بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
فهرست فقه
كتاب الصوم
مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم
مباحث روایات عدد و رؤیت
جوابات أهل الموصل في العدد و الرؤية المعروف ب‍ الرسالة العددية-الشیخ المفید
الردّ على أصحاب العدد-علم الهدى السيد المرتضى

اعتبار جدول

المبسوط، ج ١، ص ٢۶٧

لا يجوز العمل في الصوم على العدد و لا على الجدول و لا غيره، و قد رويت روايات بأنه إذا تحقق هلال العام الماضي عد خمسة أيام و صام يوم الخامس أو تحقق هلال رجب عد تسعة و خمسون يوما و يصام يوم الستين، و ذلك محمول على أنه يصوم ذلك بنية شعبان استظهارا فأما بنية أنه من رمضان فلا يجوز على حال.

 

الخلاف، ج ٢، ص ١۶٩-١٧٠

مسألة 8 [علامة شهر رمضان] علامة شهر رمضان و وجوب صومه أحد شيئين: إما رؤية الهلال أو شهادة شاهدين، فان غم عد شعبان ثلاثين يوما و يصام بعد ذلك بنية الفرض. فأما العدد و الحساب فلا يلتفت إليهما، و لا يعمل بهما، و به قالت الفقهاء أجمع . و حكوا عن قوم شذاذ أنهم قالوا: يثبت بهذين و بالعدد، فاذا أخبر ثقاة من أهل الحساب و العلم و النجوم بدخول الشهر وجب قبول قولهم . و ذهب قوم من أصحابنا إلى القول بالعدد ، و ذهب شاذ منهم إلى القول بالجدول. دليلنا: الأخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه و آله و عن الأئمة صلوات الله عليهم ذكرناها في تهذيب الأحكام ، و بينا القول فيما يعارضها من شواذ الاخبار.  و أيضا قوله تعالى «يَسْئَلُونَكَ‌ عَنِ‌ الْأَهِلَّةِ‌، قُلْ‌ هِيَ‌ مَوٰاقِيتُ‌ لِلنّٰاسِ‌ وَ الْحَجِّ‌» فبين أن الأهلة يعرف بها مواقيت الشهور و الحج، و من ذهب إلى الحساب و الجدول لا يراعى الهلال أصلا، و ذلك خلاف القرآن.

 

