توحید اطلاقی؛ امتیاز امت اسلام-علامه طباطبائی

فهرست علوم
سه برهان تنبیهی بر مبرهن البرهان
شواهد برهان مبدئیت مطلقة
التوحید الخالص-کمال الاخلاص
شواهد وجود اشاری در روایات


الرسائل التوحیدیة، ص 6

فصل 3فى ان الوجود الواجب له اطلاق بالنسبة

حيث ان كل مفهوم منعزل بالذات عن المفهوم الآخر بالضرورة فوقوع المفهوم على المصداق لا يختلف عن تحديد ما للمصداق بالضرورة و هذا ضروري للمتأمل و ينعكس إلى أن المصداق الغير المحدود في ذاته وقوع المفهوم عليه متأخر عن مرتبة

 

 

ص 7

ذاته نوعا من التأخر و هو تأخر التعين عن الإطلاق.

و من المعلوم أيضا أن مرتبة المحمول متأخر عن مرتبة الموضوع و حيث أن الوجود الواجبي صرف فهو غير محدود فهو أرفع من كل تعين اسمي و وصفي و كل تقييد مفهومي حتى من نفس هذا الحكم فلهذه الحقيقة المقدسة إطلاق بالنسبة إلى كل تعين مفروض حتى بالنسبة إلى نفس هذا الإطلاق فافهم.

فصل 4فى الدلائل النقلية من الكتاب و السنة

و معنى ما ذكرناه في الفصول السابقة متكرر في الكتاب و السنة فمنها الآيات الكثيرة الدالة على ان للّه ما في السموات و الأرض و للّه ملك السموات و الأرض و له ما سكن في الليل و النهار إذ من الواضح ان هذا الملك ليس هو الملك الاعتباري الموهوم المعتبر عند العقلاء لغرض التمدن بل هو نسبة حقيقية و النسب الحقيقية لا تتم إلاّ بقيام المنسوب بالمنسوب إليه وجودا و ذاتا و لعمري لو لم يكن في كتاب اللّه إلاّ آيتان و هما قوله عزّ اسمه: وَ مََا خَلَقْنَا اَلسَّمََاوََاتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ مََا بَيْنَهُمََا لاََعِبِينَ `مََا خَلَقْنََاهُمََا إِلاََّ بِالْحَقِّ وَ لََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاََ يَعْلَمُونَ لكان فيهما كفاية ان يفهم الإنسان الحر حقائق هذه المعاني.

فالإنسان إذا انتزع عن زخارف هذه الدنيا و أعرض عن عرض هذه الأدنى و وحّد الهمّ و وجه الوجه نحو الرب الأعلى و أشرف نحو عالم القدس شاهد عيانا أن هذه الأمور التي دارت بين أبناء الدنيا من المطالب و المقاصد و الأغراض و الآمال و الآثار من الملك و الأمر و العظم و الرئاسة و التقدم و العزة و النسب و الأنساب و الأحساب و مقابلاتها و آلاف من أنحائها إنما هي أمور موهومة و ملاعب و ملاهي‌

 

 

ص 8

و أمتعة الغرور و كذلك أنواع اللذائذ و النعم و الاستفادات التي يتنافس فيها المتنافسون و يعمل لها العاملون و يلتقي دونها المنون إنما هي أوهام سخر الله سبحانه عليها أرباب الحياة ليبلغ الكتاب أجله و لله أمر هو بالغه.

فإذا رأى هذا الإنسان أن الحق عزّ اسمه في كتابه و لسان رسوله و ألسنة أوليائه ينسب إلى نفسه أنه رحمن رحيم خالق مالك عزيز حكيم غفور شكور، و أن له كل اسم أحسن و أنه منزه عن كل قبيح و نقص و هذا الإنسان يعلم أن هذه معان حقيقية و نسب و إضافات ثابتة أيقن بلطف القريحة و سلامة الذوق أن هذه النسب أنحاء قيام ذوات الموجودات بالحق عزّ اسمه و قيامه سبحانه بذاته.

ثم أكد له ذلك شهود الحق سبحانه على كل شي‌ء بحسب خصوص ذاته أو لم يكف بربّك أنه على كل شي‌ء شهيد.

ثم قرره على ذلك البرهان فإن النسبة الحقيقية الثابتة بحسب ذات الشي‌ء كخلق الحق سبحانه و ملكه لذات الشي‌ء يجب أن تتحقق في مقام الذات و حيث انها وجودات رابطة فلا تتحقق إلاّ مع طرفيها فالمنسوب إليه متحقق هناك بالضرورة فبالضرورة إحدى الذاتين قائمة بالأخرى و إلاّ لزم وحدة الاثنين و هو محال فملك الحق سبحانه للموجودات نحو قيام ذاتها به سبحانه و كذلك سائر النسب و المعاني فافهم.

