بسم الله الرحمن الرحیم

جزئیت بسم الله در سوره حمد

1|1|بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
فهرست مباحث علوم قرآنی
فهرست القرائات

*************
القرائة-1|1|بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
جهر به بسم الله الرحمن الرحیم
نهي از بسم الله در سوره حمد
والضحی و الم نشرح سورة واحدة-کذا الفیل و لایلاف-فصل بین دو سوره به بسم الله الرحمن الرحیم
حکم وجوب اعاده بسمله در صورت عدول در کلمات فقهاء
حکم جواز اکتفاء به بسمله در تفریق در نماز آیات


حکم بسمله در فتاوای عامه


در نرم افزار نور فقط جلد اول مشرق الشمسین آمده، و در این سایت جلد دوم هم هست:

مشرق الشمسين - البهائي العاملي - الصفحة ٣٩٢
ثم في هذا المقام بحث يحسن التنبيه عليه وهو أنه لا خلاف بين فقهائنا رضوان الله عليهم في أن كلما تواتر من القراءات يجوز القراء به في الصلاة ولم يفرقوا بين تخالفها في الصفات أو في إثبات بعض الحروف والكلمات كملك ومالك وقوله تعالى " تجري من تحتها الأنهار " بإثبات لفظة من وتركها فالمكلف مخير في الصلاة بين الترك والإثبات إذ كل منهما متواتر وهذا يقتضي الحكم بصحة صلاة من ترك البسملة أيضا لأنه قد قرء بالمتواتر من قراءة أبي عمرو وحمزة وابن عامر وورش عن نافع وقد حكموا ببطلان صلاته فقد تناقض الحكمان فأما أن يصار إلى القدح في تواتر الترك وهو كما ترى أو يقال بعدم كلية تلك القضية ويجعل حكمهم هذا منبها على تطرق الاستثناء إليها فكأنهم قالوا كلما تواتر يجوز القراءة به في الصلاة إلا ترك البسملة قبل السورة ولعل هذا هون وللكلام في هذا المقام مجال واسع والله أعلم



تواتر القرآن، ص: 107
الحادي عشر [عدم استحالة تواتر هذه القراءات عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله‏]
إنّه لا يستحيل عقلا و لا نقلا كون هذه القراءات متواترة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما صرّح به علماء الخاصّة و العامّة و كثيرا ممّا أورده سابقا شاهد عليه، و ذلك إمّا أن يكون نزل على وجه واحد ثمّ جوّز النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله بأمر من اللّه الوجه الآخر أو الباقي. أو قرأ عليه السّلام بكلّ واحدة مرّة أو جبرئيل قرأ كذلك. و لا ينافيه نسبة القراءة فإنّها بسبب الاختصاص و الاختيار و الإضافة صادقة بأدنى ملابسة و لا ينافي ذلك تواترها قبله و في زمانه و بعده و لا يلزم حرف غالبا مع كثرة القراءات و لا ينافي ذلك قراءة نصف القرآن بحذف البسملة فإنّ ذلك مستثنى بإجماع أصحابنا و نصوصهم على عدم جواز تركها في الصّلاة، فما المانع من أن يكون تواتر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله قراءتها تارة و تركها في غير الصّلاة أخرى دلالة و نصّا منه على الحكمين فاختلف القرّاء في الاختيار؟ و قد عرفت سابقا أنّ الإماميّة روت أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف و روت أيضا أنّه نزل بحرف واحد، و الجمع ممكن بأن يكون نزل على حرف واحد و نزل أيضا أنّه يجوز القراءة بسبعة أحرف فيصدق الخبران من غير منافاة.
قال ابو على الطّبرسيّ في مجمع البيان:
«الشائع في أخبارهم «1» أنّ القرآن نزل بحرف «2» واحد و ما روته العامّة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله نزل القرآن....
....
أقول: إذا ثبت هذا فيصدق أنّ السّبعة أحرف منزلة إمّا حقيقة و تفصيلا [و] إمّا بأن يكون نزل واحد ثمّ نزل تجويز ستّة و يصدق أنّ السّبعة لم ينزل و إنّما نزل واحد كما روى المعاصر سابقا و لا منافاة بين الأمرين.



********************
ممکن است گفته شود بسم الله برای هر سوره، جزئیت به نحو وضعی دارد(نه فقط جزء تکلیفی یا جزء به نحو مکمل)، اما نه جزئیت وضعیه به نحو عزیمت، ولذا میتوان آن را مستقلا در یک رکوع نماز آیات خواند، و نیز میتوان آن را بین دو سوره ضحی و الم نشرح خواند و یا ترک کرد. والله العالم
و لذا میتوان گفت جزء غیر مقوم و در عین حال غیر مکمل است، یعنی جزء ماهوی غیر رکنی است، شبیه لا صلاة الا بفاتحة الکتاب، که در عین حال جزء رکنی نیست، یعنی نه مثل محاسن برای مرد است و نه مثل سر برای بدن، بلکه مثل چشم برای بدن است.

****************


مستمسك العروة الوثقى؛ ج‌6، ص: 174
(مسألة 8): البسملة جزء من كل سورة (2)، فيجب قراءتها عدا سورة براءة.
(مسألة 9): الأقوى اتحاد سورة (الفيل) و (لإيلاف) و كذا (و الضحى) و (ألم نشرح) فلا يجزئ في الصلاة إلا جمعهما مرتبتين مع البسملة بينهما
---------------------
(2) إجماعا كما عن الخلاف، و مجمع البيان، و نهاية الاحكام، و الذكرى و جامع المقاصد، و ظاهر السرائر و غيرها، و في المعتبر نسبته إلى علمائنا، و يشهد له جملة من النصوص‌
كصحيح ابن مسلم: «سألت أبا عبد اللّه (ع) عن السبع المثاني و القرآن العظيم أ هي الفاتحة؟ قال (ع): نعم. قلت: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ من السبع؟ قال (ع): نعم هي أفضلهن» «4».
و‌ خبر يحيى بن عمران الهمداني: «كتبت إلى أبي جعفر (ع): جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ب‍ بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ في صلاته وحده بأم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي: ليس‌ بذلك بأس؟ فكتب (ع) بخطه: يعيدها مرتين على رغم أنفه» «1».
- يعني العباسي.
نعم في بعض النصوص: جواز تركها من السورة «2»، و في بعضها:
جواز تركها إلا في افتتاح القراءة من الركعة الأولى «3»، و في بعضها:
جواز تركها من الفاتحة في الأولى «4»، و الجميع لا مجال للعمل به بعد حكاية الإجماعات القطعية على خلافه، فليحمل على التقية.







****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Tuesday - 30/4/2024 - 13:31

الخلاف، ج 1، ص 328-331

مسألة 82 [البسملة آية من كل سورة] «بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» * آية من كل سورة من جميع القرآن، و هي آية من أول سورة الحمد. و قال الشافعي: انها آية من أول الحمد بلا خلاف بينهم ، و في كونها آية من كل سورة قولان:  أحدهما: انها آية من أول كل سورة، و الآخر: انها بعض آية من كل سورة، و انما تتم مع ما بعدها فتصير آية . و قال أحمد، و إسحاق، و أبو ثور، و أبو عبيدة، و عطاء، و الزهري، و عبد الله بن المبارك : إنها آية من أول كل سورة حتى انه قال: من ترك «بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» * ترك مائة و ثلاث عشرة آية . و قال أبو حنيفة، و مالك، و الأوزاعي، و داود: ليست آية من فاتحة الكتاب، و لا من سائر السور . و قال مالك و الأوزاعي و داود: يكره أن يقرأها في الصلاة بل يكبر، و يبتدى بالحمد، إلا في شهر رمضان. و المستحب أن يأتي بها بين كل سورتين تبركا للفصل، و لا يأتي بها في أول الفاتحة .

و قال أبو الحسن الكرخي: ليس عن أصحابنا رواية في ذلك، و مذهبهم الإخفاء في قراءتها، فاستدللنا بذلك على أنها ليست من فاتحة الكتاب عندهم، إذ لو كانت منها لجهر بها كما يجهر بسائر السور . و كان أبو الحسن الكرخي يقول: ليست من هذه السورة و لا من سائر السور، سوى سورة النمل. هكذا روى عنه أبو بكر الرازي ، و قال أبو بكر: ثم سمعناه بعد ذلك يقول انها آية تامة مفردة في كل موضع أثبتت فيه الا في سورة النمل، فإنها بعض آية في قوله تعالى «إِنَّهُ‌ مِنْ‌ سُلَيْمٰانَ‌ وَ إِنَّهُ‌ بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» . دليلنا: إجماع الفرقة، و قد بينا أن إجماعها حجة. و أيضا روت أم سلمة ان رسول الله صلى الله عليه و آله قرأ في الصلاة «بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» فعدها آية «اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ‌ رَبِّ‌ الْعٰالَمِينَ‌» اثنتين، «اَلرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» ثلاث آيات «مٰالِكِ‌ يَوْمِ‌ الدِّينِ‌» أربع آيات. و قال: هكذا «إِيّٰاكَ‌ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ‌ نَسْتَعِينُ‌» و جمع خمس أصابعه هكذا، ذكره أبو بكر بن المنذر في كتابه. و روى معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا قمت إلى الصلاة أقرأ «بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» في فاتحة الكتاب‌؟ قال: «نعم»، قلت: فإذا قرأت ما عدا فاتحة الكتاب أقرأ «بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» * مع السورة‌؟  قال: «نعم» . و روى علي بن مهزيار عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدء ب‍ «بِسْمِ‌ اللّٰهِ‌ الرَّحْمٰنِ‌ الرَّحِيمِ‌» * في صلاته وحده في أم الكتاب، فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها. فقال العباسي ليس بذلك بأس، فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم أنفه، يعني العباسي






***************************
وسائل الشيعة ؛ ج‏6 ؛ ص57
وسائل الشيعة، ج‏6، ص: 57
«1» 11 باب أن البسملة آية من الفاتحة و من كل سورة عدا براءة و وجوب الإتيان بها و بطلان الصلاة بتعمد تركها و وجوب إعادتها
7336- 1- «2» محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان قال: صليت خلف أبي عبد الله ع أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب ب بسم الله الرحمن الرحيم‏- فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ب بسم الله الرحمن الرحيم‏ و أخفى ما سوى ذلك.
7337- 2- «3» و بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله ع عن السبع المثاني و القرآن العظيم أ هي الفاتحة قال نعم قلت‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏ من السبع قال نعم هي أفضلهن.
7338- 3- «4» و عنه عن محمد بن الحسين عن محمد بن حماد بن زيد عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله ع عن أبيه قال: بسم الله الرحمن الرحيم‏ أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها.
7339- 4- «5» و بالإسناد عن الكاهلي قال: صلى بنا أبو عبد الله ع‏
______________________________
(1)- الباب 11 فيه 12 حديثا.
(2)- التهذيب 2- 68- 246، و الاستبصار 1- 310- 1154 أورده أيضا في الحديث 2 من الباب 57 من هذه الأبواب.
(3)- التهذيب 2- 289- 1157.
(4)- التهذيب 2- 289- 1159.
(5)- التهذيب 2- 288- 1155، و الاستبصار 1- 311- 1157.


وسائل الشيعة، ج‏6، ص: 58
في مسجد بني كاهل- فجهر مرتين ب بسم الله الرحمن الرحيم 1: 1- و قنت في الفجر و سلم واحدة مما يلي القبلة.
7340- 5- «1» محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله ع إذا قمت للصلاة أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم‏ في فاتحة القرآن‏ «2»- قال نعم قلت فإذا قرأت فاتحة القرآن- أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم 2: 0 مع السورة قال نعم.
7341- 6- «3» و عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن مهزيار عن (يحيى بن أبي عمران) «4» قال: كتبت إلى أبي جعفر ع جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ب بسم الله الرحمن الرحيم‏- في صلاته وحده في أم الكتاب- فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي ليس بذلك بأس فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم أنفه.
- يعني العباسي‏ «5» و رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب‏ «6» و كذا الذي قبله.
7342- 7- «7» و عن أحمد بن محمد الكوفي عن علي بن الحسن بن علي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن هارون عن أبي عبد الله ع قال: قال لي‏ كتموا بسم الله الرحمن الرحيم 1: 1- فنعم و الله الأسماء كتموها
______________________________
(1)- الكافي 3- 312- 1، و رواه في التهذيب 2- 69- 251، و الاستبصار 1- 311- 1155.
(2)- في هامش الأصل عن نسخة- الكتاب.
(3)- الكافي 3- 313- 2، أورده أيضا في الحديث 3 من الباب 27 من هذه الأبواب.
(4)- في هامش المخطوط عن التهذيب 2- 69- 252 يحيى بن عمران، و هو الصواب و في نسخة الاستبصار 1- 311- 1156 عثمان.
(5)- في نسخة- العياشي (هامش المخطوط).
(6)- التهذيب 2- 69- 252، و الاستبصار 1- 311- 1156.
(7)- الكافي 8- 266- 387، أورده بتمامه في الحديث 2 من الباب 21 من هذه الأبواب.


وسائل الشيعة، ج‏6، ص: 59
الحديث.
7343- 8- «1» و عن محمد بن يحيى عن علي بن الحسن بن علي عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن مصعب عن فرات بن أحنف عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول‏ أول كل كتاب نزل من السماء- بسم الله الرحمن الرحيم 1: 1- فإذا قرأت‏ بسم الله الرحمن الرحيم 1: 1- فلا تبالي أن لا تستعيذ و إذا قرأت‏ بسم الله الرحمن الرحيم 1: 1- سترتك فيما بين السماء و الأرض.
7344- 9- «2» محمد بن علي بن الحسين في المجالس و عيون الأخبار عن محمد بن القاسم المفسر عن يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عن أمير المؤمنين ع في حديث أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم‏ آية من فاتحة الكتاب- و هي سبع آيات تمامها بسم الله الرحمن الرحيم‏.
7345- 10- «3» و في عيون الأخبار بهذا السند قال: قيل لأمير المؤمنين ع- أخبرنا عن‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏- أ هي من فاتحة الكتاب قال فقال نعم كان رسول الله ص يقرؤها و يعدها آية منها و يقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.
و أورده العسكري في تفسيره‏ و كذا الذي قبله‏ «4».
7346- 11- «5» و عن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن الرضا ع قال: بسم‏
______________________________
(1)- الكافي 3- 313- 3، أورد ذيله في الحديث 1 من الباب 58 من هذه الأبواب.
(2)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1- 301، و أمالي الصدوق 148، و تفسير الامام العسكري (عليه السلام) 29- 10.
(3)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1- 300- 59.
(4)- تفسير الامام العسكري (عليه السلام) 59- 30.
(5)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2- 11.


وسائل الشيعة، ج‏6، ص: 60
الله الرحمن الرحيم‏- أقرب إلى اسم الله الأعظم (من بياض العين إلى سوادها) «1».
7347- 12- «2» أحمد بن أبي عبد الله البرقي في المحاسن عن بعض أصحابنا عن الحسن بن علي بن يوسف عن هارون بن الخطاب التميمي عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله ع قال: ما نزل كتاب من السماء إلا أوله‏ بسم الله الرحمن الرحيم-.
أقول: و تقدم ما يدل على ذلك في كيفية الصلاة «3» و يأتي ما ظاهره المنافاة و أنه محمول على التقية أو نحوها «4».
«5» 12 باب جواز ترك البسملة للتقية و جواز ترك الجهر بها في محل الإخفات و في التقية
7348- 1- «6» محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله (عن أحمد بن محمد) «7» عن العباس بن معروف عن صفوان بن يحيى عن أبي جرير «8»
______________________________
(1)- في المصدر- من سواد العين إلى بياضها.
(2)- المحاسن 40- 49 الباب 37.
(3)- تقدم ما يدل على ذلك في الحديث 10 و 11 من الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة، و في الحديث 11 من الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(4)- يأتي ما يدل على ذلك في الباب 21 من هذه الأبواب، و يأتي ما ينافيه في الباب 12 من هذه الأبواب.
(5)- الباب 12 فيه 5 أحاديث.
(6)- التهذيب 2- 68- 248، و الاستبصار 1- 312- 1160.
(7)- في الاستبصار 1- 312- 1160 عن أحمد و محمد، عن العباس بن معروف.
(8)- في الاستبصار 1- 312- 1160 أبي حريز.


وسائل الشيعة، ج‏6، ص: 61
زكريا بن إدريس القمي قال: سألت أبا الحسن الأول ع عن الرجل يصلي بقوم يكرهون أن يجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم 1: 1- فقال لا يجهر.
7349- 2- «1» و عنه عن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عبيد الله بن علي الحلبي و عن الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان و محمد بن سنان و عبد الله بن مسكان جميعا عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع‏ أنهما سألاه عمن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم‏- حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب قال نعم إن شاء سرا و إن شاء جهرا فقالا أ فيقرؤها مع السورة الأخرى فقال لا.
7350- 3- «2» و عنه عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال: سألته عن الرجل يفتتح القراءة في الصلاة أ و يقرأ «3» ب بسم الله الرحمن الرحيم‏ «4» 1: 1 قال نعم إذا استفتح‏ «5» الصلاة فليقلها «6» في أول ما يفتتح ثم يكفيه ما بعد ذلك.
و عنه عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران و الحسين بن سعيد جميعا عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن محمد بن مسلم‏ مثله‏ «7»
______________________________
(1)- التهذيب 2- 68- 249، و الاستبصار 1- 312- 1161.
(2)- التهذيب 2- 69- 250، و الاستبصار 1- 313- 1162.
(3)- في المصدر- أ يقرأ.
(4)- و فيه- بسم الله الرحمن الرحيم.
(5)- و فيه- افتتح.
(6)- في نسخة- فليقل، (هامش المخطوط).
(7)- التهذيب 2- 68- 247 باختلاف في الألفاظ.


وسائل الشيعة، ج‏6، ص: 62
بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن علي بن السندي عن حماد عن حريز مثله‏ «1».
7351- 4- «2» و عنه عن محمد بن الحسين عن صفوان عن عبد الله بن بكير عن مسمع البصري قال: صليت مع أبي عبد الله ع- فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين‏- ثم قرأ السورة التي بعد الحمد- و لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم 2: 0- ثم قام في الثانية فقرأ الحمد- و لم يقرأ ب بسم‏ «3» الله الرحمن الرحيم‏- ثم قرأ بسورة أخرى.
7352- 5- «4» و عنه عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي نجران و الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يكون إماما يستفتح بالحمد و لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم‏- قال لا يضره و لا بأس به.
و عنه عن علي بن السندي عن حماد مثله‏ «5» أقول: ذكر الشيخ و غيره أن هذه الأحاديث محمولة على التقية و القرائن في بعضها ظاهرة أو على عدم الجهر بها في محل الإخفات أو على عدم سماع الراوي لها لبعده أو على النافلة لجواز تبعيض السورة فيها بل تركها و يأتي ما يدل على الجهر بالبسملة «6» و بعض ما تقدم يحتمل الحمل على الإنكار «7».
______________________________
(1)- التهذيب 2- 288- 1156، و الاستبصار 1- 312- 1159 باختلاف.
(2)- التهذيب 2- 288- 1154، و الاستبصار 1- 311- 1158.
(3)- في المصدر- بسم.
(4)- التهذيب 2- 68- 247.
(5)- التهذيب 2- 288- 1156، و الاستبصار 1- 312- 1159.
(6)- يأتي ما يدل على الجهر بالبسملة في الباب 21 من هذه الأبواب.
(7)- تقدم في الحديث 1 من هذا الباب.

________________________________________
شيخ حر عاملى، محمد بن حسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، 30جلد، مؤسسة آل البيت عليهم السلام - قم، چاپ: اول، 1409 ق.






الكتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف
المؤلف: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (المتوفى: 319هـ)
تحقيق: أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف
الناشر: دار طيبة - الرياض - السعودية
الطبعة: الأولى - 1405 هـ، 1985 م
عدد الأجزاء: طُبع منه 6 مجلدات: 1 - 5، 11 فقط
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج]
ذكر افتتاح القراءة ب {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2]
(3/119)
************
1342 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا أبو عمر قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر كانوا يستفتحون القراءة ب {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] "
(3/119)
************
1343 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج بن منهال، قال: ثنا حماد، عن قتادة، وثابت، عن أنس: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، وعمر، وعثمان كانوا يستفتحون القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] "
(3/119)
************
ذكر الخبر الذي يحتج به من جعل بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب
(3/119)
************
1344 - حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: ثنا يحيى بن سعيد الأموي، قال: ثنا ابن جريج، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن أم سلمة، قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] ، {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] ، {الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] ، {مالك يوم الدين} "
(3/119)
************
وروى أصحابنا
1345 - عن الصغاني، قال: أخبرنا خالد بن خداش، قال: ثنا عمر بن هارون عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قرأ في الصلاة {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] فعدها آية، {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] اثنتين [ص:120]، {الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] ثلاث آيات {مالك يوم الدين} أربعا، وقال: هكذا {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5] وجمع خمس أصابعه "
(3/119)
************
ذكر خبر احتج به من توهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة في فاتحة الكتاب
(3/120)
************
1346 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو جابر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، قال: " سألت أيقرأ الرجل في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم "
(3/120)
************
ذكر الدليل على أن أنسا إنما أراد بقوله: لم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وأنهم كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم
(3/120)
************
1347 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: «صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر فلم يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم»
(3/120)
************
1348 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أحمد بن خليل، قال: ثنا أبو الجواب، عن عمار بن زريق، عن الأعمش، عن شعبة، عن ثابت، عن أنس، قال: «[ص:121] صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر، وعمر فلم يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم»
(3/120)
************
قال أبو بكر وروى أصحابنا عن

1349 - أحمد بن شريح الرازي قال: أخبرنا سويد بن عبد العزيز، قال: ثنا عمران القصير، عن الحسن، عن أنس بن مالك: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة وأبو بكر، وعمر» واحتج بعض أصحابنا بهذا قال: هذا صريح بخلاف ما توهم بعض من لم يسع في العلم فظن أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر لم يكونوا يقرءون في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم
(3/121)
************
ذكر اختلاف أهل العلم في القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، وهي آية من كتاب الله أم لا؟ اختلف أهل العلم في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة، فقالت طائفة: لا يقرأ بها سرا ولا جهرا، كذلك قال مالك، والأوزاعي، وقال عبد الله بن معبد الزماني، والأوزاعي: ما أنزل في القرآن بسم الله الرحمن الرحيم إلا في النمل: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} [النمل: 30] ، وكان مالك يقول: إذا صلى الرجل في قيام شهر رمضان استفتح في السورة
(3/121)
************
ببسم الله الرحمن الرحيم إذا ابتدأ فواتحها، ولا يستفتح بها في أم القرآن. واحتج بعض من يقول بهذا القول بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وقال هذا القائل: وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الراشدين المهديين أنهم كانوا يفتتحون القراءة ب {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] ، ولو كانت آية من فاتحة الكتاب لبدءوا بها، فإن ادعى مدع أنهم كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم قيل: هذه دعوى غيب، ولا يجوز إثبات خلاف ظاهر هذا الحديث إلا بخبر مثله. وقال آخر: لو كانت بسم الله الرحمن الرحيم آية في كل سورة لعدت في آي السور، فقد كتب الناس المصاحف، وكتبوا عدد آي كل سورة فلم يعدوها في عدد آي السور، فمن ذلك أنهم كتبوا سورة الكوثر ثلاث آيات، ولو عدوا بسم الله الرحمن الرحيم منها لكتبوا عددها أربع آيات، وكذلك جميع السور لا اختلاف بينهم في شيء منها إلا في فاتحة الكتاب، وقد أجمعوا أنها سبع آيات، واختلفوا بسم الله الرحمن الرحيم أهي آية منها أم لا، فعدها أهل العراق سبع آيات، جعلوا بسم الله الرحمن الرحيم آية منها، وفي عدد أهل المدينة سبع آيات، ليس بسم الله الرحمن الرحيم منها. وليس في قوله: كنا لا نعرف انتهاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن
(3/122)
************
الرحيم: دليل على أنها آية من كل سورة، لأنها إنما جعلت علما بين السورة والتي بعدها، لا أنها آية من إحدى السورتين، كما كتبت في أول كل كتاب
(3/123)
************
1350 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا بشر، قال: ثنا الجريري، عن قيس بن عباية، عن أبي عبد الله بن مغفل، قال: سمعني أبي وأنا أقرأ في صلاتي بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: أي بني إياك والحدث: " فإني قد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر، وصليت مع عمر، وصليت مع عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأها، إذا قرأت فقل: {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] " وقالت طائفة: فاتحة الكتاب سبع آيات بسم الله الرحمن الرحيم آية منها، كذلك قال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو عبيد، وكثير من أهل العراق. واحتج بعض أهل العلم بأنها مثبتة في مصاحف المسلمين، مدرجا فيها، مكتوبا بالسواد مع سائر آي القرآن غير مميز بينها وبين سائر القرآن، كما ميزوا بين عدد الآي المثبتة بغير السواد في أوائل السور، لأنهم كتبوا عدد الآي بالخضرة، أو بالحمرة، وبغير السواد. واحتجوا بحديث
(3/123)
************
رواه ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: " {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} [الحجر: 87] : أم القرآن ". وقال: وقرأها [ص:124] علي سعيد كما قرأتها عليك، ثم قال: {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] الآية السابعة، قال ابن عباس: «لقد أخرجها الله لكم، فما أخرجها لأحد قبلكم»
(3/123)
************
1351 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبي أن سعيد بن جبير أخبره أن ابن عباس قال: " {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} [الحجر: 87] : أم القرآن، قال: وقرأ علي سعيد كما قرأتها عليك، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم، الآية السابعة، قال ابن عباس: قد أخرجها الله لكم، فما أخرجها لأحد قبلكم "
(3/124)
************
1352 - حدثنا علي، قال: ثنا أبو عبيد، ثنا حجاج، عن أبي بكر الهذلي، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة، قال: " {صراط الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: 7] الآية السادسة " قال أبو عبيد: وقول أهل العراق في هذا أعجب إلي لحديث ابن عباس. قال أبو بكر: يعني حديث ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير. وقال قتادة في قوله: " {سبعا من المثاني} [الحجر: 87] قال: هي فاتحة الكتاب، تثنى في كل ركعة مكتوبة أو تطوع ". واحتج آخر بحديث رويناه عن أبي هريرة، وقد احتج بهذا الحديث من رأى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة
(3/124)
************
1353 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا محمد بن عبد الحكم، قال: ثنا أبي وشعيب، عن الليث قال: ثنا خالد، عن ابن أبي هلال، عن نعيم المجمر قال: " صليت وراء أبي هريرة، فقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن [ص:125] حتى بلغ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7] ، قال: آمين، وقال الناس: آمين، ويقول: كلما سجد قال: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس في اثنتين قال: الله أكبر، وإذا سلم قال: أما والذي نفسي بيده، إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان الزهري يفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم، فيقول: آية من كتاب الله تركها الناس، وقال عطاء: لا أدع أبدا بسم الله الرحمن الرحيم في مكتوبة وتطوع إلا ناسيا لأم القرآن والسورة التي أقرأ بعدها، هي آية من القرآن. قال ابن المبارك: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم من القراءة فقد ترك مائة آية وثلاثة عشر آية
(3/124)
************
ذكر اختلاف أهل العلم في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم اختلف أهل العلم في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فقالت طائفة: يجهر بها، كذلك قال الشافعي، واحتج بحديث رواه عن معاوية أنه: قرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك الركعة، ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك الركعة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان: يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا.
(3/125)
************
قال أبو بكر: وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وروينا عن ابن عمر، وابن عباس أنهما كانا يستفتحان ببسم الله الرحمن الرحيم، وروينا عن ابن الزبير أنه كان: يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويقول: ما يمنعهم منها إلا الكبر. وروينا عن عطاء، وطاوس ومجاهد، وسعيد بن جبير أنهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم
(3/126)
************
1354 - أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا عبد المجيد، عن ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم، أن أبا بكر بن حفص بن عمر، أخبره أن أنس بن مالك أخبره قال: " صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك الركعة، ولم يكبر حين يهوي ساجدا حتى قضى تلك الصلاة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان: يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا "
(3/126)
************
1355 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: «أنه كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم»
(3/126)
************
1356 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أبو النعمان، قال: ثنا حماد [ص:127] بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، أن ابن عباس: " كان يستفتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم ويقول: إنما هو شيء استرقه الشيطان من الناس "
(3/126)
************
1357 - حدثنا علي، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة، عن الأزرق بن قيس، قال: " صليت خلف ابن الزبير فاستفتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، فلما قرأ: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7] قال: بسم الله الرحمن الرحيم "
(3/127)
************
1358 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا خالد بن مخلد، عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، أن عمر: «كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»
(3/127)
************
1359 - حدثنا علي بن الحسن، قال: ثنا عبد الله، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قراءة الأعراب» وقالت طائفة: لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأها الإمام في أول الحمد ويخفيها، هذا قول سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وكان أحمد وأبو عبيد لا يريان الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وممن روينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وابن الزبير
(3/127)
************
1360 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، قال: سمعت أيوب يسأل عاصم بن أبي النجود: ما سمعت من قراءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: أخبرني أبو وائل أنه سمع عمر بن الخطاب: " يفتتح ب {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] "
(3/128)
************
1361 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي سنان، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: «صليت خلف عمر سبعين صلاة، فلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»
(3/128)
************
1362 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، أن عليا وعمارا: «كانا لا يجهران ببسم الله الرحمن الرحيم»
(3/128)
************
1363 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا هشيم، عن سعيد بن المرزبان، عن أبي وائل، عن عبد الله: «أنه كان يخفي بسم الله الرحمن الرحيم»
(3/128)
************
1364 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه وابن الزبير: «أنهما كانا لا يجهران» وروي ذلك عن ابن سيرين، وقال الحكم، وحماد، وأبو إسحاق: اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في نفسك. وقال النخعي: جهر الإمام ببسم الله الرحمن الرحيم بدعة. وقال الأوزاعي: خمس يخفيهن الإمام، فذكر بسم الله الرحمن الرحيم. [ص:129] قال أبو بكر: وقد روينا في هذا الباب عن الحكم قولا ثالثا، وهو: إن شاء جهر بسم الله الرحمن الرحيم، وإن شاء أخفاها. وكذلك قال إسحاق بن راهويه، وكان يميل إلى الجهر بها. قال أبو بكر: وقد اختلف أهل العلم في تأويل الحديث الذي رويناه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وعمر كانوا يستفتحون القراءة ب {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة: 2] فقالت طائفة: ظاهر هذا الحديث يوجب أنهم كانوا لا يجهرون بسم الله الرحمن الرحيم ويخفونها، هذا مذهب الثوري ومن وافقه. وفي قول بعض من يميل إلى مذهب أهل المدينة: هذا الحديث يدل على أنهم كانوا لا يجهرون بها، ولا يصح أنهم قرءوها سرا، فلا يقرأ بها سرا ولا جهرا. وفي قول من يرى الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم: معنى قوله كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، أي يفتتحون بقراءة الحمد، يعني بقراءة سورة الحمد، كما يقال: افتتح سورة البقرة لأن ذلك اسم للسورة، لا أنهم كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. وقال آخرون: لما ثبت أنهم كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وثبت حديث أبي هريرة أنه جهر ببسم الله الرحمن الرحيم كان المصلي بالخيار إن شاء جهر بقراءة فاتحة الكتاب، وإن شاء أخفاها، وهذا موافق مذهب الحكم وإسحاق، وفي هذا الباب حجج قد ذكرتها غير هذا الموضع
(3/128)
************
ذكر الجهر بآمين عند الفراغ من قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة التي يجهر فيها الإمام بالقراءة ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أمن القارئ فأمنوا»
(3/129)
************
1365 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أنا ابن وهب قال: أخبرنا مالك بن أنس، ويونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمن القارئ فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»
(3/130)
************