شرح جمل العلم و العمل، ص ١۶٧-١۶٩

فصل اعلم ان رؤية الهلال هى المعتبر و الذى عليه يعتمد فى الصوم و الفطر و اوايل الشهر و ذلك لم يخالف فيه احد من المسلمين الا قوم من اصحاب الحديث من جملة طائفتان (كذا) فانهم عولوا فى ذلك على العدد و شذوا عن الاجماع بهذا المذهب و خلافهم فى هذا غير معتبر لان الاجماع سابق لهم و جروا فى فساد ما ذهبوا اليه و شذوا به عن الاجماع مجرى الخوارج فى خلافهم و شذوذهم عن الاجماع السابق لما ذهبوا اليه فى (عدم رجم الزانى المحصن فانهم ذهبوا الى ذالك بعد انعقاد الاجماع على) رجمه و كمالا يؤثر خلافهم هذا فى صحّة ما انعقد عليه الاجماع) من رجم هذا الزانى لحدوث هذا المذهب و سبق الاجماع له فكذلك لا يؤثر خلاف من ذلك الى العدد فيما لم يعقد عليه الاجماع من صحّة العمل على رؤية الاهلة لحدوث مذهبهم هذا و تقدم الاجماع له فان قيل لم زعمتم ان مذهب اهل العدد حادث قلنا هذا مما لا شبهة فيه لان القائلين بذلك ما ظهر خلافهم و عملهم به الا عند الجدوال المنسوب الى عبد اللّه بن مسعود (و معاوية) و لا شك فى حدوث ما هذا سبيله و ان العمل على ما ذكرناه لا يجرى العلم بتقدمه على زمان من نسبت الجداول اليه مجرى العلم بالعمل على رواية الاهلة و لا تقاربه بل و لا يعلم ذلك اصلا على وجه و لا سبب فان قيل اذا كان العمل على الجدول حادثا فما ينكر ان يكون الامر من الرسول صلى اللّه عليه و آله و الامام بعده فى تعريف اوائل الشهور و اواخرها هو المعتبر فى ذلك و عليه العمل قلنا لو كان ما ذكرته صحيحا لكان النقل به واردا مورد الحجّة و المعلوم خلاف ذلك ثم ان الامة بين القائلين فقائل يذهب الى ان المعتبر فى معرفة الفطر و اوايل الشهور بالاهلة و قايل يذهب الى ان المعتبر فى ذلك بالعدد و ليس فيهم من يقول ان المعتبر فى ذلك بما ذكرته و لا يقول احد عن الرسول صلى اللّه عليه و آله و لا عن احد من الائمّة عليهم السلام انه قال اول الشهر يوم كذا و الاخر يوم كذا الا ما يذكر من الخبر المتضمن لقوله عليه السلام يوم صومكم يوم نحركم و هذا مما لا شبهة فيه انه لم يرد مورد الحجّة و ذكر فى هذا المذهب خلاف متقدم على زمان الجدول و اذا كان كذلك وجب القضاء بفساد ما ذكرته و مما يدل ايضا على ان المعتبر فى معرفة اوايل الشهور و الصوم و الفطر بالاهلة ما هو معلوم ضرورة فى شرع الاسلام من فرق المسلمين الى (ان) رؤية الاهلة فى تعريف اوائل الشهور من زمن النبى صلى اللّه عليه و آله الى زمننا هذا و انه صلى اللّه عليه و آله كان يتولى رؤية الهلال بنفسه و ملتمسه و يتصدى لرويته و كذلك المسلمين و خروجهم الى المواضع المكشفة و تأهبهم كذلك من غير انكار من احد له و لا دفع و ما ثبت عنه صلى اللّه عليه و آله مما شرعه من قبول الشهادة فى الرؤية و الحكم فيمن شهد بذلك فى مصر من الامصار و من يرد بالاخبار برؤيته عن خارج المصر و حكم المخبر به و الصحّة و سلامة الخبر مما تعرضه من العوارض و خبر من شهد برؤيته مع التواتر فى بعض المواضع فلو لا ان المعتبر بالاهلة و انها اصل فى الدين معلوم لجميع المسلمين لما كانت الحال فى ذلك على ما شرحناه و لكان ذلك عبثا لو كان الاعتبار بالعدد و حكاية لما لا فايدة فيه و المعلوم خلافه و يدل على ذلك قوله‌سبحانه يَسْئَلُونَكَ‌ عَنِ‌ الْأَهِلَّةِ‌ قُلْ‌ هِيَ‌ مَوٰاقِيتُ‌ لِلنّٰاسِ‌ وَ الْحَجِّ‌ فبيّن‌سبحانه الاهلة هى المعتبر فى المواقيت و الدلالة على اوايل الشهور و ذلك نص صريح فيما ذهبنا اليه الا ترى انه علق التوقيت فيها و لو كان الذى نعرف به التوقيت هو العدد لعلق التوقيت و خصه به دون رؤية الاهلة لان رؤية الاهلة لا معتبر بها عند العدديين فى تعريف اوقات حج و لا غيره و الهلال انما سمى بهذا الاسم لرفع الاصوات عند مشاهدته بالتكبير و التهليل و منه يقال استهل الصبى اذا اظهر صوته بالصياح عند ولادته و سمى الشهر لاشتهاره ، بالهلال فان قال بان عدد الايام و حساب الشهور و السنين هو المعتبر فيها و انه يغنى عن الاهلة فقد ابطل سمات الاهلة و الشهور من الموضوعيّة فى لسان العرب

 

