بسم الله الرحمن الرحیم
متن خطبه
الحمد لله الذي شرع الإسلام فسهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه على من غالبه فجعله أمنا لمن علقه و سلما لمن دخله و برهانا لمن تكلم به و شاهدا لمن خاصم عنه و نورا لمن استضاء به و فهما لمن عقل و لبا لمن تدبر و آية لمن توسم و تبصرة لمن عزم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدق و ثقة لمن توكل و راحة لمن فوض و جنة لمن صبر فهو أبلج المناهج و أوضح الولائج مشرف المنار مشرق الجواد مضيء المصابيح كريم المضمار رفيع الغاية جامع الحلبة متنافس السبقة شريف الفرسان التصديق منهاجه و الصالحات مناره و الموت غايته و الدنيا مضماره و القيامة حلبته و الجنة سبقته.
منها في ذكر النبي ص
حتى أورى قبسا لقابس و أنار علما لحابس فهو أمينك المأمون و شهيدك يوم الدين و بعيثك نعمة و رسولك بالحق رحمة اللهم اقسم له مقسما من عدلك و اجزه مضعفات الخير من فضلك اللهم و أعل على بناء البانين بناءه و أكرم لديك نزله و شرف عندك منزله و آته الوسيلة و أعطه السناء و الفضيلة و احشرنا في زمرته غير خزايا و لا نادمين و لا ناكبين و لا ناكثين و لا ضالين و لا مضلين و لا مفتونين.
خطاب أصحابه
و قد بلغتم من كرامة الله تعالى لكم منزلة تكرم بها إماؤكم و توصل بها جيرانكم و يعظمكم من لا فضل لكم عليه و لا يد لكم عنده و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة و لا لكم عليه إمرة و قد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون و كانت أمور الله عليكم ترد و عنكم تصدر و إليكم ترجع فمكنتم الظلمة من منزلتكم و ألقيتم إليهم أزمتكم و أسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات و يسيرون في الشهوات و ايم الله لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله لشر يوم لهم.
كتاب سليم بن قيس الهلالي، ج2، ص: 618
الحديث التاسع [1]
عن أبان بن أبي عياش عن سليم قال جاء رجل «1» إلى أمير المؤمنينع فسأله عن الإسلام فقال ع إن الله تبارك و تعالى شرع الإسلام و سهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه لمن «2» حاربه و جعله عزا لمن تولاه و سلما لمن دخله و إماما لمن ائتم به و زينة لمن تحلاه و عدة «3» لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن تمسك به و برهانا لمن تعلمه و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا «4» لمن حاكم به و علما لمن وعاه و حديثا لمن رواه و حكما لمن قضى به و حلما لمن جرب و شفاء [و لبا] «5» لمن تدبر و فهما لمن تفطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدق و مودة لمن أصلح و زلفى لمن اقترب و ثقة لمن توكل و رجاء «6» لمن فوض و سابقة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتقى و ظهيرا لمن رشد و كهفا «7» لمن آمن و أمنة لمن أسلم و روحا للصادقين و موعظة للمتقين و نجاة للفائزين «8» ذلك الحق سبيله الهدى و صفته الحسنى و مأثرته المجد «9» أبلج المنهاج
__________________________________________________
[1] في هذا الحديث: صفات الإسلام بالإضافة إلى من دان به، صفات الإسلام في حد ذاته، نتائج التدين بالإسلام. راجع التخريج (9).
__________________________________________________
(1) الرجل هو ابن الكواء، كما صرح به في الكافي: ج 1 ص 49.
(2) «ب»: على من. «د»: على من حارسه.
(3) «ب» خ ل: عذرا.
(4) أي فوزا و ظفرا.
(5) الزيادة من «الف».
(6) «ب» خ ل: رخاء. و في أمالي الشيخ المفيد و أمالي الشيخ الطوسي و تحف العقول: راحة.
(7) «ب» و «د»: كنينة. و معناه الستر.
(8) «ب»: الفائزين.
