فهرست مباحث علوم قرآنی

تلاش طحاوی در مشکل الآثار که مورد قبول علمای اهل سنت شده است

قراءة القرآن بالمعنى
ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب نحو قولك تعال وأقبل
۳- وجوه و اقوال در سبعة أحرف
۳.۱ سبعة أحرف به معنای جواز تبدیل به مترادف
۳- ترداف تسهیلي، تلقي اشتباه از سبعة أحرف، که معادل نزول قرآن من عند غیر واحد است
متن مقدمه تفسير طبري
سبعة احرف در فضائل القرآن ابوعبید قاسم بن سلام
متن فتح الباری-سبعة أحرف-ابن حجر
أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي(239 - 321 هـ = 853 - 933 م)




مسند أحمد ط الرسالة (26/ 285)
__________
(4) إسناده حسن، حرب بن ثابت هو أبو ثابت المنقري، ...
قوله: وجد من ذلك: وكان عمر أخذ من النبي صلى الله عليه وسلم على وجه آخر، فتعجب من ذلك.
قوله: "ما لم يجعل عذاب مغفرة": بأن يقرأ بعد: (إن الذين كفروا) : (أولئك أصحاب الجنة) أو بالعكس، والحاصل أن القراءة غير المغيرة لأصل المعنى على الوجوه السبعة المنزلة جائزة، وخفي ذلك على عمر، ثم ظهر له.
قلنا: وانظر لزاما ما جاء في "شرح مشكل الآثار" 8/108-134 حول موضوع القراءة بالمعنى، فقد قال: إنما كان ذلك في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد.



سنن أبي داود ت الأرنؤوط (2/ 600)
355 - باب "أنزل القرآن على سبعة أحرف"
__________
(1) إسناده صحيح. ...
قال الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" كان الصحابة يحتاجون إلى حفظ ما قد تلاه عليهم - صلى الله عليه وسلم - مما أنزله الله عز وجل عليه من القرآن ليقرؤوه في صلاتهم، وليعلموا به شرائع دينهم، فوسع عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم - صلى الله عليه وسلم - التي قرأه بها عليهم فوسع لهم في ذلك بما ذكر ثم احتج بحديث عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم هذا ... ثم قال: فقلنا بذلك أن اختلاف عمر وهشام في قراءة هذه السورة حتى قال لهما رسول الله من أجل اختلافهما ما قاله لهما مما ذكر في هذا الحديث، وأن ذلك إنما كان من الألفاظ التى قرأها بها كل واحد منهما مما يخالف الألفاظ التي قرأها بها الآخر منهما وعقلنا بذلك أن السبعة الأحرف التي أعلمهما أن القرآن نزل بها هي الأحرف التي لا تختلف في أمر ولا نهي، ولا في حلال ولا حرام، كمثل قول الرجل للرجل: أقبل، وقوله له: تعال، وقوله له: ادن ... ثم أورد حديث أبي بن كعب ... ثم قال: وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب، وكانرا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقووا بذلك على تحفظ القرآن بألفاظه التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤوه بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف أنها كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد.
وانظر لزاما "الرسالة" ص 273 للإمام الشافعي، و"جامع البيان" 1/ 41 - 76 للطبري، و"التمهيد" 8/ 293 - 294، لابن عبد البر.



باب مفصل:

شرح مشكل الآثار (8/ 108)
أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " نزل القرآن على سبعة أحرف "




شرح مشكل الآثار (8/ 113)
3101 - وحدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرءوا ولا حرج، غير أن لا تجمعوا بين ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة ". [ص:114] قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى أن هذه السبعة الأحرف المذكورة في هذه الآثار هي سبعة أنحاء، كل نحو منها جزء من أجزاء القرآن خلاف المنحى الآخر منه، وذهبوا إلى أن كل حرف من هذه الأحرف هو صنف من الأصناف،.... وسمعت أحمد بن أبي عمران يقول: هذا التأويل عندي فاسد؛ وذلك أن .... قال أبو جعفر: وهذا كما قال ابن أبي عمران. ومما احتج به أهل هذه المقالة لقولهم هذا.





در این متن تجویز قرائت به فارسی را هم صادر میکند:

شرح مشكل الآثار (8/ 116-117)
وذهب آخرون فيما ذكر لنا ابن أبي عمران إلى أن معنى سبعة أحرف سبع لغات ; لأنه قد ذكر في القرآن غير شيء بلغات مختلفة من لغات العرب , ومنه ما ذكر بما ليس من لغاتهم غير أنه عرب فدخل في لغتهم، مثل {طور سينين} [التين: 2] ، فأنزل القرآن على تلك الأحرف كلها، بعضه على هذا الحرف، وبعضه على الحرف الآخر، فقيل: أنزل القرآن على سبعة أحرف، أي أنزل القرآن كله على تلك السبعة الأحرف. قال أبو جعفر: فتأملنا نحن هذا الباب لنقف على حقيقة الأمر [ص:117] فيه إن شاء الله، فوجدنا الله عز وجل قد قال في كتابه: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [إبراهيم: 4] . فأعلمنا الله أن الرسل إنما تبعث بألسن قومها، لا بألسن سواها، وعقلنا بذلك أن اللسان الذي بعث .... فعقلنا بذلك أن قومه الذين بعثه الله عز وجل بلسانهم هم قريش دون من سواهم، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ ما ينزل عليه من القرآن باللسان الذي ذكرنا على أهل ذلك اللسان وعلى من سواهم من الناس من أهل الألسن العربية التي تخالف ذلك اللسان وعلى من سواهم ممن ليس من العرب ممن دخل في دينه كسلمان الفارسي، وكمن سواه ممن صحبه وآمن به وصدقه، وكان أهل لسانه أميين لا يكتبون إلا القليل [ص:118] منهم كتابا ضعيفا , وكان يشق عليهم حفظ ما يقرؤه عليهم بحروفه التي يقرؤه بها عليهم، ولا يتهيأ لهم كتاب ذلك وتحفظهم إياه ; لما عليهم في ذلك من المشقة. وإذا كان أهل لسانه في ذلك كما ذكرنا كان من ليس من أهل لسانه من بعد أخذ ذلك عنه بحروفه أوكد , وكان عذرهم في ذلك أبسط ; لأن من كان على لغة من اللغات ثم أراد أن يتحول عنها إلى غيرها من اللغات لم يتهيأ ذلك له إلا بالرياضة الشديدة والمشقة الغليظة، وكانوا يحتاجون إلى حفظ ما قد تلاه عليهم صلى الله عليه وسلم مما أنزله الله عز وجل عليه من القرآن ; ليقرءوه في صلاتهم، وليعلموا به شرائع دينهم، فوسع عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه , وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم صلى الله عليه وسلم التي قرأه بها عليهم، فوسع لهم في ذلك بما ذكرنا، والدليل على ما وصفنا من ذلك أن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنهما، وهما قرشيان، لسانهما لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي به نزل القرآن عليه، قد كانا اختلفا فيما قرأ به سورة الفرقان حتى قرآها على رسول النبي الله عليه وسلم، فكان من قوله لهما ما قد روي في حديث يعود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.



شرح مشكل الآثار (8/ 121)
قال أبو جعفر: فعقلنا بذلك أن اختلاف عمر، وهشام في قراءة هذه السورة حتى قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل اختلافهما ما قاله لهما مما ذكر في هذا الحديث , وأن ذلك إنما كان من الألفاظ التي قرأها بها كل واحد منهما، مما يخالف الألفاظ التي قرأها بها الآخر منهما، وعقلنا بذلك أن السبعة الأحرف التي أعلمهما أن القرآن نزل بها هي الأحرف التي لا تختلف في أمر ولا في نهي، ولا في حلال ولا في حرام، كمثل قول الرجل للرجل: أقبل، وقوله له: تعال، وقوله له: ادن , وانتفى بذلك القولان اللذان بدأنا بذكرهما في هذا الباب. ومثل ذلك ما قد روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى.




