سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (6/ 250)
المؤلف: محمد بن يوسف الصالحي الشامي (المتوفى: 942هـ)
تنبيهان
الأول: ذكر محمد بن عمر، وابن سعد أن أبا بكر رضي الله عنه كان ممّن أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم- بالخروج مع أسامة إلى أبنى، وجرى عليه في المورد وجزم به في العيون، والإشارة، والفتح في مناقب زيد بن حارثة. وأنكر ذلك الحافظ أبو العباس بن تيمية فقال في كتابه الذي ردّ فيه على ابن المطهّر الرافضي: «لم ينقل أحد من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم- أرسل أبا بكر وعثمان في جيش أسامة، فقد استخلفه يصلّي بالمسلمين مدة مرضه إلى أن مات وكيف يتصوّر أن يأمره بالخروج في الغزاة وهو يأمره بالصلاة بالناس؟» وبسط الكلام على ذلك. فقلت: وفيما ذكره نظر من وجهين أولهما قوله: لم ينقل أحد من أهل العلم إلخ فقد ذكره محمد بن عمر، وابن سعد وهما من أئمة المغازي: ثانيهما قوله: وكيف يرسل أبا بكر في جيش أسامة؟ إلخ ليس بلازم، فإن إرادة النبي صلى الله عليه وسلم- بعث جيش أسامة كان قبل ابتداء مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم- فلما اشتد به المرض استثنى أبا بكر وأمره بالصلاة بالناس. وقال ابن سعد: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء العجلي قال حدثنا المعمري عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- بعث سريّة فيها أبو بكر وعمرو استعمل عليهم أسامة بن زيد، وكان الناس طعنوا فيه أي في صغره، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم- إلخ فذكر الحديث.
تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (2/ 154)
المؤلف: حسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ)
سرية أسامة بن زيد الى أهل ابنى
وفى هذه السنة كانت سرية أسامة بن زيد الى أهل أبنى بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح النون على وزن فعلى موضع بناحية البلقاء كانت يوم الاثنين لاربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشرة كما مرّ وهى آخر سرية جهزها النبىّ صلى الله عليه وسلم وأوّل شئ جهزه أبو بكر لغزو الروم الى مكان قتل أبيه زيد* قال
الواقدى ....وعسكر بالجرف على فرسخ من المدينة فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والانصار الا انتدب فى تلك الغزوة فيهم أبو بكر وعمر وسعد بن أبى وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة وقتادة بن النعمان فتكلم قوم
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (4/ 148)
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن شهاب الدين بن محمد الزرقاني المالكي (المتوفى: 1122هـ)
فلما كان يوم الأربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فحم وصدع، فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده، فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة الأسلمي، وعسكر بالجرف. فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب.فيهم أبو بكر وعمر.
__________
وعسكر بالجرف" بضمتين وبضم فسكون، "فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب" أي قام بسرعة والمراد سرعة الخروج "فيهم أبو بكر، وعمر" وأبو عبيدة، وسعد، وسعيد، وسلمة بن أسلم وقتادة بن النعمان،
كما ذكره الواقدي وأخرجه ابن عساكر من طريقه وابن سعد، وأنكر ابن تيمية كون الصديق في السرية واستبعده بأنه استخلف أبا بكر على الصلاة، فكيف يأمره الخروج مع السرية ولا بعد فيه، فإنه أمره قبل مرضه، فلما اشتد مرضه استثناه واستخلفه على الصلاة،
ثم الإنكار مكابرة فقد أتته أئمة المغازي وهم المرجوع إليهم في هذا. ومن ثم جزم به الحفاظ كاليعمري ومغلطاي والحافظ في المناقب، وقال هنا وقد ذكر إنكار ابن تيمية مستند من ذكره ما أخرجه الواقدي بأسانيده في المغازي وذكره ابن سعد في أواخر الترجمة النبوية بغير إسناد، وذكره ابن إسحاق في آخر السيرة المشهورة ولفظه: فلم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة، فمنهم أبو بكر وعمر ذكر ذلك كله ابن الجوزي في المنتظم جازما به انتهى. "فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين" الأولين، وعند ابن إسحاق، من مرسل عروة وغيره أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار.