

تفسیر عجیب ملا فتح علی سلطان آبادی

حقائق الأصول، ج‏1، ص: 95-96

«فائدة»: حدث بعض الأعاظم دام تأييده- أنه حضر يوما منزل الآخوند (ملا فتح علي قدس سره) مع جماعة من الأعيان منهم السيد إسماعيل الصدر (ره) و الحاج النوري صاحب المستدرك (ره) و السيد حسن الصدر دام ظله فتلا الآخوند (ره) قوله تعالى: (و اعلموا أن فيكم رَسولَ اللَّهِ لو يُطيعكم في كثير مِن الأمر لعنتم و لكن اللَّه حبب إليكم الإيمان ... الآية) ثم شرع في تفسير قوله: تعالى فيها: حبب إليكم ... الآية و بعد بيان طويل فسرها بمعنى لما سمعوه منه استوضحوه و استغربوا من عدم انتقالهم إليه قبل بيانه لهم، فحضروا عنده في اليوم الثاني ففسرها بمعنى آخر غير الأول فاستوضحوه أيضا و تعجبوا من عدم انتقالهم إليه قبل بيانه، ثم حضروا عنده في اليوم الثالث فكان مثل ما كان في اليومين الأولين و لم يزالوا على هذه الحال كلما حضروا عنده يوما ذكر لها معنى إلى ما يقرب من ثلاثين يوما فذكر لها ما يقرب من ثلاثين معنى و كلما سمعوا منه‏ معنى استوضحوه، و قد نقل الثقات لهذا المفسر كرامات قدس اللَّه روحه،






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 6/11/2021 - 20:16

اشکال محشین به راه حل آخوند در مسئله بطون

نهایه النهایه، ج 1، ص 60 ایروانی

قوله فلعله كان بإرادتها في أنفسها إلخ: (2) ليت شعري ما الّذي أراد المصنف (قده) من إرادة تلك المعاني في أنفسها حال الاستعمال (فان) أراد إرادة تفهيمها لكن لا بهذا اللفظ فذلك غير معقول بعد عدم نصب ما يدل على تلك الإرادة و المفروض عدم دلالة هذا اللفظ أيضا عليها (و ان) أراد مجرد إخطارها بالبال مقارنا لذكر اللفظ فذلك لا يجعلها من بطون القرآن و أي مساس له بالقرآن ليكون من بطونه و هل مجرد تصور امر مقارنا لذكر اللفظ يجعله من بطون ذلك اللفظ و معانيه و على كلا التقديرين لا يكون ذلك مدحا و تفخيما للقرآن و مقاما يختص با

 

 


عنایه الاصول، ج 1، ص 115 فیروزآبادی

 (أقول) لو كانت إرادة البطون في أنفسها في حال الاستعمال أمرا معقولا ممكنا فلم قد أريدت في حال استعمال اللفظ بل كانت تراد في حد ذاتها قبل استعمال اللفظ أو بعده مضافا إلى أن البطون ما لم تكن مرادة من نفس اللفظ لم يصدق عليها انها بطونه و أما احتمال كون المراد من البطون لوازم المعنى المستعمل فيه اللفظ فهو خلاف الظاهر