شرح مشكل الآثار (8/ 122)
3113 - وكما حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة، عن يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب قال: " قرأ أبي آية، وقرأ ابن مسعود خلافها، وقرأ رجل آخر خلافها، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له: ألم تقرأ آية كذا وكذا , كذا وكذا؟ وقال ابن مسعود: ألم تقرأ آية كذا وكذا , كذا وكذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلكم محسن مجمل "، قال: قلنا: ما كلنا أحسن ولا أجمل، قال: فضرب صدري وقال: " يا أبي، أقرأت القرآن، فقلت: على حرف أو على حرفين؟ فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين , فقلت: على حرفين؟ فقال لي: على حرفين أو على ثلاثة , فقال لي الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف قلت: غفورا رحيما، أو قلت: سميعا حكيما، أو قلت: عليما حكيما، أو قلت عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك ". [ص:123] وزاد سليمان في حديثه " ما لم يختم عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب "





در این متن خلاف آشکار با حدیث عمر و هشام میگوید اقراء خود حضرت ص یکی بیشتر نبود:

شرح مشكل الآثار (8/ 124)
قال أبو جعفر: فكان في هذا الحديث ما قد دل على أن السبعة الأحرف هي السبعة التي ذكرنا , وأنها مما لا يختلف معانيها , وإن اختلفت الألفاظ التي يتلفظ بها وأن ذلك كان توسعة من الله عز وجل عليهم لضرورتهم إلى ذلك وحاجتهم إليه , وإن كان الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم إنما نزل بألفاظ واحدة. ومن ذلك ما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، مما قد حمله ابن شهاب على المعنى الذي حملناه نحن عليه
3116 - حدثنا يونس قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس رضي الله عنهما حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل صلى الله عليه وسلم على حرف واحد، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ".
قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما تكون في [ص:125] الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. قال أبو جعفر: وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب، وكانوا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم , وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرءوا بذلك على تحفظ القرآن بألفاظه التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذ أن يقرأوه بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد. وقد روي من حديث أبي في المعنى الذي ذكرنا ما فيه زيادة على حديثه الذي رويناه قبل هذا

حسین گوید:

اگر حکم بعد از عرضه اخیره مرتفع شده بود پس چرا زهری و واصل و مالک و سفیان بن عیینه و... تجویز میکردند؟ چرا سعید بن جبیر و ابن معتمر در نماز قرائت ابن مسعود میکردند؟ آیا آنها سالها پس از مصحف عثمانی نبودند؟ بلکه اساسا خود کار عثمان دال بر عدم هجر و عدم ممنوعیت سایر قرائات بعد از عرضه اخیره بود تا زمان جمع مصحف توسط عثمان و امر او و مخالفت ابن مسعود با او، چرا عمر آشکارا فامضوا میخواند؟ و سایر قرائات شاذه از صحابه؟
علاوه مهمترین رد این است که قرائات کثیره است که از حیث معنا متباین است هر چند متناقض نیست، مثل یطهرن و یطهرن، و نیز کلمات مترادف عمر را آشفته نمیکرد، و...




شرح مشكل الآثار (8/ 126)
3118 - وما قد حدثنا بكار بن قتيبة قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد قال: أنبأنا علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة قال: جاء جبريل صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اقرأ [ص:127] على حرف "، قال: فقال ميكائيل: " استزده "، فقال: " اقرأ على حرفين " , فقال ميكائيل: " استزده "، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: " اقرأه، فكل كاف شاف، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو: هلم وتعال، وأقبل واذهب، وأسرع وعجل ". فدل ما في هذين الحديثين أيضا على ما قد ذكرناه مما حملنا وجوه هذه الآثار عليه، ومما يدل على عود التلاوة إلى حرف قبلهما واحد بعدما كانت قبل ذلك على الأحرف السبعة التي ذكرنا ما قد كان من أبي بكر الصديق رضي الله عنه من جمعه القرآن واكتتابه فيما كان اكتتبه فيه.
حدثنا يونس، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن سالم وخارجة: " [ص:128] أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك، فأبى عليه حتى استعان عليه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففعل، فكانت تلك الكتب عند أبي بكر رضي الله عنه حتى توفي، ثم كانت عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان رضي الله عنه هذه المصاحف ثم ردها إليها، فلم تزل عندها حتى أرسل مروان فأخذها فحرقها "



شرح مشكل الآثار (8/ 129)
قال الشيخ: يعني الجريد، فلما هلك أبو بكر وكان عمر قد كتب ذلك كله في صحيفة واحدة فكانت عنده فلما هلك كانت عند حفصة، [ص:130] ثم إن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة غزاها فرج أرمينية، فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان، فقال:


شرح مشكل الآثار (8/ 131)
قال أبو جعفر: فوقفنا بذلك على أن جمع القرآن كان من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهما راشدان مهديان , وقد تقدم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدوة بهما، وقد روينا ذلك فيما تقدم منا في كتابنا هذا، وتابعهما عثمان رضي الله عنه على ذلك وهو إمام راشد مهدي، وتابعهم عليه أيضا زيد بن ثابت وهو كاتب الوحي لرسول الله، فكتب المصحف لعثمان بيده، وتابعهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فصار إجماعا، والنقل بالإجماع هو الحجة التي بمثلها نقل الإسلام إلينا حتى علمنا شرائعه، وحتى وقفنا على عدد الصلوات وعلى ما سواها مما هو من شرائع الإسلام , [ص:132] وعاد ذلك إلى أن من كفر بحرف منه كان كافرا حلال الدم إن لم يرجع إلى ما عليه أهل الجماعة، وفارق ذلك حكم الأخبار التي يرويها الآحاد بما يخالف شيئا مما في المصحف الذي ذكرنا ; لأنه لا يكون كافرا من كفر بما جاءت به أخبار الآحاد كما يكون كافرا من كفر بما جاءت به الجماعة مما ذكرنا , وكان فيما ذكرنا ما قد دل أن من أضاف شيئا مما يخالف ما في مصحفنا هذا إلى أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير متلفت إلى ما حكى ; لأنه حكى ما لا تقوم به الحجة مما يخالفه مما قد قامت به الحجة، وبالله التوفيق. وفيما ذكرنا مما قد رويناه في حديث يونس عن نعيم مما عاد إلى خارجة بن زيد أن كاتب المصحف المكتوب في زمن عثمان كان زيد بن ثابت بمحضر أبان بن سعيد بامتثال ما كانا يفعلان في ذلك عند اجتماعهما وما كانا يفعلان في اختلافهما. وقد روي عن غير خارجة أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم كانوا كاتبي ذلك المصحف بأمر عثمان كما حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: حدثنا أبو عمر الحوضي قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: حدثني رجل من بني عامر يقال له أنس بن مالك قال: " اختلفوا في القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون، فبلغ عثمان فقال: " عندي تكذبون به وتختلفون فيه فمن نأى عني كان أشد تكذيبا , وأكثر لحنا "، وقال لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: " اجتمعوا فاكتبوا للناس "، قال: فكتبوا، قال: فحدثني أنهم إذا [ص:133] تدارءوا في آية قالوا: " هذه أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانا، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيقال: " كيف أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؟، فيقول " كذا وكذا "، فيكتبونها، وقد تركوا لها مكانا ". [ص:134] فهذا في التوكيد فوق ما في حديث خارجة، والله نسأله التوفيق.






التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 294)
وقال أبو جعفر الطحاوي كانت هذه السبعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها لأنهم كانوا أميين لا يكتبون إلا القليل منهم فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقا فكانوا كذلك حتى كثر من يكتب منهم وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرؤا بذلك على تحفظ ألفاظه فلم يسعهم حينئذ أن يقرأوا بخلافها وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف (إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف) وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد واحتج بحديث أبي بن كعب المذكور في هذا الباب من رواية ابن أبي ليلى عنه قوله فيه صلى الله عليه وسلم إن أمتي لا تطيق ذلك في الحرف والحرفين والثلاثة حتى بلغ السبعة واحتج بحديث عمر بن الخطاب مع هشام (بن حكيم) واحتج بجمع أبي بكر الصديق للقرآن في جماعة الصحابة ثم كتاب عثمان كذلك وكلاهما عول فيه على زيد بن ثابت فأما أبو بكر فأمر زيدا بالنظر فيما جمع منه وأما عثمان فأمره بإملائه من تلك الصحف التي كتبها أبو بكر وكانت عند حفصة






الاستذكار (2/ 483)
وروى الأعمش عن أبي وائل عن بن مسعود قال إني سمعت القرأة فرأيتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم وإياكم والتنطع والاختلاف فإنما هو كقول أحدكم هلم وتعال
وروى ورقاء عن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ (للذين ءامنوا انظرونا) الحديد 13 (للذين آمنوا أمهلونا للذين آمنوا أخرونا للذين آمنوا ارقبونا)
وبهذا الإسناد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ (كلما أضاء لهم مشوا فيه) البقرة 20 (مروا فيه سعوا فيه)
كل هذه الحروف كان يقرؤها أبي بن كعب
فهذا معنى السبعة الأحرف المذكورة في الأحاديث عند جمهور أهل الفقه والحديث ومصحف عثمان (رضي الله عنه) الذي بأيدي الناس هو منها حرف واحد
ذكر بن أبي داود قال حدثنا أبو الطاهر قال سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءات المدنيين والعراقيين اليوم هل تدخل في الأحرف السبعة فقال لا إنما السبعة الأحرف كقولك أقبل هلم تعالى أي ذلك قلت أجزأك
قال أبو الطاهر وقاله بن وهب وبه قال محمد بن جرير الطبري
قال أبو جعفر الطحاوي في ذلك كلاما ذكرته عنه في التمهيد مختصره أن الأحرف السبعة إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك لأن كل ذي لغة كان يشق عليه أن يتحول عن لغته ثم لما كثر الناس والكتاب ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم الأحرف السبعة وعاد ما يقرأ به إلا حرف واحد
واحتج بحديث أبي بن كعب وحديث عمر مع هشام بن حكيم وما يشبهها قد ذكرتها وأمثالها في التمهيد


















http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة



الكتاب: شرح مشكل الآثار
المؤلف: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)
تحقيق: شعيب الأرنؤوط
الناشر: مؤسسة الرسالة
الطبعة: الأولى - 1415 هـ، 1494 م
عدد الأجزاء: 16 (15 وجزء للفهارس)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة التخريج]

باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " نزل القرآن على سبعة أحرف "
(8/108)
************
3094 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ح وحدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي قالا: حدثنا زهير بن معاوية قال: حدثني الوليد بن قيس اليشكري أبو همام، عن عثمان بن حسان العامري، عن فلفلة الجعفي قال: " فزعت فيمن فزع إلى عبد الله بن مسعود في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين؛ ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، قال: " إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وإن الكتاب كان ينزل أو ينزل من باب واحد على حرف واحد "
(8/108)
************
3095 - حدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ح وحدثنا يحيى بن عثمان قال: حدثنا موسى بن هارون البردي قال: حدثنا جرير وهو ابن عبد الحميد، عن مغيرة، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع "
(8/109)
************
3096 - وحدثنا أبو أمية، وعبد الرحمن بن الجارود قالا: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرني حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، [ص:110] عن أبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنزل القرآن على سبعة أحرف "
(8/109)
************
3097 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا عفان قال: ثنا حماد بن سلمة قال: أنا حميد، عن أنس، عن عبادة بن الصامت، أن أبيا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنزل القرآن على سبعة أحرف "
(8/110)
************
3098 - حدثنا أبو أمية قال: حدثنا منصور بن سقير قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم ابن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي جبريل صلى الله عليه وسلم فقال: " إني أرسلت إلى أمة فيهم الشيخ الكبير، والعجوز، والغلام، والخادم، والشيخ الفاني الذي لم يقرأ كتابا قط "، فقال: " إن القرآن أنزل على سبعة أحرف "
(8/110)
************
3099 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني سليمان بن بلال، عن يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد، أن أبا جهيم الأنصاري أخبره: أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: " تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وقال الآخر: " تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم "، فسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن؛ فإن المراء فيه كفر "
(8/111)
************
3100 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت أم أيوب الأنصارية، وقال مرة، يونس القائل: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه قال: سمعت أم أيوب الأنصارية قالت: " نزل علي النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقول: " نزل القرآن على سبعة أحرف، أيها قرأت أصبت ". [ص:113] هكذا أملاه يونس علينا، على ما ذكرنا من اختلاف ما حدث به ابن عيينة عليه في كل واحد من هاتين المرتين.
(8/112)
************
3101 - وحدثنا فهد بن سليمان قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرءوا ولا حرج، غير أن لا تجمعوا بين ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة ". [ص:114]

قال أبو جعفر: فذهب قوم إلى أن هذه السبعة الأحرف المذكورة في هذه الآثار هي سبعة أنحاء، كل نحو منها جزء من أجزاء القرآن خلاف المنحى الآخر منه، وذهبوا إلى أن كل حرف من هذه الأحرف هو صنف من الأصناف، لقول الله عز وجل: {ومن الناس من يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} [الحج: 11] الآية. فكان معنى الحرف الذي يعبد الله عز وجل عليه هو صنف من الأصناف التي يعبد الله عز وجل عليها، فمنها ما هو محمود عنده عز وجل، ومنها ما هو عنده بخلاف ذلك، فمن تلك الأحرف حرف زاجر، ومنها حرف أمر، ومنها حرف حلال، ومنها حرف حرام، ومنها حرف محكم، ومنها حرف متشابه، ومنها حرف أمثال.
وسمعت أحمد بن أبي عمران يقول: هذا التأويل عندي فاسد؛ وذلك أن أبي بن كعب قد روي عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اقرأ على حرف، فاستزاده، فقال: اقرأ على حرفين " فقد علمنا أن الحرف الذي علمه أن يقرأ عليه محال أن يكون حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه ; لأنه لا يجوز أن يقرأ القرآن على أنه حلال كله، ولا على أنه حرام كله. [ص:115]
قال أبو جعفر: وهذا كما قال ابن أبي عمران. ومما احتج به أهل هذه المقالة لقولهم هذا.
(8/113)
************
3102 - ما قد حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال: حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: أخبرنا عقيل بن خالد، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:: " كان الكتاب الأول نزل من باب واحد، على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب، على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله , وحرموا حرامه , وافعلوا ما أمرتم، وانتهوا عما نهيتم عنه , واعتبروا بأمثاله , واعملوا بمحكمه , وآمنوا بمتشابهه , وقولوا: آمنا بالله، كل من عند ربنا ". [ص:116]

3103 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا الليث بن سعد قال: حدثنا عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال حدثني سلمة بن أبي سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم ذكر هذا الحديث، ولم يذكر فيه عبد الله بن مسعود.

