جيش اسامة

سقيفه

جيش اسامة


لعن از تخلف از جيش اسامة
بودن ابوبكر وعمر در جيش اسامة

تجاهل الباني در شناخت جوهري

حذف لفظ ابوبکر از مغازی واقدی

حذف وصیت سوم انفاذ جیش اسامه در روایت صحیح بخاری

أسامة بن زيد بن حارثة(7 ق هـ - 54 هـ = 615 - 674 م)


صحيح البخاري (6/ 15)
باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنهما، في مرضه الذي توفي فيه
4468 - حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، عن الفضيل بن سليمان، حدثنا موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه، استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسامة، فقالوا فيه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد بلغني أنكم قلتم في أسامة وإنه أحب الناس إلي»
4469 - حدثنا إسماعيل، حدثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن الناس في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده»








تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 184)
ثم دخلت سنة إحدى عشرة
ذكر الأحداث التي كانت فيها
قال أبو جعفر: ثم ضرب في المحرم من سنة إحدى عشرة على الناس بعثا إلى الشام، وأمر عليهم مولاه وابن مولاه أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره- فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة- أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهز الناس، وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون.
فبينا الناس على ذلك ابتدى ص شكواه التي قبضه الله عز وجل فيها إلى ما أراد به من رحمته وكرامته في ليال بقين من صفر، أو في أول شهر ربيع الأول.
حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري، قال: حدثني عمي يعقوب بن إبراهيم قال: أخبرنا سيف بن عمر، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد بن ثابت ابن الجزع الأنصاري، عن عبيد بن حنين مولى النبي ص، عن أبي مويهبة مولى رسول الله، قال: رجع رسول الله ص الى المدينة بعد ما قضى حجة التمام، فتحلل به السير، وضرب على الناس بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، وأمره أن يوطئ من آبل الزيت من مشارف الشام الأرض بالأردن، فقال المنافقون في ذلك، [ورد عليهم النبي ص: إنه لخليق لها- أي حقيق بالإمارة- وإن قلتم فيه لقد قلتم في أبيه من قبل، وإن كان لخليقا لها] فطارت الأخبار بتحلل السير بالنبي ص أن النبي قد اشتكى، فوثب الأسود باليمن ومسيلمه باليمامة، وجاء الخبر عنهما للنبي ص ثم وثب طليحة في بلاد أسد بعد ما افاق النبي ص، ثم اشتكى في المحرم وجعه الذي قبضه الله تعالى فيه.




تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 186)
حدثنا عبيد الله، قال: أخبرني عمي يعقوب، قال: حدثني سيف، قال: حدثنا طلحة بن الأعلم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان النبي ص قد ضرب بعث أسامة فلم يستتب لوجع رسول الله ولخلع مسيلمة والأسود، وقد أكثر المنافقون في تأمير أسامة، حتى بلغه، فخرج النبي ص على الناس عاصبا رأسه من الصداع لذلك الشأن وانتشاره، لرؤيا رآها في بيت عائشة: [فقال: إني رأيت البارحة- فيما يرى النائم- أن في عضدي سوارين من ذهب، فكرهتهما فنفختهما، فطارا، فأولتهما هذين الكذابين- صاحب اليمامة وصاحب اليمن- وقد بلغني أن أقواما يقولون في إمارة أسامة! ولعمري لئن قالوا في إمارته، لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله! وإن كان أبوه لخليقا للإمارة، وإنه لخليق لها، فأنفذوا بعث أسامة وقال: لعن الله الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد!] فخرج أسامة فضرب بالجرف، وأنشأ الناس في العسكر، ونجم طليحة وتمهل الناس، وثقل رسول الله ص فلم يستتم الأمر، ينظرون أولهم آخرهم، حتى توفى الله عز وجل نبيه ص.




تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 196)
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن عبيد بن السباق، عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه اسامه ابن زيد، قال: لما ثقل رسول الله ص هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة، فدخلنا على رسول الله ص، وقد أصمت فلا يتكلم، فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي، فعرفت أنه يدعو لي.




تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 223)
قال: نادى منادي أبي بكر، من بعد الغد من متوفى رسول الله ص:
ليتم بعث أسامة، ألا لا يبقين بالمدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف وقام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه وقال:



تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 225)
حدثني عبيد الله بن سعد، قال: أخبرني عمي، قال: أخبرني سيف- وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: أخبرنا سيف- عن هشام ابن عروة، عن أبيه، قال: لما بويع أبو بكر رضي الله عنه وجمع الأنصار في الأمر الذي افترقوا فيه، قال: ليتم بعث أسامة، وقد ارتدت العرب، إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة، ونجم النفاق، واشرأبت اليهود والنصارى، والمسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتيه، لفقد نبيهم ص وقلتهم، وكثرة عدوهم فقال له الناس: إن هؤلاء جل المسلمين والعرب- على ما ترى- قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين فقال أبو بكر: والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما امر به رسول الله ص، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته! حدثني عبيد الله، قال: حدثني عمي، قال: أخبرني سيف- وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف- عن عطية، عن أبي أيوب عن علي، وعن الضحاك عن ابن عباس، قالا: ثم اجتمع من حول المدينة من القبائل التي غابت في عام الحديبية، وخرجوا وخرج أهل المدينة في جند أسامة، فحبس أبو بكر من بقي من تلك القبائل التي كانت لهم الهجرة في ديارهم، فصاروا مسالح حول قبائلهم وهم قليل.

حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، قال: أخبرني سيف- وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف- عن أبي ضمرة وأبي عمرو وغيرهما، عن الحسن بن أبي الحسن البصرى، قال: ضرب رسول الله ص قبل وفاته بعثا على أهل المدينة ومن حولهم، وفيهم عمر ابن الخطاب، وأمر عليهم أسامة بن زيد فلم يجاوز آخرهم الخندق، حتى قبض رسول الله ص، فوقف أسامة بالناس، ثم قال لعمر: ارجع إلى خليفة رسول الله فاستأذنه، يأذن لي أن أرجع بالناس، فإن معي وجوه الناس وحدهم، ولا آمن على خليفة رسول الله وثقل رسول الله وأثقال المسلمين أن يتخطفهم المشركون وقالت الأنصار: فإن أبى إلا أن نمضي فأبلغه عنا، واطلب إليه أن يولي أمرنا رجلا أقدم سنا من أسامة.
فخرج عمر بأمر أسامة، وأتى أبا بكر فأخبره بما قال أسامة، فقال أبو بكر، لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضى به رسول الله ص! قال: فإن الأنصار أمروني أن أبلغك، وإنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة، فوثب أبو بكر- وكان جالسا- فأخذ بلحية عمر، فقال له: ثكلتك أمك وعدمتك يا بن الخطاب! استعمله رسول الله ص وتأمرني أن أنزعه! فخرج عمر إلى الناس فقالوا له:
ما صنعت؟ فقال: امضوا، ثكلتكم أمهاتكم! ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله! ثم خرج أبو بكر حتى أتاهم، فأشخصهم وشيعهم وهو ماش وأسامة راكب، وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر، فقال له أسامة:
يا خليفة رسول الله، والله لتركبن أو لأنزلن! فقال: والله لا تنزل وو الله لا أركب! وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة، فإن للغازي بكل خطوه يخطوها سبعمائة حسنه تكتب له، وسبعمائة درجه ترتفع له، وترفع عنه سبعمائة خطيئة! حتى إذا انتهى قال: إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل! فأذن له، ثم قال: يا أيها الناس، قفوا أوصكم بعشر فاحفظوها عني:
لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا، ولا شيخا كبيرا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منها شيئا بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها وتلقون أقواما قد فحصوا أوساط رءوسهم وتركوا حولها مثل العصائب، فاخفقوهم بالسيف خفقا اندفعوا باسم الله، أفناكم الله بالطعن والطاعون.
حدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف- وأخبرنا عبيد الله، قال: أخبرني عمي، قال: حدثنا سيف- عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: خرج أبو بكر إلى الجرف، فاستقرى أسامة وبعثه، وسأله عمر فأذن له، وقال له: اصنع ما امرك به نبى الله ص، ابدا ببلاد قضاعه ثم ايت آبل، ولا تقصرن في شيء من أمر رسول الله ص، ولا تعجلن لما خلفت عن عهده فمضى أسامة مغذا على ذي المروة والوادي، وانتهى الى ما امره به النبي ص من بث الخيول في قبائل قضاعة والغارة على آبل، فسلم وغنم، وكان فراغه في أربعين يوما سوى مقامه ومنقلبه راجعا.
فحدثني السري بن يحيى، قال: حدثنا شعيب، عن سيف- وحدثنا عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف- عن موسى بن عقبة، عن المغيرة بن الأخنس.
وعنهما، عن سيف، عن عمرو بن قيس، عن عطاء الخراساني مثله.








تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 240)
حدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد، عن أبي معشر ويزيد بن عياض بن جعد به وغسان بن عبد الحميد وجويرية بن أسماء، عن مشيختهم، قالوا: أمضى أبو بكر جيش أسامة بن زيد في آخر ربيع الأول، وأتى مقتل العنسي في آخر ربيع الأول بعد مخرج أسامة، وكان ذلك أول فتح اتى أبا بكر وهو بالمدينة



تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 241)
قال أبو جعفر: وفيها كان لقاء أبي بكر رحمه الله خارجة بن حصن الفزاري حدثني أبو زيد، قال: حدثنا علي بن محمد بإسناده الذي ذكرت قبل، قالوا: أقام أبو بكر بالمدينة بعد وفاة رسول الله ص وتوجيهه أسامة في جيشه إلى حيث قتل أبوه زيد بن حارثة من أرض الشام، وهو الموضع الذى كان رسول الله ص امره بالمسير إليه، لم يحدث شيئا، وقد جاءته وفود العرب مرتدين يقرون بالصلاة، ويمنعون الزكاة.
فلم يقبل ذلك منهم وردهم، وأقام حتى قدم أسامة بن زيد بن حارثة بعد أربعين يوما من شخوصه- ويقال: بعد سبعين يوما- فلما قدم أسامة بن زيد استخلفه أبو بكر على المدينة وشخص- ويقال استخلف سنانا الضمري على المدينة- فسار ونزل بذي القصة في جمادى الأولى، ويقال في جمادى الآخرة، وكان نوفل بن معاويه الديلى بعثه رسول الله ص، فلقيه خارجة بن حصن بالشربة، فأخذ ما في يديه، فرده على بني فزارة، فرجع نوفل إلى أبي بكر بالمدينة قبل قدوم أسامة على أبي بكر فأول حرب كانت في الرده بعد وفاه النبي ص حرب العنسي، وقد كانت حرب العنسي باليمن، ثم حرب خارجة بن حصن ومنظور بن زبان بن سيار في غطفان، والمسلمون غارون، فانحاز أبو بكر إلى أجمة فاستتر بها، ثم هزم الله المشركين.
وحدثني عبيد الله، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا سيف- وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف- عن المجالد ابن سعيد، قال: لما فصل أسامة كفرت الأرض وتضرمت، وارتدت من كل قبيلة عامة أو خاصه الا قريشا وثقيفا.
وحدثني عبيد الله، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا سيف- وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف- عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: لما مات رسول الله ص، وفصل أسامة ارتدت العرب عوام أو خواص، وتوحى مسيلمة وطليحة، فاستغلظ أمرهما، واجتمع


تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 243)
فكتب أبو بكر إلى امرئ القيس بن فلان- وهو جد سكينة ابنة حسين- فسار لوديعة، وإلى عمرو فأقام لزميل، وإلى معاوية العذري فلما توسط أسامة بلاد قضاعة، بث الخيول فيهم وأمرهم أن ينهضوا من أقام على الإسلام إلى من رجع عنه، فخرجوا هرابا، حتى أرزوا إلى دومة، واجتمعوا إلى وديعة، ورجعت خيول اسامه اليه، فمضى فيها أسامة.



تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 247)
قال: وقال الناس لكلهم حين طلع: نذير، وقال أبو بكر: هذا بشير، هذا حام وليس بوان، فإذا نادى بالخير، قالوا: طالما بشرت بالخير! وذلك لتمام ستين يوما من مخرج أسامة وقدم أسامة بعد ذلك بأيام لشهرين وأيام، فاستخلفه أبو بكر على المدينة، وقال له ولجنده: أريحوا وأريحوا ظهركم.
ثم خرج في الذين خرجوا إلى ذي القصة والذين كانوا على الأنقاب على ذلك الظهر، فقال له المسلمون:



تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 249)
قال: لما أراح أسامة وجنده ظهرهم وجموا، وقد جاءت صدقات كثيرة تفضل عنهم، قطع أبو بكر البعوث وعقد الألوية، فعقد أحد عشر لواء:



تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 254)
وأما هشام بن الكلبي، فإنه زعم أن أبا بكر لما رجع إليه أسامة ومن كان معه من الجيش، جد في حرب أهل الردة، وخرج بالناس وهو فيهم حتى نزل بذي القصة، منزلا من المدينة على بريد من نحو نجد، فعبى هنالك جنوده، ثم بعث خالد بن الوليد على الناس،



تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (3/ 406)
قالوا: فأول حرب كانت بالشام بعد سرية أسامة بالعربة















