سلام علیکم
و كان حمزة بن حبيب رحمه اللّه، ورعا صالحا صعب الأخذ، أظهر التحقيق بالكوفة و روى ذلك عن أبي ليلى من طريق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه، وكان إذا حدر يروي ذلك عن أبي محمد الأعمش من طريق عبد اللّه بن مسعود (المصباح الزاهر فی القراءات العشر البواهر، للشهرزوری (م 550): 1/ 151 و 166)
فقراءة حمزة، رحمه الله، ترجع إلى عبد الله بن مسعود، وإلى على عليه السلام. فكان إذا حقق روى ذلك عن ابن أبي ليلى عن على عليه السلام، وكان إذا حدر روى ذلك عن أبي محمد الأعمش
عن عبد الله بن مسعود. (جمال القراء وكمال الإقراء، تحقيق: د. مروان العطيَّة - د. محسن خرابة: 519)
برام جالب بود که برای نحوه قرائت (تحقیق و حدر) هم سند ذکر میکردن
وَقَرَأَ حَمْزَة أَيْضا على جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَقَرَأَ جَعْفَر على آبَائِهِ وقرءوا على أهل الْمَدِينَة
وَكَانَ حَمْزَة يعْتَبر قِرَاءَة عبد الله فِيمَا لم يُوَافق خطّ مصحف عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (السبعة في القراءات: 73)
وما يروى عن حمزة، رحمه الله، من شدة الأخذ، والمطالبة والتحقيق، فذكر أنه أخذ ذلك عن حمران بن أعين، وابن أبي ليلى وأنهما أخذا ذلك عن على رضي الله عنه. (جمال القراء و كمال الإقراء: 569)
وقد تكلم قوم في قراءة حمزة قال هشام بن عمَّار صاحب ابن عامر: حدثنا جنادة بن محمد، سمعت سفيان بن عيينة يقول: لا تصلوا خلف من يقرأ بقراءة حمزة. وعن أبي بكر بن عيَّاش: قراءة حمزة بدعة. وعن عبد الله بن إدريس أنه لعن من قرأ قراءة حمزة. واعتمد من مال على حمزة، رحمه الله، على هذا. وذكر أن أحمد بن حنبل - رحمه الله - كره قراءة حمزة.
فأمَّا ما روي عن سفيان بن عيينة فإن جنادة بن محمد غير معروف عند أهل الحديث، وقد كان هشام بن عمار يروي عن سفيان بن عيينة. فكيف روى عن هذا الرجل المجهول عنه؟
وإن صح أن سفيان قال ذلك، فهو محمول عند أهل العلم على أن سفيان سمع من غير حمزة قراءة عزاها القارئ إلى حمزة، فأنكر ما فيها من الإفراط، وتجاوز الحد.
وأما قول أبي بكر بن عيَّاش: قراءة حمزة بدعة، فذلك مما لايضر، ولا يعد طعناً، فقد يبتدع الشيء، ويكون حسناً، على أنه لم يبتدع ذلك، ولكنه رواه عن أئمته، على ما قدمناه. ولم يكن أبو بكر، رحمه الله، يعرف غير قراءة عاصم، فلما سمع ما لم يعرفه أنكره، وسماه بدعة.
وأما عبد الله بن إدريس فإنه سمع من يقرأ، ويتجاوز الحد وينسب ذلك إلى حمزة، وحمزة بريء منه، فقال ما قال، وكان ينبغي له أن يلعن من قرأ تلك القراءة التي سمع، ولا يلعن من قرأ بقراءة حمزة.
وقد قال شعيب بن حرب: كنت ألوم من يقرأ بقراءة حمزة حتى
دخلت، فقرأت عليه، فلما رآه شعيب، وسمع قراءته رضيها، وقبلها، وكان يقول بعد ذلك لأصحاب الحديث: تسألوني عن الحديث، ولا
تسألوني عن الدر، فقيل له: وما الدر؟ فقال قراءة حمزة.
وأما أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، فقد قال سويد: مضيت أنا وأحمد بن رافع إلى أحمد بن حنبل، رحمه الله، فقال: ما حاجتكما؟ قلنا: نحن نقرأ قراءة حمزة، وبلغنا أنك تكره قراءته، فقال أحمد.
رحمه الله: حمزة قد كان من العلم بموضع، ولكن لو قرأتم بحرف نافع وعاصم، فدعونا له، وخرجنا وخرج معنا الفضل بن زياد، فقال لنا: إني لا أصلي به، وأقرأ قراءة حمزة، فما نهاني عن شيء منها قط، وكان حمزة رحمه الله أجل، وأورع من أن يبتدع. (جمال القراء وكمال الإقراء: 569 إلى 571).
قدم «ابن خيرون» القيروان بقراءة نافع، وكان الغالب على تلك البلاد قراءة «حمزة» ولم يكن يقرأ لنافع إلا خواص الناس، فلما قدم «ابن خيرون» القيروان اجتمع عليه الناس ورحل إليه القراء من الآفاق (غاية النهاية: 2/ 217)
«كان «ابن خيرون» رجلا صالحا فاضلا كريم الأخلاق، إماما في القراءة شديد الأخذ، ولم يكن يقرأ أهل إفريقية بحرف نافع إلا خواص الناس حتى قدم «ابن خيرون» فاجتمع عليه الناس»(معرفة القرء الكبار: 161
السبعة فی القراءات لابن مجاهد، ج ١، ص ٧١
إلى قراءة عاصم صار بعض أهل الكوفة وليست بالغالبة عليهم
لأن أضبط من أخذ عن عاصم أبو بكر بن عياش فيما يقال لأنه تعلمها منه تعلما خمسا خمسا
وكان أهل الكوفة لا يأتمون في قراءة عاصم بأحد ممن يثبتونه في القراءة عليه إلا بأبي بكر بن عياش وكان أبو بكر لا يكاد يمكن من نفسه من أرادها منه فقلت بالكوفة من أجل ذلك وعز من يحسنها وصار الغالب على أهل الكوفة إلى اليوم قراءة حمزة بن حبيب الزيات
حمزة بن حبيب الزيات
وكان حمزة ممن تجرد للقراءة ونصب نفسه لها وكان ينحو نحو أصحاب عبد الله لأن قراءة عبد الله انتهت بالكوفة إلى الأعمش
أساتذة حمزة
وكان حمزة قد قرأ على الأعمش بها ويقال إنه لم يقرأ عليه ولكنه سمع قراءته
ص ٧٢
وقرأ على ابن أبي ليلى وقرأ ابن أبي ليلى على المنهال بن عمرو وقرأ المنهال على سعيد بن جبير وقرأ سعيد على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقرأ ابن عباس على أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه وقرأ أبي بن كعب على النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرني بذلك أبو طالب عبد الله بن أحمد بن سوادة وموسى بن موسى الختلي قالا حدثنا هرون بن حاتم قال حدثنا علي بن حمزة الكسائي عن حمزة قال قلت لابن أبي ليلى على من قرأت فقال ذلك
وحدثني موسى بن موسى وأبو طالب قالا حدثنا هرون قال حدثنا علي بن حمزة الكسائي
قال قلت لحمزة على من قرأت فقال علي ابن أبي ليلى وحمران بن أعين قلت فحمران على من قرأ قال على عبيد بن نضيلة الخزاعي وقرأ عبيد على علقمة وقرأ علقمة على عبد الله وقرأ عبد الله على النبي صلى الله عليه وسلم
