بسم الله الرحمن الرحیم
شرح العروه الوثقی، ج 1، ص 44-45
إن قلت: إنّ الأدلّة المذكورة لا تدلّ إلّا على حجّيّة الفتوى بنحو كانت معمولةً في زمان الأئمّة عليهم السلام من نقل معنى الرواية أو ذكر أحد مصاديق ما سمع و اخذ منهم عليهم السلام، فإنّ الاجتهادَ المعمول في هذا الزمان المتوقّف على التخصّص التامّ الّذي لا يحصل إلّا للأوحديّ من المستعدّين غيرُ الاجتهاد و الإفتاء الّذي كان في عصر الأئمّة عليهم السلام، فإنّ مثل أبان و محمّد بن مسلم كانا يأخذان الفتوى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام و يفتيان بها للناس و ينقلان لهم ما سمعاه من الأئمّة عليهم السلام بلفظه أو بالمعنى أو بذكر بعض مصاديقه، و ليس ذلك إلّا مثل نقل الفتوى في عصورنا عن المجتهدين، فإنّ ناقل الفتاوى في هذا العصر ليس بمجتهد، و ليست حجّيّة قوله في نقل الفتوى عن الرسالة مستلزمةً لحجّيّة الفتوى الحاصلة عن الاجتهاد الواقع لمن بذل شطراً وافياً من عمره في تحصيل العلوم مع الاستعداد التامّ مع جهد و تأمّل كثير في المسألة المفتى بها، خصوصاً مع وضوح أنّ بعض الفتاوى في زماننا ليس مبنيّاً على النصوص الخاصّة أو العامّة، بل المبنى في كثير من المسائل هو الاُمور العقليّة، كمسألة وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجماليّ، و كمسألة وجوب مقدّمة الواجب شرعاً، أو مسألة حرمة الضدّ شرعاً؛ فشتّان بين إفتاء أبان و زكريّا بن آدم القمّيّ و إفتاء علماء هذه العصور، فدلالة الأدلّة على حجّيّة مثل ذلك الإفتاء غير مستلزمة لحجّيّة الإفتاء المعمول في العصور المتأخّرة عن عصر الوحي و المعصومين.
قلت: الّذي يظهر من التتبّع في الروايات أنّ استخراج الحكم في عصرهم عليهم السلام لم يكن .......... بمثابة نقل الفتوى في هذا العصر، بل كان أشكل منه، فإنّ الروايات كانت في عصر أبي عبد اللّه عليه السلام و في العصور المتأخّرة عنه - مثل زمان الحجّة عليه السلام و زمان أبي محمّد العسكريّ عليه السلام - مختلفةً جدّاً، لوجود الكذّابين و لصدور الأخبار المختلفة عنهم تقيّةً و خوفاً من الخطر على الشيعة و عليهم، و الشاهد عليه ورود الروايات الكثيرة في حكم اختلاف الحديث الواردة عن الأئمّة عليهم السلام، و فيها فرض الاختلاف بين الروايات المشهورة و بيان علاج التعارض بالأخذ من الأعدل و الأفقه، و الأخذ بما وافق الكتاب أو طرح ما وافق العامّة و الأخذ بما خالفهم ؛ و لا ريب أنّ علاج التعارض بتلك المراتب المذكورة في الرواية العلاجيّة أقرب بالاجتهاد الصعب المستصعب من نقل الفتوى البسيط الّذي لا يتوقّف على التخصّص و التبحّر، فإنّ معرفة المشهور و معرفة أقوال العامّة و معرفة مخالفة الكتاب و موافقته تتوقّف على التخصّص و التبحّر. و أيضاً ورد في بعض الروايات: «إنّ في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن، و متشابهاً كمتشابه القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها» كما عن الرضا عليه السلام . و ورد أيضاً عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال: «إنّما علينا أن نلقي إليكم الاُصول و عليكم أن تفرّعوا» ، و نقل عن الرضا عليه السلام نظير ذلك . فمن هذه الأخبار يظهر وجود الاجتهاد بأوسع ممّا هو حاصل في نقلة الفتاوى في عصر الأئمّة عليهم السلام بحيث يعلم أنّ الملاك في حجّيّة الفتوى حصول العلم أو الاطمينان للمفتي بحسب المدارك الشرعيّة الّتي ثبت في اصول الدين جواز الرجوع إليها من الكتاب و السنّة و القطع الحاصل من الحكم العقليّ القطعيّ؛ فالظاهر حجّيّة قول المفتي الجامع لشرائط الفتوى للعاميّ و لو كان قادراً على الاحتياط أو تحصيل العلم ليحصل له ملكة الاجتهاد. و اللّٰه تعالى هو العالم.
