بسم الله الرحمن الرحیم

اسئلة حول رؤیة الهلال مع اجوبتها -السید علی السیستانی

فهرست علوم
فهرست فقه
كتاب الصوم
مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم
تاثیر مراسلات در تقیید فتوای سابق آیة اللله خوئی به اشتراک در شب و تغییر عبارت منهاج الصالحین در چاپ متاخر
رسالتان الی السید السیستانی من الشیخ سند
توضیح دفتر آية الله سیستانی راجع به رؤیت هلال با تلسکوپ


وجه تألیف رساله

صدر حديثاً كتاب: مناقشة شواهد السيد السيستاني على اشتراط وحدة الأفق لثبوت الهلال

صدر حديثاً عن (دار الصادقين للطباعة والنشر/ النجف الأشرف) بحث بعنوان (مناقشة شواهد السيد السيستاني (دام ظله الشريف) على اشتراط وحدة الأفق لثبوت الهلال) (في 45 صفحة) وهو مستل مما أفاده سماحة الشيخ محمد اليعقوبي في بحثه عن طرق ثبوت الهلال ضمن موسوعة فقه الخلاف.
الاجتهاد: کلمة الناشر: تعرّض سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في بحثه الخارج لعدّة مسائل في طرق ثبوت الهلال، ومنها مسألة ثبوت الشهر برؤية الهلال في البلدان المختلفة من حيث الآفاق، وعرض سماحته تقريرات بحث سماحة السيد السيستاني (دام ظله الشريف) في هذه الأبحاث والتي دوّنها في مجلس بحثه.

وبعد أن نشرت هذه الأبحاث في موسوعة فقه الخلاف عام (1430ـ) صدرت عن مكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله) رسالة بعنوان (أسئلة حول رؤية الهلال مع أجوبتها) * على أنها تقرير لبحثه الشريف، لكنها تضمنت معالجة لبعض الإشكالات التي أوردها سماحة الشيخ في البحث المذكور، والاستفادة من بعض الملاحظات التي وردت فيه لإنضاج الرسالة كما سيتضح من التفاصيل.

وقد تضمنت الرسالة عدة مطالب حول ثبوت الهلال کشروط البينة ورؤية الهلال بالعين المسلحة، وقد ناقشها سماحته في مطاوي بحثه المفصّل عن طرق ثبوت الهلال بحسب مواضعه فيها، وستطبع لاحقا بإذن الله تعالی.
وسنذكر في هذه الرسالة المستقلة، خصوص مناقشته للشواهد التي ذكرها سماحة السيد السيستاني لتأييد قول المشهور الذي تبناه.

ويذكر أن الكتاب يعالج مسائل تخصصية في فقه الهلال ويمكن مراجعة الدروس الصوتية التي يلقيها سماحة الشيخ اليعقوبي على طلبته في البحث على الموقع الرسمي.

 

أورد بعض من حضرنا بحثه الشريف عدة إشكالات على القول بكفاية رؤية الهلال في البلدان البعيدة أي غير المتحدة بالأفق – واعتبرها أيضا شواهد عرفية وشرعية تؤيد أن العبرة في دخول الشهر القمري في كل مكان بإمكانية رؤية الهلال في أفق ذلك المكان (1).
قال عنها في بحثه الشريف بأنها: (يمكن الاستدلال بها على القول المشهور(2)، حتى جعلها مقيدات للروايات التي استدل بإطلاقها القائلون بوحدة الهلال لجميع البلدان و كفاية الرؤية في بعضها لثبوت الشهر في غيرها من البلدان وإن اختلفت الآفاق.

قال (دام ظله الشريف): (وعلى فرض ثبوت الإطلاق فيكون ما تقدم منا في الوجوه السابقة كافية للتقييد)(۳)، ثم قال في نهاية البحث: ((لكن الشواهد السابقة خصوصا الأول والثاني كافية في عدم إمكان اعتماد الوجه الذي أفاده سيدنا الأستاذ)) أي السيد الخوئي.

وقد قررت في محاضراتي ستة وجوه (4) لكنها في الرسالة المطبوعة مؤخراً خمسة لأنه استشكل على الأخير وسنعتمد ما في الرسالة المطبوعة، إلا إذا اقتضت الحاجة إضافة شيء من التقریرات.

تحمیل الکتاب




متن رساله اجوبة حول رؤیة الهلال مع اجوبتها

لینک دانلود کتاب

 

در کتابخانه مدرسه فقاهت


کتب ناظر به رساله

مناقشة شواهد السيد السيستاني على اشتراط وحدة الأفق لثبوت الهلال، شیخ محمد یعقوبی

 

 

 


کلام شیخ محمد جواهری

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١
الواضح في شرح العروة الوثقى
أضواء وآراء على بحوث سيد الطائفة السيد الخوئي
الحج 1
تأليف- الشيخ محمّد الجواهري
الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 26
.....
_______________________________

نتعرض الى ما ذكر من الاجوبة رداً على مبنى السيد الخوئي الذي استند إليه في الفتوى بكفاية رؤية الهلال في بلد ما في ثبوته في غيره من البلاد المشتركة معه في جزء من الليل وان كان أول الليل في أحدهما آخره في الآخر.
فإنه ذكر (قدس سره) في منهاج الصالحين «إن البلدان الواقعة على سطح الأرض تنقسم إلى قسمين: أحدهما: ما تتفق مشارقه ومغاربه، أو تتقارب.ثانيهما: ما تختلف مشارقه ومغاربه اختلافاً كبيراً. أما القسم الأوّل فقد اتفق علماء الأمامية على أن رؤية الهلال في بعض هذه البلاد كافية لثبوته في غيرها، فإن عدم رؤيته فيه إنما يستند لا محالة إلى مانع يمنع من ذلككالجبال، أو الغابات، أو الغيوم أو ما شاكل ذلك. وأما القسم الثاني «ذاتالآفاق المختلفة»: فلم يقع التعرض لحكمه في كتب علمائنا المتقدمين، نعمحكي القول باعتبار اتحاد الأفق عن الشيخ الطوسي في «المبسوط»، فإذن المسألة مسكوت عنها في كلمات أكثر المتقدمين، وإنما صارت معركة للآراء بين علمائنا المتأخرين، والمعروف بينهم القول باعتبار اتحاد الأفق، ولكن خالفهم فيه جماعة من العلماء والمحققين فاختاروا القول بعدم اعتبار الاتحاد، وقالوا بكفاية الرؤية في بلد واحد لثبوته في غيره من البلدان ولو مع اختلاف الافق بينهما، فقد نقل العلاّمة في التذكرة هذا القول عن بعض علمائنا، واختاره صريحاً في المنتهى... وهذا القول أي كفاية الرؤية في بلد ما لثبوت الهلال في بلد آخر مع اشتراكهما في كون ليلة واحدة ليلة لهما معاً وإن كان أوّل ليلة لأحدهما وآخر ليلة للآخر، ولو مع اختلاف افقهما هو الأظهر، ويدلنا على ذلك أمران:
الأوّل: ان الشهور القمرية إنما تبدأ على أساس وضع سير القمر واتخاذه موضعاً خاصاً من الشمس في دورته الطبيعية، وفي نهاية الدورة يدخل تحت شعاع الشمس، وفي هذه الحالة «حالة المحاق» لا يمكن رؤيته في أي بقعة من بقاع الأرض، وبعد خروجه من حالة المحاق والتمكن منرؤيته ينتهي الشهر القمري ويبدأ شهر قمري جديد. ومن الواضح أن خروج القمر من هذا الوضع هو بداية شهر قمري جديد لجميع بقاع الأرض على اختلاف مشارقها ومغاربها، لا لبقعة دون اُخرى وإن كان القمر مرئياً في بعضها دون الآخر وذلك لمانع خارجي كشعاع الشمس أو حيلولة بقاع الأرض أو ما شاكل ذلك، فإنه لا يرتبط بعدم خروجه من المحاق، ضرورة أنه ليس لخروجه منه أفراد عديدة، بل هو فرد واحد متحقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد البقاع، وهذا بخلاف طلوع الشمس فإنه يتعدد بتعدد البقاع المختلفة فيكون لكل بقعة طلوع خاص بها، وعلى ضوء هذاالبيان فقد اتضح أن قياس هذه الظاهرة الكونية بمسألة طلوع الشمس وغروبها مع الفارق، وذلك لأن الأرض بمقتضى كرويتها يكون بطبيعة الحال لكل بقعة منها مشرق خاص بها ومغرب خاص، فلا يمكن أن يكون للأرض كلها مشرق واحد ولا مغرب كذلك، وهذا بخلاف هذه الظاهرة الكونية أي خروج القمر عن منطقة شعاع الشمس فإنه لعدم ارتباطه ببقاع الأرض وعدم صلته

27 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

بها لا يمكن أن يتعدد بتعددها.
ونتيجة ذلك: أن رؤية الهلال في بلد ما أمارة قطعية على خروج القمر من الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته، وأنه بداية لشهر قمري جديد لأهل الأرض جميعاً، لا لخصوص البلد الذي يرى فيه وما يتفق معه في الأفق. ومن هنا يظهر أن ذهاب المشهور إلى اعتبار اتحاد البلدان في الأفق مبني على تخيل أن ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاع الأرض كارتباط طلوع الشمس وغروبها بها، إلاّ أنه لا صلة كما عرفت لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون اُخرى، فإن حاله مع وجود الكرة الأرضية وعدمها سواء.
الثاني: النصوص الدالة على ذلك ونذكر جملة منها...» منهاج الصالحين 1:279.
واُجيب عنه بأن «ما ذكر من الفرق بين حالات القمر وبين الليل والنهار وإن كان ثابتاً في أصله، ولكنه لا يقتضي بوجه البناء على أنه بخروج القمر عن تحت الشعاع يبتدئ الشهر القمري الجديد لأهل الأرض جميعاً في تمام الأصقاع والبقاع كما ادعاه (قدس سره) في البيان المتقدم، إلاّ إذا ثبت أن العرف الممضى من قبل الشرع المقدس قد اتخذ بداية الشهر القمري ما ذكر، ولكن هذا غير صحيح قطعاً وإلاّ للزم أن يكون بداية الشهر القمري لنصف الكرة الأرضية في أثناء النهار، وهو ما لا يساعد عليه العرف، فإن الشهر يبتدئ عندهم من الليل. وهذا هو المستفاد من النصوص الشرعية أيضاً... وقد تنبه (قدس سره) لهذا المحذور لاحقاً فبنى على أنه إذا رؤي الهلال في مكان فإنما يحكم بدخول الشهر في الأمكنة المشاركة له في الليل ولو بأن يكون أول الليل فيه آخر الليل فيها، وأما الأمكنة التي ينقضي الليل ويحل النهار فيها قبل حلول الليل في مكان الرؤية فيكون أول الشهر فيها في اليوم التالي... وفي التزامه (قدس سره) بهذا إقرار منه بأن بداية الشهر القمري أمر نسبي يختلف باختلاف بقاع الأرض، وليس أمراً واحداً في جميعها وهو ما ادّعاه أولاً. مع أن هذا نحو من النسبية، وهناك نحو آخر هو مقتضى القول بأن العبرة في دخول الشهر القمري في كل مكان بامكانية رؤية الهلال فيافق ذلك المكان، فلابد من ملاحظة الشواهد العرفية والشرعية تؤيد أياً منالنحوين ليبنى عليه؟
ويمكن أن يقال: إنها تؤيد النحو الثاني وهي كما يأتي.
الشاهد الأوّل: أن الشهر القمري أي ما بين الهلالين مقياس زمنيتداوله العرب قبل الإسلام، والشهر في لغتهم اسم للقمر سُمّي به لشهرتهوظهوره، ثمّ أطلق على ما بين الهلالين لأنه يشتهر بالقمر وفيه علامة ابتدائه وانتهائه، وإنما اتخذ العرب الأشهر القمرية المقياس الأساس عندهم لحساب الأيام ولم يعتمدوا في ذلك على الأشهر الشمسية التي كانت متداولة عند الفرس والروم مع أن كثيراً من شؤون الحياة من الزراعة وغيرها مما يختلف باختلاف الفصول التي هي أقسام للسنة الشمسية من جهة أن الشهر القمري كان مقياساً يناسب حالهم من حيث مناطقهم التي تكون السماء فيها في غالب أيام السنة صحواً مما يتيح معرفة أيام الشهر بالنظر إلى حال القمر في الليل بكل سهولة، والمنسجم مع اعتمادهم على الأشهر القمرية دون الشمسية هو أن تكون العبرة عندهم في ابتداء الشهر في كل مكان بقابلية الهلال للرؤية في ذلك المكان، فإنه أمر يعدّ في متناول الجميع، الحضري والبدوي، القريب من أوّل موضع يرى فيه الهلال والبعيد عنه، وأما جعل المعيار هو ظهور الهلال وقابليته للرؤية في مكان ما ولو في بلاد الروم أو الفرس أو في بعض البحار يكون مشتركاً مع مناطقهم فيجزء من الليل فهو مما لا ينسجم بوجه مع

