بسم الله الرحمن الرحیم

بحث بیع صاع من صبرة در مکاسب

فهرست فقه
القواعد الفقهیة و الاصولیة
کاربرد مشاع در کتب سابق
کاربرد کلي در معین در کتب سابق

شروح و حواشي بحث بیع صاع من صبرة در مکاسب


كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 247‌

مسألة بيع بعضٍ من جملةٍ متساوية الأجزاء‌

كصاعٍ من صبرةٍ مجتمعة الصيعان أو متفرّقتها، أو ذراعٍ من كرباسٍ، أو عبدٍ من عبدين، و شبه ذلك يتصوّر على وجوه:

الأوّل: أن يريد «1» بذلك البعض كسراً واقعيّاً من الجملة مقدّراً «2» بذلك العنوان،
فيريد «3» بالصاع مثلًا من صبرةٍ تكون عشرة أصوع عُشرها، و من عبدٍ من العبدين نصفهما.
و لا إشكال في صحّة ذلك، و لا في كون المبيع مشاعاً في الجملة. و لا فرق بين اختلاف العبدين في القيمة و عدمه، و لا بين العلم بعدد صيعان الصبرة و عدمه، لأنّ الكسر مقدّرٌ(۱) بالصاع فلا يعتبر العلم بنسبته إلى المجموع.
______________________________
(1) في نسخة بدل «خ»، «م» و «ع»: يردد.
(2) الكلمة لا تقرأ في «ف»، و في «ع» و «م»: مقدار.
(3) في نسخة بدل «خ»، «م» و «ع»: فيردّد.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 248‌
هذا، و لكن قال في التذكرة: و الأقرب أنّه لو قصد الإشاعة في عبد من عبدين أو شاة من شاتين بطل، بخلاف الذراع من الأرض «1»، انتهى. و لم يعلم وجه الفرق «2»، إلّا منع ظهور الكسر المشاع من لفظ «العبد» و «الشاة».

الثاني: أن يراد به بعض مردّد بين ما يمكن صدقه عليه من الأفراد المتصوّرة في المجموع،
نظير تردّد الفرد المنتشر بين الأفراد، و هذا يتّضح في صاعٍ من الصيعان المتفرّقة.
و لا إشكال في بطلان ذلك مع اختلاف المصاديق في القيمة كالعبدين المختلفين؛ لأنّه غرر؛ لأنّ المشتري لا يعلم بما يحصل في يده منهما.
و أمّا مع اتّفاقهما في القيمة كما في الصيعان المتفرّقة، فالمشهور أيضاً كما في كلام بعض «3» المنع، بل في الرياض نسبته إلى الأصحاب «4»، و عن المحقّق الأردبيلي قدّس سرّه أيضاً نسبة المنع عن بيع ذراع من كرباس مشاهد من غير تعيين أحد طرفيه إلى الأصحاب «5».
و استدلّ على المنع بعضهم «6»: بالجهالة التي يبطل معها البيع إجماعاً.
______________________________
(1) التذكرة 1: 470.
(2) في «ف»: للفرق.
(3) لم نقف عليه.
(4) الرياض 1: 515.
(5) حكاه عنه صاحب الجواهر في الجواهر 22: 420، و راجع مجمع الفائدة 8: 181 182، و فيه: و مثل المتن أكثر عباراتهم.
(6) كما في جامع المقاصد 4: 150، و سيجي‌ء في كلام الحلّي و الشيخ.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 249‌
و آخر «1»: بأنّ الإبهام في البيع مبطلٌ له، لا من حيث الجهالة. و يؤيّده أنّه حكم في التذكرة مع منعه عن بيع أحد العبدين المشاهدين المتساويين بأنّه لو تلف أحدهما فباع الباقي و لم يدرِ أيّهما هو، صحّ، خلافاً لبعض العامّة «2». و ثالثٌ «3»: بلزوم الغرر. و رابعٌ «4»: بأنّ الملك صفةٌ وجوديّةٌ محتاجةٌ إلى محلٍّ تقوم به كسائر الصفات الموجودة في الخارج و أحدهما على سبيل البدل غير قابل لقيامه به؛ لأنّه أمرٌ انتزاعيٌّ من أمرين معيّنين.
و يضعّف الأوّل بمنع المقدّمتين؛ لأنّ الواحد على سبيل البدل غير مجهول؛ إذ لا تعيّن له في الواقع حتّى يُجهل، و المنع عن بيع المجهول و لو لم يلزم غررٌ، غير مسلّم.
نعم، وقع في معقد بعض الإجماعات ما يظهر منه صدق كلتا المقدّمتين.
ففي السرائر بعد نقل الرواية التي رواها في الخلاف على جواز بيع عبدٍ من عبدين قال: إنّ ما اشتملت عليه الرواية مخالفٌ لما عليه الأُمّة بأسرها، منافٍ لأُصول مذهب أصحابنا و فتاويهم و تصانيفهم؛ لأنّ المبيع إذا كان مجهولًا كان البيع باطلًا بغير خلاف «5»، انتهى.
و عن الخلاف في باب السلَم-: أنّه لو قال: «أشتري منك أحد‌
______________________________
(1) لم نقف عليه.
(2) لم نعثر عليه في التذكرة.
(3) كما في كلام الشيخ الآتي في الصفحة التالية.
(4) كما استدلّ به المحقّق النراقي في المستند 2: 375.
(5) السرائر 2: 350، و راجع الرواية في الوسائل 13: 44، الباب 16 من أبواب خيار الحيوان.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 250‌
هذين العبدين أو هؤلاء العبيد» لم يصحّ الشراء. دليلنا: أنّه بيع مجهول فيجب أن لا يصحّ، و لأنه بيع غرر لاختلاف قيمتي العبدين، و لأنه لا دليل على صحّة ذلك في الشرع. و قد ذكرنا هذه المسألة في البيوع و قلنا: إنّ أصحابنا رووا جواز ذلك في العبدين، فإن قلنا بذلك تبعنا فيه الرواية، و لم يقس «1» غيرها عليها «2»، انتهى.