غنیة النزوع، ج ١، ص ١٣١-١٣٢

و علامة دخوله - أعني الشهر - رؤية الهلال، و بها يعلم انقضاؤه، بدليل الإجماع من الأمة بأسرها من الشيعة و غيرها على ذلك، و عملهم به من زمن النبي صلى الله عليه و آله و سلم و ما بعده إلى أن حدث خلاف قوم من أصحابنا فاعتبروا العدد دون الرؤية، و تركوا ظواهر القرآن و المتواتر من روايات أصحابنا، و عدلوا إلى ما لا يجوز الاعتماد عليه من أخبار آحاد شاذة، و من الجدول الذي وضعه عبد الله  بن معاوية بن عبد الله بن جعفر [1]، و نسبه إلى الصادق عليه السلام، و الخلاف الحادث لا يؤثر في دلالة الإجماع السابق. و كما لا يؤثر حدوث خلاف الخوارج في رجم الزاني المحصن في دلالة الإجماع على ذلك، فكذلك حدوث خلاف هؤلاء، و هذا عبد الله بن معاوية مقدوح في عدالته بما هو مشهور، من سوء طريقته، مطعون في جدوله بما تضمنه من قبيح مناقضته، و لو سلم من ذلك كله لكان واحدا لا يجوز في الشرع العمل بروايته.

 

کشف الرموز، ج ١، ص ٢٩۶

و لا اعتبار بالجدول، و لا بالعدد، و لا بالغيبوبة بعد الشفق، و لا بالتطوّق و لا بعدّ خمسة أيام من هلال السنة الماضية. (1) و في العمل برؤيته قبل الزوال تردّد، و من كان بحيث لا يعلم الأهلّة توخّى صيام شهر، فإن استمرّ الاشتباه أجزأه. و كذا لو صادف أو كان بعده، و لو كان قبله استأنف. و وقت الإمساك طلوع الفجر الثاني، فيحلّ‌ الأكل و الشرب حتى يتبيّن خيطه، و الجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع و الاغتسال. و وقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية. و المرتضى في جمله و المتأخّر و شيخنا، و عليه أعتمد. (لنا) ان الاحكام الشرعيّة جميعها ثبتت بشهادة شاهدين عدلين، الاّ ما استثنى لدليل، و لا دليل هنا. و رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، انّ‌ عليّا عليه السّلام، كان يقول: لا أجيز في رؤية الهلال، إلاّ شهادة رجلين عدلين . و غيرها من الروايات في معناها، و رواية يونس [1] لا تصلح معارضة لهذه، فان بعض رجالها مجهول، و في يونس طعن.

(«قال دام ظله»: و لا اعتبار بالجدول، و لا بالعدد، و لا بالغيبوبة بعد الشفق، و لا بالتطوق، و لا بعدّ خمسة أيّام من هلال (السنة خ) الماضية. أقول: الجدول مستفاد من حساب المنجّمين، و تعرف كيفيّته من الزيج، و صحته ظنّي، فلهذا لا يعتبر به.

 

تذکره الفقهاء، ج ۶، ص ١٣٧-١٣٨

مسألة 82: و لا يجوز التعويل على الجدول، و لا على كلام المنجّمين، لأنّ‌ أصل الجدول مأخوذ من الحساب النجومي في ضبط سير القمر و اجتماعه بالشمس، و لا يجوز المصير إلى كلام المنجّم و لا الاجتهاد فيه - و هو قول أكثر العامة - لما تقدّم من الروايات، و لو كان قول المنجّم طريقا و دليلا على الهلال، لوجب أن يبيّنه عليه السلام للناس، لأنّهم في محلّ‌ الحاجة اليه، و لم يجز له عليه السلام حصر الدلالة في الرؤية و الشهادة. و حكي عن قوم من العامة أنّهم قالوا: يجتهد في ذلك، و يرجع الى المنجّمين . و هو باطل، لما تقدّم. و لقول الصادق عليه السلام: «ليس على أهل القبلة إلاّ الرؤية، ليس على المسلمين إلاّ الرؤية» . و الأحاديث متواترة على أنّ‌ الطريق أمّا الرؤية أو مضيّ‌ ثلاثين، و قد شدّد النبي صلّى اللّٰه عليه و آله، في النهي عن سماع كلام المنجّم، فقال عليه السلام: (من صدّق كاهنا أو منجّما فهو كافر بما انزل على محمد) . احتجّوا: بقوله تعالى وَ عَلاٰمٰاتٍ‌ وَ بِالنَّجْمِ‌ هُمْ‌ يَهْتَدُونَ‌ .  و لأنّ‌ النبي عليه السلام قال: (فإن غمّ‌ عليكم فاقدروا له) و التقدير إنّما هو معرفة التسيير و المنازل، و لذلك رجعنا الى الكواكب و المنازل في القبلة و الأوقات، و هي أمور شرعية رتّب الشارع عليها أحكاما كثيرة. و الجواب: الاهتداء بالنجم معرفة الطرق و مسالك البلاد و تعريف الأوقات، و نقول أيضا بموجبه، فإنّ‌ رؤية الهلال تهدي الى معرفة أول الشهر، أمّا قول المنجّم فلا. و أمّا الحديث: (فاقدروا له ثلاثين) و المراد: أن يحسب شعبان ثلاثين عند قوم، و تسعة و عشرين عند آخرين. و أمّا القبلة و الوقت فالطريق هو المشاهدة. و للشافعية وجهان في من عرف منازل القمر هل يلزمه الصوم به‌؟ و أصحّهما عندهم: المنع. و الثاني: أنّه يجوز له أن يعمل بحساب نفسه . و لو عرفه بالنجوم، لم يجز أن يصوم به عندهم قولا واحدا.

