سال بعدالفهرستسال قبل

عبيد الله المهدي مؤسس دولة الفاطميين العبيديين(259 - 322 هـ = 873 - 934 م)

عبيد الله المهدي مؤسس دولة الفاطميين العبيديين(259 - 322 هـ = 873 - 934 م)
نسب فاطميون
شرح حال فاطميون(297 - 567 هـ = 909 - 1171 م)
إسماعيلية
الحسين بن أحمد-أبو عبد الله الشيعي(000 - 298 هـ = 000 - 911 م)


الأعلام للزركلي (4/ 197)
المَهْدي الفاطِمي
(259 - 322 هـ = 873 - 934 م)
عبيد الله بن محمد الحبيب بن جعفر المصدق بن محمد المكتوم، الفاطمي العلويّ، من ولد جعفر الصادق: مؤسس دولة العلويين في المغرب، وجد العبيديين الفاطميين أصحاب مصر، وأحد الدهاة. في نسبه خلاف طويل. كان يسكن سلمية (بسورية) ومولده بها (أو بالكوفة) وكان أبوه قد أرسل الدعاة، وأعظمهم أبو عبد الله الحسين ابن أحمد الملقب بالعلم والشهير بالشيعي، فمهّد له بيعة المغرب، وفتح بلدانا، وناصرته قبائل كتامة، ووعدها بقرب ظهور " المهدي " إمام زمان.
ووصلت إلى المهدي رسل أبي عبد الله تدعوه، فبلغ خبره المكتفي باللَّه العباسي، فطلبه، ففر من سلمية إلى العراق. ثم لحق بمصر فالاسكندرية، ومنها إلى المغرب. وكان ظهوره بسجلماسة في أواخر 296 (كما في كنز الدرر) واستفحل أمره حتى بويع في القيروان بيعة عامة سنة 297 هـ
واستوطن " رقادة " عاصمة أواخر ملوك الأغالبة. وبعث الولاة الى طرابلس وصقلّيّة وبرقة.
واستولى على تاهرت. وحاول امتلاك مصر، فقصدها مرتين ولم يظفر، وقيل: دخل الإسكندرية.
وعاد إلى المغرب فاختط مدينة " المهدية " سنة 303 هـ واتخدها قاعدة لملكه. ومات بها بعد أن حكم أربعا وعشرين سنة. وأخباره كثيرة. وللدكتور حسن إبراهيم وطه شرف كتاب " عبيد الله المهدي إمام الشيعة الإسماعيلية - ط " وكان يتولى أموره بنفسه، ليس له وزير ولا حاجب (1) .
__________
(1) ابن الأثير 8: 90 وما قبلها وابن خلدون 4: 11 و 30 - 40 واتعاظ الحنفا 17 - 107 وفيه اختلاف الأقوال في نسبه. وابن خلكان 1: 272 وتاريخ الخميس 2: 385 وسماه " عبيد الله بن الحسين " وأوصل نسبة إلى عبد الله بن ميمون القداح، وذكر أن الحسين أبا المهدي كان يقول إنه " الوصي " و " صاحب الأمر " ثم قال: كأن الدعاة باليمن والمغرب يكاتبونه، ولما نشأ المهدي جعل لنفسه نسبا هو " عبيد الله بن الحسين ابن علي بن محمد بن موسى بن حعفر الحسيني العلويّ الطالبي ". وفي أعمال الأعلام 22 تأتى للمهدي أول ملوك الشيعة بإفريقية ومصر ملك كبير بالمغرب، فبنى القصور ورتب السياسة، وعدا على الشيعي الداعي إليه فقتله وأخاه أحمد، وأوقع بزناتة، وأمر أن يدعى له على المنابر: اللَّهمّ صل على عبدك ووليك وخليفتك، القائم بأمر عبادك في بلادك، أبي محمد عبيد الله، الإمام المهدي باللَّه، أمير المؤمنين، كما صليت على آبائه خلفائك الراشدين المهديين الذين قضوا بالحق وكانوا به يعدلون "! وكنز الدرر 6: 108 - 109.








تاريخ الإسلام ت بشار (7/ 460)
88 - عبيد الله المهدي، أبو محمد. [المتوفى: 322 هـ][ص:461]
أول خلفاء الباطنية بني عبيد أصحاب مصر والمغرب، وهو دعي كذاب؛ أدعى أنه من ولد الحسين بن علي. والمحققون متفقون على أنه ليس بحسيني، وما أحسن ما قال المعز صاحب القاهرة وقد سأله ابن طباطبا العلوي عن نسبهم، فجذب نصف سيفه من الغمد وقال: هذا نسبي. ونثر على الحاضرين والأمراء الذهب، وقال: هذا حسبي.
توفي عبيد الله في ربيع الأول بالمغرب، وقد ذكرنا من أخباره في حوادث هذه السنة، فلا رحم الله فيه مغرز إبرة.
قال أبو الحسن القابسي صاحب " الملخص ": إن الذين قتلهم عبيد الله وبنوه أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب، ما بين عابد وعالم؛ ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت. وفي ذلك يقول سهل في قصيدته:
وأحل دار النحر في أغلاله ... من كان ذا تقوى وذا صلوات
ودفن جميعهم في المنستير وحولها، والمنستير بلسان الفرنج: المعبد الكبير، وبها قبور كبارهم. وكانت دولة عبيد الله بضعا وعشرين سنة، ويا حبذا لو كان رافضيا وبس، ولكنه زنديق.
وحكى الوزير القفطي في " سيرة بني عبيد " قال: كان أبو عبد الشيعي أحد الدواهي؛ وذلك أنه جمع مشايخ كتامة وقال: إن الإمام كان بسلمية قد نزل عند يهودي عطار يعرف بعبيد، فقام به وكتم أمره. ثم مات عبيد عن ولدين فأسلما وأمهما على يد الإمام وتزوج بها، وبقي مستترا والأخوان في دكان العطر، فولدت للإمام ابنين، فعند اجتماعي به سألت: أي الاثنين إمامي بعدك؟ فقال: من أتاك منهما فهو إمامك. فسيرت أخي لإحضارهما، فوجدت أباهما قد مات هو وأحد الولدين، ووجد هذا فأتي به. وقد خفت أن يكون هذا أحد ابني عبيد، فقالوا: وما أنكرت منه؟ قال: إن الإمام يعلم الكائنات قبل وقوعها. وهذا قد دخل معه بولدين ونص الأمر في الصغير بعده، ومات بعد عشرين يوما، ولو كان إماما لعلم بموته. فقالوا: ثم ماذا؟ قال: والإمام لا يلبس الحرير ولا الذهب، وقد لبسهما. وليس له أن أن يطأ إلا ما قد تحقق أمره، وهذا قد وطئ نساء [ص:462] زيادة الله، فتشككت كتامة في أمره، وقالوا: ما ترى؟ قال: قبضه، ونسير من يكشف لنا عن أولاد الإمام على الحقيقة. فأجمعوا أمرهم، وخف هارون بن يوسف كبير كتامة فواجه المهدي، وقال: قد شككنا فيك، فأت بآية. فأجابه بأجوبة قبلها عقله، وقال: إنكم تيقنتم، واليقين لا يزول بالشك، وإن الطفل لم يمت وإنه أمامك، وإنما الأئمة ينتقلون، وقد انتقل لإصلاح جهة أخرى. فقال: آمنت، فلبسك الحرير؟ قال: أنا نائب المشرع أحلل لنفسي ما أريد، وكل الأموال لي، وزيادة الله كان غاصبا.
وأما أبو عبد الله وأخوه فأخذا يخببان عليه، فرتب من قتلهما. ثم خرج عليه جماعة من كتامة فظفر بهم وقتلهم، وخالف أهل طرابلس، فوجه ولده القائم فافتتحها عنوة، ثم برقة فافتتحها، ثم صقلية فأخذها، واستقر ملكه. وجهز ولده القائم لأخذ مصر مرتين ويرجع مهزوما، وبنى المهدية ونزلها سنة ثمان وثلاثمائة.
وعاش ثلاثا وستين سنة، وخلف ثلاثة عشر ولدا منهم ستة بنين، آخرهم موتا أبو علي أحمد في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.




نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب (ص: 145)
المؤلف: أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي (المتوفى: 821هـ)
448 - العبيديون - بطن من الحسينيين بني الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أب يطالب، وهم بنو عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر المصدق بن محمد مكتوم بن اسماعيل الأمام بن جعفر الصادق بن محمد الباقر ابن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعلي يأتي نسبه عند ذكرالعلويين في اللف واللام مع العين، على أن هذا النسب قد طعن فيه طاعنون من النسابة، وقدح فيه جماعة من جملة العلماء، والله تعالى أعلم بما هو الحق، وكان لهم ملك ببلاد المغرب، ثم بمصر والشام، واجتمع لهم ملك مصر والشام وافريقية وصقلية.




تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (2/ 385)
المؤلف: حسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ)
ذكر الخلفاء الفاطميين بالاختصار
قال الدميرى قد ذكر دولة العبيديين وغيرهم من ملوك مصر على الاجمال مختصرا وها أنا أذكرهم مفصلا مبينا وذلك ان الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله القدّاح وذلك .........




البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب (1/ 206)
المؤلف: ابن عذاري المراكشي، أبو عبد الله محمد بن محمد (المتوفى: نحو 695هـ)
وفي سنة 322 توفي عبيد الله المهدي ليلة الثلاثاء من ربيع الأول فكانت مدته أربعا وعشرين سنة وعشرة أشهر ونصفا. وكان وصوله إلى مصر في زي التجار سنة 289. وظهر بسجلماسة في ذي الحجة سنة 296 وسلم عليه بالأمانة. وأنفصل إلى رقادة في ربيع الآخر من سنة 297. وبنى المهدية وأستقر بها سنة 308. ولما أنتقل إلى المهدية دخل رقادة الوهن وأنتقل عنها ساكنوها، فلم تزل تخرب شيئا بعد شيء إلى أن ولى معد بن إسماعيل فخرب ما بقى منها.



المختصر في أخبار البشر (2/ 63)
أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد ابن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، الملك المؤيد، صاحب حماة (المتوفى: 732هـ)
ابتداء الدولة العلوية الفاطمية وفي هذه السنة، أعني سنة ست وتسعين ومائتين، كان ابتداء ملك الخلفاء العلويين إِفريقية، وانقرضت دولتهم بمصر، سنة سبع وستين وخمس مائة، على ما نذكره إِن شاء الله تعالى، وأول من ولِي منهم، أبو محمد عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إِسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وقيل: هو عبيد الله بن أحمد بن إِسماعيل الثاني بن محمد بن إِسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد اختلف العلماء في صحة نسبه. فقال القائلون بإمامته: إِن نسبه صحيح، ولم يرتابوا فيه، وذهب كثير من العلويين العالمين بالأنساب، إِلى موافقتهم أيضاً، ويشهد بصحته ما قاله الشريف الرضي.
ما مُقامي على الهوان وعندي ... مقولٌ صارمٌ وأنفٌ حمي
ألبِسَ الذل في بلاد الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي
مَنْ أبوه أبي ومولى مولا ... ي إِذا ضامني البعيد القصي
لف عرقي بعرقه سيد النا ... سِ جميعاً محمد وعلي
وذهب آخرون إلى أن نسبهم مدخول، ليس بصحيح، وبالغ طائفة منهم إِلى أن جعلوا نسبهم في اليهود، فقالوا: لم يكن اسم المهدي عبيد الله بل كان اسمه سعيد ابن أحمد بن عبد الله القداح بن ميمون بن ديصان، وقيل عبيد الله بن محمد، وقيل فيه سعيد بن الحسين، وأن الحسين المذكور قدم إِلى سلمية، فجرى بحضرته حديث النساء، فوصفوا له امرأة رجل يهودي حداد بسلمية، مات عنها زوجها فتزوجها الحسين بن محمد المذكور لابن أحمد بن عبد الله القداح المذكور. وكان للمرأة ولد من اليهودي، فأحبه الحسين وأدبه، ومات الحسين ولم يكن له ولد فعهد إِلى ابن اليهودي الحداد وهو المهدي عبيد الله وعرفه أسرار الدعوة وأعطاه الأموال والعلامات، فدعا له الدعاة، وقد اختلف كلام المؤرخين، وكثر في قصة عبد الله القداح بن ميمون بن ديصان المذكور، ونحن نشير إِلى ذلك مختصراً. قالوا: ابن ديصان المذكور، هو صاحب كتاب الميزان في نصرة الزندقة، وكان يظهر التشيع لآل النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأ لميمون بن ديصان ولد يقال له عبد الله القداح، لأنه كان يعالج العيون ويقدحها، وتعلم من ميمون أبيه الحيل، وأطلعه أبوه على أسرار الدعاة لآل النبي صلى الله عليه سلم، ثم سار عبد الله القداح، من نواحي كرج وأصفهان، إلى الأهواز والبصرة وسلمية، من أرض حمص، يدعو الناس إِلى آل البيت، ثم توفي عبد الله القداح وقام ابنه أحمد، وقيل محمد، مقامه، وصحبه إنسان يقال له رستم بن الحسين بن حوشب بن زادان النجار، من أهل الكوفة، فأرسله