حدثني أبو عبد الله محمد بن العباسي الكابلي قال حدثنا محمد بن يحيى الأزدي البصري قال قلت لابن داود قرأ حمزة على الأعمش قال من أين قرأ على الأعمش إنما سأله عن حروف قرأ على الأعمش طلحة ومنصور بن المعتمر
ص ٧٣
وإبراهيم التيمي كلم إبراهيم النخعي فكلم له الأعمش حتى يقرئه
حدثني ابن صدقة قال حدثنا ابن جبير قال حدثنا حجاج قال قلت لحمزة قرأت على الأعمش قال لا ولكني سألته عن هذه الحروف حرفا حرفا
حدثني أحمد بن الحسن قال حدثني سوادة بن علي ابن بنت ابن نمير قال حدثني الحسن بن محمد بن سعيد بن محمد بن عمارة بن عقبة قال قرأت على سليم بن عيسى الحنفي وقرأ سليم على حمزة الزيات
وقرأ حمزة على حمران بن أعين وقرأ حمران على أبي الأسود الدؤلي وقرأ أبو الأسود على علي وعثمان رضي الله تعالى عنهما
وقرأ حمزة أيضا على ابن أبي ليلى وقرأ ابن أبي ليلى على أخيه وقرأ أخوه على أبيه عبد الرحمن وقرأ عبد الرحمن على علي رضي الله تعالى عنه
قال وقرأ حمزة أيضا على سليمان بن مهران الأعمش وقرأ سليمان على يحيى ابن وثاب وقرأ يحيى على أصحاب عبد الله وقرأ يحيى أيضا على زر بن حبيش وزر قرأ على علي وعثمان وعبد الله رضي الله تعالى عنهم
وقرأ حمزة أيضا على جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وقرأ جعفر على آبائه وقرءوا على أهل المدينةوكان حمزة يعتبر قراءة عبد الله فيما لم يوافق خط مصحف عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه
ص ٧۴
قال سليم بن عيسى الكوفي قرأ حمزة على الأعمش وابن أبي ليلى فما كان من قراءة الأعمش فهو عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وما كان من قراءة ابن أبي ليلى فهو عن علي رضي الله تعالى عنه
ولم يخالف حمزة الأعمش فيما وافق قراءة زيد ابن ثابت التي جمع عثمان رضي الله تعالى عنه الناس عليها إلا في أحرف يسيرة
أخبرني بذلك أحمد بن زهير وإدريس بن عبد الكريم جميعا عن خلف عن سليم
تلامذة حمزة
وكان حمزة إمام أهل الكوفة في عصره أخذ القراءة عنه سفيان الثوري وقرأ عليه جلة أهل الكوفة شريك بن عبد الله وأبو الأحوص سلام بن سليم ويوسف بن أسباط وعثمان بن زائدة ومحمد بن فضل وحسين الجعفي وشعيب بن حرب وجرير بن عبد الحميد وعلي بن حمزة الكسائي وأبو إسحق الفزاري ويحيى بن اليمان وغيرهم
حدثني ابن أبي الدنيا قال قال محمد بن الهيثم المقرىء أخبرني الحسن بن
ص ٧۵
بكار أنه سمع شعيب بن حرب يقول أم حمزة الناس سنة مائة وإن سفيان الثوري درس على حمزة القرآن أربع درسات
حدثني ابن أبي الدنيا قال قال محمد بن الهيثم سمعت خلف بن تميم يقول حدثني حمزة الزيات أن سفيان الثوري عرض عليه القرآن أربع عرضات قال وقال حمزة أتاني علي بن صالح فسألني أن أقرئه
أخبرني هرون بن يوسف عن أبي هشام قال كان أقرأ من قرأ على حمزة في الزمن الأول أربعة إبراهيم الأزرق وكان كثير من الناس يقدمونه على سليم ولم يكن بالحافظ وخالد الطبيب وخلاد الأحول وكان عبد الرحمن بن أبي حماد أكبرهم وأعلمهم بعلل القرآن كان خلاد قد قرأ عليه
