ذكر من قال ذلك حدثني يحيى بن داود الواسطي، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية: «إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا» . فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي {وأقوم قيلا} [المزمل: 6] قال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحماني، عن الأعمش قال: قرأ أنس «وأقوم قيلا وأصوب قيلا» وقيل له: يا أبا حمزة إنما هي {وأقوم} [البقرة: 282] . قال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن [ص:374] مجاهد، مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله
وأما من يقول: إن بعض الصحابة كابن مسعود كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه، إنما قال: نظرت القراءات فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم. نعم كانوا ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرآنا فهم آمنون من الالتباس وربما كان بعضهم يكتبه معه، لكن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يكره ذلك ويمنع منه فروى مسروق عنه أنه كان يكره التفسير في القرآن وروى غيره عنه: " جردوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه ".
الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (4/ 171)
ومن العجب أن جمهرة من المعارضين لنا وهم المالكيون قد صح عن صاحبهم ما ناه المهلب بن أبي صفرة الأسدي التميمي قال ابن مناس نا ابن مسرور نا يحيى نا يونس بن عبد الأعلى نا ابن وهب حدثني ابن أنس قال أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا {إن شجرة لزقوم * طعام لأثيم} فجعل الرجل يقول طعام اليتيم فقال له ابن مسعود طعام الفاجر قال ابن وهب قلت لمالك أترى أن يقرأ كذلك قال نعم أرى ذلك واسعا فقيل لمالك أفترى أن يقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب فامضوا إلى ذكر الله قال
مالك ذلك جائز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تيسر مثل تعلمون يعلمون قال مالك لا أرى في اختلافهم في مثل هذا بأسا ولقد كان الناس ولهم مصاحف والستة الذين أوصى لهم عمر بن الخطاب كانت لهم مصاحف قال أبو محمد فكيف يقولون مثل هذا أيجيزون القراءة هكذا فلعمري لقد هلكوا وأهلكوا وأطلقوا كل بائقة في القرآن أو يمنعون من هذا فيخالفون صاحبهم في أعظم الأشياء وهذا إسناد عنه في غاية الصحة وهو مما أخطأ فيه مالك مما لم يتدبره لكن قاصدا إلى الخير ولو أن أمرا ثبت على هذا وجازه بعد التنبيه له على ما فيه وقيام حجة الله تعالى عليه في ورود القرآن بخلاف هذا لكان كافرا ونعوذ بالله من الضلال قال أبو محمد فبطل ما قالوه في الإجماع بأوضع بيان والحمد لله رب العالمين
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 292)
وذكر ابن وهب في كتاب الترغيب من جامعه قال قيل لمالك أترى أن يقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب فامضوا إلى ذكر الله فقال ذلك جائز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرأوا منه ما تيسر ومثل ما تعلمون ويعلمون وقال مالك لا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسا قال وقد كان الناس ولهم مصاحف والستة الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم كانت لهم مصاحف قال ابن وهب وسألت مالكا عن مصحف عثمان بن عفان قال لي ذهب قال وأخبرني مالك بن أنس قال أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فجعل الرجل يقول طعام اليتيم فقال له ابن مسعود طعام الفاجر فقلت لمالك أترى أن يقرأ كذلك قال نعم أرى ذلك واسعا - قال أبو عمر معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة وإنما ذكرنا ذلك عن مالك تفسيرا لمعنى الحديث وإنما لم تجز القراءة به في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان فلا يقطع عليه وإنما يجري مجرى السنن التي نقلها الآحاد لكن لا يقدم أحد على القطع في رده وقد روى عيسى عن ابن القاسم في المصاحف بقراءة ابن مسعود قال أرى أن يمنع الإمام من بيعه ويضرب من قرأ به ويمنع ذلك وقد قال مالك من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصل وراءه وعلماء المسلمين مجمعون على ذلك إلا قوم شذوا لا يعرج عليهم منهم الأعمش سليمان بن مهران وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان المصحف
البرهان في علوم القرآن (1/ 222)
قال: وذكر ابن وهب في كتاب الترغيب من جامعه قال: قيل لمالك: أترى أن تقرأ مثل ما قرأ عمر بن الخطاب: {فامضوا إلى ذكر الله} قال: جائز قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه" ومثل يعلمون وتعلمون قال مالك لا أرى باختلافهم بأسا وقد كان الناس ولهم مصاحف
قال ابن وهب سألت مالكا عن مصحف عثمان فقال لي ذهب وأخبرني مالك قال أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا: {إن شجرت الزقوم طعام الأثيم} ، فجعل الرجل يقول طعام اليتيم فقال طعام الفاجر فقلت لمالك أترى أن يقرأ بذلك قال نعم أرى أن ذلك واسعا
قال: أبو عمر معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة وإنما لم تجز القراءة به في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان لا يقطع عليه وإنما يجرى مجرى خبر الآحاد لكنه لا يقدم أحد على القطع في رده.
وقال مالك رحمه الله فيمن قرأ في صلاة بقراءة ابن مسعود وغيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصل وراءه
قال وعلماء مكيون مجمعون على ذلك إلا شذوذا لا يعرج عليه منهم إلا عثمان وهذا كله يدل على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عثمان عليه المصاحف
إمتاع الأسماع ج4 269 و أما الأحرف التي أنزل عليها القرآن الكريم ..... ص : 249
و ذكر ابن وهب في كتاب (الترغيب و الترهيب) قال: قيل لمالك رحمه الله:
[أ ترى] أن تقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ذلك جائز، قال رسول الله صلّى الله عليه و سلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرءوا منه ما تيسر، و مثل تعلمون، و يعلمون، و قال: مالك: لا أرى باختلافهم في مثل هذا الباب بأسا.
قال: و قد كان الناس و لهم مصاحف، و الستة الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت لهم مصاحف، قال ابن وهب: و سألت مالكا رحمه الله عن مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: و أخبرني مالك بن أنس قال: أقرأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رجلا: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ 44: 43
__________________________________________________
[1] الحديد: 13.
[2] البقرة: 20.
إمتاعالأسماع،ج4،ص:270
طَعامُ الْأَثِيمِ 44: 44 [1]، فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فقال له عبد الله بن مسعود: طعام الفاجر، فقلت لمالك: أ ترى أن تقرأ كذلك؟ قال: نعم أرى ذلك واسعا.
قال ابن عبد البر: معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة، و إنما ذكرنا ذلك عن مالك تفسيرا لمعنى الحديث، و إنما لم تجز القراءة في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان رضي الله عنه لا يقطع عليه، و إنما يجري مجرى السنن التي نقلها الآحاد، لا يقدم أحد على القطع في رده.
و قد روى عيسى عن ابن القاسم في المصحف بقراءة ابن مسعود قال: أرى أن يمنع الإمام من تبعه، و يضرب من قرأ به، و يمنع من ذلك. و قد قال مالك:
إن من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود و غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصلّ وراءه، و علماء المسلمين مجمعون على ذلك، إلا قوما شذوا لا [يتابع] [2] عليهم، منهم: الأعمش سليمان بن بهزان. و هذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد ابن ثابت الّذي جمع عليه عثمان المصاحف.
و ذكر من حديث محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرئ، حدثنا أبو علي الحسن ابن صافي الصفّار، أن عبد الله بن سليمان قال: حدثنا أبو الظاهر قال: سألت سفيان بن عيينة عن الاختلاف في قراءة المدنيين و العراقيين، هل تدخل في السبعة الأحرف فقال: لا، و إنما السبعة الأحرف: كقولهم: أقبل، تعال، أي ذلك قلت أجزأك، قال أبو الطاهر: و قاله ابن وهب.
تعدد لفظ من عند الناس
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 45)
44- حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا أبو خلدة، قال: حدثني أبو العالية، قال: قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل خمس رجل، فاختلفوا في اللغة، فرضي قراءتهم كلهم، فكان بنو تميم أعرب القوم (3) .