و عبارته المحكية في باب البيوع هي: أنّه روى أصحابنا أنّه إذا اشترى عبداً من عبدين على أنّ للمشتري أن يختار أيّهما شاء، أنّه جائز، و لم يرووا في الثوبين شيئاً. ثمّ قال: دليلنا إجماع الفرقة، و قوله صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم: «المؤمنون عند شروطهم» «3»، انتهى.
و سيأتي أيضاً في كلام فخر الدين أنّ عدم تشخيص المبيع، من الغرر الذي يوجب النهي عنه الفساد إجماعاً «4».
و ظاهر هذه الكلمات صدق الجهالة و كون مثلها قادحة اتّفاقاً مع فرض عدم نصٍّ، بل قد عرفت ردّ الحلّي للنصّ المجوّز بمخالفته لإجماع الأُمّة «5».
و ممّا ذكرنا من منع كبرى الوجه الأوّل يظهر حال الوجه الثاني من وجوه المنع، أعني كون الإبهام مبطلًا.
______________________________
(1) كذا في النسخ، و الصواب: «و لم نقس»، بصيغة المتكلّم كما في المصدر.
(2) في غير «ف»: «غيرهما عليهما»، راجع الخلاف 3: 217، كتاب السلم، المسألة 38.
(3) الخلاف 3: 38، المسألة: 54 من كتاب البيوع.
(4) الآتي في الصفحة التالية.
(5) راجع الصفحة السابقة.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 251‌
و أمّا الوجه الثالث، فيردّه منع لزوم الغَرَر مع فرض اتّفاق الأفراد في الصفات الموجبة لاختلاف القيمة؛ و لذا يجوز الإسلاف في الكليّ من هذه الأفراد، مع أنّ الانضباط في السلَم آكد. و أيضاً فقد جوّزوا بيع الصاع الكليّ من الصبرة، و لا فرق بينهما من حيث الغرر قطعاً؛ و لذا ردّ في الإيضاح حمل الصاع من الصبرة على الكليّ برجوعه إلى عدم تعيين المبيع الموجب للغرر المفسد إجماعاً «1».
و أمّا الرابع، فبمنع احتياج صفة الملك إلى موجودٍ خارجيٍّ، فإنّ الكليّ المبيع سَلَماً أو حالّا مملوكٌ للمشتري، و لا وجود لفردٍ منه في الخارج بصفة كونه مملوكاً للمشتري، فالوجه أنّ الملكيّة أمرٌ اعتباريٌّ يعتبره العرف و الشرع أو أحدهما في موارده، و ليست صفةً وجوديّةً متأصّلةً كالحموضة و السواد؛ و لذا صرّحوا بصحّة الوصيّة بأحد الشيئين، بل لأحد «2» الشخصين و نحوهما «3».
فالإنصاف كما اعترف به جماعةٌ «4» أوّلهم المحقّق الأردبيلي عدم دليلٍ معتبرٍ على المنع.
قال في شرح الإرشاد على ما حكي عنه بعد أن حكى عن الأصحاب المنع عن بيع ذراعٍ من كرباسٍ من غير تقييد كونه من أيّ الطرفين، قال: و فيه تأمّلٌ، إذ لم يقم دليلٌ على اعتبار هذا المقدار من‌
______________________________
(1) إيضاح الفوائد 1: 430.
(2) في غير «ف»: أحد.
(3) ممّن صرّح بذلك العلّامة في القواعد 1: 295، و التذكرة 2: 480، و الشهيد في الدروس 2: 301 و 308.
(4) منهم المحدّث البحراني في الحدائق 18: 480، و لم نعثر على غيره.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 252‌
العلم، فإنّهما إذا تراضيا على ذراع من هذا الكرباس من أيّ طرف أراد المشتري أو من أيّ جانب كان من الأرض، فما المانع بعد العلم بذلك؟ «1» انتهى.
فالدليل هو الإجماع لو ثبت، و قد عرفت من «2» غير واحد نسبته إلى الأصحاب.
قال بعض الأساطين في شرحه على القواعد بعد حكم المصنّف بصحّة بيع الذراع من الثوب و الأرض، الراجع إلى بيع الكسر المشاع قال: و إن قصدا معيّناً «3» أو كلّياً لا على وجه الإشاعة بطل؛ لحصول الغرر بالإبهام في الأوّل، و كونه بيع المعدوم، و باختلاف الأغراض في الثاني غالباً، فيلحق به النادر، و للإجماع المنقول فيه إلى أن قال: و الظاهر بعد إمعان النظر و نهاية التتبّع أنّ الغرر الشرعي لا يستلزم الغرر العرفي و بالعكس، و ارتفاع الجهالة في الخصوصيّة قد لا يثمر مع حصولها في أصل الماهيّة، و لعلّ الدائرة في الشرع أضيق، و إن كان بين المصطلحين عموم و خصوص من وجهين «4»، و فهم الأصحاب مقدّم؛ لأنّهم أدرى بمذاق الشارع و أعلم «5»، انتهى.
و لقد أجاد حيث التجأ إلى فهم الأصحاب فيما يخالف العمومات.
______________________________
(1) مجمع الفائدة 8: 182.
(2) في «ف»، «ن» و «خ»: عن.
(3) في «ش» زيادة: «من عين» و هي تصحيف «من غير تعيين»، كما في المصدر.
(4) قال الشهيدي قدّس سرّه: «التثنية بطريق التوزيع، يعني عموم من وجه و خصوص من وجه» (هداية الطالب: 384).
(5) شرح القواعد (مخطوط): الورقة 90 91، ذيل قول العلّامة: و إن قصدا معيّناً.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 253‌
فرع: على المشهور من المنع، لو اتّفقا على أنّهما أرادا غير شائعٍ لم يصحّ البيع؛
لاتّفاقهما على بطلانه.
