بسم الله الرحمن الرحیم
فهرست مباحث علوم قرآنیج١، ص ١٠-١١
وقال قاضي القضاة أبو الحسن [1] - بعد ذكره طرفا من الخلاف في هذه الآية -: [ وما يقوله من حمل العطف على حقيقته وجعل للعلماء نصيبا من علم التأويل على تفصيله أو جملته، إما أن يكون المراد بذلك عنده وما يعلم تأويله إلا الله وإلا الراسخون في العلم ومع علمهم بتأويله (يقولون آمنا به)، أو يكون المراد أنهم يعلمون تأويله في حال قولهم: (آمنا به كل من عند ربنا)، ومن قال بذلك استدل بظاهر العطف، وأنه يقتضي مشاركة الثاني للاول في ما وصف به الاول وأخبر به عنه ]. وقال: [ إذا أمكن ذلك وأمكن حمل قوله تعالى: (يقولون آمنا به) على الحال أو على خبر ثان وجب القول بذلك، ولكلا الوجهين مسرح في طريق اللغة. وإنما ينبغي أن ننظر من جهة المعنى، فان ثبت بالدليل صحة أحد المعنيين قضي به، وإلا لم يمتنع أن يرادا جميعا إذا لم يقع بينهما تناف ]. قلت أنا: وهذه طريقة لابي علي [2] فيما ورد من القراءات متغايرا فانه يقول: (إذا كان يمكن حمل الكلام على القراءتين المختلفتين، فانهما جميعا مرادتان، إذا صحت القراءة بهما جميعا، نظير ذلك قوله سبحانه (وجدها تغرب في عين حمئة) [3] وقد قرئ حامية). فيقول: [ إنه يجب أن تكون العين على الصفتين معا، فتكون حمئة من الحمأة، وحامية من الحمي، فتكون هناك حرارة وحمأة، وإلا كان يجب ألا تجوز إحدى القراءتين، لان من أصله أن كل كلام احتمل حقيقتين - ولم يكن هناك دلالة على أن المراد به إحدى الحقيقتين دون الاخرى - فواجب حمل الكلام عليهما جميعا حتى يكونا مرادين بذلك، ومتى لم يمكن حمل الكلام عليهما جميعا، فلا بد من أن يبين الله تعالى مراده منهما بدلالة، وإلا خرج من أن يكون فيه فائدة ]. فأما من قرأ حمئة من الحمأة، فاني قرأت بذلك على شيوخ [ القراءة ] لابن كثير ونافع وابي عمرو وحفص، عن عاصم، وأما من قرأ حامية من الحمي، فاني قرأت به لحمزة والكسائي وأبي بكر بن عياش، عن عاصم وعبد الله بن عامر
حقائق التأویل، ج ١، ص ٣۵-٣۶
ثم قال سبحانه عقيب ذلك: [ قد كان لكم آية في فئتين.. الآية ]، والمراد بذلك التخويف لهم من فل شوكتهم على حدتها، وتوهين عدتهم على كثرتها، فضرب تعالى لهم المثل بالفئتين الملتقيتين يوم بدر، وهم يرون آحداهما أضعاف الاخرى، فنصر الله القليلة المؤمنة، حتى اجتاحت الكثيرة الكافرة ]. وهذا المعنى يكون على قراءة من قرأ ترونهم مثليهم بالتاء المعجمة [1] من فوقها، كأنه قال: ترون أيها اليهود - الذين الخطاب معهم - إحدى الفئتين [ وهي المؤمنة ] مثلي الفئة الاخرى (وهي الكافرة)، وقد يجوز أن يكون الخطاب أيضا لليهود على قراءة من قرأ يرونهم بالياء المعجمة من تحتها، لان للعرب مذهبا في خطاب الحاضر، ثم الانتقال عنه إلى خطاب الغائب، وعلى ذلك قوله سبحانه: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة...) [2]، وعكس ايضا مثله وهو الابتداء بخطاب الغائب، ثم الانتقال عنه إلى خطاب الحاضر، وعلى ذلك قوله تعالى: (وسقاهم ربهم شرابا طهورا. إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) [3] فأما من قرأ ترونهم بالتاء المعجمة من فوقها، فهي القراءة التي قرأنا بها لنافع بن أبي نعيم المدني، وقرأنا للباقين من السبعة يرونهم بالياء معجمة من تحتها.