(9) «ب»: الجد.
كتاب سليم بن قيس الهلالي، ج2، ص: 619
مشرق «10» المنار ذاكي المصباح «11» رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة «12» متنافس «13» السبقة أليم النقمة [قديم النعمة] «14» قديم العدة كريم الفرسان فالإيمان منهاجه و الصالحات مناره و الفقه مصابيحه و الموت غايته و الدنيا مضماره و القيامة حلبته «15» و الجنة سبقته و النار نقمته و التقوى عدته المحسنون فرسانه فبالإيمان يستدل على الصالحات و بالصالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت يختم الدنيا و بالدنيا تجوز القيامة و بالقيامة تزلف الجنة و الجنة حسرة أهل النار و النار موعظة المتقين «16» و التقوى سنخ الإيمان [فذلك الإسلام] «17»
(الى آخر الخطبة)»
و في التحف بدله: «ان الله ابتدأ الأمور فاصطفى لنفسه منها ما شاء و استخلص منها ما أحب، فكان مما أحب أنه ارتضى الايمان فاشتقه من اسمه فنحله من أحب من خلقه، ثم بينه فسهل شرائعه.
(الى آخرها)».
(7)- في النهج: «غالبة» و في التحف: «جانبه».
(8)- في التحف: «والاه». و في النهج بدل العبارة: «فجعله أمنا لمن علقه».
(9)- في التحف: «أمنا».
(10)- في التحف: «دينا».
(11)- في التحف: «عصمة».
(12)- من قوله: «و هدى» الى هنا غير موجود في النهج، و في الجمل الآتية تقديم و تأخير و إسقاط.
(13)- في التحف فقط.
الغارات (ط - الحديثة)، ج1، ص: 139
استضاء «1» به، و شاهدا «2» لمن خاصم به «3»، و فلجا لمن حاج به، و علما لمن وعى، و حديثا لمن روى، و حكما لمن قضى، و حلما لمن حرب «4»، و لبا لمن تدبر، و فهما لمن تفطن «5»، و يقينا لمن علم «6»، و بصيرة لمن عزم، و آية لمن توسم، و عبرة لمن اتعظ، و نجاة لمن صدق «7»، و مودة من الله لمن صلح «8»، و زلفى لمن اقترب «9»، و ثقة لمن توكل، و راحة لمن فوض «10»، و صبغة لمن أحسن «11»، و خيرا لمن سارع «12»، و جنة لمن صبر، و لباسا لمن اتقى، و طهرا «13» لمن رشد، و كتبة لمن آمن «14» و أمنة لمن أسلم، و روحا للصادقين.
فذلك الحق «15»، سبيله الهدى «16»، و صفته الحسنى، و مأثرته المجد «17»، فهو أبلج المنهاج «18»، مشرق «19» المنار، مضيء «20» المصابيح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، متنافس السبقة «21»، أليم النقصة «22»، قديم العدة، كريم الفرسان، فالإيمان
__________________________________________________
(1)- في الأصل: «استغنى».
(2)- في التحف: «حجة».
(3)- في النهج: «عنه».
(4)- في التحف: «حدث».
(5)- في التحف: «تفكر» و في النهج: «عقل».
(6)- في التحف: «عقل».
(7)- في التحف: «لمن آمن به».
(8)- في الأصل: «أصلح».
(9)- في التحف: «ارتقب».
(10)- في الأصل:
«و رجاء لمن فرض».
(11)- في الأصل:
«و سبقة لمن اجتبى».
(12)- في الأصل:
«و جبرا لمن شارع».
(13)- في التحف: «تطهيرا».
(14)- هذه الفقرة في الأصل فقط و لم أتحقق معناها.
(15)-
في التحف: «فالإيمان أصل الحق، و أصل الحق».
(16)- في الأصل:
«سبيله الدري».
(17)- في الأصل:
«المجد الكثير».
(18)-
في النهج: «فهو أبلج المناهج و أوضح الولائج».