و لو اختلفا فادّعى المشتري الإشاعة فيصحّ البيع، و قال البائع: أردت معيّناً، ففي التذكرة: الأقرب قبول قول المشتري؛ عملًا بأصالة الصحّة و أصالة عدم التعيين «1»، انتهى.
و هذا حسن لو لم يتسالما على صيغة ظاهرة في أحد المعنيين، أمّا معه فالمتّبع «2» هو الظاهر، و أصالة الصحّة لا تصرف الظواهر «3». و أمّا أصالة عدم التعيين فلم أتحقّقها.
و ذكر بعض من قارب عصرنا «4»: أنّه لو فرض للكلام ظهور في عدم «5» الإشاعة كان حمل الفعل على الصحّة قرينة صارفة. و فيه نظر.
الثالث من وجوه بيع البعض من الكلّ: أن يكون المبيع طبيعة كلّية منحصرة المصاديق‌
في الأفراد المتصوّرة في تلك الجملة.
______________________________
(1) التذكرة 1: 470.
(2) كذا في «ش» و مصحّحة «ن»، و في سائر النسخ: «فالمنع»، و كذا أثبته المامقاني قدّس سرّه في غاية الآمال: 467.
(3) في «ف»: لا تضرّ بالظواهر.
(4) لم نقف عليه.
(5) لم ترد «عدم» في «ف».



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 254‌
و الفرق بين هذا الوجه و الوجه الثاني‌
كما حقّقه في جامع المقاصد بعد التمثيل للثاني بما إذا فرّق الصيعان، و قال: بعتك أحدها-: أنّ المبيع هناك «1» واحدٌ من الصيعان المتميّزة المتشخّصة غير معيّنٍ «2»، فيكون بيعه مشتملًا على الغرر. و في هذا الوجه أمر كليٌ غير متشخّصٍ و لا متميّزٍ بنفسه، و يتقوّم بكلّ واحدٍ من صيعان الصبرة و يوجد به؛ و مثله ما لو قسّم الأرباع و باع ربعاً منها من غير تعيين. و لو باع ربعاً قبل القسمة صحّ و تنزّل على واحدٍ منها مشاعاً؛ لأنّه حينئذٍ أمر كليٌ. فإن قلت: المبيع في الأُولى أيضاً أمر كليٌ. قلنا: ليس كذلك، بل هو واحدٌ من تلك الصيعان المتشخّصة، مبهم بحسب صورة العبارة، فيشبه الأمر الكليّ، و بحسب الواقع جزئيٌّ غير معيّن و لا معلوم. و المقتضي لهذا المعنى هو تفريق الصيعان، و جعل كلّ واحد منها «3» برأسه، فصار إطلاق أحدها منزَّلًا على شخصيٍّ غير معلوم، فصار كبيع أحد الشياه و أحد العبيد. و لو أنّه قال: بعتك صاعاً من هذه شائعاً في جملتها، لحكمنا بالصحّة «4»، انتهى.
و حاصله: أنّ المبيع مع الترديد جزئيٌّ حقيقيٌّ، فيمتاز عن المبيع الكليّ الصادق على الأفراد المتصوّرة في تلك الجملة.
______________________________
(1) في غير «ش»: «هنا»، و صحّحت في «ن» بما أثبتناه.
(2) كذا في «ش»، و في «ف»: «غير متعيّن»، و في «ص»: «من غير تعيين»، و في سائر النسخ: «من غير متعيّن»، و شطب في «ن» على «من».
(3) كذا، و الظاهر سقوط كلمةٍ هنا، مثل: «شخصاً»، كما أشار إليه مصحّح «ص».
(4) جامع المقاصد 4: 103.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 255‌
و في الإيضاح: أنّ الفرق بينهما هو الفرق بين الكليّ المقيّد بالوحدة و بين الفرد المنتشر «1».
ثمّ الظاهر صحّة بيع الكليّ بهذا المعنى، كما هو صريح جماعةٍ، منهم الشيخ «2» و الشهيدان «3» و المحقّق الثاني «4» و غيرهم «5»، بل الظاهر عدم الخلاف فيه و إن اختلفوا في تنزيل الصاع من الصبرة على الكليّ أو الإشاعة.
لكن يظهر ممّا عن الإيضاح وجود الخلاف في صحّة بيع الكليّ و أنّ منشأ القول بالتنزيل على الإشاعة هو بطلان بيع الكليّ بهذا المعنى، و الكليّ الذي يجوز بيعه هو ما يكون في الذمّة.
قال في الإيضاح في ترجيح التنزيل على الإشاعة: إنّه لو لم يكن مشاعاً لكان غير معيّن، فلا يكون معلوم العين، و هو الغرر الذي يدلّ النهي عنه على الفساد إجماعاً، و لأنّ أحدهما بعينه لو وقع البيع عليه ترجّح «6» من غير مرجّح، و لا بعينه هو المبهم، و إبهام المبيع مبطل «7»، انتهى.
______________________________
(1) إيضاح الفوائد 1: 430.
(2) المبسوط 2: 152 153، و الخلاف 3: 162 163، كتاب البيوع، المسألة 259 و 260.
(3) اللمعة و شرحها (الروضة البهيّة) 3: 267 268.
(4) جامع المقاصد 4: 103 و 105.
(5) كالسيّد الطباطبائي في الرياض 1: 515، و المحقّق النراقي في المستند 2: 376 377، و راجع مفتاح الكرامة 4: 274 275.
(6) كذا في «ش» و مصحّحة «ن»، و في سائر النسخ: ترجيح.
(7) إيضاح الفوائد 1: 430.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 256‌
و تبعه بعض المعاصرين «1» مستنداً تارةً إلى ما في الإيضاح من لزوم الإبهام و الغرر، و أُخرى إلى عدم معهوديّة ملك الكليّ في غير الذمّة لا على وجه الإشاعة، و ثالثةً باتّفاقهم على تنزيل الأرطال المستثناة من بيع الثمرة على الإشاعة.
