سال بعدالفهرستسال قبل

بسم الله الرحمن الرحیم

محمد بن عبد الخالق بن علي بن عضيمة-دراسات لأسلوب القرآن الكريم(1328 - 1404 هـ = 1910 - 1984 م)

محمد بن عبد الخالق بن علي بن عضيمة-دراسات لأسلوب القرآن الكريم(1328 - 1404 هـ = 1910 - 1984 م)
مقدمه کتاب دراسات لاسلوب القرآن الکریم-ابن عضیمة
تعارض بین نحو و قرائات




محمد عبد الخالق عضيمة.. سيبويه العصر الحديث
د. محمد الجوادي
2/6/2020
الأستاذ الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة (1910 ـ 1984) عالم من كبار علماء اللغة العربية في عصره، تتفاوت التعبيرات الهادفة إلى تعريف حقيقة إنجازه العلمي ومعظمها يخرج بجهده عن طبيعته وتفرده، وهو ما يلاحظه أي قارئ لسيرته في المصادر المختلفة، بيد أن الميدان الأكبر لإنجازه العلمي كان في تفوقه على النحاة القدامى الكبار بمن فيهم سيبويه بما أتمه من دراسة نحوية وصرفية متعمقة وواسعة المدى استقرأ فيها أسلوب القرآن الكريم في التعبير عن المعاني بالأدوات المختلفة مقدما قواعد جديدة تصحح ما توصل إليه القدامى وتضيف إليه استنادا إلى النص القرآني، وقد سبق هذا الإنجاز بإنجازاته الأكثر شهرة في فهرسة كتب سيبويه والمبرد وغيرهما على نحو رائع ومدهش، ومن الطريف الذي لا ينبغي التفريط في البوح به أن السبب في كثير من الخلط في فهم إنجاز الشيخ عضيمة يرجع إلى أنه منح عنه جائزة الملك فيصل في الدراسات الإسلامية بينما أن مجال الدراسة هو اللغة ومن ثم فإنه كان جديرا ولايزال بجائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب العربي لكننا نقول ما قاله قدامى الإغريق: حسبك أنك نلت التقدير لأنك أهل للتقدير .

كان الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة رابع من حصل على جائزة الملك فيصل في الدراسات الإسلامية ١٩٨٣ وهو اول مصري يحصل على ها فقد حصل على ها قبل الأستاذ محمد قطب ١٩٨٨ والدكتور حسن الساعاتي ١٩٩٣ والدكتور يوسف القرضاوي ١٩٩٤ والدكتور رشدي راشد ٢٠٠٧ أما الثلاثة الذين نالوها قبله منذ نشأة الجائزة ومنحها في ١٩٧٩ فكانوا هم الدكتور فؤاد سزكين ومحمد مصطفى الاعظمي ومحمد نجاة الله صديقي . وقد تصادف نيل الشيخ لهذه الجائزة في ذلك العام الذي فاز فيه مع فوز الدكتور شوقي ضيف بجائزة الملك فيصل في اللغة العربية والادب العربي، كان الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة بعد هذا أبرز نموذج لأساتذة الجامعة الأزهرية الذين حال تفرغهم لإسهاماتهم الأكاديمية في الجامعات العربية بينهم وبين نوالهم ما يستحقون من لمعان أكاديمي ومجتمعي في مصر، ولم تعوضهم الجوائز الكبرى كجائزة فيصل العالمية عن الحضور الذي كانوا يستحقونه في القاهرة ومجتمعها العلمي، ومع كل تقديرنا له فإننا لا يمكن لنا أن نشارك فيما هو شائع من اتهام مصر بعدم تقديره لسبب واضح وواحد وهو أنه على سبيل المثال بقي في السنوات العشر الأخيرة من عمره خارج مصر تماما لم يعد إليها إلا في اليوم الذي أصيب فيه عقب عودته فتوفي . ومع هذا الغياب عن الحضور الإعلامي والمجتمعي فقد نال الشيخ من التقدير المصري الرسمي ما ناله أقرانه من علماء الازهر .

بدأت معرفتي بفضل هذا العالم الجليل حين هداني الله سبحانه وتعالى في مرحلة الفتوة وغرورها وعافيتها إلى أن أبدا مشروعا لاستكمال المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم بأن أضم اليه فهارس للأدوات وحروف المعاني التي لم يفهرسها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، وقد مضيت في هذا العمل (الذي سميته اختصارا بالذيل ) خطوات واسعة من قبل أن أبدأ دراسة الطب، وكنت أتحدث إلى علماء اللغة الأجلاء عما أفعله فلا يبخلون على بالتشجيع الصادق إلى أن حدثني بعضهم بمشروع الشيخ عضيمة في دراسة أساليب القرآن معتمدا على نهج مشابه، فأدركت أنه يمارس عمله الكبير على نحو كان يفعل والدي وأساتذتي حين يبدأون البحث من قضية أو مشكلة أو فرض أو سؤال، وأنه لن يبدأ بالاستقراء لكنه سيمارسه حتما، ثم كان لدراسة الطب أن أفهمتني أن أساليب المستشرقين في الاستقراء لا يمكن أن تمارس في مؤسساتنا العلمية القديمة إلا من خلال حادثة يكون لها حديث وليس من قبيل دراسة علم وظائف الأعضاء قبل دراسة علم الأمراض .

نشأته وتكوينه
ولد الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في قرية خباطة وهي إحدى مديرية (محافظة) الغربية في ١٥ يناير (1910)، وتلقى تعليما دينيا تقليديا بدأه في الكتّاب، ثم في الأزهر حيث درس مرحلتيه الابتدائية والثانوية في المعهد الأحمدي بطنطا، ثم كان من أوائل الذين خضعوا للنظام التعليمي الجديد في الأزهر، وقد نال الشهادة العالية من كلية اللغة العربية ١٩٣٤ في دفعة من أوليات دفعاتها، وكان من أساتذة جيله في تلك الكلية: الشيخِ إبراهيمَ الجبالي، والشيخِ سليمان نوار، والشيخِ محمَّد محيي الدّينِ عبد الحميد، والأستاذِ أحمد نجاتي والأستاذِ على الجارم، والدكتورِ عبد الوهاب عزام، والأستاذ محمد نور الحسن.

واصل الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة دراسته العليا حتى نال الشهادة العالمية من درجة أستاذ (1943) وكان موضوع رسالته: «أبو العباس المبرد وأثره في علوم العربية»، وكان بهذا واحدًا من أوائل الأزهريين الذين حصلوا على العالمية من درجة أستاذ. وفي بعض المصادر المتاحة عن حياته أنه كان قد قدم رسالة أخرى في مرحلة التخصُّصِ، (1940)، بعنوانِ "المشترك في كلام العربِ".

كان الأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة واحدًا من جيل أساتذة الأزهر الأكاديميين الأوائل الذين تأهلوا لدرجة العالمية من درجة أستاذ، وشغلوا وظائف الأستاذية في الكليات الأزهرية قبل تطوير 1961، وقد ناظر الدكتور عضيمة في هذا الكادر العلمي الأزهري الجامعي مجموعة من زملائه الأزهريين الأفذاذ يأتي في مقدمتهم الأستاذ الدكتور الشيخ محمد نايل (1909- 2011)، الذي قضى حياته هو الآخر أستاذًا للأدب في كلية اللغة العربية وعميدا للكلية وعضوا في مجمع اللغة العربية، وقد أتيح له عمر أطول بكثير من عمر الشيخ عضيمة، ومنهم زميله التالي له في المولد بعامين الدكتور محمد رفعت فتح الله (١٩١٢- ١٩٨٤ ) الذي وصل إلى عضوية مجمع اللغة العربية في١٩٧٩. وكان من جيل أساتذة علوم اللغة والنحو والأدب الأزهريين الذين زاملوا الشيخ عضيمة كل من الدكتور إبراهيم البسيوني (1911 – 1195)، الذي وصل أيضًا إلى عضوية مجمع اللغة العربية في ١٩٩٢، والدكتور عبد العظيم الشناوي (1911 – 1991)، والدكتور إبراهيم نجا ١٩١٣- ١٩٧١ والدكتور سليمان ربيع ١٩١١- ١٩٨٨، والدكتور حسن جاد ١٩١٤- ١٩٩٥ .

