بسم الله الرحمن الرحیم

آیا عثمان در مصحف خود یک قرائت را اراده کرده است؟

فهرست مباحث علوم قرآنی
رسم المصحف
روند تاریخی قرائات
مصحف عثمان-زيد بن ثابت
متن کتاب المقنع في رسم مصاحف الأمصار-للداني
مصحف الجماعة عثماني
اختلاف مصاحف عثماني
اختلاف رسم مصاحف، پشتوانه تعدد قراءات
مصحف اهل حمص
انواع رسم مصحف و ضبط مصحف


کلام دانی
کلام ابن جزری-الصراط
التمهید-التبریر المفضوح


در کلمات

کلام دانی

المحكم في نقط المصاحف (ص: 3)
وإنما أخلى الصدر منهم المصاحف من ذلك ومن الشكل من حيث أرادوا الدلالة على بقاء السعة في اللغات والفسحة في القراءات التي أذن الله تعالى لعباده في الأخذ بها والقراءة بما شاءت منها فكان الأمر على ذلك إلى أن حدث في الناس ما أوجب نقطها وشكلها وذلك ما حدثناه...


المقنع في رسم مصاحف الأمصار (ص: 118)
فإن سأل عن السبب الموجب لاختلاف مرسوم هذه الحروف الزوائد في المصاحف قلت السبب في ذلك عندنا إن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه لما جمع القرآن في المصاحف ونسخها على صورة واحدة وآثر في رسمها لغة قريش دون غيرها مما لا يصحّ ولا يثبت نظرا للأُمّة واحتياطا على أهل المللّة وثبت عنده إن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منزلة ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة وعلم إن جمعها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكّن إلا بإعادة الكلمة مرتّين وفي رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم مالا خفاء به ففرقها في المصاحف لذلك فجاءت مثبتة في بعضها ومحذوفة في بعضها لكي تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله عز وجل وعلى ما سُمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا سبب اختلاف مرسومها في مصاحف أهل الأمصار.



الأحرف السبعة للقرآن (ص: 63)
ووفق لفضل عظيم في جمع الناس على مصحف واحد وقراءات محصورة والمنع من غير ذلك وأن سائر الصحابة من علي رضي الله عنه ومن غيره كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان في جمع القرآن وأنهم أخبروا بصواب ذلك وشهدوا به وأن عثمان لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وألقى ما لم يجر مجرى ذلك وأخذهم بمصحف لا تقديم فيه ولا تأخير
77 - وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا منع منها ولا حظر القراءة بها إذ ليس إليه ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه وحكم بصوابه وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته وأن القراء السبعة ونظائرهم من الأئمة متبعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم التي لا شذوذ فيها وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده وممنوع من إطلاقه والقراءة به فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب والأخبار الدالة على صحة جميعها كثيرة ولها موضع غير هذا وبالله التوفيق



الإبانة عن معاني القراءات (ص: 33)
"ما يقرأ به الأئمة حرف واحد من الأحرف السبعة":
وإذا كان المصحف، بلا اختلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، على لغة واحدة، والقراءة التي يقرأ بها لا يخرج شيء منها عن خط المصحف، فليست هي إذا هي السبعة الأحرف، التي نزل بها القرآن كلها.
ولو كانت هي السبعة كلها، وهي موافقة للمصحف لكان المصحف قد/2 ي كتب على سبع قراءات، ولكان عثمان "رضي الله عنه"، قد أبقى الالختلاف الذي كرهه، وإنما جمع الناس على المصحف، ليزول الاختلاف.
فصح من ذلك أن الذي يقرأ به الأئمة، وكل ما صحت روايته مما يوافق خط المصحف، إنما هو كله حرف من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وافق لفظها، على اختلافه، خط المصحف، وجازت القراءة بذلك، إذ هو غير خارج عن


الإبانة عن معاني القراءات (ص: 34)
خط المصاحف التي وجه بها عثمان إلى الأمصار، وجمعهم على ذلك.
وسقط العمل بما يخالف خط المصحف من الأحرف السبعة، التي نزل بها القرآن بالإجماع على خط المصحف.
فالصحف كتب على حرف واحد، وخطه محتمل لأكثر من حرف. إذ لم يكن منقوطا، ولا مضبوطا. فذلك الاحتمال الذي احتمل الخط هو من الستة الأحرف الباقية، إذ لا يخلو أن يكون ما اختلف فيه من لفظ الحروف، التي تخالف الخط:
إما هي مما أراد عثمان، أو مما لم يرده إذ كتب المصحف.
فلا بد أن يكون، إنما أراد لفظا واحدا أو حرفا واحدا، لكنا لا نعلم ذلك بعينه، فجاز لنا أن نقرأ بما صحت روايته، مما يحتمله ذلك الخط لنتحرى مراد عثمان "رضي الله عنه"، ومن تبعه من الصحابة وغيرهم.