قال أبو جعفر: فاختلف حيوة والليث على عقيل في إسناد هذا الحديث، فرواه كل واحد منهما عنه على ما ذكرناه في روايته إياه عنه. قال: وكان أهل العلم بالأسانيد يدفعون هذا الحديث لانقطاعه في إسناده ; ولأن أبا سلمة لا يتهيأ في سنه لقاء عبد الله بن مسعود؛ ولا أخذه إياه عنه ,

وذهب آخرون فيما ذكر لنا ابن أبي عمران إلى أن معنى سبعة أحرف سبع لغات ; لأنه قد ذكر في القرآن غير شيء بلغات مختلفة من لغات العرب , ومنه ما ذكر بما ليس من لغاتهم غير أنه عرب فدخل في لغتهم، مثل {طور سينين} [التين: 2] ، فأنزل القرآن على تلك الأحرف كلها، بعضه على هذا الحرف، وبعضه على الحرف الآخر، فقيل: أنزل القرآن على سبعة أحرف، أي أنزل القرآن كله على تلك السبعة الأحرف.

قال أبو جعفر: فتأملنا نحن هذا الباب لنقف على حقيقة الأمر [ص:117] فيه إن شاء الله، فوجدنا الله عز وجل قد قال في كتابه: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [إبراهيم: 4] . فأعلمنا الله أن الرسل إنما تبعث بألسن قومها، لا بألسن سواها، وعقلنا بذلك أن اللسان الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم هو لسان قومه وهم قريش، لا ما سواه من الألسن العربية وغيرها , وكان قومه صلى الله عليه وسلم المرادون بذلك هم قريش لا من سواهم، ومن ذلك قول الله عز وجل له: {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44] . يعني قريشا لا سواها. وقوله عز وجل: {وكذب به قومك وهو الحق} [الأنعام: 66] يعني من كذب به من قريش لا من سواها، وقوله جل وعز: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] . فدعا قريشا بطنا بطنا حتى تناهى إلى آخرها , ولم يتجاوزها إلى من سواها , وإن كانوا قد ولدوه كما ولدته قريش، فعقلنا بذلك أن قومه الذين بعثه الله عز وجل بلسانهم هم قريش دون من سواهم، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ ما ينزل عليه من القرآن باللسان الذي ذكرنا على أهل ذلك اللسان وعلى من سواهم من الناس من أهل الألسن العربية التي تخالف ذلك اللسان وعلى من سواهم ممن ليس من العرب ممن دخل في دينه كسلمان الفارسي، وكمن سواه ممن صحبه وآمن به وصدقه، وكان أهل لسانه أميين لا يكتبون إلا القليل [ص:118] منهم كتابا ضعيفا , وكان يشق عليهم حفظ ما يقرؤه عليهم بحروفه التي يقرؤه بها عليهم، ولا يتهيأ لهم كتاب ذلك وتحفظهم إياه ; لما عليهم في ذلك من المشقة. وإذا كان أهل لسانه في ذلك كما ذكرنا كان من ليس من أهل لسانه من بعد أخذ ذلك عنه بحروفه أوكد , وكان عذرهم في ذلك أبسط ; لأن من كان على لغة من اللغات ثم أراد أن يتحول عنها إلى غيرها من اللغات لم يتهيأ ذلك له إلا بالرياضة الشديدة والمشقة الغليظة، وكانوا يحتاجون إلى حفظ ما قد تلاه عليهم صلى الله عليه وسلم مما أنزله الله عز وجل عليه من القرآن ; ليقرءوه في صلاتهم، وليعلموا به شرائع دينهم، فوسع عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه , وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم صلى الله عليه وسلم التي قرأه بها عليهم، فوسع لهم في ذلك بما ذكرنا، والدليل على ما وصفنا من ذلك أن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنهما، وهما قرشيان، لسانهما لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي به نزل القرآن عليه، قد كانا اختلفا فيما قرأ به سورة الفرقان حتى قرآها على رسول النبي الله عليه وسلم، فكان من قوله لهما ما قد روي في حديث يعود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(8/115)
************
3104 - وهو ما قد حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " سمعت هشام بن [ص:119] حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ "، فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هكذا أنزلت "، ثم قال لي: " اقرأ "، فقرأت فقال: " هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه ".

3105 - وما قد حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي قال: حدثنا مالك، ثم ذكر بإسناده مثله.

3106 - وما قد حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثنا روح بن عبادة قال: حدثنا مالك، ثم ذكر بإسناده مثله.

3107 - وما حدثنا يزيد قال: حدثنا القعنبي قال: قرأت على مالك، ثم ذكر بإسناده مثله.

3108 - وما قد حدثنا أبو أمية قال: حدثنا خالد بن مخلد [ص:120] القطواني قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الأنصاري، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القارئ قالا: سمعنا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان. . . ثم ذكره.

3109 - وما قد حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القارئ أخبراه أنهما سمعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول، ثم ذكر مثله.

3110 - وما قد حدثنا يزيد بن سنان، وإبراهيم بن أبي داود قالا: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن عبد القارئ حدثاه، أنهما سمعا عمر، ثم ذكرا مثله 0 [ص:121]

قال أبو جعفر: فعقلنا بذلك أن اختلاف عمر، وهشام في قراءة هذه السورة حتى قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل اختلافهما ما قاله لهما مما ذكر في هذا الحديث , وأن ذلك إنما كان من الألفاظ التي قرأها بها كل واحد منهما، مما يخالف الألفاظ التي قرأها بها الآخر منهما، وعقلنا بذلك أن السبعة الأحرف التي أعلمهما أن القرآن نزل بها هي الأحرف التي لا تختلف في أمر ولا في نهي، ولا في حلال ولا في حرام، كمثل قول الرجل للرجل: أقبل، وقوله له: تعال، وقوله له: ادن , وانتفى بذلك القولان اللذان بدأنا بذكرهما في هذا الباب. ومثل ذلك ما قد روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى.
(8/118)
************
3111 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: " ما حك في نفسي منذ أسلمت شيء إلا أني قرأت آية، وقرأها غيري، فقلت: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صاحبي: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيناه، فقلت: يا رسول الله، أقرأتني آية كذا، قال: " نعم "، وقال صاحبي: أقرأتنيها هكذا؟، قال: " نعم، أتاني جبريل، وميكائيل صلى الله عليهما، فجلس جبريل عن يميني وجلس ميكائيل عن يساري فقال: اقرأ القرآن على حرف، فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ القرآن على [ص:122] حرفين، حتى بلغ سبعة أحرف، وكل كاف شاف ".

3112 - وكما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: حدثنا الخصيب بن ناصح الحارثي قال: حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، أن أبي بن كعب قال
(8/121)
************
3113 - وكما حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة، عن يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب قال: " قرأ أبي آية، وقرأ ابن مسعود خلافها، وقرأ رجل آخر خلافها، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت له: ألم تقرأ آية كذا وكذا , كذا وكذا؟ وقال ابن مسعود: ألم تقرأ آية كذا وكذا , كذا وكذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلكم محسن مجمل "، قال: قلنا: ما كلنا أحسن ولا أجمل، قال: فضرب صدري وقال: " يا أبي، أقرأت القرآن، فقلت: على حرف أو على حرفين؟ فقال لي الملك الذي عندي: على حرفين , فقلت: على حرفين؟ فقال لي: على حرفين أو على ثلاثة , فقال لي الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف قلت: غفورا رحيما، أو قلت: سميعا حكيما، أو قلت: عليما حكيما، أو قلت عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك ". [ص:123] وزاد سليمان في حديثه " ما لم يختم عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب "
(8/122)
************
3114 - وكما حدثنا فهد قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني ملكان، فقال أحدهما: أقرئه على حرف، فقال: على حرف؟ قال: زده، فانتهى بي إلى سبعة أحرف ".