45- حدثنا عمرو بن عثمان العثماني، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثنا أخي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة (1) .
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 52)
51- وقد حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية: {إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} [سورة المزمل: 6] فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي "وأقوم" فقال: أقوم وأصوب وأهيأ، واحد (2) .
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (23/ 685)
حدثني يحيى بن داود الواسطي، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية (إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا) ، فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة إنما هي (وأقوم قيلا) قال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا عبد الحميد الحماني، عن الأعمش قال: قرأ أنس (وأقوم قيلا) وأصوب قيلا؛ قيل له: يا أبا حمزة إنما هي (وأقوم) قال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، مثله.
از غير تفسير طبري:
مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر (ص: 40)
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (المتوفى: 294هـ)
قوله {هي أشد وطئا وأقوم قيلا}. عن الأعمش، قرأ أنس بن مالك: {وأقوم قيلا} [المزمل: 6]، «وأصوب قيلا»: فقيل له: يا أبا حمزة، إنما هي أقوم قيلا. قال: أليس أقوم وأصوب وأهيأ واحد
مسند أبي يعلى الموصلي (7/ 88)
المؤلف: أبو يعلى أحمد بن علي بن المثُنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي، الموصلي (المتوفى: 307هـ)
4022 - حدثنا إبراهيم، حدثنا أبو أسامة، حدثنا الأعمش، أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية: (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا)، فقال له رجل: إنما نقرؤها {وأقوم قيلا} [المزمل: 6]، فقال: «إن أقوم، وأصوب، وأهيأ، وأشباه هذا واحد»
[حكم حسين سليم أسد] : إسناده ضعيف ومتنه منكر مردود
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 156)
11613 - وعن الأعمش قال: سمعت أنس بن مالك يقول في قول الله - عز وجل - "وأقوم قيلا" قال: وأصدق. فقيل له: إنها تقرأ: وأقوم، فقال: أقوم وأصدق واحد.
رواه البزار، وأبو يعلى بنحوه، إلا أنه قال: وأصوب قيلا، وقال: إن أقوم وأصوب، وأهيأ، وأشباه هذا واحد، ولم يقل الأعمش سمعت أنسا، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، ورجال البزار ثقات. قلت: وقد تقدمت أحاديث من هذا النوع في سورها.
الآثار لأبي يوسف (ص: 44)
المؤلف: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة الأنصاري (المتوفى: 182هـ)
223 - عن أبيه عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا كان يقرئه ابن مسعود، وكان أعجميا، فجعل يقول: {إن شجرة الزقوم، طعام الأثيم} [الدخان: 44] فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فرد عليه، كل ذلك يقول: طعام اليتيم فقال ابن مسعود: قل: «طعام الفاجر» ، ثم قال ابن مسعود: " إن الخطأ في القرآن ليس أن تقول: الغفور الرحيم، العزيز الحكيم، إنما الخطأ أن تقرأ آية الرحمة آية العذاب، وآية العذاب آية الرحمة، وأن يزاد في كتاب الله ما ليس فيه "
مصنف عبد الرزاق الصنعاني (3/ 364)
عبد الرزاق،
5985 - عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد الله: " ليس الخطأ أن تقرأ بعض القرآن في بعض، ولا أن تختم آية {غفور رحيم} [البقرة: 173] ب {عليم حكيم} [النساء: 26] أو ب {عزيز حكيم} [البقرة: 209] ولكن الخطأ أن تقرأ ما ليس فيه أو تختم آية رحمة بآية عذاب "
مصنف عبد الرزاق الصنعاني (3/ 364)
عبد الرزاق،
5986 - عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن أبي الدرداء، أنه أقرأ رجلا {شجرة الزقوم طعام الأثيم} [الدخان: 44] قال: فقال الرجل: طعام اليتيم قال: فقال أبو الدرداء: «الفاجر»
المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 489)
3684 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ثنا محمد بن عبد الوهاب، ثنا يعلى بن عبيد، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قرأ رجل عنده {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} [الدخان: 44] فقال أبو الدرداء: «قل طعام الأثيم» فقال الرجل: طعام اليثيم. فقال أبو الدرداء قل: «طعام الفاجر» هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "
[التعليق - من تلخيص الذهبي]
3684 - على شرط البخاري ومسلم
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (24/ 29)
المؤلف: ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى: 804هـ)
وقد سلف اختلاف العلماء في المراد بالأحرف السبعة، وقيل: سبة معان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص إلى غير ذلك. وهو خطأ؛ لأنه أشار في الحديث إلى جواز القراءة بكل حروفها، وقد قام الإجماع أنه لا يحل إبدال آية أمثال بآية أحكام قال تعالى: {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي} [يونس: 15] وقال ابن شهاب: بلغني أنه في الأمر الواحد، فلا يختلف في حلال ولا حرام. وإليه ذهب ابن مسعود أنه يجعل مكان الكلمة كلمة بمعناها، وروى ذلك عن مالك ابن وهب قال: أقرأ ابن مسعود رجلا {إن شجرت الزقوم (43) طعام الأثيم (44)} فجعل الرجل يقول: اليتيم؛ فقال له ابن مسعود: طعام الفاجر؛ فقلت لمالك: أترى أن يقرأ كذلك؟ قال: نعم، أرى ذلك واسعا. والذي في "المدونة" أنه منع من أن يأتم بمن يقرأ بقراءة ابن مسعود، وقال: يخرج ويدعه (2).
النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة (2/ 56، بترقيم الشاملة آليا)
المؤلف: أبو إسحاق الحويني الأثري حجازي محمد شريف
175- ((قرأ أنس هذه الآية: {إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا} ، فقال له رجل: إنما نقرؤها: {وأقوم قيلا} فقال: إن أقوم، وأصوب، وأهيأ، وأشباه ذلك واحد)) . (2)
__________
(2) 175- باطل.
أخرجه أبو يعلى في ((مسنده)) - كما في ((ابن كثير)) (4/ 380) - وابن جرير (29/ 82) ، والبزار - كما في ((المجمع)) (7/ 156) -، والخطيب في ((التاريخ)) (9/4) ، ومحمد بن نصر، = =وابن الأنباري في ((المصاحف)) - كما في ((الدر المنثور)) (6/278) من طريق الأعمش، عن أنس،.. فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف؛ لأن الأعمش لم يسمع من أنس.
قال ابن معين: ((كل ماروى الأعمش عن أنس، فهو مرسل)) .
وكذا قال علي بن المديني وابن المنادي وغيرهما.
ثم إن معنى هذا الحديث باطل جدا؛ لأنه يحيل لفظ القرآن. ولابن الأنباري كلام شريف جليل حول هذا الحديث، نقله عنه القرطبي في ((تفسيره)) (19/ 41- 42) قال: ((وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال: من قرأ بحرف يوافق معنى القرآن فهو مصيب، إذا لم يخالف معنى، ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا، وهو قول لا يعرج عليه، ولا يلتفت إلى قائله؛ لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن، إذا قاربت معانيها، واشتملت على عامتها، لجاز أن يقرأ في موضع: ((الحمد لله رب العالمين)) الشكر للباري ملك المخلوقين!! ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفتريا على الله - عز وجل -، كاذبا على رسوله - صلى الله عليه وسلم -.... ثم قال: والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في الضلال حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم؛ لأنه مبني على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل، فيؤخذ به قبل أن الأعمش رأى أنسا ولم يسمع منه)) . أهـ.
قلت: وقوله: ((فهو مقطوع)) يعني منقطع، والتعبير عن المنقطع بـ ((المقطوع)) وقع في كلام الشافعي رحمه الله، وذلك قبل استقرار علوم الاصطلاح. واستخدمه الدارقطني أيضا.
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 75)
المؤلف: مناع بن خليل القطان (المتوفى: 1420هـ)
3 - وعن الأعمش قال: «قرأ أنس «2» هذه الآية: «إنّ ناشئة اللّيل هى أشدّ وطا وأصوب قيلا» «3»، فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هى وَأَقْوَمُ فقال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد» «4».
