بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
فهرست فقه
النقد و النسیه
قاعده التصحیح بقدر الامکان و الابطال بقدر الضروره
الاجماع

بیع الدین


بیع کالی به کالی
بیع کالی به کالی در روایات عامه
بیع کالی به کالی در روایات شیعه
الاستیراد
بیع دین به دین
اقسام بیع دین
بیع الدین علی من هو علیه
روایات بیع الدین باقل منه
بیع الدین در فتاوای اهل سنت



بیع کالی به کالی

و قد فسّر بيع الكالي بالكالي المصنّف و الشهيدان و الفاضل المقداد و المحقّق الثاني و غيرهم بما إذا كان العوضان مؤجّلين، و قد نقل الإجماع مستفيضا على فساده. و الظاهر أنّ‌ النهي عنه بهذا اللفظ إنّما هو من طريق العامّة و الّذي في أخبارنا إنّما هو النهي عن بيع الدين بالدين كما ورد في رواية طلحة بن زيد ، و في الصحيح في بيع الدين قال: لا تبعه نسيئا و أمّا نقدا فليبعه بما شاء و يظهر من «التذكرة» في مقام آخر: أنّ‌ بيع الكالي بالكالي هو بيع الدين بالدين سواء كان مؤجّلا أم لا . و ظاهره تحريم الأمرين كليهما. و أقسام بيع الدين ثمانية قد استوفينا الكلام فيها في باب الدين . و في «المهذّب البارع» أنّ‌ الدين الممنوع عن بيعه بمثله ما كان عوضا حال كونه دينا بمقتضى تعلّق الباء به، فلو باعه دينا في ذمّة زيد بدين للمشتري في ذمّة عمرو لم يجز قولا واحدا ، انتهى. و لو باعه الدين بعد حلوله بما هو حاضر مشخّص بنحو الإشارة صحّ‌ بلا خلاف، و كذا إن باعه بمضمون حالّ‌، و لو شرط تأجيل الثمن فجماعة على أنّه حرام و آخرون على أنّه مكروه. حجّة القول بالكراهة ما تقدّمت الإشارة إليه من أنّ‌ الدين الممنوع عن بيعه بمثله ما كان عوضا حال كونه دينا، و المضمون عند العقد ليس بدين و إنّما يصير دينا بعده، فلم يتحقّق بيع الدين بالدين، و لأنّه يلزم مثله في بيعه بحالّ‌ و لم يلتزموه، و الفرق غير واضح. و قد فرّق الأوّلون بأنّه مع اشتراط التأجيل و ذكره يصدق أنّه بيع دين بمثله، أمّا بعد العقد فواضح، و أمّا في أثنائه فلأنّ‌ الشرط كالجزء من العقد، و ترتّب الحكم من الصحّة و الفساد إنّما يتوقّف على تمامه، و إطلاق اسم الدين عليه في أثناء العقد و بعده حقيقي بخلاف الحالّ‌ فإنّه إن صحّ‌ إطلاقه عليه في صورة الإمهال فهو مجاز بنصّ‌ أهل اللغة و الفقهاء كما ستسمعه في باب الدين ، على أنّه له المطالبة و الأخذ [المطلب الأوّل: في النقد و النسيئة] (المطلب الأوّل) في النقد و النسيئة: إطلاق العقد و اشتراط التعجيل يقتضيان تعجيل الثمن، (1) متى شاء فلا اشتراك. و الغرض من ذكر هذه الأحكام بيان محلّ‌ الإجماع على المنع من بيع الدين بالدين، و تمام الكلام في محلّه و هو باب الدين.



بيع کالی به کالی در روایات عامه

«الجامع لعلوم الإمام أحمد - علل الحديث» (15/ 13):
«‌‌466 - ما جاء في ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ
حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ (4).
قال الإمام أحمد: وليس في هذا حديث صحيح، وإنما إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين (

«شرح معاني الآثار» (4/ 21):
5554 - حدثنا أبو بكرة، وابن مرزوق، قالا: ثنا أبو عاصم، قال أبو بكرة في حديثه: أخبرنا موسى بن عبيدة، وقال ابن مرزوق في حديثه عن موسى بن عبيدة الزيدي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ يعني: الدين بالدين. فنسخ ذلك ما كان تقدم منه ، مما روي عنه في المصراة ، مما حكمه حكم الدين. ويقال للذي ذهب إلى العمل بما روي في المصراة ، مما قد ذكرناه في أول هذا الباب قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «الخراج بالضمان» وعملت بذلك العلماء

«الكامل في ضعفاء الرجال» (8/ 47):
«حدثنا القاسم بن مهدي، حدثنا أبو مصعب عن عبد العزيز الدراوردي عن موسى بن عبيدة عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ‌بيع ‌الكالي ‌بالكالي، قال: قال موسى قال نافع وذلك بيع الدين بالدين وهذا معروف بموسى عن نافع»

«شرح مختصر الطحاوي للجصاص» (3/ 94):
«مسألة: [بيع الحمل دون أمه]
قال أبو جعفر: (ولا يجوز بيع الحمل دون أمه).
وذلك لما حدثنا دعلج بن أحمد قال: حدقنا عبد الله بن شيرويه قال: حدثنا إسحاق بن راهويه قال: حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المجر- يعني ما في الأرحام- وعن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ"»

«سنن الدارقطني» (4/ 40):
3060 - ثنا علي بن محمد المصري ، نا سليمان بن شعيب الكيساني ، ثنا الخصيب بن ناصح ، نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ»

«المستدرك على الصحيحين للحاكم - ط العلمية» (2/ 65):
2342 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا الخصيب بن ناصح، ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ» هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه " وقيل عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن دينار
‌‌[التعليق - من تلخيص الذهبي]2342 - على شرط مسلم

«الإقناع للماوردي» (ص99):
«عَن بيع حَبل الحبلة وَنهى عَن بيع العربون وَنهى عَن بيع الكالىء بالكالىء وَنهى عَن بيع المحاقلة والمزابنة إِلَّا فِي الْعَرَايَا وَنهى عَن بيع الْمُضْطَر وَنهى عَن بيع النش وَنهى عَن أَن يَبِيع الرجل على بيع أَخِيه وَأَن يسوم على سوم أَخِيه وَنهى أَن يَبِيع حَاضر لباد وَنهى عَن تلقي الركْبَان وَنهى عَن بيعَتَيْنِ فِي بَيْعه وَنهى عَن بيع وَشرط وَنهى عَن بيع الثنيا وَنهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى تزهو»

«السنن الصغير للبيهقي» (2/ 247):
1881 - وحديث الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة» يقال: هو في معنى المرسل، لأن الحسن أخذه من كتاب لا عن سماع، ثم هو محمول على بيع أحدهما بالآخر نسيئة من الجانبين، فيكون دينا بدين

«السنن الصغير للبيهقي» (2/ 247):
1882 - وهو كحديث موسى بن عبيدة الربذي، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى عن بيع الكالئ بالكالئ» والله أعلم

وفي حديث:
9057 - (خ م) (1) ابن المنهال، عن ابن عباس: "قدم رسول الله وهم يسلفون في التمر السنتين والثلاث فقال: من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم". وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ". وعن ابن عباس "أنه كان لا يرى بالسلف بأسًا، الورق في شيء الورق نقدًا".
ولا يجوز حتى يكون بصفة معلومة لا تتعلق بعين

«جامع المسانيد والسنن» (5/ 652):
‌‌1238- (عبيد الجهنى: وكانت له صحبة)
يكنى أبا عاصم (3)
7189 - قال أبو نعيم: حدثنا الطلحى، حدثنا حسين بن نصر، حدثنا محمد ابن يونس الشامى، حدثنا إسماعيل بن نصر الهدادى، / حدثنا عاصم بن عبيد الجهنى، عن أبيه ـ وكانت له صحبة ـ. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتانى جبرل، فقال: إن فى أمتك ثلاثة أعمال لم تعمل بها الأمم قبلها: النباشون (4) ، والمتسنمون (5) ، والنساء (6) بالنساء» (7) .
‌‌_________
(1) له ترجمة فى أسد الغابة: 3/550؛ والإصابة: 2/449.
(2) أخرجه ابن منده وأبو نعيم. المرجعان السابقان. وله شاهد من حديث على عند البيهقى فى شعب الإيمان، وابن أبى شيبة عن رجل من الصحابة. جمع الجوامع: 1/621، 623.
(3) له ترجمة فى أسد الغابة: 3/535؛ والإصابة: 2/448.
(4) النباشون: الذين يستخرجون الموتى بعد دفنهم. اللسان: 6/4324.
(5) المتسنمون: الذين يرفعون القبور عن الأرض. اللسان: 3/2120.
(6) النساء: التأخير وهو ‌بيع ‌الكالى ‌بالكالى. جمع الجوامع.
(7) أخرجه ابن منده وأبو نعيم كما فى مصدرى ترجمته، وأخرجه الديلمى عن عبيد الجهنى. كما فى جمع الجوامع: 1/102

«بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري» (ص249):
849 - وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-; - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ، يعني: الدين بالدين. رواه إسحاق، والبزار بإسناد ضعيف (1)
‌‌_________
(1) - ضعيف. وهو في «كشف الأستار» (1280)، ورواه الدارقطني، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، وضعفه جمع غفير من أهل العلم، وذلك لتفرد موسى بن عبيدة الزبيدي، به. قال الحافظ في «التلخيص» (3/ 26): «قال أحمد بن حنبل: لا تحل عندي عنه الرواية، ولا أعرف هذا الحديث عن غيره، وقال أيضا: ليس في هذا صحيح يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين»

«جامع الأحاديث» (36/ 488 بترقيم الشاملة آليا):
«39870- نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ وهو بيع الدين بالدين وعن بيع الغرر وهو بيع ما فى بطون الإبل وعن الشغار (عبد الرازق) [كنز العمال 10025]
أخرجه عبد الرزاق (8/90، رقم 14440)»

«الجامع الصغير وزيادته» (ص14222 بترقيم الشاملة آليا):
«‌‌14222 - نهى عن ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ
(ك هق) عن ابن عمر.

‌‌[حكم الألباني]
(ضعيف) انظر حديث رقم: 6061 في ضعيف الجامع»

«فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار» (3/ 1167):
3579 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ‌بيع ‌الكالي ‌بالكالي» رواه الدارقطني (3) ، وصححه الحاكم على شرط مسلم وضعفه غيره وقال أحمد: ليس في هذا الباب حديث صحيح إنما أجمع على أنه لا يجوز بيع دين بدين

«الموسوعة الفقهية الكويتية» (9/ 175):
«ز -‌‌ ‌بيع ‌الكالئ ‌بالكالئ:
53 - الكالئ مأخوذ من: كلأ الدين يكلأ، مهموز بفتحتين، كلوءا: إذا تأخر، فهو كالئ»

«الموسوعة الفقهية الكويتية» (9/ 176):
«بالهمز، ويجوز تخفيفه، فيصير مثل القاضي.
وكان الأصمعي لا يهمزه. قال: هو مثل القاضي، ولا يجوز همزه.
وبيع الكالئ بالكالئ هو: بيع النسيئة بالنسيئة.
قال أبو عبيد: صورته: أن يسلم الرجل الدراهم في طعام إلى أجل، فإذا حل الأجل يقول الذي عليه الطعام: ليس عندي طعام ولكن بعني إياه إلى أجل. فهذه نسيئة انقلبت إلى نسيئة. فلو قبض الطعام، ثم باعه منه أو من غيره، لم يكن كالئا بكالئ (1) .
ولا يخرج المعنى الشرعي عن المعنى اللغوي، إذ هو بيع الدين بالدين (2) .
وقد ورد النهي عنه في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، وقال: هو النسيئة بالنسيئة (3) .
وفسر أيضا ببيع الدين، كما ورد التصريح به في رواية.
‌‌_________
(1) المصباح المنير ومختار الصحاح مادة: " كلأ "
(2) انظر على سبيل المثال كفاية الطالب 2 / 166، وشرح المحلي على المنهاج 2 / 215، والشرح الكبير في ذيل المغني 4 / 165
(3) حديث: " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ " أخرجه البيهقي (5 / 290 ط دار المعارف العثمانية) وضعفه ابن حجر في بلوغ المرام (ص 193 ط عبد المجيد حنفي)»

بیع کالی به کالی در روایات شیعه

70- و عنه ص أنه نهى عن الكالئ بالكالئ «5».
و هو بيع الدين بالدين و ذلك مثل أن يسلم الرجل في الطعام إلى وقت معلوم فإذا حضر الوقت فلم يجد الذي عليه الطعام طعاما فيشتريه من الذي هو له عليه بدين إلى أجل آخر فهذا دين انقلب إلى دين آخر و منه أن يسلم الرجل في الطعام و لا يدفع الثمن و يبقى دينا عليه فذلك دين بدين و لهذا نظائر كثيرة منها الرجل يكون له الدين على الرجل الصانع فيدفع إليه‏
__________________________________________________
(1). س- الهزى، ه، الهرى، حش ه، ذ، ى الهرى، غ، و أصله الهرى واحد الأهراء مثل طي‏ء و أطياء و هو بيت ضخم واسع يجمع فيه طعام السلطان، من مختصر الآثار.
(2). ط- هو في استيجار الغلام.
(3). ه- بكذى و كذى.
(4). س. د، ه، ط- كلا.
(5). حش ه، ى- الكالئ بالكالئ، يقال تكلأت كلاء إذا استنسأت شيئا ه.
دعائم الإسلام، ج‏2، ص: 34
به عملا و كالرجل يكتري من الرجل ظهرا فيحيله بالكراء على رجل آخر له عليه دين و مثل هذا كثير «1»

بيع الدین بالدین

الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏5، ص: 100
باب بيع الدين بالدين‏
1- محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن طلحة بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لا يباع الدين بالدين.
2- أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر ع عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشتراه منه [بعرض‏] ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له أعطني ما لفلان عليك فإني قد اشتريته منه كيف يكون القضاء في ذلك فقال أبو جعفر ع يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه به من الرجل الذي له الدين.
3- محمد بن يحيى و غيره عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا ع رجل اشترى دينا على رجل ثم ذهب إلى صاحب الدين فقال له ادفع إلي ما لفلان عليك فقد اشتريته منه قال يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين و برئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه «1».

الوافي، ج‏18، ص: 729

18186- 4 التهذيب، 7/ 43/ 69/ 1 الحسين عن صفوان عن الفقيه، 3/ 260/ 3937 منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله ع رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب يتقاضاه فقال المطلوب أبيعك هذه الغنم بدراهمك التي لك عندي فرضي قال لا بأس بذلك.

[5]
18187- 5 التهذيب، 7/ 48/ 7/ 1 بهذا الإسناد عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يكون له على الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غير ذلك فأتى المطلوب الطالب ليبتاع منه شيئا قال لا يبعه نسيئا فأما نقدا فليبعه بما شاء.
بيان‏
شيئا أي من ذلك المتاع الذي عليه و لا يبعد أن يكون تصحيف نسيا و إنما منعه من النسيئة لأنه بيع الدين بالدين‏
الوافي، ج‏18، ص: 730
[6]
18188- 6 التهذيب، 7/ 43/ 74/ 1 أحمد عن محمد بن عيسى قال حدثني إسماعيل بن عمر أنه كان له على رجل دراهم فعرض عليه الرجل أنه يبيعه بها طعاما «1» إلى أجل فأمر إسماعيل من سأله فقال لا بأس بذلك قال ثم عاد إليه إسماعيل فسأله عن ذلك و قال إني كنت أمرت فلانا فسألك عنها فقلت لا بأس فقال ما يقول فيها من عندكم قلت يقولون فاسد قال لا تفعله فإني أوهمت.
بيان‏
الظاهر من سياق الحديث أنه ع أفتى أولا بالحق ثم لما اطلع على رأي المخالفين اتقى فقال لا تفعل ثم ورى بقوله إني أوهمت عنى به ظننت أنهم يجوزونه و ذلك لأنه ع معصوم من أن أوهم في الفتوى و على هذا ينبغي أن يحمل السؤال على أنه قد حلت عليه الدراهم لئلا يكون بيع الدين بالدين‏
__________________________________________________
(1). قوله «أنه يبيعه بها طعاما» ضمير انه يرجع إلى إسماعيل و هو الدائن، و الضمير المنصوب في يبيعه راجع إلى ذلك الرجل المديون، أي التمس المديون من إسماعيل أن يبيع إسماعيل طعاما بثمن إلى أجل فيثبت في ذمة ذلك الرجل دراهم مؤجلا ثم يبيع ذلك الرجل ذلك الطعام الذي اشتراه من إسماعيل ثانيا بتلك الدراهم التي كانت عليه و حل أجلها، و يمكن أن يعكس الضميران فيكون ضمير أنه لذلك الرجل و ضمير يبيعه لإسماعيل، يعني يلتمس المديون من إسماعيل أن يبيع ذلك الرجل طعاما له بثمن إلى أجل بعد أن اشترى ذلك الطعام بعينه من إسماعيل بما كانت عليه من الدراهم، فيكون مفاد الحديث جواز العينة التي كانت معهودة في ذلك العصر للتخلص من الربا، و على كل حال فسكت الراوي في العبارة عن شي‏ء من المقصود اعتمادا على وضوح الأمر. «ش»

وسائل الشيعة، ج‏18، ص: 298
«1» 8- باب حكم جعل ما في الذمة ثمنا في السلف‏
23708- 1- «2» محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن عيسى عن إسماعيل بن عمر أنه كان له على رجل دراهم فعرض عليه الرجل أن يبيعه بها طعاما إلى أجل فأمر إسماعيل يسأله فقال لا بأس بذلك فعاد إليه إسماعيل فسأله عن ذلك و قال إني كنت أمرت فلانا فسألك عنها فقلت لا بأس فقال ما يقول فيها من عندكم قلت يقولون فاسد فقال لا تفعله فإني أوهمت.
أقول: النهي عن ذلك هنا و الاعتذار بالوهم وجهه التقية.
23709- 2- «3» و بإسناده عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن طلحة بن زيد «4» عن أبي عبد الله ع قال: قال رسول الله ص لا يباع الدين بالدين.
و رواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب «5»
أقول: هذا يحتمل النسخ و يحتمل الكراهة و يحتمل اتحاد الجنس و يحتمل إرادة بيع دين في ذمة زيد بدين في ذمة عمرو و غير ذلك.

[الحديث 1]
1 محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن إبراهيم بن مهزم عن طلحة بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لا يباع الدين بالدين‏

__________________________________________________
الحديث الثاني: صحيح.
باب الرجل يأخذ الدين و هو لا ينوي قضاءه الحديث الأول: مجهول.
الحديث الثاني: ضعيف.
باب بيع الدين بالدين الحديث الأول: ضعيف كالموثق.
قوله عليه السلام:" لا يباع الدين" المشهور بين الأصحاب جواز بيع الدين بعد حلوله على الذي عليه و على غيره، و منع ابن إدريس من بيعه على غير الغريم، و هو
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏19، ص: 53
[الحديث 2]
2 أحمد بن محمد عن الحسن بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر ع عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشتراه منه [بعرض‏] ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له أعطني ما لفلان عليك فإني قد اشتريته منه كيف يكون القضاء في ذلك فقال أبو جعفر ع يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه به من الرجل الذي له الدين.

[الحديث 3]
3 محمد بن يحيى و غيره عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا ع رجل اشترى دينا على رجل ثم ذهب إلى صاحب الدين فقال له ادفع إلي ما لفلان عليك فقد اشتريته منه قال يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين و برئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه‏

__________________________________________________
ضعيف، و جوز في التذكرة بيعه قبل الحلول أيضا، ثم إنه لا خلاف مع الجواز أنه يجوز بيعه بالعين، و كذا بالمضمون الحال، و إن اشترط تأجيله قيل: يبطل، لأنه بيع دين بدين، و قيل: يكره و هو أشهر.
الحديث الثاني: مجهول.
الحديث الثالث: مجهول.
و قال الشهيد الثاني- رحمه الله-، بعد إيراد هذا الخبر و الذي قبله: عمل بمضمونها الشيخ و ابن البراج، و المستند ضعيف مخالف للأصول، و ربما حملنا على الضمان مجازا أو على فساد البيع، فيكون دفع ذلك الأقل مأذونا فيه من البائع في مقابلة ما دفع، و يبقى الباقي لمالكه، و الأقوى أنه مع صحة البيع يلزمه دفع الجميع.

اقسام بیع دین

موسوعه الفقه الاسلامی، ج 23، ص 205

بيع الكالئ بالكالئ أوّلاً - التعريف: لغةً‌: البيع: مبادلة مال بمال، و قد تقدّم. و الكالئ لغةً‌: من كلأ الدين يكلأ - مهموز بفتحتين - كلوءً‌، فهو كالئ إذا تأخّر . قال الفراهيدي: «و قد تكلَّأتُ‌ تكْلِئةً‌، إذا استنسأت نسيئة، و النسيئةُ‌: التأخير، و نُهي عنالكالئ بالكالئ، أي النسيئة بالنسيئة» . و قال الزمخشري: «هو أن يكون لك على رجلٍ‌ دين، فإذا حلّ‌ أجله استباعك ما عليه إلى أجل» . هذا، و قال الفيروزآبادي: «الكأل - كالمنع -: أن تشتري أو تبيع ديناً لك على رجل بدينٍ‌ له على آخر» . و ظاهره أنّه يصحّ‌ أن يقال: بيع الكائل بالكائل، و على هذا يمكن أن يكونا لغتين، و يمكن أن يكون أحدهما من باب القلب المكاني . و يأتي الكلاء أيضا بمعنى الحفظ و الحراسة، يقال: «كلأه اللّه كِلاءةً‌ بالكسر، أي حفظه و حرسه... و يقال: اكتلأت عيني، إذا لم تنم و سهِرت و حذِرت أمرا» . و من هنا قال الشهيد الثاني: «بيع الكالئ بالكالئ - بالهمز -: اسم فاعل أو مفعول من المراقبة؛ لمراقبة كلّ‌ واحد من الغريمين صاحبه لأجل دينه» . اصطلاحاً: استعمل الفقهاء بيع الكالئ بالكالئ بنفس معناه اللغوي، إلاّ أنّهم اختلفوا في موضعين: الأوّل: فسّر مشهور الفقهاء بيع الكالئ بالكالئ بما إذا كان العوضان مؤجّلين و كانا كلّيين في الذمّة، و هذا هو المفهوم من كلام أكثر أهل اللغة، و قد صرّح به الفيروزآبادي. و نسب إلى ظاهر بعض الفقهاء أنّه فسّره ببيع الدين بالدين، سواءً‌ كان مؤجّلاً أم لا، كما هو المفهوم من المصباح المنير ، و بناءً‌ على هذا التفسير يكون بيع الدين بالدين أعم من بيع الكالئ بالكالئ. الموضع الثاني: المشهور صحّة إطلاق الدين على ما يقع تأجيله في العقد ، فيصدق عليه بيع الدين بالدين، و ذهب بعض الفقهاء إلى اختصاصه بما كان مؤجّلاً قبل العقد . (انظر: دين)

ثانياً - الحكم الإجمالي: لا خلاف و لا إشكال عند فقهائنا و عند الجمهور في بطلان بيع الكالئ بالكالئ، بل الإجماع بقسميه عليه . و قد استدلّ‌ له الجمهور بما رووه عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنّه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ . و هو القدر المتيقّن من النهي عن بيع الدين بالدين الوارد من طرقنا، فقد روى طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم: لا يباع الدين بالدين» . و قد نوقش في سندها ، و صحّحه بعضهم . (انظر: بيع الدين)

ثالثاً - صور بيع الدين و أحكامها: ذكر الفقهاء لبيع الدين صوراً عديدة ، بلغ بها بعضهم ستّ‌ و أربعين صورة، و لعلّ‌ الأكثر تداولاً منها ما يلي: الاُولى - بيع دين سابق على العقد بدين سابق كذلك: لا يجوز بيع الدين السابق على العقد بدين سابق كذلك؛ و ذلك أن يكون المبيع و الثمن كلاهما ديناً في الذمّة قبل بيع أحدهما بالآخر، سواء كانا مؤجّلين أم حالّين أم مختلفين . و هذا القسم هو القدر المتيقّن من بيع الدين بالدين المنهي عنه و الذي لا خلاف في بطلانه عند فقهائنا و عند الجمهور ، بل الإجماع على فساده . و يسمى أيضا (بيع الكالئ بالكالئ) و هذه التسمية مأخوذة ممّا رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنّه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ . و مثاله: ما إذا كان لزيد منّ‌ من الحنطة في ذمّة عمرو، و يكون لعمرو منّ‌ من الأرزّ في ذمّة زيد، فيبيع زيد منّ‌ الحنطة الذي يستحقّه في ذمّة عمرو على عمرو نفسه، و يكون ثمن المبيع هو منّ‌ الأرزّ الذي يستحقّه عمرو في ذمّة زيد. و كما إذا كان لزيد وزنة من الحنطة في ذمّة خالد، و لعمرو وزنة من الأرزّ في ذمّة خالد أيضا، فيبيع زيد على عمرو وزنة الحنطة التي يستحقّها في ذمّة خالد بوزنة الأرزّ التي يملكها عمرو في ذمّة خالد نفسه، و كما إذا كان لزيد وزنة من الحنطة في ذمّة خالد، و لعمرو وزنة من الأرزّ في ذمّة بكر، فيبيع زيد حنطته التي يملكها في ذمّة خالد على عمرو بوزنة الأرزّ التي يملكها عمرو في ذمّة بكر . و استدلّ‌ على فساد هذا القسم من بيع الدين برواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم: لا يباع الدين بالدين» . و نوقش فيها بضعف السند بطلحة بن زيد البتري ، إلاّ أنّ‌ الظاهر عدم تمامية هذه المناقشة؛ ذلك لأنّه و إن كان عامياً بترياً و لم يرد فيه توثيق، إلاّ أنّ‌ الشيخ ذكر أنّ‌ له كتاباً يعتمد عليه، و هو توثيق منه له ، مضافاً إلى رواية صفوان بن يحيى عنه، فإنّها تدلّ‌ على وثاقته؛ لشهادة الشيخ الطوسي بأنّه أحد الذين لا يروون إلاّ عن ثقة بناءً‌ على هذا المبنى في علم الرجال.