و يردّ الأوّل: ما عرفت من منع الغرر في بيع الفرد المنتشر، فكيف نسلّم في الكليّ.
و الثاني: بأنّه معهود في الوصيّة و الإصداق؛ مع أنّه لم يفهم مراده من المعهوديّة، فإنّ أنواع الملك بل كلّ جنس لا يعهد تحقّق أحدها في مورد الآخر، إلّا أن يراد منه عدم وجود موردٍ يقينيٍّ «2» حكم فيه الشارع بملكيّة الكليّ المشترك بين أفراد موجودة، فيكفي «3» في ردّه النقض بالوصيّة و شبهها.
هذا كلّه مضافاً إلى صحيحة الأطنان الآتية «4»، فإنّ موردها إمّا بيع الفرد المنتشر، و إمّا بيع الكليّ في الخارج.
و أمّا الثالث: فسيأتي الكلام فيه إن شاء اللّٰه تعالى «5».
______________________________
(1) و هو صاحب الجواهر في الجواهر 23: 222 223.
(2) في «ف»: متيقّن.
(3) في «ف»: فيكفي فيه حينئذٍ.
(4) ستأتي في الصفحة الآتية.
(5) في الصفحة 261.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 257‌
مسألة‌
لو باع صاعاً من صبرة، فهل ينزّل على الوجه الأوّل من الوجوه الثلاثة المتقدّمة أعني: الكسر المشاع أو على الوجه الثالث و هو الكليّ، بناءً على المشهور من صحّته؟ وجهان، بل قولان، حكي ثانيهما عن الشيخ «1» و الشهيدين «2» و المحقّق الثاني «3» و جماعة «4».
و استدلّ له في جامع المقاصد: بأنّه السابق إلى الفهم، و برواية بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام: «عن رجل‌
______________________________
(1) حكاه فخر المحقّقين في الإيضاح 1: 430، و راجع المبسوط 2: 152، فصل في بيع الصبرة و أحكامها.
(2) الدروس 3: 201، و الروضة البهيّة 3: 268، و المسالك 3: 176، و حكاه عنهما و عمّن بعدهما السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 275.
(3) جامع المقاصد 4: 105.
(4) منهم: المحقّق السبزواري في الكفاية: 90، و الشيخ الكبير كاشف الغطاء في شرحه على القواعد (مخطوط): الورقة 91، و السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 275.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 258‌
اشترى «1» عشرة آلاف طُنّ من أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة، و الأنبار فيه ثلاثون ألف طُنّ، فقال البائع: قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طُنّ. فقال المشتري: قد قبلت و اشتريت و رضيت، فأعطاه المشتري من ثمنه ألف درهم، و وكّل من يقبضه، فأصبحوا و قد وقع في القصب نار فاحترق منه عشرون ألف طُنّ و بقي عشرة آلاف طُنّ، فقال عليه السلام: العشرة آلاف طُنّ التي بقيت هي للمشتري، و العشرون التي احترقت من مال البائع «2».
و يمكن دفع الأوّل: بأنّ مقتضى الوضع في قوله: «صاعاً من صبرة» هو الفرد المنتشر الذي عرفت سابقاً «3» أنّ المشهور بل الإجماع على بطلانه. و مقتضى المعنى العرفي هو المقدار المقدّر بصاع، و ظاهره حينئذٍ الإشاعة، لأنّ المقدار المذكور من مجموع الصبرة مشاع فيه.
و أمّا الرواية فهي أيضاً ظاهرة في الفرد المنتشر، كما اعترف به في الرياض «4».
لكنّ الإنصاف: أنّ العرف يعاملون في البيع المذكور معاملة الكليّ فيجعلون الخيار في التعيين إلى البائع، و هذه أمارة فهمهم الكليّ.
______________________________
(1) أثبتنا متن الحديث طبقاً لما ورد في أكثر النسخ، و لم نتعرّض لبعض الاختلافات الموجودة في «ص» و «ش»، علماً بأنّها تصحيحات أُجريت على أساس التطبيق مع المصدر.
(2) الوسائل 12: 272، الباب 19 من أبواب عقد البيع و شروطه.
(3) راجع الصفحة 247 248.
(4) الرياض 1: 515.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 259‌
و أمّا الرواية، فلو فرضنا ظهورها في الفرد المنتشر فلا بأس بحملها على الكليّ لأجل القرينة الخارجيّة، و تدلّ على عدم الإشاعة من حيث الحكم ببقاء المقدار المبيع و كونه مالًا للمشتري.
فالقول الثاني لا يخلو من قوّة، بل لم نظفر بمن جزم بالأوّل و إن حكاه في الإيضاح قولًا «1».
ثمّ إنّه يتفرّع على المختار من كون المبيع كلّياً أُمور:
أحدها: كون التخيير في تعيينه بيد البائع؛
لأنّ المفروض أنّ المشتري لم يملك إلّا الطبيعة المعرّاة عن التشخّص الخاصّ، فلا يستحقّ على البائع خصوصيّة فإذا طالب بخصوصيّة زائدة على الطبيعة فقد طالب ما «2» ليس حقّا له. و هذا جارٍ في كلّ من ملك كلّياً في الذمّة أو في الخارج، فليس لمالكه اقتراح الخصوصيّة على من عليه الكليّ؛ و لذا كان اختيار التعيين بيد الوارث إذا أوصى الميّت لرجل بواحد من متعدّد يملكه الميّت، كعبدٍ من عبيده و نحو ذلك.
إلّا أنّه قد جزم المحقّق القمّي قدّس سرّه في غير موضعٍ من أجوبة مسائله-: بأنّ الاختيار في التعيين بيد المشتري «3»، و لم يعلم له وجه مصحّح، فيا ليته قاس ذلك على طلب الطبيعة! حيث إنّ الطالب لمّا ملك الطبيعة على المأمور و استحقّها منه لم يجز له بحكم العقل مطالبة خصوصيّة دون اخرى، و كذلك مسألة التمليك كما لا يخفى.
