بسم الله الرحمن الرحیم
فهرست فقه
الرسائل التسع، ص215
و أمّا رواية حكم بن حكيم فإنّها مطرحة بين الأصحاب ، و لو صحّت نزلت على حال عدم الماء فإنّ المصلي يجتزي بإزالة عين النجاسة بالأرض أو التراب ما دام العذر باقيا. و أمّا رواية غياث فإنّها في غاية الشذوذ ، فلا يعترض بمثلها على الأصل. على أنّا لا نسلّم دلالتها على طهارة المحلّ بالبصاق حسب، فإنّه لا يبعد أن يسأل عن جواز حكّ الدم و التوصّل إلى إزالة عينه بالبصاق منضمّا إلى تطهيره بالماء، و يجري ذلك مجرى قولهم: يغسل الإناء من ولوغ الكلب بالتراب أوّل مرّة و إن لم يكن بمجرّد التراب. على أنّ الروايتين تتضمّنان رفع البأس و لا تتضمّنان طهارة المحلّ و لا جواز الدخول به في الصلاة فسقطت دلالتهما على الطهارة.
المعتبر، ج 1، ص 83-84
ثمَّ الأصل جواز الإزالة بكل مزيل للعين، فيجب عند الأمر المطلق، جوازه تمسكا «بالأصل» ثمَّ الغرض ازالة عين النجاسة، يشهد لذلك ما رواه حكم بن حكيم الصيرفي عن الصادق عليه السّلام قلت: «لا أصيب الماء و قد أصاب يدي البول فأمسحها بالحائط و التراب، ثمَّ تعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي، أو يصيب ثوبي، قال: لا بأس» و عن غياث بن إبراهيم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه عن علي عليه السّلام قال: «لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق» . و الجواب: قوله: اقتصر على الغسل، قلنا: يكفي في دلالته على الماء، لأنه هو المعروف عند الإطلاق كما يعلم مراد الأمر بقوله اسقني اسقني، قوله: «الأصل جواز الإزالة» قلنا: حق كما ان الأصل أن لا منع فلما منع الشرع من الدخول في الصلاة، وقف الدخول على اذنه. و اما خبر حكم بن حكيم فإنه مطرح، لان البول لا يزول عن الجسد بالتراب باتفاق منا و من الخصم، و أما خبر غياث فمتروك، لان غياثا بتري ضعيف الرواية، فلا يعمل على ما ينفرد به، و لو صحت نزلت على جواز الاستعانة في غسله بالبصاق، لا ليطهر المحل به منفردا، فان جواز غسله به لا يقتضي طهارة المحل، و لم يتضمن الخبر ذلك، و البحث ليس الا فيه.
منتهی المطلب، ج 1، ص 126-127
و أيضا: روى الشّيخ في الحسن، عن حكم بن حكيم الصّيرفيّ ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أبول فلا أصيب الماء، و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط و التّراب، ثمَّ تعرق يدي فأمسّ وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال: (لا بأس به) . و عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، عن أبيه، عن عليّ عليه السّلام، قال: (لا بأس أن تغسل الدّم بالبصاق) . و لأنّ النّجاسة تابعة للعين بالدّوران و قد زالت، فيزول معلولها. و الجواب عن الأوّل: انّه لا ينافي التّقييد بالماء، فيحمل عليه، لما قلناه من الأدلّة، و لأنّ إطلاق الغسل ينصرف إلى تحصيله بالماء كما في إطلاق (اسقني). و عن الرّواية الاولى: انّ المراد، لا بأس بالصّلاة مع ذلك قبل الغسل للضّرورة، و ليس فيه دلالة على الطّهارة، و تحمل الرّواية حينئذ على ما إذا زالت الرّطوبة بالعرق ثمَّ يمسّ جسده أو وجهه أو ثوبه. و عن الثّانية: انّها ضعيفة السّند فإنّ غياثا هذا بتريّ، فلا تعويل على روايته، على انّه يمكن حملها على الدّم الّذي ليس بنجس، كدم ما لا نفس له سائلة، أو يحمل على الاستعانة بالبصاق، لا انّه مطهّر. و عن الثّالث: بالمنع من المقدّمتين.
المهذب البارع، ج 1، ص 114-115
احتجّ السيد : بما روي عن الصادق (عليه السلام) في المني: إنّ عرفت مكانه فاغسله، و إلاّ فاغسل الثوب [1]. فذكر الغسل و لم يذكر الماء. ثمَّ الأصل جواز الإزالة بكلّ مزيل للعين، فيجب عند الأمر المطلق جوازه، تمسّكا بالأصل. ثمَّ الغرض إزالة عين النجاسة، يشهد بذلك ما رواه حكم بن حكيم الصيرفي عن الصادق (عليه السلام) قلت: لا أصيب الماء، و قد أصاب يدي البول فأمسحه بالحائط أو التراب، ثمَّ تعرق يدي و أمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال: لا بأس به [2]. و عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)، عن أبيه، عن عليّ (عليه السلام) قال: لا بأس أن يغسل الدم بالبزاق . و الجواب : قوله: (اقتصر على الغسل) [3] قلنا: يكفي في دلالته على الماء، لأنّه المعروف عند الإطلاق، قوله: (و الأصل جواز الإزالة) قلنا: حقّ، كما أنّ الحقّ أن لا منع. فلمّا منع الشرع من الدخول في الصلاة، توقّف الدخول على إذنه. و أمّا خبر حكم بن حكيم، فإنّه مطروح، لأنّ البول لا يزول عن الجسد بالتراب بالاتّفاق. و أمّا خبر غياث، فمتروك، لان غياث بتري [4] ضعيف الرواية، فلا يعمل و ما يرفع به الحدث الأكبر طاهر، و في رفع الحدث به ثانيا قولان: المروي: المنع. (1) على ما ينفرد به. و لو صحّت نزلت علي جواز الاستعانة في غسله بالبصاق، لا لتطهير المحل به منفردا، فانّ جواز غسله به لا يقتضي طهارة المحل، و لم يتضمّن ذلك، و البحث ليس إلاّ فيه.
روضه المتقین، ج 1، ص 206
«و سأل حكم بن حكيم ابن أخي خلاد أبا عبد الله عليه السلام» الخبر صحيح و ظاهره يدل على عدم تعدي النجاسة و حمل على التقية أو على عدم حرمة تنجيس البدن أو على العرق القليل الذي لا يسري أو على جواز الصلاة معه إذا عدم الماء «و سأل إبراهيم بن أبي محمود (إلى قوله) في وجهه»
کفایه الفقه، ج 1، ص 67
و هل القطع المبانة من الحيّ ملحقة بالآدمي؟ فيه تردّد، و الظاهر عدم التنجيس و عدم وجوب الغسل بمسّ الصوف و نحوه و تنظّر فيه العلّامة . و المتنجّس بملاقاة الميتة مع اليبوسة هل هو مؤثّر للتنجيس في غيره إذا لاقاه رطباً؟ فيه خلاف، و المشهور نعم.
ذخیره المعاد، ج 1، ص 17
و اعلم أنه ذكر المحقق في المعتبر و المصنف في المنتهى أنه إذا لم يجد الماء لغسل مخرج البول أو تعذر استعماله لمانع كالجرح أجزأ مسحه بما يزيل عين النجاسة كالحجر و الخرق و الكرسف و شبهه لأنه يجب إزالة عين النجاسة و أثرها فإذا تعذرت إزالة الأثر تعينت إزالة العين و فيه نظر إذ لا دليل على وجوب إزالة النجاسة إلا على الوجه المطهّر و حيث تعذرت كان إيجاب التجفيف محتاجا إلى دليل و لم أطلع عليه نعم لو كان عدم التجفيف مقتضيا لتنجيس الثوب و البدن كان الحكم بوجوبه متجها ثم المصنف صرّح بأنه لو وجد الماء بعد ذلك وجب عليه الغسل و لا يجتزي بالمسح المتقدم و قد ادعى صاحب المدارك الإجماع عليه و هو المرتبط بالأدلة السّابقة لكن ظاهر كلام المحقق في المعتبر و الشرائع خلافه و لعلّه غير مراد له و روى الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح عن حنان بن سدير الثقة الواقفي قال سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّٰه عليه السلام فقال إنّي ربما بلت فلا أقدر على الماء و ربما يشد ذلك علي فقال إذا بلت و تمسّحت فامسح ذكرك بريقك فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك و رواه الكليني في الحسن عن حنّان و عن سماعة في القوي قال قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء ما يفسد سراويلي قال ليس به بأس و لا بد من تأويلهما بما يوافق ما ذكرنا و في الذّكرى أن خبر حنان متروك و روى الشيخ عن العيص بن القاسم في الصّحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء يمسح ذكره الحجر و قد عرق ذكره و فخذاه قال يغسل ذكره و فخذيه و سألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا قال بعض الأصحاب و لعلّ المراد بعجز الخبر كون إصابة اليد بغير الموضع الذي حصل به المسح و منشأ الشبهة المفضية للسّؤال احتمال سريان التنجيس لليد كلها بسبب رطوبة العرق
ذخیره المعاد، ج 1، ص 179-180
العاشرة المشهور بين علمائنا عدم الفرق في النجاسات كلها بين القليل منها و الكثير بالنظر إلى أصل التنجيس و إن كان العفو في بعضها ثابتا و في المسألة أقوال آخر شاذة
منها قول ابن الجنيد بطهارة ما نقص عن سعة الدرهم
و منها ما حكاه ابن إدريس عن بعض أصحابنا من أنه إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رءوس الإبر من النجاسة فلا بأس بذلك
و منها ما حكاه المصنف في المختلف عن المرتضى في جواب المسائل الميافارقيات نجاسة الخمر أغلظ من سائر النجاسات لأن الدم و إن كان نجسا فقد أبيح لنا أن نصلي في الثوب إذا كان فيه دون قدر الدرهم و البول قد عفي فيما ترشش عند الاستنجاء كرءوس الإبر
الثالث ما حكي عن الصدوقين من طهارة مكان دون الحمصة من الدم الذي ليس بدم حيض
احتج المصنف للمشهور بأن اسم النجاسة يصدق على القليل فيجب إزالته للعمومات و بصحيح عبد الرحمن بن الحجاج السابقة عند شرح قول المصنف و لا بد من العصر إلاّ في بول الرضيع الدالة على وجوب غسل ما استبان من البول و سائر الأخبار الدالة على نجاسة البول و غيره دال على العموم من غير تخصيص ببعض الأفراد نعم ورد في الدم و البول روايات تدل على المخالفة في بعض الأفراد كرواية مثنى بن عبد السّلام عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام قال قلت له أني حككت جلدي فخرج منه دم فقال إن اجتمع قدر حمصة فاغسله و إلاّ فلا و لعل تعويل الصدوقين على هذا الخبر لكنه ليس بصحيح و رواية الحلبي قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصّلاة قال لا و لا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ننضحه و لا نغسله و في طريق هذا الخبر محمد بن سنان و هو ضعيف و رواية الصدوق عن ابن أبي عمير بإسناد لا يبعد أن يعد من الصحاح عن حكم بن حكيم بن أبي خلاد أنّه سأل أبا عبد اللّٰه عليه السلام فقال له أبول فلا أصيب الماء و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط و بالتراب ثم يعرق يدي فأمسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي فقال لا بأس به و رواه الكليني في الكافي بإسناد حسن عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الحكم بن حكيم الصيرفي و صحيحة صفوان عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرف ذكره و فخذاه قال يغسل يده و فخذيه و سألته عن من مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا و هذان الخبران صحيحان لكن مضمونهما غير مطابق الدعوى المخالف مع مخالفتهما للمشهور و صحيحة علي بن مهزيار و رواية الحسن ابن زياد و رواية ابن مسكان و قد سبقت الروايات الثلاثة عند شرح قول المصنف و الناسي يعيد في الوقت خاصة و بالجملة الاعتماد على المشهور قوي
مشارق الشموس، ج 3، ص 35
ثمّ اعلم، أنّ الظاهر من كلام الأصحاب أنّه، لا فرق في تنجس القليل، بين ملاقاته بالنجاسة و المتنجس. و يمكن الاستدلال عليه أيضاً، بظاهر بعض الروايات السالفة المتضمنة للتنجس بسبب إدخال اليد فيه، و إن كان يمكن حمله على بقاء عين النجاسة فيها، و بالجملة، الأولى تعميم الحكم، و اللّٰه أعلم بحقائق أحكامه.
مشارق الشموس، ج 3، ص 399-400
و قد يستدل على الحكم بوجهين آخرين: أحدهما: ما رواه زرارة، في الصحيح، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت، فإن كان جامداً فألقها و ما يليها و كلّ ما بقي، و إن كان ذائباً فلا تأكله و استصبح الزيت. مثل ذلك. و ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة؟ فقال: يهراق مرقها فيغسل اللحم و يؤكل. و ثانيهما: أنّ المائع قابل للنجاسة و النجاسة موجبة لنجاسة ما لاقته، فيظهر حكمها عند الملاقاة، ثمّ يسري النجاسة بممازجة المائع بعضه بعضاً. و في الوجهين نظر. أمّا الخبر الأوّل: فلأنّه ليس فيما نحن فيه، إذ المضاف في الاصطلاح لا يشمل الدهن و الزيت، و قياسه عليهما باعتبار الاشتراك في الميعان إنّما يتمّ لو ثبت عليه مطلق الميعان و لم يثبت. و أيضاً لا تصريح فيه بالنجاسة بل إنّما نهى عن الأكل و هو لا يستلزم النجاسة، إذ يجوز أن يكون أكله حراماً و لم يكن نجساً، مع أنّ حرمة الأكل أيضاً غير ظاهرة، لعدم ظهور النهي في التحريم. و الخبر الثاني: غير صحيح مع عدم ظهوره في النجاسة. و أمّا الوجه الثاني: فلعدم دليل عام يدلّ على نجاسة جميع المائعات بملاقاة النجاسة أو المتنجس بأيّ نحو كان، فإذن التعويل في الحكم على الإجماع.
مشارق الشموس، ج 3، ص 402
و فيه نظر، إذ صيرورته في حكم المضاف في جميع الأحكام، ممّا لا دليل عليه و الروايات المتقدمة الدالّة على نجاسة الماء بالتغيّر إنّما يختصّ بتغيّره بعين النجاسة، و لا شمول لها بحيث يشمل المتنجس أيضاً.
معتصم الشیعه، ج 2، ص 103-104
و الحقّ أنّ القول بانفعال القليل بالنجاسة لا يجتمع مع القول بجواز إزالة النجاسة بالقليل، و قد جمع أكثر الأصحاب بينهما؛ فحمَلهم ذلك إلى مثل هذه التكلّفات. و هذا من أقوى الحجج على عدم انفعال القليل، لأنّ جواز إزالة النجاسة بالقليل ممّا ليس إلى ردّها سبيل. و الذي يخطر بالبال أنّ أحسن ما يقال في دفع هذا الإشكال - بعد تسليم الانفعال - أنّه مختصّ بملاقاة النجاسة العينيّة دون المتنجّس، إذ لا يستفاد من الدليل الدالّ عليه أزيد من ذلك كما ستطّلع عليه.
مفاتیح الشرایع، ج 1، ص 164
[اختصاص انفعال القليل بملاقاة النجاسة العينية دون المتنجس] و ظنّي أنّ القائل بانفعال القليل بمجرّد الملاقاة لا بدّ له من ارتكاب أحد الأمرين: إمّا تخصيص ذلك بالملاقي بالنجاسة العينيّة دون المتنجّس أو عدم جواز الإزالة بالقليل مطلقاً ، و الثاني خلاف الإجماع بل الضرورة من الدين؛ فيتعيّن الأوّل كما مرّ . و يؤيّده أنّه لا يستفاد من الدليل الدالّ عليه أزيد من ذلك. و على هذا فيجب التزام وجوب المرّتين في كلّ نجاسة، ليزال بالأولى العين و يكون الغسالة و المحلّ متنجّسين و يحصل بالثانية التطهير و يكونان طاهرين من غير فرق بين الورودين. و له شواهد من الروايات، إلّا أنّه لم أجد به قائلاً ، و الأمر فيه عندي سهل كما سيظهر.
الوافي، ج6، ص: 144
[23]
3966- 23 الكافي، 3/ 55/ 4/ 1 التهذيب، 1/ 250/ 7/ 1 الثلاثة
الوافي، ج6، ص: 145
عن هشام بن سالم عن الفقيه، 1/ 69/ 158 حكم بن حكيم الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله ع أبول فلا أصيب الماء و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط و التراب ثم تعرق يدي فأمسح [فأمس] وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا بأس به.