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 28

.....
_______________________________

ما ذكر في وجه اعتمادهم على الأشهر القمرية، فإنه مقياس لا يصل إليه الجميع، لوضوح أنه لا سبيل إلى التأكد من رؤية الهلال في الأماكن البعيدة إلاّ من جهة الحساب العلمي الدقيق، أو مع توفر طرق الاتصالات السريعة، وأنى كان لهم ذلك؟!... ولما جاء الدين الاسلامي الحنيف أقرّ العرب على اعتمادهم على الأشهر القمرية، قال تعالى: (يَسْألونَكَ عَنِ الاَْهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِوَالحَجِّ)... وقد بنى الشارع مختلف أحكامه وتشريعاته على حساب الشهور القمرية، ولم يرد منه ما يفي بالردع عما جرت عليه سيرة الناس فيما هو المعيار في بداية الشهر القمري، ولو ورد لاشتهر وذاع لمسيس الحاجة إليه كما هو ظاهر» اسئلة حول رؤية الهلال مع أجوبتها إعداد مكتب «السيد الاستاذ» السيد السيستاني وفقاً لما افاده دام ظله، طبع مركز البحوث والدراسات الفلكية، قم، ايران.
أقول: أما قوله: إن ما ذكر لا يقتضي بوجه البناء على أنه بخروج القمر عن تحت الشعاع يبتدئ الشهر القمري الجديد لأهل الأرض جميعاً... إلاّ إذا ثبت أن العرف الممضى من قبل الشرع المقدس قد اتخذ بداية الشهر القمري ما ذكر، ولكن هذا غير صحيح قطعاً وإلاّ للزم أن تكون بداية الشهر القمري لنصف الكرة الأرضية في أثناء النهار، وهو مما لا يساعد عليه العرف، فإن الشهر يبتدئ عندهم من الليل».
فغير صحيح، أولاً: بالنقض، فإنه بناءً على أن لكل بقعة افقها الخاص بها يأتي ذلك أيضاً، كما إذا رؤي الهلال قبل غروب الشمس ولو بعشر دقائق فإنه يكون بداية الشهر الجديد أثناء النهار، فهل يساعد عليه العرف؟!
وثانياً: بالحل، فإن العرف الشرعي قائم على أنه برؤية الهلال تكون الليلة الآتية فيما إذا رؤي قبل الغروب أو تكون نفس الليلة التي رؤي فيها الهلال لو رؤي بعد الغروب قبل أو بعد زوال الحمرة المشرقية هي الليلة الاولى للشهر الجديد، ولا فرق في هذه الليلة الآتية التي هي ليلة أوّل الشهربين أن يكون الفاصل بين رؤية الهلال ودخولها خمس دقائق أو عشراً أو أكثر أو أقل لا لحظة الرؤية، كما أن خروج الشمس من برج ودخولها في برج آخر هي بداية السنة الشمسية الجديدة لجميع بقاع الأرض، أي أن اليوم الآتي بعد التحويل هو أول يوم لا مبدأ التحويل ودقيقة التحويلتكون هي أول السنة الشمسية الجديدة حتّى يلزم على هذا وجود أربع وعشرين سنة شمسية أو أكثر لجميع بقاع الأرض. ومن هنا يتضح أن ما ذكره السيد الاستاذ «السيد الخوئي» لاحقاً ليس هو تنبيهاً كان غافلاً عنه، بل توضيحاً لهذا المعنى، وهو أن رؤية الهلال في مكان ما قد توجب أنيكون الفاصل بين رؤية الهلال ودخول الليلة التي تكون بعد رؤية الهلال هو ما بين الزوال إلى الغروب أو أكثر أو أقل، بداهة أن نصف الكرة الأرضية التي تشرق عليها الشمس بعد ما تغرب عندنا، عندهم لحظة رؤية الهلال نهاراً، فلا معنى للحكم بأنه أوّل ليلة من الشهر بالنسبة إليهم «موسوعة الإمام الخوئي 22:118» إلاّ بتوضيح أن يقال: إن الليلة التي تعقب رؤية الهلال هي الليلة الاولى للشهر، وهي بداية للشهر القمري الجديد لجميعالعالم، غاية الأمر الليلة التي هي أول الشهر في بلد الرؤية قد تكون بدايتها حين الرؤية أي عند الغروب أو قبلها بخمس أو عشر دقائق أو بعدها كذلك، وفي القسم الآخر من الأرض بعد خمس أو عشر ساعات مثلاً، كما ان الليلة التي هي ليلة أوّل الشهر قد تكون في بلد ليله بالنسبة إلى بلد الرؤية هو آخر الليل، وليل بلد الرؤية أول الليل، وأوّل ليل البلد الثالث هوآخر ليل بلد الرؤية، وهذا هو معنى قول السيد الاستاذ السيد الخوئي في المنهاج 1:281 «ونتيجة ذلك أن رؤية الهلال في بلد ما أمارة قطعية علىخروج القمر عن الوضع المذكور الذي اتخذه من الشمس في نهاية دورته، وأنه بداية لشهر قمري جديد لأهل

29 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

الأرض جميعاً» فالليلة المذكورة هي ليلة أول الشهر عندهم، غاية الأمر بالنسبة إلى أهل نصف الكرة الأرضية الآخر تكون أوّل ليلة عندهم من الشهر الجديد هي الليلة التي تعقب رؤية الهلال، في حين أن زمان ليلتهم هو صباح يوم أول الشهر في مكان الرؤية، ففي الإثنين أوّل ليلة بعد رؤية الهلال هي ليلة أوّل الشهر ويبتدئ فيها بدخول الليل سواء كان الدخول بعد الرؤية بخمس دقائق أو عشر أو بخمسساعات أو عشر أو أقل أو أكثر، هذا هو عرف المتشرعة الممضى من قبل الشارع المقدس، وليس عرف المتشرعة قائماً على أن لحظة الرؤية هي يوم أول الشهر وإلاّ فقد يرى الهلال قبل غروب الشمس بفاصل زمني، وليس بناء المتشرعة على اتخاذ هذا اليوم أوّل يوم للشهر، بل يأخذون أوّل ليلة الرؤية ليلة أوّل الشهر وإن كان الهلال قد رؤي بعد غروب الشمس، فهذه الليلة هي ليلة أوّل الشهر سواء كان هذا الليل في مكان الرؤية أوله وفي مكان آخر آخره. ومن هنا يتضح فساد الشاهد الثاني على ما ادعاه المدعي والذي سنذكره ونفصل الجواب عنه فيما بعد، وملخص القول: ان الهلال إذا رؤي في مكان ما فإما أن يرى بعد غروب الشمس قبل أو بعد زوالالحمرة المشرقية، فهذه الليلة هي ليلة أوّل الشهر لبلد الرؤية وللبلدان المتحدة معه في الليل، سواء كان أوّل الليل في بلد الرؤية آخر الليل عندهم، أو كان آخر الليل في بلد الرؤية أوّل الليل عندهم، ولمن كان عنده لحظةرؤية الهلال نهاراً فالليلة الآتية هي ليلة أول الشهر عنده.
وإما أن يرى قبل غروب الشمس فالليلة الآتية هي ليلة أوّل الشهر لهم ولكن من كان عنده لحظة رؤية الهلال نهاراً ولا يعقل أن يكون أوّل الشهر بنظر المتشرعة هو هذا اليوم الذي رؤي فيه الهلال قبل غروبالشمس بربع ساعة أو عشر أو خمس دقائق في بلد الرؤية أو بخمس أو عشر ساعات في البلدان التي لا تتحد مع بلد الرؤية في الليل أي سواء كانالفاصل بين لحظة رؤية الهلال في الفرضين أي رؤيته قبل غروب الشمس أوبعدها في البلدان الاخرى التي لا تتحد مع بلد الرؤية في الليل وبين الليلعندهم ساعتين أو ثلاثاً أو أكثر أو أقل، ولا يلزم أن يكون على هذا بداية الشهر القمري لنصف الكرة الأرضية هو اثناء النهار، كما أن بداية الشهر القمري لو رؤي الهلال قبل غروب الشمس أو بعدها في بلد الرؤية لا يكون هو لحظة رؤية الهلال، ولا اليوم الذي رؤي فيه الهلال كما هو واضح، لا لبلد الرؤية ولا لكل من عنده نهار حين رؤية الهلال، كما أنه لو رؤي بعد غروب الشمس لا يكون الباقي من الليلة دون السابق منها ليلة أول الشهر لا في بلد الرؤية ولا في كل بلد يشاركه في الليل.
وعليه فتبين أن بداية الشهر لنصف الكرة الأرضية الآخر ليس هو أثناء النهار حتّى يكون على خلاف المرتكزات العرفية، وعلى فرض صحة ما يقوله القائل فكونه على خلاف المرتكزات العرفية لا يقصر عن مسألةنجاسة البئر بالملاقاة، فان المرتكزات العرفية كانت قائمة على خلاف الحكم بعدم تنجسه بالملاقاة للنجاسة، بل ذكر الفقهاء لكل نجاسة مقداراً خاصاً من النزح لتطهير البئر به، ولم يمنع ذلك المرتكز العرفي من قيام الدليل على عدم نجاسته بالملاقاة، فلذا حكم الكل بعدم تنجسه بالملاقاة، ولم يقل أحد بان هذا الدليل على خلاف المرتكزات العرفية ما لم يكن على طبق وفق المرتكزات العرفية إمضاء من الشارع المقدس، والامضاء القائم في المقام لا ينافي الدليل على أن الهلال إذا رؤي في مكان ما فيثبت أوّل الشهر لجميع البقاع على اختلاف مشارقها ومغاربها، لانه لا ينافي المرتكزات العرفية الممضاة من قبل الشارع المقدس كما اوضحناه بما لا مزيد عليه، بل الدليل عليها هو الثاني ليس إلاّ، إذ لو كان غيره لذكروه، ولم يذكر أي دليل عليها إلاّ الدليل الثاني، فهو الدال عليها لا أنه ينافيها.

