بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست مباحث علوم قرآنی

وجوه و اقوال در سبعة أحرف

۳.۱ سبعة أحرف به معنای جواز تبدیل به مترادف

قراءة القرآن بالمعنى
۳- ترداف تسهیلي، تلقي اشتباه از سبعة أحرف، که معادل نزول قرآن من عند غیر واحد است

1- يك لفظ با هفت طرز اداء (تلفظ به وجهي) (قرائت مصطلح امروز)
2- يك لفظ با هفت لهجه طوائف
3- يك لفظ با هفت معناي عرضي (مشترك لفظي و استعمال در اكثر از معنا)
4- يك لفظ با هفت معناي طولي (تاويل و بطون)
5- يك رسم با هفت تلفظ با يك معنا
6- يك رسم با هفت تلفظ با چند معنا
7- يك معنا با هفت لفظ مترادف در يك لغت قبيله
8- يك معنا با هفت لفظ مترداف در هفت قبيله
9- يك معنا با هفت لفظ نازل شده توسط ملك وحي
10- يك معنا با هفت لفظ قرائت شده توسط مردم از باب تسهيل و اجازه قرائت به مترادف
11- چند معنا با چند (هفت) لفظ چند قبيله (وجود هفت لغت قبائل به طور متفرق در مجموع قرآن)
12- چند نوع معارف در يك مجموعه مثل موعظه و فقه و عقائد و...




شرح مشكل الآثار (8/ 143)
باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد اختلف القراء فيه فزاد بعضهم على بعض فيه ما قصر عنه غيره منهم



تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 65)
وأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف وجره ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف" - بمعزل (2) . لأنه معلوم أنه لا حرف من حروف القرآن - مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى- يوجب المراء به كفر الممارى به في قول أحد من علماء الأمة. وقد أوجب عليه الصلاة والسلام بالمراء فيه الكفر، من الوجه الذي تنازع فيه المتنازعون إليه، وتظاهرت عنه بذلك الرواية (3) على ما قد قدمنا ذكرها في أول هذا الباب (4) .





سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (6/ 164)
وفي ذلك بيان أن المراد بالسبعة أحرف سبع لغات في حرف واحد وكلمة واحدة باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كما شرحه وبينه بيانا شافيا الإمام الطبري في مقدمة تفسيره، كما أوضح أن الأمة ثبتت على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية، وأنه ليس هناك نسخ ولا ضياع، وأن القراءة اليوم على المصحف الذي كان عثمان رضي الله عنه جمع الناس عليه، في كلام رصين متين، فراجعه، فإنه مفيد جدا.








كتاب العين، ج‏2، ص: 153
و منه قوله [تعالى‏]: في البحر كالأعلام‏
«4»*، شبه السفن البحرية بالجبال. و العلم: الراية، إليها مجمع الجند. و العلم: علم الثوب و رقمه. و العلم: ما ينصب في الطريق، ليكون علامة يهتدى بها، شبه الميل و العلامة و المعلم. و العلم: ما جعلته علما للشي‏ء. و يقرأ: و إنه لعلم للساعة «5»، يعني: خروج عيسى ع، و من قرأ لعلم‏
يقول: يعلم بخروجه اقتراب الساعة. و العالم: الطم



كتاب العين، ج‏3، ص: 199
باب الحاء و الذال و الراء معهما
ح ذ ر، ذ ر ح يستعملان فقط
حذر:
الحذر مصدر قولك: حذرت أحذر حذرا فأنا حاذر و حذر. و تقرأ الآية و إنا لجميع حاذرون‏
«3» أي مستعدون، و من قرأ: حذرون فمعناه: إنا نخاف شرهم. و أنا حذيرك منه أي أحذركه «4». و حذار يا فلان أي: احذر، قال: «5»



كتاب العين، ج‏3، ص: 210
باب الحاء و الراء و الفاء معهما
ح ر ف، ح ف ر، ف ر ح، ر ف ح مستعملات‏
حرف:
الحرف من حروف الهجاء. و كل كلمة بنيت أداة عارية في الكلام لتفرقة المعاني تسمى حرفا، و إن كان بناؤها بحرفين أو أكثر مثل حتى «1» و هل و بل و لعل. و كل كلمة تقرأ على وجوه من القرآن تسمى حرفا، يقال: يقرأ هذا الحرف في حرف ابن مسعود أي في قراءته. (و التحريف في القرآن تغيير الكلمة عن معناها و هي قريبة الشبه، كما كانت اليهود تغير معاني التوراة بالأشباه، فوصفهم الله بفعلهم فقال: يحرفون الكلم عن مواضعه*
«2») «3». و تحرف فلان عن فلان و انحرف، و احرورف واحد، أي: مال. و الإنسان يكون على حرف من أمره‏












شروع از ص ۲۷۲ الی ص ۳۱۶

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 273)
ففي رواية معمر تفسير لرواية مالك في قوله يقرأ سورة الفرقان لأن ظاهره السورة كلها أو جلها فبان في رواية معمر أن ذلك في حروف منها بقوله يقرأ على حروف كثيرة وقوله يقرأ سورة الفرقان على حروف لم يقرئنيها وهذا مجتمع عليه أن القرآن لا يجوز في حروفه وكلماته وآياته كلها أن يقرأ على سبعة أحرف ولا شيء منها ولا يمكن ذلك فيها بل لا يوجد في القرآن كلمة تحتمل أن تقرأ على سبعة أحرف إلا قليلا مثل عبد الطاغوت وتشابه علينا وعذاب بيس ونحو ذلك وذلك يسير جدا وهذا بين واضح يغني عن الإكثار فيه وقد اختلف الناس في معنى هذا الحديث اختلافا كبيرا فقال الخليل بن أحمد معنى قوله سبعة أحرف سبع قراءات والحرف هاهنا القراءة وقال غيره هي سبعة أنحاء كل نحو منها جزء من (أجزاء) القرآن خلاف للأنحاء غيره وذهبوا إلى أن كل حرف منها هو صنف من الأصناف (نحو قول الله عز وجل ومن الناس من يعبد الله على حرف الآية وكان معنى الحرف الذي يعبد الله عليه (هو) صنف من الأصناف) ونوع من الأنواع التي يعبد الله عليها فمنها ما هو محمود عنده تبارك اسمه ومنها ما هو بخلاف ذلك فذهب هؤلاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة (أحرف إلى أنها سبعة) أنحاء وأصناف فمنها زاجر ومنها آمر ومنها حلال ومنها (حرام ومنها) محكم ومنها متشابه ومنها أمثال واحتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثناه محمد بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو المصري قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني حيوة بن شريح عن عقيل بن خالد عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على وجه واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أوجه زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه واعتبروا بأمثاله وآمنوا بتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا وهذا حديث عند أهل العلم لا يثبت لأنه يرويه حيوة عن عقيل عن سلمة هكذا ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود وابنه سلمة ليس ممن يحتج به وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده وقد رده قوم من أهل النظر منهم أحمد بن أبي عمران قال من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه أو يكون حلالا لا ما سواه لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله أو حرام كله أو أمثال كله ذكره الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران سمعه منه وقال هو كما قال ابن أبي عمران قال واحتج ابن أبي عمران بحديث أبي بن كعب أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرإ القرآن على حرف فاستزاده حتى بلغ سبعة أحرف الحديث وقال قوم هي سبع لغات في القرآن مفترقات على لغات (العرب) كلها يمنها ونزارها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهل شيئا منها) وكان قد أوتي جوامع الكلم وإلى هذا ذهب أبو عبيد في تأويل هذا الحديث قال ليس معناه أن يقرأ القرآن على سبعة أوجه هذا شيء غير موجود ولكنه عندنا أنه نزل على سبع لغات مفترقة في جميع القرآن من لغات العرب فيكون الحرف منها بلغة قبيلة والثاني بلغة قبيلة أخرى سوى الأولى والثالث بلغة أخرى سواهما كذلك إلى السبعة قال وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض وذكر حديث ابن شهاب عن أنس أن عثمان قال لهم حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف ما اختلفتم أنتم وزيد (فيه) فاكتبوا بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم وذكر حديث ابن عباس أنه قال نزل القرآن بلغة الكعبيين كعب قريش وكعب خزاعة قيل (وكيف ذلك قال لأن) الدار واحدة قال أبو عبيد يعني أن خزاعة جيران قريش فأخذوا بلغتهم وذكر أخبارا قد ذكرنا أكثرها في هذا الكتاب والحمد لله وقال آخرون هذه اللغات كلها السبعة إنما تكون في مضر واحتجوا بقول عثمان نزل القرآن بلسان مضر وقالوا جائز أن يكون (منها) لقريش ومنها لكنانة ومنها لأسد ومنها لهذيل ومنها لتميم ومنها لضبة ومنها لقيس فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يحب أن يكون الذين يكتبون المصاحف من مضر وأنكر آخرون أن تكون كلها في مضر وقالوا في مضر شواذ لا يجوز أن يقرأ القرآن عليها مثل كشكشة قيس وعنعنة تميم فأما كشكشة قيس فإنهم يجعلون كاف المؤنث شينا
....
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (8/ 280)
وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف سبع لغات وقالوا هذا لا معنى له لأنه لو كان ذلك لم ينكر القوم في أول الأمر بعضهم على بعض لأنه من كانت لغته شيئا قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ينكر عليه وفي حديث مالك عن ابن شهاب المذكور في هذا الباب رد قول من قال سبع لغات لأن عمر بن الخطاب قرشي عدوي وهشام بن حكيم بن حزام قرشي أسدي ومحال أن ينكر عليه عمر لغته كما محال أن يقرىء رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا منهما بغير ما يعرفه من لغته والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا وقالوا إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم وعلى هذا الكثير من أهل العلم فأما الآثار المرفوعة فمنها ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد حدثنا أبو العباس تميم قال حدثنا عيسى بن
...
...
قال أبو عمر أما قوله في هذا الحديث (قلت) سميعا عليما وغفورا رحيما وعليما حكيما ونحو ذلك فإنما أراد به ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها أنها معان متفق مفهومها مختلف مسموعها لا تكون في شيء منها معنى وضده ولا وجه يخالف وجها خلافا ينفيه أو يضاده كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده وما أشبه ذلك وهذا كله يعضد قول من قال إن (معنى) السبعة الأحرف المذكورة في الحديث سبعة أوجه من الكلام المتفق معناه المختلف لفظه نحو هلم وتعال وعجل وأسرع وانظر وأخر (ونحو ذلك) وسنورد من الآثار وأقوال علماء الأمصار في هذا الباب ما يتبين لك به أن ما اخترناه هو الصواب فيه إن شاء الله فإنه أصح من قول من قال سبع لغات مفترقات لما قدمنا ذكره ولما هو موجود في القرآن بإجماع من كثرة اللغات المفترقات فيه حتى لو تقصيت لكثر عددها وللعلماء في لغات القرآن مؤلفات تشهد لما قلنا (وبالله توفيقنا) حدثنا ..... وهذه الآثار كلها تدل على أنه لم يعن به سبع لغات والله أعلم
على ما تقدم ذكرنا له وإنما هي أوجه تتفق معانيها وتتسع ضروب الألفاظ فيها إلا أنه ليس منها ما يحيل معنى إلى ضده كالرحمة بالعذاب وشبهه (وذكر يعقوب بن شيبة قال حدثنا...
....
وقال أبو جعفر الطحاوي في حديث عمر وهشام بن حكيم المذكور في هذا الباب قد علمنا أن كل واحد منهما إنما أنكر على صاحبه ألفاظا قرأ بها الآخر ليس في ذلك حلال ولا حرام ولا زجر ولا أمر وعلمنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت أن السبعة الأحرف التي نزل القرآن بها لا تختلف في أمر ولا نهي ولا حلال ولا حرام وإنما هي كمثل قول الرجل للرجل أقبل وتعال وهلم وادن ونحوها وذكر أكثر أحاديث هذا الباب حجة لهذا المذهب وبين ما ذكر في ذلك أن قال حدثنا...
قال قال الزهري إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد ليس تختلف في حلال ولا حرام وذكر أبو عبيد عن عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل ويونس عن ابن شهاب في الأحرف السبعة هي في الأمر الواحد الذي لا اختلاف فيه ....
...
قال قال الزهري إنما هذه الأحرف في الأمر الواحد ليس تختلف في حلال ولا حرام وذكر أبو عبيد عن عبد الله بن صالح عن الليث عن عقيل ويونس عن ابن شهاب في الأحرف السبعة هي في الأمر الواحد الذي لا اختلاف فيه
...
وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان المصحف
....
وهذا كثير أيضا وهذا يدلك على قول العلماء أن ليس بأيدي الناس من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها إلا حرف واحد وهو صورة مصحف عثمان وما دخل فيه ما يوافق صورته من الحركات واختلاف النقط من سائر الحروف وأما قوله كالصوف المنفوش
....
وأما وطلع منضود فقرأ به علي بن أبي طالب وجعفر بن محمد وروي ذلك عن علي بن أبي طالب من وجوه صحاح متواترة منها ما رواه يحيى بن آدم قال أنبأنا (يحيى بن أبي) زائدة عن مجالد عن الشعبي عن قيس بن عبد الله وهو عم الشعبي عن علي أن رجلا قرأ عليه وطلح منضود فقال علي إنما هو وطلع منضود قال فقال الرجل أفلا تغيرها فقال علي لا ينبغي للقرآن أن يهاج وهذا عندي معناه لا ينبغي أن يبدل وهو جائز مما نزل القرآن عليه وإن كان علي كان يستحب غيره مما نزل القرآن عليه أيضا
...
(قال سفيان) وقرأ عبد الله بن مسعود وأقيموا الحج والعمرة لله وقد أجاز مالك القراءة بهذا ومثله فيما ذكر ابن وهب عنه وقد تقدم ذكره وذلك محمول عند أهل العلم اليوم على القراءة في غير الصلاة على وجه التعليم والوقوف على ما روي في ذلك من علم الخاصة والله أعلم وأما حرف زيد (بن ثابت) فهو الذي عليه الناس في مصاحفهم اليوم وقراءتهم من بين سائر الحروف لأن عثمان جمع المصاحف (عليه) بمحضر جمهور الصحابة
....
فهذا ما في سورة الفرقان من الحروف التي بأيدي أهل العلم بذلك والله أعلم ما أنكر منها عمر على هشام بن حكيم وما قرأ به عمر وقد يمكن أن يكون هناك حروف لم تصل إلينا وليس كل من قرأ بحرف نقل عنه وذكر ولكن إن فات من ذلك شيء فهو اليسير النزر وأما عظم الشيء ومنته وجملته فمنقول محكي عنهم فجزاهم الله عن حفظهم علينا الحروف والسنن أفضل الجزاء وأكرمه عنده برحمته وفي هذا الحديث ما يدل على أن في جبلة الإنسان وطبعه أن ينكر ما عرف ضده وخلافه وجهله ولكن يجب عليه التسليم لمن علم
....
















رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة (ص: 15)
نسخ المصاحف في عهد عثمان بن عفان؛ أسبابه طبيعته:
تمهيد:
جاء في صحيحي البخاري ومسلم: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أقرأني جبريل على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف" 1.
فنزول القرآن الكريم على سبعة أحرف ثابت بالسنة الصحيحة المتواترة، ولا نزاع في ذلك.
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقرأ بهذه الأحرف كلها، إلا أن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يتلقوا هذه الأحرف جميعها، فمنهم من أخذ بحرف من هذه الأحرف، ومنهم من أخذ بحرفين، ومنهم من زاد على ذلك، فلما تفرقوا في البلاد، أخذ التابعون عنهم حسبما أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك اختلف الناقلون للقراءات، فمنهم من نقل قراءة معينة، ومنهم من لم ينقلها، لأنه لم يسمعها ممن أخذ عنه.
وكان أهل كل بلد أو إقليم يأخذون بقراءة من اشتهر بينهم من الصحابة، فأهل الشام يأخذون بقراءة "أبي بن كعب"، وأهل الكوفة بقراءة "عبد الله بن مسعود"، وغيرهم بقراءة "أبي موسى الأشعري" وهكذا2.
ورغم علم المسلمين أن هذه القراءات إنما هي أوجه متعددة لقراءة بعض الكلمات، نزلت رخصة وتيسيرا من الله عز وجل، رحمة بالأمة، إلا أنه مع توالي الأيام ومرور الزمن، وقر في نفوس أهل كل إقليم أن قراءتهم هي الأصح والأولى، مما جعلهم ينكرون على غيرهم قراءتهم حينما يلتقون في مواطن الجهاد والأحفال.
__________
1 أخرجه البخاري في فضائل القرآن: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف حديث رقم "4991"، ومسلم في صلاة المسافرين: باب بيان أن القرآن على سبعة حروف "272/ 819".
2 انظر: المصاحف "1/ 190".




إمتاع الأسماع (4/ 249)
المؤلف: أحمد بن علي بن عبد القادر، أبو العباس الحسيني العبيدي، تقي الدين المقريزي (المتوفى: 845هـ)
وأما الأحرف التي أنزل عليها القرآن الكريم
مفصل احاديث و ابحاث را آورده..





نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 35)
المؤلف: مناع بن خليل القطان (المتوفى: 1420هـ)
الرأى الأول:
ذهب كثير من العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة: سبع لغات من لغات العرب فى المعنى الواحد، على معنى أنه حيث تختلف لغات العرب فى التعبير عن معنى من المعانى يأتى القرآن منزّلا بألفاظ على قدر هذه اللّغات لهذا المعنى الواحد، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتى بلفظ واحد أو أكثر، فهى أوجه سبعة من المعانى المتفقه بألفاظ مختلفة، بما يعرف بالاشتراك المعنوى، أو الترادف اللّفظى نحو: أقبل، وهلم، وتعال، وأسرع، وعجّل.

كتابي مختصر و شش قول نقل كرده و نقد كرده




نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 35)
الرأى الأول:
ذهب كثير من العلماء إلى أن المراد بالأحرف السبعة: سبع لغات من لغات العرب فى المعنى الواحد،
...
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 37)
الرأى الثانى:
وقال قوم: إن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن، على معنى أنه فى جملته لا يخرج فى كلماته عن سبع لغات هى أفصح لغاتهم، فأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذيل، أو ثقيف، أو هوازن، أو كنانة، أو تميم، أو اليمن، فهو يشتمل فى مجموعه على اللّغات السبع.
....
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 53)
الرأى الثالث فى المراد بالأحرف السبعة:
ذكر بعضهم أن المراد بالأحرف السبعة أنواع سبعة، والقائلون بهذا اختلفوا فى تعيين السبعة:
فقيل: أمر، ونهى، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال.
وقيل: أمر، ونهى، ووعد، ووعيد، وجدل، وقصص، ومثل.
...
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 59)
الرأى الرابع فى المراد بالأحرف السبعة:
وذهب جماعة إلى أن المراد بالأحرف السبعة وجوه التغاير السبعة التى وقع فيها الاختلاف، وهى الوجوه التى ذكرها ابن قتيبة حيث قال: «وقد تدبرت وجوه الاختلاف فى القراءات فوجدتها سبعة أوجه» ثم عدّها وضرب أمثلة لها «2».
...
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 68)
الرأى الخامس فى المراد بالأحرف السبعة:
ذهب بعضهم إلى أن العدد سبعة لا مفهوم له، وإنما هو رمز إلى ما ألفه العرب من معنى الكمال فى هذا العدد، فهو إشارة
...
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 72)
الرأى السادس فى المراد بالأحرف السبعة:
قال جماعة: «إن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع، وحكى هذا عن الخليل بن أحمد، وأنه فسّر الحرف بالقراءة.
....
نزول القرآن على سبعة أحرف (ص: 72)
الترجيح والمناقشة
الرأى المختار:
والراجح من هذه الآراء جميعها هو الرأى الأول، أى أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب فى المعنى الواحد نحو: أقبل، وتعال، وهلمّ، وعجّل، وأسرع، فهى ألفاظ مختلفة لمعنى واحد.
وهذا الرأى هو الذى ذهب إليه سفيان بن عيينة، وابن جرير، وابن وهب، وغيرهم، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء كما سبق.










الميزان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 74
و قد ورد هذه الأمور الأربعة
في النبوي المعروف هكذا: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، لكل آية منها ظهر و بطن و لكن حد مطلع.
و في رواية: و لكل حد و مطلع.
و معنى
قوله ص: و لكل حد مطلع
على ما في إحدى الروايتين: أن لكل واحد من الظهر و البطن الذي هو حد مطلع يشرف عليه، هذا هو الظاهر، و يمكن أن يرجع إليه ما في الرواية الأخرى: و لكل حد و مطلع بأن يكون المعنى: و لكل منهما حد هو نفسه و مطلع و هو ما ينتهي إليه الحد فيشرف على التأويل، لكن هذا لا يلائم ظاهرا ما في رواية علي ع: ما من آية إلا و لها أربعة معان «إلخ» إلا أن يراد أن لها أربعة اعتبارات من المعنى و إن كان ربما انطبق بعضها على بعض.
و على هذا فالمتحصل من معاني الأمور الأربعة: أن الظهر هو المعنى الظاهر البادئ من الآية، و الباطن هو الذي تحت الظاهر سواء كان واحدا أو كثيرا، قريبا منه أو بعيدا بينهما واسطة، و الحد هو نفس المعنى سواء كان ظهرا أو بطنا و المطلع هو المعنى الذي طلع منه الحد و هو بطنه متصلا به فافهم.
و في الحديث المروي من طرق الفريقين عن النبي ص: أنزل القرآن على سبعة أحرف.
أقول: و الحديث و إن كان مرويا باختلاف ما في لفظه، لكن معناها مروي مستفيضا و الروايات متقاربة معنى، روتها العامة و الخاصة. و قد اختلف في معنى الحديث اختلافا شديدا ربما أنهي إلى أربعين قولا، و الذي يهون الخطب أن في نفس الأخبار تفسيرا لهذه السبعة الأحرف، و عليه التعويل.
ففي بعض الأخبار: نزل القرآن على سبعة أحرف- أمر و زجر و ترغيب و ترهيب و جدل و قصص و مثل
، و في بعضها: زجر و أمر و حلال و حرام و محكم و متشابه و أمثال.
الميزان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 75
و عن علي ع: أن الله أنزل القرآن على سبعة أقسام، كل منها كاف شاف، و هي أمر و زجر و ترغيب- و ترهيب و جدل و مثل و قصص.
فالمتعين حمل السبعة الأحرف على أقسام الخطاب و أنواع البيان و هي سبعة على وحدتها في الدعوة إلى الله و إلى صراطه المستقيم، و يمكن أن يستفاد من هذه الرواية حصر أصول المعارف الإلهية في الأمثال فإن بقية السبعة لا تلائمها إلا بنوع من العناية على ما لا يخفى.





مفاتيح الأصول / 322 / مفتاح القول في بيان تواتر القراءات السبعة و عدمها ..... ص : 322
اختلفوا في أن القراءات السبع المشهورة هل هي متواترة أو لا على أقوال الأول أنها متواترة مطلقا و إن الكل مما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين صلى اللَّه عليه و آله و هو للعلامة في المنتهى و التذكرة و النهاية الإحكام و غاية المأمول و ابن فهد في الموجز و المحقق الثاني في جامع المقاصد و الشهيد الثاني في الروضة و المقاصد العلية و المحدث الحر العاملي في الوسائل و المحكي عن الفاضل الجواد و في الصافي أنه أشهر بين العلماء و الفقهاء و في شرح الوافية لسيد صدر الدين معظم المجتهدين من أصحابنا حكموا بتواتر القراءات السبع و قالوا إن الكل مما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين صلى اللَّه عليه و آله و في الحدائق ادعى أصحابنا المتأخرون تواتر السبع و في شرح تيح لوالدي العلامة دام ظله العالي دعوى مشهورة بين أكثر علماء العامة





منبع الحياة و حجية قول المجتهد من الأموات / 71 /
المسألة التاسعة في التشاجر الواقع بين الأخباريين و الأصوليين في بيان مفاد الأدلة ..... ص : 64-سيد نعمة الله جزايري
و على استنباط الأحكام منه بسبب ما وقع فيه من الزيادة و النقصان و جوابه ان ما وقع فيه لم يخرج أسلوبه من الفصاحة و البلاغة و ان خزنة علمه صلواة اللَّه عليهم بينوا ما فيه من التحريف على وجه لا يقدح في أخذ الأحكام منه إذ هم المخاطبون به على ما تقدم الكلام فيه و اما الثاني فقد خالف فيه الجمهور و معظم المجتهدين من أصحابنا فإنهم حكموا بتواتر القراءات السبع و بجواز القراءة بكل واحدة منها في الصلاة و قالوا ان الكل مما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين (ص) و ربما استدلوا عليه بما روى من قوله (ص) نزل القرآن على سبعة أحرف فسروها بالقراءات مع انه ورد في الاخبار عن ابي الحسن الرضا (ع) رد هذا الخبر و ان القرآن نزل على حرف واحد على ان جماعة من العلماء فسروا السبعة أحرف باللغات السبع كلغة اليمن و هوازن و لغة أهل البصرة و نحوها لأن في ألفاظه ما يوافق ما اشتهر في هذه اللغات في اصطلاح أربابها و اما الاعتراض بان ما ذكرتم من وقوع التحريف فيه لو كان حقا لازاله عنه أمير المؤمنين (ع) زمن خلافته فهو اعتراض في غاية الركاكة لأنه (ع) ما تمكن من رفع بدعهم الحقيرة كصلاة الضحى و تحريم المتعتين و عزل شريح عن القضاء و معاوية عن امارة الشام فكيف هذا الأمر العظيم المستلزم لتغليط الأعرابيين بل لتكفيرهما لان حبهما قد اشرب في قلوب الناس حتى انهم رضوا ان يبايعوه على سنة الشيخين. فلم يرض (ع) فعدلوا عنه الى عثمان و اما الموافقون لنا على صحة هذين الدعوتين فعلى (الاولى) معظم الأخباريين خصوصا مشايخنا المعاصرين و اما (الثانية) فقد وافقنا عليها سيدنا الأجل علي بن طاوس طاب ثراه في مواضع من كتاب سعد السعود و غيره و صاحب الكشاف عند تفسير





الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌8، ص: 100‌
و بالجملة فالنظر في الأخبار و ضم بعضها إلى بعض يعطي جواز القراءة لنا بتلك القراءات رخصة و تقية و ان كانت القراءة الثابتة عنه (صلى اللّٰه عليه و آله) انما هي واحدة و إلى ذلك أيضا يشير كلام شيخ الطائفة المحقة (قدس سره) في التبيان حيث قال: ان المعروف من مذهب الإمامية و التطلع في اخبارهم و رواياتهم ان القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد غير أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء و ان الإنسان مخير بأي قراءة شاء قرأ، و كرهوا تجريد قراءة بعينها. انتهى و مثله أيضا كلام الشيخ أمين الإسلام الطبرسي في كتاب مجمع البيان حيث قال: الظاهر من مذهب الإمامية أنهم أجمعوا على القراءة المتداولة بين القراء و كرهوا تجريد قراءة مفردة و الشائع في أخبارهم (عليهم السلام) ان القرآن نزل بحرف واحد. انتهى.و كلام هذين الشيخين (عطر اللّٰه مرقديهما) صريح في رد ما ادعاه أصحابنا المتأخرون (رضوان اللّٰه عليهم) من تواتر السبع أو العشر، على ان ظاهر جملة من علماء العامة و محققي هذا الفن إنكار ما ادعى هنا من التواتر أيضا.


الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌8، ص: 104‌
و اللازم اما العمل بما قالوه من ان كل ما قرأت به القراء السبعة و ورد عنهم في أعراب أو كلام أو نظام فهو الحق الذي نزل به جبرئيل (عليه السلام) من رب العالمين على سيد المرسلين، و فيه رد لهذه الأخبار على ما هي عليه من الصحة و الصراحة و الاشتهار و هذا مما لا يكاد يتجرأ عليه المؤمن باللّٰه سبحانه و رسوله (صلى اللّٰه عليه و آله) و الأئمة‌ و اما العمل بهذه الأخبار و بطلان ما قالوه و هو الحق الحقيق بالاتباع لذوي البصائر و الأفكار. و اللّٰه العالم.





مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌7، ص: 209‌..........
إلّا ما في «المعتبر «1»» عن بعض الأصحاب الذي لم نجده. و في «الإيضاح «2» و تخليص التلخيص و كشف الالتباس» و غيرها «3» نقل الأقوال من دون ترجيح. [وظيفة المكلّف في القراءات السبع و العشر] [وظيفة المكلّف في القراءات السبع و العشر] فرع: قال أكثر علمائنا «4»: يجب أن يقرأ بالمتواتر و هي السبع. و في «جامع المقاصد «5»» الإجماع على تواترها. --- بحث مفصل فراجع










المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، ص: 244‌
[الثالثة: القراءة] (الثالثة: القراءة) (و واجباتها ستة عشر): [الأوّل: تلاوة الحمد و السورة] (الأوّل: تلاوة الحمد و السورة) أيّ سورة كانت من سور القرآن عدا ما يستثني.فاللّام إمّا زائدة، أو لتعريف الحقيقة. و قد كان يغني عنها التنكير، أي قراءة سورة بعد الحمد (في) الصلاة (الثنائيّة و في) الركعتين (الأولتين من غيرها) أي غير الثنائيّة كالثلاثيّة و الرباعيّة.أمّا وجوب قراءة الحمد فموضع وفاق، و أما وجوب السورة فهو المشهور بين الأصحاب. هذا مع الاختيار كسعة الوقت و القدرة عليها، و إلّا سقطت إجماعا. [الثاني: مراعاة إعرابها] (الثاني: مراعاة إعرابها) و المراد به ما يشمل الإعراب و البناء. (و تشديدها) لنيابته مناب الحرف المدغم. (على الوجه المنقول بالتواتر) و هي قراءة السبعة «1» المشهورة، و في تواتر تمام العشرة‌
(1) القرّاء السبعة هم: عبد اللّه بن عامر الدمشقي، ت 118 ه. عبد اللّه بن كثير المكّي، المشهور بأبي معبد، ت 120 ه.زَبّان بن علاء، المشهور بأبي عمرو البصري، ت 154 ه. نافع بن عبد الرحمن المدني، المشهور بأبي رويم، ت 169 ه.عاصم بن أبي النجود الكوفي، المشهور بأبي بكر، ت 127 ه أو 128 ه. حمزة بن حبيب الكوفي، المشهور بأبي عمارة، ت 156 ه. علي بن حمزة الكسائي الكوفي، المشهور بأبي الحسن، ت 189 ه. انظر النشر من القراءات العشر 1: 99- 173.المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، ص: 245‌بإضافة أبي جعفر «1» و يعقوب «2» و خلف «3» خلاف، أجوده ثبوته، و قد شهد المصنّف في الذكرى بتواترها «4»، و هو لا يقصر عن نقل الإجماع بخبر الواحد.و اعلم أنّه ليس المراد أنّ كلّ ما ورد من هذه القراءات متواتر، بل المراد انحصار المتواتر الآن فيما نقل من هذه القراءات، فإنّ بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم، كما حقّقه جماعة من أهل هذا الشأن «5».و المعتبر القراءة بما تواتر من هذه القراءات و إن ركّب بعضها في بعض ما لم يترتّب بعضه على بعض آخر بحسب العربيّة، فيجب مراعاته، ك‍ فَتَلَقّٰى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمٰاتٍ «6» فإنّه لا يجوز الرفع فيهما و لا النّصب و إن كان كلّ منهما متواترا، بأن يؤخذ رفع آدم من غير قراءة ابن كثير، و رفع كلمات من قراءته، فإنّ ذلك لا يصحّ؛ لفساد المعنى.و نحوه وَ كَفَّلَهٰا زَكَرِيّٰا «7» بالتشديد مع الرفع، أو بالعكس.و قد نقل ابن الجزري في (النشر) عن أكثر القرّاء جواز ذلك أيضا، و اختار ما ذكرناه «8».و أما اتّباع قراءة الواحد من العشرة في جميع السورة فغير واجب قطعا، بل و لا مستحبّ، فإنّ الكلّ من عند اللّه نزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلين تخفيفا على الأمّة و تهوينا على أهل هذه الملّة. و انحصار القراءات فيما ذكر أمر حادث غير معروف في الزمن السّابق، بل كثير من الفضلاء أنكر ذلك خوفا من التباس الأمر،
(1) أبو جعفر يزيد بن قعقاع المخزومي المدني، ت 130 ه. (2) يعقوب بن إسحاق الحضرمي البصري، ت 205 ه. (3) أبو محمّد خلف بن هشام الكوفي، ت 229 ه. (4) الذكرى: 187. (5) كابن الجزري في النشر في القراءات العشر 1: 9. (6) البقرة: 37. (7) آل عمران: 37. (8) النشر في القراءات العشر 1: 19.المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية، ص: 246‌و توهّم أنّ المراد بالسبعة هي الأحرف التي ورد في النقل أن القرآن انزل عليها، و الأمر ليس كذلك، فالواجب القراءة بما تواتر منها. (فلو قرأ ب‍) القراءات (الشواذ) و هي في زماننا ما عدا العشر، و ما لم يكن متواترا (بطلت) الصلاة، و كذا القول فيما يأتي من ضمائر (بطلت) في هذا الباب فإنّه يعود إلى الصلاة لا إلى القراءة و إن كانت أقرب من جهة اللفظ؛ لفساد المعنى على تقريره في أكثر المواضع، كما ستراه.و الشارح المحقّق أعاد الضمير إلى القراءة «1»، و ستقف على مواضع كثيرة لا يتوجّه فيها ذلك، بل هذه منها أيضا؛ لأنّ الصلاة هنا تبطل لا القراءة خاصّة للنهي المفسد للعبادة، لأنّ الشاذ ليس بقرآن و لا دعاء.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌8، ص: 96‌
و على هذا المنوال من الحكم بتواتر هذه القراءات عنه (صلى اللّٰه عليه و آله) جرى كلام غيره من علمائنا في هذه المجال، و هو عند من رجع إلى اخبار الآل (عليهم صلوات ذي الجلال) لا يخلو من الاشكال و ان اشتهر في كلامهم و صار عليه مدار نقضهم و إبرامهم حتى قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الرسالة الألفية مشير الى القراءات السبع:فان الكل من عند اللّٰه تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ على قلب سيد المرسلين (صلى اللّٰه عليه و آله) تخفيفا على الأمة و تهوينا على أهل هذه الملة «1» انتهى.






تفسير الصافي، ج‏1، ص: 59

المقدمة الثامنة في نبذ مما جاء في أقسام الآيات و اشتمالها على البطون و التأويلات و انواع اللغات و القراءات، و المعتبرة منها

قد اشتهرت الرواية من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف و قد ادعى بعضهم تواتر أصل هذا الحديث الا انهم اختلفوا في معناه على ما يقرب من أربعين قولا.

و روت العامة عنه عليه السلام ايضا انه قال: نزل القرآن على سبعة أحرف أمر و زجر و ترغيب و ترهيب و جدل و قصص و مثل. و في رواية أخرى: زجر و أمر و حلال و حرام و محكم و متشابه و أمثال، و المستفاد من هاتين الروايتين أن الأحرف إشارة إلى اقسامه و أنواعه.

و يؤيده ما رواه أصحابنا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن الله تبارك و تعالى أنزل القرآن على سبعة أقسام كل قسم منها كاف شاف و هي: أمر و زجر و ترغيب و ترهيب و جدل و مثل و قصص.

و روت العامة ايضا عن النبي صلى الله عليه و آله أن القرآن أنزل على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر و بطن و لكل حرف حد و مطلع.

و في رواية أخرى أن للقرآن ظهرا و بطنا و لبطنه بطنا إلى سبعة أبطن.

و ربما يستفاد من هاتين الروايتين أن الأحرف إشارة إلى بطونه و تأويلاته و لا نص فيهما على ذلك لجواز أن يكون المراد بهما أن الكل من الأقسام ظهرا و بطنا و لبطنه بطنا (بطن خ ل) إلى سبعة أبطن.

و من طريق الخاصة ما رواه في الخصال بإسناده عن حماد قال: قلت لأبي‏

تفسير الصافي، ج‏1، ص: 60

عبد الله عليه السلام إن الأحاديث تختلف منكم، قال: فقال: إن القرآن نزل على سبعة أحرف و أدنى ما للإمام أن يفتي على سبعة وجوه. ثم قال: هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب، و هذا نص في البطون و التأويلات. و رووا في بعض ألفاظ هذا الحديث أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا بما تيسر منه.

و في بعضها قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم لجبرئيل عليه السلام:

إني بعثت إلى أمة أميين، فيهم الشيخ الفاني و العجوز الكبيرة و الغلام. قال:

فمرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف.

و من طريق الخاصة ما رواه في الخصال بإسناده عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:

أتاني آت من الله عز و جل فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد. فقلت: يا رب وسع على أمتي. فقال: إن الله عز و جل يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف و يستفاد من هذه الروايات ان المراد بسبعة أحرف اختلاف اللغات كما قاله ابن الأثير في نهايته فانه قال في الحديث نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف أراد بالحرف اللغة يعني على سبع لغات من لغات العرب أي انها متفرقة (مفرقة خ ل) في القرآن فبعضه بلغة قريش و بعضه بلغة هذيل و بعضه بلغة الهوازن (هوازن خ ل) و بعضه بلغة اليمن. قال: و مما يبين ذلك قول ابن مسعود إني قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم إنما هو كقول أحدكم: هلم تعال و اقبل. و قال في مجمع البيان: إن قوما قالوا إن المراد بالأحرف اللغات مما لا يغير حكما في تحليل و لا تحريم مثل: هلم و اقبل و تعال. و قالوا: و كانوا مخيرين في مبتدإ الإسلام في أن يقرءوا بما شاءوا منها ثم أجمعوا على أحدها و إجماعهم حجة فصار ما أجمعوا عليه مانعا مما اعرضوا عنه.

أقول: و التوفيق بين الروايات كلها أن يقال: إن للقرآن سبعة أقسام من‏

تفسير الصافي، ج‏1، ص: 61

الآيات و سبعة بطون لكل آية. و نزل على سبع لغات. و اما حمل الحديث على سبعة أوجه من القراءات ثم التكلف في تقسيم وجوه القراءات على هذا العدد كما نقله في مجمع البيان عن بعضهم فلا وجه له مع أنه يكذبه ما رواه في الكافي بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن القرآن واحد نزل من عند واحد و لكن الاختلاف يجي‏ء من قبل الرواة. و بإسناده عن الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن الناس يقولون إن القرآن نزل على سبعة أحرف. فقال: كذبوا أعداء الله و لكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد، و معنى هذا الحديث معنى سابقه و المقصود منهما واحد و هو أن القراءة الصحيحة واحدة الا أنه عليه السلام لما علم أنهم فهموا من الحديث الذي رووه صحة القراءات جميعا مع اختلافها كذبهم. و على هذا فلا تنافي بين هذين الحديثين و شي‏ء من أحاديث الأحرف ايضا.

و بإسناده عن عبد الله بن فرقد و المعلى بن خنيس قالا كنا عند أبي عبد الله عليه السلام و معنا ربيعة الرأي فذكر القرآن فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال. قال (فقال خ ل): ربيعة ضال. فقال: نعم ضال. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: أما نحن فنقرأ على قراءة أبي.

و لعل آخر الحديث ورد على المسامحة مع ربيعة مراعاة لحرمة الصحابة و تداركا لما قاله في ابن مسعود ذلك لأنهم عليهم السلام لم يكن يتبعون احدا سوى آبائهم عليهم السلام لأن علمهم من الله و في هذا الحديث اشعار بأن قراءة أبي كانت موافقة لقراءتهم عليهم السلام أو كانت أوفق لها من قراءة غيره من الصحابة.

ثم الظاهر أن الاختلاف المعتبر ما يسري من اللفظ إلى المعنى مثل مالك و ملك دون ما لا يجاوز اللفظ أو يجاوزه و لم يخل بالمعنى المقصود سواء كان بحسب اللغة مثل كفؤا بالهمزة و الواو و مخففا و مثقلا او بحسب الصرف مثل يرتد

تفسير الصافي، ج‏1، ص: 62

و يرتدد أو بحسب النحو مثل ما لا يقبل منها شفاعة بالتاء، و الياء و ما يسري إلى المعنى و لم يخل بالمقصود مثل الريح و الرياح للجنس و الجمع فان في أمثال هذه موسع علينا القراءات المعروفة.

و عليه يحمل ما ورد عنهم عليهم السلام من اختلاف القراءة في كلمة واحدة و ما ورد أيضا في تصويبهم القراءتين جميعا كما يأتي في مواضعه أو يحمل على أنهم لما لم يتمكنوا أن يحملوا الناس على القراءة الصحيحة جوزوا القراءة بغيرها كما أشير إليه بقولهم عليهم السلام: اقرؤا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم و ذلك كما جوزوا قراءة أصل القرآن بما هو عند الناس دون ما هو محفوظ عندهم و على التقديرين في سعة منها جميعا، و قد اشتهر بين الفقهاء وجوب التزام عدم الخروج عن القراءات السبع أو العشر المعروفة لتواترها و شذوذ غيرها.

و الحق: أن المتواتر من القرآن اليوم ليس إلا القدر المشترك بين القراءات جميعا دون خصوص آحادها إذ المقطوع به ليس إلا ذاك فان المتواتر لا يشتبه بغيره و أما نحن فنجعل الأصل في هذا التفسير أحسن القراءات كانت قراءة من كانت كالأخف على اللسان و الأوضح في البيان و الآنس للطبع السليم و الأبلغ لذي الفهم القويم و الأبعد عن التكلف في إفادة المراد و الأوفق لأخبار المعصومين. فان تساوت أو أشبهت فقراءة الأكثرين في الأكثر.