 

مختلف الشیعه، ج ٣، ص ۴٩٧

مسألة: قال في الخلاف: إذا غم عدّ شعبان ثلاثين يوما و يصام بعد ذلك بنيّة الفرض، فأمّا العدد و الحساب فلا يلتفت إليهما و لا يعمل بهما. و قد ذهب قوم من أصحابنا إلى القول بالعدد، و ذهب شاذ منهم الى القول بالجدول، و استدل بالأخبار المتواترة عن النبي و الأئمة - عليهم السلام -، و أيضا قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ‌ عَنِ‌ الْأَهِلَّةِ‌ قُلْ‌ هِيَ‌ مَوٰاقِيتُ‌ لِلنّٰاسِ‌ وَ الْحَجِّ‌ فبيّن أنّ‌ الأهلّة يعرف بها مواقيت الشهور و الحج. و من ذهب الى الحساب و الجدول لا يراعي أصلا الهلال، و ذلك خلاف القرآن .

 

التنقیح الرائع، ج ١، ص ٣٧۶

قوله: و لا اعتبار بالجدول و لا بالعدد و لا بالغيبوبة بعد الشفق و لا بالتطوق و لا بعد خمسة أيام من هلال الماضية (1) هذه طرق قيل بثبوت الشهر بها، و هي ممنوعة عند المصنف: «1» الجدول، أعني التقويم، قال الشيخ: ذهب شاذ من أصحابنا إلى اعتباره، و الإجماع منعقد على عدم اعتبار قول المنجم في الأحكام الشرعية، مع أنه قال «ص»: من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل على محمد صلى اللّٰه عليه و آله و سلم .

 

ذخیرة‌المعاد، ج ٢،‌ص ۵٣٢

الثاني لا يثبت هلال شهر رمضان بالجدول على المشهور بين الأصحاب و نقل الشيخ في الخلاف عن شاذ منا العمل بالجدول و نقله المصنف في المنتهى عن بعض الأصحاب و الأول أقرب لما مر ما يدل على أن طريق ثبوته إما رؤية الهلال أو مضى ثلاثين من شعبان و ما يدل على الظن و التظني لا يكفي احتجوا بقوله تعالى وَ بِالنَّجْمِ‌ هُمْ‌ يَهْتَدُونَ‌ و بأن الكواكب و المنازل رجع إليها في القبلة و الأوقات و هي أمور شرعية و ضعف الحجتين ظاهر قال المصنف في التذكرة و قد شدد النبي ص في النهي عن سماع كلام المنجم حتى قال ع من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل على محمد و فيه تأمل لأن أمر الجدول متعلق بالحساب المتعلق بالإرصاد و لا تعلق له بأحكام المنجمين و المنع متعلق بتصديق المنجم و معناه من يحكم على الكائنات و الحوادث بأوضاع النجوم أو معناه أمر آخر أخص من هذا

 

مفاتیح الشرائع، ج ١، ص ۴٢۵

و لا الجدول على المشهور، خلافاً لشاذّ منّا، لقوله تعالى: «وَ بِالنَّجْمِ‌ هُمْ‌ يَهْتَدُونَ‌» و للرجوع إليه في القبلة و الأوقات. و هما مجابان على أنّهم لا يثبتون أوّل الشهر بمعنى جواز الرؤية، بل بمعنى تأخّر القمر عن محاذاة الشمس، مع اعترافهم بأنّه قد لا يمكن الرؤية.