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 30

.....
_______________________________

ومع التنزل وملاحظة الشواهد نقول: أما الشاهد الأوّل وهو قوله إنالشهر القمري مقياس زمني تداوله العرب قبل الإسلام، وإنما اتخذ العرب الأشهر القمرية المقياس الأساس عندهم لحساب الأيام ولم يعتمدوا في ذلك على الأشهر الشمسية لأن الاعتماد على الاشهر القمرية يناسب حالهممن حيث إن معرفته لا تحتاج إلى الحساب بخلاف الأشهر الشمسية، كما أنهيناسب حالهم من حيث مناطقهم التي تكون السماء فيها في غالب أيام السنة صحواً مما يتيح معرفة أيام الشهر بالنظر إلى حال القمر في الليل بكل سهولة، والمنسجم مع اعتمادهم على الأشهر القمرية دون الشمسية هو أن تكون العبرة عندهم في ابتداء الشهر في كل مكان بقابلية الهلال للرؤية في ذلك المكان، وأما جعل المعيار هو ظهور الهلال وقابليته للرؤية في مكان ما ولو في بلاد الروم أو الفرس أو في بعض البحار بحيث يكون مشتركاً معهم في الليل فهو لا ينسجم مع ما ذكر في وجه اعتمادهم على الأشهر القمرية، ولمّا جاء الإسلام الحنيف أقرهم على اعتمادهم على الأشهر القمرية بقوله: (يَسْألونَكَ عَنِ الاَْهِلَّةِ...) وقد بنى الشارع مختلف أحكامه وتشريعاته على حساب الشهور القمرية، ولم يرد عنه ما يفي بالردع عما جرت عليه سيرة الناس فيما هو المعيار في بداية الشهر القمري.
أقول: ان اعتماد العرب قبل الإسلام على الأشهر القمرية وكونها هي المقياس الأساس عندهم لحساب الأيام، إن لم يكن خلاف قول القائل المتقدم ولأجل هذه المناسبة تعرضنا لبحث وحدة الأفق هنا حيث قال في ردّ من قال بعدم كون النسيء المعمول به عند أهل الجاهلية مبنياً على حساب السنة بالشهر الشمسية وبعدم معرفة العرب بالحساب الشمسي ـوهو ما ذكر في تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة كتاب الحجّ 1:19 ـقال القائل المذكور في ردّه في بحث مفصل: إن الاعتراض بأن العرب لم يكن النسيء عندهم مبنياً على الحساب الشمسي ولم تكن العرب تعرف الحساب الشمسي غير تام، ويظهر ذلك من مراجعة كتب التاريخ، ونقل عن الدكتور جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام كلاماً طويلاً استظهر منه ان العرب قبل الإسلام كانوا يتبعون الحساب الشمسي لا انهميعرفونه فقط، بل كان هو المعتمد عندهم، فنقل عن البيروني وابن الأجدابي والمسعودي حيث قال في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام «تعرض البيروني لموضوع النسيء عند العرب فقال: وكانوا في الجاهلية يستعملونها ]أي الأشهر القمرية[ على نحو ما يستعمله أهل الإسلام، وكان يدور حجهم في الأزمنة الأربعة، ثمّ أرادوا ان يحجوا في وقت إدراك سلعهم من الأدم والجلود والثمار وغير ذلك، وأن يثبت ذلك على حالة واحدة وفي أطيب الأزمنة وأخصبها فتعلموا الكبس من اليهود المجاورين لهم، وذلك قبل الهجرة بقريب مائتي سنة، فأخذوا يعملون بها ما يشاكل فعل اليهود من إلحاق فضل ما بين سنتهم وسنة الشمس شهراً بشهورها إذا تم... ويسمون هذا من فعل النسي لأنهم كانوا ينسأون أوّل السنة في كل سنتين أو ثلاثة شهراً على حسب ما يستحقه التقدم» بحوث في شرح مناسك الحجّ 1:213.
وملخص ما ذكر في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام هو ما ذكرناه آنفاً في أول هذا الهامش الطويل، ولم نقتنع به، ولم يثبت عندنا أن العرب كانت تعتمد على الحساب الشمسي، كما أنه لم يثبت أنهم كانوا يعتمدون على الحساب القمري. وذكرنا ما قاله «نايلو». ولكن القائل المذكور ذهب إلى أن العرب قبل الإسلام كانت تعتمده أي الحساب الشمسي ولذا كان عندهم النسيء على ضربين: أحدهماتأخير شهر محرم إلى صفر، والآخر تأخير الحجّ

31 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

عن وقته تحرياً منهم للسنة الشمسية، فكانوا يؤخرونه في كل عام أحد عشر يوماً حتّى يدور الدور فيه إلى ثلاث وثلاثين سنة فيعود إلى وقته. وهذا الذي نقله عن كتب التاريخ إما أن يعتمده ويكون صحيحاً عنده أو لا. فإن لم يكن يعتمده فلا يكون رداً لما ذكره صاحب تفصيل الشريعة، وإن اعتمده فالعرب قبل الإسلام كان اعتمادهم على الحساب الشمسي، بينما يقول هنا إن العرب كانت تعتمدالحساب القمري، فلم يعلم أن القائل المذكور هل يقول إن العرب كانت تعتمد الحساب الشمسي أو كانت تعتمد الحساب القمري؟! أو هو يرى اعتماد العرب على الحساب الشمسي، ومن كتب الجواب على وفق رأيه وهو السيد الاستاذ «السيد السيستاني» يرى اعتماد العرب على الحساب القمري، وهو بعيد.
ثم مع التنزل وفرض أن العرب كانت تعتمد الحساب القمري فجعل ذلك من جهة معرفة ابتداء الشهر دون بقية أيامه حيث يكتفى في كل مكان بقابلية الرؤية في ذلك المكان ويعدّ ذلك أمراً في متناول الجميع الحضري والبدوي، القريب من أوّل موضع يرى فيه الهلال والبعيد عنه، جعل لما لا يتحمل، فإن العرب «كانت تخبر عن القمر في كل ليلة من الشهر على حسب ما هو به من الضياء وغيره عن طريق المسألة والجواب» مروج الذهب 2:193 ولم يكن اعتمادهم لأجل معرفة ابتداء الشهر. هذا على فرض أن اعتمادهم على الشهور القمرية، وعلى فرض ان اعتمادهم عليها لأجل سهولة معرفة الايام بما فيها أول الشهر التي تناسب دعواه المتثبّت في أمر الهلال لا المتشدد، ولم يكن اعتمادهم عليها لو كان الاعتماد عليها محققاً لصعوبة الحساب الشمسي وكونه ليس في وسع جميع الناس، فإنه لو كان الاعتماد لصعوبة الحساب الشمسي كما هو الظاهر الذي يقول السيد الطباطبائي في الميزان «إنه ما تنبه لشأنها ولم ينل دقيق حسابها الانسان إلاّ بعد قرون وأحقاب من بدء حياته في الأرض، ومع ذلك ليس في وسع جميع الناس دائماً» الميزان 2:56 فأي ربط لذلك في معرفة أوّل الشهر وأن أول الشهر هو الموضع الذي يرى فيه الهلال دون ظهورالهلال وقابليته للرؤية في مكان ما يكون مشتركاً مع بلد الرؤية في جزء منالليل.
ومع التنزل وفرض انهم يعتمدون الحساب القمري ولأجل ما ذكرأيضاً فلم يقرّهم الإسلام على ذلك وردع عنه، فإن ما ورد من الصحاح الأربعة الآتية وغيرها كثير كما سيأتي بلا شك رادع عما ذكر، وفي ذلك الوقت الذي لم تتوفر فيه طرق الاتصالات السريعة لم يكن ردعهم عن ذلك إلاّ بقضاء اليوم الذي ثبت فيما بعد رؤية الهلال في بلد من البلدان ومصر من الأمصار وان لم يكن متحد الافق معهم قبل يوم من رؤيتهم له على ما سيأتي من دلالة الصحاح الكثيرة على ذلك بوضوح.
ومما ذكرنا في ردّ الشاهد الأوّل يتضح حال ما سيأتي من الشاهدالثاني.
الشاهد الثاني الذي ذكره البعض هو: «إن مقتضى الالتزام بدخولالشهر في البلاد الواقعة في شرق بلد الرؤية من جهة اشتراكهما معه في جزء من الليل هو إما تبعض الليلة الواحدة فيها بين شهرين، بأن يكون أولها إلى اللحظة التي رؤي فيها الهلال في ذلك البلد الغربي من الشهر السابق وما بقي من الشهر اللاحق، وإما ابتداء الشهر قبل قابلية الهلال للرؤية في أيمكان في الأرض، وكلا الأمرين بعيد عن المرتكزات العرفية» المصدر المتقدم ص 13 14 فإن الجواب عنه بالنقض والحل أيضاً.
أما النقض فإنه بناءً على أن لكل مكان افقه الخاص به يأتي هذا الكلام أيضاً، فإنه لو رؤي الهلال بعد الغروب