حقائق التاویل، ج ١، ص ٨٧-٨٩
صل (قراءة (وضعت) بضم التاء وسكونها) وقرأنا لعبد الله بن عامر ولابي بكر بن عياش، عن عاصم: (والله أعلم بما وضعت) بضم التاء، ولبقية السبعة بتسكينها، وقال لي شيخنا أبو الحسن علي بن عيسى النحوي صاحب ابي علي الفارسي (وهذا الشيخ كنت بدأت بقراءة النحو عليه قبل شيخنا ابي الفتح عثمان بن جني، فقرأت عليه مختصر الجرمي، وقطعة من كتاب الايضاح لابي علي الفارسي ومقدمة أملاها علي كالمدخل إلى النحو، وقرأت عليه أيضا العروض لابي إسحاق الزجاج، والقوافي لابي الحسن الاخفش، وهو ممن لزم أبا علي السنين الطويلة، واستكثر منه وعلت في النحو طبقته، وقال لي: بدأت بقراءة مختصر الجرمي على أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي رحمه الله في سنة أربع وأربعين وثلثمائة، ثم انتقلت إلى أبي علي). قال: كان أبو علي يقول: قراءة من قرأ بتسكين التاء أجود، لانها قد قالت (رب اني وضعتها انثى)، فليس يحتاج بعد هذا القول أن تقول: (والله أعلم بما وضعت). ووجه قراءة من قرأ بضم التاء: أن ذلك كما يقول القائل في الشئ: رب قد كان كذا وكذا - وأنت أعلم -، ليس يريد إعلام الله سبحانه ذلك، ولكنه من قبيل التعظيم والخضوع والاستسلام والبخوع [ 1 ]، وكقول القائل: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وكقول الرجل لرب نعمته أنا غرس نعمتك ورقيق نعمتك. قال: ومما يقوي قول من أسكن التاء قوله سبحانه: (والله أعلم بما وضعت)، ولو كان من صلة قول أم مريم (ع) لكانت تقول: وأنت أعلم بما وضعت، لانها تخاطب الله سبحانه: قلت أنا: وهذا القول غير سديد، لانه لا يمتنع أن يكون ذلك من قول أم مريم، وتقول مع ذلك: (والله أعلم بما وضعت) على مجرى العادة في خطاب المعظم من العدول معه من كاف المواجهة إلى هاء الكناية، وفي القرآن مثل ذلك كثير في خطاب الله تعالى وخطاب غيره: من خروج عن كناية إلى مواجهة ومن مواجهة إلى كناية، ألا ترى إلى قوله سبحانه: (الحمد لله رب العالمين) ثم: (إياك نعبد وإياك نستعين)، والى قوله تعالى: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) [ 2 ] إلى غير ذلك مما في معناه، فأما من قرأ: (والله أعلم بما وضعت) بضم التاء، فمعناه - والله أعلم - أنها لما قلت: (رب إني وضعتها أنثى) لم تأمن أن يظن بها أنها مخبرة فبينت بقولها: (والله أعلم بما وضعت) أنها إنما أرادت بقولها: (رب إني وضعتها أنثى) إظهار ما لحقها من الخوف، إذ أدخلت في النذر من ليس أهله، ولا يقوم بشرائطه، فجزعت من ألا يقبل نذرها، ولا تتم قربتها، وما أوردناه في ذلك كاف بتوفيق الله.