وكان هذا الجيل من الحاصلين على العالمية بدرجة أستاذ قد تعرضوا لظلم الدكتور محمد البهي وتعسفه غير الواعي حين تولى منصب مدير الجامعة الأزهرية، حيث كان حريصًا على أن يؤخر مكانتهم ليُمكن لشهادات الدكتوراه الغربية وللحاصلين على شهادات الدكتوراه الغربية ؛بحيث تسبق الدرجات الغربية هذه الدرجة الأزهرية العلمية الوطنية، التي كان الحاصلون على ها قد ناقشوا بالفعل رسائل علمية اشترك في مناقشتها أساتذة الجامعات المصرية من خارج جامعة الأزهر، وشغلوا بها المناصب العلمية والأكاديمية في الكليات الأزهرية وقاموا بها خير قيام. قبل أن نمضي في الحديث عن سيرة الشيخ ومؤلفاته نذكر أولا فضل الأستاذ الدكتور تركي بن سمو العتيبي الذي كتب مؤلفا ضخما عن استاذه الشيخ عضيمة فجزاه الله عنا خير الجزاء، ونكر ثانيا أن كتابة هذه السيرة للشيخ استغرقت مني أوقاتا متباعدة على مدى عشر سنوات حتى استقام لي بناؤها على نحو ما يراها القارئ في هذه المدونة .

عمله خارج مصر
بعدَ حصولِ الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة على الشهادةِ العالميةِ من درجة أستاذ عين الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة مدرسا في كلية اللغة العربية بالقاهرة، ثم ابتعث إلى مكة المكرمة في أول بعثة أزهرية إلى السعودية (1946)، ووصل إلى مكّةَ المكرمةِ في يناير عام 1947، وبعدَ مدةٍ قصيرةٍ من إيفاده تزوّجَ في مصر، ورحلَ بزوجتِه إلى مكّةَ المكرمةِ، وفي الستينيات أعير الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة إلى ليبيا، إلى مركزِ الدراساتِ العليا في واحةِ جغبوب، وبقيَ حتى قيامِ ثورةِ القذافي ١٩٦٩. ثم انتقل للعمل في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض وعمل أستاذا بها وفي نهاية حياته عمل ١٢ عاما متصلة بالسعودية، ولم يزر مصر في السنوات العشر الأخيرة منها إلا يوم وفاته التي كتب الله لها ان تكون في مصر .

آثاره:
١- دراسات لأسلوب القرآن الكريم

هو الكتاب الضخم الذي نال عنه الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة جائزة الملك فيصل العالمية. يقعُ في ثلاثةِ أقسامٍ في أحدَ عشرَ مجلّداً؛ جاء الجزء الأول وهو قسم الحروف في ثلاثة أجزاء، والقسم الثاني دراسة الجانب الصرفي في أربعة أجزاء، والقسم الثالث دراسة القسم النحوي في أربعة أجزاء أيضاً،، طبع هذا الكتاب في أحد عشر مجلداًّ. تزيدُ صفحاتُ كلِّ مجلدٍ عن ستمائةٍ صفحةٍ، وبعضها تجاوز سبعمائة صفحة، وبعضها الآخر تجاوز ثمانمائة صفحة.

وهذه بعض ملامح قصة هذا العمل على نحو ما رواها الشيخ عضيمة نفسه في مقدمات مجلداته:

– " …. كانتِ البدايةُ لهذا العملِ، في مكةَ المكرّمةِ، بلدِ اللهِ الحرامِ، في صفر سنةَ 1366هـ يناير 1947 "

– " ومَرَّ بخاطرِي أنَّ كثيراً من النحويينَ ألَّفُوا كتبَهم بمكةَ: أبو القاسمِ الزجاجيُّ ألَّفَ كتابَه "الجملَ" بمكةَ، وكانَ كلما انتهى من بابٍ طافَ حولَ البيتِ. ابنُ هشامٍ ألفَ كتابَه "مغني اللبيبِ" لأولِ مرةٍ في مكةَ، ثمَّ فُقِدَ منه في منصرفِه إلى القاهرةِ، ولمَّا عادَ إلى مكَّةَ ثانيةً ألَّفه للمرَّةِ الثانيةِ"

– " … تمنيتُ أن تكونَ هذه الدراسةُ لها صلةٌ بالقرآنِ الكريمِ، ليكونَ ذلك أليقَ وأنسبَ بهذا الكتابِ المقدَّسِ. خطرَ ببالي خاطرٌ، هو أن أنظرَ في استعمالِ القرآنِ لبعضِ حروفِ المعاني، فمثلاً "إلا" الاستثنائيةُ لها وجوهٌ كثيرةٌ في كلام العربِ، فهل استعملَ القرآنُ هذه الوجوهَ كلَّها أو بعضَها دونَ بعضٍ". من هنا مكاناً وزماناً بدأت فكرةُ هذا العملِ الموسوعيِّ، وبدأ صاحبُها في العملِ منذ ذلك التاريخِ" .
تتويج الكتاب

– كتب الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة مقدمة العمل النهائية في 25أغسطس 1981

– في ١٩٨٢ أعلَنَتِ الأمانةُ العامَّةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميّةِ للدراساتِ الإسلاميّةِ عن أن موضوعَ الجائزةِ للعامِ القادمِ في مجالِ الدراساتِ الإسلاميّةِ هو الدراساتُ القرآنيةُ. ورشحتْ كليةُ اللغةِ العربيةِ بجامعةِ الإمامِ محمّدِ بنِ سعودٍ الإسلاميةِ كتابَ "دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ" لنيل الجائزةِ.

– في ١٩٨٣ أعلن فوز الشيخِ محمد عبد الخالق عضيمةَ بجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ لعامِ 1403هـ.
من أقوال الشيخ عضيمة عن منهجه

– "إذا قرأَ النَّاسُ القرآنَ الكريمَ للتدبُّرِ والعبرةِ ونيلِ الثوابِ فلا يشغلُني في قراءةِ القرآنِ إلا الجانبُ النحويُّ، تشغلُني دراسةُ هذا الجانبِ عن سائرِ الجوانبِ الأخرى. أهوى قراءةَ الشعر، وأحرصُ على حفظِ الجيِّد منه، ولكنَّ جيِّدَ الشعر الذي يصلح لأن يحلَّ محلَّ شواهدِ النحو له تقديرٌ خاصٌّ في نفسي. ورحمَ الله ثعلباً فقد قالَ: اشتغلَ أهلُ القرآنِ بالقرآنِ ففازوا، واشتغل أهلُ الحديثِ بالحديثِ ففازوا، واشتغلَ أهلُ الفقهِ بالفقهِ ففازوا، واشتغلت أنا بزيدٍ وعمرٍو، فيا ليت شعري ماذا تكونُ حالي في الآخرةِ".

– " لا يجملُ بالمتخصِّصِ في مادَّتِه العاكفِ على دراستِها أن تكونَ طبعاتُ كتابِه صورةً واحدةً لا أثر فيها لتهذيبٍ أو قراءاتٍ جديدةٍ، فإن القعودَ عن تجديدِ القراءةِ سمةٌ من سماتِ الهمودِ، ولونٌ من ألوانِ الجمودِ ".