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 32

.....
_______________________________

بخمس دقائق فإن اللازم تبعض هذه الليلة حتّى في بلد الرؤية، فيكون قسمٌ منها داخلاً في الشهر السابق والقسم الآخر داخلاً في الشهر اللاحق، أو أن ابتداء الشهر فيها قبل قابلية الهلال للرؤية في أي مكان في الأرض، وكلا الأمرين على فرض البعد بعيد عن المرتكزات العرفية، فإن هذا الإشكال مبتنِ على ان أول الشهر هو لحظة رؤية الهلال، وهو لا يمكن الالتزام به لا في بلد الرؤية ولافي البلدان التي تقع لا غرب بلد الرؤية ولا شرقه أيضاً. فعلى فرض صحة الإشكال فهو عام، وهو غير صحيح كما عرفت. وأما الحل فعلم مما سبق من أن رؤية الهلال وإن كانت بعد المغرب فالمعروف عند المتشرعة أن هذه الليلة من أولها هي ليلة أول الشهر، وليس الملاك هو لحظة رؤيةالهلال، بل رؤيته الكاشفة عن خروجه من المحاق ومن تحت شعاع الشمس حتّى لو كانت لحظة رؤيته قبل انتهاء الليل بقليل بالنسبة الى البلاد الواقعة شرق بلد الرؤية مع اتحادهما بجزء من الليل، بل وكذا من كان بلدالرؤية شرقه مع فرض اتحادهما في جزء من الليل. نعم لو كان البلد الواقع غرب بلد الرؤية من لحظة رؤية الهلال أي من أول الليل الى انتهاء الليل فيه ليس هو في الليل، بل كان عنده هذا الزمان كله نهار، فالليلة الآتية له هي ليلة أوّل الشهر عنده، ولا يكون يومه الذي هو فيه أول الشهر.
ثم إنه لو فرض أن شيئاً قد قام الدليل عليه من الكتاب أو السنّة أو الاجماع أو العقل وكان خلاف المرتكزات العرفية، فهل كونه على خلاف المرتكزات العرفية مانع من الأخذ به، فلابد حينئذ من تقييد الأدلة الدالة على الاحكام الشرعية بان لا تكون على خلاف المرتكزات العرفية، على أنه تقدم ان الدليل على المرتكزات العرفية الذي هو الملاك في عدم صحةمخالفتها هو الدليل على ان الهلال إذا رؤي في بلد ما أو كان قابلاً للرؤيةفهو مقتض لدخول الشهر الجديد لجميع بقاع الارض، لا أنه ينافيها.
الشاهد الثالث الذي ذكره البعض: هو «ان مقتضى كون العبرة في دخول الشهر الجديد في بلد المكلف برؤية الهلال ولو في بلد آخر بعيداً عنه جداً هو أن صيام النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمة(عليهم السلام) وفطرهم وحجهم وسائر أعمالهم التي لها أيام محددة في الأشهر القمرية لم تكن تقع في كثير من الحالات في أيامها الحقيقية، لوضوح أنهم (عليهم السلام) كانوا يعتمدون في تعيينبدايات الأشهر الهلالية على الرؤية في بلدانهم أو البلدان القريبة منها، مع أنفي كثير من تلك الشهور كانت الرؤية متيسرة في الليلة السابقة في بعض الأماكن البعيدة جداً، كما يعرف ذلك بمراجعة البرامج الكمبيوترية الحديثة التي تبين أوضاع القمر لآلاف السنين الماضية والآتية، أي إنه في حالات غير قليلة كان هلال شوال مثلاً قابلاً للرؤية في استراليا أو جنوب أفريقا أو إمريكا الجنوبية في ليلة السبت مثلاً، ولكنه لما لم يكن قابلاً للرؤية في المدينة المنورة أو العراق في تلك الليلة كما يحدث مثله في زماننا كثيراً كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو الامام (عليه السلام) يصوم ذلك اليوم، مع أنه في واقع الحال كان عيد الفطر الذي لا يشرع فيه الصوم في حقه، وهذا بعيد في حدّ ذاته، ويزيده بعداً أنهم (عليهم السلام) لم يكن ينقصهم العلم بما يعرف به وضع الهلال في الاماكن الاخرى، لانه لا يتوقف إلا على اجراء محاسبة علمية دقيقة للتوصل الى درجة ارتفاع الهلال على الأفق ومقدار بعده الزاوي عن الشمسي ونسبة القسم المنار الى أكبر قطر يبلغه القرص، وهذه المحاسبة لم تكن بعيدة عن معرفة أهل الحساب من العرب وغيرهم حتّى في عصرهم (عليهم السلام) فمتى علم أن الهلال سيكون في استراليا مثلاً بارتفاع اثنتي عشرة درجة، وبعيداً عن الشمس بمقدار ثماني درجات وتبلغ قسمة القسم المنار (3%) مثلاً، يقطع عندئذ بكونه قابلاً للرؤية بالعين

33 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

المجرّدة في تلك البلدان لولا الموانع من غيم أو نحوه، وإن لم يكن قابلاً للرؤية في الجزيرة العربية أو العراق، ولاحاجة في معرفة ذلك الى علم الغيب لكي يقال: إنهم(عليه السلام) لم يكونوايستخدمونه في هذه المجالات، بل لم تكن معرفة ذلك إجمالاً بالذييتوقف على إجراء المحاسبة الدقيقة، وإنما يكفي فيها الوقوف من خلال الاختبار والتجربة على اختلاف حال الأمكنة والبلدان من حيث إمكانية رؤية الهلال فيها، وهو ما كان معلوماً للكثيرين» المصدر المتقدم ص 14 15.
وفيه: انه يكفي في ردّ هذا الشاهد اعتراف من أقامه بان هذا بعيد لا انه مانع من صحة الدليل، وهذا البعد على فرضه لا يضر بعد قيام الدليل على المقصود، فإن كان في الدليل خلل فاللازم بيان وجه الخلل في الدليل. ثم إن البعد المذكور إنما يتم بعد فرض ان النبيّ (صلى الله عليهوآله) والأئمة(عليهم السلام) كانوا يعتمدون في تعيين بدايات الأشهر الهلالية على الرؤية في بلدانهم أو البلدان القريبة منهم، وهو محتاج إلى دليل، ولم يثبت ذلك أي دليل. ودعوى أنهم (عليهمالسلام) كغيرهم من الناس لا طريق لهم إلى معرفة أوّل الشهر بالطرق العادية إلاّ الرؤية فيبلدانهم أو البلدان القريبة منهم، دعوى من لم يكن يرى الفرق بين النبيّ (صلى الله عليه وآله)والأئمّة(عليهم السلام) وباقي الناس، فإن محاسبة سير القمر غير خفي عنهم (عليهم السلام) بل عن بعض الخواص من الناس، وليس ذلك مبنياً على الغيب حتّى يقال انهم (عليهم السلام) لم يستخدموه في هذه المجالات، فقد يكون حسابسير القمر عندهم بمثابة ما نقوله اليوم من قيام اجماع الفلكين على عدم إمكان الرؤية في ليلة اليوم الذي افطر فيه (عليه السلام) في جميع الأماكن من الأرض، أو عدم الخلاف في ذلك بين الفلكين في عدم امكان الرؤية في أي مكان من الكرة الأرضية، فمن أين كان من الواضح انهم (عليهم السلام) كانوا يعتمدون على الرؤية في بلدانهم أو البلدان القريبة منهم خصوصاً مع بنائهم على ان الرؤية للهلال في أي مصر من الأمصار كاف لثبوت أول الشهر في بقية الأمصار كما هو الوارد في النصوص الواردة عنهم (عليهم السلام) على ما سيأتي الاستدلال بها، وهي عدة صحاح. ولو كان المعتبر هو اُفق كل بلدة أو اُفقها واُفق ما يكون قريباً منها بالخصوص لوردت فيه رواية واحدة ولو ضعيفة، والحال انه لم ترد أي رواية دالة على ذلك، وليس خلاف المشهور في هذه المسألة لما ذكر من هذه الوجوه، بل المهم في خلافهم هو ما ذكره السيد الاستاذ «السيد الخوئي» من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس وغروبها، وقد عرفت ان القياس غير صحيح، بل مسالتنا هذه تقاس بمسألة تحول الشمس منبرج إلى برج التي هي ظاهرة كونية أيضاً بها تدخل السنة الشمسية الجديدة، بلا فرق بين بقاع الأرض على اختلاف مشارقها ومغاربها، وليس للخروج من برج والدخول في برج آخر أفراد عديدة، بل هو فرد واحد محقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد البقاع، فكذا بخروج القمر من تحت الشعاع المسمى بالمحاق في نهاية دورته والتمكن من رؤيته يدخل الشهر الجديد، بلا فرق بين بقاع الأرض على اختلاف مشارقها ومغاربها، وليس لخروجه من تحت الشعاع أفراد عديدة يكون لكل مطلع واحد منها، بل هو فرد واحد متحقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد المطالع والبقاع.
الشاهد الرابع الذي ذكره البعض هو: خبر معمّر بن خلاد عن أبي الحسن (عليهالسلام) قال: «كنت جالساً عنده آخر يوم من شعبان فلم أره صائماً، فأتوه بمائدة فقال: ادن ـوكان ذلك بعد العصر فقلت له: جعلت فداك صمت اليوم، فقال لي: ولِمَ ! ! ؟ قلت: جاء عن أبي عبدالله (عليه السلام) في اليوم الذي يشك فيه أنه قال: يوم وفّق له. قال: أليس تدرون إنما ذلك إذا كان لا يعلم أهو من شعبان أم من شهر رمضان فصامه الرجل فكان من شهر رمضان كان يوماًوفّق له،

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 34

.....
_______________________________

فأما وليس علة ولا شبهة فلا...» التهذيب 4:166/473 وجه الاستشهاد بهذه الرواية هو أن الإمام (عليه السلام) قد جعل المناط في مطلوبية الاحتياط بصيام اليوم الذي يعقب التاسع والعشرين من شعبان هو عدم العلم بكونه من شعبان أو من رمضان، مع أن أقصى ما يقتضيه خلو السماء من الغيم ونحوه وعدم الشبهة في وجود ما يمنع من رؤية الهلال في بلد المكلف هو العلم بعدم ظهوره فيه بنحو قابل للرؤية بالعين المجرّدة، فلو كان يكتفى في دخول الشهر في بلد بقابلية الهلال للرؤية ولو في اُفق بلد آخر لصدق على ذلك اليوم أنه مما لا يعلم كونه من شعبان أو رمضان، فلا يتجه نهي الامام (عليه السلام) عن صيامه احتياطاً، وهذا ظاهر. المصدر المتقدم 17 18.
أقول: من الواضح أن الامام (عليه السلام) إنما بيّن ذلك بنحو لو كان في اليوم الذي هو فيه مقتض لصوم «يوم وفّق له» كان ممن صام ذلك اليوم بلا إشكال ولا شك، ومعنى ذلك انه (عليه السلام) مضافاً إلى أنه لم يُرَ الهلال في افقهم مع فرض عدم العلة في السماء من غيم ونحوه، ومعنى عدم الشبهة انه لا يحتمل ان يرى الهلال في بلد آخر أيضاً بعيدٌ عن بلده أو قريبٌ المعبر عنه بإجماع الفلكيين على عدم امكان الرؤية أو عدم الخلاف فيه بينهم في زماننا هذا، فهنا في فرض عدم الاحتمال وفي فرض الاطمئنان أو العلم بعدم خروج الهلال من المحاق أو عدم امكان رؤية في أي بلد، ولو لاجل حساب سير القمر بمقتضى علمه (عليه السلام) الذي لا يقصر عنه بلا كلام، أو لأجل أشياء لا يمكنه (عليه السلام) التصريح بها كما نراه في زماننا هذا حيث تسرع السلطة الحاكمة الظالمة اما لسبق باقي الدول في الاعلان عن أول الشهر وتريد ان تثبت وهي عاجزة عن انها هي الأصل في الدول الإسلامية وباقي الدول تتبعها في ذلك، أو لاجل قضاة متحجرين أو بانين على كفاية تولد الهلال وإن لم يكن قابلا للرؤية، فيعلنون عن أول الشهر قبل واقعه بيوم أو يومين كما شاهدناه فيتخيل بعض الناس ان اليوم الذي هو فيه من الشهر اللاحق هو يوم الشك فيصومه لاجل قوله (عليه السلام) «يوم وفّق له» وهو في الواقع آخر الشهر السابق أو قبل آخره، ولا يمكن للامام (عليه السلام) التصريح بذلك، ويجمع الكل انه لا مقتضي لصوم «يوم وفّق له» لأنه ليس اليوم بيوم شك، أو أن صوم هذا اليوم ليس صوماً لـ «يوم وفّق له» لعدم إمكان أن يكون من شهر رمضان، بل من المقطوع به انه اليوم التاسع والعشرين من شعبان لا الذي يعقب اليوم التاسع والعشرين، وإنما المقتضي لصوم «يوم وفّق له» هو ما لو كان في السماء علة أو كانت شبهة الرؤية في البلدان الاخرى ولو البعيدة موجودة، المعبر عنه بيوم الشك وهو ما بعد يوم 29 من شعبان، وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك فلا يتحقق صوم «يوم وفّق له» فلا مقتضي لذلك. فالاولى الاستدلال بهذا النص على بطلان الشاهد الثالث من أن يكون شاهداً رابعاً وأن الأئمّة (عليه السلام) لا يعتمدون في بدايات الأشهر الهلالية على الرؤية في بلدانهم أو البلدان القريبة منهم، وليسوا كغيرهم وغير الخواص من الناس ممن يخفى عليهم سير القمر، فلذا نهى عن صومه وكان مفطراً (عليه السلام) لا الاستدلال به على أنه شاهد رابع فإنه واضح الفساد. وأمّا تفسير عدم الشبهة بقوله «وعدم الشبهة في وجود ما يمنع من رؤية الهلال في بلد المكلف» فهو أخذ من «عدم العلة» واضافة إلى «عدم الشبهة» فإن وجود ما يمنع من رؤية الهلال إنما هو العلة من غيم أو غبار أو جبل أو نحوها، وهو غير عدم الشبهة كما هو واضح، وكما هو المستفاد من قوله في صحيحة محمّد بن قيس الآتية المعبّرة في لسان الراوي بأشكل علينا هلال رمضان لقول الحساب بامكان رؤية الهلال في بلدان بعيدة عن بلدنا، فاجاب(عليهالسلام) بجوازالافطار ما لم تثبت الرؤية.
الشاهد الخامس الذي ذكره القائل هو: معتبرة محمّد بن قيس، قال: «كتب إليه أبو عمرو: أخبرني يا مولاي أنه