بيان
الوجه في ذلك أمران أحدهما أن بالمسح بالحائط و التراب زال العين و لم يبق من البول شيء فما يلاقيه برطوبة فإنما يلاقي اليد المتنجسة لا النجاسة العينية و التطهير لا يجب إلا من ملاقاة عين النجاسة.
و الثاني أنه لم يتيقن إصابة البول جميع أجزاء اليد و لا وصول جميع أجزاء اليد إلى الوجه أو الجسد أو الثوب و لا شمول العرق كل اليد فلا يخرج شيء من الثلاثة عما كان عليه من الطهارة باحتمال ملاقاة البول فإن اليقين لا ينقض بالشك أبدا و إنما ينقض بيقين مثله كما يأتي في باب التطهير من المني النص عليه
[24]
3967- 24 الكافي، 3/ 56/ 7/ 1 العدة عن أحمد عن علي بن الحكم عن الفضيل «1» بن غزوان عن الحكم بن حكيم قال قلت لأبي عبد الله
__________________________________________________
(1). فى الكافي الفضل مكان الفضيل و قال في جامع الرواة ج 2 ص 11 الفضيل بن غزوان الضبى مولاهم أبو الفضل الكوفي ثقة من كبار السابقة مات سنة أربعين و مائة [ابن حجر] ثم قال: تقدم عن [ق] الفضل و التصغير اصح كما ياتى في ابنه محمد «مح» ثم أشار الى هذا الحديث عنه بعنوان فضيل «ض. ع».
الوافي، ج6، ص: 146
ع إني أغدو إلى السوق فأحتاج إلى البول و ليس عندي ماء ثم أتمسح و أتنشف بيدي ثم أمسحها بالحائط و بالأرض ثم أحك جسدي بعد ذلك قال لا بأس.
بيان
و ذلك لأن اليابس لا يتعدى
[25]
3968- 25 التهذيب، 1/ 421/ 6/ 1 الحسين عن صفوان عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذاه قال يغسل ذكره و فخذيه و سألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا.
[26]
3969- 26 التهذيب، 1/ 421/ 7/ 1 عنه عن صفوان عن البجلي قال سألت أبا إبراهيم ع عن رجل يبول بالليل فيحسب أن البول أصابه فلا يستيقن فهل يجزيه أن يصب على ذكره إذا بال و لا يتنشف قال يغسل ما استبان أنه أصابه و ينضح ما يشك فيه من جسده أو ثيابه و يتنشف قبل أن يتوضأ.
بيان
و لا يتنشف يعني لا يجفف ذكره و الموضع الذي يحسبه أنه أصابه البول و هو كناية عن عدم مبالاته بتلك الإصابة و لا بتعديها إلى موضع آخر و يتنشف قبل أن يتوضأ يعني لا بد من تجفيف الذكر و الموضع قبل أن يغسل أو ينضح إن
الوافي، ج6، ص: 147
كان يؤخر الغسل أو النضح كما كان دأبهم غالبا لئلا يتعدى إلى الثوب و غيره
[27]
3970- 27 الكافي، 3/ 19/ 1/ 1 التهذيب، 1/ 356/ 26/ 1 الأربعة عن محمد قال قلت لأبي جعفر ع رجل بال و لم يكن معه ماء- فقال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه فإن خرج بعد ذلك شيء فليس من البول و لكنه من الحبائل.
بيان
النتر الجذب و الاستنتار من البول استخراج بقيته من الذكر بالاجتذاب و الاهتمام به و الحبائل عروق في الظهر و حبال الذكر عروقه
[28]
3971- 28 التهذيب، 1/ 27/ 9/ 1 المشايخ عن سعد عن أحمد عن الحسين و محمد بن خالد البرقي عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله ع في الرجل يبول قال ينتره ثلاثا ثم إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي.
[29]
3972- 29 التهذيب، 1/ 20/ 50/ 1 محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن عبد الملك بن عمرو عن الفقيه، 1/ 65/ 148 أبي عبد الله ع في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال إذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجى فإن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي.
الوافي، ج6، ص: 148
بيان
الخرط أن تقبض على الشيء على طرفه ثم تمر يدك عليه إلى الطرف الآخر و السوق جمع الساق
[30]
3973- 30 التهذيب، 1/ 28/ 11/ 1 الصفار عن محمد بن عيسى قال كتب إليه رجل هل يجب الوضوء مما خرج من الذكر بعد الاستبراء- فكتب نعم.
بيان
حمله في التهذيبين على الاستحباب و في الإستبصار جوز حمله على التقية أيضا لموافقته لمذهب أكثر العامة
[31]
3974- 31 التهذيب، 1/ 49/ 80/ 1 محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن محمد بن خالد عن ابن بكير قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يبول فلا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال كل شيء يابس زكي.
بيان
يعني لا بأس به فإنه إذا فعل ذلك و جفف المحل المتنجس فلا ينجس بعد ذلك ثوبه و لا بدنه لأن اليابس لا يتعدى فإذا وجد الماء غسله
[32]
3975- 32 الكافي، 3/ 20/ 4/ 1 علي عن أبيه عن حنان بن سدير
الوافي، ج6، ص: 149
التهذيب، 1/ 348/ 14/ 1 محمد بن أحمد عن أحمد عن التهذيب، 1/ 353/ 13/ 1 الحسين عن ابن أبي عمير عن حنان قال سمعت رجلا سأل أبا عبد الله ع فقال إني ربما بلت فلا أقدر على الماء و يشتد ذلك علي فقال إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك فإن وجدت شيئا فقل هذا من ذاك.
[33]
3976- 33 الفقيه، 1/ 69/ 160 سأل حنان بن سدير أبا عبد الله ع الحديث.
بيان
لعله شكا عن البلل الذي ربما يجده الإنسان في ثوبه أو بدنه بعد البول بزمان و هو قد يكون من العرق و قد يكون خارجا من مخرج البول و على التقديرين فإن قيل بتعدي النجاسة من المتنجس ينجس به البدن و الثوب إذا لم يكن قد استنجى من البول بعد بالماء لملاقاته ذلك المحل المتنجس فعلمه ع حيلة شرعية ليتخلص بها عن مضيق هذا الحرج المنفي في الدين بأن يمسح غير المخرج من ذكره أعني مواضعه الطاهرة بريقه بعد ما تمسح المخرج أي نشفه بحجر أو تراب أو خرقة فإن وجد بللا بعد ذلك قرر في نفسه أنه من ذلك الريق ليس من العرق و لا خارجا من المخرج فإنه يجوز أن يكون من الريق كما يجوز أن يكون من أحد الأمرين فإذا لم يتيقن النجاسة لم تجب عليه إزالته.
و يحتمل الحديث معنى آخر و هو أن تكون شكايته عن انتقاض وضوئه بالبلل الذي يجده بعد التمسح لاحتمال كونه بولا كما يستفاد من أخبار الاستبراء و ذكر
الوافي، ج6، ص: 150
العجز عن الماء على هذا التقدير يكون لتعذر إزالة البلل عن ثوبه و سائر بدنه حينئذ فإنه قد تعدى من المخرج إليهما و هذا كما ذكر العجز في حديث محمد السابق في الاستبراء.
و على هذا لا يحتاج إلى تكلف تخصيص التمسح بالريق بالمواضع الطاهرة و لا إلى تكلف تعدي النجاسة من المتنجس بل يصير الحديث دليلا على عدم التعدي منه فإن التمسح بالريق مما يزيدها تعديا و هذا المعنى أوفق بالأخبار الأخر و هذان الأمران أعني عدم الحكم بالنجاسة إلا بعد التيقن و عدم تعدي النجاسة من المتنجس بابان من رحمة الله الواسعة فتحهما لعباده رأفة بهم و نعمة لهم و لكن أكثرهم لا يشكرون فينتقم الله منهم بابتلائهم بالوسواس و اتباعهم للخناس يوسوس في صدور الناس من الجنة و الناس
قال أبو جعفر الباقر ع إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم و إن الدين أوسع من ذلك.
و سيأتي هذا الحديث مسندا في كتاب الصلاة إن شاء الله
[34]
3977- 34 التهذيب، 1/ 51/ 89/ 1 ابن محبوب عن النهدي عن الحكم بن مسكين عن سماعة قال قلت لأبي الحسن موسى ع إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي قال ليس به بأس.
بيان
لا يخفى على من فك رقبته عن ربقة التقليد أن هذه الأخبار و ما يجري مجراها صريحة في عدم تعدي النجاسة من المتنجس إلى شيء قبل تطهير و إن كان رطبا إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح و نحوه و إنما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير على أنا لا نحتاج إلى دليل في ذلك فإن عدم الدليل على وجوب الغسل دليل
الوافي، ج6، ص: 151
على عدم الوجوب إذ لا تكليف إلا بعد البيان
الوافی، ج 6، ص 1÷44-145
3966-23 الكافي ، 1/4/55/3 التهذيب ، 1/7/250/1 الثلاثة عن هشام بن سالم عن الفقيه ، 158/69/1 حكم بن حكيم الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام أبول فلا أصيب الماء و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط و التراب ثم تعرق يدي فأمسح [فأمس] وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا بأس به. بيان الوجه في ذلك أمران أحدهما أن بالمسح بالحائط و التراب زال العين و لم يبق من البول شيء فما يلاقيه برطوبة فإنما يلاقي اليد المتنجسة لا النجاسة العينية و التطهير لا يجب إلا من ملاقاة عين النجاسة. و الثاني أنه لم يتيقن إصابة البول جميع أجزاء اليد و لا وصول جميع أجزاء اليد إلى الوجه أو الجسد أو الثوب و لا شمول العرق كل اليد فلا يخرج شيء من الثلاثة عما كان عليه من الطهارة باحتمال ملاقاة البول فإن اليقين لا ينقض بالشك أبدا و إنما ينقض بيقين مثله كما يأتي في باب التطهير من المني النص عليه
الوافی، ج 6، ص 150-151
3977-34 التهذيب ، 1/89/51/1 ابن محبوب عن النهدي عن الحكم بن مسكين عن سماعة قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي قال ليس به بأس.
بيان لا يخفى على من فك رقبته عن ربقة التقليد أن هذه الأخبار و ما يجري مجراها صريحة في عدم تعدي النجاسة من المتنجس إلى شيء قبل تطهير و إن كان رطبا إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح و نحوه و إنما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير على أنا لا نحتاج إلى دليل في ذلك فإن عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف إلا بعد البيان
الحدائق، ج 1، ص 409
(رابعها) - انه قد تفرد بان المتنجس لا ينجس، بمعنى ان النجاسة لا تتعدى إلا من عين النجاسة دون محلها بعد زوال العين، مع حكمه هناك ببقاء المحل على النجاسة و احتياجه الى التطهير. و ظاهر كلامه - كما سيأتي ذكره ان شاء الله تعالى - أعم من ان يكون في البدن أو غيره. و هنا قد حكم بالطهارة بمجرد زوال العين في غير الموضعين المشار إليهما في كلامه. و لا يخفى عليك ما بينهما من التدافع. و سيأتي الكلام معه أيضا في هذه المسألة ان شاء الله تعالى.
حدائق، ج 2، ص 11
تنبيهات (الأول) - [تنجيس المتنجس] تفرد المحدث الكاشاني (قدس سره) بمسألة ذهب إليها و استند الى هذين الخبرين في الدلالة عليها، و هي ان المتنجس بعد ازالة عين النجاسة عنه بالتمسح لا تتعدى نجاسته إلى ما يلاقيه برطوبة. و قد أشبعنا الكلام معه في جملة من فوائدنا، و لا سيما في رسالتنا قاطعة القال و القيل في نجاسة الماء القليل، فانا قد أحطنا فيها بأطراف الكلام بإبرام النقض و نقض الإبرام، و لنشر هنا إلى نبذة من ذلك كافلة بتحقيق ما هنالك.
حدائق، ج 2، ص 7-17
و (منها) - الاستنجاء من البول بالماء خاصة إجماعا فتوى و رواية، فلا يجزي المسح بحائط أو تراب أو يد أو غير ذلك و لو حال الاضطرار، بل غايته منع التعدي للملاقي كما دلت عليه موثقة ابن بكير عن الصادق (عليه السلام) «في الرجل يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط؟ فقال: كل شيء يابس ذكي». و يدل على أصل الحكم قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة زرارة : «و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة من رسول اللّٰه (صلى اللّٰه عليه و آله) اما البول فإنه لا بد من غسله». و قوله (عليه السلام) أيضا في رواية بريد بن معاوية : «و لا يجزى من البول إلا الماء». و يدل عليه أيضا الأخبار الدالة على وجوب غسل الذكر على من صلى قبل غسل ذكره من غير استفصال. و منها - صحيحة عمرو بن أبي نصر قال: «قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أبول و أتوضأ و انسى استنجائي ثم اذكر بعد ما صليت؟ قال: اغسل ذكرك و أعد صلاتك و لا تعد وضوءك». و صحيحة ابن أذينة قال: «ذكر أبو مريم الأنصاري: ان الحكم ابن عتيبة بال يوما و لم يغسل ذكره متعمدا، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام) فقال: بأس ما صنع، عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته، و لا يعيد وضوءه». و بمضمونها أخبار أخر سيأتي ذكرها ان شاء اللّٰه تعالى.
و اما رواية سماعة قال: «قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): اني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي؟ قال: ليس به بأس». و موثقة حنان قال: «سمعت رجلا سأل أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) فقال: اني ربما بلت فلا أقدر على الماء و يشتد ذلك علي؟ فقال: إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك، فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك».
فإنهما بحسب ظاهرهما منافيان لما قدمنا من الاخبار، لدلالة ظاهر الاولى على الاكتفاء بالتمسح بالأحجار، بقرينة نفي البأس عما يفسد سراويله من البلل بعد التمسح، و الثانية على الاكتفاء بالتمسح بقرينة مسح الذكر. و الجواب عنهما - بعد الإغماض عن المناقشة في السند بعدم المقاومة لما تقدم من الاخبار الصحاح - بالطعن في الدلالة. (اما الأولى) فيما أجاب الشيخ (قدس سره) في الاستبصار من انه ليس في الخبر انه قال: يجوز له استباحة الصلاة بذلك و ان لم يغسله، و إنما قال: ليس به بأس، يعني بذلك البلل الذي يخرج منه بعد الاستبراء، و ذلك صحيح، لأنه المذي، و هو طاهر. و أجاب بعض محققي مشايخنا من متأخري المتأخرين - و تبعه والدي (قدس سره) في بعض فوائده لكن نسبه إلى البعد - بان وجدان ما يفسد سراويله من البلل لكثرته - مع عدم القطع بخروجه من مخرج البول الباقي على النجاسة - لا بأس به، لأصالة الطهارة و احتمال كونه من غير المخرج و غير متصل به. أقول: و يحتمل ان يكون مورد الخبر بالنسبة إلى من كان فاقدا للماء و تيمم بعد الاستبراء و التجفيف بالأحجار، فإنه لا بأس بالخارج بعد ذلك بمعنى انه لا يكون ناقضا للتيمم و ان كان نجسا باعتبار ملاقاة المحل النجس إلا انه غير واجد للماء، و ربما يستأنس لذلك بالتمسح بالأحجار. و ظني ان هذا الجواب أقرب مما ذكره شيخنا المتقدم.
و (اما الثانية) فالظاهر منها ان السائل شكى إليه انه ربما بال و ليس معه ماء، و يشتد ذلك عليه بسبب عرق ذكره بعد ذلك أو بلل يخرج منه، فيلاقي مخرج البول فينجس به ثوبه و بدنه، فعلمه (عليه السلام) حيلة شرعية يتخلص بها من ذلك، و هو ان يمسح غير المخرج من الذكر اعني المواضع الطاهرة منه من بلل ريقه بعد ما ينشف المخرج بشيء، حتى لو وجد بللا بعد ذلك لقدر في نفسه انه يجوز ان يكون من بلل ريقه الذي وضعه و ليس من العرق و لا من المخرج، فلا يتيقن النجاسة من ذلك البلل حينئذ. و بالجملة الحكمة في الأمر بمسح الذكر بالريق فعل أمر يجوز العقل استناد ما يجده من البلل اليه، ليحصل عنده الاشتباه و عدم القطع بحصوله من المخرج أو ملاقاته، و مع الاشتباه يبنى على أصالة الطهارة. ف كل شيء طاهر حتى يعلم انه قذر (1). و الناس في سعة ما لم يعلموا . و ما أبالي أ بول أصابني أو ماء إذا لم أعلم . و هذه حكمة ربانية لدفع الوساوس الشيطانية، و مثلها في الأخبار غير عزيز. و أجاب في المدارك عن هذه الرواية - بعد الطعن في السند - بالحمل على التقية، أو على ان المراد نفي كون البلل الذي يظهر على المحل ناقضا. و فيه ان الظاهر بعد الحمل على التقية، لأن المسح بالتراب مطهر عند العامة و اما الجواب الثاني فسيظهر ما فيه.