الفقیه، ج 4، ص 257-259
5603 - قال الفضل و روى عبد الله بن الوليد العدني صاحب سفيان قال حدثني أبو القاسم الكوفي صاحب أبي يوسف عن أبي يوسف قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن أبي عمرو العبدي عن ابن سليمان عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول : «الفرائض من ستة أسهم الثلثان أربعة أسهم و النصف ثلاثة أسهم و الثلث سهمان و الربع سهم و نصف و الثمن ثلاثة أرباع سهم و لا يرث مع الولد إلا الأبوان و الزوج و المرأة و لا يحجب الأم عن الثلث إلا الولد و الإخوة و لا يزاد الزوج على النصف و لا ينقص من الربع و لا تزاد المرأة على الربع و لا تنقص من الثمن و إن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء و لا يزاد الإخوة من الأم على الثلث و لا ينقصون من السدس و هم فيه سواء الذكر و الأنثى و لا يحجبهم عن الثلث إلا الولد و الوالد و الدية تقسم على من أحرز الميراث » .
قال الفضل بن شاذان هذا حديث صحيح على موافقة الكتاب و فيه دليل على أنه لا يرث الإخوة و الأخوات مع الولد شيئا و لا يرث الجد مع الولد شيئا و فيه دليل على أن الأم تحجب الإخوة من الأم عن الميراث فإن قال قائل إنما قال والد و لم يقل والدين و لا قال والدة قيل له هذا جائز كما يقال ولد يدخل فيه الذكر و الأنثى و قد تسمى الأم والدا إذا جمعتها مع الأب كما تسمى أبا إذا اجتمعت مع الأب لقول الله عز و جل: «و لأبويه لكل واحد منهما السدس» ، - فأحد الأبوين هي الأم و قد سماها الله عز و جل أبا حين جمعها مع الأب و كذلك قال «الوصية للوالدين و الأقربين» فأحد الوالدين هي الأم و قد سماها الله عز و جل والدا كما سماها أبا و هذا واضح بين و الحمد لله.
الفقیه، ج 4، ص 270
و قال الفضل بن شاذان رحمه الله خلاف قولنا في هذه المسألة و أخطأ قال إن ترك ابن ابنة و ابنة ابن و أبوين فللأبوين السدسان و ما بقي فلابنة الابن من ذلك الثلثان و لابن الابنة من ذلك الثلث تقوم ابنة الابن مقام أبيها و ابن الابنة مقام أمه و هذا مما زل به قدمه عن الطريق المستقيمة و هذا سبيل من يقيس .
الفقیه، ج 4، ص 275
و غلط الفضل بن شاذان في هذه المسألة فقال للأخ من الأم السدس سهمه المسمى له و ما بقي فلابن الأخ للأب و الأم و احتج في ذلك بحجة ضعيفة فقال لأن ابن الأخ للأب و الأم يقوم مقام الأخ الذي يستحق المال كله بالكتاب فهو بمنزلة الأخ للأب و الأم و له فضل قرابة بسبب الأم قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله و إنما يكون ابن الأخ بمنزلة الأخ إذا لم يكن له أخ فإذا كان له أخ لم يكن بمنزلة الأخ كولد الولد إنما هو ولد،
5650- و روي عن علي بن أبي طالب ع أنه قال من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد «3».
و روى ابن سيرين عن أبي عبيدة قال «4» حفظت عن بعض الصحابة في الجد مائة قضية يخالف بعضها بعضا و قال الفضل بن شاذان اعلم أن الجد بمنزلة الأخ أبدا يرث حيث يرث-
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 287
و يسقط حيث يسقط «1» و غلط الفضل في ذلك لأن الجد يرث مع ولد الولد و لا يرث معه الأخ «2» و يرث الجد من قبل الأب مع الأب و الجد من قبل الأم مع الأم و لا يرث الأخ مع الأب و الأم «3» و ابن الأخ يرث مع الجد و لا يرث مع الأخ فكيف يكون الجد بمنزلة الأخ أبدا و كيف يرث حيث يرث و يسقط حيث يسقط بل الجد مع الإخوة بمنزلة واحد منهم فأما أن يكون أبدا بمنزلتهم يرث حيث يرث الأخ و يسقط حيث يسقط الأخ فلاو ذكر الفضل بن شاذان من الدليل على ذلك 5650- و روي عن علي بن أبي طالب ع أنه قال من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد «3».