الصورة الثانية - أن يكون الثمن و المثمن دينين مؤجّلين بنفس العقد، لا قبله: و مثاله: أن يبيع زيد على عمرو وزنة من الحنطة يدفعها له بعد شهر - مثلاً - بعشرة دنانير، يدفعها له عمرو بعد مضي عشرين يوماً . و للفقهاء فيها قولان: الأوّل: بطلان هذه الصورة، و هو مختار الأكثر على ما في المسالك ، أو الأشهر على ما في الرياض ، أو المشهور على ما في الحدائق ، و احتاط فيها بعضهم . و استدلّ‌ له أوّلاً: بأنّه من بيع الدين بالدين المنهي عنه . و نوقش فيه بأنّه ليس من بيع الدين بالدين؛ و ذلك لأنّ‌ إطلاق اسم الدين عليه إن كان قبل العقد و حالته فمنعه ظاهر؛ لأنّه لا يعدّ ديناً حتى يثبت في الذمّة، و لا يثبت إلاّ بعد العقد. و إن كان بعد العقد فهو و إن اطلق عليه اسم الدين إلاّ أنّه لا يكفي في صدق بيع الدين بالدين؛ لاقتضاء الباء كون الدين بنفسه عوضاً، و المضمون الذي لم يكن ثابتاً في الذمّة لا يعدّ جعله عوضاً بيع دينٍ‌ بدين . و أجيبت هذه المناقشة بأنّ‌ المراد من بيع الدين بالدين المنهي عنه هو المقابل للعين و للحال؛ أي لا تبع الدين بهذا الصنف من البيع، فتكون ألف و لام التعريف إشارة إلى هذا القسم من البيع المعهود في الذهن، فحينئذٍ يكون أظهر الفردين المؤجّل في العقد لا العكس. و يعضد ذلك أنّ‌ المضمون بالعقد إنّما يصير ديناً مقارناً لإيقاع العقد، و إلّا يلزم جعل العوض ما ليس عيناً و لا ديناً، و الباء لا تقتضي أزيد من كون العوض حين جعله عوضاً ديناً، و لا يلزم في هذا الإطلاق كونه ديناً سابقاً . و ثانياً: بصحيحة منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غير ذلك، فأتى المطلوب الطالب ليبتاع منه شيئاً، قال: «لا يبيعه نسياً، فأمّا نقداً فليبعه بما شاء» . فإنّ‌ بيع شيء مؤجّلاً لا مانع منه، لا من طرف المبيع، و لا من قبل الثمن، فلا يبعد أن يكون المراد من الرواية النهي من التأجيل من ناحية المبيع و الثمن كليهما، لكن لا يبعد أن يكون المستفاد من الرواية التأجيل من ناحية الثمن ، فتكون ناظرة إلى الصورة. و ناقش فيها المحقّق النجفي بأنّها ظاهرة في عكس المسألة، و التمسّك بالفحوى فرع ثبوت الحكم في الأصل، و هو ممنوع . هذا، مضافاً إلى أنّ‌ الصحيحة - على تقدير دلالتها على ما نحن فيه - معارضة برواية إسماعيل بن عمر، و هي أنّه كان له على رجل دراهم فعرض عليه الرجل أن يبيعه بها طعاماً إلى أجل، فأمر إسماعيل يسأله، فقال: «لا بأس بذلك»، فعاد إليه إسماعيل فسأله عن ذلك، و قال: إنّي كنت أمرت فلاناً فسألك عنها، فقلت: «لا بأس»، فقال: «ما يقول فيها من عندكم‌؟» قلت: يقولون: فاسد، فقال: «لا تفعله، فإنّي أوهمت» . و معلوم أنّ‌ النهي الوارد في ذيل الرواية، و الاعتذار بالوهم، وجهه التقية . القول الثاني: صحّة هذه الصورة، ذهب إليه بعض الفقهاء . نعم، حكم بعضهم بكراهة ذلك ؛ خروجاً من خلاف القائلين بالبطلان، و النهي الوارد في صحيحة منصور بن حازم المتقدّمة . و استدلّ‌ للصحّة بعمومات أدلّة البيع التي يجب الاقتصار في الخروج عنها على القدر المتيقّن؛ و هو ما كان الثمن و المثمن ديناً قبل العقد . و قد يستدلّ‌ أيضا برواية عبد اللّه بن الحسن عن جدّه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن السلم في الدين، قال: «إذا قال: اشتريت منك كذا و كذا بكذا و كذا، فلا بأس» . بناءً‌ على أنّ‌ المراد بكذا و كذا ممّا له في ذمّته، لا أنّ‌ المراد الكلّي، ثمّ‌ يحاسبه بعد ذلك على ما في ذمّته . و نوقش فيه - مضافاً إلى ضعف السند - بأنّه ظاهر في كون الثمن كلّياً في الذمّة، لا عين ما في الذمّة .

الصورة الثالثة - بيع الدين المؤجّل بعد حلوله بحاضرٍ مشار إليه: لا خلاف و لا إشكال في جواز بيع الدين بعد حلول الأجل بثمن حاضرٍ مشار إليه على المدين أو على غيره، سواءً‌ كان الثمن أقلّ‌ من المبيع أم مساوياً له في المقدار أم أكثر منه، و بلا فرق في ذلك بين أن يكون الدين مؤجّلاً ثمّ‌ حلّ‌ أو يكون غير مؤجل . بل قام الإجماع على ذلك كلّه ، إلاّ ابن إدريس فإنّه منع من بيع الدين على غير من هو عليه، و علّله بخروجه عن البيوع الجائزة . و نوقش فيه بأنّ‌ تقسيمه غير حاصر، فهنالك بيوع جائزة لم يشملها تقسيمه، و أنّ‌ إطلاق أدلّة البيع و عمومها و الإجماع على خلافه .

الصورة الرابعة - بيع الدين المؤجّل الذي لم يحلّ‌ بحاضر مشخّص مشار إليه: و هذه الصورة هي من قبيل ما إذا كان لعمرو في ذمّة زيد مقدار من الحنطة ديناً، يعادل مائة دينار، و لم يحلّ‌ أجله، فباعه من زيد نفسه أو من غيره بتسعين دينار حاضرة شخصية مشار إليها. و للفقهاء فيها قولان: الأوّل: الصحّة، ذهب إليه كثير منهم ؛ لعمومات صحّة البيع، و عدم ما يقتضي الفساد . الثاني: البطلان، و اختاره جماعة ، بل ادّعي عليه الشهرة . و استدلّ‌ له: أوّلاً: بعدم إمكان قبض المبيع الذي هو شرط في صحّة البيع. و يرد عليه: أنّ‌ الشرط ليس إمكان القبض حين العقد، بل إمكانه حين الاستحقاق، أي استحقاق المطالبة . و ثانياً: بعدم ملكية البائع للدين قبل الأجل في نحو القرض المؤجّل و مهر الزوجة و نحوهما من أفراد الدين، فلا يصحّ‌ البيع. و يرد عليه: أنّ‌ الدين قبل الأجل في الموارد المشار إليها يكون ملكاً للبائع، غاية الأمر لا يستحقّ‌ المطالبة، و للمدين التأخير. و ثالثاً: بالإجماع؛ فإنّه قام على البطلان في هذه الصورة. و يرد عليه: أنّ‌ الإجماع المدّعى إنّما هو في السلم خاصة. و دعوى عدم الفرق واضحة البطلان .

الصورة الخامسة - بيع الدين الحال بدين مؤجّل قد حلّ‌: و في هذه الصورة قولان: الأوّل: البطلان و احتاط فيه بعض الفقهاء ، و يستفاد ذلك من إطلاق كلامهم في المنع عن (بيع الدين بالدين). و استدلّ‌ له بأنّ‌ الدين المؤجّل إذا حلّ‌ لا يجوز بيعه بدين مؤجّل قد حلّ‌؛ لصدق اسم الدين عليه؛ لتضمّنه الأجل في الزمان السابق على العقد، فيلزم حينئذٍ بيع الدين بالدين؛ إذ لا يبعد من اعتبار الأجل فيه اعتباره حين ثبوته، فيكون الدين ما ضرب له أجل في أوّل الأمر، فلا ينافيه خلوّه عنه في ثاني الحال؛ و لذا تراهم يطلقون عليه بعد حلول أجله اسم الدين إطلاقاً حقيقياً لا يصحّ‌ السلب عنه . الثاني: الجواز، و هو ما أفتى به بعض الفقهاء . و استدلّ‌ له بلزوم الاقتصار في المنع عن بيع الدين بالدين المخالف لعمومات الصحّة في البيع على محلّ‌ الوفاق، و ما نحن فيه ليس منه؛ و ذلك للشكّ‌ في صدق الدين عليه. و أمّا خبر طلحة بن زيد المتقدّم فهو و إن كان عامّاً إلاّ أنّه ضعيف سنداً . و نوقش فيه بأنّه لا شكّ‌ في صدق اسم الدين على هذا القسم؛ لما بيّن في دليل القول الأوّل . و أمّا الخبر فهو موثّق؛ لوثاقة طلحة بن زيد، فيتمسّك بعمومه لما نحن فيه .

الصورة السادسة - بيع دين مؤجّل حالّ‌ لمضمون في الذمّة حالّ‌: لا شكّ‌ و لا خلاف في صحّة بيع الدين بالكلّي المضمون في الذمّة . قال الشهيد الثاني: «لا إشكال في جواز بيعه [أي الدين] بالمضمون الحالّ‌» . و مثاله: ما إذا باع زيد الدين الحالّ‌ على عمرو بدينار كلّي لم يكن مستقرّاً في ذمّته قبل البيع. و استدلّ‌ له بعدم صدق الدين على الكلّي المضمون بالعقد، لا لغةً‌ و لا عرفاً؛ ضرورة عدم كون المراد منه التأخير، بل غاية المراد منه الكلّي الصادق على أفراد متعدّدة ، و إن تأمّل المحقّق الأردبيلي في عدم صدق الدين عليه عرفاً . نعم، قيمة المغصوب و نحوها دين، فيشملها النهي عن بيع الدين بالدين .

الصورة السابعة - بيع الدين المؤجّل الذي حلّ‌ بثمن مؤجّل: من الصور التي نصّ‌ بعض الفقهاء على حكمها هي بيع الدين المؤجّل الذي حلّ‌ بثمن مؤجّل، من قبيل ما إذا كان لزيد في ذمّة عمرو وزنة من الحنطة - مثلاً - إلى أجل معيّن، و قد حلّ‌ الأجل، فيبيع زيد على عمرو هذه الوزنة - التي يملكها في ذمّته - بعشرة دنانير - مثلاً - تبقى في ذمّة عمرو إلى مدّة شهر . و للفقهاء فيها قولان: الأوّل: الجواز، اختاره جمع من الفقهاء ، و صرّح بعضهم بالكراهة ، و احتاط آخرون . و استدلّ‌ له بنفس دليل القول بالجواز في الصورة الثانية و الخامسة . القول الثاني: البطلان، ذهب إليه جماعة . و استدلّ‌ له بنفس ما استدلّ‌ به للبطلان في الصورة الثانية و الخامسة. و يمكن أن يستدلّ‌ له أيضا برواية منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غير ذلك، فأتى المطلوب الطالب ليبتاع منه شيئاً، قال: «لا يبيعه نسياً، فأمّا نقداً فليبعه بما شاء» ، فإنّه لا يبعد أن يكون المراد من الرواية النهي عن التأجيل من ناحية الثمن .


مسالک، ج 2، ص 432-434

العاشرة: يجوز بيع الدّين بعد حلوله على الذي هو عليه و على غيره. فإن باعه بما هو حاضر صحّ‌. و إن باعه بمضمون حالّ‌ صحّ‌ أيضا. و إن اشترط تأجيله قيل: يبطل، لأنّه بيع دين بدين، و قيل: يكره، و هو الأشبه. (1)

قوله: «فإن باعه بما هو حاضر صح - إلى قوله - و هو الأشبه». (1) أراد بالحاضر المشخّص، سواء كان حاضرا حين العقد أم لا، و بالمضمون ما في الذّمة. و لا إشكال في جواز بيعه بالمضمون الحالّ‌، إذ لا يصدق عليه بيع الدّين بالدّين، و لا بيع الكالي بالكالي، لأنّ‌ المراد به - على ما فسّره به أهل اللغة - بيع المضمون المؤجّل بمثله. و أمّا بيعه بمؤجّل فقد ذهب جماعة إلى المنع منه، اعتمادا على أنّ‌ المؤجّل يقع عليه اسم الدّين. و فيه: أنّهم إن أرادوا إطلاق اسم الدّين عليه قبل العقد و حالته فظاهر منعه، لأنّه لا يعدّ دينا حتى يثبت في الذمّة، و لا يثبت إلاّ بعد العقد، فلم يتحقّق بيع الدّين بالدّين. و إن أرادوا أنّه دين بعد ذلك لزم مثله في المضمون الحالّ‌، و لا يقولون ببطلانه. و أمّا دعوى إطلاق اسم الدّين على المؤجّل قبل ثبوته في الذمّة دون الحال، فهو تحكّم.

و الحقّ‌ أنّ‌ اسم بيع الدّين بالدّين لا يتحقّق إلاّ إذا كان العوضان معا دينا قبل المعاوضة، كما لو باعه الدّين الذي في ذمّته بدين آخر له في ذمته، و في ذمّة ثالث، أو تبايعا دينا في ذمّة غريم لأحدهما بدين في ذمّة آخر غريم للآخر، و نحو ذلك، لاقتضاء الباء كون الدّين نفسه عوضا. و المضمون الذي لم يكن ثابتا في الذمّة قبل ذلك لا يعدّ جعله عوضا بيع دين بدين. و أمّا ما يقال: اشترى فلان كذا بالدين، مريدين به أنّ‌ الثمن في ذمّته لم يدفعه، فهو مجاز يريدون به أنّ‌ الثمن بقي في ذمته دينا بعد البيع. و لو لا ذلك لزم مثله في الحالّ‌، لإطلاقهم فيه ذلك. نعم الدّين المبيع يطلق عليه اسم الدّين قبل حلوله و بعده، فلا بدّ في المنع من دين آخر يقابله. فظهر أنّ‌ ما اختاره المصنّف من جواز ذلك على كراهية أوضح، و إنّما كره خروجا من خلاف من منع منه.

بیع الدین علی من هو علیه

موسوعه ابن ادریس، ج 10، ص 56-57

فعلى هذا التحرير الّذي لا خلاف فيه بيع الدين على غير من هو عليه لا يصح، لأنّ‌ البيوع على ضربين: بيوع الأعيان، و بيوع ما في الذّمم، و بيوع الأعيان على ضربين: بيع عين مرئية مشاهدة، فلا يحتاج إلى وصفها، و بيع عين غير مشاهدة يحتاج إلى وصفها و ذكر جنسها، و هذا البيع يسمّيه الفقهاء بيع خيار الرؤية، و لا بدّ أن يكون ملك جنسها في ملك البائع في حال عقده البيع إلا أنّها غير مشاهدة، فيصفها ليقوم وصفها مقام مشاهدتها، و هي غير مضمونة إن هلكت قبل التسليم على البائع، فبيع الدين بيع عين غير مشاهدة مرئية بغير خلاف، و لا بيع عين معيّنة موصوفة في ملك البائع، فإنّه لا يصحّ‌ له وصفها لأنّا قد قدّمنا أنّ‌ الدين عينه غير معيّن في ملك صاحبه، بل لا يتعيّن إلا بقبضه له، و قلنا انّ‌ من عليه الدين مخيّر من جهات القضاء من سائر أمواله، فلا يتقدّر أن يكون عين شيء له و هي بعينها لمن له عليه الحق، و إن كان على الجملة لصاحب الدين على المدين حق من جنس من أجناس من الأموال، و ليس له عليه عين معينة من الأعيان، و الشيء المبيع بيع خيار الرؤية يحتاج إلى أن يكون ملك جنسه معيّنا في ملك بائعه، و يذكر جنسه و يصفه لأنّه من جملة بيوع الأعيان. فأما الضرب الآخر من البيوع الّذي هو في الذمة هو المسمّى بالسلم - بفتح السين و اللام - و السّلف، فهذا مضمون على بائعه، يحتاج إلى الأوصاف و الآجال المحروسة من الزيادة و النقصان إمّا بالسنين و الأعوام أو بالشهور و الأيام. و من شرط صحته قبض رأس المال الّذي هو الثمن قبل الافتراق من مجلس العقد، و بيع الدين ليس كذلك بغير خلاف. فإن قيل: هذا خلاف إجماع الإمامية، و ذلك أنّ‌ إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحة بيع الدين و إمضائه و عموم أخبارهم على ذلك، و كذلك أقوالهم و تصنيفاتهم و مسطوراتهم و فتاويهم. قلنا: نحن ما دفعنا ذلك أجمع و أبطلناه، بل نحن عاملون بمقتضاه، و مخصّصون لما ناقض الدليل و نفاه، لأنّه لا خلاف بين المحصّلين لأصول الفقه أنّ‌ العموم قد يخصّ‌ بالأدلّة، و قد قلنا انّ‌ بيع الدين على من هو عليه جائز لا خلاف فيه، فقد علمنا بالإجماع و اتّبعنا ظواهر الأقوال و الأخبار و الفتاوي و ما في التصنيفات، و أعطينا الظاهر حقه، و خصّصنا ما عدا بيع من عليه الدين بالأدلّة المجمع عليها، المقرّرة المحرّرة عند أصحابنا المقدّم ذكرها

قواعد الاحکام، ج 2، ص 102

و يصحّ‌ بيع الدين على من هو عليه و على غيره ، فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ‌ على رأي .

کنز الفوائد، ج 1،ص 483

قوله رحمه اللّٰه: «و يصحّ‌ بيع الدين على من هو عليه و على غيره، فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ‌ على رأي». أقول: منع الشيخ من ذلك و قال: لا يلزم المديون أكثر ممّا وزن المشتري من المال ، و تبعه ابن البرّاج .

موسوعه الشهید الاول، ج 2، ص 126

ولو باعَ‌ الدينَ‌ بأقلَّ‌ منهُ‌ وجبَ‌ على المديونِ‌ دَفْعُ‌ ما عليه إلى المشتَري على رأي. قوله رحمه الله : «ولو باع الدَينَ‌ بأقلَّ‌ منه، وجب على المديون دفع ما عليه إلى المشتَري على رأي». أقول: هذا مذهبُ‌ ابن إدريسَ‌ مع القول بِصِحَّةِ‌ البَيعِ‌؛ إذ هو لا يقول به أصلاً إلّاإذا بيعَ‌ الدَينُ‌ على من هو عليه . وذهب الشيخُ‌ في النهايةِ‌ والقاضي إلى أنّه لا يُلزمُ‌ المَدينُ‌ أنْ‌ يَدفعَ‌ أكثرَ ممّا دفعَ‌ المشتَري . تعويلاً على روايةِ‌ محمّدِ بنِ‌ الفُضَيلِ‌ قال: قلت للرضا عليه السلام: رجلٌ‌ اشتَرى دَيناً على رجلٍ‌، ثمَّ‌ ذهب إلى صاحبِ‌ الدَينِ‌ فقال: ادفَعْ‌ ما لِفُلانٍ‌ عليكَ‌ فقدِ اشتَريْتُه منه، فقال: «يَدفَعُ‌ إليه قِيمةَ‌ ما دَفَعَ‌ إلى صاحبِ‌ الدَينِ‌، وبَرِئ الذي عليه المالُ‌ مِن جميعِ‌ ما بقيَ‌ عليه» . وفي معناها رِوايَةُ‌ أبي حمزةَ‌ عن الباقرِ عليه السلام . وحَمَلَها شيخُنا المصنِّفُ‌ في المختلفِ‌ على الضَمانِ‌ مَجازاً؛ إذ هو نوعٌ‌ من المُعاوَضَةِ‌ يُشبِهُ‌ البَيعَ‌ أو على البَيعِ‌ الفاسدِ وبَرِئ من جميعِ‌ ما بَقيَ‌ عليه من المُشتَري لا من البائعِ‌. وكذا حَمَلَ‌ كلامَ‌ الشيخِ‌ على ذلك . وفيهما نظرٌ؛ لأنّ‌ لفظَ «الشِراءِ‌» لا يُستعمَلُ‌ في الضَمان حقيقةً‌ ولامجازاً، ولأنّ‌ إضمارَ الإذنِ‌ - ولم يَجرِ له ذِكرٌ - بعيدٌ. وأمّا فَسادُ البيعِ‌ فيَدفَعُهُ‌ قوله في الرِوايةِ‌: «وبَرِئ الذي عليه المالُ‌ من جميع مابَقيَ‌ عليه»؛ فإنّ‌ ظاهرَهُ‌ مطلقُ‌ البَراءةِ‌. والحَملُ‌ على البَراءةِ‌ من المشتَري خاصَّةً‌ تخصيصٌ‌ يُخالِفُ‌ الأصلَ‌. ثمّ‌ كيف يُلزمُ‌ المشتَري الدفعَ‌ بحكمِ‌ العقدِ الفاسدِ مع فَسادِ ما تضمَّنَهُ؟ وأيضاً لَيسَ‌ للمُشتَري عليه شيءٌ‌، فكيف يصحُّ‌ إسنادُ البَراءةِ‌ إلى المشتَري‌؟

جامع المقاصد، ج 5، ص 18

قوله: (و يصح بيع الدين على من هو عليه و على غيره، فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري.). (1) هذا هو الأصح خلافا للشيخ، حيث أوجب قيمة ما دفعه المشتري الى صاحب الدين تعويلا على رواية ضعيفة ، و الأكثر على خلافه، و دلائل الكتاب و السنة تدل على استحقاق الجميع . و لا يخفى أنه لا بد من رعاية السلامة من الربا لو كانا ربويين، و قد نبه عليه المصنف في كلامه بعد، و كذا يشترط رعاية شروط الصرف لو كانا من الأثمان، و منع ابن إدريس من بيع الدين على غير من هو عليه ، و هو ضعيف.

ملاذ الاخیار، ج 9، ص 501-502

الحديث الخامس و العشرون: ضعيف كالموثق. و لا خلاف بين الأصحاب في عدم جواز بيع الدين بالدين في الجملة. الحديث السادس و العشرون: مجهول. عَنْ‌ أَبِي حَمْزَةَ‌ قَالَ‌: سُئِلَ‌ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ عَنْ‌ رَجُلٍ‌ كَانَ‌ لَهُ‌ عَلَى رَجُلٍ‌ دَيْنٌ‌ فَجَاءَهُ‌ رَجُلٌ‌ فَاشْتَرَى مِنْهُ‌ بِعَرْضٍ‌ ثُمَّ‌ انْطَلَقَ‌ إِلَى الَّذِي عَلَيْهِ‌ الدَّيْنُ‌ فَقَالَ‌ لَهُ‌ أَعْطِنِي مَا لِفُلاَنٍ‌ عَلَيْكَ‌ فَإِنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُهُ‌ مِنْهُ‌ فَكَيْفَ‌ يَكُونُ‌ الْقَضَاءُ‌ فِي ذَلِكَ‌ فَقَالَ‌ لَهُ‌ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ‌ السَّلاَمُ‌ يَرُدُّ عَلَيْهِ‌ الرَّجُلُ‌ الَّذِي عَلَيْهِ‌ الدَّيْنُ‌ مَالَهُ‌ الَّذِي اشْتَرَاهُ‌ مِنَ‌ الرَّجُلِ‌ الَّذِي لَهُ‌ عَلَيْهِ‌ الدَّيْنُ‌. و أكثر الأصحاب لم يعملوا بظاهره. و قال الشهيد الثاني رحمه الله: عمل بمضمونها الشيخ و ابن البراج، و المستند ضعيف مخالف للأصول، و ربما حملناه على الضمان مجازا، أو على فساد البيع، فيكون دفع ذلك الأقل مأذونا فيه من البائع في مقابلة ما دفع، و يبقى الباقي لمالكه، و الأقوى أنه مع صحة البيع يلزمه دفع الجميع . انتهى. و يمكن حملهما على الاستحباب. و قال العلامة في القواعد: و يصح بيع الدين على من هو عليه و على غيره، فيجب على المدين دفع الجميع إلى المشتري، و إن كان الثمن أقل على رأي . و قال المحقق الشيخ علي رحمه الله: هذا هو الأصح، خلافا للشيخ حيث أوجب دفع قيمة ما دفعه المشتري إلى صاحب الدين، تعويلا على رواية ضعيفة، و الأكثر على خلافه. و دلائل الكتاب و السنة تدل على استحقاق الجميع. و لا يخفى أنه لا بد من رعاية السلامة من الربا لو كانا ربويين، و قد نبه به المصنف في كلامه بعد. و كذا يشترط رعاية شروط الصرف لو كانا من الأثمان. و منع ابن إدريس من بيع الدين على غير من هو عليه، و هو ضعيف . انتهى.

جواهر الکلام، ج 22، ص 209

و عن بعض المتأخرين اعتبار عينية العوضين، و هو وهم نشأ من قولهم: البيع لنقل الأعيان، و ليس المراد به على العموم بل خصوص المعوض، كقولهم في الإجارة لنقل المنافع نعم في شرح الأستاد اعتبار عدم كونه حقا مع أنه لا يخلو من منع لما عرفته من الإطلاق المزبور المقتضي لكونه كالصلح الذي لا إشكال في وقوعه على الحقوق، فلا يبعد صحة وقوعها ثمنا في البيع و غيره، من غير فرق بين اقتضاء ذلك سقوطها كبيع العين بحق الخيار و الشفعة على معنى سقوطهما، و بين اقتضائه نقلها كحق التحجير و نحوه، و كان نظره رحمه الله في المنع إلى الأول باعتبار معلومية كون البيع من النواقل لا من المسقطات بخلاف الصلح، و فيه أن البيع بيع الدين على من هو عليه، و لا ريب في اقتضائه حينئذ الإسقاط و لو باعتبار أن الإنسان لا يملك على نفسه ما يملكه غيره عليه، الذي بعينه يقرر في نحو حق الخيار و الشفعة، و الله أعلم.

جواهر، ج 24، ص 344-345

كما أن المسألة العاشرة كذلك لا مدخلية لها في السلم إذ قد عرفت الحال في بيعه قبل الحلول، و بعده أما غيره ف‍ يجوز الدين بعد حلوله على الذي هو عليه بلا خلاف فيه بيننا و لا اشكال بل و على غيره وفاقا للمشهور، شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل لعلها كذلك بعد انحصار الخلاف في الحلي، لوجود المقتضى و ارتفاع المانع عدا ما يحكى عنه من الإجماع المتبين خطاؤه في تحصيله، بعدم موافقة أحد ممن تقدمه أو تأخر عنه له في ذلك، بل ليس فيما حضرني من نسخة السرائر ذلك، و ان أطال في ترجيح ما ذهب اليه من المنع، بأنه ليس بيع عين مشاهدة، و لا مشخصة موصوفة و لا كلية موصوفة إذا لا خير سلم و ليس هو منه قطعا، كما أنه ليس من الأولين كذلك لعدم تعين الدين و تشخصه الا بالقبض، بل أورد على نفسه أن الإجماع منعقد بغير خلاف على صحة بيع الدين و إمضائه و عموم أخبارهم على ذلك، و أجاب بأنا عاملون بالإجماع و متبعون لظواهر القرآن في بيع الدين على من هو عليه دون غيره، و ظاهره وجود معقد إجماع مطلق. و على كل حال فلا ريب في ضعف قوله، إذ لا مانع من كونه بيع عين موصوفة، و ان لم يكن سلما و لا مشخصة لعموم أدلة البيع، بل مقتضاها جواز البيع قبل الأجل كما هو صريح التذكرة و الروضة، و ظاهر المختلف و اللمعة و جماعة، و لا معارض لها، إذ الإجماع المدعى انما هو في السلم خاصة، و دعوى عدم الفرق واضحة المنع، كدعوى عدم الملكية للبائع قبل الأجل في نحو القرض المؤجل، و مهر الزوجة و نحوهما من أفراد الدين، و كذا عدم القدرة على التسليم بعد ما عرفت من عدم اعتبار القدرة فعلا في صحة البيع، فما في الدروس و ظاهر الإرشاد و محتمل النافع أو ظاهره من المنع ضعيف، هذا كله في أصل جواز البيع.