تنبيهات
(الأول) - [تنجيس المتنجس]
تفرد المحدث الكاشاني (قدس سره) بمسألة ذهب إليها و استند الى هذين الخبرين في الدلالة عليها، و هي ان المتنجس بعد ازالة عين النجاسة عنه بالتمسح لا تتعدى نجاسته إلى ما يلاقيه برطوبة. و قد أشبعنا الكلام معه في جملة من فوائدنا، و لا سيما في رسالتنا قاطعة القال و القيل في نجاسة الماء القليل، فانا قد أحطنا فيها بأطراف الكلام بإبرام النقض و نقض الإبرام، و لنشر هنا إلى نبذة من ذلك كافلة بتحقيق ما هنالك. فنقول: قال الفاضل المذكور في كتاب الوافي - بعد نقل موثقة حنان المذكورة و ذكر المعنى الذي حملنا عليه الخبر أولا - ما صورته: «و يحتمل الحديث معنى آخر، و هو ان تكون شكايته من انتقاض وضوئه بالبلل الذي يجده بعد التمسح لاحتمال كونه بولا كما يستفاد من اخبار الاستبراء. و ذكر العجز عن الماء على هذا التقدير يكون لتعذر ازالة البلل عن ثوبه و سائر بدنه حينئذ، فإنه قد تعدى من المخرج إليهما و هذا كما ذكر العجز في حديث محمد السابق في الاستبراء . و على هذا لا يحتاج الى تكلف تخصيص التمسح بالريق بالمواضع الطاهرة، و لا إلى تكلف تعدي النجاسة من المتنجس، بل يصير الحديث دليلا على عدم التعدي منه، فان التمسح بالريق مما يزيدها تعديا. و هذا المعنى أوفق بالأخبار الأخر. و هذان الأمران - أعني عدم الحكم بالنجاسة إلا بعد التيقن و عدم تعدي النجاسة من المتنجس - بابان من رحمة اللّٰه الواسعة فتحهما لعباده رأفة بهم و نعمة لهم و لكن أكثرهم لا يشكرون. ثم نقل خبر سماعة المتقدم ،و قال بعده: لا يخفى على من فك رقبته من ربقة التقليد ان هذه الأخبار و ما يجري مجراها صريحة في عدم تعدي النجاسة من المتنجس إلى شيء قبل تطهيره و ان كان رطبا إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح و نحوه، و انما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير. على انا لا نحتاج إلى دليل في ذلك. فان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب، إذ لا تكليف إلا بعد البيان» و نحوه ذكر في كتاب المفاتيح.
أقول: ما ذكره (قدس سره) في هذا المقام غير تام، لتوجه البحث اليه من وجوه:
(أحدها) - انه لا دلالة في خبر حنان على هذا الوصف الذي بنى عليه هذه المباني المتعسفة، و ارتكب فيه هذه الاحتمالات المتكلفة.
و (ثانيها) - انه لو كانت شكاية السائل إنما هي من حيث خوف انتقاض وضوئه بالبلل الخارج من جهة احتمال كونه بولا، لكان جوابه بالأمر بالاستبراء بعد البول، فان حكمة الاستبراء هو البناء على طهارة ما يخرج بعده و عدم نقضه. و (ثالثها) - انه لو كان وجه الحكمة في الأمر بوضع الريق على مخرج البول هو عدم انتقاض الطهارة - بمعنى ان ينسب ذلك البلل الذي يجده إلى الريق ليكون غير ناقض، و لا ينسبه إلى الخروج من الذكر فيكون ناقضا - فأي فرق في ذلك بين الحكم بتعدي النجاسة من المخرج بعد مسحها و عدم تعديها؟ فان وجه الحكمة يحصل على كلا التقديرين، فانا لو قلنا بالتعدي و مسح المخرج بريقه لقصد هذه الحكمة و كون الخارج غير ناقض أمكن و ان كان نجسا. و بالجملة فإنه لا منافاة بين حصول هذه الحكمة و بين القول بتعدي النجاسة.
و (رابعها) - ان ما ادعاه - من أوفقية هذا المعنى بالاخبار - غير ظاهر، فان من جملة تلك الأخبار رواية حكم بن حكيم الصيرفي قال: «قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أبول فلا أصيب الماء، و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحهبالحائط أو التراب، ثم تعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال: لا بأس به». و عجز صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) حيث قال فيها: «و سألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه؟ قال: لا». و لا دلالة فيهما على كون اصابة الثوب و مسح الوجه أو بعض الجسد بذلك الموضع النجس، و لا على كون النجاسة شاملة لليد كملا، حتى تستلزم الإصابة ببعض منها ذلك، بل هما أعم من ذلك. و نفي البأس فيهما إنما وقع لذلك، لانه ما لم يعلم وصول النجاسة إلى شيء و مباشرتها له برطوبة فلا يحكم بالنجاسة. و هذا بحمد اللّٰه ظاهر لا سترة عليه.
و الحمل على ما ذكرنا نظيره في الأخبار غير عزيز. فان كثيرا من الأخبار ما يوهم بظاهره ما أوهمه هذان الخبران مما هو مخالف لما عليه الفرقة الناجية (أنار اللّٰه برهانها) و يحتاج في تطبيقه إلى نوع تأويل.
مثل صحيحة زرارة قال: «سألته عن الرجل يجنب في ثوبه، أ يتجفف فيه من غسله؟ فقال: نعم لا بأس به إلا ان تكون النطفة فيه رطبة، فإن كانت جافة فلا بأس». قال الشيخ (قدس سره): «ان التجفيف المذكور في هذا الخبر محمول على عدم اصابة محل المني» انتهى. و ربما أشكل ذلك بأنه لا وجه حينئذ لاستثنائه النطفة الرطبة دون الجافة، لاشتراكهما في حصول البأس مع الإصابة لهما و انتفائه مع عدم أصابتهما. و يمكن ان يقال ان الرطوبة مظنة التعدي في الجملة.
و صحيحة أبي أسامة قال: «قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): تصيبني السماء و على ثوب فتبله و أنا جنب، فيصيب بعض ما أصاب جسدي من المني، أ فأصلي فيه؟ قال: نعم». و يمكن تأويله بأن البلل جاز ان لا يعم الثوب بأسره و تكون اصابة الثوب ببعض منه ليس فيه بلل، و يجوز ان يكون البلل قليلا بحيث لا تتعدى معه النجاسة و ان كان شاملا للثوب باصرة، كذا افاده والدي (قدس سره) في بعض فوائده. و مثل ذلك في الأخبار كثير يقف عليه المتتبع. و الغرض التنبيه على قبول ما استدل به للتأويل كما في نظائره الواردة من هذا القبيل، فلا يحتج به إذا على خلاف النهج الواضح السبيل الذي عليه عامة العلماء جيلا بعد جيل.
و (خامسها) - ان صدر صحيحة العيص المتقدم نقل عجزها - حيث قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذاه. قال: يغسل ذكره و فخذيه. الحديث» -. واضح الدلالة في إبطال هذه المقالة، فإن ظاهر جملة «و قد عرق ذكره. إلخ» انها معطوفة على ما تقدمها، و حينئذ فتدل الرواية على ان العرق إنما وقع بعد البول و مسح الذكر، و قد أمر (عليه السلام) بغسل الذكر و الفخذين لذلك العرق المتعدي من مخرج البول بعد مسحه، و هو دليل على تعدي النجاسة بعد المسح. و اما ما توهمه بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين - من ان الرواية المذكورة بطرفيها مما يمكن ان يستدل به على ما ذهب اليه المحدث الكاشاني، بأن يقال: الفرق بين الذكر و الفخذ عند عرقهما قبل التطهير الشرعي و بين الثوب عند اصابته بعرق اليد الماسحة للذكر قبله - بالأمر بغسلهما دونه - لا وجه له ظاهرا سوى الفرق بين ما يلاقي المتنجس و ما يلاقي عين النجاسة، فإن غسلهما إنما هو لملاقاتهما بالرطوبة للمحل النجس قبل زوال عين النجاسة بالمسح بالحجر، كما ترشد اليه و أو الحال و ذلك يقتضي تعديها من المحل إلى ما يجاوره و يلاصقه من بقية اجزاء الذكر و الفخذ، بخلاف الثوب، فان ملاقاته إنما وقعت بالمتنجس و هي اليد الماسحة بعد زوال عين النجاسة من الماسح و الممسوح - فهو ظاهر السقوط، فان مفاد عطف مسح الذكر على البول بالفاء التي مقتضاها الترتيب بغير مهلة هو كون المسح وقع عقيب البول بلا فصل، و لا يعقل على هذه الحال حصول العرق للذكر و الفخذ على وجه يتعدى من الذكر اليه قبل المسح، حتى يتم ما ذكره من ان غسلهما إنما هو لملاقاتهما بالرطوبة للمحل النجس قبل زوال عين النجاسة بالمسح بالحجر. إلخ، و كذا لا يعقل انه تركه بغير مسح حتى يتردد في المغدى و المجيء على وجه يعرق ذكره و فخذاه و عين البول باقية ضمن تلك المدة، حتى انه بسبب العرق تتعدى نجاسة البول إلى فخذيه مثلا، بل من المعلوم انه بمجرد المغدى و المجيء تتعدى النجاسة مع وجود عينها من غير حصول عرق إلى سائر بدنه و ثيابه، بل الوجه الظاهر البين الظهور - ان تنزلنا عن دعوى القطع الذي ليس بمستبعد و لا منكور - ان المراد من الخبر إنما هو السؤال عن انه متى بال و لم يكن معه ماء فمسح ما بقي على طرف ذكره من البول لئلا يتعدى إلى ثوبه أو بدنه فينجسه، ثم انه بعد ذلك حصل عرق في ذكره و فخذيه بحيث علم تعدي العرق من المحل المتنجس إلى الفخذ و ملاقاة أحدهما للآخر برطوبة، فأجاب (عليه السلام) بوجوب غسل ذكره و فخذيه لتعدي النجاسة على ما ذكرنا، و حينئذ فجملة «و قد عرق» معطوفة كما ذكرنا لا حالية كما ذكره (قدس سره) و اما قوله: «بخلاف الثوب فان ملاقاته إنما وقع بالمتنجس» ففيه ما عرفت آنفا.
و (سادسها) - ان ما ذكره - من ان عدم الدليل دليل على العدم - مسلم لو لم يكن ثمة دليل. و الأدلة على ما ندعيه - بحمد اللّٰه - واضحة و أعلامها لائحة. فمن ذلك - صحيح العيص المذكور على ما أوضحناه من الوجه النير الظهور و من ذلك - استفاضة الأخبار بغسل الأواني و الفرش و البسط و نحوها متى تنجس شيء منها، فان من المعلوم ان الأمر بغسلها ليس إلا لمنع تعدي نجاستها إلى ما يلاقيها برطوبة مما يشترط فيه الطهارة. و لو كان مجرد زوال العين كافيا في جواز استعمال تلك الأشياء لما كان للأمر بالغسل فائدة، بل ربما كان محض عبث، لان تلك الأشياء بنفسها لا تستعمل فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة فيها و نحوه حتى يقال ان الأمر بغسلها لذلك، فلا يظهر وجه حسن هذا التكلف. هذا مع بناء الشريعة على السهولة و التخفيف.
و من ذلك - أخبار نجاسة الدهن و الدبس المائعين و نحوهما بموت القارة و نحوها و ربما خص بعضهم موضع خلافه في هذه المسألة بالأجسام الصلبة بعد ازالة عين النجاسة عنها بالتمسح و نحوه، كما هو مورد الموثقة التي استند إليها و عول في المقام عليها . و ربما أيد أيضا بقوله فيما قدمنا نقله عنه: «إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح و نحوه. و فيه ان قوله في تتمة العبارة المذكورة -: «و انما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير» - صريح في العموم. و يدل أيضا عليه بأوضح دلالة ما صرح به في كتاب المفاتيح في مفاتيح النجاسات حيث قال بعد ذكر النجاسات العشر في مفاتيح متعددة - ما صورته: «مفتاح - كل شيء غير ما ذكر فهو طاهر ما لم يلاق شيئا من النجاسات برطوبة، للأصل السالم من المعارض، و للموثق: «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر.» .» فان تخصيصه الاستثناء بما يلاقي شيئا من النجاسات خاصة يدل على ان ما لاقى المتنجس صلبا كان أو مائعا بعد ازالة عين النجاسة فهو داخل في كلية الطهارة بلا اشكال. و انما أطلنا الكلام و ان كان خارجا عن المقام لسريان الشبهة في أذهان جملة من الاعلام.