و روى ابن سيرين عن أبي عبيدة قال «4» حفظت عن بعض الصحابة في الجد مائة قضية يخالف بعضها بعضا و قال الفضل بن شاذان اعلم أن الجد بمنزلة الأخ أبدا يرث حيث يرث-
__________________________________________________
(1). عبد الله بن نمير الهمداني الخارقى كوفي من رجال العامة وثقه ابن معين و المجلى و ذكره ابن حبان في الثقات كما في تهذيب التهذيب يروى عنه هنا الحسن بن علي بن النعمان الكوفي وثقه النجاشي، و أما سليمان بن مهران الأعمش فشيعى ذكره العامة في رجالهم و أثنوا عليه، و أما سالم بن أبي الجعد الاشجعى عنونه العسقلانى في التهذيب و نقل عن جماعة توثيقه و قال يروى عن علي بن أبي طالب و أبى سعيد الخدري و ذكر جماعة و الظاهر أن المصنف نقل هذا الخبر هنا و هو من طريقهم لانهم ربما يتمسكون بظاهره و لا يورثون ابن الأخ مع الجد، روى الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم: «نشر أبو عبد الله عليه السلام صحيفة فأول ما تلقانى فيها: ابن أخ وجد المال بينهما نصفان، فقلت: جعلت فداك ان القضاة عندنا لا يقضون لابن الأخ مع الجد بشيء»، فيقال: ان هذا الكتاب خط علي عليه السلام و إملاء رسول الله صلى الله عليه و آله».
(2). و قال الشيخ في الاستبصار: الوجه في هذا الخبر أنه أعطاها المال لما لم يكن غيرها ممن هو أولى منها أو مثلها بالميراث، و ليس في الخبر أنه أعطاها مع وجودهم.
(3). في النهاية اقتحم الإنسان الامر العظيم و تقحمه إذا رمى بنفسه من غير روية و تثبت، و منه حديث علي عليه السلام «من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض في الجد» أي يرمى بنفسه في معاظم عذابها. أقول: جرثوم الشيء أصله و جمعه جراثيم و جرثومة النمل قريته.
(4). هو محمد بن سيرين البصرى من الفقهاء قال ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا اماما كثير العلم ورعا، و المراد بأبي عبيدة حذيفة بن اليمان الصحابي المعروف بقرينة رواية ابن سيرين عنه، أو الصحيح «أبو عمرو عبيدة السلمانى».
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 287
و يسقط حيث يسقط «1» و غلط الفضل في ذلك لأن الجد يرث مع ولد الولد و لا يرث معه الأخ «2» و يرث الجد من قبل الأب مع الأب و الجد من قبل الأم مع الأم و لا يرث الأخ مع الأب و الأم «3» و ابن الأخ يرث مع الجد و لا يرث مع الأخ فكيف يكون الجد بمنزلة الأخ أبدا و كيف يرث حيث يرث و يسقط حيث يسقط بل الجد مع الإخوة بمنزلة واحد منهم فأما أن يكون أبدا بمنزلتهم يرث حيث يرث الأخ و يسقط حيث يسقط الأخ فلاو ذكر الفضل بن شاذان من الدليل على ذلك.
5651- ما رواه فراس عن الشعبي عن ابن عباس «4» أنه قال كتب إلي علي بن أبي طالب ع في ستة إخوة و جد أن اجعله كأحدهم و امح كتابي.
فجعله علي ع سابعا معهم و قوله ع و امح كتابي كره أن يشنع عليه-
__________________________________________________
(1). في الكافي ج 7 ص 116 قال الفضل بن شاذان: ان الجد بمنزلة الأخ يرث حيث يرث الأخ و يسقط حيث يسقط الأخ، و ذلك أن الأخ يتقرب الى الميت بأبي الميت و كذلك الجد يتقرب الى الميت بأبي الميت، فلما استويا في القرابة و تقربا من جهة واحدة كان فرضهما و حكمهما واحدا. و قال استاذنا الشعرانى- رحمه الله-: رأى الفضل هو المشهور و كلام الصدوق غير وارد عليه لان ارث رجلين من رجل واحد انما يكون إذا كان في مرتبة واحدة فلا بد أن يسقط أحدهما مع سقوط الآخر، و الأخ يسقط مع ولد الولد، و الجد في مرتبته فيجب أن يسقط أيضا و ليس هذا قياسا.
(2). مذهب الفضل هو عدم توريث الجد مع ولد الولد كما هو المشهور عنه، و القول بتوريثه خلاف المشهور مع أن الفضل يقول: يرث الجد حيث يرث الأخ و لم يقل يرث الأخ حيث يرث الجد لكنه قال: يسقط حيث يسقط.
