بسم الله الرحمن الرحیم
شناسنامه حدیث-خطبه بدون نقطه
أمیر المؤمنین صلوات اللّه علیه
فهرست مباحث حدیث
فهرست شناسنامه حدیث
شناسنامه حدیث-خطبه بدون الف
شناسنامه حدیث-خطبه بدون نقطه
الكتاب : نهج السعادة -
المؤلف : الشيخ المحمودي
[82]
- 18 - ومن خطبة له عليه السلام الموسومة بالمونقة (1) قال ابن أبي الحديد: وهي خطبة خالية من حرف الالف رواها كثير من الناس له عليه السلام (2) قالوا: تذاكر قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي حروف الهجاء أدخل في الكلام ؟ فأجمعوا على الالف، فقال علي عليه السلام [مرتجلا من غير سابق فكر ولا تقدم روية]: حمدت من عظمت منته وسبغت نعمته (3) وسبقت غضبه رحمته (4) وتمت كلمته، ونفذت مشيئته وبلغت قضيته (5) حمدته حمد مقر بربوبيته (6) متخضع لعبوديته
-------------------------
(1) المونقة: الحسنة المعجبة، من قولهم: " أنق الشئ - من باب علم - أنقا " فهو أنق وأنيق ومونق: حسن معجب. وتسمية الخطبة بالمونقة ظاهرة، لانها تعجب من سمعها. وقال في كنز العمال: ج 8 ص 221 ط 1: " وسماها الموقفة ". والظاهر أنه مصحف. (2) وكفى لاثبات صدور مثلها عن أمير المؤمنين عليه السلام أن يقول متضلع خبير مثل ابن أبي الحديد بأنها رواها كثير من الناس عنه عليه السلام، وصدقه غيره من المتضلعين في هذه الدعوى. (3) ومثله في مطالب السئول 167، والباب (49) من مصباح الكفعمي ص 33، وفي كفاية الطالب هكذا: " حمدت وعظمت من عظمت منته ". والمراد بالمنة - هنا - الاحسان. (4) وفي الكفاية: " وسبقت رحمته غضبه ". وفي المصباح: " وسبقت رحمته ". وفي مطالب السئول: " وبلغت جحته وعدلت قضيته وسبقت غضبه رحمته " (5) أي حكمه وقضاؤه. (6) وفي الكفاية: " لربوبيته ".
[83]
متنصل من خطيئته (7) معترف بتوحيده (8) [مستعيذ من وعيده (9)] مؤمل منه مغفرة تنجيه، يوم يشغل عن فصيلته وبنيه (10). ونستعينه ونسترشده ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، وشهدت له شهود مخلص موقن (11) وفردته تفريد مؤمن متيقن (12) ووحدته توحيد عبد مذعن [بأنه (13)] ليس له شريك في ملكه، ولم يكن له ولي في صنعه، جل عن مشير ووزير (14) وعن عون معين ونصير ونظير.
----------------------------
(7) يقال: " تنصل إلى فلان من الجناية ": خرج وتبرأ عنده منها. (8) هذا هو الظاهر الموافق لنسخة مطالب السئول والكفاية والمصباح، وفي نسخة ابن الحديد: " متفرد بتوحيده ". (9) بين المعقوفين مأخوذ من كتاب مطالب السؤال. (10) وفي مطالب السئول: " يوم يشغل كل عن فصيلته وبنيه ". وفصيلة الرجل: (رهطه الادنون. (11) وفي مطالب السئول: " وشهدت له شهود عبد موقن. " وفي الكفاية: " وشهدت له تشهد مخلص موقن. " (12) هذ هو الظاهر، وفي نسخة: " مؤمن متقن ". (13) بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق. (14) وبعده في المصباح هكذا: " وتنزه عن مثل ونظير ".