35 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

ربما أشكل علينا هلال رمضان فلا نراه ونرى السماء ليس فيها علّة، فيفطر الناس ونفطر معهم، ويقول قوم من الحسّاب قبلنا: إنه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وإفريقية والاندلس، فهل يجوز يا مولاي ما قال الحسّاب في هذا الباب حتّى يختلف الفرض على أهل الأمصار فيكون صومهم خلاف صومنا وفطرهم خلاف فطرنا؟ فوقع(عليه السلام): لا تصومن من الشك، أفطر لرؤيته وصم لرؤيته» التهذيب 4:159/446. وجه الاستشهاد بهذه الرواية هو دلالة كلام السائل على ارتكازفكرة اختلاف الآفاق في ذهنه، بحيث لم يكن شك في أنّه على تقدير صحّة قول الحسّاب من رؤية الهلال في تلك الليلة بمصر وإفريقية والأندلس سيختلف الفرض على أهل الأمصار، أي يكون صيام رمضان واجباً على خصوص من كان الهلال قابلاً للرؤية في بلدانهم، ولم يخطر ببالهاحتمال أن يجب الصيام على أهل بلده بالرغم من عدم قابلية الهلال فيه للرؤية وإن رؤي في بلد آخر. وأما جواب الامام (عليه السلام) فلا يدل على ردعالسائل عن المرتكز المذكور إن لم يدل على إقراره عليه كما سيأتي توضيحه إن شاء الله، هذا أهم ما يمكن الاستشهاد به على كون العبرة في دخول الشهر القمري في كل مكان بقابلية الهلال للرؤية فيه» المصدر المتقدم 18 19.
أقول: ليس في ذلك تقرير من الإمام له على ذلك بل اعراض عما هو المرتكز في ذهن السائل والجواب له بأنه لا يجب عليه صوم يوم الشك، هذا أولاً.
وثانياً: أليس في قوله (عليه السلام): «افطر لرؤيته وصم لرؤيته» ردع عن ذلك ودلالة على ان الصوم والفطر إنما يجبان برؤية الهلال، ورؤية الهلال فيه مطلقة لم تقيد بأي مقيد، ففي أي بلد كانت الرؤية متحققة صدق صم «للرؤية» وافطر «للرؤية» ولذا ورد عنهم (عليه السلام) عدة صحاح سيأتي استدلال السيد الاستاذ «السيد الخوئي» بها دالة على أنه إذا رؤي الهلال في مصر من الأمصار فاقضه، أي بالنسبة الى يوم الشك انه من رمضان أو لا. وليس الملاك في الصوم والفطر هو حساب الحسّاب.
وثالثاً: لو فرض تقرير الامام (عليه السلام) له فهو تقرير لحساب الحسّاب الذي قد يصيب وقد يخطئ، ولا شك أنه (عليه السلام)بقوله: «افطر لرؤيته وصم لرؤيته» ردع عن «حساب الحسّاب» فإن الهلال لا يثبت بقول الحسّاب، وانما الملاك في ثبوته إنما هو الرؤية وهي الموجبة للفطر أو الصوم لجميع المكلفين، فلا يكون صومهم خلاف صومنا ولا فطرهم خلاف فطرنا.
ثم قال القائل المتقدم: «هذا أهم ما يمكن الاستشهاد به على كون العبرة في دخول الشهر القمري في كل مكان بقابلية الهلال للرؤية فيه.» المصدر المتقدم: 19.
أقول: لم يستند المشهور في قولهم بأن لكل مكان افقهم الخاص بهم لهم ولمن قرب منهم إلى هذه الوجوه التي ذكرت، وإنما كان استنادهم في ذلك ليس إلاّ تخيل ان ارتباط آخر مرحلة من سير القمر وهو خروجه من تحت الشعاع ببقاع الأرض ليس إلاّ كارتباط طلوع الشمس وغروبها بهذه البقاع، ولذا قال في الجواهر «دون البلاد البعيدة المتباعدة كالعراق وخراسان ونحوهما مما علم فيه اختلاف المطالع أو احتمل» ومع ذلك اشكل عليهم (قدس سره)«بمنع اختلاف المطالع في الربع المسكون إما لعدم كروية الأرض بل هي مسطحة فلا تختلف المطالع حينئذ، وإما لكونه قدراً يسيراً لا اعتداد باختلافه بالنسبة إلى علو السماء» الجواهر 16:360 361، وكذا في الحدائق 13:263 264، وفي المستند 10:422 423، وفي الدروس 1:285، وغيرها، بل ذكر ذلك من ذهب إلى هذا الرأي أو لم يذهب من علماء الجمهور كالكاشاني الحنفي، بدائع الصنائع 2:83، وابن قدامة المغني 3:7،

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 36

.....
_______________________________

والمرداوي الحنبلي الانصاف 3:273 على ما يأتي كلامهم مفصلاً. وقد بيّن السيد الاستاذ «السيد الخوئي» ان هذا التخيل فاسد، وليس لخروج الهلال من تحت الشعاع افراد عديدة، بل هو فرد واحد متحقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد البقاع، بخلاف طلوع الشمس الذي يتعدد بتعدد البقاع وكذا غروبها، فالقياس مع الفارق، وليس خروج الهلال من تحت الشعاع وامكانية رؤيته في بلد ما إلاّ أمارة قطعية على بداية شهر قمري جديد لأهل الأرض جميعاً، وليس لخصوص البلد الذي رؤي فيه وما يتفق معه، كما أن خروج الشمس من برج ودخولها في برج آخر ظاهرة كونية وأمارة قطعية على بداية سنة شمسية جديدة لأهل الأرض جميعاً، ومعنى ذلك أن ما يأتي بعدها هو اليوم الأول للسنة الشمسية الجديدة، كما ان ما يأتيبعد رؤية الهلال الخارج من المحاق وامكان رؤيته هو اليوم الأوّل من الشهر الجديد.
ثم استدل السيد الاستاذ «السيد الخوئي» بالنصوص الدالة على ذلك فقال: «النصوص الدالة على ذلك، ونذكر جملة منها:
1- صحيحة هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال في من صام تسعة وعشرين قال: «إن كانت له بيّنة عادلة على أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين على رؤيته قضى يوماً» ]الوسائل 10:265 باب 5 من أبواب أحكامشهر رمضان ح 13[، فإن هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا بوضوح على أن الشهر إذا كان ثلاثين يوماً في مصر كان كذلك في بقية الأمصار، بدون فرق بين كون هذه الامصار متفقة في آفاقها أو مختلفة، إذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها هو المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الأفق لكانعلى الامام (عليه السلام) ان يبين ذلك، فعدم بيانه مع كونه في مقام البيان كاشف عن الاطلاق» منهاج الصالحين 1:281.
قال القائل المذكور: ويلاحظ عليها أنه لا اطلاق لها لمحل البحث، لأنها في صدد بيان أمر آخر وهو لزوم عدم وجود معارض حكمي على رؤية الهلال في البلد الآخر، وذلك بأن تكون الرؤية قد ثبتت فيها بالشياع القطعي أو البينة غير المعارضة ببينة النفي، وهذا ظاهر في صحيحة هشامحيث اعتبر فيها قيام البينة على صوم أهل مصر، فالتعبير بـ «أهل مصر» إنما هو بعناية اعتبار اجتماعهم على ثبوت الرؤية الذي لا يكون عادة إلا عن شياع قطعي أو بينة غير معارضة بغيرها، وهو الذي اشير إليه في بعض الروايات الآخرى بأن الرؤية هي أن يقول القائل: رأيت فيقول القوم: صدقت، أو إذا رآه واحد رآه عشرة وإذا رآه عشرة رآه ألف. وبالجملة: المقصود هو التركيز على قيام الحجّة والتأكد من ثبوتها عند أهل ذلكالمصر، فلا يكفي وجود شاهدين منهم على الرؤية مطلقاً كما لو انفردا بإداء الرؤية مع كثرة المستهلين. وإذا كان الإمام (عليه السلام) بصدد بيان ما ذكر فلا ينعقد لكلامه إطلاق ليشمل المصر الذي لا يحرز كونه متفق الأفق مع بلدالمكلف.
أقول: لماذا هذا التحميل ولماذا هذا الهروب غير المقبول جداً عن مدلول الصحيحة وظاهرها الواضح بل الصريح، ولماذا هذا التوحل غير المقبول بكل صورة من صوره لمحاولة سدّ الطريق على السائرين في طريق الظهور، فإنذلك تأويل ليس في الصحيحة حتّىإشعار به، بل ولا يصح حملها عليه لو فرض وجود دليل قاطع منآيات صريحة أو تواتر قطعي أو علم قطعي على خلاف ظاهرها الواضح، ولكان المتعين القول بأنه يردّ علمها إلى أهلها لو كانتالروايات المتواترة مثلاً على خلافها أو كانتالآيات صريحة في خلافها، فكيف ولم يكن شيء منذلك. ولم يكن شيء من الأدلة المدعاة على تعدد الآفاق مستأهلاً للنظر فيه فضلاً عن اعتماده. وأما أن ما ذكر من رواية