الحدائق، ج 5، ص 266-276
(المسألة الثالثة) -[تنجيس المتنجس و عدمه]
قد تفرد المحدث الكاشاني بالقول بان المتنجس إذا أزيلت عنه عين النجاسة بالتمسح و نحوه فإنه لا تتعدى نجاسته الى ما يلاقيه في موضعها و لو مع الرطوبة و بالغ في نصرته و شنع على من خالفه،قال في المفاتيح: انما يجب غسل ما لاقى عين النجاسة و اما ما لاقى الملاقي لها بعد ما أزيل عنه بالتمسح و نحوه بحيث لا يبقى فيه شيء منها فلا يجب غسله كما يستفاد من المعتبرة على انا لا نحتاج الى دليل على ذلك فان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف إلا بعد البيان و لا حكم إلا بعد البرهان، إلا ان هذا الحكم مما يكبر في صدور الذين غلب عليهم التقليد من أهل الوسواس الذين يكفرون بنعمة الله تعالى و لا يشكرون سعة رحمة الله سبحانه و في الحديث «ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم و ان الدين أوسع من ذلك». انتهى. أقول: ان عبارته و كلامه لا يخلو من إجمال و اختلال (اما الأول) فإن مقتضى قوله: «انما يجب غسل ما لاقى عين النجاسة» هو ان تعدي النجاسة يدور مدار الملاقاة لعين النجاسة وجودا و عدما دون الملاقاة للمتنجس أعم من ان تكون عين النجاسة مصاحبة له أم لا إذا لم يستلزم ملاقاة العين، و على هذا يستفاد منه الحكم بطهارة كل ما لم يلاق عين النجاسة سواء لاقى المحل بعد زوال عين النجاسة عنه كما ذكره أو لاقاه و العين باقية فيه لكن على وجه لا تصل إلى الملاقي، و مقتضى قوله: «و اما ما لاقى الملاقي لها بعد ما أزيل عنه العين. إلخ» ان تعدى النجاسة لا يدور مدار ملاقاة العين بخصوصها بل هو أعم من الملاقاة لها أو للمحل الذي هي فيه بشرط كونه مائعا مصاحبا للنجاسة، و على هذا فيستفاد منه تخصيص الطهارة بما لاقى محل النجاسة بعد ما أزيل عنه العين أعم من ان يكون محل النجاسة مائعا كالدهن المائع و نحوه أو غير مائع كالبدن و الخشب و الثوب و نحوها. و (اما الثاني) - فإن كلامه على كلا الاحتمالين مردود، اما على تقدير الاحتمال الأول - من دوران الطهارة و النجاسة مدار الملاقاة للعين وجودا و عدما - ففيه انه معلوم البطلان لاستفاضة الروايات بما ينافيه كروايات نجاسة الدهن و الدبس المائعين بوقوع الفأرة و موتها فيه و نجاسة الأواني لنجاسة مياهها. و أما على تقدير الاحتمال الثاني - و لعل مراده ذلك و لعل في تصريحه بذلك الفرد الخاص اشعارا به - ففيه ان المفهوم من كلامه كما أشرنا إليه آنفا هو عدم تعدي نجاسة ذلك المحل الذي فيه النجاسة بعد زوال العين منه أعم من ان يكون مائعا أو جامدا، مثلا - لو وضعت إصبعا في دهن نجس بعد رفع عين النجاسة فإنه لا يقتضي نجاسة الإصبع، و هذا في البطلان أظهر من ان يحتاج الى بيان لدلالة الأخبار على نجاسة الدهن و نجاسة ما تعدى اليه و لهذا حرم اكله و الانتفاع به إلا في الإسراج و نحوه، اللهم إلا ان يخص الدعوى بغير المائع كالخشب و الثوب و البدن و نحوها كما هو مورد المعتبرة التي استند إليها. و فيه (أولا) ان الظاهر من كلامه في مفاتيح النجاسات انما هو ما ذكرنا من المعنى الأعم الشامل للمائع و الجامد حيث انه بعد ذكر النجاسات العشرة في مفاتيح متعددة قال ما صورته: مفتاح - كل شيء غير ما ذكر فهو طاهر ما لم يلاق شيئا من النجاسات برطوبة للأصل السالم عن المعارض، و للموثق «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر». فان تخصيصه الاستثناء بما يلاقي شيئا من النجاسات خاصة دون المتنجس ظاهر في طهارة ما لاقى المتنجس صلبا كان أو مائعا بعد ازالة عين النجاسة أو قبلها ما لم يلاقها. و (ثانيا) - انه مع تسليم ما ذكر فإنه معارض باستفاضة الأخبار بغسل الأواني و الفرش و البسط و نحوها متى تنجس شيء منها إذ من المعلوم ان الأمر بغسلها ليس إلا لمنع تعدى نجاستها الى ما يلاقيها برطوبة مما يشترط فيه الطهارة، و لو كان مجرد زوال العين كافيا في جواز استعمال تلك الأشياء لما كان للأمر بغسلها فائدة بل كان عبثا محضا لان تلك الأشياء أنفسها لا تستعمل فيها يشترط فيه الطهارة كالصلاة و نحوها حتى يقال ان الأمر بغسلها لذلك، و بالجملة لا يظهر وجه حسن لهذا التكليف لو كان ما ادعاه حقا سيما مع بناء الدين على السهولة و التخفيف في التكاليف و نفى العسر و الحرج، هذا. و اما المعتبرة التي أشار إليها و اعتمد في المقام عليها - و هي موثقة حنان بن سدير قال: «سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال اني ربما بلت فلا اقدر على الماء و يشتد ذلك علي؟ فقال إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك». - فهي غير صريحة لو لا ظاهرة فيما ادعاه بل هي بالدلالة على خلافه أقرب و بما ندعيه انسب، و توضيح ذلك انه بعد ان نقل هذه الرواية في الوافي نبه على احتمالها لمعنيين (أحدهما) و هو الذي يظهر عندنا من لفظ الرواية و سياقها هو ان السائل شكا إليه انه ربما بال و ليس معه ماء و يشتد ذلك عليه بسبب عرق ذكره بعد ذلك أو بلل يخرج من ذكره فيلاقي مخرج البول فيتنجس به ثوبه و بدنه، فأمره (عليه السلام) لذلك بحيلة شرعية يتخلص بها من ذلك و هو ان يمسح غير المخرج من الذكر اعني المواضع الطاهرة منه بعد ما ينشف المخرج بشيء حتى لو وجد بللا بعد ذلك لقدر في نفسه انه يجوز ان يكون من بلل ريقه الذي وضعه و ليس من العرق و لا من المخرج فلم يتيقن النجاسة من ذلك البلل حينئذ (الثاني) - و هو الذي بنى عليه ان تكون شكاية ذلك السائل انما هي من انتقاض وضوئه بالبلل الذي يجده بعد المسح لاحتمال كونه بولا، و قوله: «انه لا يقدر على الماء» يعني لازالة ذلك البلل المحتمل كونه بولا فإنه قد تعدى من المخرج الى ثوبه و بدنه، فأمره (عليه السلام) ان يمسح ذكره يعني مخرج البول بعد ما مسح البول عنه بريقه حتى لو خرج بعد ذلك بلل صار مشكوكا فيه من حيث الريق الموضوع على طرف الذكر لاحتمال كونه منه، هذا حاصل كلامه، ثم قال و هذا المعنى أوفق بالأخبار الأخر. ثم قال: و هذان الأمر ان أعني عدم الحكم بالنجاسة إلا بعد التيقن و عدم تعدي النجاسة من المتنجس بابان من رحمة الله الواسعة فتحهما الله لعباده رأفة بهم و نعمة لهم و لكن أكثرهم لا يشكرون فينتقم الله منهم بابتلائهم بالوسواس و اتباعهم الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة و الناس. انتهى. أقول: لا يخفى عليك ما في قوله: «و عدم تعدي النجاسة من المتنجس» من الدلالة على العموم للمائع و الجامد كما قدمنا ذكره.
ثم أقول لا يخفى ان ما ذكره من هذا الاحتمال الذي بنى عليه الاستدلال مردود من وجوه: (أولها) - انه قد ذكر الاحتمالين في معنى الرواية كما قدمنا نقله عنه و هو لم يذكر مرجحا لهذا الاحتمال الذي استند اليه و قد عرفت ان الاحتمال الآخر لا يجري فيما ذهب اليه، و قد تقرر بينهم انه إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال. و (ثانيها) - انه لا دلالة في الخبر على هذا الوضوء الذي بنى عليه هذه المباني المتعسفة و ارتكب لأجله هذه التمحلات المتكلفة و ان كان قد سبقه الى هذا الاحتمال السيد السند في المدارك ايضا حيث قال بعد نقل خبر حنان: لأنا نجيب عنه أولا بالتقية أو على ان المراد نفى كون البلل الذي يظهر على المحل ناقضا. انتهى. و (ثالثها) - ان الوضوء الذي ذكره لا يكون إلا بعد البول فلم لا غسل مخرج البول أولا لدفع هذه الحيرة التي شكاها لانه واجد للماء بزعمه و ازالة البول التي يكفي فيها مثلا ما على الحشفة لا يحتاج الى كثير ماء حتى ربما يقال انه لا زيادة فيه على الوضوء، فالواجب حينئذ هو ازالة البول أولا و لا سيما على مذهب الصدوق القائل بإبطال الوضوء و وجوب إعادته مع نسيان غسل مخرج البول كما دلت عليه إخباره التي استند إليها. و (رابعها) - انه لو كانت شكاية السائل اليه انما هو من حيث خوف انتقاض وضوئه بالبلل الخارج من جهة احتمال كونه بولا لكان الاولى جوابه بالأمر بالاستبراء بعد البول، فإن قضية الاستبراء البناء على طهارة ما يخرج بعده و عدم نقضه للوضوء. و (خامسها) - انه لو كانت الحكمة في الأمر بوضع الريق على مخرج البول انما هو عدم انتقاض الطهارة بأن ينسب ذلك البلل الذي يجده الى الريق ليكون غير ناقض و لا ينسبه الى الخروج من الذكر فيكون ناقضا فأي فرق في ذلك بين الحكم بتعدي النجاسة من المخرج بعد مسحها و عدم تعديها؟ فان وجه الحكمة يحصل على كلا التقديرين فلو قلنا بالتعدي و مسح المخرج بريقه لقصد هذه الحكمة و كون الخارج غير ناقض أمكن و ان كان نجسا، و بالجملة فإنه لا منافاة بين حصول هذه الحكمة و بين القول بتعدي النجاسة.
و بذلك يظهر ان الوجه الصحيح في معنى الخبر انما هو المعنى الأول المشتمل على حكمة ربانية لدفع الوساوس الشيطانية، و يظهر ايضا بطلان ما ذهب اليه و يكون الخبر بناء على ما اخترنا ظاهرا في الرد عليه، و ذلك فإنه لو كان الملاقي للمتنجس بعد ازالة العين بالتمسح و نحوه لا ينجس لما حسن امره بوضع الريق لان المفروض ان المخرج قد أزيلت عنه عين النجاسة و لم يبق إلا محلها و محلها لا تتعدى نجاسته كما يدعيه، فأي وجه لهذه الحكمة بوضع الريق؟ و هو (عليه السلام) إنما أمر بوضعه لدفع احتمال تعدي النجاسة من المحل بالعرق أو خروج شيء من الذكر فينجس بملاقاة المحل بان ينسب ذلك الى الريق الذي وضعه، و لو صح ما ذكره لم يكن لهذا الاحتمال مجال بالكلية مع انه قد اعترف به و على تقديره يبطل به أصل قاعدته. و بما ذكرناه من هذا التحقيق و أوضحناه من البيان الواضح الرشيق يظهر لك ايضا ما في كلام شيخنا الشهيد في الذكرى حيث قال: و خبر حنان «يمسحه بريقه فإذا وجد بللا فمنه» متروك. انتهى إذ لا وجه لتركه مع وجود معنى صحيح يحمل عليه كما أوضحناه، و الظاهر انه فهم من الخبر كون مسحه بالريق مطهرا من البول عند فقد الماء و لا ريب انه بهذا المعنى متروك إجماعا، و لو كان صريح الدلالة في ذلك لأمكن حمله على التقية كما احتمله في المدارك لموافقته لمذهب أبي حنيفة من جواز إزالة النجاسة بكل مائع، هذا.
و اما الاخبار التي ادعى أوفقية هذا التأويل بها فهي غير ظاهرة فيما ادعاه، فمنها صحيح العيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذاه؟ قال يغسل ذكره و فخذيه». و هي بالدلالة على ما ندعيه أقرب و بالرد عليه فيما ذهب إليه أنسب، و ذلك فان الظاهر ان جملة «و قد عرق ذكره» معطوفة على ما تقدمها دون ان تكون حالا كما سيأتي توضيحه، و حينئذ فتدل الرواية على ان العرق انما وقع بعد البول و مسح الذكر فأمر (عليه السلام) بغسل الذكر و الفخذين لذلك العرق المتعدي من مخرج البول بعد مسحه. و بذلك يظهر ما في كلام شيخنا المحقق صاحب رياض المسائل حيث قال في الكتاب - بعد نقل خبر حنان المذكور ثم موثقة سماعة الآتية و تأويلهما - ما هذا لفظه: و لبعض المعاصرين هنا كلام غريب هو ان المحل النجس إذا أزيل عنه عين النجاسة بغير المطهر الشرعي فلا تتعدى نجاسته إلى الملاقي و لو مع الرطوبة لأن النجس انما هو عين النجاسة لا المتنجس و جعل هذين الخبرين شاهدا على ذلك، و هو كلام متين ان لم يقم الإجماع على خلافه و لم يكن ما دل عليه موافقا للعامة و قابلا للتأويل بما ذكرناه، و أيضا ففي دلالة الخبر الأول على ما ادعاه تأمل، و يمكن ان يستدل له بما هو أوضح سندا و متنا و هو صحيح العيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذاه؟ قال يغسل ذكره و فخذيه. و سألته عن من مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه؟ قال لا». بان يقال الفرق بين الذكر و الفخذ عند عرقهما قبل التطهير الشرعي و بين الثوب عند اصابته لعرق اليد الماسحة للذكر قبله بالأمر بغسلهما دونه لا وجه له ظاهرا سوى الفرق بين ما يلاقي المتنجس و ما يلاقي عين النجاسة، فإن غسلهما انما هو لملاقاتهما بالرطوبة للمحل النجس قبل زوال عين النجاسة بالمسح بالحجر كما يرشد اليه و أو الحال، و ذلك يقتضي تعديها من المحل الى ما يجاوره و يلاصقه من بقية اجزاء الذكر و الفخذ بخلاف الثوب فان ملاقاته انما وقعت بالمتنجس و هي اليد الماسحة بعد زوال عين النجاسة عن الماسح و الممسوح. انتهى كلامه زيد مقامه.
و فيه (أولا) انه لا يخفى ان مفاد عطف مسح الذكر على البول بالفاء التي مقتضاها الترتيب بلا مهلة هو كون المسح وقع عقيب البول بلا مهلة، و يؤيده ايضا انه هو المتعارف فإن الإنسان متى بال و لم يكن معه ماء مسح ما بقي على طرف ذكره من البول لئلا يتعدى الى ثوبه أو بدنه فينجسه و لا يعقل انه يتركه بغير مسح حتى يتردد في المغدى و المجيء على وجه يعرق ذكره و فخذاه و عين البول باقية ضمن تلك المدة حتى انه بسبب العرق تتعدى نجاسة البول الى فخذيه مثلا ثم بعد ذلك يمسح ذكره، بل من المعلوم انه بمجرد المغدى و المجيء تتعدى نجاسة البول من غير حصول عرق إلى سائر بدنه و ثيابه، أو يعقل انه يعرق في محله ذلك من غير تردد على وجه يسيل العرق من مخرج البول إلى سائر اجزاء الذكر و الفخذين؟ و بالجملة فمعنى الرواية المتبادر منها انما هو ما ذكرناه أولا و هو انه سأله عن رجل بال فمسح مخرج بوله في وقته ذلك و عرق ذكره و فخذاه بعد ذلك فأمره (عليه السلام) بغسل ذكره و فخذيه لملاقاة ذلك المحل المتنجس برطوبة، و حينئذ فجملة «و قد عرق» معطوفة لا حالية كما أشرنا إليه آنفا، و حينئذ فتكون هذه الرواية مع رواية حنان دليلا على ما ندعيه من تعدي نجاسة المتنجس بعد ازالة عين النجاسة و مسحها. و (اما ثانيا) - فلان آخر صحيح العيص المذكور غير صريح و لا ظاهر في كون المسح المذكور وقع بمجموع اليد و لا في كون الجزء الماسح منها بعينه هو الذي أصاب الثوب بالعرق بل هو محتمل لذلك و محتمل لان تكون الملاقاة بجزء من اليد غير الجزء المتنجس منها كما سيأتي تحقيقه. و منها - رواية سماعة قال: «قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام) اني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي؟ قال ليس به بأس». قال شيخنا صاحب رياض المسائل بعد ذكر خبر حنان و رواية سماعة المذكورة انه لا يدل ذلك على طهر المحل بالمسح بوجه من الوجوه و انما يدل على ان وجدان شيء من البلل و ان أفسد السراويل من كثرته مع عدم القطع بخروجه من مخرج البول الباقي على النجاسة أو ملاقاته له لا بأس به خصوصا مع مسح ما سوى المخرج من الذكر بالريق فإنه ينسبه الى الريق، ثم ذكر الكلام الذي قدمنا نقله عنه بقوله: و لبعض المعاصرين. الى الآخر.
و منها - رواية حكم بن حكيم قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أبول فلا أصيب الماء و قد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط أو التراب ثم تعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي؟ قال لا بأس به». فإنه لا دلالة فيها على كون اصابة الثوب و مسح الوجه أو بعض الجسد بذلك الموضع النجس و لا على كون النجاسة شاملة لليد كملا حتى تستلزم الإصابة ببعض منها ذلك بل هي أعم من ذلك، و نفى البأس انما هو لأجل ذلك لانه ما لم يعلم وصول عين النجاسة أو المتنجس إلى شيء و مباشرته له بالرطوبة فلا يحكم بالنجاسة عملا بأصالة الطهارة و تمسكا بها الى ان يعلم الرافع لها، و هذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه. قال المحقق الشيخ حسن في المنتقى بعد ما أورد هذين الخبرين ما نصه «و الخبران كما ترى مخالفان لما هو معروف من مذهب الأصحاب و يمكن تأويلهما بالحمل على عدم تيقن اصابة الموضع المتنجس من الكف للثوب و الوجه و الجسد أو على توهم سريان النجاسة إلى سائر الكف بتواصل رطوبة العرق» انتهى. أقول: و قد اعترف بذلك في الوافي أيضا فقال بعد ذكر الرواية: الوجه في ذلك أمران (أحدهما) ان بالمسح بالحائط و التراب زال العين و لم يبق من البول شيء فما يلاقيه برطوبة انما يلاقي اليد المتنجسة لا النجاسة العينية و التطهير لا يجب إلا من ملاقاة عين النجاسة. و (الثاني) انه لم يتيقن اصابة البول جميع اجزاء اليد و لا وصول جميع اجزاء اليد الى الوجه أو الجسد أو الثوب و لا شمول العرق كل اليد فلا يخرج شيء من الثلاثة عما كان عليه من الطهارة باحتمال ملاقاة البول فان اليقين لا ينقض بالشك ابدا و انما ينقض بيقين مثله كما يأتي في باب التطهير من المني النص عليه. انتهى. أقول: و لا استبعاد في حمل الخبرين المذكورين على ما ذكرناه و ان لهما نظائر في الاخبار توهم بظاهرها المخالفة و تحتاج في تطبيقها الى نوع تأويل قريب أو بعيد، مثل صحيحة زرارة قال: «سألته عن الرجل يجنب في ثوبه أ يتجفف فيه من غسله؟ فقال: نعم لا بأس به إلا ان تكون النطفة فيه رطبة فإن كانت جافة فلا بأس». فإنه يوهم طهارة المني و قد تقدم القول فيه في الفصل الثالث في نجاسة المني و مثلها صحيحة أبي أسامة و قد تقدم الكلام فيها في الموضع المشار إليه أيضا، و مثل ذلك في الاخبار كثير كما لا يخفى على من تتبع الاخبار، و الغرض هنا انما هو التنبيه على قبول ما يستدل به على ما ذهب إليه للتأويل كما في نظائره التي من هذا القبيل فلا يحتج بها إذا على خلاف النهج الواضح السبيل الذي عليه عامة العلماء جيلا بعد جيل.