(19)-
في النهج: «مشرف المنار مشرق الجواد».
(20)- في الأصل: «ذاكي» (بالذال المعجمة، من ذكت النار)».
(21)- في الأصل: «السنية».
(22)- في الأصل فقط و لم أتحقق معناها.
الغارات (ط - الحديثة)، ج1، ص: 140
منهاجه «1»، و الصالحات مناره، و العفة مصابيحه، و الموت غايته، و الدنيا مضماره، و القيامة حلبته، و الجنة سبقته «2»، و النار نقمته، و التقوى عدته، و المحسنون فرسانه، فبالاسلام «3» يستدل على الصالحات، و بالصالحات يعمر الفقه، و بالفقه يرهب الموت، و بالموت تختم الدنيا، و بالدنيا تحذر الآخرة «4»، و بالقيامة تزلف «5» الجنة، و الجنة حسرة أهل النار، و النار موعظة المتقين «6»، و التقوى سنخ الايمان «7».
و الايمان على أربع دعائم، على الصبر و اليقين و العدل و الجهاد
1- علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى و عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج عن جابر عن أبي جعفر ع و بأسانيد مختلفة عن الأصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين ع في داره أو قال في القصر و نحن مجتمعون ثم أمر صلوات الله عليه فكتب في كتاب و قرئ على الناس و روى غيره أن ابن الكواء «2» سأل أمير المؤمنين ع عن صفة الإسلام و الإيمان و الكفر و النفاق فقال أما بعد فإن الله تبارك و تعالى- شرع الإسلام و سهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه لمن حاربه «3» و جعله عزا لمن تولاه و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتم به و زينة لمن تجلله و عذرا لمن انتحله و عروة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلم به و نورا لمن استضاء به و عونا لمن استغاث به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا لمن حاج به و علما لمن وعاه و حديثا لمن روى و حكما لمن قضى و حلما لمن جرب و لباسا لمن تدبر و فهما لمن تفطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدق و تؤدة «4» لمن أصلح و زلفى لمن اقترب و ثقة لمن توكل و رخاء «5» لمن فوض و سبقة لمن أحسن- و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتقى و ظهيرا لمن رشد و كهفا لمن آمن و أمنة لمن أسلم و رجاء «6» لمن
__________________________________________________
(1) انما لم يعنون الباب لانه من تتمة البابين السابقين و انما افرده لان فيه نسبة الايمان و الإسلام معا او لان فيه مدح الإسلام و فضله لا صفاته (آت).
(2) عبد الله بن الكواء كان من الخوارج (آت).
(3) أي لمن أراد محاربته أي هدمه و تضييعه. و قيل محاربته كناية عن محاربة أهله. و في بعض النسخ [جأر به] كسأل بالجيم و الهمزة أي استغاث به و لجأ إليه و في النهج «على من غالبه» أي حاول أن يغلبه و لعله أظهر و في تحف العقول «على من جانبه».
(4) التؤدة: بفتح الهمزة و سكونها: الرزانة و التأنى.
(5) في بعض النسخ [رجاء].
(6) في بعض النسخ [و روحا]
الكافي (ط - الإسلامية)، ج2، ص: 50
صدق و غنى لمن قنع فذلك الحق سبيله الهدى و مأثرته المجد «1» و صفته الحسنى فهو أبلج المنهاج «2» مشرق المنار ذاكي المصباح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة «3» سريع السبقة أليم النقمة كامل العدة كريم الفرسان فالإيمان منهاجه و الصالحات مناره و الفقه مصابيحه و الدنيا مضماره و الموت غايته و القيامة حلبته و الجنة سبقته و النار نقمته و التقوى عدته و المحسنون فرسانه «4» فبالإيمان يستدل على الصالحات و بالصالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدنيا و بالدنيا تجوز القيامة «5» و بالقيامة تزلف الجنة و الجنة حسرة أهل النار و النار موعظة المتقين «6» و التقوى سنخ الإيمان «7».