مغازي الواقدي (3/ 1117)
المؤلف: محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء، المدني، أبو عبد الله، الواقدي (المتوفى: 207هـ)
غزوة أسامة بن زيد مؤتة
قالوا: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر مقتل زيد بن حارثة وجعفر وأصحابه، ووجد عليهم وجدا شديدا، فلما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالانكماش [ (1) ] في غزوهم. فتفرق المسلمون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مجدون في الجهاد، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد، يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر، دعا أسامة بن زيد فقال: يا أسامة، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع. فلما كان يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر، بدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فصدع وحم. فلما أصبح يوم الخميس لليلة بقيت من صفر عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده لواء، ثم قال: يا أسامة، اغز بسم الله في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا تمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم، ولكن قولوا: اللهم، اكفناهم، واكفف بأسهم عنا! فإن لقوكم قد أجلبوا وصيحوا، فعليكم بالسكينة والصمت، ولا تنازعوا ولا تفشلوا فتذهب [ (2) ] ريحكم. وقولوا: اللهم، نحن عبادك وهم عبادك، نواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تغلبهم أنت! واعلموا أن الجنة تحت البارقة.
قال: حدثني يحيى بن هشام بن عاصم الأسلمي، عن المنذر بن جهم، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أسامة، شن [ (1) ] الغارة على أهل أبنى!
قال: فحدثني عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن أزهر بن عوف، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغير على أبنى صباحا وأن يحرق.
قالوا: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة: امض على اسم الله!
فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي، فخرج به إلى بيت أسامة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة فعسكر بالجرف، وضرب عسكره في سقاية سليمان اليوم. وجعل الناس يجدون [ (2) ] بالخروج إلى العسكر، فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره، ومن لم يقض حاجته فهو على فراغ، ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فى رجال من المهاجرين والأنصار عدة: قتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش. فقال رجال من المهاجرين، وكان أشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة:
يستعمل [ (3) ] هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟ فكثرت القالة في ذلك،
فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض ذلك القول، فرده على من تكلم به، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله، لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وايم الله، إن كان للإمارة لخليقا [ (1) ] وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان [ (2) ] لكل خير، فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم! ثم نزل صلى الله عليه وسلم فدخل بيته، وذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول. وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنفذوا بعث أسامة! ودخلت أم أيمن [ (3) ] ، فقالت:
أي رسول الله، لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل، فإن أسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفذوا بعث أسامة! فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد، ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيل مغمور، وهو اليوم الذي لدوه [ (4) ] فيه، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تهملان، وعنده العباس والنساء حوله، فطأطأ عليه أسامة فقبله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتكلم، فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يصبها [ (1) ] على أسامة. قال: فأعرف أنه كان يدعو لي. قال أسامة: فرجعت إلى معسكري. فلما أصبح يوم الاثنين غدا من معسكره وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا، فجاءه أسامة فقال: اغد على بركة الله!
فودعه أسامة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مفيق مريح [ (2) ] ، وجعل نساءه يتماشطن سرورا براحته. فدخل أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أصبحت مفيقا بحمد الله، واليوم يوم ابنة خارجة فائذن لي! فأذن له فذهب إلى السنح [ (3) ] ، وركب أسامة إلى معسكره، وصاح في الناس أصحابه باللحوق بالعسكر، فانتهى إلى معسكره ونزل، وأمر الناس بالرحيل وقد متع [ (4) ] النهار. فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن- وهي أمه- تخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت، فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت، فتوفى رسول الله حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول. ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف المدينة، ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغرزه عنده، فلما بويع لأبي بكر رضي الله عنه أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة وألا يحله أبدا حتى يغزوهم أسامة. قال بريدة:
فخرجت باللواء حتى انتهيت به إلى بيت أسامة، ثم خرجت به إلى الشام معقودا مع أسامة، ثم رجعت به إلى بيت أسامة، فما زال في بيت أسامة حتى توفي أسامة. فلما بلغ العرب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد عن الإسلام، قال أبو بكر رضي الله عنه لأسامة رحمة الله عليه:
انفذ في وجهك الذي وجهك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخذ الناس بالخروج وعسكروا في موضعهم الأول، وخرج بريدة باللواء حتى انتهى إلى معسكرهم الأول، فشق على كبار المهاجرين الأولين، ودخل على أبي بكر عمر، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد ابن زيد، فقالوا: يا خليفة رسول الله، إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب، وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا، اجعلهم عدة لأهل الردة، ترمي بهم في نحورهم! وأخرى، لا نأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه [ (1) ] ، وتعود الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة حينئذ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا! فلما استوعب أبو بكر رضي الله عنه منهم كلامهم قال: هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا؟
قالوا: لا، قد سمعت مقالتنا. فقال: والذي نفسي بيده، لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث، ولا بدأت بأول منه،
ورسول الله ينزل عليه الوحي من السماء يقول: أنفذوا جيش أسامة!
ولكن خصلة، أكلم أسامة في عمر يخلفه يقيم عندنا، فإنه لا غناء بنا عنه. والله، ما أدري يفعل أسامة أم لا، والله إن رأى لا أكرهه! فعرف القوم أن أبا بكر قد عزم على إنفاذ بعث أسامة. ومشى أبو بكر رضي الله عنه إلى أسامة في بيته، وكلمه أن يترك عمر، ففعل أسامة، وجعل يقول له: أذنت ونفسك طيبة؟ فقال أسامة: نعم! وخرج وأمر مناديه ينادي: عزمة مني ألا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لن أوتى بأحد أبطأ عن الخروج معه إلا ألحقته به ماشيا. وأرسل إلى النفر من المهاجرين الذين كانوا تكلموا في إمارة أسامة، فغلظ عليهم وأخذهم بالخروج، فلم يتخلف عن البعث إنسان واحد.