اشکال فخر رازی بر تواتر قرائات سبع

تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 172)
المسألة الرابعة: قال الشافعي رضي الله عنه: بسم الله الرحمن الرحيم آية من أول سورة الفاتحة، وتجب قراءتها مع الفاتحة، وقال مالك والأوزاعي رضي الله تعالى عنهما: إنه ليس من القرآن إلا في سورة النمل، ولا يقرأ لا سرا، ولا جهرا إلا في قيام شهر رمضان فإنه يقرؤها وأما أبو حنيفة فلم ينص عليه، وإنما قال: يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ويسر بها، ولم يقل إنها آية من أول السورة أم لا، قال يعلى: سألت محمد بن الحسن عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال: ما بين الدفتين قرآن، قال: قلت: فلم تسره؟ قال: فلم يجبني، وقال الكرخي لا أعرف هذه المسألة بعينها لمتقدمي أصحابنا، إلا أن أمرهم بإخفائها يدل على أنها ليست من السورة، وقال بعض فقهاء الحنفية: تورع أبو حنيفة وأصحابه عن الوقوع في هذه المسألة لأن الخوض في إثبات أن التسمية من القرآن أو ليست منه أمر عظيم، فالأولى السكوت عنه.
واعلم أن هذه المسألة تشتمل على ثلاث مسائل: إحداها: أن هذه المسألة هل هي مسألة اجتهادية حتى يجوز الاستدلال فيها بالظواهر وأخبار الآحاد، أو ليست من المسائل الاجتهادية بل هي من المسائل القطعية.
وثانيتها: أن بتقدير أنها من المسائل الاجتهادية فما الحق فيها؟.


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 173)
وثالثتها: الكلام في أنها تقرأ بالإعلان أو بالإسرار، فلنتكلم في هذه المسائل الثلاث.
المسألة الخامسة: في تقرير أن هذه المسألة ليست من المسائل القطعية، وزعم القاضي أبو بكر أنها من المسائل القطعية، قال: والخطأ فيها إن لم يبلغ إلى حد التكفير فلا أقل من التفسيق، واحتج عليه بأن التسمية لو كانت من القرآن لكان طريق إثباته إما التواتر أو الآحاد والأول باطل، لأنه لو ثبت بالتواتر كون التسمية من القرآن لحصل العلم الضروري بأنها من القرآن، ولو كانت كذلك لامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأمة. والثاني:
أيضا باطل، لأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، فلو جعلناه طريقا إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية ولصار ذلك ظنيا، ولو جاز ذلك لجاز ادعاء الروافض في أن القرآن دخله الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف، وذلك يبطل الإسلام.
واعلم أن الشيخ الغزالي عارض القاضي فقال: نفي كون التسمية من القرآن إن ثبت بالتواتر لزم أن لا يبقى الخلاف، وإن ثبت بالآحاد فحينئذ يصير القرآن ظنيا، ثم أورد على نفسه سؤالا وهو أنه لو قال قائل:
«ليس من القرآن عدم» فلا حاجة في إثبات هذا العدم إلى النقل، لأن الأصل هو العدم، وأما قولنا: (إنه قرآن) فهو ثبوت فلا بد فيه من النقل، ثم أجاب عنه بأن قال: هذا وإن كان عدما إلا أن كون التسمية مكتوبة بخط القرآن يوهم كونها من القرآن، فههنا لا يمكننا الحكم بأنها ليست من القرآن إلا بدليل منفصل، وحينئذ يعود التقسيم المذكور من أن الطريق إما أن يكون تواترا أو آحادا، فثبت أن الكلام الذي أورده القاضي لازم عليه، فهذا آخر ما قيل في هذا الباب.
والذي عندي فيه أن النقل المتواتر ثابت بأن بسم الله الرحمن الرحيم كلام أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم، وبأنه مثبت في المصحف بخط القرآن وعند هذا ظهر أنه لم يبق لقولنا إنه من القرآن أو ليس من القرآن فائدة إلا أنه حصل فيها أحكام شرعية هي من خواص القرآن مثل أنه هل يجب قراءتها في الصلاة أم لا، وهل يجوز للجنب قراءتها أم لا وهل يجوز للمحدث مسها أم لا، ومعلوم أن هذه الأحكام اجتهادية، فلما رجع حاصل قولنا إن التسمية هل هي من القرآن إلى ثبوت هذه الأحكام وعدمها، وثبت أن ثبوت هذه الأحكام وعدمها أمور اجتهادية ظهر أن البحث اجتهادي لا قطعي، وسقط تهويل القاضي.
المسألة السادسة: في بيان أن التسمية هل هي من القرآن وأنها آية من الفاتحة، قال قراء/ المدينة والبصرة وفقهاء الكوفة إنها ليست من الفاتحة، وقال قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز إنها آية من الفاتحة، وهو قول ابن المبارك والثوري، ويدل عليه وجوه:
الحجة الأولى:
روى الشافعي رضي الله عنه عن مسلم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أنها قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية، الحمد لله رب العالمين آية، الرحمن الرحيم آية، مالك يوم الدين آية، إياك نعبد وإياك نستعين آية، اهدنا الصراط المستقيم آية، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الظالمين آية، وهذا نص صريح.
الحجة الثانية:
روى سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن بسم الله الرحمن الرحيم.


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 174)
الحجة الثالثة:
روى الثعلبي في «تفسيره» بإسناده عن أبي بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبرك بآية لم تنزل على أحد بعد سليمان بن داود غيري، فقلت بلى، فقال: بأي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة؟ قلت: ببسم الله الرحمن الرحيم، قال: هي هي،
فهذا الحديث يدل على أن التسمية من القرآن.
الحجة الرابعة:
روى الثعلبي بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: كيف تقول إذا قمت إلى الصلاة، قال: أقول الحمد لله رب العالمين، قال: قل: بسم الله الرحمن الرحيم.
وروى أيضا بإسناده عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين.
وروى أيضا بإسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وكان يقول: من ترك قراءتها فقد نقص.
وروى أيضا بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: ولقد آتيناك سبعا من المثاني [الحجر: 87] قال: فاتحة الكتاب، فقيل لابن عباس: فأين السابعة؟ فقال: بسم الله الرحمن الرحيم.
وبإسناده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا قرأتم أم القرآن فلا تدعوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها إحدى آياتها.
وبإسناده أيضا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم قال الله سبحانه مجدني/ عبدي، وإذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله تبارك وتعالى حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم قال الله عز وجل أثنى علي عبدي، وإذا قال مالك يوم الدين قال الله فوض إلي عبدي، وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي، وإذا قال اهدنا الصراط المستقيم قال الله تعالى هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل» .
وبإسناده عن أبي هريرة قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ دخل رجل يصلي، فافتتح الصلاة وتعوذ، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال له: يا رجل، قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن بسم الله الرحمن الرحيم من الحمد، من تركها فقد ترك آية منها، ومن ترك آية منها فقد قطع صلاته، فإنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، فمن ترك آية منها فقد بطلت صلاته.
وبإسناده عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله» .
واعلم أني نقلت جملة هذه الأحاديث من تفسير الشيخ أبي إسحاق الثعلبي رحمه الله.
الحجة الخامسة: قراءة بسم الله الرحمن الرحيم واجبة في أول الفاتحة وإذا كان كذلك وجب أن تكون آية منها، بيان الأول قوله تعالى: اقرأ باسم ربك [العلق: 1] ولا يجوز أن يقال: الباء صلة زائدة، لأن الأصل أن يكون لكل حرف من كلام الله تعالى فائدة، وإذا كان هذا الحرف مفيدا كان التقدير اقرأ مفتتحا باسم ربك، وظاهر الأمر للوجوب ولم يثبت هذا الوجوب في غير القراءة في الصلاة، فوجب إثباته في القراءة في الصلاة صونا للنص عن التعطيل.


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 175)
الحجة السادسة: التسمية مكتوبة بخط القرآن، وكل ما ليس من القرآن فإنه غير مكتوب بخط القرآن، ألا ترى أنهم يمنعوا من كتابة أسامي السور في المصحف، ومنعوا من العلامات على الأعشار والأخماس، والغرض من ذلك كله أن يمنعوا من أن يختلط بالقرآن ما ليس منه فلو لم تكن التسمية من القرآن لما كتبوها بخط القرآن، ولما أجمعوا على كتبها بخط القرآن، ولما أجمعوا على كتبها بخط القرآن علمنا أنها من القرآن.
الحجة السابعة: أجمع المسلمون على أن ما بين الدفتين كلام الله والتسمية موجودة بين الدفتين، فوجب جعلها من كلام الله تعالى، ولهذا السبب حكينا أن يعلى لما أورد هذا الكلام على محمد بن الحسن بقي ساكتا.
واعلم أن مذهب أبي بكر الرازي أن التسمية من القرآن ولكنها ليست آية من سورة/ الفاتحة، بل المقصود من تنزيلها إظهار الفصل بين السور، وهذان الدليلان لا يبطلان قول أبي بكر الرازي.
الحجة الثامنة: أطبق الأكثرون على أن سورة الفاتحة سبع آيات إلا أن الشافعي رضي الله تعالى عنه، قال:
قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية واحدة، وقوله صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية واحدة، وأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى فإنه قال: بسم الله ليس بآية منها، لكن قوله صراط الذين أنعمت عليهم آية، وقوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية أخرى وسنبين في مسألة مفردة أن قول أبي حنيفة مرجوح ضعيف، فحينئذ يبقى أن الآيات لا تكون سبعا إلا إذا اعتقدنا أن قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية منها تامة.
الحجة التاسعة: أن نقول: قراءة التسمية قبل الفاتحة واجبة، فوجب أن تكون آية منها بيان الأول أن أبا حنيفة يسلم أن قراءتها أفضل، وإذا كان كذلك فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها فوجب أن يجب علينا قراءتها لقوله تعالى: واتبعوه وإذا ثبت وجوب قرأتها ثبت أنها من السورة لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة العاشرة:
قوله عليه السلام: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر أو أجذم وأعظم الأعمال بعد الإيمان بالله الصلاة،
فقراءة الفاتحة فيها بدون قراءة بسم الله يوجب كون هذه الصلاة بتراء، ولفظ الأبتر يدل على غاية النقصان والخلل، بدليل أنه تعالى ذكره في معرض الذم للكافر الذي كان عدوا للرسول عليه السلام فقال: إن شانئك هو الأبتر، [الكوثر: 3] فلزم أن يقال: الصلاة الخالية عن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم تكون في غاية النقصان والخلل وكل من أقر بهذا الخلل النقصان قال بفساد هذه الصلاة، وذلك يدل على أنها من الفاتحة وأنه يجب قراءتها.
الحجة الحادية عشرة: ما
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: «ما أعظم آية في كتاب الله تعالى؟» فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم فصدقه النبي عليه السلام في قوله.
وجه الاستدلال أن هذا الكلام يدل على أن هذا القدر آية، ومعلوم أنها ليست آية تامة في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [النمل: 30] بل هذا بعض آية، فلا بد وأن يكون آية تامة في غير هذا الموضع، وكل من قال بذلك قال إنه آية تامة في أول سورة الفاتحة.
الحجة الثانية عشرة: إن معاوية قدم المدينة فصلى بالناس صلاة يجهر فيها فقرأ أم القرآن/ ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، فلما قضى صلاته ناداه المهاجرون والأنصار من كل ناحية أنسيت؟ أين بسم الله الرحمن


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 176)
الرحيم حين استفتحت القرآن؟ فأعاد معاوية الصلاة وقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وهذا الخبر يدل على إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أنه من القرآن ومن الفاتحة، وعلى أن الأولى الجهر بقراءتها.
الحجة الثالثة عشرة: أن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا عند الشروع في أعمال الخير يبتدئون بذكر بسم الله، فوجب أن يجب على رسولنا صلى الله عليه وسلم ذلك، وإذا ثبت هذا الوجوب في حق الرسول ثبت أيضا في حقنا، وإذا ثبت الوجوب في حقنا ثبت أنه آية من سورة الفاتحة، أما المقدمة الأولى: فالدليل عليها أن نوحا عليه السلام لما أراد ركوب السفينة قال: اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها [هود: 41] وأن سليمان لما كتب إلى بلقيس كتب بسم الله الرحمن الرحيم، فإن قالوا: أليس أن قوله تعالى: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [النمل: 30] يدل على أن سليمان قدم اسم نفسه على اسم الله تعالى؟ قلنا: معاذ الله أن يكون الأمر كذلك، وذلك لأن الطير أتى بكتاب سليمان ووضعه على صدر بلقيس، وكانت المرأة في بيت لا يقدر أحد على الدخول فيه لكثرة من أحاط بذلك البيت من العساكر والحفظة، فعلمت بلقيس أن ذلك الطير هو الذي أتى بذلك الكتاب، وكانت قد سمعت باسم سليمان، فلما أخذت الكتاب قالت هي من عند نفسها: إنه من سليمان، فلما فتحت الكتاب رأت التسمية مكتوبة فقالت: وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. فثبت أن الأنبياء عليهم السلام كلما شرعوا في عمل من أعمال الخير ابتدءوا بذكر بسم الله الرحمن الرحيم، والمقدمة الثانية: أنه لما ثبت هذا في حق سائر الأنبياء وجب أن يجب على رسولنا ذلك، لقوله تعالى: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [الأنعام: 90] وإذا ثبت ذلك في حق الرسول وجب أن يجب علينا ذلك لقوله تعالى:
واتبعوه وإذا ثبت وجوب قراءته علينا ثبت أنه آية من الفاتحة، لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة الرابعة عشرة: أنه تعالى متقدم بالوجود على وجود سائر الموجودات، لأنه تعالى قديم وخالق وغيره محدث ومخلوق، والقديم الخالق يجب أن يكون سابقا على المحدث المخلوق، وإذا ثبت أنه تعالى سابق على غيره وجب بحكم المناسبة العقلية أن يكون ذكره سابقا على ذكر غيره، وهذا السبق في الذكر لا يحصل إلا إذا كان قراءة بسم الله الرحمن الرحيم سابقة على سائر الأذكار والقراءات، وإذا ثبت أن القول بوجوب هذا التقدم حسن في/ العقول وجب أن يكون معتبرا في الشرع
لقوله عليه الصلاة والسلام: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن،
وإذا ثبت وجوب القراءة ثبت أيضا أنها آية من الفاتحة، لأنه لا قائل بالفرق.
الحجة الخامسة عشرة: أن بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أنه من القرآن في سورة النمل ثم إنا نراه مكررا بخط القرآن، فوجب أن يكون من القرآن كما أنا لما رأينا قوله تعالى: فبأي آلاء ربكما تكذبان [الرحمن: 13] وقوله تعالى: فويل يومئذ للمكذبين [المرسلات: 15] مكررا في القرآن بخط واحد وصورة واحدة، قلنا: إن الكل من القرآن.
الحجة السادسة عشرة:
روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب في أول الأمر على رسم قريش «باسمك اللهم» حتى نزل قوله تعالى: اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها [هود: 41] فكتب «بسم الله» فنزل قوله: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن [الإسراء: 110] فكتب «بسم الله الرحمن» فلما نزل قوله تعالى إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم [النمل: 30] كتب مثلها،
وجه الاستدلال أن أجزاء هذه الكلمة كلها من القرآن، ومجموعها


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 177)
من القرآن، ثم إنه ثبت في القرآن فوجب الجزم بأنه من القرآن، إذ لو جاز إخراجه من القرآن مع هذه الموجبات الكثيرة ومع الشهرة لجاز إخراج سائر الآيات كذلك، وذلك يوجب الطعن في القرآن.
الحجة السابعة عشرة: قد بينا أنه ثبت بالتواتر أن الله تعالى كان ينزل هذه الكلمة على محمد عليه الصلاة والسلام وكان يأمر بكتبه بخط المصحف، وبينا أن حاصل الخلاف في أنه هل هو من القرآن فرجع إلى أحكام مخصوصة مثل أنه هل يجب قراءته، وهل يجوز للجنب قراءته، وللمحدث مسه؟ فنقول: ثبوت هذه الأحكام أحوط فوجب المصير إليه،
لقوله عليه الصلاة والسلام: دع ما يريبك إلا ما لا يريبك.
واحتج المخالف بأشياء: الأول: تعلقوا بخبر أبي هريرة، وهو
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله تعالى حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم يقول الله تعالى أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين يقول الله تعالى مجدني عبدي، وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله تعالى هذا بيني وبين عبدي
والاستدلال بهذا الخبر من وجهين: الأول: أنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر التسمية، ولو كانت آية من الفاتحة لذكرها، والثاني: أنه تعالى قال: جعلت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، والمراد من الصلاة الفاتحة، وهذا التنصيف إنما يحصل إذا قلنا إن التسمية/ ليست آية من الفاتحة، لأن الفاتحة سبع آيات فيجب أن يكون فيها لله ثلاث آيات ونصف وهي من قوله الحمد لله إلى قوله إياك نعبد- وللعبد ثلاث آيات ونصف- وهي من قوله وإياك نستعين إلى آخر السورة- أما إذا جعلنا بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة حصل لله أربع آيات ونصف، وللعبد آيتان ونصف، وذلك يبطل التنصيف المذكور.
الحجة الثانية:
روت عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين،
وهذا يدل على أن التسمية ليست آية من الفاتحة.
الحجة الثالثة: لو كان قوله بسم الله الرحمن الرحيم آية من هذه السورة: لزم التكرار في قوله الرحمن الرحيم، وذلك بخلاف الدليل.
والجواب عن الحجة الأولى من وجوه: الأول:
أنا نقلنا أن الشيخ أبا إسحاق الثعلبي روى بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر هذا الحديث عد بسم الله الرحمن الرحيم آية تامة من سورة الفاتحة،
ولما تعارضت الروايتان فالترجيح معنا، لأن رواية الإثبات مقدمة على رواية النفي.
الثاني: روى أبو داود السختياني عن النخعي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإذا قال العبد مالك يوم الدين يقول الله تعالى مجدني عبدي وهو بيني وبين عبدي،
إذا عرفت هذا فنقول: قوله في مالك يوم الدين هذا بيني وبين عبدي، يعني في القسمة، وإنما يكون كذلك إذا حصلت ثلاثة قبلها وثلاثة بعدها، وإنما يحصل ثلاثة قبلها لو كانت التسمية آية من الفاتحة فصار هذا الخبر حجة لنا من هذا الوجه.
الثالث: أن لفظ النصف كما يحتمل النصف في عدد الآيات فهو أيضا يحتمل النصف في المعنى،
قال عليه الصلاة والسلام: الفرائض نصف العلم،
وسماه بالنصف من حيث إنه بحث عن أحوال الأموات، والموت والحياة قسمان، وقال شريح: أصبحت ونصف الناس علي غضبان، سماه نصفا من حيث إن بعضهم راضون وبعضهم ساخطون،
الرابع: إن دلائلنا في أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة صريحة، وهذا الخبر الذي تمكسوا به ليس المقصود منه بيان أن بسم


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 178)
الله الرحمن الرحيم هل هي من الفاتحة أم لا، لكن المقصود منه بيان شيء آخر، فكانت دلائلنا أقوى وأظهر.
الخامس: أنا بينا أن قولنا أقرب إلى الاحتياط.
والجواب عن حجتهم الثانية ما قال الشافعي فقال: لعل عائشة جعلت الحمد لله رب العالمين اسما لهذه السورة، كما يقال: قرأ فلان «الحمد لله الذي خلق السموات» والمراد أنه قرأ هذه/ السورة، فكذا هاهنا، وتمام الجواب عن خبر أنس سيأتي بعد ذلك.
والجواب عن الحجة الثالثة أن التكرار لأجل التأكيد كثير في القرآن، وتأكيد كون الله تعالى رحمانا رحيما من أعظم المهمات، والله أعلم.

المسألة السابعة: في بيان عدد آيات هذه السورة، رأيت في بعض الروايات الشاذة أن الحسن البصري كان يقول: هذه السورة ثمان آيات، فأما الرواية المشهورة التي أطبق الأكثرون عليها أن هذه السورة سبع آيات، وبه فسروا قوله تعالى: ولقد آتيناك سبعا من المثاني [الحجر: 87] إذا ثبت هذا فنقول: الذين قالوا إن بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة قالوا إن قوله: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية تامة، وأما أبو حنيفة فإنه لما أسقط التسمية من السورة لا جرم قال قوله: صراط الذين أنعمت عليهم آية، وقوله: غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية أخرى، إذا عرفت هذا فنقول: الذي قاله الشافعي أولى، ويدل عليه وجوه: الأول: أن مقطع قوله صراط الذين أنعمت عليهم لا يشابه مقطع الآيات المتقدمة ورعاية التشابه في المقاطع لازم، لأنا وجدنا مقطاع القرآن على ضربين متقاربة ومتشاكلة فالمتقاربة كما في سورة «ق» والمتشاكلة كما في سورة القمر، وقوله: أنعمت عليهم ليس من القسمين، فامتنع جعله من المقاطع.
الثاني: أنا إذا جعلنا قوله غير المغضوب عليهم ابتداء آية فقد جعلنا أول الآية لفظ غير، وهذا اللفظ إما أن يكون صفة لما قبله أو استثناء عما قبله، والصفة مع الموصوف كالشيء الواحد، وكذلك الاستثناء مع المستثنى منه كالشيء الواحد وإيقاع الفصل بينهما على خلاف الدليل، أما إذا جعلنا قوله صراط الذين أنعمت عليهم إلى آخر السورة آية واحدة، كنا قد جعلنا الموصوف مع الصفة والمستثنى مع المستثنى منه كلاما واحدا وآية واحدة، وذلك أقرب إلى الدليل. الثالث: أن المبدل منه في حكم المحذوف، فيكون تقدير الآية اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم لكن طلب الاهتداء بصراط من أنعم الله عليهم لا يجوز إلا بشرطين: أن يكون ذلك المنعم عليه غير مغضوب عليه، ولا ضالا، فإنا لو أسقطنا هذا الشرط لم يجز إلا الاهتداء به، والدليل عليه قوله تعالى: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا [إبراهيم: 28] وهذا يدل على أنه قد أنعم عليهم إلا أنهم لما صاروا من زمرة المغضوب عليهم ومن زمرة الضالين لا جرم لم يجز الاهتداء بهم، فثبت أنه لا يجوز فصل قوله: صراط الذين أنعمت عليهم عن قوله: غير المغضوب عليهم بل هذا المجموع كلام واحد، فوجب القول بأنه آية واحدة، فإن قالوا: أليس أن قوله الحمد لله رب العالمين آية واحدة، وقوله/ الرحمن الرحيم آية ثانية، ومع أن هذه الآية غير مستقلة بنفسها، بل هي متعلقة بما قبلها؟ قلنا: الفرق أن قوله الحمد لله رب العالمين كلام تام بدون قوله الرحمن الرحيم، فلا جرم لم يمتنع أن يكون مجرد قوله الحمد لله رب العالمين آية تامة، ولا كذلك هذا، لما بينا أن مجرد قوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ليس كلاما تاما، بل ما لم يضم