خطبته ع التي يذكر فيها الإيمان و دعائمه و شعبه و الكفر و دعائمه و شعبه
إن الله ابتدأ الأمور فاصطفى لنفسه منها ما شاء «8» و استخلص منها ما أحب فكان
__________________________________________________
(1). لا يشمت: لا يفرح.
(2). في النهج [و لا يدخل في الباطل].
(3). في الكافي [بالذى قدر له].
(4). جمح الرجل: إذا ركب هواه و أسرع إلى الشيء فلم يمكن رده. و يقال: جمحت المفازة بالقوم: طوحت بهم. و جمح بفلان مراده أي لم ينله.
(5). كذا و في الكافي [لا ينصت للخبر ليفجر به] أى لا يسكت مستمعا للخبر لينقله في مجلس آخر.
(6). و في النهج [زهد و نزاهة]. و النزاهة- مصدر من نزه اي العبد عن المكروه.
(7). الخلابة- مصدر-: الخديعة بالقول اللطيف.
(8). منقول في الكافي ج 2 ص 49 مع اختلاف في بعض المواضع و ذكره الشريف الرضى رحمه الله في النهج.
تحف العقول، النص، ص: 163
مما أحب أنه ارتضى الإيمان فاشتقه من اسمه «1» فنحله من أحب من خلقه ثم بينه فسهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه على من جانبه «2» و جعله عزا لمن والاه و أمنا لمن دخله و هدى لمن ائتم به و زينة لمن تحلى به و دينا لمن انتحله و عصمة لمن اعتصم به و حبلا لمن استمسك به و برهانا لمن تكلم به و شرفا لمن عرفه و حكمة لمن نطق به و نورا لمن استضاء به و حجة لمن خاصم به و فلجا لمن حاج به «3» و علما لمن وعى و حديثا لمن روى و حكما لمن قضى و حلما لمن حدث «4» و لبا لمن تدبر و فهما لمن تفكر و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسم و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن آمن به و مودة من الله لمن صلح «5» و زلفى لمن ارتقب و ثقة لمن توكل و راحة لمن فوض و صبغة لمن أحسن و خيرا لمن سارع و جنة لمن صبر و لباسا لمن اتقى و تطهيرا لمن رشد و أمنة لمن أسلم «6» و روحا للصادقين فالإيمان أصل الحق
__________________________________________________
(1). قال الله تبارك و تعالى في سورة الحشر آية 23 «هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن- الآية». و ليس المراد من اشتقاقه اشتقاق اللفظ من اللفظ فقط بل اشتقاق الحقيقة و المعنى من اسمه تعالى كما جاء في حديث المعراج إن الله تعالى قال لي: يا محمد اشتققت لك اسما من أسمائى فأنا المحمود و أنت محمد و اشتققت لعلى اسما من أسمائى فأنا الأعلى و هو على و هكذا فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام فكلهم أشباح نور من نوره تعالى جل اسمه.
و اما الايمان فرابطة باطنية بين الله و عبده، به يعبد الله و به يتقرب إليه و به ينجو من الهلكة و يهدى من الضلالة و يخرج من الظلمة و له آثار في الخارج تظهر من أعضاء المؤمن و جوارحه من الصالحات و الاعمال الحسنة فالايمان بمنزلة شجرة منبتها في القلب و اغصانها تظهر من الأعضاء و الجوارح و ثمارها الأخلاق الحسنة و الملكات الفاضلة و الاعمال الصالحة و كل صفة من الأوصاف الحسنة كالسخاوة و الشجاعة. و العدل ثمرة من ثمراتها كما أن البخل و الجبن و الظلم من ثمرات الكفر.
(2). يقال: جانبه أي سار إلى جنبه. و في الكافي [لمن حاربه] و في النهج [على من غالبه].
أى حاول أن يغلبه و لعله أظهر.
(3). الفلج الظفر و الفوز.
(4). في الكافي [لمن جرب].
(5). في الكافي [و تؤدة لمن أصلح و زلفى لمن اقترب].