ووجه الدلالة فى هذا الحديث- وإن كان مرسلا- نصية، حيث جاء النص فى التمثيل بالألفاظ المختلفة الدالة على معنى واحد، وهو ما ندّعيه.
4 - وجاءت آثار أخرى دالة على ذلك منها:
(أ) جاء عن أبىّ بن كعب أنه كان يقرأ: لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا «5»:
«مهّلونا، أخّرونا، أرجئونا»، وكان يقرأ: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ «1»: «مرّوا فيه، سعوا فيه» «2».
وهذا معناه أن أبىّ بن كعب كان يقرأ: لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا، و «للذين آمنوا مهّلونا»، و «للذين آمنوا أخّرونا»، و «للذين آمنوا أرجئونا» وكان يقرأ: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ، و «كلما أضاء لهم مرّوا فيه» و «كلما أضاء لهم سعوا فيه» وهذا كله اختلاف فى اللفظ مع اتفاق المعنى فهى ألفاظ مختلفة لمعنى واحد، وهو المدّعى.
(ب)
وعن أبى بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «قال جبريل:
اقرأ القرآن على حرف، قال ميكائيل عليه السلام: استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شاف كاف، ما لم يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية
عذاب، كقولك: هلمّ وتعال» «3».
فقد أوضح نص هذا الخبر أن اختلاف الأحرف السبعة إنما هو اختلاف ألفاظ، كقولك: «هلمّ، وتعال» باتفاق المعانى، لا باختلاف معان موجبة اختلاف أحكام.
(ج) وقال عبد الله بن مسعود: «إنى قد سمعت الى القراء، فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، وإياكم والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلمّ، وتعال» «4».
تفسير القرآن من الجامع لابن وهب (3/ 60)
المؤلف: أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصري القرشي (المتوفى: 197هـ)
139 - فقيل لمالك: أفترى أن يقرأ بمثل [ما] قرأ عمر بن [ص:61] الخطاب: فامضوا إلى ذكر الله، فقال: ذلك جائز؛ وقال رسول الله: أنزل [القرآن] على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسر منه، مثل تعلمون، ويعلمون.
قال مالك: ولا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسا؛ قال: وقد كان الناس لهم مصاحف وألسنة الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب كانت لهم مصاحف.
الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (4/ 171)
ومن العجب أن جمهرة من المعارضين لنا وهم المالكيون قد صح عن صاحبهم ما ناه المهلب بن أبي صفرة الأسدي التميمي قال ابن مناس نا ابن مسرور نا يحيى نا يونس بن عبد الأعلى نا ابن وهب حدثني ابن أنس قال أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا {إن شجرة لزقوم * طعام لأثيم} فجعل الرجل يقول طعام اليتيم فقال له ابن مسعود طعام الفاجر قال ابن وهب قلت لمالك أترى أن يقرأ كذلك قال نعم أرى ذلك واسعا فقيل لمالك أفترى أن يقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب فامضوا إلى ذكر الله قال
مالك ذلك جائز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تيسر مثل تعلمون يعلمون قال مالك لا أرى في اختلافهم في مثل هذا بأسا ولقد كان الناس ولهم مصاحف والستة الذين أوصى لهم عمر بن الخطاب كانت لهم مصاحف قال أبو محمد فكيف يقولون مثل هذا أيجيزون القراءة هكذا فلعمري لقد هلكوا وأهلكوا وأطلقوا كل بائقة في القرآن أو يمنعون من هذا فيخالفون صاحبهم في أعظم الأشياء وهذا إسناد عنه في غاية الصحة وهو مما أخطأ فيه مالك مما لم يتدبره لكن قاصدا إلى الخير ولو أن أمرا ثبت على هذا وجازه بعد التنبيه له على ما فيه وقيام حجة الله تعالى عليه في ورود القرآن بخلاف هذا لكان كافرا ونعوذ بالله من الضلال قال أبو محمد فبطل ما قالوه في الإجماع بأوضع بيان والحمد لله رب العالمين
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 292)
وذكر ابن وهب في كتاب الترغيب من جامعه قال قيل لمالك أترى أن يقرأ بمثل ما قرأ عمر بن الخطاب فامضوا إلى ذكر الله فقال ذلك جائز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرأوا منه ما تيسر ومثل ما تعلمون ويعلمون وقال مالك لا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسا قال وقد كان الناس ولهم مصاحف والستة الذين أوصى إليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم كانت لهم مصاحف قال ابن وهب وسألت مالكا عن مصحف عثمان بن عفان قال لي ذهب قال وأخبرني مالك بن أنس قال أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فجعل الرجل يقول طعام اليتيم فقال له ابن مسعود طعام الفاجر فقلت لمالك أترى أن يقرأ كذلك قال نعم أرى ذلك واسعا - قال أبو عمر معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة وإنما ذكرنا ذلك عن مالك تفسيرا لمعنى الحديث وإنما لم تجز القراءة به في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان فلا يقطع عليه وإنما يجري مجرى السنن التي نقلها الآحاد لكن لا يقدم أحد على القطع في رده وقد روى عيسى عن ابن القاسم في المصاحف بقراءة ابن مسعود قال أرى أن يمنع الإمام من بيعه ويضرب من قرأ به ويمنع ذلك وقد قال مالك من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصل وراءه وعلماء المسلمين مجمعون على ذلك إلا قوم شذوا لا يعرج عليهم منهم الأعمش سليمان بن مهران وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان المصحف
http://vb.tafsir.net/tafsir45/#.VoAWHbyEjF0
ثم أنتقل إلى الموضوع فأطرح على الإخوة إشكالا حول مسألة قراءة القرآن بالمعنى ، فالمشهور عدم جواز ذلك ، والمسألة مشهورة في الحديث النبوي .
لكن وقفت على مايخالف ذلك في ظاهره :
1- عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: (غفوراً رحيماً) أو قلت: (سميعاً عليماً) أو قلت: (عليماً سميعاً) فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب" أخرجه أحمد 5/124، وأبو داود (1477) وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/ 1294 ، وفي تحقيق المسند 35/85 : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
2- قال ابن حجر في الفتح 8/644 :" ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعا له " .
3- نقل الذهبي في السير 5/347 عن أبي أويس قال :" سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال : إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث ، إذا أصيب معنى الحديث ولم يحل به حراما ولم يحرم به حلالا فلا بأس ، وذلك إذا أصيب معناه ."
ومن لطيف الموافقات أنني قرات قبل الأمس في ترجمة واصل بن عطاء رأس المعتزلة في السير 5/465 " قيل : كان يجيز التلاوة بالمعنى ، وهذا جهل "
ومن الأمثلةِ على أصلِ هذه المشاركة ما قرأ به الأعمشُ عن أنس بن مالك لقوله تعالى:(لَو يَجِدُونَ مَلجأً أَو مَغاراتٍ أو مُدَّخلاً لَولَّوا إليهِ وهُمْ يَجْمَحون) فقد قرأها (يَجْمِزُون) فلما سُئِلَ قال : يَجْمَحُونَ ويَجْمِزون ويشتدُّون واحد.
وذهب الشهاب في حاشيته على البيضاوي 4/335 أن هذا من أنس تفسير لا قراءة فقال: وليس مراده أنه قرأ بالزاي كما توهم ، بل التفسير ، ورد الإنكار. وجَمَّازة : ناقة شديدة العدو».
وقال الإمام الشافعي في كتابه ( الرسالة ) :
" فإذ كان اللهُ لِرَأْفتِه بخلْقِه أنزلَ كتابَه على سبْعةِ أحْرفٍ؛ معرفةً مِنْه بأنَّ الحفْظَ قدْ يَزِلُّ، لِيَُحِلَّ لهم قراءتَه وإنْ اختلفَ اللفظُ فيه، ما لم يكن في اختلافِهم إحالةُ معنىً = كان ما سِوَى كتابِ الله أوْلَى أنْ يجوزَ فيه اختلافُ اللفظِ ما لم يُحِلْ معْناه. وكلُّ ما لم يكن فيه حُكْمٌ فاختلافُ اللفظِ فيه لا يحيلُ معناه. وقد قال بعضُ التابعين: ( لَقِيتُ أُناساً مِن أصحابِ رسولِ اللهِ، فاجتمعوا في المعنى واختلفوا عليَّ في اللفظِ. فقلْتُ لبعضِهم ذلك، فقالَ: لا بأسَ ما لمْ يُحِيلُِ المعنى ) " .