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 179)
إليه قوله غير المغضوب عليهم ولا الضالين لم يصح قوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، فظهر الفرق.
المسألة الثامنة: ذكر بعض أصحابنا قولين للشافعي في أن بسم الله الرحمن الرحيم هل هي آية من أوائل سائر السور أم لا: أما المحققون من الأصحاب فقد اتفقوا على أن بسم الله قرآن من سائر السور، وجعلوا القولين في أنها هل هي آية تامة وحدها من أول كل سورة أو هي وما بعدها آية، وقال بعض الحنفية إن الشافعي خالف الإجماع في هذه المسألة لأن أحدا ممن قبله لم يقل إن بسم الله آية من أوائل سائر السور، ودليلنا أن بسم الله مكتوب في أوائل السور بخط القرآن فوجب كونه قرآنا، واحتج المخالف بما
روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سورة الملك: إنها ثلاثون آية، وفي سورة الكوثر: إنها ثلاث آيات،
ثم أجمعوا على أن هذا العدد حاصل بدون التسمية، فوجب أن لا تكون التسمية آية من هذه السور، والجواب أنا إذا قلنا بسم الله الرحمن الرحيم مع ما بعده آية واحدة فهذا الإشكال زائل، فإن قالوا: لما اعترفتم بأنها آية تامة من أول الفاتحة فكيف يمكنكم أن تقولوا إنها بعض آية من سائر السور؟ قلنا: هذا غير بعيد، ألا ترى أن قوله الحمد لله رب العالمين آية تامة، ثم صار مجموع قوله: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [يونس: 10] آية واحدة: فكذا هاهنا وأيضا فقوله سورة الكوثر ثلاث آيات يعني ما هو خاصية هذه السورة ثلاث آيات، وأما التسمية فهي كالشيء المشترك فيه بين جميع السور، فسقط هذا السؤال.
الجهر بالبسملة في الصلاة:
المسألة التاسعة [الجهر بالبسملة في الصلاة] : يروى عن أحمد بن حنبل أنه قال: التسمية آية من الفاتحة إلا أنه يسر بها في كل ركعة، وأما الشافعي فإنه قال: إنها آية منها ويجهر بها، وقال أبو حنيفة: ليست آية من الفاتحة إلا أنها يسر بها في كل ركعة ولا يجهر بها أيضا، فنقول: الجهر بها سنة، ويدل عليه وجوه وحجج.
الحجة الأولى: قد دللنا على أن التسمية آية من الفاتحة، وإذا ثبت هذا فنقول: الاستقراء دل على أن السورة الواحدة إما أن تكون بتمامها سرية أو جهرية، فأما أن يكون بعضها سريا/ وبعضها جهريا فهذا مفقود في جميع السور، وإذا ثبت هذا كان الجهر بالتسمية مشروعا في القراءة الجهرية.
الحجة الثانية: أن قوله بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أنه ثناء على الله وذكر له بالتعظيم فوجب أن يكون الإعلان به مشروعا لقوله تعالى: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا [البقرة: 200] ومعلوم أن الإنسان إذا كان مفتخرا بأبيه غير مستنكف منه فإنه يعلن بذكره ويبالغ في إظهاره أما إذا أخفى ذكره أو أسره دل ذلك على كونه مستنكفا منه، فإذا كان المفتخر بأبيه يبالغ في الإعلان والإظهار وجب أن يكون إعلان ذكر الله أولى عملا بقوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا.
الحجة الثالثة: هي أن الجهر بذكر الله يدل على كونه مفتخرا بذلك الذكر غير مبال بإنكار من ينكره، ولا شك أن هذا مستحسن في العقل، فيكون في الشرع كذلك،
لقوله عليه السلام: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن»
ومما يقوي هذا الكلام أيضا أن الإخفاء والسر لا يليق إلا بما يكون فيه عيب ونقصان فيخفيه الرجل ويسره، لئلا ينكشف ذلك العيب. أما الذي يفيد أعظم أنواع الفخر والفضيلة والمنقبة فكيف يليق بالعقل إخفائه؟ ومعلوم أنه لا منقبة للعبد أعلى وأكمل من كونه ذاكرا الله بالتعظيم، ولهذا
قال عليه السلام: «طوبى لمن


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 180)
مات ولسانه رطب من ذكر الله»
وكان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: يا من ذكره شرف للذاكرين.
ومثل هذا كيف يليق بالعاقل أن يسعى في إخفائه؟ ولهذا السبب
نقل أن عليا رضي الله عنه كان مذهبه الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات،
وأقول إن هذه الحجة قوية في نفسي راسخة في عقلي لا تزول البتة بسبب كلمات المخالفين.
الحجة الرابعة: ما رواه الشافعي بإسناده، أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم، ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكبر عند الخفض إلى الركوع والسجود، فلما سلم ناداه المهاجرون والأنصار. يا معاوية، سرقت منا الصلاة، أين بسم الله الرحمن الرحيم؟ وأين التكبير عند الركوع والسجود؟ ثم إنه أعاد الصلاة مع التسمية والتكبير، قال الشافعي: إن معاوية كان سلطانا عظيم القوة شديد الشوكة فلولا أن الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كل الصحابة من المهاجرين والأنصار وإلا لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية.
الحجة الخامسة:
روى البيهقي في «السنن الكبير» عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم،
ثم إن الشيخ البيهقي روى الجهر عن/ عمر بن الخطاب، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وأما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه
قوله عليه السلام: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.
الحجة السادسة: أن قوله بسم الله الرحمن الرحيم يتعلق بفعل لا بد من إضماره، والتقدير بإعانة اسم الله اشرعوا في الطاعات، أو ما يجري مجرى هذا المضمر، ولا شك أن استماع هذه الكلمة ينبه العقل على أنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله، وينبه العقل على أنه لا يتم شيء من الخيرات والبركات إلا إذا وقع الابتداء فيه بذكر الله، ومن المعلوم أن المقصود من جميع العبادات والطاعات حصول هذه المعاني في العقول، فإذا كان استماع هذه الكلمة يفيد هذه الخيرات الرفيعة والبركات العالية دخل هذا القائل تحت قوله: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، [آل عمران: 110] لأن هذا القائل بسبب إظهار هذه الكلمة أمر بما هو أحسن أنواع الأمر بالمعروف، وهو الرجوع إلى الله بالكلية والاستعانة بالله في كل الخيرات، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يليق بالعاقل أن يقول إنه بدعة.
واحتج المخالف بوجوه وحجج: الحجة الأولى:
روى البخاري بإسناده عن أنس أنه قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، وروى مسلم هذا الخبر في «صحيحه» ، وفيه أنهم لا يذكرون «بسم الله الرحمن الرحيم» وفي رواية أخرى «ولم أسمع أحدا منهم قال بسم الله الرحمن الرحيم» وفي رواية رابعة «فلم يجهر أحد منهم ببسم الله الرحمن الرحيم» .
الحجة الثانية: ما
روى عبد الله بن المغفل أنه قال: سمعني أبي وأنا أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال:
يا بني إياك والحدث في الإسلام، فقد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وعثمان، فابتدءوا القراءة بالحمد لله رب العالمين، فإذا صليت فقل: الحمد لله رب العالمين،
وأقول: إن أنسا وابن المغفل خصصا عدم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم بالخلفاء الثلاثة، ولم يذكرا عليا، وذلك يدل على إطباق الكل على أن عليا كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 181)
الحجة الثالثة: قوله تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية، [الأعراف: 55] واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة [الأعراف: 205] وبسم الله الرحمن الرحيم ذكر الله، فوجب إخفاؤه، وهذه الحجة استنبطها الفقهاء/ واعتمادهم على الكلامين الأولين.
والجواب عن خبر أنس من وجوه: الأول: قال الشيخ أبو حامد الإسفرايني: روي عن أنس في هذا الباب ست روايات، أما الحنفية فقد رووا عنه ثلاث روايات: إحداها:
قوله صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين.
وثانيتها:
قوله: إنهم ما كانوا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم.
وثالثتها:
قوله: لم أسمع أحدا منهم قال بسم الله الرحمن الرحيم،
فهذه الروايات الثلاث تقوي قول الحنفية، وثلاث أخرى تناقض قولهم: إحداها: ما ذكرنا أن أنسا روى أن معاوية لما ترك بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة أنكر عليه المهاجرون والأنصار، وقد بينا أن هذا يدل على أن الجهر بهذه الكلمات كالأمر المتواتر فيما بينهم. وثانيتها:
روى أبو قلابة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
وثالثتها: أنه سئل عن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والإسرار به فقال:
لا أدري هذه المسألة فثبت أن الرواية عن أنس في هذه المسألة قد عظم فيها الخبط والاضطراب، فبقيت متعارضة فوجب الرجوع إلى سائر الدلائل، وأيضا ففيها تهمة أخرى، وهي أن عليا عليه السلام كان يبالغ في الجهر بالتسمية، فلما وصلت الدولة إلى بني أمية بالغوا في المنع من الجهر، سعيا في إبطال آثار علي عليه السلام، فلعل أنسا خاف منهم فلهذا السبب اضطربت أقواله فيه، ونحن وإن شككنا في شيء فإنا لا نشك أنه مهما وقع التعارض بين قول أنس وابن المغفل وبين قول علي بن أبي طالب عليه السلام الذي بقي عليه طول عمره فإن الأخذ بقول علي أولى، فهذا جواب قاطع في المسألة.
ثم نقول: هب أنه حصل التعارض بين دلائلكم ودلائلنا، إلا أن الترجيح معنا، وبيانه من وجوه: الأول:
أن راوي أخباركم أنس وابن المغفل، وراوي قولنا علي بن أبي طالب عليه السلام وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة، وهؤلاء كانوا أكثر علما وقربا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنس وابن المغفل. والثاني: أن مذهب أبي حنيفة أن خبر الواحد إذا ورد على خلاف القياس لم يقبل، ولهذا السبب فإنه لم يقبل خبر المصراة مع أنه لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأن القياس يخالفه إذا ثبت هذا فنقول قد بينا أن صريح العقل ناطق بأن إظهار هذه الكلمة أولى من إخفائها، فلأي سبب رجح قول أنس وقول ابن المغفل على هذا البيان الجلي البديهي؟ والثالث: أن من المعلوم بالضرورة أن النبي/ عليه السلام كان يقدم الأكابر على الأصاغر، والعلماء على غير العلماء، والأشراف على الأعراب، ولا شك أن عليا وابن عباس وابن عمر كانوا أعلى حالا في العلم والشرف وعلو الدرجة من أنس وابن المغفل، والغالب على الظن أن عليا وابن عباس وابن عمر كانوا يقفون بالقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أنس وابن المغفل يقفان بالعبد منه، وأيضا أنه عليه السلام ما كان يبالغ في الجهر امتثالا لقوله تعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها [الإسراء: 110] وأيضا فالإنسان أول ما يشرع في القراءة إنما يشرع فيها بصوت ضعيف ثم لا يزال يقوى صوته ساعة فساعة، فهذه أسباب ظاهرة في أن يكون علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة سمعوا الجهر بالتسمية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أنسا وابن المغفل ما سمعاه. الرابع:
قال الشافعي: لعل المراد من قول أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين أنه كان يقدم


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 182)
هذه السورة في القراءة على غيرها من السور فقوله الحمد لله رب العالمين المراد منه تمام هذه فجعل هذه اللفظة اسما لهذه السورة. الخامس: لعل المراد، من عدم الجهر في حديث ابن المغفل عدم المبالغة في رفع الصوت، كما قال تعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها [الإسراء: 110] . السادس: الجهر كيفية ثبوتية، والإخفاء كيفية عدمية، والرواية المثبتة أولى من النافية. السابع: أن الدلائل العقلية موافقة لنا، وعمل علي بن أبي طالب عليه السلام معنا، ومن اتخذ عليا إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه.
وأما التمسك بقوله تعالى: واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة [الأعراف: 205] فالجواب أنا نحمل ذلك على مجرد الذكر، أما قوله بسم الله الرحمن الرحيم فالمراد منه قراءة كلام الله تعالى على سبيل العبادة والخضوع، فكان الجهر به أولى.
المسألة العاشرة: في تفاريع التسمية وفيه فروع: - فروع أحكام التسمية:
الفرع الأول: قالت الشيعة: السنة هي الجهر بالتسمية، سواء كانت في الصلاة الجهرية أو السرية، وجمهور الفقهاء يخالفونهم فيه.
الفرع الثاني: الذين قالوا التسمية ليست آية من أوائل السور اختلفوا في سبب إثباتها في المصحف في أول كل سورة وفيه قولان: الأول: أن التسمية ليست من القرآن، وهؤلاء فريقان: منهم من قال إنها كتبت للفصل بين السور، وهذا الفصل قد صار الآن معلوما فلا حاجة إلى إثبات التسمية، فعلى هذا لو لم تكتب لجاز، ومنهم من قال: إنه يجب إثباتها/ في المصاحف، ولا يجوز تركها أبدا. والقول الثاني: أنها من القرآن، وقد أنزلها الله تعالى، ولكنها آية مستقلة بنفسها، وليست آية من السورة، وهؤلاء أيضا فريقان: منهم من قال:
إن الله تعالى كان ينزلها في أول كل سورة على حدة ومنهم من قال: لا، بل أنزلها مرة واحدة، وأمر بإثباتها في أول كل سورة، والذي يدل على أن الله تعالى أنزلها، وعلى أنها من القرآن ما
روي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية فاصلة،
وعن إبراهيم بن يزيد قال: قلت لعمرو بن دينار: إن الفضل الرقاشي يزعم أن بسم الله الرحمن الرحيم ليس من القرآن، فقال: سبحان الله ما أجرأ هذا الرجل!
سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت ابن عباس يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها،
وعن عبد الله بن المبارك أنه قال: من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية، وروي مثله عن ابن عمر، وأبي هريرة.
الفرع الثالث: القائلون بأن التسمية آية من الفاتحة وأن الفاتحة يجب قراءتها في الصلاة لا شك أنهم يوجبون قراءة التسمية أما الذين لا يقولون به فقد اختلفوا، فقال أبو حنيفة وأتباعه والحسن بن صالح بن جني وسفيان الثوري وابن أبي ليلى: يقرأ التسمية سرا، وقال مالك: لا ينبغي أن يقرأها في المكتوبة لا سرا ولا جهرا، وأما في النافلة فإن شاء قرأها وإن شاء ترك.
الفرع الرابع: مذهب الشافعي يقتضي وجوب قراءتها في كل الركعات، أما أبو حنيفة فعنه روايتان روى يعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يقرأها في كل ركعة قبل الفاتحة، وروى أبو يوسف ومحمد والحسن بن


تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (1/ 183)
زياد ثلاثتهم جميعا عن أبي حنيفة، أنه قال: إذا قرأها في أول ركعة عند ابتداء القراءة لم يكن عليه أن يقرأها في تلك الصلاة حتى يفرغ منها، قال: وإن قرأها مع كل سورة فحسن.
الفرع الخامس: ظاهر قول أبي حنيفة أنه لما قرأ التسمية في أول الفاتحة فإنه لا يعيدها في أوائل سائر السور، وعند الشافعي أن الأفضل إعادتها في أول كل سورة،
لقوله عليه السلام كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر.
الفرع السادس: اختلفوا في أنه هل يجوز للحائض والجنب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ والصحيح عندنا أنه لا يجوز.
اشکال فخر رازی بر تواتر قرائات سبع






****************
ارسال شده توسط:
عباس
Tuesday - 30/4/2024 - 21:42

نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني: 2/ 233

وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا آيَةٌ فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ وَلَا خِلَافَ فِي إثْبَاتِهَا خَطًّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فِي الْمُصْحَفِ إلَّا فِي أَوَّلِ سُورَةِ التَّوْبَةِ. وَأَمَّا التِّلَاوَةُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ فِي أَوَّلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ إذَا ابْتَدَأَ بِهَا الْقَارِئُ مَا خَلَا سُورَةَ التَّوْبَةِ. وَأَمَّا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ مَعَ الْوَصْلِ بِسُورَةٍ قَبْلَهَا فَأَثْبَتَهَا ابْنُ كَثِيرٍ وقالون وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ مِنْ الْقُرَّاءِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ إلَّا أَوَّلَ سُورَةِ التَّوْبَةِ وَحَذَفَهَا مِنْهُمْ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَوَرْشٌ وَابْنُ عَامِرٍ.






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 1/5/2024 - 9:29

النشر في القراءات العشر (1/ 263)

(الثالث) أن كلا من الفاصلين بالبسملة والواصلين والساكتين إذا ابتدأ سورة من السور بسمل بلا خلاف عن أحد منهم، إلا إذا ابتدأ (براءة) كما سيأتي، سواء كان الابتداء عن وقف أم قطع، أما على قراءة من فصل بها فواضح، وأما على قراءة من ألغاها فللتبرك والتيمن، ولموافقة خط المصحف ; لأنها عند من ألغاها إنما كتبت لأول السورة تبركا، وهو لم يلغها في حالة الوصل إلا لكونه لم يبتدئ، فلما ابتدأ لم يكن بد من الإتيان بها؛ لئلا يخالف المصحف وصلا ووقفا، فيخرج عن الإجماع، فكأن ذلك عنده كهمزات الوصل تحذف وصلا وتثبت ابتداء ; ولذلك لم يكن بينهم خلاف في إثبات البسملة أول الفاتحة سواء وصلت بسورة الناس قبلها أو ابتدئ بها لأنها ولو وصلت لفظا فإنها مبتدأ بها حكما ; ولذلك كان الواصل هنا حالا مرتحلا، وأما ما رواه الخرقي عن ابن سيف، عن الأزرق، عن ورش أنه ترك البسملة أول الفاتحة فالخرقي هو شيخ الأهوازي، وهو محمد بن عبد الله بن القاسم مجهول لا يعرف إلا من جهة الأهوازي، ولا يصح ذلك عن ورش، بل المتواتر عنه خلافه، قال الحافظ أبو عمرو في كتابه " الموجز ": اعلم أن عامة أهل الأداء من مشيخة المصريين رووا أداء عن أسلافهم، عن أبي يعقوب، عن ورش أنه كان يترك البسملة بين كل سورتين في جميع القرآن إلا في أول فاتحة الكتاب، فإنه يبسمل في أولها لأنها أول القرآن، فليس قبلها سورة يوصل آخرها بها.






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Tuesday - 7/5/2024 - 9:52

در فتاوای عامه

فتاوی دارالافتاء المصریه

ما الحكم الشرعي فيمن يقوم بقراءة الفاتحة وسورة من القرآن الكريم في الصلاة دون البدء بالبسملة؟

 

الجواب

 

 أجمع العلماءُ على أن البسملةَ الواردةَ في سورة النمل هي جزء من آية في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: 30]، ولكنهم اختلفوا فيها أهي آية من أول الفاتحة ومن أول كل سورة، أم لا؟ على أقوال:
الأول: هي آيةٌ من الفاتحة ومن كل سورة، وهو مذهب الشافعي رحمه الله.
الثاني: ليست آيةً لا من الفاتحة ولا من شيءٍ من سور القرآن، وهو مذهب مالك رحمه الله.
الثالث: هي آيةٌ تامّة من القرآن أنزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله.
وترتيبًا على ذلك اختلف الفقهاء في حكم قراءة البسملة في الصلاة:
1- ذهب مالك رحمه الله إلى منعِ قراءتها في الصلاة المكتوبة جهرًا كانت أو سرًّا لا في استفتاح أمّ القرآن ولا في غيرها من السور، وأجازوا قراءتها في النافلة.
2- وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنّ المصلّي يقرؤها سرًّا مع الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة، وإن قرأَها مع كل سورة فحسنٌ.
3- وقال الشافعي رحمه الله: يقرؤها المصلي وجوبًا في الجهر جهرًا وفي السر سرًّا.
4- وقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: يقرؤها سرًّا ولا يُسنّ الجهر بها.
ونقول للسائل بعد هذا البيان: لك أن تتبع أيّ مذهب من هذه المذاهب؛ فالكل على صوابٍ ولكلٍّ دليله، ولتبعد عنك وساوس الشيطان حتى لا يُفسِدَ عليك عبادتك. ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

 

[هل هناك من القراء من يعد البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة؟]
ـ[أبو يوسف الشافعى]ــــــــ[05 - 05 - 10, 08:08 ص]ـ
أرجو الإيضاح
ـ[أم عمران السلفية]ــــــــ[06 - 05 - 10, 02:58 ص]ـ
لم يختلف ائمة القراءات في قراءة البسملة في أوائل السور، وقد اتفق الصحابة رضي الله عنهم على إثباتها في أوائل السور إلا سورة التوبة وذلك في المصحف الذي كتبه عثمان بن عفان رضي الله عنه وبعث به إلى الأمصار .. و هناك من استدل على أن االبسملة ليست من الفاتحة لماثبت في صحيح البخاري من حديث ابي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
"اختلف العلماء في البسملة، هل هي آية من أول كل سورة، أو من الفاتحة فقط، أو ليست آية مطلقا، أما قوله في سورة النمل: {إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمن الرحيم} فهي آية من القرآن إجماعا.
وأما سورة " براءة ": فليست البسملة آية منها اجماعا، واختلف فيما سوى هذا، فذكر بعض أهل الأصول أن البسملة ليست من القرآن، وقال قوم: هي منه في الفاتحة فقط، وقيل: هي آية من أول كل سورة، وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.
ومن أحسن ما قيل في ذلك: الجمع بين الأقوال: بأن البسملة في بعض القراءات - كقراءة ابن
كثير - آية من القرآن، وفي بعض القرآءات ليست آية.
مذكرة في أصول الفقه " (ص 66، 67)
وللمزيد من الفائدة وتفاديا للتكرار انظر الرابط فبعض الاخوة ناقشو هذه المسألة في الملتقى.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=30930
للمعلومة أحد الاخوة أشار إلى كتاب الباعث الحثيث شرح إختصار علوم الحديث (أحمد شاكر) لم يذكر الصفحة أو الباب، فراجعت الكتاب: باب المعلل من الحديث (ص 74،75)
ـ[عمار الأثري]ــــــــ[06 - 05 - 10, 03:46 ص]ـ
عندنا في علم الفواصل والعدد يوجد من يعد البسملة فقط في الفاتحة
ولا يوجد في علماء العدد قط من يعد البسملة في غيرها
ـ[نافع أبو نور]ــــــــ[06 - 05 - 10, 03:48 ص]ـ
في ما يلي كتاب مفيد في المسألة للشيخ الليبي أحمد العالم
ـ[نافع أبو نور]ــــــــ[06 - 05 - 10, 03:58 ص]ـ
حكم البسملة في القرآن الكريم
--------
ج 19، ص331 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - هل هناك من القراء من يعد البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة - المكتبة الشاملة الحديثة
--------
الرابط:https://al-maktaba.org/book/31616/9333#p1 

 

وأما السكت: فإن آخر السورة الأولى وأول السورة الثانية آيتان وسورتان وفيه إشعار بالإنفصال لكنهم رجحوا واستحسنوا السكت في أربع سور وهن ما أوله لا , وذلك ما جاء في قوله تعالى: في آخر سورة المدثر (هو أهل التقوى وأهل المغفرة)
ذكر بعدها مباشرة قوله تعالى (لا أقسم بيوم القيامة) (القيامة 1)
وكرهوا ذكر لا بعد ذكر الجنة في مثل قوله تعالى: في آخر سورة الفجر (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
ذكر بعدها مباشرة (لا أقسم بهذا البلد) (البلد 1)
وكرهوا الوصل بين قوله تعالى (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) (الانفطار 19) , وبين قوله (ويل للمطففين) (المطففين 1)
كما كرهوا الوصل بين قوله (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) (العصر 3) وبين قوله (ويل لكل همزة لمزة) (الهمزة 1)
والكراهة إنما هي للتلاصق لا للبس وأما السكت فلحصول الفصل الدافع للتوهم.
واتفق جميع العلماء على عدم البسملة وصلا وابتداء بين سورتي الأنفال وبراءة لأن البسملة أمان وبراءة ليس فيها أما لنزولها بالسيف أو لأن قصة إحدى السورتين شبيهة بقصة الأخرى وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البيان فظن وحدتهما.
وهذا القول مردود , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز له أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة , كما قال علماء أصول الفقوالصحيح ما ذكر السيوطي في كتابه الإتقان أن التسمية لم تكن فيها , لأن جبريل لم ينزل بها.
وقد اتفق القراء على الإتيان بالبسملة في أول سورة ما عدا سورة براءة أما أجزاء السور في غير براءة فالقارئ مخير فيها بين الإتيان والترك.
وقال: وليحافظ على قراءة البسملة أول كل سورة غير براءة , لأم أكثر العلماء نص على أنها آية فإذا أخل بها القاريء كان تاركا لبعض الختمة عند الأكثرين وإذا قرأ من أثناء السورة استحب له ذلك أيضا.
وبعد أن ذكرنا آراء علماء القراءات في حكم البسملة , نذكر الآن رأي الفقهاء في حكم البسملة هل هي آية من سورة النمل فقط؟ أن آية من الفاتحة؟ أم آية من القرآن الكريم؟
ونذكر آراء الفقهاء وأدلتهم وما يترتب على هذا الخلاف من أثار فقهية مستعينين بالله تعالى في بيان هذا الخلاف:
آراء الفقهاء في حكم البسملة
رأي أبي حنيفة: يرى الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه أن البسملة آية تامة من القرآن الكريم أنزلت للفصل بين السور وليست آية من الفاتحة.
رأي مالك: ويرى الإمام مالك رضي الله عنه أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من شيء من سور القرآن.
رأي الشافعية والحنابلة: ويرى الشافعية والحنابلة رضي الله عنهما أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة.
دليل الحنفية: واستدل الحنفية على ما ذهبوا إليه بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فضل السورة , وأنها قد انتهت حتى ينزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم) واستدلوا بالأحاديث الواردة التي تدل على عدم قراءة البسملة في الصلاة الجهرية قبل قراءة الفاتحة وحكموا بأن البسملة آية من سورة النمل وهي آية من القرآن الكريم وليست آية من الفاتحة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وكثيرا من أصحابه رضي الله عنهم كانوا لا يجهرون بالبسملة أثناء صلاتهم.
كما قالوا: إن كتابة البسملة في المصحف يدل على أنها من القرآن ولكن هذا لا يدل على أنها آية من كل سورة واستدلوا على قرآنيتها بتنزيلها.
وقالوا: إن مجرد تنزيل البسملة يستلزم قرآنيتها.الفاتحة أم لا؟ فعدها قراء الكوفة آية منها ولم يعدها قراء البصريين.
وقال: وحكي شيخنا أبوالحسن الكرخي عدم الجهر بها وهذا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة ومذهب أصحابنا أنها ليست بآية من أوائل السور لترك الجهر بها ولأنها إذا لم تكن من فاتحة الكتاب فكذلك حكمها في غيرها.
ثم يقول: ومما يدل على أنها ليست من أوائل السور ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سورة في القرآن ثلاثون آية شفهت لصاحبها حتى غفر له (تبارك الذي بيده الملك) , وقال الترمذي هذا حديث حسن.
¥
--------
ص332 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - هل هناك من القراء من يعد البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة - المكتبة الشاملة الحديثة
--------
الرابط:https://al-maktaba.org/book/31616/9334#p1

 

ولو كانت البسملة آية من سورة الملك لكانت ‘حدى وثلاثين آية وهذا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم لأنه عد السورة ثلاثين آية فقط يدل على أن البسملة ليسة آية من الفاتحة أو من أوائل السور , إجماع القراء والفقهاء على أن سورة الكوثر ثلاث آيات ولو كانت البسملة آية منها لكان عدد آياتها أربع آيات لا ثلاث.
وعلى هذا القول تكون البسملة عند الحنفية ليست من الفاتحة ولا من أوائل السور وإنما جيء بها للفصل بين السور فقط وهي آية من القرآن الكريم فقط.
دليل المالكية: واستدل المالكية على ما ذهبوا إليه بأن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من القرآن وإنما جيء بها للتبرك فقط بالأدلة الآية: استدلوا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صليت
وقال الجصاص في كتابه أحكام وهو حنفي المذهب: وقد اختلف العلماء في البسملة أهي آية منخلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون (بالحمد لله رب العالمين)
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) إذا افتتح الصلاة.
وفي هذا الحديث دليل على أن البسملة ليست آية من الفاتحة أو من القرآن الكريم لأنها لو كانت من الفاتحة أو القرآن لسمعها الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن ثبت أن أبابكر وعمر وعثمان كانوا لا يقرءون البسملة فإن هذا يدل على عدم ثبوتها آية من الفاتح أو القرآن كما استدلوا أيضا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عزوجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل , فإن قال العبد (الحمد لله رب العالمين) قال الله تعالي: حمدني عبدي. وإذا قال العبد (الرحمن الرحيم) قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال العبد (مالك يوم الدين) قال الله تعالى: مجدني عبدي. فإذا قال (إياك نعبد وإياك نستعين) قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال (إهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغصوب عليهم ولا الضالين) قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
ووجه الدلالة من هذا: أن قوله عزوجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي , يريد بالصلاة هنا: الفاتحة وسماها صلاة لأن الصلاة لا تصح إلا بالفاتحة فلو كانت البسملة آية من الفاتحة لذكرت في
هذا الحديث القدسي الشريف.
واستدل المالكية أيضا بقولهم: لو كانت البسملة آية من الفاتحة لكان هناك تكرار في (الرحمن الرحيم) في وصفين: واصبحت السورة هكذا (بسم الله الرحمن الرحيم) (الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم) وذلك مخل ببلاغة النظم الكريم.
كما استدلوا أيضا بقولهم: إن كتابة البسملة في أوائل السور وإنما هو للتبرك: ولامتثال الأمر بطلبها والبدء بها في أوائل الأمور وهي وإن تواترت كتابتها في أوائل السور فلم يتواتر كونها قرآنا فيها.
ويقول ابن العربي: ويكفيك أنها ليست من القرآن إختلاف الناس الناس فيها والقرآن لا يختلف فيه والأخبار الصحاح التي اتفق عليها العلماء ولم يرد عليها طعن تدل على أن البسملة لسيت آية من الفاتحة ولا غيرها إلا في النمل وحدها.
ثم يقول: إن مذهبنا يترجح في ذلك بوجه عظيم وهو المنقول وذلك أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة انقضت عليه العصور , ومرت عليه الأزمنة والدهور , من لدن رسول الله صلى الله عدليل الشافعية والحنابلة: استدل الشافعية والحنابلة على أن البسملة آية من الفاتحة بما يأتي: عن قتادة رضي الله عنه قال: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلام فقال: كانت مدا ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم.
وهذا الحديث يدل على مشروعية قراءة البسملة وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد قراءته في البسملة وقد استدل بهذا الحديث القابلون بقراءة البسملة في الصلاة , لأن كون قراءته على الصفة التي وصفها أنس تستلزم سماع أنس لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ذكره أنس يدل على مطلق قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارجها.
¥
--------
ص333 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - هل هناك من القراء من يعد البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة - المكتبة الشاملة الحديثة
--------
الرابط:https://al-maktaba.org/book/31616/9335#p1