[84]
علم فستر، وبطن فخبر (15) وملك فقهر وعصي فغفر [وعبد فشكر (16)] وحكم فعدل (17) لم يزل ولن يزول " ليس كمثله شئ " (18) وهو [قبل كل شئ و] بعد كل شئ (19) رب متعزز بعزته (20) متمكن بقوته (21) متقدس بعلوه متكبر بسموه، ليس يدركه بصر، ولم يحط به نظر، قوي منيع بصير سميع (22) رؤف رحيم (23). عجز عن وصفه من يصفه، وضل عن نعته من يعرفه (24).
----------------------------
(15) هذا هو الظاهر، وفي الكفاية: " ونظر فخبر ". (16) بين المعقوفين من كتاب مطالب السئول. (17) وبعده في مطالب السئول هكذا: " وتكرم وتفضل ". (18) اقتباس من الآية (11) من سورة الشورى. (19) بين المعقوفين كان ساقطا عن شرح النهج. (20) وفي نسخة: " متفرد بعزته ". (21) وفي المصباح: " متملك بقوته ". (22) وفي الكفاية: " وليس يحيط به نظر، قوي منيع بصير سميع حليم حكيم رؤف رحيم ". (23) وزاد بعده في المصباح: " عزيز ". (24) وفي مطالب السئول: " عجز عن وصفه من وصفه، وضل عن نعته من عرفه ". وفي المصباح: " وضل في نعته ".
[85]
قرب فبعد، وبعد فقرب (25) يجيب دعوة من يدعوه ويرزقه ويحبوه (26) ذو لطف خفي وبطش قوي، ورحمة موسعة، وعقوبة موجعة، رحمته جنة عريضة مونقة (27) وعفوبته جحيم ممدودة موبقة (38). وشهدت ببعث محمد (29) رسوله وعبده وصفيه ونبيه ونجيه وحبيبه وخليله، بعثه في خير عصر، وحين فترة وكفر، رحمة لعبيده ومنة لمزيده، ختم به نبوته وشيد به حجته (30) فوعظ ونصح، وبلغ وكدح (31) رؤف بكل مؤمن، رحيم سخي رضي ولي زكي، عليه
-------------------------------
(25) أي هو تعالى مع كمال قربه بعيد عن تحديدات البشرية، ومع كمال بعده فهو أقرب الينا من حبل الوريد، يجيب دعوة من دعاه. (26) وفي الصباح: " ويرزق عبده ويحبوه ". (27) أي حسنة معجبة، يقال: " أنق الشئ - من باب علم -: صار أنقا وأنبقا ومونقا أي حسنا معجبا. (28) وفي المصباح: " وعقوبته جحيم مؤصدة ". (29) وفي الكفاية: " وشهدت ببعثة محمد عبده ورسوله وصفيه ونبيه وخليله وحبيبه، صلى الله عليه صلاتا تحظيه، وتزدلفه وتعليه، وتقربه وتدنيه ". (30) " وفي الكفاية: ووضح به حجته ". وفي المصباح: " وقوى به حجته " (31) يقال: " كدح من العمل - من باب منع - كدحا ": جهد نفسه فيه حتى أثر فيها.
[86]
رحمة وتسليم، وبركه وتكريم (32) من رب غفور رحيم قريب مجيب (33). وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم (34) وذكرتكم بسنة نبيكم، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم وخشية تذري دموعكم، وتقية تنجيكم قبل يوم يبليكم ويذهلكم يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته، وخف وزن سيئته (35) ولتكن مسألتكم وتملقكم مسألة ذل وخضوع وشكر وخشوع، بتوبة ونزوع (36) وندم ورجوع، وليغتنم كل مغتنم منكم (37) صحته قبل سقمه، وشبيبته قبل هرمه، وسعته قبل فقره (38) وفرغته قبل
--------------------------
(32) وفي مطالب السئول: " عليه رحمة وتسليم وبركة وتعظيم وتكريم ". (33) وزاد في مطالب السئول بعده: " حليم ". (34) وفي الكفاية: " وصيتكم جميع من حضرني ". وفي المصباح: " وصيتكم معشر من حضرني بتقوى من ربكم ". (35) وفي مطالب السئول: " وخف وزن خطيئته ". (36) وفي الكفاية: " ولتكن مسألتكم وملقكم - إلى أن قال -: وتوبة ونزوع ". (38) وفي المصباح: " وسعته قبل عدمه ".