[ ( الرسالة ) للشافعي / 274 - 275 ، ط شاكر ]
وقال في كتاب ( الأم ) :
" وقد اختلف بعضُ أصحابِ النبي في بعضِ لفظِ القرآنِ عند رسولِ الله ولم يختلفوا في معناه ، فأقرَّهم وقال : ( هكذا أنزل ، إن هذا القرآنَ أنزِل على سبعة أحرف ، فاقرؤوا ما تيسر منه ) ؛ فما سوى القرآنِ من الذكرِ أوْلى أن يتسع هذا فيه إذا لم يختلف المعنى . وليس لأحد أن يعمد أن يكف عن قراءة حرف من القرآن إلا بنسيانٍ ، وهذا في التّشَهُّدِ وفي جميعِ الذِكْرِ أخَفُّ " .
[ ( الأم ) للشافعي ، 10 / 45 - 46 ، تحقيق رفعت فوزي ، ط1 دار الوفاء ]
وما ورد عن الزهري والشافعي في مسألة رواية الحديث على المعنى ، واحتجاجهم لذلك باختلاف أحرف القرآن = ورد مثله عن يحيى بن سعيد القطّان (ت 198 ﻫ) فيما أخرجه أبو نعيم الأصبهاني (ت 430 ﻫ) ، وعنه الخطيبُ البغدادي (ت 463 ﻫ) في كتابه ( الكفاية في معرفة أصول علم الرواية ) ؛ إذ قال :
" أخبرنا أبو نعيم الحافظ : أنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني : ثنا محمد بن إسحاق السراج قال : سمعتُ عبيد الله بن سعيد يقولُ : سمعتُ يحيى بنَ سعيدٍ يقول : أخافُ أن يَضيقَ على الناسِ تتبُّعُ الألفاظِ ؛ لأنّ القرآنَ أعظمُ حُرْمةً = ووُسِّعَ أن يُقرأ على وجوهٍ إذا كان المعنى واحِداً " .
[ ( الكفاية في معرفة أصول علم الرواية ) للخطيب البغدادي ، 2 / 24 - 25 ، تحقيق إبراهيم الدمياطي ، دار الهدى ، ط1 ، 1423 / 2003م . وانظر (الحلية) لأبي نعيم ، 8 / 380 ط السعادة . قال الشيخ عبد الله الجديع : " إسناده جيِّدٌ " ؛ انظر ( تحرير علوم الحديث ) له ، 1 / 280 ] .
فائدة على هامش الموضوع : قال الرامَهُرْمُزي ( ت 360 ﻫ ) في كتابه ( المحدِّث الفاصِل بين الراوي والواعي ) :
" وأما إصابةُ المعنى بتغييرِ اللفظِ : فأهلُ العلمِ مِن نقلةِ الأخبارِ يختلفون فيه ؛ فمنهم مَن يرى اتباعَ اللفظ ، ومنهم من يتجوّز في ذلك إذا أصاب المعنى . وكذلك سبيل التقديم والتأخير ، والزيادة والنقصان ؛ فإن منهم من يعتمد المعنى ولا يعتدّ باللفظِ ، ومنهم من يشدّدُ في ذلك ولا يفارق اللفظ .
وقد دلّ قولُ الشافعي في صفة المحدّث مع رعاية اتباع اللفظ على أنه يَسوغُ للمحدّث أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالماً بلغات العرب ووجوه خِطابها ، بصيراً بالمعاني والفقه ، عالماً بما يُحيلُ المعنى وما لا يُحيلُه ، فإنه إذا كان بهذه الصفة جاز له نقل اللفظ ؛ فإنه يَحترِزُ بالفهم عن تغيير المعاني وإزالة أحكامها ، ومن لم يكن بهذه الصفة كان أداء اللفظ له لازماً ، والعدولُ عن هيئة ما يسمعُه عليه محظوراً ، وإلى هذا رأيتُ الفقهاءَ من أهل العلم يذهبون .
ومِن الحجةِ لمن ذهبَ إلى هذا المذهب : أن الله تعالى قد قصّ من أنباء ما قد سبق قصصاً كرّرَ ذِكرَ بعضها في مواضع بألفاظٍ مختلفة والمعنى واحد ، ونقلها من ألسنتهم إلى اللسان العربيِّ ، وهو مخالف لها في التقديم والتأخير ، والحذف والإلغاء ، والزيادة والنقصان ، وغير ذلك .
وقد حُكيتْ هذه الحجة بعينِها عن الحَسَنِ ؛ حدّثني بذلك أحمد بن الربيع بن عديس - شيخٌ لنا - : حدثني محمد بن مسلم بن مَسْعدة -وهو من أهل رامهرمز- قال : قلتُ لمحمد بن منصور قاضي الأهواز في شيء جرى بيني وبينه : ثلاثة يشددون في الحروف ، وثلاثة يرخصون فيها ؛ فممن رخّص فيها الحسنُ ، وكان الحسن يقول :
( يحكي اللهُ تعالى عن القرون السالفة بغير لُغاتها ؛ أفكذب هو ؟! ) .
وكان محمدُ بن منصور متكئاً فاستوى جالساً ، ثم أخذ بمجامع كفِّه وقال : ما أحسنَ هذا ! أحسنَ الحَسَنُ جدّاً .
وقال قتادةُ عن زُرارة بن أوفى : لقيتُ عدّةً من أصحاب النبي فاختلفوا عليَّ في اللفظ ، واجتمعوا في المعنى " .
[ ( المحدِّث الفاصِل بين الراوي والواعي ) للرامهرمزي ، ص 529 - 531 ، تحقيق د. محمد عجاج الخطيب ، دار الفكر ، ط1 ، 1391 / 1971م ]
http://vb.tafsir.net/forum2/thread10127-2.html
الشيخ الفاضل عبد الرحمن الشهري - وفقه الله -
بارك الله فيكم ونفع بكم
ولكن رواية ابن الأنباري في المصاحف أصرح
ففي الإتقان
(وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ - أفلم يتبين الذين آمنوا أن لويشاء الله لهدى الناس جميعاً - فقيل له إنها في المصحف: أفلم ييأس، فقال: أظن الكاتب كتبها وهوناعس)
انتهى
وكتاب ابن الأنباري مفقود
ولكن ذكر ابن حجر - - رواية عبد بن حميد في تفسيره
وعبد بن حميد متابع لأبي عبيد فهو يروي عن يزيد بن هارون
وهذا الجزء من تفسير عبد بن حميد مفقود
وممن روى الأثر سعيد بن منصور وكتابه ليس بين يدي الآن ولكن سعيد يرويه عن يزيد بن هارون
( في الغالب )
وابن المنذر وأيضا الجزء الذي فيه الأثر من كتاب ابن المنذر مفقود
وإن كان في الغالب أن رواية ابن المنذر من طريق سعيد بن منصور
فإذا رواية أبي عبيد في فضائل القرآن ورواية سعيد بن منصور وابن المنذر ليس فيه هذا الحرف
بينما نجد في رواية عبد بن حميد وابن الأنباري وابن جرير زيادة
(أظن الكاتب كتبها وهوناعس)
وقفت على مصدر آخر إن صح ما في كتاب السمرقندي
ألا هو كتاب عيسى بن أبان الفقيه الحنفي ( ت220)
تفسير القاسمي = محاسن التأويل (1/ 182)
المؤلف: محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي (المتوفى: 1332هـ)
الرد على من توهم أن بعض الصحابة يجوّز التلاوة بالمعنى
قال ابن الجزريّ في النشر: أما من يقول بأن بعض الصحابة، كابن مسعود، كان يجيز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه. إنما قال: نظرت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرؤوا كما علمتم. نعم كانوا ربما يدخلون التفسير في القراءة إيضاحا وبيانا، لأنهم محقّقون لما تلقّوه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قرآنا. فهم آمنون من الالتباس. وربما كان بعضهم يكتبه معه. لكن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكره ذلك ويمنع منه. رواه عنه مسروق. وروي عنه: جرّدوا القرآن، ولا تلبسوا به ما ليس منه.