 

واستدلوا أيضا بما روته السيدة أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) (الحمد لله رب العالمين) وعد البسملة آية من الفاتحة.
كما أن الصحابة رضوان الله عليه أجمعين أثبتوا البسملة فيما جمعوا من القرآن وكتبوها في المصحف من غير أن ينكر عليهم أحد صنيعهم فدل ذلك على أن البسملة آية من الفاتحة.
المناقشة
يتضح لنا مما ذكرناه من أدلة الفقهاء أن كل واحد منهم حاول أم يؤكد رأيه بما ذكره من أدلة فيرى أبوحنيفة فيما ذهب إليه أن البسملة آية من القرآن الكريم وقال الشافعية والحنابلة أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة أنا الإمام مالك رضي الله عنه فقد قال: إن البسملة ليست آية من الفاتحة أو من القرآن ما عدا ما جاء في سورة النمل.
ليه وسلم إلى زمان الإمام مالك رضي الله عنه ولم يقرأ فيه أحد قد (بسم الله الرحمن الرحيم) إتباعا للسنة.
بيد أن أصحابنا استحبوا قراءتها في النفل , وعليه تحمل الآثار الواردة في قراءتها.
دليل الشافعية والحنابلة: استدل الشافعية والحنابلة على أن البسملة آية من الفاتحة بما يأتي: عن قتادة رضي الله عنه قال: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلام فقال: كانت مدا ثم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم.
وهذا الحديث يدل على مشروعية قراءة البسملة وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد قراءته في البسملة وقد استدل بهذا الحديث القابلون بقراءة البسملة في الصلاة , لأن كون قراءته على الصفة التي وصفها أنس تستلزم سماع أنس لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ذكره أنس يدل على مطلق قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارجها.
واستدلوا أيضا بما روته السيدة أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) (الحمد لله رب العالمين) وعد البسملة آية من الفاتحة.
كما أن الصحابة رضوان الله عليه أجمعين أثبتوا البسملة فيما جمعوا من القرآن وكتبوها في المصحف من غير أن ينكر عليهم أحد صنيعهم فدل ذلك على أن البسملة آية من الفاتحة.
المناقشة
يتضح لنا مما ذكرناه من أدلة الفقهاء أن كل واحد منهم حاول أم يؤكد رأيه بما ذكره من أدلة فيرى أبوحنيفة فيما ذهب إليه أن البسملة آية من القرآن الكريم وقال الشافعية والحنابلة أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة أنا الإمام مالك رضي الله عنه فقد قال: إن البسملة ليست آية من الفاتحة أو من القرآن ما عدا ما جاء في سورة النمل.
ونرى من أدلة الفقهاء التي ذكرنا بعضا منها أن رأي المالكية قد جانب الصواب وقولهم يحتاج إلى نظر إذ ليس بلازم أن يقال في كل آية أنها قرآن ويتواتر ذلك بل يكفي أن يقرأها الرسول صلى الله عليه وسلم ويأمر الكتبة بكتابتها في المصحف ويتواتر ذلك عنه.
وقد أجمعت الأمة الإسلامية على أن جميع ما في المصحف الشريف , من القرآن الكريم وصار ذلك إجماعا منهم على أن البسملة آية من القرآن ونرى المالكية قد استدلوا بحديث أنس بن مالك الذي ذكر فيه أنه صلى خلف الرسول صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وكانوا جمعيا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ونلاحظ أن أبابكر كان من بين الصحابة الذين لا يقرؤن البسملة وكذا عثمان.
وقد جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه وكانت البسملة فيه ثم نسخ المصحف في عهد سيدنا عثمان وكتبت البسملة في أول الفاتحة وأول كل سورة ولم ينكر عثمان كتابة البسملة في المصحف الشريف.
أما الأحاديث الواردة بعدم سماع الصحابة لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم أو الأحاديث الواردة المؤكدة لسماع الصحابة للرسول صلى الله علالصحابي من الرسول صلى الله عليه وسلم أما من لم يسمع منه البسملة فقد كان ذلك لبعده عنه أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها سرا أو كان يقرؤها بصوت مرتفع.
والصحابة لم يسمعوها لأنهم كانوا مشغولين , بالنية والتكبير.
ما يترتب على هذا الخلاف من أثار فقهية
لقد رأينا أن الفقهاء اختلفوا في حكم البسملة هل هي آية من الفاتحة؟ أو من كل سور؟ أو ليست من القرآن؟
وقد ذكرنا أدلة كل فريق من هؤلاء ورأينا أن الباعث على اختلافهم هو تعارض الآثار الواردة في هذا والذي يترتب على هذا الخلاف أن من جعل البسملة آية من القرآن ولم يجعلها من الفاتحة على وجه الخصوص لم يوجب قراءتها في الصلاة , وإنما تقرأ على سبيل الإستحباب فقط وهذا مذهب الحنفية.
أما من يرى أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة من سور القرآن الكريم فإنه أوجب قراءة البسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد
وعلى ذلك فإن الصلاة لا تبطل بسبب ترك البسملة إلا عند الشافعي وأحمد رضي الله عنهما.
الترجيح
والأرجح في هذه المسألة هو القول بقرآنية البسملة وأنها من القرآن الكريم بقطع النظر عن كونها آية من الفاتحة أو آية من كل سورة وأن القول بعدم قرآنية البسملة قول باطل.
كما أن القول بعدم تواتر البسملة ممنوع لأن بعض القراء أثبتها ضمن القراءات المتواترة ولا يجوز إنكارها.
كما أن الاختلاف لا يستلزم عدم التواتر.
وعلى هذا تكون قراءة البسملة في أثناء الصلاة إنما هي على سبيل الندب لا على سبيل الوجوب قطعا للنزاع.
من كتاب أثر القراءات في الفقه الإسلامي
تأليف الدكتور صبري عبدالرءوف محمد عبدالقوي ص179 -
¥
--------
ص334 - أرشيف ملتقى أهل الحديث - هل هناك من القراء من يعد البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة - المكتبة الشاملة الحديثة
--------
الرابط:https://al-maktaba.org/book/31616/9336#p1

 

 

                        التحرير و التنوير، ج‏1، ص: 143
و اختلفوا في قراءة البسملة في غير الشروع في قراءة سورة من أولها، أي في قراءة البسملة بين السورتين.
فورش عن نافع في أشهر الروايات عنه و ابن عامر، و أبو عمرو، و حمزة، و يعقوب، و خلف، لا يبسملون بين السورتين و ذلك يعلل بأن التشبه بفعل كتاب المصحف خاص بالابتداء، و بحملهم رسم البسملة في المصحف على أنه علامة على ابتداء السورة لا على الفصل، إذ لو كانت البسملة علامة على الفصل بين السورة و التي تليها لما كتبت في أول سورة الفاتحة، فكان صنيعهم وجيها لأنهم جمعوا بين ما رووه عن سلفهم و بين دليل قصد التيمن، و دليل رأيهم أن البسملة ليست آية من أول كل سورة.
و قالون عن نافع و ابن كثير و عاصم و الكسائي و أبو جعفر يبسملون بين السورتين سوى ما بين الأنفال و براءة، و عدوه من سنة القراءة، و ليس حظهم في ذلك إلا اتباع سلفهم، إذ ليس جميعهم من أهل الاجتهاد، و لعلهم طردوا قصد التيمن بمشابهة كتاب المصحف في الإشعار بابتداء السورة و الإشعار بانتهاء التي قبلها.
و اتفق المسلمون على ترك البسملة في أول سورة براءة و قد تبين وجه ذلك آنفا، و وجهه الأئمة بوجوه أخر تأتي في أول سورة براءة، و ذكر الجاحظ في «البيان و التبيين» «1» أن مؤرجا السدوسي البصري سمع رجلا يقول: «أمير المؤمنين يرد على المظلوم» فرجع مؤرج إلى مصحفه فرد على براءةبسم الله الرحمن الرحيم، و يحمل هذا الذي صنعه مؤرج- إن صح عنه- إنما هو على التمليح و الهزل و ليس على الجد.
و في هذا ما يدل على أن اختلاف مذاهب القراء في قراءة البسملة في مواضع من القرآن ابتداء و وصلا كما تقدم لا أثر له في الاختلاف في حكم قراءتها في الصلاة، فإن قراءتها في الصلاة تجري على أحكام النظر في الأدلة، و ليس مذاهب القراء بمعدودة من أدلة الفقه، و إنما قراءاتهم روايات و سنة متبعة في قراءة القرآن دون استناد إلى اعتبار أحكام رواية القرآن من تواتر و دونه، و لا إلى وجوب و استحباب و تخيير، فالقارئ يقرأ كما روى عن معلميه و لا ينظر في حكم ما يقرؤه من لزوم كونه كما قرأ أو عدم اللزوم، فالقراء تجري أعمالهم في صلاتهم على نزعاتهم في الفقه من اجتهاد و تقليد، و يوضح غلط من ظن أن خلاف الفقهاء في إثبات البسملة و عدمه مبني على خلاف القراء، كما يوضح‏
__________________________________________________
 (1) صفحة 130 جزء 2 طبع الرحمانية- القاهرة.


                        التحرير و التنوير، ج‏1، ص: 144
تسامح صاحب «الكشاف» في عده مذاهب القراء في نسق مذاهب الفقهاء. و إنما اختلف المجتهدون لأجل الأدلة التي تقدم بيانها، و أما الموافقة بينهم و بين قراء أمصارهم غالبا في هاته المسألة فسببه شيوع القول بين أهل ذلك العصر بما قال به فقهاؤه في المسائل، أو شيوع الأدلة التي تلقاها المجتهدون من مشايخهم بين أهل ذلك العصر و لو من قبل ظهور المجتهد مثل سبق نافع بن أبي نعيم إلى عدم ذكر البسملة قبل أن يقول مالك بعدم جزئيتها؛ لأن مالكا تلقى أدلة نفي الجزئية عن علماء المدينة و عنهم أو عن شيوخهم تلقى نافع بن أبي نعيم، و إذ قد كنا قد تقلدنا مذهب مالك و اطمأننا لمداركه في انتفاء كون البسملة آية من أول سورة البقرة كان حقا علينا أن لا نتعرض لتفسيرها هنا و أن نرجئه إلى الكلام على قوله تعالى في سورة النمل [30]: إنه من سليمان و إنه بسم الله الرحمن الرحيم غير أننا لما وجدنا من سلفنا من المفسرين كلهم لم يهملوا الكلام على البسملة في هذا الموضع اقتفينا أثرهم إذ صار ذلك مصطلح المفسرين.

 

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Tuesday - 7/5/2024 - 10:1

مقاله «قرآنیة البسملة عند القراء»

من خلال بحثي وتتبعي لهذا الموضوع لم أجد أحداً خص البسملة عند علماء القراءات ببحث مستقل ناقش فيها المسائل المتعلقة بالبسملة من خلال كتب القراء فغالب من كتب في البسملة يتكلم فيه ما بين ثبوت البسملة آية من القرآن وعدمها، أو الجهر والاسرار بها سواء في الصلاة أو خارجها، ويستدلون في أدلتهم بالأحاديث النبوية أو المسائل الفقهية

 

 

موقع عبدالرحمن بن ناصر البراک

الحمدُ لله؛ أجمع العلماء على أنَّ البسملة في سورة "النَّمل" مِن كتاب سليمان أنَّها آية من القرآن: وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل: 30]، وأمَّا البسملة التي في فواتح السُّور؛ فقد اختلفَ العلماءُ فيها على مذاهب:

فقيل: إنَّها آية مِن القرآن؛ ثم هل هي آية من كلّ سورة؟ أو آية مِن الفاتحة دون غيرها مِن السور؟ أو هي آية مستقلَّة أنزلت للإيذان بنزول السورة وافتتاح السورة بها؟

وقيل: ليست آية مِن القرآن؛ وإنَّما هي مِن ألفاظ الذّكر المستحب عند ابتداء القراءة بسورة مِن سور القرآن.

ولا ريب: أنَّها آية مِن القرآن، بدليل كتابة الصَّحابة لها في المصحف؛ فأظهرُ الأقوال أنَّها آية مستقلة، لا تدخل في عد آيات السورة، ولا الفاتحة، فالفاتحة سبع آيات بدونها.

ومن الدَّليل على أنَّ البسملة ليست آية مِن الفاتحة: حديث أنس في الصحيحين «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بالْحَمْدُ لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ»، وعند مسلم: «لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا»، [1] وهل ذلك لعدم قراءتها، أو للإسرار بها؟ قولان للعلماء، والأظهر: أنَّهم كانوا يسرّون بها، كالاستفتاح والتعوذ.

وأيضا ما ثبت في "صحيح مسلم"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  [الفاتحة: 2] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِى عَبْدِى…» الحديث، [2] ولم يذكر [3]، وقد نبَّه إلى ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-. [4]

    وقراءتُنا بقراءة حفص تقتضي أن نقرأ البسملة سرًّا أو جهرًا، وأما الحكم بوجوب قراءتها، أو عدم وجوبها في الفاتحة أو غيرها؛ فهي مسألة فقهية اجتهادية؛ فمَن يعدّها آية مِن الفاتحة يلزمه أن يقرأها، وإن تركها فقد ترك آية مِن الفاتحة، ومَن يُصحِّحُ الصَّلاةَ بدون قراءة البسملة لا يرى أنها آيةٌ مِن الفاتحة، وهو ما عليه مشايخُنا، وهو القول الصحيح؛ كما تقدم.

     وعدُّ البسملة آيةً في مصحف المدينة النبوية (المطبوع برواية حفص) مبني على رأي، وعددُ آيات كل سورة مما يختلف فيه أصحاب القراءات والرسم، ولا ريب أن سورة الفاتحة سبع آيات؛ لقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر: 87]، وجاء في التفسير أن السبع المثاني آياتُ الفاتحة، وأولها: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ لما تقدم من الحديث القدسي، والآية الرابعة: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، وهي التي قالَ اللهُ فيها في الحديث القدسي: «هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل»، [5] والله أعلم.

 

قال ذلك:

عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في: 2 ذو القعدة 1431 هـ














****************
ارسال شده توسط:
محمدحسین
Tuesday - 14/5/2024 - 20:32

مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌2، ص: 248‌

و مع العدول يعيد البسملة، و كذا يعيدها لو قرئها بعد الحمد من غير قصد سورة بعد القصد.

______________________________
مذكورة في غير كلام الشارح.

و اما عدم جواز الرجوع عنهما مع التجاوز: فلا ارى له دليلا، و ظاهرهما يقتضي الجواز مطلقا، فغير بعيد لو لم يكن خلاف الإجماع، و الظاهر لا إجماع. بل الخلاف فيه كما يقتضيه ظاهر بعض العبارات، حيث عمموا و لا يدل الخبر «1» الذي يدل على جواز النقل الى النفل و الاستيناف بالسورتين، على عدم جواز النقل الى السورتين مع التجاوز: لجواز الأمرين معا على التخيير بالسوية، أو على التفصيل، إذ لا يجب النقل الى النفل و لا إلى إحدى السورتين بالإجماع على ما نقل في المنتهى. و لا منافاة حتى يحتاج الى الجمع، مع ان وجوه الجمع غير منحصر في الحمل على تجاوز النصف: على ان هذا الجمع يستلزم تخصيص المسئلة بأنه انما يعدل الى النفل مع عدم بلوغ النصف و هو غير مستحسن، بل ليس بمعلوم انه مراد الأصحاب بالعدول و الاستيناف خصوصا عند القائل بوجوبهما، فتأمل.

و القول بان النقل بغير ضرورة غير جائز، ممنوع. ا لا ترى الاستيناف للأذان و الجماعة مع النقل، على انه لا ضرورة هنا الى النقل أيضا، نعم لا بد من الدليل و هو موجود، و هو صحيحة صباح بن صبيح (الثقة) قال قلت لأبي عبد الله رجل أراد ان يصلى الجمعة فقرء قل هو الله احد؟ قال: يتمها ركعتين ثم يستأنف «2» و الظاهران الاستيناف للسورتين. فمنع ابن إدريس- بعد هذه الرواية الصحيحة الصريحة- مبنى على عدم قبوله للخبر الواحد مع تحريم قطع الصلاة الواجبة قطعا. و الاحتياط يقتضي العمل بقوله لما مر من عدم الوجوب، الا ان يقال: الموجب للسورتين أو لا يوجب هذا، و ذلك غير ظاهر.

ثم اعلم ان في هذه الاخبار دلالة ما، على عدم وجوب قصد السورة قبل البسملة، و عدم الإعادة على تقدير نسيان القصد و الشروع و لو ذكر قبل الركوع:

______________________________
(1)- كما سيأتي عن قريب.

(2)- الوسائل باب 72 من أبواب القراءة في الصلاة حديث- 2.

 

مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌2، ص: 249‌

..........

______________________________
حيث ما قيد الرجوع الى سورة بالقصد السابق، و لا النهي عن الرجوع منها بقصد سابق. و صحيحة الحلبي و أبي الصباح الكناني أدل. و كذا الأصل، و عموم الأوامر المطلقة: و الأمر بقراءة السورة من غير قيد: و ما في صحيحة معاوية بن عمار: من غلط في سورة فليقرء قل هو الله احد ثم ليركع «1» و فيه دلالة على وجوب السورة، و وجوب العدول للغلط: و عدم الاحتياج الى الصبر حتى يتذكر. و عدم وجوب الجمعتين في الظهر و الجمعة فافهم.

و أيضا في هذه الاخبار دلالة على جواز القران لا بمعنى السورتين. و كذا في اتفاقهم بجواز العدول، فدل على ان النزاع فيهما، لا في مطلق قراءة شي‌ء آخر مع السورة، حتى تكرار كلمة من الفاتحة قبل السورة كما قاله الثانيان: مع القول بجواز قراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة، إلّا خلال القراءة: لعدم الموالاة.

فقول المصنف هنا و غيره بوجوب قصد السورة قبل البسملة غير واضح الدليل.

و القول بأنه يحتاج إلى النية لاشتراكها بين السور فلا يتعين السورة إلّا بها، غير واضح أيضا: لأن نية الصلاة يكفي لأجزائها بالاتفاق و لو فعلت مع الغفلة و الذهول، و يكفيه قصد فعلها في الجملة: و اتباع البسملة بالسورة، تعين كونها جزءا لها، و ذلك كاف: مع عدم تسليم اشتراط ذلك التعيين قبل القراءة.

و بالجملة بمثل هذا يشكل إيجاب شي‌ء و البطلان مع عدمه، و الإعادة بعد قراءة السورة لأجله، مع جهل أكثر المسلمين عن مثله، و عدم معذورية الجاهل عندهم: على انه منقوض بالمشتركات الكثيرة، مثل التخيير بين التسبيحات و الفاتحة: بل قراءة الفاتحة فإنه يحتمل وجوها غير قراءة الصلاة، و كذا السورة و التسبيحات بل جميع الافعال: و يؤيده عدم وجوب تعيين القصر و الإتمام في مواضع التخيير: و عدم وجوب تعيين الواجب من الذكر مع التعدد و احتمال كل واحدة الواجبة، لا الاولى فقط كما قيل.

فلو جرى لسانه بسورة مع البسملة فالظاهر الصحة مع القول بوجوب القصد:

______________________________
(1)- الوسائل باب 43 من أبواب القراءة في الصلاة حديث- 1.

 

مجمع الفائدة و البرهان في شرح إرشاد الأذهان، ج‌2، ص: 250‌

..........

______________________________
لفوات محله، و لزوم التكرار بغير دليل، و كون النسيان عذرا.

و يؤيده ما رواه في الشرح عن البزنطي عن أبي العباس في الرجل يريد ان يقرء السورة فيقرء في أخرى؟ قال: يرجع الى التي يريد و ان بلغ النصف «1» و لا يضره القطع لما مر [2]، و لأنه مؤيد: و يدل على ان بعد النصف لا يرجع، فبعد الإتمام بالطريق الاولى: و فيه اشعار بجواز الرجوع من سورة إلى أخرى بعد النصف و لا يجوز بعد التجاوز كما هو رأى المصنف، بل ظاهرها يدل على جواز ترك القصد الى غيره عمدا، فتأمل: و عدم وجود ما يصلح دليلا في الآثار، دليل على عدم الوجوب.

ثم قال الشارح (بقي في المسئلة اشكال: و هو ان حكمه بإعادة البسملة- لو قرأها من غير قصد- بعد القصد، ان كان مع قرائتها أولا عمدا لم يتجه القول بالإعادة، بل ينبغي القول ببطلان الصلاة، للنهى عن قرائتها من غير قصد و هو يقتضي الفساد: و ان كان قرئها ناسيا، فقد تقدم القول بان القراءة خلالها نسيانا موجب لإعادة القراءة من رأس. فالقول بإعادة البسملة و ما بعدها لا غير، لا يتم على تقديري العمد و النسيان، و الذي ينبغي القطع به فساد القراءة على تقدير العمد للنهى و هو الذي اختاره الشهيد في البيان و حمل الإعادة هنا على قرائتها نسيانا).

و ما أجد ههنا اشكالا لجواز اختيار العمد، و اعادة البسملة متجهة.

 

******************

 

الدرة النجفية (لبحر العلوم)، ص: 141‌

و عين السورة ثم بسمل

 

فإنما التعيين شرط العمل

 

****************

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 53

[المسألة الثامنة وجوب تعيين السورة قبل الشروع في البسملة]

المسألة الثامنة الأكثر كما عن البحار بل في الحدائق أنه المشهور بين الأصحاب على وجوب تعيين السورة بعد الحمد قبل الشروع في البسملة المشتركة بين السور المتعددة فلا تتعين جزء من السورة الخاصة إلا بنيتها على حسب غيرها من المشتركات بين القرآن‌

______________________________
(1) الوسائل- الباب- 37- من أبواب القراءة في الصلاة.

(2) و هما صحيح الحلبي و موثق سماعة المتقدمان ص 50.

(3) الوسائل- الباب- 39- من أبواب القراءة في الصلاة- الحديث 1.

(4) الوسائل- الباب- 47- من أبواب القراءة في الصلاة- الحديث 5.

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 52‌

و غيره، و بين القصيدة المخصوصة و غيرها، و إلا لزم الترجيح بلا مرجح، أولا تكون بعضا من سورة أصلا، و تبطل الصلاة حينئذ بناء على وجوب السورة الكاملة، و على ذلك بنوا حرمة مس كتابة المشترك بين القرآن و غيره مع فرض قصد الكاتب الأول و حرمة قراءة البسملة بقصد العزيمة في الصلاة، و على الجنب و غير ذلك من الفروع المبتنية على هذا الأصل.

و ناقشهم الأردبيلي فيه هنا و تبعه جماعة ممن تأخر عنه بأن نية الصلاة يكفي لأجزائها اتفاقا و لو فعلت مع الغفلة و الذهول، و يكفيه قصد فعلها في الجملة، و اتباع البسملة بالسورة تعيين كونها جزءا لها، و ذلك كاف مع عدم تسليم اشتراط ذلك التعين قبل القراءة، إلى أن قال: على أنه منقوض بالمشتركات الكثيرة مثل التخيير بين التسبيحات و الفاتحة، بل قراءة الفاتحة فإنها تحتمل وجوها غير قراءة الصلاة، و كذا السورة و التسبيحات بل جميع الأفعال، و يؤيده عدم وجوب تعيين القصر و الإتمام في مواضع التخيير، و عدم تعيين الواجب من الذكر مع التعدد و احتمال كل واحدة الواجبة لا الأولى فقط كما قيل.

و فيه أن من الواضح عدم مدخلية النية الإجمالية للصلاة في ذلك، ضرورة أنها تؤثر الاستغناء عن التعرض لنية القربة و الجزئية في كل جزء جزء إما للعسر و الحرج أو لأن المدار في نية المركبات على ذلك، حتى أنه يعد بسبب النية في الأول أن كل جزء منه منوي، أو لغير ذلك مما هو مذكور في محله، و هذا لا يؤثر في المقام، لأن المقصود تعيين السورة التي يراد البسملة لها حتى تكون بعضها و تتم السورة، و لا مدخلية لنية الصلاة فيه قطعا، و ما ذكره من النقض خارج عن البحث، للفرق الواضح بينهما بتأثير النية الإجمالية فيه دونه، و القصر و الإتمام ليسا من مقومات العمل، بل أي فرد جاء به المكلف أجزأ، و ستسمع البحث إن شاء الله في أذكار الركوع، كما أنه تقدمت‌

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 53‌

الإشارة إلى شي‌ء منه في تكبيرة الإحرام، و اتباع البسملة بالسورة المتعينة في نفسها لا يقضي بتشخيص كون البسملة منها، إذ المتشخص يجدي في إثبات نفسه لا المشترك السابق عليه، و الحكم ظاهرا بكونه قاصدا بسملة هذه السورة تبعا لظاهر فعله غير مجد، لأن البحث عن الواقع بعد العلم به، اللهم إلا أن يريد بما ذكره من الاتباع المزبور أولا الإشارة إلى منع تشخيص نحو هذا الاشتراك بالنية، بل هي انما تعين المشترك في الدلالة، إذ بدونها يمتنع عقلا إرادة خصوص المعنى من اللفظ، أما مثل هذا الاشتراك فتعيينه انما يحصل باتباعه بما يقضي أنه منه، و إلا فبدون ذلك يصدق عليه أنه بعض من جميع ما اشترك فيه حتى لو قصد بعضيته من خاص، ضرورة الصدق العرفي على البسملة التي لم يقصد بها سورة خاصة، أو قصد أنها بعض و جزء من كل سورة كالبيت المشترك بين قصائد متعددة، لأن المراد بصدق الجزء قبل حصول تمام المركب قابلية تأليف المركب منه مع باقي أجزائه، و إلا فليس هو جزء فعلا كما في سائر المركبات الحسية و غيرها، على أنه لا فرق بحسب الظاهر بين المقام و بين الكتابة بقصد سورة خاصة ثم عدل عنها إلى سورة أخرى، فإنه لا ريب في صدق اسم كتابة السورة الخاصة عليه، و منع الصدق كمنع عدم الفرق مكابرة واضحة، بل الظاهر عدم الفرق أيضا بينه و بين المركبات الحسية التي من المعلوم فيها صدق أسمائها على المؤلف و إن كان قد قصد ببعض أجزائها المشتركة بينها و بين غيرها غير المركب المفروض، و الصورة الخارجية لا تصلح فارقا بعد أن كان ما نحن فيه أيضا له صورة ذهنية كما يظهر بأدنى تأمل بعد قطع النظر عما شاع على الألسنة من أن المشترك يتعين بالنية، مع أنه لم يعلم كون المراد بالمشترك ما يشمل نحو هذا الاشتراك، و لعله لذلك كله تردد في كشف اللثام في المقصود بها سورة خاصة فضلا عن غيرها، بل عن ظاهر المحكي عن البحار الجزم بعدم صيرورتها جزءا بذلك بحيث لا تصلح لصيرورتها جزء من غيرها، محتجا بالكتابة‌

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 54‌

و ب‍ خبر قرب الاسناد «1» الذي ستسمعه، و بأنه يلزمهم اعتبار النية في باقي الألفاظ المشتركة غيرها، كقول: الحمد لله و غيره، مع أنهم لا يقولون به، و يؤيده أن المراد بقصد كونها من هذه السورة مثل العزم على جعلها جزءا من سورة يشخصها بمشخصها من بين السور، فهو من قبيل التشخيص بالغايات التي من المعلوم عدم صيرورتها به من المشخص كما هو واضح بأدنى تأمل، و ثانيا منع توقف التشخيص عليها، بل قد يحصل بغيرها، و هو الاتباع المزبور للصدق العرفي.

و لعله بذلك ينكشف لك الفرق بين هذا الاشتراك و الاشتراك الدلالي بأن البحث في المقام يرجع إلى تنقيح موضوع سورة، و أنه لا يعتبر فيه قصد البسملة بخلافه هناك، فإن الأمر فيه عقلي، و يزيده وضوحا أنه لو صرح الواضع بأن السورة عبارة عن القطعة من الكلام المفتتح بالبسملة مثلا و إن لم يقصد أنها منه ما كنا لنمنعه عليه، و ليس هكذا المشترك الدلالي، و ربما يومي إلى ذلك كله أو بعضه تصفح بعض كلمات المنكرين، خصوصا ما حكي من شرح الوافية للسيد الصدر حيث جعل سند المنع ذلك محتجا عليه بصدق اسم السورة على الواقعة ممن لا قصد له أصلا، ثم قال: و لو سلم مدخليته أي القصد فلا مانع من قيام غيره مقامه في التشخيص، و هو الاتباع بالمتعين و يؤيد ذلك كله خلو كتب الأساطين من قدماء الأصحاب عنه، و جهل أكثر المتشرعة به، و غلبة عدم خطوره في البال للمتنبهين منهم مع عدم الإعادة للسورة و إن كان قبل الركوع، مضافا إلى ظهور بعض نصوص المعراج كالمروي عن العلل منها في ذلك، و ظهور النصوص الواردة في العدول بسبب ترك الاستفصال فيها و غيره فيه أيضا كما ستسمعها في المسألة التاسعة، بل ربما ادعي ظهور بعضها في المقصود خلافه فضلا عن غيره كالذاهل و الغافل بحيث جرى على لسانه بسملة و سورة من غير قصد، إذ هو كالمقطوع به منها.

______________________________
(1) الوسائل- الباب- 35- من أبواب القراءة في الصلاة- الحديث 3.

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 55‌

و من هنا صرح بعض القائلين باعتبار التعيين بالاجتزاء بذلك، قال في الذكرى:

«متى انتقل أي من سورة إلى أخرى وجب إعادة البسملة تحقيقا للجزئية، و لو بسمل بقصد الإطلاق أو لا بقصد سورة لم يجز بل يجب البسملة عند القصد، أما لو جرى لسانه على بسملة و سورة فالأقرب الإجزاء، ل‍ رواية أبي بصير «1» السالفة، و لصدق الامتثال» و تبعه عليه غيره ممن تأخر عنه كالمحقق الثاني في تعليقه على الإرشاد و غيره فإنه- بعد أن حكى الاتفاق من القائلين بوجوب السورة على وجوب إعادة البسملة لمن قرأها بعد الحمد من غير قصد سورة بعد القصد- قال: و لو جرى على لسانه بسملة و سورة بحيث وجد نفسه في خلال السورة أجزأ على الأقرب للرواية، و ظاهر التعليل الثاني في الذكرى يقضي بثبوت البعضية من غير احتياج إلى نية لا أنه اجتزأ به للرواية و إن لم تحصل البعضية بحيث يحتاج حينئذ إلى تخصيص ما دل على وجوب السورة الكاملة في الصلاة، و من ذلك يعلم حينئذ أن المقام ليس من الاشتراك الذي يحتاج إلى النية، و إلا لم يحصل في الفرض، كما أن الظاهر عدم المنافاة بين ما ذكراه من الاجتزاء في الفرض المزبور و بين الأول الذي صرحا فيه بعدم الاجتزاء، و هو قراءة البسملة لا بقصد سورة، للفرق بينهما بنية الخلاف و عدمها كما أومأ إليه في كشف اللثام، ضرورة أن الخلاف قصد غير السورة المقروة بقصد سورة أخرى مخصوصة غيرها، أو بقصد الإطلاق المنافي للتعيين، أو بتعمد عدم القصد إلى سورة مخصوصة من غير التفات إلى قصد الإطلاق، و حينئذ يمكن تنزيل نحو ما وقع من الفاضل في القواعد و الإرشاد و غيره من الحكم بإعادة البسملة على من لم يقصد سورة على نية الخلاف لا عدم النية، فتكون الصحة حينئذ في صورة جريان اللسان اتفاقية بين الجميع أو غير معروفة الخلاف و إن كان الاستدلال بتوقف تعيين الاشتراك على النية قاضيا بشمول الجميع،

______________________________
(1) الوسائل- الباب- 36- من أبواب القراءة في الصلاة- الحديث 4.

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 56‌

إلا أنك قد عرفت ما فيه، بل ذلك كله مماشاة، و إلا فقد عرفت قوة الاجتزاء حال قصد الإطلاق أو عدم قصد سورة مخصوصة، بل قد سمعت احتمال الاجتزاء مع قصد السورة المخصوصة ثم عدل فضلا عن غيره.

كما أنه يمكن القول بناء على اعتبار القصد في التعيين بأنه يكفي التعيين الإجمالي المقتضي تعينا في الواقع و إن لم يعلمه المكلف بخصوصه، كما لو قصد بالبسملة أنها جزء من السورة التي يوقعها الله في خلده للصلاة، و ينكشف ذلك حينئذ بما يقع منه بعد البسملة، إذ لا ريب في ارتفاع الاشتراك بذلك، و صيرورته من المتشخص في نفسه، و لذا صرح غير واحد بعدم وجوب قصد البسملة للحمد و للسورة المتعينة بنذر و شبهه، أو بعدم معرفته غيرها، أو بضيق الوقت إلا عنها، أو بغير ذلك من المعينات، إذ الظاهر أن وجه السقوط في ذلك عدم الاشتراك في التكليف، فتكفي حينئذ نية الصلاة الإجمالية الأولية في تعيين البسملة جزءا من الفاتحة أو السورة، ضرورة تشاغله بالمكلف به منها المفروض انحصاره في ذلك، فلا يقدح ذهوله و غفلته، فينحل في الحقيقة إلى نية التعيين، و إلا فنفس تشخص المكلف به في نفسه لا يرفع أصل الاشتراك، و هذا بعينه يمكن تقريره في الفرض المزبور أيضا، بل يمكن دعوى عدم انفكاك المكلف عن هذا القصد الإجمالي المتضمن لقصد كون البسملة جزءا مما يقع منه من السورة و إن كان لا يعلم هو خصوص ما يقع منه، إلا أنه متعين في نفسه و معلوم عند الله، فهو حينئذ كما لو قصد جزئية البسملة من السورة الموصوفة بكذا و فرض عدم انطباق الوصف إلا على سورة مخصوصة، و عدم استحضاره ما ينطبق عليه الوصف من السور كعدم استحضاره أصل القصد في حال الغفلة و الذهول غير قادحين، إذ الاستحضار أمر زائد على القصد المشخص، فتأمل جيدا.

 

جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌10، ص: 57‌

و قد يعلم من التأمل في ذلك الحكم فيما فرعوه هنا بناء على اعتبار التعيين من الاكتفاء بالعادة، و بالعزم السابق على الشروع في الصلاة أو بعده قبل القراءة أو بعدها قبل الفراغ من الفاتحة، أو يعتبر خصوص القصد المقارن، حتى أن المحقق الثاني (رحمه الله) توقف في ذلك، و قال: إني لا أعلم شيئا يقتضي الاكتفاء أو عدمه بأن يقال: إن كانت العادة أو العزم أورثا داعيا في النفس ينبعث عنه الفعل اتجهت الصحة و إلا فلا، ضرورة حصول القصد في الأول و إن لم يعلم بحضوره، بخلافه في الثاني لمساواته من لم تكن له عادة أو عزم أصلا، نعم يندرجان في صورة جريان اللسان مع فرض عدم تجدد قصد آخر لهما، و قد عرفت الحال فيها، و الله أعلم.

 

********************

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 436

و كيف كان، فلا يعدل عنهما إلّا إلى الجمعة و المنافقين و مع

______________________________
(1) الدروس 1: 173.

(2) روض الجنان: 270.

(3) جامع المقاصد 2: 279.

(4) الذكرى: 195.

(5) تقدم في الصفحة السابقة.

(6) مصابيح الظلام (مخطوط): 141.

(7) مجمع الفائدة 2: 244 و 245.

(8) البيان: 164.

(9) الانتصار: 44.

(10) المعتبر 2: 191.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 437‌

العدول من سورة إلى أخرى يعيد البسملة [1]، لأنّ البسملة التي قرأها أوّلا كانت جزءا من المعدول عنها فلا تصير جزءا من المعدول إليها، و مجرّد اشتراك البسملتين في الصورة لا يوجب قابلية كلّ منهما لأن يصير جزءا من سورة صاحبها، مثلا بسملة سورة التوحيد هي البسملة الشخصية التي نزلت معها و كذا بسملة الجحد و بسملة غيرهما، فإذا بسمل بقصد حكاية تلك البسملة الشخصية النازلة مع التوحيد يصدق أنه قرأ جزءا من سورة التوحيد، و يصحّ أن يسلب عنه قراءة جزء غيرها من السور، فإذا ضمّ إليها غيرها فلا تنقلب عن جزئية الاولى إلى جزئيته، لأنّ ما وقع على وجه لا ينقلب عمّا وقع عليه.

و بعبارة أوضح: انّ بسملة كلّ سورة بحسب وجودها الأصلي القائم بمتكلمه الأوّل- أعني: الملك أو النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم أو غيرهما- كلام شخصي و موجود مغاير لبسملة السورة الأخرى، و معنى قراءة المكلّف تلك البسملة: التكلّم بألفاظها النوعيّة بقصد حكاية ذلك الكلام الشخصي، فالمقوّم لجزئية البسملة للكلام الشخصي القائم بالمتكلّم الأوّل هو انضمامها إليه و تركّبه منها و من غيرها، و لجزئيتها لكلام المكلّف القارئ هو قصد حكاية ذلك الجزء، فعلم من ذلك أنّ قراءة البسملة التي قصد بها حكاية بسملة الإخلاص النازلة معها، لا يعقل أن يصدق عليها قراءة جزء سورة الجحد إذا رفع اليد عن الإخلاص و ضمّ إليها بقية سورة الجحد.

و نظير ذلك: الكلام المشترك بين القرآن و بين مصراع من بيت غير‌

______________________________
[1] في الإرشاد بعد هذه الفقرة ما يلي: و كذا يعيدها لو قرأها بعد الحمد من غير قصد سورة، بعد القصد.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 438‌

مقتبس منه، فإنّ القرآن هو الكلام الشخصي المنزل من عند اللّٰه القائم بمتكلّمه الأوّل، و غيره هو الكلام الشخصي القائم بالشاعر، فالقارئ إذا قصد حكاية كلام اللّٰه المنزل الشخصي، صدق عليه القرآن، و لا يعقل أن يصدق عليه بعد ما ضم إليه بقيّة كلام ذلك الشاعر أن يصدق على ما قرأ أوّلا أنّه قرأ مصراع بيت فلان الشاعر.

فعلم أنّ بسملة كلّ سورة باعتبار كلّ من وجودها الأصلي القائم بالمتكلّم الأوّل و وجودها الحكائي القائم بالقارئ موجود مغاير لبسملة سورة أخرى باعتبار وجوديها المذكورين، نعم هما مشتركتان في جزء الماهيّة و هي الصورة الخارجيّة للبسملة، و تغايرهما في الوجود الحكائي ليس باعتبار قصد كونها جزءا لإحدى السورتين، حتى يقال: إنّ الجزء إذا كان تحت ماهيّة قابلة لمركبين فقصد جزئيته لأحدهما لا يخرجه عن الاشتراك و القابليّة، بل تغايرهما باعتبار كون المقصود في إحداهما حكاية الكلام الشخصي النازل مع السورة المعيّنة التي هي عبارة عن قطعة شخصية من الكلام الشخصي المنزل، و لا ريب أنّ قصد المحكيّ الخاص مقوّم لوجود الحاكي من حيث إنّه حاك.

فعلم من ذلك: أنّ قياس البسملة بالنسبة إلى السور، على الجزء المشترك بين مركبين خارجيين عينيين- مثل العسل الذي هو جزء مشترك بين السكنجبين و الاطريفل [1]، أو القائمة المشتركة بين قائمة السرير و قائمة الباب مثلا- قياس مع الفارق، إذ الجزء في كلّ من المركبين هو تمام الموجود‌

______________________________
[1] هو بريسم الماء، و هو نبات عشبي طبّي معمّر، من فصيلة الجنطيانيات، تشبه أوراقه أوراق النخل. «لا روس: 114».

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 439‌

العيني القابل لهما، و قصد جزئيته لأحدهما لا يخرجه عن قابلية الجزئية للآخر، كما عرفت في البسملة من أنّ تغاير البسملتين في الوجود الحكائي ليس بهذا الاعتبار، بل باعتبار أمر داخل في مفهوم الوجود الحكائي.

و من قبيل الأمثلة المذكورة للمركّبات الخارجية: البسملة المنقوشة في الكتاب، فإنّ جزئيتها لكلّ سورة تكتب بعدها باعتبار هذا الوجود النقشي الخارجي، و قصد نقشها لسورة لا يخرجها عن قابلية جزئيتها لأخرى، كتخليل ماء العنب لخصوص واحد من السكنجبين و الاطريفل، و نحت قطعة من الخشب قائمة لخصوص السرير أو الباب.

ثمّ على تقدير الإغماض عن دقيقة مدخلية قصد حكاية الكلام الشخصي في صيرورة البسملة جزءا، و تسليم كون السور على حدّ سائر المركبات الخارجية العينيّة، نقول: إنّ المأمور به في الصلاة هو قراءة السورة، و صدق هذا العنوان موقوف على كون الشخص في كلّ جزء قاصدا لقراءة تلك السورة، أي كلّ جزء منها، و لا ريب أنّ الآتي بالبسملة بقصد كونها جزءا من سورة التوحيد يصدق عليه أنّه أتى بجزئها و لم يأت بجزء من سورة الجحد، فإذا ضمّ باقي الجحد فلا [يصدق] [1] على الفعل المتقدم منه قراءة جزء من سورة الجحد حتّى يصدق عليه أنّه قرأ كلّ جزء منها، و إن سلّمنا أنّه يصدق على الموجود الخارجي المجتمع في الذهن من الأجزاء الموجودة تدريجا أنّها سورة الجحد، لكن المناط صدق الاشتغال بقراءة سورة الجحد عند الاشتغال بكلّ جزء جزء منه.

______________________________
[1] من «ط»، و الكلمة غير واضحة في «ق»، و كتب ناسخ «ط» في الهامش ما مفاده:

لم يمكننا القراءة من نسخة الأصل.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 440‌

نظير ذلك في المركّبات الخارجيّة: ما إذا أمر السيّد عبده بالاشتغال بنحت السرير في قطعة من الزمان، فإذا اشتغل في بعض ذلك الزمان بنحت قائمة بقصد قائمة الباب، فلا ينفعه ضمّ بقية الأجزاء بنيّة السرير في صدق أنّه اشتغل بنحت السرير في الزمان المأمور به.

فالمعتبر هو أن يصدق عليه حين القراءة أنّه يقرأ السورة الفلانيّة، و لا شكّ في توقّفه على أن يقصد بكلّ جزء مشترك قراءة تلك السورة حتّى أنّه لو قصد ببعض أجزائها في وسطها أنّه جزء لسورة أخرى، لم يصدق عليه حين الاشتغال بذلك الجزء انّه مشغول بقراءة تلك السورة، و إن سلّمنا أنّه يصدق على ما قرأ أنها سورة كذا، بمعنى أنّ المجتمع في الذهن من الأجزاء المنقضية كالمجتمع في الخارج من الأجزاء المنقوشة، فكما أنّه إذا قصد حين الكتابة بكتابة البسملة بقصد سورة التوحيد لا يصدق عليه أنّه إذا يكتب سورة الجحد، و كذا إذا كتب سائر الأجزاء الأثنائية [1] بقصد سورة لا يصدق عليه في تلك الحالة كتابة سورة أخرى، نعم يصدق على الجميع أنها سورة كذا و أنّه كتب سورة كذا، أي: كتب ما هو مصداق في العرف لسورة كذا الموجودة في الخارج بالوجود النقشي، فالمنقوش في الذهن من السورة كالمنقوش منها في الخارج.

ثم بما ذكرنا في التقرير الأوّل يظهر ما في القول: بأنّ معنى كون البسملة بقصد هذه السورة العزم على جعلها جزءا من سورة يشخّصها بمشخّصها من بين السور، فهو من قبيل التشخيص بالغايات، و من المعلوم عدم صيرورتها بذلك من المشخّص. و منشأ هذا التوهم أيضا قياس البسملة بالنسبة إلى‌

______________________________
[1] أي: الأجزاء المتوسّطة التي تقع في الأثناء.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 441‌

السور على الجزء المشترك بين المركّبين، و قد عرفت فساده، و أنّ اشتراك السور في البسملة ليس من قبيل اشتراك المركّبات الخارجيّة في بعض الأجزاء.

و مما ذكرنا يظهر: أنّه كما لا تكون البسملة المقصودة بها سورة معينة قابلة لأن تصير جزءا من سورة اخرى، إمّا لأجل مدخلية قصد حكاية بسملة تلك السورة في مفهومها، فعند وجودها مع قصد لا يتعقّل ضمّ قصد آخر إليه، فلا يكون جزءا من المعدول إليها، و إمّا لأجل أنّه [1] و إن سلّمنا عدم مدخليّة قصد الحكاية في مفهومها لكن لا يصدق عليه إذا اشتغل ببعض الأجزاء على قصد جزئية سورة ثمّ ضمّ إليها بقيّة الأخرى أنّه قرأ تلك السورة الأخرى، يظهر لك أنّ مجرّد قصد سورة غير معيّنة بالبسملة لا يوجب قابليتها لأن تضمّ إلى سورة معيّنة فتصير بذلك جزءا منها، بحيث يصدق بعد ضم البقيّة أنّه قرأ السورة المعينة يعني قرأ جميع أجزائها، لأنّ المفروض أنّ الجزء من تلك السورة هو البسملة النازلة معها، فما لم يقصد القارئ حكاية تلك البسملة لا يصدق عليه أنّه قرأ بسملة تلك، لما عرفت «2» من أنّ الوجود الحكائي لبسملة سورة الذي تعرض له القراءة مغاير للوجود الحكائي لبسملة أخرى.

فإن قلت: هذه البسملة التي قرأها بقصد سورة لا بعينها لا شك في أنّه يصدق عليه القرآن، فإذا صدق عليه القرآن فإمّا أن يصدق عليه أنّه بعض من سورة دون سورة، و إمّا أن يصدق عليها أنّها بعض من كلّ‌

______________________________
[1] في «ق» ظاهرا: هو أنّه، و قد شطب ناسخ «ط» على كلمة: هو.

______________________________
(2) في الصفحة: 437.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 442‌

سورة، بمعنى أنّها قابلة لها، إذ لو لم يصدق عليه أنّها بعض سورة أصلا لم يصدق عليه القرآن، و قد فرض الصدق قطعا، و المفروض أنّه لا يصدق عليه بعض من سورة دون اخرى، فتعيّن أنّه قابل لكلّ سورة.

قلت: كونها قرآنا مسلّم [1] و يصدق عليها أنّها جزء من سورة، بمعنى أنها قابلة لأن يقصد بها حين القراءة كلّ سورة، لا أنّ هذه التي لم يقصد بها سورة قابلة لأن تصير بعد الضمّ جزءا من كلّ سورة، و لا تنافي بين أن يصدق كلّي على شي‌ء- كالقرآن على البسملة التي لم يقصد لسورة- و أن لا يصدق عليه أنّه جزء من هذه السورة، و لا من ذيك، و لا من تلك، نظيره: ما إذا طلب المخاطب الإتيان برجل مبهم شائع، فإنّه يصدق عليه أنّه طلب رجلا، لكن لا يصدق عليه أنّه طلب زيدا و لا أنّه طلب عمروا و لا أنّه طلب بكرا، و إن كان كلّ من أتي به حصّل الامتثال، لكنّ الكلام في تمثيل القراءة و تشبيهها بالطلب و أنه لا يجب على ما يعرض للواحد المبهم أن يعرض لشي‌ء من الآحاد الخاصة، فإنّا نرى بالعيان إنّ من قصد بالبسملة مجرّد القرآن لا يصدق عليه أنّه قرأ بعض سورة التوحيد و لا بعض سورة العزيمة و لا بعض سورة كذا، فكلّ حكم ترتّب على سورة خاصة و جزئها لا يترتب على قراءة هذه البسملة، فإذا أمر الشارع تخييرا بقراءة سورة من بين السور فلا بدّ من أن يصدق حين القراءة أنّه مشغول بالسورة الفلانيّة، و هذا مسلوب عن هذا الشخص.

فإن قلت: يكفي بعد الإتمام أن يصدق أنّه قرأ سورة كذا.

______________________________
[1] في «ق»: زيادة لكن صدق و قد شطب المؤلف قدّس سرّه على عبارة بعدها و الظاهر أنّه قد ترك الشطب عليها سهوا.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 443‌

قلت: لا يصدق عليه بعد الإتمام أنّه قرأ سورة كذا، لما عرفت من الوجهين في أن قراءة سورة كذا لا تصدق إلّا إذا كان حين الاشتغال بكلّ جزء أنّه قارئ لسورة كذا و مشغول، و إلّا فصدق سورة كذا على المجتمع في الذهن المنقوش فيه من قبل صدقها على المجتمع المنقوش في الخارج.

نعم، لو كانت السورة الموضوعة للقطعة المعيّنة من القرآن المبدوءة ببسملة، استقام ما ذكر، لكن قد عرفت فساد ذلك و أنّ السورة اسم للقطعة المبدوءة ببسملتها، و إن شئت فاجعل البسملة داخلة في تلك القطعة، و قل:

السورة اسم لإحدى القطعات المشخّصة المعيّنة، فلا بدّ من امتثال الأمر التخييري بها أن يصدق بعد القراءة أنّه قرأ تلك القطعة المشخّصة، و العرف لا يحكم بهذا الصدق إلّا إذا شرع في تلك القطعة ناويا لها بأوّل جزء منها.

ثمّ إنّه قد يتوهّم دلالة أخبار العدول على جواز الاكتفاء بالبسملة المقصود بها سورة أخرى، و قد يتوهّم من رواية المعراج جواز قصد البسملة من غير قصد سورة معيّنة، حيث إنّ اللّٰه سبحانه أمر نبيّه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم بالتسمية فسمّى لا بقصد سورة معيّنة، ثم أمره بالحمد أو التوحيد «1».

و فساد التوهّم الأوّل يظهر بالتأمّل في أخبار العدول، و فساد الثاني بأنّ قضية المعراج هي السبب لوجوب قراءة تلك البسملة التي أمر اللّٰه بها نبيّه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم لأجل التوحيد و هو لا يحصل إلّا بالقصد إليه. و أمّا النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم فلم يكن البسملة يومئذ مشتركة بين السور، مع أنّ النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم سمى بقصد ما يأمره اللّٰه من السور أو بقصد الامتثال، و لم يكن هو صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم مكلّفا بسورة من السور حتّى يكون إهمال‌

______________________________
(1) انظر الوسائل 4: 679، الباب الأوّل من أبواب أفعال الصلاة، الحديث 10.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 444‌

القصد موجبا لعدم صدق قراءة السورة.

و قد يتوهّم أيضا، أنّ فتوى الشهيد «1» و المحقّق «2» الثاني و غيرهما «3» بالاكتفاء بما لو جرى على لسانه بسملة مع سورة، مستدلّين بتحقق الامتثال، مناقض لما ذكرنا و ذكروا.

و فيه: أنّ الغرض من وجوب القصد وجوب كون البسملة مقصودة و لو بالقصد الإجمالي، إذ لا ريب أنّ من جرى لسانه على بسملة و سورة بداع واحد مركوز في ذهنه، فقد قصد إجمالا إلى بسملة تلك السورة.

و بعبارة أخرى: الداعي المركوز داع لقراءة مجموع السورة، و منها البسملة، فالحكم بكون البسملة بعضا من تلك السورة لقصدها إجمالا، لا لأنّ القصد غير شرط، فينزّل كلام من أطلق «4» وجوب الإعادة لو لم يقصد سورة على صورة قصد الخلاف، لما ذكره الشهيد و المحقق [1] من عدم اعتبار القصد، غاية الأمر اعتبار عدم قصد الخلاف.

و قد يسلّم وجوب القصد، و يقال بكفاية قصد السورة التي يوقعها اللّٰه في قلبه. و فيه: أنّه قول بعدم وجوب القصد، لأنّ القائل بالقصد إنّما يقول‌

______________________________
[1] لم نقف عليه، و لعل المراد: ما تقدم في الصفحة السابقة من الإجزاء فيما لو جرى على لسان المصلّي بسملة .. إلخ.

______________________________
(1) انظر الذكرى: 195، و الدروس 1: 174.

(2) انظر جامع المقاصد 2: 282، و الرسالة الجعفرية (رسائل المحقق الكركي) 1: 110.

(3) انظر الذخيرة 281، و كشف اللثام 1: 225.

(4) كالعلامة في القواعد 1: 275، و الشهيد في الذكرى: 195، و المحقق الثاني في جامع المقاصد 2: 281، و غيرهم، انظر مفتاح الكرامة 2: 411.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 445‌

به لأجل كون البسملة من دونه لا يتعين كونها لسورة معيّنة إلّا بالقصد، فإذا قصد الشخص بالبسملة جزء السورة التي يقذفها اللّٰه في قلبه فهو بعد ذلك مخيّر في ضمّ أيّ سورة شاء أم لا، و الثاني خلاف المفروض، و الأوّل لا يتحقق إلّا بعد كون البسملة قابلة لكلّ ما يجوز له أن يختاره، فصارت البسملة قابلة لجميع السور، فأين المعين لها بخصوص ما يوقعه اللّٰه في قلبه؟! فهذا قول بعدم وجوب قصد السورة المعيّنة من حيث لا يشعر قائله.

و أعجب من ذلك: ما قيل «1» في توجيهه من أنّ الاشتراك يقطع بذلك و يرتفع- ليت شعري- فأين محلّ الاشتراك؟ إلّا أن يقال: إنّه فرق بين أن يقصد سورة غير معينة، و بين أن يقصد خصوص ما يقذفها اللّٰه في قلبه، فيفرّق بين الموضعين، لكن فيه ما مرّ «2» من أنّ هذا المقدار لا يرفع عموم قابلية البسملة الذي كان هو الداعي على وجوب القصد، مع أنّه مدفوع بأنّ المكلّف لا ينفكّ عن أن يقصد بتلك البسملة جزئيتها لما يقع منه من السورة، و إن كان لا يعلم خصوص ما يقع منه، ثمّ قياس هذا الفرض على ما إذا قصد بالبسملة أطول السور أو أقصرها- مع عدم علمه بذلك حين البسملة- قياس مع الفارق، لأنّ قصد السورة النازلة مع أقصر السور أو أطولها يكفي، و يجب عليه بعده اختيار ذلك، بخلاف قصد ما يوقعه اللّٰه في قلبه، فإنّه باق على التخيير، فالبسملة باقية على القابليّة.

و منه يظهر الكلام فيما إذا تعيّن السورة بنذر أو ضيق أو عدم معرفة غيرها، فإنّ البسملة المقروءة غير قابلة لغيرها.