(3). انما كان اعطاء الجد السدس مع الأب و كذا الجدة مع الام على سبيل الطعمة لا التوريث كما تقدم، و ظاهر كلام المؤلف يدل على أن مذهبه التوريث و هو خلاف المشهور أيضا، و قد تقدم منه ما يدل على المشهور.
(4). فراس- بكسر أوله و بمهملة- من رجال العامة و قالوا كوفي ثقة روى عن الشعبى عامر بن شراحيل و هو ثقة عندهم مشهور فقيه فاضل.
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 288
بالخلاف على من تقدمه و ليس هذا بحجة للفضل بن شاذان لأن هذا الخبر إنما يثبت أن الجد مع الإخوة بمنزلة واحد منهم و ليس يثبت كونه أبدا بمنزلة الأخ و لا يثبت أنه يرث حيث يرث الأخ و يسقط حيث يسقط الأخ و روى مخالفونا أن عمر توفي ابن ابنه و تركه و ترك أخوين فسأل عمر زيدا «1» عن ذلك فقال له زيد أرى المال بينكم أثلاثا فأخذ عمر بقول زيد فجعل نفسه و هو الجد أخا و أما ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال في أخ لأب و أم و أخ لأب و جد إن المال بين الأخ للأب و الأم و الجد نصفان و لا شيء للأخ للأب فجعل الجد هاهنا أخا كأن الميت ترك أخوين لأب و أم و أخا لأب فجعل الجد أخا و هذا موافق لما نقوله فإن ترك الرجل أخا و أختا لأم و جدا و جدة من قبل الأم و أختا لأب و أم و أخا لأب فللأخ و الأخت من قبل الأم و الجد و الجدة من قبل الأم الثلث الذكر و الأنثى فيه سواء و ما بقي فللأخت للأب و الأم و سقط الأخ من الأب فإن ترك إخوة و أخوات لأم و جدا و جدة لأم و إخوة و أخوات لأب و أم و جدا و جدة لأب و إخوة و أخوات لأب فللإخوة و الأخوات من قبل الأم و الجد و الجدة من قبل الأم الثلث الذكر و الأنثى فيه سواء و ما بقي فللإخوة و الأخوات للأب و الأم و الجد و الجدة من قبل الأب للذكر مثل حظ الأنثيين و سقط الإخوة و الأخوات من الأب فإن ترك أخا لأم و جدا لأم و أخا لأب و أم و جدا لأب و أخا لأب فللأخ للأم و الجد للأم الثلث بينهما بالسوية و ما بقي فللأخ للأب و الأم و الجد للأب بينهما نصفان و سقط الأخ للأب فإن ترك امرأة و أخا لأم و جدا لأم و أخا لأب فللمرأة الربع و للأخ من الأم و الجد للأم الثلث بينهما بالسوية و ما بقي فللأخ للأب-
__________________________________________________
(1). يعني زيد بن ثابت و قد تقدمت ترجمته.
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 289
فإن تركت امرأة زوجها و ابن ابنها و جدا و إخوة و أخوات لأب و أم فللزوج الربع و للجد السدس «1» و ما بقي فلابن الابن و سقط الإخوة و الأخوات فإن تركت زوجها و أبويها و جدها أبا أمها فللزوج النصف و للأم الثلث و يؤخذ من هذا الثلث نصفه «2» فيدفع إلى الجد و هو السدس من جميع المال و للأب السدس فإن ترك الرجل أبويه و جدا لأب و جدا لأم فللأم السدس و للجد من قبل الأم السدس و للأب النصف و للجد من قبل الأب السدس فإن ترك الرجل أباه و جده أبا أمه فالمال للأب فإن ترك أمه و جده أبا أبيه فالمال لأمه لأن الجد أبا الأب إنما له السدس من مال ابنه طعمة و كذلك الجد أبو الأم إنما له السدس من مال ابنته طعمة فإن ترك الرجل امرأته و أبويه و جده أبا أبيه و جده أبا أمه فللمرأة الربع و للأم السدس و للجد أبي الأم السدس و للجد أبي الأب السدس و للأب الباقي فإن تركت امرأة زوجها و أبويها و جدها أبا أبيها و جدها أبا أمها فللزوج النصف و للأم السدس و للجد أبي الأم السدس و للأب السدس و سقط الجد أبو الأب و هذا هو الموضع الذي لا يرث فيه الجد أبو الأب مع الأب و العلة في ذلك أن الجد إنما ميراثه السدس من مال ابنه طعمة فلما لم يرث ابنه إلا السدس سقط من الطعمة فإن تركت امرأة زوجها و أبويها و جدها أبا أبيها و جدها أبا أمها-
__________________________________________________
(1). ظاهر كلامه الارث لا الطعمة.