و قد وافقنا في هذا المقام بعض الفضلاء من تلامذته الناسجين على منواله في جل مذاهبه و أقواله حيث قال في حواشيه على الوافي في هذا المقام: ما استدل به الحبر العلامة (طاب ثراه) من الاخبار على ان المتنجس لا ينجس الظاهر انه لا يتم لان ليس فيها ان لهم ان يصلوا على تلك الحال بل سألوا عن كراهة ما فعلوا فأجابهم (عليه السلام) بعدم البأس فإذا أرادوا الصلاة تطهروا و طهروا و صلوا، و ان سلمنا هذا فخبر ابن حكيم و عجز خبر العيص الأول لا يدل إلا على ان ما لم يعلم وصول المتنجس إلى شيء رطبا متعديا رطوبته اليه لم يحكم بالنجاسة، ثم ذكر تأويل خبر حنان بن سدير بنحو آخر غير ما ذكرناه، الى ان قال و خبر سماعة ان كان المراد بعدم البأس ان يصلي في السعة و الحال هذه فهو باطل بالاتفاق بل لا بد من تطهير مخرج البول و لا يبعد وجوب تطهير ثوبه ايضا، فالمراد اما عدم البأس من فعله و اما ان يكون في موضع ليس فيه ماء فبال و تمسح و تيمم ثم وجد البلل فسأل عن انتقاض التيمم به فأجابه (عليه السلام) بعدم الانتقاض و الحال هذه. انتهى. قال في الوافي ذيل هذه الاخبار التي نقلنا استناده إليها و تعويله عليها ما نصه: لا يخفى على من فك رقبته عن ربقة التقليد ان هذه الاخبار و ما يجري مجراها صريحة في عدم تعدي النجاسة من المتنجس إلى شيء قبل تطهيره و ان كان رطبا إذا أزيل عنه عين النجاسة بالتمسح و نحوه و انما المنجس للشيء عين النجاسة لا غير، على انا لا نحتاج الى دليل في ذلك فان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف إلا بعد البيان. انتهى.
أقول: لا يخفى عليك ما فيه بعد ما عرفت من التحقيق الكاشف عن ضعف باطنه و خافية. اما قوله ان هذه الاخبار صريحة فيما ادعاه فهو ظاهر البطلان، كيف و هو قد ذكر كما قدمنا نقله في معنى موثقة حنان بن سدير معنيين و كلامه انما يتم على تقدير أحدهما و كذا في رواية حكم بن حكيم، فكيف تكونان صريحتين فيما ادعاه مع اعترافه بالاحتمالين الآخرين الموجبين لخروج الرواية من قالب الاستدلال؟ ما هذا إلا سهو ظاهر من هذا المحدث الماهر، و اما باقي الأخبار فيما أوضحناه و ذكره الأصحاب من وجوه المعاني المحتملة فيها فكيف يدعى صراحتها؟ و اما قوله: «ان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب» ففيه انا قد أوضحنا بحمد الله سبحانه و توفيقه دلالة موثقة حنان و صدر صحيحة العيص على ما ندعيه من وجوب الغسل في الصورة المذكورة، مضافا الى ما أشرنا إليه من اخبار تطهير الأواني و الفرش و البسط و الجلود و نحوها، هذا ان خصصنا محل النزاع بالأجسام الصلبة و ان عممنا الحكم في المائع كما عرفت من انه ظاهر كلامه كان ما ذكره في الضعف و البطلان أظهر من ان يخفى على الصبيان فضلا عن العلماء الأعيان، و الله الهادي لمن يشاء
رساله قاطعة القال و القیل فی انفعال الماء القلیل
كتاب البرهان الموسس لتحقيق ان المتنجس لا ينجس-السید عبدالکریم الموسوی الجزائری
مصابیح الظلام، ج 5، ص 91-96
قوله: (و أمّا ما لاقى الملاقي لها). إلى آخره. الظاهر اتّفاق الأصحاب، بل إجماعهم على وجوب غسله أيضا . بل هو ضروري الدين، و الحكم بالعدم من منفردات المصنّف، لم يوافقه أحد، و لم يظهر له وجه أصلا، كما ستعرفه. و عرفت ممّا سبق أنّ نجاسة شيء من النجاسات لم يثبت من آية أو حديث، إذ القدر الثابت إعادة الصلاة منه. و عرفت أنّ الحرير و الذهب و السمور و أمثالها يعاد الصلاة منها و ليست بنجسة، أو عدم جواز الوضوء ممّا وقع فيه، و من المعلوم عدم جوازه من المضاف، أو عدم جواز الشرب ممّا وقع فيه. و من المعلوم عدم جواز الشرب ممّا وقع فيه السمّ و أمثال ذلك، و لا يسمّى شيء ممّا ذكر نجسا، و كثير منها يثبت نجاسته بالأمر بغسل الثوب منه. و معلوم أنّ الأمر حقيقة في الوجوب لنفسه، فلا مانع من الصلاة معه أو أكله أو أكل ما لاقاه، و مع ذلك ورد الأمر بغسل الثوب خاصّة منه، إلى غير ذلك ممّا لا يناسب النجاسة، فضلا عن أن يكون دليلا عليها. فلو لا الإجماع لم يثبت نجاسة شيء منها، كما عرفت سابقا، و واضح على من له أدنى تأمّل. فكما أنّه بمجرّد الأمر بغسل الثوب خاصّة يفهم كون الوجوب لغيره لا لنفسه، و كون ذلك الوجوب الغيري شرطيّا لا شرعيّا، و كونه شرطا لصحّة الصلاة و ما ماثلها، و صحّة الأكل و ما ماثله، و صحّة أكل الملاقي برطوبة، و أنّه لو لا الغسل المزبور لم يصحّ شيء ممّا ذكر، و أنّه و إن اختصّ بالثوب إلاّ أنّه يشمل الجسد و غيره، إلى غير ذلك ممّا يفهم من الإجماع، كذلك يفهم من ذلك الإجماع وجوب غسل ما يلاقي الملاقي برطوبة، و هكذا، كما مرّ سابقا . و كما أنّ الأحكام التي سلّم المصنّف ثبوتها من مجرّد لفظ «اغسل الثوب» خاصّة، مثل غسل الجسد و كلّ جسم جامد، و نجاسة كلّ جسم مائع سوى الماء، و أمّا الماء ففي صورة تغيّره لونا أو طعما أو رائحة، و كذا وجوب إعادة الصلاة و غيرها ممّا ماثلها. و كذلك الحال في حرمة الأكل و الشرب و غير ذلك من الأحكام الكثيرة التي لا تحصى، و سلّم المصنّف ثبوتها من مجرّد عبارة «اغسل الثوب منه». مع أنّه بحسب لغة العرب لا يدلّ على أزيد من إزالة ذلك الشيء من الثوب بشيء مائع، فكذلك الحال في وجوب غسل ما يلاقي الملاقي برطوبة، إذ عرفت أنّ منشأ الدلالة على ما زاد عن الموضوع له في لغة العرب هو الإجماع، و الإجماع إنّما هو في كلام الفقهاء، و طريقة المسلمين في الأعصار و الأمصار، و هما بالنظر إلى ما سلّمه المصنّف و ما أنكره واحد. أمّا طريقة المسلمين ففي غاية الوضوح. و أمّا طريقة الفقهاء فيظهر بتتبّع كلماتهم، حتّى أنّهم شنّعوا على ابن إدريس رحمه اللّه في قوله بأنّه إذا لاقى جسد الميّت إناء وجب غسله، و لو لاقى ذلك الإناء مائعا لم ينجس ذلك المائع، لأنّه لم يلاق جسد الميّت و حمله على ذلك قياس، لأنّ هذه نجاسات حكميّات و ليس بعينيات . و شرع في إثبات كونها حكميّات لا عينيّات، و صرّح بأنّها لو كانت عينيّات لنجس ما يلاقيها برطوبة أيضا . و مع ذلك يشنّعون عليه بتجويزه ذلك في النجاسة الحكميّة. و من جملة ذلك ما شنّع عليه المحقّق رحمه اللّه بأنّ الأصحاب اجتمعوا على نجاسة الملاقي للميّت، و أجمعوا على نجاسة المائع إذا وقع فيه نجاسة، فلزم من الإجماعين نجاسة ذلك المائع ، و أطال في الاعتراض عليه. بل طعنوا على العلاّمة رحمه اللّه أيضا في قوله بحصول النجاسة بمسّ الميتة بغير الرطوبة، و أنّها نجاسة حكميّة لا يتعدّى إلى غير الماسّ، و إن كانت الملاقاة معه برطوبة ، إلى غير ذلك ممّا يظهر من كلامهم من حكمهم بعدم الفرق بين الملاقي و ملاقي الملاقي. و أيضا ملاحظة كلماتهم في مقام الفتاوى يكشف عمّا ذكر، مثل ما قالوا في أواني المشركين، و أنّها طاهرة ما لم يحصل العلم بمباشرتها رطبا، و ما قالوا في اشتراط طهارة مواضع الوضوء و الغسل و التيمّم. و كذا مواضع إصابة الأعضاء و الثوب في الصلاة أو جفافها و جفاف ما يصيبها، و مثل مسألة الولوغ أنّه لو لم يوجد التراب أو لم يمكن تعفيره بالتراب، أنّه يبقى على النجاسة، و التضييع و التعطيل، إلى غير ذلك من المسائل، حتّى يظهر لك. و كذا ما ذكروه في المعتبرة التي استدلّ بها المصنف، و ما ذكروه في كلّ خبر من الأخبار المتواترة التي سنشير إليها، فإن كل واحد منها واضح الدلالة على كون المتنجّس منجّسا. و ما ذكره الفقهاء فيه ينادي بكون ذلك مسلّما عندهم مفروغا عنه، بحيث لا يحتاج إلى الاستدلال إليه، و لا يصادمه حديث أو غيره. و بالجملة، لا يرضى أحد من الفقهاء و لا سائر الناس - حتّى النساء و الأطفال - بأن يزيل عين النجاسة من إناء أو فرش أو غيره بالتنشيف بثوب أو غيره، أو بتركه من ملاقاة البول و أمثاله، حتّى يصير يابسا بالمرّة، بحيث لا يبقى من عين النجاسة شيء أصلا، ثمّ يستعمله في الشرب، أو أكل الأشياء الرطبة فيه، إلى غير ذلك، بل إذا ارتكب أحد ذلك يكون عندهم كتارك الصلاة، و أمثاله ممّا هو حرام بالضرورة. و يدلّ على ذلك بعد الإجماع بل الضرورة الأخبار الكثيرة، لو لم نقل متواترة، مثل صحيحة علي بن مهزيار قال: كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره أنّه بال في ظلمة الليل، و لم يشك في أنّه أصابه نقطة من بوله، و أنّه مسحه بخرقة و نسي أن يغسله و تمسح بدهن، فمسح كفيه و وجهه و رأسه و توضّأ للصلاة، فأجاب: «ما توهمت ممّا أصاب يدك فليس بشيء إلاّ ما تحقّق، فإن حقّقت ذلك كنت حقيقا أن تعيد الصلوات» الحديث. و موثّقة عمّار عن الصادق عليه السّلام عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس، و لكنّه قد يبس الموضع القذر، قال: «لا يصلّي عليه، و أعلم موضعه حتّى تغسله»، و عن الشمس هل تطهّر الأرض؟ . إلى آخره. و سيجيء في مطهريّة الشمس بقيّة هذا الحديث، و تلك البقيّة صريحة في المطلوب كبقيّة الحديث السابق، مع اعتراف المصنّف بذلك. و الصحاح الكثيرة الواردة في أنّ اليد لا تدخل في الماء القليل، إلاّ إذا كانت طاهرة، و إلاّ يصب ذلك الماء و يكون نجسا ، كما سيجيء، و الصحاح الواردة في السطح الذي يصيبه البول و أصابه المطر أنّه لا بأس إذا جرى المطر، أو لا بأس بأنّ ما أصابه الماء أكثر ، إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر من الأحكام المتعلّقة بما أصابه البول و شبهه، أعم من أن تكون عينه زائلة منه، كما هو الأغلب أم لا. و موثّقة ابن بكير المقبولة عند الكلّ فيمن بال و ليس عنده ماء فيمسح ذكره بالحائط أنّ: «كلّ يابس ذكي» ، و المراد من الذكي في اليابس عدم تعدّي نجاسته، فهذه صريحة في المنجسية حال الرطوبة كسائر النجاسات اليابسة. و صحيحة الأحول فيمن وطأ الأرض التي ليست بطاهرة ثمّ وطأت الطاهرة منها أنّه: «لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا» ، إلى غير ذلك ممّا لا تحصى. منها الأخبار المستفيضة الواردة في الأمر بتطهير الأواني من الخمر و المسكر و الميتة و ولوغ الكلب و الخنزير، و أمثال ذلك . مع أنّ نجس العين في الولوغين و الميتة و أمثالها لا يلاقي سوى الماء، و هو لا ينفعل عند المصنّف، فبأيّ جهة أمروا بغسل إناء ذلك الماء بعنوان الوجوب العيني لا التخييري بينه و بين زوال العين بنحو آخر؟ مع أنّك عرفت أنّه ليس هاهنا عين يزال بالغسل. و المستفيضة الواردة في وجوب غسل الفرش و البسط و نحوهما متى تنجّس شيء منها ، إذ من المعلوم أنّ الأمر بغسلها ليس أنّه إلاّ لمنع تعدّي نجاستها إلى ما يلاقيها برطوبة، ممّا يشترط فيه الطهارة. و لو كان مجرّد زوال العين كافيا في جواز استعمال تلك الأشياء لما كان للأمر بغسلها فائدة، بل كان عبثا محضا، لأنّ تلك الأشياء بأنفسها لا تستعمل فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة و نحوها، حتّى يقال: إنّ الأمر بغسلها لذلك. مع أنّه على تقدير الاستعمال في الصلاة و نحوها أيضا لا يضرّ، لعدم كونها ثوبا يتمّ الصلاة فيه، كما سيجيء. بل لو كان زوال العين كافيا لكان الواجب الأمر به مطلقا لا بخصوص الغسل، لأنّه يظهر منه خلاف المقصود، كما فهم الفقهاء من أنّ الاستعمال بعنوان الرطوبة يتوقّف على الغسل. فلو لم يكن الأمر على ما فهموه و لم يتوقّف عليه لزم من أمر المعصوم عليه السّلام بخصوص الغسل تضييع الأواني و تعطيلها في مدّة مديدة على حسب ما عرفت، مع لزوم تضييع الماء و العمر في الغسل، مضافا إلى لزوم الإغراء بالجهل. بل لا يخفى على المتأمّل أنّ الغسل بالنحو الذي ذكر فيها ليس إلاّ لصحّة استعمالها مطلقا أو غالبا، لأنّ الغالب سراية النجاسة لو كانت الأواني نجسة و كذا الحال في الفرش و نحوها. و لهم أيضا المعتبرة التي تمسّك بها المصنّف، و صدر صحيحة العيص بن القاسم ، و ستقف على وجه دلالتهما عليه، و أنّه لا دلالة لهما على ما ذكره المصنّف.