 

********************

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 609‌

[القول في البسملة]

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم [1] إذا قرأ البسملة بقصد القرآن فالظاهر أنّها قرآن، و إن لم يكن جزءا فعليّا من سورة معينة، إذ يكفي في صدق القرآن على ملفوظ الإنسان أن يقصد به حكاية الكلام الشخصي المنزل، و لا مدخل في ذلك للخصوصيات المكتنفة بالمحكيّ مثل زمانه و مكانه، و كذا كونه جزءا من سورة كذا.

و السورة ليست إلّا عبارة عن قطعة من القرآن، فإذا تكرر آية في‌

______________________________
[1] هذا أوّل أربع صفحات من النسخة المكررة بخط المؤلف قدّس سرّه، و هي الصفحة اليسرى من الورقة: (74) إلى الصفحة اليمنى من الورقة: (76) مرتبطة بما ذكره الماتن قدّس سرّه في الإرشاد من قوله: «و مع العدول يعيد البسملة، و كذا يعيدها لو قرأها بعد الحمد من غير قصد سورة بعد القصد» و أوردناها هنا، حفاظا على الترتيب في شرح عبارات الإرشاد.

هذا و قد تقدّم بحث المؤلف قدّس سرّه عن البسملة في النسخة الثانية في الصفحات:

437- 445.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 610‌

القرآن في سور متعددة، فالمعتبر في صدق القرآن التكلّم بتلك الآية على أنّه جزء من كلام اللّٰه، لا أنّه جزء من القطعة الفلانية، و كذا الكلام في الآية المكررة في سورة واحدة، مثل فَبِأَيِّ آلٰاءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ، فإنّه يصدق في صدق قراءة جزء من السورة: التكلّم بتلك على أنّها منها، و لا يحتاج إلى ملاحظة كونها من أي قطعة من قطعات تلك السورة المشتملة على تلك الفقرة، فإنّ من قرأ فَبِأَيِّ آلٰاءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ فقد صدق أنّه قرأ جزءا من سورة «الرحمن»، و إن لم ينو كون الفقرة جزءا من أي قطعة من تلك السورة، فسؤره «الرحمن» بمنزلة القرآن، و الفقرات المشتملة على قوله فَبِأَيِّ آلٰاءِ بمنزلة السور المشتملة على البسامل.

فعلم أنّه يكفي قصد كون الفقرة جزءا من القرآن، و هذا بعينه هو المعتبر في كون أصل السورة أيضا من القرآن، فإنه يعتبر في قرائته قصد كونه قرآنا، لا مجرد موافقة ألفاظها لألفاظه.

ثمّ إنّ السورة موضوعة للقطعات الخاصة من القرآن المشتملة على البسملة، فالبسملة جزء من كلّ سورة، و كلّ سورة لها بسملة، لكن ليست بسملة كلّ سورة مخالفة لبسملة الأخرى إلّا من حيث انضمام هذه إلى قطعة لم ينضم إلى الأخرى، فإذا قصد القارئ من البسملة كونها قرآنا، فهذه هي القابلة لأن تصير جزءا من كلّ سورة.

فإن قلت: لا بدّ في قراءة السورة من قصد بسملتها.

قلت: هذه الإضافة الحاصلة في قول بسملتها، إمّا أن يكون من جهة انضمام الباقي إلى البسملة فصارت بسملتها، و إمّا أن يكون لخصوصية أخرى فيها ليست في بسملة غيرها.

أمّا الثاني: ففيه، أولا: مع اختلاف البسامل بالخصوصيات الأخر من‌

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 611‌

حيث إنّها آيات من جنس الكلام، إذ من المقطوع أنّ بسملتين من سورتين كلام واحد من حيث الماهيّة و ليس اختلافهما إلّا بحسب الوجود، و يرجع حاصل [1] اختلافهما إلى التكرار.

و ثانيا: أنّه لو كان كذلك لم تكن البسملة المطلقة إذا أريد منها القرآن قرآنا، لفقده جميع الخصوصيات المعتبرة في أجزاء السور فلا يقبل أن يصير جزءا و إذا لم يقبل أن يصير جزءا من القرآن فليس بقرآن و على الأوّل فلا ريب أنّ هذه الخصوصيّة إنّما تحصل بعد ضم الباقي إليه، فأية قطعة ضمّ إليها تصير البسملة بسملتها.

و الحاصل: أنّ اختلاف بسامل السور، إمّا أن يكون باعتبار أنفسها، بأن تكون بسملة هذه مخالفة لبسملة غيرها في نفسها كالأجزاء المشتركة صورة بين عبادتين مختلفتين المختلفة حقيقة، و إمّا ان تكون باعتبار انضمام باقي السورة إلى كلّ واحدة.

فعلى الأوّل: لا بدّ أن لا يصدق القرآن على البسملة المطلقة و هو مكذّب بالعرف.

و على الثاني: يصير من قبيل سائر المركبات الخارجية المشتركة في بعض الأجزاء، حيث إنّ جزء أحدها مغاير مع جزء الأجزاء، إذا وجد كلّ منهما في ضمن كلّه، و إلّا فالجزء الواحد صالح لكلّ منهما.

فإن قلت: لعلّ الخصوصية مأخوذة في جزء السورة، و صدق القرآن على ما لم يلاحظ فيه ذلك، بل المعتبر في صدق القرآنية هو قصد حكاية نوع كلام اللّٰه، بخلاف المأخوذ فيه حكاية شخص البسملة.

______________________________
[1] كذا ظاهرا، و الكلمة غير واضحة.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 612‌

قلت: المفهوم من السورة- لغة و عرفا- هو الكلام المشتمل على هذه الآية المكرّرة، فالبسملة شي‌ء واحد مكررة في جميع السور، فتكرار البسملة في السور ليس إلّا كتكرار سائر الآيات و الكلمات فيها.

و إن شئت فقل: إنّ القرآن بتمامه كلام واحد مشتمل على فقرأت مكررة من البسامل و غيرها، على نحو غيره من الكلامات المنثورة، و المنظومة، ثم أطلق على قطعات منه مبدوءة بالبسملة أنّها سورة، فاختصاص البسملة بسورتها باعتبار كونها جزءا منه كسائر أجزاء المركبات الخارجية، فإذا قرأ بسملة بقصد القرآن المطلق فهو كما لو قرأ بيتا مشتركا بين قصيدتي شخص واحد في أنّه يصدق عليه أنّه قول فلان، فله أن يضم إليه ما شاء.

ثم إذا قصد البسملة لسورة معينة، فهذا يتصور على وجهين:

الأوّل: أن يقصد أن يضم إليها الباقي من سورة معينة و يقرأ بعدها ما عدا البسملة من تلك السورة، فهذا بعينه كالصورة السابقة، فإنّه لم يقصد البسملة الخاصة المختصة بتلك السورة و لم يقصد حكاية كلام اللّٰه الشخصي الحاصل في ضمن التكلّم بمجموع السورة و هذا هو الغالب المتعارف في قصد السورة المعيّنة، و قد عرفت أنّه راجع إلى إرادة قراءة سورة التوحيد، فيقرأ البسملة بقصد أنّه من القرآن ثم يضم إليه باقي التوحيد، فهو في الحقيقة عازم لضم بقية السورة إلى البسملة القرآنية، فيقال: إنّه بسمل لسورة التوحيد.

الثاني: أن يقصد بها خصوص الكلام الشخصي المتكلّم به في ضمن سورة التوحيد.

فعلى الأوّل: له أيضا أن يرجع و يضم إليه ما عدا التوحيد، لأنّه‌

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 613‌

رجوع عن عزمه، نعم لو تعلّق حكم شرعي بالسورة المعينة كتحريم قراءة سورة العزائم فيحرم عليه البسملة لها، و إن كانت البسملة قابلة لغيرها، لأنّ الدخول في المحرّم يحصل بالدخول في الأجزاء المشتركة بينه و بين غيره فليس تحريمه دليلا على عدم قابلية وقوعه لغيره، لأنّ تحريمه ليس لاختصاصه بالسورة العزيمة، بل لأجل تخصصها بها في عزم المكلّف، فحينئذ لا منافاة بين ترتّب العقاب عليه، إذ به يتحقق الدخول في العزيمة في عزم المكلّف، ثم ضمّ بقية سورة أخرى ليصير جزءا منها، و لا يلزم منه كونها جزءا لسورتين، أحدهما بالقصد و الآخر بالاتصال، لأنّا نمنع كونه جزءا للعزيمة، بل العقاب لأجل كون المكلّف يصدق عليه الدخول في العزيمة إذا عزم أن يقرأها للعزيمة، فهو مثل ما إذا اشتغل بصوغ بعض الآلات المحرّمة فحينئذ لا شبهة في أنّه يستحق العقاب على هذا الاشتغال، فإذا رفع اليد عن المحرّم، و صاغ آلة محلّلة فقد صار جزءا منها دون المحرّم، فالعقاب إنّما كان لقابليّة لجزئيّة العزيمة و الإتيان بها بذلك القصد ثم صار جزءا فعليا، كيف؟! و جزء الشي‌ء لا يوجد في الخارج بوصف أنّه جزء منه و بعضه، ما لم يوجد الكلّ.

قد يقال: إنّ المتبادر من أمر الشارع بقراءة سورة، وجوب كون قراءة السورة المعينة مقصودة من أوّل القراءة، فكما أنّه إذا أمر عينا بقراءة سورة معيّنة لا يحصل الامتثال إلّا بقصد السورة من أوّل الأمر، و كذلك إذا نهى عن سورة فيعتبر في المخالفة قصد السورة من أوّل الأمر، فكذلك إذا أمر تخييرا بقراءة إحدى السور، فإنّ مرجعه إلى تخيير المكلّف في قراءة أيّة سورة شاء المكلّف، فلا بدّ من أن يصدق عليه أنّه قرأ السورة الفلانية و السورة الفلانيّة، و إن كانت هيئتها المنتظمة في الذهن لا يتوقّف تحققها على‌

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 614‌

كون أوّلها مقصودا بها السورة بخصوصها، بل يكفي القصد إلى مطلق السورة، بل القصد إلى غيرها ثم الرجوع إليها، إلّا أنّ قراءة السورة الفلانية إذا وقعت في جزء الأمر أو النهي عينا أو تخييرا، يفهم منها قراءة تلك السورة أي مجموعها على أنّها تلك السورة، لا مجرّد قراءة ما يصدق عليه بعد الوجود أنّها السورة الفلانيّة.

نعم، مثل المركبات الخارجية المقصود منها الهيئة الحاصلة بعد الإيجاد، يكفي فيها صدق المركب بعد الإيجاد، و لا يلزم فيها أن يصدق على المكلّف في جميع أزمنة الاشتغال بالإيجاد إنّه مشتغل بإيجاد ذلك المركب الخاص بعنوان أنّه ذلك المركب.

لكن هذا الوجه إنّما يوجب أن لا يكتفي بالبسملة المقصود بها سورة إذا عدل إلى أخرى، لأنّه حين الاشتغال بالمجموع المركب من البسملة و باقي السورة [لا يصدق] [1] أنّه قرأ سورة، بل يصدق أنّه قرأ بعضها من سورة و بعضا من اخرى، بل يصح أن يسلب عنه قراءة كلّ سورة سورة من سور القرآن حين الاشتغال بالقراءة، و إن كان الهيئة الحاصلة بعد ضمّ المجموع يصدق عليها السورة الفلانية الكاملة، لكن المطلوب هي السورة الكاملة على وجه لا يصدق معها أنّه بعّض سورتين، و صرف البعض المقروء إلى المعدول إليه إنما يوجب حصولها في الخارج بعد الإكمال لا سلب صدق تبعّض السورتين، لأنّ صدق قولنا إنّه بعض المعدول عنه لا يثبت بمجرد صرف النيّة.

و نظير ذلك في المركبات الخارجية: ما إذا أمر بالاشتغال بأحد مركبين‌

______________________________
[1] الزيادة اقتضاها السياق.

 

كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري)، ج‌1، ص: 615‌

مشتركين في بعض الأجزاء بحيث يعلم أنّ المقصود الاشتغال بهذا المركب لأنّ المقصود حصول الهيئة، فاشتغل العبد بالأجزاء المشتركة بعنوان ثم عدل عنه إلى الآخر، فإنّه غير ممتثل، لأنّه لم يكن مشغولا بهذا المركب و لا بذلك، بل كان مشغولا ببعض هذا و بعض ذلك.

و أمّا إذا بسمل بقصد مطلقة ثم ضم إليه بقيّة سورة خاصّة، فلا ينهض الوجه المذكور على عدم كفايته، لأنّ المسلّم في وجوب امتثال الأوامر التخييرية هو اشتراط أن يكون الداعي إلى كلّ فرد هو الأمر بأحد البدلين- المتولّد من الأوامر المتعدّدة بالإبدال- لا وجوب امتثال أحد الأوامر الخاصة، بأن يلاحظ عنوانا خاصا من الأبدال.

و بعبارة أخرى: إذا قال الشارع اقرأ سورة، فالمعتبر في الامتثال أن يقصد في أوّل الاشتغال امتثال الأمر بإحدى السور، و لا يعتبر أن ينوي امتثال أحد- الأوامر بالسورة- المنحلّ إليها الأمر بالمطلق، مثل: اقرأ سورة التوحيد، أو سورة الجحد، أو سورة الكوثر، أو سورة كذا.

و فرق بيّن بين وجود امتثال أحد الأوامر و وجوب امتثال الأمر بأحد الأبدال.

هذا كلّه، إذا سلمنا ورود الأوامر المتعددة، و إلّا فالوارد أمر واحد بالمطلق [1].

______________________________
[1] هذا آخر ما ورد في الصفحة اليمنى من الورقة: (76)، و به ينتهي ما وجدناه مكرّرا بخطّ المؤلف قدّس سرّه في مباحث: القيام، النية، تكبيرة الإحرام و القراءة، و الحمد للّٰه أوّلا و آخرا.

 

************************

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 377

[الأوّل وجوب تعيين السورة بعد الحمد]

الأوّل: صرّح غير واحد «2» بل نسب إلى الأكثر «3» بل المشهور «4» أنّه يجب تعيين السورة بعد الحمد قبل الشروع في البسملة المشتركة بين السّور، و قوّاه شيخنا المرتضى رحمه اللّه، و استدلّ له بوجهين، و أطال الكلام في إيضاحهما بما ملخّصه: أنّ كلّ سورة من السّور القرآنيّة في حدّ ذاتها قطعة من كلام اللّه المنزل على النبي صلّى اللّه عليه و آله، و البسملة جزء من كلّ منها، فكلّ منها مع بسملتها موجود مغاير لما عداه، و معنى قراءة كلّ سورة هو التكلّم بألفاظها النوعيّة بقصد حكاية ذلك الكلام الشخصي، فقراءة بسملة كلّ‌

______________________________
(1) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السّلام: 113، و حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة 8:

232.

(2) مثل: العلّامة الحلّي في تحرير الأحكام 1: 243/ 829، و تذكرة الفقهاء 3: 150، الفرع «ج» من المسألة 234، و الشهيد في الألفيّة: 58، و البيان: 157، و الدروس 1: 173، و الذكرى 3: 255، و ابن فهد الحلّي في الموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر): 78، و المحقّق الكركي في جامع المقاصد 2: 281، و الجعفريّة (ضمن موسوعة حياة المحقّق الكركي و آثاره) 4: 171- 172، و الشهيد الثاني في المقاصد العليّة: 253.

(3) الناسب إلى الأكثر هو المجلسي في بحار الأنوار 85: 18.

(4) الناسب إلى المشهور هو البحراني في الحدائق الناضرة 8: 222.

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 378‌

سورة هو التلفّظ بها بقصد حكاية خصوص البسملة النازلة معها، فلو قرأ البسملة التي قصد بها حكاية بسملة الإخلاص لا يصدق عليها قراءة جزء سورة الجحد أو العزيمة، فلو بدا له أن يقرأ سورة الجحد لا يجديه ضمّ بقيّة السورة في صيرورة البسملة التي قرأها بقصد الإخلاص مصداقا لقراءة بسملة الجحد، ألا ترى أنّه لو قال في أثناء الصلاة: وَ جٰاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ قاصدا به حكاية كلام اللّه النازل في سورة يس «1»، صدق عليه قراءة القرآن، و أمّا لو قصد به الإخبار أو حكاية كلام شخص آخر، اندرج في كلام الآدميّين، المبطل لصلاته، و لا يجديه ضمّ ما يمحضه للقرآنيّة في انقلاب هذا الجزء و صيرورته حكاية كلام اللّه بعد أن لم يكن كذلك حين صدوره.

و كذا لو قلنا بأنّ قراءة العزيمة مطلقا حتى بسملتها مبطلة للفريضة، فلو بسمل بقصد العزيمة، تبطل صلاته و إن بدا له بعد قراءة البسملة أن يجعلها جزءا من سورة أخرى، بخلاف عكسه، فلا يقاس ذلك بأجزاء المركّبات الخارجيّة المشتركة بينها و بين غيرها ممّا لا مدخليّة للقصد في قوام ذاتها الصالحة من حيث هي للجزئيّة، كالخلّ الذي يتركّب منه السكنجبين،، و الإطريفل، أو القائمة المشتركة بين قائمة السرير و الباب؛ إذ الجزء في المثال هو ذات الخلّ أو القائمة من حيث هي، بخلاف مثل المقام الذي لا يصلح الجزء للجزئيّة إلّا مع اقترانه بالقصد، أي قصد حكاية خصوص البسملة الشخصيّة التي هي جزء هذه السورة، لا قصد جعلها جزءا منها في مقام الحكاية كي يقال: إنّ قصد الغاية لا يعقل أن يكون من‌

______________________________
(1) يس (36): 20.

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 379‌

مشخّصات الشي‌ء و مقوّماته، فإنّ صدق قراءة بسملة هذه السورة لا يتوقّف على هذا القصد، بل على الأوّل.

و الحاصل: أنّه لا يعتبر في صلاحيّة البسملة للجزئيّة من سورة أو خطبة و نحوها إيجادها بقصد جعلها جزءا من تلك السورة أو الخطبة لا في مقام الإنشاء و لا في مقام الكتابة و لا في مقام الحكاية، و لكن يعتبر في صدق قراءة بسملتها أن يكون خصوص البسملة التي أنزلها اللّه تعالى جزءا منها مقصودا بالحكاية، كما أنّه يعتبر في صدق قراءة البسملة المكتوبة في اللوح المنقوش فيه إحدى السّور- مثلا- أن يكون خصوصها مقصودا بالقراءة «1».

هذا محصّل ما أفاده قدّس سرّه في تقريب الوجه الأوّل مع مزيد توضيح و تقريب إلى الذهن.

ثمّ قال في تقريب الوجه الثاني ما ملخّصه: أنّه لو سلّمنا عدم مدخليّة قصد حكاية الشخص في صيرورة البسملة جزءا من السورة على حدّ سائر المركّبات الخارجيّة، فنقول: إذا قرأ البسملة بقصد كونها جزءا من سورة التوحيد، يصدق عليه أنّه أتى بجزء من سورة التوحيد و لم يأت بجزء من سورة الجحد، فإذا ضمّ إليها باقي سورة الجحد و إن أوجب ذلك صدق سورة الجحد على المجموع المجتمع في الذهن من الأجزاء الموجودة تدريجا و لكنّه لا يوجب أن يصدق على الفعل المتقدّم أنّه قراءة جزء من سورة الجحد، أي لا يوجب صدق كونه مشغولا بقراءة سورة الجحد حين اشتغاله بهذا الجزء كي يجتزئ به في مقام الإطاعة، كما لو أمر المولى عبده‌

______________________________
(1) كتاب الصلاة 1: 437- 439.

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 380‌

بالاشتغال بنحت السرير في قطعة من الزمان، فإذا اشتغل في بعض ذلك الزمان بنحت قائمة بقصد قائمة الباب، لا يجديه الإتيان ببقيّة الأجزاء بنيّة السرير في حصول الإطاعة «1».

و يرد على هذا الوجه: أنّه إن أريد أنّه بعد الضمّ أيضا لا يصدق عليه أنّه قرأ سورة كذا و إن صدق عليه أنّه تلفّظ بجميع أجزائها بدعوى أنّ قراءة الشي‌ء عرفا أخصّ من مطلق التلفّظ به، كما يظهر ذلك من جملة من كلماته التي طوينا ذكرها، ففيه: أنّ مرجعه إلى الوجه الأوّل من أنّ للقصد دخلا في قوام جزئيّتها؛ لوجودها الحكائي، و سيأتي الكلام فيه.

و إن أريد أنّه لمّا لم يكن حال حصولها عنوان جزئيّتها بسورة الجحد مقصودا للمتكلّم لا يصحّ وقوعها جزءا لسورة الجحد في مقام امتثال الأمر بقراءة هذه السورة، كما يظهر ذلك من تمثيله بقائمة السرير، ففيه: أنّ هذا إنّما يقدح في حصول إطاعة الأمر بقراءة سورة الجحد لو كانت هذه السورة بهذا العنوان واقعة في حيّز الطلب، كما في فاتحة الكتاب، و أمّا إذا كان المأمور به قراءة سورة أعمّ من هذا أو ذاك فلا يعتبر في صحّة أجزاء المأمور به في مقام الإطاعة إلّا وقوعها بقصد جزئيّتها لهذا العنوان الأعمّ، و إتيان الجزء المشترك بقصد أن يجعله جزءا لأحد الفردين لا يعيّن عليه فعله، و لا يوجب بطلان هذا الجزء عند اختياره الفرد الآخر، كما لو كان مخيّرا في ذكر الركوع أو السجود بين أن يقول: «سبحان ربّي العظيم و بحمده» أو: «ربّي الأعلى» فاختار أحدهما و بدا له في الأثناء العدول إلى الآخر، أو كان مأمورا بأن يصنع إمّا الباب أو السرير، فنحت قائمة بقصد‌

______________________________
(1) كتاب الصلاة 1: 439- 440.

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 381‌

الباب ثمّ بدا له اختيار السرير، فلا مقتضي لإعادته بعد فرض اتّحاد ماهيّة الجزء و تحقّقه بداعي الخروج عن عهدة هذا التكليف المنجّز عليه، و لو سلّم لزوم إعادته في مثل الفرض فلا نسلّمه فيما لو أتى بالقدر المشترك بقصد أن يجعله جزءا لما يختاره عند الامتياز، كما لو كان مكلّفا بالمشي إمّا إلى دار زيد أو عمرو، و اشتركا في نصف الطريق فمشى هذا النصف عازما على اختيار أحد الفردين لدى الامتياز.

و دعوى أنّه لا بدّ في امتثال الأمر التخييري من اختيار أحد الفردين من حين الأخذ في الامتثال عريّة عن الشاهد، بل الشواهد على خلافها.

و أمّا الوجه الأوّل: فيرد عليه ما اعترضه قدّس سرّه على نفسه و دفعه بما لا يسلم عن الخدشة حيث قال- بعد أن فرّع على الوجهين المزبورين أنّ مجرّد قصد سورة غير معيّنة بالبسملة لا يوجب قابليّتها لأن تضمّ إلى سورة معيّنة فتصير جزءا منها- ما لفظه بأدنى اختلاف في التعبير:

فإن قلت: هذه البسملة التي قرأها بقصد سورة لا بعينها لا شكّ في أنّه يصدق عليها القرآن، فإذا صدق عليها القرآن فإمّا أن يصدق عليها أنّها بعض من سورة دون سورة، و إمّا أن يصدق عليها أنّها بعض من كلّ سورة بمعنى أنّها قابلة لها؛ إذ لو لم يصدق عليها أنّها بعض سورة أصلا، لم يصدق عليها القرآن، مع أنّه صادق عليها قطعا، و لا يجوز أن يصدق عليها بعض من سورة دون أخرى، فتعيّن كونها بعضا من كلّ سورة بمعنى قابليّتها لذلك.

قلت: كونها قرآنا مسلّم و يصدق عليها أنّها جزء من كلّ سورة بمعنى أنّها قابلة لأن يقصد بها حين القراءة كلّ سورة، لا أنّ هذه التي لم يقصد بها سورة قابلة لأن تصير بعد الضمّ جزءا من كلّ سورة، و لا تنافي بين أن‌

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 382‌

يصدق كلّيّ على شي‌ء، كالقرآن على البسملة التي لم يقصد لسورة، و أن لا يصدق عليه أنّه جزء من هذه السورة و لا من ذيك و لا من تلك، نظيره:

ما إذا طلب المخاطب الإتيان برجل مبهم شائع، فإنّه يصدق عليه أنّه طلب رجلا، لكن لا يصدق عليه أنّه طلب زيدا و لا أنّه طلب عمروا و لا أنّه طلب بكرا و إن كان كلّ من أتى به حصل الامتثال، لكن الكلام في تمثيل القراءة و تشبيهها بالطلب، و أنّه لا يجب على ما يعرض للواحد المبهم أن يعرض لشي‌ء من الآحاد الخاصّة، فإنّا نرى بالعيان أنّ من قصد بالبسملة مجرّد القرآن لا يصدق عليه أنّه قرأ بعض سورة التوحيد و لا بعض سورة كذا و لا بعض سورة العزيمة، فكلّ حكم يترتّب على سورة خاصّة و جزئها لا يترتّب على قراءة هذه البسملة، فإذا أمر الشارع تخييرا بقراءة سورة من بين السّور، فلا بدّ من أن يصدق حين القراءة أنّه مشغول بالسورة الفلانيّة، و هذا مسلوب عن هذا الشخص «1». انتهى.

أقول: بعد فرض صدق قراءة القرآن على هذه البسملة كما هو الحقّ وجب أن يكون المقروء من أجزاء القرآن؛ ضرورة عدم صدق قراءة القرآن على قراءة ما ليس من أجزائه، فصحّة سلب القراءة عن كلّ جزء جزء يناقض ثبوتها في الجملة، فالذي يصحّ سلبه هو نفيه عن كلّ واحدة منها بعنوانها المخصوص بها من جزئيّتها لهذه السورة أم من ذيك، و أمّا بعنوان كونها بسملة من حيث هي فكلّ منها مصداق لها، كما في مثال الطلب، فإنّ معنى أنّه لم يطلب زيدا أو عمروا أو بكرا هو أنّ واحدا منها بخصوصه لم يتعلّق به الطلب، لا أنّه مغاير لما تعلّق به الطلب، و هو فرد ما من الرجل،

______________________________
(1) كتاب الصلاة 1: 441- 442.

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 383‌

و إلّا امتنع تحقّق الامتثال به، بل كلّ منها مصداق للمطلوب و لكن خصوص شخصه غير مقصود بالطلب، فهذا معنى أنّه لم يطلب زيدا، و إلّا فما يأتي به من المصاديق عين ما تعلّق به الطلب، فإنّ الكلّيّ الطبيعي الذي هو متعلّق الطلب عين مصاديقه الخارجيّة، ففيما نحن فيه نقول: إذا التفت إجمالا إلى وجود البسملة في القرآن أو قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلٰاءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ* في سورة الرحمن، فقرأها في صلاته بقصد تلك الآية التي تصوّرها على سبيل الإجمال، صدق عليه أنّه قرأ آية من القرآن أو من سورة الرحمن، و لكن المقروء هو طبيعة تلك الآية الصادقة على كلّ من مصاديقها، فيصدق على كلّ منها أنّها هي الآية التي قرأها و لكن لا على وجه يميّزها عمّا يشاركها في الماهيّة، فيصحّ أن يجعلها جزءا من أيّ سورة شاء بانضمام الباقي إليها؛ لأنّه بعد الانضمام يصدق أنّه قرأ مجموع هذه الآيات التي هي تمام السورة، أمّا جزؤها الأوّل الذي هو البسملة فقد قرأها على سبيل الإبهام و الإجمال، و ما عداه تفصيلا.

نعم، لا يقع مثل هذه القراءة إطاعة للأمر بقراءة هذه السورة لو كانت هي بعينها متعلّقة للطلب، كما في فاتحة الكتاب؛ لعدم وقوع جزئها الأوّل على الوجه الذي تعلّق به الطلب، أي بعنوان جزئيّتها لهذه السورة، و أمّا إذا كان المأمور به قراءة سورة على الإطلاق كما فيما نحن فيه، فلا مانع عن صحّتها بعد فرض كون هذا العنوان مقصودا له حال الإتيان ببسملتها.

فالأظهر عدم اعتبار قصد سورة معيّنة، و لكن لو عيّنها خرجت البسملة عن صلاحيّة الجزئيّة لما عداها، فلو بدا له العدول حينئذ فعليه إعادة البسملة، بخلاف ما لو قرأها على جهة الإبهام و الإجمال، كما يظهر وجهه ممّا مرّ.