37 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

اُخرى وهي معتبرة سماعة ظاهرة لو فرض في ذلك المعنى الذي ادعاه فلا ربط له بموضوع صحيحة هشام، فإن هنا سؤالين:
الأوّل: سؤال هشام وهو سؤال عن شخص أو عن أهل مدينة صامت 29 يوماً، وكانت هناك بينة عادلة على أن أهل مصر من الأمصار بعيد عنهم أو قريب صاموا ثلاثين يوماً على رؤيته، فلابد من أن يقضي هذه الشخص أو أهل هذه المدينة يوماً، وبهذا المعنى عدة روايات ولكن تنيط قضاء اليوم الثلاثين بثبوت الهلال «ببينة عدول» مطلقاً كما في صحيحة زيد الشحام عن أبي عبدالله (عليه السلام)«... قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً، أقضي ذلك اليوم؟ فقال: لا، إلاّ أن يشهد لك بيّنة عدول، فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم» الوسائل 10:262 باب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 4، وكما في صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) وهي نص الصحيحة التي قبلها، الوسائل 10:264 باب 5 من أبواب احكام شهر رمضان ح 9، وكما في صحيحة عبيدالله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) وهي نص الصحيحة السابقة أيضاً، الوسائل 10:266 باب 5 من أبواب احكام شهر رمضان ح 17، وكما في صحيحة عبدالله بن سنان قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الأهلة... قلت: إن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أقضي ذلك اليوم؟ قال: لا، إلاّ أن تشهد بينة عدول، فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم» الوسائل 10:267 باب 5 من أبواب احكام شهر رمضان ح 19، وكذا ما عن ابن الربيع نفس المصدر ح 20، وما عن صابر مولى أبي عبدالله وفيها أنه «إلاّ أن يجيء شاهدان عدلان فيشهدا أنهما رأياه قبل ذلك بليلة فيقضي يوماً» نفس المصدر " 21. ولم يؤخذ في البينة العدول في هذه الروايات كلها أن تكون من أهل بلدك أو البلاد القريبة منه، بل مطلقاً، وهو كاف في المطلوب، بل في صحيحة هشامصرح بهذا الاطلاق وقال «بينة عادلة على أن أهل مصر من الامصار» بعيد عن هذا المصر أو قريب. فإن الاطلاق مستفاد من جملة (أهل مصر) لا من جملة (بينة عادلة) حتّى يقال أنها في صدد بيان أمر آخر.
الثاني: سؤال سماعة وهو أن أهل البلدة انفسهم لو فرض أن قسماً منهم صام وقسماً منهم لم يصم، فما حكم من لم يصم؟ قال(عليه السلام): «إذا كان أهل المصر الذي هم فيه اجتمعوا على صيامه للرؤية وأنت لم تصم فاقضه إذا كان أهل المصر الذي أنت فيه صاموا للرؤية وكانوا خمسمائة إنساناً» فهي على فرض دلالتها على ما ذكر لا ربط لها بمضمون سؤال هشام، فإن موضوعي السؤالين مختلفان ولا ربط لأحدهما بالآخر، وتعبير الامام (عليهالسلام) بـ «أهل مصر» غير تعبيره بـ «أهل المصر» كما هو واضح، فإن الألف واللام فيه للعهد، وأي ربط له بقوله (عليه السلام)«أهل مصر». ومَن ذكرلمعتبرة سماعة ذكراً حتّى تذكر في الجواب ويوهم القارئ أن صحيحة هشام هي أيضاً كمعتبرة سماعة حتّى يقال: ونحوها معتبرة سماعة، هذا لوفرض ان معتبرة سماعة دالة على ما ذكره القائل، وليست بدالة أبداً. وليس المقام في دلالتها على ذلك أو لا حتّى يفصل في ذلك، فإنها دالة على أن الشهادة لابد وأن لا تكون معارضة حكماً أو لا، لم يذكرها أحد في الاستدلال على ما ذكره السيد الاستاذ، وإنما المذكور هي صحيحة هشام، فهي التي لابد وأن تفرد بالجواب ويدّعى فيها ما ذكر حتّى يتوضح للقارئ عدم ظهورها فيه أبداً أبداً، وليس لها ظهور إلاّ فيما ذكره السيد الاستاذ وغيره في الدلالة على ما ذكر من ان الرؤية في بلد ما بعيداً أو قريباً موجبة لثبوت أن أوّل يوم بعد هذه الرؤية هو يوم أول الشهر الجديد في جميع البقاع بعيدة كانت عن بلد الرؤية أو لا.

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 38

.....
_______________________________

ثمّ استدل السيد الاستاذ «السيد الخوئي» بالصحيحة الثانية وهي صحيحة أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام): «أنه سُئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان، فقال: لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهلالصلاة متى كان رأس الشهر. وقال: لا تصم ذلك اليوم الذي يقضى إلاّ أن يقضي أهل الأمصار فإن فعلوا فصمه» ]الوسائل 10:292 باب 12 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 1 عبّر عنها السيد الاستاذ في موسوعته 22:121 بانها أوضح من الجميع في الدلالة على ما ذكره[، والشاهد في هذه الصحيحة جملتان: الاولى: قوله(عليه السلام) «لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة...» فانه يدل بوضوح على أن رأس الشهرالقمري واحد بالاضافة إلى جميع أهل الصلاة على اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها، ولا يتعدد بتعددها. الثانية: قوله(عليه السلام): «لا تصم ذلك اليوم إلاّ أن يقضي أهل الأمصار» فإنه كسابقه واضح الدلالة على أن الشهر القمري لا يختلف باختلاف الأمصار في آفاقها، فيكون واحداً بالاضافة إلى جميع أهل البقاع والأمصار، وإن شئت فقل: إن هذه الجملة تدل على أن رؤية الهلال في مصر كافية لثبوته في بقية الأمصار، من دون فرق في ذلك بين اتفاقها معه في الآفاق أو اختلافها فيها، فيكون مردّه إلى أن الحكم المترتب على ثبوت الهلال أي خروج القمر عن المحاق حكم تمام أهل الأرض لا لبقعة خاصة» منهاج الصالحين 1:281 282.
قال القائل المذكور: ويلاحظ عليها أن الموضوع في روايتي أبي بصير أو الجملتين من روايته كما عبّر (قدس سره) هو اليوم الذي يقضى من شهررمضان، ويعلم من هذا التعبير أن بعض الناس كانوا لا يصومون يوم الشكأداءً ثم يقضونه بعد انتهاء شهر رمضان، والامام(عليه السلام) منع من القضاء إلاّ أن يثبت سبق رؤية الهلال. وحيث إنه لم يتأكد أن المراد باليوم الذي يقضى من شهر رمضان مطلق يوم الشك منه بل يجوز أن يكون المراد خصوص اليوم الذي كان الشك فيه لوجود علّة في السماء يحتمل كونه حاجباً عن رؤية الهلال لم ينعقد لجواب الامام (عليه السلام) إطلاق يقتضي وجوب القضاء، وإن ثبتت رؤية الهلال في بلد بعيد لا ملازمة بين رؤية الهلال فيه ورؤيته في بلد المكلف. هذا مضافاً إلى عدم تمامية الاستدلال بأي من الروايتين«الجملتين»... أما الاولى فلأن ظاهرها كما أفاده المحدث الكاشاني (قدس سره) هو الاكتفاء في الشاهد على رؤية الهلال بكونه مسلماً وعدم اعتبار الإيمان فيه، ولا دلالة فيها على كفاية انبعاث الشهادة من أي من بلاد المسلمين إلاّبضرب من التأويل، بأن يكون المراد بأهل الصلاة بلاد أهل الصلاة علىسبيل حذف المضاف، ويكون المراد بلفظ الجميع الظاهر في الاستغراق معنى «أي» أي البدلية، ولا وجه لتأويل الرواية ثم الاستدلال بها.
وأما الثانية فلأن ظاهرها وجوب صيام ذلك اليوم بقضاء أهل جميع الامصار المغيمة من بلاد المسلمين، وهذا مما لا يمكن الالتزام به، ولذلك حمل (قدس سره) الألف واللام في كلمة «الامصار» الظاهرة في الصوم الاستغراقي على العموم البدلي ليصير المعنى لا تصم ذلك اليوم إلاّ أن يقضي أهل أي من الأمصار، ولكن هذا لا معيّن له، بل يدور الأمر بينه وبين أن يراد بـ «الأمصار» خصوص الأمصار القريبة من بلد المكلف التي يتيسر له الاطلاع على عمل أهلها، بل هذا أقرب إلى ظاهر الرواية مما أفاده (قدس سره)» المصدر المتقدم: 25 27.
أقول: قول الملاحظ «وحيث لم يتأكد أن المراد باليوم الذي يقضى من شهر رمضان مطلق يوم الشك منه، بل يجوز أن يكون المراد خصوص اليوم الذي كان الشك فيه لوجود علّة في السماء...» إن لم يكن من المستبعد

39 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

صدور ذلك منه فلا شك أنه من الغرائب، فإن يوم الشك في سؤال أبي بصير لم يقيد بنوع خاص من الشك، ومعنى ذلك مطلق يوم الشك سواء أكان الشك فيه من علّة أو من غيرها، ولو كان المراد لأبي بصير هو خصوص كون الشك الذي يقضى من أجل علّة في السماء لقيده أبو بصير ولم يقيد، ومعنى هذا الظاهر لكل أحد هو السؤال عن مطلق يوم الشك الذي يقضى، هذا إذا لم نقل إن المراد منه بقرينة الجواب هو خصوص ما لو كان الشك فيه ناشئاً من غير العلّة، بل كان من جهة الشبهة في رؤيته في بلاد اُخرى ولو كانت بعيدة لقول حسّاب أو غيرهم، ولا إصرار لنا على كون السؤال إنما هو من هذه الجهة، إلاّ أنه لا شك ولا شبهة في اطلاق يوم الشك الذي يقضى ولا أقلمن عدم استفصال الامام (عليه السلام) القاضي بشمول الجواب، فلا إشكال في كون الجواب كالسؤال مطلقاً، وأن ثبوت الرؤيةللهلال إذا كان محققاً في بلاد ما ولو بعيدة كاف في وجوب القضاء لهذا اليوم، وإن لم تكن ملازمة بين الرؤية في بلد الرؤية والبلد الآخر الذي يقضي فيه المكلف يوم الشك الذي لم يصمه. ثم لو فرض أن السؤال عن خصوص يوم الشك الذي كان من جهة علّة في السماء.، فهل في علم الغيب أو في سؤال السائل كانت العلّة في خصوص الافق دونما يقرب منه وكان الثبوت عند أهل الصلاة الذين هم قريبون من أفقالشاك، أليس العلة يمكن أن تكون موجودة في كثير من الآفاق كآسيا وافريقيا وغيرهما التي لا ملازمة بين الرؤية للهلال فيها والرؤية فيها أيضاً، فضلاً عن عدمالملازمة بين الرؤية فيها والرؤية في بلد الشاك، وأن الثبوت عند أهل الصلاة أليس عاماً، بل مقيداً بقيد تبرعي من القائل بالأفق القريب من بلد الشاك دون الآفاق البعيدة أو ليس لهم كلهم سواء أكان بلدهم بعيداً عن أفق بلد الشاك أو قريباً؟!
وأما دعوى عدم تمامية الاستدلال بالجملتين في أنفسهما، أما الاولى وهي قوله: «انه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان فقال: لا تقضه إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر» فلدعوى القائل المذكور ان ظاهرها كفاية كون الشاهد على رؤية الهلال مسلماً، وعدم اعتبار الايمان بالمعنى الخاص فيه، وليس ظاهرها كفاية انبعاث الشهادة من أي من البلاد المسلمين إلاّ بضرب من التأويل والتقدير وهو بلاد أهل الصلاة، ولا معنى لتأويل الرواية ثم الاستدلال بها.
وهذا الكلام إن كان صدر الرواية ليس هو السؤال عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان، بل كان صدرها هو هكذا «سئل عن الشاهد الذي يشهد على انه متى كان رأس الشهر والذي تقبل شهادته في قضاء يوم الشك هل يعتبر فيه الايمان بالمعنى الخاص، أو يكفي فيه أنه من أهلالصلاة وإن لم يكن بالايمان بالمعنى الخاص» لكان لدعوى هذا الظهور وجه، فكيف يكون ظاهرها مع كون السؤال عن اليوم الذي يقضى من شهررمضان لا عن الشاهد هو كون الشاهد مسلماً أو مؤمناً؟! فهذه الدعوى خلاف الظاهر جزماً. ثم إن من الواضح دلالة الصحيحة على ما يقوله السيد الاستاذ «السيد الخوئي» بمقتضى دلالة الاقتضاء المعروفة، وهي التي عرّفوها بما يتوقف عليها صحة الكلام شرعاً أو عقلاً، ومثلوا للشرعي «باعتق عبدك عنّي» وللعقلي بقوله تعالى (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا)يوسف: 84 ومن الواضح فيها ان سؤال القرية سؤال أهل القرية وليس هذا تأويلاً، فقوله(عليه السلام)«لا تقضه إلا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة ]ـ أي من جميع بلدان أهل الصلاة [ متى كان رأس الشهر» وليس هذا ضرباً من التأويل كما هو أوضح من أن يخفى، حتّى يقال: ليس البناء على الاستدلال بالرواية بعد تأويلها، فإن الاستدلال بالآية المباركة على السؤال من أهل القرية ليس استدلالاً بها بعد تأويلها واخراجها عن ظاهرها، بل هو استدلال