[87]
شغله، وحضره قبل سفره (39) قبل تكبر وتهرم وتسقم (40) [و] يمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه وينقطع غمده ويتغير عقله (41) ثم قيل: هو موعوك وجسمه منهوك (42) ثم جد في نزع شديد، وحضره كل قريب وبعيد، فشخص بصره وطمح نظره (43) ورشح جبينه وعطف عرينه (44) وسكن حنينه، وحزنته نفسه وبكته عرسه وحفر رمسه، ويتم منه ولده (45) وتفرق منه عدده وقسم جمعه
-----------------------------
(39) وبعده في مطالب السئول هكذا: " وحياته قبل موته، قبل [أن] يهن ويمرض ويسقم، ويمله طبيبه " (40) وفي المصباح: " قبل هو يكبر ويهرم، ويمرض ويسقم ". (41) كذا في النسخة، وفي مطالب السئول وكفاية الطالب: " وينقطع عمره ". وهو الظاهر (42) يقال: " وعك الحر وعكا " - من باب وعد -: اشتد. و " وعكته الحمى وعكا " ووعكة " اشتدت عليه وآذته فهو موعوك. ويقال: " نهكت الحمى فلانا - من باب منع - نهكا " ونهاكة ": أضنته وجهدته. (43) وفي مطالب السئول: " فشخص بصره وطمح بنظره، ورشح جبينه وخطف عرينه وجذبت نفسه وبكت عرسه ". وفي المصباح: " وجذبت نفسه ونكبت عرشه ". (44) كذا في النسخة، والعرين: فناء الدار. جماعة الشوك أو الشجر. اللحم. الصوت. الفريسة. العز، والجع عرن كعنق. وفي كفاية الطالب: " وخطف عرنينه " وهو - كجبريل -: الانف. (45) يقال: " يتم ييتم - من باب ضرب - ويتم ييتم - من باب علم - ويتم ييتم - من باب شرف - الصبي من أبيه يتما ويتيما ": صار يتيما. والمصدر كالقفل والفلس.
[88]
(46) وذهب بصره وسمعه، ومدد وجرد وعري وغسل (47) ونشف وسجي، وبسط له وهيئ، ونشر عليه كفنه وشد منه ذقنه، وقمص وعمم، وودع وسلم، وحمل فوق سرير، وصلي عليه بتكبير [بغير سجود وتعفير] (48) ونقل من دور مزخرفة، وقصور مشيدة، وحجر منجدة (49) وجعل في ضريح ملحود، وضيق مرصود، بلبن منضود، مسقف بجلمود، وهيل عليه حفره (50) وحثي عليه مدره، وتحقق حذره ونسي خبره، ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه (51)، وتبدل به قرينه وحبيبه فهو حشو قبر ورهين قفر، يسعى بجسمه دود قبره (52) ويسيل صديده من منخره، يسحق تربه
------------------------------
(46) وفي مطالب السئول: " وفصم جمعه ". أقول: العدد، والعديد: المال الذي جمعه المرء وادخره. (47) وفي كفاية الطالب: " وكفن ومدد، ووجه وجرد، وعري وغسل ". وفي المصباح: " وكفن ومدد ووجه وغسل وعري ونشف ". (48) بين المعقوفين مأخوذ من مطالب السئول. (49) وفي المصباح: " وحجر منضدة ". وفي مطالب السئول: " وفرش منجدة " (50) وفي مطالب السئول وكفاية الطالب: " وهيل عليه عفره " (51) وزاد في مطالب السئول: " وحميمه ". (52) وفي كفاية الطالب والمصباح " يسعى في جسمه ". وفي مطالب السئول: " يدب في جسمه "
[89]