 

تکمیل مشارق الشموس، ص ۴٧٠-۴٧١

و لا عبرة أيضا على المشهور بالجدول و هو مأخوذ من الحساب النجومي في ضبط سير القمر و اجتماعه بالشمس و مرجع أول الشهر في هذا الحساب إلى تأخر جرم القمر عن محاذاة الشمس لا إلى إمكان رؤية الهلال بل الغالب عدم إمكان رؤيته تلك الليلة و لا ريب في عدم اعتباره لأن مناط أول الشهر في الشريعة المنورة على الرؤية لا على تأخر حرم القمر عن محاذاة الشمس و كان مراد المصنف رحمه اللّٰه من الجدول ما يشمل الرجوع إلى قول الرصدي في إمكان الرؤية أيضا و وجه عدم اعتباره حصر الشارع المناط في رؤيتنا أو مضي ثلاثين من شعبان و لو كان الرجوع إلى المنجم حجة لأرشدوا إليه مع أنهم عليهم السلام نهوا عنه و شددوا في ذلك بقولهم من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل على محمد صلى اللّٰه عليه و آله و غيره من الأخبار الشريفة الواردة في ذلك و أيضا قول المنجم مبني على قواعد ظنية ظنا ضعيفا قد يخطئ و يصيب فلا يجوز التعويل عليه البتة خصوصا مع ما ورد من أنه ليس بالرأي و لا بالتظني ثم لا يذهب عليك أنه لا يبعد ادعاء أن النهي الوارد في الأخبار لا يشمل استخراج الأهلة من الحساب المتعلق بالإرصاد بل إنما تعلق بتصديق المنجم أي بتصديق من يحكم على الكائنات و الحوادث من أوضاع النجوم و قراناتها و نظراتها و أمثال هذه كما هو المفهوم من علم النجوم كيف لا و قد ورد في الشريعة المقدسة بعض الأمور المنوطة بالإرصاد ككون القمر في برج عقرب ليتحرز عنه مريد السفر أو التزويج إلا أن يكون بناء العلم به على الرؤية و المشاهدة و هو بعيد جدا و قد أورد المصنف قدس اللّٰه لطيفته في قواعده كلاما شريفا في تحقيق كفر المنجم فقال كل من اعتقد في الكواكب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة ما فيه فلا ريب أنه كافر و إن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها و اللّٰه سبحانه هو المؤثر الأعظم كما يقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لا حياة لهذه الكواكب ثابتة بدليل عقلي و لا نقلي و بعض الأشعرية يكفرون هذا كما يكفرون الأول و أوردوا على أنفسهم عدم إكفار المعتزلة و كل من قال يفعل العبد و فرقوا بأن الإنسان و غيره من الحيوان يوجد فعله مع أن التذلل و العبودية ظاهرة عليه فلا يحصل منه اهتضام لجانب الربوبية بخلاف الكواكب فإنها غائبة عنه و ربما أدى ذلك إلى اعتقاد استقلالها و فتح باب الكفر أما ما يقال بأن استناد الأفعال إليها كاستناد الإحراق إلى النار و غيرها من العاديات بمعنى أن اللّٰه تعالى أجرى عادته بأنها إذا كانت على شكل مخصوص أو على وضع مخصوص يفعل ما ينسب إليها و يكون ربط المسببات بها كربط مسببات الأدوية و الأغذية بها مجازا باعتبار الربط العادي لا الفعل الحقيقي فهذا لا يكفر معتقده و لكنه مخطئ أيضا و إن كان أقل خطأ من الأول لأن وقوع هذه الآثار عندها ليس بدائم و لا أكثري انتهى كلامه رفع مقامه و قد ظهر من هذا التحقيق ما هو المراد من النهي الوارد في هذه الأخبار إن شاء اللّٰه تعالى و قد ظهر منه أيضا أن القول بنفي حياة السماويات ليس ضروريا في الدين كما ادعاه المرتضى في بعض رسائله خلافا لشاذ من الأصحاب حكى الشيخ رحمه اللّٰه في الخلاف عن شاذ من أصحابنا و من العامة القول بالجدول و احتج أصحاب هذا القول على ما ذكره العلامة رحمه اللّٰه في المنتهى بقوله تعالى وَ بِالنَّجْمِ‌ هُمْ‌ يَهْتَدُونَ‌ و بأن الكواكب و المنازل يرجع إليها في القبلة و الأوقات و هي أمور شرعية فكذا هاهنا و ضعف ذلك ظاهر للفرق الواضح بين الاهتداء بمشاهدة النجم في تعرف الطرق و المسالك و البلدان و القبلة و الأوقات و الشهور كما ورد في الشريعة و بين الاهتداء باستخراج حال النجم من الرصد و الحساب الظني كما هو المبحوث عنه و المفيد في هذا المقام و لكن بقي الإشكال فيما لو حصل العلم بالهلال للرصدي من الحساب و التجربة أو لغيره بقول كثير منهم و قد يتفق ذلك نادرا خصوصا في الليلة الثانية أو الثالثة من الشهر بحسابهم حيث اختل ضبط أوائل الشهور المتعددة المتوالية بالرؤية و المشاهدة و وجه الإشكال عدم ورود التعويل على الرصد في الشريعة كما عرفت و حصول العلم بدخول الشهر المأمور من حضره بالصيام كحصول العلم به بانقضاء ثلاثين من شعبان و يمكن القول بعدم اعتبار مثل هذا العلم الحاصل لبعض الآحاد بالنظر الدقيق الخفي المأخذ في أمثال تلك الأحكام الفرعية التي أخذ التعبد بها على عامة الناس و ذلك بخلاف العلم بدخول الشهير الجديد بانقضاء ثلاثين من الشهر السابق فإنه من العلوم العادية الظاهرة