حقائق التأویل، ج ١، ص ١۴۵-١۴۶
فصل قراءة (لما آتيتكم) وقد اختلف القراء في قراءة: (لما آتيتكم من كتاب وحكمة)، فقرأنا لحمزة بن حبيب (لما) مكسورة، لانها لام الاضافة، وقرأنا لباقي القراء السبعة (لما) مفتوحة، لانها لام الابتداء، وروى هبيرة عن حفص عن عاصم (لما) مكسورة مثل حمزة، وقال (ابن 1) مجاهد في كتاب (القراءات 1) السبعة: (وذلك غير محفوظ عن حفص) [ 2 ]. فأما قوله تعالى: (آتيتكم من كتاب وحكمة)، فقرأ نافع وحده (آتيناكم) على خطاب التعظيم، وقرأ باقي السبعة (لما آتيتكم) على التوحيد ووجه قراءة حمزة (لما) بالكسر: أنه يتعلق بالاخذ، وكأن المعنى أخذ ميثاقهم لهذا الامر، لان الذين يؤتون الكتاب والحكمة يؤخذ عليهم الميثاق لما أوتوه من ذلك، لانهم الاماثل والاعلام، والقادة والحكام.
حقائق التأویل، ج ١، ص ١٣٨-١۴٠
قال: (ومثل قوله تعالى: (ميثاق النبيين) - يريد: الذي اخذه النبيون على قومهم - قوله سبحانه: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق...) [ 1 ] اي: الميثاق المأخوذ عليهم بالكتاب). قال: (والمخاطبة بقوله تعالى: (لما آتيتكم من كتاب وحكمة)، وبقوله سبحانه: (أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري...) [ 2 ] راجعة إلى اهل الكتاب الذين خوطبوا بقوله سبحانه: (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل) [ 3 ] وغير ذلك مما في معناه، فهذه المخاطبة آخرا لاحقة بما سبق من نظائرها أولا، وقوله تعالى: (فاشهدوا) راجعة إلى النبيين، لانه لائق بهم، وهم الذين يشهدون على الامم بحقائق افعالهم). قال: (وغير جائز بالعقل ولا في اللغة أن يكون المخاطبون بقوله تعالى: (لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) الانبياء، وقد قبضهم الله تعالى إلى كرامته، ونقلهم إلى جنته قبل مبعث نبينا صلى الله عليه وآله لان من تقدم موته لا يؤمر بنصر من يتأخر مولده). فأما ما ذهب إليه أبو مسلم من حمل هذا الخطاب على أنه لامم الانبياء دونهم، فقد سبق إليه جماعة من اهل التأويل. وأما قوله: (إن المراد بقوله تعالى: (ميثاق النبيين) الميثاق الذي اخذوه على اممهم) فباضافة الميثاق إليهم يحتمل أن يكون مأخوذا منهم، ويحتمل أن يكون مأخوذا لهم من غيرهم، فلذلك اختلفوا فيه على ما تقدم ذكره: فقال بعضهم: هو الميثاق الذي أخذه الله تعالى على النبيين، أن يصدقوا بالرسول المبعوث بعدهم، يعني بذلك: نبينا صلى الله عليه وآله، ويصدق بعضهم ببعض. وقال الفريق الآخر: بل المراد بذلك ما أخذه الانبياء على اممهم الذين عرفوا الكتاب والحكمة، بأن يصدقوا بالرسول الذي يجئ بعدهم آخرا، ويوصوا بنصره من يبقى من أعقابهم متأخرا. ويجري كون الميثاق مضافا إلى النبيين في أنه يصلح أن يكون مأخوذا منهم وأن يكون مأخوذا لهم من غيرهم، مجرى إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول على حد سواء، لانه يجوز أن يضاف إلى كل واحد منهما، فتقول: أعجبني ضرب عمرو خالدا، إذا كان عمرو فاعلا، و: اعجبني ضرب عمرو خالد، إذا كان عمرو مفعولا، فمن اضافته إلى الفاعل قوله تعالى: (ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض...) [ 1 ]، ومن إضافته إلى المفعول من غير أن يذكر معه الفاعل قوله تعالى: (لا يسأم الانسان من دعاء الخير...) [2] وقوله عز اسمه: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه...) [3]، ومما جاء من اضافته إلى المفعول ومعه الفاعل في الشعر قول الشاعر [ 4 ]: أمن رسم دار مربع ومصيف * لعينيك من ماء الشئون وكيف ؟ وقال لي شيخنا أبو الفتح عثمان بن جني، عند بلوغي عليه في القراءة من كتاب الايضاح لابي علي الفارسي، إلى باب المصادر، وقد مضى في أثنائه ذكر هذا البيت - فقال: كأن الشاعر قال: أمن أن رسم دارا مربع ومصيف بكيت لها ؟، فالمربع والمصيف فاعلان في المعنى. وقال بعضهم [ 1 ]: قد يجوز أن يكون في قوله تعالى: (ميثاق النبيين) مضاف محذوف، كأنه تعالى قال: ميثاق اتباع النبيين أو امم النبيين فحذف اتباع وأقام النبيين مقامهم، كما قال تعالى: (وأشربوا في قلوبهم العجل) [ 2 ]، أي: حب العجل. قال: ومما يشهد بذلك أنها في قراءة ابن مسعود: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب)،
و موارد متعدد دیگر که برای آن به کتابخانه مدرسه فقاهت، کتاب حقائق التأویل فی متشابه التنزیل مراجعه شود.
