بسم الله الرحمن الرحیم
تاريخ ابن خلدون،ج1،ص:640
و اعلم أنّ الهندسة تفيد صاحبها إضاءة في عقله و استقامة في فكره لأنّ براهينها كلّها بيّنة الانتظام جليّة التّرتيب لا يكاد الغلط يدخل أقيستها لترتيبها و انتظامها فيبعد الفكر بممارستها عن الخطإ و ينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهيع
و قد زعموا أنّه كان مكتوبا على باب أفلاطون: «من لم يكن مهندساً ،فلا يدخلنّ منزلنا» و كان شيوخنا رحمهم الله يقولون: «ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصّابون للثّوب الّذي يغسل منه الأقذار و ينقّيه من الأوضار و الأدران». و إنّما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه و انتظامه
کشاف اصطلاحات الفنون و العلوم
ذو الزنقة:
[في الانكليزية] depipelellaraP
[في الفرنسية] edepipelellaraP
عند المهندسين شكل من الأشكال المنحرفة و هو ما يكون فيه ضلعان متوازيان و آخران غير متوازيين، يكون أحدهما عمودا على المتوازيين هكذا. ذو الزنقتين عندهم شكل منحرف لا يكون أحد الضلعين الغير المتوازيين عمودا على المتوازيين هكذا، كذا ذكر المولوي سيد عصمة الله في شرح خلاصة الحساب. و قال: الزنقة الانحراف و لم يبين أنه بالفاء أو القاف، و إني لم أجد بالفاء في كتب اللغة التي عندي و إنما وجدته في الصراح بالقاف، لكنه لم يذكره بمعنى الانحراف، بل بمعنى كونچه تنگ- ضيق المخرج- و الله أعلم بحقيقة الحال و الظاهر أنه بالقاف.
زنق
الزنقة: ميل في جدار في سكة، أو في ناحية من الدار، أو عرقوب من الوادي يكون فيه كالمدخل و الالتواء، اسم بلا فعل.
كتاب العين، ج5، ص: 92
و الزناق: حلقة يجعل لها خيط يشد في رأس البغل الجموح، و كل رباط تحت الحنك في الجلد فهو زناق. و ما كان في الأنف مثقوبا فهو عران. و بغل مزنوق، و زنقته زنقا، قال الشاعر:
فإن يظهر حديثك بؤت عدوا برأسك في زناق أو عران «1»
زنق
الزاء و النون و القاف أصل يدل على ضيق أو تضييق. يقولون زنقت الفرس، إذا شكلته فى قوائمه الأربع. و الزنقة كالمدخل فى السكة «5»
معجم مقاييس اللغه، ج3، ص: 29
و غيرها فى ضيق و فيها ميل. و يقال لضرب من الحلى زناق.
«البيان والتبيين» (2/ 169):
ودخل كردم الذرّاع أرض القوم يذرعها، فلما انتهى إلى زنقة «1» لم يحسن أن يذرعها، قال: هذه ليست لكم! قالوا: هي لنا ميراث وما ينازعنا فيها إنسان قط.
قال: لا والله ما هي لكم، قالوا: فحصل لنا حساب ما لا تشك فيه. قال:
عشرون في عشرين مائتان، قالوا: من أجل هذا الحساب صارت الزنقة ليست لنا؟
توحید المفضل، ص : 178
الشمس و اختلاف الفلاسفة في وضعها و شكلها و مقدارها
فمن ذلك هذه الشمس التي تراها تطلع على العالم و لا يوقف على حقيقة أمرها و لذلك كثرت الأقاويل فيها و اختلفت الفلاسفة المذكورون في وصفها فقال بعضهم هو فلك أجوف مملوء نارا له فم يجيش بهذا الوهج و الشعاع و قال آخرون هو سحابة و قال آخرون هو جسم زجاجي يقل [يقبل] نارية في العالم و يرسل عليه شعاعها و قال آخرون هو صفو لطيف ينعقد ماء البحر و قال آخرون هو أجزاء كثيرة مجتمعة من النار و قال آخرون هو من جوهر خامس سوى الجواهر الأربعة ثم اختلفوا في شكلها فقال بعضهم هي بمنزلة صفيحة عريضة و قال آخرون هي كالكرة المدحرجة و كذلك اختلفوا في مقدارها فزعم بعضهم أنها مثل الأرض سواء و قال آخرون بل هي أقل من ذلك و قال آخرون بل هي أعظم من الجزيرة العظيمة و قال أصحاب الهندسة هي أضعاف الأرض مائة و سبعين مرة ففي اختلاف
توحيد المفضل، ص: 179
هذه الأقاويل منهم في الشمس دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من أمرها فإذا كانت هذه الشمس التي يقع عليها البصر و يدركها الحس قد عجزت العقول عن الوقوف على حقيقتها فكيف ما لطف عن الحس و استتر عن الوهم فإن قالوا و لم استتر قيل لهم لم يستتر بحيلة يخلص إليها كمن يحتجب من الناس بالأبواب و الستور و إنما معنى قولنا استتر أنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام كما لطفت النفس و هي خلق من خلقه و ارتفعت عن إدراكها بالنظر فإن قالوا و لم لطف تعالى عن ذلك علوا كبيرا كان ذلك خطأ من القول لأنه لا يليق بالذي هو خالق كل شيء إلا أن يكون مباينا لكل شيء متعاليا عن كل شيء سبحانه و تعالى
الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام، ص: 301
52 باب الصناعات
اعلم يرحمك الله أن كل ما يتعلمه العباد من أصناف الصنائع مثل الكتاب و الحساب و التجارة و النجوم و الطب و سائر الصناعات و الأبنية و الهندسة و التصاوير ما ليس فيه مثال الروحانيين و أبواب صنوف الآلات التي يحتاج إليها مما فيه منافع و قوام المعايش و طلب الكسب فحلال كله تعليمه و العمل به و أخذ الأجرة عليه
المحاسن، ج1، ص: 244
238 عنه عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن إسحاق قال: قال أبو الحسن ع ليونس مولى علي بن يقطين يا يونس لا تتكلم بالقدر قال إني لا أتكلم بالقدر و لكني أقول لا يكون إلا ما أراد الله و شاء و قضى و قدر فقال ليس هكذا أقول و لكني أقول لا يكون إلا ما شاء الله و أراد و قدر و قضى ثم قال أ تدري ما المشية فقال لا فقال همه بالشيء أ و تدري ما أراد قال لا قال إتمامه على المشية فقال أ و تدري ما قدر قال لا قال هو الهندسة من الطول و العرض و البقاء ثم قال إن الله إذا شاء شيئا أراده و إذا أراده قدره و إذا قدره قضاه و إذا قضاه أمضاه يا يونس إن القدرية لم يقولوا بقول الله- و ما تشاؤن إلا أن يشاء الله و لا قالوا بقول أهل الجنة الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله و لا قالوا بقول أهل النار ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوما ضالين و لا قالوا بقول إبليس رب بما أغويتني و لا قالوا بقول نوح و لا ينفعكم نصحي
__________________________________________________
(1 و 2 و 3)- ج 3، «باب القضاء و القدر و المشية و الإرادة» (ص 35، س 24 و 25 و 30) قائلا بعد الحديث الثالث: «بيان- «ابتداء الفعل» أي أول الكتابة في اللوح، أو أول ما يحصل من جانب الفاعل و يصدر عنه مما يؤدى الى وجود المعلول».
المحاسن، ج1، ص: 245
إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم و إليه ترجعون ثم قال قال الله يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء و بقوتي أديت إلي فرائضي و بنعمتي قويت على معصيتي و جعلتك سميعا بصيرا قويا فما أصابك من حسنة فمني- و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و ذلك لأني لا أسأل عما أفعل و هم يسئلون ثم قال قد نظمت لك كل شيء تريده «1».
الكافي (ط - الإسلامية)، ج1، ص: 157
4- علي بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن قال: قال لي أبو الحسن الرضا ع يا يونس لا تقل بقول القدرية فإن القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنة و لا بقول أهل النار و لا بقول إبليس- فإن أهل الجنة قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله و قال أهل النار ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا
__________________________________________________
- و ما بينهما باطلا و لم يبعث النبيين مبشرين و منذرين عبثا» الجملتان يحتمل أن يشار بهما الى نفى كل من الجبر و التفويض فان الافعال إذا كانت مخلوقة لله قائمة به سبحانه كان المعاد الذي هو غاية الخلقة أمرا باطلا لبطلان الثواب و العقاب إلى آخر ما ذكره (ع) و كان بعث الرسل لاقامة الحجة و تقدمة القيامة عبثا و لا معنى لان يقيم تعالى حجة على فعل نفسه و إذا كانت مخلوقة للإنسان و لا تأثير لله سبحانه فيها لزم أن تكون الخلقة لغاية لا يملك الله تعالى منه شيئا و هو الباطل و بعث الرسل لغرض الهداية التي لا يملكها الا الإنسان ليس لله فيها شأن و هو العبث.