______________________________
(1) إيضاح الفوائد 1: 430.
(2) في غير «ف»: بما.
(3) منها ما قاله في جامع الشتات 2: 95، المسألة: 72.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 260‌
و أمّا على الإشاعة: فلا اختيار لأحدهما، لحصول الشركة، فيحتاج القسمة إلى التراضي.
و منها: أنّه لو تلف بعض الجملة و بقي مصداق الطبيعة انحصر حقّ المشتري فيه،
لأنّ كلّ فرد من أفراد الطبيعة و إن كان قابلًا لتعلّق ملكه به بخصوصه، إلّا أنّه يتوقّف على تعيين مالك المجموع و إقباضه، فكلّ ما تلف قبل إقباضه خرج عن قابليّة ملكيّته للمشتري «1» فعلًا «2» فينحصر في الموجود. و هذا بخلاف المشاع، فإنّ ملك المشتري فعلًا «3» ثابت في كلّ جزءٍ من المال من دون حاجة إلى اختيارٍ و إقباض، فكلّ ما يتلف من المال فقد تلف من المشتري جزء بنسبة حصّته.
و منها: أنّه «4» لو فرضنا أنّ البائع بعد ما باع صاعاً من الجملة باع من شخص آخر صاعاً كليّاً آخر،
فالظاهر أنّه إذا بقي صاع واحد كان للأوّل، لأنّ الكليّ المبيع ثانياً إنّما هو سارٍ في مال البائع و هو ما عدا الصاع من الصبرة، فإذا تلف ما عدا الصاع فقد تلف جميع ما كان الكليّ فيه سارياً فقد تلف المبيع الثاني قبل القبض، و هذا بخلاف ما لو قلنا بالإشاعة.
[صور إقباض الكلي]
ثمّ اعلم: أنّ المبيع إنّما يبقى كلّياً ما لم يقبض. و أمّا إذا قُبض، فإن قُبض منفرداً عمّا عداه كان مختصّاً بالمشتري، و إن قبض في ضمن الباقي بأن أقبضه البائع مجموع الصبرة فيكون بعضه وفاءً، و الباقي‌
______________________________
(1) في «ف»: «ملك المشتري».
(2) في «ف» و نسخة بدل «م» و «ع»: مثلًا.
(3) في «ف» و نسخة بدل «م» و «ع»: مثلًا.
(4) عبارة «منها أنّه» من «ش» و هامش «ن».



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 261‌
أمانة حصلت الشركة، لحصول ماله في يده و عدم توقّفه على تعيينٍ و إقباضٍ حتّى يخرج التالف عن قابليّة تملّك المشتري له فعلًا و ينحصر حقّه في الباقي، فحينئذٍ حساب التالف على البائع دون المشتري ترجيحٌ بلا مرجّح، فيحسب عليهما.
و الحاصل: أنّ كلّ جزءٍ «1» معيّن قبل الإقباض قابلٌ لكونه كلا أو بعضاً «2» ملكاً فعليّاً للمشتري، و الملك الفعلي له حينئذٍ هو الكليّ الساري، فالتالف المعيّن غير قابل لكون جزئه «3» محسوباً على المشتري، لأنّ تملّكه لمعيّن موقوف على اختيار البائع و إقباضه، فيحسب على البائع. بخلاف التالف بعد الإقباض، فإنّ تملّك المشتري لمقدارٍ منه حاصلٌ فعلًا؛ لتحقّق الإقباض، فنسبة كلّ جزءٍ معيّنٍ من الجملة إلى كلٍّ من البائع و المشتري على حدٍّ سواء.
نعم، لو لم يكن إقباض البائع للمجموع «4» على وجه الإيفاء، بل على وجه التوكيل في التعيين، أو على وجه الأمانة حتّى يعيّن البائع بعد ذلك، كان حكمه حكم ما قبل القبض.
[لو باع ثمرة شجرات و استثنى منها أرطالا معلومة]
هذا كلّه ممّا لا إشكال فيه، و إنّما الإشكال في أنّهم ذكروا فيما لو باع ثمرة شجراتٍ و استثنى منها أرطالًا معلومة: أنّه لو خاست الثمرة‌
______________________________
(1) لم ترد «جزء» في «ف».
(2) لم ترد «كلا أو بعضاً» في «ف».
(3) في «خ» بدل «جزئه»: «ضرره»، و في نسخة بدل «م»، «ع» و «ص»: ضرّه.
(4) في «ف»: «للجزء حينئذٍ»، و في نسخة بدل «م»، «ع» و «ص»: للجزء.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 262‌
سقط من المستثنى بحسابه «1». و ظاهر ذلك تنزيل الأرطال المستثناة على الإشاعة، و لذا قال في الدروس: إنّ في هذا الحكم دلالةً على تنزيل الصاع من الصبرة على الإشاعة «2». و حينئذٍ يقع الإشكال في الفرق بين المسألتين، حيث إنّ مسألة الاستثناء ظاهرهم الاتّفاق على تنزيلها على الإشاعة.
و المشهور هنا التنزيل على الكلّي، بل لم يُعرف مَن جزم بالإشاعة.
و ربما يفرّق بين المسألتين «3» بالنصّ فيما نحن فيه على التنزيل على الكليّ، و هو ما تقدّم من الصحيحة المتقدّمة «4».
و فيه: أنّ النصّ إن استفيد منه حكم القاعدة لزم التعدّي عن مورده إلى مسألة الاستثناء، أو بيان الفارق و خروجها عن القاعدة. و إن اقتصر على مورده لم يتعدّ إلى غير مورده حتّى في البيع إلّا بعد إبداء الفرق بين موارد التعدّي و بين مسألة الاستثناء.