و لا نتعرض لغير ذلك إلا ما يتغير به المعنى المراد تغييرا يعتد به أو يحتاج إلى التفسير و ذلك لأن التفسير إنما يتعلق بالمعنى دون اللفظ و ضبط اللفظ إنما هو للتلاوة فيخص به المصاحف، و أما ما دونوه في علم القراءة و تجويدها من القواعد و المصطلحات فكل ما له مدخل في تبيين الحروف و تمييز بعضها عن بعض لئلا يشتبه أو في حفظ الوقوف بحيث لا يختل المعنى المقصود به أو في صحة الإعراب و جودته لئلا تصير ملحونة أو مستهجنة أو في تحسين الصوت و ترجيعه بحيث يلحقها بألحان العرب و أصواتها الحسنة فله وجه وجيه.

تفسير الصافي، ج‏1، ص: 63

و قد وردت الإشارة إليه في الروايات المعصومية و إنما ينبغي مراعاة ذلك فيما اتفقوا عليه لاتفاق السلائق عليه دون ما اختلفوا فيه لاختلافها لديه.







الأحرف السبعة للقرآن (ص: 19)

المؤلف: عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (المتوفى: 444هـ)

7 - حدثنا خلف بن أحمد بن هاشم قال حدثنا زياد بن عبد الرحمن قال نا محمد بن يحيى بن حميد قال نا محمد بن يحيى بن سلام قال نا أبي قال حدثنا الحسن بن دينار وحماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل وميكائيل فقعد جبريل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبريل بسم الله في حديث الحسن وفي حديث حماد يا محمد اقرأ القرآن على حرف فنظرت إلى ميكائيل فقال استزده فقلت زدني فقال بسم الله اقرأه على حرفين ثلاثة أحرف فنظرت إلى ميكائيل فقال استزده فقلت زدني قال بسم الله اقرأه على خمسة أحرف فنظرت إلى ميكائيل فقال استزده فقلت زدني قال بسم الله اقرأه على ستة أحرف فنظرت إلى ميكائيل فقال استزده قلت زدني قال بسم الله اقرأه على سبعة أحرف وفي حديث الحسن بن دينار فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهى العدة فقال جبريل اقرأه على سبعة أحرف كلهن شاف كاف لا يضرك كيف قرأت ما لم تختم رحمة بعذاب أو عذابا برحمة في حديث الحسن وفي حديث حماد ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة






الأحرف السبعة للقرآن (ص: 21)

8 - حدثنا أبو الفتح شيخنا قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا علي بن حرب قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة وسمعته منه قال ثنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل استزده فقال اقرأ على حرفين فقال ميكائيل استزده حتى بلغ سبعة أحرف كل شاف وكاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة وآية رحمة بآية عذاب وهو قولك هلم وتعال وأقبل وأسرع واذهب واعجل



الأحرف السبعة للقرآن (ص: 25)
فأما معناه ووجهه فإني تدبرته وأنعمت النظر فيه بعد وقوفي على أقاويل المتقدمين من السلف والمتأخرين من الخلف فوجدته متعلقا بخمسة أسولة هي محيطة بجميع معانيه وكل وجوهه
فأولها أن يقال ما معنى الأحرف التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم ههنا وكيف تأويلها
والثاني أن يقال ما وجه إنزال القرآن على هذه السبعة أحرف وما المراد بذلك
والثالث أن يقال في أي شيء يكون اختلاف هذه السبعة أحرف
والرابع أن يقال على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف
والخامس أن يقال هل هذه السبعة أحرف كلها متفرقة في القرآن موجودة فيه في ختمة واحدة حتى إذا قرأ القارئ القرآن بأي حرف من حروف أئمة القراءة بالأمصار المجتمع على إمامتهم أو بأي رواية من رواياتهم فقد قرأ بها كلها أم ليست كلها متفرقة وموجودة في ختمة واحدة بل بعضها حتى إذا قرأ القارئ القرآن بقراءة من القراءات أو برواية من الروايات فقد قرأ ببعضها لا بكلها وأنا مبين ذلك كله ومجيب عنه وجها وجها إن شاء الله تعالى




الأحرف السبعة للقرآن (ص: 33)
أوجه اختلاف الأحرف السبعة
24 - وأما في أي شيء يكون اختلاف هذه السبعة أحرف فإنه يكون في أوجه كثيرة منها
تغير اللفظ نفسه وتحويله ونقله إلى لفظ آخر كقولك / ملك يوم الدين / بغير ألف و {ملك} بألف و / السراط / بالسين و {الصراط} بالصاد و / الزراط / بالزاي وبين الزاي والصاد و {ما يخدعون} بالألف و / ما يخدعون / بغير ألف و {كيف ننشزها} بالزاي و / ننشرها / بالراء و / يقاتلون الذين يأمرون / بالألف و {يقتلون} بغير ألف و / بظنين / بالظاء و {بضنين} بالضاد وما أشبه ذلك
25 - ومنها الإثبات والحذف كقوله تعالى {وقالوا اتخذ الله ولدا} {وسارعوا إلى مغفرة} {والذين اتخذوا مسجدا} بالواو وبغير واو و {وبالزبر وبالكتاب} في آل عمران بالباء وبغير باء و {وما عملته أيديهم} بالهاء وبغير هاء و {فبما كسبت أيديكم} بالفاء وبغير فاء و {ما تشتهيه الأنفس} بهاء بعد الياء وبغير هاء و {تجري من تحتها الأنهار} بعد المائة في التوبة بمن وبغير من و {فإن الله هو الغني} في الحديد بهو وبغير هو وكذا {الداع إذا دعان} و {الكبير المتعال} و {يوم يأت} و {ما كنا نبغ} و {إذا يسر} وما أشبهه بياء وبغير ياء
26 - ومنها تبديل الأدوات كقوله {وتوكل على العزيز الرحيم} في الشعراء بالفاء {وتوكل} بالواو و {ولا يخاف عقباها} بالفاء و {ولا يخاف} بالواو {أن يظهر في الأرض} بالواو و {أو أن يظهر} بأو قبل أن 27 - ومنها التوحيد والجمع كقوله {الريح} و {الريح} و {فما بلغت رسالته} و {رسالته} و {آيات للسائلين} و / آيت / و / غيبت / و / غيبت / و / سيعلم الكفر / و {الكفر} و {كطي السجل للكتب} والكتب و / المضغة عظما / و / عظما / و / إلى أثر رحمت الله / و / إلىءاثر / وما أشبه ذلك
28 - ومنه التذكير والتأنيث كقوله / ولا يقبل منها شفعة / بالياء والتاء و / فناداه الملئكة / و / فنادته الملئكة / و / استهونه الشيطين / و {استهوته} و / توفه رسلنا / توفته و {يغشى طائفة} بالياء والتاء وكذا {ولتستبين سبيل المجرمين} و / إلا أن يأتيهم الملئكة / و / يعرج الملئكة / بالياء والتاء وما أشبه ذلك
29 - ومنها الاستفهام والخبر كقوله / ءأعجمي / و / ءأذهبتم / و / ءأن كان / بالإستفهام و {أعجمي} و {أذهبتم} و {إن كان} بالخبر وكذلك / ءإنكم / و / ءإن لنا / و / ءإنك / و / ءإذا متنا / و / ءإنا لمخرجون / بالإستفهام و {إنكم} و {إن لنا} وإنك و {أئذا متنا} و {إنا} بهمزة مكسورة على الخبر وكذلك ما أشبهه
30 - ومنها التشديد والتخفيف كقوله {بما كانوا يكذبون} بتشديد الذال وتخفيفها و / لكن الشيطين / و {ولكن البر} بتشديد النون وتخفيفها و {تظهرون} / وتظهرون / و {تذكرون} و / خرقوا له / و / إن كلا لما / و {فقدر عليه} و {جمع مالا} وشبهه بتشديد الظاء والذال والراء والميم والدال وتخفيفهن
31 - ومنها الخطاب والإخبار كقوله {وما الله بغافل عما تعملون} و {أفلا تعقلون} و {ولكن لا تعلمون} و {لا تظلمون} و {أم تقولون} و {ستغلبون وتحشرون} و {ولو يرى الذين ظلموا} و / ترونهم مثليهم / و {لتنذر أم القرى} و / أفبنعمة الله تجحدون / وما أشبه ذلك بالتاء على الخطاب وبالياء على الإخبار
32 - ومنها الإخبار عن النفس والإخبار عن غير النفس كقوله / يتبوأ منها حيث نشاء / بالنون و {يشاء} بالياء و / نجعل الرجس / بالنون والياء / ننبت لكم / بالنون والياء و / لنحصنكم / بالنون الله تعالى يخبر عن نفسه وبالياء إخبار عن اللبوس وما أشبه ذلك
33 - ومنها التقديم والتأخير كقوله / وقتلوا وقتلوا / / وقتلوا وقتلوا / {فيقتلون ويقتلون} و {فيقتلون ويقتلون} و {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} {قتل أولادهم شركاؤهم} وما أشبه ذلك
34 - ومنها النفي والنهي كقوله {ولا تسأل عن أصحاب الجحيم} بالجزم على النهي / ولا تسئل / بالرفع على النفي / ولا تشرك في حكمه أحدا / التاء والجزم على النهي {ولا يشرك} بالياء والرفع على النفي و / لا تخف دركا / / فلا يخف ظلما / بالجزم على النهي و {تخاف} ويخاف بالرفع وإثبات الألف على النفي وما أشبه ذلك
35 - ومنها الأمر والإخبار كقوله {واتخذوا من مقام إبراهيم} بكسر الخاء على الأمر و {اتخذوا} بفتح الخاء على الإخبار و {قل سبحان ربي} و / قل ربي يعلم / و / قل رب احكم / و / قل إنما أدعوا ربي / على الأمر و {قل} على الخبر وكذلك ما أشبهه
36 - ومنها تغيير الإعراب وحده كقوله {وصية لأزواجهم} بالنصب والرفع و {تجارة حاضرة} بالنصب والرفع و {وأرجلكم إلى الكعبين} بالنصب والجر و / الكفار أولياء / بالنصب والجر {وحور عين} بالرفع والجر و {خضر وإستبرق} بالرفع والجر {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} بالرفع والجزم و {تلقف ما صنعوا} بالرفع والجزم و {والله ربنا} بالجر والنصب و {ذو العرش المجيد} و {في لوح محفوظ} بالرفع والجر وما أشبه ذلك
37 - ومنها تغير الحركات اللوازم كقوله {ولا تحسبن} بكسر السين وفتحها و {ومن يقنط} و {يقنطون} بكسر النون وفتحها و {يعرشون} و {يعكفون} بكسر الراء والكاف وبضمهما / الولية / بكسر الواو وبفتحها وما أشبه ذلك 38 - ومنها التحريك والتسكين كقوله / خطوات الشيطن / بضم الطاء وبإسكانها و {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} بفتح الدال وإسكانها و {في الدرك} بإسكان الراء وبفتحها وكذلك {ومن المعز} و {يوم ظعنكم} بفتح العين وإسكانها وكذلك {إني أعلم} و {إني أعلم} و {مني إلا} و {مني إلا} {وليؤمنوا بي} و {بي} و {وجهي لله} بفتح الياء وإسكانها وكذلك {وهو} و {فهو} و {لهي} و {فهي} بإسكان الهاء وتحريكها وكذلك {ثم ليقطع} و {ثم ليقضوا} {وليوفوا} {وليطوفوا} / ولتمتعوا / بإسكان اللام وبكسرها وكذلك ما أشبهه
39 - ومنها الإتباع وتركه كقوله {فمن اضطر} و {أن اعبدوا الله} و / لقد استهزئ / و / قالت اخرج / وشبهه بضم النون والدال والتاء لالتقاء الساكنين إتباعا لضم ما بعدهن وكسرهن للساكنين أيضا من غير إتباع
40 - ومنها الصرف وتركه كقوله {وعادا وثمود} و {ألا بعدا لثمود} بالتنوين وتركه وكذلك {سبإ} و {سبإ} و / سلسلا / و / سلسل / و {قواريرا} و {قوارير} وما أشبه ذلك
41 - ومنها اختلاف اللغات كقوله / جبريل / بكسر الجيم من غير همز وبفتحها كذلك و / جبرئل / بفتح الجيم والراء مع الهمز من غير مد وبالهمز والمد و / ميكال / بغير همز و / ميكائل / بالهمز من غير ياء وبالهمز وبالياء و {إبراهيم} بالياء و / إبراهم / بالألف و / أرجئه / بالهمز و {أرجه} بغير همز وكذلك / مرجؤن / و {مرجون} و / ترجئ / و {ترجي} و / يضهؤن / و / يضهون / و / يأجوج ومأجوج / و / ياجوج وماجوج / و / التناؤش / و {التناوش} و {مؤصدة} و / موصدة / بالهمز وبغير همز وكذلك ما أشبهه
42 - ومنها التصرف في اللغات نحو الإظهار والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة وبين بين والهمز وتخفيفه بالحذف والبدل وبين بين والإسكان والروم والإشمام عند الوقف على أواخر الكلم والسكوت على الساكن قبل الهمز وما أشبه ذلك