3115 - وما قد حدثنا محمد بن علي بن داود قال: حدثنا أبو [ص:124] نصر التمار قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد وهو ابن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد قال: " أتى محمدا صلى الله عليه وسلم الملكان. . . " ثم ذكر نحوه.

قال أبو جعفر: فكان في هذا الحديث ما قد دل على أن السبعة الأحرف هي السبعة التي ذكرنا , وأنها مما لا يختلف معانيها , وإن اختلفت الألفاظ التي يتلفظ بها وأن ذلك كان توسعة من الله عز وجل عليهم لضرورتهم إلى ذلك وحاجتهم إليه , وإن كان الذي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم إنما نزل بألفاظ واحدة. ومن ذلك ما قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، مما قد حمله ابن شهاب على المعنى الذي حملناه نحن عليه
(8/123)
************
3116 - حدثنا يونس قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله، أن ابن عباس رضي الله عنهما حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل صلى الله عليه وسلم على حرف واحد، فراجعته، فلم أزل أستزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ". قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما تكون في [ص:125] الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام.

قال أبو جعفر: وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب، وكانوا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم , وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرءوا بذلك على تحفظ القرآن بألفاظه التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذ أن يقرأوه بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد. وقد روي من حديث أبي في المعنى الذي ذكرنا ما فيه زيادة على حديثه الذي رويناه قبل هذا
(8/124)
************
3117 - كما حدثنا حسين بن نصر قال: حدثنا شبابة بن سوار، [ص:126] وعبد الرحمن بن زياد قالا: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على أضاة بني غفار، فأتاه جبريل فقال: " إن الله يأمرك أن تقرأ أنت وأمتك على حرف "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسأل الله معافاته ومغفرته، إن أمتي لا تستطيع ذلك "، ثم رجع إليه الثانية فقال: " إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين " , فقال: " أسأل الله معافاته ومغفرته , إن أمتي لا تطيق ذلك " , ثم أتاه الثالثة , فقال له مثل ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ثم أتاه الرابعة فقال: " إن الله يأمرك وأمتك أن تقرءوا القرآن، على سبعة أحرف، كلما قرءوا بها أصابوا ". وروي عن أبي بكرة في هذا المعنى أيضا.
(8/125)
************
3118 - وما قد حدثنا بكار بن قتيبة قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد قال: أنبأنا علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة قال: جاء جبريل صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اقرأ [ص:127] على حرف "، قال: فقال ميكائيل: " استزده "، فقال: " اقرأ على حرفين " , فقال ميكائيل: " استزده "، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: " اقرأه، فكل كاف شاف، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو: هلم وتعال، وأقبل واذهب، وأسرع وعجل ".

فدل ما في هذين الحديثين أيضا على ما قد ذكرناه مما حملنا وجوه هذه الآثار عليه،
ومما يدل على عود التلاوة إلى حرف قبلهما واحد بعدما كانت قبل ذلك على الأحرف السبعة التي ذكرنا ما قد كان من أبي بكر الصديق رضي الله عنه من جمعه القرآن واكتتابه فيما كان اكتتبه فيه.
(8/126)
************
حدثنا يونس، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن سالم وخارجة: " [ص:128] أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك، فأبى عليه حتى استعان عليه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففعل، فكانت تلك الكتب عند أبي بكر رضي الله عنه حتى توفي، ثم كانت عند حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها إليه حتى عاهدها ليردنها إليها، فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان رضي الله عنه هذه المصاحف ثم ردها إليها، فلم تزل عندها حتى أرسل مروان فأخذها فحرقها "
(8/127)
************
وكما حدثنا يونس قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: لما قتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة دخل عمر رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تهافتوا يوم اليمامة , وإني أخشى أن لا يشهدوا موطنا [ص:129] إلا فعلوا ذلك فيه حتى يقتلوا وهم حملة القرآن فيضيع القرآن وينسى، فلو جمعته وكتبته، فنفر منها أبو بكر رضي الله عنه وقال: " أفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم أرسل أبو بكر رضي الله عنه إلى زيد بن ثابت وعمر محزئل، يعني شبه المتكئ، فقال أبو بكر: " إن هذا دعاني إلى أمر فأبيت عليه، وأنت كاتب الوحي، فإن تكن معه اتبعتكما , وإن توافقني لم أفعل ما قال "، فاقتص أبو بكر قول عمر فنفرت من ذلك وقلت: " نفعل ما لم يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم "، إلى أن قال: عمر رضي الله عنه كلمة، قال: " وما عليكما لو فعلتما "، فأمرني أبو بكر رضي الله عنه فكتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، قال الشيخ: يعني الجريد، فلما هلك أبو بكر وكان عمر قد كتب ذلك كله في صحيفة واحدة فكانت عنده فلما هلك كانت عند حفصة، [ص:130]

ثم إن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة غزاها فرج أرمينية، فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان، فقال: " يا أمير المؤمنين، أدرك الناس "، فقال عثمان: " وما ذاك؟ "، فقال: " غزوت أرمينية فحضرها أهل العراق وأهل الشام وإذا أهل الشام يقرءون بقراءة أبي، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق , وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفرهم أهل الشام " قال: زيد: " فأمرني عثمان أن أكتب له مصحفا، وقال: " إني جاعل معك رجلا لبيبا فصيحا، فما اجتمعتما فيه فاكتباه , وما اختلفتما فيه فارفعاه إلي "، فجعل معه أبان بن سعيد بن العاص فلما بلغ: {إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت} [البقرة: 248] قال زيد: " فقلت أنا التابوه وقال أبان: {التابوت} [البقرة: 248] ، فرفعنا ذلك إلى عثمان فكتب: التابوت، ثم عرضته، يعني المصحف، عرضة أخرى فلم أجد فيه شيئا، وأرسل عثمان إلى حفصة أن تعطيه الصحيفة وحلف لها ليردنها إليها، فأعطته، فعرضت المصحف عليها فلم يختلفا في شيء، فردها عليها وطابت نفسه، وأمر الناس أن يكتبوا المصاحف ". [ص:131]