– " فحديثي اليوم إنما هو وحيٌ هذه التجربة، وثمرة تلك الممارسة والمعاناة، ولكلِّ إنسانٍ تجربته، فإذا كان لغيري تجربةٌ أخرى، أو رأيٌ آخر يخالف ما أذكرُه أو استفسارٌ فليكتب لي عن ذلك بعد الفراغ من المحاضرة، وعلم الله أنَّي لا أضيقُ بالرأيِ المخالفِ، وفي يقيني أنَّ المناقشةَ تنضجُ الرأيَ وتهذِّبَه

– " لقد سجَّلت كثيراً مما فاتَ النحويين، وليسَ من غرضي أن أتصيَّد أخطاءهم، وأردَّ على ها، ولسْتُ أزعم أنَّ القرآنَ قد تضمَّن جميعَ الأحكامِ النحويةِ، فالقرآنُ لم ينزل ليكونَ كتابَ نحوٍ، وإنَّما هو كتابُ تشريعٍ وهدايةٍ، وإنَّما أقولُ: ما جاءَ في القرآن كانَ حجّةً قاطعةً، وما لم يقعْ في القرآنِ نلتمسُه في كلامِ العربِ، ونظيرُ هذا الأحكامُ الشرعيةُ ؛ إذا جاءَ الحكمُ في القرآن عُملَ به، وإن لم يرد به نصٌّ في القرآنِ التمسناه في السنَّةِ وغيرها ".
انحيازه للاستشهاد بالقرآن الكريم قبل الشعر

أخذ الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة على سيبويه قلة استشهاده بالقرآن مقارنة بالشعر؛ فيقول: «ولو قيس استشهاده بالشعر؛ لوجدنا الشعر قد غلب على ه واستبد بجهده؛ فشواهده الشعرية كما ذكر أبو جعفر النحَّاس في شرحه للشواهد (1050)، وهي في النسخة المطبوعة بمصر (1061) على حين أن استشهاده بالقرآن لم يتجاوز (373)، وذلك كإحصاء الأستاذ النجدي(الأستاذ على النجدي ناصف) في كتابه عن سيبويه ص235، وكذلك صنع المبرد في المقتضب»! وكان الشيخ عضيمة يقول: «….. وكان تعويل النحويين على الشعر ثغرة نفذ منها الطاعنون على هم؛ لأن الشعر رُوي بروايات مختلفة؛ كما أنه موضع ضرورة. لهذا مست الحاجة إلى إنشاء دراسة شاملة لأسلوب القرآن الكريم في كل رواياته؛ إذ في هذه القراءات ثروة لغوية ونحوية جديرة بالدرس، وفيها دفاع عن النحو؛ تعضد قواعده، وتدعم شواهده»!
نماذج للاستدراكات التي سجلها على النحاة

كان الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة يقول بكل جسارة: " من هنا نعلم ونوقن؛ أن النحاة اجتهدوا؛ فأصابوا في بعض، وأخطأوا في بعض؛ وأن العصمة اللغوية والنحوية؛ كل العصمة؛ ليست للنحاة، ولا للشعر، ولا لكلام العرب؛ وإنما للقرآن العظيم، وما ورد فيه من قواعد لغوية خالفت نحو النحاة، أو تفرّدت فلم يدرسها سيبويه وتلامذته في كل العصور؛ فمن ثم؛ وجب لفت الأنظار إليها، وتقعيدها، ودراستها من جديد؛ وفق منهجية جديدة، وآلية مغايرة.

وهذه ثلاثة أمثلة سريعة اخترناها من دراسة الشيخ الجليل :
– «وللنحويين قوانين كثيرة لم يحتكموا فيها لأسلوب القرآن؛ فمنعوا أساليب كثيرة جاء نظيرها في القرآن؛ من ذلك: منع النحويون وقوع الاستثناء المفرّغ بعد الإيجاب، وعللوا ذلك؛ بأن وقوعه بعد الإيجاب يتضمن المحال أو الكذب! وفي القرآن ثماني عشرة آية وقع فيها الاستثناء المفرغ بعد الإيجاب، وفي بعضها كان الإيجاب مؤكداً؛ مما يبعد تأويله بالنفي؛ كقوله تعالى: (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) (آل عمران:45)، و(وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) (آل عمران:143)، و(لتأتنني به إلا يحاط بكم) (يوسف:66).

– «كذلك منع النحويون أن يجيء الاستثناء المفرغ بعد (ما زال) وأخواتها، وجعله ابن الحاجب، والرضي من المحال، وعللا ذلك! وهذا المحال في نظر ابن الحاجب والرضيّ؛ جاء في قوله تعالى: (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطَّع قلوبهم) (التوبة:110) والعجيب أن المفسرين والمعربين اعتصموا بالصمت؛ فلم يتحدث واحد عن الاستثناء في هذه الآية»!

– ذكر سيبويه قبح (كل) المضافة إلى نكرة في أن تلي العوامل؛ فقال: «أكلت شاة كل شاة حسنٌ، وأكلت كل شاةٍ ضعيف»! وقد جاءت كل المضافة إلى النكرة مفعولاً به مؤخراً في 36 آية، كما تصرفت في مواقع كثيرة من الإعراب»! وزاد عضيمة تفصيلاً؛ فأتى بنماذج قرآنية لـ (كل) خالفت فيها قواعد النحويين؛ مثال ذلك قوله سبحانه: (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبِّر جبّار) (غافر:35) واجتمعت كل مع كم في قوله تعالى: (أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم) (الشعراء:7) وأريد بكلٍّ الخصوص والمبالغة في بعض الآيات».
٢- المقتضبُ للمبرّدِ، دراسةً وتحقيقاً:

– نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ الإسلاميِّ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميّةِ في مصرَ في أربعةِ أجزاءٍ كبارٍ، ختمَه بفهارسَ رائعةٍ لمسائلِ النحوِ والصرفِ في الكتابِ، سهَّلَتِ الوصولَ إلى مسائلِه وقضاياه بيسرٍ وسهولةٍ . وقد نشرَ د. أمينُ على السيد عميد دار العلوم نقداً لعملِ الشيخِ في مجلةِ الكليّةِ، مخالِفاً الشيخَ في ترتيبِ المقتضبِ، وما ارتآه أنه إصلاحٌ له. لم يعقِّبِ الشيخُ على المقالةِ بشيءٍ، ولم يغيرْ من منهجِه شيئاً فقد نشرَ المقتضبُ بعدَ المقالةِ، بل في العامِ نفسَه نشرةً ثانيةً عام ١٩٨١، واستدركَ على نفسِه ما رأى إصلاحَه .
٣- فهارس كتاب سيبويه

كان هذا الكتاب هو اشهر كتبه قبل ان يصدر كتابه الضخم، ويقعُ كتاب فهارس كتاب سيبويه في إحدى عشرةَ وتسعِمائةِ صفحةٍ، وهو أكبر عملٍ لفهرسة كتاب نحوي، وقالَ الشيخُ في باعثِه على إنجازه: " ولمَّا أخرجْتُ المقتضبَ للمبرّدِ صنعْتُ له فهرساً مفصَّلاً ظفرَ بإعجابِ كثيرٍ من الباحثين، وطلبَ مني كثيرٌ من الأصدقاءِ أن أصنعَ لكتابِ سيبويهِ فهرساً مفصَّلاً على غرارِ فهرسِ المقتضبِ. طبعَ هذا العملُ في طبعتِه الأولى عام 1395هـ
٤- فهارسُ المخصّصِ والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ

هذه فهارسُ وضعها الشيخُ لهذه الكتبِ، على غرار فهارس كتاب سيبويه وفهارس المقتضب، جاءَت فهارسُ المخصَّصِ في مجلدين، والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ كلِّ واحدٍ منهما في مجلَّدٍ واحدٍ
٥- فهارسُ مسائلِ النحوِ والصرفِ في [تفسير] معاني القرآنِ للفرّاءِ

نشرَ في العددِ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ من مجلةِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ .
٦- المذكّرُ والمؤنّثُ لابنِ الأنباريِّ؛ دراسةً وتحقيقاً .

نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميَّةِ في مصرَ، وخرجَ منه الجزءُ الأوَّلُ ١٩٨١ متضمنا استدراكات سجلها الدكتور رمضانَ عبدَالتوّابِ في بعضَ تخريجاتٍ للشواهدِ، وأضافَها في الطبع، ووضعَ بينَ قوسينَ (رمضان ) إشارةً منه إلى أنها من عملِه وهو لم يشاركِ الشيخَ في التحقيقِ، وكان الشيخُ يرى أنّه ليسَ من حقِّ أحد أن يضيفَ إلى عملِه دونَ علمِه
٧- المغني في تصريفِ الأفعالِ:

نشرَ لأوَّلِ مرةٍ عامَ ١٩٥٥، ثم نشرَ بعدَ ذلك عدةَ مراتٍ، وختمَه بنماذجَ من أسئلتِه لطلابِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ عام 1957، وعام 1958 م، وعام 1959م. من منشورات الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة.
٨-اللبابُ من تصريفِ الأفعالِ:

طبعَ عدَّةَ طبعاتٍ، وخرجَتِ الطبعةُ الخامسةُ في شعبان سنةَ 1391هـ في مطبعةِ السعادةِ في مصرَ، وهو كتابٌ متوسِّطٌ الحجم.
٩- أبو العباس المبرد وأثره في علوم العربية

رسالة الدكتوراه، ومن الجدير بالذكر أن مكتبةُ الرشدِ طبعتها بعدَ وفاةِ الشيخِ ولم يتسنَّ للشيخ مراجعتُها كما ينبغي، ولم تصنعْ لها الفهارسُ التي كانَ الشيخ قد حرص على ها في الكتب الأخرى .
المقالات المنشورة في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ

1- الأحنف بن قيس.

2- أسلوب الاستثناء في القرآن الكريم.

3- تجربتي في تحقيق التراث.

4- تجربتي مع كتاب سيبويه.

5- أبو حيان وبحره المحيط.

6- جموع التكسير في القرآن الكريم.

7- دراسات لأسلوب القرآن الكريم.

8- فهارس مسائل النحو والصرف في معاني القرآن للفراء.

9- القلب المكاني في القرآن الكريم.

10- لمحات عن دراسة السين وسوف في القرآن الكريم.

11- لمحات عن دراسة العدد في القرآن الكريم.

12- مع أساليب القرآن الكريم.

13- النحو بين التجديد والتقليد.

14- نظرات في أبنية القرآن الكريم.

١٥- ردٌّ على مقالِ: لماذا احتقرَ النحويّون المرأةَ ؟)، وهي ردٌّ على د. عدنان رشيد، الذي كتبَ مقالةً في جريدةِ الجزيرةِ تحملُ هذا العنوانَ، فما كانَ من الشيخِ إلا أن ردَّ على ه بهذه المقالةِ،

١٦- "الأستاذ محمود محمد شاكر: كيف عرفته" ونشرت ضمن كتاب دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى أبو فهر بمناسبة بلوغه السبعين
الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراة

كان الشيخ عضيمة نموذجا بارزا للأستاذ الجامعي التي تتبلور موهبته الأكبر فيما يشرف على ه من رسائل جامعية متكاملة مع بعضها، وهو طراز من الأستاذية لا يجد بيئته المواتية إلا في مراكز البحث العلمي التي لا تنشغل بالمتابعة اليومية للمحاضرات والامتحانات، وتضمن تهيئة دائبة لأدوات البحث العلمي، وتيسر الاتصال بالمكتبة وأوعية المعلومات، وتحفظ للأستاذية حقوقها من دون الإكثار من الأعباء التقليدية، وهو مناخ نجحت بعض الجامعات العربية في تشجيعه بهدوء ومن دون ضجيج .

– آراء أبي عمرو بن العلاء النحوية واللغوية ؛ جمعها ودراستها؛ تقدم بها المعيد حسن بن محمد

– الزجاج ومذهبه في النحو ؛ تقدم بها المعيد عبدالرحمن بن صالح السلوم

– تحقيق القسم الأول من كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة لعلم الدين السخاوي، وتقدم بها محمود سليمان عبيدات

– دراسة نحوية لكتاب إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب، وتقدم بها يحيى بشير مصري

– أثر اختلاف اللهجات العربية في النحو ؛ تقدم بها يحيى بن على صالح، وأشرف على ها الشيخ عضيمة بالاشتراك مع د. عبدالغفار حامد هلال، .

– سيبويه في لسان العرب تقدم بها د. عبدالله بن سالم الدوسري
رأي الأستاذُ محمود شاكر في كتابه دراسات لأسلوب القرآن الكريم

– " كتاب لم يسبقه إليه أحد، واستغرق تأليفه نحو خمسة وثلاثين عاماً، وقد عرّفه مؤلفه بأنه معجم نحوي صرفي للقرآن. قال في مقدمة كتابه: «هذا بحث رسمت خطوطه، ونسجت خيوطه بقراءتي، استهدفت أن أصنع للقرآن الكريم معجماً نحوياً صرفياً: «فماذا يقول القائل في عمل قام به فرد واحد، ولو قامت على ه جماعة لكان لها مفخرة باقية؟ فمن التواضع أن يسمّى هذا العمل الذي يعرضه على ك هذا الكتاب معجماً نحوياً صرفياً للقرآن العظيم»،

– " فالحصر والترتيب مجرّد صورة مخططة يعتمد على ها. أما القاعدة العظمى التي يقوم على ها فهي معرفة واسعة مستوعبة تامة لدقائق علم النحو وعلم الصرف وعلم اختلاف الأساليب، ولولا هذه المعرفة لم يتيسر لصاحبه أن يوقّع في حصره من حروف المعاني وتصاريف اللغة على أبوابها من علم النحو وعلم الصرف وعلم أساليب اللغة.

– وهذا العمل الجليل الذي تولاه أستاذنا الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة …لم يسبقه إليه أحد، ولا أظنّ أنّ أحداً من أهل زماننا كان قادراً على ه بمفرده، فإن الشيخ قد أوتي جلداً وصبراً ومعرفة وأمانة في التحري لم أجدها متوافرة لكثير ممن عرفت"

– «والشيخ ـ حفظه الله ـ لم يترك مجالاً للاستدراك على عمله العظيم، فكل ما أستطيع أن أقوله إنما هو ثناء مستخرَج من عمل يثني على نفسه».
شهادات العلماء في حقه

– قال عنه الدكتور على أبو المكارم (1936 -2015) إنه عالم العلماء؛ وكتابه هذا أفضل كتاب نحوي، ولغوي في الخمسين سنة الأخيرة»!

– وقال عنه العلَّامة حسين مجيب المصري (1916 – 2004 ) عميد الدراسات الشرقية: «كنتُ كلما نظرتُ في سبحات عمله الفريد هذا؛ أوقن أنه مؤيَّد من السماء؛ بسبب إخلاصه، وهيامه بالقرآن والفصحى! فعمله هذا يضعه في مصاف الخليل، وسيبويه، وعبد القاهر، والزمخشري، وابن النقيب، ومحمد عبده، ومحمود شلتوت!

– وصفه البحَّاثة الأردني عصام الشنطي (1929 -2012 ) فقال: «هو في تنظيره، وتقعيده؛ كعبد القاهر في الدلائل، والأسرار؛ عبقريةً كعبقرية، وموسوعية كموسوعية، ورأساً برأس»!