و اعلم أن البحث عن القضاء و القدر كانت في أول الامر مسألة واحدة ثم تحولت ثلاث مسائل أصلية الأولى: مسألة القضاء و هو تعلق الإرادة الإلهية الحمية بكل شيء و الاخبار تقضى فيها بالاثبات كما مر في الأبواب السابقة الثانية: مسألة القدر و هو ثبوت تأثير ما له تعالى في الافعال و الاخبار تدل فيها أيضا على الاثبات، الثالثة مسألة الجبر و التفويض و الاخبار تشير فيها الى نفى كلا القولين و تثبت قولا ثالثا و هو الامر بين الامرين، لا ملكا لله فقط من غير ملك الإنسان و لا بالعكس، بل ملكا في طول ملك و سلطنة في ظرف سلطنة
و اعلم أيضا أن تسمية هؤلاء بالقدرية مأخوذة مما صح عن النبي صلى الله عليه و آله «أن القدرية مجوس هذه الأمة الحديث» فأخذت المجبرة تسمى المفوضة بالقدرية لانهم ينكرون القدر و يتكلمون عليها و المفوضة تسمى المجبرة بالقدرية لانهم يثبتون القدر و الذي يتحصل من أخبار أئمة أهل البيت (ع) أنهم يسمون كلتا الفرقتين بالقدرية و يطبقون الحديث النبوى عليهما، أما المجبرة فلانهم ينسبون الخير و الشر و الطاعة و المعصية جميعا الى غير الإنسان، كما أن المجوس قائلون بكون فاعل الخير و الشر جميعا غير الإنسان و قوله (ع) في هذا الخبر مبنى على هذا النظر، و أما المفوضة فلانهم قائلون بخالقين في العالم هما الإنسان بالنسبة الى أفعاله و الله سبحانه بالنسبة الى غيرها، كما أن المجوس قائلون بإله الخير و إله الشر، و قوله عليه السلام في الروايات التالية: لا جبر و لا قدر اه ناظر الى هذا الاعتبار. (الطباطبائى)
(1) سيظهر معنى الرواية في الكلام على رواية حفص بن قرط عن أبي عبد الله (ع) ص 108.
الكافي (ط - الإسلامية)، ج1، ص: 158
قوما ضالين و قال إبليس رب بما أغويتني فقلت و الله ما أقول بقولهم و لكني أقول لا يكون إلا بما شاء الله و أراد و قدر و قضى فقال يا يونس ليس هكذا لا يكون إلا ما شاء الله و أراد و قدر و قضى يا يونس تعلم ما المشيئة قلت لا قال هي الذكر الأول فتعلم ما الإرادة قلت لا قال هي العزيمة على ما يشاء فتعلم ما القدر قلت لا قال هي الهندسة و وضع الحدود من البقاء و الفناء قال ثم قال و القضاء هو الإبرام و إقامة العين قال فاستأذنته «1» أن أقبل رأسه و قلت فتحت لي شيئا كنت عنه في غفلة.
مختصر البصائر، ص: 379
قال الرضا ع: «أ فتعلم أنت ذاك؟» قال: نعم، قال ع: «فأنت يا سليمان أعلم منه إذا» قال سليمان: المسألة محال، قال ع: «محال عندك، أنه واحد لا شيء معه، و أنه سميع بصير حكيم قادر؟» قال: نعم، قال الرضا ع: «فكيف أخبر الله عز و جل أنه واحد حي، سميع بصير، عليم خبير، و هو لا يعلم ذلك، و هذا رد ما قال و تكذيبه، تعالى الله عن ذلك».
ثم قال له الرضا ع: «فكيف يريد صنع ما لا يدري صنعه و لا ما هو؟ و إذا كان الصانع لا يدري كيف يصنع الشيء قبل أن يصنعه؟ فإنما هو متحير، تعالى الله عن ذلك» قال سليمان: فإن الإرادة القدرة؟
قال الرضا ع: «و هو عز و جل يقدر على ما لا يريده أبدا و لا بد من ذلك، لأنه قال تبارك و تعالى و لئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك «1» فلو كانت الإرادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به لقدرته» فانقطع سليمان، فقال المأمون عند ذلك: يا سليمان هذا أعلم هاشمي، ثم تفرق القوم «2».
[438/ 10] و بإسنادي إلى محمد بن يعقوب الكليني ره قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن قال: قال لي أبو الحسن الرضا ع: «يا يونس لا تقل بقول القدرية، فإن القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنة، و لا بقول أهل النار، و لا بقول إبليس، فإن أهل الجنة قالوا
__________________________________________________
(1) الاسراء 17: 86.
(2) عيون أخبار الرضا ع 1: 179/ 1، التوحيد: 441/ 1، و أورده الطبرسي باختصار في الاحتجاج 2: 365/ 284.
مختصر البصائر، ص: 380
الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله «1» و قال أهل النار ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوما ضالين «2» و قال إبليس رب بما أغويتني «3»» فقلت:
و الله ما أقول بقولهم، و لكني أقول: لا يكون إلا بما شاء الله عز و جل و أراد و قدر و قضى.
قال: فقال ع: «يا يونس ليس هكذا، لا يكون إلا ما شاء الله عز و جل، و أراد و قدر و قضى، يا يونس تعلم ما المشيئة؟» فقلت: لا، فقال: «هي الذكر الأول، فتعلم ما الإرادة؟» قلت: لا، قال: «هي العزيمة على ما يشاء» قال: فتعلم ما القدر؟
قلت: لا، قال: «هو الهندسة، و وضع الحدود من البقاء و الفناء» قال: ثم قال:
«و القضاء هو الإبرام و إقامة العين» قال: فاستأذنته أن أقبل رأسه، و قلت: فتحت لي شيئا كنت عنه في غفلة «4».
__________________________________________________
(1) الأعراف 7: 43.
(2) المؤمنون 23: 106.
(3) الحجر 15: 39.
(4) الكافي 1: 157/ 4، و عنه في البحار 5: 116/ 49.