 

 

الحدائق، ج ١٣، ص ٢۶٩

الأول - في الجدول و هو حساب مخصوص مأخوذ من سير القمر و اجتماعه بالشمس، و لا ريب في عدم اعتباره لاستفاضة الروايات بان الطريق الى ثبوت دخول الشهر اما الرؤية أو مضى ثلاثين يوما من الشهر المتقدم. و أيضا فإن أكثر أحكام التنجيم مبنية على قواعد كلية مستفادة من الحدس التي تخطئ أكثر من ما تصيب. و حكى الشيخ في الخلاف عن شاذ منا العمل بالجدول، و نقله في المنتهى عن بعض الجمهور تمسكا بقوله تعالى وَ بِالنَّجْمِ‌ هُمْ‌ يَهْتَدُونَ‌ و بان الكواكب و المنازل يرجع إليها في القبلة و الأوقات و هي أمور شرعية فكذا هنا. و الجواب ان الاهتداء بالنجم يتحقق بمعرفة الطرق و مسالك البلدان و تعرف الأوقات، و الذي يرجع إليه في الوقت و القبلة مشاهدة النجم لا ظنون أهل التنجيم الكاذبة في كثير من الأوقات، قال في التذكرة: و قد شدد النبي صلى الله عليه و آله النهى عن سماع كلام المنجم حتى قال صلى الله عليه و آله من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه و آله. أقول: و من ما يستأنس به لذلك ما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى قال: «كتب إليه أبو عمرو أخبرني يا مولاي انه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه و نرى السماء ليست فيها علة فيفطر الناس و نفطر معهم، و يقول قوم من الحساب قبلنا انه يرى في تلك الليلة بعينها في بمصر و إفريقية و الأندلس فهل يجوز يا مولاي ما قال الحساب في هذا الباب حتى  يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم بخلاف فطرنا؟ فوقع عليه السلام لا تصومن الشك أفطر لرؤيته و صم لرؤيته». قال في الوافي بعد ذكر هذا الخبر: بيان - يعنى لا تدخل في الشك بقول الحساب و اعمل على يقينك المستفاد من الرؤية، و هذا لا ينافي وجوب القضاء لو ثبتت الرؤية في بلد آخر بشهود عدول، و انما لم يجبه عليه السلام عن سؤاله عن جواز اختلاف الفرض على أهل الأمصار صريحا لأنه قد فهم ذلك من ما أجابه ضمنا، و ذلك فإنه فهم من كلامه عليه السلام ان اختلاف ال

