بسم الله الرحمن الرحیم

فتاوی در صوم یوم الشک

فهرست علوم
فهرست فقه
مباحث رؤیت هلال
الاستهلال-الترائی للهلال-واجب او مستحب؟

صوم یوم الشک
روایات صوم یوم الشک
فتاوی در صوم یوم الشک
صوم یوم الشک نزد اهل سنت


یوم الشک: شک بالفعل یا مطلق ٣٠ شعبان
فتوای منسوب به شیخ مفید
کلمات شیخ طوسی
قول به اجزاء روزه یوم الشک به نیت رمضان در صورت مطابقت
کلام شیخ انصاری ره
کلام حاج آقا رضا همدانی


یوم الشک:شک بالفعل یا مطلق ٣٠ شعبان؟

در شرح لمعه و مسالک و حدائق فرمودند در یوم الشک باید شک بالفعل باشد و صرف ثلاثون شعبان کافی نیست، عباراتشان در همین صفحه آمده است، اما میرزای قمی و نراقی قدهما در غنائم الایام و مستند قبول نکردند که عباراتشان در همین صفحه آمده است فراجع


الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌13، ص: 34
و اما لو علق بقوله «يشك» فلا دلالة فيه و يحمل الأمر فيه بالقضاء على التقية لاتفاق العامة على عدم الاجزاء عن شهر رمضان لو ظهر كونه منه


مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام؛ ج‌2، ص: 55
قوله: «و يستحب صوم يوم الثلاثين».... و اعلم أن موضع الخلاف انما هو مع تحقق كونه شكا لا مطلق يوم الثلاثين. و لا يتحقق كونه شكا الا مع تحدث الناس برؤيته على وجه لا يثبت أو شهادة الواحد و نحوه. و بدون ذلك لا يكون شكا فلا يتعلق به حكمه من كراهة صومه و لا استحبابه على الوجه الوارد.


الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية (المحشى - كلانتر)؛ ج‌2، ص: 139
و صوم يوم الشك و هو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤية الهلال، أو شهد به من لا يثبت بقوله «3» بنية الفرض المعهود و هو رمضان و إن ظهر كونه منه، للنهي «4»، أما لو نواه واجبا عن غيره كالقضاء و النذر لم يحرم و أجزأ عن رمضان «5»، و أما بنية النفل فمستحب عندنا و إن لم يصم قبله «6»، و لو صامه بنية النفل أجزأ إن ظهر كونه من رمضان، و كذا كل واجب معين فعل بنية الندب، مع عدم علمه «7»، وفاقا للمصنف في الدروس.



المقنعة (للشيخ المفيد)؛ ص: 298
3 باب فضل صيام يوم الشك و الاحتياط لصيام شهر رمضان‌
و يجب على المكلف الاحتياط لفرض الصيام بأن يرقب الهلال و يطلبه في آخر نهار يوم التاسع و العشرين من شعبان فإن أصابه على اليقين بيت النية لمفروض الصيام فإن لم يصبه يقينا عزم على الصيام معتقدا أنه صائم يوما من شعبان فإن ظهر له بعد ذلك أنه من شهر رمضان فقد وفق لإصابة الحق عينا و أجزأ عنه الصيام و إن لم يظهر له ذلك كان له فضل صيام يوم من شعبان و حصل له ثواب الاهتمام بدينه و الاحتياط.
روى سعدان بن مسلم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إذا أهل هلال رجب فعد تسعة و خمسين يوما ثم صم‌
و روى أبو الصلت عبد السلام بن صالح قال حدثني علي بن موسى‌


المقنعة (للشيخ المفيد)، ص: 299‌
الرضا ع عن أبيه عن جده ع قال قال رسول الله ص من صام يوم الشك فرارا بدينه فكأنما صام ألف يوم من أيام الآخرة غرا زهرا لا يشاكلن أيام الدنيا‌
و روى أبو خالد عن زيد بن علي بن الحسين عن آبائه عن علي بن أبي طالب ص قال قال رسول الله ص صوموا سر الله قالوا يا رسول الله و ما سر الله قال يوم الشك‌
و روى محمد بن حكيم قال سألت أبا الحسن موسى ع عن اليوم الذي يشك فيه فإن الناس يزعمون أن من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان فقال كذبوا إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفقوا له و إن كان من غيره بمنزلة ما مضى من الأيام التي مضت‌
و روى محمد بن سنان قال سألت أبا الحسن الرضا ع عن يوم الشك فقال إن أبي كان يصومه فصمه‌
و روى شعيب العقرقوفي قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل صام‌


المقنعة (للشيخ المفيد)، ص: 300‌
في اليوم الذي يشك فيه فوجده من شهر رمضان فقال يوم وفقه الله له‌
و روى زكريا بن آدم عن الكاهلي قال سألت أبا عبد الله ع عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان فقال لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان‌



روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه (ط - القديمة) ؛ ج‏3 ؛ ص351
و في الصحيح، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام عد شعبان تسعة و عشرين يوما فإن كانت متغيمة فأصبح صائما و إن كانت مصحية و تبصرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا «1».
و الظاهر أن الأمر للجواز بدون الكراهة بخلاف ما إذا لم يكن صحوا فإنه يكره لتأكد استحباب صومه لاحتمال كونه من رمضان.



ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار ؛ ج‏6 ؛ ص489
10 فأما ما رواه‏ الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن جعفر الأزدي عن قتيبة الأعشى قال قال أبو عبد الله ع‏ نهى رسول الله ص عن صوم ستة أيام العيدين و أيام التشريق و اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان‏
______________________________
الحديث العاشر: صحيح.
قال بعض العلماء: كان هذا الحديث مستند الشافعي في تحريم صوم يوم الشك، و من هذا المقام و شبهه يعلم أن كلام النبي صلى الله عليه و آله مثل القرآن له وجهان: عام و خاص، و ناسخ و منسوخ، و محكم و متشابه، و لا يعرف ذلك كله إلا أوصياؤه صلوات الله عليهم، كما رواه سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام.



دعائم الإسلام ؛ ج‏1 ؛ ص272
و عن رسول الله ص أنه قال: لا تصام الفريضة إلا باعتقاد و نية و من صام على شك فقد عصى.
و عن أبي جعفر محمد بن علي ص أنه قال: لأن أفطر يوما «1» من شهر رمضان أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان.
يعني ص أن يصوم ذلك اليوم و هو لا يعلم أنه من شهر رمضان و ينوي أنه من شهر رمضان فهذا لا يجب لأنه بمنزلة من زاد في فريضة من الفرائض و ذلك لا تحل الزيادة فيها و لا النقص منها و لكن ينبغي لمن شك في أول شهر رمضان أن يصوم اليوم الذي لا يستيقن أنه من شهر رمضان تطوعا على أنه شعبان فإن وافى به شهر رمضان و علم بعد ذلك أنه كان منه قضى يوما مكانه لأنه كان صامه تطوعا فيكون له أجران و لا يتعمد الفطر في يوم يرى أنه من شهر رمضان فلعله أن يتيقن ذلك بعد أن أفطر فيه فيكون قد أفطر يوما من شهر رمضان و هذا إذا لم يكن مع إمام فأما من كان مع إمام أو بحيث يبلغه أمر الإمام فقد حمل عنه ذلك يصوم بصوم الإمام و يفطر بإفطاره و الإمام ع ينظر في ذلك و يعنى به كما يعنى و ينظر في أمور الدين كلها التي قلده الله عز و جل النظر في أمرها و لا يصوم و لا يفطر و لا يأمر الناس بذلك إلا على يقين من أمره و ما يثبت عنده ص و على الأئمة أجمعين المستحفظين أمور الدنيا و الدين و الإسلام و المسلمين‏
________________________________________
ابن حيون، نعمان بن محمد مغربى، دعائم الإسلام و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام، 2جلد، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم، چاپ: دوم، 1385ق.





المبسوط في فقه الإمامية؛ ج‌1، ص: 268
و صوم يوم الشك إن صامه بنية شعبان. ثم بان أنه من رمضان فقد أجزأه عنه، و إن صامه بنية رمضان بخبر واحد أو بأمارة أجزأه أيضا لأنه يوم من رمضان فأما مع عدم ذلك فلا يجزيه لأنه منهي عن صومه على هذا الوجه، و النهي يدل على فساد المنهي عنه، و متى عد شعبان ثلاثين و صام بعده. ثم قامت البينة بأنه رأى الهلال قبله بيوم قضى يوما بدله، و ليس عليه شي‌ء، و من كان أسيرا أو محبوسا بحيث لا يعلم شهر رمضان فليتوخ شهرا فليصمه بنية القربة فإن وافق شهر رمضان فقد أجزئه، و إن وافق بعده كان قضاء و إن كان قبله لم يجزه و عليه القضاء.



الخلاف؛ ج‌2، ص: 170
مسألة 9: صوم يوم الشك‌
يستحب بنية شعبان، و يحرم صومه بنية رمضان، و صومه من غير نية أصلا لا يجزي عن شي‌ء.
و ذهب الشافعي إلى أنه يكره أفراده بصوم التطوع من شعبان، أو صيامه احتياطا لرمضان، و لا يكره إذا كان متصلا بما قبله من صيام الأيام.
و كذلك لا يكره أن يصومه إذا وافق عادة له في مثل ذلك، أو يوم نذر أو غيره «2». و حكي أن به قال في الصحابة علي عليه السلام و عمر، و ابن مسعود، و عمار بن ياسر، و في التابعين الشعبي، و النخعي، و في الفقهاء مالك، و الأوزاعي «3».
و قالت عائشة و أختها أسماء: لا يكره بحال «4».
و قال الحسن و ابن سيرين: ان صام امامه صام، و ان لم يصم امامه لم يصم «5».
و قال ابن عمر: ان كان صحوا كره، و ان كان غيما لم يكره، و به قال‌
______________________________
(1) البقرة: 189.
(2) مختصر المزني: 56، و المجموع 6: 403- 404، و عمدة القاري 10: 273، و كفاية الأخيار 1:
129، و المنهل العذب 10: 53، و البحر الزخار 3: 248.
(3) الموطأ 1: 39 حديث 55، و المجموع 6: 404، و عمدة القاري 10: 273، و المنهل العذب 1:
53، و البحر الزخار 3: 247، و الفتح الرباني 9: 262.
(4) المجموع 6: 403- 404، و عمدة القاري 10: 273، و المنهل العذب 10: 54، و البحر الزخار 3: 247.
(5) المجموع 6: 403، و عمدة القاري 10: 273، و المنهل العذب 10: 54، و البحر الزخار 3: 248.


الخلاف، ج‌2، ص: 171‌
أحمد بن حنبل «1».
و قال أبو حنيفة: ان صامه تطوعا لم يكره، و ان صامه على سبيل التحرز لرمضان حذرا أن يكون منه فهذا مكروه «2».
دليلنا: إجماع الطائفة، و الاخبار التي رويناها في الكتاب المقدم ذكره «3».
و روي عن علي عليه السلام انه قال: لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان «4».
و روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال: «الصوم جنة من النار» «5» و لم يفرق.
______________________________
(1) المجموع 6: 404، و عمدة القاري 10: 273، و المنهل العذب 10: 53- 54، و البحر الزخار 3: 248.
(2) الهداية 1: 119، و المبسوط 3: 63، و الفتاوى الهندية 1: 201، و النتف 1: 146، و تبيين الحقائق 1: 317، و الفتح الرباني 9: 262، و المجموع 6: 404، و المنهل العذب 10: 53، و بداية المجتهد 1: 292، و البحر الزخار 3: 248.
(3) انظر التهذيب 4: 180 باب 41، و الاستبصار 2: 77 باب 37.
(4) من لا يحضره الفقيه



الخلاف؛ ج‌2، ص: 178
مسألة 20 [من بان له رمضان بعد أن صام من شعبان]
إذا أصبح يوم الشك و هو يوم الثلاثين من شعبان، و يعتقد أنه من شعبان بنية الإفطار، ثم بان أنه من شهر رمضان لقيام بينة عليه قبل‌
______________________________
(1) الام 2: 97، و مختصر المزني: 56، و الوجيز 1: 102، و المجموع 6: 320، و كفاية الأخيار 1:
127، و اللباب 1: 166، و عمدة القاري 11: 36، و المغني لابن قدامة 3: 54، و بلغة السالك 1: 245، و نيل الأوطار 4: 280.
(2) المجموع 6: 320، و المغني لابن قدامة 3: 54، و عمدة القاري 11: 36، و نيل الأوطار 4: 280.
(3) المجموع 6: 320، و عمدة القارئ 11: 36.
(4) انظر التهذيب 4: 264.
(5) موطإ مالك 1: 304 حديث 47، و سنن أبي داود 2: 310 حديث 2380، و سنن الترمذي 2:
98 حديث 720، و سنن ابن ماجة 1: 536 حديث 1676، و سنن الدارمي: 14، و مسند أحمد بن حنبل 2: 498.



الخلاف، ج‌2، ص: 179‌
الزوال، جدد النية و صام، و قد أجزأه. و ان بان بعد الزوال أمسك بقية النهار و كان عليه القضاء. و به قال أبو حنيفة «1».
و قال الشافعي: يمسك و عليه القضاء على كل حال «2».
و اختلفوا إذا أمسك هل يكون صائما أم لا؟.
قال الأكثر: انه يجب عليه الإمساك و لا يكون صائما «3».
و قال أبو إسحاق: يكون صائما من الوقت الذي أمسك صوما شرعيا «4».
دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم «5».
مسألة 21 [النيّة لصيام يوم الشك]
إذا نوى أن يصوم غدا من شهر رمضان فرضه أو نفلة، فقال: انه إن كان من رمضان فهو فرض، و ان لم يكن من رمضان فهو نافلة أجزأه و لا يلزمه القضاء.
و قال الشافعي: لا يجزيه و عليه القضاء «6».
دليلنا: ما قدمناه من أن شهر رمضان يجزي فيه نية القربة، و نية التعيين ليست شرطا في صحة الصوم «7»، و هذا قد نوى القربة و إنما لم يقطع على نية التعيين فكان صومه صحيحا.
مسألة 22 [حكم من عقد النيّة ليلة الشك من رمضان]
إذا كان ليلة الثلاثين، فنوى إن كان غدا من رمضان فهو صائم فرضا أو نفلا، أو نوى إن كان من رمضان فهو فرض و ان لم يكن فهو نفل أجزأه.
______________________________
(1) الفتاوى الهندية 1: 201، و المغني لابن قدامة 3: 74.
(2) الام 2: 96 و 102، و مختصر المزني: 56، و الوجيز 1: 104، و المجموع 6: 272.
(3) المجموع 6: 272.
(4) المجموع 6: 272.
(5) انظر التهذيب 4: 187- 188 حديث 526 و 528.
(6) الام 7: 145، و مختصر المزني: 56، و الوجيز 1: 101، و المجموع 6: 296، و السراج الوهاج:
138، و المغني لابن قدامة 3: 26- 27، و المنهل العذب 10: 53.
(7) انظر المسألة «4» من كتاب الصوم.



الخلاف، ج‌2، ص: 180‌
و قال الشافعي في الموضعين: انه لا يجزي «1».
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 23 إذا عقد النية ليلة الشك على أن يصوم من رمضان من غير امارة من رؤية أو خبر من ظاهره العدالة، فوافق شهر رمضان أجزأه، و قد روي أنه لا يجزيه «2».
و ان صامه بأمارة من قول من ظاهره العدالة من الرجال أو المراهقين دون المنجمين فإنه يجزيه أيضا.
و قال أصحاب الشافعي في الاولى: أنه لا يجزيه «3»، و في المسألة الثانية قال أبو العباس بن سريج: ان صام بقول بعض المنجمين و أهل الحساب أجزأه «4».
دليلنا: ما قدمناه من إجماع الفرقة و أخبارهم على أن صام يوم الشك أجزأه عن شهر رمضان، و لم يفرقوا.
و من قال من أصحابنا: لا يجزيه، تعلق بقوله: أمرنا بأن نصوم يوم الشك بنية أنه من شعبان، و نهينا أن نصومه من رمضان» و هذا صامه بنية رمضان، فوجب أن لا يجزيه لأنه مرتكب للنهي، و ذلك يدل على فساد المنهي عنه.
______________________________
(1) مختصر المزني: 56، و الوجيز 1: 101، و المجموع 6: 296، و السراج الوهاج: 138، و المغني لابن قدامة 3: 25، و كفاية الأخيار 1: 129.
(2) التهذيب 4: 182 حديث 507، و الاستبصار 2: 78 حديث 239. و به قال المصنف في النهاية: 151، و ابن البراج في المهذب 1: 189، و ابن بابويه في المقنع: 57، و السيد المرتضى في الناصريات كتاب الصوم مسألة: 128، و سلار في المراسم: 96، و العلامة الحلي في المختلف كتاب الصوم: 44.
(3) الوجيز 1: 101، و المجموع 6: 281، و كفاية الأخيار 1: 129.
(4) المجموع 6: 279، و بداية المجتهد 1: 275.




النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ ص: 151
و الأفضل أن يصوم الإنسان يوم الشّكّ على أنّه من شعبان.
فان قامت له البيّنة بعد ذلك أنّه كان من رمضان، فقد وفّق له، و أجزأ عنه، و لم يكن عليه قضاء. و إن لم يصمه، فليس عليه شي‌ء. و لا يجوز له أن يصوم ذلك اليوم على أنّه من شهر رمضان حسب ما قدّمناه، و لا أن يصومه و هو شاك فيه لا ينوي به صيام يوم من شعبان. فان صام على هذا الوجه، ثمَّ انكشف له أنّه كان من شهر رمضان، لم يجزئ عنه، و كان عليه القضاء.



المعتبر في شرح المختصر؛ ج‌2، ص: 649
مسئلة: يستحب صوم «يوم الثلاثين» من شعبان،
إذا لم ير الهلال بنية الندب على أنه من شعبان، فان اتفق الهلال أجزأ عن رمضان، و لا يكره لو نوى مع‌ ذلك الاحتياط لرمضان، و يحرم بنيّة أنه مع شهر رمضان، و لو صام من غير نية لم يجز.
و قال المفيد: انما يستحب مع الشك في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره لا مع ذلك الا لمن كان صائما قبله، و قال الشافعي: يكره افراده بالصوم بنية انه من شعبان، و أن يصومه احتياطا لرمضان، و لا يكره متصلا بما قبله، أو موافقا لعادة له في ذلك اليوم، لقوله عليه السّلام «لا تتقدموا الشهر بيوم و لا يومين الا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم» «1» و قال أحمد: ان كان صحوا كره و ان كان غيما لم يكره و ان أصابه تحرزا «2» لرمضان كره.
و قال أبو حنيفة: ان صامه تطوعا لم يكره، و ان صامه احتياطا لرمضان كره، و احتجوا بما رووه عن ابن مسعود «لأن أفطر يوما من رمضان ثمَّ أقضي أحب الي من أن أزيد فيه ما ليس منه» «3» و رووا عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» «4».
لنا ما روي عن علي عليه السّلام انه قال «لأن أصوم يوما من شعبان أحب الي أن أفطر يوما من شهر رمضان» «5» و مثل ذلك رووه عن عائشة «6» و قالوا كانت عائشة تصومه، و لان الاحتياط للفرائض من خصائص أهل الإيمان، فلا وجه لكراهية هذه النية.
و من طريق أهل البيت عليهم السّلام روايات، منها: رواية بشير النبال عن أبي عبد اللّه‌
______________________________
(1) سنن البيهقي ج 4 ص 207.
(2) تحرزا أى حفظا و وقاية.
(3) سنن البيهقي ج 4 ص 208.
(4) سنن أبي داود صوم 10.
(5) الوسائل ج 7 أبواب وجوب الصوم و نيته باب 5 ح 9 ص 14.
(6) مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 126.



المعتبر في شرح المختصر، ج‌2، ص: 651‌
عليه السّلام قال «سألته عن صوم يوم الشك فقال عليه السّلام صمه فإن يك من شعبان كان تطوعا و ان يك من شهر رمضان فيوم وفقت له» «1» فأما رواية قتيبة الأعشى قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام «نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله عن صيام ستة أيام، العيدين، و أيام التشريق، و اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان» «2» و الجواب عنه و عما تقدم من أخبار الخصم: ان ذلك محمول على صومه بنية أنه من شهر رمضان ليرتفع التنافي بين الاخبار.
و يدل على هذا التأويل ما رواه محمد بن شهاب الزهري قال سمعت علي بن الحسين عليه السّلام يقول «يوم الشك أمرنا بصومه و نهينا عنه أمرنا أن نصومه على أنه من شعبان و نهينا أن نصومه على أنه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال» «3».
فروع‌
الأول: إذا صامه بنية انه من شعبان «ندبا» ثمَّ بان انه من رمضان و النهار باق جدد نية الوجوب‌
، و لو لم يعلم حتى انقضى النهار فقد أجزأ، لأنا بينّا ان نية القربة كافية في الزمان المتعيّن للصوم.
الثاني: لو صام بنيّة أنه من شهر رمضان كان الصوم فاسدا‌
، و لا يجزي لو بان أنه من رمضان، و تردد الشيخ في الخلاف، نعم لو ثبت الهلال قبل الزوال جدد النية و أجزأه.
الثالث: لو صام بنية انه واجب أو ندب لم يصح صومه‌
، و لو ثبت انه من رمضان لم يجزأه، الا أن يثبت قبل الزوال فيجدد نيته.
______________________________
(1) الوسائل ج 7 أبواب وجوب الصوم و نيته باب 5 ح 3 ص 12.
(2) الوسائل ج 7 أبواب وجوب الصوم و نيته باب 6 ح 2 ص 16.
(3) الوسائل ج 7 أبواب وجوب الصوم و نيته باب 6 ح 4 ص 16.