و منها الأخبار الكثيرة المستفيضة في انه تعالى واحد لا بالعدد فقد روى الصدوق (رضي الله عنه) في التوحيد و الخصال و المعاني مسندا عن شريح بن هانى قال:

ان أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) .

 

 

ص 9

فقال: يا أمير المؤمنين أ تقول أن الله واحد. قال: فحمل الناس عليه، و قالوا: يا أعرابي أ ما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟فقال أمير المؤمنين: دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي تريده من القوم.

ثم قال (عليه السّلام) : يا أعرابي إن القول في ان الله واحد على أربعة أقسام فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّ و جلّ و وجهان يثبتان فيه.

فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد أ ما ترى أنه كفر من قال: انه ثالث ثلاثة.

و قول القائل: هو واحد من الناس يريد به انّه النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز لأنّه تشبيه و جلّ ربّنا و تعالى عن ذلك.

و أما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه كذلك ربّنا.

و قول القائل: انه عزّ و جلّ أحدي المعنى يعني به لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم كذلك ربّنا عزّ و جلّ.

و في التوحيد مسندا عن هارون بن عبد الملك قال: سئل الصادق (عليه السّلام) عن التوحيد فقال: هو عزّ و جلّ مثبت موجود لا مبطل و لا معدود الخبر.

و في نهج البلاغة في خطبة له (عليه السّلام) : واحد لا بعدد.

و في خطبة أخرى له: واحد لا من عدد.

و في خطبة أخرى له: و من حدّه فقد عدّه.

و بالجملة الأخبار و الخطب مستفيضة في هذا المعنى و هذا

 

 

ص 10

كالصريح في أن وجوده تعالى صرف الحقيقة لا يعزب عنه وجود إذ لو كان مع وجوده وجود بحقيقة معنى الموجود عرض عليهما العد بالضرورة فهذا واحد و ذاك ثان فلا وجود مع وجوده سبحانه إلاّ قائم الذات بوجوده كما في حديث موسى بن جعفر (عليه السّلام) : كان الله و لا شي‌ء معه و هو الآن كما كان.

و في التوحيد و المعاني و الاحتجاج عن هشام عن الصادق (عليه السّلام) قال للزنديق حين سأله عن الله ما هو، قال: هو شي‌ء بخلاف الأشياء ارجع بقوله شي‌ء إلى إثبات معنى و أنه بحقيقة الشيئية غير أنّه لا جسم و لا صورة. الخبر.

و منها أخبار أخر في التوحيد ففي التوحيد و الأمالي و غيرهما مسندا عن الرضا (عليه السّلام) في خطبته: أحد لا بتأويل عدد ظاهر لا بتأويل المباشرة متجل لا باستهلال رؤية باطن لا بمزايلة الخطبة.

و في التوحيد مسندا عن عمار بن عمرو النصيبي قال: سألت جعفر بن محمد عن التوحيد فقال: واحد صمد أزلي صمدي لا ظل له يمسكه و هو يمسك الأشياء بأظلتها، عارف بالمجهول معروف عند كل جاهل فرداني لا هو في خلقه و لا خلقه فيه.

و الأخذ بالأظلة هو تقويم الحق عزّ و جلّ اسمه الأشياء بالماهيات و التعينات و بعبارة أخرى ظهور الحق سبحانه في المظاهر بالتعينات الماهوية و إطلاقه سبحانه في نفسه.

و قد ورد تفسير الظل في بعض أخبار الطينة ففي خبر عبد الله بن محمد الجعفي و عقبة المروي في تفسيري علي بن إبراهيم و العياشي عن أبي جعفر (عليه السّلام) : ثم بعثهم-أي الخلق-في الظلال، قلت: و أي شي‌ء الظلال؟قال: أ لم تر إلى ظلّك في الشمس شي‌ء

 

 

ص 11

و ليس بشي‌ء. الخبر. و هذا هو الماهيات أو الوجودات المستعارة بالعرض.

و في بعض خطب علي (عليه السّلام) دليله آياته و وجوده اثباته و معرفته توحيده و توحيده تمييزه عن خلقه و حكم التميز بينونة صفة لا بينونة عزلة. الخطبة.

و هذه الكلمة أنفس كلمة و أوجزها في التوحيد و لها كمال الدلالة على ذلك.

و في نهج البلاغة و في التوحيد مسندا عن الصادق (عليه السّلام) عن علي (عليه السّلام) في خطبة خطابا لذعلب: هو في الأشياء كلها غير متمازج بها و لا بائن عنها. الخطبة.

و في التوحيد مسندا عن مسلم بن أوس عن علي (عليه السّلام) : بل هو في الأشياء بلا كيفية. الخطبة، و هذا المعنى و ما يقرب منه متواتر في الخطب و الأخبار.