(6). الامنة- بفتح الثلاثة-: الامن و السلم.
تحف العقول، النص، ص: 164
و أصل الحق سبيله الهدى و صفته الحسنى و مأثرته المجد «1» فهو أبلج المنهاج مشرق المنار مضيء المصابيح رفيع الغاية يسير المضمار «2» جامع الحلبة متنافس السبقة قديم العدة كريم الفرسان الصالحات مناره و العفة مصابيحه و الموت غايته «3» و الدنيا مضماره و القيامة حلبته و الجنة سبقته و النار نقمته و التقوى عدته و المحسنون فرسانه فبالإيمان يستدل على الصالحات و بالصالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت «4» و بالموت تختم الدنيا و بالدنيا تحذو الآخرة «5» و بالقيامة تزلف الجنة و الجنة حسرة أهل النار و النار موعظة التقوى و التقوى سنخ الإحسان «6» و التقوى غاية لا يهلك من تبعها و لا يندم من يعمل بها لأن بالتقوى فاز الفائزون و بالمعصية خسر الخاسرون فليزدجر أولو النهى و ليتذكر أهل التقوى
3 قال أخبرني أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال حدثني أحمد بن سليمان الطوسي عن الزبير بن بكار قال حدثني عبد الله بن وهب عن السدي عن عبد خير عن قبيصة بن جابر الأسدي قال قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فسأله عن الإيمان فقام ع خطيبا فقال- الحمد لله الذي شرع الإسلام فسهل شرائعه لمن ورده و أعز أركانه على من جاز به «3» و جعله عزا لمن والاه و سلما لمن دخله و هدى لمن ائتم به و زينة لمن تحلى به و عصمة لمن اعتصم به و حبلا لمن تمسك به و برهانا لمن تكلم به و نورا لمن استضاء به و شاهدا لمن خاصم به و فلجا
__________________________________________________
(1) المعارج: 4. و في البحار: «فى يوم كان مقداره ألف سنة» فالآية في سورة السجدة: 5.
(2) يدل على أن العمل جزء الايمان و أن الايمان مبثوث على الجوارح و الأعضاء.
و المراد بعرفان العقول ادراكها الحقيقة.
(3) اعزاز أركانه حمايتها و رفعها على من قصد هدمه و تضييعه و اطفاء نوره. و في بعض النسخ: «على من جاء به»، و في النهج «غالبه» و في التحف: «جانبه»، و في بعض نسخ الكافي: «جأر به».
الأمالي (للمفيد)، النص، ص: 276
لمن حاج به «1» و علما لمن وعاه و حديثا لمن رواه و حكما لمن قضى به و حلما لمن جرب «2» و لبا لمن تدبر و فهما لمن فطن و يقينا لمن عقل و بصيرة لمن عزم و آية لمن توسم «3» و عبرة لمن اتعظ و نجاة لمن صدق و مودة من الله لمن أصلح «4» و زلفى لمن ارتقب «5» و ثقة لمن توكل و راحة لمن فوض و جنة لمن صبر- الحق سبيله و الهدى صفته و الحسنى مأثرته فهو أبلج المنهاج مشرف المنار «6» مضيء المصابيح رفيع الغاية يسير المضمار جامع الحلبة- «7» متنافس السبقة كريم الفرسان التصديق منهاجه و الصالحات مناره و الفقه مصابيحه و الموت غايته و الدنيا مضماره و القيامة حلبته و الجنة سبقته «8»
__________________________________________________
(1) في النهج «لمن خاصم عنه»، و قوله: «فلجا لمن حاج به» أي ظفرا و غلبة لمن احتج به.
(2) المراد بالحلم هنا العقل، قال الله عز و جل «أم تأمرهم أحلامهم بهذا» قالوا:
أى عقولهم.
(3) المتوسم: المتفرس و الذي يرتاد الحق.
(4) في الكافي: «و تؤدة لمن أصلح»، و التؤدة- بفتح الهمزة و سكونها-:
الرزانة و التأنى.