الدرة النجفیة، ج 1، ص 54
و كلما بغيره تنجسا * * * منجس و حكمه قد اكتسى
و شذ من خالف ممن قد خلف * * * و القول بالتنجيس إجماع السلف
و ان تصب ذابلة مستمسكا * * * نجاسة فقد أبو أن تسلكا
في غير ما لاقته من ذاك المحل * * * بعينه و إن يكن قد اتصل
مثاله مستمسك من العسل * * * منجس في البعض من ذلك حل
ينجس ما اختص بعين السبب * * * فليس من سراية في المذهب
و الفرق فيما بينه و بين ما * * * مرّ لحوق وصل ما تقدما
و سبق الاتصال فيما ههنا * * * و قل من للفرق قد تفطنا
فان يلاق مائعا فقد سرى * * * الى الجميع الحكم من غير مرا
و كل شيء جامد أو مائع * * * ينجس باللقاء غير النابع
شرح طهارة القواعد، ص 385-390
و كل نجاسة عينية فضلا عما بالعرض لاقت محلا طاهرا فان كانا يابسين لم يتغير المحل عن حكمه اما في غير الميتة فظاهر للاصل و الاجماع كما في الشرح و الدلائل و الذخيرة و غيرهن و في المعتبر الاجماع على استحباب الرش في مس الكافر و الكلب و الخنزير و الروايات الدالة عليه كثيرة منها خبر ابن أبي بكير عن الصادق قال كل يابس ذكي و صحيح علي بن جعفر عن اخيه (ع) في الرجل يقع ثوبه على حمار ميت هل تصلح له الصلاة قبل غسله قال ليس عليه غسله و ليصل فيه و لا باس و افتى بمضمونه في الفقيه و المقنع و صحيحة عنه (ع) في الرجل يقع ثوبه على كلب ميت قال ينضحه بالماء و يصلي فيه و لا باس إلى غير ذلك الا الميت من الناس و غيرهم فيوافق مذهب المصنف في النهاية و في بعض عبارات المحقق اشعار به و في الموجز نحو ما هنا و في شرحه ان ظاهره عموم الميت و في الروض اثبات الحكم لميت الآدمي بلا اشارة إلى خلاف و في غيره انه كذلك على الخلاف و في المفاتيح ان الأصحاب لم يفرقوا بين ميت الآدمي و غيره أو من الناس فقط فيوافق مذهب التذكرة و البيان و ما نسبه صاحب الذخيرة إلى الذكرى و في الشرح نسبه مساواة الميتة لغيرها في اشتراط الرطوبة إليها و تنزيل الميت على غير الآدمي فقط فيوافي أحد رايي الموجز و هو الذي بنى عليه في مسألة غسل الميت بعيد و مثله التنزيل على ما يوافق ظاهر المنتهى من نجاسة ما اصابه ميت الآدمي مطلقا و ايجاب غسل ما اصابه ميت غير الآدمي مع اليبوسة دون النجاسة فانه ينجس الملاقي له مطلقا و نسبه في التذكرة و نهاية الاحكام إلى ظاهر الأصحاب و احتجوا عليه باطلاق حسنة الحلبي عن الصادق في الرجل يصيب ثوبه جسد الميت فقال يغسل ما اصاب الثوب و خبر ابراهيم بن ميمون عنه (ع) في رجل يقع ثوبه على جسد الميت فقال ان كان غسل فلا تغسل ما اصاب ثوبك منه و ان كان لم يغسل فاغسل ما اصاب ثوبك منه و فيه فرق بين قول اغسل ما اصاب ثوبك منه و اغسل من ثوبك أي الجزء الذي اصاب الميت و مرسل يونس عنه (ع) هل يحل ان يمس الثعلب و الارنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا فقال لا يضره و لكن يغسل يده و فيه الاشتمال على الحي مع الارسال فالحمل على الندب اولى و في توقيع الصاحب (ع) إلى محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري في امام مات فاخر و تقدم بعض القوم فاتم الصلاة انه ليس على من مسه الا غسل اليد و لعله يحمل على الغالب من وجود الرطوبة
و كيف كان فلا محیص عن العمل بالقسم الأول من الأخبار بعد موافقته للاصل و اعتضاده بالشهرة إذ قل من نص على الفرق بل لا نرى احدا من الاوائل فارقا مع قوة دلالة تلك و ما يقال من ان هذه مجبورة بعموم ما دل على وجوب تطهير الثياب و غسل النجاسة مردودة بان الظاهر منها التأثر و دخول بعض الاجزاء فالاقوى ما عليه الفاضل المحشي و صاحب الدلائل و الشارح الفاضل و نسبه إلى الذكرى و اكثر المتاخرين و احتمل في النهاية و المنتهى حكمية النجاسة عند اليبس فلو مس رطبا قبل غسل يده لم يحكم بنجاسته و استظهره فيما يأتي من حكم الاموات من هذا الكتاب و ابن ادريس على ان الميت من الناس انما ينجس ملاقيه نجاسة حكمية و رده الفاضلان قال الشارح و كلامه يحتمل غير ذلك كما اوضحناه في المناهج انتهى. اقول عبارة الحلي ظاهرة فيما نقلناه فانه قال في سرائره و يغتسل الغاسل فرضا واجبا فان مس مائعا لا يغسله و لا ينجسه و كذا إذا لاقى الجسد الميت من قبل غسله اناء ثمّ افرغ في ذلك الاناء قبل غسله مائع فانه لا ينجس ذلك المائع و ان كان الاناء يجب غسله لانه لاقى جسد الميت و ليس كذلك المائع الذي حصل فيه لانه لم يلاقي الجسد و حمله على ذلك قياس بلا دليل و الأصل في الاشياء الطهارة إلى ان يقوم دليل قاطع للعذر و ان كنا متعبدين بغسل ما لاقى جسد الميت لان هذه نجاسات حكميات و ليست عينيات انتهى. و صاحب المفاتيح على ان نجاسة الميتة حكمية بمعنى انها لا تتعدى الى الملاقي كما قال نظير ذلك في نجاسة الكافر لكن كلامه في حكم الميتة لا يخل من اضطراب أو الحق ما قدمناه من نجاسة الميتة و تعدى نجاستها مع الرطوبة كغيرها من النجاسات و في الاجماعات و الأخبار دلالة على ذلك كله
تذنيب
قال في شرح الموجز الحق ان الحكمية تطلق على ثلاث معاني الأول طاهر العين إذا وجب عليه الغسل كبدن الجنب الثاني النجس بالعرض نجاسة غير محسوسة كالمتنجس بالبول اليابس الثالث ما يقبل التطهير مع بقائه على حاله فيدخل فيه بدن الميت هذا مضمون كلامه و هو وجيه و يستحب رش الثوب الذي اصابه الكلب أو الخنزير كما في كتب المحقق و كذا المهذب لكن لم ينص فيه على الاستحباب بل ظاهره الوجوب لقول الصادق في صحيح الفضل ان اصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و ان مسه جافا فاصبب عليه الماء و في مرسل حريز إذا مس ثوبك كلب فان كان يابسا فانضحه و ان كان رطبا فاغسله و في صحيح الحلبي في ثوب المجوس يرش بالماء و صحيح علي بن جعفر عن اخيه (ع) في خنزير اصاب ثوبا و هو جاف هل تصح الصلاة فيه قبل ان يغسله قال نعم ينضحه بالماء ثمّ يصلي فيه و في المراسم زيادة الفارة و الوزغة و كذا في المقنعة لكن ليس فيها الكافر و في النهاية و المبسوط زيادتهما مع الثعلب و الارنب و اسقاط الكافر في النهاية لا في المبسوط و عبر في الجامع بكل حيوان نجس و نص على الوجوب في النهاية و هو ظاهر الباقين و ابن حمزة على الوجوب للسبعة لظاهر الامر الا المبسوط فنص فيه على استحباب نضح الثوب لإصابة كل نجاسة مع اليبس و قصر الحكم في التذكرة و المنتهى و التحرير و نهاية الاحكام على الكلب و الخنزير لوضوح سندهما بخلاف الباقي و لا فرق في المشهور بين كلب الصيد و غيره و فرق الصدوق فقال من اصاب ثوبه كلب جاف و لم يكن كلب صيد فعليه ان يرشه بالماء و ان كان رطبا فعليه ان يغسله و ان كان كلب صيد و كان جافا فليس عليه شيء و ان كان رطبا فعليه ان يرشه بالماء و في الجامع و روي ان كان كلب صيد لم يرش هذا في الثوب و ان كان الملاقي البدن ففي التذكرة و التحرير و نهاية الاحكام مسحه بالتراب بمس الكلب و الخنزير مع يبسهما خاصة و في الوسيلة وجوب مسحه للسبعة و كذا في النهاية لكن لم يصرح فيها بالوجوب و اقتصر على المس باليد و نحوها المقنعة الا انه ليس فيها الثعلب و الارنب و عمم في غير الكافر الملاقاة لليد و غيرها من الجسد و استحب في المبسوط مسح البدن بالتراب إذا لاقى أي نجاسة بيبوسة و فرق القاضي بين ملاقاة الكلب و الخنزير و الكافر لليد أو لغيرها من الجسد فحكم على اليد بالمسح بالتراب و على غيرها بالرش كالثوب و اطلق سلار الرش بكل ما لاقاه أحد الخمسة و هي غير الثعلب الارنب و الذي ظفرت به خبر خالد القلانسي قال للصادق (ع) القي الذمي فيصافحني فقال امسحها بالتراب و بالحائط قال فالناصب قال اغسلها و في المعتبر لا فرق للمسح بالتراب وجوبا أو استحبابا وجها و في المنتهى و اما مسح الجسد بشيء ذكره بعض الأصحاب و لم يثبت انتهى. اقول و كفاك فتوى هؤلاء الاجلاء و قيام بعض الأخبار على حكم البعض شاهدا على الحكم و لو كان أحدهما رطبا نجس المحل اجماعا و قول صاحب المفاتيح بعدم تعدي النجاسة في الميتة و ان نجاستها حكمية مخالف للاجماع
و كذا الحال في ملاقاة المتنجس فينجس الملاقي له مع رطوبة أحدهما سواء زالت عنه عين النجاسة أو لا اجماعا بل ضرورة فالمسألة من العلميات بحيث لا تخفى على النساء و الاطفال و من تتبع كلمات القوم و جدها في اعلى مراتب الوضوح و يدل عليها من الروايات اخبار متواترة منها ما ورد في ماء الغسالة كخبر العيص بن القاسم عنه (ع) في رجل اصابه ماء وضوء من طشت فقال ان كان من بول أو قذر فيغسل ما اصابه و منها ما ورد في الاسآر من انه يغسل الاناء بالماء و بالتراب و لا ريب ان الغالب اصابة الكلب و نحوه الماء دون الاناء و لا اقل من ترك الاستفصال و هو عدة اخبار كصحيح البقباق و صحيح ابن مسلم و صحيح علي بن جعفر و مرسلة حريز و نحوهن مما لا يحصى و منها ما دل على النهي عن مباشرة الماء إذا كانت اليد قذرة كصحيح علي بن جعفر و روايته و صحيح شهاب بن عبد ربه و صحيح البصائر عن شهاب أيضا و صحيح البزنطي و موثقة أبي البصير و قويته أيضا و رواية العيص و صحيحة زرارة و موثق سماعة و موثق آخر لسماعة و ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم و منها ما ورد من ان الاناء إذا كان فيه شيء نجس في السابق فلا يوضع فيه الماء أو غيره من المائعات حتى يغسل كموثقة عمار في الدم يكون فيه الخمر و الابريق يكون فيه الخمر انهما لا يصلحان لان يكون فيهما الماء و قريب منها رواية علي بن جعفر و منها ما دل على انه لا باس بسؤر الحائض إذا كانت تغسل يديها كرواية رفاعة و رواية العيص و رواية علي بن يقطين و ما دل في مسالة الحمام كرواية حنان عن الصادق في الماء يقع من جلد الجنب و غير ذلك فيصيب الانسان فقال (ع) أ ليس هو بجاري الخبر و ما دل على انه لا باس بطين المطر إلى ثلاثة ايام و هو عدة اخبار و ما دل على ان السطح الذي يبال فيه لا تتوضا بالمطر الذي اصابه الا إذا جرى عليه كصحيح علي بن جعفر و قريب منه رواية هشام بن سالم و أما ما دل على نفي الباس في الثوب الذي اصابه ماء الاستنجاء لان الماء اكثر من القذر كمرسلة يونس و ما دل على المنع من العجين الذي يعجن بالماء النجس و ظاهره عدم الفرق بين تجفيفه بالخبز و عدمه و خبر العيص عن الصادق (ع) في رجل بال فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذه قال يغسل ذكره 1 و فخذيه و رواية علي بن جعفر انه لا باس بالفرش على المكان المتنجس بالبول إذا كان جافا و نحوها رواية اخرى له و ربما شمل المنع حال رطوبته بامر آخر إلى غير ذلك من الأخبار و لم نذكر سوى بعض منها و قال في المفاتيح و استعيذ بالله من هذه المقالة انما يجب الغسل لما لاقى عين النجاسة و أما ما لاقى الملاقي لها بعد ما ازيل عنه العين بالتمسح و نحوه بحيث لا يبقى فيه شيء منها فلا يجب غسله كما يستفاد من المعتبرة على انا لا نحتاج إلى دليل في ذلك فان عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب إذ لا تكليف الا بعد البيان و لا حكم الا بعد البرهان الا ان هذا الحكم مما يكبر في صدور الذين غلب اللّه عليهم التقليد من اصحاب الوسواس الذين يكفرون بنعمة اللّه و لا يشكرون سعة رحمة اللّه و في الحديث ان الخوارج ضيقوا على انفسهم فضيق اللّه عليهم انتهى. وليت شعري ان هذا الفاضل لو مد اللّه له في العمر لابطل التكاليف و اراح العالم إذ في ما رزق من العمر قد القى اعتبار اكثر النجاسات و حكم بعدم المبالاة باصالة المتنجسات و طهر المياه المجمع على نجاستها و امضى عبادة الجاهل و جوز اعتبار الظن في الاصول و جوز الغناء و الملاهي إلى غير ذلك مما صنع في الفروع و ما صنعه في الاصول ان صح النقل فالعياذ بالله و الذي حداه على القول بهذه المسألة روايات كرواية حكم بن حكيم عن الصادق قال قلت له ابول فلا اصيب الماء و قد اصاب يدي شيء من البول فامسحه بالحائط أو بالتراب ثمّ تعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا باس به و رواه أيضا بطريقين آخرين و نحوها رواية العيص و كرواية علي بن حمزة في رجل اجنب في ثوبه فيعرق فيه فقال ما ارى به باسا قال انه يعرق حتى لو شاء ان يعصره عصره قال فغضب الصادق (ع) في وجه الرجل و قال ان اليتم فشيء من ماء فانضحه به و قريب منها رواية عمرو بن خالد و ما دل على عدم الباس في اصالة بصاق شارب الخمر الثوب كرواية اسحاق بن عمار و رواية الحسين بن موسى الحناط و كلاهما عن الصادق (ع) و ما دل على انه لو بال رجل و ليس عنده ماء يدير على ذكره شيء من ريقه فاذا وجد في ثوبه شيئا قال هذا من ذاك و مثل هذه الروايات كيف يمكن الاستناد إليها مع انها ظاهرة في ارادة رفع الوسواس لان حصول شيء من النجاسة في اليد أو البدن لا يقتضي نجاسته فاذا اصابهما الثوب فربما اصاب المحل الطاهر و خبر الريق اظهر في ذلك و البصاق ان قارن جزء من الخمر فلا محيص عن النجاسة و الا فهو من البواطن ثمّ على تقدير ظهورهن فيما قال كيف يمكن الاستناد اليهن في مقابلة اجماع الشيعة بل المسلمين بل الضرورة و فيما ذكرناه من الروايات المتواترة كفاية فسلام على الفقه و على الفقهاء بعد ظهور مثل هذه الاقوال و لا قوة الا بالله و لو صلى و على بدنه أو ثوبه نجاسة مغلظة و هو التي لم يعين عنها عالما أو ناسيا اعاد الصلاة مطلقا في الوقت أو خارجه اما العلم فاجماعي بل ضروري و أما عند النسيان فهو المشهور و يعضده الأخبار و فيه قول بالعدم مطلقا و آخر إذا خرج الوقت و قد مر الكلام فيه
جواهر، ج 2، ص 14-15
و يشترط فيما ذكرنا من الغسل أن يكون بالماء، و لا يجزي غيره للأصل و الإجماع محصلا و منقولا، و السنة التي كادت تكون متواترة (منها) الآمرة بالغسل الظاهر بالماء، (و منها) الآمرة بصب الماء، (و منها) المصرحة بأنه لا يجزي غيره ك قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحة زرارة: «و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة، أما البول فلا بد من غسله» و قوله (عليه السلام) أيضا في رواية بريد بن معاوية : «و لا يجزي من البول إلا الماء» خلافا للشافعي، فاجتزى بغير الماء من التمسح بالأحجار، و ما تقدم عن المرتضى سابقا من الاجتزاء بالمضاف لعله لا يقول به في المقام، لعدم استثنائه من الإجماع، و إلا فهو محجوج بما تقدم و أما ما في رواية سماعة قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): «أني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي، قال: ليس به بأس» و موثقة حنان قال: «سمعت رجلا سأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: إني ربما بلت فلا أقدر على الماء، و يشتد ذلك علي، فقال: إذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك، فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك» فهما مع الغض عما في السند معرض عنهما بين الأصحاب، لما قد عرفت من الإجماع المحصل و المنقول، بل ضرورة المذهب، و الأخبار التي كادت تكون متواترة، فوجب حينئذ طرحهما، أو تأويلهما بما لا تنافي المقصود و ان بعد بحمل نفي البأس في الأول على إرادة عدم نقض التيمم به و إن كان محكوما بنجاسته، و أولى منه حملهما على التقية، و يؤيده إنها مروية عن الكاظم (عليه السلام) و قد كانت التقية في زمانه في غاية الشدة، و بحمل الثانية على إرادة مسح غير المحل النجس حتى يتخلص عن البلل الخارج منه، إذ قد يكون ذلك من الريق الذي جعله، فلا يتنجس به، أو غير ذلك، و قد تفرد الكاشاني بشيء خالف به إجماع الفرقة الناجية، بل إجماع المسلمين، بل الضرورة من الدين، مستندا الى هاتين الروايتين و نحوهما، و هو أن المتنجس لا ينجس، بل الذي ينجس انما هو عين النجاسة، فمتى زالت بحجر أو خرقة أو نحو ذلك لم ينجس محلها شيئا، و هو بالاعراض عنه حقيق، و لا يليق بالفقيه التصدي لرد مثل ذلك بعد ما عرفت أنه مخالف لإجماع المسلمين و ضرورة الدين.