الإبانة عن معاني القراءات (ص: 78)
والسابع:
أن يكون الاختلاف بالزيادة، أو بالنقص في الحروف والكلم، فهذا يقبل منه ما لم يحدث حكما لم يقبله أحد.
ويقرأ منه بما اختلفت المصاحف في إثباته وحذفه، نحو:
"تجري تحتها" في براءة عند رأس المائة، و {مِنْ تَحْتِهَا} 1 "فإن الله الغني الحميد" في الحديد، و {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد} 2.
ونحو ذلك اختلف فيه المصاحف التي وجه بها عثمان إلى الأمصار، فيقرأ به إذا لم يخرج عن خط جميع المصاحف.
ولا يقرأ منه بما لم تختلف فيه المصاحف/ 8ى: لا يزاد شيء لم يزد في شيء من المصاحف، ولا شيء لم ينقص في شيء من المصاحف.



جمال القراء، ج 2، ص 572-574
... و أما قوله: إنه إنما كتب حرفا واحدا من تلك الأحرف السبعة: فغير صحيح، فقد كتب في بعض المصاحف و أوصى و في بعضها وَ وَصّٰى و كتب في بعضها وَ قٰالُوا اتَّخَذَ اللّٰهُ و في بعضها قٰالُوا اتَّخَذَ اللّٰهُ و كتب سٰارِعُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ في موضع بغير واو، و في مصحف وَ سٰارِعُوا و كتب في المدني و الشامي يَرْتَدِدْ و في غيرهما يَرْتَدَّ بدال واحدة و تَجْرِي تَحْتَهَا في سورة التوبة، و في بعض المصاحف مِنْ تَحْتِهَا وَ بِالزُّبُرِ وَ بِالْكِتٰابِ في آل عمران في المصحف الشامي، و في غيره وَ الزُّبُرِ وَ الْكِتٰابِ إلى غير ذلك من المواضع نحو شُرَكٰائِهِمْ و شُرَكٰاؤُهُمْ و فإن اللّه الغني و فَإِنَّ اللّٰهَ هُوَ الْغَنِيُّ و كل وعد اللّه و كُلاًّ إلى غير ذلك مما تركت ذكره خشية الإطالة . و قد ذكرت أن الأمة لا ترضى لأحد من خلق اللّه بترك كتاب اللّه و ما ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أن أحدا لا يقدر على أن ينتزع من أيديها ما اشتهر بينها و تداولته النقلة، و استمرت على تلاوته الألسنة حتى يصير نسيا منسيا، لا يعرفه إلاّ الشاذ منهم بعد أن كان يعرفه الكبير و الصغير، و الذكر و الأنثى، هذا من المحال في مجرى العادة. و الذي لا يشك فيه أن عثمان - رحمه اللّه - كتب جميع القرآن بجميع وجوهه، و لم يغادر منه شيئا، و



کلام ابن جزری

النشر في القراءات العشر (1/ 11)
قلنا: ونعني بموافقة أحد المصاحف ما كان ثابتا في بعضها دون بعض كقراءة ابن عامر (قالوا اتخذ الله ولدا) في البقرة بغير واو، وبالزبر وبالكتاب المنير بزيادة الباء في الاسمين ونحو ذلك، فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي، وكقراءة ابن كثير جنات تجري من تحتها الأنهار في الموضع الأخير من سورة براءة بزيادة (من) ، فإن ذلك ثابت في المصحف المكي، وكذلك فإن الله هو الغني الحميد.
في سورة الحديد بحذف (هو) ، وكذا (سارعوا) بحذف الواو، وكذا (منهما منقلبا) بالتثنية في الكهف، إلى غير ذلك من مواضع كثيرة في القرآن اختلفت المصاحف فيها فوردت القراءة عن أئمة تلك الأمصار على موافقة مصحفهم، فلو لم يكن ذلك كذلك في شيء من المصاحف العثمانية لكانت القراءة بذلك شاذة لمخالفتها الرسم المجمع عليه،
(وقولنا) بعد ذلك ولو احتمالا نعني به ما يوافق الرسم ولو تقديرا، إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقا وهو الموافقة الصريحة، وقد تكون تقديرا وهو الموافقة احتمالا، فإنه قد خولف صريح الرسم في مواضع إجماعا نحو: (السموات والصلحت واليل والصلوة والزكوة والربوا) ونحو (لنظر كيف تعملون) (وجيء) في الموضعين حيث كتب بنون واحدة وبألف بعد الجيم في بعض المصاحف،
وقد توافق بعض القراءات الرسم تحقيقا، ويوافقه بعضها تقديرا، نحو (ملك يوم الدين) فإنه كتب بغير ألف في جميع المصاحف، فقراءة الحذف تحتمله تخفيفا كما كتب ملك الناس، وقراءة الألف محتملة تقديرا كما كتب مالك الملك، فتكون الألف حذفت اختصارا، وكذلك (النشاة) حيث كتبت بالألف وافقت قراءة المد تحقيقا ووافقت قراءة القصر تقديرا، إذ يحتمل أن تكون الألف صورة الهمزة على غير القياس كما كتب موئلا،
وقد توافق اختلافات القراءات الرسم تحقيقا نحو أنصار الله، ونادته الملائكة، ويغفر لكم ويعملون وهيت لك ونحو ذلك مما يدل تجرده عن النقط والشكل وحذفه وإثباته على فضل عظيم للصحابة - رضي الله عنهم - في علم الهجاء خاصة، وفهم ثاقب في تحقيق كل علم، فسبحان من أعطاهم وفضلهم على سائر هذه الأمة.
(ولله در الإمام الشافعي - رضي الله عنه -) حيث يقول في وصفهم في رسالته التي رواها عنه الزعفراني ما هذا نصه: وقد أثنى الله - تبارك وتعالى - على أصحاب رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله وهنأهم بما أثابهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدوا إلينا سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشاهدوه والوحي ينزل عليه، فعلموا ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا.
(قلت) : فانظر كيف كتبوا الصراط والمصيطرون بالصاد المبدلة من السين، وعدلوا عن السين التي هي الأصل لتكون قراءة السين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة، ولو كتب ذلك بالسين على الأصل لفات ذلك وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم والأصل، ولذلك كان الخلاف في المشهور في بسطة الأعراف دون بسطة البقرة ; لكون حرف البقرة كتب بالسين وحرف الأعراف بالصاد،
على أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة، ألا ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء تسئلني في الكهف، وقراءة (وأكون من الصالحين) والظاء من بضنين ونحو ذلك من مخالفة الرسم المردود، فإن الخلاف في ذلك يغتفر، إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد وتمشيه صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول،
وذلك بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفا واحدا من حروف المعاني، فإن حكمه في حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه، وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته،