(2). هذه ظاهرة في أن السدس طعمة كما سيصرح به مكررا، فظهر أن المصنف يقول بالطعمة وجوبا و بالارث فيما ورد فيه النص لخبر سعد بن أبي خلف و غيره. (م ت).
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 290
و إخوة و أخوات لأب أو لأب و أم فللزوج النصف و للأم السدس و للجد أبي الأب السدس و ما بقي فللأب و سقط الجد أبو الأم و هذا هو الموضع الذي لا يرث فيه الجد أبو الأم مع الأم و العلة في ذلك أن الإخوة و الأخوات من قبل الأب و الأم أو الأب حجبوا الأم عن الثلث فردوها إلى السدس فلما لم تأخذ الأم إلا السدس سقط أبوها من الطعمة من مالها فإن تركت جدا أو جدة لأب أو لأم و عما أو عمة أو خالا أو خالة فالمال للجد أو الجدة و سقط العم و العمة و الخال و الخالة و لا يرث مع الجد و الأخ و لا مع الأخت و لا مع ابن الأخ و لا مع ابن الأخت و لا مع ابنة الأخ و لا مع ابنة الأخت عم و لا عمة و لا خال و لا خالة و لا ابن عم و لا ابن عمة و لا ابن خال و لا ابن خالة و ولد الأخ و ولد الأخت و إن سفلوا فهم أحق بالميراث من الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و لا قوة إلا بالله.
فإن ترك الرجل ابنة عم لأب و أم و ابنة عم لأم فلابنة العم من الأم السدس و ما بقي فلابنة العم للأب و الأم و كذلك إذا ترك ابنة خال لأب و أم و ابنة خال لأم فلابنة الخال للأم السدس و ما بقي فلابنة الخال للأب و الأم و إن ترك خالا و جدة لأم فالمال لجدة الأم و سقط الخال «3» و غلط
__________________________________________________
(1). لعله يريد أن الخال يرث بسبب القرابة من الام و ليس له مشارك من أهل الارث في تلك القرابة فيجب أن يرث تمام حصة الام. (مراد).
(2). اذ الأصل أن يمنع الأقرب الا بعد و ان كان الا بعد ذا جهتين لكن تلك المسألة اجماعية مخالفة لذلك الأصل و لذلك لو كان بدل العم الخال، أو بدل ابن العم بنت العم أو ابن الخال تغير ذلك الحكم الى الأصل. (مراد).
(3). لان الجدة شريكة الأخ، و الخال لا يرث معه، فالاصل أن لا يرث مع من هو في مرتبته و لان قرابة الخال للميت بواسطة الجدة لانه ابنها أو في مرتبته. (مراد).
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 293
الفضل بن شاذان في قوله المال بينهما نصفان بمنزلة ابن الأخ و الجد و إن ترك عما و ابن أخت فالمال لابن الأخت فإن ترك عما و ابن أخ فالمال لابن الأخ و غلط يونس بن عبد الرحمن في قوله المال بينهما نصفان «1» و إنما دخلت عليه الشبهة في ذلك لأنه لما رأى أن بين العم و بين الميت ثلاثة بطون و كذلك بين ابن الأخ و بين الميت ثلاثة بطون و هما جميعا من طريق الأب قال المال بينهما نصفان و هذا غلط لأنه و إن كانا جميعا كما وصف فإن ابن الأخ من ولد الأب و العم من ولد الجد و ولد الأب أحق و أولى بالميراث من ولد الجد و إن سفلوا «2» كما أن ابن الابن أحق من الأخ لأن ابن الابن من ولد الميت و الأخ من ولد الأب و ولد الميت أحق بالميراث من ولد الأب و إن كانوا في البطون سوا
فإن ترك ابنة أخت و ابن أخت أمهما واحدة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين و إن كانا من أختين فالمال بينهما نصفان و كذلك إن كانوا خمسة بني أخت و ابنة أخت أخرى فلبني الأخت النصف بين الخمسة و لابنة الأخت الأخرى النصف و على هذا الحساب كل ما كان من هذا الضرب لأن كل ذي رحم إنما يأخذ نصيب الذي يجره فإن ترك ابنة أخت لأب و ابن ابن أخت لأب و أم فالمال لابنة الأخت للأب و سقط الآخر-
__________________________________________________
(1). قوله «و للام الثلث» أي حيث لا يكون للام حاجب و هناك كذلك، اذ المفروض أن ليس للميت ولد و لا اخوة و ان قلنا بأن حجب الاخوة لا يتوقف على وجود الأب و انما قلنا ان المفروض ذلك اذ لا يعقل وراثة العمة و الخالة مع وجود الولد و الاخوة. (مراد).
