بسم الله الرحمن الرحیم

كتاب الصلاة-صلاة المسافر

فهرست علوم
فهرست فقه
صلاة المسافر
حدّ الترخّص
حدّ المسافة


کلام آیت الله بروجردی


النساء : 94 يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ في‏ سَبيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى‏ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبيراً

النساء : 101 وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبيناً

المائدة : 106 يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَري بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى‏ وَ لا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمينَ





الكافي (ط - الإسلامية) ؛ ج‏4 ؛ ص126
باب كراهية الصوم في السفر «3»
1- عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله ع قول الله عز و جل- فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏ قال ما أبينها من شهد فليصمه و من سافر فلا يصمه‏ «4».
2- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه‏ «1» عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول قال رسول الله ص‏ إن الله عز و جل تصدق على مرضى أمتي و مسافريها بالتقصير و الإفطار أ يسر أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه.
3- أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الملك بن عتبة عن إسحاق بن عمار عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع قال: الصائم في السفر في شهر رمضان كالمفطر فيه في الحضر ثم قال إن رجلا أتى النبي ص فقال يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر فقال لا فقال يا رسول الله إنه علي يسير فقال رسول الله ص إن الله عز و جل تصدق على مرضى أمتي و مسافريها بالإفطار في شهر رمضان أ يعجب أحدكم لو تصدق بصدقة أن ترد عليه.
4- أحمد بن محمد عن صالح بن سعيد عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص‏ خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا و قصروا و إذا أحسنوا استبشروا و إذا أساءوا استغفروا و شرار أمتي الذين ولدوا في النعم و غذوا به يأكلون طيب الطعام و يلبسون لين الثياب و إذا تكلموا لم يصدقوا.
5- أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله ع قال: إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر و قال إن رسول الله ص خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان و معه الناس و فيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم‏ «2» دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر و العصر فشرب و أفطر ثم أفطر الناس معه و ثم أناس على صومهم فسماهم العصاة و إنما يؤخذ بآخر أمر رسول الله ص‏ «3».
6- علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال: سمى رسول الله ص قوما صاموا حين أفطر و قصر عصاة و قال هم العصاة إلى يوم القيامة و إنا لنعرف أبناءهم و أبناء أبنائهم إلى يومنا هذا «1».
7- محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة عن علي بن إسماعيل عن محمد بن حكيم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول‏ لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صليت عليه.
______________________________
(1) في بعض النسخ [أصحابنا].
(2) هو اسم موضع بين مكة و المدينة. و الكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع و هو ما دون الركبة من الساق و الغميم- بالفتح-: واد بالحجاز. (آت)
(3) لعله لرفع توهم عدم كونهم عصاة لانهم انما صاموا بما أمر به رسول الله صلى الله عليه و آله سابقا. (آت)






الجعفريات (الأشعثيات) 33 كتاب الصلاة
قال قال رسول الله ص‏ إن الله عز و جل أهدى إلي و إلى أمتي هدية لم يهدها إلى أحد من الأمم تكرمة من الله تعالى لنا قالوا و ما ذلك يا رسول الله ص قال الإفطار في السفر و التقصير في الصلاة فمن لم يفعل ذلك فقد رد على‏ الله‏ عز و جل هديته قال علي بن الحسين و كان أصحاب رسول الله يصومون في السفر و يفطرون.

دعائم الإسلام ج‏1 195 ذكر صلاة المسافر ..... ص : 194
و روينا عن جعفر بن محمد ص عن أبيه عن علي صلوات الله عليه و على الأئمة من ولده أن رسول الله ص قال: إن الله تبارك و تعالى أهدى إلى أمتي هدية لم يهدها إلى أحد من الأمم تكرمة من الله تعالى لها قالوا يا رسول الله و ما ذاك قال الإفطار و تقصير الصلاة في السفر فمن لم يفعل ذلك فقد رد على‏ الله‏ هديته.