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 6/11/2021 - 20:17

دو وجه دیگر آخوند برای حل مسئله بطون قرآن

                        نهاية النهاية في شرح الكفاية، ج‏1، ص: 60-61

(ثم ان) المصنف (قده) ذكر في مجلس بحثه جوابين آخرين (أحدهما) ان المراد منها بيان دقة معاني كلام اللّه تعالى و خفائها عن الإفهام بحجب سبعة أو سبعين فشبه الحجاب المعنوي بالحجاب الصوري أعني به جلد البطن الحاجب لما في البطن من الأمعاء فمعنى ان للقرآن سبعة بطون أو سبعين بطنا ان معاني القرآن مما لا تنالها افهام غير المخصوصين به كما لا ينال الشخص الشي‏ء المحجوب بحجب متعددة و ليس معناه ان له معاني متعددة (ثانيهما) ان المراد منها ان المعاني و المداليل الكلية القرآنية مصاديق خفية مستورة عن الأذهان قد أطلقت عليها كما أطلقت أيضا على مصداقه الظاهري و اما الاستعمال فلم يقع الا في مفهوم واحد كلي مثل ان يستعمل لفظ الميزان في قوله تعالى و لا تخسروا الميزان في مفهومه الكلي و هو الّذي يوزن به الأشياء لكن قد أطلق على عدة مصاديق بعضها ظهر و بعضها بطن فالظهر هو الّذي ينصرف إليه أذهان أهل العرف أعني به الموازين المادية التي يوزن بها الأعيان الخارجية و اما بطنه فهو الميزان المعنوي الّذي يوزن به إيمان المؤمنين و يمتاز به مراتب إيمانهم بعضهم من بعض أعني به ولاية أمير المؤمنين عليه السلام و أولاده المعصومين سلام اللّه عليهم الا ترى كيف خفي ذلك أي كون الولاية المزبورة من مصاديق‏
مفهوم الميزان على أذهان العامة و لعل هناك معنى اخر أخفى من هذا فيكون ذلك بطنا لهذا البطن و هكذا إلى سبعة أو سبعين‏














فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است



****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 17/2/2024 - 19:12

کلام فخر رازی و پاسخ علامه مجلسی

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏57، ص: 166
 و لله يسجد قال الرازي قد ذكرنا أن السجود على نوعين سجود هو عبادة كسجود المسلمين لله تعالى و سجود هو عبارة عن الانقياد و الخضوع و يرجع حاصل‏
 

                       بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏57، ص: 167
هذا السجود إلى أنها في أنفسها ممكنة الوجود و العدم قابلة لهما لأنه لا يرجح أحد الطرفين على الآخر إلا لمرجح إذا عرفت هذا فنقول من الناس من قال المراد بالسجود المذكور في هذه الآية السجود بالمعنى الثاني و هو التواضع و الانقياد و الدليل عليه أن اللائق بالدابة ليس إلا هذا السجود و منهم من قال المراد بالسجود هاهنا هو المعنى الأول لأن اللائق بالملائكة هو السجود بهذا المعنى لأن السجود بالمعنى الثاني حاصل في كل الحيوانات و النباتات و الجمادات و منهم من قال السجود لفظ مشترك بين المعنيين و حمل اللفظ المشترك لإفادة مجموع معنييه جائز فحمل لفظ السجود في هذه الآية على الأمرين معا أما في حق الدابة فبمعنى التواضع و أما في حق الملائكة فبمعنى سجود المسلمين لله تعالى و هذا القول ضعيف لأنه ثبت أن استعمال اللفظ المشترك لإفادة جميع مفهوماته معا غير جائز قوله من دابة قال الأخفش يريد من الدواب و قال ابن عباس يريد كل ما دب على الأرض فإن قيل ما الوجه في تخصيص الدواب و الملائكة بالذكر قلنا فيه وجوه الأول أنه تعالى بين في آية الظلال أن الجمادات بأسرها منقادة لله تعالى لأن أخسها الدواب و أشرفها الملائكة فلما بين في أخسها و أشرفها كونها منقادة لله تعالى و بين بهذه الآية أن الحيوانات بأسرها منقادة لله تعالى كان ذلك دليلا على أنها بأسرها منقادة خاضعة لله تعالى.
و الوجه الثاني قال حكماء الإسلام الدابة اشتقاقها من الدبيب و الدبيب عبارة عن الحركة الجسمانية فالدابة اسم لكل حيوان جسماني يتحرك و يدب فلما ميز الله الملائكة من الدابة علمنا أنها ليست مما يدب بل هي أرواح محضة مجردة و يمكن الجواب عنه بأن الطير بالجناح مغاير للدبيب «1» بدليل قوله تعالى و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه «2» انتهى «3».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: بان الجناح للطيران مغاير للدبيب.
 (2) الأنعام: 31.
 (3) مفاتيح الغيب: ج 20، ص 43.


                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏57، ص: 168
و أقول التخصيص بعد التعميم أيضا شائع كعطف جبرئيل على الملائكة كما ذكره البيضاوي و ما ذكره من عدم جواز استعمال المشترك في معنييه على تقدير تسليمه لا حاجة في التعميم على حمله على ذلك بل يمكن حمله على معنى الانقياد و التواضع و هو يشمل الانقياد لإرادته و تأثيره طبعا و الانقياد لتكليفه و أمره طوعا كما حمل عليه البيضاوي‏