المعتبر في شرح المختصر، ج‌2، ص: 652‌
الرابع: لو نوى ان كان من رمضان فهو فرض، و ان لم يكن من رمضان فهي نافلة،
قال في الخلاف: يجزيه و لا يلزمه القضاء، و قال الشافعي: لا يجزيه و عليه القضاء، لان نيته ليست جازمة، و احتج الشيخ: بأن نية القربة كافية، و قد نوى القربة و ما قاله الشيخ ليس بجيّد، لأن نية التعيين تسقط فيما يعلم انه من شهر رمضان، لا فيما لا يعلم، و لان ما ذكره يبطل بما ذكره في النهاية.
الخامس: إذا أصبح مفطرا في يوم الشك لاعتقاد انه من شعبان، فبان انه من رمضان، فان كان قبل الزوال تجدد نيته‌
، و صام، و أجزأه، إذا لم يكن أفسد صومه و ان بان ذلك بعد الزوال أمسك بقية نهاره، و عليه القضاء، و به قال أبو حنيفة، و قال الشافعي: يمسك و عليه القضاء على التقديرين، و قد سلف أصل هذه.





مختلف الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌3، ص: 380
مسألة: إذا نوى صوم يوم الشكّ من شهر رمضان من غير أمارة‌
من رؤية، أو خبر من ظاهره العدالة.
قال ابن أبي عقيل «1»: إنّه يجزئه، و هو اختيار ابن الجنيد «2»، و به أفتى الشيخ في الخلاف قال فيه: و قد روي أنّه لا يجزئه «3».
و قال في المبسوط: و ان صام بنية الفرض روى أصحابنا أنّه لا يجزئه «4».
و قال في النهاية «5» و الجمل «6» و الاقتصاد «7» و كتابي الأخبار «8»: لا يجزئه و هو حرام، و اختاره السيد المرتضى «9»، و ابنا بابويه «10»، و أبو الصلاح «11»، و سلّار «12»، و ابن البراج «13»، و ابن إدريس «14»، و ابن حمزة «15»، و هو الأقوى.
لنا: أنّه قد اشتمل على وجه قبح فيكون منهيا عنه، و النهي في العبادة يدلّ على الفساد.
______________________________
(1) لم نعثر على كتابه.
(2) لم نعثر على كتابه.
(3) الخلاف: ج 2 ص 180 المسألة 23.
(4) المبسوط: ج 1 ص 277.
(5) النهاية و نكتها: ج 1 ص 391.
(6) الجمل و العقود: ص 120- 121.
(7) الاقتصاد: ص 293.
(8) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 183 ذيل الحديث 510. الاستبصار: ج 2 ص 79 ذيل الحديث 239.
(9) الانتصار: ص 62.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 126 ذيل الحديث 1922. و لم نعثر على رسالة علي بن بابويه.
(11) الكافي في الفقه: ص 181.
(12) المراسم: ص 96.
(13) المهذب: ج 1 ص 189.
(14) السرائر: ج 1 ص 384.
(15) الوسيلة: ص 148.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 381‌
أمّا المقدمة الأولى: فلأنّه اعتقد وجوب ما ليس بواجب عليه حال النية، و هو وجه قبح. أمّا أنّه ليس واجبا عليه حال النية فلأنّه لو لا ذلك لزم تكليف ما لا يطاق، إذ إيجاب صومه من رمضان من دون الحكم شرعا بالهلال تكليف ما لا يطاق أو تكليف بالقبيح، و هو جعل ما ليس من رمضان منه. و أمّا أنّه وجه قبح فظاهر، و أمّا باقي مقدمات الدليل فظاهرة.
و يؤيده ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح، عن الباقر- عليه السلام- في الرجل يصوم اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان، قال: عليه قضاؤه و ان كان كذلك «1».
وجه الاستدلال: انّ هذا الصوم ان وقع بنية أنّه من رمضان فهو المطلوب، و ان وقع بنيّة أنّه من شعبان فهو متروك العمل به إجماعا. و حمل الحديث على ما يصح الاعتماد عليه أولى من إبطاله بالكلية، و لأنّه قد نقل التفصيل فيحمل هذا المطلق عليه جمعا بين الأدلّة.
روى سماعة في الموثق، عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- انّما يصام يوم الشكّ من شعبان و لا تصومه من شهر رمضان؛ لأنّه قد نهي أن ينفرد «2» الإنسان للصيام في يوم الشك، و إنّما ينوي من الليلة أنّه يصوم من شعبان، فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضّل اللّه- عز و جل-، و بما قد وسّع على عباده، و لو لا ذلك لهلك الناس «3».
______________________________
(1) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 182 ح 507. وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته ح 1 ج 7 ص 15- 16.
(2) ق و م (1): ينوي.
(3) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 182 ح 508. وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيّته ح 4 ج 7 ص 13.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 382‌
و عن محمد بن شهاب الزهري قال: سمعت علي بن الحسين- عليهما السلام- يقول: يوم الشك أمرنا بصيامه و نهينا عنه، أمرنا أن يصومه الإنسان على أنّه من شعبان، و نهينا عن أن يصومه على أنّه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال «1».
و لأنّه إمّا أن يكون صوم يوم الشك واجبا عليه من رمضان إذا خرج منه أو لا، و الأوّل باطل، و الّا لم يجز له إفطاره، و لكان صومه واجبا، و هو باطل إجماعا.
و بما رواه قتيبة الأعشى، عن الصادق- عليه السلام- قال: نهى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و آله- عن صوم ستة أيام: العيدين، و أيام التشريق، و اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان «2».
و في الموثّق عن عبد الكريم بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السلام-:
إنّي جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم- عليه السلام-، فقال: لا تصم في السفر، و لا العيدين، و لا أيّام التشريق، و لا اليوم الذي يشكّ فيه «3».
و ان كان الثاني لم يجز له أن ينوي الوجوب؛ لأنّ نية ما ليس واجبا على وجه الوجوب قبيحة لعدم المطابقة.
احتجّ الشيخ بإجماع الفرقة، و أخبارهم على أنّ من صام يوم الشّك أجزأه عن شهر رمضان، و لم يفرقوا. قال: و من قال من أصحابنا: لا يجزئه، تعلّق بقوله- عليه السلام-: «أمرنا أن نصوم يوم الشكّ بنية أنه من شعبان و نهينا عن أن نصومه من شهر رمضان» و هذا صامه بنية شهر رمضان، فوجب أن لا يجزئه،
______________________________
(1) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 183 ح 511. وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته ح 4 ج 7 ص 16.
(2) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 183 ح 509. وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته ح 2 ج 7 ص 16.
(3) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 183 ح 510. وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته ح 3 ج 7 ص 16.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 383‌
لأنّه مرتكب للنهي، و هو يدلّ على الفساد «1».
و الجواب: المنع من الإجماع، و عدم الفرق في الأخبار، و قد بيّناه.
لا يقال: إنّه في نفس الأمر من شهر رمضان، و تقصيره أو عدم معرفته به لا يخرجه عن حقيقته، فيكون قد نوى الواقع فوجب أن يجزئه.
و لأنّه قد روى سماعة في الموثّق قال: سألته عن الصوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان لا يدري أ هو من شعبان أو من رمضان فصامه من شهر رمضان، قال: هو يوم وفّق له و لا قضاء عليه «2».
لأنّا نقول: التكليف منوط بالعلم، و هو منتف، و ليس منوطا بما في نفس الأمر، و إلا لكان إذا نواه من شعبان لا يجزئه، و هو باطل بالإجماع، و تعارض الحديث برواية سماعة نفسه، و قد تقدمت.
مسألة: لو نوى ليلة الشك أنّه إن كان غدا من شهر رمضان فهو صائم فرضا،
و ان كان من شعبان فهو صائم نفلا.
للشيخ قولان: أحدهما: الإجزاء، ذكره في المبسوط «3» و الخلاف «4».
و الثاني: العدم، ذكره في باقي كتبه «5»، و اختاره ابن إدريس «6»، و اختار ابن حمزة «7» الأوّل، و هو الأقوى، و هو مذهب ابن أبي عقيل «8».
______________________________
(1) الخلاف: ج 2 ص 180 ذيل المسألة 23.
(2) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 181 ح 503. وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيّته ح 6 ج 7 ص 13.
(3) المبسوط: ج 1 ص 268.
(4) الخلاف: ج 2 ص 179 المسألة 21.
(5) النهاية و نكتها: ج 1 ص 391.
(6) السرائر: ج 1 ص 420.
(7) الوسيلة: ص 140.
(8) لم نعثر على كتابه.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 384‌
لنا: انّه نوى الواقع، فوجب أن يجزئه.
و لأنّه نوى العبادة على وجهها، فوجب أن يخرج عن العهدة.
أمّا المقدمة الاولى: فلأنّ العبادة- أعني الصوم- إن كان من شهر رمضان كان واجبا، و ان كان من شعبان كان نفلا. و أمّا المقدمة الثانية فظاهرة.
و لأنّ نية التعيين في رمضان ليست شرطا إجماعا، و قد نوى المطلق، فوجب الاجزاء.
احتجّ الشيخ بأنّه لم ينو أحد السببين قطعا، و النية فاصلة بين الوجهين و لم يحصل «1».
و الجواب: المنع من اشتراط القطع، لأنّه تكليف بما لا يطاق.
و قال ابن أبي عقيل «2»: اختلفت الرواية عنهم- عليهم السلام-، فروى بعضهم عن آل الرسول أنّ صوم ذلك اليوم لا يجزئه؛ لأنّ الفرض لا يؤدى على شكّ، و روى بعضهم عنهم- عليهم السلام- الاجزاء. و حدثني بعض علماء الشيعة يرفعه الى علي بن الحسين- عليهما السلام- انّه سئل عن اليوم الذي يشكّ فيه الناس أنّه من رمضان كيف يعمل في صومه؟ فقال لسائله: ينوي ليلة الشكّ أنّه صائم غدا من شعبان، فان كان من رمضان أجزأك عنه، و ان كان من شعبان لم يضرك، فقال له: كيف يجزئ صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو انّ رجلا صام من شهر رمضان تطوعا و هو لا يعلم أنّه شهر رمضان ثمَّ علم بعد ذلك أجزأ عنه؛ لأنّ الصوم انّما وقع على اليوم الذي بعينه. قال: و هذا أصح الخبرين؛ لأنّه مفسّر و عليه العمل عند آل الرسول- عليهم السلام.
مسألة: لو نوى ليلة الشك أنّه يصوم غدا بنية أنّه واجب أو نفل،
قال‌
______________________________
(1) الخلاف: ج 2 ص 179 المسألة 21.
(2) لم نعثر على كتابه.



مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌3، ص: 385‌
الشيخ: أجزأه «1» لما تقدم، و فيه المنع السابق.
______________________________
(1) الخلاف: ج 2 ص 179 المسألة 22.






منتهى المطلب في تحقيق المذهب؛ ج‌9، ص: 37
مسألة: يستحبّ صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال بنيّة أنّه من‌
______________________________
(1) الخلاف 1: 375 مسألة- 3.
(2) الانتصار: 61.
(3) ش: فالأولى.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 38‌
شعبان، و لا يكره صومه، سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم و شبهه، أو لم يكن هناك مانع.
و قال المفيد رحمه اللّه: إنّما يستحبّ مع الشكّ في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع، إلّا لمن كان صائما قبله «1»، و به قال الشافعيّ «2»، و الأوزاعيّ «3».
و قال أحمد: إن كانت السماء مصحية، كره صومه، و إن كانت مغيّمة، وجب صومه، و يحكم بأنّه من رمضان «4». و روي ذلك عن ابن عمر «5»، و قال الحسن، و ابن سيرين: إن صام الإمام صاموا، و إن أفطر أفطروا «6». و هو مرويّ عن أحمد «7».
و قال أبو حنيفة «8»، و مالك مثل قولنا «9».
لنا: ما رواه الجمهور عن عليّ عليه السّلام أنّه قال: «لأنّ أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوما من رمضان» «10».
______________________________
(1) نقله عنه في المعتبر 2: 650.
(2) المجموع 6: 403 و 420.
(3) حلية العلماء 3: 178، المجموع 6: 420- 421، عمدة القاري 10: 279.
(4) المغني 3: 14، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 5، الكافي لابن قدامة 1: 468، الإنصاف 3: 269- 270، زاد المستقنع: 28.
(5) المغني 3: 13، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 5، المجموع 6: 403، مقدّمات ابن رشد 1: 186.
(6) حلية العلماء 3: 179، المغني 3: 13، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 6، المجموع 6: 403 و 408.
(7) المغني 3: 13، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 6، الكافي لابن قدامة 1: 468، الإنصاف 3: 270.
(8) المبسوط للسرخسيّ 3: 63، تحفة الفقهاء 1: 343، بدائع الصنائع 2: 78، الهداية للمرغينانيّ 1: 119، 120، شرح فتح القدير 2: 243، مجمع الأنهر 1: 343، عمدة القارئ 10: 279.
(9) الموطّأ 1: 309، بلغة السالك 1: 242، عمدة القارئ 10: 279.
(10) سنن الدارقطنيّ 2: 170 الحديث 15، سنن البيهقيّ 4: 211، 212، المغني 3: 16، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 6، المجموع 6: 403 و 412، فتح العزيز بهامش المجموع 6: 252، و من طريق الخاصّة، ينظر: الفقيه 2: 79 الحديث 348، المقنع: 59، الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 9.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 39‌
و رووه عن عائشة «1»، و أبي هريرة «2». و رووا عن عائشة أنّها كانت تصومه «3» و من طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ عن محمّد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن اليوم الذي يشكّ فيه، فإنّ الناس يزعمون أنّ من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان، فقال: «كذبوا، إن كان من شهر رمضان فهو يوم وفّقوا «4» له، و إن كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيّام» «5».
و عن بشير النبّال، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: سألته عن صوم يوم الشكّ، فقال: «صمه، فإن يك من شعبان كان تطوّعا، و إن يك من شهر رمضان فيوم وفّقت «6» له» «7».
و عن الكاهليّ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن اليوم الذي يشكّ فيه من شعبان، قال: لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يوما من رمضان» «8».
______________________________
(1) مسند أحمد 6: 126، سنن البيهقيّ 4: 211، مجمع الزوائد 3: 148.
(2) سنن البيهقيّ 4: 211.
(3) المجموع 6: 403.
(4) ح: وفّق، كما في الاستبصار.
(5) التهذيب 4: 181 الحديث 502، الاستبصار 2: 77 الحديث 234، الوسائل 7: 13، الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 7.
(6) ص، ش و خا: وقعت.
(7) التهذيب 4: 181 الحديث 504، الاستبصار 2: 78 الحديث 236، الوسائل 7: 12 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3.
(8) التهذيب 4: 181 الحديث 505، الاستبصار 2: 78 الحديث 237، الوسائل 7: 12، الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 1.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 40‌
و لأنّه يوم محكوم به من شعبان، فلا يكره صومه، كما لو كانت عادته صيامه.
و لأنّ الاحتياط يقتضي الصوم، فلا وجه للكراهية، و لأنّه يوم محكوم به من شعبان، فكان كغيره من أيّامه.
احتجّ الشافعيّ «1»: بما رواه أبو هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستّة أيّام: اليوم الذي يشكّ فيه من رمضان، و يوم الفطر، و يوم الأضحى، و أيّام التشريق «2».
و عن عمّار بن ياسر قال: من صام يوم الشكّ فقد عصى أبا القاسم صلّى اللّه عليه و آله «3».
و عن أبي هريرة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «لا تقدّموا هلال رمضان بيوم و لا بيومين إلّا أن يوافق صوما كان يصومه أحدكم» «4».
و روى أصحابنا شبه ذلك، روي الشيخ عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «عدّ شعبان تسعة و عشرين يوما، فإن كانت متغيّمة «5»‌
______________________________
(1) المهذّب للشيرازيّ 1: 188، المجموع 6: 406- 407، مغني المحتاج 1: 433.
(2) سنن الدارقطنيّ 2: 157 الحديث 6، سنن البيهقيّ 4: 208، مجمع الزوائد 3: 203.
(3) صحيح البخاريّ 3: 34، سنن أبي داود 2: 300 الحديث 2334، سنن الترمذيّ 3: 70 الحديث 686، سنن ابن ماجة 1: 527 الحديث 1645، سنن النسائيّ 4: 153، سنن الدارميّ 2: 2، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5: 239 الحديث 3577 و ص 242 الحديث 3587 و ص 243 الحديث 3588، سنن الدارقطنيّ 2: 157 الحديث 5، سنن البيهقيّ 4: 208، عمدة القارئ 10: 279.
(4) صحيح البخاريّ 3: 35، صحيح مسلم 2: 762 الحديث 1082، سنن أبي داود 2: 300 الحديث 2335، سنن الترمذيّ 3: 68 الحديث 684، و ص 69 الحديث 685 و ص 71 الحديث 687، سنن ابن ماجة 1: 528 الحديث 1650، سنن النسائيّ 4: 154، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5: 239 الحديث 3578 و ص 241 الحديث 3584، سنن الدارميّ 2: 4، سنن الدارقطنيّ 2: 159 الحديث 15، سنن البيهقيّ 4: 207، عمدة القارئ 10: 272.
(5) بعض النسخ: مغيّمة.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 41‌
فأصبح صائما، و إن كانت مصحية و تبصّرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا» «1».
و عن عبد الكريم بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: [إنّي] «2» جعلت على نفسي أن أصوم حتّى يقوم القائم، فقال: «لا تصم في السفر، و لا العيدين، و لا أيّام التشريق، و لا اليوم الذي يشكّ فيه» «3» و عن قتيبة الأعشى قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن صوم ستّة أيّام: العيدين، و أيّام التشريق، و اليوم الذي يشكّ فيه من شهر رمضان» «4».
احتجّ أحمد «5»: بما رواه ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إنّما الشهر تسع و عشرون يوما فلا تصوموا حتّى تروا الهلال، و لا تفطروا حتّى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له» «6» و معنى الإقدار التضييق «7»، كما في قوله تعالى: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ «8».
______________________________
(1) التهذيب 4: 159 الحديث 447 و ص 180 الحديث 501، الاستبصار 2: 77 الحديث 233، الوسائل 7: 216 الباب 16 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث 4.
(2) أثبتناها من المصادر.
(3) التهذيب 4: 183 الحديث 510، الاستبصار 2: 79 الحديث 242، الوسائل 7: 16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 3.
(4) التهذيب 4: 183 الحديث 509، الاستبصار 2: 79 الحديث 241، الوسائل 7: 16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 2.
(5) المغنى 3: 15، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 6.
(6) صحيح البخاريّ 3: 34، صحيح مسلم 2: 759 الحديث 1080، سنن أبي داود 2: 297 الحديث 2320، الموطّأ 1: 286 الحديث 2، سنن الدارميّ 2: 4، مسند أحمد 2: 5، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5: 242 الحديث 3585، سنن الدارقطنيّ 2: 161 الحديث 22، سنن البيهقيّ 4: 204.
(7) كثير من النسخ: التضيّق.
(8) الطلاق (65): 7.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 42‌
و التضييق «1» له أن يجعل شعبان تسعة و عشرين يوما. و فعل ابن عمر ذلك، فكان يصوم مع الغيم و المانع، و يفطر لا معهما، و هو الراوي، فكان فعله تفسيرا.
و لأنّه شكّ في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنّه من غير رمضان، فوجب الصوم كالطرف الآخر. و لأنّ الاحتياط يقتضي الصوم.
و احتجّ ابن سيرين «2»: بقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون، و الأضحى يوم تضحّون» «3» قيل معناه: أنّ الصوم و الفطر مع الجماعة و معظم الناس «4».
و الجواب: أنّ الأحاديث الدالّة على النهي منصرفة إلى الصوم بنيّة أنّه من رمضان؛ لأنّه «5» ظاهرا من غير رمضان فاعتقاد أنّه منه قبيح، فإرادة فعله على هذا الوجه قبيحة و يقع الفعل باعتبار قبح الإرادة قبيحا، فكان منهيّا عنه، و النهي في العبادات يدلّ على الفساد.
و يؤيّده: ما رواه الشيخ عن محمّد بن شهاب الزهريّ قال: سمعت عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: «يوم الشكّ أمرنا بصيامه و نهينا عنه، أمرنا أن يصومه «6» الإنسان على أنّه من شعبان، و نهينا عن أن يصومه «7» على أنّه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال» «8».
______________________________
(1) كثير من النسخ: التضيّق.
(2) المغني 3: 13، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 6.
(3) سنن أبي داود 2: 297 الحديث 2324 (فيه: بتفاوت)، سنن الترمذيّ 3: 80 الحديث 697، سنن الدار قطنيّ 2: 164 الحديث 35، كنز العمّال 8: 488 الحديث 23760.
(4) سنن الترمذيّ 3: 80، المغني 3: 14، الشرح الكبير بهامش المغني 3: 6.
(5) هامش ح بزيادة: كان.
(6) كثير من النسخ: أن يصوم.
(7) ش: نصومه، ن: نصوم.
(8) التهذيب 4: 164 الحديث 463 و ص 183 الحديث 511، الاستبصار 2: 80 الحديث 243، الوسائل 7: 16 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 4.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 43‌
و حديث أحمد على الوجوب معارض بما رواه البخاريّ بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «صوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين» «1».
على أنّ مسلما رواه- في الصحيح- عن ابن عمر أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذكر رمضان فقال: «صوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فاقدروا له ثلاثين» «2».
و في حديث آخر عن ربعيّ بن حراش «3» أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:
«صوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فعدّوا شعبان ثلاثين «4»، ثمّ صوموا، و إن غمّ عليكم فعدّوا ثلاثين ثمّ أفطروا» «5».
و لأنّ الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشكّ، و لهذا لا يحلّ الدين المعلّق بشهر رمضان، و لا الطلاق المعلّق به عنده. و أمّا الكراهية مع الصحو فمنفيّة بما ذكرناه من الأدلّة.
و قد روى الجمهور أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصل شعبان برمضان «6»،
______________________________
(1) صحيح البخاريّ 3: 34.
(2) صحيح مسلم 2: 759 الحديث 1080.
(3) ربعيّ بن حراش بن جحش بن عمرو بن عبد اللّه بن بجاد العبسيّ أبو مريم الكوفيّ روى عن عمر و عليّ عليه السّلام و ابن مسعود و أبي موسى و عمران بن حصين و حذيفة بن اليمان، و روى عنه عبد الملك بن عمير و أبو مالك الأشجعيّ و الشعبيّ، مات سنة: 101 و قيل 100 و قيل: 104 ه‍.
تهذيب التهذيب 3: 236، العبر 1: 91.
(4) غ بزيادة: يوما، كما في بعض المصادر.
(5) سنن الدارقطنيّ 2: 160 الحديث 20، و بتفاوت ينظر: سنن أبي داود 2: 298 الحديث 2326، سنن النسائيّ 4: 135، سنن الدارقطنيّ 2: 160 الحديث 23، 24، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 5: 190 الحديث 3449، سنن البيهقيّ 4: 208، المصنّف لعبد الرزّاق 4: 164 الحديث 7337، كنز العمّال 8: 488 الحديث 23758.
(6) سنن أبي داود 2: 300 الحديث 2336، سنن ابن ماجة 1: 528 الحديث 1648، 1649، سنن النسائيّ 4: 150 و 199، سنن الدارميّ 2: 17، سنن البيهقيّ 4: 210، مجمع الزوائد 3: 192، المعجم الكبير للطبرانيّ 22: 224 الحديث 594.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 44‌
و هو عامّ، و يحمل «1» نهي تقديم الصوم على العاجز ليقوى بالإفطار على الصوم الواجب، كما حمل رواية أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتّى يكون رمضان» «2».
و احتجاج ابن سيرين ورد على الظاهر إذ الغالب عدم خفاء الهلال عن جماعة كثيرة، و خفاؤه عن واحد و اثنين، لا العكس.
فروع:
الأوّل: لو نوى أنّه من رمضان كان حراما، و لم يجزئه لو خرج من رمضان؛
لما بيّنّاه من أنّ النهي يدلّ على الفساد، و لحديث عليّ بن الحسين عليهما السّلام «3».
و لما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال في يوم الشكّ: «من صامه قضاه و إن كان كذلك» «4» يريد: من صامه على أنّه من رمضان «5»، و يدلّ عليه قوله عليه السّلام: «و إن كان كذلك» لأنّ التشبيه إنّما هو للنيّة.
و لو نوى أنّه من شعبان ندبا، ثمّ بان أنّه من رمضان، أجزأ عنه؛ لأنّه صوم شرعيّ غير منهيّ عنه، فكان مجزئا عن الواجب، لأنّ رمضان لا يقع فيه غيره،
______________________________
(1) ن و م: و نحمل.
(2) سنن أبي داود 2: 300 الحديث 2337، سنن ابن ماجة 1: 528 الحديث 1651، سنن الترمذيّ 3: 115 الحديث 738، سنن الدارميّ 2: 17، مسند أحمد 2: 442، سنن البيهقيّ 4: 209، كنز العمّال 8: 506 الحديث 23857، المصنّف لعبد الرزّاق 4: 161 الحديث 7325 في بعض المصادر بتفاوت.
(3) التهذيب 4: 294 الحديث 895، الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم الحديث 8.
(4) التهذيب 4: 162 الحديث 457، الوسائل 7: 17 الباب 6 من أبواب وجوب الصوم الحديث 5.
(5) ح: من صامه على أنّه من شهر رمضان بغير رؤية، قضاه، كما في المصادر.



منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 45‌
و نيّة الوجوب ساقطة؛ للعذر، كناسي النيّة إلى قبل الزوال، و لما ذكرناه من الأحاديث «1».
الثاني: لو نوى أنّه واجب أو ندب و لم يعيّن لم يصحّ صومه،
و لا يجزئه لو خرج من رمضان إلّا أن يجدّد النيّة قبل الزوال.
الثالث: لو نوى أنّه من رمضان فقد بيّنّا أنّه لا يجزئه-
و تردّد «2» الشيخ في الخلاف «3»- فلو ثبت الهلال قبل الزوال، جدّد النيّة و أجزأه؛ لأنّ محلّ النيّة باق.
الرابع: لو صامه بنيّة أنّه من شعبان ندبا، ثمّ بان أنّه من رمضان‌
و النهار باق، جدّد نيّة الوجوب، و لو لم يعلم حتّى فات النهار أجزأ عنه على ما بيّنّا «4».
الخامس: لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب،
و إن كان من شعبان فهو ندب، للشيخ قولان:
أحدهما: الإجزاء لو بان من رمضان، ذكره في الخلاف؛ لأنّ نيّة القربة كافية و قد نوى القربة «5».
و الثاني: لا يجزئه «6»- و به قال الشافعيّ «7»- لأنّ نيّته متردّدة، و الجزم شرطها، و التعيين ليس بشرط إذا علم أنّه من شهر رمضان، أمّا فيما لا يعلم فلا نسلّم ذلك.




مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام؛ ج‌2، ص: 55
قوله: «و يستحب صوم يوم الثلاثين».
(1) نبه بذلك على خلاف المفيد «2» (رحمه اللّه) حيث كره صومه مع الصحو لمن لم يكن صائما قبله، محتجا بنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «3» عن صومه. و قد بيّن زين العابدين عليه السلام «4» ذلك النهي بأن المراد به مع صومه بنية رمضان.
فالأصح استحباب صومه مطلقا. قال الصادق عليه السلام: «صمه فإن يك من شعبان كان تطوعا و ان يك من شهر رمضان فيوم وفقت له» «5».
و اعلم أن موضع الخلاف انما هو مع تحقق كونه شكا لا مطلق يوم الثلاثين.
و لا يتحقق كونه شكا الا مع تحدث الناس برؤيته على وجه لا يثبت أو شهادة الواحد و نحوه. و بدون ذلك لا يكون شكا فلا يتعلق به حكمه من كراهة صومه و لا استحبابه على الوجه الوارد.
______________________________
(1) الوسائل 7: 204 ب «10» من أبواب أحكام شهر رمضان.
(2) نقله عنه المحقق في المعتبر 2- 650. و لكنه في المقنعة: 298 صرّح باستحبابه و أورد في ذلك عدة روايات فلعله حكم بالكراهة المذكورة في غيرها.
(3) التهذيب 4: 183 ح 509، الاستبصار 2: 79 ح 241، الوسائل 7: 16 ب «6» من أبواب وجوب الصوم ح 2.
(4) التهذيب 4: 183 ح 511، الاستبصار 2: 80 ح 243، الوسائل ح 4 من الباب المذكور.
(5) الكافي 4: 82 ح 5، الفقيه 2: 79 ح 350، الاستبصار 2: 78 ح 236، التهذيب 4: 181 ح 504، الوسائل 7: 12 ب «5» من أبواب وجوب الصوم ح 3.




مناهج الأخيار في شرح الإستبصار ؛ ج‏2 ؛ ص154
نويسنده: علوى عاملى، احمد بن زين العابدين‏--تاريخ وفات مؤلف: حدود 1057 ق‏
اما سند الرابع فلأن فيه حمزة بن يعلى الأشعرى ابو على القمى روى عن الرضا و ابى جعفر الباقر عليهما السلام ثقة وجيه جش صه و قال جش له كتاب يرويه عن عدة من اصحابنا و لكن فيه الكاهلى و من جهته يدخل هذا الخبر في الحسن لأن المعروف منه عند الاطلاق عبد الله بن يحيى كما ذكر في الرجال و قد قال النجاشى انه كان وجها عند ابى الحسن عليه السلام و هذه اللفظة من الفاظ الحسن في اصطلاح المتاخرين و زاد في النجاشى ان ابا الحسن عليه السلام وصى به على بن يقطين فقال اضمن لى الكاهلى و بالجملة فالحديث بحسبه حسن و ان كان ظاهر العلامة انه صحيح
اما المتن فلأنه مضمون زمان في الفقيه سئل امير المؤمنين عليه السلام عن اليوم المشكوك فيه فقال لان اصوم يوما من شعبان احب إلي من ان افطر يوما من شهر رمضان ثم من الأصحاب من قال قوله عليه السلام يوما من شعبان المراد به يوم الشك فاذا صمته و ظهر رمضان فاطعت امر الشارع و اذا افطرته فعصيت فاذا كان الأمر كذلك فالصوم احب إلي من ان افطر و الحاصل ان صوم يوم شعبان الذي هو يوم الشك المحتمل لكونه من شهر رمضان افضل من افطاره الموجب لاحتمال الإفطار في شهر رمضان و كان الصوم احب اليه من افطاره
و من هاهنا اندفع الأشكال بان من الظاهر ان المباح احب من افطار يوم من شهر رمضان فضلا عن المستحب و المعتبر في افعل التفضيل المشاركة و وجه الدفع بما قررنا ظاهر على ان بعض محققى العربية على عدم اشتراطه بالمشاركة
ثم الصدوق في الفقيه بدا بهذا الخبر و جعله في آخر الباب غريبا و هو اعلم به ثم الصدوق ذكر ان من صامه و هو شاك فيه فعليه قضاؤه و ان كان من شهر رمضان لا يقبل شي‏ء من الفرائض لا باليقين
و لا يخفى ما فيه من الإجمال و الواو في قوله و ان كان من شهر رمضان موجودة في النسخ و لعلها زايدة فيكون المراد منه ان من صام يوم الشك مرددا بينه و بين كونه من شعبان او من شهر رمضان فعليه القضاء و اما اذا لم يكن زايدة فتوجيهه به مشكل جدا
ثم ان عدم الصحة مع الترديد مما حكاه العلامة في المختلف عن ابن ادريس و الشيخ في بعض كتبه و نقل عن الشيخ في المبسوط و الخلاف و ابن حمزة و ابن ابى عقيل الاجزاء و اختاره العلامة رحمه الله مستدلا بانه نوى الواقع فوجب ان يجريه و بانه نوى للعبادة على وجهها فوجب ان يخرج من العهدة اما المقدمة الأولى فلأن العبادة اعنى الصوم ان كان من شهر رمضان كان واجبا و ان كان من شعبان كان نفلا و اما الثانية فظاهره و لأن نية التعين في رمضان ليست شرطا اجماعا و قد برئ المطلق بموجب الاجزاء و نقل عن الشيخ انه احتج بانه لم ينو احد النيتين قطعا و اجاب العلامة بالمنع من اشتراط القطع لأنه تكليف بما لا يطاق انتهى
و من الظاهر ان صوم يوم الشك انما يقع على وجه الندب ففعله على خلاف ذلك تشريع لا يتحقق الامتثال به و ما قاله العلامة في الاستدلال يتوجه اليه منع كون النية مطابقة و وقوع العبادة على وجهها و السند ما تقدم و ما قاله من الاكتفاء في رمضان بنية القربة لو سلم نقول لا يلزم من الاكتفاء بها صحة الصوم مع الوقوع على غير المشروع ثم الأخبار الآتية دالة في اجزاء صيام يوم الشك اما سند الخامس‏
________________________________________
علوى عاملى، احمد بن زين العابدين، مناهج الأخيار في شرح الإستبصار، 3جلد، مؤسسه اسماعيليان - قم، چاپ: اول، 1399ق.





الوافي ؛ ج‏11 ؛ ص105
الوافي، ج‏11، ص: 105
باب 13 صيام يوم الشك‏
10499- 1 الكافي، 4/ 81/ 1/ 1 العدة عن أحمد عن حمزة بن يعلى عن زكريا بن آدم عن الكاهلي قال‏ سألت أبا عبد الله ع عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان قال لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان‏ «1»
10500- 2 الفقيه، 2/ 126/ 1922 سئل أمير المؤمنين ع عن اليوم المشكوك فيه فقال لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان‏
10501- 3 الفقيه، 2/ 126/ 1923 قال أمير المؤمنين ع‏ لأن أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان‏

الوافي، ج‏11، ص: 106
بيان‏
معنى الحديث الأول أن صيام يوم الشك بنية شعبان أحب إلي من إفطاره و ذلك لأنه إن صامه بنية شعبان و كان في الواقع منه لكان قد صام يوما من شعبان و أما إذا أفطر و كان في الواقع من شهر رمضان فكان قد أفطر يوما من شهر رمضان و صيام يوم من شعبان خير من إفطار يوم من شهر رمضان.
و معنى الحديث الأخير أن إفطار يوم الشك بنية شعبان إذ لم يعلم أنه من شهر رمضان أحب إلي من صيامه بنية أنه من شهر رمضان و ذلك لأن إفطاره على تلك النية جائز مرخص فيه و صيامه على هذه النية بدعة منهي عنه فلا منافاة بين الحديثين بوجه.
و تحقيق الكلام في هذا المقام أن من رحمة الله سبحانه بناء الأحكام الشرعية على اليقين فإذا كان ثوبنا طاهرا مثلا لم نحكم بورود النجاسة عليه إلا إذا تيقنا ذلك و إن كان قد تنجس في الواقع من دون معرفة لنا بنجاسته و ذلك لأن اليقين لا ينقض بالشك أبدا بل إنما ينقضه يقين آخر مثله كما ورد به الأخبار فكذلك إذا كنا في شعبان لم نحكم بخروجنا منه و دخولنا في شهر رمضان إلا إذا تيقنا ذلك و لا تيقن لنا بالدخول في شهر رمضان إلا برؤية هلاله أو بعد ثلاثين يوما من شعبان فيوم الشك بهذا الاعتبار الشرعي معدود لنا في أيام شعبان و ليس من شهر رمضان في شي‏ء و إن كان في الواقع منه.
فإنا لسنا مكلفين بما في الواقع إذا لهلكنا و وقعنا في الحرج إذ لا سبيل لنا إلى استعلام الواقع و العلم به فإذن كون الشي‏ء مشكوكا فيه في نظر عقولنا لا ينافي كونه متيقن الحكم عندنا باعتبار الحكم الشرعي فنحن إنما نصوم يوم الشك بنية شعبان جزما بحكم الشرع لنخرج من الشك الذي لنا بحسب عقولنا بالنسبة إلى الواقع و إنما أجزأ حينئذ عن شهر رمضان إذا كان منه لأنه قد وقع موقع الفريضة


الوافي، ج‏11، ص: 107
و موقع الفريضة لا يصلح لغيرها و قصد القربة كاف لصحة العبادة إذا وقعت على وجهها و قد جاء ما كشف لنا إن نسبتنا إياه إلى شعبان كانت خطأ في الواقع و إن كنا مكلفين بها إذ لا سبيل لنا إلى العلم.
و أما النهي عن الانفراد بصيامه على ما ورد في بعض الأخبار كما مر و كما سيأتي فلعل السر فيه أن من انفرد بصيامه على أنه من رمضان لم يمتثل حكم الشرع مع أنه لم يعتقد كونه من رمضان فكيف ينوي صيامه منه و أما من صامه بنية شعبان أو بنية الترديد و ميزه من بين سائر أيام شعبان بصيامه فيظهر منه أنه إنما فعل ذلك لزعمه أن صيامه لا بد منه و أن إفطاره مما لا يجوز فكأنه صامه بنية شهر رمضان و أن أخطر بباله بحكم الشرع أنه من شعبان و ذلك يشبه إدخال يوم من غير شهر رمضان فيه فالأولى أن لا يصومه على هذا الوجه أيضا إلا أن يكون قد صام من شعبان شيئا ليسقط هذا التوهم.
و هذا معنى قوله ع في حديث الزهري السابق أمرنا أن نصومه مع صيام شعبان و لكنه إن فعل ذلك جاز صومه و احتسب من شهر رمضان إن ظهر كونه منه و إن ردد في نيته و ذلك لأن معنى صيامه بنية شعبان صيامه على وجه الاستحباب دون الفرض و هذا يجتمع مع صيامه بنية الترديد أيضا إذ لا ينافي الترديد اعتقاد عدم الفرض و لما ورد من إطلاق الرخصة في صيامه كما يأتي في هذا الباب خرج منه صيامه بنية شهر رمضان بأخبار أخر و بقي جواز صيامه بنية الترديد كما بقي جواز صيامه بنية شعبان و لم يرد نهي عن صيامه بنية الترديد كما ورد عن صيامه بنية رمضان.
فإن قيل كما لم يرد نهي عن صيامه بنية الترديد لم يرد أيضا إذن فيه صريحا فكيف يجوز أن يصام بنية الترديد.
قلنا مال الشك إلى الترديد فإن من لم يتيقن أحد الطرفين فهو لا محالة متردد بينهما فإن معنى النية ما يبعث على الفعل لا ما يخطر بالبال كما مر تحقيقه إلا أن‏


الوافي، ج‏11، ص: 108
يقال لما جعله الشارع من شعبان فعلينا أن نعتقده منه فليتأمل فيه.
و من وقف على ما فصلناه و حققنا لم يشتبه عليه شي‏ء من الأخبار الواردة في هذا الباب و عرف أن كلها متفقة المعاني لا تعارض فيها و لا تناقض بوجه و لله الحمد.
قال في الفقيه بعد ذكر الحديث الأول فيجوز أن يصام على أنه من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأه و إن كان من شعبان لم يضر و من صامه و هو شاك فيه فعليه قضاؤه و إن كان من شهر رمضان لأنه لا يقبل شي‏ء من الفرائض إلا باليقين و لا يجوز أن ينوي من يصوم يوم الشك أنه من شهر رمضان‏
لأن أمير المؤمنين ع قال‏ لأن أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان.
أقول لعله طاب ثراه أراد بقوله و من صامه و هو شاك فيه من صامه بنية رمضان مع أنه يشك فيه فإن من صامه بنية الترديد فهو على يقين من أمره و إن كان شاكا في اليوم و إنما وجهنا كلامه بذلك لئلا ينافي الأخبار الآتية فإن الظاهر منها جواز الترديد و إن لم تكن صريحة فيه‏




الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌13، ص: 33
الخامس [صوم يوم الشك بنية كونه من شهر رمضان]
- لو نوى الوجوب بكونه من شهر رمضان في يوم الشك و هو آخر‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 5 من مقدمة العبادات و الباب 2 من وجوب الصوم و نيته.
(2) الوسائل الباب 5 من مقدمة العبادات و الباب 2 من وجوب الصوم و نيته.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 34‌
يوم من شعبان فالمشهور انه يكون فاسدا و لا يجزئ عن أحدهما، لا عن شهر رمضان و ان ظهر كونه منه لوقوعه في شهر شعبان ظاهرا و الأحكام الشرعية إنما بنيت على الظاهر، و لا عن شعبان لعدم نيته، فما نواه غير واقع بحسب الظاهر الذي هو مناط التكليف و ما هو واقع غير منوي، و على ذلك تدل الأخبار الآتية.
و الى هذا القول ذهب الشيخ و المرتضى و الصدوقان و أبو الصلاح و سلار و ابن البراج و ابن حمزة و ابن إدريس و الفاضلان و غيرهم و هو المعتمد، و ذهب ابن ابى عقيل و ابن الجنيد إلى انه يجزئه عن شهر رمضان و اليه ذهب الشيخ في الخلاف.
و استدل على القول الأول‌
بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام «1» «في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان؟ فقال عليه السلام عليه قضاؤه و ان كان كذلك».
و الاستدلال بهذا الخبر مبنى على تعلق قوله «من رمضان» بقوله «يصوم» بمعنى انه لا يجوز صيام يوم الشك على انه من شهر رمضان فلو صامه و ظهر كونه من شهر رمضان لم يجزئ عنه و وجب قضاؤه، و اما لو علق بقوله «يشك» فلا دلالة فيه و يحمل الأمر فيه بالقضاء على التقية لاتفاق العامة على عدم الاجزاء عن شهر رمضان لو ظهر كونه منه «2».
______________________________
(1) الوسائل الباب 6 من وجوب الصوم و نيته.
(2) في نيل الأوطار بعد ذكر أحاديث المنتقى بعنوان باب (ما جاء في يوم الغيم و الشك) ج 4 ص 201 قال ص 204: و قد استدل بهذه الأحاديث على المنع من صوم يوم الشك، قال النووي و به قال مالك و الشافعي و الجمهور. و حكى الحافظ في الفتح عن مالك و ابى حنيفة انه لا يجوز صومه عن فرض رمضان و يجوز عن ما سوى ذلك. قال ابن الجوزي في التحقيق: و لا حمد في هذه المسألة و هي ما إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو غيره ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال: أحدها- يجب صومه على انه من رمضان.
و ثانيها- لا يجوز فرضا و لا نقلا مطلقا بل قضاء و كفارة و نذرا و نفلا يوافق عادة.
و ثالثها- المرجع إلى رأى الامام في الصوم و الفطر. و ذهب جماعة من الصحابة إلى صومه. و عد قسما منهم ثم قال و جماعة من التابعين. الى أن قال: و قال جماعة من أهل البيت باستحبابه و قد ادعى المؤيد بالله انه أجمع على استحباب صومه أهل البيت. و في المجموع ج 6 ص 403 و 408 ذكر مذاهب العلماء في صوم يوم الشك بعد ان ذكر ص 399 ان الشافعية لا يجوز عندهم صوم يوم الشك عن رمضان، و في المغني ج 3 ص 89 و المحلى ج 7 ص 23 و بدائع الصنائع ج 2 ص 78 ذكر الاختلاف فيه ايضا.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 35‌
و مثله في ذلك‌
ما رواه الشيخ في التهذيب عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه السلام «1» «انه قال في يوم الشك: من صامه قضاه و ان كان كذلك. يعنى من صامه على انه من شهر رمضان بغير رؤية قضاه و ان كان يوما من شهر رمضان لأن السنة جاءت في صيامه على انه من شعبان و من خالفها كان عليه القضاء».
و قوله: «يعنى من صامه. الى آخره» يحتمل أن يكون من كلام الشيخ في التهذيب و يحتمل أن يكون من كلام أحد الرواة تقييدا لإطلاق الخبر.
و الاحتمال الذي قدمناه في الخبر الأول قائم أيضا هنا و به صرح الشيخ في الاستبصار أيضا.
و الأظهر الاستدلال على ذلك‌
بما رواه الكليني في الكافي في الموثق عن سماعة «2» قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل صام يوما و هو لا يدرى أ من شهر رمضان هو أم من غيره فجاء قوم فشهدوا انه كان من شهر رمضان فقال بعض الناس عندنا لا يعتد به فقال بلى فقلت انهم قالوا صمت و أنت لا تدري أ من شهر رمضان هذا أم من غيره؟ فقال بلى. فاعتد به فإنما هو شي‌ء وفقك الله له إنما يصام يوم الشك من شعبان و لا يصومه من شهر رمضان لأنه قد نهى ان ينفرد الإنسان بالصيام في يوم الشك و إنما ينوي من الليلة أنه يصوم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل الله تعالى و بما قد وسع على عباده و لو لا ذلك لهلك الناس».
______________________________
(1) الوسائل الباب 6 من وجوب الصوم و نيته.
(2) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 36‌
و الظاهر ان معنى قوله «لأنه قد نهى أن ينفرد الإنسان بالصيام في يوم الشك» يعنى بصيامه من شهر رمضان مع عدم ثبوته و كون الناس إنما يعدونه من شعبان.
و الظاهر ان معنى قوله «و لو لا ذلك لهلك الناس» أي لو لا التكليف بالظاهر دون الواقع و نفس الأمر، إذ في وقوع التكليف بذلك لزوم تكليف ما لا يطاق و هو موجب لما ذكره، فالتكليف إنما وقع بصيامه من شعبان بناء على ظاهر الحال و ان كان في الواقع انه من شهر رمضان و الاجزاء بعد ذلك إنما هو بتفضل منه سبحانه.
و يدل ايضا على ما ذكرناه من القول المشهور ما تقدم في أول الكتاب من حديث الزهري‌
و حديث كتاب الفقه الرضوي و قولهما (عليهما السلام) «1» «و صوم يوم الشك أمرنا به و نهينا عنه: أمرنا أن نصومه من شعبان و نهينا عنه ان ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس.
الى آخر ما تقدم» و قوله:
«و نهينا أن ينفرد الرجل بصيامه» يعنى ما قدمنا ذكره من أن المراد صيامه من شهر رمضان.
و الشيخ في التهذيب «2» قد روى عن الزهري قال: «سمعت على بن الحسين عليه السلام يقول يوم الشك أمرنا بصيامه و نهينا عنه: أمرنا أن يصومه الإنسان على انه من شعبان و نهينا عن ان يصومه على انه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال».
و هو ظاهر الدلالة في المراد.
______________________________
(1) ص 5 س 8.
(2) ج 4 ص 164 و 183 الطبع الحديث، و في الوسائل الباب 6 من وجوب الصوم و نيته. و السند فيه يختلف عن سند الحديث الذي يرويه ص 296 و قد تقدم ص 3 فان ذلك يرويه عن الكليني و هذا يرويه بسند آخر مستقل.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 37‌
و استدل السيد السند (قدس سره) في المدارك للقول المشهور أيضا بأن إيقاع المكلف الصوم في الزمان المحكوم بكونه من شعبان على انه من شهر رمضان يتضمن إدخال ما ليس من الشرع فيه فيكون حراما لا محالة كالصلاة بغير طهارة فلا يتحقق به الامتثال. و هو جيد.
و اما ما أجاب به الفاضل الخراساني في الذخيرة عن ذلك- من أن غاية ما يستفاد من هذا الدليل تحريم نية كونه من رمضان و لا يلزم من ذلك فساد العبادة لأن النهي متعلق بأمر خارج عن العبادة- ففيه ما قدمنا ذكره قريبا من أن النية لا تخلو من أن تكون شرطا أو شطرا من العبادة، و على أى منهما فتوجه النهي إليها موجب لبطلان العبادة إذ لا خلاف بينهم في ما أعلم في أن توجه النهي إلى العبادة أو جزئها أو شرطها موجب لبطلانها و لم نقف للقول الثاني على دليل إلا ما نقل عن الشيخ في الخلاف من انه احتج على ذلك بإجماع الفرقة و اخبارهم على انه من صام يوم الشك أجزأ عن شهر رمضان و لم يفرقوا. و أورد عليه بان الفرق في النص و كلام الأصحاب متحقق كما تقدم.
قال السيد السند (قدس سره) في المدارك: و لا يخفى ان نية الوجوب مع الشك إنما يتصور من الجاهل الذي يعتقد الوجوب لشبهة أما العالم بانتفائه شرعا فلا يتصور منه ملاحظة الوجوب إلا على سبيل التصور و هو غير النية فإنها إنما تتحقق مع الاعتقاد كما هو واضح. انتهى.
أقول: لا يخفى أن تخصيص محل الخلاف بما فرضه هنا من الجاهل الذي يعتقد الوجوب لشبهة موجب للقدح في استدلاله الذي قدمنا نقله عنه من أن إيقاع المكلف الصوم في الزمان المحكوم بكونه من شعبان على انه من شهر رمضان يتضمن إدخال ما ليس من الشرع فيه، فان للقائل أن يقول ان هذا الكلام انما يتوجه الى العالم إذ الجاهل من حيث الشبهة التي فرضها لا يكون الزمان عنده محكوما‌
الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 38‌
بكونه من شهر شعبان فلا يتضمن إدخال ما ليس من الشرع فيه، و كون ذلك واقعا كذلك لا مدخل له في المقام إذ الكلام بالنظر الى ظاهر اعتقاد المكلف.
و بالجملة فإن الدليل المذكور لا يتم مع فرض المسألة كما ذكره و مع بطلان هذا الدليل الذي هو معتمدة في المسألة يصير اختياره للقول المشهور عاريا عن الدليل، لأنه قد استدل بعد هذا الدليل بصحيحة محمد بن مسلم و قد قدمنا ما يرد عليها ثم استدل بموثقة سماعة و رواية الزهري و هما باصطلاحه من الضعيف الذي لا يقوم حجة و لا يثبت دليلا كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان بعض الأخبار المتعلقة بهذه المسألة زيادة على ما ذكرنا لا تخلو من الإجمال و قيام الاحتمال:
و منها-
صحيحة معاوية بن وهب أو حسنته «1» قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فيكون كذلك؟ فقال هو شي‌ء وفق له».
فان قوله: «من شهر رمضان» يحتمل تعلقه ب «يصوم» يعنى يصوم يوم الشك بنية كونه من شهر رمضان، و حينئذ فقوله عليه السلام «هو شي‌ء وفق له» دليل على القول الثاني، و على هذا الاحتمال اعتمد في الذخيرة و جعل الخبر المذكور معارضا لصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة بناء على استدلال الأصحاب بها. و يحتمل تعلقه ب «يشك فيه» و حينئذ فيكون الخبر موافقا لما ذكره الأصحاب و دلت عليه الأخبار من استحباب صوم يوم الشك بنية كونه من شعبان و انه يجزئ عن شهر رمضان. و الظاهر هو رجحان هذا الاحتمال لأن جملة الأحاديث المشتملة على انه يوم وفق له إنما وردت في صيامه بنية كونه من شعبان كما تقدم في موثقة سماعة و مثلها غيرها من ما سيأتي ان شاء الله تعالى. و به يظهر بطلان الاحتمال الأول الذي عول عليه في الذخيرة.
______________________________
(1) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 39‌
و منها-
رواية سماعة «1» قال: «سألته عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان لا يدرى أ هو من شعبان أو من رمضان فصامه من شهر رمضان؟ قال هو يوم وفق له و لا قضاء عليه».
و هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب «2» نقلا عن الكافي هكذا و هي بظاهرها دالة على القول الثاني و مؤيدة للاحتمال الأول في صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة، إلا أن الرواية في الكافي «3» هكذا: «فصامه فكان من شهر رمضان» و بذلك يظهر حصول الغلط في الخبر و نقصان «فكان» من رواية الشيخ كما هو معلوم من طريقته في الكتاب المذكور و ما جرى له فيه من التحريف و التغيير و الزيادة و النقصان في متون الأخبار و أسانيدها، و بذلك تكون الرواية موافقة لما عليه الأصحاب و الاخبار.
و بما حققناه في المقام يظهر قوة القول المشهور و انه المؤيد المنصور و ان ما ذكره في الذخيرة من الاستشكال في المسألة بناء على ما قدمنا نقله عنه لا يخلو من القصور.
السادس [صوم يوم الشك بنية الندب]
- الظاهر انه لا خلاف في انه لو صام يوم الشك بنية الندب ثم ظهر كونه من شهر رمضان فإنه يجزئ عنه و لا يجب عليه قضاؤه.
و يدل على ذلك الأخبار المتكاثرة و منها ما تقدم من موثقة سماعة و روايته الثانية بناء على رواية صاحب الكافي.
و ما رواه الكليني و الشيخ عنه في الصحيح عن سعيد الأعرج «4» قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى صمت اليوم الذي يشك فيه فكان من شهر رمضان أ فاقضيه؟
قال لا هو يوم وفقت له».
______________________________
(1) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.
(2) ج 1 ص 403.
(3) الفروع ج 1 ص 185.
(4) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 40‌
و عن محمد بن حكيم «1» قال: «سألت أبا الحسن عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه فان الناس يزعمون ان من صامه بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان؟ فقال كذبوا ان كان من شهر رمضان فهو يوم وفق له و ان كان من غيره فهو بمنزلة ما مضى من الأيام».
و عن بشير النبال عن ابى عبد الله عليه السلام «2» قال: «سألته عن صوم يوم الشك فقال صمه فإن يك من شعبان كان تطوعا و ان يك من شهر رمضان فيوم وفقت له».
و عن الكاهلي في الحسن «3» قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه من شعبان قال لأن أصوم يوما من شعبان أحب الى من أن أفطر يوما من شهر رمضان».
و معناه ان صيام هذا اليوم من شعبان أحب الى من أن أفطر فيظهر كونه من شهر رمضان فيكون بمنزلة من أفطر في شهر رمضان و وجب عليه القضاء.
و روى شيخنا المفيد (قدس سره) في المقنعة «4» قال: و روى أبو الصلت عبد السلام بن صالح قال حدثني على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده (عليهم السلام) انه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه و آله من صام يوم الشك فرارا بدينه فكأنما صام الف يوم من أيام الآخرة غرا زهرا لا يشاكان أيام الدنيا».
قال «5» و روى أبو خالد عن زيد بن على بن الحسين عن آبائه عن على بن أبى طالب (عليهم السلام) قال: «قال رسول الله صلى الله عليه و آله صوموا سر الله. قالوا يا رسول الله و ما سر الله؟ قال يوم الشك».
و اما ما دل بظاهره على خلاف ما دلت عليه هذه الاخبار من تحريم صوم يوم الشك- مثل‌
ما رواه الشيخ في التهذيب عن قتيبة الأعشى «6» قال: «قال‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.
(2) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.
(3) الوسائل الباب 5 من وجوب الصوم و نيته.
(4) الوسائل الباب 16 من أحكام شهر رمضان.
(5) الوسائل الباب 16 من أحكام شهر رمضان.
(6) الوسائل الباب 6 من وجوب الصوم و نيته و الباب 1 من الصوم المحرم و المكروه.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 41‌
أبو عبد الله عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن صوم ستة أيام: العيدين و أيام التشريق و اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان».
و ما رواه فيه عن عبد الكريم بن عمرو «1» قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام انى جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم؟ فقال لا تصم في السفر و لا العيدين و لا أيام التشريق و لا اليوم الذي يشك فيه».
و رواه في الفقيه عن عبد الكريم أيضا «2».
و ما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد بن الفضيل «3» قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه لا يدرى أ هو من شهر رمضان أو من شعبان؟
فقال: شهر رمضان شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة و النقصان فصوموا للرؤية و أفطروا للرؤية و لا يعجبني أن يتقدمه أحد بصيام يوم و ذكر الحديث»-.
فقد حمله الشيخ على صومه بنية شهر رمضان و استدل بحديث الزهري المتقدم، و الأقرب عندي حمل النهى عن صومه على التقية لما أشارت إليه جملة من الأخبار المتقدمة من الرد على العامة في ما ذهبوا اليه من تحريم صومه «4».
تنبيهات‌
الأول [المراد بيوم الشك]
- ينبغي أن يعلم ان المراد بيوم الشك في هذه الأخبار ليس هو مطلق الثلاثين من شعبان بل المراد به إنما هو في ما إذا حصل الاختلاف في رؤية هلال شعبان على وجه لم تثبت الرؤية فإن اليوم الثلاثين بناء على دعوى الرؤية قبل ذلك يكون أول شهر رمضان و على دعوى العدم يكون من شهر شعبان، أو حصل الاختلاف في رؤية هلال شهر رمضان كذلك فإنه على تقدير دعوى الرؤية يكون‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 6 من وجوب الصوم و نيته.
(2) الوسائل الباب 6 من وجوب الصوم و نيته.
(3) الوسائل الباب 5 من أحكام شهر رمضان.
(4) ارجع الى التعليقة 2 ص 34.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 42‌
من شهر رمضان و على تقدير عدمها يكون من شهر شعبان، و كذا في صورة ما إذا علم هلال شعبان لكن اتفق حصول غيم مانع من الرؤية ليلة الثلاثين، فإنه في جميع هذه الصور يكون يوم شك، و هذا هو الذي وردت الاخبار باستحباب صومه و انه ان ظهر من شهر رمضان فهو يوم وفق له. و اما لو كان هلال شعبان معلوما يقينا و لم يدع أحد الرؤية ليلة الثلاثين منه و لم تكن في السماء علة مانعة من الرؤية فإن هذا اليوم من شعبان قطعا و ليس هو بيوم شك.
و يدل على ذلك من الاخبار‌
ما رواه ثقة الإسلام في الكافي و الشيخ في التهذيب بسنديهما عن هارون بن خارجة «1» قال: «قال أبو عبد الله عليه السلام عد شعبان تسعة و عشرين يوما فان كانت متغيمة فأصبح صائما و ان كانت صاحية و تبصرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا».
و ما رواه الشيخ في التهذيب عن الربيع بن ولاد عن أبى عبد الله عليه السلام «2» قال: «إذا رأيت هلال شعبان فعد تسعة و عشرين يوما فإن أصبحت فلم تره فلا تصم و ان تغيمت فصم».
و هما ظاهران في أن أمره عليه السلام بالصوم مع الغيم إنما هو من حيث كونه يوم الشك الذي ورد فيه ما تقدم من انه يوم وفق له و اما مع الصحو فليس هو كذلك.
و يدل على ذلك ايضا‌
ما رواه الشيخ في التهذيب عن معمر بن خلاد عن أبى الحسن عليه السلام «3» قال: «كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائما فأتوه بمائدة فقال ادن. و كان ذلك بعد العصر قلت له جعلت فداك صمت اليوم.
فقال لي و لم؟ قلت جاء عن أبى عبد الله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه انه قال يوم وفق له فقال أ ليس تدرون إنما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل فكان من شهر رمضان فكان يوما وفق له؟ فاما و ليس علة و لا شبهة‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 16 من أحكام شهر رمضان.
(2) الوسائل الباب 16 من أحكام شهر رمضان.
(3) الوسائل الباب 5 و 4 من وجوب الصوم و نيته.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 43‌
فلا. فقلت أفطر الآن؟ فقال لا. فقلت و كذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر؟ قال نعم».
و الظاهر ان ما دل عليه الخبران الأولان صريحا و الثالث ظاهرا من عدم صوم يوم الثلاثين مع عدم العلة و الشبهة هو مستند الشيخ المفيد (قدس سره) في ما نقل عنه من كراهية صوم هذا اليوم مع الصحو كما نقله عنه في البيان حيث قال: و لا يكره صوم يوم الشك بنية شعبان و ان كانت الموانع من الرؤية منتفية، و قال المفيد يكره مع الصحو إلا لمن كان صائما قبله. انتهى.
و ما نقل هنا عن الشيخ المفيد (قدس سره) لعله من غير المقنعة لأن كلامه في المقنعة صريح في الاستحباب مطلقا كما لا يخفى على من راجعه.
ثم لا يخفى عليك ان ظاهر كلام جملة من أصحابنا ان يوم الشك عندهم هو يوم الثلاثين مطلقا كما لا يخفى على من راجع عباراتهم و منها عبارة البيان المنقولة هنا.
و فيه ما عرفت من دلالة الأخبار التي قدمناها على ان يوم الثلاثين من شعبان مع عدم العلة في السماء و عدم الاختلاف في الرؤية ليس بيوم شك و لا يستحب صومه من حيث كونه يوم شك.
و ربما سبق الى بعض الأوهام من هذه الأخبار التي قدمناها دالة على عدم استحباب صوم هذا اليوم مع عدم العلة هو تحريم صيامه نظرا الى ظاهر النهي في بعضها. و هو توهم ضعيف لما دل على استحباب الصوم مطلقا «1» و صوم شعبان بخصوصه كلا أو بعضا «2» و ما دل عليه آخر رواية معمر بن خلاد من النهى عن الإفطار و الحال ذلك و قول الراوي «و كذلك في النوافل» يعنى غير هذا المؤذن بكونه من النوافل.
و أبعد من ذلك ما نقل ايضا عن بعض القاصرين من تحريم الإفطار يوم الشك‌
______________________________
(1) الوسائل الباب 1 من الصوم المندوب.
(2) الوسائل الباب 28 من الصوم المندوب.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 44‌
مطلقا فرضا و نفلا كما نقله بعض الأفاضل.
الثاني [الاكتفاء بنية الندب في كل صوم واجب]
- الحق الشهيدان بشهر رمضان في الاكتفاء بنية الندب متى ظهر كونه من شهر رمضان كل واجب معين فعل بنية الندب مع عدم العلم، و نفى عنه البأس جملة ممن تأخر عنهما: منهم- السيد السند في المدارك و المحدث الكاشاني في المفاتيح و الفاضل الخراساني في الذخيرة.
و عندي فيه توقف لأن الإلحاق المذكور لا يخرج عن القياس إذ مورد الدليل شهر رمضان خاصة و اشتراك الصوم المعين مع شهر رمضان في التعين و كون الزمان لا يصلح لغيره لا يوجب تعدى الحكم المذكور.
و بالجملة فالأحكام الشرعية مقصورة عندنا على الأدلة الواضحة خصوصا أو عموما و اما تعديها بمجرد المشاركة و المناسبة و نحو ذلك فهو لا يطابق الأصول الواردة عن أصحاب العصمة (صلوات الله عليهم).
و صرح الشهيد في الدروس- بعد حكمه بتأدي رمضان بنية النفل مع عدم علمه- بتأدية و كذا تأدى كل معين بنية الفرض من غيره ايضا بطريق أولى، و نفى عنه البعد في المدارك. و فيه ما عرفت.
الثالث [الترديد في نية الصوم في يوم الشك]
- لو ردد في نيته بان نوى ان كان غدا من شهر رمضان فهو صائم فرضا و ان كان من شعبان فهو صائم نفلا فللشيخ في ذلك قولان: أحدهما- الإجزاء ذكره في المبسوط و الخلاف، و الثاني العدم ذكره في باقي كتبه، و بالأول قال ابن حمزة و ابن ابى عقيل و العلامة في المختلف و هو ظاهر الدروس و البيان و اليه يميل كلام المحقق الأردبيلي و المحدث الكاشاني، و الى الثاني ذهب المحقق و ابن إدريس و العلامة في الإرشاد و اختاره في المدارك و نسبه الى أكثر المتأخرين.
حجة القول الأول انه نوى الواقع فوجب أن يجزئه، و انه نوى العبادة على وجهها فوجب أن يخرج من العهدة، أما المقدمة الأولى فلأن الصوم ان كان من شهر رمضان كان واجبا و ان كان من شعبان كان مندوبا، و اما الثانية فظاهرة. و بان‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 45‌
نية القربة كافية و قد نوى القربة.
و أجيب عن الأول و الثاني بالمنع من كون النية مطابقة للواقع و كون العبادة واقعة على وجهها، فان الوجه المعتبر هنا هو الندب خاصة و ان فرض كون ذلك اليوم في الواقع من شهر رمضان، فان الوجوب إنما يتحقق إذا ثبت دخول الشهر لا بدونه و الوجوب في نفس الأمر لا معنى له.
و عن الثالث بأنه لا يلزم من الاكتفاء في صوم شهر رمضان بنية القربة الصحة مع إيقاعه على خلاف الوجه المأمور به بل على الوجه المنهي عنه.
و أجاب عنه في المعتبر أيضا بأن نية التعيين تسقط في ما علم انه من شهر رمضان لا في ما لا يعلم.
حجة القول الثاني ان صوم يوم الشك إنما يقع على وجه الندب ففعله على خلاف ذلك يكون تشريعا فلا يتحقق به الامتثال.
و أورد عليه ان غاية ما يستفاد من ذلك تحريم بعض خصوصيات النية فلا يلزم فساد الصوم. و عندي ان هذا الجواب لا يخلو من نظر.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان المسألة ليس فيها نص في ما اعلم يدل على نفى أو إثبات و إثبات الأحكام الشرعية بمثل هذه التعليلات مع سلامتها من المناقض لا يخلو من مجازفة فكيف و المناقشة فيها قائمة من الطرفين، و بذلك يظهر ان المسألة محل توقف على ان حصول الترديد هنا لا يخلو من اشكال: اما بالنسبة إلى العالم بان هذا اليوم بحسب ظاهر الشرع إنما هو من شعبان- و انه إنما يصام ندبا من شعبان و لا يجوز صيامه من شهر رمضان كما هو المعلوم من الاخبار المتقدمة و عليه كافة الفرقة الناجية إلا الشاذ القائل بجواز صيامه من شهر رمضان- فظاهر لأنه متى علم ان الشارع إنما حكم به من شهر شعبان و انما جوز صيامه بنية شعبان و حرم صيامه بنية شهر رمضان و أعلمه بأنه مع صيامه بنية شعبان يجزئه متى ظهر كونه من شهر رمضان فكيف يردد في نيته و لما ذا يردد فيها و ينوي ما منعه الشارع منه مع كونه‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 46‌
يحسب له و ان لم ينوه؟ و اما بالنسبة إلى الجاهل بالحكم الشرعي فهو و ان أمكن إلا ان حججهم و تعليلاتهم المذكورة لا تجتمع عليه فان حجة القول الثاني لا تتم بالنسبة إلى الجاهل كما لا يخفى.
الرابع [لو نوى الندب ثم ظهر أنه من رمضان]
- صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لو صام يوم الشك بنية الندب ثم ظهر في أثناء النهار و لو قبل الغروب انه من شهر رمضان وجب ان يجدد نية الوجوب. و هو متجه على تقدير القول بوجوب نية الوجه في شهر رمضان و قد عرفت من ما قدمناه في بحث النية من كتاب الطهارة انه لم يقم دليل على اعتبار نية الوجه في شي‌ء من العبادات لا في هذا المقام و لا غيره و ان القربة كافية. نعم نقل النية إلى التعيين بكونه من شهر رمضان حيث ان النية الأولى انما تعلقت بغيره من ما لا بد منه و ان كان صوم شهر رمضان لا يفتقر الى تعيين لما علم من ان الزمان لا يصلح لغيره، إلا ان هذا من ما يحصل للمكلف بعد العلم بذلك من غير اعتمال و لا تكلف.






غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 287
القسم الأول: في صوم شهر رمضان‌
و فيه مباحث:
[المبحث] الأوّل: فيما يعلم به دخول الشهر، و وقت وجوب الإمساك و الإفطار‌
أمّا علامة دخول الشهر فأُمور‌
غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 288‌
الأوّل [من العلامات]: الرؤية‌
فيجب على من رأى الهلال متيقّناً و لو انفرد، و كذا لو شهد فرُدّت شهادته، بإجماع علمائنا كما في التذكرة «1» و المدارك «2»، خلافاً لعطاء، و الحسن، و ابن سيرين، و إسحاق «3».
________________________________________
گيلانى، ميرزاى قمّى، ابو القاسم بن محمد حسن، غنائم الأيّام في مسائل الحلال و الحرام، 6 جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامى حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1417 ه‍ ق



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 294
الثاني [من العلامات]: أن يمضي من شعبان ثلاثون يوماً‌
بإجماع المسلمين، بل هو من ضروريات الدين كما في المدارك «5».


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 295
الثالث [من العلامات]: الشياع‌
و هو في اللغة بمعنى الانتشار، قال الجوهري: شاع الخبر أي ذاع، و فسّر ذاع في محلّه بانتشر «1».
و هو لا يستلزم العلم كما لا يخفى، و كذا لا يفهم منه العلم في العرف.


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 305
الرابع [من العلامات]: شهادة العدل‌
و فيه خمسة أقوال نقلها في المهذب «4».


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 315
الخامس [من العلامات]: الجدول‌


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 317
السادس [من العلامات]: العدد‌


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 323
السابع [من العلامات]: رؤية الهلال قبل الزوال‌


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 329
الثامن [من العلامات]: عدّ خمسة أيّام من أوّل شهر رمضان في السنة الماضية، و جعل الخامس أوّل السنة الاتية‌
فإذا كان أوّل الأوّل جمعة يكون أول الثاني الثلاثاء.
و لا اعتبار به عند الأصحاب، و إن وردت به روايات،


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 332
[التاسع من العلامات غيبوبة الهلال بعد الشفق]


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 334
[العاشر من العلامات إتمام العدة من رجب تسعة و خمسين يوماً]


غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج‌5، ص: 335
ثمّ إنّ ههنا مسألتين:
[المسألة] الأُولى: المشهور بين الأصحاب استحباب صوم يوم الشكّ‌
«2» و عن جماعة من الأصحاب الإجماع عليه، مثل السيد في الانتصار و المسائل الناصرية «3»، و ابن زهرة في الغنية «4»، و الشيخ في الخلاف «5»، و هو ظاهر الروضة «6».
و يدلّ عليه مضافاً إلى العمومات عموم ما ورد في صوم شعبان، و خصوصاً في الثلاثة الأخيرة، و خصوصاً ما ورد في يوم الشك، و هو كثير جدّاً، مثل صحيحة سعيد الأعرج قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّي صمت اليوم الذي يشكّ فيه، و كان من شهر رمضان، أ فأقضيه؟ قال: «لا، هو يوم وفّقت له» «7».
و ما رواه سهل بن سعد، عن الرضا عليه السلام، و في جملتها قال، قلت له: يا ابن رسول اللّهُ، فما ترى في صوم يوم الشك؟ فقال: «حدّثني أبي، عن جدّي، عن آبائي «قال، قال أمير المؤمنين عليه السلام: لأن أصوم يوماً من شعبان أحبّ إليّ من أفطر يوماً من شهر رمضان» «8».
و رواية بشير النبال، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: سألته عن صوم يوم الشك، فقال:
______________________________
(1) الفقيه 2: 78 ح 344.
(2) المعتبر 2: 651، المنتهي 2: 561، التذكرة 6: 17، المسالك 2: 55، المدارك 6: 36.
(3) الانتصار: 62، المسائل الناصريّة (الجوامع الفقهيّة): 206.
(4) الغنية (الجوامع الفقهيّة): 570.
(5) الخلاف 2: 179.
(6) الروضة البهيّة 2: 139.
(7) التهذيب 4: 182 ح 506، الاستبصار 2: 78 ح 238، الوسائل 7: 12 أبواب وجوب الصوم ب 5 ح 2.
(8) الفقيه 2: 80 ح 355، الوسائل 7: 17 أبواب وجوب الصوم و نيّته ب 6 ح 9.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 336‌
«صمه، فإن يك من شعبان كان تطوّعاً، و إن يك من رمضان فيوم وفّقت له» «1».
و رواية أبي الصلت عبد السلام بن صالح رواها في المقنعة عن الرضا عليه السلام، عن آبائه «قال، قال رسول اللّهُ: «من صام يوم الشكّ فراراً بدينه فكأنما صام ألف يوم من أيّام الآخرة غراء زهراء، لا تشاكلن أيّام الدنيا» «2».
و عن أبي خالد، عن زيد بن عليّ بن الحسين، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال، قال رسول اللّهُ: «صوموا سرّ الله» قالوا: يا رسول اللّه، و ما سرّ اللّه؟ قال: «يوم الشكّ» «3» إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة «4» التي لا حاجة إلى ذكرها، و قد مرّ بعضها في مسائل النية.
و عن ابن الجنيد أنّه قال: لا أستحب الابتداء بصيام يوم الشكّ إلا إذا كان في السماء علّة تمنع من الرؤية استظهاراً «5».
و عن المفيد في العزّية أنّه قال: يكره صوم يوم الشك إذا لم يكن هناك عارض و تيقّن أوّل الشهر و كان الجوّ سليماً عن العوارض و تفقّد الهلال و لم يُر مع اجتهادهم في الطلب، و لا يكون هناك شك حينئذٍ، و يكره صومه حينئذٍ إلا لمن كان صائماً قبله شعبان أو أياماً تقدّمته من شعبان، بذلك جاءت الآثار عن آل محمّد « «6».
و تحقيق المقام يقتضي ذكر أُمور:
[الأمر] الأوّل: في موضوع المسألة، أعني يوم الشك‌ فقال الشهيد الثاني في الروضة: و هو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدّث الناس برؤية الهلال، أو شهد به من لا يثبت بقوله «7».
______________________________
(1) التهذيب 4: 181 ح 504، الاستبصار 2: 78 ح 236، الوسائل 7: 12 أبواب وجوب الصوم و نيّته ب 5 ح 3.
(2) المقنعة: 298، الوسائل 7: 217 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 6.
(3) المقنعة: 299، الوسائل 7: 217 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 7.
(4) الوسائل 7: 215 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16، وص 12 أبواب وجوب الصوم ب 5.
(5) نقله عنه في المختلف 3: 503.
(6) نقله عنه في المعتبر 2: 650، و المختلف 3: 503.
(7) الروضة 2: 139.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 337‌
و تقرب منه عبارته في المسالك، قال: و اعلم أنّ موضع الخلاف إنّما هو مع تحقّق كونه شكاً، لا مطلق يوم الثلاثين، و لا يتحقق كونه شكاً إلا مع تحدّث الناس برؤيته على وجه لا يثبت، أو بشهادة الواحد و نحوه، و بدون ذلك لا يكون شكّاً، فلا يتعلّق به حكمه من كراهة صومه و لا استحبابه على الوجه الوارد «1».
و أنت خبير بأنّ عبارة المفيد السابقة صريحة في أنّ الكراهة إنّما هي في صورة عدم الشكّ «2»، و المشهور عدمها، و هو موضع الخلاف.
و أيضاً ظاهر التذكرة و المنتهى و الدروس و الشرائع أنّ محل النزاع مطلق الثلاثين و أنّه يسمّى يوم الشك مطلقاً «3».
قال في التذكرة: يستحب صيام يوم الشكّ من شعبان إذا لم ير الهلال، و لا يكره صومه، سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم و شبهه أو لم يكن، و به قال أبو حنيفة و مالك «4».
إلى أن قال: و قال شيخنا المفيد رحمه اللّه: إنّما يستحب مع الشكّ في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع إلا لمن كان صائماً قبله، و به قال الشافعيّ و الأوزاعيّ «5» و «6».
أقول: و التحقيق أن يقال: المراد بيوم الشكّ يوم من شأنه الشك بعنوان القاعدة الكلية كما هو الغالب في التسميات، و لمّا كان الشهر دائماً مردّداً بين أمرين ثلاثين يوماً و تسعة و عشرين يوماً، فيوم الثلاثين محلّ الشكّ، و لا ضرورة إلى فعليّة الشكّ في التسمية.
______________________________
(1) المسالك 2: 55.
(2) نقله عنه المحقّق في المعتبر 2: 650، و لكنّه في المقنعة: 298 صرّح باستحبابه، و أورد في ذلك عدّة روايات فلعلّه حكم بالكراهة المذكورة في غيرها.
(3) التذكرة 6: 17، المنتهي 2: 561، الدروس 1: 284، الشرائع 1: 181.
(4) الهداية للمرغيناني 1: 119، المجموع 6: 404، 421، حلية العلماء 3: 213.
(5) المجموع 6: 404، حلية العلماء 3: 213.
(6) انتهت عبارة التذكرة 6: 17.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 338‌
مع أنّه قلّما يوجد ارتفاع الشكّ؛ إذ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود، سيّما بعد ملاحظة هجر القواعد الرصدية في الشرع، و هذا هو الظاهر من كلمات الأصحاب.
[الأمر] الثاني: الظاهر من الأخبار الواردة في استحباب صوم الشكّ أنّ العلّة فيها إدراك صوم رمضان و التوفيق له في نفس الأمر‌
فيستحب الصوم لأجل أن لا يفوت هذا اليوم منه في نفس الأمر، فلاحظ الأخبار، فإنها منادية بذلك.
فمراد أكثر الأصحاب من استحبابه بعد ما أجمعوا على استحباب صوم شعبان، و ذكروا استحباب صوم الثلاثة الأيام في آخره، و وصل شعبان برمضان، و نقلوا الأخبار الدالة على ذلك، ثم عنونوا الكلام في صوم يوم الشك، ينبغي أن تكون الحكمة في استحبابه بالخصوص هو استحبابه لأجل إدراك صوم رمضان و التوفيق له، و لا مانع في العقل و الشرع أن يكون لشي‌ء واحد فضيلتان من جهتين.
فنظر المشهور إلى أنّ احتمال كونه من رمضان لا ينتفي بسبب الصحو و عدم الرؤية و عدم الأمارات الرصديّة، و نظر المفيد إلى عدم الاعتداد بالاحتمال الضعيف، و لذلك قال: «حينئذٍ ليس هناك شك».
فينبغي أن لا يمنع المفيد استحبابه من جهة أنّه آخر شعبان شرعاً، بل إنّما يقول بالكراهة لأجل أنّ الاعتداد بالاحتمال الضعيف في إدراك التوفيق لصوم رمضان ليس مما يستند إليه في الحكم الشرعي؛ لأنّه حينئذٍ متشبّه بمن يعتد بغير أمارة شرعية، و لذلك اشترط عدم تقدّم الصيام، فإنّ من كان يصوم قبل ذلك و يستمرّ فيه إلى الأخر لا يتوهّم فيه أنّه صام لأجل الاعتماد على ما لا يجوز الاعتماد عليه، و يضمحلّ هذا الاحتمال في جنب داعية الاستمرار على العمل، و على هذا فيشبه أن يكون النزاع لفظياً.
و كيف كان فالمذهب هو المشهور، فالأحسن على ما ذكرنا الاستدلال بخصوص ما ورد في يوم الشكّ، و أنّه لأجل التوفيق لصوم رمضان، و لأنّه فرار بدينه و نحو ذلك‌