النشر في القراءات العشر (1/ 33)
ثم إن الصحابة - رضي الله عنهم - لما كتبوا تلك المصاحف جردوها من النقط والشكل ليحتمله ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين، فإن الصحابة - رضوان الله عليهم - تلقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أمره الله تعالى بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا، ولم يكونوا ليسقطوا شيئا من القرآن الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا يمنعوا من القراءة به.



معجم علوم القرآن، ص 116

و ترأس عثمان نفسه هذه اللجنة للاضطلاع بهذه المهمة الجسيمة. و قد وضعت أهداف لهذه اللجنة من أهمها: كتابة القرآن على لسان قريش، و في ذلك قال عثمان للرهط القرشيين: إذا اختلفتم أنتم و زيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم. و أراد عثمان جمع الناس على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم وفق العرضة الأخيرة.

 

 

المیزان فی احکام القرآن، ص 23

منشأ القراءات: أراد عثمان رضي اللّه عنه أن يوحد المسلمين على مصحف واحد يرسم بطريقة تتلاءم مع الحروف السبعة التى نزل بها القرآن، و ما لا يحتمله الرسم كتبه فى نسخة بقراءة، و فى الأخرى بقراءة أخرى، و لم يكرره فى النسخة الواحدة لدفع توهم التكرار، فإن لكل منهما وجها من غير تكرار و لم يكتب أحدهما فى الأصل، و الثانى فى الحاشية لأن فى ذلك ترجيحا بلا مرجح، و لدفع توهم أن تكون الكلمة فى الأصل غير صحيحة و التى فى الحاشية هى تصحيح لها. و قد ذهب جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية بمجموعها متضمنة برسمها ما ثبت من القراءات المتواترة فى العرضة الأخيرة محتملة للأحرف السبعة و أرسل مع كل نسخة إماما عدلا ضابطا. فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمصحف المدنى، و أرسل عبد اللّه بن السائب مع المصحف المكى، و المغيرة بن أبى شهاب المخزومى مع الشامى، و أبا عبد الرحمن السلمى مع المصحف الكوفى، و عامر بن عبد القيس مع المصحف البصرى. و قد أرسل عثمان رضي اللّه عنه جماعة من قراء الصحابة يعلمون الناس القراءة بالتلقين و قد تغايرت قراءاتهم بتغاير رواياتهم. كما أن المصاحف العثمانية لم تكن ملزمة بقراءة معينة دون الأخرى لخلوها من النقط و التشكيل، بحيث تحتمل عند التلقين الوجوه المروية. و قد تمسك أهل كل مصر من الأمصار بما تلقوه سماعا من الصحابى الذى أقرأهم، و تركوا ما عداه، و كان هذا منشأ القراءات و ظهور الخلاف. و بعد فترة من الزمن مضى جيل الصحابيين، و قام مقامهم جيل التابعين، ثم تفرغ جماعة «للقراءة و الإقراء» حتى صاروا أئمة يقتدى بهم و تعتمد رواياتهم فنسبت القراءة إليهم» . فلما كان القرن الرابع اشتهر الحافظ أبو بكر البغدادى و هو أول من أفرد القراءات السبعة فى كتاب و اختار فيه أشهر سبعة من أئمة القراءة فى عصره.