أحمد إلى الشيعة باليمن، وأن يدعو الناس إِلى المهدي من آل محمد صلى الله عليه وسلم، فسار رستم بن حوشب إِلى اليمن، ودعا الشيعة إِلى المهدي، فأجابوه، وكان أبو عبد الله الشيعي من أهل صنعاء وقيل من أهل الكوفة، وسمع بقدوم ابن حوشب إِلى اليمن، وأنه يدعو الناس إِلى المهدي، فسار أبو عبد الله الشيعي من صنعاء إِلى ابن حوشب، وكان بعَدن، فصحبه وصار من كبار أصحابه، وكان لأبي عبد الله الشيعي علم ودهاء، وكاَن قد أرسل ابن حوشب قبل ذلك، الدعاة إِلى المغرب، وقد أجابه أهل كتامة، ولما رأى ابن حوشب، علْمَ أبي عبد الله الشيعي ودهاه، أرسله إِلى المغرب، إِلى أهل كتامة، وأرسل معه جَملة من المال، فسار أبو عبد الله الشيعي إِلى مكة، وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا، ولما قدم الحجاج مكة، اجتمع بالمغاربة من أهل كتامة، فرآهم مجيبين إِلى ما يختار، فسار معهم إِلى أرض كتامة من المغرب، فقدمها منتصف ربيع الأول، سنة ثمانين ومائتين، وأتاه البربر من كل مكان، وعظم أمره، وكان اسمه عندهم: أبا عبد الله المشرقي. وبلغ أمره إِلى إِبراهيم بن أحمد الأغلبي أمير إِفريقية إِذ ذاك، فاستصغر أمر أبي عبد الله، واستحقره، ثم مضى أبو عبد الله إِلى مدينة تاهرت، فعظم شأنه، وأتته القبائل من كل مكان، وبقي كذلك حتى تولى أبو نصر زيادة الله، آخر من ملك من بني الأغلب، وكان عم زيادة الله، ويعرف بالأحول، قبالة أبي عبد الله الشيعي، يقاتله، فلما تولى زيادة الله، أحضر عمه الأحول وقتله، فصفت البلاد لأبي عبد الله الشيعي.
اتصال المهدي عُبيد الله بأبي عبد الله الشيعي
كانت الدعاة بالمغرب يدعون إِلى محمد، والد المهدي، وكان بسلمية، فلما توفي أوصى إِلى ابنه عبيد الله المهدي، وأطلعه على حال الدعاة وشاع ذلك أيام المكتفي، فطلب، فهرب عبيد الله، وابنه أبو القاسم محمد، الذي ولي بعد المهدي، وتلقب بالقاَئم، وتوجها نحو المغرب، ووصل عبيد الله المهدي إِلى مصر في زي التجار، وكان عامل مصر حينئذ عيسى النّوشري، وقد كنت إليه الخليفة، بتطلب عبيد الله المهدي، والتوقع عليه، فَجَد المهدي في الهرب، وقدم طرابلس الغرب، وزيادة الله بن الأغلب متوقع عليه، وقد كتب إِلى عماله بإمساكه متى ظفروا به، فهرب من طرابلس، ولحق بسجلماسة فأقام بها. وكان صاحب سجلماسة يسمى اليسع بن مدرار، فهاداه المهدي، على أنه رجل تاجر، قد قدم إلى تلك البلاد، فوصل كتاب زيادة الله إِلى اليسع، يعلمه أن هذا الرجل، هو الذي يدعو له عبد الله الشيعي إِليه، فقبض اليسع على عبيد الله المهدي، وحبسه بسجلماسة، ولما كان من قتل زيادة الله عمه الأحول، وهرب زيادة الله، واستيلاء أبي عبد الله الشيعي على إِفريقية ما قدمنا ذكره، سار أبو عبد الله الشيعي من رقادة في رمضان من هذه السنة، أعني سنة ست وتسعين ومائتين، إِلى سجلماسة، واستخلف أبو عبد الله الشيعي أخاه أبا العباس، وأبا زاكي على إفريقية. فلما قرب من سجلماسة، خرج صاحبها اليسع وقاتله، فرأى ضعفه عنه، فهرب اليسع تحت الليل، ودخل أبو عبد الله الشيعي إِلى سجلماسة، وأخرج المهدي وولده من السجن، وأركبهما ومشى هو ورؤوس القبائل بين أيديهما، وأبو عبد الله يشير إلى المهدي ويقول للناس: هذا مولاكم، وهو يبكي من شدة الفرح، حتى وصل إلى فسطاط، قد نصب له، ولما استقر المهدي فيه، أمر بطلب اليسع صاحب سجلماسة، فأدرك وأحضر بين يديه، فقتله، وأقام المهدي بسجلماسة أربعين يوماً، وسار إِلى إفريقية، ووصل إِلى رقادة، في ربيع الآخر، سنة سبع وتسعين ومائتين، فدون الدواوين، وجبى الأموال، وبعث العمال إِلى سائر بلاد المغرب، واستعمل على جزيرة صقلية الحسن ابن أحمد بن أبي حفتزير، وزال بملك المهدي ملك بني الأغلب، وملك بني مدرار أصحاب مملكة سجلماسة، وكان آخر بني مدرار اليسع، وكان مدة ملك بني مدرار مائة سنة وثلاثين سنة، وزال ملك بني رستم من تاهرت، وكانت مدة ملكهم مائة سنة وستين سنة.