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 339‌
مما ذكر في الأخبار، لا بإطلاق ما دلّ على استحباب صوم شعبان أو الثلاثة الأيام من أخره و نحو ذلك.
[الأمر] الثالث: في ذكر الآثار التي ذكرها المفيد‌
و لعلّه أراد بها مثل رواية معمّر بن خلاد، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: كنت جالساً عنده آخر يوم من شعبان، فلم أرَه صائماً، فأتوه بمائدة، فقال: «ادن» و كان ذلك بعد العصر، قلت له: جعلت فداك صمت اليوم، فقال لي: «و لِمَ؟» قلت: جاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام في اليوم الذي يشكّ فيه أنّه قال: «يوم وفّق له» قال: «أ ليس تدرون إنّما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل و كان من شهر رمضان كان يوماً وفّق له، فأما و ليس علة و لا شبهة فلا» فقلت: أفطر الان؟ فقال: «لا» فقلت: و كذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر؟ قال: «نعم» «1».
و رواية هارون بن خارجة قال، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: «عدّ شعبان تسعة و عشرين يوماً، فإن كانت مغيمة فأصبح صائماً، و إن كان مصحية و تبصّرت فلم ترَ شيئاً فأصبح مفطراً» «2».
و رواية الربيع بن ولاد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: «إذا رأيت هلال شعبان فعدّ تسعة و عشرين ليلة، فإن صحّت فلم تره فلا تصم، و إن تغيّمت فصم» «3».
و أنت خبير بأنّ هذه الأخبار مع سلامتها لا تعارض بها الأخبار المتواترة المعتبرة، فلعلّ المراد بها المنع عن صيامها لقصد احتياط إدراك رمضان لكمال بُعده، و لكن يلزمه بقاء الاستحباب لأجل أنّه من شعبان أو آخر شعبان، و لا أقلّ من أجل أنّه صوم؛ لعدم المنافاة، فلا وجه للإفطار و الأمر بالإفطار كما يستفاد من تلك الأخبار.
______________________________
(1) التهذيب 4: 166 ح 473، الوسائل 7: 18 أبواب وجوب الصوم ب 5 ح 12.
(2) الكافي 4: 77 ح 9، الوسائل 7: 216 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 4.
(3) التهذيب 4: 165 ح 469، الوسائل 7: 216 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 2.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 340‌
[الأمر] الرابع: لو صامه ندباً و ظهر كونه من رمضان أجزأ عنه‌
اتفاقاً، و هو مدلول الأخبار الكثيرة جدّاً «1».
بل قال المفيد في المقنعة: ثبت عن الصادقين» لو أنّ رجلًا تطوّع شهراً و هو لا يعلم أنّه شهر رمضان ثمّ تبيّن له بعد صيامه أنّه كان شهر رمضان لأجزأ ذلك عن فرض الصيام «2». و قد تقدّم الكلام في ذلك و سائر ما يتعلّق به في مباحث النية.
[الأمر] الخامس: لو أفطره و أهلّ شوال في ليلة التاسع و العشرين من رمضان قضاه‌
و كذا لو قامت بيّنة برؤيته ليلة الثلاثين من شعبان بلا خلاف أعرفه، و تدلّ عليهما الأخبار، و مرّ بعضها مثل صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة في مسألة العدد «3»، و صحيحة هشام بن الحكم المتقدمة في مسألة رؤية الهلال «4».
قال المحقق: و كلّ شهر تشتبه رؤيته يعدّ ما قبله ثلاثين «5».
و لم يذكر في المدارك و لا في المسالك خلافاً فيه «6»، و إنّما ذكر المحقّق «7» و غيره «8» الخلاف فيما لو غمّت شهور السنة، فذهب الأكثر إلى أنّه يعدّ الكلّ ثلاثين «9».
و قيل: ينقص منها؛ لقضاء العادة بالنقيصة «10».
و قيل: يعمل بعد الخمسة من السنة الماضية «11».
أقول: أمّا في خصوص شعبان فلا إشكال فيه؛ للإجماع و الأخبار، و أمّا في كلّ‌
______________________________
(1) الوسائل 7: 12 أبواب وجوب الصوم ب 5.
(2) المقنعة: 302، الوسائل 7: 15 أبواب وجوب الصوم ب 5 ح 13.
(3) التهذيب 4: 158 ح 444، الوسائل 7: 214 أبواب أحكام شهر رمضان ب 14 ح 1.
(4) التهذيب 4: 158 ح 443، الوسائل 7: 192 أبواب أحكام شهر رمضان ب 5 ح 13.
(5) الشرائع 1: 181.
(6) انظر المدارك 6: 186، و المسالك 2: 56.
(7) الشرائع 1: 181.
(8) المختلف 3: 497.
(9) منهم الشيخ في المبسوط 1: 268، و المحقّق في الشرائع 1: 181.
(10) منهم العلامة في المختلف 3: 498.
(11) المبسوط 1: 268، التذكرة 6:، المنتهي 2: 593، التحرير 1: 82.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 341‌
شهر غير شعبان فإن كان إجماع فهو، و إلا فهو مشكل.
و أمّا في غمّ الجميع؛ فالأظهر فيه البناء على النقيصة، بل بخصوص عدّ الخمسة.
و التحقيق أن يقال: إنّ ترك العمل على عدّ ثلاثين في الجميع كما اخترناه ليس لأجل ترجيح الظاهر على الأصل فقط كما يظهر من المسالك «1»، بل لأنّه لا يمكن إجراء الاستصحاب أصلًا فيه، بل و لا في صورة غمّ الكلّ، و لا في البعض، و إنّما قلنا بذلك في خصوص شعبان للدليل.
و وجهه: أنّا نعلم بالعيان أنّه ليس للشهور حدّ لا تتجاوزه، فقد يكون الشهر ثلاثين، و قد يكون تسعة و عشرين، و تعيين خصوص الثلاثين بسبب الاستصحاب بناءً على أنّ الاستصحاب قد يثبت حكماً جديداً كما في حكاية استصحاب الطهارة في مادة عدم ناقضيّة المذي إنّما يتمّ لو صحّ إجراء الاستصحاب.
و لا يمكن فيما نحن فيه؛ إذ معنى الاستصحاب إجراء ما ثبت في الزمان الأوّل في الزمان الثاني على مقتضى جري عادة الله على بقاء الحكم الأوّل، فمرجعه إلى حصول الظنّ بسبب العادة، فإذا كانت العادة مختلفة في أفراد كلّي، فلا يمكن تسوية جميع أفراد الكلّي، بل إنّما يقتصر على ما هو ثابت في الأقلّ استمراراً.
و لا ريب أنّ تفاوت الشهور في العدد يبنى على تفاوت أوضاع سير القمر، و القمر في كلّ قطعة من الأيّام و الأزمان يختلف بسبب اختلاف أوضاعه بالنسبة إلى الشمس، فوضعه في هذا الزمان على خلاف وضعه في الزمان الأخر، و عادة الله إنّما جرت في هذه على خلاف هذه.
فالتمسّك باستصحاب عدم تأخّر القمر عن الشمس، و انسحاب مقتضى حالة اجتماعه معها في كلّ قطعة من تلك الأزمنة التي هي شهر على حدة، تقتضي بقاءه على حاله إلى هذه الساعة التي خرجت من الظلمة إلى النور، و هو قد يكون نهاية تسع‌
______________________________
(1) المسالك 2: 56.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 342‌
و عشرين، و قد يكون نهاية ثلاثين، فكيف يحكم بأنه هو هذا دون ذاك تمسّكاً بمطلق استصحاب عدم التأخّر؟! نعم الاستصحاب يتمّ في حصول مراتب التأخّر في كلّ منها على حدة، فإذا علمنا أنّ لزيد مثلًا مسكناً في موضع، و لكن لا نعلم أنّ بناءه من الأجر أو الحجر أو من القصب و السعف، فلا يمكننا إجراء استصحاب بقائه بعد مائة سنة لأجل وجوده في الزمان الأوّل، بل الاستصحاب إنّما يجري على أقلّهما مكثاً في الدنيا.
فبقاء القمر بلا نور قد تقصر مدّته و قد تطول، و يختلف بالنسبة إلى الأهلّة، فاستصحاب مطلق المكث الذي هو معيار الكلام هنا ليثبت الحكم في الجميع أو في كلّ واحد لا يتم إلا في القدر المتيقّن.
فالاستصحاب لا يقتضي إلا الحكم بعدم الخروج إلى مقدار زمان التسع و العشرين، و أما انقطاعه حينئذٍ أو استمراره إلى الثلاثين فلا يفيده الاستصحاب، فيبقى المقام مبهماً لا نحكم عليه بشي‌ء منهما.
و ليس هنا مجال أن يتوهّم أنّ الاستصحاب إلى أقلّ الأزمان إن سلّم لتيقّنه، لكن الخروج عن الاجتماع أمر وجودي و الأصل عدمه، و هو يقتضي تمام الثلاثين؛ لأنّا لم نرد باعتبار استصحاب الأقلّ نفي الحكم عن الزائد و الاستدلال به على الحكم بتسع و عشرين حتّى يعارض بأصالة عدم سرعة السير و عدم خروج القمر عن الاجتماع، بل المراد أنّ الثابت بالاستصحاب إنّما هو هذا المقدار المشترك بينهما، و هو لا يثبت شيئاً منها، فما ذكره في المسالك من ترجيح العمل برواية الخمسة في صورة غمّ الجميع لترجيح الظاهر بحسب العادة و الغلبة، و ترجيح العمل بعد ثلاثين في الشهرين و الثلاثة للاستصحاب و التردد في أزيد من ثلاثة لا يرتبط بالدليل.
نعم يظهر من المدارك أنّ الحكم في الشهرين و الثلاثة أيضاً إجماعيّ، قال: و موضع الخلاف ما إذا غمّت شهور السنة أو أكثرها، و أما الشهران و الثلاثة فينبغي‌



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 343‌
القطع بعدّها ثلاثين لما ذكرناه من امتناع الحكم بدخول الشهر بمجرّد الاحتمال «1»، و هو مشكل.
و يظهر من الروضة و المسالك وقوع الخلاف فيه حيث جعله أقوى «2»، و قد ظهر مما ذكرنا خلافه.
ثمّ إنّه رحمه اللّه وجه الاستصحاب هنا بطريقين:
الأوّل: أن يقال إنّ الشهر المعيّن مثل شعبان واقع ثابت، و الأصل استمراره، إلى أن يتحقق الزوال، و ليس إلا بمضي ثلاثين، و كذا في غيره.
و الثاني أن يقال: إذا حصلت الخفية للهلال و هو المحاق فالأصل بقاؤها و عدم إمكان الرؤية، إلى أن يتحقق خلافه بمضي ثلاثين «3».
أقول: قد عرفت عدم إمكان التمسّك بالاستصحاب على الوجه الثاني.
و أما الوجه الأوّل؛ فإن كان مراده من قوله «الشهر المعيّن ثابت واقع» ثبوته و وقوعه بما هو شهر فهو أيضاً يرجع إلى الثاني؛ إذ لا تتم حقيقة الشهر إلا بانقضاء زمان خفاء الهلال في أخره، و قد عرفت عدم جريان الاستصحاب فيه.
و إن أراد منه استصحاب الأحكام الواردة فيها مثل وجوب الصوم في رمضان و تأكّد استحبابه في شعبان، و تأكد استحباب التعزية في المحرّم و نحو ذلك، ففيه: أنّه إنّما يتمّ إذا كان الواجب في رمضان مثلًا هو الصوم، و المستحب المؤكّد في شعبان هو الصوم لا صوم رمضان و شعبان، و كذلك المحرّم في السفر هو صوم رمضان، لا الصوم في رمضان، و هو في محل المنع، و الفرق بينهما واضح.
و يتفرّع على هذا الأصل فروع:
منها: جواز الصوم المندوب في شهر رمضان في السفر على القول بجوازه، و كذا‌
______________________________
(1) المدارك 6: 187.
(2) الروضة البهيّة 2: 113، المسالك 2: 56.
(3) المسالك 2: 56.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 344‌
الصوم المنذور تفريعاً على أنّ الحرام هو صوم رمضان في السفر، لا الصوم في رمضان.
و الأظهر بالنظر إلى تتبّع النظائر هو الثاني، فإنه يفيد أنّ ظرف الزمان من مميزات المهيّة، كما نشاهد في غسل الجمعة و غسل العيد و غير ذلك، بل و كذلك ظرف المكان و الأفعال، كغسل الإحرام و التوبة و دخول مكّة و المدينة و نحو ذلك.
و على هذا فيدخل في مهيّة تلك الأحكام المستصحبة تعلّقها بالشهر بما هو شهر و يعود المحذور.
ثمّ إنّك قد عرفت دليل الرجوع إلى عدّ الخمسة بأنه روايتا عمران الزعفراني «1» و غيرهما «2»، و هي مع ضعفها «3» لا دلالة فيها على صورة غمّة الشهور كلّها كما لا يخفى، و لا غمّة أكثر من شهر، و لا بدّ من تقييدها بغير السنة الكبيسية كما عرفت.
و أما القول بالنقيصة مطلقاً فقال في المسالك: فليس فيه بيان الناقص، و لكن إحالته على العادة يقرّبه من رواية الخمسة «4».
أقول: و الظاهر أنّ مراد القائل: «إنّ العادة تقتضي البناء على النقيصة و نقصان ستة أيام» من كلّ السنة، و إذ لا مرجّح في تعيّنها في بعض الشهور دون بعض، فمقتضى الأصل و عدم جواز الترجيح بلا مرجّح و بقاء التكليف تخيير المكلّف في جعل النقيصة في أيّ شهر أراد، لا بمعنى جعل الجميع في شهر مثلًا، بل جعل كلّ يوم في شهر حتى يكمل العدد.
و الأولى أن لا يجعل شهرين متواليين ناقصاً و إن كان قد يتّفق ذلك، بل قد رأينا‌
______________________________
(1) الكافي 4: 80 ح 1، 4، التهذيب 4: 179 ح 496، 497، الاستبصار 2: 76 ح 230، 231، الوسائل 7: 205 أبواب أحكام شهر رمضان ب 10 ح 3 و ذيله، قال: انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية، و عدّ خمسة أيّام و صم اليوم الخامس.
(2) الوسائل 7: 205 أبواب أحكام شهر رمضان ب 10.
(3) لأنّ عمران مجهول، انظر معجم رجال الحديث رقم 9068.
(4) المسالك 2: 57.



غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام، ج‌5، ص: 345‌
مرة اتفق نقصان ثلاثة أشهر متواليات بل يجعل شهر تاماً و شهر ناقصاً.
فلعلّ العمل برواية الخمسة في غير الكبيسية أحسن؛ جمعاً بين العمل بالروايات المعمولة عند جماعة، و بين مقتضى العمل بالنقيصة، فهو أفضل الأفراد المخيّر فيها إذا لم نقل بتعيّنه.
________________________________________
گيلانى، ميرزاى قمّى، ابو القاسم بن محمد حسن، غنائم الأيّام في مسائل الحلال و الحرام، 6 جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامى حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1417 ه‍ ق





مستند الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌10، ص: 186
المسألة الثالثة: لو صام يوم الشكّ بنيّة آخر شعبان‌
أجزأ عن رمضان إذا انكشف أنّه منه، بلا خلاف مطلقا في الرسّيّات «2»، و يقال: بل بين المسلمين، كما عن ظاهر المعتبر و المختلف «3»، و بالإجماع كما في المسالك و المدارك «4» و غيرهما «5»، بل هو إجماع محقّق، و هو الدليل عليه.


مستند الشيعة في أحكام الشريعة؛ ج‌10، ص: 202
ز: قال في الحدائق ما خلاصته:
المراد بيوم الشكّ في هذه الأخبار ليس هو مطلق الثلاثين من شعبان، بل إنّما هو إذا حصل الشكّ في كونه من شعبان أو رمضان من جهة اختلاف في هلال شعبان أو رمضان أو مانع من الرؤية، و بالجملة ما أوجب الشكّ، و هذا هو الذي ورد أنّه إن ظهر من رمضان فيوم وفّق له.
و أمّا لو كان هلال شعبان معلوما يقينا و لم يدّع أحد الرؤية ليلة الثلاثين منه و لم يكن مانع من الرؤية، فاليوم من شعبان قطعا و ليس بيوم شكّ «1». انتهى.
أقول: الأمر و إن كان كذلك، لتعليق الحكم في الأخبار طرّا على يوم الشكّ، و هو لا يكون إلّا مع شبهة، و ورد في روايتي هارون بن خارجة «2» و الربيع بن ولّاد «3» الأمر بالصوم في يوم الثلاثين مع الغيم و النهي عنه مع الصحو، و مع ذلك صرّح به في رواية معمّر، و فيها: قلت: جاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الذي يشكّ فيه أنّه قال: «يوم وفّق له» قال عليه السّلام: «أ ليس‌
______________________________
(1) الحدائق 13: 41.
(2) الكافي 4: 77- 9، التهذيب 4: 159- 447، الاستبصار 2: 77- 233، الوسائل 10: 299 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 4.
(3) التهذيب 4: 165- 469، الوسائل 10: 298 أبواب أحكام شهر رمضان ب 16 ح 2.


مستند الشيعة في أحكام الشريعة، ج‌10، ص: 203‌
تدرون إنّما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل فكان من شهر رمضان كان يوما وفّق له؟ فأمّا و ليس علّة و لا شبهة فلا» «1».
و لكن لا تترتّب على ذلك التحقيق فائدة، لأنّها إمّا في مرجوحيّة الصوم مع عدم المانع و عدمها معه، أو في الإجزاء عن رمضان لو صامه و بان أنّه من رمضان و عدمه، و لا يقول هو و لا أحد من الأصحاب فيما أعرف- إلّا ما حكي عن المفيد- بمرجوحيّة صومه «2»، و لا بعدم الإجزاء إن أمكن مع الصحو اتّفاق ثبوت الهلال في بلد آخر، و مع ذلك تدلّ على الإجزاء العلّة المنصوصة و الدليل العقلي المتقدّمان. و إن لم يمكن ذلك فعدم الفائدة أظهر.
______________________________
(1) التهذيب 4: 166- 473، الوسائل 10: 24 أبواب وجوب الصوم و نيته ب 5 ح 12.
(2) حكاه عنه في البيان: 362.
________________________________________
نراقى، مولى احمد بن محمد مهدى، مستند الشيعة في أحكام الشريعة، 19 جلد، مؤسسه آل البيت عليهم السلام، قم - ايران، اول، 1415 ه‍ ق





شیخ انصاری ره

كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)؛ ص: 115
و اعلم أنّ المشهور أنّه لا يقع في رمضان صوم غيره لأنّ صحّة غيره فيه لا يتصوّر إلّا في المسافر، و سيجي‌ء عدم جواز الصوم للمسافر مطلقا، و أمّا لو جوّزناه له مطلقا أو في بعض أفراده فلعموم «9» قول الصادق عليه السلام:
«الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر. [ثم قال] «10» إنّ رجلا أتى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم فقال: يا رسول اللّٰه أصوم شهر رمضان في السفر؟
فقال: لا. فقال: يا رسول اللّٰه إنّه عليّ يسير.
فقال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: إن اللّٰه تعالى تصدّق على مرضى أمّتي و مسافريها بالإفطار في شهر رمضان، أ يحبّ أحدكم إذا تصدّق بصدقة أن تردّ‌
______________________________
(1) النهاية: 151.
(2) الخلاف 2: 166.
(3) المبسوط 1: 276.
(4) الخلاف 2: 166.
(5) في «ف»: لكنه.
(6) النهاية: 151.
(7) المبسوط 1: 276.
(8) الخلاف 2: 166.
(9) كذا في النسخ، و الظاهر ان هذا تعليل لعدم جواز الصوم للمسافر في شهر رمضان حتى لو جاز الصوم في السفر مطلقا أو على بعض الوجوه، فتأمل.
(10) الزيادة من الوسائل.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 116‌
عليه؟» «1».
فإنّ ظاهر الرواية- سيّما ذيلها- كون أصل الإفطار في شهر رمضان للمسافر عزيمة.
و أوضح من ذلك دلالة [1] خصوص المرسلة المعلّلة لصوم مولانا الصادق‌
______________________________
[1] جاءت العبارة في «ج» و «ع»: مع زيادة طويلة، و وردت هذه الزيادة في «م» مع اضافة سطر واحد بعد قوله: «و صاحب المدارك» الآتي في ص 118 [انظر الهامش 7 هناك] و إليك نصّ العبارة: و أوضح من ذلك دلالة اتّفاقهم عليه، و يؤيّد ذلك الإجزاء عن رمضان إذا نوى الغير جهلا برمضان، فإنّ «2» مع الإخلال بنية رمضان- لو كان حاصلا بمجرد قصد الغير- لم يفرّق بين الجهل بالموضوع- أعني: كون اليوم رمضان- و بين الجهل بالحكم- أعني: عدم وقوع صوم آخر في رمضان.
و دعوى أنّ الصورة الأولى خارجة بالدليل مسلّمة، لكن نقول: إنّ ظاهر الدليل المذكور- أعني قوله عليه السلام في الأخبار المستفيضة: «و إن كان من رمضان فيوم وفّق له «3»»- يدل على أنّ الواقع منه نفس صوم رمضان، لا أنّ صوم غير رمضان يصير بدلا عن صوم رمضان، فدلّ على أنّ نيّة الغير لا تقدح في وقوع صوم رمضان، إذا وقع أصل الصوم لداعي مطلوبيّته في ذلك اليوم، و إن كان عنوان المطلوب في الواقع مخالفا لعنوانه باعتقاد المكلّف، الّا أنّ ظاهر قوله: «يوم وفّق له»- في الأخبار- معارض بقوله عليه السلام- في بعضها الآخر-: «أجزأ عنه» «4» فإنّ ظاهره المغايرة و البدليّة.
و أظهر من ذلك قوله عليه السلام- في بعضها-: «أجزأ عنه بتفضّل اللّٰه تعالى و بما وسّع على عباده، و لو لا ذلك لهلك الناس» «5».
و أظهر من ذلك تعجّب الراوي عن «6» حكم الإمام بالإجزاء و قوله: «و كيف يجزي‌
______________________________
(1) الوسائل 7: 124 الباب الأول من أبواب من يصحّ منه الصوم، الحديث 5.
(2) كذا في «ج» و «ع».
(3) الوسائل 7: 12- 15 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم.
(4) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8.
(5) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4، و فيه: و بما قد وسّع على عباده.
(6) كذا في «ج» و «ع» و «م» و الظاهر: من.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 117‌
عليه السلام في شعبان في السفر، و إفطاره في رمضان، معلّلا بأنّ شهر رمضان عزم من اللّٰه فيه الإفطار «1».
و قريب منها: مرسلة الحسن بن بسّام الجمّال «2».
و ضعفهما منجبر بالشهرة إذ لم يحك الخلاف إلّا عن الشيخ في صوم التطوّع و في النذر المعيّن «3».
و هل يعذّر الجاهل بالحكم- هنا- كما يعذّر في صوم شهر رمضان؟
وجهان: من أصالة عدم المعذوريّة، و إطلاق صحيحة الحلبي «4» الحاكم بصحّة صوم من جهل «5» تحريم الصوم في السفر، إلّا أن يدعى انصرافه إلى صوم رمضان.
و على هذا فلو نوى في رمضان صوما آخر غيره لم يجز عن أحدهما أمّا عن المنويّ فإجماعا، لما مر، و أمّا عن رمضان فكذلك على رأي المصنّف هنا‌
______________________________
[صوم] «6» تطوّع عن فريضة؟» «7».
فظهر من ذلك أنّ المركوز في أذهان العقلاء: عدم كفاية ما نوى به غير الفرض عن الفرض، و أنّ الحكم بالإجزاء في يوم الشك شي‌ء ورد به التعبّد، فقوله عليه السلام: «يوم وفّق له» يراد: التوفيق له من حيث رضا الشارع ببدليّته عن الفرض، و خصوص المرسلة المعلّلة .. إلى آخر ما ورد في المتن.
______________________________
(1) الوسائل 7: 143 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 4.
(2) الوسائل 7: 145 الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 5.
(3) المبسوط 1: 277.
(4) الوسائل 7: 127 الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3.
(5) ليس في «م»: الحاكم. و العبارة في «ف» هكذا: و إطلاق صحيحة الحلبي و صحيحة صوم من جهل.
(6) الزيادة من المصدر.
(7) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 118‌
و المختلف «1» و جماعة كالصدوق «2» و الحلي «3»، و الفخر «4» و الشهيدين في البيان «5» و المسالك «6» و صاحب المدارك «7» «8» لأنّ «9» نيّة صوم آخر- المفروض حصولها- و إن كانت لغوا من حيث عدم وقوع منويّها، إلّا أنّها تنافي نيّة صوم رمضان، ضرورة تضادّ جزئيات الكلي، فلم تقع نيّة صوم رمضان لا بالخصوص و لا بإطلاق المنصرف إليه.
و يؤيّد ذلك قوله عليه السلام في رواية الزهري- بعد حكمه عليه السلام بكفاية صوم يوم الشكّ بنيّة شعبان عن رمضان إذا ظهر كونه منه، و تعجّب الراوي بقوله:
كيف يجزي صوم تطوّع عن صوم فريضة؟- قال عليه السلام: «لو أنّ رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوّعا و هو لا يدري و لا يعلم أنّه من شهر رمضان، ثمّ علم بعد ذلك أجزأ عنه، لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه» «10».
دلّ بمفهومه على أنّ صوم يوم من شهر رمضان تطوّعا- مع العلم بكونه‌
______________________________
(1) المختلف: 214. و وردت الكلمة في «ج» و «ع»: المحقق. لكن قوله في الشرائع 1: 187 يخالفه.
(2) نقله عنه في المختلف: 214.
(3) السرائر 1: 372 و في «ج» و «ع»: الحلبي بدل: الحلي.
(4) لم نقف على قوله في الإيضاح في باب الصوم، و لعله في حاشية الإرشاد المخطوط.
(5) البيان: 224.
(6) المسالك 1: 55.
(7) المدارك 6: 30.
(8) في «م» هنا زيادة ما يلي: «فلم تقع نيته، و هذا لا يخلو عن قوّة بالنسبة إلى الجاهل، لعدم وقوع صوم غير رمضان فيه لان قصد التقرب و هو كذلك واقعا، و يؤيد ذلك اتفاقهم على الاجزاء عن رمضان .. إلى أخر ما أوردناه في الهامش 2 صفحة 116، و عبارة: «فلم تقع نيته» موجودة في «ج» هنا أيضا، و لكنها مشطوب عليها.
(9) في «ج» و «ع»: فان، و في هامش «ع»: في نسخة: لان.
(10) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8 مع اختلاف في الألفاظ، و لعل المؤلّف قدّس سرّه نقله بالمعنى.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 119‌
شهر رمضان- لا يجزي عنه، مع أنّه عليه السلام قرّر الراوي في تعجّبه عن إجزاء صوم التطوّع عن الفرض- مع أنّ الفرض غير منويّ، و المنويّ غير واقع، كما ذكرنا في الاستدلال- و أجاب عليه السلام بالإجزاء مع الجهل، لكون الواجب معيّنا غير قابل للتدارك إلّا على وجه القضاء الذي هو مطلوب جديد، و ليس «1» امتثالا لصوم شهر رمضان، مع أنّ الوارد في بعض الأخبار: انّ صوم يوم الشك إن كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضّل اللّٰه تعالى و بما وسّع على عباده و لو لا ذلك لهلك الناس «2».
دلّ على أنّ الحكم بالإجزاء مع الجهل تفضّل من اللّٰه تعالى و توسعة منه لا من باب حصول الامتثال بصوم رمضان.
و من هذا يعلم أنّ ما ذكر في الأخبار المستفيضة من أنّ يوم الشّك إذا صامه الإنسان فظهر أنّه من رمضان فهو يوم وفّق له «3» لا يدلّ على أنّ امتثال صوم شهر رمضان حصل به في متن الواقع- كما يتراءى منها ذلك في بادئ النظر- بل المراد حصول التوفيق لأجل حكم اللّٰه تعالى بالإجزاء تفضّلا، مع عدم تحقّق الإفطار في أيّام رمضان.
و من جميع ما ذكرنا يظهر ضعف ما حكي عن الشيخ «4» و جماعة من الحكم بالإجزاء في أصل المسألة، مستدلّين بحصول قصد التقرّب بصوم ذلك اليوم الذي هو من أيّام رمضان، و قد تقدّم أنّ هذا المقدار من النيّة كاف في صوم شهر رمضان، و ضمّ نية الغير لغو لا يقدح.
و فيه: أنّ ضمّ نيّة الغير مانع عن حصول نيّة صوم شهر رمضان، لأنّ قصد‌
______________________________
(1) في «م»: ليس- بدون الواو.
(2) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4 و فيه: و بما قد وسع.
(3) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم.
(4) الخلاف 2: 164 كتاب الصوم، المسألة 4.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 120‌
صوم اليوم الّذي هو من أيّام رمضان إنّما يكفي إذا لم ينضمّ إليه ما يصرفه إلى حقيقة أخرى.
نعم، لو فرض أنّه قصد حقيقة صوم شهر رمضان و قصد الغير- بأن نوى صوم شهر رمضان على أن يكون قضاء عن رمضان الماضي أو كفّارة أو نحو ذلك- لم يبعد الصحّة. إلّا أن يقال: إنّ مجرّد قصد صوم يوم هو من رمضان يحصل به قصد حقيقة صوم رمضان و إن قيّد الصوم بكونه قضاء أو كفارة «1» إذ قصد الكفّارة ليس إلّا قصدا لسبب الصوم «2» و مع تحقّق قصد «3» حقيقة صوم شهر رمضان يكون قصد سبب آخر لغوا، و قصد القضاء ليس إلّا قصدا لامتثال أمر آخر غير الأمر المتوجّه إليه، و هو غير مضرّ بعد كون المقصود الأصليّ هو التقرّب، كما هو المفروض.
نعم، لو كان المكلّف عالما بعدم وقوع صوم غير رمضان منه لم يتحقّق منه قصد صوم غير رمضان حقيقة مع قصد القربة- أيضا- حقيقة، بل يكون أحد القصدين صوريّا، و الكلام فيما إذا كان القصدان حقيقيين، و هو مختصّ بالجاهل بالحكم، فيكون حكم جاهل الحكم- على هذا- حكم جاهل الموضوع في الإجزاء المتّفق عليه فتوى و نصّا «4».
لكنّ الإنصاف أنّ ذلك محلّ تأمّل، بل نظر و منع، فالأقوى ما عليه الأوّلون.
و ضابط الحكم في هذا و أشباهه: أنّ كلّ يوم لا يصحّ «5» فيه صوم فإذا نوى‌
______________________________
(1) في «م» زيادة: ممنوعة، و الكلمة مشطوب عليها في «ج».
(2) كلمة: «الصوم» ليست في «ف».
(3) ليس في «ج»: قصد.
(4) انظر الوسائل 7: 12 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 2.
(5) كذا في النسخ، و لكن في «م» كتب فوق كلمة «يصح»: «يقع».