 

 

اذهاب الحزن، ص 457

و هذا الاختلاف و التغليط في أحرف القران حدث في زمن عثمان بن عفان فإن حذيفة بن اليمان قدم من غزوة فلم يدخل بيته حتى أتى عثمان فقال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس قال: و ما ذاك‌؟ قال: غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرؤون بقراءة أبى بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، و إذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد اللّه بن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام، فيكفر بعضهم بعضا فأراد عثمان أن يبين للناس جواز القراءة بذلك كله دون إنكار أو مراء، و لذا استشهد الناس على سماعهم حديث الأحرف السبعة، كما جاء عن أبي المنهال سيار بن سلامة قال: بلغنا أن عثمان قال يوما - و هو على المنبر -: أذكر اللّه رجلا سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: «أنزل القران على سبعة أحرف كلها شاف كاف» لما قام فقاموا حتى لم يحصوا فشهدوا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم قال: «أنزل القران على سبعة أحرف كلها شاف كاف» فقال عثمان رضي اللّه عنه: و أنا أشهد معهم . و علمهم النبي صلّى اللّه عليه و سلم قواعد جامعة في هذا الباب: فسمع صلّى اللّه عليه و سلم قوما يتمارون في القران فقال: «إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض و إنما ترك كتاب اللّه يصدق بعضه بعضا و لا يكذب بعضه بعضا، ما علمتم منه فقولوا و ما جهلتم فكلوه إلى عالمه» ، و عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال: «نزل القران على سبعة أحرف، المراء في القران كفر ثلاث مرات فما علمتم فاعملوا به و ما جهلتم منه فردوه إلى عالمه» .




**************
الإبانة عن معاني القراءات (ص: 34)
فالصحف كتب على حرف واحد، وخطه محتمل لأكثر من حرف. إذ لم يكن منقوطا، ولا مضبوطا. فذلك الاحتمال الذي احتمل الخط هو من الستة الأحرف الباقية، إذ لا يخلو أن يكون ما اختلف فيه من لفظ الحروف، التي تخالف الخط:
إما هي مما أراد عثمان، أو مما لم يرده إذ كتب المصحف.
فلا بد أن يكون، إنما أراد لفظا واحدا أو حرفا واحدا، لكنا لا نعلم ذلك بعينه، فجاز لنا أن نقرأ بما صحت روايته، مما يحتمله ذلك الخط لنتحرى مراد عثمان "رضي الله عنه"، ومن تبعه من الصحابة وغيرهم.


الإبانة عن معاني القراءات (ص: 78)
والسابع:
أن يكون الاختلاف بالزيادة، أو بالنقص في الحروف والكلم، فهذا يقبل منه ما لم يحدث حكما لم يقبله أحد.
ويقرأ منه بما اختلفت المصاحف في إثباته وحذفه، نحو:
"تجري تحتها" في براءة عند رأس المائة، و {مِنْ تَحْتِهَا} 1 "فإن الله الغني الحميد" في الحديد، و {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد} 2.
ونحو ذلك اختلف فيه المصاحف التي وجه بها عثمان إلى الأمصار، فيقرأ به إذا لم يخرج عن خط جميع المصاحف.
ولا يقرأ منه بما لم تختلف فيه المصاحف/ 8ى: لا يزاد شيء لم يزد في شيء من المصاحف، ولا شيء لم ينقص في شيء من المصاحف.


رسم المصحف 399 الفصل الخامس تكميل الرسم العثماني
و كان الأستاذ حفني ناصف (ت 1918 م) أول من تحدث عن هذا الموضوع، فقال من بين ما قاله‏ :
«و يبعد كل البعد أن تكون الحروف موضوعة في أول أمرها على هذا اللبس المنافي لحكمة الواضعين، الذاهب بحسن الاختراع، فإما أن يكون لكل حرف شكل مخالف لسائر الحروف ثم اتحدت الأشكال المتقاربة، و صارت شكلا واحدا، بتساهل الكتاب و طول الزمن، و إما أن يكون بعض الأشكال موضوعا لعدة أحرف و وضع الإعجام لتمييزها بعضها عن بعض». ثم يقول: «إن الإعجام موضوع قبل الإسلام و لكن تساهل الكتّاب في أمره شيئا فشيئا، حتى تنوسي و لم يبق إلا النادر إلى أن جاء زمن عبد الملك فحتم على كتاب دولته رعايته». و في كلام الأستاذ حفني ناصف ما يلفت النظر و هو قوله «فإما أن يكون لكل حرف شكل مخالف لسائر الحروف ثم اتحدت الأشكال المتقاربة و صارت شكلا واحدا بتساهل الكتاب و طول الزمن ...» و هو ما يفسر به علماء الكتابات القديمة- في الوقت الحاضر- تشابه بعض رموز الكتابة العربية.