و أما ما يباع به فان باعه بما هو حاضر مشخص صح بلا خلاف و لا اشكال و كذا ان باعه بمضمون في العقد حال صح أيضا لعدم صدق الدين عليه، ضرورة عدم كون المراد منه التأخير بل غاية المراد منه الكلى الصادق على أفراد متعددة، أما إذا كان مضمونا قبل العقد بان يكون مؤجلا ثم يحل الأجل فالمتجه فيه المنع لانه بيع دين بدين كالحال بالمؤجل السابق، و اعتبار الأجل في الدين على تقدير تسليمه كما نص عليه بعض أهل اللغة بل نسب الى ظاهر بعض الأصحاب انما يراد منه اعتباره حين ثبوته بمعنى ان الدين ما يضرب فيه الأجل أول مرة، و لا ينافيه خلوه عنه في ثاني الحال، و لذا أطلق الأصحاب على الدين بعد حلول أجله لفظه إطلاقا حقيقيا و هو المتداول عرفا و لا يصح السلب عنه فيه حينئذ. لكن في الرياض في شرح عبارة النافع التي هي كعبارة المتن هنا، إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان مؤجلا ثم حل الأجل أو كان غير مؤجل في الأصل، كما إذا بيع بدينار كلى غير مستقر في ذمته قبل البيع، و لا اشكال فيه لما مر، مع عدم صدق الدين عليه حقيقة كما يأتي، و يشكل في الأول ان لم يكن إجماع كما هو ظاهر الروضة حيث جعل الجواز أقوى و هو مشعر بل ظاهر في وقوع الخلاف، و وجهه قوة احتمال صدق الدين عليه، بناء على تضمنه الأجل، و لو في الزمان السابق على العقد، فيلزم حينئذ بيع الدين بالدين، و وجه الجواز اما الشك في الصدق، أو لزوم الاقتصار في المنع في بيع الدين بالدين المخالف للأصل على محل الوفاق، و ليس منه محل الفرض، لوقوع الخلاف، و الخبر المانع عنه و ان كان عاما الا انه قاصر سندا يشكل الاعتماد عليه فيما عدا الإجماع. و ربما يوجه باختصاص الدين بالمؤجل كما في كلام الأصحاب و جماعة من أهل اللغة، و محل الفرض بعد انقضاء أجله ليس كذلك الى آخره، و هو من غرائب الكلام، ضرورة ظهوره في أن الجواز بالمضمون السابق مظنة الإجماع، و فيه أن المراد بالمضمون في كلام الأصحاب ما قابل العين، أي الكلي في العقد فلا يشمل المضمون سابقا، بل ينبغي القطع بذلك، إذ لا خلاف بينهم في أن بيع المضمون المؤجل سابقا بمضمون سابقا كذلك من بيع الدين بالدين، سواء كانا حالين أو مؤجلين أو أحدهما حالا و الأخر مؤجلا، إنما البحث فيما صار دينا بالعقد، و هو الذي أشار إليه المصنف بقوله و ان اشترط تأجيله أي الثمن في بيع الدين بعد حلوله قيل و القائل المشهور يبطل لانه بيع دين بدين فيشمله النص و الإجماع و قيل يكره و هو الأشبه عند المصنف و جماعة، للأصل و العمومات التي يجب الاقتصار في الخروج عنها على المتيقن، و هو ما كان عوضا حال كونه دينا، كما هو مقتضى تعلق الباء به، و المضمون عند العقد ليس بدين، و انما يصير دينا بعده، فلم يتحقق بيع الدين به و الا لزم مثله في بيعه بالحال الذي لم يعرف من أحد المنع فيه، و الفرق غير واضح. و دعوى إطلاق اسم الدين عليه ان أرادوا به قبل العقد فممنوع، و بعده فمشترك بين الحال و المؤجل، فيلزم أن لا يصح بحال كما عرفت، و إطلاق بيع الدين بالدين عليه عرفا مجاز، على معنى أن الثمن بقي في ذمته دينا بعد البيع، و لو اعتبر مثل هذا الإطلاق جاء مثله في الحال إذا لم يقبضه، خصوصا إذا أمهله به من غير تأجيل. و فيه منع كون المراد من النص ذلك لا غير، و تعلق الباء أعم، إذ يمكن كون المراد المنع من بيع الدين بالدين المقابل للعين و الحال اى لا تبع الدين بهذا الصنف من البيع فيكون التعريف إشارة الى هذا القسم من البيع المعهود في الذهن و حينئذ فأظهر الفردين المؤجل في العقد لا العكس و قد تقدم في تأجيل ثمن السلف ما يستفاد منه المفروغية من تناول بيع الدين بالدين للمؤجل ثمنه بالعقد، و أنه من الواضحات فلا ريب حينئذ في أن الأشبه خلاف ما ذكره المصنف.

و قد تحصل من مجموع ما ذكرنا المنع من بيع الدين السابق بالدين السابق في الصور الأربعة أي الحالين و المؤجلين و المختلفين، و اما إذا كانا مضمونين بالعقد فالمؤجلان منهما لا ريب في بطلانه، بل يمكن اندراجه في بيع الكالي بالكالي و قد عرفت الحال فيه في تأجيل ثمن السلف إذ هو هو، و الحالان منهما لا إشكال في صحتهما للعمومات كالمختلفين، و أما إذا كان أحدهما مضمونا بالعقد و الأخر قبله فان كان المضمون سابقا سلما لم يجز بيعه قبل حلوله مطلقا و جاز بعده إذا كان الثمن حالا، و ان لم يكن سلما جاز قبل حلوله بعين حاضرة، و بكلي مضمون بالعقد حال لا مؤجل على الأقوى، و لو جعل المضمون سابقا ثمنا لعين أو كلي حال جاز قطعا إذا كان حالا، من غير فرق بين السلم و غيره و ان كان مؤجلا فوجهان، إذا كان سلما أقواهما العدم، بناء على عدم الفرق في المنع بين جعله ثمنا أو مثمنا قبل حلول اجله و ان لم يكن سلما فالأقوى الجواز بل ينبغي القطع به إذ هو كالعكس فتأمل جيدا. و قد تلخص مما ذكرنا جواز بيع الحال بالحال مع عدم أجل لهما في السابق فضلا عن الحالين بالعقد، و عن الحال كذلك بالمؤجل السابق أو بالعقد، لما عرفته من عدم ارادة ما يشمل الكلى المضمون حالا، و قيمة المغصوب و نحوها من بيع الدين بالدين و مدار البحث على اعتبار الأجل في صدق اسم الدين هنا و صدقه عليه بعد حلوله و على عدم اعتبار سبق الدينية في صدق بيع الدين بالدين و الله العالم.

مکاسب، ج 3، ص 11-12

و منها: أنّه لا يشمل بيع الدين على من هو عليه؛ لأنّ‌ الإنسان لا يملك مالاً على نفسه. و فيه مع ما عرفت و ستعرف من تعقّل تملّك ما على نفسه و رجوعه إلى سقوطه عنه، نظير تملّك ما هو مساوٍ لما في ذمّته، و سقوطه بالتهاتر -: أنّه لو لم يعقل التمليك لم يعقل البيع؛ إذ ليس للبيع - لغةً‌ و عرفاً - معنى غير المبادلة و النقل و التمليك و ما يساويها من الألفاظ؛ و لذا قال فخر الدين: إنّ‌ معنى «بعت» في لغة العرب: «ملّكت غيري» ، فإذا لم يعقل ملكيّة ما في ذمّة نفسه لم يعقل شيء ممّا يساويها، فلا يعقل البيع.

کتاب البیع للمیلانی ، ج1،ص 95 پاورقی

[1] أقول: قد تقدّم الكلام عليه في التحقيق عمّا أورده صاحب الجواهر في مسألة وقوع الحق عوضاً، وقد ذكر الشيخ هناك أنه يعقل أن يكون الشخّص مالكاً لِما في ذمّته فيؤثّر تمليكه السّقوط. وحاصل كلام السيّد الجدّ طاب ثراه ورود النقض، للفرق الواضح بين الموردين، فهناك مالكان ومِلكان متحقّقان بسببين مختلفين فلا مانع عقلاً وعقلاءً‌، وعليه المشهور بل ادّعي عليه الإجماع، بخلاف المقام، ولذا قال المحقق النائيني: إنّ‌ هذا وإنْ‌ لم يكن من التهاتر حقيقةً‌ إلّاأنه أشبه شيء به ، وبذلك يظهر النظر في كلام المحقق الطباطبائي . وبالجملة، فإنّ‌ تعقل تملّك الإنسان لِما على نفسه، بأنْ‌ يكون المديون مالكاً لِما في ذمّته آناًمّا ثم يسقط، فلا يكون لِملكيّته أثر إلّاالّسقوط... أوّل الكلام. وقرّر المحقق الخوئي الإشكال من جهةٍ‌ أخرى فقال: والتحقيق: إن مالكيّة الإنسان لذمّته أمر ذاتيّ‌ تكويني، من غير أنْ‌ يحتاج إلى الثبوت الاعتباري، بديهة أنّ‌ الثبوت الإعتباري إنّما يصحّ‌ فيما إذا لم يكن هناك ثبوت تكويني حقيقي، وإلّا لكان الاعتبار لغواً محضاً وتحصيلاً للحاصل. وعليه، فإذا ملك شخص شيئاً في ذمّة غيره فقد ملكه بالملكيّة الإعتباريّة، وإذا انتقل ذلك المملوك إلى المملوك عليه، تبدّلت الملكيّة الاعتباريّة بالملكيّة الذاتيّة التكوينيّة، لما عرفت من لغويّة الثبوت الإعتباري في موارد الثبوت الحقيقي. وإذن، فلا مجال للمناقشة في بيع الدين ممّن هو عليه باستحالة ملك الإنسان لما في ذمّته، كما لا مجال لتوهّم سقوط ذلك بعد التملّك، بل يوجب البيع تبدّل الإضافة الاعتبارية بالإضافة الذاتية. فالحجر الأساسي للمناقشة في بيع الدين ممّن هو عليه، إنما هو خلط الملكيّة الذاتيّة بالملكيّة الإعتباريّة، وقد علمت الفارق بينهما . فأورد عليه شيخنا الأستاذ دام بقاه: بأنّ‌ الملكيّة القابلة للإنشاء هي الملكيّة الاعتباريّة، فإذا باع المالك الدين على من هو عليه، فقد أنشأ الملكيّة الاعتباريّة للمشتري، أمّا الملكيّة الذاتيّة، فلا تقبل الإنشاء، كما أنّ‌ الملكيّة الذاتيّة غير قابلة للإعطاء من البائع لمن عليه الدين. ثم إنّ‌ مفهوم «ملكّت» في البيع على من عليه الدين وعلى غيره، واحد، فلا معنى للقول بأنه في الثاني اعتباري وفي الأوّل ذاتي تكويني. قال شيخنا: إنه بعد أن ظهرأنّ‌ بيع الدين على من هو عليه غير عقلائي، يدور الأمر بين أن يقال بأنّه إبراء وليس بيعاً أو يقال بأنّه بيع بالتعبّد الشرعي، خاصّةً‌ بالنظر إلى الإجماع المدّعى، بأنْ‌ تحصل الملكيّة آناًمّا وتسقط. لا يقال: المحذور عقلي، إذْ وجود الملكيّة علّة لعدمها. لأنا نقول: ليس الأمر كذلك، بل قد اعتبر وجود الملكيّة آناًمّا ثم اعتبر زوالها، فكانت الملكيّة ناشئةً‌ من الاعتبار وعدمها ناشئاً من اعتبار من بيده الاعتبار كذلك.

منیه الطالب، ج 1، ص 43

فالصواب أن يقال بيع الدّين على من هو عليه و إن كان صحيحا إلاّ أنّ‌ البيع لم يقع على ما في الذمّة بقيد كونه في الذمّة ليكون من قبيل مالكية الشخص لما في ذمته و ذلك لأنّه بهذا القيد لا يمكن تحقّقه في الخارج و لا شبهة أنّه يعتبر في المبيع أن يكون من الأعيان الخارجيّة بل يقع البيع على الكلّي و هو من من الحنطة مثلا فيصير المشتري أعني المديون مالكا لذلك الكلّي على البائع و حيث إنّ‌ البائع كان مالكا لمنّ‌ من الحنطة على ذمّة المديون و هو المشتري فينطبق ما على البائع على ما كان له على المديون المشتري فيوجب سقوط ذمّة كليهما و هذا و إن لم يكن من التّهاتر حقيقة إلاّ أنّه أشبه شيء به أو يقال إنّ‌ المبيع هو الكلّي في المعيّن و هو ما في ذمّة المديون لا بقيد أن يكون في الذمّة حتّى يرد عليه إشكال عدم الانطباق على ما فيالخارج و إشكال عدم معقوليّة مالكيّة الإنسان لما في ذمّته بل بمعنى أنّ‌ ظرفه الذمّة و بالبيع ممّن هو عليه يسقط ما في ذمّته فتأمل

کتاب البیع امام خمینی، ج 1،ص 48

توجيه الشيخ الأعظم بيع الدين على من هو عليه ثمّ‌ إنّ‌ الشيخ الأعظم دفع توهّم النقض عليه في القسم الثاني ببيع الدين على من هو عليه ؛ بالفرق بين اعتبار الملكية، والسلطنة على الأشخاص ، فإنّ‌ هذه السلطنة متقوّمة بأطراف ثلاثة: السلطان، والمسلّط عليه، وما فيه السلطنة، فالسلطنة على المنكر في استحلافه - على فرض كون الحقّ‌ سلطنة - متقوّمة بالمدّعي و المنكر والاستحلاف، و أمّا اعتبار الملكية فلا يتقوّم إلّابالمالك والمملوك، و أمّا الذمّة فكالخارج، لا دخالة لها في اعتبارها، فليس في الملك مملوك عليه، و هو كلام متين. وما قيل من عدم قابلية ما في الذمّة لأن يكون مملوكاً لمن عليه، وعدم قابلية نقل الغير إليه ولو آناً ما، فصيرورة الإنسان مالكاً على نفسه آناً ما - حتّى يسقط عنه، وتبرأ ذمّته - مستحيل . مدفوع بما أفاده الشيخ قدس سره ومرّ تقريره؛ ضرورة أنّ‌ اعتبار مالكية ما في الذمّة ليس اعتبار المالكية على النفس، بل هو اعتبار المالكية لما في الذمّة، و هو ليس بمستحيل، بل هو - نظير بيع الدين على من هو عليه - من الاعتبارات العقلائية، فنرى أنّ‌ العقلاء يبيعون كرّاً من الحنطة التي على العهدة على من عليه، كبيعهم على غيره. نعم، هذا الاعتبار له أمد خاصّ‌، وليس كاعتبار ملكية الأعيان، فنرى أنّهم لا يرون بعد البيع والانتقال إليه أنّه مالك لما في ذمّته مطلقاً وبلا أمد. كمالكيته لسائر الأشياء، ولهذا تكون نتيجة مالكيته براءة ذمّته أو السقوط منها. والمسألة ليست عقلية حتّى يقال: لو صحّت مالكيته حدوثاً لصحّت بقاءً‌ . أو يقال: لا يعقل أن يكون أثر الملكية سقوطها؛ للزوم كون الشيء معدماً لنفسه . بل هي عقلائية اعتبارية، لا بدّ من تبعية العقلاء فيها في أصل الاعتبار، ومقداره، وأمده، ولا شبهة في اعتبار الانتقال حدوثاً، لا بقاء الملكية، ولا إشكال فيه.




ارسال شده توسط:
حسن خ
Saturday - 1/10/2022 - 18:32

کلأ در لغت

كتاب الجيم، ج‏3، ص: 153 [كلأ]
و قال: كلأ أى بلغ أقصى أمده و انتهى.
و قال سليم:
تعففت عنها فى العصور التى خلت فكيف التصابى بعد ما كلأ العمر «1»

جمهره اللغه، ج 2، ص 1083

في الحديث:
«نهى عن بيع الكالئ بالكالئ»
، يهمز و لا يهمز، فمن همز جعله كالشي‏ء المستور، و من لم يهمز جعله من التأخير.

روي عن النبي صلى الله عليه و سلم «أنه نهى عن الكالئ بالكالئ».
قال أبو عبيدة: هو النسيئة بالنسيئة.
و يقال: تكلأت كلاءة إذا استنسأت نسيئة، و النسيئة: التأخير.
قال أبو عبيد: و تفسيره أن يسلم الرجل إلى الرجل مئة درهم إلى سنة في كر طعام، فإذا انقضت السنة و حل الطعام عليه، قال الذي عليه الطعام للدافع: ليس‏
تهذيب اللغة، ج‏10، ص: 197
عندي طعام و لكن بعني هذا الكر بمئتي درهم إلى شهر، فهذه نسيئة انتقلت إلى نسيئة، و كل ما أشبه هذا هكذا، و لو قبض الطعام منه ثم باعه منه أو من غيره بنسيئة لم يكن كالئا بكالئ.
و قال أبو زيد: كلأت في الطعام تكليئا، و أكلأت فيه إكلاء إذا سلفت فيه، و ما أعطيت في الطعام من الدراهم، نسيئة، فهي الكلأة

المحیط فی اللغه

و بلغ الله بك أكلأ العمر: أي أقصاه و آخره. و هو من التأخير أيضا. و قيل:
كلأ عمره: إذا نفد «17» و ذهب.
و
نهى النبي «18»- صلى الله عليه و سلم- عن [بيع‏] «19» الكالئ بالكالئ.
: و هي النسيئة بالنسيئة. و المكلأ من المال: الذي أنسى‏ء و كلى‏ء.




روايات بيع الدین باقلّ منه

النهایه و نکتها، ج 2، ص 31-32

باب بيع الدين قوله رحمه الله: «و من باع الدين بأقل مما له، لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري». كيف يتقدر الأقلية و الأكثرية هنا، و هما لا يكونان إلا في المثلين‌؟ و قد قال في باب الصرف: «أن البيع في المثلين لا يجوز إلا مثلا بمثل نقدا، و لا يجوز نسية». و إذا كان المثلان لا يجوز البيع فيهما إلا مثلا بمثل، يكون هذا البيع باطلا ثمَّ‌ قوله: «لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري» و هل للبائع الرجوع على من عليه الدين بما فضل عما وزن المشتري‌؟ الجواب: يحمل قوله: «و من باع الدين بأقل مما له» على القلة في القيمة، لا مع تساوي الجنس، فان الجنس الواحد من الربويات لا يجوز التفاضل فيهما. و قوله: «لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري» استنادا إلى رواية محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا عليه السلام: رجل اشترى دينا على رجل، ثمَّ‌ ذهب إلى صاحب الدين، فقال: ادفع ما لفلان عليك فقد اشتريت منه، فقال: يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين، و برأ الذي عليه المال من جميع ما بقي. و هذا يدل على أن الفاضل على الغريم يسقط.




كشف الرموز في شرح مختصر النافع؛ ج‌1، ص: 535
( «قال دام ظله»: و لو بيع الدين بأقلّ منه لم يلزم الغريم ان يدفع إليه أكثر ممّا دفع، على تردّد.
أقول: الفتوى للشيخ في النهاية، و التردّد لشيخنا.
و الأصل يقتضي بطلان البيع لانّ المبيع- و هو الدين- ان كان ربويّا من جنس الثمن، فيشترط فيه التساوي، فمع عدمه يبطل البيع إجماعا، و ان كان من غير جنسه فان كان (كانا خ) من الأثمان، بأن يكون أحدهما ذهبا، و الآخر فضة، فيشترط التقابض في المجلس لأنّه صرف، و ان لم يكونا (من الأثمان خ) أو يكون أحدهما ثمنا غير الآخر، فلا يتقدّر الأقليّة و الأكثريّة.
و لقائل أن يقول: يقوم ذلك الجنس ليحصل الأقليّة و الأكثريّة، و يفتي بهذا التقدير، لئلّا تطرح الرواية الواردة بذلك.
و هي ما رواه محمد بن الفضيل، قال: قلت للرّضا عليه السّلام: رجل اشترى دينا على رجل، ثم ذهب الى صاحب الدّين، فقال له: ادفع اليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، فقال: يدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين، و برء الذي‌ عليه المال من جميع ما بقي عليه «1».
و قال المتأخّر: ان كان البيع صحيحا يلزم تسليم ما عليه أجمع لأنه صار مالا من أمواله.
قلت: لو تطرح الرواية ثبت (ثبتت خ) صحة قولك بغير خلاف.
(فان قيل): على فتوى النهاية لم يكن (لمن يكون خ) المال الباقي على المدين (قلنا): مدلول الرواية أنّه يسقط.
______________________________
(1) الوسائل باب 15 حديث 3 من أبواب الدين و القرض.
________________________________________
آبى، فاضل، حسن بن ابى طالب يوسفى، كشف الرموز في شرح مختصر النافع، 2 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، سوم، 1417 ه‍ ق



ایضاح الفوائد، ج 2، ص 3

قال دام ظله: و يصح بيع الدين على من هو عليه و على غيره فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و ان كان الثمن أقل على رأى. (2) أقول: هنا حكمان (ا) جواز بيع الدين بأقل منه قاله الشيخ و ابن البراج و رد عليه ابن إدريس (و احتج) بأنه إذا كان ذميا فباعه بجنسه لم يجز التفاضل و ان باعه بفضة وجب التقابض و هو في غاية الرداءة فان الشيخ لم يحصر الدين في النقدين و لا ثمنه و الدين: و لو كان البائع مسلما لم يحل، و لا يصح قسمة الدين فلو اقتسما ما في الذمم كان الحاصل لهما و التالف منهما نعم لو أحال كل منهما صاحبه بحصته و قبل المدينان صح، و لا يصح بيع الدين بدين آخر و لا بيعه نسيئة، و لو كان الثمن و المثمن من الربويات اشترط في بيعه بجنسه التساوي قدرا و الحلول و أرزاق السلطان لا يصح بيعها الا بعد قبضها و كذا السهم من الزكاة و الخمس: [المطلب الثاني في القرض] المطلب الثاني في القرض و فيه فضل كثير و هو أفضل من الصدقة بمثله في الثواب و لا بد فيه من (إيجاب) صادر عن اهله كقوله أقرضتك أو تصرف فيه أو انتفع به أو ملكتك و عليك ردّ عوضه و شبهه (و قبول) و هو ما يدل على الرضا قولا أو فعلا و شرطه عدم الزيادة في القدر أو الصفة فلو شرطها فسد و لم يفد جواز التصرف و ان لم يكن ربويا و لو تبرع المقترض بالزيادة جاز و لو شرط رد المكسّرة عوض الصحيحة أو إلا نقص أو تأخير القضاء لغى الشرط و صح القرض لانه عليه لا له - و لو شرط رهنا أو كفيلا به جاز لأنه أحكام ماله امّا لو شرط رهنا بدين آخر فالأقرب الجواز (1)، و كذا يجوز لو أقرضه بشرط ان يقترض منه أو يقرضه فيهما و انما أطلق هيهنا اعتمادا على ما قرره في موضع آخر من منع التفاضل في الربويات و وجوب التقابض في الصرف (ب) إلزام المديون بجميع الدين و ان كان الثمن أقل منه و هذا قول ابن إدريس على تقدير صحة البيع و لزومه و اختيار أكثر الأصحاب و قال الشيخ لا يلزم المديون أكثر مما وزن المشتري، لما رواه محمد بن فضيل قال قلت للرضا عليه السّلام رجل اشترى دينا على رجل ثم ذهب الى صاحب الدين فقال له ادفع ما لفلان عليك فقد اشتريته منه فقال تدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين و بريء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه و صحة السند ممنوعة

مسألة: لو باع الدين بأقلّ‌ ممّا له على المديون قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال ، و تبعه ابن البرّاج على ذلك. و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنّه إذا كان الدين ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه‌؟! و ان كان فضة فكيف يجوز أن يبيعها بفضة أقل منها؟! و ان كان ذهبا فباعه بفضة أو فضة فباعها بذهب كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع‌؟! إلاّ بعد أن يتقابضا الثمن و المثمن، يقبض البائع الثمن و المشتري المثمن، فإنّ‌ هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين. و قوله: «لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال» إذا كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنّه صار مالا من أمواله بالشراء و قد يشتري الإنسان ما يساوي خمسين قنطارا بدينار واحد إذا كان البائع من أهل الخبرة، و انّما هذه أخبار احاد أوردها على ما وجدها إيرادا لا اعتقادا . و اعلم أنّ‌ كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين: الأوّل: جواز بيع الدين بأقلّ‌ منه، و لا ريب في جوازه، و نسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه الى أنّه «طريف عجيب يضحك الثكلى» جهل منه، و قلّة تأمل، و سوء فهم، و عدم بصيرة، و انتفاء تحصيل كلام العلماء، و عدم معرفته بمدلول أقوالهم، فإنّ‌ الشيخ لم يحصر هو و لا غيره من المحصّلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثمَّ‌ لم يحصروا بيع الدين بالنقود، و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب أو الفضة حتى يتعجّب من ذلك، و يظهر للغاية قلّة إدراكه، و عدم تحصيله، و سوء أدبه، و مواجهته مثل هذا الشيخ المعظّم الذي هو رأس المذهب، و المعلّم له، و المستخرج للمعاني من كلام الأئمة - عليهم السلام - بمثل هذه الشنعة و القول الرديء، و هل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار أو بيع الدينار من الدين بربع القفيز؟! فإن أدّاه سوء فهمه و قلّة تحصيله الى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة «أقل» كان ذلك غلطا ظاهرا، و جعل المال مالا يدخل فيه الربا، لظهور مثل هذه القواعد الممهّدة و القوانين المطّردة من تحريم الربا، على انّه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك، حيث تعجّب من عدم التزام المديون بجميع الدين، و سوّغ بيع ما يساوي قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلّة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، و تعجّبه بنفسه لا يبالي أين يذهب. الحكم الثاني: عدم التزام المديون بأكثر ممّا وزنه المشتري. و الشيخ قد عوّل في ذلك على رواية محمد بن الفضيل قال: قلت للرضا - عليه السلام -: رجل اشترى دينا على رجل ثمَّ‌ ذهب الى صاحب الدين فقال له: ادفع إليّ‌ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، فقال: يدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين و يبرئ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه . و ما رواه أبو حمزة، عن الباقر - عليه السلام - قال: سئل عن رجل كان له على رجل دين فجاء رجل فاشترى منه بعرض ثمَّ‌ انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له: أعطني ما لفلان عليك فإنّي قد اشتريته منه فكيف يكون القضاء في ذلك‌؟ فقال له أبو جعفر - عليه السلام -: يردّ على الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه من الرجل الذي عليه الدين . و لا ريب في صحة البيع و لزومه و وجوب إيفاء المشتري ما على المديون، و لا بدّ حينئذ من محمل للروايتين، و ليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أمرين: الأوّل: الضمان و يكون إطلاق البيع عليه و الشراء نوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدّى عن المضمون عنه بإذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة بالقيمة، و هو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هو في الحقيقة، و انّما ينفصل عنه بمجرّد اللفظ لا غير. المحمل الثاني: أن يكون البيع وقع فاسدا، فإنّه يجب على المديون دفع ما يساوي مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، و يبرأ من جميع ما بقي عليه من مال المشتري لا من البائع، و يجب عليه دفع الباقي الى البائع لبراءته من المشتري. و هذان المحملان قريبان يمكن صرف الروايتين إليهما، و كلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب كلام الشيخ الى ما نسبه ابن إدريس.