و بالجملة، فالنصّ بنفسه لا يصلح فارقاً مع البناء على التعدّي عن مورده الشخصي.
و أضعف من ذلك: الفرق بقيام الإجماع على الإشاعة في مسألة‌
______________________________
(1) كما في الشرائع 2: 53، و القواعد 1: 131، و الدروس 3: 239، و جامع المقاصد 4: 168، و راجع مفتاح الكرامة 4: 381 382.
(2) الدروس 3: 239.
(3) فرّق بينهما صاحب الجواهر في الجواهر 23: 223.
(4) المتقدّمة في الصفحة 258.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 263‌
الاستثناء؛ لأنّا نقطع بعدم استناد المجمعين فيها إلى توقيف بالخصوص.
و أضعف من هذين، الفرق بين مسألة الاستثناء و مسألة الزكاة و غيرهما ممّا يحمل الكليّ فيها على الإشاعة، و بين البيع، باعتبار «1» القبض في لزوم البيع و إيجابه على البائع، فمع وجود فرد يتحقّق فيه البيع «2» يجب دفعه إلى المشتري، إذ هو شبه الكليّ في الذمّة.
و فيه مع أنّ إيجاب القبض متحقّق في مسألتي الزكاة و الاستثناء-: أنّ إيجاب القبض على البائع يتوقّف على بقائه؛ إذ مع عدم بقائه كلّا أو بعضاً ينفسخ البيع في التالف، و الحكم بالبقاء يتوقّف على نفي الإشاعة، فنفي الإشاعة بوجوب الإقباض لا يخلو عن مصادرة، كما لا يخفى.
و أمّا مدخليّة القبض في اللزوم فلا دخل له أصلًا في الفرق.
و مثله في الضعف لو لم يكن عينه ما في مفتاح الكرامة من الفرق: بأنّ التلف من الصبرة قبل القبض، فيلزم على البائع تسليم المبيع منها و «3» إن بقي قدره، فلا ينقص المبيع لأجله. بخلاف الاستثناء، فإنّ التلف فيه بعد القبض، و المستثنى بيد المشتري أمانة على الإشاعة بينهما، فيوزّع الناقص عليهما، و لهذا لم يحكم بضمان المشتري هنا، بخلاف البائع هناك «4»، انتهى.
______________________________
(1) الجار متعلّق ب‍ «الفرق»، و «الإيجاب» عطف على «الاعتبار» كما قاله الشهيدي في هداية الطالب: 387.
(2) كذا في النسخ، و الظاهر: المبيع، كما في مصحّحة «ن».
(3) لم ترد «و» في «ف».
(4) مفتاح الكرامة 4: 382.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 264‌
و فيه مع ما عرفت من أنّ التلف من الصبرة قبل القبض إنّما يوجب تسليم تمام المبيع من الباقي بعد ثبوت عدم الإشاعة، فكيف يثبت به؟ أنّه:
إن أُريد من «1» كون التلف في مسألة الاستثناء بعد القبض: أنّه بعد قبض المشتري؟
ففيه: أنّه موجب لخروج البائع عن ضمان ما يتلف من مال المشتري و لا كلام فيه و لا إشكال، و إنّما الإشكال في الفرق بين المشتري في مسألة الصاع و البائع في مسألة الاستثناء، حيث إنّ كلّا منهما يستحقّ مقداراً من المجموع لم يقبضه مستحقّه، فكيف يحسب نقص التالف «2» على أحدهما دون الآخر مع اشتراكهما في عدم قبض حقّه «3» الكليّ.
و إن أُريد من كون التلف بعد القبض: أنّ الكليّ الذي يستحقّه البائع قد كان في يده بعد العقد فحصل الاشتراك، فإذا دفع الكلّ إلى المشتري فقد دفع مالًا مشتركاً، فهو نظير ما إذا دفع البائع مجموع الصبرة إلى المشتري، فالاشتراك كان قبل القبض.
ففيه: أنّ الإشكال بحاله؛ إذ يبقى سؤال الفرق بين قوله: «بعتك صاعاً من هذه الصبرة» و بين قوله: «بعتك هذه الصبرة أو هذه‌
______________________________
(1) لم ترد «من» في غير «ش»، و استدركت في «ن».
(2) في «ش»: التلف.
(3) كذا في «ف» و نسخة بدل «خ»، و في «ش» و مصحّحة «ن»: «عدم قبض حقّهما»، و في سائر النسخ: عدم قبضه.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 265‌
الثمرة إلّا صاعاً منها»، و ما الموجب للاشتراك في الثاني دون الأوّل؟ مع كون مقتضى الكليّ عدم تعيّن «1» فردٍ منه أو جزءٍ منه لمالكه «2» إلّا بعد إقباض مالك الكلّ الذي هو المشتري في مسألة الاستثناء، فإنّ كون الكلّ بيد البائع المالك للكليّ لا يوجب الاشتراك.
هذا، مع أنّه لم يعلم من الأصحاب في مسألة الاستثناء الحكم بعد العقد بالاشتراك و عدم جواز تصرّف المشتري إلّا بإذن البائع، كما يشعر به فتوى جماعةٍ، منهم الشهيدان «3» و المحقّق الثاني «4» بأنّه لو فرّط المشتري وجب أداء المستثنى من الباقي.
و يمكن «5» أن يقال: إنّ بناء المشهور في مسألة استثناء الأرطال إن كان على عدم الإشاعة قبل التلف و اختصاص الاشتراك بالتالف دون الموجود كما ينبئ عنه فتوى جماعةٍ منهم: بأنّه لو كان تلف البعض بتفريط المشتري كان حصّة البائع في الباقي، و يؤيّده استمرار السيرة في صورة استثناء أرطال معلومة من الثمرة على استقلال المشتري في التصرّف و عدم المعاملة مع البائع معاملة الشركاء فالمسألتان مشتركتان في التنزيل على الكليّ، و لا فرق بينهما إلّا في بعض ثمرات التنزيل على‌
______________________________
(1) في غير «ش»: تعيين.