قتل أبي عبد الله الشيعي أخيه أبي العباس لما استقرت قدم المهدي في المملكة، باشر الأمور بنفسه، ولم يبق لأبي عبد الله، ولأخيه أبي العباس مع المهدي حكم، والفطام صعب، فشرع أبو العباس أخو أبي عبد الله الشيعي يندّم أخاه ويقول له: أخرجت الأمر عنك، وسلمته لغيرك. وأخوه ينهاه عن قول مثل ذلك، إِلى أن أحنقه، وذلك يبلغ المهدي، حتى شرع يقول لرؤوس القبائل: ليس هذا المهدي الذي دعوناكم إِليه. فطلبهما المهدي وقتلهما، كذا أورد ابن الأثير في الكامل، مقتل أبي عبد الله الشيعي المذكور في سنة ست وتسعين ومائتين، ورأيت مقتل أبي عبد الله في الجمع والبيان في تاريخ القيروان أنه كان في نصف جمادى الأولى، سنة ثمان وتسعين ومائتين، وهو الأصح عندي. وكذلك ذكر في تاريخ مقتله ابن خلكان، أنّه كان في سنة ثمان وتسعين ومائتين.






تاريخ ابن خلدون (4/ 40)
(ابتداء دولة العبيديين)
وأولهم عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر الصادق بن محمد المكتوم بن جعفر الصادق. ولا عبرة بمن أنكر هذا النسب من أهل القيروان وغيرهم وبالمحضر الّذي ثبت ببغداد أيام القادر بالطعن في نسبهم، وشهد فيه أعلام الأئمّة، وقد مرّ ذكرهم. فإن كتاب المعتضد إلى ابن الأغلب بالقيروان وابن مدرار بسجلماسة يغريهم بالقبض عليه لمّا سار إلى المغرب، شاهد بصحّة نسبهم. وشعر الشريف الرضيّ مسجّل بذلك. والذين شهدوا في المحضر فشهادتهم على السماع وهي ما علمت وقد كان نسبهم ببغداد منكرا عند أعدائهم شيعة بني العبّاس منذ مائة سنة، فتلوّن الناس بمذهب أهل الدولة، وجاءت شهادة عليه مع أنها شهادة على النفي، مع أنّ طبيعة الوجود في الانقياد إليهم، وظهور كلمتهم حتى في مكة والمدينة أدلّ شيء على صحة نسبهم. وأمّا من يجعل نسبهم في اليهودية والنصرانية ليعمون القدح وغيره فكفاه ذلك إثما وسفسفة. وكان شيعة هؤلاء العبيديّين بالمشرق واليمن وإفريقية. وكان أصل







تاريخ ابن خلدون (1/ 27)
ومن الأخبار الواهية ما يذهب إليه الكثير من المؤرّخين والأثبات في العبيديين خلفاء الشّيعة بالقيروان والقاهرة من نفيهم عن أهل البيت صلوات الله عليهم والطّعن في نسبهم إلى إسماعيل الإمام ابن جعفر الصّادق يعتمدون في ذلك على أحاديث لفّقت للمستضعفين من خلفاء بني العبّاس تزلّفا إليهم بالقدح فيمن ناصبهم وتفنّنا في الشّمات بعدوّهم حسبما تذكر بعض هذه الأحاديث في أخبارهم ويغفلون عن التّفطّن لشواهد الواقعات وأدلّة الأحوال الّتي اقتضت خلاف ذلك من تكذيب دعواهم والرّدّ عليهم.