الأحرف السبعة للقرآن (ص: 47)
اختلاف المعاني تبعا لاختلاف الألفاظ في الأحرف السبعة
48 - وأما على كم معنى يشتمل اختلاف هذه السبعة أحرف فإنه يشتمل على ثلاثة معان يحيط بها كلها
أحدها اختلاف اللفظ والمعنى الواحد
والثاني اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لعدم تضاد اجتماعهما فيه
والثالث اختلاف اللفظ والمعنى مع امتناع جواز أن يجتمعا في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه ونحن نبين ذلك إن شاء الله
49 - فأما اختلاف اللفظ والمعنى واحد فنحو قوله / السراط / بالسين و {الصراط} بالصاد و / الزراط / بالزاي و {عليهم} و {إليهم} و {لديهم} بضم الهاء مع إسكان الميم وبكسر الهاء مع ضم الميم وإسكانها و {فيه هدى} و {عليه كنز} و / منه ءايت / و {عنه ماله} بصلة الهاء وبغير صلتها و {يؤده إليك} و {نؤته منها} و {فألقه إليهم} بإسكان الهاء وبكسرها مع صلتها واختلاسها و {أكلها} و {في الأكل} بإسكان الكاف وبضمها و {إلى ميسرة} بضم السين وبفتحها و {يعرشون} بكسر الراء وبضمها وكذلك ما أشبهه ونحو ذلك البيان والإدغام والمد والقصر والفتح والإمالة وتحقيق الهمز وتخفيفه وشبهه مما يطلق عليه أنه لغات فقط
50 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع جواز اجتماع القراءتين في شيء واحد من أجل عدم تضاد اجتماعهما فيه فنحو قوله تعالى / ملك يوم الدين / بألف و {ملك} بغير ألف لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو الله سبحانه وتعالى وذلك أنه تعالى مالك يوم الدين وملكه فقد اجتمع له الوصفان جميعا فأخبر تعالى بذلك في القراءتين
51 - وكذا {بما كانوا يكذبون} بتخفيف الذال وبتشديدها لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هم المنافقون وذلك أنهم كانوا يكذبون في إخبارهم ويكذبون النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله تعالى فالأمران جميعا مجتمعان لهم فأخبر الله تعالى بذلك عنهم وأعلمنا أنه معذبهم بهما
52 - وكذا قوله تعالى / كيف ننشرها / بالراء وبالزاي لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هي العظام وذلك أن الله تعالى أنشرها أي أحياها وأنشزها أي رفع بعضها إلى بعض حتى التأمت فأخبر سبحانه أنه جمع لها هذين الأمرين من إحيائها بعد الممات ورفع بعضها إلى بعض لتلتئم فضمن تعالى المعنيين في القراءتين تنبيها على عظيم قدرته
53 - وكذا قوله {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} بكسر الخاء على الأمر وبفتحها على الخبر لأن المراد بالقراءتين جميعا هم المسلمون وذلك أن الله تعالى أمرهم باتخاذهم مقام إبراهيم مصلى فلما امتثلوا ذلك وفعلوه أخبر به عنهم فجاءت القراءة بالأمرين جميعا للدلالة على اجتماعهما لهم فهما صحيحان غير متضادين ولا متنافيين
54 - وكذا قوله / وما هو على الغيب بظنين / بالظاء و {بضنين} بالضاد لأن المراد بهاتين القراءتين جميعا هو النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه كان غير ظنين على الغيب أي غير متهم فيما أخبر به عن الله تعالى وغير ضنين به أي غير بخيل بتعليم ما علمه الله وأنزله إليه فقد انتفى عنه الأمران جميعا فأخبر الله تعالى عنه بهما في القراءتين وكذا ما أشبهه
55 - وأما اختلاف اللفظ والمعنى جميعا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد لاستحالة اجتماعهما فيه فكقراءة من قرأ {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتشديد لأن المعنى وتيقن الرسل أن قومهم قد كذبوهم وقراءة من قرأ {قد كذبوا} بالتخفيف لأن المعنى وتوهم المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به من أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل العذاب بهم فالظن في القراءة الأولى يقين والضمير الأول للرسل والثاني للمرسل إليهم والظن في القراءة الثانية شك والضمير الأول للمرسل إليهم والثاني للرسل
56 - وكذا قراءة من قرأ / لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموت والأرض بصائر / بضم التاء وذلك أنه أسند هذا العلم إلى موسى عليه السلام حديثا منه لفرعون حيث قال {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} فقال له موسى عليه السلام عند ذلك {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} فأخبر عليه السلام عن نفسه بالعلم بذلك أي ليس بمجنون وقراءة من قرأ {لقد علمت} بفتح التاء وذلك أنه أسند هذا العلم إلى فرعون مخاطبة من موسى له بذلك على وجه التقريع والتوبيخ له على شدة معاندته للحق وجحوده له بعد علمه ولذلك أخبر تبارك وتعالى عنه وعن قومه فقال {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} الآية
57 - وكذلك ما ورد من هذا النوع من اختلاف القراءتين التي لا يصح أن يجتمعا في شيء واحد هذه سبيله لأن كل قراءة منهما بمنزل آية قائمة بنفسها لا يصح أن تجتمع مع آية أخرى تخالفها في شيء واحد لتضادهما وتنافيهما



الانتصار للقرآن للباقلاني (1/ 340)

محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، القاضي أبو بكر الباقلاني المالكي (المتوفى: 403هـ)

فإن قالوا: فإذا قلتم إن الرسولَ صلى الله عليه لم يكن يبينُ لكل واحدٍ

ممَن يُقرئه جميعَ الأحرفِ والوجوهِ التي نزلَ القرآنُ عليها ويُفصلُها لكل الأمة

مجتمعين، وأنَّه كان يُقرِئهم قراءةً مختلفةً من تلك الحروفِ وعلى سبيلِ ما

تيسَّر له: وجبَ أن لا تقومَ الحجَّة ُ على الأمَّة بكل حرفٍ مما أقرأ به، وأن لا

يتيَقَنَ ذلك من دينه، وأن يَجدَ المُلحِدُ والمعاندُ سبيلاً إلى إدخالِ حرفٍ

ووجهٍ في القرآن ليسَ هو مما أُنزل على الرسول، ويعملَ له إسناداً وطريقا

ويُضيفَه إلى النبى صلى الله عليه ويُدخل بذلك فيما أنزل الله تعالى - من

الوجوه ما لم يُنزِله، ويُفسدَ القرآنَ ويوقعَ الشبهةَ والإلباسَ على أهل

الإسلام، كما زعمتُم من قبلُ أنه لو كان يبينُ بعضُ القرآن بيانا خاصًّا لا

تقوم به الحجَّة ُ لصارَ ذلك طريقا إلى أن يُدخَلَ في القرآنِ كلمات وأيات

تقصُرُ عن حدّ المعجز، وأن يُضافَ ذلك إلى الرسول أو أن يكونَ ذلك ذريعةً

إلى الشبهة والإلباس، وهذا ما لا فصلَ لكم فيه.

يقال له: لا يلزمُ ما وصفتَه، لأننا قد قُلنا مِن قبلُ إن رسولَ الله صلى الله

عليه وإن كان لم يبيِّن تفصيلَ الحروفِ السبعة لكل واحدٍ ممَن أقرأه وأخذَ

عنه ولا جمَعَ الأمَّة ووقفهم على ذلك، وأنَّه كان يُقرىءُ بما يَسْهُل وُشرُ له

وللمتعلم منه، فإنه لا بُدَّ أن يظهرَ عنه ويستفيضَ كل وجهٍ وحرفٍ قرأ به

وأقرأه، إما بتكررِ سماعِ ذلك منه أو بالنَّقل له عنه، ولا بُدَّ أن يَبلُغَ الحديثُ

والسماعُ في طول تلكَ السنين، وتكرير عرضِه صلى الله عليه القرآنَ على

جبريلَ عليه السلامُ في كل عام، وعرْضِه إيَّاه مرتين في العام الذي ماتَ

فيه، وتكزُرِ قراءته وإقرائه إيَّاه وأخذهِ عنه مبلَغا يظهرُ ويستفيضُ حتى يزولَ

عن الناس فيه الرََّيبُ والشك، وأنه مما قرأه رسولُ الله صلَّى الله عليه وأقرأ






شرح طيبة النشر للنويري (1/ 156)

قال المصنف: ولى نيف وثلاثون سنة أمعن النظر فى هذا الحديث، حتى فتح الله على بشيء أرجو أن يكون هو الصواب (6)، وذلك أنى تتبعت القراءات كلها، فإذا اختلافها يرجع إلى سبعة أوجه خاصة:

إما فى الحركات بلا تغير فى المعنى والصورة، نحو (البخل) بأربعة (7) و (يحسب) بوجهين.






إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:257

و قد اختلف الناس في معنى ذلك اختلافا كثيرا، فقال بعضهم: هي سبعة أحرف أودعها الله تعالى في كتابه، قام بها إعجازه، و قال قوم: هي زجر، و أمر، و حلال، و حرام، و محكم، و متشابه، و أمثال.

و قيل: هي حلال، و حرام، و أمر، و نهي، و زجر، و خبر ما كان قبل، و خبر ما هو كائن بعد، و أمثال.

و قيل: هي وعد، و وعيد، و حلال، و حرام، و مواعظ، و أمثال، و احتجاج.

و قيل: هي أمر، و نهي، و بشير، و نذير، و إخبار، و أمثال.

و قيل: هي محكم، و متشابه، و ناسخ، و منسوخ، و خصوص، و عموم، و قصص.

__________________________________________________

[1] في (كنز العمال): «أتاني جبريل و ميكائيل».


[2] (كنز العمال): 2/ 50، حديث رقم (3075) باختلاف يسير، حتى «كلها كاف شاف». و قال في آخره (حم و عبد بن حميد عن أبي بن كعب)، (حم طب عن أبي بكرة)، (ابن الضريس عن عبادة بن الصامت).

[3] (كنز العمال): 2/ 53، حديث رقم (3087)، و قال في آخره: (حم طب ك عن سمرة).

[4] (المستدرك): 2/ 243، حديث رقم (2884/ 13)، قال الحاكم: قد احتجّ البخاري برواية الحسن عن سمرة، و احتجّ مسلم بأحاديث حماد بن سلمة، و هذا الحديث صحيح، و ليس له علة.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:258

و قيل: هي أمر، و نهي، و حد، و علم، و سر، و ظهر، و بطن.

و قيل: ناسخ، و منسوخ، و وعد، و وعيد، و رجم، و تأديب، و إنذار.

و قيل: حلال، و حرام، و افتتاح، و إضمار، و فضائل، و عقوبات.

و قيل: أوامر، و زواجر، و أمثال، و أنباء، و عتب، و وعظ، و قصص.

و قيل: الحلال، و الحرام، و المنصوص، و القصص، و الإباحات.

و قيل: الظهر، و البطن، و الفرض، و الندب، و الخصوص، و العموم، و الأمثال.

و قيل: الأمر، و النهي، و الوعد، و الوعيد، و الإباحة، و الإرشاد، و الاعتبار.

و قيل: هي مقدم، و مؤخر، و فرائض، و حدود، و مواعظ، و متشابه، و أمثال.

و قيل: هي تفسير، و مجمل، و مقتضى، و ندب، و حتم، و أمثال.

و قيل: هي أمر حتم، و أمر ندب، و نهي حتم، و نهي ندب، و أخبار، و إباحات.

و قيل: الفرض، و النهي الحتم، و الأمر الندب، و النهي المرشد، و الوعد، و الوعيد، و القصص.

و قيل: هي سبع جهات لا يتعداها الكلام، إذ العرب تسمي الحرف جهة.

و قيل: هي لفظ خاص أريد به العام، و لفظ يغني تنزيله عن تأويله، و لفظ لا يعلم فقهه إلا العلماء، و لفظ لا يعلم معناه إلا الراسخون في العلم.

و قيل: هي سبع لغات متفرقة لجميع العرب، فكل حرف منها لقبيلة مشهورة، و بعض الأحياء أسعد من بعض، مثل قريش، لأن القرآن أنزل بلغتها.

و قيل: هي سبع لغات: أربع منها لعجز هوازن، و ثلاثة لقريش، و عجز هوازن: سعد بن بكر، و جثم بن بكر، و مضر بن معاوية.

و قيل: قال [ابن‏] عباس: نزل القرآن بلغة الكعبيين: كعب قريش و كعب‏

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:259

خزاعة، قيل له: و كيف ذلك؟ قال: كانت دارهم واحدة، قال أبو عبيدة:

يعني أن خزاعة جيران قريش.

و قال صالح بن نضر بن مالك الخزاعي: مرّ بي شعبة بن الحجاج فقال لي:

يا خزاعيّ، ألا أحدثك حديثا في قومك؟ حدثنا قتادة عن أبي الأسود الدّؤليّ قال:

نزل القرآن بلسان الكعبين: كعب بن عمرو، و كعب بن لؤيّ.

و قال قتادة عن [ابن‏] عباس: نزل القرآن بلسان قريش و لسان خزاعة، و ذلك أن الدار واحدة، هي سبع لغات: لقريش لغة، و لليمن لغة، و لجرهم لغة، و لهوازن لغة، و لقضاعة لغة، و لتميم لغة، و لطىّ لغة.

و قيل: هي لغة الكعبين: كعب بن عمرو، و كعب بن لؤيّ و لها سبع لغات.

و قيل: هي اللغات المختلفة لأحياء العرب في معنى الواحد، مثل قولك: هلم، هات، تعال، أقبل، هاهنا، عندي، اعطف عليّ.

و قيل: هي قراءات سبعة من الصحابة هم: أبو بكر، و عمر، و عثمان، و علي، و عبد الله بن مسعود، و عبد الله بن عباس، و أبي بن كعب رضي الله عنهم.

و قيل: هي ما في اللغة مثل: الهمز، و الفتح، و الكسر، و الإمالة، و التفخيم، و المد، و القصر.

و قيل: هي تصريف، و مصادر، و عروض غريب، و سجع، و لغات مختلفة في شي‏ء واحد، كلها لغة العرب.

و قيل: هي كلمة واحدة تعرب بسبعة أوجه حتى يكون المعنى واحدا و إن اختلف اللفظ فيها.

و قيل: هي أمهات الهجاء: الألف، و الباء، و الجيم، و الدال، و الراء، و السين، و العين، لأن عليها يدور جميع كلام العرب.

و قيل: هي أسماء الرب تعالى مثل: الغفور، الرحيم، السميع، البصير، العليم، الحكيم.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:260

و قيل: هي آية في الذات، و آية تفسيرها في آية أخرى، و آية بيانها في السنة الصحيحة، و آية في وصف الأنبياء و الرسل، و آية في خلق الله تعالى الأشياء، و آية في وصف الجنة، و آية في وصف النار.

و قيل: هي آية في وصف الصانع سبحانه، و آية في إثبات الوحدانية للصانع تعالى، و آية في إثبات صفاته، و آية في إثبات رسله، و آية في إثبات كتبه، و آية في إثبات الإسلام، و آية في إثبات الكفر.

و قيل: هي سبع جهات من صفات الذات للَّه تعالى التي لا يقع عليها التكييف.

و قيل: هي إثبات الإيمان باللَّه و مباينة الشرك، و إثبات الأوامر و مجانبة الزواجر و الثبات على الإيمان، و تحريم ما حرّم الله، و طاعة رسوله.

و قيل: هي إظهار الربوبية و إثبات الوحدانية، و تعظيم الألوهية، و التعبد للَّه تعالى، و مجانبة الشرك بغير الله، و الترغيب في الثواب، و الترهيب من العقاب.