 

شرح فروع الکافی، ج ۴، ص ٢٩-٣٠

و لا يجوز الاعتماد في ذلك على الجدول و لا على كلام المنجّمين اتّفاقاً منّا، وفاقاً لأكثر العامّة . و يدلّ‌ عليه حصر العلامة فيما ذكر من الرؤية و الثبوت، و خبر محمّد بن عيسى، قال: كتب إليه أبو عمرو: أخبرني يا مولاي، أنّه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه، و نرى السماء ليست فيها علّة، فيفطر الناس و نفطر معهم، و يقول قوم من الحسّاب قبلنا: إنّه يرى في تلك الليلة بعينها في مصر و أفريقية و الأندلس، فهل يجوز - يا مولاي - ما قال الحسّاب في هذا الباب حتّى يختلف الفرض على أهل الأمصار، فيكون صومهم خلاف صومنا و فطرهم خلاف فطرنا؟ فوقّع عليه السلام: «لا تصومنّ‌ الشكّ‌، افطر لرؤيته و صُم لرؤيته» . و منشؤه أنّ‌ الجدول - على تقدير أصالة السند - مأخوذ من قول الفلاسفة الغير المتديّنين بدين، فكيف يكون محلّاً للاعتماد؟




الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص:59

فصل: و اعلم ان الله جل جلاله تفضل علينا بأسرار ربانية و أنوار محمدية و مبار علوية، منها تعريفنا بأوائل الشهور و ان لم نشاهد هلالها، و ليس ذلك بطريق الأحكام النجومية و لا الاستخارات المروية، و انما ذلك كما قلنا بالأمور الوجدانية الضرورية، و انما نذكر من دلائل شهر رمضان أو علاماته أو أماراته، لمن لم يتفضل الله جل جلاله عليه بما تفضل به علينا من هباته و كراماته، و ان لم يلزم العمل بها في ظاهر الشريعة النبوية.
و قد وجدنا تعليقة غريبة على ظهر كتاب عتيق وصل إلينا يوم الرابع و العشرين من صفر سنة ستين و ستمائة بعد تصنيف هذا الكتاب، و نحن ذاكروها حسب ما رأيناه قريبة من الصواب، و هذا لفظها:
إذا أردت أن تعرف الوقفة و أول شهر رمضان من كل شهر في السنة، فارتقب هلال محرم، فإذا رأيته فعد منه أربعة أيام خامسة الوقفة، و سادسة أول شهر رمضان، فإذا استتر عنك هلال محرم فارتقب هلال صفر، و عد منه يومين، و ثالثه الوقفة و رابعه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال صفر فارتقب هلال شهر ربيع الأول، فإذا رأيته فعد منه يوما واحدا، و ثانيه الوقفة و ثالثه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال شهر ربيع الأول فارتقب هلال شهر ربيع الآخر، فإذا رأيته فعد منه ستة أيام، و سابعه الوقفة و ثامنه أول شهر رمضان.
فان استتر عنك هلال شهر ربيع الآخر فارتقب هلال جمادى الأولى، فإذا رأيته فعد منه‏
__________________________________________________
 (1) المبسوط 1: 268.
                       