(2) كذا في «ف»، «ش» و مصحّحة «ن»، و في سائر النسخ: لمالك.
(3) في «ف»: «الشهيد الثاني»، راجع الدروس 3: 239، و الروضة البهيّة 3: 360.
(4) راجع جامع المقاصد 4: 168.
(5) في «ف»: هذا، و يمكن.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 266‌
الكليّ و هو حساب التالف عليهما. و لا يحضرني وجهٌ واضح لهذا الفرق، إلّا دعوى أنّ المتبادر من الكليّ المستثنى هو الكليّ الشائع فيما يسلم للمشتري، لا مطلق الموجود وقت البيع.
و إن كان بناؤهم على الإشاعة من أوّل الأمر أمكن أن يكون الوجه في ذلك: أنّ المستثنى كما يكون ظاهراً في الكليّ، كذلك يكون عنوان المستثنى منه الذي انتقل إلى المشتري بالبيع كلّياً، بمعنى أنّه ملحوظٌ بعنوانٍ كليّ يقع عليه البيع، فمعنى «بعتك هذه الصبرة إلّا صاعاً منها»: «بعتك الكليّ الخارجي الذي هو المجموع المخرج عنه الصاع» فهو كليٌ كنفس الصاع، فكلٌّ منهما مالك لعنوان كليّ، فالموجود مشترك بينهما؛ لأنّ نسبة كل جزءٍ منه إلى كلٍّ منهما على نهجٍ سواء، فتخصيص أحدهما به ترجيحٌ من غير مرجّح؛ و كذا التالف نسبته إليهما على السواء، فيحسب عليهما.
و هذا بخلاف ما إذا كان المبيع كلّياً، فإنّ مال البائع ليس ملحوظاً بعنوان كليّ في قولنا: «بعتك صاعاً من هذه الصبرة»؛ إذ لم يقع موضوع الحكم «1» في هذا الكلام حتّى يلحظ بعنوان كليّ كنفس الصاع.
فإن قلت: إنّ مال البائع بعد بيع الصاع ليس جزئيّاً حقيقيّا متشخّصاً في الخارج فيكون كلّياً كنفس الصاع.
قلت: نعم و لكن ملكيّة البائع له ليس بعنوانٍ كليّ حتّى يبقى ما بقي ذلك العنوان، ليكون الباقي بعد تلف البعض صادقاً على هذا العنوان‌
______________________________
(1) في «ف» و مصحّحة «خ»: موضوعاً لحكم.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 267‌
و على عنوان الصاع «1» على نهجٍ سواء، ليلزم من تخصيصه بأحدهما الترجيح من غير مرجّح فيجي‌ء الاشتراك، فإذا لم يبقَ إلّا صاع كان الموجود مصداقاً لعنوان ملك المشتري فيحكم بكونه مالكاً له، و لا يزاحمه بقاء عنوان ملك البائع، فتأمّل.
هذا ما خطر عاجلًا بالبال، و قد أو كلنا تحقيق هذا المقام الذي لم يبلغ إليه ذهني القاصر إلى نظر الناظر البصير الخبير الماهر، عفى اللّٰه عن الزلل في المعاثر.
[أقسام بيع الصبرة]
قال في الروضة تبعاً للمحكي عن حواشي الشهيد «2»-: إنّ أقسام بيع الصبرة عشرة؛ لأنّها إمّا أن تكون معلومة المقدار أو مجهولته، فإن كانت معلومة صحّ بيعها أجمع، و بيع جزءٍ منها معلومٍ مشاعٍ، و بيع مقدارٍ كقفيزٍ تشتمل عليه، و بيعها كلّ قفيز بكذا، لا «3» بيع كلِّ قفيز منها بكذا. و المجهولة كلّها باطلة إلّا الثالث «4»، و هو بيع مقدارٍ معلوم يشتمل الصبرة عليه.
و لو لم يعلم باشتمالها عليه، فظاهر القواعد «5» و المحكي عن حواشي‌
______________________________
(1) كذا في النسخ، و العبارة في «ش» هكذا: «مصداقاً لهذا العنوان و عنوان الصاع»، و جاء في هامش «ص» ما يلي: الظاهر أنّه سهو من قلمه الشريف، و حقّ العبارة أن يقول: «مصداقاً لهذا العنوان و لعنوان الصاع»، كما لا يخفى.
(2) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 275.
(3) كذا في «ف» و «ص»، و في غيرهما بدل «لا»: «إلّا»، و صحّحت في «ن» بما أثبتناه.
(4) انتهى كلام الشهيد الثاني قدّس سرّه، راجع الروضة البهيّة 3: 268.
(5) راجع القواعد 1: 127.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 268‌
الشهيد «1» و غيرها «2» عدم الصحّة، و استحسنه في الروضة، ثمّ قال: و لو قيل بالاكتفاء بالظنّ باشتمالها عليه كان متّجهاً «3».
و المحكي عن ظاهر الدروس و اللمعة الصحّة «4»، قال فيها: فإن نقصت تخيّر بين أخذ الموجود منها بحصّته «5» من الثمن و بين الفسخ «6»، لتبعّض الصفقة. و ربما يحكى عن المبسوط، و المحكيّ «7» خلافه «8»، و لا يخلو عن قوّة و إن كان في تعيينه نظر، لا لتدارك الغرر «9» بالخيار؛ لما عرفت غير مرّة: من أنّ الغرر إنّما يلاحظ في البيع مع قطع النظر‌
______________________________
(1) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 274، و لا توجد عندنا حواشي الشهيد.
(2) مثل العلّامة في التذكرة 1: 469، و حكاه عنه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 274، و فيه: إذا علما اشتمالها على ذلك.
(3) الروضة البهيّة 3: 267.
(4) حكاه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 274، و راجع الدروس 3: 201 و 239، و اللمعة: 113، و العبارة منقولة من اللمعة و شرحها (الروضة البهيّة) 3: 267.
