بسم الله الرحمن الرحیم
اخبار به شهادت حضرت
ما اسم هذه الأرض قالوا كربلاء قال صدق الله ورسوله أرض كرب وبلاء
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 464)
821 - " أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا (يعني
الحسين) ، فقلت: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء ".
أخرجه الحاكم (3 / 176 - 177) عن محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار
شداد بن عبد الله عن أم الفضل بنت الحارث. " أنها دخلت على رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني رأيت حلما منكرا الليلة، قال:
وما هو؟ قالت: إنه شديد، قال: وما هو؟ قالت رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت
ووضعت في حجري، فقال: رأيت خيرا، تلد فاطمة إن شاء الله غلاما فيكون في
حجرك، فولدت فاطمة الحسين، فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فدخلت يوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم حانت
مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تهريقان من الدموع، قالت
فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ ... " فذكره وقال: " صحيح على شرط
الشيخين ". وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: بل منقطع ضعيف، فإن شدادا لم يدرك
أم الفضل ومحمد بن مصعب ضعيف ". قلت: لكن له شواهد عديدة تشهد لصحته، منها
ما عند أحمد (6 / 294) حدثنا وكيع قال: حدثني عبد الله بن سعيد عن أبيه عن
عائشة أو أم سلمة قال وكيع: شك هو يعني عبد الله بن سعيد - أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لأحدهما: " لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها، فقال لي
: إن ابنك هذا: حسين مقتول وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها ".
822 - " لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا: حسين
مقتول وإن شئت أريتك من تربتة الأرض التي يقتل بها ".
قال " فأخرج تربة حمراء ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقال
الهيثمي (9 / 187) : " رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح ". وله شاهد آخر من
حديث أنس نحوه. أخرجه أحمد (3 / 242، 265) عن عمارة بن زاذان حدثنا ثابت
عنه. وعمارة هذا " صدوق كثير الخطأ ". كما في " التقريب ".
وشاهد آخر من حديث عبد الله بن نجي عن أبيه سار مع علي، فلما حاذى (نينوى)
... قال: " دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان ... "
الحديث نحو حديث أم الفضل. أخرجه أحمد (1 / 85) .
قلت: ورجاله ثقات غير نجي، قال الحافظ: " مقبول " يعني عند المتابعة وقد
توبع، فقد قال الهيثمي (7 / 187) : " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار
والطبراني، ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا ". ثم ذكره من حديث أم سلمة
وأبي الطفيل وإسناده حسن.
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (3/ 159)
1171 - " قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات ".
أخرجه أحمد (1 / 85) عن عبد الله بن نجي عن أبيه أنه سار مع علي وكان
صاحب مطهرته، فلما حاذى (نينوى) وهو منطلق إلى صفين، فنادى علي: أصبر أبا
عبد الله: أصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: وماذا؟ قال: " دخلت على
النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله أغضبك
أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام ... قال: فقال: هل لك إلى أن أشمك
من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك
عيني أن فاضتا ".
قلت: وهذا إسناد ضعيف، نجي والد عبد الله لا يدرى من هو كما قال الذهبي ولم
يوثقه غير ابن حبان وابنه أشهر منه، فمن صحح هذا الإسناد فقد وهم.
والحديث
قال الهيثمي (9 / 187) : " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ورجاله
ثقات ولم ينفرد نجي بهذا ".
قلت: يعني أن له شواهد تقويه وهو كذلك.
1 - روى عمارة بن زاذان حدثنا ثابت عن أنس قال: " استأذن ملك القطر ربه أن
يزور النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له، فكان في يوم أم سلمة ... فبينا هي
على الباب إذ دخل الحسين بن علي ... فجعل يتوثب على ظهر النبي صلى الله عليه
وسلم وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتلثمه ويقبله، فقال له الملك: تحبه؟
قال: نعم. قال: أما إن أمتك ستقتله إن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه؟ قال
: نعم، فقبض قبضة من المكان الذي يقتل فيه، فأراه إياه فجاء سهلة، أو تراب
أحمر، فأخذته أم سلمة، فجعلته في ثوبها، قال ثابت: كنا نقول: إنها كربلاء
". أخرجه أحمد (3 / 242 و 265) وابن حبان (2241) وأبو نعيم في " الدلائل
" (202) .
قلت: ورجاله ثقات غير عمارة هذا قال الحافظ: " صدوق كثير الخطأ ". وقال
الهيثمي: " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني بأسانيد وفيها عمارة بن
زاذان وثقه جماعة وفيه ضعف وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح ".