فإنّهم متّفقون في حديثهم عن مبدإ دولة الشّيعة أنّ أبا عبد الله المحتسب لمّا دعي بكتامة للرّضى من آل محمّد واشتهر خبره وعلم تحويمه على عبيد الله المهديّ وابنه أبي القاسم خشيا على أنفسهما فهربا من المشرق محلّ الخلافة واجتازا بمصر وأنّهما خرجا من الاسكندريّة في زيّ التّجّار ونمي خبرهما إلى عيسى النّوشريّ عامل مصر والاسكندريّة فسرّح في طلبهما الخيّالة حتّى إذا أدركا خفي حالهما على تابعهما بما لبّسوا به من الشّارة والزّيّ فأفلتوا إلى المغرب. وأنّ المعتضد أوعز إلى الأغالبة أمراء إفريقيا بالقيروان وبني مدرار أمراء سجلماسة بأخذ الآفاق عليهما وإذكاء العيون في طلبهما فعثر أليشع صاحب سجلماسة من آل مدرار على خفيّ مكانهما ببلده واعتقلهما مرضاة للخليفة.
هذا قبل أن تظهر الشّيعة على الأغالبة بالقيروان ثمّ كان بعد ذلك ما كان من ظهور دعوتهم بالمغرب وإفريقية ثمّ باليمن ثمّ بالإسكندريّة ثمّ بمصر والشّام والحجاز وقاسموا بني العبّاس في ممالك الإسلام شقّ الأبلمة [1] وكادوا يلجون عليهم مواطنهم ويزايلون من أمرهم ولقد أظهر دعوتهم ببغداد وعراقها الأمير البساسيريّ من موالي الدّيلم المتغلبين على خلفاء بني العبّاس في مغاضبة جرت بينه وبين أمراء العجم وخطب لهم على منابرها حولا كاملا وما زال بنو العبّاس يغصّون بمكانهم ودولتهم وملوك بني أميّة وراء البحر ينادون بالويل والحرب منهم وكيف يقع هذا كلّه لدعيّ في النّسب يكذب في انتحال الأمر واعتبر حال القرمطيّ إذ كان دعيّا في انتسابه كيف تلاشت دعوته وتفرّقت أتباعه وظهر سريعا على خبثهم ومكرهم فساءت عاقبتهم وذاقوا وبال أمرهم ولو كان أمر العبيديين كذلك لعرف ولو بعد مهلة:
ومهما يكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على النّاس تعلم
فقد اتّصلت دولتهم نحوا من مائتين وسبعين سنة وملكوا مقام إبراهيم عليه السّلام ومصلّاه وموطن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ومدفنه وموقف الحجيج ومهبط الملائكة ثمّ انقرض أمرهم وشيعتهم في ذلك كلّه على أتمّ ما كانوا عليه من الطّاعة لهم والحبّ فيهم واعتقادهم بنسب الإمام إسماعيل بن جعفر الصّادق ولقد خرجوا مرارا بعد ذهاب الدّولة ودروس أثرها داعين إلى بدعتهم هاتفين بأسماء صبيان من أعقابهم يزعمون استحقاقهم للخلافة ويذهبون إلى تعيينهم بالوصيّة ممّن سلف قبلهم من الأئمّة ولو ارتابوا في نسبهم لما ركبوا أعناق الأخطار في الانتصار لهم فصاحب البدعة لا يلبّس في أمره ولا يشبّه في بدعته ولا يكذّب نفسه فيما ينتحله.
والعجب من القاضي أبي بكر الباقلانيّ شيخ النّظّار من المتكلّمين كيف يجنح إلى هذه المقالة المرجوحة ويرى هذا الرّاي الضّعيف فإن كان ذلك لما كانوا عليه من الإلحاد في الدّين والتّعمّق في الرّافضيّة فليس ذلك بدافع في صدر دعوتهم وليس إثبات منتسبهم بالّذي يغني عنهم من الله شيئا في كفرهم فقد قال تعالى لنوح عليه السّلام في شأن ابنه «إِنَّهُ لَيْسَ من أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ به عِلْمٌ 11: 46. [1] » وقال صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة يعظها يا فاطمة اعملي فلن أغني عنك من الله شيئا ومتى عرف امرؤ قضيّة أو استيقن أمرا وجب عليه أن يصدع به والله يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل والقوم كانوا في مجال لظنون الدّول بهم وتحت رقبة من الطّغاة لتوفّر شيعتهم وانتشارهم في القاصية بدعوتهم وتكرّر خروجهم مرّة بعد أخرى فلاذت رجالاتهم بالاختفاء ولم يكادوا يعرفون كما قيل:
فلو تسأل الأيّام ما اسمي ما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكانيا
حتّى لقد سمّي محمّد بن إسماعيل الإمام جدّ عبيد الله المهديّ بالمكتوم سمّته بذلك شيعتهم لما اتّفقوا عليه من إخفائه حذرا من المتغلّبين عليهم فتوصّل شيعة بني العبّاس بذلك عند ظهورهم إلى الطّعن في نسبهم وازدلفوا بهذا الرّأي القائل [1] للمستضعفين من خلفائهم وأعجب به أولياؤهم وأمراء دولتهم المتولّون لحروبهم مع الأعداء يدفعون به عن أنفسهم وسلطانهم معرّة العجز عن المقاومة والمدافعة لمن غلبهم على الشّام ومصر والحجاز من البربر الكتّامين شيعة العبيديّين وأهل دعوتهم حتّى لقد أسجل القضاة ببغداد بنفيهم عن هذا النّسب وشهد بذلك عندهم من أعلام النّاس جماعة منهم الشّريف الرّضيّ وأخوه المرتضى وابن البطحاويّ ومن العلماء أبو حامد الأسفرايينيّ والقدّوريّ والصّيمريّ وابن الأكفانيّ والأبيورديّ وأبو عبد الله بن النّعمان فقيه الشّيعة وغيرهم من أعلام الأمّة ببغداد في يوم مشهود وذلك سنة ستّين وأربعمائة في أيّام القادر وكانت شهادتهم في ذلك على السّماع لما اشتهر وعرف بين النّاس ببغداد وغالبها شيعة بني العبّاس الطّاعنون في هذا النّسب فنقله الأخباريّون كما سمعوه ورووه حسبما وعوه والحقّ من ورائه.
وفي كتاب المعتضد في شأن عبيد الله إلى ابن الأغلب بالقيروان وابن مدرار بسجلماسة أصدق شاهد وأوضح دليل على صحّة نسبهم فالمعتضد أقعد [2] بنسب أهل البيت من كلّ أحد والدّولة والسّلطان سوق للعالم تجلب إليه بضائع العلوم والصّنائع وتلتمس فيه ضوالّ الحكم وتحدى إليه ركائب الرّوايات والأخبار وما نفق فيها نفق عند الكافّة فإن تنزّهت الدّولة عن التّعسّف والميل والأفن [1] والسّفسفة وسلكت النّهج الأمم ولم تجر [2] عن قصد السّبيل نفق في سوقها الإبريز الخالص واللّجين [3] المصفّى وإن ذهبت مع الأعراض والحقود وماجت بسماسرة العرب البغي والباطل نفق البهرج والزّائف والنّاقد البصير قسطاس نظره وميزان بحثه وملتمسه.









تاريخ الخلفاء (ص: 10)
قال الذهبي: المحققون متفقون على أن عبيد الله المهدي ليس بعلوي، وما أحسن ما قاله حفيده المعز صاحب القاهرة -وقد سأله طباطبا العلوي عن نسبهم- فجذب نصف سيفه من الغمد وقال: هذا نسبي، ونثر على الأمراء والحاضرين وقال: هذا حسبي.
ومنها: أن أكثرهم زنادقة خارجون عن الإسلام، ومنهم من أظهر سبّ الأنبياء، ومنهم من أباح الخمر، ومنهم من أمر بالسجود له، والْخَيِّرُ منهم رافضي1 خبيث لئيم يأمر بسب الصحابة -رضي الله عنهم- ومثل هؤلاء لا تنعقد لهم بيعة، ولا تصح لهم إمامة.
قال القاضي أبو بكر الباقلاني: كان المهدي عبيد الله باطنيًّا2 خبيثًا حريصًا على إزالة ملة الإسلام، أعدم العلماء والفقهاء؛ ليتمكن من إغواء الخلق، وجاء أولاده على أسلوبه: أباحوا الخمر والفروج، وأشاعوا الرفض.
وقال الذهبي: كان القائم بن مهدي شرًّا من أبيه، زنديقًا، معلونًا، أظهر سب الأنبياء وقال: وكان العبيديون على ملة الإسلام شرًّا من التتر.
وقال أبو الحسن القابسي: إن الذين قتلهم عبيد الله وبنوه من العلماء والعبّاد أربعة آلاف رجل ليردوهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت، فياحبذا لو كان رافضيًّا فقط، ولكنه زنديق.