تلخیص البیان فی مجازات القرآن،المقدمه ،ص ٧٣
اساتذته
: إن السيرة تنص على مكانة للشريف في العلم و الفضل فتهمل تفصيل تلك المكانة و درجتها، كما تهمل ذكر المشايخ الذين أخذ العلم عنهم إلا الشاذ النادر، و نحن إذا تحققنا حال أولئك الأساتذة في تكثرهم و تفوقهم، برهن ذلك لنا على مبادئ تحصيله، و على الجد و الذكاء نعتمد فيما انتهى إليه تحصيله. و إذا كانت السيرة أغفلت ذكر أساتذته فان كتبه الفذة تنبؤنا عن كثير منهم: ينبؤنا كتابه «المجازات النبوية» أنه قرأ على قاضي القضاة ابى الحسن (عبد الجبار بن احمد) الشافعي المعتزلي كتابه المعروف ب «شرح الأصول الخمسة»، و لعله «المغني»، و كتابه الموسوم ب «العمدة» في أصول الفقه؛ و على (أبى بكر محمد ابن موسى الخوارزمي) أبوابا في الفقه؛ و على (أبي عبد اللّه محمد بن عمران المرزباني) في الحديث؛ و على (ابى الحسن علي بن عيسى الربعي) و على (ابي حفص عمر بن إبراهيم الكناني) صاحب ابن مجاهد القراءات السبع بروايات كثيرة.
...
المجازات النبوية، ص: 42
فأمّا قول اللّه سبحانه و تعالى: فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ «1»، فقد فسّر أيضا على وجهين أوردناهما في مواضع من كلامنا في تأويل القرآن «2»:
فأحد الوجهين: أن يكون سبحانه ذكر الأعناق، ثمّ ردّ الذكر على أصحاب الأعناق؛ لأنّ خضوع الأعناق هو خضوع أصحابها لمّا لم يكن خضوعهم إلّا بها.
و الوجه الآخر: أن يكون أراد الجماعات؛ لأنّه قد تسمّى الجماعة «عنقا» على الوجه الذي قدّمنا ذكره، يقول القائل: «جاءني عنق من الناس» أي جماعة، فيكون خاضِعِينَ صفة للجماعات، و المعنى في ذلك ظاهر غير محتاج إلى التأويل.
و قد يجوز أن يكون «الأعناق» هاهنا كناية عن السادات و المتقدّمين من القوم، يقال: «هؤلاء أعناق القوم» أي ساداتهم، كما يقال: «هؤلاء رؤوسهم و عرانينهم» «3» ذكر ذلك صاحب «العين» في كتابه «4».
و قال لي أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتّاني- صاحب ابن مجاهد، و قد قرأت عليه القرآن بروايات كثيرة-: «سمعت أبا بكر بن سفيان «5» النحوي صاحب المبرّد يقول: أولى الوجوه بتأويل هذه الآية أن يكون خاضِعِينَ
__________________________________________________
(1) الشعراء (26): 4.
(2) مجازات القرآن: 170.
(3) أي ساداتهم و أشرافهم.
(4) انظر كتاب العين 1: 191.
(5) في نسخة ب: أبا بكر بن شقر.
المجازات النبوية، ص: 43
مردودا على الضمير في أَعْناقُهُمْ فكأنّه تعالى قال: فظلّوا هم لها خاضعين» «1».
