فهرست عامالسورةفهرست قرآن كريم

بسم الله الرحمن الرحیم

آية بعدآية [4905] در مصحف از مجموع [6236]آية قبل

55|4|عَلَّمَهُ الْبَيَانَ




بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
علوم الادب--صرف و نحو و معانی وبیان و بدیع و تجوید و عروض و
علم العروض
علم النحو
علم الصرف
علم المعانی
علم البیان
علم البدیع
علم التجوید

علم الصرف





















****************
ارسال شده توسط:
عباس
Wednesday - 20/9/2023 - 23:3

ذكر شرف علم التصريف و بيان مرتبته في علم العربية

التصريف أشرف شطري العربية، و أغمضهما:

فالذي يبيّن شرفَه احتياجُ جميع المشتغلين باللغة العربية، من نحويّ و لغويّ، إليه أيّما حاجة؛ لأنّه ميزان العربيّة؛ ألا ترى أنّه قد يؤخَذ جزءٌ كبير من اللغة بالقياس، و لا يوصل إلى ذلك إلّا من طريق التصريف، نحو قولهم «كلُّ اسم في أوّله ميم زائدة مما يُعمَل به و يُنقَل فهو مكسور الأوّل، نحو: مِطرَقة و مِروَحة، إلّا ما استثني من ذلك»، فهذا لا يعرفه إلّا من يعلم أنّ الميم زائدة، و لا يُعلَم ذلك إلّا من جهة التصريف، و نحو قولهم «إنّ المصدر من الماضي، إذا كان على وزن «أَفْعَلَ»، يكون «مُفعَلاً» بضمّ الميم و فتح العين، نحو: «أدخلتُه مُدخَلاً»، ألا ترى أنّك لو أردت المصدر من «أكرمته»، على هذا الحدّ، لقلت «مُكرَماً» قياسا، و لم تَحتَج فيه إلى السّماع، إذا علمتَ أنّ «أَكرَمَ»: «أَفعَلَ»؟ ألا ترى أنّ ذلك كلّه لا يُعرَف إلّا بالتصريف؟ و أشباه ذلك كثير.

و ممّا يُبيِّن شرفَه أيضا أنّه لا يُوصَل إلى معرفة الاشتقاق إلّا به؛ ألا ترى أنّ جماعة من المتكلّمين امتنعوا من وصف اللّه سبحانه بـ«حنّان»؛ لأنه من الحنين، و «الحِنَّة»[1] من صفات البشر الخاصّة بهم، تعالى اللّه عن ذلك؟ و كذلك امتنعوا أيضا من وصفه بـ«سَخِيّ»؛ لأنّ أصله من الأرض «السّخاويّة» و هي الرّخوة، بل وصفوه بـ«جَواد»؛ لأنه أوسع في معنى العطاء، و أدخل في صفة العلاء، و امتنعوا أيضا من وصفه بـ«الدّاري»، و إن كان من العلم، لأنّ أصله من «الدَّرِيَّة»، و هي شي‏ء يضعه الصائد لضرب من الحيلة و الخديعة، فكأنّ ما

الممتع في التصريف، ص: 14

يُقدّمُه الذي يريد أن يَتوصّل إلى علم شي‏ء، من الأدلّة، بمنزلة الدَّرِيَّة التي يُتوصّل بها إلى ختل الصيد و خَدعه، فأمّا قول بعضهم:

* لا هُمَّ، لا أدري، و أنت الدّاري*[2]

فغير مُعَرَّج عليه، و لا مأخوذ به، و وجهه أنّه أجراه مُجرى «عالم»، و لم يَلتفت إلى أصله. و من لا بَصَر له بالاشتقاق يجوّز استعمال هذه الصفات، في حقّ اللّه، تعالى.

و الذي يدلّ على غموضه، كثرةُ ما يوجد من السَّقَطات فيه لجِلَّة العلماء؛ ألا ترى ما يُحكى عن أبي عبيد، من أنّه قال في «مَندُوحَة» من قولك: «مالي عنه مندوحة» أي مُتَّسَعٌ:

إنّها مشتقّة من «انداح»؟ و ذلك فاسد؛ لأنّ «انداح»: «انفَعَلَ» و نونه زائدة، و «مَندوحة»: «مَفعولة» و نونه أصليّة؛ إذ لو كانت زائدة لكانت «مَنفُعْلَة»، و هو بناء لم يثبت في كلامهم. فهو على هذا، مشتقّ من «النَّدْح»، و هو جانب الجبل و طرفه، و هو إلى السّعة.

و نحوٌ من ذلك ما يُحكى عن أبي العباس ثعلب، من أنّه جعل «أُسكُفَّة الباب»[3] من «استكَفّ» أي: اجتمع، و ذلك فاسد؛ لأنّ «استكفّ»: «استَفْعَلَ» و سينه زائدة، و «أُسكُفَّة»: «أُفعُلَّة» و سينه أصلية؛ إذ لو كانت زائدة لكان وزنه «أُسْفُعْلَة»، و ذلك بناء غير موجود في أبنية كلامهم.

و كذلك أيضا حُكي عنه أنّه قال في «تَنُّور»: إنّ وزنه «تَفْعُول» من النّار. و ذلك باطل؛ إذ لو كان كذلك لكان «تَنْوُوراً»، و الصواب أنه «فَعُّول» من تركيب تاء و نون وراء، نحو: تَنر، و إن لم ينطق به.

و قد حُكي عن غيرهما، من رؤساء النحويّين و اللغويّين، من السّقطات نحوٌ ممّا ذكرنا، إلّا أني قصدت إلى الاختصار، و في هذا القدر الذي أوردناه كفاية.

و قد كان ينبغي أن يُقدَّم علمُ التصريف على غيره، من علوم العربيّة، إذ هو معرفة ذوات الكلم في أنفسها، من غير تركيب، و معرفة الشي‏ء في نفسه، قبل أن يتركّب، ينبغي أن تكون مقدَّمة على معرفة أحواله التي تكون له بعد التركيب، إلّا أنّه أُخِّر، لِلُطْفِه و دِقَّتِه، فجُعل ما قُدِّم عليه من ذكر العوامل توطئةً له، حتّى لا يصل إليه الطالبُ، إلّا و هو قد تَدرَّب، و ارتاضَ للقياس.

 

 

[1] الحنة: رقّة القلب. انظر لسان العرب لابن منظور، مادة (حنن).

[2] الرجز للعجاج في لسان العرب، لابن منظور مادة (لهم)، و الفرق للعسكري ص 99.

[3] أسكفة الباب: هي خشبته التي يوطأ عليها. انظر لسان العرب لابن منظور، مادة (سكف).