لحمه (53) وينشف دمه، ويرم عظمه (54) حتى يوم حشره، فنشر من قبره حين ينفخ في صور. ويدعى بحشر ونشور. فثم بعثرت قبور، وحصلت سريرة صدور، وجئ بكل نبي وصديق وشهيد (55) وتوحد للفصل [رب] قدير (56) بعبده خبير بصير، فكم من زفرة تضنيه وحسره تنضيه (57) في موقف مهول و (58) ومشهد جليل بين يدي ملك عظيم، وبكل صغير وكبير عليم، فحينئذ يلجمه عرقه، ويحصره قلقه (59) عثرته غير مرحومة، وصرخته غير مسموعة، وحجته غير مقبولة،
-------------------------------
(53) وفي نسخة: " يسحق برمته لحمه " ومثله في كفاية الطالب " وفي مطالب السئول: " وتسحق تربته لحمه ". (54) ومثله في مطالب السئول وكفاية الطالب، وفي المصباح: " ويدق عظمه ". (55) وزاد في كفاية الطالب ومطالب السئول: " ونطيق ". وفي المصباح: " وشهيد منطيق ". (56) بين المعقوفين مأخوذ من المصباح وكفاية الطالب، وفي مطالب السئول: " وقعد لفصل حكه قدير ". وفي المصباح: " وتولى لفضل (كذا) عبد رب قدير ". وفي الكفاية: " وقعد للفصل رب قدير، بعبده بصير خبير، فكم من زفرة تعنيه، وحسرة تقصيه في موقف مهيل ". (57) يقال: " أضنى المرض فلانا إضناء ا ": أضعفه وأثقله. و " أنضى البعير انضاءا ": هزله. والثوب: أبلاء. (58) وفي مطالب السئول: " في موقف مهيل ". (59) وفي مطالب السؤل: " ويحفزه " وفي المحكي عنه " ويخفره ".
[90]
زالت جريدته (60) ونشرت صحيفته [حيث] نظر (61) في سوء عمله، وشهدت عليه عينه بنظره، ويده ببطشه ورجله بخطوه وفرجه بلمسه وجلده بمسه (62) فسلسل جيده وغلت يده وسيق بسحب وحده (63) فورد جهنم بكرب وشدة، فظل يعذب في جحيم، ويسقى شربة من حميم تشوي وجهه وتسلخ جلده (64) وتضربه زبنية بمقمع من حديد (65) ويعود جلده بعد نضجه كجلد جديد، يستغيث فتعرض عنه خزنة جهنم، ويستصرخ فيلبث حقبة يندم (66).
---
(60) وفي نسخة: " زاول ". وفي كفاية الطالب: " نشر صحيفته، وتبين جريرته حيث نظر في سؤ عمله ". (61) وفي مطالب السؤل: " برزت صحيفته وتبينت جريرته فنظر في سوء عمله ". وفي المحكي عنه: " وقوبل صحيفته وتبين جريدته ونطق كل عضو منه بسؤ عمله ". (62) وبعده في الكفاية هكذا: " وتهدده منكر ونكير، وكشف له عن حيث يصير، فسلسل جيده، وغلغل ملكه يده [كذا] وسيق يسحب وحده ". (63) قال ابن أبي الحديد: [هذا الاجل ازدياد الغم] لانه إذا كان معه غيره كان كالمتأسي بغيره، فكان أخف لالمه وعذابه، وإذا كان وحده كان أشد ألما وأهول، وروي " فسيق يسحب وحدة " وهذا أقرب وذاك أفخم معنا. وفي مطالب السؤل، " وسيق يسحب وحده " وفي المحكي عند: " وسيق بسحب وحدة ". (64) يقال: " سلخ جلد الخروف - من باب نصر ومنع - وسلخا ". كشطه ونزعه. (65) قال ابن أبي الحديد: و " زبنية " على وزن " عفرية ": واحد الزبانية وهم عند العرب الشرط، وسمي بذلك بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها كما يفعل الشرط في الدنيا. ومن أهل اللغة من يجعل وأحد الزبانية زباني. وقال بعضهم: " زابن ". ومنهم من قال: هو جمع لا واحد له نحو أبابيل وعباديد، وأصل الزبن في اللغة الدفع، ومنه ناقة زبون: تضرب حالبها وتدفعه. (66) وفي المحكي عن مطالب المسئول: " حقبة بندم ".