أرشيف ملتقى أهل التفسير (ص: 0)
وقد استدلوا كذلك بموقف عبدالله بن المبارك - رحمه الله - أنه كان لا يرد على أحد حرفاً، فلا دليل لهم فيه لجواز أن من كان يقرأ عليه كان يعتمد على قراءة صحيحة الرواية، لذا فلا يجوز منه أن يرده عن قراءته السبعية بل يصحح لمن يخطئ في القراءة السبعية لا غير.
أرشيف ملتقى أهل التفسير (ص: 0)
إشكال حول قراءة القرآن بالمعنى، فهل من مجيب؟
ـ[خالد الباتلي]•---------------------------------•[15 Apr 2003, 04:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد
فأشكر الله تعالى الذي هيأ لنا هذا المجلس القرآني والمنتدى التفسيري والذي جمع نخبة من المتخصصين في هذا الفن مما يعز توافره في منتدى آخر، وهذا بدوره سيميز هذا المنتدى من حيث العمق والتأصيل والجدة، والثقة بما يطرح فيه.
ثم أشكر من قام على هذا المنتدى فأقام بنيانه وشد أركانه، حتى قام على ساقه، وتألق سريعا، وجمع بين نضارة المظهر وجودة المخبر، وأرجو أن يكون له حظ كبير من قوله صلى الله عليه وسلم:" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ... الحديث " رواه مسلم.
ثم أنتقل إلى الموضوع فأطرح على الإخوة إشكالا حول مسألة قراءة القرآن بالمعنى، فالمشهور عدم جواز ذلك، والمسألة مشهورة في الحديث النبوي.
لكن وقفت على مايخالف ذلك في ظاهره:
1 - عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: (غفوراً رحيماً) أو قلت: (سميعاً عليماً) أو قلت: (عليماً سميعاً) فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب" أخرجه أحمد 5/ 124، وأبو داود (1477) وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/ 1294، وفي تحقيق المسند 35/ 85: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
2 - قال ابن حجر في الفتح 8/ 644:" ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعا له ".
3 - نقل الذهبي في السير 5/ 347 عن أبي أويس قال:" سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث، إذا أصيب معنى الحديث ولم يحل به حراما ولم يحرم به حلالا فلا بأس، وذلك إذا أصيب معناه."
فأرجو من إخواني المتخصصين - ولست منهم - إفادتنا في ذلك.
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]•---------------------------------•[16 Apr 2003, 05:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أعوذ بك من العجب بما أحسن، كما أعوذ بك من التكلف لما لا أحسن، اللهم حبب إلينا الحق، واعصمنا من الحيرة والشبهة،و اجعل بيننا وبين الصدق سببا، وحبب إلينا التثبت فيما نقول ونكتب.
أولاً: أرحب بالشيخ الكريم خالد الباتلي وفقه الله، وكم نحن سعداء بمشاركته لنا في هذا الملتقى، مما يعطي للملتقى نوعاً من الثقة بوجود أمثاله بين الأعضاء.
ثانياً: ذكرت - حفظك الله- مسألة (قراءة القرآن بالمعنى)، وأن المشهور فيها عدم الجواز، وشهرة هذه المسألة عند المُحدّثين، وأنك وجدت ما يخالف - في ظاهره - هذا القول المشهور، ونقلت جواب الإمام الزهري لأبي أويس عندما سأله عن جواز رواية الحديث بالمعنى فقال: (أن هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث، إذا أصيب معنى الحديث، ولم يحل به حراماً، ولم يحرم به حلالاً فلا بأس، وذلك إذا أصيب معناه).
ونقلت - وفقك الله - قولاً لابن حجر العسقلاني يثبت فيه أن غير واحد من الصحابة كان يقرأ بالمترادف ولو لم يكن مسموعاً له.
فأذن لي يا أخي الكريم أن أشير إلى بعض المسائل التي ربما تكون جواباً للمسألة، مع بقاء الباب مفتوحاً للإجابة من الأعضاء الكرام وفقهم الله جميعاً، فلن أدعي أنني لن أترك مقالاً لقائل، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً: يجب أن يكون نصب عين الباحث في الشبهات والدعاوى التي تتناول القرآن الكريم قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9]. وقوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه) [القيامة:17].
(يُتْبَعُ)
أرشيف ملتقى أهل التفسير (ص: 0)
ـ[نايف الزهراني]•---------------------------------•[03 Sep 2007, 04:55 م]ـ
من التوجيهات الجيدة المتعلقة بهذه المسالة قول الراغب الأصفهاني رحمه الله في كتابه الفريد: محاضرات الأدباء 4/ 169, بتحقيق: د. رياض عبد الحميد مراد, عن دار صادر:
(وذكر بعض العلماء أن ابن عباس كان يُجَوِّز أن يُقرأ القرآن بمعناه. واستدلّ بما رُويَ عنه أنه كان يعلم رجلاً: {طعام الأثيم} (الدخان 44) فلم يكن يحسن الأثيم, فقال: (قل: الفاجر). وليس ذلك بشيء فيما ذكره جُلُّ العلماء؛ لأن ابن عباس أراد أن يُعَرِّفه الأثيم, فعَرَّفَه بمعناه لمَّا أعياه).
فيكون هذا الباب من قبيل بيان المعنى أثناء القراءة, كما كان في صحف عدد من الصحابة من كتابة المعنى مع الآيات.
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 272)
حديث ثالث عشر لابن شهاب عن عروة مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته
...
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 291)
وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ للذين آمنوا انظرونا للذين آمنوا أمهلونا للذين آمنوا أخرونا للذين آمنوا ارقبونا وبهذا الإسناد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ كلما أضاء لهم مشوا (فيه) مروا فيه سعوا فيه كل هذه الأحرف كان يقرؤها أبي بن كعب فهذا معنى الحروف المراد بهذا الحديث والله أعلم إلا أن مصحف عثمان الذي بأيدي الناس اليوم هو منها حرف واحد وعلى هذا أهل العلم فاعلم...
...
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 315)----
قال أما ما بقيت أنا وهشام بن حكيم بن حزام فلا
سبعة أحرف در مبنای حق تباین تنزيلي
در مصحف عثمان، از ستة أحرف ترادفی نیست
این عبارات در فصل قبل گذشت:
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 291)
وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ للذين آمنوا انظرونا للذين آمنوا أمهلونا للذين آمنوا أخرونا للذين آمنوا ارقبونا وبهذا الإسناد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ كلما أضاء لهم مشوا (فيه) مروا فيه سعوا فيه كل هذه الأحرف كان يقرؤها أبي بن كعب فهذا معنى الحروف المراد بهذا الحديث والله أعلم
إلا أن مصحف عثمان الذي بأيدي الناس اليوم هو منها حرف واحد وعلى هذا أهل العلم فاعلم...