وقال القاضي عياض: سئل أبو محمد القيرواني الكيزاني من علماء المالكية عمن أكرهه بنو عبيد -يعني خلفاء مصر- على الدخول في دعوتهم أو يقتل؟ قال: يختار القتل، ولا يعذر أحد في هذا الأمر، كان أول دخولهم قبل أن يعرف أمرهم، وأما بعد فقد وجب الفرار؛ فلا يعذر أحد بالخوف من إقامته؛ لأن المقام في موضع يطلب من أهل تعطيل الشرائع لا يجوز، وإنما قام من أقام من الفقهاء على المباينة؛ لئلا تخلو للمسلمين حدودهم فيفتنوهم عن دينهم.
وقال يوسف الرعيني: أجمع العلماء بالقيروان على أن حال بين عبيد حال المرتدين والزنادقة؛ لما أظهروا من خلاف الشريعة.
وقال ابن خَلِّكَان: وقد كانوا يدعون علم المغيبات، وأخبارهم في ذلك مشهورة، حتى إن العزيز صعد المنبر يومًا فرأى ورقة فيها مكتوب:
بالظلم والجور قد رضينا ... وليس بالكفر والحماقة
إن كنت أعطيت علم الغيب ... بَيِّن لنا كاتب البطاقة
وكتبت إليه امرأة قصة فيها: بالذي أعز اليهود بميشا، والنصارى بابن نسطورا، وأذل المسلمين بك، إلا نظرت في أمري، وكان ميشا اليهودي عاملاً بالشام، وابن نسطورا النصراني بمصر.
ومنها: أن مبايعتهم صدرت والإمام العباسي قائم موجود سابق البيعة فلا تصح؛ إذ لا تصح البيعة لإمامين في وقت واحد، والصحيح المتقدم.
ومنها: أن الحديث ورد بأن هذا الأمر إذا وصل إلى بني العباس لا يخرج عنهم حتى يسلموه إلى عيسى ابن مريم أو المهدي؛ فعلم أن من تسمَّى بالخلافة مع قيامهم خارج باغ.
فلهذه الأمور لم أذكر أحدًا من العبيديين ولا غيرهم من الخوارج، وإنما ذكرت الخليفة المتفق على صحة إمامته وعقد بيعته، وقد قدمت في أول الكتاب فصولاً فيها فوائد مهمة، وما أوردته من الوقائع الغريبة، والحوادث العجيبة، فهو ملخص من تاريخ الحافظ الذهبي، والعهدة في أمره عليه والله المستعان.









صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس (ص: 141)
المؤلف: عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي
1 - عبيد الله المهدي الخليفة الشيعي الرافضي الأول: هو عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العُبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام، وأعلنوا بالرفض، وأبطنو مذهب الإسماعيلية وبثوا الدُّعاة يستغوون الجبلَّية والجهلة (3)، وذكر ما قيل عنه في نسبه ثم قال: والمحققون على أنه دعيُّ بحيث إنَّ المعزَّ منهم لما سأله السيد ابن طباطبا عن نسبه، قال غداً أخرجه لك، ثم أصبح وقد ألقى عُرمة من الذهب، ثم جَذبَ نِصْف سيفه من غمِدِه فقال: هذا نسبي، وأمرهم بنهب الذهب، وقال: هذا حسبي (4) وأما مفتي الديار الليبية رحمه الله الشيخ طاهر الزاوي فقد قال في ترجمة عبيد الله المهدي: هو مؤسس الدولة العبيدية وأول حاكم فيها وهو عراقي الأصل، ولد في الكوفة سنة 260هـ واختبأ في بلدة سلمَّية بؤرة الإسماعيلية الباطنية في شمال الشام. ومن يوم أن ولد إلى أن استقر في سلميَّة كان يعرف باسم سعيد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ميمون القداح، وفي منطقة سَلَمَّية مقر الإسماعيلية مات علي بن حسن بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وأقام له الإسماعيلية مزارات سرية، وقرروا نقل الإمامة من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق إلى ابنهم بالنكاح الروحي (5)، ثم قال: هذا أصل عبيد الله المهدي، وهذا أصل العبيديين المنسوبين إليه (6) ويذكر أن عبيد الله الشيعي عندما دخل إفريقيا "يعني تونس": أظهر التشيع القبيح وسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه حاشا علي بن أبي طالب والمقداد وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي وأبا ذر الغفاري، وزعم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ارتدوا بعده غير هؤلاء الذين ذكروا (7).
وكان أهل السنة بالقيروان أيام بني عبيد في