– وقال الأستاذ صلاح حسن رشيد: "لا نجد في العصر الحديث من أخلص متجرِّداً للقرآن الكريم كما فعل العلاّمة الأزهري محمد عبد الخالق عضيمة (شيخ اللغة، وإمام نحاة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين؛ بكتابه العمدة النادر «دراسات لأساليب القرآن الكريم» مصححاً للنحاة ما وقعوا فيه من أخطاء، ودالاً لهم على الطريق الصحيحة لإمداد الفصحى بشرايين البقاء. استغرق الشيخ عضيمة ربع قرن في تأليفه؛ مجاوراً للحرم المكي الشريف؛ كعادة القدماء، على ضوء استيعاب علم المعاني والأساليب، وتطبيقه نحوياً، ولغوياً، وأسلوبياً، وإحصائياً، ودلالياً؛ وهو جهد تعجز الجامعات، والمؤسسات، والمجامع اللغوية عن إنجازه.
رواية زميله الدكتور أحمد كحيل عن يوم مناقشته

روى زميله الدكتور أحمد كحيل ذكرياته عن مناقشته لرسالته فقال: "وفي يومِ مناقشةِ الرسالةِ دخلَ إلى لجنةِ المناقشةِ يحملُ الرسالةَ وبعضَ المراجعِ، ودخلَ خلفَه أحدُ أقربائِه يحملُ حقيبةً كبيرةً، وفي أثناءِ تقديمِه للرسالةِ فتحَ الحقيبةَ، وأخرجَ منها لفائفَ البطاقاتِ، ووضعَها أمامَ اللجنةِ، وقالَ: هذه آراءُ المبرّدِ مستخرجةً من كتابِ المقتضبِ، وهذه آراؤه مستخرجةً من الكاملِ، وهذه آراؤه مستخرجةً من خزانةِ الأدبِ للبغداديِّ، وهذه آراءٌ يذهبُ فيها مذهبَ سيبويهِ مقرونةً بنصوصِ سيبويهِ، والحقُّ أنَّه بهرَ اللجنةَ؛ إذ لم ترَ طالباً قبلَه يعتمدُ على نفسِه، ويطّلعُ على هذه المراجعِ، وبعدَ مناقشةٍ طويلةٍ ظهرَ للجنةِ ذكاؤُه وسرعةُ بديهتِه وفهمِه لكلِّ جزئيةٍ من جزئياتِ الرسالةِ، فتمنحُه اللجنةُ الشهادةَ العالميةَ "الدكتوراه" بدرجةِ ممتازٍ، وكانَ أوَّلَ من أخذَ درجةَ امتيازٍ ".

تكريمه
نكرر القول بأنه على عكس الشائع فقد نال الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة كثيرا من التكريم والتقدير في وطنه، ومنح وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى من الأزهر الشريف. ونكرر أن أكبر تكريم كان هو جائزة الملك فيصل العالمية عن العام الهجري 1403، وقد فاز بمفرده بجائزة الدراسات الإسلامية لذلك العام عن كتابه «دراسات لأسلوب القرآن الكريم»، الذي استغرق في تأليفه معظم عمره الأكاديمي، والذي وصفته اللجنو بأنه معجم نحو وصرف للقرآن الكريم من 11 مجلدا.

ذريته
أنجبَ الشيخُ ثمانيةً ثلاثةُ أبناءٍ؛ هم: صفيُّ الدينِ، وأيمنُ والمعتزُّ باللهِ، وخمسُ بناتٍ؛ هنَّ: صفيةُ وسوسنُ وسعادُ وآياتُ وهناءُ.

وفاته
كان الشيخُ قد بقيَ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، جرتْ عادتُه ان يقضي الأسبوع الأول من إجازة نصف العام في مكة المكرمة ثم يسافرُ إلى المدينةِ المنوّرةِ ليقضيَ فيها الأسبوعَ الثاني. وفي عام 1404هـ قرر ان يقضي تلك الاجازة بالقاهرة كانت الإجازةُ تبدأ بنهايةِ دوامِ يومِ الأربعاءِ لكنه رغبَ في تقديمِ سفرِه لظروفِ الحجزِ والطيران، فسافرَ يومِ الثلاثاء تصحبُه زوجتُه. وبعد وصولِه القاهرةَ استقبله ابنه، ووقعَ لهم حادثُ في المطار، إذ أقبلَت سيارةٌ كبيرةٌ فاصطدمت بسيارته وأصيبَ بالإغماءِ، وفقدَ وعيُه، ونقلَ إلى مستشفىً قريبٍ، ولكنه ظلّ مغمىً على ه إلى إن انتقلَ إلى رحمةِ الله في 12يناير 1984

د. محمد الجوادي
كاتب مصري






**********************
الكتاب: دراسات لأسلوب القرآن الكريم
المؤلف: محمد عبد الخالق عضيمة (ت 1404 هـ)
تصدير: محمود محمد شاكر
الناشر: دار الحديث، القاهرة
الطبعة: بدون
عدد الأجزاء: 11
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اسمه :
هو الأستاذُ الدكتورُ / محمّدُ بنُ عبدِ الخالقِ بنِ عليِّ بنِ عضيمةَ ؛ وكانَ - رحمَه اللهُ تعالى - يكتبُ اسمَه دائماً : محمدُ عبدِالخالقِ عضيمةَ ، فيظنُّ من لا يعرفُ الشيخَ أنَّ اسمَه مركَّبٌ من محمدٍ وعبدِالخالقِ ، كما جرَتْ عادةُ بعضِ المعاصرينَ من إضافةِ اسمِ محمَّدٍ إلى أسمائِهم تبرُّكاً ، وكانَ الشيخُ يضيقُ بمن يكاتبُه باسمِ الشيخِ عبدِالخالقِ عضيمةَ ، فيحذفُون محمَّداً ظنّاً منهم أنَّ هذا الأمرَ منطبقٌ عليه ، - رحمَه اللهُ تعالى - .

مولدُه :
أشارَت الأوراقُ الرسميَّةُ إلى أنَّ الشيخَ ولدَ في تاريخِ 4/1 /1328هـ الموافق 15/1/1910م ، وذكر معاصرُه ورفيقُ دربِه أستاذي د. أحمدُ كحيل أنَّه ولدَ في قريةِ ( خبَّاطةَ ) من قرى طنطا(1).
وأشارَتِ الباحثةُ التي أعدَّتْ رسالةَ ماجستيرٍ عن الشيخِ إلى أنَّها قريةٌ كانَتْ من أعمالِ مديريةِ الغربيةِ ، وأنَّها الآنَ من قرى محافظةِ كفرِ الشّيخِ(2).