(5) كذا في النسخ و التحف، و «فى سائر نسخ الحديث: «اقترب».
(6) في بعض النسخ: «مشرق المنار»، و المأثرة- بفتح الميم و سكون الهمزة و ضم الثاء و فتحها و فتح الراء-: واحدة المآثر و هي المكارم من الاثر و هو النقل و الرواية لأنها تؤثر و تروى.
(7) قال ابن أبي الحديد: «الحلبة: الخيل المجموعة للمسابقة، و المضمار:
موضع تضمير الخيل أو زمان تضميرها، و الغاية: الراية المنصوبة و هو هاهنا خرقة تجعل على قصبة و تنصب في آخر المدى الذي تنتهى إليه المسابقة».
(8) إلى هنا أورده الشريف الرضي (ره) في النهج مع اسقاطه بعض الفقرات.
الأمالي (للمفيد)، النص، ص: 277
و النار نقمته و التقوى عدته و المحسنون فرسانه- فبالإيمان يستدل على الصالحات و بالصالحات يعمر الفقه و بالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدنيا و بالدنيا تجوز القيامة «1» و بالقيامة تزلف الجنة للمتقين و تبرز الجحيم للغاوين- فالإيمان على أربع دعائم الصبر و اليقين و العدل و الجهاد و الصبر- من ذلك على أربع شعب الشوق و الإشفاق «2» و الزهادة و الترقب ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات و من أشفق من النار رجع عن المحرمات و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات «3» و من ارتقب الموت سارع إلى الخيرات- و اليقين على أربع شعب على تبصرة الفطنة و تأول الحكمة «4» و موعظة العبرة و سنة الأولين فمن تبصر في الفطنة تبين الحكمة و من تبين الحكمة عرف السنة و من عرف السنة فكأنما كان في الأولين- و العدل على أربع شعب على غامض الفهم «5» و غمرة العلم و زهرة الحكم
__________________________________________________
(1) هذه الفقرة موجودة في المطبوعة و فيه «تحوز» و ليست في النسخ الخطية و في الغارات: «تحذر القيامة».
(2) في النسخ: «و الشفق».
(3) إلى هنا مضبوط في النسخ الخطية و في المطبوعة سابقا، و تمام الحديث موجود في نسخة واحدة نقلناه و جعلناه بين المعقوفين تمييزا عن سائر النسخ.
(4) أي جعلها مكشوفة بالتدبر فيها. و «موعظة العبرة» فى الكافي «معرفة العبرة» أي المعرفة بأنه كيف ينبغي أن يعتبر من الشيء أي يتعظ به و ينتقل منه الى ما يناسبه.
(5) الغامض خلاف الواضح من الكلام و نسبته الى الفهم مجاز، و كان المعنى فهم الغوامض، أو هو من قولهم: أغمض حد السيف أي رققه. و في النهج و التحف:
«غائص» من الغوص، قال الكيدرى: و هو من إضافة الصفة الى الموصوف للتأكيد.
و غمر العلم: كثرته، و الزهرة بالفتح: البهجة و النضارة و الحسن، و الحكم بالضم:
القضاء و العلم و الحكمة و الفقه.
الأمالي (للمفيد)، النص، ص: 278
و روضة الحلم فمن فهم فسر جمل العلم «1» و من علم عرف شرائع الحكم- و من عرف شرائع الحكم لم يضل و من حلم لم يفرط في «2» أمره و عاش في الناس حميدا- و الجهاد على أربع شعب على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر- و الصدق في المواطن و شنئان الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن- و من نهى عن المنكر أرغم أنف الكافر و من صدق في المواطن قضى ما عليه- و من شنئ الفاسقين غضب لله و من غضب لله تعالى فهو مؤمن حقا فهذه صفة الإيمان و دعائمه- فقال له السائل لقد هديت يا أمير المؤمنين و أرشدت فجزاك الله عن الدين خيرا «3».
و فی امالی الشیخ ایضا ص 37