وكان آخر ولم يكن مثلهم يقال له سلم الأبرش
قال أبو هشام الرفاعي ضبط الكسائي القراءة على حمزة وعبد الرحمن ابن أبي حماد قرأ عليه يعني على الكسائي
حدثني ابن أبي الدنيا قال حدثنا الطيب بن إسماعيل عن شعيب بن حرب قال سمعت حمزة يقول ما قرأت حرفا قط إلا بأثر
وكان حمزة متبعا لآثار من أدرك من أئمة القراء عالما بالقراءة ومذاهبها
ص ٧۶
حدثني مطين محمد بن عبد الله قال حدثنا عقبة بن قبيصة بن عقبة قال حدثني أبي كنا عند سفيان الثوري فجاءه حمزة فكلمه فلما قام قال سفيان أترون هذا ما قرأ حرفا من كتاب الله إلا بأثر
حدثني علي بن الحسن الطيالسي قال سمعت محمد بن الهيثم المقرىء يقول أدركت الكوفة ومسجدها الغالب عليه قراءة حمزة ولا أعلمني أدركت حلقة من حلق المسجد الجامع يقرءون قراءة عاصم
حدثني علي بن الحسن قال سمعت محمد بن الهيثم يقول حدثني عبد الرحمن بن أبي حماد قال سمعت حمزة يقول إن لهذا التحقيق منتهى ينتهي إليه ثم يكون قبيحا مثل البياض له منتهى ينتهي إليه وإذا زاد صار برصا ومثل الجعودة لها منتهى تنتهي إليه فإذا زادت صارت قططا
ويروى عنه أنه قال إنما الهمز رياضة فإذا أحسنها الرجل سهلها
حدثني علي بن الحسن قال حدثنا محمد بن الهيثم قال قلت لعبد الله ابن داود إن بعض الناس يكره قراءة حمزة أو نحو هذا فقال ابن داود سمعت كلام هؤلاء البصريين من كان أعلم من حمزة بعلمها وعلتها
حدثني علي بن الحسن قال قال محمد بن الهيثم واحتج من عاب قراءة حمزة بعبد الله بن إدريس أنه طعن فيها وإنما كان سبب هذا أن رجلا ممن قرأ على سليم حضر مجلس ابن إدريس عبد الله فقرأ فسمع ابن إدريس ألفاظا فيها
ص ٧٧
إفراط في المد والهمز وغير ذلك من التكلف المكروه فكره ذلك ابن إدريس وطعن فيه
قال محمد وهذا الطريق عندنا مكروه مذموم وقد كان حمزة يكره هذا وينهى عنه وكذلك من أتقن القراءة من أصحابه
حدثني أبو بكر بن أبي الدنيا قال حدثني محمد بن نصر البجلي المقرىء قال مات حمزة سنة ست وخمسين ومائة
وكان ممن روى القراءة عن حمزة وخلفه في القيام بها سليم بن عيسى الحنفي وابن أبي حماد عبد الرحمن وخلاد بن خالد الأحول وغالب بن فائد وخالد الطبيب ومحمد بن حفص الحنفي وإبراهيم الأزرق وسلم المجدر وجعفر الخشكني وأبو عمارة حمزة بن القاسم الأحول وعبيد الله بن موسى سمع كتاب قراءة حمزة من حمزة ولم يقرأ عليه وحسين الجعفي
وكل هؤلاء متقاربون لا يكادون يختلفون في أصل من أصول قراءة حمزة غير أنهم كانوا يتفاضلون في الألفاظ ورقة الألسن
ويختلفون في الإفراط في المد والتوسط فيه وفي شيء من الإدغام أيضا اختلفوا وقد بينت ذلك في كتابي هذا
وحدثني ابن أبي الدنيا قال قال محمد بن الهيثم حدثني إبراهيم بن الأزرق قال كان حمزة يقرأ في الصلاة كما يقرأ لا يدع شيئا من قراءته نذكر المد والهمز والإدغام