المولف: آخوند خراسانی
کما ﺃﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﻐﻴﺮ(ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ) ﻭﻫﻮ ﻭﺍﺿﺢ
ﻭﺩﻭﻥ (ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ) ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺼﻼ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻛﺮﺍ، ﻭﺇﻻ ﻓﻔﻴﻪ
ﺇﺷﻜﺎﻝ، ﻻﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺠﺲ.
ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻧﻔﻌﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺑﻤﻼﻗﺎﺓ ﺍﻟﻤﺘﻨﺠﺲ، ﻭﺇﻥ ﻗﻴﻞ ﺑﺎﻹﻧﻔﻌﺎﻝ ﺑﻤﻼﻗﺎﺓ
ﺍﻟﻨﺠﺲ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﺳﺘﻈﻬﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ.
اللمعات النیره، ص 24
ﺛﻢ ﺇﻥ ﻭﺟﻪ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻨﺠﺲ ﺑﻤﻼﻗﺎﺓ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﺟﻤﺎﻉ
ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺑﻤﻼﻗﺎﺓ ﺍﻟﻤﺘﻨﺠﺲ، ﻭﻻ ﺧﺒﺮ ﺩﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻭ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻣﻨﻄﻮﻗﺎ ﺃﻭ
ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ، ﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ، ﻭﺍﻧﺴﺒﺎﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺊ ﻓﻲ
ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﺍﺩﻋﻲ ﻓﻲ ﺧﺒﺮ " ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺎﺀ " ﻓﻼ ﻳﻮﺟﺐ ﺗﻐﻴﺮﻩ ﺑﺎﻟﻤﺘﻨﺠﺲ
ﻧﺠﺎﺳﺘﻪ. ﻭﻻ ﺃﻗﻞ ﺃﻧﻪ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﻤﺘﻴﻘﻦ ﻣﻨﻪ، ﻭﻟﻮ ﺳﻠﻢ ﺷﻤﻮﻝ ﺍﻟﻤﻨﻄﻮﻕ ﻟﻪ ﻓﻼ ﻋﻤﻮﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ " ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﻤﺎﺀ " ﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ، ﻻ ﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ
ﻣﻦ ﺍﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺇﻳﺠﺎﺑﺎ ﺟﺰﺋﻴﺎ ﻭﻧﺠﺎﺳﺘﻪ ﻟﺸﺊ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻴﻘﻦ ﻣﻨﻪ ﻋﻴﻦ
ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ، ﻻ ﺇﻳﺠﺎﺑﺎ ﻛﻠﻴﺎ ﻭﻧﺠﺎﺳﺘﻪ ﺑﻜﻞ ﻧﺠﺲ ﺃﻭ ﻣﺘﻨﺠﺲ ﻭﻟﻮ ﺳﻠﻢ ﻋﺪﻡ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻓﻲ
ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻓﻼ ﻇﻬﻮﺭ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﻔﻌﺎﻝ ﺇﻻ
ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺳﺔ. ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻤﻮﻡ " ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ " ﻣﺮﺟﻌﺎ ﻭﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻣﻀﺎﻓﺎ ﺇﻟﻰ
ﺇﺳﺘﺼﺤﺎﺑﻬﺎ ﻭﻗﺎﻋﺪﺗﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻔﻰ.
مستمسک ، ج 1، ص 146
هذا و قد فصل استاذنا الأعظم(قدس سره) (1) بين النجس و المتنجس فبنى على طهارة الماء بملاقاة الثاني. إذ لا إجماع على الانفعال بملاقاته، و لا خبر دل عليه، خصوصا أو عموماً، منطوقا أو مفهوماً، لاختصاص الأخبار الخاصة بعين النجاسة و انسباقها من الشيء في الاخبار العامة - كما ادعي في خبر : «خلق اللّه الماء..» - و لا أقل من أنه القدر المتيقن. و لو سلم شمول المنطوق له فلا عموم في المفهوم، فان الظاهر أن يكون مثل: «إذا كان الماء قدر كر..» لتعليق العموم لا لتعليق كل فرد من أفراد العام، فيكون مفهومه إيجابا جزئياً و المتيقن عين النجاسة. و لو سلم عدم ظهوره في تعليق العموم فلا ظهور له في تعليق أفراد العام، و عموم: «خلق اللّٰه..» يكون مرجعاً، مضافا الى استصحاب الطهارة أو قاعدتها.
1-المحقق الخراسانی ره
مقاله «معرفی رساله الفیض در انفعال آب قلیل و سرایت نجاست از متنجس»-فیض قمی
❖ استاد معظم آقای حاج سیدمحمدجواد شبیری:
● از مرحوم میرزای شیرازی معروف است که میفرمود: اجمالاً میدانم یکی از این سه قاعده اشتباه است:
۱. انفعال ماء قلیل به ملاقات
۲. منجّس بودن متنجّس
۳. مطهّر نبودن زوال عین
زیرا اگر هر سه قاعده صحیح باشد، همه جای عالم نجس خواهد بود!
● البته حاج آقای والد هر سه قاعده را صحیح دانسته و نکته چهارمی را قائل هستند که علم اجمالی و حتی تفصیلی حاصل از محاسباتی که عرفِ متعارف به آن توجه ندارد، حجیت ندارد.
🔺درس خارج فقه؛ ۲۵ شهریور ۱۳۹۹
السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي (و المستطرفات)، ج1، ص: 163
و يغتسل الغاسل فرضا واجبا إما في الحال أو فيما بعد، فإن مس مائعا قبل اغتساله و خالطه لا يفسده و لا ينجسه، و كذلك إذا لاقى جسد الميت من قبل غسله إناء ثم أفرغ في ذلك الإناء قبل غسله مائع فإنه لا ينجس ذلك المائع، و إن كان الإناء يجب غسله، لأنه لاقى جسد الميت، و ليس كذلك المائع الذي حصل فيه، لأنه لم يلاق جسد الميت و حمله على ذلك قياس، و تجاوز في الأحكام بغير دليل، و الأصل في الأشياء الطهارة، إلى أن يقوم دليل قاطع للعذر، و إن كنا متعبدين بغسل ما لاقى جسد الميت، لأن هذه نجاسات حكميات، و ليست عينيات، و الأحكام الشرعيات نثبتها بحسب الأدلة الشرعية.
و لا خلاف أيضا بين الأمة كافة إن المساجد يجب أن تنزه، و تجنب النجاسات العينيات، و قد أجمعنا بلا خلاف ذلك بيننا على أن لمن غسل ميتا أن يدخل المسجد، و يجلس فيه، فضلا عن مروره، و جوازه، و دخوله إليه، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك و أدى إلى تناقض الأدلة.
و أيضا فإن الماء المستعمل في الطهارة على ضربين، ماء استعمل في الصغرى و الآخر في الكبرى، فالماء المستعمل في الصغرى لا خلاف بيننا انه طاهر مطهر، و الماء المستعمل في الطهارة الكبرى الصحيح عند محققي أصحابنا أنه أيضا طاهر مطهر، و من خالف فيه من أصحابنا قال: هو طاهر يزيل به النجاسات العينيات و لا يرفع به الحكميات، فقد اتفقوا جميعا على انه طاهر، و من جملة الأغسال و الطهارات الكبار: غسل من غسل ميتا، فلو نجس ما يلاقيه من المائعات، لما كان الماء الذي قد استعمله في غسله و إزالة حدثه طاهرا
السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي (و المستطرفات)، ج1، ص: 164
بالاتفاق و الإجماع اللذين أشرنا إليهما.
رسائل الشریف المرتضی، ج 4، ص 328-329
[الفرق بين نجس العين و نجس الحكم]
مسألة: سئل رضي اللّٰه عنه عن معنى قول القائل: هذا نجس العين و هذا نجس الحكم يبين ذلك. و هذا وقع نجس الحكم في الماء منجس أم لا؟ فأجاب بأن قال: الأعيان لا تكون نجسة، لأنها عبارة عن الأجسام، و هي جواهر متركبة، و هي مماثلة. فلو نجس بعضها تنجس سائرها، و كان لا فرق بين الخنزير و بين غيره من الحيوان في النجاسة، و قد علم خلاف ذلك. و التنجيس حكم شرعي، و لا يقال نجس العين الا على وجه المجاز دون الحقيقة. و الذي يدور بين الفقهاء في قولهم «نجس العين» و «نجس الحكم» محمول على ضرب من تعارفهم، و هو أن كل ما حكم بنجاسته في حال الحياة و حال الموت و لم يتغير أجزاء هذا الوصف عليه قالوا «نجس العين» كالخنزير، و ما اختلف حاله فحكم عليه في بعض الأحوال بالطهارة و بعض الأحيان بالنجاسة قالوا «نجس الحكم». أ لا ترى أن ما تقع عليه الذكاة كالشاة و غيرها يحكم بطهارته حيا و بنجاسته إذا مات، و الكافر يحكم بنجاسته في حال كفره و بطهارته عند إسلامه، فأجروا على ما اختلف حاله بأنه نجس الحكم و على ما لزمته صفة النجاسة في جميع الأحوال بأنه نجس العين. و قد علمنا أن الجنب يجري عليه الوصف بأنه غير طاهر، و معلوم أن نجاسته حكمية. و أمثال هذا يتسع و المذكور منه فيه كفاية.
موسوعة ابن ادریس، ج 7، ص 222-223
[79] مسألة فيمن مسّ ميتا بعد برده و قبل تطهيره ثمّ لا مس مائعا هل ينجس أم لا؟ مسألة: ما تقول فيمن مسّ ميّتا من الناس بعد برده بالموت و قبل تطهيره بالاغتسال و لا مس مائعا أ يفسده أم لا؟ و هل إذا وقع الإناء على جسد الميت و باشر جسد الميت باطن الإناء يجب علينا غسله أم لا؟ و هل إذا جعل في الإناء المذكور مائع ينجس أم لا؟ فإن قلت: لا ينجس المائع بكونه فيه فلا حاجة بنا إلى غسله لأنّ غسله لا يراد إلاّ لئلاّ ينجس ما يقع فيه. الجواب و باللّه التوفيق: لا ينجس المائع بكونه في الإناء المذكور من قبل غسله، و يجب غسل الإناء بغير خلاف، و كذلك اليد و البدن، و إن لا مس مائعا لا يفسده و لا ينجّسه أيضا، و يجب غسل اليد أيضا و البدن. فأمّا ما اختلج في خاطر السائل بأنّه إذا لم ينجس المائع و لا اليابس الجامد فما بنا فقر و لا حاجة إلى غسله، فالمزيل لهذا الخيال و السراب أن نقول: بنا أشدّ فقر و حاجة إلى غسله، لأنّا مأمورون و متعبّدون بذلك، لأنّ مصلحتنا فيه، لا لعلّة تنجيسه المائعات، لأنّها نجاسات حكميّات لا نجاسات عينيّات، فزال التوهّم الفاسد و اتّضح الحال. و لأنّ عندنا بغير خلاف أنّ الغاسل للميّت يتوضّأ و يكفّنه للميّت، فلو نجس المائع بما مسّه له قبل غسله نفسه لنجس كفن الميّت و ثياب الغاسل، و هذا لا يقوله محصّل من العقلاء، و أيضا لا خلاف بين الأمّة كافة أنّ المساجد يجب أن تجنّب النّجاسات العينيّات، و قد أجمعنا بلا خلاف بيننا على أنّ من غسّل ميّتا أو مسّه بعد برده بالموت و قبل تطهيره بالغسل، له أن يدخل المسجد و يجلس فيه فضلا عن مروره و جوازه و دخوله إليه، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك، و تناقض القولان و الحكمان و الدّليلان، و الأدلّة لا تتناقض. و أيضا فإنّ الماء المستعمل في الطهارة على ضربين: ماء مستعمل في الطّهارة الصّغرى، و ماء مستعمل في الطّهارة الكبرى. فالماء المستعمل في الصّغرى لا خلاف أنّه طاهر مطهّر، و الماء المستعمل في الكبرى، الصحيح من المذهب أنّه أيضا طاهر مطهّر، و من خالف فيه من أصحابنا قال: طاهر و ليس بمطهّر، فقد اتفقوا على أنّه طاهر و الطاهر إن غسّل به ميتا أو ماسّه ما يلاقيه من الإناء كان الماء الّذي به طاهرا فليتأمل.
المعتبر، ج 1، ص 349-351
فرع إذا وقعت يد الميت بعد برده و قبل تطهيره في مائع فإن ذلك المائع ينجس، و لو وقع ذلك المائع في مائع آخر وجب الحكم بنجاسة الثاني و خبطه بعض المتأخرين فقال: إذا لاقى جسد الميت إناء وجب غسله فلو لاقى ذلك الإناء مائعا لم ينجس المائع لأنه لم يلاق جسد الميت و حمله على ذلك قياس و الأصل في الأشياء الطهارة الى أن يقوم دليل، لان هذه نجاسات حكميات و ليست عينيات. قال: و لا خلاف بين الأمة كافة ان المساجد يجب أن تجنب النجاسات العينية. و قد أجمعنا بغير خلاف بيننا ان من غسل ميتا له أن يدخل المسجد و يجلس فيه، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك، و لان الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بلا خلاف. و من جملة الأغسال غسل من مس ميتا و لو كان ما لاقى الميت نجسا لما كان الماء الذي يغسل به طاهرا. و الجواب: عمن ذكره ان نقول لا نسلم أن الإناء النجس بملاقاة الميت أو اليد الملامسة للميت بعد برده لو لاقت مائعا لم ينجس. قوله لان الحكم بنجاسة المائع قياس على نجاسة ما لاقى الميت. قلنا هذا الكلام ركيك لا يصلح دليلا على دعواه، بل يصلح جوابا لمن يستدل على نجاسة المائع الملاقي لليد بالقياس على نجاسة اليد الملاقية للمائع، لكن أحدا لم يستدل بذلك، بل نقول لما اجتمعت الأصحاب على نجاسة اليد الملاقية للميت، و أجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة، لزم من مجموع القولين، نجاسة ذلك المائع لا بالقياس على نجاسة اليد، فاذا ما ذكره لا يصلح دليلا و لا جوابا. قوله لا خلاف ان المساجد يجب أن تجنب النجاسات و لا خلاف ان لمن مس ميتا أن يجلس في المسجد و يستوطنه. قلنا هذا دعوى عرية عن برهان و نحن نطالبك بتحقيق الإجماع على هذه الدعوى و نطالبك أين وجدتها، فانا لا نوافقك على ذلك، بل نمنع الاستيطان، كما نمنع من على جسده نجاسة و يقبح إثبات الدعوى بالمجازفات. قوله الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر. قلنا هذا حق. قوله فيكون ماء المغتسل من ملامسة الميت طاهرا. قلنا هذا الإطلاق ممنوع، و تحقيق هذا ان ملامس الميت ينجس يده نجاسة عينية و يجب عليه الغسل و هو طهارة حكمية، فإن اغتسل قبل غسل يده نجس ذلك الماء بملاقاة يده التي لامس بها الميت، أما لو غسل يده ثمَّ اغتسل لم يحكم بنجاسة ذلك الماء، و كذا نقول في جميع أغسال الحكمية فإن ماء الغسل من الجنابة طاهر و ان كان الغسل يجب لخروج المني و ينجس موضع خروجه، و لو اغتسل قبل غسل موضع الجنابة كان ماء الغسل نجسا لملاقاته مخرج النجاسة إجماعا، و كذلك غسل الحيض يجب عند انقطاع دم الحيض و يكون المخرج نجسا فلو اغتسلت و لما تغسل المخرج كان ماء الغسل نجسا و لو أزالته ثمَّ اغتسلت كان ماء الغسل طاهرا. و كذا جميع الأغسال. فقد بان ضعف ما ذكره المتأخر، اللهم الا أن يقول ان الميت ليس بنجس و انما يجب الغسل تعبدا، كما هو مذهب الشافعي. لكن هذا مخالف لما ذكره الشيخ أبو جعفر رحمه اللّه، فإنه ذكر انه نجس بإجماع الفرقة و قد سلم هذا المتأخر نجاسته و نجاسة ما يلاقي بدنه. و لو قال أنا أوجب غسل ما يلاقي بدنه و لا أحكم بنجاسة ذلك الملاقي. قلنا فحينئذ يجوز استصحابه في الصلاة و الطهارة به و لو كان ماء ثمَّ يلزم أن يكون الماء الذي يغسل به الميت طاهرا مطهرا و حينئذ يلزمك أن يكون ملاقاته مؤثرة في الثوب منعا و غسلا و غيره مؤثرة في الماء القليل و هو باطل.