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 292)---المؤلف: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)
...وهذا كله يدلك على
أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان المصحف
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 293)---المؤلف: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)
وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان المصحف حدثنا عبد الله بن محمد بن أسد وخلف بن القاسم بن سهل قال أنبأنا محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرىء قال حدثنا أبو علي الأصبهاني المقرىء قال حدثنا أبو علي الحسين بن صافي الصفار أن عبد الله بن سليمان حدثهم قال حدثنا أبو الطاهر قال سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين هل تدخل في السبعة الأحرف فقال لا وإنما السبعة الأحرف كقولهم هلم أقبل تعالى أي ذلك قلت أجزاك قال أبو الطاهر وقاله ابن وهب قال أبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرىء ومعنى قول سفيان هذا
أن اختلاف العراقيين والمدنيين راجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة وبه قال محمد بن جرير الطبري
فتح الباري لابن حجر (9/ 27)
لكنثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعا لهومن ثم أنكر عمر على بن مسعود قراءته حتى حين أي حتى حين وكتب إليه إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل وكان ذلك قبل أن يجمع عثمان الناس على قراءة واحدة قال بن عبد البر بعد أن أخرجه من طريق أبي داود بسنده يحتمل أن يكون هذا من عمر على سبيل الاختيار لا أن الذي قرأ به بن مسعود لا يجوز
در مصحف عثمان، بعض سبعة أحرف تبایني هست
اختلاف مغیر معنا در سبع متواتر
در کتاب رسم المصحف(ص ۱۲۵-۱۲۷) غانم القدوری: کاتبین مصحف عثمان فقط میخواستند یک حرف را بیاورند، ولی چون مردم امصار قبلا از صحابه سبعة احرف را متفرقا تعلم کرده بودند، عملا مصحف عثمان دارای چند احرف سبعه که رسم تابش را دارد شد، و آنچه مقصود کاتبین عثمان بود برای ما قابل تشخیص نیست، و این قول را بعد از نظر طبری که میگوید: شش حرف در مصحف عثمان نیست مکی بن ابیطالب در الابانة اظهار کرده ست
مصحف أبيّ بن کعب
و منهم من بدل تبديلا
فتح الباري لابن حجر (9/ 30)---المؤلف: أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ)
وقد أخرج بن أبي داود في المصاحف عن أبي الطاهر بن أبي السرح قال سألت بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين هل هي الأحرف السبعة قال لا وإنما الأحرف السبعة مثل هلم وتعال وأقبل أي ذلك قلت أجزأك قال وقال لي بن وهب مثله والحق أن الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفيه بعض ما اختلف فيه الأحرف السبعة لا جميعها كما وقع في المصحف المكي تجري من تحتها الأنهار في آخر براءة وفي غيره بحذف من وكذا ما وقع من اختلاف مصاحف الأمصار من عدة واوات ثابتة في بعضها دون بعض وعدة ها آت وعدة لا مات ونحو ذلك وهو محمول على أنه نزل بالأمرين معا وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته لشخصين أو أعلم بذلك شخصا واحدا وأمره بإثباتهما على الوجهين وما عدا ذلك من القراءات مما لا يوافق الرسم فهو مما كانت القراءة جوزت به توسعة على الناس وتسهيلا فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان وكفر بعضهم بعضا اختاروا الاقتصار علىاللفظ المأذون في كتابته وتركوا الباقي قال الطبري وصار ما اتفق عليه الصحابة من الاقتصار كمن اقتصر مما خير فيه على خصلة واحدة لأن أمرهم بالقراءة على الأوجه المذكورة لم يكن على سبيل الإيجاب بل على سبيل الرخصة قلت ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب فاقرءوا ما تيسر منه وقد قرر الطبري ذلك تقريرا أطنب فيه ووهى من قال بخلافه ووافقه على ذلك جماعة منهم أبو العباس بن عمار في شرح الهداية وقال أصح ما عليه الحذاق أن الذي يقرأ الآن بعض الحروف السبعة المأذون في قراءتها لا كلها وضابطه ما وافق رسم المصحف فأما ما خالفه مثل أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ومثل إذا جاء فتح الله والنصر فهو من تلك القراءات التي تركت إن صح السند بها ولا يكفي صحة سندها في إثبات كونها قرآنا ولا سيما والكثير منها مما يحتمل أن يكون من التأويل الذي قرن إلى التنزيل فصار يظن أنه منه
(در المصاحف نيست)
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 55)
58- حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: من كفر بحرف من القرآن، أو بآية منه، فقد كفر به كله (1) .
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فإذ كان تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" عندك، ما وصفت، بما عليه استشهدت، فأوجدنا حرفا في كتاب الله مقروءا بسبع لغات، فنحقق بذلك قولك. وإلا فإن لم تجد ذلك كذلك: كان معلوما بعد مكه (2) - صحة قول من زعم أن تأويل ذلك: أنه نزل بسبعة معان، وهو الأمر والنهي والوعد والوعيد والجدل والقصص والمثل- وفساد قولك. أو تقول في ذلك: إن الأحرف السبعة لغات في القرآن سبع، متفرقة في جميعه، من لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة الألسن- كما كان يقوله بعض من لم ينعم النظر في ذلك (3) . فتصير بذلك إلى القول بما لا يجهل فساده ذو عقل، ولا يلتبس خطؤه على ذي لب.
وذلك أن الأخبار التي بها احتججت لتصحيح مقالتك في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نزل القرآن على سبعة أحرف"، هي الأخبار التي رويتها عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، رحمة الله عليهم، وعمن رويت ذلك عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- بأنهم تماروا في تلاوة بعض القرآن، فاختلفوا في قراءته دون تأويله، وأنكر بعض قراءة بعض، مع دعوى كل قارئ منهم قراءة منها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه ما قرأ بالصفة التي قرأ. ثم احتكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) فكان من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، أن صوب قراءة كل قارئ منهم، على خلافها قراءة أصحابه الذين نازعوه فيها، وأمر كل امرئ منهم أن يقرأ كما علم، حتى خالط قلب بعضهم الشك في الإسلام، لما رأى من تصويب رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة كل قارئ منهم على اختلافها. ثم جلاه الله عنه ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له: أن القرآن أنزل على سبعة أحرف.
فإن كانت الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، عندك -كما قال هذا القائل- متفرقة في القرآن، مثبتة اليوم في مصاحف أهل الإسلام، فقد بطلت معاني الأخبار التي رويتها عمن رويتها عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم اختلفوا في قراءة سورة من القرآن، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر كلا أن يقرأ كما علم. لأن الأحرف السبعة إذا كانت لغات متفرقة في جميع القرآن، فغير موجب حرف من ذلك اختلافا بين تاليه (2) لأن كل تال فإنما يتلو ذلك الحرف تلاوة واحدة على ما هو به في المصحف، وعلى ما أنزل.
وإذ كان ذلك كذلك، بطل وجه اختلاف الذين روى عنهم أنهم اختلفوا في قراءة سورة، وفسد معنى أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل قارئ منهم أن يقرأه على ما علم. إذ كان لا معنى هنالك يوجب اختلافا في لفظ، ولا افتراقا في معنى. وكيف يجوز أن يكون هنالك اختلاف بين القوم، والمعلم واحد، والعلم واحد غير ذي أوجه؟ وفي صحة الخبر عن الذين روى عنهم الاختلاف في حروف القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأنهم اختلفوا وتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، على ما تقدم وصفناه- أبين الدلالة على فساد القول بأن الأحرف السبعة إنما هي أحرف سبعة متفرقة في سور القرآن، لا أنها لغات مختلفة في كلمة واحدة باتفاق المعاني.
مع أن المتدبر إذا تدبر قول هذا القائل - في تأويله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، وادعائه أن معنى ذلك أنها سبع لغات متفرقة في جميع القرآن، ثم جمع بين قيله ذلك، واعتلاله لقيله ذلك بالأخبار التي رويت عمن روي ذلك عنه من الصحابة والتابعين أنه قال: هو بمنزلة قولك تعال وهلم وأقبل؛ وأن بعضهم قال: هو بمنزلة قراءة عبد الله "إلازقية"، وهي في قراءتنا "إلا صيحة" وما أشبه ذلك من حججه - (1) علم أن حججه مفسدة في ذلك مقالته، وأن مقالته فيه مضادة حججه.
لأن الذي نزل به القرآن عنده إحدى القراءتين -: إما "صيحة"، وإما "زقية" وإما "تعال" أو "أقبل" أو "هلم" - لا جميع ذلك. لأن كل لغة من اللغات السبع عنده في كلمة أو حرف من القرآن، غير الكلمة أو الحرف الذي فيه اللغة الأخرى.