رسم المصحف 597 المبحث الخامس الكلمات التي اختلف رسمها في المصاحف العثمانية ..... ص : 586
و قد أشير من قبل أكثر من مرة إلى أن الراجح هو أن تكون المصاحف العثمانية قد رسمت على قراءة واحدة، و من ثم فإن دعوى إثبات هذه الحروف هو محافظة على ما لا يحتمله رسمها من وجوه القراءات المختلفة التي تشملها رخصة الأحرف السبعة من الضياع تصبح موضع نظر، فالقصد من توحيد المصاحف كان إثبات وجه واحد و أن الوجوه المخالفة للرسم أكثر من هذه الحروف المعدودة التي اختلف رسمها في المصاحف الأئمة،
و يبدو أن القول بأن الوجهين اللذين يروى عليهما الحرف الواحد قد صارا من الشهرة و الذيوع بحيث استوى إثبات أي منهما عند الصحابة الذين تولوا نسخ المصاحف، فأثبتوا أحدهما في مصحف و أثبتوا الآخر في مصحف ثان، و كأنهم لم يكتبوا إلا حرفا واحدا- هو القول الأقرب إلى الواقع في تفسير هذه الظاهرة.
فما كتب في المصاحف الأئمة هو حرف واحد أي قراءة واحدة إلا هذه الحروف المعدودة التي استوى فيها الوجهان فأثبت أحدهما في بعض المصاحف و الآخر في المصاحف الأخرى، سواء كان ذلك عن قصد من الصحابة- رضوان اللّه عليهم- أم أن علو كلا الوجهين و تقاربهما قد جعلهم يكتبونهما في المصاحف و كأنهما وجه واحد.






رسم المصحف 598 المبحث الخامس الكلمات التي اختلف رسمها في المصاحف العثمانية ..... ص : 586
غانم قدوری
أما علاقة الأداء بهذه الكلمات المرسومة على أكثر من وجه في المصاحف فإن تأمل اتجاهات القراءة في أول نشأتها تظهر- كما سبق- أن قراء كل مصر من الأمصار الإسلامية قد نقلوا من القراءات التي أخذوها من الصحابة ما يوافق خط مصحفهم لذلك‏ فإنّ الغالب أن توافق قراءة كل إمام مصحف أهل بلده، و قد قال ابن الجزري: إذا اختلفت المصاحف في رسم حرف فينبغي أن تتبع في تلك المصاحف مذاهب أئمة أمصار تلك المصاحف، فينبغي إذا كان مكتوبا مثلا في مصاحف المدينة أن يجري ذلك في قراءة نافع و أبي جعفر، و إذا كان في المصحف المكي فقراءة ابن كثير، و المصحف الشامي فقراءة ابن عامر، و البصري فقراءة أبي عمرو و يعقوب، و الكوفي فقراءة الكوفيين؛ هذا هو الأليق بمذاهبهم و الأصوب بأصولهم‏ . و لكن ربما قرأ بعض القراء بعض هذه الحروف على خلاف مصحفه، على نحو ما يرويه عمّن أخذ قراءته عنه‏ .
و لذلك قال الإمام أبو عمرو الداني: و القطع عندنا على كيفية ذلك في مصاحف أهل الأمصار على قراءة أئمتهم غير جائز إلّا برواية صحيحة عن مصاحفهم بذلك؛ إذ قراءتهم في كثير من ذلك قد تكون على غير مرسوم مصحفهم، ثم يضرب الداني مثلا لذلك بقراءة أبي عمرو بن العلاء قوله تعالى (الزخرف 43/ 68): يا عبادي لا خوف عليكم بالياء و هو في مصاحف أهل البصرة بغير ياء، و قراءته (و أكون من الصالحين) (المنافقون 63/ 10) بالواو و النصب. و هو في كل المصاحف بغير واو مع الجزم.
و قراءته في و المرسلات (77/ 11) (و إذا الرّسل وقّتت) بالواو من الوقت و هو في كل المصاحف بالألف ثم يذكر أمثلة أخرى من هذا الباب و يقول: و إنما بينت هذا الفصل و نبّهت عليه لأني رأيت بعض من أشار إلى جمع شي‏ء من هجاء المصاحف من منتحلي القراءة من أهل عصرنا قد قصد هذا المعنى و جعله أصلا فأضاف بذلك ما قرأ به كل واحد من الأئمة من الزيادة و النقصان في الحروف المتقدمة و غيرها إلى مصاحف أهل بلده، و ذلك من الخطأ الذي يقود إليه إهمال الرواية و إفراط الغباوة و قلة التحصيل إذ من غير الجائز القطع على كيفية ذلك إلا بخبر منقول عن الأئمة السالفين و رواية صحيحة عن العلماء المختصين بعلم ذلك، المؤتمنين على نقله و إيراده لما بيّناه من الدلالة .
و ما ذكره الداني- هاهنا- إنما يؤكد أن كلا من هجاء الكلمات في المصاحف‏
______________________________
(1) النشر، ج 2، ص 158.
(2) انظر: المهدوي، ص 121.
(3) المقنع، ص (113- 114).