(5) كذا في «ن» و «خ»، و في سائر النسخ: بحصّة.
(6) إلى هنا كلام الشهيد، و التعليل من المؤلف قدّس سرّه.
(7) في «ش»: عن المبسوط و الخلاف.
(8) حكى خلافه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 274، كما حكى الصحّة عن ظاهر الدروس و اللمعة في نفس ذلك الموضع، فراجع، و انظر المبسوط 2: 152، و إيضاح الفوائد 1: 430.
(9) كذا في «ف» و نسخة بدل «ش»، و في سائر النسخ: الضرر.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 269‌
عن الخيار الذي هو من أحكام العقد، فلا يرتفع به الغرر الحاصل عند العقد، بل لمنع الغرر.
و إن قيل «1»: عدم العلم بالوجود من أعظم أفراد الغرر.
قلنا: نعم، إذا بني العقد على جعل الثمن في مقابل الموجود. و أمّا إذا بني على توزيع الثمن على مجموع المبيع الغير المعلوم الوجود «2» بتمامه فلا غرر عرفاً، و ربما يحتمل الصحّة مراعىً بتبيّن اشتمالها عليه.
و فيه: أنّ الغرر إن ثبت حال البيع لم ينفع تبيّن الاشتمال.
هذا، و لكن الأوفق بكلماتهم في موارد الغرر عدم الصحّة، إلّا «3» مع العلم بالاشتمال، أو الظنّ الذي يتعارف الاعتماد عليه و لو كان من جهة استصحاب الاشتمال.
و أمّا الرابع مع الجهالة و هو بيعها كلّ قفيز بكذا فالمحكيّ عن جماعة «4» المنع.
و عن ظاهر إطلاق المحكيّ من عبارتي المبسوط و الخلاف أنّه لو‌
______________________________
(1) في غير «ش»: «و قيل»، و في مصحّحة «ص»: «و لو قيل»، و القائل صاحب الجواهر في الجواهر 22: 423.
(2) كذا في «ش» و مصحّحة «ن» و «ص»، و في سائر النسخ: الموجود.
(3) في «ف» بدل «إلّا»: لا.
(4) كالمحقّق في الشرائع 2: 34، و العلّامة في التذكرة 1: 469، و الشهيد في الدروس 3: 195، و نسبه المحقّق السبزواري (في الكفاية: 90) إلى المشهور.



كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري، ط - الحديثة)، ج‌4، ص: 270‌
قال: «بعتك هذه الصبرة كلّ قفيز بدرهم» صحّ البيع «1».
قال في الخلاف: «لأنّه لا مانع منه، و الأصل جوازه». و ظاهر إطلاقه يعمّ صورة الجهل بالاشتمال.
و عن الكفاية: نفي البُعد عنه «2»؛ إذ المبيع معلوم بالمشاهدة، و الثمن ممّا يمكن أن يعرف، بأن تكال الصبرة و يوزّع الثمن على قفزاتها، قال «3»: و له نظائر ذكر جملة منها في التذكرة «4».
و فيه نظر.
______________________________
(1) المبسوط 2: 152، و الخلاف 3: 162، كتاب البيع، المسألة 259، و حكاه عنهما السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 4: 276.
(2) كفاية الأحكام: 90.
(3) ظاهر السياق رجوع ضمير «قال» إلى صاحب الكفاية، و ليس الأمر كذلك. بل العبارات من قوله «و أمّا الرابع إلى و فيه نظر» من مفتاح الكرامة (انظر مفتاح الكرامة 4: 276).
(4) التذكرة 1: 469.









(۱) التقدير في صورة الكسر، و لا یجدي مع مجهولية مخرجه، و في الحقيقة هذا الكسر جبري و نسبي، لا حسابي عددي، صاع صبرة مشاعا یعنی: 1 x 1 x n یعني: صاع صبرة فعلیة صبرة مشاع ، ولذا مع جهلهما بالصبرة و تلف بعضها يتحيران في التقسيم، و ليس ذلك الا لمجهولية المبيع المشاع و إن كان مقدار المبيع الذي وقع الثمن بإزائه معلوما حين العقد، و الظاهر كفاية هذه المعلومية في صحة العقد، و هذا بخلاف أن يبيع كسرا مشاعا من الصبرة المجهولة، فانّ الذي وقع بإزاء الثمن مجهول قدره الملاحظ بالثمن كيلا او وزنا و إن كان معلوما من حيث الكسر المشاع، و هذه المعلومية لا تكفي مع شرطية العلم بالكيل او الوزن.



كلي مشاع غير از کسر مشاع است، تعین مقدار کلی مشاع، نفسی است، مثل صاع، ولی تعین مقدار کسر، به مجموع بستگی دارد، و لذا در جامع المقاصد در تعیین صاع من صبرة فرموده‌اند: «و الحق أن عدم الإشاعة هو السابق الی الفهم و علیه دلت الروایة»، و قبل آن فرموده‌اند: «و ذلک أن المبیع امر کلي» پس مبیع کلی مشاع است نه کسر مشاع، لکن این بیان با اینکه میفرمایند تعلق زکات و خمس به نحو کلی در معین است سازش ندارد، چون هر دو کسر است، نه مقدار معین، و در جای خود اساس بحث را اینگونه تقریر شده است که إشاعة و فرد و کلی، حالات یک فرد ملکیت است نه انواع آن، بلکه در واقع جز یک حق مالکانه متعلق به بعض عین، چیز دیگری نیست، و بقیه از باب تشبیه یک عنصر حقوقی به مفاهیم تکوینی است.





















































































(۱) (۱)