تعلُّمُ الشيخِ وبعضُ شيوخِه :
درسَ الشيخُ محمّدُ عبدِالخالق عضيمةَ - رحمَه اللهُ تعالى - في القريةِ ، وحفظَ القرآنَ الكريمَ، وأتمَّ تعليمَه الأوليَّ فيها ، وهو ما أهَّلَه للالتحاقِ بمعهدِ طنطا الأزهريِّ(3) وأنهى الدراسةَ فيه عامَ 1930م(4).
بعدَها التحقَ بكليةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ، وتخرَّجَ فيها عامَ 1934م(5).
التحقَ بالدِّراساتِ العليا التي أنشئت في ذلكَ الوقتِ ، وحصلَ على شهادةِ التخصُّصِ ، وهي الماجستيرُ في الأعرافِ الأكاديميّةِ الآن عام 1940م ، وكانَ بحثُه بعنوانِ ( المشترك في كلام العربِ ) .
حصلَ على العالميّةِ العاليةِ الدكتوراه ( تخصص المادةِ ) عام 1943م ، وكانَت رسالتُه بعنوانِ ( أبو العباسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيةِ ) .
لقد بذلَ جهداً كبيراً مضاعَفاً في هذه الرسالةِ غيرِ ما دوَّنَه فيها ، فلم يدوَّنْ فيها إلا ما اقتضَتْه خطَّةُ البحثِ ، أمَّا الجهدُ الآخرُ فيصوِّرُه معاصرُه د. كحيل فيقولُ : " وفي يومِ مناقشةِ الرسالةِ دخلَ إلى لجنةِ المناقشةِ يحملُ الرسالةَ وبعضَ المراجعِ ، ودخلَ خلفَه أحدُ أقربائِه يحملُ حقيبةً كبيرةً ، وفي أثناءِ تقديمِه للرسالةِ فتحَ الحقيبةَ ، وأخرجَ منها لفائفَ البطاقاتِ ، ووضعَها أمامَ اللجنةِ ، وقالَ : هذه آراءُ المبرّدِ مستخرجةً من كتابِ المقتضبِ ، وهذه آراؤه مستخرجةً من الكاملِ ، وهذه آراؤه مستخرجةً من خزانةِ الأدبِ للبغداديِّ ، وهذه آراءٌ يذهبُ فيها مذهبَ سيبويهِ مقرونةً بنصوصِ سيبويهِ ، والحقُّ أنَّه بهرَ اللجنةَ؛ إذ لم ترَ طالباً قبلَه يعتمدُ على نفسِه ، ويطّلعُ على هذه المراجعِ ، وبعدَ مناقشةٍ طويلةٍ ظهرَ للجنةِ ذكاؤُه وسرعةُ بديهتِه وفهمِه لكلِّ جزئيةٍ من جزئياتِ الرسالةِ ، فتمنحُه اللجنةُ الشهادةَ العالميةَ ( الدكتوراه ) بدرجةِ ممتازٍ ، وكانَ أوَّلَ من أخذَ درجةَ امتيازٍ "(6).
هذه شهادةُ د. أحمد حسن كحيل ، الذي شهدَ المناقشةَ، ثم استضافَ الشيخَ عضيمة بعدها ؛ ليكون شريكه في سكنه ، وقد حكى د. كحيل واقعاً متميِّزاً ، آذن في وقتِه ببزوغ شمسِ عالمٍ جليلٍ ، تحكي سيرتُه الرائعةُ مثلاً يحتذَى .
شيوخُه :
قالَ د. أحمد كحيل - رحمَه الله تعالى - : " والتحقَ بكليةِ اللغةِ العربيةِ ، وكانَ يحاضرُ في الكليةِ صفوةٌ من العلماءِ المبرِّزينَ في اللغةِ، مثلُ الشيخِ إبراهيمَ الجبالي ، والشيخِ سليمان نوار والشيخِ محمَّد محيي الدّينِ والأستاذِ أحمد نجاتي والأستاذِ عليِّ الجارم ، والدكتورِ عبدِالوهاب عزّام ، فتلقَّى العلمَ عن هؤلاءِ الصفوةِ في النحوِ والصرفِ والأدبِ والتاريخِ "(7).
ومن شيوخه الذين ذكر د. عضيمة أنه قرأ عليهم الأستاذ محمد نور الحسن ، وأشار إلى أنه كان يقرأ عليه في منزله(8).

حياته الاجتماعية :
بعدَ حصولِ الشيخِ على الشهادةِ العالميةِ أوفدَ إلى مكّةَ المكرمةِ ، وبعدَ مدةٍ قصيرةٍ من إيفاده تزوّجَ بمصر ، ورحلَ بزوجتِه إلى مكّةَ المكرمةِ .
أنجبَ الشيخُ ثمانيةً من الولدِ ، ثلاثةُ أبناءٍ؛ هم : صفيُّ الدينِ وبه يكنى ، فكنيةُ الشيخِ أبو صفيٍّ ، وأيمنُ والمعتزُّ باللهِ ، وخمسُ بناتٍ؛ هنَّ : صفيةُ وسوسنُ وسعادُ وآياتُ وهناءُ .
وقد عملَتْ ابنتُه د. صفيةُ في المستشفى المركزيِّ في الشميسيِّ بالرياضِ بعدَ وفاةِ والدِها بسنتينِ ، وكانَ زوجُها يعملُ في مستشفى الأطفالِ بالسليمانيّةِ في الرياضِ أيضاً ، إلى وقتٍ قريبٍ .

رحلاتُ الشيخِ :
كانَت أولُ رحلةٍ رحلَها الشيخُ إلى مكَّةَ المكرَّمَةِ ، وفيها بدأَ العملَ في كتابِه : ( دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ ) ، وكانَتْ في شهرِ صفرٍ عامَ 1366هـ ، يناير عام 1947م(9).
أمَّا الرحلةُ الثّانيةُ فكانَتْ إلى ليبيا، إلى مركزِ الدراساتِ العليا في واحةِ جغبوب، وبقيَ حتى قيامِ ثورةِ الفاتحِ من أيلول(10).
أمَّا الرحلةُ الثالثةُ فكانَتْ إلى الرياضِ حتىّ توفَّاه اللهُ ، وكانَتْ ما بينَ عامي 1392هـ حتَّى عام 1404هـ .

مؤلفات الشيخ :
أولاً : الكتب :
1- أبو العبَّاسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيّةِ :
هذا هو العملُ الذي نالَ به درجةَ الدكتوراه ، وقد طبعتْه مكتبةُ الرشدِ بعدَ وفاةِ الشيخِ - رحمَه اللهُ تعالى - ، وقبلَ أن يعيدَ الشيخُ النظرَ فيه ، ولم تتسنَّ مراجعتُه كما ينبغي ، ولم تصنعْ له الفهارسُ التي كانَتْ من ديدنِ صاحبِ العملِ - رحمَه الله تعالى - .
ولا بدَّ هنا من الإشارة إلى أن هذا المطبوع يمثل جزءاً من الرسالة ، ولم يكن يمثل الرسالة كلها ، فقد أشرت سابقاً إلى كلام د. كحيل الذي وصف مناقشة أستاذي عضيمة لرسالة الدكتوراه ، وذكر أن هناك آراءً للمبرِّد كثيرة كانت مادة هذه الرسالة مقفسمة إلى أنواع متعددة ، وأنهالم تدون في المطبوع الذي قدمه للمناقشة ، وطبع لاحقاً، ولذا ظهرت رغبة الشيخ - رحمه الله تعالى - في إعادة النظر في بحثه عن المبرِّد، وتأنيه في نشره .
2- دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ:
وهو عملٌ علميٌّ ضخمٌ يقعُ في ثلاثةِ أقسامٍ في أحدَ عشرَ مجلّداً؛ قالَ عنه الأستاذُ محمود شاكر - رحمَه اللهُ تعالى - : " فماذَا يقولُ القائلُ في عملٍ قامَ به فردٌ واحدٌ ، لو قامَتْ عليه جماعةٌ لكانَ لها مفخرةٌ باقيةٌ ؟ فمنَ التواضعِ أن يسمَّى هذا العملُ الذي يعرضُه عليكَ هذا الكتابُ (( معجماً نحوياًّ صرفياًّ للقرآنِ العظيمِ )) .
فمعلومٌ أنَّ جلَّ اعتمادِ المعاجمِ قائمٌ على الحصرِ والترتيبِ .
أمَّا هذا الكتابُ فالحصرُ والترتيبُ مجرَّدُ صورةٍ مخطَّطةٍ يعتمَدُ عليها .
أمَّا القاعدةُ العظمَى التي يقومُ عليها فهي معرفةٌ واسعةٌ مستوعبةٌ تامَّةٌ لدقائقِ علمِ النحوِ وعلمِ الصرفِ وعلمِ اختلافِ الأساليبِ "(11).

