بسم الله الرحمن الرحیم
الكشف عن مخطوطة شرح الشاطبية للمحقق الحلي أقدم شرح لمؤلف شيعي على قصيدة الإمام الشاطبي-الدوکتور محمد توفیق حمید
کتاب شیعه بهار تا زمستان 1395 - شماره 13 و 14 (7 صفحه - از 564 تا 570 )
قد يحتاج الباحث المدقق، المهموم بتراث أمته وارثها الحضاري، إلى أسابيع وربما إلى شهور القراءة المخطوط المبتور من أوله، وربما من وسطه وآخره. المجهول عنوانه، وكذا اسم مؤلفه. قراءة متأنية، متنبها متيقظا، متسلحا بالصبر والمثابرة غير متذمر من رداءة الكثير من النسخ الخطية، خطا، أو ورقا ، أوهما معًا ، حتى يقطع بصحة نسبته إلى مؤلف بعينه.
ورحم الله الدكتور رمضان حسن عبد التواب المصري (۱۳۴۸ - ۱۴۲۲هـ) حيث قال: وقديما قالوا: لا يعرف الشوق إلا من يكابده». وأنا أقول: لا يعرف الشوك إلا من يخوض هذا الميدان الصعب، ميدان تحقيق النصوص. ولقد ظن بعض أدعياء العلم أن تحقيق النصوص ونشرها عمل هين سهل، وكان لكثرة الدخلاء على هذا أثر في حكمهم هذا، وما درى هؤلاء أن المحقق الأمين قد يقضي ليلة كاملة في تصحيح كلمة، أو إقامة عبارة، أو تخريج بيت من الشعر. أو البحث عن علم من الأعلام في كتب التراجم والطبقات» ( مناهج تحقيق التراث بين القدامى والمحدثين مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى، ۱۳۰۶ هـ ٫ ۱۹۸۵ م ، ص ۴).
وقد من الله علي بتوثيق نسبة شرح على قصيدة الإمام أبي محمد القاسم بن فيره الرعيني الشاطبي الأندلسي ( ت ٥٩٠هـ) - المسماة بـ «حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع - إلى مؤلفه، لا أعرف له سوى نسخة خطية فريدة، مبتورة من أولها وآخرها، ليس فيها من شيء يكشف عن اسم المؤلف سوى عبارة وحيدة، وردت في آخر شرح البيت الأخير من سورة الرعد:
وَفِي الْكَافِرُ الْكُفَّارُ بِالْجَمْعِ ذُلِّلًا.
۷۹۶- وَيُثْبِتُ فِي تَخْفِيفِهِ حَقٌّ نَاصِرٍ
يقول الشارح ..... وقرأ ابن عامر، والكوفيون: (وَسَيَعْلَمُ الكُفَّارُ) على الجمع، والباقون: (وَسَيَعْلَمُ الكافر على الإفراد. لأنه اسم جنس، يفيد معنى الجمع. قيل هكذا. وفي إفادة المفرد المحلى باللام الاستغراق خلاف. والحق عدم الإفادة، وقد بيناه في «نهج الأصول»، و«كشفه». وقوله: ( ذللا) أي: سهل معناه، وأخذه من غير كلفة ومشقة».
فصاحب هذا الشرح على الشاطبية هو نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلي، الفقيه الأصولي الشيعي الإمامي المعروف بالمحقق الحلي (۶۰۲-۶۷۶هـ)
ص 565
حيث قال في كتابه «نهج الوصول إلى علم الأصول»، وهو عينه المطبوع بعنوان: «معارج الأصول» (تحقيق السيد محمد حسين الرضوي، مطبعة سيد الشهداء بقم ، ص ۸۶) في الباب الثالث من الكتاب: « في العموم والخصوص »
الفصل الثاني: فيما الحق بالعموم . وفيه مسائل.
المسألة الأولى: الاسم المفرد إذا دخل عليه لام التعريف أفاد الجنس، لا الاستغراق مشتقاً كان أو غير مشتق ......
وبعد هذا الشارح - فيما أعلم - أول شراح الشاطبية من علماء الشيعة، وهو متقدم على قاضي إصفهان الشريف مجد الدين أبي الفضائل عباد بن أحمد بن إسماعيل بن علي بن الحسن بن شرف شاه الحسني الأصفهاني الشيعي الإمامي. الفقيه الأصولي الأديب المتوفى بعد سنة (٧٠٨هـ)، صاحب كاشف المعاني في شرح حرز الأماني».
وهذه النسخة الخطية الفريدة تحتفظ بها المكتبة الوطنية الإيرانية بمدينة طهران تحت رقم (۴۵۲٫ ۸۷۸۲-۵) بعنوان: «رسالة في القراءة، تقع في (۹۸) ورقة مسطرتها مختلفة، مقاس: (۱۸۵×۱۱۵ مم)، كتبت بخط تحريري عليها تصحيحات، وهي مهداة من أسرة الشيخ جعفر الشوشتري إلى المكتبة الوطنية الإيرانية.
وأول الموجود منها يبدأ أثناء شرح قول الإمام الشاطبي:
۶۲۷- وَضَمَّ اسْتُحِقَّ افْتَحْ لَحِفْصٍ وَكَسْرَهُ وفي الأَولِياتِ الأَولِينَ فَطِبٌ صِلا.
حيث يقول الشارح بضم التاء، وكسر الحاء على المجهول.
وقرأ حمزة، وأبو بكر (الأولين) على أن يكون جمع (أول). والباقون: (الأوليان) على أن يكون تثنية ( أولى)، وقوله: فَطِب صلا) معناه: قطب ذكاء.
۶۲۸- وَضَمَّ الْغُيُوبِ يَكْسِرَانِ عُيُوناً الـ
عُيُون شُيُوحَاً دَانَهُ صُحْبَهُ مِلَا.
قرأ حمزة، وأبو بكر (الغيوب) أين جاء بكسر الغين، وضمير (يَكْسِران) راجع إلى حمزة، وأبي بكر لتقدم ذكرهما بالرمز في قوله: (قطب صلا)، والباقون بضم الغين.
وقرأ ابن كثير، وحمزة والكسائي، وأبو بكر، وابن ذكوان بكسر العين في (عيون)، و(العيون)، منكراً ومعرفاً، وبكسر الشين في (شيوخا)، والباقون بالضم فيهما ......
وتنتهي النسخة بشرح آخر بيت في باب مخارج الحروف وَصِفَاتِهَا الَّتِي يَحْتَاجُ الْقَارِئُ إِلَيْهَا :
١١٥٩ وَأَعْرَفُهُنَّ الْقَافُ كُلُّ يَعُدُّهَا فَهَذَا مَعَ التَّوْفِيقِ كَافٍ مُحَصَلًا.
والضمير في ( أَعْرَفُهُنَّ ) يعود على (قَلْقَلَةٍ) أي: وأعرف القلقلة وأشهرها القاف من غيره.
وكل القوم عدها من حروف القلقلة، فهي مجمع عليها على ذلك، بخلاف البواقي.
والقاف أصل في القلقلة، لكونها ضغطت في موضعها، ولا يمكن الوقف عليها إلا مع الصوت الزائد، لقوة استعلائها. وشدة ضغطها.
قوله: (فَهَذا) إلى آخره، أي فهذا الذي ذكرته إذا عرفه من وفقه الله تعالى يكفي له في هذا العلم، وفي القراءة».