قال أبو جعفر: فوقفنا بذلك على أن جمع القرآن كان من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهما راشدان مهديان , وقد تقدم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدوة بهما، وقد روينا ذلك فيما تقدم منا في كتابنا هذا، وتابعهما عثمان رضي الله عنه على ذلك وهو إمام راشد مهدي، وتابعهم عليه أيضا زيد بن ثابت وهو كاتب الوحي لرسول الله، فكتب المصحف لعثمان بيده، وتابعهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، فصار إجماعا، والنقل بالإجماع هو الحجة التي بمثلها نقل الإسلام إلينا حتى علمنا شرائعه، وحتى وقفنا على عدد الصلوات وعلى ما سواها مما هو من شرائع الإسلام , [ص:132] وعاد ذلك إلى أن من كفر بحرف منه كان كافرا حلال الدم إن لم يرجع إلى ما عليه أهل الجماعة، وفارق ذلك حكم الأخبار التي يرويها الآحاد بما يخالف شيئا مما في المصحف الذي ذكرنا ; لأنه لا يكون كافرا من كفر بما جاءت به أخبار الآحاد كما يكون كافرا من كفر بما جاءت به الجماعة مما ذكرنا , وكان فيما ذكرنا ما قد دل أن من أضاف شيئا مما يخالف ما في مصحفنا هذا إلى أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غير متلفت إلى ما حكى ; لأنه حكى ما لا تقوم به الحجة مما يخالفه مما قد قامت به الحجة، وبالله التوفيق.
وفيما ذكرنا مما قد رويناه في حديث يونس عن نعيم مما عاد إلى خارجة بن زيد أن كاتب المصحف المكتوب في زمن عثمان كان زيد بن ثابت بمحضر أبان بن سعيد بامتثال ما كانا يفعلان في ذلك عند اجتماعهما وما كانا يفعلان في اختلافهما. وقد روي عن غير خارجة أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم كانوا كاتبي ذلك المصحف بأمر عثمان
(8/128)
************
كما حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: حدثنا أبو عمر الحوضي قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة قال: حدثني رجل من بني عامر يقال له أنس بن مالك قال: " اختلفوا في القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلمون، فبلغ عثمان فقال: " عندي تكذبون به وتختلفون فيه فمن نأى عني كان أشد تكذيبا , وأكثر لحنا "، وقال لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: " اجتمعوا فاكتبوا للناس "، قال: فكتبوا، قال: فحدثني أنهم إذا [ص:133] تدارءوا في آية قالوا: " هذه أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلانا، فيرسل إليه وهو على رأس ثلاث من المدينة، فيقال: " كيف أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا؟، فيقول " كذا وكذا "، فيكتبونها، وقد تركوا لها مكانا ". [ص:134]
فهذا في التوكيد فوق ما في حديث خارجة، والله نسأله التوفيق.
(8/132)
************

باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " أنزل القرآن على ثلاثة أحرف "
(8/135)
************
3119 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري، وعبد الرحمن بن الجارود البغدادي قالا: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنزل القرآن على ثلاثة أحرف ". [ص:136] قال أبو جعفر: فتأملنا هذا الحديث فوجدنا بعض من تقدمنا قد ذهب إلى أن هذه الثلاثة الأحرف قول يقال، ويقين يوقن به، وعمل يعمل به , وممن كان يذهب إلى ذلك أحمد بن صالح، وكان أولى مما قالوا في ذلك عندنا والله أعلم أنه قد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم على ما قد روى عنه أبي بن كعب في الحديث الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب مما حكاه عن النبي صلى الله عليه وسلم من جلوس جبريل صلى الله عليه وسلم عن يمينه، وميكائيل صلى الله عليه وسلم عن يساره، ومن قول جبريل صلى الله عليه وسلم له " اقرأ القرآن على حرف "، ومن قول ميكائيل له: " استزده "، فقال: " اقرأ القرآن على حرفين "، حتى بلغ سبعة أحرف ". [ص:137] قال: فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان بين إطلاق عدد له من هذه الحروف أن يقرأ القرآن عليه يعلم ذلك الناس ويخاطبهم به ليقفوا على ما كان من رحمة الله عز وجل لهم، وتوسعته عليهم فيما يقرءون القرآن عليه، فيسمع سمرة منه الحروف التي كان أطلق حينئذ أن يقرأ القرآن عليها وهي يومئذ ثلاثة أحرف لا أكثر منها، ثم مضى، ثم أطلق للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن على أكثر من ذلك إلى تتمة سبعة أحرف، فلم يسمع ذلك سمرة فروى ما سمع، وقصر عما فاته منها مما قد سمعه غيره ممن قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب، فحدث كل فريق منه ومنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعه منه من ذلك , وكان من سمع منه شيئا من ذلك زائدا على ما سمعه منه غيره أولى بتلك الزيادة التي سمعها ممن سواه ممن قصر عنها، والله عز وجل نسأله التوفيق.
(8/135)
************

باب بيان مشكل ما روي في الحروف المتفقة في الخط، المختلفة في اللفظ
(8/138)
************
3120 - حدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال: حدثنا شريك بن عبد الله، وأبو معاوية، ووكيع، عن الأعمش، عن أبي ظبيان قال: قال لي ابن عباس: " على أي القراءتين تقرأ؟ "، قلت: على القراءة الأولى، قراءة ابن مسعود، قال: " بل قراءة ابن مسعود هي الآخرة، إن جبريل صلى الله عليه وسلم كان يعرض على نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن في كل رمضان، فلما كان العام الذي مات فيه عرضه مرتين، فشهد عبد الله ما نسخ منه وما بدل ". [ص:139]

3121 - حدثنا فهد قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا شريك قال: حدثنا الأعمش، ثم ذكر بإسناده مثله، وزاد: " فتلك القراءة الآخرة "
(8/138)
************
3122 - حدثنا فهد قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا إسرائيل بن يونس، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لأصحابه: " أي القراءتين ترون آخرا؟ " قالوا: قراءة زيد، قال: " لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القراءة على جبريل صلى الله عليه وسلم في كل سنة، فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه مرتين، فشهده ابن مسعود، وكانت قراءة عبد الله آخرا ".

قال: ثم وجدنا أهل القراءة قد اختلفوا في أشياء مما يقرءون القرآن عليها مما هي في الخط مؤتلفة , وفي ألفاظهم بها مختلفة، منها [ص:140] قوله عز وجل: {إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} [النساء: 94] . وفي قراءة غيره منهم: (فتثبتوا) ، ومنها قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} [الحجرات: 6] في قراءة بعضهم , وفي قراءة غيره: (فتثبتوا) . ومنها قوله تعالى: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا} [العنكبوت: 58] في قراءة بعضهم، وفي قراءة غيره منهم: (لنثوينهم من الجنة غرفا) . ومنها قوله تعالى: (وانظر إلى العظام كيف ننشرها) في قراءة بعضهم، وفي قراءة غيره منهم: {ننشزها} [البقرة: 259] . [ص:141]

ومنها أمثال ذلك في القرآن كما قد قرأها أهل القراءات فاختلفوا فيها , ولم يعنف بعضهم بعضا في خلافه إياه في ذلك، وكان ذلك منهم بعد وقوفهم على ما كتبت عليه المصاحف التي تولى اكتتابها من قد ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا بأمر من كان أمر بذلك من الخلفاء الراشدين المهديين، ومن حضور من سواهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين نقلوا إلينا عنه الإسلام وشرائعه وأحكامه التي قد قامت الحجة علينا بها , وكان من خرج عن شيء منها إلى خلافه مارقا , ومن جحد شيئا منها كان به كافرا، وكان علينا استتابته وإن رجع إلى الإسلام , وإلى الإقرار بما كان جحده , وإلى لزوم ما قد كان عليه لزومه قبلنا ذلك منه , وإن تمادى على ما صار إليه ولم يرجع إلى ما دعوناه إليه قتلناه كما نقتل سائر المرتدين.