زمنُ تأليفِ الكتابِ :
إنَّ التأريخَ لهذا العملِ الكبيرِ يعطيكَ ميزةَ العملِ الدؤوبِ ، وينبئُكَ عن عزمِ الرجلِ الذي لا يكلُّ ولا يملُّ ، بل واصلَ عملَه طيلةَ هذه السنين، حتَّى تحقَّقَ له مبتغاه ، وهو أمرٌ ليسَ صعباً على من عرفَ الشيخَ وتتبعَ آثارَه العلميَّةَ ، يمكنُ هذا من خلالِ ما تحدَّثَ به الشيخُ عنه في مؤلفاتِه أو مقالاتِه ، مما قالَه أو وعدَ به ، وأرادَ الله سبحانه وتعالى أن يتمَّه له . إنَّها مواقفُ إذا تدبّرَها العاقلُ أيقنَ بصدقِ الرجلِ في توجهِه ، وتوفيقِ اللهِ له.
وحتى يكونَ للتاريخِ الزمنيِّ قيمةٌ ، فإنّني سوفَ أسجِّلُ هذه الظواهرَ التي مرَّ بها هذا العملُ حسب السنين مبتدئاً بها ، حتى تكون الصورة التي مر بها العمل بها واضحة ، منذُ كان فكرةً حتى نجزَ كتاباً ضخماً ، ليكون مثالاً حياًّ على صدق الرجل وتوفيق الله سبحانه له .

1366هـ :
كانتِ البدايةُ لهذا العملِ ، وفي مكةَ المكرّمةِ ، بلدِ اللهِ الحرامِ ، يقولُ الشيخُ - رحمَه اللهُ تعالى - : " قدمْنا مكةَ المكرَّمةَ في صفر سنةَ 1366هـ يناير 1947م ، وتسلَّمْنا أعمالَنا ووجدتُني مكلَّفاً بدراسةِ كتابِ ( الدروسِ النحويَّةِ ) للأستاذِ حفني ناصفٍ وزملائِه ، كنتُ أجلسُ في الحرمِ من العصرِ إلى العشاءِ ، فرأيتُ أنَّه لا بدَّ لي من قراءةٍ تصلُني بمادّتي التي تخصَّصْتُ فيها ، وانقطعْتُ لها ، وإلا فقدْتُ كثيراً من معلوماتِ النحوِ ، شأنُ كلِّ العلومِ النظريَّةِ ، إذا لم يكنْ صاحبُها على صلةٍ بها بالقراءةِ فَقَدَ كثيراً من مسائلِها .
ومَرَّ بخاطرِي أنَّ كثيراً من النحويينَ ألَّفُوا كتبَهم بمكةَ: أبو القاسمِ الزجاجيُّ ألَّفَ كتابَه ( الجملَ ) بمكةَ ، وكانَ كلما انتهى من بابٍ طافَ حولَ البيتِ .
ابنُ هشامٍ ألفَ كتابَه ( مغني اللبيبِ ) لأولِ مرةٍ في مكةَ ، ثمَّ فُقِدَ منه في منصرفِه إلى القاهرةِ ، ولمَّا عادَ إلى مكَّةَ ثانيةً ألَّفه للمرَّةِ الثانيةِ .
لم يكن لديَّ تخطيطٌ عن دراسةٍ معيَّنةٍ ، ولا كتابٍ معيَّنٍ ، وإنما تمنيتُ أن تكونَ هذه الدراسةُ لها صلةٌ بالقرآنِ الكريمِ ، ليكونَ ذلك أليقَ وأنسبَ بهذا الكتابِ المقدَّسِ.
خطرَ ببالي خاطرٌ ، هو أن أنظرَ في استعمالِ القرآنِ لبعضِ حروفِ المعاني ، فمثلاً ( إلا ) الاستثنائيةُ لها وجوهٌ كثيرةٌ في كلام العربِ ، فهل استعملَ القرآنُ هذه الوجوهَ كلَّها أو بعضَها دونَ بعضٍ"(12).
من هنا مكاناً وزماناً بدأت فكرةُ هذا العملِ الموسوعيِّ ، وبدأ صاحبُها في العملِ منذ ذلك التاريخِ .

1375هـ:
يخبرُ الشيخُ أنّه ينوي إخراجَ كتابٍ يتناولُ دراسةَ أسلوبِ القرآنِ ، بعد أن خطا خطواتٍ في هذا العملِ ، واتضح الهدفُ عنده ، وقرَّر أن تكونَ دراستُه للقرآنِ دراسةً تعتمدُ على الاستقراءِ ، فيقولُ : " وفي النيَّةِ - إن كانَ في العمرِ بقيَّةٌ(13) - أن أخرجَ كتاباً يتناولُ دراسةَ أسلوبِ القرآنِ الكريمِ دراسةً تعتمدُ على الاستقراءِ ، أرجو اللهَ أن يوفِّقَني في إتمامِه ، ويعينَني على إخراجِه ، إنَّه نعمَ المولى ونعمَ النصيرُ .22ربيع الأول سنة 1375هـ - 7 نوفمبر 1955 م "(14). وقد حقَّق الله له أمنيته ، ومدَّ في عمره كما سترى من التتبع التاريخي التالي.

1395هـ:
في هذا العامِ يخبرُ الشيخُ أنَّه أمضَى أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً يعمَلُ في هذا الكتابِ ، ولم ينجزْ إلا دراسةَ جانبٍ واحدٍ؛ هو الحروفُ والأدواتُ ، قالَ - رحمَه الله تعالى - : " فهذا العنوانُ ( دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ ) إنَّما هو عنوانٌ لبحثٍ تناولَ بالدراسةِ جانِباً من جوانبِ الدراساتِ القرآنيةِ ، وهو الجانبُ النحويُّ ، أقمتُ على دراسةِ هذا الجانبِ أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً ، وما فرغتُ إلا من جانبٍ واحدٍ من جوانبِ الدراسات النحويةِ ، وهو دراسةُ الحروفِ والأدواتِ في القرآنِ"(15).
عمل الشيخ في الكتاب وتفرَّغ له بعد أن عكف سنين طويلة جداًّ على جمع مادته وتبويبها ، ومراجعة كثير من مسائلها على كتب النحو التي فهرسها ، واعتمد عليها في التصنيف والتقسيم، وتتبع النحويين ، وجمع أشتات المسائل ، وواصل ليله بنهاره ، حتى تمَّ له ما أراد بفضل الله سبحانه ، فأنجز الجانبين الآخرين ، هما الجانب النحوي والجانب الصرفي ، فجاء القسم الثاني دراسة الجانب الصرفي في أربعة أجزاء ، والقسم الثالث دراسة القسم النحوي في أربعة أجزاء أيضاً ، بعد القسم الأول وهو قسم الحروف الذي أخرجه في ثلاثة أجزاء ، بها تم الكتاب في أحد عشر مجلداًّ ، كما سيأتي بعد.

1401هـ :
في العام تمَّ إنجازُ الكتابِ كامِلاً تأليفاً وطباعةً ؛ في أحدَ عشرَ مجلّداً، تزيدُ صفحاتُ كلِّ مجلدٍ عن ستمائةٍ صفحةٍ ، وبعضها تجاوز سبعمائة صفحة، وبعضها الآخر تجاوز ثمانمائة صفحة.
قالَ - رحمَه اللهُ تعالى - في آخرِ الكتاب في المجلدِ الرابعِ من القسمِ الثالثِ : " كانَتْ طباعةُ القسمينِ الثّاني والثالثِ بالقاهرةِ ، وكانَ عملِي في الرياضِ ، ولذلكَ وقعَتْ بعضُ الأخطاءِ المطبعيّةِ ، وقد نبَّهْتُ على المهمِّ منْها ، وتركْتُ الباقي لفطنةِ القارئِ ، على أنّي أقولُ كمَا قالَ الإمامُ الشافعيُّ رحمَه اللهُ :
وعينُ الرّضَا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ * كما أنَّ عينَ السخطِ تبدِي المساويا
ولستُ أزعمُ أني لا أخطِئُ ، فإنَّ العصمةَ للهِ وحدَه ، ولكنِّي أقولُ كما قالَ شاعرُ النيلِ حافظُ إبراهيم :
إذا قيسَ إحسانُ امرئٍ بإساءةٍ * فأرْبى عليها فالإساءةُ تغفرُ
واللهَ أسألُ أن يجعلَه عملاً خالصاً لوجهِه تعالى ، بريئاً من الرياءِ والسمعةِ والزهْوِ ، إنّه سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعاءِ . 25 شوال 1401هـ 25أغسطس 1981م . محمد عبدالخالق عضيمة حلوان : 47 شارع محمد سيد أحمد "(16).