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 295
فإن ترك ثلاثة بني ابنة أخت لأب و أم و ثلاثة بني ابنة أخت لأب و ثلاثة بني ابنة أخت لأم فلبني ابنة الأخت من الأم السدس و ما بقي فلبني ابنة الأخت للأب و الأم و سقط بنو ابنة الأخت من الأب و غلط الفضل بن شاذان في هذه المسألة و أشباهها فقال لبني ابنة الأخت للأب و الأم النصف و لبني ابنة الأخت من الأم السدس و ما بقي يرد عليهم على قدر أنصبائهم فإن ترك ابنة أخيه لأبيه و أمه و ابنة أخيه لأبيه فالمال لابنة الأخ للأب و الأم فإن ترك عشر بنات أخ لأم و ابنة أخ لأب و أم فلبنات الأخ للأم السدس بينهن بالسوية و ما بقي فلابنة الأخ للأب و الأم فإن ترك ابنتي أختين لأم و ابنة أخت لأب و أم فلابنتي الأختين للأم الثلث و ما بقي فلابنة الأخت للأب و الأم فإن ترك ثلاث بنات إخوة متفرقين و ثلاث بنات أخوات متفرقات فأصل حسابه من ستة لابنة الأخت من الأم و ابنة الأخ من الأم الثلث سهمان لكل واحدة منهما سهم و بقي الثلثان لابنة الأخت من الأب و الأم الثلث من هذا الثلثين و لابنة الأخ من الأب و الأم ثلثاه فلم تستقم الأربعة بينهما فضربنا ستة في ثلاثة فبلغ ثمانية عشر لابنة الأخت من الأم و ابنة الأخ من الأم الثلث ستة أسهم بينهما نصفان و بقي اثنا عشر لابنة الأخ للأب و الأم من ذلك ثمانية و لابنة الأخت من الأب و الأم أربعة فإن ترك ابنة ابنة أخ لأب و أم و ابنة ابن أخ للأب فالمال لابنة ابنة الأخ للأب و الأم لأن الأخ للأب لا يرث مع الأخ للأب و الأم فكذلك من يتقرب به و كذلك ابن الأخ للأب لا يرث مع ابنة الأخ للأب و الأم و ليست العصبة من دين الله عز و جل و لا من سنة رسول الله ص «1»
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 320
قال الفضل بن شاذان النيسابوري لو أن رجلا ضرب ابنه ضربا غير مسرف في ذلك يريد به تأديبه فمات الابن من ذلك الضرب ورثه الأب و لم تلزمه الكفارة لأن للأب أن يفعل ذلك و هو مأمور بتأديب ولده لأنه في ذلك بمنزلة الإمام يقيم حدا على رجل فيموت الرجل من ذلك الضرب فلا دية على الإمام و لا كفارة و لا يسمى الإمام قاتلا إذا أقام حد الله عز و جل على رجل فمات من ذلك و إن ضرب الابن ضربا مسرفا فمات لم يرثه الأب و كانت عليه الكفارة و كل من كان له الميراث لا كفارة عليه و كل من لم يكن له الميراث فعليه الكفارة فإن كان بالابن جرح فبطه الأب «1» فمات الابن من ذلك فإن هذا ليس بقاتل و هو يرثه و لا كفارة عليه و لا دية لأن هذا بمنزلة الأدب و الاستصلاح و الحاجة من الولد إلى ذلك و إلى شبهه من المعالجات و لو أن رجلا كان راكبا على دابة فوطئت أباه أو أخاه فمات من ذلك لم يرثه و كانت الدية على العاقلة و الكفارة عليه و لو كان يسوق الدابة أو يقودها فوطئت أباه أو أخاه فمات ورثه و كانت الدية على العاقلة للورثة و لم تلزمه كفارة «2» و لو أن رجلا حفر بئرا في غير حقه «3» أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصاب شيء منها وارثا فقتله لم تلزمه الكفارة و كانت الدية على العاقلة و ورثه «4» لأن هذا ليس بقاتل أ لا ترى أنه إن فعل ذلك في حقه لم يكن بقاتل و لا وجب في ذلك دية و لا كفارة فإخراجه ذلك الشيء في غير حقه ليس هو قتلا لأن ذلك بعينه
__________________________________________________
(1). في القاموس: البط: شق الدمل و الجراح و نحوهما.
(2). قال في المسالك: مذهب الاصحاب أن الكفارة في الخطأ لا تجب إلا مع مباشرة القتل دون التسبيب، و اطلاق النص يقتضى عدم الفرق في القاتل بين كونه مكلفا و غيره.