[91]
نعوذ برب قدير، من شر كل مصير، ونسأله عفو من رضي عنه ومغفرة من قبله، فهو ولي مسألتي ومنجح طلبتي، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه، وخلد في قصور مشيدة، وملك بحور عين وحفدة (67) وطيف عليه بكؤس، وسكن في حظيرة قدوس (68) وتقلب في نعيم وسقي من تسنيم، وشرب من عين سلسبيل و [قد] مزج له بزنجبيل، مختم بمسك وعبير (69) مستديم للملك، مستشعر للسرور (70) يشرب من خمور في روض مغدق (71) ليس يصدع من شربه، وليس ينزف.
---
(67) وفي كفاية الطالب: " وملك حور عين وحفدة ". وفي مطالب السئول: " فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه وخلد في قصور ونعمة، وملك بحور عين وتقلب في نعيم ". (68) وفي كفاية الطالب: " وسكن حظيرة قدس في فردوس ". (69) بين المعقوفين مأخوذ من كفاية الطالب وفيه هكذا: " وشرب من سلسبيل قد مزح بزنجبيل، ختم بمسك، مستديم للملك، مستشعر للسرور ". (70) وفي المحكي عن مطالب السئول: " وشرب من عين سلسبيل ممزوجة بزنجبيل، مختومة بمسك وعبير، مستديم للحبور مستشعر للسرور ". وهو أظهر. (71) ومثله في المحكي عن مطالب السئول، ولكن في النسخة المطبوعة بالنجف منه هكذا: " يشرب من خمر معذوذب شربة ليس تنزف لبه ". وفي كفاية الطالب: " ويشرب من خمور في روض مغدق ليس ينزف عقله ".
[92]
هذه منزلة من خشي ربه، وحذر نفسه معصيته، وتلك عقوبة من جحد منشأه (72) وسولت له نفسه معصيته، فهو قول فصل (73) وحكم عدل، وخير قصص قص ووعظ نص (74) تنزيل من حكيم حميد، نزل به روح قدس مبين، على قلب نبي مهتد رشيد، صلت عليه رسل سفرة، مكرمون بررة، عذت برب عليم رحيم كريم، من شر كل عدو لعين رجيم، فليتضرع متضرعكم، وليبتهل مبتهلكم وليستغفر كل مربوب منكم لي ولكم (75) وحسبي ربي وحده.
----------------------------
(72) هذا هو الظاهر من السياق الموافق لما في مطالب المسئول، وكفاية الطالب، وفيهما: " هذه منزلة من خشي ربه وحذر نفسه، وتلك عقوبة من عصى منشئه، وسولت له نفسه معصيته " وفي المحكي عن مطالب السئول: " وسولت له نفسه معصية مبدئه ". وما في الطبع الحديث من شرح ابن أبي الحديد: " مشبئه " فهو تصحيف. (73) وفي المصباح، والمحكي عن مطالب السئول: " ذلك قول فصل ". (74) ومثله في المحكي عن مطالب السئول. وفي كفاية الطالب: " فهو قول فصل وحكم عدل (و) قصص قص ووعظ نص، تنزيل من حكيم حميد، نزل به روح قدس منير مبين، من عند رب كريم، على قلب نبي مهذ [ب] مهتذ رشيد، وسيد صلت عليه رسل سفرة مكرمون بررة ". (75) وفي المحكي عن مطالب السئول وكفاية الطالب: " ونستغفر رب كل مربوب لي ولكم ".