 

 

الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص: 60
خمسة أيام، و سادسة الوقفة و سابعه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال جمادى الأولى فارتقب هلال جمادى الآخر، فإذا رأيته فعد منه ثلاثة أيام، و رابعه الوقفة و خامسة أول شهر رمضان، فإذا استتر عنك هلال جمادى الآخر فارتقب هلال رجب، فعد منه يومين، و ثالثه الوقفة و رابعه أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال رجب، فارتقب هلال شعبان، اوله الوقفة و ثانيه أول شهر رمضان.
فان استتر عنك هلال شعبان فارتقب هلال شهر رمضان، فإذا رأيته فعد منه ستة أيام، و سابعه الوقفة و ثامنه أول شهر رمضان، فإذا استتر عنك هلال رمضان فارتقب هلال شوال فإذا رأيته فعد منه أربعة أيام، و خامسة الوقفة و سادسة أول شهر رمضان، فان استتر عنك هلال شوال فارتقب هلال ذي القعدة فإذا رأيته فعد منه ثلاثة أيام، و رابعه الوقفة و خامسة أول شهر رمضان، فإذا استتر عنك هلال ذي القعدة فارتقب هلال ذي الحجة و عد منه ثمانية أيام، و تاسعه الوقفة و عاشره أول شهر رمضان- هذا آخر ما وجدناه فصنه الا عمن يستحق التعريف بمعناه.
و من ذلك ما
سمعناه مذاكرة و لم نقف على إسناده انه روي عن أحدهم عليهم السلام انه قال: يوم صومكم يوم نحركم «1».
و من ذلك ما
رواه علي بن الحسن بن علي بن فضال بإسناده في كتاب الصيام إلى ابن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، و إذا غاب الشفق قبل الهلال فهو لليلتين «2».
و رواه محمد بن يعقوب الكليني. «3».
و روى الخطيب في تاريخه في ترجمة بقية بن الوليد في الجزء التاسع و الأربعين، عن النبي صلى الله عليه و آله انه قال: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة «4»، و إذا غاب‏
__________________________________________________
 (1) عنه المستدرك 7: 416، رواه في الكافي 4: 77.
 (2) عنه المستدرك 7: 415.
 (3) رواه في الكافي 4: 77، عنه الوسائل 10: 282، أخرجه الشيخ في التهذيب 4: 178، الاستبصار 2: 75، و الصدوق في الفقيه 2: 78.
 (4) لليته (خ ل).
                        الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص: 61
بعد الشفق فهو لليلتين.
أقول: و
وجدت في كتاب الفردوس لشهردار بن شيرويه الديلمي في المجلد الأول في أواخر النصف الأول منه، عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه و آله: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، و إذا غاب الشفق قبل الهلال فهو لليلتين.
و في رواية أخرى: إذا غاب القمر في الحمرة فهو لليلة «1»، و إذ غاب في البياض فهو لليلتين.
قلت انا: هذا لفظ ما رأيناه.
أقول: و رأيت روايتين إحداهما عن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، و هو يتضمن شرحا طويلا نحو كراسين، فلا نطيل بذكره، رواه عن الصادق عليه السلام في معرفة أول الشهور بالحساب.
أقول: و اعلم ان تعريف الله جل جلاله لعباده بشي‏ء من مراده فإنه لا ينحصر بمجرد العقل جميع أسبابه، و لا يدرك بعين الشرع تفصيل أبوابه، لأن الله جل جلاله قادر لذاته، فهو قادر على ان يعرف عباده مهما شاء و متى شاء بحسب إرادته، و اعرف على اليقين من يعرف أوائل الشهور و ان لم يكن ناظرا إلى الهلال، و لا حضر عنده أحد من المشاهدين، و لا يعمل على شي‏ء مما تقدم من الروايات، و لا بقول منجم، و لا باستخارة، و لا بقول أهل العدد، و لا في المنام، بل هو من فضل رب العالمين الذي و هبة نور الألباب من غير سؤال، و ألهمه العلم بالبديهيات من غير طلب لتلك الحال، و لكن هو مكلف بذلك وحده على اليقين حيث علم به على التعيين «2».
أقول: و المعتبر في معرفة الهلال و أول شهر رمضان عند من لم يعرف ذلك بوجه من الوجوه على رؤيته أو قيام البينة بمشاهدته، بحسب ما تضمنه المعتمد عليه من تحقيق القول بين الأصحاب، فإنه لا يليق شرح ذلك في هذا الكتاب.

 

 

 

 









فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است