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 40

.....
_______________________________

بظاهرها ليس إلاّ، وليس قوله (عليه السلام) «أهل الصلاة» في الجملة الاولى إلاّ قوله «أهل الامصار» في الجملة الثانية، كما أن السؤال فيها ليس من جميع أهل القرية على نحو العموم الاستغراقي، بل ظاهره العمومالبدلي، فكذا في مقام الشهادة من جميع بلدان أهل الصلاة متى كان رأس الشهر، أي من أهل أي بلد لا منهم كلهم وإلا فكيف يعقل أن يكون الشاهدان العدلان من جميع بلدان أهل الصلاة.
وأما الجملة الثانية فادعى القائل أن ظاهرها وجوب صيام ذلك اليوم بقضاء أهل جميع الأمصار المغيمة من بلاد المسلمين، وهو لا يمكن الالتزام به، ولذا التجأ السيد الخوئي (قدس سره) إلى حمل الألف واللام فيها على العموم البدلي الذي هو خلاف الظاهر، إذ إن الظاهر منه العموم الاستغراقي ليكون المعنى انه لا تقض ذلك اليوم إلاّ أن يقضي أهل أي مصر. ولا معيّن لما ذهب إليه، بل يدور الأمر بينه وبين أن يكون المراد خصوص الأمصار القريبة من بلد المكلف التي يتيسر لهالاطلاع على عمل أهلها، والثاني أقرب مما ذهب اليه فهو المتعين.
أقول: تقدم المراد من الألف واللام في قوله (عليه السلام) «الشهادة من جميع أهل الصلاة» وهي نفسها «أهل الأمصار» الذي قال القائل إن في إرادةالمصر منه «والبلد» نحواً من التأويل، وقد عرفت ما فيه، فلا شك في كون الألف واللام فيه ظاهرة في البدل لا الاستغراق فيما إذا كان منشأ القضاء هو شهادة العدلين. ثم من أين جاءت كلمة «المغيمة» من بلاد المسلمين، وهل هي موجودة في الرواية؟! أو كانت في الرواية التي هي امنية القائل، لا الرواية المبحوث عنها في المقام. إذن فليس ما ذهب إليه السيد الاستاذ «السيد الخوئي» خلاف الظاهر حتّى يقال لا معين لما ذهب إليه، بل يدورالأمر بينه وبين أن يكون المراد بأهل الامصار خصوص الأمصار القريبة من بلد المكلف التي يتيسر له الاطلاع عليها، والثاني أقرب مما ذهب إليه. بل ما ذهب إليه السيد الخوئي هو الظاهر، والاحتمال الآخر ليس له أي وجه، وليس عليه حتّى إشعار من الصحيحة.
ثم استدل السيد الاستاذ «السيد الخوئي» بالصحيحة الثالثة فقال: صحيحة إسحاق بن عمّار قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن هلال رمضان يغمعلينا في تسع وعشرين من شعبان؟ فقال: لا تصمه إلا أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه، وإذا رأيته من وسط النهار فاتم صومه إلى الليل».[الوسائل 10:278، باب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 3] فهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة باطلاقها على أن رؤية الهلال في بلد تكفي لثبوته في سائر البلدان بدون فرق بين كونها متحدة معه في الأفق أو مختلفة، وإلا فلابد من التقييد بمقتضى ورودها في مقام البيان»منهاج الصالحين 1:228.
وبالصحيحة الرابعة وهي صحيحة عبدالرحمن بن أبي عبدالله، قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان؟ فقال: لا تصم إلاّ أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه»[الوسائل 10:254 باب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان ح 9].
قال القائل المذكور: ويلاحظ على هاتين المعتبرتين أن موردهما هو صورة الشك في دخول شهر رمضان من جهة الشك في وجود الهلال في سماء البلد مستوراً بالسحاب وعدمه، فلا إطلاق لها لصورة الشك فيه مع إحراز عدم وجود الهلال في سماء البلد من جهة الشك في وجوده في بلد آخر يشترك مع البلد في جزء من الليل. وتوضيح ذلك: أن مورد السؤال في كلتا الروايتين هو ما إذا غمّ هلال رمضان، و«غمّ» لغة بمعنى ستر، ولكن من

41 وحدة الافق وتعدده

.....
_______________________________

الواضح أنه ليس المقصود هنا هو ستر الغمام للهلال، إذ لو احرز ذلك لكفى في ثبوت الشهر، فإنه لا يعتبر فيه الرؤية الفعلية كما هو ظاهر، فلابدّ إذن أن يكون اسناد الستر إلى الهلال اسناداً مجازياً يراد به الإسناد إلى محلّه، أي ستر الغمام لمطلع الهلال، فمرجعه الى الشك في وجود الهلال في مطلعه في أفق البلد، وحاصل السؤال هو أنه إذا ستر الغمام وهو السحاب الأبيض أو الرقيق مطلع الهلال وشك في وجوده تحته فما هي وظيفة المكلف عندئذ؟ وأجاب الإمام (عليه السلام) بأنه لا يجب عليه صيام ذلك اليوم مع عدم رؤية الهلال، ولكن إذا شهد أهل بلد آخر على رؤيته في تلك الليلة فلابد من القضاء، ومرجع هذا بمقتضى مناسبة الحكم والموضوع هو أنه إذا زال الشك في وجود الهلال في أفق البلد في تلك الليلة بملاحظة رؤية أهل بلد آخر قريب من البلد الأوّل، بأن استكشف منها وجوده في أفق البلد وكونه مستوراً بسبب الغمام عن أعين الناظرين يلزم القضاء، وعلى هذا فلا إطلاق للفظ البلد في الروايتين للبلد البعيد الذي لا تكون رؤية الهلال فيه شاهداً على وجوده في بلد المكلف، كما لو أحرز عدم ظهور الهلال فيه أو ظل الأمر مشكوكاً فيه بالرغم من إحراز رؤيته في بلد آخر.
أقول: كل ما ذكره القائل إلى ما بعد قوله ومرجع هذا... إلخ غير صحيح، لان الرواية تتضمن أمرين، الأوّل: ما هي وظيفة المكلف وأجابه (عليه السلام) بعدم وجوب الصوم لذلك اليوم، الثاني: انه إذا رؤي في بلد آخر فاللازم قضاء هذا اليوم، وهذا بمثابة الكبرى الكلية التي تشتمل على أمرين 1 ما إذا زال الشك في وجود الهلال في مطلع الافق وتبين وجوده الذي هو مورد السؤال لوجوده في بلد آخر، وهذا يختص بالبلد القريب الذي يلازم الرؤية فيه الرؤية في بلد المكلف 2 ما إذا رؤي في بلد آخر ولو بعيداً ولم يلازم رؤيته فيه رؤيته في بلد المكلف فهو مقتض لقضاء هذا اليوم أيضاً، ومن الواضح ان المورد لا يخصص الوارد وإن كان المورد هو القدر المتيقن، إلاّ أنه لا يختص به كما هو واضح. والصحيح كما بيّن في الاُصول أن وجود القدر المتيقن لا يمنع من الاطلاق خلافاً لصاحب الكفاية، فالاطلاق لا شك موجود.
ويؤكد ذلك انه لو كان الجواب مختصاً بالمورد ولا اطلاق له لكانعلى الإمام ان يقيد بالبلد القريب، وإلاّ فلا يحسن من الامام عدم التفصيل في الجواب، في حين ان الصحيحة ليس فيها تقييد، والقيد تبرعي تبرع بهالمستدل، وعليه فترك الاستفصال دليل على الشمول.
فأولاً: قوله(عليه السلام): «إن شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه» مطلق، وتقييد البلد بالقريب كما قيد المستدل به قيد تبرعي.
وثانياً: هل في قول السائل: «يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان» دلالة على انه يغم علينا في أفق بلدنا فقط دون غيرنا كتعدد الآفاق ودون ما يقرب منّا بناءً على تعدد الآفاق، بنحو لا يشمل ما لو غم ذلك معظم الآفاق أيضاً بناءً على تعددها بحيث يشمل الغمام آسيا وأفريقيا وغيرهما؟!
لا شك في الشمول، ولا أقل من عدم الاستفصال، وعليه أليس قوله (عليه السلام):«إذا شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فأقضه» يشمل ما لو كانت الرؤيا في استراليا أو جنوب أفريقيا، فكيف يدعى أنّه لا اطلاق للبلد في الروايتين للبلد البعيد؟ نعم، إذا أضفنا الى الرواية كما هو هدف الخصم بعد قوله «إن شهد أهل بلد آخر» أضفنا جملة «قريب من بلد الأوّل ومتحد الافق معه بحيث يستكشف من رؤية الهلال فيه إمكان رؤيته في البلد الأوّل وأن المانع الغمام أو

