بسم الله الرحمن الرحیم

کلمات سید بن طاوس قده راجع به ثبوت اول ماه

فهرست فقه
كتاب الصوم
مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم
علم به دخول شهر به طریقی غیر از رؤیت هلال



الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة) ؛ ج‏1 ؛ ص33
و اعلم ان اختلاف أصحابنا في شهر رمضان، هل يمكن ان يكون تسعة و عشرين يوما على اليقين، أو انه ثلاثون لا ينقص أبد الآبدين، فإنهم كانوا قبل الآن مختلفين، و اما الآن فلم أجد ممن شاهدته أو سمعت به في زماننا، و ان كنت ما رأيته أنهم يذهبون إلى ان شهر رمضان لا يصح عليه النقصان، بل هو كسائر الشهور في سائر الأزمان.
و لكنني اذكر بعض ما عرفته مما كان جماعة من علماء أصحابنا معتقدين له و عاملين عليه، من ان شهر رمضان لا ينقص ابدا عن الثلاثين يوما.
فمن ذلك ما حكاه شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب لمح البرهان، فقال عقيب الطعن على من ادعى و حدث هذا القول و قلة القائلين به ما هذا لفظه المفيد:
مما يدل على كذبه و عظم بهته ان فقهاء عصرنا هذا، و هو سنة ثلاث و ستين و ثلاثمائة، و رواته و فضلاؤه، و ان كانوا أقل عددا منهم في كل عصر مجمعون عليه و يتدينون به و يفتون بصحته و داعون إلى صوابه، كسيدنا و شيخنا الشريف الزكي أبي محمد الحسيني أدام الله عزه، و شيخنا الثقة الفقيه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه‏
______________________________
(1) طول (خ ل).
(2) الفقيه 2: 156، الكافي 4: 160، الخصال 2: 519، عنهم الوسائل 10: 353، البحار 58: 378.



الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص: 34
أيده الله تعالى، و شيخنا الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، و شيخنا أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين أيدهما الله، و شيخنا أبي محمد هارون بن موسى أيده الله.
أقول انا: و من أبلغ ما رأيته و رؤيته في كتاب الخصال للشيخ أبي جعفر محمد بن بابويه رحمه الله، و قد أورد أحاديث بأن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما، و قال ما هذا لفظه:
قال مصنف هذا الكتاب: مذهب خواص الشيعة و أهل الاستبصار منهم في شهر رمضان انه لا ينقص عن ثلاثين يوما ابدا، و الاخبار في ذلك موافقة لكتاب و مخالفة للعامة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الأخبار التي وردت للتقية في انه ينقص و يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان و التمام، اتقي كما تتقي العامة، و لم يكلم الا بما يكلم به العامة و لا حول و لا قوة إلا بالله- هذا آخر لفظه. «1» أقول: و لعل عذر المختلفين في ذلك و سبب ما اعتمد بعض أصحابنا قديما عليه بحسب ما ادتهم الأخبار المنقولة إليه، و رأيت في الكتب أيضا ان الشيخ الصدوق المتفق على أمانته، جعفر بن محمد بن قولويه تغمده الله برحمته، مع من‏ «2» كان يذهب إلى ان شهر رمضان لا يجوز عليه النقصان، فإنه صنف في ذلك كتابا و قد ذكرنا كلام المفيد عن ابن قولويه.
و وجدت للشيخ محمد بن أحمد بن داود القمي رضوان الله جل جلاله عليه كتابا قد نقض به كتاب جعفر بن قولويه، و احتج بأن شهر رمضان له أسوة بالشهور كلها.
و وجدت كتابا للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، سماه لمح البرهان، الذي قدمنا ذكره قد انتصر فيه لأستاده و شيخه جعفر بن قولويه، و يرد على محمد بن أحمد بن داود القمي، و ذكر فيه ان شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين و تأول اخبارا ذكرها تتضمن انه يجوز ان يكون تسعا و عشرين.
______________________________
(1) الخصال 2: 531.
(2) مع ما كان (خ ل).



الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص: 35
و وجدت تصنيفا للشيخ محمد بن علي الكراجكي يقتضي انه قد كان في أول أمره قائلا بقول جعفر بن قولويه في العمل على ان شهر الصيام لا يزال ثلاثين على التمام، ثم رأيت له مصنفا آخر سماه الكافي في الاستدلال، قد نقض فيه على من قال بأنه لا ينقص عن ثلاثين و اعتذر عما كان يذهب إليه، و ذهب إلى انه يجوز ان يكون تسعا و عشرين.
و وجدت شيخنا المفيد قد رجع عن كتاب لمح البرهان، و ذكر انه قد صنف كتابا سماه مصابيح النور، و انه قد ذهب فيه إلى قول محمد بن أحمد بن داود في ان شهر رمضان له أسوة بالشهور في الزيادة و النقصان. «1» أقول: و هذا أمر يشهد به الوجدان و العيان، و عمل أكثر من سلف و عمل من أدركناه من الاخوان، و انما أردنا ان لا يخلو كتابنا من الإشارة إلى قول بعض من ذهب إلى الاختلاف من أهل الفضل و الورع و الإنصاف، و ان الورع و الدين حملهم على الرجوع إلى ما عادوا إليه، من انه يجوز ان يكون ثلاثين و ان يكون تسعا و عشرين.
أقول: و ان كان الأمر كما قاله العلماء المنجمون، من ان الهلال يتعذر معرفته على التحقيق، فربما قوى ذلك دعوى من يدعي ان شهر رمضان لا ينقص ابدا، و يقول انه قد أهل قبل رؤية الناس له و ان لم يروه.
أقول: و مما وقفت عليه من قول المنجمين في ان رؤية الهلال لا يضبط بالتحقيق ما ذكره محمد بن إسحاق المعروف بالنديم في كتاب الفهرست في الجزء الرابع عند ترجمة يعقوب بن إسحاق القندي، و قال في مدحه له: انه فاضل دهره و واحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ثم ذكر كتبه في فنون عظيمة من العلوم، و قال في كتبه النجوميات كتاب رسالته في ان رؤية الهلال لا تنضبط بالحقيقة و انما القول فيها بالتقريب- هذا آخر لفظه.
أقول‏ «2» و قد روينا من كتاب من لا يحضره الفقيه لأبي جعفر محمد بن بابويه رضوان‏
______________________________
(1) الرسالة العددية: 15- 22، عنه المستدرك 7: 407- 410.
(2) فصل (خ ل).



الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص: 36
الله عليه، ان الهلال قد يستتر عن الناس عقوبة لهم في عيد شهر رمضان و في عيد الأضحى، فقال ما هذا لفظه‏
بإسناده عن رزين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما ضرب الحسين بن علي عليهما السلام بالسيف و سقط ثم ابتدروا قطع رأسه، نادى مناد من بطنان العرش: ألا أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لأضحى و لا فطر- و في خبر آخر: لصوم و لا فطر- قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: فلا جرم و الله ما وفقوا و لا يوفقون حتى يثور ثائر «1» الحسين عليه السلام. «2»
فصل: و
رأيت في المجلد الأول من دلائل الإمامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري‏ عند ذكره للاسراء بالنبي صلى الله عليه و آله عنه ما هذا لفظه:
و لكن أخبركم بعلامات الساعة: يشيخ الزمان و يكثر الذهب و تشح الأنفس و تعقم الأرحام و تقطع الأهلة عن كثير من الناس.
أقول: فهذا أيضا مما يقتضي ان الهلال قد يستتر عقوبة من الله جل جلاله، فيكون الظاهر بمعرفة الهلال على اليقين بدلالة من رب العالمين، قد تشرف‏ «3» بما يعجز عنه شكر الشاكرين، و الحمد لله الذي جعلنا بذلك عارفين.
______________________________
(1) الثائر: الطالب بالثأر، و هو طلب الدم، يقال: ثأرت القتيل فأنا ثائر أي قتلت قاتله، و المراد به صاحب الأمر عليه السلام الذي ينتقم من قتلته.
(2) رواه الصدوق في الفقيه 2: 175، علل الشرائع: 389، عنهما الوسائل 10: 296، رواه في الكافي 4: 170 عنه الوسائل: 10: 295.
(3) شرف عنه (خ ل).