[93]
شرح غريب كلامه عليه السلام من الباب الثالث من نهج البلاغة قبل المختار (267) منه، من شرح ابن أبي الحديد: ج 19 ص 140، وفي ط ج 5 ص ص 359، ونقلها أيضا في آخر النوع الخامس - وهو باب خطبه عليه للسلام - من كتاب مطالب السئول ص 173، ط النجف ورواها أيضا في الباب الثاني - بعد المأة - من كفاية الطالب ص 393 وقال: أخبرنا المعمر أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن الشيخ الصالح البغدادي بجامع دمشق سنة أربع وثلاثين وستمأة - عن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين المالكي الصابوني، أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال، أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال - في رجب سنة 437 - قال: قرأت على أبي الحسين أحمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح - سنة 388 في منزله - قلت له: حدثكم أبو السمارى (77) حدثني أبو عوسجة سلمة بن عرفجة - باليبرين من اليمن - قال،: حدثني أبي عرفجة بن عرفطة، قال: حدثني أبو الهراش جري بن كليب، حدثني هشام بن محمد بن السائب الكلبي، قال: حدثني أبي، عن أبي صالح قال: جلس جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتذاكرون، فتذاكروا الحروف وأجمعوا أن الالف أكثر دخولا في الكلام من سائر الحروف، فقام مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فخطب هذه الخطبة على البديهة فقال صلوات الله وسلامه عليه: " حمدت وعظمت من
---
(76) ورواها - إشارة - عنه وعن ابن أبي الحديد، في الحديث (372) من الباب (11) من إثبات الهداة: ج 5: ص 33 وله (ره) كلام في معناه ما نظمه فيه ص 111، قال: وخطبة خالية من الالف * بديهة وذاك حرف قد عرف من معجزاته لمن أفاقا * نهج البلاغة الذي قد فاقا فهل رأيت قبله أو بعده * من قال مثله ونال سعده (77) كذا في النسخة، وفي المحكي عنه: " القماري ".
[94]
عظمت منته ". ثم ساق الخطبة إلى آخرها باختلاف في بعض ألفاظها - أشرنا إلى المهم منه في التعاليق المتقدمة - ثم قال: هكذا روينا من هذا الطريق، وقد وقع لنا ببغداد عن جماعة من أصحاب يحيى بن ثابت عن أبيه (78) لكن لم يحضر سماعي منهم في وقت الاملاء. ورواها عنه في كتاب كنز العمال: ج 8 ص 221 ط 1، بالهند (79) وقال في آخرها: اسناده واه ومثله في باب الخطب من كتاب المواعظ من منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل: ج 6 ص 321. أقول: وهن هذا السند بخصوصه غير ضائر بعد اشتهار الكلام بين الخاصة والعامة، وقدم تقدم ان ابن ابي الحديد قال: ورواها كثير من الناس ومر آنفا ان صاحب الكفاية قال: وقد وقع لنا ببغداد، عن جماعة من أصحاب يحيى ابن ثابت عن أبيه. وقال الراوندي - رحمه الله - المتوفي سنة 573 - في كتاب الخرائج: روي ان الصحابة قالوا يوما: ليس من حروف المعجم حرف أكثر دورانا في الكلام من الالف، فنهض أمير المؤمنين عليه السلام وخطب خطبة طويلة على البديهة تشتمل على الثناء على الله تعالى، والصلاة على نبيه محمد وآله، وفيها الوعد والوعيد، ووصف الجنة والنار، والمواعظ والزواجر، والنصيحة للخلق وغير ذلك وليس فيها ألف، وهي معروفة. ورواه عنه في الحديث (36) من الباب (114) من البحار: ج 9 ص 583 وفي ط الحديث: ج 41 ص 304. ورواها أيضا الكفعمي في الباب (49) من كتاب المصاح، ص 330، ورواها عنه وعن مطالب السئول في البحار: ج 17، ص 90 ط الكمباني.
------------------------------
(78) في هذا أيضا دلالة على ان الخطبة كانت مشهورة، وأن جماعة من أصحاب يحيى بن ثابت كانوا يروونها، وأن المؤلف لم يسند النقل إليهم لعدم استحضار أسماء ناقليها لديه حين تأليفه الكتاب (79) ورواها عنه في كتاب فضائل الخمسة: ج 2 ص 256.
