بسم الله الرحمن الرحیم

جابریت و کاسریت عمل اصحاب

فهرست فقه
جابریت و کاسریت عمل اصحاب
فوائد احادیث ضعیفة
مواردی که صاحب جواهر به اختلال طریقة تعبیر کردند




المعتبر في شرح المختصر؛ ج‌1، ص: 29
مسئلة: أفرط «الحشوية» في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر، و ما فطنوا ما تحته من التناقض، فان من جملة الأخبار قول النبي صلى اللّه عليه و آله: «ستكثر بعدي القالة علي» «1» و قول الصادق عليه السّلام: «ان لكل رجل منا رجل يكذب عليه» «2».
و اقتصر بعض عن هذا الإفراط فقال: كل سليم السند يعمل به، و ما علم ان الكاذب قد يلصق، و الفاسق قد يصدق، و لم يتنبه ان ذلك طعن في علماء الشيعة و قدح في المذهب، إذ لا مصنف الا و هو قد يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر الواحد المعدل. و أفرط آخرون في طرف رد الخبر حتى أحال استعماله عقلا و نقلا، و اقتصر آخرون فلم يروا العقل مانعا، لكن الشرع لم يأذن في العمل به، و كل هذه الأقوال منحرفة عن السنن، و التوسط أصوب، فما قبله الأصحاب أو دلت القرائن على صحته عمل به، و ما أعرض الأصحاب عنه أو شذ، يجب اطراحه لوجوه:
أحدها- ان مع خلوه من المزية يكون جواز صدقه مساويا لجواز كذبه فلا يثبت الشرع بما يحتمل الكذب.
الثاني- اما أن يفيد
______________________________
(1) لم يوجد.
(2) لم يوجد.




المعتبر في شرح المختصر؛ ج‌1، ص: 33
الفصل الرابع [في السبب المقتضى للاقتصار على من ذكرناه من فضلائنا]
لما كان فقهائنا رضوان اللّه عليهم في الكثرة إلى حد يتعسر ضبط عددهم، و يتعذر حصر أقوالهم لاتساعها و انتشارها، و كثرة ما صنفوه، و كانت مع ذلك منحصرة في أقوال جماعة من فضلاء المتأخرين اجتزأت بإيراد كلام من اشتهر فضله، و عرف تقدمه في نقل الاخبار و صحة الاختيار و جودة الاعتبار، و اقتصرت من كتب هؤلاء الأفاضل على ما بان فيه اجتهادهم، و عرف به اهتمامهم، و عليه اعتمادهم، فممن اخترت نقله الحسن بن محبوب، و محمد بن أبي نصر البزنطي، و الحسين بن سعيد، و الفضل بن شاذان، و يونس بن عبد الرحمن، و من المتأخرين أبو جعفر محمد بن بابويه القمي (رض)، و محمد بن يعقوب الكليني، و من أصحاب كتب الفتاوى علي بن بابويه، و أبو علي بن الجنيد، و الحسن بن أبي عقيل العماني، و المفيد محمد ابن محمد بن النعمان، و علم الهدى، و الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) و «الشيخ» إشارة الى أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ره) و «الشيخان» هو مع المفيد محمد بن محمد بن النعمان و «الثلاثة» هما مع علم الهدى و «الأربعة» هم مع أبي جعفر بن بابويه و «الخمسة» هم مع علي بن بابويه و «الستة» هم مع ابن أبي عقيل و «السبعة» هم مع ابن الجنيد. و أتباع الثلاثة أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي، و سلار بن عبد العزيز بن البراج، رضوان اللّه عليهم أجمعين. و ربما احتجت الى رمز الكتب فليكن هذه: النهاية (ة) المبسوط (ط) الجمل (ل) مسائل‌ الخلاف (ف) التهذيب (يب) المصباح (ح) الاقتصاد (د) المقنعة (عة) الأركان (ن) الرسالة الغرية (غر) و حيث أتينا على المقدمة فلنبدأ بما نحن قاصدون اليه، مستعينين باللّه و مقصدين عليه.





مستمسك العروة الوثقى؛ ج‌5، ص: 91
و نسب في الجواهر القول به إلى نادر لا يقدح خلافه، و في غيرها إلى المفاتيح. و عن الأردبيلي: «انه حسن لو كان به قائل»، و يظهر منه عدم العثور على قائل به. بل عن بعض دعوى الاتفاق على خلافه. و عليه يشكل الاعتماد عليه، بل لو بني على العمل بما أعرض عنه الأصحاب لحصل لنا فقه جديد، فالمتعين تأويله أو طرحه، و إن كان يعضده‌






مصباح الأصول ( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي ) ؛ ج‏1 ؛ ص234
نعم، الخبر الموجب للوثوق و الاطمئنان الشخصي يجب العمل به و إن كان ضعيفاً في نفسه، و ليس ذلك لأجل حجّية الخبر الضعيف، بل لأنّ الاطمئنان المعبّر عنه بالعلم العادي حجّة و إن كان حاصلًا ممّا لا يكون حجّة في نفسه كخبر الفاسق أو خبر الصبي مثلًا.