کشف الالتباس عن موجز ابی العباس للصیمری، ص 320-324
[تحقيق حول أنّ نجاسة الميّت هل هي عينيّة أو حكميّة؟] تنبيه: اعلم أنّ نجاسة الميّت أشكل مسألة في الشرع، و لقد خبط فيها علماء السنّة و الشيعة خبط عشواء ، تارة يقولون: هي عينيّة و لا يحتاج غسلها إلى نيّة، و تارة يقولون: هي حكميّة و يحتاج غسلها إلى نيّة، و تارة يقولون: لا عينيّة و لا حكميّة بل هو طاهر، و يجب الغسل تعبّدا لا لنجاسة، و تارة يقولون: ينجس ملاقيه حارّا و باردا، رطبا و يابسا، و تارة يقولون: ينجس باردا لا حارّا، و رطبا لا يابسا، و لم يقف واحد منهم على قول من هذه الأقوال و لا جزم بشيء من غير تردّد و لا إشكال، بل لو جزم بشيء في باب أو كتاب نقضه في غير ذلك الباب أو غير ذلك الكتاب، و أنا أورد لك بعض أقوالهم ليظهر لك ما خفي عليك من أحوالهم، و ليكن ذلك في فصلين: الأوّل: في أقوال السنّة: قال أبو حنيفة بنجاسة الميّت مثل قول أصحابنا. و للشافعي قولان: أحدهما: أنّه ينجس كقولنا و قول أبي حنيفة، و اختاره الأنماطي و أبو العباس من أصحابه. و الثاني: أنّه طاهر، و اختاره أبو إسحاق و أبو بكر الصيرفي من أصحابه . و القائل منهم بالطهارة يقول بوجوب الغسل تعبّدا لا لنجاسة. و اختلفوا في وجوب النيّة، فمن قال بوجوبها في الطهارة المائية - كالشافعي و غيره - له في هذه المسألة قولان: أحدهما: الوجوب، كغسل الجنابة، و الآخر: العدم، كإزالة النجاسة . و من قال بعدم وجوب النيّة في الطهارة المائية - كأبي حنيفة - فإنّه لا يوجب النيّة هنا بطريق أولى. الثاني: في أقوال الشيعة:
و المشهور عندهم النجاسة، و لا أعرف قائلا منهم بالطهارة جزما، و إنّما اختلفوا في صفتها هل هي عينيّة أو حكميّة؟ و هل تتعدّى مع الحرارة و البرودة، و الرطوبة و اليبوسة، أو في حال البرودة دون الحرارة و حال الرطوبة دون اليوبسة؟ و قد تقدّم في تضاعيف هذا الشرح أكثر أقوالهم، و تقدّم في المسألة التي قبل هذا التنبيه ذكر بعض اختلافهم في التعدّي حال الحرارة و البرودة و اليبوسة و الرطوبة، فلا نعيده هنا. و لكن نذكر مزيد بحث يكشف عن حقيقة حالهم و عدم وقوفهم على شيء من أقوالهم. قال نجم الدين - رحمه اللّه - في أوّل باب غسل الأموات من كتاب (المعتبر): (الثاني: الغسل: الواجب) أمامه إزالة النجاسة عن بدنه، لأنّ المراد تطهيره، و إذا وجب إزالة الحكميّة عنه، فوجوب إزالة العينيّة أولى، و لئلاّ ينجس ماء الغسل بملاقاتها . و هذا الكلام بعينه قاله العلاّمة في (التذكرة) و (النهاية) . فقد نصّ نجم الدين في (المعتبر) و العلاّمة في (التذكرة) و (النهاية) على كون نجاسة الميّت حكميّة، بدليل قولهما: و إذا وجب إزالة الحكميّة عنه، فوجوب إزالة العينيّة أولى. و قولهما: و لئلاّ ينجس ماء الغسل بملاقاتها، و لا شكّ أنّ الماء ينجس بملاقاة العينيّة دون الحكميّة، و لو كانت نجاسة الميّت عينيّة، لنجس الماء بملاقاتها، و بطل التعليل بقولهما: و لئلاّ ينجس الماء بملاقاتها، لحصول نجاسته بملاقاة الميّت و إن زال غيرها من النجاسات العينيّة، فثبت من قولهما و تعليلهما كون النجاسة حكميّة. و قال ابن إدريس: إذا لاقى جسد الميّت إناء، وجب غسله، و لو لاقى ذلك الإناء مائعا، لم ينجس المائع، لأنّه لم يلاق جسد الميّت، و حمله على ذلك قياس، و الأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل، لأنّ هذه نجاسات حكميّات و ليست عينيّات . فقد أفتى ابن إدريس بأنّ نجاسات الأموات حكميّات و ليست عينيّات، و قد حكم أوّلا بكونها عينيّة، لحكمه بغسل ملاقي جسد الميّت و لا يجب غسله إلاّ من النجاسة العينيّة، ثم حكم بعد ذلك بعدم نجاسة المائع الملاقي لما أوجب غسله، لملاقاة جسد الميّت، قال: لأنّ نجاسة الميّت حكميّة و ليست عينيّة. و هو رجوع عمّا قاله أوّلا. ثمّ قال نجم الدين في آخر باب غسل الأموات من كتابه (المعتبر): نجاسة الميّت نجاسة عينيّة لكنّها تزول بالغسل، أمّا أنّها عينيّة: فلأنّها تتعدّى إلى ما يلاقيها، و أمّا زوالها بالغسل: فعليه إجماع أهل العلم . فقد رجع عمّا قاله في أوّل الباب من الكلام الدالّ على كونها حكميّة. ثمّ قال: و خبط بعض المتأخرين. ثمّ حكى كلام ابن إدريس، ثمّ قال: و الجواب عمّا ذكره أن نقول: لا نسلّم أنّ الإناء النجس بملاقاة الميّت أو اليد اللامسة للميّت بعد برده لو لاقت مائعا، لم ينجس. قوله: لأنّ الحكم بنجاسة المائع قياس على نجاسة ما لاقى الميّت. قلنا: هذا الكلام ركيك لا يصلح دليلا على دعواه، بل يصلح جوابا لمن يستدلّ على نجاسة المائع الملاقي لليد بالقياس على نجاسة اليد الملاقية للمائع، لكنّ أحدا لم يستدلّ بذلك، بل نقول: لمّا أجمع الأصحاب على نجاسة اليد الملاقية للميّت و أجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة، لزم من مجموع القولين نجاسة ذلك المائع لا بالقياس على نجاسة اليد، فإذا ما ذكره لا يصلح دليلا و لا جوابا. ثمّ قال: اللّهم إلاّ أن يقول: إنّ الميّت ليس بنجس، و إنّما يجب الغسل تعبّدا، كما هو مذهب الشافعي، لكن هذا مخالف لما ذكره الشيخ أبو جعفر رحمه اللّه، فإنّه ذكر أنّه نجس بإجماع الفرقة، و قد سلّم هذا المتأخّر نجاسته و نجاسة ما يلاقي بدنه. و لو قال: أنا أوجب غسل ما يلاقي بدنه و لا أحكم بنجاسة ذلك الملاقي، قلنا: فحينئذ يجوز استصحابه في الصلاة، و الطهارة به لو كان ماء.
الوافی، ج 6، ص 29
3690-34 الفقيه ، 26/20/1 التهذيب ، 1/41/418/1 : سأل عمار الساباطي أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن الرجل يجد في إنائه فأرة - و قد توضأ من ذلك الإناء مرارا و اغتسل منه و غسل ثيابه و قد كانت الفأرة منسلخة فقال إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه و يغسل كل ما أصابه ذلك الماء و يعيد الوضوء و الصلاة و إن كان إنما رآها بعد ما فرغ من ذلك و فعله فلا يمس من الماء شيئا و ليس عليه شيء لأنه لا يعلم متى سقطت فيه ثم قال لعله أن يكون إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها. بيان إنما أمره بإعادة الطهارات إذا جزم بسقوطها قبل و نهاه عن المس بعد ما رآه إذا لم يجزم به لأن مع انسلاخ الفأرة يبعد أن لا يكون قد انفعل الماء منها
مفاتیح الشرائع، ج 1، ص 163
[عدم وجوب غسل الملاقي للمتنجس] إنّما يجب غسل ما لاقى عين النجاسة. و أمّا ما لاقى الملاقي لها - بعد ما أزيل عنه العين بالتمسّح و نحوه بحيث لا يبقى فيه شيء منها - فلا يجب غسله كما يستفاد من المعتبرة، على أنّا لا نحتاج إلى دليل في ذلك؛ فإنّ عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب، إذ لا تكليف إلّابعد البيان و لا حكم إلّابعد البرهان. إّلا أنّ هذا الحكم ممّا يكبر في صدور الذين غلب عليهم التقليد من أصحاب الوسواس الذين يكفرون بنعمة اللّٰه و لا يشكرون سعة رحمة اللّٰه. و في الحديث: «إِنَّ الْخَوَارِجَ ضَيَّقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِجَهَالَتِهِمْ، وَ إِنَّ الدِّينَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ» .
معتصم الشیعة، ج 2، ص 111
و قد قطع جمع من المتأخّرين بطهارة الحيوان المتنجّسة غير الآدمي بزوال عين النجاسة عنه. قال في المعتبر : «إذا أكلت الهرّةُ ميتةً ثمّ شربت لم ينجس الماء و إن قلّ، سواء غابت أو لم تغب». و نحوه قال في المنتهى و التذكرة . و علّله بعضهم بالأصل و عدم ثبوت التعبّد بغسل النجاسة عنه. و يمكن أن يستدلّ له أيضاً بصحيحة محمّد عن أحدهما عليهما السلام؛ قال: «سَأَلْتُهُ عَنِ الْكَلْبِ يَشْرَبُ مِنَ الْإِنَاءِ، قَالَ: اغْسِلِ الْإِنَاءَ. وَ عَنِ السِّنَّوْرِ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُتَوَضَّأَ بِفَضْلِهَا؛ إِنَّمَا هِيَ مِنَ السِّبَاعِ» . و مثلها صحيحة زرارة و معاوية بن شريح عن الصادق عليه السلام. و مقتضاها طهارة أفواه السباع بمجرّد زوال العين، لأنّها لا يكاد ينفكّ عن النجاسات خصوصاً الهرّة؛ فإنّ العلم بمباشرتها للنجاسة متحقّق في أكثر الأوقات. و لو لا ذلك للزم صرف اللفظ الظاهر إلى الفرد النادر، بل تأخير البيان عن وقت الحاجة، و هو ممتنع عقلاً. و أمّا الآدمي فقد قيل إنّه يشترط فيه غيبتُه زماناً يمكن فيه إزالة النجاسة. و فيه نظر، لأنّ نجاسته إن كان في البواطن فلا يحتاج إلى الغيبة، و إن كان في غيرها فلا يكفي ذلك، بل لا بدّ من العلم بإزالته أو الظنّ المعتبر شرعاً و لو كان مستنداً إلى إخباره مع عدم قرينة خلافه. و اللّه أعلم.
درس خارج اصول استاد سید محمدجواد شبیری
97/09/17
از مرحوم حاج آقا حسین قمی نقل شده که ایشان میفرمود: در تمام عمرم عدالت یک و نیم نفر برایم احراز شد یکی مرحوم شیخ عباس قمی و عیال ایشان که فرزند مرحوم آقا میرزا احمد و برادر زاده مرحوم حاج آقا حسین قمی. مرحوم جد ما که این مطلب را از مرحوم حاج آقا حسین شنید، بسیار تعجب کرد و فرمود: دین برای عمل است و این چه نوع تفکری است که در طول عمر عدالت که موضوع بسیاری از احکام شرعی مانند قضاوت، تقلید، شهادت، امام جماعت و .. . تنها در یک و نیم نفر احراز شود. به همین دلیل یا ادله ثبوتی به تضیقی که ایشان اعتقاد دارد، نیست یا شارع در مقام اثبات اماراتی برای احراز عدالت قرار داده که بسیار راحت تر از تصور ایشان عدالت قابل احراز است. از مرحوم میرزای شیرازی معروف است که می فرمود: اجمالا می دانم یکی از این سه قاعده اشتباه است: انفعال ماء قلیل به ملاقات، منجّس بودن متنجّس و مطهّر نبودن زوال عین زیرا اگر هر سه قاعده صحیح باشد، همه جای عالم نجس خواهد بود. البته حاج آقای والد هر سه قاعده را صحیح دانسته و نکته چهارمی را قائل هستند که علم اجمالی و حتی تفصیلی حاصل از محاسبات که عرف متعارف به آن توجه ندارد، حجیت ندارد.
نوشته مباحثه امام صدر و میرزا کاظم شیرازی
اولین خاطره از جلسات مباحثه علمی آیتالله العظمی شیرازی در قم، که بیشک مهمترین آنها نیز هست، به مباحثه آن بزرگوار با آیتالله العظمی بروجردی مربوط است. موضوع مباحثه، فرع فقهی «تنجیس متجنس» بود [7]. این مباحثه در منزل آیتالله العظمی بروجردی صورت گرفت. آیتالله حاجآقا رضی شیرازی (حفظه الله) که ملازم آیتالله العظمی شیرازی در این سفر و ناظر همه مباحثات آن بزرگوار بود، در خاطرات خود آورده است [8]: در این جلسه «نشان داده شد که آقا شیخ محمد کاظم شیرازی در چه حدی است»؛ بعد از این جلسه «آقای بروجردی ارجاع احتیاطی به ایشان داد. ولی قمیها جلوی این کار را گرفتند و گفتند که این کار درست نیست و این شکست قم است» [9]. آیتالله آقا رضی شیرازی در شرح جزئیات این جلسه مباحثه آورده است [10]: «آقا شیخ محمد کاظم بحثاً یک طرف بود و آقای بروجردی هم یک طرف. یک بار آقای بروجردی گفت: اجازه میفرمایید این چیزهایی که قبلا نوشتیم، بیاوریم و بخوانیم. آقای بروجردی بلند شد و یک کتاب خطی را که از نوشتههای خودش بود و روی پیشبخاری بود، آورد و از روی آن میخواند. همینطور که میخواند، آقا شیخ محمد کاظم اعتراض میکرد و اشکال میگرفت. او میخواست بگوید که متنجس منجس نیست و هر چه میخواند، آقا شیخ محمد کاظم اعتراض میکرد و نقض میکرد». تا اینکه نوبت به نهار رسید. آیتالله العظمی شیرازی سر نهار موضوع سخن را عوض و سؤال کرد [11]: «نظر مبارک در این فرع فقهی زکات چیست»؟ آیتالله العظمی بروجردی هم رأی خود را بیان داشت. البته آیتالله العظمی شیرازی تنها فتوای آیتالله العظمی بروجردی را سؤال کرده بود و نه استدلال آن بزرگوار را. آیتالله العظمی شیرازی بعد از خروج از منزل آیتالله العظمی بروجردی در پاسخ آیتالله آقا رضی شیرازی سبب سؤال اخیر خود را چنین بیان داشته بود [12]: «خواستم احترامی کرده باشم و جبران جلسه قبل شده باشد»!