2 - وروى محمد بن مصعب: حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد بن عبد الله عن أم
الفضل بنت الحارث أنها دخلت ... يوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته
(تعني الحسين) في حجرة، ثم حانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول الله صلى الله
عليه وسلم تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك
؟ قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا،
فقلت: هذا؟ فقال: نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء ". أخرجه الحاكم (3 /
176 و 177) وقال: " صحيح على شرط الشيخين "! ورده الذهبي بقوله: " قلت:
بل منقطع ضعيف، فإن شدادا لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف ".
3 - وروى عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة - شك عبد الله بن سعيد
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحداهما: " لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل
علي قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول وإن شئت أريتك من تربة الأرض
التي يقتل بها. قال: فأخرج تربة حمراء ".
أخرجه أحمد (6 / 294) : حدثنا
وكيع قال: حدثني عبد الله بن سعيد.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، فهو صحيح إن كان سعيد وهو
ابن أبي هند سمعه من عائشة أو أم سلمة ولم أطمئن لذلك، فإنهم لم يذكروا له
سماعا منهما وبين وفاته ووفاة أم سلمة نحو أربع وخمسين سنة وبين وفاته
ووفاة عائشة نحو ثمان وخمسين. والله أعلم. وأخرجه الطبراني عن عائشة نحوه
بلفظ: " يا عائشة إن جبريل أخبرني أن ابني حسين مقتول في أرض الطف ... "
قال الهيثمي (9 / 188) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " وفي
إسناد " الكبير " ابن لهيعة وفي إسناد " الأوسط " من لم أعرفه ".
4 - وأخرجه الطبراني أيضا عن أم سلمة نحوه بلفظ: " إن أمتك ستقتل هذا بأرض
يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من تربتها، فأراها النبي صلى الله عليه وسلم
... ". (انظر الاستدراك رقم 161 / 21) . قال الهيثمي (9 / 189) : " رواه
الطبراني بأسانيد، ورجال أحدها ثقات ". (انظر الاستدراك رقم 161 / 26) .
5 - وعن أبي الطفيل قال: " استأذن ملك القطر أن يسلم على النبي صلى الله عليه
وسلم ... ".
قلت: فذكره نحو حديث أنس المتقدم. قال الهيثمي (9 / 190) . " رواه الطبراني
وإسناده حسن ".
6 - ويروي حجاج بن نصير: حدثنا قرة بن خالد حدثنا عامر بن عبد الواحد عن أبي
الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون أن
الحسين بن علي يقتل بـ (الطف) ". أخرجه الحاكم (3 / 179) وسكت عليه،
وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: حجاج متروك ".
قلت: بالجملة فالحديث المذكور أعلاه والمترجم له صحيح بمجموع هذه الطرق وإن
كانت مفرداتها لا تخلو من ضعف ولكنه ضعف يسير، لاسيما وبعضها قد حسنه
الهيثمي، والله أعلم.
(تنبيه) حديث عائشة وعلي عزاهما السيوطي (فتح 1 / 55 و 56) لابن سعد في
" الطبقات " ولم أره فيها، فلعله في القسم الذي لم يطبع منها، والله أعلم.
فائدة: ليس في شيء من هذه الأحاديث ما يدل على قداسة كربلاء وفضل السجود على
أرضها واستحباب اتخاذ قرص منها للسجود عليه عند الصلاة كما عليه الشيعة اليوم
ولو كان ذلك مستحبا لكان أحرى به أن يتخذ من أرض المسجدين الشريفين المكي
والمدني ولكنه من بدع الشيعة وغلوهم في تعظيم أهل البيت وآثارهم، ومن
عجائبهم أنهم يرون أن العقل من مصادر التشريع عندهم ولذلك فهم يقولون بالتحسين
والتقبيح العقليين ومع ذلك فإنهم يروون في فضل السجود على أرض كربلاء من
الأحاديث ما يشهد العقل السليم ببطلانه بداهة، فقد وقفت على رسالة لبعضهم وهو
المدعو السيد عبد الرضا (!) المرعشي الشهرستاني بعنوان " السجود على التربة
الحسينية ". ومما جاء فيها (ص 15) : " وورد أن السجود عليها أفضل لشرفها
وقداستها وطهارة من دفن فيها.