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 42

.....
_______________________________

فقل تلازم رؤيته فيه رؤيته في البلد الأوّل فاقضه» إذا أضفنا هذا تبرعاً كانت غير دالة على ما يقوله السيد الاستاذ «السيد الخوئي». ولكن واقع الأمر مع الأسف ان هذه الاضافة تبرعية وغير موجودة، فليست هي غير دالة على ما يقوله السيد الاُستاذ «السيد الخوئي». وعليه فاطلاق الصحيحتين كما يقوله السيد الاستاذ «السيد الخوئي» واضح لا شك فيه ومحكّم.
ثمّ قال القائل المذكور: «وهكذا يتضح أن أياً من الروايات التي استدل (قدس سره) باطلاقها على مرامه مما لا يفي باثباته، مع أنه لو سلُم إطلاقها في حدّ ذاته فإن الشواهد الخمسة المتقدمة تصلح لتقييدها ورفع اليد عن الاطلاق المزعوم فتدبر» المصدر المتقدم 25 27.
أقول: توضح ما في هذا القول كما توضح ضعف الشواهد وأنها لا قابلية لها على التخصيص ولا احتمال للقابلية.
ثم إن ما ذكره السيد الاستاذ «السيد الخوئي» الى هنا كاف في الدلالة على مدعاه وزيادة، ولا حاجة إلى الأدلة والشواهد الاُخرى التي ذكرها، ولكن من جهة أن الملاحظ المذكور تعرض لها وأجاب عنها فمن هذه الجهة نتعرض لجوابه عنها لنرى ما فيه.
فإنه قال السيد الاستاذ السيد الخوئي «رضوان الله عليه» ويشهد على ذلك ما ورد في عدّة روايات في كيفية صلاة عيدي الأضحى والفطر وما يقال فيها من التكبير من قوله (عليه السلام) في جملة تلك التكبيرات: «أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيداً»، فإن الظاهر أن المشار إليه في قوله (عليه السلام): «في هذا اليوم» هو يوم معين خاص جعله الله تعالى عيداً للمسلمين، لا انه كل يوم ينطبق عليه أنه يوم فطر أو أضحى على اختلاف الأمصار في رؤية الهلال باختلاف آفاقها، هذا من ناحية، ومن ناحية اُخرىأنه تعالى جعل هذا اليوم عيداً للمسلمين كلهم لا لخصوص أهل بلد تقامفيه صلاة العيد، فالنتيجة على ضوئهما أن يوم العيد يوم واحد لجميع أهل البقاع والأمصار على اختلافها في الآفاق والمطالع.
ويدل أيضاً على ما ذكرناه الآية المباركة الظاهرة في أن ليلة القدر ليلة واحدة شخصية لجميع أهل الأرض على اختلاف بلدانهم في الآفاق، ضرورة أن القران نزل في ليلةواحدة، وهذه الليلة الواحدة هي ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، ومن المعلوم أن تفريق كل أمر حكيم فيها لا يخص ببقعة معينة من بقاع الأرض بل يعم أهل البقاع أجمع، هذا من ناحية، ومن ناحية اُخرى قد ورد في عدّة روايات أن في ليلة القدر تكتب المنايا والبلايا والأرزاق وفيها يفرق كل أمر حكيم، ومن الواضح أن كتابة الأرزاق والبلايا والمنايا في هذه الليلة إنما تكون لجميع أهل العالم لا لأهل بقعة خاصة. فالنتيجة على ضوئهما أن ليلة القدر ليلة واحدة لأهل الأرض جميعاً، لا أن لكل بقعة ليلة خاصة، هذا مضافاً إلى سكوت الروايات باجمعها عن اعتبار اتحاد الافق ] أي لكل بلد اُفقه الخاص به له ولما قاربه[في هذه المسألة، ولم يرد ذلك حتّى في رواية ضعيفة، ومنه يظهر أن ذهاب المشهور إلى ذلك ليس من جهة الروايات، بل من جهة ما ذكرناه من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس وغروبها، وقد عرفت أنه قياس مع الفارق» منهاج الصالحين 1:282 283.
قال القائل المذكور: «ويلاحظ على ما أفاده (قدس سره) 1 ان الوحدة الشخصية ليوم العيد ولليلة القدر لا تتحقق حتّى على مسلكه (قدس سره) لما مرّ من أنه اختار لاحقاً أن خصوص البلاد التي تشترك مع بلد الرؤية في جزء من الليل تشترك

43 فورية وجوب الحج

.....
_______________________________

معه في أول الشهر، وأما البلاد الاخرى فيكون أوّل الشهر فيها في اليوم التالي، فكيف يقول (قدس سره) بأن يوم العيد يوم معين خاص لجميعالمسلمين، وكذلك ليلة القدر واحدة شخصية لجميع أهل الأرض على اختلاف بلدانهم في الآفاق؟! وبالجملة: لا محيص من الالتزام بأن وحدة يوم العيد وليلة القدر إنما هي وحدة نوعية وليست شخصية» المصدر المتقدم: 32 33.
أقول: أوّلاً: تقدم أن السيد الاستاذ «السيد الخوئي» لم يستدرك شيئاً لم يقله قبل ذلك، ولا أنه اختار أخيراً شيئاً لم يكن قد اختاره أوّلاً، ولا أن ما ذكره مناف لما تقدم منه، وانما هو توضيح لما ذكره أوّلاً، فإنه من أوّل الأمر قال «بكفاية الرؤية في بلد ما في الثبوت لغيره من البلاد المشتركة معهفي الليل وإن كان أوّل الليل في أحدها آخر الليل في الآخر» ثم وضح هذاالمعنى، وتوضيحه هو أن الهلال إذا رؤي في بلد فالليلة التي تعقب رؤيةالهلال هي ليلة أول الشهر، وينطبق على البلد الذي كان عنده نهاراً لحظة رؤية الهلال أن الليلة الآتية هي ليلة أول الشهر، ففي الكل الليلة الاولى التيتعقب رؤية الهلال هي ليلة أوّل الشهر، وهي ليلة واحدة لجميع أهل الأرض شخصية لا نوعية، ولا فرق في الليل بين أن يكون في بلاد أوّله وفي بلاد آخره، وفي البلاد الذي يكون آخره هو أوله في بلدة اُخرىوهكذا، فهي ليلة واحدة شخصية، كما أن اليوم الذي يعقب تحويل الشمس من برج إلى برج آخر الذي هو أمارة على دخول السنة الشمسية الجديدة يكون اليوم الذي يعقبه هو أول يوم، ولا يكون مختلفاً ولا واحداً بالوحدة النوعية. فما ذكره السيد الاستاذ «السيد الخوئي» من وحدة ليلة القدر الشخصية ووحدة يوم العيد الشخصية متحقق على مسلكه، لا انها غير متحققة على مسلكه، فليلة السبت مثلاً هي ليلة القدر لكل العالم ولجميعالدول الاسلامية وهي الليلة التي يكون زمانها 24 ساعة نصفها تقريباً ليلة قدرنا ونصفها ليلة قدر النصف الآخر من الكرة الأرضية، ويوم السبت بناءً على كون شهر رمضان ناقصاً هو يوم العيد لكل العالم ولجميع الدول الاسلامية بالبيان المتقدم، وإنما لا تكون ليلة القدر أو يوم العيد واحداً ويكون متعدداً أو واحداً بالوحدة النوعية الذي هو تعدد فيالواقع إنما هو متحقق على مسلك الآخرين، فليلة السبت ليلة القدر عنددولة من الدول الإسلامية وليلة الأحد ليلة القدر عند دولة اُخرى من البلاد الإسلامية، وليلة الاثنين ليلة القدر عند دولة ثالثة من الدول الإسلامية، قد تكون ليلة الثلاثاء ليلة القدر عند دولة رابعة من الدول الاسلامية. وهكذا يوم العيد، فيوم السبت بناءً على كون شهر رمضان ناقصاً يوم عيد لمن كانت ليلة قدره ليلة السبت من الدول الإسلامية، ويوم الأحد من الاسبوع القادم هو يوم عيد لمن كانت ليلة قدره ليلة الأحد من الدول الاسلامية، ويوم الاثنين يوم عيد لمن كانت ليلة قدره ليلة الاثنين منها، وهكذا، وهذا هو الذي لم يرد في الروايات، بينما على مسلك السيد الخوئي (رضوان الله عليه) فليلة السبت هي ليلة القدر في جميع العالم ولجميع الدول الإسلامية، وهو الوارد في الروايات المشار إليها، ويوم السبت هو يوم العيدلجميع العالم ولجميع الدول الاسلامية، وهو الوارد في الروايات المشار إليها.
ثم إن القائل المذكور قال: ويلاحظ على ما أفاده (قدس سره) ثانياً «أن سكوت الروايات عن اعتبار اتحاد الافق في رؤية الهلال إن تم ومرّ أنه غير تام فهو إن دل على شيء فإنما يدل على تمامية القول الآخر، وهو أن العبرة في دخول الشهر في كل مكان برؤية الهلال في ذلك المكان، فإنه الذي لا يحتاج إلى البيان حيث يجري الناس عليه وفق ارتكازهم، وأما القول الآخر بكون العبرة برؤية الهلال في مكان ما على الكرة الأرضية يشارك بلد المكلف في جزء

الواضح في شرح العروة الوثقى - ج١ 44

.....
_______________________________

من الليل فهو الذي يحتاج إلى البيان» المصدرالمتقدم: 33.
أقول: أما قوله «ومرّ أنه غير تام» فقد عرفت ما فيه، فإن ما ذكره من معتبرة معمّر بن خلاد ومعتبرة محمّد بن قيس فليس فيهما حتّى إشعار على أن يكون لكل مكان اُفقه الخاص به، بل ليس فيهما حتّى ما دون الاشعار، على أنه لو فرض دلالتهما فدلالتهما لغو محض، لأن هذا القول لا يحتاج إلى بيان بزعم القائل، وما لا يحتاج إلى بيان لو بيّن فيكون البيان لغواً كما هو واضح.
وأما قوله: «فهو إن دل على شيء فإنما يدل على تمامية القول الآخر» فهو غريب أيضاً خصوصاً بملاحظة ما ورد من الصحاح الأربعة المتقدمة الدالة على أن العبرة برؤية الهلال في مكان ما من الكرة الأرضية يشارك بلد المكلف في جزء من الليل، وما ورد في قول الحسّاب من انه يرى في تلك الليلة التي أفطر فيها الناس بعينها بمصر وافريقية والأندلس. وما كان يظهر منه كون المسألة اتحاد الافق وتعددها كانت مسألة معروفة، ووردت فيما يقوله السيد الاستاذ «السيد الخوئي» صحاح أقلها أربعة، بينما لم يرد في القول الآخر أي رواية دالة عليه. فكيف يكون عدم الورود دالاً على تمامية القول الآخر؟! وعلى عدم تمامية القول الذي وردت فيه الصحاح المعتمدة؟!
ثم قال القائل المذكور: ويلاحظ على ما أفاده ثانياً «قد ظهر مما مرّ أنّ ذهاب المشهور إلى اعتبار اتحاد الافق في ثبوت الشهر ليس من جهة قياس طلوع الهلال بالشمس، بل من جهة اُخرى تقدم بيانها» المصدر المتقدم: 33.
أقول: لم يذكر أي من المشهور الاستدلال على ما ذهب إليه برواية، راجع الجواهر 16:360 362، الحدائق 13:263 264، المستند 10:422 423 الدروس 1:285، وغيرها، بل كلهم ذكروا تعدد المطالع للشمس والمغارب، وذكروا كروية الأرض وتسطّحها، ودونك المصادر فراجعها. ويكفي في عدم صحة ما ذكره القائل أنهم ذكروا قياس الهلال بطلوع الشمس وغروبها، فلماذا القول بان المستند ليس هو ذاك، فإنه لا شك انه لو فرض وجود دليل آخر فما ذكر من القياس هو أحد أدلّتهم. على أنه لم يذكر أحد منهم التمسك برواية ولو ضعيفة، بل دليلهم هو محض القياس المذكور حتّى عند من ذهب إلى هذا الرأي أو لم يذهب من علماء الجمهور.
قال الكاشاني الحنفي: لو صام أهل بلد ثلاثين يوماً وصام أهل بلد آخر تسعة وعشرين يوماً فإن كان صوم أهل ذلك البلد برؤية الهلال... فعلى أهل البلد الآخر قضاء يوم... هذا إذا كانت المسافة بين البلدين قريبة لا تختلف فيها المطالع، فأما إذا كانت بعيدة فلا يلزم أحد البلدين حكم الآخر، لأن مطالع البلاد عند المسافة الفاحشة تختلف، فيعتبر في أهل كل بلد مطالع بلدهم دون البلد الآخر» بدائع الصنائع 2:83.
وقال ابن قدامة: «إذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم، وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: إذا كانت بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في إحداهما، وإن كانت بينهما بعد كالعراق والحجاز والشام فلكل أهل بلد رؤيتهم...» المغني 3:7.
وقال المرداوي الحنبلي فيالانصاف 3:273 فيما إذا رأى الهلال أهل بلد: لا خلاف في لزوم الصوم على من رأه، وأما من لم يره فإن كانت المطالع متفقة لزمهم الصوم أيضاً، وإن اختلفت المطالع فالصحيح من المذهب لزوم الصوم أيضاً... وقال في الفائق: والرؤية ببلد تلزم المكلفين كافة، وقيل تلزم من قارب مطلعهم... قال شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين [بن تيمية]: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة، فإن اتفقت لزم الصوم وإلاّ فلا».









فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است