و قد ذكر هذه الأقوال كلها- ما عدا القول الأول- أبو حاتم محمد بن حبان البستي، ثم قال: هذه آخر خمسة و ثلاثين قولا لأهل العلم و اللغة في معنى قوله صلّى الله عليه و سلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف»، و هي أقاويل يشبه بعضها بعضا و هي كلها محتملة و تحتمل غيرها.

قال: و الّذي عندي أن لقوله: أنزل القرآن على سبعة أحرف معنيين:

أحدهما: علم القراءات للقرآن، و الآخر: علم تأويله بصحة البيان، فأما المعنى الّذي هو وجه [القراءات‏] [1] للقرآن: فإنه يؤدي إلى سبعة أحرف على ما قاله المصطفى صلّى الله عليه و سلم:

أولها: التأنيث و التذكير: مثل قوله: لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ 2: 48 [2]، و لا تقبل منها، و لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ 33: 52 [3]، و لا تحل لك.

و ثانيها: الجمع و الوحدان: كقوله: وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها 66: 12

__________________________________________________

[1] زيادة للسياق و البيان.

[2] البقرة: 48.

[3] الأحزاب: 52.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:261

و كتبه [1]، و و كتابه، و كقوله: وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ 70: 32 [2]، و شهادتهم [3]، و ما أشبه ذلك.

و ثالثها: الخفض و الرفع: مثل قوله تعالى: في لَوْحٍ مَحْفُوظٍ 85: 22 [4]، محفوظ، و هَلْ من خالِقٍ غَيْرُ الله 35: 3 [5]، و غير الله، و ما أشبه ذلك.

و رابعها: الأدوات و الآلات، مثل النون إذا شددتها، و الألف إذا كسرتها أو فتحتها و نصبت ما بعدها، مثل قوله تعالى: وَ لكِنَّ الْبِرَّ من اتَّقى‏ 2: 189 [6]، وَ لكِنَّ الله رَمى‏ 8: 17 [7]، و ما أشبه ذلك.

و خامسها: الإعراب و التصريف: كقوله: يَعْرِشُونَ 7: 137 [8]، و يَعْرِشُونَ 7: 137، و يَعْكُفُونَ 7: 138 [9]، و يَعْكُفُونَ 7: 138، و ما أشبه ذلك.

و سادسها: تغيير اللفظ و اللفظ: كقوله تعالى: نُنْشِزُها 2: 259 [10]، و نُنْشِزُها 2: 259 (بالراي و الزاي)، و ما أشبه ذلك.

و سابعها: ما يدخل في اللفظ و حورته اللغة، مثل القصر و المد، و التفخيم و الإمالة، و الكسر و الفتح، لأن هذه الأشياء عليها يدور جوامع كلام العرب، و هذا المعنى الّذي ذكرناه هو وجه القراءات للقرآن، أعني قوله صلّى الله عليه و سلم أنزل القرآن على سبعة أحرف. و قال أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل عبد الله المرسي، في كتاب (ري الظمآن): و هذه الوجوه أكثرها متداخلة، و لا أدري مسندها و لا عمّن نقلت، و لا أدري لم خص كل واحد منهم هذه الأحرف السبعة بما ذكر، مع أن كلها موجود في القرآن، و لا أدري معنى التخصيص، و فيها أشياء لا أفهم معناها على‏

__________________________________________________

[1] التحريم: 12.

[2] المعارج: 32.

[3] المعارج: 33.

[4] البروج: 22.

[5] فاطر: 3.

[6] البقرة: 189.

[7] الأنفال: 17.

[8] الأعراف: 137، النحل: 68.

[9] الأعراف: 138.

[10] البقرة: 259.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:262

الحقيقة، و أكثرها يعارضها حديث عمر رضي الله عنه، فذكره ثم قال: و هذا يقتضي أن الحروف السبعة ليس كما ذكروا: زاجر، و آمر، و حلال و حرام، و محكم، و متشابه، [و كذلك‏] [1] أكثر الوجوه التي ذكروها في معنى: أنزل القرآن على سبعة أحرف.

و هذا لا يقتضي أن يخالف بعضهم بعضا فيه، لأن الخلاف لا يتصوّر فيه، فإنّهم يقرءون ما في القرآن من هذه الوجوه و هي لا [تختلف‏] [1]، فكيف يخالف بعضهم بعضا؟ هذا لا أدري معناه.

و قال أبو عمر بن عبد البر: و قد اختلف الناس في معنى هذا الحديث اختلافا كثيرا، فقال الخليل بن أحمد: معنى قوله: سبعة أحرف: سبع قراءات، و الحرف هاهنا القراءة.

و قال غيره: هي سبعة، إنما كل نحو منها جزء، و من أجزاء القرآن خلاف [كثير في‏] [2] غيرها، و قد ذهبوا إلى أن كل حرف منها هو صنف من الأصناف، نحو قول الله عز و جل: وَ من النَّاسِ من يَعْبُدُ الله عَلى‏ حَرْفٍ 22: 11 [3]، و كان معنى الحرف الّذي يعبد الله عليه هو صنف من الأصناف، و نوع من الأنواع التي يعبد الله عليها، فمنها ما هو محمود عنده تبارك و تعالى، و منها ما هو خلاف ذلك، فذهب هؤلاء في قول رسول الله صلّى الله عليه و سلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف، إلى أنها سبعة أنحاء و أصناف منها: زاجر، و آمر، و منها حلال، و منها حرام، و منها محكم، و منها متشابه، و منها أمثال.

و احتجوا بحديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلّى الله عليه و سلم قال: كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على وجه واحد، و نزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أوجه: زاجر، و آمر، و حلال، و حرام، و محكم، و متشابه، و أمثال، فأحلوا حلاله، و حرموا

__________________________________________________

[1] زيادة للسياق و البيان.

[2] ما بين الحاصرتين غير واضح في «خ»، و لعلّ الصواب ما أثبتناه.

[3] الحج: 11.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:263

حرامه، و اعتبروا بأمثاله، و آمنوا بمتشابهه، و قولوا: آمَنَّا به كُلٌّ من عِنْدِ رَبِّنا 3: 7 [1]. و هذا حديث لا يثبت لأنه يرويه حيوة بن شريح، عن عقيل بن خالد عن سلمة هكذا، و يرويه الليث عن عقيل، عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه و سلم مرسلا، و أبو سلمة لم يلق ابن مسعود، و ابنه سلمة ليس ممن يحتج به، و هذا الحديث [مجمع‏] [2] على ضعفه من جهة إسناده، و قد رده قوم من أهل النظر، منهم: أحمد بن أبي عمران قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد، لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه، لأنه يجوز أن تكون القراءة تقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. ذكره الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران، سمعه منه، و هو كما قال ابن أبي عمران.

قال: و احتج ابن أبي عمران بحديث أبيّ بن كعب، أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلّى الله عليه و سلم فقال: اقرأ على حرف فاستزاده حتى بلغ سبعة أحرف، الحديث.

و قال قوم: هي سبع لغات في القرآن مفرقات على لغات العرب كلها، يمنها و برارها، لأن رسول الله صلّى الله عليه و سلم لم يجهل شيئا منها، و كان قد أوتي جوامع الكلم، و إلى هذا ذهب أبو عبيد في تأويل هذا الحديث.

قال: ليس معناه أن يقرأ الحرف على سبعة أوجه، هذا معنى غير موجود، و لكنه عندنا أنه نزل على سبع لغات مفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف منها بلغة قبيلة أخرى سوى الأولى، و الثالثة سواهما، كذلك إلى السبعة.

قال: و بعض الأحياء أسعد بها، و أكثر حظا فيها من بعض، و ذكر حديث ابن شهاب عن أنس، أن عثمان رضي الله عنه قال لهم حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف: ما اختلفتم فيه أنتم و زيد فاكتبوه بلسان قريش فإنه نزل بلسانهم. و ذكر

__________________________________________________

[1] آل عمران: 7.

[2] زيادة للسياق.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:264

حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن بلغة الكعبين: كعب قريش و كعب خزاعة جيران قريش فأخذوا بلغتهم، و ذكر أخبارا قد ذكرنا أكثرها في هذا الباب.

و قال آخرون: هذه اللغات كلها السبعة، إنما تكون لمضر، و احتجوا بقوله:

نزل القرآن بلسان مضر، و قالوا: جائز أن يكون منها لقريش، و منها لكنانة، و منها لأسد، و منها لهذيل، و منها لتميم، و منها لطيّئ، و منها لقيس، فهذه قبائل مضر تستوعب سبع لغات على هذه المراتب.

و قد روى عن ابن مسعود أنه كان يحب الذين يكتبون المصاحف من مضر، و أنكر آخرون أن تكون كلها في مضر، و قالوا: مضر شواذ لا يجوز أن يقرأ القرآن عليها، مثل كشكشة قيس، و عنعنة تميم، فأما كشكشة قيس: فإنّهم يجعلون كاف المؤنث شيئا، فيقولون في [قوله تعالى‏] [1]: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا 19: 24 [2]، قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا 19: 24، و أما عنعنة تميم: فيقولون في أن:

عن، فيقرءون في قوله تعالى: [فَعَسَى الله أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ 5: 52] [3]، فَعَسَى الله أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ 5: 52، و بعضهم يبدل السين تاءا، فيقول في الناس: النات، و في أكياس: أكيات، و هذه لغات يرغب بالقرآن عنها، و لا يحفظ عن السلف شي‏ء منها.

و قال آخرون: أما بدل الهمزة عينا، و بدل حروف الحلق [4] بعضها من بعض، فمشهور عن الفصحاء، و قد فسروا به [العنعنة] [5]، و احتجوا بقراءة ابن مسعود: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ 12: 35 [6]، و بقول ذي الرمة:

فعيناك عيناها و جيدك جيدها و لونك إلا عنّها غير طائل‏

يريد «إلا أنها».

__________________________________________________

[1] زيادة للبيان و السياق.

[2] مريم: 24.

[3] المائدة: 52.

[4] حروف الحلق سبعة يجمعها قول الناظم:

همز فهاء ثم عين حاء مهملتين ثم غين خاء






[5] هذه الكلمة غير واضحة في (خ)، و لعل الصواب ما أثبتناه.

[6] يوسف: 35.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:265

و ذكر من طريق أبي داود حديث هيثم عن عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب الأنصاري، عن أبيه عن جده: أنه كان عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقرأ رجل بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ 12: 35، فقال عمر: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها ابن مسعود، فقال له عمر. حتى حين، و كتب إلى ابن مسعود: أما بعد، فإن الله أنزل القرآن بلسان قريش، فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش، و لا تقرئهم بلغة هذيل. و السلام.

قال ابن عبد البر: و يحتمل أن يكون هذا من عمر رضي الله عنه على سبيل الاختيار، لأن ما قرأ به ابن مسعود لا يجوز أن يمنع منه، و إذا أبيح لنا قراءته على كل ما أنزل فجائز الاختيار فيما أنزل. و الله أعلم.

و قد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه مثل قول عمر هذا، أن القرآن نزل بلغة قريش بخلاف الرواية الأولى، و هذا أثبت عنه لأنه من رواية ثقات المدينة، و ذكر حديث ابن شهاب عن أنس، أن حذيفة قدم على عثمان، و قول عثمان رضي الله عنه: فإن اختلفتم و زيد بن ثابت في شي‏ء من القرآن فاكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم.

و قال القاضي أبو بكر بن الطيب: معنى قول عثمان: فإنه نزل بلغة قريش، يريد معظمة و أكثره، و لم تقم دلالة قاطعة على أن القرآن بأسره نزل بلغة قريش فقط، إذ فيه كلمات و حروف بخلاف لغة قريش، و قد قال تعالى: جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا 43: 3 [1]، و لم يقل قرشيا، و هذا يدل على أنه منزل بجميع لسان العرب، و ليس لأحد أن يقول: أنه أراد قريشا من العرب دون غيرها، كما أنه ليس له أن يقول: أراد لغة عدنان دون قحطان، أو ربيعة دون مضر، لأن اسم العرب يتناول جميع هذه القبائل تناولا واحدا.

و قال ابن عبد البر: قول من قال: إن القرآن نزل بلغة قريش، معناه عندي الأغلب، و الله أعلم، لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القرآن من تحقيق‏

__________________________________________________

[1] الزخرف: 3.

إمتاع‏الأسماع،ج‏4،ص:266

الهمزات و نحوها، و قريش لا تهمز.

و قد روى الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف، صار في عجز هوازن منها خمسة، قال أبو حاتم: عجز هوازن: ثقيف، و بنو سعد بن بكر، و بنو جثم، و بنو نضر بن معاوية. قال أبو حاتم: خصّ هؤلاء دون ربيعة و سائر العرب لقرب جوارهم من مولد النبي صلّى الله عليه و سلم و منزل الوحي، و إنما مضر و ربيعة أخوان.