وكانت الحروف التي ذكرنا اختلافهم في قراءتهم إياها إنما توصل إلى حقائقها لو كانت المصاحف المكتتب ذلك فيها قد استعمل فيها نقطها أو شكلها حتى يبين كل حرف منها عن غيره مما هو مثله في الخط وخلافه في اللفظ , ولكن الذين كتبوها رضوان الله عليهم تركوا ذلك كراهة منهم أن يخلطوا بكتاب الله عز وجل غيره، حتى كره كثير منهم كتاب فواتح السور، والتعشير، والتخميس , وآراؤهم رضوان الله عليهم حجة , والقول بما ذهبوا إليه من ذلك واجب والخروج عنه غير محمود. [ص:142]

ثم احتمل اختلافهم في الألفاظ بهذه الحروف أن يكون أحدهم حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بها فأخذها عنه كما سمعه يقرأ بها ثم عرض جبرائيل صلى الله عليه وسلم عليه القرآن فبدل بعضها ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس القراءة التي رد جبرائيل صلى الله عليه وسلم ما كان يقرأ منها قبل ذلك إلى ما قرأه عليه بعده، فحضر من ذلك قوم من أصحابه، وغاب عنه بعضهم، فقرأ من حضر ذلك ما قرأ من تلك الحروف على القراءة الثانية، ولم يعلم بذلك من حضر القراءة الأولى وغاب عن القراءة الثانية، فلزم القراءة الأولى , وكان ذلك منه كمثل ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحكام مما نسخه الله تعالى بعد ذلك على لسانه بما نسخه به، ومما وقف بعضهم على الحكم الأول وعلى الحكم الثاني، فصار إلى الحكم الثاني، وغاب بعضهم عن الحكم الثاني ممن حضر الحكم الأول وعلمه فثبت على الحكم الأول , وكان كل فريق منهم على فرضه وعلى ما يعتد به فمثل تلك الحروف التي ذكرناها , وذكرنا اختلافهم فيها من القرآن على هذا المعنى، وكل فريق منهم على ما هو عليه منها محمود، والقراءات كلها فعن الله تعالى لا يجب تعنيف من قرأ بشيء منها وخالف ما سواه، والله عز وجل نسأله التوفيق.
(8/139)
************

باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد اختلف القراء فيه فزاد بعضهم على بعض فيه ما قصر عنه غيره منهم
(8/143)
************
3123 - حدثنا محمد بن خزيمة قال: حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني ح. وحدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم قالا: حدثنا الفريابي قال: حدثنا إسرائيل قال: حدثنا أبو إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن قصة موسى، والخضر صلى الله عليهما وسلم أنهما بينما هما يمشيان على الساحل إذا أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر صلى الله عليه وسلم برأسه فاقتلعه بيده فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أقتلت نفسا زكية بغير نفس، لقد جئت شيئا نكرا} [الكهف: 74] . ثم ساق الحديث حتى انتهى منه إلى سؤال الخضر موسى صلى الله عليهما وسلم عما كان منه مما أنكره عليه، وإلى قول الخضر له: وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين ". [ص:144] قال: ففي هذا الحديث: {أقتلت نفسا زكية} [الكهف: 74] وقد روي من هذا الوجه بخلاف هذا الحرف من رواية أبي إسحاق عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي أيضا.

3124 - كما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا روح بن أسلم قال: أخبرنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول، حدثني رقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. . . ثم ذكر مثله غير أنه ذكر مكان {زكية} [الكهف: 74] (زاكية)
(8/143)
************
3125 - وحدثنا عمران بن موسى الطائي أبو الحسن قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يذكر عن رقبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم [ص:145] قال: " الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا، ولو أدرك لأرهق أبواه طغيانا وكفرا ". قال أبو جعفر: وقد اختلف على أبي إسحاق في هذا الحديث في " زكية " وفي " زاكية " على ما ذكرنا عنه في كل واحدة من هاتين الروايتين. وقد روي هذا الحديث أيضا عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم ب " زاكية " لا، ب " زكية ".

3126 - كما قد حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا عمرو بن دينار قال: حدثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: حدثني أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر هذا الحديث، وقال فيه مكان " زكية " في الحديث الأول " زاكية " [ص:146]

قال أبو جعفر: وهذا الحرف فقد اختلف القراء في قراءاتهم إياه، فقرأ بعضهم ب {زكية} [الكهف: 74] فممن قرأ منهم كذلك فيما أجاز لي علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد: عاصم والأعمش وحمزة والكسائي. وممن قرأه منهم (زاكية) فيما أجاز لي علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد أيضا: أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعبد الله بن كثير، وأبو عمرو. قال أبو عبيد: والقراءة عندنا (زاكية) ; لأن أبا عمرو كان يفرق بينهما في التأويل ويقول: " الزاكية: التي لم تذنب قط، والزكية التي قد أذنبت ثم غفر لها، وإنما كان الخضر قتله صغيرا لم يبلغ الحنث ". قال: أبو عبيد في هذه الإجازة: وكان الكسائي يراهما لغتين بمعنى واحد، وكان ما قاله الكسائي في ذلك عندنا أولى مما قاله أبو عمرو فيه مما وافقه عليه أبو عبيد، ثم نعود قائلين لأبي عبيد فنقول له: أما هذا المقتول , وإن كان قد سمي غلاما فقد يجوز أن يسمى غلاما وهو بالغ , وأما ما فيه من قوله: " ولو أدرك أرهقهما طغيانا وكفرا " فقد يكون ذلك الإدراك الاحتلام , وقد يجوز أن يكون خلافه من المعرفة بالأشياء المذمومة التي يرهق أبويه بها الطغيان والكفر. وفي الآية ما قد دل على أنه قد كان بالغا، وهو قول الله عز وجل [ص:147] حكاية عن نبيه موسى صلى الله عليه وسلم في خطابه لنبيه الخضر عليه السلام: {أقتلت نفسا زكية بغير نفس} [الكهف: 74] أي أنها لو قتلت نفسا لكانت مستحقة لقتلها بها، فلا يكون ذلك إلا وقد تقدم بلوغها، وصارت زكاتها بطهارتها، وقد شد ذلك قول الله عز وجل في قصة مريم: {لأهب لك غلاما زكيا} [مريم: 19] أي: طاهرا، فوصفه أنه زكي بغير ذنب كان منه قبل ذلك حتى غفره الله عز وجل له، وفيما ذكرنا من ذلك ما يجب به فساد ما قاله أبو عمرو في تفريقه بين الزكية والزاكية، وفي تثبيت ما قاله الكسائي إنهما لغتان بمعنى واحد، [ص:148] والعرب قد تفعل مثل هذا فتقول: القاصي والقصي، وأنشدني بعض أهل العربية من أهل اللغة الأعراب في خطابه لزوجته في ولد ولدته فأنكره:

[البحر الرجز]

لتقعدن مقعد القصي
أو تحلفي بربك العلي
أني أبو ذيالك الصبي
يريبني بالمنظر التركي
ومقلة كمقلة الكركي

يريد بالقصي القاصي، ويريد بالعلي العالي.