وإذ كان ذلك كذلك، بطل اعتلاله لقوله بقول من قال: ذلك بمنزله "هلم" و "تعال" و "أقبل"، لأن هذه الكلمات هي ألفاظ مختلفة، يجمعها في التأويل معنى واحد. وقد أبطل قائل هذا القول الذي حكينا قوله، اجتماع اللغات السبع في حرف واحد من القرآن. فقد تبين بذلك إفساد حجته لقوله بقوله، وإفساد قوله لحجته (2) .
قيل له: ليس القول في ذلك بواحد من الوجهين اللذين وصفت. بل الأحرف السبعة التي أنزل الله بها القرآن، هن لغات سبع، في حرف واحد، وكلمة واحدة، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلم، وأقبل، وتعال، وإلي، وقصدي، ونحوي، وقربي، ونحو ذلك، مما تختلف فيه الألفاظ بضروب من المنطق وتتفق فيه المعاني، وإن اختلفت بالبيان به الألسن، كالذي روينا آنفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمن روينا ذلك عنه من الصحابة، أن ذلك بمنزلة قولك: "هلم وتعال وأقبل"، وقوله "ما ينظرون إلا زقية"، و "إلا صيحة".
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 58)
فإن قال: ففي أي كتاب الله نجد حرفا واحدا مقروءا بلغات سبع مختلفات الألفاظ، متفقات المعنى، فنسلم لك صحة ما ادعيت من التأويل في ذلك؟
قيل: إنا
لم ندع أن ذلك موجود اليوم، وإنما أخبرنا أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرناها. وهو ما وصفنا، دون ما ادعاه مخالفونا في ذلك، للعلل التي قد بينا.
فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة، إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أنسخت فرفعت، فما الدلالة على نسخها ورفعها؟
أم نسيتهن الأمة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟
قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها. ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن،
وخيرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت. كما أمرت، إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة، أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت: إما بعتق، أو إطعام، أو كسوة. فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث، دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكفر، كانت مصيبة حكم الله، مؤدية في ذلك الواجب عليها من حق الله. فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت: فرأت - لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد،
ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه، بما أذن له في قراءته به.
فإن قال: وما العلة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟
59- قيل: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد ابن ثابت، عن أبيه زيد، قال: لما قتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمامة، دخل عمر بن الخطاب على أبي بكر رحمه الله فقال: ....
...
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 63)
قال أبو جعفر: وما أشبه ذلك من الأخبار التي يطول باستيعاب جميعها الكتاب، والآثار الدالة على أن إمام المسلمين وأمير المؤمنين عثمان بن عفان رحمة الله عليه، جمع المسلمين - نظرا منه لهم، وإشفاقا منه عليهم، ورأفة منه بهم، حذار الردة من بعضهم بعد الإسلام، والدخول في الكفر بعد الإيمان، إذ ظهر من بعضهم بمحضره وفي عصره التكذيب ببعض الأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن، مع سماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن التكذيب بشيء منها، وإخباره إياهم أن المراء فيها كفر- فحملهم رحمة الله عليه، إذ رأى ذلك ظاهرا بينهم في عصره، ولحداثة عهدهم بنزول القرآن، وفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بما أمن عليهم معه عظيم البلاء في الدين من تلاوة القرآن - على حرف واحد (3) .
وجمعهم على مصحف واحد، وحرف واحد، وخرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه. وعزم على كل من كان عنده مصحف مخالف المصحف الذي جمعهم عليه، أن يخرقه (1) . فاستوسقت له الأمة على ذلك بالطاعة (2) ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد والهداية،
فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها، طاعة منها له، ونظرا منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها، لدثورها وعفو آثارها، وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها، من غير جحود منها صحتها وصحة شيء منها (3) ولكن نظرا منها لأنفسها ولسائر أهل دينها.
فلا قراءة للمسلمين اليوم إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح، دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية.
فإن قال بعض من ضعفت معرفته: وكيف جاز لهم ترك قراءة أقرأهموها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بقراءتها؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك
لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة. لأن القراءة بها لو كانت فرضا عليهم، لوجب أن يكون العلم بكل حرف من تلك الأحرف السبعة، عند من تقوم بنقله الحجة، ويقطع خبره العذر، ويزيل الشك من قرأة الأمة (4) . وفي تركهم نقل ذلك كذلك أوضح الدليل على أنهم كانوا في القراءة بها مخيرين، بعد أن يكون في نقلة القرآن من الأمة من تجب بنقله الحجة ببعض تلك الأحرف السبعة.
وإذ كان ذلك كذلك، لم يكن القوم بتركهم نقل جميع القراآت السبع، تاركين ما كان عليهم نقله، بل كان الواجب عليهم من الفعل ما فعلوا. إذ كان الذي فعلوا من ذلك، كان هو النظر للإسلام وأهله. فكان القيام بفعل الواجب عليهم، بهم أولى من فعل ما لو فعلوه، كانوا إلى الجناية على الإسلام وأهله أقرب منهم إلى السلامة، من ذلك (1) .
وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" -
بمعزل (2) . لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن - مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى- يوجب المراء به كفر الممارى به في قول أحد من علماء الأمة. وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر، من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، وتظاهرت عنه بذلك الرواية (3) على ما قد قدمنا ذكرها في أول هذا الباب (4) .
تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 22)----
10- حدثنا محمد بن حميد الرازي، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن واصل بن حيان، عمن ذكره، عن أبي الأحوص، عن عبد الله ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرف منها ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع (3) .
تفسير الألوسي = روح المعاني (13/ 130)
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري وابن المنذر عن عوف بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال الرجل طعام اليثيم (1) فرددها عليه فلم يستقم بها لسانه فقال أتستطيع أن تقول طعام الفاجر؟ قال: نعم قال: فافعل، وأخرج الحاكم وصححه وجماعة عن أبي الدرداء أنه وقع له مثل ذلك فلما رأى الرجل أنه لا يفهم قال: إن شجرة الزقوم طعام الفاجر.
واستدل بذلك على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها. وتعقبه القاضي أبو بكر في الانتصار بأنه أراد أن ينبهه على أنه لا يريد اليتيم (2) بل الفاجر فينبغي أن يقرأ الأثيم وأنت تعلم أن
هذا التأويل لا يكاد يتأتى فيما روي عن ابن مسعود فإنه كالنص تجويز الإبدال لذلك الرجل وأبعد منه عن التأويل ما
أخرج ابن مردويه عن أبي أنه كان يقرىء رجلا فارسيا فكان إذا قرأ عليه إن شجرة الزقوم طعام الأثيم قال: طعام اليتيم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «قل طعام الظلام» فقالها ففصح بها لسانه
، وفي الباب أخبار كثيرة جياد الأسانيد
كخبر أحمد من حديث أبي هريرة «أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما» .