قال: و أحب الألفاظ و اللغات إلينا أن نقرأ بها لغات قريش، أدناهم من بطون مضر. قال ابن عبد البر: هو حديث لا يثبت من جهة النقل، و قد روى عن سعيد بن المسيب أنه قال: أنزل القرآن على لغة




تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (16/ 452)
20410- حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا القاسم قال: حدثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن الخريت= أو يعلى بن حكيم=، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها:"أفلم يتبين الذين آمنوا"؛ قال: كتب الكاتب الأخرى وهو ناعس. (3)
__________
(3) الأثر: 20410 -" أحمد بن يوسف التغلبي الأحول"، شيخ أبي جعفر الطبري، هو صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، مشهور بصحبته، ثقة مأمون، مضى مرارا آخرها رقم: 12994 وهو الذي أخذ عنه أبو جعفر الطبري كتب أبي عبيد القاسم بن سلام.
و" القاسم"، هو" القاسم بن سلام"،" أبو عبيد"، الفقيه القاضي، صاحب التصانيف المشهورة، كان إمام دهره في جميع العلوم، وهو صاحب سنة، ثقة مأمون، وثناء الأئمة عليه ثناء لا يدرك.
و" يزيد"، هو" يزيد بن هرون السلمي"، وهو أحد الحفاظ الثقات الأثبات المشاهير، روى له الجماعة، مضى مرارا آخرها رقم: 10484.
و" جرير" هو" جرير بن حازم الأزدي"، ثقة حافظ، روى له الجماعة، مضى مرارا آخرها رقم: 14157.
و" الزبير بن الخريت". ثقة، روى له الجماعة سوى النسائي، مضى برقم: 4985، 11693، وكان في المطبوعة:" الزبير بن الحارث"، غير ما في المخطوطة مجازفة.
و" يعلي بن حكيم"، ثقة، روى له الجماعة سوى الترمذي، مضى برقم: 12748.
فهذا خبر رجاله ثقات، بل كل رجاله رجال الصحيحين، سوى أبي عبيد القاسم بن سلام، وهو أمام ثقة صدوق، فإسناده صحيح، لا مطعن فيه - ومع صحة إسناده لم أجد أحدا من أصحاب الدواوين الكبار، كأحمد في مسنده، أو الحاكم في المستدرك، ولا أحدا ممن نقل عن الدواوين الكبار، كالهيثمي في مجمع الزوائد، أخرج هذا الخبر أو أشار إلى هذه القراءة عن ابن عباس، أو علي بن أبي طالب، كما جاء في الخبر الذي قبله رقم: 20408، بل أعجب من ذلك أن ابن كثير، وهو المتعقب أحاديث أبي جعفر في التفسير، لما بلغ تفسير هذه الآية، لم يفعل سوى أن أشار إلى قراءة ابن عباس، وأغفل هذا الخبر إغفالا على غير عادته، وأكبر ظني أن ابن كثير عرف صحة إسناده، ولكنه أنكر ظاهر معناه إنكارا حمله على السكوت عنه، وكان خليقا أن يذكره ويصفه بالغرابة أو النكارة، ولكنه لم يفعل، لأنه فيما أظن قد تحير في صحة إسناده، مع نكارة ما يدل عليه ظاهر لفظه. وزاد هذا الظاهر نكارة عنده، ما قاله المفسرون قبله في هذا الخبر عن ابن عباس، حين رووه غير مسند بألفاظ غير هذه الألفاظ.
فلما رأيت ذلك من فعل ابن كثير وغيره، تتبعت ما نقله الناقلون من ألفاظ الخبر، فوجدت بين ألفاظ الخبر التي رويت غير مسندة، وبين لفظ أبي جعفر المسند، فرقا يلوح علانية، وألفاظهم هذه هي التي دعت كثيرا من الأئمة يقولون في الخبر مقالة سيئة، بلغت مبلغ الطعن في قائله بأنه زنديق ملحد! ونعم، فإنه لحق ما قالوه في الخبر الذي رووه بألفاظهم، أما لفظ أبي جعفر هذا، وإن كان ظاهره مشكلا، فإن دراسته على الوجه الذي ينبغي أن يدرس به، تزيل عنه قتام المعنى الفاسد الذي يبتدر المرء عند أول تلاوته.
فلما شرعت في دراسته من جميع وجوه الدراسة، انفتح لي باب عظيم من القول في هذا الخبر وأشباهه، من مثل قول عائشة أم المؤمنين:" يا ابن أخي، أخطأ الكاتب"، أي ما كتب في المصحف الإمام، ومعاذ الله أن يكون ذلك ظاهر لفظ حديثها. وهذان الخبران وأشباه لهما يتخذهما المستشرقون وبطانتهم ممن ينتسبون إلى أهل الإسلام، مدرجة للطعن في القرآن. أو تسويلا للتلبيس على من لا علم عنده بتنزيل القرآن العظيم، فاقتضاني الأمر أن أكتب رسالة جامعة في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" أنزل القرآن على سبعة أحرف"، وكيف كانت هذه الأحرف السبعة وما الذي بقي عندنا منها، وانتهيت إلى أنها بحمد الله باقية بجميعها في قراءات القرأة، وفي شاذ القراءة، وفي رواية الحروف، لا كما ذهب إليه أبو جعفر الطبري في مقدمة تفسيره (1: 55 - 59) ، ومن ذهب في ذلك مذهبه. ثم بينت ما كان من أمر كتابة المصحف على عهد أبي بكر، ثم كتابة المصحف الإمام على عهد عثمان رضي الله عنهما، وجعلت ذلك بيانا شافيا كافيا بإذن الله. وكنت على نية جعل هذه الرسالة مقدمة للجزء السادس عشر من تفسير أبي جعفر ولكنها طالت حتى بلغت أن تكون كتابا، فآثرت أن أفردها كتابا يطبع على حدته إن شاء الله.



شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (2/ 620)
وذكر عن ابن القاسم أنه قال: أرى أن على الإمام أن يمنع من يبيع مصحف ابن مسعود، وأن يضرب من قرأ به، ويمنعه.
وقد قال مالك: من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود، أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه.
وعلماء المسلمين مجمعون على ذلك، إلا قوماً شذوا، لا يعرج عليهم.
وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد بن ثابت الذي جمع عليه عثمان - رضي الله عنه - المصحف.
وذكر بسنده إلى أبي الطاهر، قال: سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين، والعراقيين، هل تدخل في السبعة الأحرف؟ فقال: لا. وإنما السبعة الأحرف كقولهم: هلم، أقبل، تعال، أي ذلك قلت أجزأك.
قال أبو طاهر: وقاله ابن وهب.
قال أبو بكر محمد بن عبد الله الأصبهاني المقرئ: معنى قول سفيان هذا أن اختلاف العراقيين، والمدنيين، حرف واحد، من الأحرف السبعة، وبه قال محمد بن جرير الطبري.
وقال أبو جعفر الطحاوي: كانت هذه السبعة للناس في الحروف؛ لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها؛ لأنهم أميين، لا يكتبون إلا القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له، إلا بمشقة عظيمة، فوسع لهم في اختلاف الألفاظ، إذا كان المعنى متفقاً، فكانوا كذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأوا بذلك على تحفظ ألفاظه، فلم يسعهم حينئذ أن يقرأوا بخلافها.
وبان بما ذكرناه أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد)) (1) .
فإن قيل: هذه الأحرف أنزلها الله، وعلمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحابة، فثبتت لديهم من كلام الله، وتركها وعدم الاعتناء بها وحفظها ونقلها يكون تفريطاً من الأمة بما كلفت بحفظه.
قيل: الأمر كذلك أن الله أنزلها قرآناً، والرسول - صلى الله عليه وسلم - علمها الصحابة، وحفظهم إياها، ولكن الأمة لم تفرط بحفظها، ولم تضيع ما كلفت به، وإنما جعل الأمر إليها، فخيرت في قراءة القرآن بأي حرف من الأحرف السبعة شاءت، مثل تخييرها في كفارة اليمين بين ثلاثة الأشياء، المذكورة في الآية، إما عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فلو أجمعوا على التكفير بواحدة من الثلاث دون حصر التكفير بأي واحدة من الثلاث شاء المكفر لكان ذلك صواباً، مؤدياً للواجب من حق الله - تعالى -. فكذلك مسألة الأحرف السبعة، فإن الله خيرهم فيها توسعة لهم وتسهيلاً عليهم، فإذا رأت الأمة الاقتصار على حرف واحد، من الأحرف السبعة؛ لأمر أوجب ذلك، من خوف الاختلاف، والكفر الذي قد يكون من بعضهم لبعض بسبب القراءة بالأحرف السبعة، كان الصواب - بل الواجب - هو الاقتصار على حرف واحد منها، مع أمن الاختلاف، والتفرق. وهذا ما أدركه الخليفة الثالث، ووافقه عليه أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكان فيه الخير، والرشد، والهدى، وقد أوضح ذلك الإمام ابن جرير في مقدمة التفسير (2) .
ومقصد البخاري: قوله: {فَاقرَءُواْ مَا تَيَسَرَ مِنهُ} فأسند القراءة إليهم، مما يدل على أنها فعلهم، ولما فيها من وصف التيسير، فإنهم يختلفون في ذلك، فمنهم من ييسر له أكثر مما ييسر لغيره، ولما فيه من اختلاف قراءتهم، فكل واحد منهم قرأ بغير قراءة الآخر، فالاختلاف وصف لقراءتهم، لا للقرآن، وهذا كله يدل على أن ذلك فعلهم، وهو المقصود.





إمتاع الأسماع (4/ 270)
طَعامُ الْأَثِيمِ [ (1) ] ، فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فقال له عبد اللَّه بن مسعود: طعام الفاجر، فقلت لمالك: أترى أن تقرأ كذلك؟ قال: نعم أرى ذلك واسعا.
قال ابن عبد البر: معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة، وإنما ذكرنا ذلك عن مالك تفسيرا لمعنى الحديث، وإنما لم تجز القراءة في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان رضي اللَّه عنه لا يقطع عليه، وإنما يجري مجرى السنن التي نقلها الآحاد، لا يقدم أحد على القطع في رده.
وقد روى عيسى عن ابن القاسم في المصحف بقراءة ابن مسعود قال: أرى أن يمنع الإمام من تبعه، ويضرب من قرأ به، ويمنع من ذلك. وقد قال مالك:
إن من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود وغيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصلّ وراءه، وعلماء المسلمين مجمعون على ذلك، إلا قوما شذوا لا [يتابع] [ (2) ] عليهم، منهم: الأعمش سليمان بن بهزان. وهذا كله يدلك على أن السبعة الأحرف التي أشير إليها في الحديث ليس بأيدي الناس منها إلا حرف زيد ابن ثابت الّذي جمع عليه عثمان المصاحف.
وذكر من حديث محمد بن عبد اللَّه الأصبهاني المقرئ، حدثنا أبو علي الحسن ابن صافي الصفّار، أن عبد اللَّه بن سليمان قال: حدثنا أبو الظاهر قال: سألت سفيان بن عيينة عن الاختلاف في قراءة المدنيين والعراقيين، هل تدخل في السبعة الأحرف فقال: لا، وإنما السبعة الأحرف: كقولهم: أقبل، تعال، أي ذلك قلت أجزأك، قال أبو الطاهر: وقاله ابن وهب.
قال أبو بكر بن عبد اللَّه الأصبهاني المقرئ: ومعنى سفيان هذا: إن اختلاف العراقيين والمدنيين راجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة، وبه قال محمد بن جرير الطبري. وقال أبو جعفر الطحاوي: كانت هذه السبعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القراءة على غيرها، لأنهم كانوا أميين لا يكتبون إلا القليل منهم،
__________
[ (1) ] الدخان: 43.
[ (2) ] زيادة للسياق والبيان.























النشر في القراءات العشر (1/ 26)
ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله علي بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله، وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها، وذلك إما في الحركات بلا تغيير في المعنى والصورة: نحو (البخل) بأربعة (ويحسب) بوجهين، أو بتغير في المعنى فقط نحو فتلقى آدم من ربه كلمات، وادكر بعد أمة، و (أمه) ، وإما في الحروف بتغير المعنى لا الصورة نحو (تبلوا وتتلوا) و (ننحيك ببدنك لتكون لمن خلفك) وننجيك ببدنك، أو عكس ذلك نحو (بصطة وبسطة) و (الصراط والسراط) ، أو بتغيرهما نحو (أشد منكم، ومنهم) و (يأتل ويتأل) و (فامضوا إلى ذكر الله) ، وإما في التقديم والتأخير نحو (فيقتلون ويقتلون) (وجاءت سكرت الحق بالموت) ، أو في الزيادة والنقصان نحو (وأوصى ووصى) و (الذكر والأنثى) فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها، وأما نحو اختلاف الإظهار، والإدغام، والروم، والإشمام، والتفخيم، والترقيق، والمد، والقصر، والإمالة، والفتح، والتحقيق، والتسهيل، والإبدال، والنقل مما يعبر