و منها الأخبار النافية للصفات و هي في معنى الفصل الثالث ففي نهج البلاغة في خطبة له (عليه السّلام) : أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به و كمال التصديق به توحيده و كمال توحيده الإخلاص له و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه.

و في خطبة أخرى له (عليه السّلام) : أول عبادة الله معرفته و أصل معرفته توحيده و نظام توحيده نفي الصفات عنه.

و في هذا المعنى أخبار أخر أيضا و هذه الأخبار يفسرها أخبار أخر أن المراد من الصفات المنفية ليست هي الصفات المحدثة بل أصل الوصف المفيد للتحديد و المغاير للذات.

ففي اثبات الوصية للمسعودي عن علي (عليه السّلام) في‌

 

 

ص 12

خطبة: فسبحانك ملأت كلّ شي‌ء و باينت كلّ شي‌ء فأنت لا يفقدك شي‌ء و أنت الفعال لما تشاء تباركت يا من كل مدرك من خلقه و كل محدود من صنعه. الخطبة.

و خطب علي و الرضا (عليهما السّلام) و كلمات سائر الأئمة (عليهم السّلام) مملوءة من هذا المعنى و من المعلوم أن نفس الصفة تحديد و تعيين و نفس المفهوم مدرك فافهم.

و في التوحيد مسندا عن عبد الأعلى عن الصادق (عليه السّلام) تسمى بأسمائه فهو غير أسمائه و الأسماء غيره و الموصوف غير الوصف. الحديث.

و قوله الموصوف غير الوصف إشارة إلى أن المراد بالغيرية الغيرية التي يستدعيها مفهوم الوصف المحدّد مصداقا لا أن ألفاظ الأسماء غيره سبحانه و هو ظاهر.

و من هذا الباب ما ورد في الحديث من أن معنى الله أكبر الله أكبر من أن يوصف رواه الصدوق في المعاني بطريقين.

و منها ما في الكافي و التوحيد عن إبراهيم بن عمر عن الصادق (عليه السّلام) قال: إن الله تبارك و تعالى خلق أسماء بالحروف غير متصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسّد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ منفي عنه الأقطار مبعد عنه الحدود محجوب عنه حس كل متوهم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس واحد منها قبل الآخر فاظهر منها ثلاثة أشياء لفاقة الخلق إليها و حجب واحدا منها و هو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت فالظاهر هو الله و تبارك و سبحان لكل اسم من هذه أربعة أركان فذلك اثنا عشر ركنا ثم خلق لكل‌

 

ص 13

ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن الرحيم الملك القدوس الخالق البارى المصور الحي القيوم لا تأخذه سنة و لا نوم العليم الخبير السميع البصير العزيز الجبار المتكبر العليّ العظيم المقتدر القادر السّلام المؤمن المهيمن البارئ المنشئ البديع الرفيع الجليل الكريم الرازق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الأسماء و ما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتم ثلاثمائة و ستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة و هذه الأسماء الثلاثة أركان و حجب للاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة و ذلك قوله عزّ و جلّ: قُلِ اُدْعُوا اَللََّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمََنَ أَيًّا مََا تَدْعُوا فَلَهُ اَلْأَسْمََاءُ اَلْحُسْنى‌ََ .

و هذه الرواية الشريفة في دلالتها على تأخر الأسماء عن مقام إطلاق الذات لا تحتاج إلى تقريب و هي على نفاستها تدل على أصول جمة من علم الأسماء و تنزل الاسم من الاسم و تفرع الخلق عليها:

و منها ما في الارشاد و غيره عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في كلام له: ان الله أجل من أن يحتجب عن شي‌ء أو يحتجب عنه شي‌ء، و ما عن التوحيد مسندا عن يعقوب بن جعفر الجعفري عن موسى بن جعفر (عليه السّلام) في كلام له: ليس بينه و بين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور. الخبر. و قد جمع هذا الخبر بين ظهوره تعالى بالأشياء و استتاره بها بعينها و هو معنى لطيف مرجعه إلى خفائه من شدة ظهوره.

قد ظهر ان التوحيد الاطلاقي أرفع و أجلّ من أن يوصف بوصف و في الحديث من سأل عن التوحيد فهو جاهل و من أجابه فهو مشرك.

 

 

ص 14

فصل 5اختصاص التوحيد الاطلاقى بالملة الاسلامية

و هذا المعنى من التوحيد أعني الإطلاقي مما انفرد بإثباته الملة المقدسة الإسلامية و فاقت به الملك و الشرائع السالفة فظاهر ما بلغنا منهم في التوحيد هو مقام الواحدية و انه تعالى الذات الواجبة المستجمعة لصفات الكمال فغاية ما وصل إلينا من معنى التوحيد من الملل السابقين و كلمات الحكماء المتألهين هي ما مرّ في الفصل الثاني و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

تمّ و الحمد لله و السلام على محمد و آله.













فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است