رسم المصحف، ص: 600
و قراءة قراء الأمصار ينبني على الرواية و النقل و ليس أحدهما تبعا للآخر و إن كان الرسم قد صار أحد أركان القراءة الصحيحة، و لكن لما كان أئمة القراءة في الأمصار قد ثبتوا على قراءة ما يوافق خط مصحف بلدهم فمن المتوقع أن تأتي قراءتهم موافقة لما فيه، و لكن قد لا توافق روايات أولئك القراء ما في مصاحف بلدانهم فيعتمدون على الرواية و يتركون الرسم على ما خط عليه.
و قد ظهر من تتبع مواضع الاختلاف السابقة في كل من كتاب السبعة لابن مجاهد و التيسير للداني و النشر لابن الجزري أن قراء الأمصار يوافقون مصاحفهم في الحروف التي اختلفت في الرسم غالبا، و لما كانت القراءة رواية و تلقيا فقد ظهرت أمثلة متعددة لمخالفة بعض القراء لمصاحف بلدانهم في ما اختلفت فيه المصاحف من حروف، و هو شاهد أكيد على أن المعتمد في القراءة هو الرواية و المشافهة أولا ثم موافقة الرسم مما صح نقله من قراءات ثانيا، فإن لم تتحقق الموافقة فيما يرويه القارئ من قراءات ثبت على روايته و إن خالفت الرسم. و قد قال أبو طاهر العقيلي «و مرسوم المصحف لم يكن وضع على قراءة أهل البلد الذي سير إليه كل مصحف حتى يكون تابعا لهم، و إنما مرجع ما أضيف إلى مصحف كل قطر العنعنة أيضا، فربما وافق قراءتهم مصحفهم و هو الغالب، و ربما اختلفا و لا غرة» .
و من الأمثلة التي توضح ذلك أن في سورة يونس (10/ 22) رسم في مصاحف الشام (ينشركم) و في بقية المصاحف‏ يُسَيِّرُكُمْ‏ . و قد قرأ ابن عامر و أبو جعفر المدني (ينشركم) ، فابن عامر موافق لمصحف بلده، و أبو جعفر غير موافق لمصحف بلده.



رسم المصحف 600 المبحث الخامس الكلمات التي اختلف رسمها في المصاحف العثمانية ..... ص : 586
و رسم في مصحف الكوفة في سورة يس (36/ 35) و ما عملت أيديهم بغير هاء بعد التاء، و في سائر المصاحف‏ وَ ما عَمِلَتْهُ‏ بالهاء . و قد قرأ حمزة و الكسائي و خلف و أبو بكر عن عاصم (عملت)، و قرأ حفص عن عاصم‏ (وَ ما عَمِلَتْهُ) بالهاء مثل‏ باقي القراء . و يكون عاصم من طريق أبي بكر- بذلك- موافقا لمصحف بلده و غير موافق من طريق حفص.
و رسم في مصحف الكوفة في سورة المؤمن (40/ 26) أو يظهر في الأرض الفساد بألف قبل الواو. و في سائر المصاحف (و أن يظهر) . و قد قرأ الكوفيون و يعقوب البصري‏ أَوْ أَنْ* . فيكون يعقوب بذلك مخالفا لمصحف أهل البصرة.
و رسم في سورة الزخرف (43/ 71) في مصاحف أهل العراق و مكة (و فيها ما تشتهي الأنفس) بغير هاء في تشتهي. و في مصاحف المدينة و الشام‏ تَشْتَهِيهِ‏ بإثبات الهاء .
و قد قرأ المدنيان و ابن عامر و حفص عن عاصم‏ تَشْتَهِيهِ‏ بهاء بعد الياء . و يكون عاصم بذلك مخالفا لمصحف الكوفة من طريق حفص.
و يبدو أن هذه المواضع التي اختلف هجاؤها بين مصاحف الأمصار أخذت ترسم في فترات متأخرة وفق قراءة القارئ التي يضبط بها المصحف. و نجد هذا في المصحف الذي خط و طبع بمصر سنة (1923 م 1342 ه) تحت إشراف لجنة من العلماء و الذي أشرنا إليه من قبل، فقد جاء في التعريف بالمصحف ما نصه «أما الأحرف اليسيرة التي اختلفت فيها أهجية تلك المصاحف فاتبع فيها الهجاء الغالب مع مراعاة قراءة القارئ الذي يكتب المصحف لبيان قراءته» . و لذلك فقد رسم فيه‏ وَ ما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ‏ (يس 36/ 35) بالهاء، و هي في مصاحف الكوفة بدونها، و كذلك رسم‏ وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ‏ (الزخرف 43/ 71) بالهاء عكس ما عليه مصاحف الكوفة أيضا، حتى توافق رواية حفص هذه الحروف، و هو يوافق بذلك المصاحف غير الكوفية.
______________________________
(1) ابن مجاهد: ص 540. و الداني: التيسير، ص 184. و ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 353.
(2) الداني: المقنع، ص 106.
(3) ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 365.
(4) انظر أبو عبيد: فضائل القرآن، لوحة 45. و ابن أبي داود: ص 47. و المهدوي: ص 120.
و الداني: المقنع، ص 107. و ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 370.
(5) ابن مجاهد: ص 588. الداني: التيسير، ص 197. و ابن الجزري: النشر، ج 2، ص 370.
(6) انظر: ص (ج- د) من التعريف بالمصحف في خاتمته.