[95]
- 19 - ومن خطبة له عليه السلام خالية من النقط قال الحافظ السروي محمد بن علي بن شهر آشوب رحمه الله: وروى الكلبي، عن أبي صالح، وأبو جعفر بن بابويه (ره) (1) باسناده عن [الامام علي بن موسى] الرضا، عن آبائه عليهم السلام: انه اجتمعت الصحابة، فتذاكروا [الحروف، واتفقوا على] أن الالف أكثر دخولا في الكلام، [ويتعذر النطق بدونها] فارتجل [أمير المؤمنين عليه السلام في الحال] الخطبة المونقة التي أولها: حمدت من عظمت منته وسبغت نعمته وسبقت رحمته، وتمت كلمته ونفذت مشيئته وبلغت قضيته.
---------------------------
(1) وهذا السند ضاع - وحرمنا منه - لضياع أكثر كتب الصدوق رحمه الله، إذ له رحمه الله قريبا من أربعماة تأليف وكتب قيمة، ولم يبق لنا الحدثان منها إلا قريبا من عشر مجلدات. وقال علي بن يونس العاملي المتوفي عام (877) في أواخر الفصل (19) من الباب السابع من كتاب الصراط المستقيم: ج 1، ص 222 ط 1: وأسند صاحب النخب إلى الكلبي إلى أبي صالح، أن الصحابة اجتمعت فقالت: الالف أكثر دخولا في الكلام (من بقية الحروف) فارتجل (أمير المؤمنين) عليه السلام خطبته المونقة التي أولها: حمدت من عظمت منته، وسبغت نعمته، وسبقت رحمته غضبه - إلى آخرها -. ثم ارتجل عليه السلام خطبة أخرى خالية من النقط. وبما أن كتاب النخب - تأليف الحسين بن جبر - قيل إنه تلخيص لكتاب الشيخ محمد بن علي بن شهر آشوب، لم نجعله مصدرا مستقلا.
[96]
- إلى آخرها -. ثم ارتجل [عليه السلام] خطبة أخرى من غير النقط (2) التي أولها: الحمد لله أهل الحمد ومأواه، وله أوكد الحمد وأحلاه، وأسرع الحمد وأسراه وأطهر الحمد وأسماه (3) وأكرم الحمد وأولاه. إلى آخرها. [قال:] وقد أوردتهما في [كتاب] المخزون المكنون (4). آخر عنوان: " المسابقة بالعلم " من مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 48 ط قم، ورواها عنه في آخر الباب (93) - وهو باب علمه وان النبي علمه ألف باب - من البحار: ج 9 ص 464 ط الكمباني. ورواها عنه في آخر مقدمة شرح نهج البلاغة المسمى بمنهاج البراعة: ج 1، ص 215 ط 2، ورواها عنه، وعن كتاب الصراط المستقيم في الحديث (432 و 457) من الباب الحادي عشر، من كتاب اثبات الهداة: ج 5 ص 61 و 72.
---
(2) وهذه الخطبة غير الخطبة التي هي أيضا خالية من النقط ونسبها المتأخرون إليه عليه السلام وذكرها في آخر ترجمة نهج البلاغة للمفسر الشهير ملا فتح الله الكاشاني ص 614 وذكرها أيضا بعض من تأخر عنه، ولما لم ينهض لحجيتها وإثبات صدورها مصدر وثيق، ما أدرجناها في كتابنا هذا. (3) أسرى الحمد: أفخره وأعلاه. وأسمى الحمد: أرفعه وأحسنه. (4) إن كتاب المخزون المكنون - كأكثر آثار المتقدمين من علمائنا - مما أباده صروف الزمان، وضن بإراءته وجعله في متناول ذويه وأهليه الدهر الخوان، فمن دلنا على مظان وجوده بحيث يصدقه قرائن الاحوال - فله دورة كاملة من كتابنا هذا. ومن أرشدنا إلى الخطبة بكمالها من مصدر وثيق وكتب بها إلينا، فله خمس دوراة من كتابنا - وماله عند الله فهو أجزل وأتم - ومن دلنا على كتاب المكنون المخزون فله عشرون دورة من كتابنا، ومن كتبه وأهدى نسخته إلينا فله علي مأة دينار.