وخرج أبو بكر رضي الله عنه يشيع أسامة والمسلمين، فلما ركب أسامة من الجرف في أصحابه- وهم ثلاثة آلاف رجل وفيهم ألف فرس- فسار أبو بكر رضي الله عنه إلى جنب أسامة ساعة، ثم قال: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيك، فانفذ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لست آمرك ولا أنهاك عنه، وإنما أنا منفذ لأمر أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فخرج سريعا فوطئ بلادا هادئة لم يرجعوا عن الإسلام- جهينة وغيرها من قضاعة- فلما نزل وادي القرى قدم عينا له من بني عذرة يقال له حريث، فخرج على صدر راحلته أمامه مغذا [ (1) ] حتى انتهى إلى أبنى، فنظر إلى ما هناك وارتاد الطريق، ثم رجع سريعا حتى لقي أسامة على مسيرة ليلتين من أبنى، فأخبره أن الناس غارون ولا جموع لهم، وأمره أن يسرع السير قبل أن تجتمع [ (2) ] الجموع، وأن يشنها غارة.
قال: فحدثني هشام بن عاصم، عن المنذر بن جهم قال: قال بريدة لأسامة: يا أبا محمد، إني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصى أباك أن يدعوهم إلى الإسلام، فإن أطاعوه خيرهم، وإن أحبوا أن يقيموا في دارهم ويكونوا كأعراب المسلمين، ولا شيء لهم في الفيء ولا الغنيمة إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، وإن تحولوا إلى دار الإسلام كان لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. قال أسامة: هكذا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني، وهو آخر عهده إلي، أن أسرع السير وأسبق الأخبار، وأن أشن الغارة عليهم بغير دعاء، فأحرق وأخرب. فقال بريدة: سمعا وطاعة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما انتهى إلى أبنى فنظر إليها منظر العين عبأ أصحابه وقال: اجعلوها غارة ولا تمعنوا في الطلب ولا تفترقوا، واجتمعوا وأخفوا الصوت، واذكروا الله في أنفسكم، وجردوا سيوفكم وضعوها فيمن أشرف لكم. ثم دفع عليهم الغارة، فما نبح كلب ولا تحرك أحد، وما شعروا إلا بالقوم قد شنوا عليهم الغارة ينادون بشعارهم: يا منصور أمت!. فقتل من أشرف له، وسبى من قدر عليه، وحرق في طوائفهم [ (1) ] بالنار، وحرق منازلهم وحرثهم [ (2) ] ونخلهم، فصارت أعاصير من الدخاخين [ (3) ] . وأجال الخيل في عرصاتهم، ولم يمعنوا في الطلب، أصابوا ما قرب منهم وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة، ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة خرج على فرس أبيه التي قتل عليها أبوه يوم مؤتة كانت تدعى سبحة، وقتل قاتل أبيه فى الغارة، خبره به بعض من سبى، وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما، وأخذ لنفسه مثل ذلك.
فلما أمسوا أمر الناس بالرحيل، ومضى الدليل أمامه، حريث العذري، فأخذوا الطريق التي جاء منها، ودانوا ليلتهم حتى انتهوا بأرض بعيدة، ثم طوى البلاد حتى انتهى إلى وادي القرى في تسع ليال، ثم قصد بعد في السير فسار [ (1) ] إلى المدينة، وما أصيب من المسلمين أحد. فبلغ ذلك هرقل وهو بحمص، فدعا بطارقته فقال: هذا الذي حذرتكم، فأبيتم أن تقبلوه مني.
قد صارت العرب تأتي مسيرة شهر تغير عليكم، ثم تخرج من ساعتها ولم تكلم. قال أخوه: سأقوم [ (2) ] فأبعث رابطة [ (3) ] تكون بالبلقاء [ (4) ] .
فبعث رابطة واستعمل عليهم رجلا من أصحابه، فلم يزل مقيما حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
قالوا: واعترض لأسامة في منصرفه قوم من أهل كثكث- قرية هناك- قد كانوا اعترضوا لأبيه في بدأته فأصابوا من أطرافه، فناهضهم أسامة بمن معه، وظفر بهم وحرق عليهم، وساق نعما من نعمهم، وأسر منهم أسيرين فأوثقهما، وهرب من بقي، فقدم بهما المدينة فضرب أعناقهما.
قال: فحدثني أبو بكر بن يحيى بن النضر، عن أبيه، أن أسامة بن زيد بعث بشيره من وادي القرى بسلامة المسلمين، وأنهم قد أغاروا على العدو فأصابوهم، فلما سمع المسلمون بقدومهم خرج أبو بكر رضي الله عنه في المهاجرين، وخرج أهل المدينة حتى العواتق سرورا بسلامة أسامة ومن معه من المسلمين، ودخل يومئذ على فرسه سبحة كأنما خرجت من ذي خشب، عليه الدرع، واللواء أمامه يحمله بريدة، حتى انتهى به إلى المسجد، فدخل فصلى ركعتين وانصرف إلى بيته معه اللواء. وكان مخرجه من الجرف لهلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة، فغاب خمسة وثلاثين يوما، عشرون في بدأته، وخمسة عشر في رجعته.
قال: فحدثني محمد بن الحسن بن أسامة بن زيد، عن أهله، قال:
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة ابن تسع عشرة سنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه وهو ابن خمس عشرة سنة امرأة من طيء، ففارقها وزوجه أخرى. وولد له في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنائه بأهله.
قال: فحدثني أبو الحر عبد الرحمن بن الحر الواقفي، من ولد السائب، عن يزيد بن حصيفة، أن ابنا لأسامة بن زيد بن حارثة رحمه الله دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة، وهو أسود، فقالت أم سلمة: يا رسول الله، لو كان هذا جارية ما نفقت. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، إن شاء الله يجعل لها مسكان من ورق، وقرطان [ (1) ] ، ويجعل على المسلمين حلوق، فكأنه ذهب.
قال: حدثني محمد بن حوط، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، قال: كان أسامة بن زيد قد أصابه الجدري أول ما قدم المدينة وهو غلام، مخاطه يسيل على فيه، فتقذر به عائشة رضى الله عنها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق يغسل وجهه ويقبله. قالت عائشة:
أما والله، بعد هذا فلا أقصيه أبدا.
عن محمد بن الحسن، عن حسين بن أبي حسين المازني، عن ابن قسيط، عن محمد بن زيد، قال: سقط أسامة فأصاب وجهه شجة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص الدم ويبصقه.
عن ابن جريج، وسفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى ابن جعدة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة وهي تمسح عن وجه أسامة شيئا، فكأنها تأذت به، فاجتذبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهرها، فقالت: لا أتأذى به أبدا.
قال: حدثني معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن مجزز المدلجي نظر إلى زيد وأسامة، وعليهما قطيفة وهما مضطجعان، قد خمرا رؤوسهما وأرجلهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.
فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبه أسامة زيد بن حارثة.
عن محمد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا قط إلا مرة واحدة، جاء زيد بن حارثة من غزوة يستفتح، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقام عريانا يجر ثوبه فقبله.
قال: حدثني موسى بن يعقوب، عن أبي الحويرث، ومخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأم كلثوم بنت عقبة: تزوجي زيد بن حارثة فإنه خير لك.
فكرهت ذلك، فأنزل الله عز وجل: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا.
صدق الله العظيم.
تم كتاب المغازي بحمد الله ومنه