موسوعه الشهید الاول، ج 2، ص 126

قوله رحمه الله : «ولو باع الدَينَ‌ بأقلَّ‌ منه، وجب على المديون دفع ما عليه إلى المشتَري على رأي». أقول: هذا مذهبُ‌ ابن إدريسَ‌ مع القول بِصِحَّةِ‌ البَيعِ‌؛ إذ هو لا يقول به أصلاً إلّاإذا بيعَ‌ الدَينُ‌ على من هو عليه . وذهب الشيخُ‌ في النهايةِ‌ والقاضي إلى أنّه لا يُلزمُ‌ المَدينُ‌ أنْ‌ يَدفعَ‌ أكثرَ ممّا دفعَ‌ المشتَري . تعويلاً على روايةِ‌ محمّدِ بنِ‌ الفُضَيلِ‌ قال: قلت للرضا عليه السلام: رجلٌ‌ اشتَرى دَيناً على رجلٍ‌، ثمَّ‌ ذهب إلى صاحبِ‌ الدَينِ‌ فقال: ادفَعْ‌ ما لِفُلانٍ‌ عليكَ‌ فقدِ اشتَريْتُه منه، فقال: «يَدفَعُ‌ إليه قِيمةَ‌ ما دَفَعَ‌ إلى صاحبِ‌ الدَينِ‌، وبَرِئ الذي عليه المالُ‌ مِن جميعِ‌ ما بقيَ‌ عليه» . وفي معناها رِوايَةُ‌ أبي حمزةَ‌ عن الباقرِ عليه السلام . وحَمَلَها شيخُنا المصنِّفُ‌ في المختلفِ‌ على الضَمانِ‌ مَجازاً؛ إذ هو نوعٌ‌ من المُعاوَضَةِ‌ يُشبِهُ‌ البَيعَ‌ أو على البَيعِ‌ الفاسدِ وبَرِئ من جميعِ‌ ما بَقيَ‌ عليه من المُشتَري لا من البائعِ‌. وكذا حَمَلَ‌ كلامَ‌ الشيخِ‌ على ذلك . وفيهما نظرٌ؛ لأنّ‌ لفظَ «الشِراءِ‌» لا يُستعمَلُ‌ في الضَمان حقيقةً‌ ولامجازاً، ولأنّ‌ إضمارَ الإذنِ‌ - ولم يَجرِ له ذِكرٌ - بعيدٌ. وأمّا فَسادُ البيعِ‌ فيَدفَعُهُ‌ قوله في الرِوايةِ‌: «وبَرِئ الذي عليه المالُ‌ من جميع مابَقيَ‌ عليه»؛ فإنّ‌ ظاهرَهُ‌ مطلقُ‌ البَراءةِ‌. والحَملُ‌ على البَراءةِ‌ من المشتَري خاصَّةً‌ تخصيصٌ‌ يُخالِفُ‌ الأصلَ‌. ثمّ‌ كيف يُلزمُ‌ المشتَري الدفعَ‌ بحكمِ‌ العقدِ الفاسدِ مع فَسادِ ما تضمَّنَهُ؟ وأيضاً لَيسَ‌ للمُشتَري عليه شيءٌ‌، فكيف يصحُّ‌ إسنادُ البَراءةِ‌ إلى المشتَري‌؟

المسألة الثانية: [في حكم من كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه] لو كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه عينا أو قيمة على وجه لا يحصل فيه الربا، و لا الإخلال بشروط الصرف لو كان العوضان من الأثمان، فالمشهور بين الأصحاب أنه يجب على الذي عليه الدين دفع ذلك الدين كملا إلى المشتري، لأنه قد انتقل اليه بالعقد الصحيح كما انتقل الثمن بأجمعه إلى البائع. و قال الشيخ و جماعة: انه لا يلزم المدين أكثر مما دفعه المشترى من الثمن، و لا ريب في مخالفة هذا القول للقواعد الشرعية، و الضوابط المرعية، الا أنه قد وردت به الاخبار و عليها اعتمد الشيخ (رحمة الله عليه) فيما أفتى به هنا. و منها ما رواه في الكافي و التهذيب عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان لرجل عليه دين، فجاء رجل فاشترى منه بعرض، ثم انطلق إلى الذي عليه الدين، فقال له: أعطني مال فلان عليك، فانى قد اشتريته منه، كيف يكون القضاء في ذلك‌؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشترى به من الرجل الذي له الدين». و عن محمد بن الفضيل قال: «قلت للرضا عليه السلام: رجل اشترى دينا على رجل، ثم ذهب الى صاحب الدين، فقال له: ادفع الى ما لفلان عليك فقد اشتريته منه‌؟ قال: يدفع اليه ما دفع الى صاحب الدين، و بريء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه». و المشهور بين المتأخرين رد الخبرين بضعف الاسناد، و مخالفة القواعد الشرعية كما ذكرناه آنفا، خصوصا الرواية الثانية المتضمنة لبراءة المدين عليه المال من جميع ما بقي عليه، فإنه لا يعقل هيهنا وجه للبراءة لأنه قبل البيع ملك البائع و بعد البيع فاما أن ينتقل بالبيع إلى المشتري أم لا؟ فان انتقل فالواجب دفع الجميع إلى المشترى، و الا فلا موجب لخروجه عن ملك الأول. و أما الرواية الأولى فيمكن حملها على مساواة ما اشترى به الدين الذي اشتراه فإنها و ان كانت مطلقة، لكن تنزيلها على ما ذكرناه ممكن لئلا يخرج عن مقتضى القواعد الصحيحة و الضوابط الصريحة. و بالجملة فالمسألة بمحل من الإشكال، إذ الخروج عن مقتضى القواعد المذكورة مشكل، و طرح الخبرين من غير معارض في المقام أشكل، و لو وقع بطريق الصلح صح و لا اشكال، و لا يراعى فيهشروط الصرف، لاختصاصه بالبيع، أما الربا فينبغي مراعاته للقول بعدم اختصاصه بالبيع، كما تقدم في بابه



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة؛ ج‌20، ص: 157
المسألة الثانية [في حكم من كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه]:
لو كان لأحد في ذمة آخر دين فباعه بأقل منه عينا أو قيمة على وجه لا يحصل فيه الربا، و لا الإخلال بشروط الصرف لو كان العوضان من الأثمان، فالمشهور بين الأصحاب أنه يجب على الذي عليه الدين دفع ذلك الدين كملا إلى المشتري، لأنه قد انتقل اليه بالعقد الصحيح كما انتقل الثمن بأجمعه إلى البائع.
و قال الشيخ و جماعة: انه لا يلزم المدين أكثر مما دفعه المشترى من الثمن، و لا ريب في مخالفة هذا القول للقواعد الشرعية، و الضوابط المرعية، الا أنه قد وردت به الاخبار و عليها اعتمد الشيخ (رحمة الله عليه) فيما أفتى به هنا.
و منها ما رواه‌
في الكافي و التهذيب عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة «1» قال: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان لرجل عليه دين، فجاء رجل فاشترى منه بعرض، ثم انطلق إلى الذي عليه الدين، فقال له: أعطني مال فلان عليك، فانى قد اشتريته منه، كيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشترى به من الرجل الذي له الدين».
______________________________
(1) الكافي ج 5 ص 100 التهذيب ج 6 ص 189.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 158‌
و عن محمد بن الفضيل «1» قال: «قلت للرضا عليه السلام: رجل اشترى دينا على رجل، ثم ذهب الى صاحب الدين، فقال له: ادفع الى ما لفلان عليك فقد اشتريته منه؟ قال: يدفع اليه ما دفع الى صاحب الدين، و بري‌ء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه».
و المشهور بين المتأخرين رد الخبرين بضعف الاسناد، و مخالفة القواعد الشرعية كما ذكرناه آنفا، خصوصا الرواية الثانية المتضمنة لبراءة المدين عليه المال من جميع ما بقي عليه، فإنه لا يعقل هيهنا وجه للبراءة لأنه قبل البيع ملك البائع و بعد البيع فاما أن ينتقل بالبيع إلى المشتري أم لا؟ فان انتقل فالواجب دفع الجميع إلى المشترى، و الا فلا موجب لخروجه عن ملك الأول.
و أما الرواية الأولى فيمكن حملها على مساواة ما اشترى به الدين الذي اشتراه فإنها و ان كانت مطلقة، لكن تنزيلها على ما ذكرناه ممكن لئلا يخرج عن مقتضى القواعد الصحيحة و الضوابط الصريحة.
و بالجملة فالمسألة بمحل من الإشكال، إذ الخروج عن مقتضى القواعد المذكورة مشكل، و طرح الخبرين من غير معارض في المقام أشكل، و لو وقع بطريق الصلح صح و لا اشكال، و لا يراعى فيه شروط الصرف، لاختصاصه بالبيع، أما الربا فينبغي مراعاته للقول بعدم اختصاصه بالبيع، كما تقدم في بابه «2».
______________________________
(1) الكافي ج 5 ص 100، التهذيب ج 6 ص 191.
(2) و مما يؤيد الخبرين المذكورين، رواه في الكافي و التهذيب عن عمر بن يزيد (الكافي ج 5 ص 259) «قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل ضمن على رجل ضمانا ثم صالح عليه قال: ليس له الا الذي صالح عليه» فإنه ظاهر في براءة ذمة المضمون عنه فيما زاد عن مال الصلح، و بذلك صرح الأصحاب أيضا في هذه المسألة و الفرق بين المسألتين لا يخلو من خفاء و اشكال، و ان أمكن تكلفه الا أن الخبر المذكور لا يخلو من تأييد لما نحن فيه. منه رحمه الله.



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 159‌
و للعلامة في المختلف هنا مع ابن إدريس كلام قد بسط فيه لسان الطعن على ابن إدريس و التشنيع لنسبته الى التجهيل مع التأويل للخبرين المذكورين لا بأس بنقله في المقام، و ان طال به زمام الكلام، لما فيه من الفوائد الظاهرة لذوي الأفهام.
قال (قدس سره) في الكتاب المذكور: لو باع الدين بأقل مما له على المديون، قال الشيخ: لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال، و تبعه ابن البراج على ذلك، و قال ابن إدريس: قول الشيخ طريف عجيب يضحك الثكلى، و هو أنه إذا كان الدين، ذهبا كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه، و ان كان فضة كيف يجوز بيعه بفضة أقل منه، أو ان كان ذهبا فباعه بفضة، أو فضة فباعه بذهب، كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع الا بعد أن يتقابضا الثمن و المثمن، يقبض البائع الثمن، و المشترى المثمن، فان هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين، و قوله لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشترى من المال ان كان البيع صحيحا لزم المدين تسليم ما عليه جميعه إلى المشتري، لأنه صار مالا من أمواله بالشراء، و قد يشتري الإنسان ما يساوى خمسين قنطارا بدينار واحد، إذا كان البائع من أهل الخبرة، و انما هذه أخبار آحاد أوردها على ما وجدها إيرادا لا اعتقادا.
ثم قال العلامة: و اعلم أن كلام الشيخ قد اشتمل على حكمين، الأول- جواز بيع الدين بأقل منه. و لا ريب في جوازه، و نسبة ابن إدريس كلام الشيخ فيه الى أنه طريف عجيب يضحك به الثكلى جهل منه، و قلة تأمل و سوء فهم، و عدم بصيرة و انتفاء التحصيل لكلام العلماء، و عدم معرفة بمدلول أقوالهم، فإن الشيخ لم يحصر هو و لا غيره من المحصلين الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا أو فضة أو غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثم لم يحصروا بيع الدين بالنقود، و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب، أو الفضة حتى يتعجب من ذلك، و يظهر للعامة قلة إدراكه و عدم تحصيل و سوء أد به و مواجهة مثل هذا الشيخ المعظم الذي هو رأس المذهب و المعلم له، و المستخرج للمعاني من كلام الأئمة (عليهم السلام)، بمثل هذه السفه‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 160‌
و القول الردى، و هل منع أحد من المسلمين بيع قفيز حنطة في الذمة يساوي دينارا بربع دينار، أو بيع الدينار الدين بربع القفيز، فإن أداه سوء فهمه و قلة تحصيله الى اشتراط المساواة في الجنس باعتبار لفظة أقل كان ذلك غلطا ظاهرا، و جعل المال ما لا يدخل فيه الربا فيه، لظهور مثل هذه القواعد الممهدة و القوانين الموطدة من تحريم الربا، على انه في باقي كلامه صرح بجواز ذلك حيث تعجب من عدم التزام المديون بجميع الدين، و سوغ بيع ما يساوى خمسين قنطارا بدينار، لكن هذا الرجل لقلة تحصيله لا يفهم وقوع التناقض في كلامه، و تعجبه بنفسه لا يبالي أين يذهب.
الحكم الثاني- عدم إلزام المديون بأكثر مما وزنه المشترى و الشيخ عول في ذلك على رواية محمد بن الفضيل، ثم ذكر الرواية كما قدمناه، ثم ذكر رواية أبي حمزة، ثم قال: و لا ريب في صحة البيع و لزومه و وجوب إيفاء المشتري ما على المديون.
و لا بد حينئذ من محمل للروايتين و ليس بعيدا من الصواب أن يحملا على أحد الأمرين، الأول- الضمان و يكون إطلاق البيع عليه و الشراء بنوع من المجاز، إذ الضامن إذا أدى عن المضمون باذنه عرضا عوضا عن الدين كان له المطالبة بالقيمة، و هو نوع من المعاوضة يشبه البيع، بل هي هو في الحقيقة، و انما ينفصل عنه بمجرد اللفظ لا غير.
المحمل الثاني أن يكون البيع وقع فاسدا فإنه يجب على المديون دفع ما ساوى مال المشتري إليه بالإذن الصادر من صاحب الدين، و يبرئ من جميع ما بقي عليه من المشترى، لا من البائع، و يجب عليه دفع الباقي الى البائع لبرائته من المشترى، و هذان المحملان قريبان، يمكن صرف الروايتين إليهما، و كلام الشيخ أيضا يحمل عليهما من غير أن ينسب الشيخ الى ما نسبه ابن إدريس انتهى كلامه زيد مقامه.
و لا يخفى ما في كل من محمليه للخبرين من التكلف و التعسف، الذي يقطع‌



الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج‌20، ص: 161‌
بعدمه، و ربما يفهم من مثل هذا التشنيع من العلامة هنا و مثله ما وقع في كلام شيخنا المفيد في مقام الرد على الصدوق- في مسألة نفى السهو عن المعصوم، و في شرح الاعتقادات و مثلهما غيرهما أيضا من المتأخرين- جواز الغيبة و استثنائها من التحريم المتفق عليه في مثل هذه المواضع، و الا فالأمر مشكل، فان جلالة مثل هؤلاء المشايخ و عدالتهم و ورعهم و تقواهم الظاهر كالشمس في رابعة النهار، يمنع من قدومهم على هذا الأمر المتفق على تحريمه نصا و فتوى، و ان كانوا لم يصرحوا بذلك في مستثنيات الغيبة. و الله سبحانه العالم.
تذنيب [الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه]:
قال في المختلف: قال ابن إدريس: الدين المؤجل لا يجوز بيعه على غير من هو عليه بلا خلاف، و الوجه عندي الكراهة، للأصل الدال على الجواز و الإجماع ممنوع، و أما ان كان حالا لم يجز بيعه بدين آخر مثله، و هل يجوز بيعه نسيئة؟ قال في النهاية: يكره ذلك مع أنه منع من بيعه بدين آخر مثله، و قال ابن إدريس: لا يجوز بيعه نسيئة، بل هو حرام محظور، لانه بعينه بيع الدين بالدين، و هو حسن انتهى.
أقول: قد تقدم في مباحث الفصل الثاني في السلف ما يتعلق بهذا المقام و يأتي إنشاء الله تعالى في بعض مسائل هذا الكتاب ما فيه كفاية لذوي الأفهام.








************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 613

«الإيضاح» أنّه لا قبض أعظم ممّا في الذمّة «1»، و على ما في «جامع المقاصد» هو إمّا العمومات الدالّة على الصحّة لكونه بيعا، أو يقال: هو الشكّ في كونه بيع الكالي بالكالي، إلّا أنّ هذا وحده يكون منشأ الإشكال باعتبار طرفي الشكّ. و ما ذكره في وجه المنع حقّ إن كان المراد ببيع الكالي الكالي بيع الدين بالدين «2»، إلّا أنّه سيأتي للمصنّف في أوّل الفصل الأوّل من المقصد الرابع «3» أنّه بيع الدين المؤجّل بالدين المؤجّل، فلا يتّجه بطلان مصارفة ما في الذمم. و قد تقدّم لنا في أوّل باب الصرف «4» ما له نفع تامّ في المقام عند شرح قوله «و لو اشترى منه دراهم ثمّ اشترى بها دنانير» و تمام الكلام يأتي قريبا إن شاء اللّه تعالى.





************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 623



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 623‌
[المقصد الرابع: في أنواع البيع]
المقصد الرابع في أنواع البيع و هي بالنسبة إلى الأجل أربعة، و إلى الإخبار برأس المال أربعة، و إلى مساواة الثمن للعوض قسمان (1). فهنا فصول ثلاثة:
[الفصل الأوّل: في العوضين]
الأوّل العوضان إن كانا حالّين فهو النقد، و إن كانا مؤجّلين فهو بيع الكالي بالكالي و هو منهيّ عنه، و إن كان المعوّض حالّا خاصّة فهو النسيئة و بالعكس السلف، فهنا مطالب:
______________________________
(المقصد الرابع: في أنواع البيع)
قوله قدّس سرّه: (و هي بالنسبة إلى الأجل أربعة، و إلى الإخبار برأس المال أربعة، و إلى مساواة الثمن للعوض قسمان)
قد ذكر في «التذكرة «1»‌
______________________________
(1) لم نعثر في التذكرة على تنويع البيع إلى خصوص العشرة بل الّذي يظهر منه كغيره من الفقهاء تنويعه إلى ما هو أكثر من العشرة بكثير بحيث لو تأمّلت في كلامه من أوّل البيع إلى آخره لرأيت أنّه عدّده إلى أكثر من ثلاثين كما نقله الشارح عن الشهيد و نحو التذكرة التنقيح و المسالك، فراجع التذكرة: أقسام البيع ج 11 ص 215، و التنقيح: في البيع ج 2 ص 52 و 56، و المسالك: في البيع ج 3 ص 222 و 306.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 624‌
..........
______________________________
و حواشي الشهيد «1» و التنقيح «2» و جامع المقاصد «3» و تعليق الإرشاد «4» و المسالك «5»» و غيرها «6» أنّ أنواع البيع عشرة.
و الشهيد قال: إنّ هذه هي الأقسام المشهورة، و لعلّهم أرادوا بها التنبيه على غيرها لا الحصر فيها، إذ هنا أقسام اخر للبيع باعتبارات اخر، ورقاها إلى نيف و ثلاثين، قال: و ذلك لأنّها إمّا تنسب إلى الحلول و هي أربعة، لأنّه إمّا أن يكونا حالّين و هو النقد أو مؤجّلين و هو بيع الكالي بالكالي أو الثمن حالّا و هو السلف أو العوض و هو النسيئة. و إمّا أن تنسب إلى الإخبار برأس المال و عدمه و هي أربعة أيضا، لأنّه إمّا أن يخبر به أو لا، و الثاني المساومة، و الأوّل إمّا أن يبيعه برأس المال أو لا، و الأوّل التولية، و الثاني إمّا أن يبيعه بربح أو لا، و الأوّل المرابحة، و الثاني المواضعة. و إمّا أن ينسب إلى المساواة بين العوضين فهو اثنان، لأنّه إن أوجبت المساواة فهو الربوي، و إن لم يجب فهو غيره.
قال: و هذه هي الأقسام المشهورة. و هنا أقسام باعتبارات اخر، و ذلك لأنّها بالنسبة إلى القبض في المجلس ثلاثة، لأنّه إن وجب قبضهما في المجلس فهو الصرف، و إن وجب قبض الثمن فهو السلم، و إن لم يجب فهو الباقي، و بالنسبة إلى الخيار و عدمه أربعة، لأنّه إمّا أن يكون فيه خيار أو لا، و الأوّل إمّا خيار عامّ و هو المجلس أو خاصّ بحسب أمر خارج، و بالنسبة إلى التقدير ثلاثة، لأنّه إمّا أن يكون مقدّرا دائما كالنقدين أو غير مقدّر دائما كالحيوان أو مقدّرا في حال دون حال كالثمرة، و بالنسبة إلى العين و الدين أربعة، لأنّه لا يخلو إما أن يكون الثمن‌
______________________________
(1) الحاشية النجّارية: في البيع ص 62 س 2 (مخطوط في مكتبة مؤسّسة النشر الإسلامي).
(2) راجع هامش 1 من الصفحة السابقة.
(3) جامع المقاصد: في أنواع البيع ج 4 ص 202.
(4) حاشية الإرشاد (حياة المحقّق الكركي و آثاره: ج 9) ص 371.
(5) راجع هامش 1 من الصفحة السابقة.
(6) كإيضاح الفوائد: في أنواع البيع ج 1 ص 455.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 625‌
..........
______________________________
و المثمن عينين أو دينين أو الثمن عينا و المثمن دينا أو بالعكس، و لا يستلزم الأجل، و بالنسبة إلى قرار المبيع و الثمن في الملك ثلاثة، لأنّه إمّا أن لا يستقرّ أصلا كالمعاوضة على من ينعتق عليه، أو يستقرّ في حال دون حال كالمتزلزل من خارج كالمتضمّن الشرط و المستحقّ بالشفعة، أو يكون مستقرّا دائما و هو ما عداه ممّا لا خيار فيه، و بالنسبة إلى الافتقار إلى الضميمة ثلاثة، لأنّه إمّا أن يفتقر دائما و هو العبد الآبق و الحمل و اللبن في الضرع أو في حال دون حال كالثمرة قبل بدو صلاحها أو لا يفتقر أصلا و هو ما عدا ذلك «1»، انتهى. و قد قسّم البيع في «الوسيلة» إلى عشرين قسما «2».
و قد فسّر بيع الكالي بالكالي المصنّف «3» و الشهيدان «4» و الفاضل المقداد «5» و المحقّق الثاني «6» و غيرهم «7» بما إذا كان العوضان مؤجّلين، و قد نقل «8» الإجماع مستفيضا على فساده. و الظاهر أنّ النهي عنه بهذا اللفظ إنّما هو من طريق العامّة «9» و الّذي في أخبارنا إنّما هو النهي عن بيع الدين بالدين كما ورد في رواية طلحة بن زيد «10»، و في الصحيح في بيع الدين قال: لا تبعه نسيئا و أمّا نقدا فليبعه بما شاء «11»‌
______________________________
(1) الحاشية النجّارية: في البيع ص 62 س 1- 21 (مخطوط في مكتبة مؤسّسة النشر الإسلامي).
(2) الوسيلة: في البيع ص 238.
(3) تذكرة الفقهاء: في المرابحة ج 11 ص 215.
(4) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 256، و مسالك الأفهام: في النقد و النسيئة ج 3 ص 222.
(5) التنقيح الرائع: في البيع ج 2 ص 52.
(6) جامع المقاصد: في أنواع البيع ج 4 ص 203.
(7) كرياض المسائل: في النقد و النسيئة ج 8 ص 211.
(8) الناقل هو الطباطبائي في رياض المسائل: في النقد و النسيئة ج 8 ص 211.
(9) سنن البيهقي: باب ما جاء في النهي عن بيع الدين بالدين ج 5 ص 290.
(10) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الدين و القرض ح 1 ج 13 ص 99.
(11) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أحكام العقود ذيل ح 8 ج 12 ص 373.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 626‌
..........
______________________________
و يظهر من «التذكرة» في مقام آخر: أنّ بيع الكالي بالكالي هو بيع الدين بالدين سواء كان مؤجّلا أم لا «1». و ظاهره تحريم الأمرين كليهما. و أقسام بيع الدين ثمانية قد استوفينا الكلام فيها في باب الدين «2». و في «المهذّب البارع» أنّ الدين الممنوع عن بيعه بمثله ما كان عوضا حال كونه دينا بمقتضى تعلّق الباء به، فلو باعه دينا في ذمّة زيد بدين للمشتري في ذمّة عمرو لم يجز قولا واحدا «3»، انتهى.
و لو باعه الدين بعد حلوله بما هو حاضر مشخّص بنحو الإشارة صحّ بلا خلاف، و كذا إن باعه بمضمون حالّ، و لو شرط تأجيل الثمن فجماعة «4» على أنّه حرام و آخرون «5» على أنّه مكروه.
حجّة القول بالكراهة ما تقدّمت الإشارة إليه من أنّ الدين الممنوع عن بيعه بمثله ما كان عوضا حال كونه دينا، و المضمون عند العقد ليس بدين و إنّما يصير دينا بعده، فلم يتحقّق بيع الدين بالدين، و لأنّه يلزم مثله في بيعه بحالّ و لم يلتزموه، و الفرق غير واضح.
و قد فرّق الأوّلون بأنّه مع اشتراط التأجيل و ذكره يصدق أنّه بيع دين بمثله، أمّا بعد العقد فواضح، و أمّا في أثنائه فلأنّ الشرط كالجزء من العقد، و ترتّب الحكم من الصحّة و الفساد إنّما يتوقّف على تمامه، و إطلاق اسم الدين عليه في أثناء العقد و بعده حقيقي بخلاف الحالّ فإنّه إن صحّ إطلاقه عليه في صورة الإمهال فهو مجاز بنصّ أهل اللغة و الفقهاء كما ستسمعه في باب الدين «6»، على أنّه له المطالبة و الأخذ‌
______________________________
(1) تذكرة الفقهاء: في البيع ج 10 ص 126.
(2) مفتاح الكرامة: كتاب الدين ج 5 ص 28 (الطبعة الرحلية).
(3) المهذّب البارع: في السلف ج 2 ص 476- 477.
(4) منهم ابن إدريس في السرائر: في الدين ج 2 ص 55، و الشهيد في الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(5) منهم المحقّق في المختصر النافع: في السلف ص 134، و الشهيد الثاني في مسالك الأفهام:
في أحكام بيع السلف ج 3 ص 433- 434.
(6) سيأتي في ج 5 ص 29 من الطبعة الرحلية الّذي يكون حسب تجزئتنا الجزء الخامس عشر.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 627‌
[المطلب الأوّل: في النقد و النسيئة]
(المطلب الأوّل) في النقد و النسيئة:
إطلاق العقد و اشتراط التعجيل يقتضيان تعجيل الثمن، (1)
______________________________
متى شاء فلا اشتراك. و الغرض من ذكر هذه الأحكام بيان محلّ الإجماع على المنع من بيع الدين بالدين، و تمام الكلام في محلّه و هو باب الدين.
(المطلب الأوّل: في النقد و النسيئة)
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق




************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 722



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 722‌
[حكم جعل الثمن ما في ذمّة البائع]
و لو جعل الثمن في العقد ما يستحقّه في ذمّة البائع بطل، لأنّه بيع دين بدين على إشكال، (1)
______________________________
قلت: سيأتي «1» للمصنّف في باب الحوالة التردّد في أنّ الحوالة بيع و اعتياض أو استيفاء، و على الأوّل يمكن البطلان، لأنّ المقبوض عوض مال السلم لا نفسه، مع قوّة بطلان الحوالة أيضا على تقدير الاعتياض، كما لو باع مال السلم قبل قبضه، و إنّما يتأتّى البحث على تقدير الاستيفاء، فتأمّل. و الأصحّ أنّها استيفاء، و لو كانت بيعا و اعتياضا لما جازت إلّا مع التقابض قبل التفرّق و لوجب على المحيل تسليم ما أحال به كما يجب على البائع تسليم المبيع، إلى غير ذلك ممّا يدلّ على ذلك.
و أمّا إذا لم يقبض البائع في المجلس فالأقوى بطلان السلم، لعدم القبض في المجلس الّذي هو شرط صحّة السلم، و يحتمل الصحّة، لأنّ الحوالة كالقبض، و لهذا لا يحبس البائع بعدها السلعة فإنّه يجوز له الحبس إلى أن يقبض بغير خلاف، فليتأمّل جيّدا.
[حكم جعل الثمن ما في ذمّة البائع]
قوله قدّس سرّه: (و لو جعل الثمن في العقد ما يستحقّه في ذمّة البائع بطل، لأنّه بيع دين بدين على إشكال)
كما في «التذكرة «2»» القول بالبطلان خيرة «النهاية «3» و السرائر «4» و المختلف «5» و الدروس «6» و اللمعة «7» و حواشي‌
______________________________
(1) في ج 5 ص 406- 407 (الطبعة الرحليّة).
(2) تذكرة الفقهاء: في السلم ج 11 ص 336.
(3) النهاية: في الديون و الأرزاق ص 310.
(4) السرائر: في الديون و الأرزاق ج 2 ص 55.
(5) مختلف الشيعة: في السلف ج 5 ص 155.
(6) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 256.
(7) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 124.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 723‌
..........
______________________________
الكتاب «1» و جامع المقاصد «2» و الروضة «3»» و كأنّه مال إليه أو قال به في «المسالك» و قد نسبه فيه إلى الأكثر «4». و في «الرياض» أنّه الأشهر «5». و في «الحدائق» أنّه المشهور «6». و الحجّة فيه أنّه بيع دين بدين منهيّ عنه، أمّا كون المسلّم فيه دينا فواضح، و أمّا الثمن الّذي في الذمّة فإنّه إذا جعل ثمنا للمسلّم فيه صدق بيع الدين بالدين. و يؤيّده الصحيح عن الرجل يكون له على الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غير ذلك فأتى المطلوب الطالب ليبتاع منه شيئا؟ قال: لا يبعه نسيئا و أمّا نقدا فليبعه بما شاء «7»، فتأمّل.
و القول بالصحّة خيرة «الشرائع «8» و النافع «9» و التحرير «10» و كشف الرموز «11» و التنقيح «12» و إيضاح النافع» و نفى عنه البعد في «الكفاية «13»» و في أكثرها أنّه مكروه. و احتجّ عليه في «كشف الرموز «14» و إيضاح النافع» بأنّ الممنوع بيع ما في ذمّة زيد بما في ذمّة عمرو أو بيع الدين المؤجّل بالثمن المؤجّل، و أمّا بما في ذمّة‌
______________________________
(1) الحاشية النجّارية: في السلم ص 65 س 5 (مخطوط في مكتبة مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية).
(2) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.
(3) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 408.
(4) مسالك الأفهام: في السلف ج 3 ص 412.
(5) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 442.
(6) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 18.
(7) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أحكام العقود ح 8 ج 12 ص 373.
(8) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66.
(9) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(10) تحرير الأحكام: في السلم ج 2 ص 425.
(11) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 524 و 527.
(12) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 144.
(13) كفاية الأحكام: في السلف ج 1 ص 521.
(14) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 524.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 724‌
..........
______________________________
أحد المبتاعين فلا، لأنّه مقبوض، و أيضا فالسلف يؤول إلى كونه دينا فلا يكون حال العقد دينا بدين.
قلت: قد يحتجّ عليه بالأصل و العمومات و انحصار دليل هذا الشرط في الإجماع، و ليس بمتيقّن بل و لا ظاهر في محلّ النزاع لمكان الاختلاف «1». و يؤيّده ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن عمر أنّه كان له على رجل دراهم فعرض عليه الرجل أن يبيعه بها طعاما إلى أجل مسمّى فأمر إسماعيل من يسأله، فقال: لا بأس بذلك «2» ... الخبر. و لا ينافيه النهي عنه في آخره لإشعار السياق بورود ذلك للتقيّة.
و لم يرجّح في «الإيضاح «3» و المقتصر «4»» واحد من القولين.
و مبنى الكلام في المسألة يتوقّف على بيان المراد من الدين في بيع الدين بالدين الّذي نهي عنه في خبر طلحة «5» و انعقد الإجماع عليه هل هو عبارة عمّا كان دينا قبل العقد كما مثّل به في «كشف الرموز «6» و إيضاح النافع» فيخصّ بذلك؟ أو يشمل ما صار دينا بسبب العقد و إن لم يكن دينا قبله؟ و قد تقدّم «7» منّا بيان هذه المسألة في أوّل المقصد الرابع في أنواع البيع بما لا مزيد عليه، و قد قلنا هناك إنّ المشهور الثاني، و يظهر لنا أنّه محلّ إجماع، لأنّ المسلّم فيه ليس بدين حال العقد و إنّما يصير دينا به، مع أنّ ظاهرهم الإجماع على أنّه من الدين المنهيّ عنه لو كان الثمن دينا، و إنّما يتأمّلون فيما نحن فيه من جهة الثمن الّذي هو في الذمّة و في حكم المقبوض، و لم أجد من أخرج المسلّم فيه عن الدين المنهيّ عنه لأن كان بعد‌
______________________________
(1) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 441.
(2) تهذيب الأحكام: في بيع المضمون ح 74 ج 7 ص 43.
(3) إيضاح الفوائد: في السلف ج 1 ص 464.
(4) بل اختار البطلان، فراجع المقتصر: ص 187.
(5) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب السلف ح 2 ج 13 ص 64.
(6) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 524.
(7) تقدّم في ص 623- 627.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 725‌
و لو لم يعيّنه ثمّ حاسبه بعد العقد من دينه عليه فالوجه الجواز. (1)
______________________________
العقد لا قبله إلّا الشيخ إبراهيم القطيفي في «إيضاح النافع» و هو متأخّر معلوم نسبه عند من يعتبر ذلك. و تمام الكلام مستوفى في باب الدين.
قوله قدّس سرّه: (و لو لم يعيّنه ثمّ حاسبه بعد العقد من دينه عليه فالوجه الجواز)
و قال في «التذكرة»: جاز قطعا «1» و ظاهره أنّه محلّ إجماع أو ليس عنده فيه إشكال. و الجواز خيرة «اللمعة «2» و إيضاح النافع و الروضة «3» و المسالك «4» و الكفاية «5»» لأنّه استيفاء دين قبل التفرّق مع عدم ورود العقد عليه، فلا يقصّر عمّا لو أطلقا الثمن ثمّ أحضره قبل التفرّق.
و في «اللمعة «6»» جعل ذلك محاسبة كالكتاب فقال في «الروضة»: إنّما يفتقر إلى المحاسبة مع تخالفهما جنسا أو وصفا، أمّا لو اتّفق ما في الذمّة و الثمن فيهما وقع التهاتر قهريّا و لزم العقد، فتأمّل. ثمّ قال: إنّ الشهيد في الدروس استشكل على هذا في صحّة العقد استنادا إلى أنّه يلزم منه كون مورد العقد دينا بدين. و أجاب «7» عنه بما أشار إليه في «جامع المقاصد «8»» من أنّ الثمن هنا أمر كلّي و تعيينه بعد العقد في شخص لا يقتضي كونه هو الثمن الّذي جرى عليه العقد. و مثل هذا التقاصّ و التحاسب استيفاء لا معاوضة، و لو أثّر مثل ذلك لأثّر مع إطلاقه ثمّ دفعه في‌
______________________________
(1) تذكرة الفقهاء: في السلم ج 11 ص 338.
(2) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 124.
(3) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 409.
(4) مسالك الأفهام: في السلف ج 3 ص 412.
(5) كفاية الأحكام: في السلف ج 1 ص 521.
(6) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 124.
(7) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 409- 410.
(8) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 726‌
[فيما لو شرط تعجيل نصف الثمن]
و لو شرط تعجيل نصف الثمن و تأخير الباقي لم يصحّ، أمّا في غير المقبوض فلانتفاء القبض، و أمّا في المقبوض فلزيادته على المؤجّل، فيستدعي أن يكون في مقابله أكثر ممّا في مقابلة المؤجّل، و الزيادة مجهولة. (1)
______________________________
المجلس، لصدق بيع الدين بالدين عليه ابتداءً. و قال في «جامع المقاصد».
و يشكل بما سبق في كلامه في الصرف من أنّ ذلك صرف ذمّة بذمّة فيكون بيع دين بدين إلّا أن يوقع ذلك على وجه الصلح و نحوه «1».
قلت: قد تقدّم «2» لنا في باب الصرف عند شرح قوله «لو كان لأحدهما على الآخر ذهب و للآخر على الأوّل دراهم فتصارفا بما في ذممهما (ذمّتهما- خ ل) جاز من غير تقابض» ما له نفع تامّ في المقام، و أنفع منه ما تقدّم «3» لنا عند شرح قوله «و لو اشترى منه دراهم ثمّ اشترى بها دنانير». و تنقيح البحث بما لا مزيد عليه يطلب ممّا ذكرناه «4» في أوّل المقصد الرابع في أنواع البيع.
[فيما لو شرط تعجيل نصف ال
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق




************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)؛ ج‌13، ص: 774



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 774‌
[حكم بيع السلم قبل حلول أجله]
و لا يجوز بيع السلم قبل حلوله، (1)
______________________________
[حكم بيع السلم قبل حلول أجله]
قوله قدّس سرّه: (و لا يجوز بيع السلم قبل حلوله)
عدم جواز بيع السلم قبل حلوله إجماعي كما في «كشف الرموز «1» و التنقيح «2»» و ظاهر «الغنية «3» و جامع المقاصد «4» و مجمع البرهان «5» و الكفاية «6» و الحدائق «7»» و لا فرق في ذلك بين كونه على من هو عليه أو غيره حالّا أو مؤجّلا كما هو قضيّة كلامهم.
و في «الرياض» أنّه لم يظهر له خلاف في ذلك كلّه إلّا من بعض من ندر ممّن تأخّر «8». قلت: قد تعطي عبارة «الوسيلة» خلافا في المقام، قال: و إذا أراد أن يبيع المسلف ما أسلف فيه من المستسلف عند حلول الأجل أو قبله بجنس ما ابتاعه بأكثر من الثمن الّذي ابتاعه لم يجز، و إن باع بجنس غير ذلك جاز «9»، انتهى فليتأمّل.
و قد جوّز الشهيدان «10» و الفاضل الميسي الصلح عليه، و هذا منهم بناء على أنّ الصلح أصل لا فرع.
و من ندر ممّن تأخّر «11» نظر إلى أنّه حقّ مالي فيجوز بيعه و لا ينافيه عدم استحقاق المشتري له، لتعلّق عدم الاستحقاق بالمطالبة دون الملكية فإنّها حاصلة و إن لم‌
______________________________
(1) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 525.
(2) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 145.
(3) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(4) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 241.
(5) مجمع الفائدة و البرهان: في السلف ج 8 ص 360.
(6) كفاية الأحكام: في السلف ج 1 ص 523.
(7) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 35.
(8) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 447.
(9) الوسيلة: في السلف ص 242.
(10) الدروس الشرعية: في السلف ج 3 ص 261، و الروضة: في السلف ج 3 ص 422.
(11) الوسيلة: في السلف ص 242.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 775‌
و يجوز بعده قبل القبض على الغريم و غيره على كراهية، (1)
______________________________
يجز له قبل الأجل المطالبة. و القدرة على التسليم المشترطة في صحّة المعاملة إنّما هي في الجملة لا حين إجراء عقد المعاملة، و إلّا لما صحّ ابتياع الحيوان الغائبة إلّا بعد حضورها و القدرة على تسليمها حين المعاملة، و ذلك معلوم الفساد، فالأصل في المسألة الإجماع، نعم إذا باعه حالّا بطل، لعدم استحقاق المطالبة.
قوله قدّس سرّه: (و يجوز بعده قبل القبض على الغريم و غيره على كراهية)
ذكر في «التذكرة» أنّ لعلمائنا في بيع ما لم يقبض خمسة أقوال:
الجواز على كراهية مطلقا، و المنع مطلقا، و المنع في المكيل و الموزون مطلقا و الجواز في غيرهما، و المنع في الطعام خاصّة، و المنع في المكيل و الموزون خاصّة إلّا تولية «1». و هذه الأقوال لم ينقلها هكذا أحد، بل ادّعى الإجماع على بيع ما عدا المكيل و الموزن «2».
و على كلّ حال فالّذي يظهر أنّ الأقوال أكثر من ذلك. و قد اختار في «التحرير» أنّه يحرم بيع الطعام قبل قبضه إلّا تولية «3». و هذا غير القول الخامس، لأنّ القول الخامس المنع في المكيل و الموزون إلّا تولية، و هو أعمّ. و ما في الكتاب كلّه صرّح به في موضع من «الشرائع «4» و التحرير «5» و اللمعة «6»» و كذا «التذكرة «7» و الإرشاد «8»» غير أنّه لم يذكر الكراهية فيهما.
______________________________
(1) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 119- 122.
(2) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338، و في أحكام السلف: ص 430.
(3) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338، و في أحكام السلف: ص 430.
(4) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 65.
(5) تحرير الأحكام: في أحكام السلف ج 2 ص 430.
(6) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 125.
(7) تذكرة الفقهاء: في السلم ج 11 ص 359 و ذكر فيها الكراهة.
(8) إرشاد الأذهان: في السلف ج 1 ص 372.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 776‌
..........
______________________________
و في «النهاية «1»» و موضع من «المبسوط «2» و الشرائع «3» و الإرشاد «4» و التحرير «5» و الكتاب» أيضا و «الدروس «6»» أنّه من ابتاع متاعا لم يقبضه ثمّ أراد بيعه كان مكروها إذا كان ممّا يكال أو يوزن. و هو خيرة «الإيضاح «7» و التنقيح «8» و جامع المقاصد «9» و مجمع البرهان «10»» و المحكي عن المفيد «11» و القاضي في الكامل «12».
و في موضع من «المبسوط «13» و التذكرة «14» و الميسية و المسالك «15»» في موضعين منه و «الروضة «16»» المنع من ذلك. و هو المنقول عن الحسن بن عيسى «17»، بل في باب القبض من «المبسوط» الإجماع على أنّه لا يجوز بيع المسلم فيه قبل القبض على من هو عليه و على غيره «18»، و في موضع من «المبسوط» الإجماع‌
______________________________
(1) النهاية: في السلف ص 398.
(2) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 119- 120.
(3) شرائع الإسلام: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 31.
(4) إرشاد الأذهان: في التسليم ج 1 ص 382.
(5) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.
(6) الدروس الشرعية: في القبض ج 3 ص 211.
(7) إيضاح الفوائد: في التسليم ج 1 ص 508.
(8) التنقيح الرائع: في أحكام المبيع ج 2 ص 68.
(9) جامع المقاصد: في التسليم ج 4 ص 398.
(10) مجمع الفائدة و البرهان: في التسليم ج 8 ص 507.
(11) الحاكي عنه هو المقداد في التنقيح الرائع: في أحكام المبيع ج 2 ص 68.
(12) الحاكي عنه هو العلّامة في مختلف الشيعة: في القبض ج 5 ص 281.
(13) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 119.
(14) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 129 و في السلم ج 11 ص 360.
(15) مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 247 و بيع السلف ص 424.
(16) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 421.
(17) نقله عنه فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد: في التسليم ج 1 ص 508، و الفاضل المقداد في التنقيح: ج 2 ص 68.
(18) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 122.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 777‌
..........
______________________________
على المنع منه في الطعام «1» «كالغنية «2»».
و في «الخلاف» يجوز بيع ما عدا الطعام ما لم يقبض «3». و هو خيرة القاضي في «المهذّب «4»». و هو الّذي استظهره في موضع من «التذكرة» على إشكال له فيه «5».
و في «التحرير» يحرم إذا كان طعاما إلّا تولية «6». و في موضع آخر من «المبسوط» المنع عن بيع ما لم يقبض مطلقا «7» و لو كان مال كتابة كما ستعرف «8». و في «النافع «9»» عين ما في الكتاب إلّا أنّه خصّص الكراهية بالطعام.
و أبو جعفر الطوسي منع من بيع الطعام قبل القبض سواء كان مبيعا أو قرضا، و قال: إنّ غير الطعام يجوز بيعه قبل القبض على كلّ حال إلّا أن يكون سلفا «10».
و أبو الصلاح قال: يصحّ بيع ما استحقّ تسليمه قبل أن يقبضه و ينوب قبض الثاني عن الأوّل «11» و أطلق. و في «المقنع «12»» لا يجوز أن يشتري الطعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه، و روي في حديث أنّه لا بأس أن يشتري الطعام ثمّ يبيعه قبل أن يقبضه «13».
و نقل «14» عن الشهيد أنّه حكى عن كثير من الأصحاب منهم ابن أبي عقيل القول‌
______________________________
(1) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 122.
(2) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(3) الخلاف: في البيع ج 3 ص 97 مسألة 158.
(4) المهذّب البارع: في بيع ما لم يقبض ج 1 ص 385.
(5) تذكرة الفقهاء: في العوضين ج 10 ص 122.
(6) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.
(7) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 120.
(8) سيأتي في ص 779.
(9) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(10) الوسيلة: في بيع ما لم يقبض ص 252.
(11) الكافي في الفقه: في البيع ص 355.
(12) المقنع: في المكاسب و التجارات ص 367.
(13) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ح 6 ج 12 ص 388.
(14) الناقل عنه المقداد في التنقيح الرائع: في القبض ج 2 ص 68.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 778‌
..........
______________________________
بالتحريم مطلقا طعاما كان أو غيره. و قد سمعت ما وجدنا حكايته عن ابن أبي عقيل. و في موضع من «الدروس «1»» الأقرب الكراهية في المكيل و الموزون، و تتأكّد في الطعام، و آكد منه إذا باعه بربح. و نحوه ما في موضع من «النافع «2» و كشف الرموز «3»». و في «التحرير» في آخر بحث الصبرة: أنّ بيع الطعام قبل قبضه مكروه عندنا «4»، و ظاهره الإجماع عليه. و جوّز في «المراسم «5»» البيع بعد الأجل، و أطلق و لم يفصّل. و قال في موضع آخر: يجوز بيع الدين قبل قبضه «6».
و في دين «السرائر «7»» أنّه لا يصحّ بيعه على غير من هو عليه، لأنّه غير معيّن.
و قال في سلف «السرائر «8»»: يجوز بيعه على الّذي هو عليه بزيادة أو نقصان من دون ذكر كراهية. و ظاهر الشيخ في «التهذيب «9»» المنع من البيع بالدراهم إذا كان الثمن الأوّل كذلك للخبر، و قد حملا «10» على ما إذا تفاوت الثمن بالزيادة. و نسب في «كشف الرموز «11»» إلى الشيخ و أتباعه جواز بيعه على من هو عليه و على غيره، و نسب الخلاف إلى ابن إدريس في باب الدين. و في «التنقيح» الإجماع على صحّة بيعه على من هو عليه «12». و في «التحرير» يجوز بيع ما لا يكال و لا يوزن قبل قبضه إجماعا «13».
______________________________
(1) الدروس الشرعية: في القبض ج 3 ص 211.
(2) المختصر النافع: في القبض ص 124.
(3) كشف الرموز: في القبض ج 1 ص 472.
(4) تحرير الأحكام: في أحكام الصبرة ج 2 ص 344.
(5) المراسم: في البيع بالنسيئة ص 174 و في بيع الأرزاق ... ص 181.
(6) المراسم: في البيع بالنسيئة ص 174 و في بيع الأرزاق ... ص 181.
(7) السرائر: في بيع الديون ج 2 ص 55.
(8) السرائر: في السلف ج 2 ص 314.
(9) تهذيب الأحكام: ب 3 في بيع المضمون ذيل ح 129 ج 7 ص 30- 31.
(10) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 449.
(11) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 525.
(12) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 145.
(13) تحرير الأحكام: في التسليم ج 2 ص 338.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 779‌
..........
______________________________
هذا كلامهم في ما يتعلّق في المنع و الجواز مع الكراهة و بدونها و البيع على من هو عليه و غيره مع قطع النظر عن التفاوت بزيادة الثمن و عدمه. و هذا الّذي ذكرناه من أقوالهم نقلناه من كلامهم في المقام و في باب بيع ما لم يقبض بناء منّا على أنّ المسألتين من سنخ واحد كما هو الظاهر من كلماتهم و ملاحظة أدلّتهم و قضية قواعدهم و صريح بعضهم.
لكن بيع الدين قبل قبضه و بعد حلوله إذا لم يكن سلما ممّا لا خلاف فيه على الظاهر إلّا من ابن إدريس- كما سمعت- و من ابن حمزة في «الوسيلة» إذا كان طعاما كما عرفت، و ذلك ليس ممّا نحن فيه، لأنّ الخلاف فيما نحن فيه من المكيل و الموزون مبيعا و كراهية إنّما هو فيما إذا كان انتقل إليه بالبيع و أراد نقله به.
و أمّا في صورة التفاوت فالمفيد و الحلّيون على الجواز كما في «الدروس «1»»، قال: و هو ظاهر مرسلة أبان «2» و مكاتبة ابن فضّال «3». قلت: و هو خيرة «المختلف «4»» و ظاهر «النهاية «5»» و موضع من «المبسوط «6»» و موضعين من «الشرائع «7»» و غيرها «8» كما أسمعناك ذلك كلّه. و قد وافقهم أبو المكارم «9» و أبو الصلاح فيما حكي «10» عنه فيما إذا باعه على غير من هو عليه، و ادّعى الأوّل الإجماع عليه. و قد سمعت ما في «المراسم» و ما في «السرائر» في موضعين منها. و في «الحدائق «11»» أنّ هذا القول‌
______________________________
(1) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(2) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 5 و 8 ج 13 ص 69 و 70.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 5 و 8 ج 13 ص 69 و 70.
(4) مختلف الشيعة: في السلف ج 5 ص 139.
(5) النهاية: في باب البيع بالنقد و النسيئة ص 388.
(6) المبسوط: في بيع ما لم يقبض ج 2 ص 123.
(7) شرائع الإسلام: في النقد و النسيئة ج 2 ص 26، و في أحكام السلف ص 66.
(8) كالدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(9) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(10) الحاكي عنه هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(11) الحدائق الناضرة: في السلم ج 20 ص 40.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 780‌
..........
______________________________
مشهور بين الأصحاب على كراهية في المكيل و الموزون.
حجّة هذا القول الأصل و العمومات السليمة عمّا يصلح للمعارضة سوى صحاح غير صريحة الدلالة على وقوع المعاملة الثانية، فيحتمل ورودها في الفسخ خاصّة، و لا ريب حينئذ في المنع عن الزيادة مع التجانس في الكيل و الوزن، و ما روي في «الكافي «1» و التهذيب «2»» عن أحمد عن ابن أبي عمير عن أبان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يسلف الدراهم في الطعام إلى أجل فيحلّ الطعام، فيقول: ليس عندي طعام، و لكن انظر ما قيمته فخذ منّي ثمنه، قال: لا بأس بذلك. و هذا الخبر يلحق بالصحيح أو بالموثّق عند جماعة «3». و قد عضده مكاتبة ابن فضّال «4» و مكاتبة عليّ بن محمّد، قال: كتبت إليه «5» ... الحديث.
و خبر عليّ بن جعفر «6» فإنّه بإطلاقه شامل لما نحن فيه صريح في الربح، و قوله عليه السّلام:
«لم يصلح» ظاهر في الكراهية، و الخبر صحيح على الصحيح، لأنّ طريق الشيخ إلى عليّ بن جعفر صحيح، فقول بعضهم «7» «إنّه ضعيف» غفلة.
و ذهب الشيخ في موضع من «النهاية «8»» و أبو جعفر في «الوسيلة «9»» إلى أنّه في صورة التفاوت بالزيادة لا يجوز. و هو المحكي عن أبي عليّ «10» و العماني «11» و القاضي «12». و حمل عليه كلام «التهذيب «13»» و هو قضية كلام أبي المكارم فيما إذا‌
______________________________
(1) الكافي: في باب السلم في الطعام ح 6 ج 5 ص 185.
(2) تهذيب الأحكام: ب 3 في بيع المضمون ح 127 ج 7 ص 30.
(3) منهم الطباطبائي في الرياض: ج 8 ص 451، و البحراني في الحدائق: ج 20 ص 38.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 8 و 11 و 12 ج 13 ص 70- 71.
(7) كالطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(8) النهاية: في السلف ص 397.
(9) الوسيلة: في السلف ص 242.
(10) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(11) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(12) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(13) الحاكي عنهم هو الطباطبائي في رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 781‌
..........
______________________________
باعه على المسلم عليه بجنسه «1». و في «الدروس «2»» أنّه مذهب الأكثر و الرواية به أشهر. و حكى صاحب «الرياض «3»» عن أبي الصلاح نقل الإجماع عليه و ادّعى أنّه- أي الإجماع- ظاهر «الغنية» و الموجود في «الغنية» ما أسمعناكه أوّلا و آخرا.
و الأخبار الدالّة عليه صحيحتا محمّد بن قيس «4» و صحيحة سليمان بن خالد «5» و صحيحة يعقوب بن شعيب «6» و موثّقة عبد اللّه بن بكير «7» و غيرها «8». و هذه الأخبار و إن قلنا إنّها غير صريحة الدلالة في المعاملة الثانية إلّا أنّ منها ما هو ظاهر في ذلك كإحدى صحيحتي محمّد بن قيس الواردة في رجل أعطى رجلا ورقا في وصيف إلى أجل مسمّى، فقال له صاحبه: لا أجد لك وصيفا خذ منّي قيمة وصيفك اليوم ورقا، فقال: لا يأخذ إلّا وصيفه أو ورقه الّذي أعطاه أوّل مرّة و لا يزداد عليه شيئا. و كقوله عليه السّلام في صحيحه الآخر: فلا يأخذ إلّا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ. و لو سلّم عدم الظهور فإطلاقها يشمل المعاملة الثانية، و هذا بالنظر إلى الأصل و العمومات خاصّ فليقدّم.
على أنّ أخبار القول الأوّل قابلة للحمل على صورة عدم الزيادة مع الفسخ و الإقالة أو عدم المجانسة، و لا ريب في ذلك نصّا و فتوى، ففي صحيحة العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتّى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام و وجد عنده دوابا و رقيقا و متاعا أ يحلّ له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه؟ قال: نعم يسمّي كذا و كذا صاعا «9». و هذا الخبر كصحيح محمّد بن قيس و غيره صريح في جواز بيع الطعام على من هو عليه قبل‌
______________________________
(1) غنية النزوع: في السلم ص 228.
(2) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 258.
(3) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 449.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(7) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(8) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 9 و 15 و 3 و 10 و 14 و 13 ج 13 ص 68- 72.
(9) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب السلف ح 6 ج 13 ص 69.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 782‌
..........
______________________________
القبض من دون كراهية فضلا عن الحرمة. و لعلّ من كره أو حرّم نظر إلى إطلاق النصوص المانعة من بيعه قبل قبضه. و فيه: أنّ هذه مقدّمة لخصوصها لكن في مواردها، و هو البيع على من هو عليه خاصّة، و لعلّ القول بها على الإطلاق غير بعيد تفصّيا من شبهة الخلاف و دعوى الإجماع و الإطلاق المشار إليه.
و ليعلم أنّ أكثر الأخبار المانعة مصرّحة بالطعام و أطلق في صحيحة منصور بن حازم «1» و معاوية بن رهب «2» النهي عن بيع كلّ المكيل و الموزون إلّا تولية. و هل يحمل المطلق على المقيد في المقام أولا لعدم التنافي حتّى يجمع بينهما بالحمل على المقيّد؟
و قد تحصّل من هذين القولين أنّ البيع قبل القبض بمجانس الثمن- ربويّين كانا أو لم يكونا إذا لم يكن بين الثمنين الربويّين تفاوت بزيادة و لا نقيصة- ممّا اتفق عليه أصحاب هذين القولين.
و يدلّ عليه بعد الأصل و العمومات الأخبار الصحاح و المعتبرة، و مواردها و إن اختصّت بالبيع على المسلم لكن القائل بالفصل نادر.
و المراد بالطعام الحنطة و الشعير، لأنّه معناه شرعا كما نبّهوا «3» عليه في مواضع منها حلّ طعام أهل الكتاب «4». و به صرّح فخر الدين كما حكي «5» عنه. و استجوده بعض المتأخّرين «6» اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقّن. و قيل «7»: المراد به كلّ ما‌
______________________________
(1) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب السلف ص 67.
(2) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ح 11 ج 12 ص 389.
(3) المنبّه على ذلك- مضافا إلى أهل اللغة كالطريحي في المجمع: ج 6 ص 105 نقلا عن غيره و الجوهري في الصحاح: ج 5 ص 1974، و قد استشهد بحديث أبي سعيد و غيرهما- البحراني في الحدائق: ج 5 ص 171 نقلا عن جملة من أفاضل أهل اللغة و الشهيد الأوّل في الدروس: ج 2 ص 186، و الشهيد الثاني في المسالك: ج 10 ص 94.
(4) المائدة: 5.
(5) حكاه الشهيد الثاني و استجوده في مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 248.
(6) حكاه الشهيد الثاني و استجوده في مسالك الأفهام: في التسليم ج 3 ص 248.
(7) الحدائق الناضرة: في أحكام القبض ج 19 ص 179.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 783‌
..........
______________________________
اعدّ للأكل كما هو موضوعه لغة. و حكى الشهيد «1» في باب القبض عن المصنّف في التحرير أنّه الحنطة خاصّة. و هو محكي «2» عن بعض أهل اللغة.
و على القول بالمنع مطلقا أو على بعض الوجوه هل يقع البيع باطلا أو يأثم خاصّة؟
يبنى على أنّ النهي في المعاملة يقتضي الفساد أولا. و في «المختلف «3» و التنقيح «4»» أنّه لا يبطل و إنّما يأثم و بالبطلان صرّح ابن أبي عقيل فيما حكي «5» عنه. و هو الأصحّ.
و من أراد الوقوف على الأخبار في الباب فليلحظ «الوافي «6»» في المقام و في باب بيع الشي‌ء بعد شرائه و قبل كيله أو قبضه، لكن أخبار الباب على كثرتها مخصوصة بالبيع على من عليه الدين، و أخبار بيع الشي‌ء قبل قبضه بعد ضمّ مطلقها إلى مقيّدها و مجملها إلى مبيّنها ظاهرة في البيع على الغير. و قد يتخيّل من ذلك أنّ المسألتين ليستا من واد واحد و ليس كذلك و إن أوهمته بعض الروايات أو احتمل من كلامهم في بعض المقامات. و من لحظ كلامهم و أدلّتهم في البابين علم اتّحاد المسألتين.
و هنا فوائد طفحت بها عباراتهم و قد ذكرها في «التنقيح» نافيا عنها الخلاف، قال:
الاولى: لم نسمع خلافا بين أصحابنا و غيرهم في جواز بيع الأمانات قبل قبضها لتمام الملك و عدم كونها مضمونة على من هي في يده، و كذا المملوك بالإرث إلّا أن يكون الموروث ملكه بالشراء و لم يقبضه. قلت: في الاستثناء نظر، لأنّ انتقاله إلى الوارث بالإرث واسطة بين البيعين، و كذلك الحال في الصداق إذا كان المصدق اشتراه و لم يقبضه ثمّ أصدقه و أرادت المرأة بيعه. و مثله عوض الخلع‌
______________________________
(1) لم نعثر على هذه الحكاية في كتب الشهيد، فراجع لعلّك تجده إن شاء اللّه.
(2) الحاكي عنهم هو ابن فارس اللغوي في مجمل اللغة: ج 2 ص 582 مادّة «طعم».
(3) مختلف الشيعة: في القبض ج 5 ص 284.
(4) التنقيح الرائع: في القبض ج 2 ص 68.
(5) الحاكي هو المقداد في التنقيح الرائع: في القبض ج 2 ص 68.
(6) الوافي: ب 88 في السلف في الطعام ج 18 ص 553 و ب 78 في بيع الشي‌ء بعد شرائه ج 17 ص 491.