الخصال ج‏1 12 إن الله تبارك و تعالى أهدى إلى محمد ص و إلى أمته هدية لم يهدها إلى أحد من الأمم ..... ص : 12
43- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال: قال رسول الله ص إن الله تبارك و تعالى أهدى إلي و إلى أمتي هدية لم يهدها إلى أحد من الأمم كرامة من الله لنا قالوا و ما ذاك يا رسول الله قال الإفطار في السفر و التقصير في الصلاة فمن لم يفعل ذلك فقد رد على‏ الله‏ عز و جل هديته.

علل الشرائع ج‏2 382 113 باب العلة التي من أجلها وجب الإفطار على المريض و المسافر ..... ص : 382
1 أبي رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص‏ إن الله عز و جل أهدى إلي و إلى أمتي هدية لم يهدها إلى أحد من الأمم كرامة من الله لنا قالوا و ما ذلك يا رسول الله قال الإفطار في السفر و التقصير في الصلاة فمن لم يفعل ذلك فقد رد على‏ الله‏ عز و جل هديته‏




تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - غسل الجنابة،التيمم،المطهرات؛ ص: 298
ففي رواية عمرو بن جميع، عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال‌
قال رسول اللّه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم): يا علي، إنّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، و لا تبغض إلى نفسك عبادة ربّك، إنّ المنبت يعنى المفرط لا ظهراً أبقى، و لا أرضاً قطع، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرماً، و احذر حذر من يتخوّف أن يموت غداً.
«1» و بسند معتبر، عن أبى عبد اللّه (عليه السّلام) قال‌
لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة.
________________________________________
لنكرانى، محمد فاضل موحدى، تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة - غسل الجنابة،التيمم،المطهرات، در يك جلد، مؤسسه عروج، تهران - ايران، اول، 1419 ه‍ ق










کلام آیت الله بروجردی

البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر؛ ص: 347
ورود إشكال عقلي في المقام و الجواب عنه‌
بقي في المقام إشكال عقلي ربما يتوهم بالنسبة إلى معذورية الجاهل.
و ملخصه على ما ذكره الشيخ في الرسائل: أنّ الظاهر كلام الأصحاب ثبوت العذر من حيث الحكم الموضعي، و هي الصحة، بمعنى سقوط الفعل ثانيا، دون المؤاخذة. فحينئذ يقع الإشكال في أنّه إذا لم يكن معذورا من حيث الحكم التكليفي و صحّت عقوبته عليه كان مقتضاه بقاء حكم القصر في حقّه، و ما يأتي به من الإتمام إن لم يكن مأمورا به فكيف يسقط الواجب؟ و إن كان مأمورا به فكيف يجتمع الأمر به مع فرض وجود الأمر بالقصر؟! ثم أشار «قده» إلى دفع الإشكال بوجوه ستة: يرجع أربعة منها إلى إنكار الأمر بالقصر فعلا، و واحد منها إلى إنكار الأمر بالإتمام بالتزام أن غير الواجب مسقط‌
______________________________
(1) المصدر السابق 17- 444 (ط. أخرى 26- 104)، الباب 5 من أبواب ميراث الأبوين و الأولاد، الحديث 4، عن الكافي 7- 87، و التهذيب 9- 278.



البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر، ص: 348‌
للواجب، و يرجع الأخير إلى ثبوت الأمرين معا بنحو الترتب.
و إن شئت الاطلاع على تفصيل ما ذكره فارجع إلى الرسائل. «1»‌
و نحن نقول أوّلا: إنّ تسالم الأصحاب على ثبوت العقاب في المقام غير معلوم.
و ثانيا: إنّ المسألة ليست مسألة فقهية حتى يعتمد فيها على الإجماع و التسالم، و الإجماع إنّما يكون حجة في إثبات المسائل الفقهية إذا أجمع عليها الفقهاء بما هم فقهاء من جهة كونه كاشفا عن كون المسألة متلقاة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام يدا بيد.
و ثالثا: إنّ ما ذكر في تقريب الإشكال من أنّ هذا الشخص في هذا الحال مأمور بالقصر أو بالإتمام أو بهما معا، مردود بأنّ الأمر المتعلق بالمسافر ليس أمرا مغايرا لما تعلق بالحاضر حتى يلزم بالنسبة إلى الجاهل اجتماع أمرين، بل الأمر بالنسبة إلى جميع المكلّفين أمر واحد تعلّق بطبيعة الصلاة، و كلّ واحد منهم مأمور بإيجاد هذه الطبيعة، غاية الأمر أنّ مصاديق هذه الطبيعة تختلف بحسب حالات المكلّفين.
فالصلاة عنوان بسيط ينتزع عن مجموع الأجزاء التي اعتبرها الشارع و يوجدها المكلف، و منطبق هذا العنوان و منشأ انتزاعه بالنسبة إلى بعض المكلّفين أربع ركعات مثلا و بالنسبة إلى بعض آخر ركعتان، و كذلك في سائر الحالات المختلفة التي تعرض للمكلّفين من كونهم واجدين للماء، أو فاقدين له، خائفين أو غير خائفين، قادرين أو عاجزين.
فالأمر و كذا المأمور به بالنسبة إلى جميع المكلّفين واحد، و إنّما الاختلاف في مصاديق المأمور به و ما ينطبق عليه عنوانه.
فصلاة الظهر مثلا طبيعة واحدة أمر بها جميع المكلّفين: من واجد الماء و فاقده، و الحاضر و المسافر، و نحو ذلك، و ليست التامّة و المقصورة طبيعتين مختلفتين حتى‌
______________________________
(1) راجع الرسائل (فرائد الأصول)- 308 (ط. أخرى- 523)، فيما استثني من عدم معذورية الجاهل.



البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر، ص: 349‌
يتعلّق بكلّ واحدة منهما أمر مستقلّ، لما عرفت من عدم كون القصر و الإتمام من العناوين القصدية، «1» بل الأمر تعلّق بنفس طبيعة صلاة الظهر مثلا، و كلّ واحد من المسافر و الحاضر مأمور بإيجاد هذه الطبيعة، و اختلافهما إنّما هو في مصداق هذه الطبيعة و منشأ انتزاعها، فمصداقها بالنسبة إلى المسافر ركعتان و بالنسبة إلى الحاضر أربع ركعات.
إذا عرفت هذا فنقول: بعد ما دلّت الأدلّة الشرعية على صحّة صلاة الجاهل في المقام، و فرغنا من مقام إثباته، فلنا أن نقول في تصوير ذلك ثبوتا: إنّه من الممكن أن يكون مصداق الصلاة بالنسبة إلى الجاهل بوجوب القصر عبارة عن الركعتين كما في سائر المسافرين، و الركعتان المزيدتان تقعان لغوا من دون أن تكون هذه الزيادة مضرّة بانطباق عنوان الصلاة المأمور بها على الركعتين الأوليين، لعدم وقوعها في أثناء الصلاة إمّا لعدم وجوب السلام، أو لعدم جزئية مطلقا أو في حق الجاهل. [1]
فإن قلت: الجاهل قصد امتثال الأمر الإتمامي جهلا، و المفروض إنّ المتوجه إليه واقعا هو الأمر القصري، فما قصد ليس مأمورا به، و ما هو المأمور به لم يقصد، فكيف يحكم بثبوته و تحققه؟
______________________________
[1] لأحد أن يقول: إنّ احتمال عدم وجوب السلام أو عدم جزئية بنحو الإطلاق غير متمش بعد ما ثبت بالأدلّة خلافهما، فيبقى في المقام احتمال عدم جزئية بالنسبة إلى خصوص الجاهل، أو عدم اعتبار الموالاة بين السلام و بين سائر الأجزاء بالنسبة إليه، أو عدم إضرار الركعتين بالموالاة إذا لم يأت بهما قصد التشريع و البدعة.
لا يقال: اختصاص الجزئية بالعالم يستلزم الدور.
فإنه يقال: إنّما يلزم الدور إذا أخذ العلم بحكم في موضوع نفسه، و أمّا في المقام فقد أخذ العلم بوجوب القصر في موضوع وجوب التسليم.
ثم إنّ مقتضى ما ذكره الأستاذ (مدّ ظلّه العالي) في تصوير صحة صلاة الجاهل هو صحّة صلاة الناسي و نحوه أيضا مطلقا، بداهة عدم انطباق عنوان ردّ الصدقة على صلاتهم أيضا. ح ع- م.
______________________________
(1) راجع الشرط السادس من شروط القصر، المسألة السادسة. (ص 316).



البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر، ص: 350‌
قلت: قد عرفت أنّ الثابت في حق الحاضر و المسافر أمر واحد، و هو قوله تعالى:
أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ «1» مثلا، و كلّ واحد منهما أيضا بصدد امتثال هذا الأمر، غاية الأمر أنّ مصداق الصلاة بالنسبة إليهما مختلف، فالجاهل في المقام أيضا لم يقصد إلّا امتثال الأمر المتعلق بطبيعة صلاة الظهر مثلا، إلّا أنّه تخيّل بسبب جهله أنّ مجموع الأربع يقع مصداقا لهذه الطبيعة، مع كون مصداقها بالنسبة إليه ركعتين، و هذا الاشتباه لا يضرّ بقصد امتثال الأمر.
فإن قلت: مقتضى ما ذكرت وقوع صلاة العالم العامد أيضا صحيحة إذا أتمّ في موضع القصر.
قلت: من الممكن أن يكون ازدياد الركعتين عن علم و عمد سببا لانطباق عنوان قبيح على الركعتين الأوليين، و باعتبار انطباق هذا العنوان تخرج الركعتان من صلاحية وقوعهما مصداقا للمأمور به، و لا يكون هذا العنوان القبيح منطبقا على صلاة الجاهل، و قد ورد أنّ إسقاط الركعتين في السفر صدقة من اللّٰه تعالى على عباده، فلعلّ العنوان القبيح المنطبق على عمل العالم في المقام الموجب لفساده هو ردّ صدقة اللّٰه و إظهار عدم الاعتناء بفضله بسبب هذا العمل، و هذا المعنى غير متحقق فيمن جهل بوجوب القصر عليه كما لا يخفى.
هذه خلاصة ما ربما يحتمل في دفع الإشكال العقلي الوارد في المقام.
و أمّا الأجوبة التي ذكرها الشيخ «قده» فبعضها مما ينافي مبانيه القطعية، مضافا إلى الاعتراضات الواردة عليها، فتدبّر.
حكم ما إذا قصّر الجاهل من باب الاتفاق‌
مسألة: إذا قصّر الجاهل بوجوب القصر من باب الاتفاق، بأن سلّم على الثانية‌
______________________________
(1) سورة الإسراء (17)، الآية 78.



البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر، ص: 351‌
بتخيّل كونها رابعة، فهل يصحّ صلاته أو لا؟
نسب إلى المشهور القول بالبطلان و وجوب الإعادة. «1»‌
و لكن يجب أن يعلم أن المسألة ليست من المسائل الأصلية المتلقاة عن الأئمة عليهم السلام يدا بيد حتى يتمسك فيها بالإجماع أو الشهرة، بل هي مسألة تفريعية استنباطية، فيجب المشي فيها على طبق ما يقتضيه القواعد:
فنقول: بعد الرجوع إلى ما ذكرناه سابقا لا يبقى إشكال في صحّة الصلاة في المقام.
و إن شئت إعادة الكلام، فنقول: قد ظهر لك مما تقدم منا أمران:
الأوّل: أنّ القصر و الإتمام ليسا من العناوين القصدية المتعينة بالقصد و النية، فليس قصد الإتمام مثلا موجبا لتعين المأتي به للتمامية، بل الفرق بين المقصورة و التامّة إنّما هو بزيادة الركعتين الأخيرتين و عدمها، بلا دخل للقصد و النيّة في ذلك.
و يظهر ذلك من الشيخ «قده» أيضا في الخلاف، حيث قال: «القصر لا يحتاج إلى نيّة القصر، بل يكفي نية فرض الوقت، و به قال أبو حنيفة. و قال الشافعي: لا يجوز القصر إلّا بثلاثة شروط: أن يكون سفرا يقصّر فيه الصلاة، و أن ينوي القصر مع الإحرام، و أن يكون الصلاة أداء لا قضاء.» «2»‌
و وافق الشيخ في ذلك جمهور المتأخرين، «3» و لأجل ذلك جوّزوا في أماكن التخيير العدول من القصر إلى الإتمام و بالعكس. «4»‌
الثاني: أنّ الأمر المتوجه إلى المسافر ليس وراء الأمر المتوجه إلى الحاضر، بل الأمر المتوجه إليهما أمر واحد متعلق بطبيعة واحدة، و هي صلاة الظهر مثلا، غاية الأمر أنّ‌
______________________________
(1) راجع مفتاح الكرامة 3- 604، و الجواهر 14- 350.
(2) الخلاف 1- 579، كتاب صلاة المسافر، المسألة 335.
(3) راجع مفتاح الكرامة 2- 323، في نيّة الصلاة- الموضع السادس.
(4) راجع الجواهر 14- 341.



البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر، ص: 352‌
مصداقها بالنسبة إلى المسافر ركعتان و بالنسبة إلى الحاضر أربع ركعات، فكلّ واحد من المتمّ أو المقصّر لا يتصدى إلّا لامتثال قوله تعالى مثلا أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ.
إذا عرفت هذا فنقول: إنّ المصداق الواقعي لصلاة الظهر مثلا بالنسبة إلى الجاهل أيضا هو الركعتان لا الأربع كما عرفت تصويره، و الفرض أنّه أتى به بقصد امتثال الأمر المتوجه إليه، أعني الأمر بطبيعة صلاة الظهر الذي يشترك فيه الحاضر و المسافر، غاية الأمر أنّه تخيّل كون فردها بالنسبة إليه عبارة عن الأربع، و لكن لا يضرّ هذا التخيّل بعد ما أتى بما هو الواجب عليه واقعا بقصد امتثال الأمر المتوجه إليه، فلا وجه لعدم صحته بعد ما لم يخلّ بشي‌ء من أجزاء العمل و لا بالنيّة.
و مما ذكرنا يعلم أيضا حكم القضاء بالنسبة إلى الجاهل إذا فاته الصلاة في الوقت، و أنّه يجب عليه القضاء قصرا، و لا وجه لتوهم استقرار القضاء عليه تماما، إذ الثابت عليه هو القصر كسائر المسافرين، غاية الأمر دلالة الأخبار على إجزاء التمام إذا أتى بها في الوقت كذلك، و لكن المفروض عدم الإتيان بها في الوقت.
و بالجملة لا يستفاد من الأخبار تبدّل وظيفة الجاهل واقعا، و كون مصداق الصلاة بالنسبة إليه عبارة عن الأربع، بل غاية ما يستفاد منها هو إجزاء الأربع إذا أتى بها جهلا، و المفروض في المقام عدم الإتيان بها، و قد عرفت منّا في مقام التصوير أنّ الأربع لا تقع بمجموعها منطبقة لعنوان الصلاة، فتدبّر.
________________________________________
بروجردى، آقا حسين طباطبايى، البدر الزاهر في صلاة الجمعة و المسافر، در يك جلد، دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، سوم، 1416 ه‍ ق







**********************