(3). أي في موضع لا يجوز له حفر البئر فيه.
(4). جعل الدية على العاقلة يعطى كون ذلك قتل خطأ، و كذا إذا ساق الدابة أو قادها فمنعه من الميراث في الأول دون الثاني قول بالتفصيل في منع قتل الخطأ عن الارث، و تقدم حديث محمد بن قيس ان قتل الرجل أمه خطأ غير مانع من الارث. (مراد).
من لا يحضره الفقيه، ج4، ص: 321
يكون في حقه فلا يكون قتلا و إنما ألزم العاقلة الدية في ذلك احتياطا في الدماء و لئلا يبطل دم امرئ مسلم و لئلا يتعدى الناس حقوقهم إلى ما لا حق لهم فيه و كذلك الصبي إذا لم يدرك و المجنون لو قتلا لورثا و كانت الدية على عاقلتهما و القاتل يحجب و إن لم يرث «1» أ لا ترى أن الإخوة يحجبون الأم و لا يرثون.
شرائع، ج 4، ص 46
الفصل الرابع في ميراث المجوسي المجوسي قد ينكح المحرمات بشبهة دينه فيحصل له النسب الصحيح و الفاسد و السبب الصحيح و الفاسد. و نعني بالفاسد ما يكون عن نكاح محرم عندنا لا عندهم كما إذا نكح أمه فأولدها ولدا فنسب الولد فاسد و سبب زوجيتها فاسد . فمن الأصحاب من لا يورثه إلا بالصحيح من النسب و السبب و هو المحكي عن يونس بن عبد الرحمن و متابعيه . و منهم من يورثه بالنسب صحيحه و فاسده و بالسبب الصحيح لا الفاسد و هو اختيار الفضل بن شاذان من القدماء و من تابعه و مذهب شيخنا المفيد رحمه الله و هو حسن.
موسوعه الشهید الاول، ج 1، ص 70
ب: القول بالتوسعة المحضة، وهو قول ابني بابويه وأبي عليّ الحسن بن طاهر الصوري ، حتّى أنّهم نصّوا على تقديم الحاضرة، ونصّ أبو عليّ على استحبابه. ومن القائل بالتوسعة من القدماء الحسين بن سعيد ، ومن المتأخّرين قطب الدين الراوندي ونصير الدين عبدُالله بن حمزة الطوسي وسديد الدين محمود الحِمّصي والشيخ يحيى بن سعيد جدّ الشيخين نجم الدين ونجيب الدين، نقله عنه ولده يحيى في مسألته في هذا المقام .
موسوعه الشهید الاول، ج 3، ص 110-112
وأمّا الخلوةُ، فالظاهرُ من قول الكلِّ أنّها لا توجب المهرَ في نفسِ الأمرِ. والصدوق رحمه الله وإنْ كذّبهما في عدمِ الدخولِ بعدها ، فلم يصرّح بأنّها تملكه في نفسِ الأمرِ. وهل توجبُه في الظاهرِ؟ ظاهرُ الرواياتِ ذلك. عوَّضها بشيءٍ رجع بنصفِالمسمّى لا العوضِ، ولو لم يُسمِّ وقدّم لها شيئاً ثمّ دخل فهو المهرُ، إلّاأنْ تُشارِطَه قبلَ الدخولِ. فمنها: روايةُ زرارةَ أنّ الباقر عليه السلام قال: «إذا تزوّج وخلا بها فأغلق عليها باباً، أو أرخى ستراً ثمّ طلَّقها فقد وجب الصَداقُ، وخلاؤه بها دخولٌ» . بل ظاهرُ هذه الروايةِ يدلّ على وجوبِه في نفسِ الأمر. وقريبٌ من معناها روايةُ إسحاقَ بنِ عمّارٍ عن الصادق عن الباقر عليهما السلام: «إنّ عليّاً عليه السلام قال: مَن أغلق مِن الرجال على أهله باباً، أو أرخى ستراً فقد وجب عليه الصَداقُ» . ويناسبُها روايةُ أبي بصيرٍ عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوّج المرأةَ فيُرخي عليها السترَ، أو يُغلِق البابَ ثمّ يطلِّقها فقيل للمرأة: هل أتاكِ؟ فتقول: ما آتاني، ويُسأل هو: هل أَتيتَها؟ فيقول: لمآتها، فقال: «لا يُصدَّقان؛ لأنّها تريد أنْ تَدفع العدَّةَ، ويريد هو أنْ يدفعَ المهرَ» . وحملها الشيخُ على تهمةِ الزوجين . ولكن تعارض هذه بنحوِ ما رواه يونُس بنُ يعقوب عن الصادق عليه السلام أنّه سأله عن رجلٍ تزوّج امرأةً فأغلق البابَ عليها وأرخى السترَ وقَبَّلَ ولَمَس من غير أنْ يكونَ وصل إليها بعدُ، ثمّ طلّقها على تلك الحال، قال: «ليس عليه إلّانصفُ المهرِ» . وفي قوله عليه السلام إيماءٌ إلى أنّ الواجبَ في نفسِ الأمرِ هو النصفُ؛ لأنّ السائلَ حكى أنّه لم يصل إليها. وكان محمَّدُ بنُ أبي عميرٍ - من القدماءِ الجليل القدر - يُفتي بأنّ على الحاكمِ أنْ يحكمَ بالظاهرِ ويلزمَ الزوجَ بالجميعِ إذا خلا. وأمّا المرأةُ فلا يحلُّ لها فيما بينَها وبينَ الله تعالى إلّا نصفُ المهر ، وتابعه الشيخُ وأتباعُ الشيخ . وعباراتُهم لا تفيد زيادةً عن هذا القدرِ.