************
مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌13، ص: 784‌
[حكم بيع بعض المسلم فيه تولية و وضيعة]
و يجوز بيع بعضه و توليته و تولية بعضه. (1)
______________________________
من جانب المرأة المشترية له قبل القبض. و تمام الكلام في هذه الفروع في المطلب الثاني في الفصل الثاني في التسليم.
الثانية: لم نسمع خلافا أيضا بين أصحابنا في جواز بيع ما ملك بغير بيع كالصلح و غيره من العقود قبل قبضه.
الثالثة: ظاهر أصحابنا أيضا و يكاد يكون إجماعا أنّ ما ملك بالبيع يجوز التصرّف فيه و نقله قبل قبضه بما عدا البيع من النواقل و التصرّفات كالصلح و الإجارة و المزارعة و المساقاة و الكتابة و العتق و الوقف و الرهن و الإصداق و التزويج و الصدقة و الإقراض إلّا ما نقل عن المبسوط من منع الإجارة و الكتابة، محتجّا بأنّ الإجارة و الكتابة ضرب من البيوع، و هو ممنوع. و قال الشهيدان «1»: إنّه احتجّ بأنّ الكتابة بيع العبد من نفسه، قالا: و هو مع تسليمه لا يستلزم المنع، لأنّ العبد ليس ممّا يكال أو يوزن، و إليه يشير كلام المختلف و قد يكون مراد المبسوط أنّ المكيل و الموزون هل يكاتب عليه قبل قبضه كما إذا كان بعضه حرّا و قد اشترى طعاما لم يقبضه، فكاتبه مولاه على البعض الآخر بالطعام المذكور.
الرابعة: لا خلاف أيضا أنّ غير المكيل و الموزون لا حجر فيه على حال إلّا ما نقلناه من منع الشيخ من كتابة العبد «2»، انتهى. و قد سمعت ما في «التذكرة «3»» عند نقل الأقوال فإنّه ذكر الخلاف فيما نفى عنه الخلاف.
[حكم بيع بعض المسلم فيه تولية و وضيعة]
ق
________________________________________
عاملى، سيد جواد بن محمد حسينى، مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة (ط - الحديثة)، 23 جلد، دفتر انتشارات اسلامى وابسته به جامعه مدرسين حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، 1419 ه‍ ق







مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 65‌
[في حكم بيع الدين]
و يصحّ بيع الدين على من هو عليه و على غيره (1)
______________________________
[في حكم بيع الدين]
قوله: (و يصحّ بيع الدين على من هو عليه و على غيره)
قد تقدّم «1» الكلام فيه في باب السلم. و قال أيضا في المقام في «المختلف «2»»: يجوز بيع الدين، و هو مذهب علمائنا، و لا فرق بين بيعه على من هو عليه و لا على غيره، و في «اللمعة «3» و الروضة «4»» أنّه المشهور. و نسبه في «المبسوط «5»» إلى رواية أصحابنا.
و في «السرائر «6»» أنّ إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحّة بيع الدين و إمضائه و أخبارهم على ذلك، و كذلك أقوالهم و تصنيفاتهم و مسطوراتهم و فتاواهم إلّا أنّه خصّه ببيعه على من هو عليه كما ستسمع.
و المراد بعد الحلول بما هو حاضر، و أمّا قبله فستسمع الكلام فيه.
و المخالف فيما نحن فيه ابن إدريس، فمنع من بيعه على غير من هو عليه استنادا إلى دليل قاصر و تقسيم غير حاصر. و قد نقل كلامه في «المختلف «7»» برمّته على طوله و بالغ في ردّه، و قد رماه جماعة «8» بالضعف للأصل و العمومات السالمة عن المعارض إلّا ما يظهر من «السرائر» من دعوى الإجماع الموهون بمصيرهم إلى خلافه.
______________________________
(1) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(2) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 379.
(3) اللمعة الدمشقية: في الدين ص 135.
(4) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19- 23.
(5) المبسوط: في المكاتب ج 6 ص 126- 127.
(6) السرائر: في وجوب قضاء الدين إلى الحيّ و الميّت ج 2 ص 39.
(7) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 379- 381.
(8) منهم المحقّق الكركي في جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 18، و السبزواري في الكفاية:
في الدين ج 1 ص 535، و السيوري في التنقيح: في السلم ج 2 ص 146، و الشهيد الثاني في المسالك: في السلف ج 3 ص 433.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 66‌
..........
______________________________
و أمّا بيعه قبل الأجل ففي «السرائر «1»» إن كان مؤجّلا لا يجوز بيعه على من هو عليه بلا خلاف، و يلزم عليه بطريق الأولويّة تحريمه على غيره. و في «التنقيح «2»» أنّ المشهور أنّ الدين لا يجوز بيعه قبل حلوله مطلقا. و هو ظاهر جماعة كالمحقّق في «الشرائع «3» و النافع «4»» و المصنّف في «الإرشاد «5»» و ما يأتي من الكتاب «6» و غيرهما «7»، و صريح آخرين منهم المصنّف في «التحرير «8»» و الشهيد في «الدروس «9»».
و الجواز خيرة جماعة كالمصنّف في «التذكرة «10» و المختلف «11»» و الشهيدين في «اللمعة «12» و الروضة «13»» و صاحب «إيضاح النافع» و المقدّس الأردبيلي «14» و المولى الخراساني «15». و مال إليه في «المسالك «16»» و كأنّ المحقّق الثاني «17» متردّد.
و قد نصّ أكثر هؤلاء على أنّ ذلك- أي الجواز- إنّما هو فيما إذا باعه بالحال‌
______________________________
(1) السرائر: في وجوب قضاء الدين إلى الحيّ و الميّت ج 2 ص 39.
(2) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 146.
(3) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66.
(4) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(5) إرشاد الأذهان: في الديون و توابعه ج 1 ص 391.
(6) قواعد الأحكام: في القرض ج 2 ص 106.
(7) تبصرة المتعلّمين: في الديون ص 112.
(8) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 457.
(9) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(10) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 20.
(11) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(12) هذا هو الموجود في أكثر نسخ اللمعة المشروحة و غيرها، و قد نسبه في أكثر نسخها إلى الشهرة و في بعض نسخها لم تنسب الفتوى المذكورة إلى الشهرة، فراجع اللمعة الدمشقية: ص 135.
(13) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(14) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(15) كفاية الأحكام: في الدين ج 1 ص 535.
(16) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 432.
(17) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 38.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 67‌
..........
______________________________
لا بالمؤجّل. و في «الروضة «1»» مال إلى جوازه بالمؤجّل أيضا، و كذلك المقدّس الأردبيلي «2» و قوّاه صاحب «إيضاح النافع» و لقد خبط صاحب «غاية المرام «3»» في المقام فتوقّ خبطه.
و لعلّ مستند المانعين بعد الإجماع الظاهر من «السرائر» المعتضد بشهرة «التنقيح» إجماعهم على عدم جواز بيع السلم قبل حلوله. و هو محكي في «كشف الرموز و التنقيح» و ظاهر «الغنية و جامع المقاصد و مجمع البرهان و الكفاية» كما بيّنّا «4» ذلك كلّه و قلنا: إنّ المخالف صاحب «الوسيلة» في ظاهره و بعض من تأخّر ممّن ندر مستندا إلى أنّه حقّ مالي فيجوز بيعه، و لا ينافيه عدم استحقاق المشتري له لتعلّق ذلك بالمطالبة دون الملكيّة ... إلى آخر ما بيّناه هناك.
و قد يضعّف «5» بأنّ ذلك مبنيّ على حصول الملكيّة و هي محلّ مناقشة، إذ هي فرع الانتقال و هو مشروط بانقضاء المدّة، فصرف الاستحقاق المنفي إلى المطالبة خاصّة دون الملكيّة لا وجه له، لظهور اشتراطها بانقضاء المدّة، و فيه نظر ظاهر، فالمدار على الإجماع، و حينئذ فيتّجه للقائل بالجواز أن يقول: إنّ الإجماع مفقود فيما نحن فيه، فيبقى الأصل و العمومات سالمة عن المعارض.
ثمّ إن سلّمنا عدم انتقال المال المسلم فيه حين العقد قلنا: إنّ الملكيّة حاصلة فيما نحن فيه بمجرّد السبب، غاية الأمر توقّف المطالبة على انقضاء الأجل كما في مهر الزوجة، و لذا أطبقوا على المنع في السلف و اختلفوا هنا، فقد ظهر ما يحتجّ به لكلّ من القولين.
______________________________
(1) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(2) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(3) غاية المرام: في السلف ج 2 ص 120- 121.
(4) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(5) كما في الرياض: في السلف ج 8 ص 448.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 68‌
فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ على رأي. (1)
______________________________
و وجه جوازه بالمؤجّل يتوقّف على بيان المراد من الدين في بيع الدين بالدين الّذي نهي عنه في خبر طلحة و انعقد الإجماع عليه هل هو ما كان دينا قبل العقد كما هو ظاهر جماعة فيخصّ بذلك؟ أو يشمل ما صار دينا بسبب العقد و إن لم يكن دينا؟ و قد تقدّم «1» منّا بيان ذلك في أوّل المقصد الرابع في أنواع البيع. و قلنا هناك إنّ المشهور الثاني، و في باب السلف «2» ظهر لنا أنّه محلّ إجماع، لأنّ المسلم فيه ليس بدين حال العقد و إنّما يصير دينا به مع أنّ ظاهرهم الإجماع كما هو صريح «جامع المقاصد «3»» على أنّه من بيع الدين المنهيّ عنه لو كان الثمن دينا كما أوضحنا ذلك فيما سلف «4». و قد تقدّم «5» في أوّل هذا الباب- أي باب الدين- عن «الوسيلة و جامع الشرائع» ما قد يدلّ على ذلك، و تقدّم «6» في باب الصرف ما له نفع تامّ في المقام. و تمام الكلام يأتي قريبا «7» عند تعرّض المصنّف له عند قوله «و لا يصحّ بيع الدين بدين آخر».
قوله: (فيجب على المديون دفع الجميع إلى المشتري و إن كان الثمن أقلّ على رأي)
قاله المتأخّرون كما في «الدروس «8» و المهذّب البارع «9»»‌
______________________________
(1) تقدّمت الإشارة إلى ذلك في ج 4 ص 425- 426 و لم نجد هناك ذكرا للشهرة على الثاني بل و لم يذكر المسألة هناك صريحا إلّا ما ذكره عن المهذّب البارع الّذي لا إشارة فيه إلى المسألة، فراجع.
(2) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(3) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.
(4) تقدّم في ج 13 ص 774- 784.
(5) تقدّم ذكره في ص 8.
(6) تقدّم في ج 13 ص 551- 557.
(7) سيأتي في ص 90- 98.
(8) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(9) المهذّب البارع: في القرض ج 2 ص 485.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 69‌
..........
______________________________
و هو المشهور كما في «مجمع البرهان «1»» و عليه الأكثر كما في «الإيضاح «2» و جامع المقاصد «3»» و هو الموافق للقوانين كما قاله جماعة «4». و في «غاية المرام «5»» أنّه لا خلاف في جواز بيع الدين بأقلّ من قيمته مع علم البائع بالقيمة، انتهى فتأمّل* و هو خيرة «السرائر «6»» إذا صحّ البيع و «التحرير «7» و التذكرة «8» و الإرشاد «9» و المختلف «10» و الإيضاح «11» و شرح الإرشاد» لفخر الإسلام «12» و «التنقيح «13» و المقتصر «14» و غاية المرام «15» و جامع المقاصد «16» و الميسية و المسالك «17» و الروضة «18» و مجمع البرهان «19» و الكفاية «20»».
*- و كأنّه نقل عبارة السرائر غير متأمّل فيها. (منه قدّس سرّه).
______________________________
(1) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 94.
(2) إيضاح الفوائد: في الدين ج 2 ص 4.
(3) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 18.
(4) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 94.
(5) غاية المرام: في السلف ج 2 ص 122.
(6) السرائر: في بيع الدين و الأرزاق ج 2 ص 56.
(7) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 457.
(8) تذكرة الفقهاء: في الدين ج 13 ص 21.
(9) إرشاد الأذهان: في الديون و توابعه ج 1 ص 390.
(10) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 373.
(11) إيضاح الفوائد: في الدين ج 2 ص 3- 4.
(12) شرح الإرشاد للنيلي: في الدين و توابعه ص 53 س 18 (من كتب مكتبة المرعشي برقم 2474).
(13) التنقيح الرائع: في القرض ج 2 ص 161.
(14) المقتصر: في السلف ص 188.
(15) غاية المرام: في السلف ج 2 ص 122.
(16) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 18.
(17) مسالك الأفهام: في أحكام القرض ج 3 ص 461.
(18) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 21- 22.
(19) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 94.
(20) كفاية الأحكام: في الدين ج 1 ص 535.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 70‌
..........
______________________________
و قال الشيخ في «النهاية «1»»: من باع الدين بأقلّ ممّا له على المدين لم يلزم المدين أكثر ممّا وزن المشتري من المال. و حكي «2» ذلك عن القاضي. و قد مال إليه على الظاهر المحقّق في «الشرائع «3»» و الشهيد في «اللمعة «4» و غاية المراد «5»» و صاحب «إيضاح النافع». و في «الدروس «6»» لا معارض للخبر. و تردّد في «النافع «7»» كما هو ظاهر تلميذه في «شرحه «8»».
و استندوا إلى ما رواه الكليني «9» و الشيخ «10» عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل كان لرجل عليه دين، فجاء رجل فاشتراه منه بعرض، ثمّ انطلق إلى الّذي عليه الدين فقال له: أعطني ما لفلان عليك فإنّي قد اشتريته منه، كيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: يردّ عليه الرجل الّذي عليه الدين ماله الّذي اشترى به من الرجل الّذي له الدين. و عن محمّد بن الفضيل قال: قلت للرضا عليه السّلام رجل اشترى دينا على رجل، ثمّ ذهب إلى صاحب الدين فقال له: ادفع إليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه، قال: يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين و برئ الّذي عليه المال من جميع ما بقي عليه.
و هما- على اضطراب فيهما، لأنّ محمدا روى هذا المضمون تارة عن الإمام عليه السّلام و تارة عن أبي حمزة و قصور سندهما و عدم الجابر- مخالفان للقواعد مع أنّ الاولى‌
______________________________
(1) النهاية: في بيع الديون و الأرزاق ص 311.
(2) الحاكي هو العلّامة في مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(3) شرائع الإسلام: في القرض ج 2 ص 69.
(4) اللمعة الدمشقية: في القرض ص 135.
(5) غاية المراد: في الديون و توابعه ج 2 ص 176.
(6) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(7) المختصر النافع: في القرض ص 136.
(8) كشف الرموز: في بيع السلف ج 2 ص 535- 536.
(9) الكافي: في بيع الدين بالدين ح 2 و 3 ج 5 ص 100.
(10) تهذيب الأحكام: ب 81 في الديون و أحكامه ح 26 و 35 ج 6 ص 189 و 191.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 71‌
..........
______________________________
غير صريحة في المطلوب بل قيل «1»: و لا ظاهرة فيه و لهذا أغفلها جماعة، و لا وجه لما في الثانية من براءة ذمّة المديون من الباقي، و قد بالغ في «السرائر «2»» في ردّهما.
و قد حملتا «3» على إرادة الضمان من البيع مجازا لشبهه به في المعاوضة أو فساد البيع للربا و غيره، فيكون الدفع مأذونا فيه من البائع في مقابلة ما دفع و يبقى الباقي لمالكه، و يكون المراد ببراءة المدين البراءة من حقّ المشتري لا مطلقا، أو تحمل على أنّ البائع شرط على المشتري إبراء المديون من الزائد أو اشتراط أخذ قيمة المدفوع ثمنا لا غير. و ربّما حملتا «4» على كون المدفوع مساويا لكنّه لا يجري في الثانية إلى غير ذلك من التوجيهات.
و قد يناقش «5» في الحملين الأوّلين بأنّ لفظ «الشراء» لا يستعمل في الضمان حقيقة و لا مجازا، على أنّه ضمان من دون إذنه، و إضمار الإذن و لم يجر له ذكر بعيد، و يدفع فساد البيع قوله عليه السّلام «و برئ من جميع ما بقي عليه» فإنّ ظاهره مطلق البراءة، و الحمل على البراءة من المشتري خاصّة بعيد جدّا، إذ ليس له عليه شي‌ء، و كيف يلزمه الدفع بحكم العقد الفاسد؟ فإنّ المشتري العالم بالفساد أدّى بغير إذنه فليس له الرجوع عليه، و إن كان جاهلا كان له الرجوع على البائع، لكنّ التأويل و إن بعد خير من الطرح كما عليه جماعة «6».
______________________________
(1) القائل هو الطباطبائي في رياض المسائل: في القرض ج 8 ص 495.
(2) السرائر: في بيع الديون و الأرزاق ج 2 ص 56.
(3) كما في المهذّب البارع: في القرض ج 2 ص 486- 487، و الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 21، و رياض المسائل: في القرض ج 8 ص 496.
(4) كما في المهذّب البارع: في القرض ج 2 ص 487، و مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 95.
(5) كما في غاية المراد: في أحكام الدين ج 2 ص 177.
(6) منهم الفاضل الآبي في كشف الرموز: في بيع السلف ج 1 ص 536- 537، و البحراني في الحدائق الناضرة: في أحكام الدين ج 20 ص 158، و الطباطبائي في رياض المسائل: في القرض ج 8 ص 496.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 72‌
..........
______________________________
و قد استظهر فخر الإسلام «1» من كلام الشيخ أنّ المديون يبرأ من الباقي براءة تابعة لصحّة البيع و لزومه، فلو عرض له البطلان بردّ لعيب أو خيار أو غير ذلك عادت الزيادة.
هذا، و قد قال جماعة «2»: إنّه لا بدّ من رعاية السلامة من الربا لو كانا ربويّين و رعاية شروط الصرف لو كانا من الأثمان. و يبقى الكلام في تصوير الأخير و لو وقع صلحا، فإن كان ممّا يجري فيه الربا اغتفر الثاني و إلّا اغتفرا معا، و قد تقدّم «3» الكلام فيه في باب الربا.
و لو كان الثمن مساويا أو أزيد- كأن يكون الدين مائة فيبيعه بثوب مساو للمائة أو زائد عليها قيمة- صحّ إجماعا كما في «شرح الإرشاد «4» و حواشي الكتاب «5»».
و في «السرائر»- بعد أن نقل كلام النهاية و قد سمعته «6»- قال: قول الشيخ طريف عجيب تضحك منه الثكلى، و هو: أنّه إذا كان الدين ذهبا فكيف يجوز أن يبيعه بذهب أقلّ منه؟ و إن كان فضّة كيف يجوز أن يبيعه بفضّة أقلّ منه؟ و إن كان ذهبا فباعه بفضّة أو فضّة فباعه بذهب كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع إلّا بعد أن يتقابضا ... إلى آخر ما قال «7».
و ردّه في «المختلف» بأنّ الشيخ لم يحصر هو و لا غيره الدين في النقود، بل يجوز أن يكون ذهبا و فضّة و غيرهما من الأقمشة و الأمتعة، ثمّ لم يحصروا بيع الدين بالنقود و لا أوجبوا أن يكون الثمن من الذهب و الفضّة حتّى يتعجّب من ذلك و يظهر للعامّة قلّة إدراكه و عدم تحصيله و سوء أدبه و مواجهته مثل هذا الشيخ‌
______________________________
(1) شرح الإرشاد للنيلي: في الدين ص 53 س 23 و 24 (من كتب مكتبة المرعشي برقم 2474).
(2) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 96، و الشهيد الثاني في الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 22، و الطباطبائي في رياض المسائل: في القرض ج 8 ص 495.
(3) تقدّم في ج 14 ص 17- 19.
(4) شرح الإرشاد للنيلي: في الدين ص 53 س 23 و 24 (من كتب مكتبة المرعشي برقم 2474).
(5) لم نعثر عليه في النسخة الموجودة لدينا.
(6) تقدّم في ص 70.
(7) السرائر: في بيع الديون و الأرزاق ج 2 ص 56.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 73‌
______________________________
المعظّم الّذي هو رأس المذهب و المستخرج للمعاني من كلام الأئمّة عليهم أفضل الصلاة و السلام ... إلى آخر ما قال «1».
قلت: لعلّ ابن إدريس نظر إلى أنّ الدين إن كان من غير الأثمان لا تتقدّر فيه الأكثرية و الأقلّية إلّا أن تقول إنّهما تتقدّران بالنسبة إلى القيمة، و على كلّ حال فلا وجه لمواجهته لشيخ الطائفة و إمامها بهذا الكلام.
فرع: و لو كان على الدين رهن انتقل إلى المشتري تبعا للدين، نصّ عليه فخر الإسلام في «الإيضاح «2»» في باب الكفالة.
______________________________
(1) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 372.
(2) إيضاح الفوائد: في الكفالة ج 2 ص 103.







مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 90‌
[حكم بيع الدين بالدين و فروعه]
و لا يصحّ بيع الدين بدين آخر، و لا بيعه نسيئة. (1)
______________________________
[حكم بيع الدين بالدين و فروعه]
قوله: (و لا يصحّ بيع الدين بدين آخر و لا بيعه نسيئة)
الكلام يقع في مقامات، الأوّل: بيع الدين المؤجّل بعقد آخر و الحال أنّه لم يحلّ بدين كذلك.
الثاني: أن يكونا مؤجّلين بهذا العقد كأن يبيع متاعه مؤجّلا بثمن كذلك. الثالث: بيع الدين المؤجّل الّذي لم يحلّ بحاضر مشخّص مشار إليه. الرابع: بيع دين مؤجّل حالّ بحاضر مشار إليه. الخامس: بيع دين حالّ بدين مؤجّل حالّ. السادس: بيع دين مؤجّل حالّ بمضمون في الذمّة حالّ. السابع: بيع دين مؤجّل حالّ بثمن مؤجّل كأن يبيعه نسيئة. الثامن: ما إذا كان لكلّ منهما دين على الآخر فتبايعا بالدينين.
______________________________
(1) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 19.
(2) كرياض المسائل: في القرض ج 8 ص 494.
(3) السرائر: في الشركة ج 2 ص 403.
(4) المبسوط: في الشركة ج 2 ص 358.
(5) سيأتي في ج 7 ص 411 من الطبعة الرحلية الّذي يصير بحسب تجزئتنا الجزء العشرين.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 91‌
..........
______________________________
أمّا الأوّل: فقد نقل الإجماع جماعة «1» على فساده، و قد فسّر بيع الكالي بالكالي المصنّف «2» و الشهيدان «3» و المقداد «4» و الكركي «5» و غيرهم «6» بما إذا كان العوضان مؤجّلين، و النهي عن بيع الكالي بالكالي بهذا اللفظ من طرق العامّة «7» و الّذي في أخبارنا إنّما هو النهي عن بيع الدين بالدين كما في رواية طلحة بن زيد «8» و في الصحيح في بيع الدين «قال: لا يبيعه نسيئا و أمّا نقدا فليبعه بما شاء» «9».
و يظهر من «التذكرة «10»» في مقام آخر أنّ بيع الكالي بالكالي هو بيع الدين بالدين، سواء كان مؤجلا أم لا، و ظاهره تحريم كلا الأمرين. و قد تقدّم «11» الكلام في ذلك في المقصد الرابع في أنواع البيع.
و أمّا الثاني: ففي «مجمع البرهان» أنّ ظاهر العرف و كلام الفقهاء فساده و أنّه كالأوّل، لأنّه أيضا بيع الكالي بالكالي، ثمّ احتمل قصره على الأوّل، لأنّه المتبادر، و أيّده بالأصل مع عدم العلم بالإطلاق عرفا و بالعمومات، مع أنّ سند روايتي المنع غير معلوم الصحّة، لأنّ الاولى عاميّة و الثانية ضعيفة بطلحة بن زيد البتري، فيقتصر‌
______________________________
(1) منهم الشهيد الثاني في الروضة: في النقد و النسيئة ج 3 ص 513، و الطباطبائي في الرياض: في لواحق البيع ج 8 ص 211، و السيوري في التنقيح: في لواحق البيع ج 2 ص 52.
(2) تذكرة الفقهاء: في المرابحة ج 11 ص 215.
(3) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 256، و مسالك الأفهام: في النقد و النسيئة ج 3 ص 222.
(4) التنقيح الرائع: في لواحق البيع ج 2 ص 52.
(5) جامع المقاصد: في أنواع البيع ج 4 ص 202.
(6) كرياض المسائل: في النقد و النسيئة ج 8 ص 211.
(7) سنن البيهقي: ج 5 ص 290.
(8) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الدين و القرض ح 1 ج 13 ص 99.
(9) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أحكام العقود ذيل ح 8 ج 12 ص 373.
(10) تذكرة الفقهاء: في البيع ج 10 ص 126.
(11) تقدّم في ج 13 ص 623- 626.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 92‌
..........
______________________________
على موضع اليقين «1». قلت: الضعف منجبر بالشهرة و الاشتهار كما اعترف هو بذلك.
و قد صرّح جماعة «2» ببطلان هذا القسم و فساده، و كلامهم في باب السلم معلوم، و ستسمع الإجماع عن «جامع المقاصد» بل صرّح في «النهاية «3» و السرائر «4» و المختلف «5» و الدروس «6» و اللمعة «7» و حواشي «8» الكتاب و جامع المقاصد «9» و الروضة «10»» ببطلان البيع فيما إذا جعل ثمن المسلف فيه دينا يستحقّه في ذمّة البائع، و هو أقرب إلى الصحّة ممّا نحن فيه، و لهذا ذهب المحقّق «11» و تلميذه «12» الآبي و المصنّف في «التحرير «13»» و المقداد «14» و القطيني إلى الصحّة فيما مثّلنا به.
و مبنى الكلام في مسألتنا يتوقّف على بيان المراد من الدين ببيع الدين بالدين الّذي نهي عنه في الخبر و انعقد الإجماع عليه هل عبارة عمّا كان دينا قبل العقد فيخصّ بذلك أو يشمل ما صار دينا بسبب العقد و إن لم يكن دينا قبله؟ و المشهور‌
______________________________
(1) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 96- 97.
(2) منهم الشيخ في المبسوط: في السلف ج 2 ص 189، و الشهيد في الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 256، و المحقّق الثاني في جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.
(3) النهاية: في الديون و الكفالات ... ص 310.
(4) السرائر: في السلف ج 2 ص 318.
(5) مختلف الشيعة: في السلف ج 5 ص 155.
(6) الدروس الشرعية: في السلف و السلم ج 3 ص 257.
(7) اللمعة الدمشقية: في السلف ص 124.
(8) حواشي الشهيد (الحاشية النجّارية): في انواع البيع ص 62 س 2 (مخطوط في مكتبة مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية).
(9) جامع المقاصد: في السلف ج 4 ص 229.
(10) الروضة البهية: في السلف ج 3 ص 408.
(11) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 63.
(12) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 524.
(13) تحرير الأحكام: في السلم ج 2 ص 425.
(14) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 144.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 93‌
..........
______________________________
بل المجمع عليه الثاني كما بيّنّاه غير مرّة، لأنّ المسلّم فيه فيما مثّلنا به ليس بدين حال العقد و إنّما يصير دينا به، مع أنّ ظاهرهم الإجماع على أنّه من بيع الدين المنهيّ عنه لو كان الثمن دينا غير حالّ، و إنّما يتأمّلون فيه من جهة الثمن الّذي هو في الذمّة و في حكم المقبوض، و لم أجد من أخرج المسلّم فيه عن الدين لأن كان بعد العقد لا قبله إلّا الفاضل الشيخ إبراهيم القطيفي، و هو على تأخّره معلوم النسب عند من يعتبر ذلك.
و قال المحقّق الثاني في «جامع المقاصد»: اسم الدين واقع على المؤجّل و إن لم يكن قد ثبت في الذمّة بعد، لأنّ المحقّقين من أهل اللغة فسّروا الكالي بالمؤخّر، و قد أطبق جميع الفقهاء على أنّ بيع المؤجّل الموصوف بمثله باطل «1». قلت: و قد سمعت «2» ما ذكرناه في أوّل الباب في تفسير الدين.
و ممّا ذكر يعلم حال ما ذكره الشهيد الثاني في «كتابيه «3»» من أنّ الدين الممنوع منه ما كان عوضا حال كونه دينا بمقتضى تعلّق الباء به، و المضمون عند العقد ليس بدين و إنّما يصير دينا بعده، فلم يتحقّق بيع الدين به، و لأنّه يلزم مثله في بيعه بحالّ، و الفرق غير واضح، و دعوى إطلاق اسم الدين عليه إن أرادوا به قبل العقد فممنوع أو بعده فمشترك، و إطلاقهم له عليه عرفا إذا بيع فيه مجاز، و لو اعتبر هذا الإطلاق جاء مثله في الحالّ إذا لم يقبضه خصوصا إذا أمهله من غير تأجيل، انتهى. و هذا إيراد أورده المحقّق الثاني و أجاب عنه بما حكيناه عنه.
قلت: و الفرق بينه و بين الحالّ أنّه مع اشتراط التأجيل و ذكره في العقد يصدق أنّه بيع دين بمثله. أمّا بعد العقد فواضح، و أمّا في أثنائه فلأنّ الشرط كالجزء من العقد، و ترتّب الحكم من الصحّة و الفساد إنّما يتوقّف على تمامه، فإطلاق اسم‌
______________________________
(1) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 38.
(2) تقدّم في ص 7- 8.
(3) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 433- 434، و الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 20.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 94‌
..........
______________________________
الدين عليه في أثناء العقد و بعده حقيقي، بخلاف الحالّ فإنّه إن صحّ إطلاقه في صورة الإمهال فمجاز لما عرفت، فلا اشتراك، فليحفظ (فليلحظ- خ ل) هذا فإنّه نافع في المقامات الآتية.
و أمّا المقام الثالث: فقد تقدّم الكلام عليه آنفا «1» عند شرح قوله «يصحّ بيع الدين على من هو عليه».
و أمّا الرابع- أعني بيع الدين الحالّ بحاضر مشار إليه-: فقد حكي على جوازه الإجماع في «المقتصر «2»» و هو ظاهر «إيضاح النافع». و في «مجمع البرهان» لا كلام فيه «3». و في «الرياض «4»» لا خلاف في الجواز إلّا في البيع على غير من هو عليه فخالف فيه ابن إدريس، و قد تقدّم «5». و لا فرق في ذلك بين أن يكون مؤجّلا ثمّ حلّ أو يكون غير مؤجّل.
و أمّا الخامس- و هو بيع الدين الحالّ بدين مؤجّل قد حلّ-: فقد جوّزه في «الدروس» قال: لو كان الدين حالّا جاز بيعه بالعين و الدين الحالّ «6». و نحوه ما في «اللمعة «7»» و قوّاه في «الروضة «8»» و منع منه الشيخ في «النهاية «9»» و المصنّف هنا و في «التذكرة «10»» في موضع منها و «المختلف «11»». و منع في «الوسيلة «12» و النافع «13» و كشف‌
______________________________
(1) تقدّم في ص 65- 68.
(2) المقتصر: في السلف ص 187.
(3) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 97.
(4) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 453.
(5) تقدّم في ص 65.
(6) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(7) اللمعة الدمشقية: في الدين ص 135.
(8) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 20.
(9) النهاية: في الديون و الكفالات ... ص 310.
(10) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 20.
(11) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(12) الوسيلة: في بيع الديون و الأرزاق ص 251.
(13) المختصر النافع: في السلف ص 134.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 95‌
..........
______________________________
الرموز «1» و حواشي الكتاب «2» و المهذّب البارع «3»» من بيع دين بدين آخر. و في «المهذّب» الإجماع عليه، قال ما حاصله: فلو باعه دينا في ذمّة زيد بدين للمشتري في ذمّة عمرو لم يجز قولا واحدا، و إطلاق كلامهم يتناول ما نحن فيه، فليتأمّل فيه.
و ما نسبناه إلى «النهاية» هو الّذي فهمه منها المصنّف في «المختلف «4»» و هذه عبارة «النهاية» و لا بأس أن يبيع الإنسان ما له على غيره من الديون نقدا، و يكره أن يبيع الإنسان ذلك نسيئة، و لا يجوز بيعه بدين آخر مثله «5». و هي محتملة لما إذا كانا مؤجّلين أو حالّين كعبارة الكتاب و التذكرة «6»، لكنّه قال في «المختلف»: و أمّا إن كان حالّا لم يجز بيعه بدين آخر مثله، و هل يجوز بيعه نسيئة «7»؟ قال في النهاية:
يكره ذلك، مع أنّه منع من بيعه بدين آخر مثله. فقد فهم منها المنع من بيع الدين الحالّ بالحالّ و إلّا لما صحّت المعارضة، لأنّ المؤجّلين اللذين لم يحلّا لم يجز بيع أحدهما بالآخر إجماعا.
و كيف كان، فالدين المؤجّل إذا حلّ يحتمل أنّه لا يجوز بيعه بدين مؤجّل قد حلّ، لصدق اسم الدين عليه، لتضمّنه الأجل في الزمان السابق على العقد، فيلزم حينئذ بيع الدين بالدين، إذ لا يبعد من اعتبار الأجل فيه اعتباره حين ثبوته، فيكون الدين ما ضرب له أجل في أوّل الأمر، فلا ينافيه خلوّه عنه في ثاني الحال، و لذا تراهم يطلقون عليه بعد حلول أجله اسم الدين إطلاقا حقيقيّا لا يصحّ السلب‌
______________________________
(1) كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 526.
(2) حواشي الشهيد (الحاشية النجّارية): في البيع ص 64 س 17 (مخطوط في مكتبة مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية).
(3) المهذّب البارع: في السلف ج 2 ص 476.
(4) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(5) النهاية: في بيع الديون الكفالات ... ص 310.
(6) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 20.
(7) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 96‌
..........
______________________________
عنه، و يحتمل الجواز للشكّ في الصدق و هو كما عرفت، و للزوم الاقتصار في المنع عن بيع الدين بالدين المخالف للأصل على محلّ الوفاق، و ما نحن فيه محلّ خلاف، فليس من محلّ الفرض، و الخبر المانع عنه و إن كان عامّا لكنّه قاصر سندا يشكل الاعتماد عليه فيما عدا محلّ الإجماع إلّا أن تقول: إنّ الشهرة جابرة له، سلّمنا عدمها لكنّ اشتهاره لا يكاد ينكر.
و أمّا المقام السادس: فهو كما إذا باعه الدين الحالّ بدينار كلّي لم يكن مستقرّا في ذمّته قبل البيع، فقد صرّح بجوازه في «الشرائع «1» و النافع «2» و الكتاب» فيما يأتي و «التحرير «3» و التذكرة «4» و الإرشاد «5» و المهذّب البارع «6» و المقتصر «7» و المسالك «8» و الروضة «9» و مجمع البرهان «10»» و هو ظاهر «الدروس «11» و اللمعة «12»» و غيرهما «13». و في «إيضاح النافع» يجوز قطعا و ظاهره الإجماع. و في «المسالك «14» و الرياض «15»» لا إشكال فيه. و يظهر أيضا من «المسالك» الإجماع. و قد سمعت ما في «جامع المقاصد» آنفا «16».
______________________________
(1) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66.
(2) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(3) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 457.
(4) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 23.
(5) إرشاد الأذهان: في الديون ج 1 ص 391.
(6) المهذّب البارع: في السلف ج 2 ص 476.
(7) المقتصر: في السلف ص 187.
(8) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 433.
(9) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 20.
(10) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 98.
(11) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(12) اللمعة الدمشقية: في الدين ص 135.
(13) ككفاية الأحكام: في الدين ج 1 ص 535.
(14) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 433.
(15) رياض المسائل: في السلف ج 8 ص 454.
(16) تقدّم في ص 92- 93.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 97‌
..........
______________________________
و دليله بعد الأصل و العمومات أنّه لا يصدق عليه لغة اسم الدين و لا الكالي، بل و لا عرفا و إن تأمّل في العرف المقدّس الأردبيلي «1».
و أمّا السابع: فقد منع منه في «السرائر «2» و التذكرة «3»» في موضع منها و «الإرشاد «4» و التحرير «5» و الدروس «6» و اللمعة «7» و المقتصر «8» و جامع المقاصد «9»» و استحسنه في «المختلف «10»». و وجهه ما حرّرناه في بيان المقام الثاني و المقام الخامس. و الجواز خيرة «النهاية «11» و الشرائع «12» و النافع «13» و كشف الرموز «14» و التذكرة «15»» في موضع منها و «حواشي الكتاب «16» و التنقيح «17» و إيضاح النافع و المسالك «18»» و ميل إليه في «الروضة «19»‌
______________________________
(1) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 98.
(2) السرائر: في بيع الديون ... ج 2 ص 55.
(3) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 20.
(4) إرشاد الأذهان: في الدين ج 1 ص 391.
(5) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 457.
(6) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 313.
(7) اللمعة الدمشقية: في الدين ص 135.
(8) المقتصر: في السلف ص 187.
(9) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 19.
(10) مختلف الشيعة: في الدين ج 5 ص 371.
(11) النهاية: في الديون و الكفالات ... ص 310.
(12) شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66.
(13) المختصر النافع: في السلف ص 134.
(14) كشف الرموز: في بيع السلف ج 1 ص 526.
(15) تذكرة الفقهاء: في السلم ج 11 ص 359.
(16) الحاشية النجّارية: في البيع ص 64 س 16 (مخطوط في مكتبة مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية).
(17) التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 146.
(18) مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 433.
(19) الروضة البهية: في الدين ج 4 ص 20.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 98‌
و لو كان الثمن و المثمن من الربويات اشترط في بيعه بجنسه التساوي قدرا و الحلول.
و أرزاق السلطان لا يصحّ بيعها إلّا بعد قبضها، (1)
______________________________
و مجمع البرهان «1»» للأصل و أنّ الدين الممنوع عن بيعه بمثله ما كان عوضا حال كونه دينا ... إلى آخر ما حكيناه «2» عن الشهيد الثاني في المقام الثاني، مضافا إلى ما ذكرنا في حجّة الجواز في المقام الخامس. و في كثير «3» ممّا ذكر صرّح بالكراهة.
و أمّا الثامن: فقد منع منه في «جامع المقاصد «4»» و فصّل هو في «حاشية الإرشاد «5»» فمنع منه إذا كانا مؤجّلين لم يحلّا و جوّزه إذا كانا حالّين. و قد تقدّم «6» الكلام في مثله في باب الصرف.
هذا و حيث يصحّ البيع فلا بدّ من مراعاة شروطه كما أشار إليه المصنّف بقوله «و لو كان الثمن و المثمن من الربويات اشترط في بيعه بجنسه التساوي قدرا و الحلول».
قوله: (و أرزاق السلطان لا يصحّ بيعها إلّا بعد قبضها)
كما في «المقنعة «7» و النهاية «8» و الوسيلة «9» و السرائر «10» و التذكرة «11»‌
______________________________
(1) مجمع الفائدة و البرهان: في أحكام الدين ج 9 ص 98.
(2) تقدّم في ص 93.
(3) منهم المحقّق في شرائع الإسلام: في السلف ج 2 ص 66، و الآبي في كشف الرموز: في السلف ج 1 ص 527، و المقداد في التنقيح الرائع: في السلف ج 2 ص 146، و الشهيد الثاني في مسالك الأفهام: في أحكام بيع السلف ج 3 ص 434.
(4) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 19.
(5) حاشية الإرشاد (حياة المحقّق الكركي و آثاره: ج 9) ص 371.
(6) تقدّم في ص 612- 617.
(7) المقنعة: في بيع الأرزاق و الديون ص 614.
(8) النهاية: في بيع الديون و الأرزاق ص 311.
(9) الوسيلة: في بيع الديون و الأرزاق ص 251.
(10) السرائر: في بيع الديون و الأرزاق ج 2 ص 56.
(11) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 23.



مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة (ط - الحديثة)، ج‌15، ص: 99‌
و كذا السهم من الزكاة و الخمس. (1)
[المطلب الثاني: في القرض]
المطلب الثاني: في القرض و فيه فضل كثير، (2)
______________________________
و التحرير «1» و الدروس «2» و جامع المقاصد «3»» لأنّ ذلك غير مملوك.
قوله: (و كذا السهم من الزكاة و الخمس)
كما في «السرائر «4» و التذكرة «5» و التحرير «6» و الدروس «7» و جامع المقاصد «8»» لعدم ملكها لعدم قبضها.
(المطلب الثاني: في القرض)
قوله: (و فيه فضل كثير)
و هو مندوب مرغّب فيه إجماعا كما في «التذكرة «9»» بل استحبابه ضروري لكنّه كاد لا يوجد في الغريّ على مشرّفه أفضل الصلاة و السلام، قال الباقر عليه السّلام: من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة و هو في صلاة من الملائكة عليه حتّى يقضيه «10». و عن كتاب «عقاب الأعمال» عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: من شكا إليه أخوه المسلم، فلم يقرضه حرّم اللّه عليه الجنّة‌
______________________________
(1) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 458.
(2) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 314.
(3) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 19.
(4) السرائر: في بيع الديون و الأرزاق ج 2 ص 57.
(5) تذكرة الفقهاء: في الديون ج 13 ص 23.
(6) تحرير الأحكام: في بيع الدين ج 2 ص 458.
(7) الدروس الشرعية: في الدين ج 3 ص 314.
(8) جامع المقاصد: في الدين ج 5 ص 19.
(9) تذكرة الفقهاء: في القرض ج 13 ص 25.
(10) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب المستحقّين للزكاة ح 6 ج 6 ص 209.




جامع الشتات، ج 3، ص 27

ششم: جايز است بيع دين بعد حلول اجل بر همان شخص كه از او طلب دارد، و بر غير او على الاشهر الاظهر - و ابن ادريس منع كرده است در صورتى كه بيع به غير مديون باشد، و ادعاى اجماع كرده، و با وجود شهرت عظيمه و عمومات اعتنائى به اين [ادعاى] اجماع نيست - و هم چنين قبل از حلول، على الاقرب. به جهت عمومات ادله. و در خصوص سلف چون ظاهرا اجماعى بود - چنانكه از بعضى ظاهر مى‌شود مثل آخوند ملا احمد (ره) و نقل شده است از ابن زهره نيز - قايل بوديم به عدم جواز. در اينجا اجماعى نقل نشده بلكه شهرتى هم نيست بلكه مى‌توان گفت كه قول به جواز اشهر است. و لكن مطالبه نمى‌توان كرد الاّ بعد حلول اجل. پس اگر دين را بفروشد به عين صحيح است بلا اشكال. و هم چنين به مضمون حالّ‌، يعنى به قيمتى در ذمه كه حال بدهد. بلكه هر گاه دين سابقى بوده كه اجل آن تمام شده، آن هم چنين است، زيرا كه الحال اطلاق دين حقيقى بر آن مشكل است. و منع بيع «دين بدين» بر خلاف اصل و قاعده است. پس شمول عمومات صحت بيع از براى ما نحن فيه، اقوى است از شمول بيع دين به دين. و به هر حال احوط ترك آن است، لكن بطلان آن معلوم نيست. و اما در صورتى كه به ذمه مى‌خرد بدون سبق اجلى، پس ظاهرا اشكالى نيست، و اين داخل دين به دين و «كالى بكالى» نيست. و اما بيع به مضمون مؤجل پس در آن اشكال و خلاف است. و اظهر در آن نيز جواز است، و صدق بيع دين به دين بر آن ممنوع است. زيرا كه متبادر از «بيع دين بدين» صورتى است كه در حين عقد صادق باشد كه دين است، و اين بايد قبل از عقد متحقق شده باشد. نه اين كه عقد، دين شود. بلى آن چه چنين است در مثل جائى است كه زيد بگويد: ده تومانى كه از تو طلب دارم به تو فروختم به هزار من گندمى كه تو از عمرو طلب دارى


(1) : مطابق نظر مصنف (ره) هر گونه معاملۀ دين صحيح است مگر همين صورت اخير. و جالب اين است كه دو حديث بر صحت همين صورت اخير وارد شده است: «محمد بن يعقوب، عن احمد بن محمد، عن الحسن بن على، عن محمد بن الفضيل، عن ابى حمزه قال: سألت ابا جعفر - ع - عن رجل كان له على رجل دين، فجاءه رجل فاشتراه منه بعرض، ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال: اعطنى ما لفلان عليك فانّى قد اشتريته منه. كيف يكون القضاء في ذلك‌؟ فقال: ابو جعفر - ع - يردّ الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشترى به من الرجل له الدين». و «عن محمد بن يحيى و غيره، عن محمد بن احمد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل قال: قلت الرضا - ع -: رجل اشترى دينا على رجل، ثم ذهب إلى صاحب الدين فقال له: ادفع إليّ‌ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه. قال: يدفع اليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين، و برئ الذي عليه المال من جميع ما بقى عليه». وسايل ابواب الدين، باب 15. توضيحات: 1) عدم صحت معامله تحت عنوان «كالى بكالى» در احاديث شيعه به ميان نيامده. آن چه هست نهى از معامله «دين بدين» است كه آن هم تنها يك حديث راجع به آن وارد شده كه باز در سندش شخصيت سنّى حضور دارد. 2) عدم صحت دين به دين بر خلاف اصل و عمومات است و پيام دو حديث فوق مطابق اصل و عمومات است. پس به دليل همين مطابقت از مباحثه در چون و چراى سند آنها بى نياز مى‌شويم كه چندان جاى بحث هم نيست. 3) دو حديث فوق اصل معامله را باطل اعلام نمى‌كنند بل بدهكار را مخير مى‌نمايند كه يا معامله را امضا كند و يا تنها همان مقدار را به خريدار دين، بدهد كه به طلبكار داده است. با قطع نظر از اين كه خريدار، طلب مذكور را به نقد خريده و عوض را نقدا به طلبكار پرداخته يا به نسيه و ذمه خريده، زيرا هر دو حديث نسبت به اين موضوع اطلاق دارند. بنا بر اين مى‌توان گفت: مطابق اصل و عمومات و قواعد حكم بر صحت هر گونه معاملۀ دين - به هر صورت - آسانتر از حكم به صحت آن منهاى «صورت اخير» است. البته بر طبق احاديث شيعه. ليكن نظر به اين كه عدم صحت «دين اجماعى است پس بايد تنها مورد يا مواردى كه مشمول بودن آنها بر «دين بدين» مشكوك باشد محكوم به صحت و بقيۀ موارد محكوم به عدم صحت باشد. وجود دو حديث فوق اگر اصل صحت را در «صورت اخير» اثبات نكند دست كم موجب مى‌گردد كه «صورت اخير» از موارد مشكوك باشد و در تحت اصل و عمومات قرار گيرد نه در شمول دين به دين. پس بايد مصداق دين به دين را در صورت‌هاى ديگر جستجو كرد نه در صورت اخير. و در هر حال منحصر كردن مصداق دين به دين بر صورت اخير سخت مشكل است.

عملیه خصم الکمبیاله

موسوعه الشهید الصدر، ج 4، ص 157-160

تكييف خصم الكمبيالة على أساس البيع: وهناك اتّجاه فقهيّ‌ إلى تكييف عملية خصم الكمبيالة على أساس البيع؛ وذلك بافتراض أنّ‌ المستفيد الذي تقدّم إلى البنك طالباً خصم الورقة يبيع الدين الذي تمثّله الورقة، وهو مثلاً (100) دينارٍ ب‍ (95) ديناراً حاضراً، فيملك البنك بموجب هذا البيع الدَين الذي كان المستفيد يملكه في ذمّة محرّر الكمبيالة لقاءَ‌ الثمن الذي يدفعه فعلاً إليه، فيكون من بيع الدين بأقلّ‌ منه. وعلى أساس هذا التكييف لعملية الخصم يتّجه كثير من الفقهاء إلى جوازه شرعاً؛ لأنّ‌ بيع الدين بأقلّ‌ منه جائز شرعاً إذا لم يكن الدين من الذهب أو الفضة، أو مكيل أو موزون آخر. ونظراً إلى أنّ‌ الدين المباع بأقلّ‌ منه بعمليات الخصم ليس من الذهب والفضة، وإنّما هو دين بأوراقٍ‌ نقديةٍ‌، فيجوز بيعها بأقلّ‌ منها. وإذا أمكن تخريج الخصم على أساس البيع فيمكن تخريج مسؤولية المستفيد عن وفاء الدين أمام البنك عند عدم وفاء محرّر الكمبيالة. على أساس أنّ‌ المستفيد إلى جانب بيعه للدين متعهّد بوفائه أيضاً، أو على أساس أنّ‌ البنك اشترط عليه في عقد شراء الدين منه أن يوفيه عند حلوله إذا طالبه البنك بذلك. والأساس الأوّل - أي التعهّد - يجعل المستفيد مسؤولاً عن وفاء الدين عند تخلّف المدين عن تسديده للبنك. والأساس الثاني - أي الشرط - يمكن أن يجعل المستفيد ملزماً بوفاء الدين؛ حتى إذا رجع البنك إليه ابتداءً‌ وطالبه بذلك قبل أن يتبيّن تخلّف المدين عن وفاء الدين. ولكنّ‌ أصل تخريج خصم الكمبيالة على أساس بيع الدين بأقلّ‌ منه موضع بحث؛ لأنّ‌ هذا المبلغ وإن لم يكن ربوياً؛ لأنّ‌ الدين المبيع ليس من الذهب والفضة، ولكن هناك روايات خاصّة دلّت على أنّ‌ الدائن إذا باع دينه بأقلّ‌ منه فلا يستحقّ‌ المشتري من المدين إلّابقدر مادفع إلى البائع، ويعتبر الزائد ساقطاً من ذمّة المدين رأساً. وهذا يعني أنّ‌ البنك - إذا فسّرنا عملية الخصم لديه بأ نّها شراء للدين بأقلّ‌ منه - لا يستحقّ‌ على المدين إلّابمقدار ما دفع، ويعتبر تنازل الدائن عن الزائد لصالح المدين دائماً لا لصالح المشتري وإن قصد الدائن ذلك. فمن تلك الروايات: خبر أبي حمزة، عن الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: سألته عن الرجل كان له على رجلٍ‌ دَين فجاءَه فاشتراه منه بعوض، ثمّ‌ انطلق إلى الذي عليه الدين فقال: اعطني