 

 

اصول التفسیر، ص 425-426

قال الإمام أبو طالب القيسي في «الإبانة عن معاني القراءات»: «فإن سأل سائل فقال: هل القراءات التي يقرأ بها الناس اليوم، و تنسب إلى الأئمة السبعة كنافع و عاصم و أبي عمرو، و شبههم، هي السبعة الأحرف، التي أباح النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم القراءة بها، و قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرأوا بما شئتم»، أو هي بعضها أو هي واحدة منها؟ فالجواب عن ذلك: أن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم، و صحت روايتها عن الأئمة، إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و وافق اللفظ بها خطّ المصحف، مصحف عثمان، الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه، و اطّرح ما سواه، مما يخالف خطه، فقرىء بذلك، بموافقة الخط، لا يخرج شيء منها عن خط المصاحف التي نسخها عثمان رضي اللّه عنه، و بعث بها إلى الأمصار، و جمع المسلمين عليها، و منع من القراءة بما خالف خطها، و ساعده على ذلك زهاء اثني عشر ألفا من الصحابة و التابعين، و اتبعه على ذلك جماعة المسملين بعده، و صارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة و خطأ، و إن صحت و رويت. و كان المصحف قد كتب على لغة قريش، على حرف واحد، ليزول الاختلاف بين المسلمين في القرآن، و لم ينقط و لم يشكل، فاحتمل التأويل لذلك. و إذا كان المصحف بلا خلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و على لغة واحدة - أي: لهجة واحدة - و القراءة التي يقرأ بها، و لا يخرج شيء منها عن خط المصحف، فليست هي إذا هي السبعة الأحرف التي نزل بها القرآن كلها، و لو كانت هي السبعة كلها و هي موافقة للمصحف، لكان المصحف قد كتب على سبع قراءات، و لكان عثمان رضي اللّه عنه قد أبقى الاختلاف الذي كرهه. و إنما جمع الناس على المصحف ليزول الاختلاف، فصح من ذلك أن الذي يقرأ به الأئمة، و كل ما صحّت روايته، مما يوافق خط المصحف، إنما هو كله حرف من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و وافق لفظها على اختلافه خطّ المصحف، و جازت القراءة بذلك، إذ هو غير خارج عن خط المصاحف التي وجّه بها عثمان إلى الأمصار، و جمعهم على ذلك، و سقط العمل بما يخالف خط المصحف من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، بالإجماع على خط المصحف. فالمصحف كتب على حرف واحد، و خطه محتمل لأكثر من حرف، إذ لم يكن منقوطا و لا مشكّلا قال الإمام أبو طالب القيسي في «الإبانة عن معاني القراءات»: «فإن سأل سائل فقال: هل القراءات التي يقرأ بها الناس اليوم، و تنسب إلى الأئمة السبعة كنافع و عاصم و أبي عمرو، و شبههم، هي السبعة الأحرف، التي أباح النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم القراءة بها، و قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرأوا بما شئتم»، أو هي بعضها أو هي واحدة منها؟ فالجواب عن ذلك: أن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم، و صحت روايتها عن الأئمة، إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و وافق اللفظ بها خطّ المصحف، مصحف عثمان، الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه، و اطّرح ما سواه، مما يخالف خطه، فقرىء بذلك، بموافقة الخط، لا يخرج شيء منها عن خط المصاحف التي نسخها عثمان رضي اللّه عنه، و بعث بها إلى الأمصار، و جمع المسلمين عليها، و منع من القراءة بما خالف خطها، و ساعده على ذلك زهاء اثني عشر ألفا من الصحابة و التابعين، و اتبعه على ذلك جماعة المسملين بعده، و صارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة و خطأ، و إن صحت و رويت. و كان المصحف قد كتب على لغة قريش، على حرف واحد، ليزول الاختلاف بين المسلمين في القرآن، و لم ينقط و لم يشكل، فاحتمل التأويل لذلك. و إذا كان المصحف بلا خلاف كتب على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و على لغة واحدة - أي: لهجة واحدة - و القراءة التي يقرأ بها، و لا يخرج شيء منها عن خط المصحف، فليست هي إذا هي السبعة الأحرف التي نزل بها القرآن كلها، و لو كانت هي السبعة كلها و هي موافقة للمصحف، لكان المصحف قد كتب على سبع قراءات، و لكان عثمان رضي اللّه عنه قد أبقى الاختلاف الذي كرهه. و إنما جمع الناس على المصحف ليزول الاختلاف، فصح من ذلك أن الذي يقرأ به الأئمة، و كل ما صحّت روايته، مما يوافق خط المصحف، إنما هو كله حرف من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، و وافق لفظها على اختلافه خطّ المصحف، و جازت القراءة بذلك، إذ هو غير خارج عن خط المصاحف التي وجّه بها عثمان إلى الأمصار، و جمعهم على ذلك، و سقط العمل بما يخالف خط المصحف من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، بالإجماع على خط المصحف. فالمصحف كتب على حرف واحد، و خطه محتمل لأكثر من حرف، إذ لم يكن منقوطا و لا مشكّلا