فقال قائل: ففيما قد ذكرته من هذه الأحاديث زيادة حرف في الخط، وهي الألف الموجودة في (زاكية) المفقودة في {زكية} [الكهف: 74] ، فكيف جاز أن يكون ذلك كذلك في المصاحف التي قد ذكرتها؟،

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن ما ذكرناه من الاختلاف في (زاكية) و (زكية) ليس حكاية عن القرآن، ولكنه حكاية [ص:149] عن كلام موسى صلى الله عليه وسلم للخضر عليه السلام، بما كلمه به من ذلك، وكان لسان موسى صلى الله عليه وسلم خلاف لسان نبينا صلى الله عليه وسلم الذي أنزل القرآن بلسانه، وكان ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث من (زاكية) ومن {زكية} [الكهف: 74] حكاية عما كان من موسى صلى الله عليه وسلم بما خاطبه به الخضر في ذلك، والحكايات بالألسن عن الألسن التي كانت قبل ذلك بغير تلك الألسن، فقد يجوز أن يحكى بالألفاظ المختلفة. ومن ذلك قوله عز وجل في كتابه فيما حكاه عن نبيه زكريا صلى الله عليه وسلم من جوابه إياه لما سأله أن يجعل له آية فقال في موضع من كتابه: {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} [آل عمران: 41] وقال في موضع آخر منه: {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا} [مريم: 10] . إخبار عن معنى واحد، ذكره في أحد الموضعين بالليالي التي تدخل فيها أيامها، وفي الموضع الآخر بالأيام التي تدخل فيها لياليها، فمثل ذلك حكايته عن موسى صلى الله عليه وسلم في وصف الغلام المقتول بالحال التي كان عنده عليها بأنه زكي في معنى زاكي، وبأنه زاكي في معنى زكي، ثم المرجوع إليه بعد ذلك في القراءة هو الموجود في المصاحف منها، ففي بعضها إثبات الألف، وفي بعضها سقوط الألف , فدل ذلك على أن ذلك واسع , وأن ما قرئ به من تلك اللفظتين واسع غير معنف من مال إلى واحدة من الكلمتين وترك الأخرى، والله عز وجل نسأله التوفيق
(8/144)
************
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله في المؤمن: " أنه غر كريم " وفي الفاجر: " أنه خب لئيم "
(8/150)
************




شرح مشكل الآثار (8/ 239)
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي كان يكتب له لما كان يملي عليه: غفورا رحيما، فيكتب: عليما حكيما، ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أكتب كذا وكذا من هذا الجنس، فيقول: " نعم، اكتب كيف شئت "

3211 - حدثنا بكار بن قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه: أن رجلا كان يكتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قرأ البقرة، وآل عمران , وكان الرجل إذا قرأ البقرة، وآل عمران عد فينا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه: غفورا رحيما، فيكتب: عليما حكيما، ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أكتب كذا وكذا، فيقول: " نعم، اكتب كيف شئت "، ويملي عليه: عليما حكيما، فيقول: أكتب: سميعا بصيرا، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: " اكتب أي ذلك شئت "، فهو كذلك فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين، وقال: أنا أعلمكم بمحمد، إن كان ليكل الأمر إلي حتى أكتب ما شئت، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الأرض لم تقبله ". [ص:240] قال: أنس: فأخبرني أبو طلحة أنه رأى الأرض التي مات بها فوجده منبوذا، قال: أبو طلحة: ما شأن هذا؟ قالوا: إنا دفناه مرارا، فلم تقبله الأرض ".

3212 - حدثنا يونس قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني ابن أيوب، عن حميد، عن أنس، ثم ذكر مثله.

فقال قائل: قد ذكرت فيما تقدم من كتابك هذا في باب مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " أنزل القرآن على سبعة أحرف " ما ذكرته فيه، وذكرت فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلق لهم ما أطلق [ص:241] لهم فيه مما تأولت السبعة الأحرف المذكورة فيه عليه إلا لضرورة إلى ذلك، والعجز منهم عن حفظ الحروف بعينها، وأنه في الحقيقة فيما أنزل عليه كما في المصاحف المنقولة إلينا التي قد قامت الحجة بما فيها علينا، وأنه لا يتسع لنا أن نقرأ شيئا من القرآن بخلاف الألفاظ التي فيها , وإن كان معناه معنى ما فيها، وفي هذا الحديث ما يخالف ذلك، ويرد الأمور إلى المعاني التي في الحقيقة على ما قد قيلت عليه , وإن اختلفت الألفاظ بها مع استواء المعاني فيها.

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أن الذي في هذا الحديث ليس من ذلك المعنى الذي ذكرناه في ذلك الباب، وذلك أن المعنى الذي ذكرناه في ذلك الباب هو في القرآن لا في غيره، والذي في الحديث الذي ذكرناه في هذا الباب قد يحتمل أن يكون فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمليه على ذلك الكاتب من كتبه إلى الناس في دعائه إياهم إلى الله عز وجل، وفي وصفهم له ما هو جل وعز عليه من الأشياء التي كان يأمر ذلك الكاتب بها ويكتب الكاتب خلافها مما معناها معناها، إذ كانت كلها من صفات الله عز وجل. فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء من ذلك ولا اختلاف، والله عز وجل نسأله التوفيق.







شرح مشكل الآثار (1/ 264)
قال أبو جعفر: والاختلاف في هاتين القراءتين في هذا الحرف من أيسر الاختلاف ; لأنا إذا صححنا ما روي في العين التي تغرب فيها الشمس استحق بذلك الحمأ والحرارة جميعا فكانتا من صفاتها وكان من قرأ حامية وصفها بإحدى صفاتها ومن قرأ حمئة وصفها بصفتها الأخرى , وذلك واسع غير ضيق على أحد ممن روى قراءة من هاتين القراءتين



شرح مشكل الآثار (8/ 158)
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاختيار مما قرئ عليه قول الله عز وجل: {الله الذي خلقكم من ضعف} [الروم: 54] أو: (من ضعف) على ما قرئ عليه من هذين الحرفين
3132 - حدثنا بكار بن قتيبة قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي، وحدثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني، قالا: حدثنا الفضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي قال: قرأت على عبد الله بن عمر: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) ، فرد علي: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا} [الروم: 54] ثم قال لي: " قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأت علي، فرد علي كما رددت عليك ". [ص:159] قال أبو جعفر: وهذا حديث لا نعلم روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب غيره، وفيه رده على عبد الله بن عمر {ضعفا} [الأعراف: 38] مكان قراءته (ضعفا) , وإن كان القراء قد اختلفوا في ذلك، فقراءة بعضهم على {ضعف} [الأعراف: 38] ، وقراءة بعضهم على (ضعف) . فالذي عندنا أن الأولى في ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، وإن كان واسعا للناس أن يقرءوا القراءة الأخرى ; لأن محالا عندنا أن يكونوا قرءوها إلا من حيث جاز لهم أن يقرءوها، ولأنه قد قرأ كثير منهم هذا الحرف على ما قرأه عليه من قرأها {ضعفا} [الأعراف: 38] . وقد يحتمل أن يكون الاختلاف كان في ذلك جاء من الوجه الذي ذكرناه فيما تقدم منا في هذه الأبواب مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤه على الناس فيأخذونه عنه كما يقرؤه عليهم ثم يعرض القرآن على [ص:160] جبريل صلى الله عليهما فيبدل من ذلك ما يبدل فيكون أحد هذين المعنيين قد لحقه التبديل , ويكون المعنى الآخر هو الذي جعل مكان المعنى الأول , وإن لم يرووه نصا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتسع بذلك عندنا القراءة بكل واحد من الحرفين، غير أن ما فصل من هذين المعنيين المعنى الآخر منهما بحكاية من حكاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رده إياه على من قرأ عليه الحرف الآخر من ذينك الحرفين بالاختيار أولى، والله عز وجل نسأله التوفيق. وقد اختلف أهل القراءة في هذا الحرف، فقرأه بعضهم بالضم، وممن قرأه منهم كذلك أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو، والكسائي. وقرأه بعضهم بالفتح، وممن قرأه منهم كذلك يحيى بن وثاب، وعاصم، والأعمش، وكذلك أجازه لنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد، وذكر لنا عن أبي عبيد اختياره للقراءة الأولى (من ضعف) ، اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم مع من اتبعه عليها، وبالله التوفيق.