فقد ورد الحديث عن أئمة العترة الطاهرة عليهم
السلام أن السجود عليها ينور إلى الأرض السابعة. وآخر: أنه يخرق الحجب
السبعة، وفي (آخر) : يقبل الله صلاة من يسجد عليها ما لم يقبله من غيرها،
وفي (آخر) أن السجود على طين قبر الحسين ينور الأرضين ". ومثل هذه
الأحاديث ظاهرة البطلان عندنا وأئمة أهل البيت رضي الله عنهم براء منها وليس
لها أسانيد عندهم ليمكن نقدها على نهج علم الحديث وأصوله وإنما هي مراسيل
ومعضلات! ولم يكتف مؤلف الرسالة بتسويدها بمثل هذه النقول المزعومة على أئمة
البيت حتى راح يوهم القراء أنها مروية مثلها في كتبنا نحن أهل السنة، فها هو
يقول: (ص 19) : " وليس أحاديث فضل هذه التربة الحسينية وقداستها منحصرة
بأحاديث الأئمة عليهم السلام، إذ أن أمثال هذه الأحاديث لها شهرة وافرة في
أمهات كتب بقية الفرق الإسلامية عن طريق علمائهم ورواتهم، ومنها ما رواه
السيوطي في كتابه " الخصائص الكبرى " في " باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم
بقتل الحسين عليه السلام، وروى فيه ما يناهز العشرين حديثا عن أكابر ثقاتهم
كالحاكم والبيهقي وأبي نعيم والطبراني (1) والهيثمي في " المجمع " (9 /
191) وأمثالهم من مشاهير رواتهم ". فاعلم أيها المسلم أنه ليس عند السيوطي
ولا الهيثمي ولو حديث واحد يدل على فضل التربة الحسينية وقداستها، وكل ما
فيها مما اتفقت عليه مفرداتها إنما هو إخباره صلى الله عليه وسلم بقتله فيها،
وقد سقت لك آنفا نخبة منها، فهل ترى فيها ما ادعاه الشيعي في رسالته على
السيوطي والهيثمي؟ ! اللهم لا، ولكن الشيعة في سبيل تأييد ضلالاتهم وبدعهم
يتعلقون بما هو أوهى من بيت العنكبوت! .
_________
(1) الأصل: الطبري! . اهـ.
ولم يقف أمره عند هذا التدليس على
القراء بل تعداه إلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يقول (ص 13)
: " وأول من اتخذ لوحة من الأرض للسجود عليها هو نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم في السنة الثالثة من الهجرة لما وقعت الحرب الهائلة بين المسلمين وقريش
في أحد وانهدم فيها أعظم ركن للإسلام وهو حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم نساء المسلمين بالنياحة عليه
في كل مأتم، واتسع الأمر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره
فيتبركون به ويسجدون عليه لله تعالى، ويعملون المسبحات منه كما جاء في كتاب
" الأرض والتربة الحسينية " وعليه أصحابه، ومنهم الفقيه ... ". والكتاب
المذكور هو من كتب الشيعة، فتأمل أيها القارىء الكريم كيف كذب على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فادعى أنه أول من اتخذ قرصا للسجود عليه، ثم لم يسق لدعم
دعواه إلا أكذوبة أخرى وهي أمره صلى الله عليه وسلم النساء بالنياحة على حمزة
في كل مأتم ومع أنه لا ارتباط بين هذا لو صح وبين اتخاذ القرص كما هو ظاهر،
فإنه لا يصح ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف وهو قد صح عنه أنه أخذ
على النساء في مبايعته إياهن ألا ينحن كما رواه الشيخان وغيرهما عن أم عطية (
أنظر كتابنا " أحكام الجنائز " ص 28) ويبدو لي أنه بنى الأكذوبتين السابقتين
على أكذوبة ثالثة وهي قوله في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: " واتسع
الأمر في تكريمه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبركون به ويسجدون عليه
لله تعالى ... "، فهذا كذب على الصحابة رضي الله عنهم وحاشاهم من أن يقارفوا
مثل هذه الوثنية، وحسب القارىء دليلا على افتراء هذا الشيعي على النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه أنه لم يستطع أن يعزو ذلك لمصدر معروف من مصادر
المسلمين، سوى كتاب " الأرض والتربة الحسينية " وهو من كتب بعض متأخريهم
ولمؤلف مغمور منهم، ولأمر ما لم يجرؤ الشيعي على تسميته والكشف عن هويته حتى
لا يفتضح أمره بذكره إياه مصدرا لأكاذيبه! ولم يكتف حضرته بما سبق من الكذب
على السلف الأول بل تعداه إلى الكذب على من بعدهم، فاسمع إلى تمام كلامه
السابق: " ومنهم الفقيه الكبير المتفق عليه مسروق بن الأجدع المتوفى سنة (62
) تابعي عظيم من رجال الصحاح الست كان يأخذ في أسفاره لبنة من تربة المدينة
المنورة يسجد عليها (!) كما أخرجه شيخ المشايخ الحافظ إمام السنة أبو بكر ابن
أبي شيبة في كتابه " المصنف " في المجلد الثاني في " باب من كان يحمل في
السفينة شيئا يسجد عليه، فأخرجه بإسنادين أن مسروقا كان إذا سافر حمل معه في
السفينة لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها ".
قلت: وفي هذا الكلام عديد من الكذبات: الأولى: قوله: " كان يأخذ في أسفاره
" فإنه بإطلاقه يشمل السفر برا وهو خلاف الأثر الذي ذكره!