مجموع الفتاوى (13/ 389)
وسئل:
عن قول النبي صلى الله عليه وسلم " {أنزل القرآن على سبعة أحرف} " ما المراد بهذه السبعة؟ وهل هذه القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم وغيرهما هي الأحرف السبعة أو واحد منها؟ وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟ وهل تجوز القراءة برواية الأعمش وابن محيصن وغيرهما من القراءات الشاذة أم لا؟ وإذا جازت القراءة بها فهل تجوز الصلاة بها أم لا؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، هذه " مسألة كبيرة " قد تكلم فيها أصناف العلماء من الفقهاء والقراء وأهل الحديث والتفسير والكلام وشرح الغريب وغيرهم حتى صنف فيها التصنيف المفرد ومن آخر ما أفرد في ذلك ما صنفه الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعي المعروف بأبي شامة صاحب " شرح الشاطبية ".
فأما ذكر أقاويل الناس وأدلتهم وتقرير الحق فيها مبسوطا فيحتاج من ذكر الأحاديث الواردة في ذلك وذكر ألفاظها وسائر الأدلة إلى ما لا يتسع له هذا المكان ولا يليق بمثل هذا الجواب؛ ولكن نذكر النكت الجامعة التي تنبه على المقصود بالجواب. فنقول: لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن " الأحرف السبعة " التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي " قراءات القراء السبعة المشهورة " بل أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين والعراقين والشام؛ إذ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة من القرآن وتفسيره والحديث والفقه من الأعمال الباطنة والظاهرة وسائر العلوم الدينية فلما أراد ذلك جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار؛ ليكون ذلك موافقا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن لا لاعتقاده أو اعتقاد غيره من العلماء أن القراءات السبعة هي الحروف السبعة أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءتهم. ولهذا قال من قال من أئمة القراء: لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي إمام جامع البصرة وإمام قراء البصرة في زمانه في رأس المائتين.
ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده؛ بل قد يكون معناها متفقا أو متقاربا كما قال عبد الله بن مسعود: إنما هو كقول أحدكم أقبل وهلم وتعال. وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر؛ لكن كلا المعنيين حق وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديث: {أنزل القرآن على سبعة أحرف إن قلت: غفورا رحيما أو قلت: عزيزا حكيما فالله كذلك ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة} ". وهذا كما في القراءات المشهورة (ربنا باعد) (وباعد) ، {إلا أن يخافا ألا يقيما} . و (إلا أن يخافا ألا يقيما) (وإن كان مكرهم لتزول) . (وليزول منه الجبال) و (بل عجبت) . (وبل عجبت) ونحو ذلك. ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقا من وجه متباينا من وجه كقوله: (يخدعون ويخادعون (ويكذبون ويكذبون (ولمستم ولامستم) و (حتى يطهرن) (ويطهرن) ونحو ذلك فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض بل كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله. وأما ما اتحد لفظه ومعناه وإنما يتنوع صفة النطق به كالهمزات والمدات والإمالات ونقل الحركات والإظهار والإدغام والاختلاس وترقيق اللامات والراءات: أو تغليظها ونحو ذلك مما يسمى القراءات الأصول فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ أو المعنى؛ إذ هذه الصفات المتنوعة في أداء اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظا واحدا ولا يعد ذلك فيما اختلف لفظه واتحد معناه أو اختلف معناه من المترادف ونحوه ولهذا كان دخول هذا في حرف واحد من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها من أولى ما يتنوع فيه اللفظ أو المعنى وإن وافق رسم المصحف وهو ما يختلف فيه النقط أو الشكل. ولذلك لم يتنازع علماء الإسلام المتبوعين من السلف والأئمة في أنه لا يتعين أن يقرأ بهذه القراءات المعينة في جميع أمصار المسلمين؛ بل من ثبت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي ونحوهما كما ثبت عنده قراءة حمزة والكسائي فله أن يقرأ بها بلا نزاع بين العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الإجماع والخلاف؛ بل أكثر العلماء الأئمة الذين أدركوا قراءة حمزة كسفيان بن عيينة وأحمد بن حنبل وبشر بن الحارث وغيرهم يختارون قراءة أبي جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح المدنيين وقراءة البصريين كشيوخ يعقوب بن إسحاق وغيرهم على قراء حمزة والكسائي. وللعلماء الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف عند العلماء؛ ولهذا كان أئمة أهل العراق الذين ثبتت عندهم قراءات العشرة أو الأحد عشر كثبوت هذه السبعة يجمعون ذلك في الكتب ويقرءونه في الصلاة وخارج الصلاة وذلك متفق عليه بين العلماء لم ينكره أحد منهم. وأما الذي ذكره القاضي عياض ومن نقل من كلامه من الإنكار على ابن شنبوذ الذي كان يقرأ بالشواذ في الصلاة في أثناء المائة الرابعة وجرت له قصة مشهورة فإنما كان ذلك في القراءات الشاذة الخارجة عن المصحف كما سنبينه. ولم ينكر أحد من العلماء قراءة العشرة ولكن من لم يكن عالما بها أو لم تثبت عنده كمن يكون في بلد من بلاد الإسلام بالمغرب أو غيره ولم يتصل به بعض هذه القراءات فليس له أن يقرأ بما لا يعلمه فإن القراءة كما قال زيد بن ثابت سنة يأخذها الآخر عن الأول كما أن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنواع الاستفتاحات في الصلاة ومن أنواع صفة الأذان والإقامة وصفة صلاة الخوف وغير ذلك كله حسن يشرع العمل به لمن علمه وأما من علم نوعا ولم يعلم غيره فليس له أن يعدل عما علمه إلى ما لم يعلمه وليس له أن ينكر على من علم ما لم يعلمه من ذلك ولا أن يخالفه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا} ".
وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى) كما قد ثبت ذلك في الصحيحين. ومثل قراءة عبد الله (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) وكقراءته: (إن كانت إلا زقية واحدة) ونحو ذلك. فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟ على قولين للعلماء هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد وروايتان عن مالك. " إحداهما " يجوز ذلك لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بهذه الحروف في الصلاة. " والثانية " لا يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء؛ لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة فإنه قد ثبت في الصحاح {عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره} وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره. وهذا النزاع لا بد أن يبنى على الأصل الذي سأل عنه السائل وهو أن القراءات السبعة هل هي حرف من الحروف السبعة أم لا؟ فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة أنها حرف من الحروف السبعة؛ بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول. وذهب طوائف من الفقهاء والقراء وأهل الكلام إلى أن هذا المصحف مشتمل على الأحرف السبعة وقرر ذلك طوائف من أهل الكلام كالقاضي أبي بكر الباقلاني وغيره؛ بناء على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة وقد اتفقوا على نقل هذا المصحف الإمام العثماني وترك ما سواه حيث أمر عثمان بنقل القرآن من الصحف التي كان أبو بكر وعمر كتبا القرآن فيها ثم أرسل عثمان بمشاورة الصحابة إلى كل مصر من أمصار المسلمين بمصحف وأمر بترك ما سوى ذلك. قال هؤلاء: ولا يجوز أن ينهى عن القراءة ببعض الأحرف السبعة. ومن نصر قول الأولين يجيب تارة بما ذكر محمد بن جرير وغيره من أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجبا على الأمة وإنما كان جائزا لهم مرخصا لهم فيه وقد جعل إليهم الاختيار في أي حرف اختاروه كما أن ترتيب السور لم يكن واجبا عليهم منصوصا؛ بل مفوضا إلى اجتهادهم؛ ولهذا كان ترتيب مصحف عبد الله على غير ترتيب مصحف زيد وكذلك مصحف غيره.
وأما ترتيب آيات السور فهو منزل منصوص عليه فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة لأن ترتيب الآيات مأمور به نصا وأما ترتيب السور فمفوض إلى اجتهادهم. قالوا: فكذلك الأحرف السبعة فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور. ومن هؤلاء من يقول بأن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام؛ لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أرفق بهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الآخرة. ويقولون: إنه نسخ ما سوى ذلك. وهؤلاء يوافق قولهم قول من يقول: إن حروف أبي بن كعب وابن مسعود وغيرهما مما يخالف رسم هذا المصحف منسوخة.
وأما من قال عن ابن مسعود: أنه كان يجوز القراءة بالمعنى فقد كذب عليه وإنما قال: قد نظرت إلى القراء فرأيت قراءتهم متقاربة وإنما هو كقول أحدكم: أقبل وهلم وتعال فاقرؤوا كما علمتم أو كما قال. ثم من جوز القراءة بما يخرج عن المصحف مما ثبت عن الصحابة قال يجوز ذلك؛ لأنه من الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها ومن لم يجوزه فله ثلاثة مآخذ: تارة يقول ليس هو من الحروف السبعة وتارة يقول: هو من الحروف المنسوخة وتارة يقول: هو مما انعقد إجماع الصحابة على الإعراض عنه وتارة يقول: لم ينقل إلينا نقلا يثبت بمثله القرآن. وهذا هو الفرق بين المتقدمين والمتأخرين. ولهذا كان في المسألة " قول ثالث " وهو اختيار جدي أبي البركات أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة - وهي الفاتحة عند القدرة عليها - لم تصح صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة لعدم ثبوت القرآن بذلك وإن قرأ بها فيما لا يجب لم تبطل صلاته؛ لأنه لم يتيقن أنه أتى في الصلاة بمبطل لجواز أن يكون ذلك من الحروف السبعة التي أنزل عليها. وهذا القول ينبني على " أصل " وهو أن ما لم يثبت كونه من الحروف السبعة فهل يجب القطع بكونه ليس منها؟ فالذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب القطع بذلك إذ ليس ذلك مما أوجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيا. وذهب فريق من أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه حتى قطع بعض هؤلاء - كالقاضي أبي بكر - بخطأ الشافعي وغيره ممن أثبت البسملة آية من القرآن في غير سورة النمل لزعمهم أن ما كان من موارد الاجتهاد في القرآن فإنه يجب القطع بنفيه والصواب القطع بخطأ هؤلاء وأن البسملة آية من كتاب الله حيث كتبها الصحابة في المصحف إذ لم يكتبوا فيه إلا القرآن وجردوه عما ليس منه كالتخميس والتعشير وأسماء السور؛ ولكن مع ذلك لا يقال هي من السورة التي بعدها كما أنها ليست من السورة التي قبلها؛ بل هي كما كتبت آية أنزلها الله في أول كل سورة وإن لم تكن من السورة وهذا أعدل الأقوال الثلاثة في هذه المسألة. وسواء قيل بالقطع في النفي أو الإثبات فذلك لا يمنع كونها من موارد الاجتهاد التي لا تكفير ولا تفسيق فيها للنافي ولا للمثبت؛ بل قد يقال ما قاله طائفة من العلماء: إن كل واحد من القولين حق وإنها آية من القرآن في بعض القراءات وهي قراءة الذين يفصلون بها بين السورتين وليست آية في بعض القراءات؛ وهي قراءة الذين يصلون ولا يفصلون بها بين السورتين.
وأما قول السائل: ما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟ فهذا مرجعه إلى النقل واللغة العربية لتسويغ الشارع لهم القراءة بذلك كله إذ ليس لأحد أن يقرأ قراءة بمجرد رأيه؛ بل القراءة سنة متبعة وهم إذا اتفقوا على اتباع القرآن المكتوب في المصحف الإمامي وقد قرأ بعضهم بالياء وبعضهم بالتاء لم يكن واحد منهما خارجا عن المصحف. ومما يوضح ذلك أنهم يتفقون في بعض المواضع على ياء أو تاء ويتنوعون في بعض كما اتفقوا في قوله تعالى {وما الله بغافل عما يعملون} في موضع وتنوعوا في موضعين وقد بينا أن القراءتين كالآيتين فزيادة القراءات كزيادة الآيات؛ لكن إذا كان الخط واحدا واللفظ محتملا كان ذلك أخصر في الرسم. والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {إن ربي قال لي أن قم في قريش فأنذرهم. فقلت: أي رب إذا يثلغوا رأسي - أي يشدخوا - فقال: إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظانا فابعث جندا أبعث مثليهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق أنفق عليك} " فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء؛ بل يقرؤه في كل حال كما جاء في نعت أمته: " أناجيلهم في صدورهم " بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب. وقد ثبت في الصحيح أنه جمع القرآن كله على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة كالأربعة الذين من الأنصار وكعبد الله بن عمرو فتبين بما ذكرناه أن القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم ليست هي الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها وذلك باتفاق علماء السلف والخلف. وكذلك ليست هذه القراءات السبعة هي مجموع حرف واحد من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها باتفاق العلماء المعتبرين؛ بل القراءات الثابتة عن أئمة القراء - كالأعمش ويعقوب وخلف وأبي جعفر يزيد بن القعقاع وشيبة بن نصاح ونحوهم - هي بمنزلة القراءات الثابتة عن هؤلاء السبعة عند من ثبت ذلك عنده كما ثبت ذلك. وهذا أيضا مما لم يتنازع فيه الأئمة المتبوعون من أئمة الفقهاء والقراء وغيرهم وإنما تنازع الناس من الخلف في المصحف العثماني الإمام الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان والأمة بعدهم هل هو بما فيه من القراءات السبعة وتمام العشرة وغير ذلك هل هو حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها؟ أو هو مجموع الأحرف السبعة على قولين مشهورين. والأول قول أئمة السلف والعلماء والثاني قول طوائف من أهل الكلام والقراء وغيرهم وهم متفقون على أن الأحرف السبعة لا يخالف بعضها بعضا خلافا يتضاد فيه المعنى ويتناقض؛ بل يصدق بعضها بعضا كما تصدق الآيات بعضها بعضا.
وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف هو تجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم؛ إذ مرجع ذلك إلى السنة والاتباع لا إلى الرأي والابتداع. أما إذا قيل: إن ذلك هي الأحرف السبعة فظاهر وكذلك بطريق الأولى إذا قيل: إن ذلك حرف من الأحرف السبعة فإنه إذا كان قد سوغ لهم أن يقرءوه على سبعة أحرف كلها شاف كاف مع تنوع الأحرف في الرسم؛ فلأن يسوغ ذلك مع اتفاق ذلك في الرسم وتنوعه في اللفظ أولى وأحرى وهذا من أسباب تركهم المصاحف أول ما كتبت غير مشكولة ولا منقوطة؛ لتكون صورة الرسم محتملة للأمرين كالتاء والياء والفتح والضم وهم يضبطون باللفظ كلا الأمرين ويكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيها بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المنقولين المعقولين المفهومين؛ فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقوا عنه ما أمره الله بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا كما قال أبو عبد الرحمن السلمي - وهو الذي روى عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} " كما رواه البخاري في صحيحه وكان يقرئ القرآن أربعين سنة. قال - حدثنا الذين كانوا يقرئوننا عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل. قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا. ولهذا دخل في معنى قوله: " {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} " تعليم حروفه ومعانيه جميعا؛ بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه وذلك هو الذي يزيد الإيمان كما قال جندب بن عبد الله وعبد الله بن عمر وغيرهما: تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا وأنتم تتعلمون القرآن ثم تتعلمون الإيمان. وفي الصحيحين عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر حدثنا " {أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ونزل القرآن} " وذكر الحديث بطوله ولا تتسع هذه الورقة لذكر ذلك. وإنما المقصود التنبيه على أن ذلك كله مما بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس. وبلغنا أصحابه عنه الإيمان والقرآن حروفه ومعانيه وذلك مما أوحاه الله إليه كما قال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا} وتجوز القراءة في الصلاة وخارجها بالقراءات الثابتة الموافقة لرسم المصحف كما ثبتت هذه القراءات وليست شاذة حينئذ. والله أعلم.
وسئل أيضا:
عن " جمع القراءات السبع " هل هو سنة أم بدعة؟ وهل جمعت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وهل لجامعها مزية ثواب على من قرأ برواية أم لا؟ .
فأجاب:
الحمد لله، أما نفس معرفة القراءة وحفظها فسنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول فمعرفة القراءة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها أو يقرهم على القراءة بها أو يأذن لهم وقد أقروا بها سنة. والعارف في القراءات الحافظ لها له مزية على من لم يعرف ذلك ولا يعرف إلا قراءة واحدة. وأما جمعها في الصلاة أو في التلاوة فهو بدعة مكروهة وأما جمعها لأجل الحفظ والدرس فهو من الاجتهاد الذي فعله طوائف في القراءة. وأما الصحابة. . . (1) .
__________

[تعليق معد الكتاب للشاملة]
(1) بياض بالأصل