موسوعه الشهید الاول، ج 3، ص 426
ثمّ اعلَم شيئاً آخرَ، وهو أنّ الفضلَ بن شاذانَ مِن القدماءِ، والحسنَبن أبي عقيلٍ رحمهما الله قالا: إنّ ضارِبَ ابنِه تأديباً يرثُه؛ لأنّه كالإمامِ في إقامةِ الحدِّ. وجنايةُ دابّةِ الراكبِ مانعٌ من الإرثِ موجِبٌ للكفّارةِ - قال الفضل: بخلافِ دابّةِ السائقِ - ولا قِيدَ فيهما، ثمّ ورَّثا المسبِّبَ كحافرِ البئرِ في غيرِ ملكهِ؛ لأنّه لا يسمّى قاتلاً، وورّثا الصبيَّ والمجنون إذا قتلا . ولمأقف على ذلك في كلامِ غيرِهما من الأصحابِ، إلّاالإمامُ المصنِّفُ رحمه الله فإنّه ألحق المسبِّبَ والصبيَّ والمجنونَ والسائقَ والقائدَ بالمباشرِ والكاملِ والراكبِ . وفي الفرقِ بين السائقِ والراكب بُعدٌ؛ لأنّه أكثرُ ضَماناً منه. ا
جامع المقاصد، ج 2، ص 322
قوله: (و يجوز الدّعاء بغير العربيّة مع القدرة، أمّا الأذكار الواجبة فلا). (1) أمّا الأذكار فإنّما لم يجز لوجوب التّأسي فيها، و لعدم تيقن البراءة منها لو كانت غير عربية، و أمّا جواز الدّعاء فلما روي عن أبي جعفر الثّاني عليه السّلام أنّه قال: «لا بأس أن يتكلم الرّجل في صلاة الفريضة بكل شيء يناجي به ربّه عزّ و جلّ»، رواه ابن بابويه . و لقول الصّادق عليه السّلام «كل ما ناجيت به ربّك فليس بكلام» ، أي: بكلام مبطل، و بهذا القول صرّح جمع من الأصحاب . و نقل الأصحاب، عن سعد بن عبد اللّه - من فقهائنا - عدم جوازه مع القدرة و هو المتجه، لأنّ كيفيّة العبادة متلقاة من الشّرع كالعبادة، و لم يعهد مثل ذلك خصوصا إذا كان الدّعاء في المسجد، إلاّ أنّ الشّهرة بين الأصحاب - حتّى أنّه لا يعلم قائل بالمنع سوى سعد المذكور - مانعة من المصير إليه
روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه (ط - القديمة)، ج6، ص: 31
«و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك» بل الظاهر منهم أن مرادهم بالإجماع أيضا الشهرة كما نبه عليه الشهيد في الذكرى و إن كان ظاهر الخبر شهرة النقل لا العمل و إن أمكن التعميم كما هو شأن القدماء من عملهم بالنصوص لا بالآراء فإذا اشتهر عملهم على الخبر يظهر منه أنه كان معلوم الصدور أو مظنونه بالظن المتاخم للعلم عن المعصوم عليه السلام لكن لم يظهر لنا إلى الآن أن يعلم عملهم من مصنف غير تصنيف الأخبار إلا نادرا من المتأخرين كالفضل بن شاذان و ابني بابويه، بل الظاهر منهم أيضا أنهم كانوا ينقلون متون الأخبار في كتبهم الفقهية.