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 6/3/2024 - 13:29

التمهید فی علوم القرآن

التمهید، ج 1، ص 357-358

كانت المصاحف العثمانية خلوا عن كلّ علامة مائزة بين الحروف المعجمة و الحروف المهملة، وفق طبيعة الخطّ الذي كان دارجا عند العرب آنذاك. فلا تمييز بين الباء و التاء، و لا بين الياء و الثاء. و لا بين الجيم و الحاء و الخاء. و هكذا كان مجردا عن الحركة و الإعراب... و كان على القارئ بنفسه أن يميز بينهما عند القراءة حسب ما يبدو له من قرائن. كما كان عليه أن يعرف هو بنفسه وزن الكلمة و كيفيّة إعرابها أيضا. و من ثم كانت قراءة القرآن في الصدر الأوّل موقوفة على مجرّد السماع  و النقل فحسب. و لو لا الإسماع و الإقراء كانت القراءة في نفس المصحف الشريف ممتنعة تقريبا. مثلا: لم تكن كلمة «تبلو» تفترق في المصحف عن كلمة «نبلو» أو «نتلو» أو «تتلو» أو «يتلو»... و هكذا كلمة «يعلمه» لم تكن تتميّز عن كلمة «تعلمه» أو «نعلمه» أو «بعلمه».. و هكذا قوله: «لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» ربّما قرأه بعضهم: «لمن خلقك». و فيما يلي أمثلة واقعيّة، اختلفت القراءة فيها، مغبّة خلوّ المصاحف من النقط: «ننشزها». «ننشرها». «تنشرها» . «يعلمه». «نعلمه» . «تبلو». «تتلو» . «ننجّيك». «ننحيك» . «لنبوّئنّهم». «لنثوينّهم». «لنبوينهم» . «نجازي». «يجازي» . «فتبيّنوا». «فتثبتوا» . الى غيرها من أمثلة و هي كثيرة.

هذا... و خلوّ المصاحف الأوّلية من علائم فارقة، كان عمدة السبب في اختلاف القراءات فيما بعد. إذ كان الاعتماد على الحفظ و السماع، و بطول الزمان  ربّما كان يحصل اشتباه في النقل أو خلط في السماع، ما دام الإنسان هو عرضة للنسيان، و الاشتباه حليفه مهما دقّق في الحفظ، لو لم يقيده بالكتابة. و من ثم قيل: ما حفظ فرّ و ما كتب قرّ. أضف الى ذلك تخلخل الأمم غير العربيّة في الجزيرة و تضخّم جانبهم مطردا مع التوسعة في القطر الإسلامي العريض. فكان على أعضاء المشروع المصاحفي في وقته أنّ يفكروا في مستقبل الامّة الإسلامية، و يضعوا علاجا لما يحتمل الخلل في قراءة القرآن قبل وقوعه. و لكن أنّى و روح الإهمال و التساهل كان مسيطرا تماما على المسئولين آنذاك.

هذا.. و قد أغرب ابن الجزري، فزعم أنّ المسئولين آنذاك تركوا وضع العلائم عن عمد و عن قصد، لحكمة! قال: و ذلك ليحتمل الخطّ ما صحّ نقله و ثبتت تلاوته عن النبي (صلى اللّه عليه و آله) إذ كان الاعتماد على الحفظ و السماع لا على مجرد الخطّ . و وافقه الزرقاني على هذا التبرير المفضوح، قال: كانوا يرسمونه بصورة واحدة خالية من النقط و الشكل، تحقيقا لهذا الاحتمال . لكن لا مجال لهذا التبرير بعد أن نعلم أنّ الخطّ عند العرب حينذاك كان بذاته خاليا عن كلّ علامة مائزة. و كان العرب هم في بداءة معرفتهم بالخطّ و الكتابة، فلم يكونوا يعرفون من شئون الإعجام و التشكيل و سائر العلائم شيئا، لحدّ ذاك الوقت.

 












فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است