 

مصباح الفقيه، ج‌12، ص: 384‌

ثمّ إنّا لو اعتبرنا التعيين، يكفي في حصوله القصد الإجمالي الموجب لاختيار سورة خاصّة في صلاته بمقتضى عادته، فلا مناقضة بين ما حكي عن الشهيد و المحقّق الثاني و غيرهما من الفتوى بصحّة الصلاة فيما لو جرى على لسانه بسملة مع سورة؛ مستدلّين بتحقّق الامتثال، و بين ما حكي عنهم من اعتبار التعيين «1»؛ فإنّ جري المجموع على لسانه لا يكون إلّا بداع واحد، فلا يعقل أن تكون البسملة الجارية على لسانه غير بسملة تلك السورة حتى لو فرض كون منشئه مجرّد تعويد اللسان و حصول النطق بها لا عن قصد، كما في النائم، فإنّ التعويد يؤثّر في النطق بما تعوّد به، و هو المجموع، دون غيره، فلا يشكل صحّة صلاته في مثل هذا الفرض أيضا من هذه الجهة، بل من حيث اعتبار قصد الإطاعة في أجزاء الصلاة، فلو لم يكن ذهوله منافيا لانبعاث ما جرى على لسانه عن عزم إطاعة الأمر بالصلاة كما هو المعتبر في سائر أجزائها، لا يكون منافيا لصحّتها، كما ربما يومئ إليه بعض الأخبار الآتية في مسألة العدول.

 

***********************

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 170‌

بأيدينا من الاخبار و اللّه تعالى هو العالم و طريق الاحتياط واضح.

[مسألة] في جزئية البسملة

و البسملة جزء في افتتاح كل سورة الا البراءة اما فاتحة الكتاب فهو قول علمائنا اجمع كما في المدارك و قد ورد بذلك روايات كثيرة كصحيحة محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن السبع المثاني و القرآن العظيم هي الفاتحة قال عليه السّلام نعم قلت بسم اللّه الرحمن الرحيم من السبع قال عليه السّلام نعم هي أفضلهن و صحيحة معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام إذا قمت إلى الصلاة اقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم قال عليه السّلام نعم قلت فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم مع السورة قال عليه السّلام نعم و المروي عن العسكري عليه السّلام عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات عليه و عليهم أجمعين في حديث انه عليه السّلام قال بسم اللّه الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب و هي سبع آيات تمامها بسم اللّه الرحمن الرحيم و في عيون الاخبار قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام أخبرنا عن بسم اللّه الرحمن الرحيم أ هى من فاتحة الكتاب قال فقال عليه السّلام نعم فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرؤها و يعدها آية منها و يقول فاتحة الكتاب هي سبع المثاني و لا يعارضها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون اما ما فيستفتح بالحمد و لا يقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم فقال لا يضر و لا بأس لأن فرض السائل المصلى اماما يدل على ان ورائه من يترك البسملة و كان ممن يتقى منه و الا لم يكن لذكر الإمام خصوصية في هذا السؤال فيكون حاصل السؤال ان من ترك البسملة في الفاتحة تقية هل تجزى صلوته أو يجب الإعادة فأجاب عليه السّلام بعدم وجوب الإعادة.

و اما كونها جزء لسائر السور سوى البراءة فقد قال به الشيخ قدس سره في المبسوط و الخلاف و به قطع عامة المتأخرين كما في المدارك و يدل عليه بعض الاخبار مثل ما رواه معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام إذا قمت للصلاة اقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب قال عليه السّلام نعم قلت فإذا قرأت فاتحة القرآن اقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم مع السورة قال عليه السّلام نعم و عن يحيى بن ابى عمران قال كتبت الى ابى جعفر عليه السّلام جعلت فداك‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 171‌

ما تقولون في رجل ابتدء ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلوته وحده في أم الكتاب فلما صار الى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي ليس بذلك بأس فكتب بخطه يعيدها مرتين على زعم أنفه يعني العباسي.

و بإزاء ما ذكر صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال سألته عن الرجل يفتتح القراءة في الصلاة يقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم قال عليه السّلام نعم فإذا افتتح الصلاة فليقلها في أول ما يفتتح ثم يكفيه ما بعد ذلك و صحيحة عبيد اللّه بن على و أخيه محمد بن على الحلبيين عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انهما سئلاه عمن يقرء بسم اللّه الرحمن الرحيم حين يريد يقرء فاتحة الكتاب قال عليه السّلام نعم ان شاء سرا و ان شاء جهرا فقالا فيقرأها مع السورة الأخرى فقال عليه السّلام لا و الصحيحة الأولى تدل على عدم وجوب البسملة في الحمد أيضا في الركعة الثانية و هو خلاف الإجماع و الاخبار و هذا شاهد قوى على ورودها مورد التقية كما ان قوله عليه السّلام في الصحيحة الثانية نعم ان شاء سرا و ان شاء جهرا مشعر بذلك فالعمل بالأخبار السابقة لذهاب المشهور اليه متعين و اللّه العالم.

[مسألة] في لزوم تعيين السورة حين البسملة

و هل يجب ان يعين السورة الخاصة حين قراءة البسملة أو يجوز أن يكون في تلك الحالة مرددا بين سورتين أو أزيد الظاهر الأول لوجوب قراءة احدى السور المنزلة بتمامها و ما لم يقصد فيحال البسملة كونها حكاية عن البسملة المنزلة مع التوحيد مثلا لم يصدق انه قرء جزء من التوحيد و مجرد قراءة التوحيد عقيبها لا يوجب صيرورتها جزء له لان المفروض انها لم توجد بقصد حكايتها عن بسملة التوحيد فالتوحيد وجد من دون بسملة مختصة به.

و توضيح ذلك ان الجزء المشترك بين مركبين تارة لا يكون لقصد الفاعل مدخل في قابليته لان يصير جزء من كل منهما كنحت قطعة من الخشب قابلة لان تصير قائمة للسرير أو الباب فإنها لا يخرج عن القابلية سواء قصد بها ان تكون قائمة للباب أو السرير أم لم يقصد شي‌ء منهما و هكذا الحال في كل جزء مشترك بين مركبين خارجيين عينيين و اخرى يكون لقصد الفاعل‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 172‌

مدخل فيه لكن لا على وجه الحكاية عن اللفظ الأخر مثل قول القائل سبحان اللّه أو سبحان ربي فان كلا منهما لا يكون ذكرا الا بعد قصد الفاعل معناهما المشتمل على تنزيه الباري جل اسمه و الجزء المشترك بينهما يصير من اجزاء الذكر بذلك القصد و لو قصد الذكر بقوله سبحان اللّه ثم بدا له بعد التلفظ بالجزء المشترك ان يضم اليه كلمة ربى يصدق انه ذكر اللّه سبحانه بقوله سبحان ربى و ثالثة يكون جزء المركب على نحو لا يصدق عليه انه جزء لذلك المركب الا ان يؤتى به بقصد الحكاية عن الألفاظ الخاصة كقراءة اجزاء القران فان قراءة القران عبارة عن التكلم بألفاظه النوعية حكاية عن خصوص الألفاظ المنزلة لا أقول على نحو الحكاية التصديقية بأن يرجع قول القاري الحمد للّه رب العالمين إلى قضية تصديقية حاكية عن قول اللّه عز و جل على نحو التصديق الخبري بل أقول على نحو الحكاية التصورية كاستعمال اللفظ في معناه فالألفاظ المنزلة بمنزلة المعنى للألفاظ المقروة فقرائه سورة التوحيد عبارة عن التكلم بألفاظها النوعية بقصد حكاية ذلك الكلام الشخصي و ان أراد قراءة تمامها من الابتداء الى الانتهاء فلا بد أن يأتي بما يحكى عن تمام تلك القطعة الشخصية المنزلة التي أولها البسملة فإذا قرأ البسملة من دون تعيين بسملة التوحيد فما اتى بما يحكى عن البسملة التي هي جزء للتوحيد و إذا قرأ بعد ذلك باقي السورة بقصد حكاية الألفاظ الشخصية المنزلة يصدق أنه قرأ سورة التوحيد الا بسملتها و المفروض وجوب سورة تامة في الصلاة.

فإن قلت أ ليس الشخص المفروض قرء مجموع ألفاظ أولها البسملة و أخرها كفوا أحد و هل كانت سورة التوحيد مثلا الا هذه فلأي شي‌ء لا يصدق انه قرء سورة تامة قلت من المسلم انه من قرء هذا المجموع بقصد استعمال ألفاظه في معانيها لا يصدق انه قرء سورة القران فقرائه سورة القران ليست عبارة عن التكلم بألفاظها النوعية بأي نوع كان بل لا بد في صدق القرانية على التكلم بالألفاظ المذكورة من قصد الحكاية بها عن الألفاظ الشخصية المنزلة و بعبارة أوضح من قرء البسملة ثم اتى بمثل ألفاظ سورة التوحيد الى أخرها بأي نحو كان فهو و ان كانت الأبعاض المقروة اجزاء للكلام الصادر من نفسه لكن لا يكفى ذلك في صدق سورة القران الذي هو كلام اللّه المنزل بل صدق تلاوة‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 173‌

السورة التي هي الكلام المنزل منوط بقراءة أبعاضها بقصد الحكاية عن الكلام الشخصي المنزل فكل بعض لم يأت بهذا القصد لا يكون جزء من تلك السورة.

فإن قلت البسملة التي قرئها بقصد سورة لا بعينها هل هي من القران أو خارجة عنه لا سبيل الى الثاني فإذا فرضنا انها قران فلا بد من أحد أمرين اما القول بأنها جزء سورة معينة و اما القول بأنها جزء أي سورة قرأها بعد ذلك لا سبيل إلى الأول قطعا فيتعين الثاني قلت كونها من القران مسلم فإنه بعد فرض كون الأشخاص منزلة فالجامع بينها منزل قطعا و لكن لا يلزم من حكاية الجامع حكاية الشخص الا ترى انه لو جاء زيد يصدق جاء انسان و لكن ليس الاخبار عن مجي‌ء الإنسان حكاية عن مجي‌ء زيد و لا عن مجي‌ء غيره من الأشخاص و قد عرفت ان صدق قراءة القران يتوقف على التكلم بألفاظ النوعية على سبيل الحكاية عن الكلام المنزل فان قصد به الحكاية عن الجامع بين الكلامين يصدق عليه قراءة القران و لكن لا يصدق عليه قراءة القران الخاص لانه ما قصد الحكاية عن الشخص فظهر انه بعد ما فرضنا ان قراءة البسملة بقصد احدى السور يطلق عليها قراءة القران لا يلزمنا القول بأنها جزء سورة معينة و لا جزء أي سورة قرئها بعد ذلك نعم كانت قابلة لان يقصد بها سورة معينة حين القراءة لا ان هذه التي لم يقصد بها سورة معينة قابلة لان تصير جزء لكل سورة ضمها إليها هذا مما استفدنا من كلمات شيخنا المرتضى قدس اللّه نفسه الزكية و لقد أجاد فيما أفاد.

في نقل إيراد بعض الأعاظم قدس سرهم و قد تعرض للإيراد عليه بعض الأعاظم من علماء العصر قدس سره.

قال بعد فرض صدق قراءة القران على هذه البسملة كما هو الحق وجب ان يكون المقرو من اجزاء القران ضرورة عدم صدق قراءة القران على قراءة ما ليس من اجزائه فصحة سلبه القراءة عن كل جزء جزء يناقض ثبوتها في الجملة فالذي يصح سلب هو نفيه عن كل واحدة منها بعنوانها المخصوص بها من جزئيتها لهذه السورة أم من ذيك و اما بعنوان كونها بسملة من حيث هي فكل منها مصداق لها كما في مثال الطلب فان‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 174‌

معنى انه لم يطلب زيدا أو عمرا أو بكرا هو ان واحدا منها بخصوصه لم يتعلق به الطلب لا انه مغاير لما تعلق به الطلب و هو فرد ما من الرجل و الا امتنع تحقق الامتثال به بل كل منها مصداق للمطلوب و لكن خصوص شخصه غير مقصود بالطلب فهذا معنى انه لم يطلب زيدا و الا فما يأتي به من المصاديق أينما تعلق به الطلب فإن الكلي الطبيعي الذي هو متعلق الطلب اين مصاديقه الخارجية ففيما نحن فيه نقول إذا التفت إجمالا إلى وجود البسملة في القران أو قوله تعالى «فَبِأَيِّ آلٰاءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ»* في سورة الرحمن فقرئها في صلوته بقصد تلك الاية التي تصورها على سبيل الإجمال صدق عليه انه قرء آية من القران أو من سورة الرحمن فقرئها في صلوته بقصد تلك الآية التي تصورها على سبيل الإجمال صدق عليه انه قرء آية من القرآن أو من سورة الرحمن لكن المقر و هو طبيعة تلك الآية الصادقة على كل من مصاديقها فيصدق على كل منها انها هي الآية التي قرأها و لكن لا على وجه يميزها عما يشاركها في المهية فيصح ان يجعلها جزء من أي سورة شاء بانضمام الباقي إليها لأنه بعد الانضمام يصدق انه قرء مجموع هذه الآيات التي هي تمام السورة أما الجزء الأول الذي هو البسملة فقد قرئها على سبيل الإبهام و الإجمال و ما عداه تفصيلا نعم لا يقع مثل هذه القراءة اطاعة للأمر بقراءة هذه السورة لو كانت هي بعينها متعلقة للطلب كما في فاتحة الكتاب لعدم وقوع جزئها الأول على الوجه الذي تعلق به الطلب اى بعنوان جزئيتها لهذه السورة و اما إذا كان المأمور به قراءة سورة على الإطلاق كما فيما نحن فيه فلا مانع عن صحتها بعد فرض كون هذا العنوان مقصودا له حال الإتيان ببسملتها فالأظهر عدم اعتبار قصد سورة معينة و لكن لو عينها خرجت البسملة عن صلاحية الجزئية لما عداها انتهى كلامه رفع مقامه.

في الجواب عنه أقول و ان ظهر الإشكال في كلماته مما بينا لكن نقول زيادة للتوضيح ان أمر الشارع بقراءة احدى السور حاله بعينه حال الطلب المتعلق بالطبيعة كما بينه المستشكل ثم نسئل منه ان امتثال الأمر المذكور هل هو إلا الإتيان بفرد خاص منها لا سبيل له إلى إنكار ذلك فاذن امتثال أمر الشارع بإتيان احدى السور أو طبيعة السورة القرانية ليس إلا إتيان السورة المعينة التي يقال‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 175‌

لها التوحيد معينا أو الجحد أو غير ذلك ثم نسئل منه انه لو قرء بسملة على نحو الإجمال و الإبهام ثم قرء بقية سورة التوحيد هل يصدق انه قرء سورة خاصة و هي سورة التوحيد فان قال نعم كما هو مقصوده الأصلي يقال له فلو فرضنا أنها المأمور بها بالخصوص تحقق الامتثال فلم أنكر ذلك و قال في طي كلامه نعم لا يقع مثل هذه القراءة اطاعة للأمر بقراءة هذه السورة لو كانت هي بعينها متعلقة للطلب و ان قال انه لا يصدق على نحو هذه القراءة قراءة سورة معينة فلا بد ان يلتزم بوجوب قصد التعيين أول القراءة و الحاصل ان الطلب و ان كان متعلقا بطبيعة السورة القرانية أو بإحدى السور و لكن امتثاله ليس بإتيان احدى السور على سبيل الإبهام بل الامتثال لا يقع إلا بإتيان السورة المعينة و ان شئت زيادة توضيح لذلك فلاحظ إذا قال الآمر بع أحد هذين العبدين فهل يكون امتثاله الا ببيع الأحد المعين و ان كان متعلق طلب الأمر بيع أحد العبدين على سبيل الإجمال و الإبهام و السر في ذلك ان متعلق الطلب بيع أحدهما المعين لكن جعل التعيين على عهدة المأمور و ما نحن فيه من هذا القبيل بعينه فإن أمر الشارع بقراءة سورة من السور القرانية على سبيل الإجمال و عدم تعيينها من قبل الشارع يقتضي إتيان سورة معينة مشخصة في الخارج و لكن التعيين جعل على عهدة المكلف و اختياره فإذا قرء البسملة و لم يعين سورة خاصة لا يمكن ان تصير بعد انضمام بقية سورة معينة جزء لتلك السورة المخصوصة فإن البسملة و ان كانت من أول القراءة قابلة لان تصير جزء لسورة خاصة و لكنها بعد وجودها على سبيل الإهمال و الإجمال لا يمكن ان يجعل الألفاظ المقروة الماضية حكاية عن البسملة الشخصية و لقد أطلنا الكلام توضيحا لكلمات شيخ مشايخنا العظام عليه رحمة اللّه الملك العلام.

في المناقشة الأخرى مع جوابها و يمكن ان يناقش في ذلك بان ما ذكرنا سابقا من لزوم تعيين سورة خاصة عند قرائه البسملة مبنى على لزوم كون المقرو في الصلاة سورة شخصية خاصة بمعنى انه يجب على المصلى قراءة سورة معينة يختارها بحيث يصدق على ما قرأها في الخارج اما تمام‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 176‌

سورة التوحيد و اما تمام الجحد و اما غيرهما بعنوانها المخصوص و لكن يمكن ان يمنع ذلك و يقال يكفى قراءة قطعه خاصة يطلق عليها سورة تامة و ان لم يطلق عليها خصوص سورة خاصة فإن الطبيعة المأمور بها أعني السورة التامة تصدق على ما ذكرنا و عدم تحقق الامتثال إلا بإيجاد فرد معين انما هو فيما لم يمكن غير ذلك و اما في الطبائع التي يكون وجود إفرادها متقوما بالقصد فيمكن إيجاد إفرادها على نحو الإبهام فإن القصد يمكن تعلقه بالمبهم مثلا لو أمر الأمر ببيع أحد عبديه فكما انه يمكن امتثاله ببيع الأحد المعين من عبديه كذلك يمكن امتثاله ببيع أحدهما على سبيل الإهمال و فيما نحن فيه لو قرء بسملة بقصد البسملة النازلة فقد قرء جزء من احدى السور القرآنية على سبيل الإجمال و لو انضم إليها بقية سورة الجحد مثلا الى آخرها يصدق انه قرء سورة تامة و ان لم يصدق انه قرء سورة الجحد تامة فإن نقص سورة الجحد ليس الا من جهة البسملة لكن المفروض وجود البسملة لإحدى السور فإذا انضمت إلى بقية سورة الجحد الى آخرها يطلق عليها سورة تامة.

و فيه بعد تسليم أن إتيان سورة بهذا النحو يصدق عليها سورة تامة ان صحة ذلك مبنية على ان متعلق الطلب يكون طبيعة السورة و هو خلاف الظاهر بل الظاهر وجوب سورة من السور على سبيل الفرد المردد كما ان المثال المذكور ايضا ظاهر في ذلك فان قول القائل بعني أحد عبديك ظاهر في أحدهما المعين المشخص لكن التعيين جعل على عهدة المأمور فظهر مما ذكرنا كله ان تعيين السورة لازم عند قرائتها لكن لا يخفى انه لا يلزم التعيين تفصيلا بل يكفى على نحو الإجمال لما ارتكز في ذهنه و ان لم يلتفت تفصيلا فمن يرى نفسه في آخر سورة أو في أواسطها يكفيه ذلك فان دخوله في سورة خاصة بعد البسملة يكشف عن تعينها في نفسه و ان لم يكن ملتفتا إليها تفصيلا و يمكن ان يقال ان الإشارة إلى شخص سورة بوجه من الوجوه تعيين لها بنحو الإجمال كالإشارة إلى شخص السورة الخاصة التي يختارها في علم اللّه تعالى أو نحو ذلك و مما ذكرنا يتضح الحال فيما إذا عين سورة فقرء أخرى فإنه لا يكفى بطريق أولى.

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 177‌

في بعض فروع المقام

الأول لو عين حين البسملة احدى السورتين من الجحد و التوحيد و نسي ما عينه

فان قلنا بجواز العدول من إحديهما إلى الأخرى فطريق الاحتياط ان يقرء بسملة بقصد إحديهما معينة و يقصد بذلك القربة المطلقة فإن كان ما عينه ثانيا هو الذي عينه أولا في الواقع فلا بأس فإنه ما صدر منه الا تكرار البسملة بقصد القربة و ان كان غيره فقد عدل من احدى السورتين إلى الأخرى و لا بأس أيضا كما هو المفروض و اما ان قلنا بعدم جواز العدول من إحديهما إلى الأخرى كما لا يجوز العدول من إحديهما إلى غيرهما فيشكل الأمر الا ان يقال بان المتيقن من أدلة عدم جواز العدول صورة العلم بتحقق العدول فلا يشمل ما نحن فيه و ان كان عدولا في نفس الأمر أو يقال بجواز القران بين السورتين و ح فطريق التصحيح ان يقرء مع هذه البسملة إحديهما ثم يقرء الأخرى معينا لها في حال البسملة فإن البسملة الاولى لو كانت بقصد السورة التي قرئها أولا فقد أوجد سورة كاملة بالأولى و لا يضر قراءة سورة أخرى بقصد القربة كما هو المفروض و لو كانت بقصد الثانية فقد اتى بسورة كاملة بالثانية غاية الأمر تكرار البسملة فيها و وقوع الاولى بلا بسملة و لا يضر ذلك أيضا.

الثاني لو عين سورة حين البسملة و لم يدر انها آية سورة من السور

فالظاهر كفاية إعادة البسملة بقصد آية سورة شاء فإنه لم يدر ان صلوته قيدت بخصوص احدى السورتين و مقتضى الأصل براءة ذمته عن هذا القيد المشكوك.

الثالث لو قرء البسملة و شك في انه هل عين معها سورة خاصة أو لا

فان قلنا بعدم كفاية الإبهام يجب عليه إعادة البسملة بقصد سورة معينة و ان قلنا بكفاية ذلك غاية الأمر لو عين سورة معها لا يكتفى بإتيان غير ما عين فهل يجوز قراءة آية سورة شاء نظرا إلى أصالة عدم تعيين سورة خاصة الأظهر العدم فان مقتضى الأدلة وجوب السورة الكاملة و أصالة عدم التعيين لا يترتب عليها ان ما اتى به هو السورة الكاملة الا بالأصل المثبت فمقتضى القاعدة على هذا القول أيضا إعادة البسملة‌

 

كتاب الصلاة (للحائري)، ص: 178‌

اما على وجه الإبهام و يقرء بعدها آية سورة شاء و اما على وجه التعيين و يقرء السورة المعينة حتى يقطع بقراءة السورة الكاملة.

الرابع لو كان بانيا من أول الصلاة أن يقرء سورة معينة فنسي و قرء سورة أخرى

سواء كانت السورة المقروة عادة له أم لا كفى و كذا لو كانت عادته سورة معينة فقرء غيرها كل ذلك من جهة ان السورة المقروة لم تصدر منه بغير قصد و اختيار بل انما تحققت من جهة نسيان الداعي السابق و حدوث داع جديد و لو لم يكن مفصلا عنده.

الخامس إذا شك في أثناء سورة أو بعد تمامها انه هل عين البسملة لها أو لغيرها و قرأها نسيانا

بنى على عدم تعيين غيرها لان النسيان خلاف الأصل.

 

*************************

 

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 155‌

المسألة الرابعة:

هل يجب تعيين السورة الخاصّة حين قراءة البسملة أولا يجب ذلك بل لو فرض كون المصلّي مرددا حين قراءة البسملة بين السورتين أو أزيد لا يضرّ ذلك و تصير البسملة جزء واحدا من السورة بتعقب ساير آيات هذه السورة عليها، فإنّ قرء البسملة بلا قصد كونها لأىّ سورة ثمّ تعقبها بآيات التوحيد تصير البسملة بسملة التوحيد و هكذا.

اعلم أنّ الناظر في كلمات الفقهاء قدس سرّه لا يرى تعرض القدماء قدس سرّه لهذه المسألة و لكن وقع الكلام فيها في كلمات المتأخرين و المشهور بين متأخرى المتأخرين هو وجوب تعيين السورة عند قراءة البسملة.

و اعلم أنّه قد يقال: بأنّه يجب التعيين بأنّه بعد كون البسملة جزء من السور و آية منها، و هي من كل سورة غيرها من السورة الاخرى فلا بدّ حين قراءتها قصد خصوص سورة حتّى تصير جزئها.

فإنّ كان الوجه هذا من باب ما قلنا في النية من أنّه إن كان الشي‌ء الّذي يوجده الشخص في الخارج قابلا لصيرورته منطبقا لعنوانين أو أزيد و بعبارة اخرى قابلا لصيرورته فردا لأكثر من طبيعة واحدة فإذا أراد الشخص أن يجعل هذا‌

______________________________
بين حفظ جزئية السورة و بين حفظ شرطية الوقت فلو لم نقل مطلقا بأهمية حفظ شرطية الوقت و لكن يمكن أن يقال بذلك في المقام لخصوصية فيه و هو أنّه بعد ما نرى من سقوط السورة بمجرد الاستيحال أو تخوف شي‌ء يمكن دعوى استكشاف عدم كونها بحد الوقت في الأهمية خصوصا في المورد الثاني و هو الدوران بين حفظ الوقت لإدراك ركعة و ترك السورة و بين العكس.

و امّا ثانيا فيمكن دعوى عدم شمول دليل اعتبار السورة لمورد ضيق الوقت و عدم إطلاق له يشمل المورد، لأنّ الدليل كان بعض الأخبار المستفاد منه مفروغية وجوب السورة في الجملة و هو العمدة لكون العمل على إتيانها و لا إطلاق له يشمل حتّى مورد ضيق الوقت فتأمل. (المقرر)

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 156‌

الشي‌ء مصداقا و فردا لأحد من العنوانين أو الطبيعتين فلا بدّ من القصد و امتازه بمصداقيته لأحد من العناوين بالقصد كما قلنا في الظهر و العصر من أنّه بعد كون الظهر و العصر طبيعتين مختلفتين فلو أراد المكلف أن يصير أربع ركعات الّتي يأتى بها ظهرا أو عصرا، فلا بدّ من أن يقصد حين إتيانها بأنّها الصّلاة الظهر أو العصر فكل ما قصد تصير فردا و مصداقا لها، فكما أنّ الظهرية و العصرية محتاج إلى القصد فهكذا نقول في المقام بأنّه بعد كون البسملة من سورة خاصة غير البسملة من سورة اخرى فلا بد من أن يقصد حين قراءتها بأنّها تكون البسملة لأىّ سورة.

فيقال في جوابه: بأنّه ليس المقام كذلك لأنّ البسملة من كل سورة ليست طبيعة في قبال البسملة من سورة اخرى بمعنى كون كل بسملة من كل سورة طبيعة غير طبيعة البسملة من سورة اخرى و بعبارة اخرى ليست البسملات من السور طبائعا مختلفة بل البسملة ليست الا طبيعة واحدة من كل سورة كانت، فكل بسملة من كل سورة فرد من هذه الطبيعة الواحدة و لا يمكن أن يقال: بكونها طبائعا مختلفة فعلى هذا يظهر لك كما قلنا في النية بأنّه إن كان لطبيعة واحدة فردان أو اكثر فانطباق الخارج على الطبيعة و صيرورته فردا لها غير محتاج إلى القصد لما قلنا في القصر و الاتمام فلا حاجة في مقام الاداء من قصد القصرية أو الاتمامية إنّ في المقام مقتضى ذلك أعنى: كون كل البسملات فردا لطبيعة واحدة هو عدم اعتبار قصد سورة خاصة حين قراءة البسملة بل بمجرد أدائها قربة إلى اللّه و تعقب آيات سورة من السور إليها تصير البسملة جزء لهذه السورة الخاصّة فعلى هذا يظهر في النظر البدوى عدم اعتبار قصد التعيين في البسملة.