الثانية: جزمه بأنه كان يفعل ذلك يعطي أنه ثابت عنه وليس كذلك بل ضعيف منقطع
كما يأتي بيانه.
الثالثة: قوله " ... بإسنادين " كذب وإنما هو إسناد واحد مداره على محمد بن
سيرين، اختلف عليه فيه، فرواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 43 / 2) من
طريق يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين قال: " نبئت أن مسروقا كان يحمل معه لبنة
في السفينة. يعني يسجد عليها ". ومن طريق ابن عون عن محمد " أن مسروقا كان
إذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد عليها ". فأنت ترى أن الإسناد الأول من
طريق ابن سيرين، والآخر من طريق محمد وهو ابن سيرين، فهو في الحقيقة إسناد
واحد ولكن يزيد بن إبراهيم قال عنه: نبئت "، فأثبت أن ابن سيرين أخذ ذلك
بالواسطة عن مسروق ولم يثبت ذلك ابن عون وكل منهما ثقة فيما روى إلا أن يزيد
ابن إبراهيم قد جاء بزيادة في السند، فيجب أن تقبل كما هو مقرر في " المصطلح "
لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وبناء عليه فالإسناد بذلك إلى مسروق ضعيف لا
تقوم به حجة لأن مداره على راو لم يسم مجهول، فلا يجوز الجزم بنسبة ذلك إلى
مسروق رضي الله عنه ورحمه كما صنع الشيعي.
الرابعة: لقد أدخل الشيعي في هذا الأثر زيادة ليس لها أصل في " المصنف " وهي
قوله: " من تربة المدينة المنورة "! فليس لها ذكر في كل من الروايتين عنده
كما رأيت. فهل تدري لم أفتعل الشيعي هذه الزيادة في هذا الأثر؟ لقد تبين له
أنه ليس فيه دليل مطلقا على اتخاذ القرص من الأرض المباركة (المدينة المنورة)
للسجود عليه إذا ما تركه على ما رواه ابن أبي شيبة ولذلك ألحق به هذه الزيادة
ليوهم القراء أن مسروقا رحمه الله اتخذ القرص من المدينة للسجود عليه تبركا،
فإذا ثبت له ذلك ألحق به جواز اتخاذ القرص من أرض كربلاء بجامع اشتراك الأرضين
في القداسة! ! وإذا علمت أن المقيس عليه باطل لا أصل له وإنما هو من اختلاف
الشيعي عرفت أن المقيس باطل أيضا لأنه كما قيل: وهل يستقيم الظل والعود أعوج
؟ ! فتأمل أيها القارىء الكريم مبلغ جرأة الشيعة على الكذب حتى على النبي صلى
الله عليه وسلم في سبيل تأييد ما هم عليه من الضلال، يتبين لك صدق من وصفهم من
الأئمة بقوله: " أكذب الطوائف الرافضة "! ومن أكاذيبه قوله (ص 9) : " ورد
في صحيح البخاري صحيفة (!) (331 ج 1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره
الصلاة على شيء دون الأرض "! وهذا كذب من وجهين: الأول: أنه ليس في " صحيح
البخاري " هذا النص لا عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن غيره من السلف.
الآخر: أنه إنما ذكره الحافظ ابن حجر في " شرحه على البخاري " (ج 1 / ص 388 -
المطبعة البهية) عن عروة فقال: " وقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير
أنه كان يكره الصلاة على شيء دون الأرض ".
قلت: وأكاذيب الشيعة وتدليسهم على الأمة لا يكاد يحصر وإنما أردت بيان
بعضها مما وقع في هذه الرسالة بمناسبة تخريج هذا الحديث على سبيل التمثيل وإلا
فالوقت أعز من أن يضيع في تتبعها.
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (14/ 251)
6604 - (يا أم سلمة! إذا تحولت هذه التربة دما، فاعلمي أن ابني قد قتل. يعني: الحسين رضي الله عنه) .
موضوع.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 4 1 1/ 7 281) ، ومن طريقه الشجري في "الأسالي" (1/ 163) من طريق عمرو بن ثابت عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت:
كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي، فنزل جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك.
فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله عن، وضمه إلى صدره، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"وديعة عندك هذه التربة".
فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ... فذكر الحديث. قال:
فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يوما تحولين دما ليوم عظيم.
قلت: وهذا إسناد موضوع، رجاله كلهم ثقات، غير عمرو بن ثابت، وهو رافضي متروك، متفق على تضعيفه، بل قال ابن حبان (2/ 76) :
" كان يروي الموضوعات، لا يحل ذكره إلا على سبيل الاعتبار".
وقال الهيثمي في "المجمع " (9/ 189) :
" رواه الطبراني، وفيه عمرو برد ثابت النكري، وهو متروك ".