«مجلة مجمع الفقه الإسلامي» (7/ 604 بترقيم الشاملة آليا):
«توثيق الدين بالكمبيالة:
وربما يقع توثيق الدين بتوقيع المشتري على وثيقة مكتوبة يعترف بها بكونه مديونا للبائع بمبلغ مسمى إلى أجل مسمى. ويلتزم بأداء مبلغها في تاريخ معين، وتسمى هذه الوثيقة المكتوبة في العرف المعاصر " كمبيالة " (Bill of Exchange) وإن التاريخ الذي يلزم فيه الأداء يسمى " تاريخ نضج الكمبيالة " (Maturity date) .
وإن توثيق الدين بالكمبيالة جائز شرعا، بل هو مندوب بمقتضى قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة: 282] .
ولكن المشكلة إنما تحدث من جهة أن الكمبيالة قد أصبحت اليوم آلة قابلة للتداول (Negotiable Instrument) وإن حامل الكمبيالة، وهو الدائن الأصيل ربما يبيعها إلى طرف ثالث بأقل من المبلغ المكتوب عليها، طمعا في استعجال الحصول على المبلغ قبل حلول الأجل. وإن هذا البيع يسمى " ‌خصم ‌الكمبيالة " (Discounting of the Bill) فكلما أراد حامل الكمبيالة أن يتعجل في قبض مبلغها، ذهب إلى شخص ثالث، وهو البنك في عموم الأحوال، وعرض عليه الكمبيالة، والبنك يقبلها بعد التظهير (1) (Endorsement) من الحامل، ويعطى مبلغ الكمبيالة نقدا بخصم نسبة مئوية منها.
وإن ‌خصم ‌الكمبيالة بهذا الشكل غير جائز شرعا، إما لكونه بيع الدين من غير من عليه الدين، أو لأنه من قبيل بيع النقود بالنقود متفاضلة ومؤجلة، وحرمته منصوصة في أحاديث ربا الفضل.
ولكن هذه المعاملة يمكن تصحيحها بتغيير طريقها وذلك أن يوكل صاحب الكمبيالة البنك باستيفاء دينه من المشتري (وهو مصدر الكمبيالة) ويدفع إليه أجرة على ذلك، ثم يستقرض منه مبلغ الكمبيالة، ويأذن له أن يستوفي هذا القرض مما يقبض من المشتري بعد نضج الكمبيالة، فتكون هناك معاملتان مستقلتان: الأولى معاملة التوكيل باستيفاء الدين بالأجرة المعينة، والثانية: معاملة الاستقراض من البنك، والإذن باستيفاء القرض من الدين المرجو حصوله بعد نضج الكمبيالة، فتصح كلتا المعاملتين على أسس شرعية، أما الأولى، فلكونها توكيلا بالأجرة، وذلك جائز، وأما الثانية، فلكونها استقراضا من غير شرط زيادة، وهو جائز أيضا.
‌‌_________
(1) التظهير: هو التوقيع على ظهر الوثيقة، ويعتبر دليلا على أن صاحبها قد تنازل عن مبلغها لغيره»

الاستیراد

المسألة الخامسة عشرة: عقد الاستيراد وتوضيح المقام رهن بيان أُمور: الأوّل: في أقسام البيع البيع ينقسم إلى أقسام: 1. أن يكون المثمن والثمن معجّلين، كما هو الغالب في شراء الحاجات اليومية، حيث إنّ‌ الثمن والمثمن يكونان كذلك. 2. أن يكون المثمن معجّلاً، والثمن مؤجّلاً، وهذا هو المعروف ببيع النسيئة. 3. العكس، أن يكون الثمن معجّلاً والمثمن مؤجّلاً، وهذا هو المعروف ببيع السلف والسلم. 4. أن يكون كلّ‌ من الثمن والمثمن مؤجّلين، وهذا هو المعروف بين التجّار بالاستيراد. والأقسام الثلاثة الأُولى كانت رائجة في عصر الرسالة، وأمّا القسم الرابع فهو نتيجة تطوّر الحضارة الصناعية حيث تكاملت فيها وسائل الإنتاج وسهل الحمل والنقل من الأقاصي في وقت يسير. وقد عُرّف بأنّه عقد يتعهّد بمقتضاه شخص بأن يسلّم البضائع أو خدمات معيّنة خلال فترة معيّنة لشخص آخر مقابل مبلغ معيّن. وربّما يُعرف بأنّه اتّفاق يتعهّد فيه أحد الطرفين بأن يورِّد إلى الآخر سلعاً موصوفة على دفعة واحدة، أو عدّة دفعات، في مقابل ثمن محدّد، غالباً ما يكون مقسطاً على أقساط، بحيث يُدفع قسط من الثمن كلّما تمّ‌ قبض قسط من السلعة. والتعريف الأوّل أفضل لأنّ‌ الاستيراد عقد وليس اتّفاقية، فالأوّل يستمد لزومه من قوله سبحانه: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ، والآخر لو قيل باللزوم فهو من باب الوفاء بالوعد، وهو موضع بحث ونقاش عند الفقهاء. الثاني: في محاسن الاستيراد إنّ‌ من محاسن هذا القسم أنّه يقلّل من نفقات التخزين والمخاطرة بالنسبة للسلع أو المواد سريعة التلف، أو ذات المدّة المحدّدة بالنسبة إلى عمرها، وما يراد منه أن تكون طازجة قدر الإمكان، لأنّ‌ المستورد يفضل أن يستلم المبيع بالتدريج، وبذلك تترتّب عليه هذه الآثار. كما أنّ‌ المصدِّر ينتفع من طريق الأعمال التجارية برفع الكساد عن بضاعته: لأنّه ينتجها بعد أن يتعاقد عليها. ولأجل هذه الفوائد صار الاستيراد تجارة متّفقاً عليها بين كلّ‌ دول العالم. ثمّ‌ إنّ‌ الذي سبّب تصحيح هذا النوع من المعاملة هو أنّ‌ المشتري ربّما لا يكون مستعداً لقبول المبيع دفعة واحدة، لعدم توفر المخازن الكافية لحفظه السلعة، فلذلك يشترط تسليم المثمن تدريجياً في بضع أشهر، بل ربّما لا يمكن تسليم المبيع أو تسلّمه دفعة واحدة، كما في استيراد الكهرباء والغاز والنفط بين دولة ودولة، فإنّ‌ هذه الأُمور تسلّم تدريجاً، لأنّ‌ طبيعتها لا تقبل التسليم دفعة واحدة، كما أنّه ربّما لا يتمكن المشتري من دفع الثمن دفعة واحدة، ولذلك يقسطه على أقساط عبر تسليم المبيع تدريجاً. الثالث: في صحّة الاستيراد يقع الكلام في صحّة هذا النوع من المعاملة من حيث المقتضي للصحّة والمانع عنها. فلنقدّم الكلام في جانب المقتضي. أمّا المقتضي للصحّة: فقد ذكرنا أنّ‌ الفرق بين العبادات والمعاملات، بأنّ‌ القسم الأوّل أُمور توقيفية بيد الشارع، لا سبيل للعقل إلى واقعها وأجزائها وشرائطها وموانعها. وأمّا المعاملات فهي أُمور عرفية فُوِّض تشريعها إلى العرف، وأمّا دور الشارع فيها فهو دور المراقب، فربّما يزيد عليها شرطاً أو جزءاً للصحّة، أو يعتبر شيئاً ما مانعاً عن الصحّة، أو لا يعترف بمشروعية المعاملة بتاتاً. وعلى هذا فلو كانت المعاملة أمراً مقبولاً عند العرف، ولم نجد في الشرع ما يخالفها، فالعمومات تشملها، وهذا هو الذي يظهر من الشيخ الأنصاري في أوائل كتاب البيع عند تعريفه، حيث طرح هناك سؤالاً وهو: لو قلنا بأنّ‌ أسماء المعاملات أسماء للصحيح عند الشرع، فأين الطريق إلى التعرّف على الصحيح وتمييزه عن الفاسد. ولولا الطريق لكانت العمومات والإطلاقات في باب العمومات غير مثمرة‌؟ وأجاب عنه بوجهين: 1. إنّ‌ الخطابات لمّا وردت على طبق العرف، حُمل لفظ البيع وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثّر عند العرف. 2. أو حمل على المصدر الّذي يُراد من لفظ «بعت»، فيستدلّ‌ بإطلاق الحكم بحلّه أو بوجوب الوفاء على كونه مؤثراً في نظر الشارع. وقد بذل المحشّون جهدهم في توضيح عبارة الشيخ، والذي سمعناه من سيد مشايخنا السيد محمد الحجة رحمه الله حول توضيح الوجهين ما هذا خلاصته: أمّا الوجه الأوّل: فهو مبني على أنّ‌ البيع الوارد في الآية محمول على البيع العرفي، والشرع جعل البيع العرفي طريقاً إلى البيع الشرعي، وبعبارة أُخرى اتّخذ اعتباره، طريقاً لاعتباره. ولمّا كانت الطريقية غير جارية في عامّة الموارد، أخرج بعض البيوع الفاسدة عنده كما أشرنا، فيكون التخصيص وارداً على الطريقية بمعنى أنّ‌ البيع في قوله تعالى: «أَحَلَّ‌ اللّٰهُ‌ الْبَيْعَ‌» ، أُريد به البيع العرفي وهو طريق إلى البيع الشرعي، إلّا في هذه الموارد دون أن يتوجّه التخصيص إلى حكم البيع، أعني: الحلّية. فلو دلّ‌ دليل على التخلّف في الطريقية يؤخذ به وإلّا فيكون اعتبار البيع عرفاً طريقاً إلى اعتباره شرعاً، فيكون الإطلاق حجّة في موارد الشكّ‌ في الجزئية والشرطية إذا لم يكن المشكوك معتبراً عند العرف. وأمّا الوجه الثاني: فهو مبني على أنّ‌ البيع الوارد في الآية محمول على البيع المعتبر شرعاً لا المعتبر عرفاً، ولذلك أخرج ما ليس بمعتبر عنده، أعني: بيع المنابذة وأشباهه. وأمّا وجه التمسّك بالآية عند الشكّ‌ في صحّة بعض مصاديق البيع، فلأجل إطلاق الحكم بحلّية البيع، فيكون دليلاً على كونه مؤثراً في نظر الشارع، وذلك لأنّ‌ مقتضى إطلاق الحكم بضميمة هذه التخصيصات، أنّ‌ ما بقي تحت الإطلاق بيع معتبر شرعاً وإلّا لزمت لغوية جواز البيع، إذ تصير الآية عندئذٍ مجملة، وعلى هذا فما لم يعتبره الشارع يكون تخصيصاً في الحكم أي حلية البيع لا تخصيصاً في الطريقية. فإن دلّ‌ دليل على التخصيص في الحكم نأخذ به، وإلّا يؤخذ بإطلاق الحكم بالحلّية. إذا تبيّن ما ذكرنا فالعمومات والإطلاقات تشمل عقد الاستيراد على النحو الذي وقفت عليه، لأنّ‌ المفروض أنّه بيع عرفي وعقد معروف، اتّفق عليه العقلاء، بل ربّما لابدّ منه في بعض الأحيان، ويحكم عليه بالصحّة. هذا هو الحكم حسب المقتضي، وإليك دراسة المانع.

الرابع: ما هو المانع من الصحّة‌؟ استدلّ‌ بعض مَن لا يرى صحّة عقد الاستيراد بوجوه نذكرها تباعاً: 1. إنّه من باب بيع الدين بالدين ربّما يقال: إنّ‌ الاستيراد من مصاديق ما روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم أنّه قال: «لا يباع الدين بالدين». روى الشيخ في «التهذيب» بسنده عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام قال: «قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: لا يباع الدين بالدين». يلاحظ عليه ، سنداً ودلالة. أمّا الأوّل فإنّه ينتهي إلى طلحة بن زيد وهو مختلف فيه، قال ابن حجر في ترجمته: قال المروزي عن أحمد: ليس بذاك، قد حدّث بأحاديث مناكير. وقال في موضع آخر عنه: ليس بشيء كان يضع الحديث. وكذا قال ابن المديني. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، لا يعجبني حديثه. وأمّا عند الشيعة فالظاهر اعتبار رواياته، واستدلّ‌ على ذلك الشيخ التستري بوجهين: 1. تصحيح شيخ الطائفة بكون كتابه معتمداً. 2. رواية ابن الوليد عنه الذي لم يرو بعض كتب الصفّار وسعد بن عبد اللّٰه القمّي لعدم معلومية صحّة مضمون ذاك البعض. وأمّا النقاش في الدلالة فقد ناقش فيه صاحب الجواهر بمنع تناول النهي عن بيع الدين بمثله لما صار ديناً في العقد بل المراد منه ما كان ديناً قبله، والاستيراد من قبيل الأوّل، أي يكون ديناً بهذا العقد وليس من قبيل الثاني. ويشهد على ما ذكرنا ما رواه الشيخ بسند صحيح عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غير ذلك، فأتىٰ‌ المطلوبَ‌ الطالبُ‌ ليبتاع منه شيئاً؟ قال: «لا يبيعه نسيّاً، فأمّا نقداً فليبعه بما شاء». فقه الحديث يحتمل أحد الوجوه الثلاثة بعد تسليم تقدّم المفعول على الفاعل، والتقدير: فأتى الطالب المطلوب الذي عليه طعام أو بقرة أو غنم، وعندئذٍ تتصور المعاملة بوجوه: 1. أنّ‌ الطالب حاول أن يشتري من المطلوب شيئاً بصورة السلف ويكون الثمن ما في ذمّة المطلوب، فنهى الإمام عنه إلّاأن يكون الثمن من الطالب نقداً لا نسيئة إذ في غير هذه الصورة يكون المبيع والثمن غير نقدين بل نسيئتين. 2. تلك الصورة ولكن ليشتري الطالب من المطلوب شيئاً بما له في ذمّته فيكون الطعام أو البقر ثمناً لما يشتري. وهذا أيضاً كالسابق أشبه ببيع الدين بالدين. 3. ما فهمه صاحب الحدائق وهو شراء ما باعه نسيئة أي الطعام والبقر قبل حلول الأجل بزيادة أو نقيصة فهو أيضاً ممنوع لاستلزامه بيع الدين بالدين. والفرق بين الوجوه الثلاثة واضح ففي الأوّل يكون الثمن في ذمّة الطالب نسيئة، وفي الثاني يكون ما في ذمّة المطلوب ثمناً، وفي الثالث يكون ما في ذمّة المطلوب مثمناً وكأنّ‌ الطالب يشتري نفس ما باعه منه بزيادة أو نقيصة. وعلى جميع التقادير فالرواية مختصّة بالدين الثابت قبل العقد، والمقام على خلاف ذلك بل الدين يثبت بنفس العقد. 2. أنّه من قبيل بيع الكالي بالكالي ربّما يقال: إنّ‌ النبي صلى الله عليه و آله و سلم نهى عن بيع الكالي بالكالي، رواه السيوطي في «الجامع الصغير» والرواية عمل بها الأصحاب كما يقول صاحب الجواهر . يلاحظ عليه: أنّ‌ المتبادر من الرواية ما ذكرناه في الرواية السابقة، أي ما كان كالياً قبل العقد، وأمّا ما كان منه بالعقد فشموله مورد تأمّل. وما ذكرناه هو الذي فسّر به الطريحي الحديث، قال: في الحديث «نهى عن بيع الكالي بالكالي» بالهمز وبدونه. ومعناه بيع النسيئة بالنسيئة. وبيع مضمون مؤجّل بمثله. وذلك كأن يسلم الرجل الدرهم في طعام إلى أجل، فإذا حلّ‌ الأجل يقول الذي حلّ‌ عليه الطعام: ليس عندي طعام ولكن بعني إيّاه إلى أجل، فهذه نسيئة انقلبت إلى نسيئة. نعم لو قبض الطعام وباعه إيّاه لم يكن كالياً بكالي.




مناهی نبوی

«مشيخة ابن طهمان» (ص217):
«183 - عن خالد الحذاء، عن عطاء بن أبي رباح، عن حكيم بن حزام، قال:‌‌ كنت أشتري الطعام فنهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيعه حتى أقبضه "»

«مشيخة ابن طهمان» (ص220):
185 - وبه أن النبي صلى الله عليه وسلم ‌‌«نهى عن بيع الطعام إذا اشتراه أحدكم حتى يستوفيه فيقبضه»

«موطأ مالك - رواية يحيى» (2/ 618 ت عبد الباقي):
10 - حدثني يحيى، عن مالك عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها»، نهى البائع والمشتري

«موطأ مالك - رواية يحيى» (2/ 618 ت عبد الباقي):
11 - وحدثني عن مالك، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌نهى ‌عن ‌بيع الثمار حتى تزهي»، فقيل له: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال: «حين تحمر»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟»

«موطأ مالك - رواية يحيى» (2/ 653 ت عبد الباقي):
62 - حدثني يحيى، عن مالك عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌نهى ‌عن ‌بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تنتج التي في بطنها»

«موطأ مالك - رواية يحيى» (2/ 655 ت عبد الباقي):
64 - حدثني يحيى، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن بيع الحيوان باللحم»

«المدونة» (3/ 60):
قال ابن وهب، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن أبي نجيح المكي، عن عبد الله بن أبي كثير أن ابن عباس قال: «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار إلى السنتين والثلاثة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سلفوا في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» .
قال مالك: وبلغني أن ابن عباس سئل عن السلف في الطعام فقال: لا بأس بذلك وتلا هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} [البقرة: 282] قال مالك: فهذا يجمع لك الدين كله.
rال مالك، عن نافع: أنابن عمر كان يقول: لا بأس أن يبتاع الرجل طعاما مسمى إلى أجل مسمى بسعر معلوم كان لصاحبه طعام أو لم يكن له، ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه أو ثمر لم يبد صلاحه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار وعن اشترائها حتى يبدو صلاحها.
قال ابن وهب، عن أشهل بن حاتم، عن عبد الله بن أبي مجالد قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السلف في الطعام فقال: كنا نسلف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القمح والشعير والتمر والزبيب إلى أجل معلوم وكيل معدود وما هو عند صاحبه

«المدونة» (3/ 254):
وقال عبد العزيز: ومما يشبه المخاطرة اشتراء الضالة والآبق، ابن وهب. وبلغني «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ‌نهى ‌عن ‌بيع الغيب كله من كل شيء يديره الناس بينهم» ، وبلغني عن ابن عباس أنه كان يقول: لا يصلح بيع الغيب أن يشتري ما غاب عنه وإن كان وراء هذا الجدار ويشير بيده إلى جدار وجاهه ابن وهب قال يونس: قال ابن شهاب في بيع الشاة الضالة والبعير الشارد قبل أن يتواريا والآبق وغيره قال: لا يصلح بيع الغرر، وكان ربيعة يكره بيع الغيب، ابن وهب

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 486):
«ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ انكم تَزْعُمُونَ انا نعلم ابواب الرِّبَا ولان اكون أعلمها احب الى من ان يكون لي مثل مصر وكورها وَلَكِن مِنْهَا ابواب لَا يكون يخفين على اُحْدُ ان يبْتَاع الثَّمَرَة وَهِي معصفة»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 487):
«الحجة على أهل المدينة» (2/ 487):
«لما تطب أو يسلم في شيء من السن أو يبتاع الذهب بالورق والورق بالذهب نسأ
اخبرنا محمد قال اخبرنا هشام بن أبي عبد الله صاحب الدستوائي عن قتادة عن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 488):
«الحيوان بالحيوان نسيئة
اخبرنا محمد قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس انه سمع ابن عمر رضي الله عنهما وسأله رجل عن البعير بالبعيرين نسيئة قال لا آمرك»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 489):
«اخبرنا محمد قال اخبرنا ابن أبي ذئب قال اخبرنا يزيد بن عبد الله بن»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 490):
«قسيط عن ابي الحسن البراد عن بعض اصحاب رسول الله صلى الله عليه»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 493):
«وآله وسلم انه ينهى عن بيع الشاة بالشاتين والبعير بالبعيرين الى اجل
اخبرنا أبو حربي قال حدثني يحيى بن أبي كثير اليمامي قال حدثني»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 494):
«رجل قال قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما وسأله عن بيع»

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 495):
«الحيوان بالحيوان نسيئة قال لا يصلح تلك بالرؤس نسيئة
اخبرنا محمد قال اخبرنا سلام بن سليم الحنفي عن المغيرة الضبي عن ابراهيم قال اسلم شريح في وصيفتين صبيحتين فصيحتين من لغتهما واشترط ان يوافى بهما من دون النهر بخراسان فأتى بالوصيفتين فكره ذلك فردهما واخد رأس ماله
محمد قال اخبرنا عباد بن العوام قال اخبرنا الحجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس بالحيوان اثنين بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسأ

«الحجة على أهل المدينة» (2/ 498):
«محمد قال اخبرنا أبو حرة واصل بن عبد الرحمن عن محمد بن سيرين ان عتريس بن عرقوب اسلف في قلائص فلما قدم الرجل وحل ماله اتاه ابن حيان فقال لا تعطه شيئا حتى تأتى ابن مسعود رضي الله عنه فتساله عنه فأتى ابن مسعود رضي الله عنه فقال ردوا عليه رأس ماله وكرهه
محمد قال اخبرنا ابراهيم بن محمد المدينى قال اخبرنا عبد الله بن أبي بكر ابن حزم عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه كان يكره بيع البعير بالبعيرين الى اجل والله أعلم»

«المدونة» (3/ 81):
«فيمن كان له على رجل دين فأمره أن يسلم له في طعام أو غيره قلت: أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم من بيع أو من قرض فقلت له: أسلمها إلي في طعام ففعل أيجوز هذا؟ .
قال: سألنا مالكا عن الرجل يكون له على الرجل الذهب فيسأله أن يسلفها له في سلعة فقال مالك: لا خير في ذلك حتى يقبضها.
قلت: لم قال لا خير فيه؟
قال: لأنه يخاف أن يكون إنما أخره علي وجه الانتفاع فيصير سلفا جر منفعة ويخاف فيه عليه ‌الدين ‌بالدين»

«المدونة» (3/ 82):
«قال سحنون: ويكون الرجل الذي عليه الدين يعطيه الدين من عنده. قلت: أرأيت إن قلت له اشتر لي بها سلعة أيجوز أم لا؟
قال: إن كان الآمر والمأمور حاضرين فلا بأس بذلك وإن كانا غائبين فلا خير فيه.
قلت: وهذا قول مالك؟
قال: نعم إلا أن مالكا قال في رجل يكتب إلى الرجل: أن يبتاع له سلعة فيما قبله فيفعل ويبعث بها إليه، فإذا بعث بها إليه كتب الذي اشتراها فيسأله أن يشتري له بتلك الذهب الذي اشترى له بها بعض ما يحتاج إليه في موضعه.
قال: قال مالك: لا بأس بهذا وهذا من المعروف.
قلت لمالك: فلو أن لرجل على رجل دينا فكتب إليه أن يشتري له بذلك الدين شيئا مما يحتاج إليه في موضعه قال: قال مالك: لا خير فيه إلا أن يوكل في ذلك وكيلا. قلت: فإن كانت لي على رجل مائة درهم فقلت له: أسلمها لي في طعام أو عرض قال: قال مالك: لا خير فيه، ولا يعجبني حتى يقبض منه دراهمه ويبرأ من التهمة ثم يدفعها إليه إن شاء فيسلمها له بعد ذلك.
قلت: ما كره مالك من ذلك؟
قال: خوف الدين بالدين، قال: وأخبرني ابن نافع وابن وهب عن ابن أبي سلمة أنه قال: كل شيء كان له على غريم كان نقدا ثم لم يقبضه أو إلى أجل فحل الأجل أو لم يحل فأخرته عنه وزادك عليه شيئا من الأشياء قل أو كثر فهو ربا؟ قال: وكل شيء كان لك على غريم كان نقدا فلم تقبضه أو إلى أجل فحل الأجل أو لم يحل فلا تبعه بشيء وتؤخره عنه، فإنك إذا فعلت ذلك فقد أربيت عليه وجعلت ربا ذلك في سعر بلغه لك لم يكن ليعطيكه إلا بنظرتك إياه، ولو بعته بوضيعة من سعر الناس لم يصلح ذلك لأنه باب ربا إلا أن يشتريه منك فينقدك ذلك يدا بيد مثل الصرف ولا يحل تأخيره يوما ولا ساعة فافهم هذا»

«مصنف عبد الرزاق» (7/ 504 ط التأصيل الثانية):
«• [15374] أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن عاصم، عن الحكم قال: لا يباع أجل بأجل، قال الثوري: وتفسيره عندنا أن يقول: أعطني الليلة كذا، وأعطيك بعد غد الدرهم.
• [15375] أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن كليب بن وائل، قال: سألت ابن عمر، عن رجل عليه دراهم أثمنها عليه طعاما؟ قال: لا.
° [15376] أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الأسلمي، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الكالئ وهو بيع الدين بالدين، وعن بيع المجر، وهو بيع ما في بطون الإبل، وعن الشغار (‌‌4)»

339 - (الكالئ بالكالئ)
قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن: الكالئ بالكالئ؟
قال: الدين بالدين.
قيل له: مثل أيش يكون، الدين بالدين؟
قال: مثل الرجل يكون له على رجل دين، ويكون لآخر على آخر دين. فيحيل هذا على هذا، وهذا على هذا.
"مسائل ابن هانئ" (2036)

احکام القرآن، ج 2، ص 186

و من أبواب الربا الدين بالدين‏
و قد روى موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن الكالئ بالكالئ و في بعض الألفاظ عن الدين بالدين‏
و هما سواء و قال في حديث أسامة بن زيد إنما الربا في النسيئة إلا أنه في العقد عن الدين بالدين و أنه معفو عنه بمقدار المجلس لأنه جائز له أن يسلم دراهم في كر حنطة و هما دين بدين إلا أنهما إذا افترقا قبل قبض الدراهم بطل العقد و كذلك بيع الدراهم بالدنانير جائز و هما دينان و إن افترقا قبل التقابض بطل.

اذا تداینتم

تفسیر کبیر، ج 7، ص 90

المسألة الثانية: التداين تفاعل من الدين، و معناه داين بعضكم بعضا، و تداينتم تبايعتم بدين، قال أهل اللغة: القرض غير الدين، لأن القرض أن يقرض الإنسان دراهم، أو دنانير، أو حبا، أو تمرا، أو ما أشبه ذلك، و لا يجوز فيه الأجل و الدين يجوز فيه الأجل، و يقال من الدين أدان إذا باع سلعته بثمن إلى أجل، و دان يدين إذا أقرض، و دان إذا استقرض و أنشد الأحمر:
ندين و يقضي الله عنا و قد نرى مصارع قوم لا يدينون ضيقا

إذا عرفت هذا فنقول: في المراد بهذه المداينة أقوال:
قال ابن عباس: أنها نزلت في السلف لأن النبي صلى الله عليه و سلم قدم المدينة و هم يسلفون في التمر السنتين و الثلاث، فقال صلى الله عليه و سلم: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم و وزن معلوم إلى أجل معلوم» ثم أن الله تعالى عرف المكلفين وجه الاحتياط في الكيل و الوزن و الأجل، فقال: إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه.
و القول الثاني: أنه القرض و هو ضعيف لما بينا أن القرض لا يمكن أن يشترط فيه الأجل و الدين المذكور في الآية قد اشترط فيه الأجل.
و القول الثالث: و هو قول أكثر المفسرين: أن البياعات على أربعة أوجه أحدها: بيع العين بالعين، و ذلك ليس بمداينة البتة و الثاني: بيع الدين بالدين و هو باطل، فلا يكون داخلا تحت هذه الآية، بقي هنا قسمان: بيع‏
التفسير الكبير، ج‏7، ص: 91
العين بالدين، و هو ما إذا باع شيئا بثمن مؤجل و بيع الدين بالعين و هو المسمى بالسلم، و كلاهما داخلان تحت هذه الآية، و في الآية سؤالات:
السؤال الأول: المداينة مفاعلة، و حقيقتها أن يحصل من كل واحد منهما دين، و ذلك هو بيع الدين بالدين و هو باطل بالاتفاق.
و الجواب: أن المراد من تداينتم تعاملتم، و التقدير: إذا تعاملتم بما فيه دين.

البرهان، ج 2، ص 498

(الثالث): أن قوله: بدين إشارة إلى امتناع بيع الدين بالدين، كما فسر قوله صلى الله عليه و سلم، و هو بيع الكالئ بالكالئ «3»، ذكره الإمام فخر الدين «4». و بيانه أن قوله [تعالى‏] «5»:
تداينتم مفاعلة من الطرفين، و هو يقتضي وجود الدين من الجهتين، فلما قال بدين علم أنه دين واحد من الجهتين.













فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است