و يبعد أن يحمل قوله عليه الصلاة و السلام في هذا الخبر: «عنق يقطعها اللّه» على أنّه أراد به الجماعة؛ لأنّ قوله «يقطعها اللّه» بالعنق المعروفة- التي هي العضو المخصوص- أشبه، و في موضع الكلام أحسن. و إنّما جاء ب «العنق» هاهنا على طريق الاستعارة؛ تشبيها للقوم الذين ذكر اتباعهم له بالعنق في الاحتشاد لطلبه، و الامتداد لللّحاق به.
يلاحظ المتأمل عند أدنى نظر إلى هذا الكتاب أن الشريف الرضى يورد كثيرا من الآيات على قراءات غير القراءة فى المصحف الذي بين أيدينا. و هى قراءات صحيحة غير شاذة، لأنها للأئمة السبعة المروية قراءاتهم بالتواتر، و هم ابن عامر المتوفى بدمشق سنة 118 ه،
__________________________________________________
(1) انظر صفحة 90 من فهارس «تلخيص البيان» المطبوعة تصويرا فى إيران.
(2) انظر «أساس البلاغة» للزمخشرى مادة (حور).
تلخيص البيان في مجازات القرآن، النص، ص: 43
و ابن كثير المتوفى بمكة سنة 120 ه، و عاصم بن أبى النّجود المتوفى بالكوفة- أو بالسماوة- سنة 127 ه، و أبو عمرو بن العلاء المتوفى سنة 154 ه، و حمزة بن حبيب الزيات (المتوفى بحلوان سنة 156 ه، و نافع بن عبد الرحمن المتوفى سنة 169 ه، و الكسائي المتوفى سنة 189 ه.
ففي سورة البقرة نجد هذه الآية: يخادعون اللّه و الّذين آمنوا و ما يخادعون إلّا أنفسهم و قراءة حمزة و الكسائي و عاصم و ابن عامر: وَ ما يَخْدَعُونَ.
و فى سورة النساء نجد هذه الآية: و الّذين عاقدت أيمانكم بفعل المفاعلة و هى قراءة.
و فى سورة الأنعام نجد هذه الآية: فالق الإصباح و جاعل اللّيل سكنا أي أن جاعل بصيغة فاعل، و هى قراءة رويس عن يعقوب، و بها يقرأ أهل المدينة، أما قراءة حمزة و الكسائي و الحسن و عيسى بن عمر فهى فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً و هى القراءة التي نقرؤها نحن.
و فى سورة الأعراف ذكر الشريف الرضى قراءة «و رياشا» مع قراءة «و ريشا» فى قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ.
و فى سورة يونس نجد قراءة «فاجمعوا أمركم» من الجمع، بدلا من «فأجمعوا أمركم» من الإجماع. و الأولى هى قراءة عاصم الجحدري، و هو غير عاصم بن أبى النجود، و قد روى عنه عيسى الثقفي من أصحاب القراءات الشاذة.
و فى سورة هود يروى الشريف الرضى قوله تعالى: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ
تلخيص البيان في مجازات القرآن، النص، ص: 44
مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ بكسر الواو المشددة، و مسوّمين بفتحها، و الكسر هو قراءة أبى عمرو و عاصم و ابن كثير، و الفتح هو قراءة بقية السبعة.
و فى سورة التحريم ذكر المصنف رضى اللّه عنه قراءة «نصوحا» مع قراءة «نصوحا» بضم النون فى القراءة الأولى و فتحها فى الثانية فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً و الضم هو قراءة أبى بكر بن عياش قرأها عن عاصم بن أبى النجود.
و قس على ذلك كثيرا من الآيات التي أوردها الشريف الرضى على بعض القراءات السبعة الصحيحة. و قلّ أن نراه يلجأ إلى قراءة شاذة كما صنع فى قراءة «فاجمعوا أمركم» التي أشرنا إليها سابقا.
و لا شك أن هذه القراءات التي روى بها الشريف الرضى فى كتابه هذا تجعل منه مرجعا لمن يطلبون معرفة القراءات، و تصنيف إلى قيمة الكتاب قيمة جديدة يهتم بها طلاب القراءات.