مصباح الأصول ( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي )، ج‏1، ص: 235
[بقي في المقام أمران‏]
بقي في المقام‏ أمران لا بدّ من التعرّض لهما:

[الأمر الأوّل: الكلام في جبر عمل المشهور ضعف الخبر]
الأمر الأوّل: أنّ الخبر إن كان ضعيفاً في نفسه هل ينجبر ضعفه بعمل المشهور أم لا؟ المشهور بين المتأخرين هو ذلك. و ذكر المحقق النائيني (قدس سره) في وجه ذلك: أنّ الخبر الضعيف المنجبر بعمل المشهور حجّة بمقتضى منطوق آية النبأ، إذ مفاده حجّية خبر الفاسق مع التبين، و عمل المشهور من التبين‏ . و وافقناه على ذلك في الدورة السابقة، و لكن التحقيق عدم تمامية الوجه المذكور، إذ التبين عبارة عن الاستيضاح و استكشاف صدق الخبر، و هو تارةً يكون بالوجدان، كما إذا عثرنا بعد الفحص و النظر على قرينة داخلية أو خارجية موجبة للعلم أو الاطمئنان بصدق الخبر، و هذا ممّا لا كلام في حجّيته على ما تقدّمت الاشارة إليه. و اخرى: يكون بالتعبد، كما إذا دلّ دليل معتبر على صدقه فيؤخذ به أيضاً فانّه تبين تعبدي، و حيث إنّ فتوى المشهور لا تكون حجّة على ما تقدّم الكلام فيها ، فليس هناك تبين وجداني و لا تبين تعبدي يوجب حجّية خبر الفاسق.
و إن شئت قلت: إنّ الخبر الضعيف لا يكون حجّة في نفسه على الفرض، و كذلك فتوى المشهور غير حجّة على الفرض أيضاً، و انضمام غير الحجّة إلى غير الحجّة لا يوجب الحجّية، فانّ انضمام العدم إلى العدم لا ينتج إلّا العدم.
و دعوى أنّ عمل المشهور بخبر ضعيف توثيق عملي للمخبر به فيثبت به كونه ثقة، فيدخل في موضوع الحجّية، مدفوعة بأنّ العمل مجمل لا يعلم وجهه، فيحتمل أن يكون عملهم به لما ظهر لهم من صدق الخبر و مطابقته للواقع بحسب‏


مصباح الأصول ( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي )، ج‏1، ص: 236
نظرهم و اجتهادهم، لا لكون المخبر ثقة عندهم، فالعمل بخبر ضعيف لا يدل على توثيق المخبر به، و لا سيّما أنّهم لم يعملوا بخبر آخر لنفس هذا المخبر.
هذا كلّه من حيث الكبرى و أنّ عمل المشهور موجب لانجبار ضعف الخبر أم لا. و أمّا الصغرى و هي استناد المشهور إلى الخبر الضعيف في مقام العمل و الفتوى، فاثباتها أشكل من إثبات الكبرى، لأنّ مراد القائلين بالانجبار هو الانجبار بعمل قدماء الأصحاب باعتبار قرب عهدهم بزمان المعصوم (عليه السلام) و القدماء لم يتعرّضوا للاستدلال في كتبهم ليعلم استنادهم إلى الخبر الضعيف، و إنّما المذكور في كتبهم مجرد الفتوى، و المتعرض للاستدلال إنّما هو الشيخ الطوسي (قدس سره) في المبسوط، و تبعه من تأخر عنه في ذلك دون من تقدّمه من الأصحاب، فمن أين يستكشف عمل قدماء الأصحاب بخبر ضعيف و استنادهم إليه، غاية الأمر أنّا نجد فتوى منهم مطابقة لخبر ضعيف، و مجرّد المطابقة لا يدل على أنّهم استندوا في هذه الفتوى إلى هذا الخبر، إذ يحتمل كون الدليل عندهم غيره.
فتحصّل: أنّ القول بانجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور غير تام صغرى و كبرى.

[الأمر الثاني: الكلام في وهن الخبر باعراض المشهور]
الأمر الثاني: أنّ الخبر إن كان صحيحاً أو موثقاً في نفسه هل يكون إعراض المشهور عنه موجباً لوهنه و سقوطه عن الحجّية أم لا؟ المشهور بينهم هو ذلك، بل صرّحوا بأنّه كلّما ازداد الخبر صحّة ازداد ضعفاً و وهناً باعراض المشهور عنه.
و التحقيق عدم تمامية ذلك أيضاً، إذ بعد كون الخبر صحيحاً أو موثقاً مورداً لقيام السيرة و مشمولًا لاطلاق الأدلة اللفظية على ما تقدّم ذكرها، لا وجه لرفع اليد عنه لاعراض المشهور عنه. نعم، إذا تسالم جميع الفقهاء على حكم‏


مصباح الأصول ( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي )، ج‏1، ص: 237
مخالف للخبر الصحيح أو الموثق في نفسه، يحصل لنا العلم أو الاطمئنان بأنّ هذا الخبر لم يصدر من المعصوم (عليه السلام) أو صدر عن تقيّة فيسقط الخبر المذكور عن الحجّية لا محالة، كما تقدّمت الاشارة إليه‏ ، و لكنّه خارج عن محل الكلام. و أمّا إذا اختلف العلماء على قولين و ذهب المشهور منهم إلى ما يخالف الخبر الصحيح أو الموثق و أعرضوا عنه، و اختار غير المشهور منهم ما هو مطابق للخبر المذكور فلا دليل لرفع اليد عن الخبر الذي يكون حجّة في نفسه لمجرد إعراض المشهور عنه.