و لكن مع إمعان النظر في كلمات القائلين بقصد التعيين يكشف كون نظرهم إلى جهة اخرى في وجه اعتبار قصد التعيين و هو أن يقال: بأنّه لا إشكال في كون‌

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 157‌

المأمور به هو قراءة سورة من سور القرآن المجيد و لا إشكال في أنّ المعتبر في القراءة هو الحكاية بمعنى: أن القاري يحكي عن المحكي و بعبارة اخرى يكون تكلّمه بالكلام بعنوان الحكاية عن كلام الغير فإذا قرئها بعنوان الحكاية يعدّ حكاية و إلّا فلا، فمن يقرأ القرآن أو شعرا من الأشعار فلا يعدّ قراءة القرآن إلّا إذا كان حكاية عن المنزل من اللّه تعالى بقلب رسوله الخاتم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كما أنّه لا يصدق أنّه قرأ شعرا مرء القيس مثلا الّا إذا كان قاصدا حكاية شعره.

فعلى هذا بعد ما وجب قراءة السورة في الصّلاة و على الفرض تكون البسملة جزء لها، فمتى لا يقصد القارى حكاية هذا الكلام الخاص و سورة مخصوصة في قبال ساير السور فلا يصدق أنّه قرأ هذه السورة الخاصّة فإذا قرء البسملة فإن قرئها بقصد السورة التوحيد مثلا يصدق عليها حكاية البسملة من سورة التوحيد و أمّا إذا قرئها لا بقصد سورة التوحيد بل قرئها بقصد مجرد قراءة القرآن فلا يعدّ قراءة البسملة من سورة التوحيد و إن يعدّ قراءة القرآن و حكاية القرآن.

فظهر ممّا ذكر من أنّه بعد كون المأمور به هو قراءة سورة خاصة و بعد ما لا تصدق القراءة إلّا إذا كان بعنوان حكاية خصوص سورة خاصة منزلة من السماء فمتى قصد البسملة من سورة خاصة و حكايته هذه البسملة الخاصّة من سورة مخصوصة يتحقّق موضوع القراءة و الّا فلا فلأجل هذا يعتبر قصد التعيين.

هذا حاصل ما يمكن أن يقال في توجيه اعتبار قصد تعيين السورة في البسملة كما يظهر ذلك ممّا نقل من كلام الشّيخ الانصاري رحمه اللّه «1»، و على هذا لا فرق بين بسملة الفاتحة و بسملة ساير السور فكما يعتبر القصد في صيرورة البسملة جزء لسائر‌

______________________________
(1)- كتاب الصّلاة للمحقّق الحائري، ص 173- 172.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 158‌

السور كذلك في الفاتحة ثمّ يظهر من بعض ناقلي كلامه رحمه اللّه «1» إشكال و جواب.

[في ذكر اشكال و دفعه]

أمّا الاشكال فحاصله هو أنّه على ما قلت فمن قصد عند قراءة البسملة طبيعة القرآن و بعبارة اخرى قرئها بقصد مجرد القرآنية و لم يقصد حين قراءتها خصوص البسملة من سورة فقد قرأ القرآن و إن كان هو لم يقرأ آية خاصة من سورة و الحال أنّ ذلك غير ممكن حيث إنّ البسملة المنزلة من السماء ليست إلّا خصوص البسملات التي نزلت في أوّل السور و ليست بسملة غيرها، فبعد عدم كون البسملة الّتي هي جزء القرآن غير أفراد البسملات المنزلة في أوّل السور فكيف تقول: بأنّ قاري البسملة الناوية فيها مجرد قراءة القرآن بدون تعيين سورة خاصة معينة قرأ القرآن و الحال أنّك قلت لا يصدق قراءة القرآن إلّا إذا قصد بها حكاية المنزل من اللّه تعالى حين قراءته و على الفرض ليس المنزل إلّا خصوص البسملات النازلة في أوائل السور لا طبيعة السورة فعلى هذا كيف يمكن أن يتحقّق قراءة القرآن مع عدم قصد البسملة الخاصة؟ و كيف تقول بمن قصد حكاية القرآن بقراءة السورة لا خصوص حكاية البسملة من سورة معينة بأنّه قرأ القرآن؟

و أمّا الجواب فهو أنّه لا مانع من حكاية الطبيعة و الإخبار عنها مع عدم إخبار عن فرد من أفرادها كما ترى أنّ من رأي زيدا رأى إنسانا أيضا من باب رؤيته زيدا، و لكن كما يمكن له الأخبار عن زيد أو عن الانسان و زيد كذلك يمكن له الإخبار عن نفس الانسان بدون إخبار عن زيد فيقول: رأيت الانسان فهو حكى و أخبر عن الطبيعة و لا يخبر عن فردها أصلا فهكذا نقول في المقام و الحاصل انّه بعد كون حقيقة القرآن هو الحكاية فلا تتحقق الحكاية إلا قصد المحكي و بعد كون‌

______________________________
(1)- كتاب الصّلاة للمحقّق الحائري، ص 173- 174- 175.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 159‌

الواجب قراءة سورة خاصة فلا بدّ من أن يقصد سورة خاصة عند قراءة البسملة.

و لقائل أن يقول: بأنّ المعتبر في باب نقل كلام الغير هو كون الكلام حكاية عنه بحيث يكون الحاكي فانيا في المحكى و مندكا فيه بنحو لا يرى إلّا المحكى كالناظر في المرآت الغافل في نظره عن المرآت، لأنّه بعد كون الكلام الصادر من اللّه تعالى أو من غيره كلاما خاصا و وجودا مخصوصا، فلا يمكن قراءة نفس هذا الكلام الموجود و حكايته، فلا بدّ من إيجاده بالوجود التنزيلي، لأنّ القرآن صدر من اللّه تعالى و وقع في قلب رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فلا يمكن قراءة خصوص ما صدر منه تعالى، فمعنى قراءة القرآن أو قراءة سورة منه هي إيجادها بالوجود التنزيلى و هو بجعل ألفاظه حكاية عن الألفاظ المنزلة لأنّه بعد ما يكون لكل شي‌ء وجودات أربعة: (ذهني و خارجي و كتبي و لفظي)، و بعد عدم إمكان وجوده الخاص خارجا، فمعنى قراءته هو إيجاده بالوجود التنزيلي و هو اللفظي فيكون قراءة القرآن أو قراءة شعر الغير أو كلام الغير عبارة عن حكايته و معنى الحكاية جعل الحاكي فانيا في المحكى و عدم كون النظر إلّا إلى المحكي كما ترى في مقام استعمال اللفظ و إرادة معناه، فإنّ المتلفظ به يجعله مندكا في معناه، غاية الأمر في مقام حكاية القرآن و قراءته لا يكون من قبيل استعمال اللفظ في المعنى بل يكون من قبيل استعمال اللفظ في اللفظ، و بعد ما عرفت ذلك فليس في الحاكى إلّا كل خصوصية موجودة في المحكي و لا يمكن غير ذلك لأنّ معنى الحكاية هي جعلها قالبا للمحكي و فانيا فيه، فلا بدّ من كون الحاكي متخصصا بكل ما تخصص به المحكى لا أزيد و لا أقل، فبأيّ نحو يكون المحكي لا بدّ و أن يكون الحاكي فعلى هذا لا بدّ لنا في أن نفهم بأنّ المحكي يكون متخصصا بأيّ خصوصية تجعل الحاكى متخصصا به حتّى يكون حكاية عنه و إلّا لم يكن حكاية عنه.

[في ذكر وجه لعدم لزوم قصد كون بسملة جزء لسورة معينة]

إذا عرفت ذلك فبعد ما نرجع إلى بسملات السور من القرآن و وضع نزولها،

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 160‌

فلا نرى لها تخصص بخصوصية في صيرورتها قرآنا و من كلامه المنزل إلّا صدورها من اللّه تعالى و تعقب آيات كل سورة بها فبسملة التوحيد لا يتخصص بكونها بسملته إلّا بتعقب آيات التوحيد بها ليس إلّا و هكذا البسملات من ساير السور فبعد كون الأمر كذلك فالبسملة الّتي تكون حاكية عن بسملة سورة التوحيد أو غيرها من السور لا تحتاج في صيرورتها حاكية عن البسملة من سورة التوحيد إلّا بتعقب آيات التوحيد بها و كذا في الحكاية عن البسملات من غير التوحيد من السور و لا تحتاج في كونها حاكية عنها إلى أمر آخر لما قلنا من أنّ الحكاية لا تقتضى إلّا هذا.

فعلى هذا يمكن أن يقال: بعدم اعتبار قصد تعيين سورة خاصة في البسملة بل إذا قرئها بقصد القرآنية فتصير جزء لسورة خاصة بمجرد تعقب آيات هذه السورة الخاصة بها و لو لم يكن قاصدا لهذه السورة حين قراءة البسملة.

[في ذكر اشكال و دفعه]

إن قلت: بأنّ كل بسملة من البسملات متخصصة ببعض خصوصيات لم يتخصص به ساير السور مثلا أحدها مدنية و الاخرى مكية و كذا خصوصية الزمان و المكان فلا يمكن حكاية هذه البسملة المختصّة ببعض هذه الخصوصيات إلّا إذا قصدها بخصوصها.

قلت: إنّ هذا النحو من الخصوصيات ليس ممّا يتعلق به الطلب فإذا وجبت قراءة سورة خاصة فلا يجب الّا قراءة هذه القطعة من القرآن النازل منه تعالى و أمّا خصوصية الزمان و المكان و نحوها فلم يتعلق به الغرض أو الطلب حتّى يحتاج في مقام الامتثال من القصد هذه الخصوصيات.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 161‌

[فى نقل كلام الشيخ و الاشكال عليه و الجواب عنه]

ثمّ نقول توضيحا للمطلب: بأنّ شيخ رحمه اللّه «1» اختار وجوب تعيين السورة و ذكرنا حاصل ما أفاده و هو بنحو الاجمال أنّ الواجب على ما يظهر من دليل اعتبار السورة قراءة سورة خاصة و القراءة عبارة عن اتيانها بعنوان الحكاية عن السورة المنزلة فالحكاية لا تحصل إلّا باتيان البسملة بقصد سورة مخصوصة فلو قرئها لا بقصد القرآن لا تصدق قراءة القرآن و لو قرئها بقصد القرآن و لا يقصد به قراءة البسملة من السورة الخاصّة يصدق أنّه قرأ آية من القرآن و لا يصدق انّه قرأ بسملة من سورة خاصة.

و استشكل عليه كما ذكرنا: بأنّه إذا قرأ القاري البسملة بقصد القرآن و لكن لا يقصد البسملة من سورة خاصة فإمّا إنّك تقول: ليس القاري لها قارى القرآن أصلا فواضح الفساد و إمّا أن تقول: إنّها قراءة القرآن فإمّا أن تقول: بأنّها جزء من سورة خاصة فعلى الفرض لا يمكن لأنّ القاري لم يقصد سورة خاصة و إن تقل بأنّها تصير جزء لكل سورة تتعقبها آياتها فهو المطلوب و لا يمكن أن يقال بأن عليه يصدق قراءة القرآن و لا يصدق قاري لبسملة من سورة خاصة حتّى تقول انّه مع كونه قاري القرآن لم يكن قاريا لآية من سورة خاصة.

و أجاب عن ذلك بما قلنا: بأنّه لا مانع من صدق قراءة القرآن مع عدم قصد سورة خاصة من البسملة مع عدم صدق قراءة البسملة من سورة خاصة لأنّه يمكن حكاية الطبيعة و الإخبار عنها بدون حكاية و إخبار عن الفرد بل ربما يكون الفرد مغفولا عنه حين حكاية الطبيعة لامكان ذلك كما بينا من أنّ الناظر إلى زيد رأى الانسان و رأى الفرد فيمكن أن يخبر عن رؤية الفرد و الجامع كليهما، و يمكن إخباره‌

______________________________
(1)- كتاب الصّلاة للشيخ الانصاري رحمه اللّه، ص 146 و 147 و 148.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 162‌

عن خصوص الفرد كما يمكن أن يخبر عن خصوص الجامع بدون الإخبار عن الفرد.

[في ذكر اشكال بعض الاعاظم]

ثمّ استشكل عليه بعض الأعاظم «1» بما حاصله يرجع إلى أنّه على ما بينت من يقرأ البسملة بدون قصد تعيين سورة خاصة فقد قرأ القرآن و أتى بطبيعة البسملة فهذه البسملة طبيعة قابلة الانطباق و الجمع مع كل مصاديقها من البسملات فتصدق على كل منها بأنّها هي الآية الّتي قرئها، فللمصلّي و القاري أن يجعل هذه البسملة المقروة جزء لأيّ سورة شاء بانضمام باقى السورة بها، لأنّه بعد الانضمام يصدق أنّه قرء جميع آيات هذه السورة من البسملة الى آخرها و إن كان قرأ البسملة من هذه السورة على سبيل الابهام و الاجمال و قرأ باقى آياتها على التفصيل و حيث إنّ الواجب في السورة ليس إلّا قراءة سورة على الاطلاق فبقراءة البسملة بقصد طبيعة البسملة القرآنية و لحوق آيات مخصوصة يصدق أنّه قرأ السورة و أطاع أمر المولى نعم في ما تكون سورة بعينها و بخصوصيتها متعلقة للطلب كالفاتحة فلا يحصل امتثاله بهذا النحو لعدم وقوع بسملتها على الوجه الّذي تعلق به الطلب.

و دفع هذا الاشكال ناقل كلام الشّيخ رحمه اللّه و حاصله هو أنّ بعد كون المأمور به قراءة سورة خاصة و إن كان المطلوب طبيعة السورة فلا يتحقّق امتثاله إلا بقراءة سورة خاصة و إن كان للمكلف اختيار أيّ سورة خاصة شاء و قراءة سورة خاصة لا تحصل إلّا بوقوع تمام السورة بقصد سورة خاصة كما قلت في الفاتحة و مجرد تعلق الأمر في الفاتحة بخصوصها و في السورة بطبيعتها، لا يوجب الفرق بينهما فى هذا الحيث حيث إن الأمر و إن كان متعلقا بالطبيعة إلّا أنّ امتثالها ليس باتيان إحدى السور على الابهام بل لا بدّ في مقام الامتثال من إتيان سورة معينة فإذا كان‌

______________________________
(1)- كتاب الصّلاة للمحقّق الحائري، ص 173.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 163‌

الامتثال هذا، فلا بدّ حين البسملة من القصد بسورة خاصة فلو قرئها و لم يعيّن سورة خاصة لا تصير البسملة جزء لسورة بمجرد تعقب ما بقى من آيات من السورة بها.

ثمّ لو نوقش في ذلك و يقال: نمنع وجوب قراءة سورة خاصة على المصلّي بل يكفي قراءة قطعة خاصة من القرآن يطلق عليها أنها سورة تامة و إن لم يصدق عليها أنّها سورة خاصة فإنّ الطبيعة المأمور بها تصدق عليها بتفصيل بيّنا.

يقال في الجواب: بأنّ الواجب هو قراءة السورة و الأمر و إن كان بطبيعة السورة لكن المطلوب إتيان فرد من أفرادها، لكن لا فرق في وجوب فرد خاص بين كون الأمر متعلقا بخصوص فرد كالأمر بفاتحة الكتاب و من كونه متعلقا بالطبيعة غاية الأمر تارة يعيّن المولى الفرد و تارة يحوّله إلى المكلف و على كل حال يكون المطلوب هو قراءة سورة خاصة فيكون الحاصل بعد كل ذلك أنّ الشّيخ رحمه اللّه و ناقلي كلامه قائلون بوجوب التعيين مبينا على أنّ القراءة حيث تكون الحكاية فلا بد في مقام الحكاية من القصد بكون المقر و حكاية عن السورة الخاصّة فيجب تعيين سورة خاصة.

و لكن نحن قلنا: بأنّه بعد كون الحاكي فانيا في المحكى، فلا يعتبر فيه إلّا ما هو موجود في المحكى، و حيث إنّ البسملة المحكى لم تصر جزء للسورة الخاصّة إلّا بلحوق آيات هذه السورة بها، فكذلك الحاكي منها.

و أمّا ما أجاب رحمه اللّه عن الاشكال الّذي أورد عليه: بأنّه لا تنافي بين حكاية الطبيعة مع عدم كونها حكاية عن فرد من أفرادها كما ترى بأنّ من رأى الانسان برؤية فرده، يصح أن يحكى رؤية الانسان بدون حكاية رؤية فرده.

فنقول: بأنّه كما أفاده إذا رأى رجل فردا من أفراد الانسان في يوم، و فردا آخر منه في يوم آخر، فصار بعد ذلك بصدد الإخبار عن رؤية الانسان لا بالفرد‌

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 164‌

الذي رأى أولا و ثانيا، فقال رأيت إنسانا، فلا إشكال في كون كلامه، إخبارا أو حكاية عن نفس الانسان بدون كونه إخبارا عن الفرد، فلو بدا له و صار بصدد الأخبار عن أحد الفردين، فهو بدون فصل طويل و هدم الموالات بعد قوله: رأيت الانسان قال: و هو زيد فهل يقع شك في أنّه أخبر عن الانسان و عن زيد مع عدم كونه في مقام تلفظ (رأيت الانسان) إلّا في مقام الأخبار و الحكاية عن رؤية طبيعة الانسان و لكن لحوق كلامه بعد بهذا الكلام صار سببا لكون مجموع قوله رأيت الانسان و هو زيد إخبارا عن الطبيعة و الفرد كليهما.

إذا عرفت ذلك نقول في المقام: بأن من يقرأ البسملة بقصد القرآنية لا بقصد سورة خاصة و إن كان في مقام الحكاية عن الطبيعة لا الفرد، و لكن لحوق آيات التوحيد أو الكوثر مثلا بها يجعلها حكاية عن سورة التوحيد أو الكوثر، و يقال: إنّه قرء سورة التوحيد أو الكوثر، فالبسملة حين قراءتها و إن لم تكن متخصصة بسورة خاصة و لكن مجرد ضمّ آيات سورة خاصة بها يجعلها جزء لهذه السورة الخاصة، و على الفرض ليس المطلوب إلّا قراءة سورة خاصة، فلا يعتبر القصد في البسملة، بل لحقوق الآيات اللاحقة تصير سببا لصيرورتها جزء لسورة خاصة و يحصل الامتثال. «1»

______________________________
(1)- أقول: أمّا ما أفاده في مقام جواب الشّيخ رحمه اللّه فغير تمام، لأنّ في المثال يكون الشخص مخبرا و حاكيا عن رؤية الانسان و زيد بتعدد الدالّ و المدلول، فقوله (رأيت الانسان) إخبار عن الطبيعة و قوله (و هو زيد) إخبار عن الفرد، لا أن قوله (رايت الانسان) بعد ضم (و هو زيد) صار حاكيا و إخبارا عن الطبيعة و الفرد كليهما، فقوله (رأيت الانسان) باق بحاله من كونه إخبارا عن خصوص الجامع، و لا ينقلب عما وقع إخبارا عنه و إن اضيف إليه قوله (و هو زيد) فكذلك البسملة بعد عدم قصد سورة خاصة وقعت إخبارا أو حكاية عن طبيعة البسملة، و لحوق آيات سورة.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 165‌

قال مدّ ظلّه بأنّه ينبغي التكلم في أمر يظهر حال هذه الجهة بعنوان فذلكة البحث، فنقول: أمّا فذلكة البحث هو أنّه هل ما يجعل البسملة جزء لسورة خاصة‌

______________________________
خاصة بها لا يجعلها منها، بل يقال: إنّه قرأ القرآن في البسملة، و قرأ آيات سورة خاصة غير بسملتها الخاصة، و هذا لا يكفي في امتثال المأمور به، لأنّ المأمور به قراءة سورة خاصة كما أفاد في جواب إشكال بعض الأعاظم.

و أمّا ما قال مدّ ظلّه من عدم وجوب القصد، و كفاية لحوق الآيات من سورة في جعل البسملة الغير القاصد بها السورة الخاصّة جزء لهذه السورة.

فاقول كما قلت بحضرته مد ظله فلنا سؤال و هو انّه على مختاركم ليس معين البسملة و كونها سورة إلا تعقب آيات السورة الخاصّة بها فعلى هذا لو اتى البسملة بقصد سورة ثمّ بدا له و أتى بما بقي من آيات سورة اخرى فلا بدّ من ان تلتزموا بصيرورتها جزء لهذه السورة لا قصدها لأنّ القصد لا يكون معنيا هل لحوق آيات كل سورة بها يجعلها من هذه السورة و أيضا لو نذر قراءة آية من سورة خاصة فأتى ببسملتها في مقام الوفاء بالنذر لم يف بنذره لانك قلت بان البسملة لا تصير موصوفا بجزئيتها لسورة خاصة إلا بتعقب ما بقي من آيات هذه السورة بها و لكن يمكن ان يقال في جواب كلا الاشكاليين بانّه يقال نحن لم نقل بعدم اعتبار قصد التعيين و يكفي مجرد قراءة البسملة بقصد القرآنية مع لحوق آيات سورة خاصة بها في صيرورتها جزء لها و لم نقل بانّه مع قصد الخلاف يكفي تعقب آيات سورة خاصة في جعلها جزء لهذه السورة لان مع قصد سورة خاصة من البسملة قصد قراءة آية من سورة خاصة لانه قصد الطبيعة و الفرد فلو قرء بعدها آيات غير السورة الّتي قصد بالبسملة فلا يوجب ذلك انقلاب البسملة عما وقع عليها بخلاف ما لو قصد بها مجرد الطبيعة لانها قابلة الانطباق مع كل فرد و بعد تعقب آيات سورة خاصة يجعل هذه البسملة جزء لهذا الفرد هذا ما يجي‌ء بنظري و لكن هو مدّ ظلّه صار في صدد الجواب عن الاشكال الّذي اوردته من ان على مبناكم يلزم عدم كون القصد من السورة الخاصة معينا للبسملة فلو اتى بها بقصد سورة خاصة ثمّ بدا له و أتى بآيات سورة اخرى تصير البسملة جزء لهذه السورة المتعقبة بها آياتها مع فرض انّه قصد بها السورة الاخرى. (المقرّر)

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 166‌

هو لحوق آيات سورة خاصة بها فقط كما يظهر من صاحب الجواهر رحمه اللّه «1» في نجات العباد، أو يكون القصد فقط كما يظهر من شيخ الانصارى رحمه اللّه «2» و من تبعه «3»، أو يكون كل واحد منهما محققا لصيرورة البسملة جزء لسورة بمعنى: أنّها تصير جزء لسورة بلحوق آيات سورة خاصة بها، كما تصير جزء لها باتيانها بقصد سورة مخصوصة.

فإنّ قلنا بالأوّل فلو قرئها بقصد سورة خاصة ثمّ بعد قراءتها بدا له و أتى بآيات سورة اخرى تصير جزء لها و إن كان قصد حين إتيانها السورة الاخرى، لأنّ محقّق صيرورتها جزء لسورة ليس إلّا لحوق آيات هذه السورة بها.

و إن قلنا بالثاني من القصد صارت جزء للسورة المقصودة و لو بدا له و قرء آيات سورة اخرى لم تصر جزء لها، و كذلك على اختيار احتمال الثالث.

[في ذكر وجوه فى المورد]

[الوجه الاوّل]

إنّما الكلام في أنّ الحق أىّ من الاحتمالات الثلاثة فنقول: انّ ما يمكن أن يكون وجها لاحتمال الثانى، و هو مختار الشيخ رحمه اللّه، وجوه:

الوجه الأوّل: قاعدة الاشتغال لأنّ الشّك يكون في المكلف به لا فى التكليف، و بعبارة اخرى يكون الشّك في مقام الامتثال بعد معلومية التكليف، لأنّ المكلف يعلم بوجوب إتيان سورة خاصة و في مقام الامتثال لا يدري أنّ الامتثال يحصل بمجرد إتيان البسملة بدون القصد، أو يتوقف الامتثال على القصد، فمقتضى قاعدة الاشتغال وجوب إتيانها مع القصد حتّى يحصل العلم بامتثال التكليف باتيان‌

______________________________
(1)- الجواهر، ج 10، ص 52- 56.

(2)- كتاب الصّلاة للشيخ الانصارى، ص 146- 147.

(3)- المحقق الحائري في كتاب صلاته، ص 171.

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 167‌

سورة تامة.

و فيه أنّ الأصل يكون مرجعا إذا لم يكن دليل اجتهادي على أحد طرفي المسألة، و معه لا تصل النوبة إلى الأصل.

[فى الوجه الثاني و الثالث]

الوجه الثاني: هو أنّه بعد كون كل بسملة من كل سورة فردا لطبيعة غير طبيعة البسملة من سورة اخرى، فكما قلنا في الظهر و العصر بأنّهما محتاجان إلى القصد، لأنّ الخارج لا يكون منطبق أحد الطبيعتين إلّا بالقصد، فهكذا في المقام.

و فيه أنّه كما قلنا كون البسملات أفرادا من طبائع مختلفة في غير محله، بل كلها أفرادا لطبيعة واحدة و أمّا الظهر و العصر فقلنا بكونهما طبيعتين لأجل الدليل، و هو بعض الأخبار الدالّة على العدول من العصر إلى الظهر حيث أنّ المستفاد منه كونهما حقيقتين مختلفتين، و إلّا لا معنى للعدول من أحدهما إلى الاخرى.

الوجه الثالث: أنّ البسملات و إن كانت أفرادا لجامع واحد و البسملة صادقة على كل أفرادها، و لذا يصدق على من قرئها أنّه قرأ القرآن، و لكن حيث إنّ حقيقة القراءة الحكاية، فلا تصدق حكاية سورة خاصة تامة الّا إذا قصد بالبسملة هذا الشخص من السورة و إن لم يقصد فلم يمتثل الأمر المتعلّق بقراءة سورة خاصة و الحاصل أنّ حكاية البسملة المتشخصة بتشخص لحقوق (قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ) أو (إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ) بها لا تتحقّق إلا بالقصد.

و فيه أنّ لحوق آية خاصة بها لم يكن من مشخصاتها، بل تشخصها إنّما جاء من نحوة وجودها، فمجرد وجودها صارت مشخصة و لا دخالة للحوق آيات خاصة بها في تشخص البسملة، فإنّ التشخص إنّما يجي‌ء بمجرد الوجود، فليس لحوق آيات خاصة من مشخصات البسملة حتّى يحتاج قصد حكاية هذه الوجود‌

 

تبيان الصلاة، ج‌5، ص: 168‌

المشخص إلى القصد بهذا العنوان أعنى: بعنوان كونها بسملة لآيات كذائية.

الوجه الرابع:

أنّ تشخص البسملة و إن لم يكن بلحوق آيات خاصة بها، إلّا أنّه في مقام الاشارة بالبسملة الخاصّة يشير بهذا اللحوق بها، فيقصد البسملة الّتي لحقتها آيات كذائية حتّى يمتاز بذلك عن ساير البسملات، بمعنى: أنّه بعد لزوم قراءة سورة خاصة و كون البسملات الطبيعة واحدة، ففي مقام القصد يقصد البسملة المتعقّبة بها آيات كذائية أى: آيات سورة خاصة، هذا بعض الوجوه، و عرفت فيما بينّا ما يمكن أن يكون وجها لهذا الاحتمال في المسألة.

و لكن مع ذلك نقول: بأنّه إن كان قصد التعيين ممّا لا بدّ منه، فكيف لم يتعرض لذلك أحد من القدماء قدس سرّه في كلماتهم مع عمومية البلوى، و لم يرد نصّ في ذلك، فيمكن أن يقال: بأنّه كما يكون المقصود في فهم المرادات و إلقاء اللفظ و إرادة معناه، هو إراءة المعنى، و لم يكن النظر الاستقلالى باللفظ أصلا، كذلك في مقام الحكاية لم يكن الحاكي إلّا في مقام الحكاية و إراءة المحكى أعنى: ما تكلم به.

ثمّ بعد ذلك نقول: بأنّ التشخص انما يجي‌ء من قبل الاستعمال فمجرد اصدار اللفظ ملازم مع تشخصه و الحاكي إنّما يحكي ما تكلم به لا الوجود المتشخص بل ما تكلّم به هو معنى كلي صادق على ما تكلم به أوّلا و ثانيا و ثالثا و هكذا، لأنّ الحاكي يحكي عن البسملة و هي و إن كانت وجوداته متشخصة و لكن هو يحكي عن الكلي الصادق على كل منها، فبعد عدم كون الحاكي إلّا في صدد حكاية هذا الكلي لا خصوص البسملة الواقعة قبل آيات سورة كذائية لعدم كون كذلك موجبا لتشخصها، نعم بعد لحوق آيات سورة كذائية بها يصدق أنّه أتى بسورة كذائية و يكفي في صدق امتثال الأمر المتعلّق بسورة خاصة.