وكخبره من حديث أبي بكرة كله أي القرآن شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب نحو قولك تعالى وأقبل وأسرع وعجل إلى غير ذلك، لكن قال الطحاوي: إنما كان ذلك رخصة لما كان يتعسر على كثير منهم التلاوة بلفظ واحد لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفاظ ثم نسخ بزوال العذر وتيسر الكتابة والحفظ، وكذا قال ابن عبد البر والباقلاني وآخرون، ولعله أن تحقق إبدال من أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم بعده عليه الصلاة والسلام يقال: إنه كان منه قبل الاطلاع على النسخ ومتى لم يجز إبدال كلمة مكان كلمة مؤدية معناها مع الاتحاد عربية فعدم جواز ذلك مع الاختلاف عربية وفارسية مثلا أظهر، وما روي عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه من أنه يرى جواز قراءة القرآن بالفارسية بشرط أداء المعاني على كمالها فقد صح عنه خلافه، وقد حقق الشرنبلالي عليه الرحمة هذه المسألة في رسالة مفردة بما لا مزيد عليه، وقد تقدم في هذا الكتاب شيء من ذلك فتذكر،
منجد المقرئين ومرشد الطالبين (ص: 22)
قلت: فهذه ونحوها مباحث لا طائل تحتها إذ القول في القراءات الشاذة كالقول في الأحاديث الضعيفة المنقولة في كتب الأئمة، وغيرهم يعلم في الجملة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئا منها، وإن لم نعرف عينه، فلا يقال لها ضعيفة على ما بحثناه، وأيضا فنحن نقطع بأن كثيرا من الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقرءون بما خالف رسم المصحف العثماني قبل الإجماع عليه من زيادة كلمة وأكثر وإبدال أخرى بأخرى ونقص بعض الكلمات كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ونحن اليوم نمنع من يقرأ بها في الصلاة وغيرها منع تحريم لا منع كراهة، ولا إشكال في ذلك، ومن نظر أقوال الأولين علم حقيقة الأمر وذلك أن
المصاحف العثمانية لم تكن محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أبيحت بها قراءة القرآن كما قال جماعة من أهل الكلام وغيرهم بناء منهم على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة، وعلى قول هؤلاء لا يجيء ما استشكله ابن دقيق العيد، وبحثه أبو حيان وغيرهما لأننا إذا قلنا إن المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة، وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلى الله عليه وسلم.
والحق ما تحرر من كلام الإمام محمد بن جرير الطبري وأبي عمر بن عبد البر وأبي العباس المهدوي ومكي بن أبي طالب القيسي وأبي القاسم الشاطبي وابن يتمية وغيرهم، وذلك أن المصاحف التي كتبت في زمن أبي بكر رضي الله عنه
كانت محتوية على جميع الأحرف السبعة، فلما كثر الاختلاف، وكاد المسلمون يكفر بعضهم بعضا أجمع الصحابة على كتابة القرآن العظيم على العرضة الأخيرة التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عام قبض، وعلى ما أنزل الله تعالى دون ما أذن فيه، وعلى ما صح مستفاضا عن النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره إذ لك تكن الأحرف السبعة واجبة على الأمة، وإنما كان ذلك جائزا لهم مرخصا فيه، وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه. قالوا: فلما رأى الصحابة أن الأمة تتفرق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك واجب ولا فعل محظور. قلت: فكتبوا المصاحف على لفظ لغة قريش والعرضة الأخيرة، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم واستفاض دون ما كان قبل ذلك مما كان بطريق الشذوذ والآحاد من زيادة، وإبدال وتقديم وتأخير وغير ذلك، وجردوا المصاحف عن النقط والشكل لتحتمله صورة ما بقي من الأحرف السبعة كالإمالة والتفخيم والإدغام والهمز والحركات وأضداد ذلك مما هو في باقي الأحرف السبعة غير لغة قريش، وكالغيب والجمع والتثنية، وغير ذلك من أضداده مما تحتمله العرضة الأخيرة إذ هو موجودة في لغة قريش وفي غيرها، ووجهوا بها إلى الأمصار، فأجمع الناس عليها، وسيجيء في الباب السادس من كلام المهدوي، وغيره ما يحقق لك ذلك.
ثم كثر الاختلاف أيضا فيما يحتمله الرسم وقرأ أهل البدع والأهواء بما لا يحل لأحد المسلمين تلاوته فوضعوه من عند أنفسهم وفاقا لبدعتهم كما قال من المعتزلة: "وَكَلَّمَ اللَّهَ مُوسَى تَكْلِيمًا" [النساء: 164] بنصب الهاء، ومن الرافضة: "وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلَّينَ عَضُدًا" [الكهف: 51] بفتح اللام يعنون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما وقع ذلك رأى المسلمون أن يجمعوا على قراءات أئمة ثقات تجردوا للقيام بالقرآن العظيم فاختاروا من كل مصر وجه إليه
ابن جزری به زیبایی بیان میکند که همانگونه که اختلاف قرائات زمان عثمان منجر به تکفیر همدیگر شد و نیاز به جمع مصحف شد همانگونه اختلاف در قرائات از ناحیه معتزله و روافض سبب حصر قرائات در سبعه و مثل آن شد
التحرير والتنوير (1/ 53)
وممن نسبت إليهم قراءات مخالفة لمصحف عثمان، عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة، إلى أن
ترك الناس ذلك تدريجا.
ذكر الفخر في تفسير قوله تعالى: إذ تلقونه بألسنتكم من سورة النور [15] أن سفيان قال سمعت أمي تقرأ: «إذ تثقفونه بألسنتكم» وكان أبوها يقرأ بقراءة ابن مسعود، ومع ذلك فقد شذت مصاحف بقيت مغفولا عنها بأيدي أصحابها، منها ما ذكره الزمخشري في «الكشاف» في سورة الفتح أن الحارث بن سويد صاحب عبد الله بن مسعود كان له
مصحف دفنه في مدة الحجاج، قال في «الكشاف» : لأنه كان مخالفا للمصحف الإمام، وقد أفرط الزمخشري في توهين بعض القراءات لمخالفتها لما اصطلح عليه النحاة وذلك من إعراضه عن معرفة الأسانيد.
التحرير والتنوير (1/ 51)
المقدمة السادسة في القراءات
لولا عناية كثير من المفسرين بذكر اختلاف القراءات في ألفاظ القرآن حتى في كيفيات الأداء، لكنت بمعزل عن التكلم في ذلك، لأن علم القراءات علم جليل مستقل قد خص بالتدوين والتأليف، وقد أشبع فيه أصحابه وأسهبوا بما ليس عليه مزيد، ولكني رأيتني بمحل الاضطرار إلى أن ألقي عليكم جملا في هذا الغرض تعرفون بها مقدار تعلق اختلاف القراءات بالتفسير، ومراتب القراءات قوة وضعفا، كي لا تعجبوا من إعراضي عن ذكر كثير من القراءات في أثناء التفسير.
أرى أن للقراءات حالتين إحداهما هما لا تعلق لها بالتفسير بحال، والثانية لها تعلق به من جهات متفاوتة.
التحرير والتنوير (1/ 54)
وقد تروى قراءات عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد صحيحة في كتب الصحيح مثل «صحيح البخاري ومسلم» وأضرابهما إلا أنها لا يجوز لغير من سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها لأنها غير متواترة النقل فلا يترك المتواتر للآحاد، وإذا كان راويها قد بلغته قراءة أخرى متواترة تخالف ما رواه وتحقق لديه التواتر وجب عليه أن يقرأ بالمروية تواترا، وقد اصطلح المفسرون على أن يطلقوا عليها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها غير منتسبة إلى أحد من أئمة الرواية في القراءات، ويكثر ذكر هذا العنوان في «تفسير محمد بن جرير الطبري» وفي «الكشاف»
وفي «المحرر الوجيز» لعبد الحق ابن عطية، وسبقهم إليه أبو الفتح ابن جني، فلا تحسبوا أنهم أرادوا بنسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنها وحدها المأثورة عنه ولا ترجيحها على القراءات المشهورة لأن القراءات المشهورة قد رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم
التحرير والتنوير (1/ 56)
وأنا أرى أن على المفسر أن يبين اختلاف القراءات المتواترة لأن في اختلافها توفيرا لمعاني الآية غالبا فيقوم تعدد القراءات مقام تعدد كلمات القرآن. وهذا يبين لنا أن اختلاف القراءات قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام
التحرير والتنوير (1/ 63)
والقراءات التي يقرأ بها اليوم في بلاد الإسلام من هذه القراءات العشر، هي قراءة نافع برواية قالون في بعض القطر التونسي وبعض القطر المصري وفي ليبيا، وبرواية ورش في بعض القطر التونسي وبعض القطر المصري وفي جميع القطر الجزائري وجميع المغرب الأقصى، وما يتبعه من البلاد والسودان. وقراءة عاصم برواية حفص عنه في جميع الشرق من العراق والشام وغالب البلاد المصرية والهند وباكستان وتركيا والأفغان. وبلغني أن قراءة أبي عمرو البصري يقرأ بها في السودان المجاور مصر.