تاريخ دمشق لابن عساكر (2/ 46)
" باب ذكر بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) أسامة قبل الموت (1) وأمره إيا أن يشن الغارة على مؤتة ويبنى وآبل الزيت " أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأ أبو الحسين بن النقور أنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد نا أبو عبيدة السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا سيف بن عمر نا عبد الله بن سعيد بن ثابت بن الجزع الأنصاري عن عبيد بن حنين (2) مولى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أبي مويهبة (3) مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال (4) رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة بعدما قضى حجة التمام فتحلل به السير وضرب على الناس بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد أمره أن يوطئ آبل الزيت من مشارف الشام بالأردن فقال المنافقون في ذلك ورد عليهم النبي (صلى الله عليه وسلم) إنه لخليق لها أي حقيق بالإمارة ولئن قلتم فيه لقد قلتم في أبيه من قبله وإن كان لها لخليقا




تاريخ دمشق لابن عساكر (2/ 46)
وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور أنا محمد بن عبد الرحمن أنا أحمد بن عبد الله بن سيف نا السري بن يحيى نا شعيب بن إبراهيم نا سيف ثنا طلحة بن الأعلم عن عكرمة عن ابن عباس قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد ضرب بعث أسامة ولم يستتب (1) فرجع إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخلع (2) مسيلمة والأسود وقد أكثر المنافقون في تأمير أسامة حتى بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) فخرج على الناس (3) عاصبا رأسه من الصداع لذلك من الشأن ولبشارة أريها في بيت عائشة وقال إني أريت (4) البارحة فيما يرى النائم في عضدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأولتهما هذين الكذابين (5) صاحب اليمامة وصاحب اليمن وقد بلغني أن أقواما يقولون في إمرة أسامة ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله وإن كان أبوه لخليقا لها وإنه لها لخليق فانفذوا بعث أسامة وقال لعن الله الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد



تاريخ دمشق لابن عساكر (2/ 56)
وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهم عمر بن الخطاب ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أنفذوا بعث أسامة ودخلت أم أيمن فقالت أي رسول الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل (1) فإن أسامة إن خرج على حاله هذه لم ينتفع بنفسه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنفذوا بعث أسامة

[449] فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثقيل مغمور وهو اليوم الذي لدوه (2) فيه فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعيناه تهملان وعنده العباس والنساء حوله فطأطأ عليه أسامه فقبله ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يصبهما على أسامه فأعرف أنه كان يدعو لي قال أسامة فرجعت إلى معسكري فلما أصبح يوم الاثنين غدا من معسكره وأصبح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفيقا فجاءه أسامة فقال اغد على بركة الله فودعه أسامة ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفيق مريح (3) مفيق وجعل نساؤه يتماشطن سرورا براحته ودخل أبو بكر فقال يا رسول الله أصبحت مفيقا بحمد الله واليوم يوم ابنة خارجة فائذن لي فأذن له فذهب إلى السنح (4) وركب أسامة إلى معسكره وصاح في أصحابه باللحوق إلى العسكر فانتهى إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل وقد متع النهار فبينا أسامة بن زيد يريد أن يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن وهي أمه تخبره أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يموت فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يموت فتوفي عليه السلام حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فغرزه عنده فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ولا يحله أبدا حتى يغزوهم أسامة فقال بريدة فخرجت باللواء حتى انتهيت به إلى بيت أسامة ثم خرجت به إلى الشام معقودا مع أسامة ثم رجعت به إلى بيت اسامة فما زال معقودا في بيت أسامة حتى توفي أسامة فلما بلغ العرب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وارتد من ارتد منها عن الإسلام قال أبو بكر لأسامة انفذ في وجهك الذي وجهك فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأخذ الناس بالخروج وعسكروا في موضعهم الأول وخرج بريدة باللواء حتى انتهى إلى معسكرهم الأول فشق على كبار المهاجرين الأولين ودخل على أبي بكر عمر وعثمان وأبو (1) عبيدة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فقالوا يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا اجعلهم عدة لأهل الردة ترمي بهم في نحورهم وأخرى لا نأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء فلو استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه (2) وتعود أهل الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف ثم تبعث أسامة حينئذ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا فلما استوعب أبو بكر كلامهم قال هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا قالوا لا قد سمعت مقالتنا فقال والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث ولا بدأت بأول منه ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينزل عليه الوحي من السماء يقول انفذوا جيش أسامة ولكن خصلة أكلم أسامة في عمر يخلفه يقيم عندنا فإنه لا غنى بنا عنه والله ما أدري يفعل أسامة أم لا والله إن أبى لا أكرهه فعرف القوم أن أبا بكر
قد عزم على إنفاذ بعث أسامة ومشى أبو بكر إلى اسامة في بيته فكلمه في أن يترك عمر ففعل أسامة وجعل يقول له أذنت ونفسك طيبة فقال أسامة نعم قال وخرج فأمر مناديه ينادي عزمة مني ألا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإني لن أؤتى بأحد أبطأ عن الخروج معه إلا ألحقته به ماشيا وأرسل إلى النفر من المهاجرين الذين كانوا تكلموا في إمارة أسامة فغلظ عليهم وأخذهم بالخروج فلم يتخلف عن البعث إنسان واحد وخرج أبو بكر يشيع أسامة والمسلمين فلما ركب أسامة من الجرف في
_________
(1) عن الواقدي وبالاصل وخع " تماثل "
(2) اللدود ما يصب بالمسعط من الدواء في أحد شقي الفم (القاموس - النهاية)
(3) يقال: أراح الرجل إذا رجعت نفسه إليه بعد الاعياء
(4) موضع بعوالي المدينة