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 121‌
ذلك الصوم فلا يجزئ عنه، و لا عن صوم ذلك اليوم.
و يتفرّع عليه بعد معلوميّته أنّه لا يجوز صوم يوم «1» الشكّ بنيّة رمضان لكونه تشريعا محرّما عموما، و خصوصا بالأخبار الواردة في صوم يوم الشكّ «2» أنّه لو صامه بنيّة رمضان لم يجز عن شعبان لو كان منه و لا عن رمضان لو كان منه، أمّا عن صوم شعبان فلعدم نيّته، و أمّا عن صوم رمضان فلتحريم قصده حين النيّة.
و لو جهل بعدم وقوع صوم شهر رمضان في يوم الشكّ و صامه، فاتّفقت المطابقة فيحتمل الإجزاء، لمصادفة اعتقاد المطلوبيّة الواقعيّة. و الأقوى العدم، لعدم تحقّق الأمر بمجرّد جهله المستند إلى تقصيره، و المطلوبيّة الّتي اعتقدها هي مطلوبيّة صوم شهر رمضان في يوم الشكّ و هو غير مطابق للواقع.
و كذا لا يقع عن شي‌ء من الواجب و المندوب لو أوقعه بنيّة الوجوب أعني نيّة الصوم الواجب على تقديره أي على تقدير وجوبه واقعا أو على تقدير رمضان و نية الندب «3» أي قصد حقيقة الصوم المندوب إن لم يكن من رمضان، لأنّ حقيقة صوم رمضان تغاير حقيقة الصوم المندوب- كما يكشف عن ذلك اختلاف أحكامهما- فإذا لم يعيّن «4» حقيقة أحدهما في النيّة الّتي حقيقتها «استحضار حقيقة الفعل «5» المأمور به» لم يقع عن أحدهما.
نعم لو «6» نواه مندوبا أجزأ بتفضّل اللّٰه تعالى- كما في الرواية- «7» عن‌
______________________________
(1) ليس في الإرشاد: يوم.
(2) التهذيب 4: 162 و 182، الحديثان 457 و 507.
(3) في الإرشاد: و الندب.
(4) في «ج» يتعين، و في «ع» تتعين.
(5) في «ف»: حقيقية الصوم.
(6) في الإرشاد: و لو.
(7) الوسائل 7: 13 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 4.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 122‌
رمضان إذا ظهر أنّه أي اليوم منه أي من رمضان إجماعا نصّا و فتوى، و به يخرج عن قاعدة عدم إجزاء المندوب عن الواجب، مع اختلاف حقيقتهما.
و هل يلحق برمضان غيره من الواجبات المعيّنة في تأدّيها بالنفل، و بالنفل الفرض في تأدّي رمضان و غيره به؟ مقتضى تعليله عليه السلام الإجزاء في رواية الزهري بقوله: «لأن الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه» «1» نعم، و به صرّح في الدروس «2».
و ظاهرهم في مسألة «ما لو نوى في رمضان غيره» أنّ إجزاء غيره عنه مع الجهل به اتّفاقيّ- كما صرّح به في المدارك «3».
و لو ظهر ذلك في أثناء النهار جدّد نيّة الوجوب و لو كان قبل الغروب لأنّه بمنزلة العدول في وجوب تجديد النيّة للمعدول إليه.
و لو أصبح بنيّة الإفطار فظهر أنّه من الشهر و لم يكن تناول شيئا «4» من المفطرات جدّد نيّة الصوم و أجزأ لما تقدّم «5» من جواز تأخير النيّة عن أوّل النهار للجاهل و الناسي إلى أن تزول الشمس.
و أمّا لو زالت الشمس فقد مضى وقت النيّة و أمسك واجبا بقيّة النهار و قضى.
أمّا وجوب القضاء فلفوات الصوم، و أمّا وجوب الإمساك فهو المشهور، بل عن الخلاف «6» الإجماع عليه، و عن المنتهى «7» و التذكرة «8» نسبة الخلاف إلى‌
______________________________
(1) الوسائل 7: 14 الباب 5 من أبواب وجوب الصوم، الحديث 8.
(2) الدروس: 70.
(3) مدارك الأحكام 6: 31.
(4) ليس في الإرشاد: شيئا.
(5) في صفحة 104- 105.
(6) الخلاف 2: 179 كتاب الصوم، المسألة 20.
(7) المنتهى 2: 561.
(8) التذكرة 1: 257.



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)، ص: 123‌
عطاء و أحمد، و أنّه لم يقل به غيرهما، و لم أجد عليه دليلا ظاهرا، و التمسك بقاعدة الميسور لا يخفى ما فيه، و في المسالك «أنّه لو أفطر وجبت الكفّارة، إذ لا منافاة بين وجوبها و عدم صحّة الصوم بمعنى إسقاط القضاء» «1» و الظاهر أنّه تعليل لعدم المانع عن الكفّارة، و جعل المقتضي لها- من عموم أدلة ثبوتها بمجرّد الإفطار في رمضان- مفروغا عنه، و فيه تأمّل بل منع كما لا يخفى.
______________________________
(1) المسالك 1: 55 و العبارة فيه هكذا: «و لو أفطره وجب عليه الكفارة .. إلى آخر العبارة».



كتاب الصوم (للشيخ الأنصاري)؛ ص: 101
لكن هذا كلّه بناء على تسليم وجوب قصد نوع الفعل و إن كان ما في ذمّة المكلّف منحصرا، و أمّا إذا قلنا بعدم وجوب قصد النوع إلّا مع الاشتراك الفعلي و تعدّد ما في ذمّة المكلّف، نظرا إلى أنّ قصد امتثال الأمر مع كون المفروض أنّه أمر واحد بنوع واحد يستلزم قصد ذلك النوع إجمالا و هو كاف في النيّة، فيكفي في جميع ما إذا كان الواجب على المكلّف صوما واحدا أن يقصد صوم الغد امتثالا لأمر اللّٰه تعالى.





حاج آقا رضا همدانی ره

مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 337
و بجملة من الأخبار.
منها: موثّقة سماعة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل صام يوما و لا يدري أمن شهر رمضان هو أو من غيره، فجاء قوم فشهدوا أنّه كان من شهر رمضان، فقال: بعض الناس عندنا لا يعتدّ به، فقال: بلى، فقلت: إنّهم قالوا: صمت و أنت لا تدري أمن شهر رمضان هذا أم من غيره؟ فقال: بلى فاعتدّ به فإنّما هو شي‌ء وفّقك اللّه له، إنّما يصام يوم الشكّ من شعبان، و لا يصومه من شهر رمضان، لأنّه قد نهي أن ينفرد الإنسان بالصيام في يوم الشكّ، و إنّما ينوي من الليلة أنّه يصوم من شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضّل اللّه و بما قد وسّع على عباده، و لولا ذلك لهلك الناس «1».
و خبر الزهري المروي عن التهذيب، قال: سمعت علي بن الحسين- عليه السّلام- يقول: يوم الشكّ أمرنا بصيامه و نهينا عنه، أمرنا أن يصوم الإنسان على أنّه من شعبان، و نهينا أن يصومه على أنّه من شهر رمضان و هو لم ير الهلال «2».
و خبره الآخر أيضا عن علي بن الحسين- عليهما السّلام- في حديث طويل، قال: و صوم يوم الشكّ أمرنا به و نهينا عنه، أمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان، و نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشكّ فيه الناس فقلت له: جعلت فداك، فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشكّ أنّه صام من‌ شعبان، فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه، و إن كان من شعبان لم يضرّه فقلت: و كيف يجزي صوم تطوّع عن فريضة؟ فقال: لو أنّ رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوّعا و هو لا يعلم أنّه من شهر رمضان ثمّ علم بذلك لأجزأ عنه؛ لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه «1».
و يستشعر من الخبر الأوّل أنّ الاكتفاء به عن صوم رمضان مخالف للأصل، و لكن الشارع أمضاه من باب التفضّل و التوسعة، و لكنه يظهر من هذه الرواية و كذا من غيرها من الروايات الآتية: أنّه على وفق الأصل، و أنّ المطلوب منه لم يكن إلّا الصوم في هذا اليوم، و قد حصل، كما قوّيناه في ما سبق.
________________________________________
همدانى، آقا رضا بن محمد هادى، مصباح الفقيه، 14 جلد، مؤسسة الجعفرية لإحياء التراث و مؤسسة النشر الإسلامي، قم - ايران، اول، 1416 ه‍ ق




مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 330
و كيف كان، فالحقّ أنّه إن بنينا على اتّحاد ماهيّة الصوم من حيث هي، و أنّ اختلافها إنّما هو بالنسبة إلى أحوال المكلّف أو أزمنة وقوعها الموجبة لاختلاف أحكامها من حيث الوجوب و الحرمة و الاستحباب، أو بالإضافة إلى العناوين الطارئة الخارجة عن حقيقته، كما قوّيناه في ما سبق، أو قلنا بأنّ أقسام الصوم و إن كانت أنواعا مختلفة إلّا أنّ الفصل الذي يمتاز به صوم رمضان عمّا عداه إنّما هو بإضافته إلى زمانه، لا بأمر آخر زائد على مفهوم صومه، فلا يعقل أن يقع في رمضان صوم آخر‌


مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 301
و لكن الذي يقتضيه التحقيق: أنّه لا يحتاج تصحيح هذه النيّة في صوم رمضان إلى هذا التكلّف؛ إذ الحق الذي ينطبق عليه ظواهر الأدلّة السمعيّة: أنّ ماهيّة الصوم الذي اخترعه الشارع و جعله من أفضل العبادات ماهيّة واحدة، و هي: الكفّ عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الغروب مع النيّة، و لكن تعرضها أحكام مختلفة باختلاف أزمنة وقوعها، فهي في رمضان واجبة، و في العيدين محرّمة، و في سائر الأوقات مندوبة على اختلاف مراتب محبوبيّتها باختلاف الأوقات التي ندب فيها.
و قضيّة ذلك: أن يكون لأزمنة وقوعه من حيث هي دخل في قوام مطلوبيّته، فصوم كلّ يوم ما عدا العيدين من حيث هو لا بوصف زائد عليه مطلوب شرعا: أمّا بأمر وجوبي أو ندبي.
و قضيّة ذلك: عدم الفرق بين رمضان و غيره




مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 301
و لكن الذي يقتضيه التحقيق: أنّه لا يحتاج تصحيح هذه النيّة في صوم رمضان إلى هذا التكلّف؛ إذ الحق الذي ينطبق عليه ظواهر الأدلّة السمعيّة: أنّ ماهيّة الصوم الذي اخترعه الشارع و جعله من أفضل العبادات ماهيّة واحدة، و هي: الكفّ عن المفطرات من طلوع الفجر إلى الغروب مع النيّة، و لكن تعرضها أحكام مختلفة باختلاف أزمنة وقوعها، فهي في رمضان واجبة، و في العيدين محرّمة، و في سائر الأوقات مندوبة على اختلاف مراتب محبوبيّتها باختلاف الأوقات التي ندب فيها.
و قضيّة ذلك: أن يكون لأزمنة وقوعه من حيث هي دخل في قوام مطلوبيّته، فصوم كلّ يوم ما عدا العيدين من حيث هو لا بوصف زائد عليه مطلوب شرعا: أمّا بأمر وجوبي أو ندبي.
و قضيّة ذلك: عدم الفرق بين رمضان و غيره، ففي أيّ وقت نوى أن يصوم غدا و صام، صحّ صومه، و وقع امتثالا للأمر المتعلّق بصوم ذلك الوقت من حيث هو، و هو الأمر الوجوبي في شهر رمضان، و الندبي في غيره، كما حكي القول به عن بعض ستأتي الإشارة إليه.



مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 303
و إن أبيت إلّا عن اختلاف حقيقة الصوم، و كون صوم التطوّع أيضا كصوم الكفّارة و النذر قسما خاصّا منه، و قلت: بأنّ صوم الغد من حيث هو طبيعة مشتركة لا يقع امتثالا لشي‌ء من أوامره ما لم يضمّ إليه ما يميّزه بالقصد من غير فرق في ذلك بين صوم التطوّع و غيره، كطبيعة الصلاة المشتركة من حيث هي بين الفرائض و النوافل.
قلنا: إن سلّم ذلك ففي ما عدا صوم رمضان، و أمّا صوم رمضان حيث لا يشاركه غيره في زمانه لا يحتاج إلى فصل آخر يميّزه عن سائر الأنواع وراء إضافته إلى زمانه، فالزمان بالنسبة إلى سائر أنحاء الصوم ظرف لتحقّقها، و بالنسبة إلى صوم رمضان مقوّم لمفهومه، فإنّه يميّزه عمّا عداه، فإذا نوى صوم الغد، و كان الغد من رمضان، فقد عزم على إيجاد الماهيّة المأمور بها بعينها بداعي القربة و الإطاعة.
و جهله بكون الغد من رمضان، أو بخصوصيّة أمره غير قادح؛ إذ العبرة بنفس ذلك الزمان الذي وجب صومه بعينه، لا بمعرفة عنوانه، كما أنّ العبرة بصحّته و وقوعه عبادة حصوله بداعي التقرّب و إطاعة أمره الواقعي و إن لم يعرفه تفصيلا أو أخطأ في تشخيصه، فلا مانع عن صحّة صومه في الفرض بعد فرض كونه عين الماهيّة المأمور بها و قد أتى به بداعي التقرّب.



مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 338
و يستشعر من الخبر الأوّل أنّ الاكتفاء به عن صوم رمضان مخالف للأصل، و لكن الشارع أمضاه من باب التفضّل و التوسعة، و لكنه يظهر من هذه الرواية و كذا من غيرها من الروايات الآتية: أنّه على وفق الأصل، و أنّ المطلوب منه لم يكن إلّا الصوم في هذا اليوم، و قد حصل، كما قوّيناه في ما سبق.



مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 341
و صرف إطلاق النهي عنه في هذه الروايات خصوصا في الروايات التي عدّ فيها يوم الشكّ من الأيّام التي يحرم فيها الصوم إلى إرادة مثل الفرض الذي لا يكاد يتّفق حصوله في الخارج، حيث إنّ الآتي بصوم يوم الشك في الغالب: إمّا ينوي امتثال الأمر المتنجّز عليه في مرحلة الظاهر المحرز بالاستصحاب أو الأمر الواقعي المتعلّق بفعله المعلوم لديه على سبيل الإجمال و الإبهام، أو الأمر بصوم رمضان على سبيل الاحتمال من باب الاحتياط و إن كان في غاية البعد، إلّا أنّ الذي يغلب على الظنّ كون هذه الأخبار بظاهرها جارية مجرى التقيّة، و كون المراد بها المعنى المزبور على سبيل التورية، بل في أغلبها إيماء إلى ذلك.
و كيف كان، فإن أمكن تنزيل هذه الروايات على إرادة المعنى المزبور فهو، و إلّا وجب حملها على التقيّة بعد مخالفتها لإجماع الأصحاب و أخبارهم المستفيضة الدالّة على نفي البأس عن صوم يوم الشكّ، و أنّه إن صادف شهر رمضان فيوم وفّق له، و إلّا فليس إلّا كسائر الأيام.



مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 342
فالقول بصحّته- كما حكي «1» عن القديمين- لا يخلو عن وجه لو أغمض عن النصوص المزبورة.



مصباح الفقيه؛ ج‌14، ص: 349
و لذا صرّح غير واحد بأنّه لو نوى القضاء أو النذر و نحوه، كان كما لو نوى به صوم شعبان مجزيا عن صوم رمضان (إذا انكشف أنّه منه) فليس قصد كونه من شعبان من الخصوصيات المعتبرة في صحّة صوم هذا اليوم، و إنّما المعتبر فيه الإتيان به على وجه سائغ غير منهي عنه، كما يكشف عن ذلك: قوله عليه السّلام في خبر الزهري المتقدّم «1»، بعد أن سئل عن أنّه كيف يجزي صوم تطوّع عن فريضة؟:
لو أنّ رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوّعا و هو لا يعلم أنّه من شهر رمضان ثمّ علم بذلك لأجزأ عنه. لأنّ الفرض إنّما وقع على اليوم بعينه‌
______________________________
(1) تقدّم في صفحة 337.


مصباح الفقيه، ج‌14، ص: 350‌
فإنّه يدلّ على أنّ ماهيّة الواجب التي يسقط بها طلبه إنّما هي صوم ذلك اليوم بعينه، فمتى حصل سقط أمره، و وقع قصد كونه تطوّعا أو كونه من صوم شعبان لغوا غير مخلّ في صحّة عمله.
فما في صدر الحديث من الأمر بأن ينوي ليلة الشكّ أنّه صائم من شعبان إنّما هو لتصحيح قصده، لا لاعتبار هذا القصد بخصوصه في ماهيّة صوم ذلك اليوم، كما لا يخفى على المتأمّل.
هذا، مع أنّ إثبات مثل هذا الشرط تعبّدا في ماهيّة صوم يوم الشكّ بمثل هذه الأخبار التي قد يغلب على الظنّ كونها مشوبة بالتقية في مقابل الأخبار المستفيضة الآمرة بصوم يوم الشكّ، التي لا ينسبق إلى الذهن منها إلّا إرادة اختياره لغايته المرسوخة في النفس، الباعثة له على اختيار الفعل، و هو: قصد إطاعة أمره الواقعي المعلوم عند اللّه، المردّد عنده بين كونه استحبابيّا لكون اليوم من شعبان، أو وجوبيّا لكونه من رمضان، أو بداعي الاحتياط في صوم رمضان بعد تسليم ظهورها في ذلك، في غاية الإشكال، خصوصا بعد البناء على ما قوّيناه من أنّ الأشبه بالقواعد عدم اعتبار شي‌ء في ماهيّة صوم رمضان عدا قصد القربة، و هي حاصلة في جميع هذه الفروض.












****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Sunday - 6/11/2022 - 11:44

فتوای منسوب به شیخ مفید

المعتبر في شرح المختصر؛ ج‌2، ص: 649
مسئلة: يستحب صوم «يوم الثلاثين» من شعبان،
إذا لم ير الهلال بنية الندب على أنه من شعبان، فان اتفق الهلال أجزأ عن رمضان، و لا يكره لو نوى مع‌ ذلك الاحتياط لرمضان، و يحرم بنيّة أنه مع شهر رمضان، و لو صام من غير نية لم يجز.
و قال المفيد: انما يستحب مع الشك في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره لا مع ذلك الا لمن كان صائما قبله، و قال الشافعي: يكره افراده بالصوم بنية انه من شعبان، و أن يصومه احتياطا لرمضان، و لا يكره متصلا بما قبله، أو موافقا لعادة له في ذلك اليوم، لقوله عليه السّلام «لا تتقدموا الشهر بيوم و لا يومين الا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم»  و قال أحمد: ان كان صحوا كره و ان كان غيما لم يكره و ان أصابه تحرزا «2» لرمضان كره.

 

مختلف الشیعة في أحکام الشریعة،، جلد: ۳، صفحه: ۵۰۳

مسألة: صوم يوم الشكّ‌ بنيّة شعبان مستحب.

و قال ابن الجنيد[2372]: لا أستحب الابتداء بصيام يوم الشكّ‌ إلاّ إذا كانت في السماء علّة تمنع من الرؤية استظهارا.
و قال المفيد في الرسالة الغرية[2373]: يكره صوم يوم الشكّ‌ إذا لم يكن هناك عارض، و تيقن أول الشهر، و كان الجو سليما من العوارض، و تفقّد الهلال و لم ير مع اجتهادهم في الطلب، و لا يكون هناك شكّ‌ حينئذ، و يكره صومه حينئذ إلاّ لمن كان صائما قبله شعبان أو أياما تقدمته من شعبان، بذلك جاءت الآثار عن الأئمة - عليهم السلام.

 

 

  

 

تذکره الفقهاء، ج ۶، ص ١٧

مسألة 8: يستحب صوم يوم الشك من شعبان إذا لم ير الهلال، و لا يكره صومه، سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم و شبهه، أو لم يكن - و به قال أبو حنيفة و مالك - لأنّ‌ عليّا عليه السلام قال: «لأن أصوم يوما من شعبان أحبّ‌ إليّ‌ من أن أفطر يوما من رمضان» . و من طريق الخاصة: قول الصادق عليه السلام: «صمه فإن يك من شعبان كان تطوّعا، و إن يك من شهر رمضان فيوم وفّقت له» . و لأنّ‌ الاحتياط يقتضي صومه، فلا وجه للكراهية. و قال شيخنا المفيد رحمه اللّٰه: إنّما يستحب مع الشك في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع، إلاّ لمن كان صائما قبله - و به قال الشافعي و الأوزاعي - لأنّ‌ النبي صلّى اللّٰه عليه و آله، نهى عن صيام ستة أيام: اليوم الذي يشك فيه من رمضان .

 

 

منتهى المطلب في تحقيق المذهب، ج‌9، ص: 38‌
و قال المفيد رحمه اللّه: إنّما يستحبّ مع الشكّ في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع، إلّا لمن كان صائما قبله «1»، و به قال الشافعيّ «2»، و الأوزاعيّ «3».

 

تحریر الاحکام، ج ١، ص ۴۵۶

1557. العاشر: لا يكره صوم الثلاثين من شعبان، بل يستحبّ‌ على أنّه من شعبان، سواء كان هنا مانع من الرؤية أو لا، و سواء كان صائما قبله أو لا، و كره المفيد صومه مع الصّحو إلاّ لمن كان صائما قبله

 

منتهی المطلب، ج ٩، ص ٣٧-٣٨

مسألة: يستحبّ‌ صيام يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال بنيّة أنّه من  شعبان، و لا يكره صومه، سواء كان هناك مانع من الرؤية كالغيم و شبهه، أو لم يكن هناك مانع. و قال المفيد رحمه اللّه: إنّما يستحبّ‌ مع الشكّ‌ في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره مع الصحو و ارتفاع الموانع، إلاّ لمن كان صائما قبله ، و به قال الشافعيّ‌ ، و الأوزاعيّ‌ .

 

منتهی المطلب، ج ٩، ص ۵١

الحادي و العشرون: لو نوى صوم يوم الشكّ‌ عن فرض عليه، أجزأه، سواء وافق ذلك صوم يوم عادته صومه، أولا، و سواء صام قبله أولا، و لا يكره له ذلك. و قال بعض الشافعيّة: يكره له ، و هو خطأ؛ لأنّه إذا جاز له أن يصومه تطوّعا لسبب من موافقة يوم عادته صومه أو تقدّم صومه عليه، ففي الفرض أولى، كالوقت الذي نهي عن الصلاة فيه. على أنّا نمنع كراهية صومه منفردا، و قد سلف. إذا ثبت هذا، فلو صامه تطوّعا من غير سبب فعندنا أنّه مستحبّ‌ و لا بحث حينئذ، و عند المفيد - رحمه اللّه - أنّه مكروه ، على ما تقدّم، و كذا عند الشافعيّ‌، فهل يصحّ‌ أم لا؟ قال بعض الشافعيّة: لا يصحّ‌؛ لأنّ‌ الغرض به القربة و هي لا تحصل بذلك ، و فيه نظر.

 

موسوعه الشهید الاول،‌ج ١٢، ص ٣۵٨

ولا يكره صوم يوم الشكّ‌ بنيّة شعبان وإن كانت الموانع من الرؤية منتفية، وقال المفيد: يُكره مع الصحو إلّالمن كان صائماً قبله

 

مسالک الافهام، ج ٢، ص ۵۵

قوله: «و يستحب صوم يوم الثلاثين». (1) نبه بذلك على خلاف المفيد (رحمه اللّه) حيث كره صومه مع الصحو لمن لم يكن صائما قبله، محتجا بنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن صومه. و قد بيّن زين العابدين عليه السلام ذلك النهي بأن المراد به مع صومه بنية رمضان. فالأصح استحباب صومه مطلقا. قال الصادق عليه السلام: «صمه فإن يك من شعبان كان تطوعا و ان يك من شهر رمضان فيوم وفقت له» . و اعلم أن موضع الخلاف انما هو مع تحقق كونه شكا لا مطلق يوم الثلاثين. و لا يتحقق كونه شكا الا مع تحدث الناس برؤيته على وجه لا يثبت أو شهادة الواحد و نحوه. و بدون ذلك لا يكون شكا فلا يتعلق به حكمه من كراهة صومه و لا استحبابه على الوجه الوارد.

 

مدارک الاحکام، ج ۶، ص ١٨۴-١٨۵

و حكى المصنف في المعتبر عن المفيد - رحمه اللّه - أنه قال: إنما يستحب صومه مع الشك في الهلال، لا مع الصحو و ارتفاع الموانع، و يكره و لو صامه بنيّة رمضان لأمارة، قيل: يجزيه، و قيل: لا، و هو الأشبه. (1) و ان أفطر فأهلّ‌ شوال ليلة التاسع و العشرين من هلال رمضان قضاه و كذا لو قامت بيّنة برؤيته ليلة الثلاثين من شعبان. (2) لا مع ذلك إلا لمن كان صائما قبله . و لم نقف له في هذا التفصيل على مستند.

 

مناهج الاخیار، ج ٢، ص ١۵٩

و حكى المحقّق في المعتبر عن المفيد رحمه اللّه انّه قال انّما يستحبّ‌ صومه مع الشّكّ‌ في الهلال لا مع الصّحو و ارتفاع الموانع و يكره لا مع ذلك الاّ لمن كان صائما قبله و لم يقف له في هذا التّفصيل على مستند

 

مرآه العقول، ج ١۶، ص ٢٣٨

و حكي في المعتبر عن المفيد (ره) أنه قال: إنما يستحب صومه بنية الندب مطلقا مع الشك في الهلال لا مع الصحو و ارتفاع الموانع و يكره لا مع ذلك إلا لمن كان صائما قبله و هو ضعيف.

 

 

الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌13، ص: 42-43‌

و اما لو كان هلال شعبان معلوما يقينا و لم يدع أحد الرؤية ليلة الثلاثين منه و لم تكن في السماء علة مانعة من الرؤية فإن هذا اليوم من شعبان قطعا و ليس هو بيوم شك.
و يدل على ذلك من الاخبار‌
ما رواه ثقة الإسلام في الكافي و الشيخ في التهذيب بسنديهما عن هارون بن خارجة «1» قال: «قال أبو عبد الله عليه السلام عد شعبان تسعة و عشرين يوما فان كانت متغيمة فأصبح صائما و ان كانت صاحية و تبصرته و لم تر شيئا فأصبح مفطرا».
و ما رواه الشيخ في التهذيب عن الربيع بن ولاد عن أبى عبد الله عليه السلام «2» قال: «إذا رأيت هلال شعبان فعد تسعة و عشرين يوما فإن أصبحت فلم تره فلا تصم و ان تغيمت فصم».
و هما ظاهران في أن أمره عليه السلام بالصوم مع الغيم إنما هو من حيث كونه يوم الشك الذي ورد فيه ما تقدم من انه يوم وفق له و اما مع الصحو فليس هو كذلك.
و يدل على ذلك ايضا‌
ما رواه الشيخ في التهذيب عن معمر بن خلاد عن أبى الحسن عليه السلام «3» قال: «كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائما فأتوه بمائدة فقال ادن. و كان ذلك بعد العصر قلت له جعلت فداك صمت اليوم.
فقال لي و لم؟ قلت جاء عن أبى عبد الله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه انه قال يوم وفق له فقال أ ليس تدرون إنما ذلك إذا كان لا يعلم أ هو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل فكان من شهر رمضان فكان يوما وفق له؟ فاما و ليس علة و لا شبهة
فلا. فقلت أفطر الآن؟ فقال لا. فقلت و كذلك في النوافل ليس لي أن أفطر بعد الظهر؟ قال نعم».
و الظاهر ان ما دل عليه الخبران الأولان صريحا و الثالث ظاهرا من عدم صوم يوم الثلاثين مع عدم العلة و الشبهة هو مستند الشيخ المفيد (قدس سره) في ما نقل عنه من كراهية صوم هذا اليوم مع الصحو كما نقله عنه في البيان حيث قال: و لا يكره صوم يوم الشك بنية شعبان و ان كانت الموانع من الرؤية منتفية، و قال المفيد يكره مع الصحو إلا لمن كان صائما قبله. انتهى.
و ما نقل هنا عن الشيخ المفيد (قدس سره) لعله من غير المقنعة لأن كلامه في المقنعة صريح في الاستحباب مطلقا كما لا يخفى على من راجعه.

 

 

 

 

کلمات شیخ طوسی

الخلاف،چ ٢، ص ١٧٠-١٧١

مسألة 9: صوم يوم الشك يستحب بنية شعبان، و يحرم صومه بنية رمضان، و صومه من غير نية أصلا لا يجزي عن شيء. و ذهب الشافعي إلى أنه يكره أفراده بصوم التطوع من شعبان، أو صيامه احتياطا لرمضان، و لا يكره إذا كان متصلا بما قبله من صيام الأيام. و كذلك لا يكره أن يصومه إذا وافق عادة له في مثل ذلك، أو يوم نذر أو غيره . و حكي أن به قال في الصحابة علي عليه السلام و عمر، و ابن مسعود، و عمار بن ياسر، و في التابعين الشعبي، و النخعي، و في الفقهاء مالك، و الأوزاعي . و قالت عائشة و أختها أسماء: لا يكره بحال . و قال الحسن و ابن سيرين: ان صام امامه صام، و ان لم يصم امامه لم يصم . و قال ابن عمر: ان كان صحوا كره، و ان كان غيما لم يكره، و به قال  أحمد بن حنبل . و قال أبو حنيفة: ان صامه تطوعا لم يكره، و ان صامه على سبيل التحرز لرمضان حذرا أن يكون منه فهذا مكروه . دليلنا: إجماع الطائفة، و الاخبار التي رويناها في الكتاب المقدم ذكره . و روي عن علي عليه السلام انه قال: لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان . و روي عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال: «الصوم جنة من النار» و لم يفرق.

 

 

الخلاف،ج ٢، ص ١٧٢-١٧٣

مسألة 11: لا يقبل في رؤية هلال رمضان إلا شهادة شاهدين، فأما الواحد فلا يقبل منه هذا مع الغيم، و أما مع الصحو فلا يقبل إلا خمسون قسامة ، أو اثنان من خارج البلد. و للشافعي قولان: أحدهما: مثل ما قلناه من اعتبار الشاهدين ، و به قال مالك،  و الأوزاعي، و الليث بن سعد و سواء كان صحوا أو غيما . و الآخر: انه يقبل شهادة واحد، و عليه أكثر أصحابه، و به قال في الصحابة عمر، و ابن عمر، و حكوه عن علي عليه السلام، و به قال في الفقهاء أحمد بن حنبل . و قال أبو حنيفة: ان كان يوم غيم قبلت شاهدا واحدا، و ان كان صحوا لم يقبل إلا التواتر فيه و الخلق العظيم . دليلنا: إجماع الطائفة، و الاخبار التي ذكرناها في الكتابين المقدم ذكرهما . و أيضا فلا خلاف أن شاهدين يقبلان، و لم يقم دليل على وجوب قبول الواحد. و روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: انا صحبنا أصحاب النبي صلى الله عليه و آله، و تعلمنا منهم، و أنهم حدثونا أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال: «صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين، فان شهد ذوا عدل فصوموا و أفطروا و انسكوا» ذكره الدارقطني .

 

الخلاف، ج ٢، ص ١٧٨-١٨٠

مسألة 20 [من بان له رمضان بعد أن صام من شعبان] إذا أصبح يوم الشك و هو يوم الثلاثين من شعبان، و يعتقد أنه من شعبان بنية الإفطار، ثم بان أنه من شهر رمضان لقيام بينة عليه قبل  الزوال، جدد النية و صام، و قد أجزأه. و ان بان بعد الزوال أمسك بقية النهار و كان عليه القضاء. و به قال أبو حنيفة . و قال الشافعي: يمسك و عليه القضاء على كل حال . و اختلفوا إذا أمسك هل يكون صائما أم لا؟. قال الأكثر: انه يجب عليه الإمساك و لا يكون صائما . و قال أبو إسحاق: يكون صائما من الوقت الذي أمسك صوما شرعيا . دليلنا: إجماع الفرقة و أخبارهم . مسألة 21 [النيّة لصيام يوم الشك] إذا نوى أن يصوم غدا من شهر رمضان فرضه أو نفلة، فقال: إذا نوى أن يصوم غدا من شهر رمضان فرضه أو نفلة: فقال: انه إن كان من رمضان فهو فرض، و ان لم يكن من رمضان فهو نافلة أجزأه و لا يلزمه القضاء. و قال الشافعي: لا يجزيه و عليه القضاء . دليلنا: ما قدمناه من أن شهر رمضان يجزي فيه نية القربة، و نية التعيين ليست شرطا في صحة الصوم ، و هذا قد نوى القربة و إنما لم يقطع على نية التعيين فكان صومه صحيحا. مسألة 22 [حكم من عقد النيّة ليلة الشك من رمضان] إذا كان ليلة الثلاثين، فنوى إن كان غدا من رمضان فهو صائم فرضا أو نفلا، أو نوى إن كان من رمضان فهو فرض و ان لم يكن فهو نفل أجزأه.  و قال الشافعي في الموضعين: انه لا يجزي . دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.

مسألة 23 [حكم من كان شاكا في الفجر فأكل] إذا عقد النية ليلة الشك على أن يصوم من رمضان من غير امارة من رؤية أو خبر من ظاهره العدالة، فوافق شهر رمضان أجزأه، و قد روي أنه لا يجزيه . و ان صامه بأمارة من قول من ظاهره العدالة من الرجال أو المراهقين دون المنجمين فإنه يجزيه أيضا. و قال أصحاب الشافعي في الاولى: أنه لا يجزيه ، و في المسألة الثانية قال أبو العباس بن سريج: ان صام بقول بعض المنجمين و أهل الحساب أجزأه . دليلنا: ما قدمناه من إجماع الفرقة و أخبارهم على أن صام يوم الشك أجزأه عن شهر رمضان، و لم يفرقوا  و من قال من أصحابنا: لا يجزيه، تعلق بقوله: أمرنا بأن نصوم يوم الشك بنية أنه من شعبان، و نهينا أن نصومه من رمضان» و هذا صامه بنية رمضان، فوجب أن لا يجزيه لأنه مرتكب للنهي، و ذلك يدل على فساد المنهي عنه.

 

 

المبسوط، ج ١، ص ٢۶٨

و صوم يوم الشك إن صامه بنية شعبان. ثم بان أنه من رمضان فقد أجزأه عنه، و إن صامه بنية رمضان بخبر واحد أو بأمارة أجزأه أيضا لأنه يوم من رمضان فأما مع عدم ذلك فلا يجزيه لأنه منهي عن صومه على هذا الوجه، و النهي يدل على فساد المنهي عنه،

 

 

قول به اجزاء روزه یوم الشک بنیه رمضان در فرض مطابقت

جواهر الکلام، ج ١۶، ص ٢٠٨-٢٠٩

خلافا لابني أبي عقيل و الجنيد فاجتزيا بها عن شهر رمضان لو صادف، و عن خلاف الشيخ اختياره محتاجا عليه بإجماع  الفرقة و أخبارهم على ان من صام يوم الشك أجزأ عن رمضان و لم يفرقوا، و هو كما ترى، ضرورة تحقق الفرق في النص و الفتوى، و الأولى الاستدلال عليه بصحيح معاوية و موثق سماعة الآتيين.

 

 

مختلف الشیعه، ج ٣، ص ٣٧٩

مسألة: إذا نوى صوم يوم الشكّ‌ من شهر رمضان من غير أمارة من رؤية، أو خبر من ظاهره العدالة. قال ابن أبي عقيل : إنّه يجزئه، و هو اختيار ابن الجنيد ، و به أفتى الشيخ في الخلاف قال فيه: و قد روي أنّه لا يجزئه . و قال في المبسوط: و ان صام بنية الفرض روى أصحابنا أنّه لا يجزئه . و قال في النهاية و الجمل و الاقتصاد و كتابي الأخبار : لا يجزئه و هو حرام، و اختاره السيد المرتضى ، و ابنا بابويه ، و أبو الصلاح ، و سلاّر ، و ابن البراج ، و ابن إدريس ، و ابن حمزة ، و هو الأقوى. لنا: أنّه قد اشتمل على وجه قبح فيكون منهيا عنه، و النهي في العبادة يدلّ‌ على الفساد.