1402 هـ :
أعلَنَتِ الأمانةُ العامَّةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميّةِ للدراساتِ الإسلاميّةِ موضوعَ الجائزةِ للعامِ القادمِ في مجالِ الدراساتِ الإسلاميّةِ هو الدراساتُ القرآنيةُ .
وبناءً على هذا رشحتْ كليةُ اللغةِ العربيةِ بجامعةِ الإمامِ محمّدِ بنِ سعودٍ الإسلاميةِ كتابَ ( دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ ) لمؤلِّفِه الشيخِ محمد عبد الخالق عضيمةَ ، لنيل الجائزةِ .

1403هـ :
تعلنُ الأمانةُ العامةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ فوز الشيخِ محمد عبد الخالق عضيمةَ بجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ لعامِ 1403هـ .

1404هـ :
ينتقلُ صاحبُ العملِ إلى رحمةِ ربَّه ، غفرَ اللهُ له، وأسكنَه فسيحَ الجنانِ .
وقفة : ( وهكذا كتاب ومؤلف من عام 1366هـ إلى عام 1404هـ )
ولعلَّ اللهَ سبحانَه وتعالى أرادَ أن يكافئَ صاحبَ هذا العملِ في حياتِه بإتمامه أولاً ، وبإنجازِ طباعتِه ثانياً ، كما تمنى أن يراه مطبوعاً تاماًّ كاملاً ، ثم يمنُّ الله عليه بفوزِه بجائزةٍ عالميَّةٍ ثالثاً ، في وقت لم يخطرْ ببالِه أنّه سيكمِلُ الكتابَ ، لكن نجز ذلك كله بفضل الله ، ولك أن تنظر حاله عام 1375هـ لما قال : إن كان في العمر بقية ، ثم لما عنَّ له أن يدعوَ بالدعاءِ السابقِ الذي جعلَه ختامَ كتابِه ، ثم ما أراد الله له أن يكونَ الختامُ منحه جائزةَ الملكِ فيصلٍ - رحمَه اللهُ تعالى - العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ في حياته ، ثم ينتقل بعد هذا إلى رحمة الله في العام التالي لهذا مباشرة. سقتُ التواريخَ موثَّقةً لأبيِّنَ المراحلَ الزمنيّةَ لهذا العملِ ولصاحبِ العملِ ، ويغفرُ اللهَ سبحانَه وتعالى للجميعِ .
أقسام الكتاب :
قسَّمَ الشيخُ - رحمَه اللهُ تعالى - الكتابَ ثلاثةَ أقسامٍ؛ هي :
القسمُ الأوّلُ : الحروفُ والأدواتُ ، ويقعُ في ثلاثةِ أجزاءٍ .
الجزء الأول يقع في ستمائة وخمس عشرة صفحة.
الجزء الثاني يقع في سبعمائة وتسع صفحات.
الجزء الثالث يقع في ستمائة واثنتين وأربعين صفحة.
القسمُ الثّاني : دراسةُ الجانبِ الصرفيِّ ، ويقعُ في أربعةِ أجزاءٍ .
الجزء الأول يقع في سبعمائة وتسع صفحات.
الجزء الثاني يقع في سبعمائة وسبع وثمانين صفحة.
الجزء الثالث يقع في ستمائة وتسع وخمسين صفحة .
الجزء الرابع يقع في ثمانمائة وثلاث وثلاثين صفحة.
القسمُ الثالثُ : دراسةُ الجانبِ النحويِّ ، ويقعُ في أربعةِ أجزاءٍ .
الجزء الأول يقع في سبعمائة وثمان وستين صفحة.
الجزء الثاني يقع في ثمانمائة وأربع وأربعين صفحة.
الجزء الثالث يقع في ستمائة واثنتين وثمانين صفحة.
الجزء الرابع يقع في ستمائة وتسع وأربعين صفحة.
3- فهارس كتاب سيبويه :
هذا العملُ الضخمُ يقعُ في إحدى عشرةَ وتسعِمائةِ صفحةٍ ، وهو أكبر عملٍ لفهرسة كتاب نحو ، وقالَ الشيخُ في باعثِه على العملِ : " ولمَّا أخرجْتُ المقتضبَ للمبرّدِ صنعْتُ له فهرساً مفصَّلاً ظفرَ بإعجابِ كثيرٍ من الباحثين ، وطلبَ مني كثيرٌ من الأصدقاءِ أن أصنعَ لكتابِ سيبويهِ فهرساً مفصَّلاً على غرارِ فهرسِ المقتضبِ ، ولمَّا أمكنتني الفرصةُ اهتبلتُها ، وشرعْتُ في تحقيقِ هذه الأمنيّةِ "(17).
طبعَ هذا العملُ في طبعتِه الأولى عام 1395هـ ، في مطبعةِ السعادةِ في القاهرةِ ، وبعدَ هذا أعطَى الشيخُ - رحمَه الله تعالى - حقوقَ الطبعِ على ما أذكرُ الأستاذَ عبدَالله العوهليَّ صاحبَ مكتبةِ دارِ العلومِ الذي اشترَى منه حقوقَ الطبعِ ، مع جملةِ الفهارسِ الآتي ذكرُها .
4- فهارسُ المخصّصِ والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ :
هذه فهارسُ صنعَها الشيخُ لهذه الكتبِ ، على غرارا فهارس الكتاب وفهارس المقتضب ، جاءَت فهارسُ المخصَّصِ في مجلدين ، والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ كلِّ واحدٍ منهما في مجلَّدٍ واحدٍ ، وقد اشترى حقوقَ الطبعِ بالإضافة إلى فهارسِ كتابِ سيبويهِ الأستاذُ الفاضلُ / عبدُالله العوهلي صاحبُ مكتبةِ دارِ العلومِ(18)، ودفعَ الحقوقَ الماليَّةَ كاملةً ، وكانَ المبلغُ كبيراً في ذلكَ الوقتِ، سلمه للشيخِ مقدَّماً ، وكانَ العوهليُّ - والحقُّ يقالُ- كريمَ النفسِ حسنَ التعاملِ رحبَ الصدرِ ، وليسَ هذا غريباً عليه ، كما أنَّ الشيخَ يستحقُّ هذا وأكثرَ ، فصحَّحَ الشيخُ التجربةَ الأولى ، وسلَّمها إلى المكتبةِ ، ولكنَّ المنيةَ عاجلته، ولم تزلِ الكتبُ حتّى الآنَ تحتاجُ من يقيلُ عثرتَها ، ويعينُ صاحبَ دارِ العلومِ على أن تخرجَ في أحسنِ حالٍ ، فهو حريصٌ كلَّ الحرصِ على إتقانِ الكتبِ التي تخرجُها الدارُ ، فللهِ درُّه من رجلٍ ما أطولَ صبرَه، وأكرمَ خلقَه !
5- فهارسُ مسائلِ النحوِ والصرفِ في معاني القرآنِ للفرّاءِ :
نشرَ في العددِ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ من مجلةِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ ، وسيأتي ذكرُه هناك بإذنِ اللهِ تعالى .
6- اللبابُ من تصريفِ الأفعالِ:
طبعَ عدَّةَ طبعاتٍ ، وخرجَتِ الطبعةُ الخامسةُ في شعبان سنةَ 1391هـ في مطبعةِ السعادةِ في مصرَ ، وهو كتابٌ متوسِّطٌ في تصريفِ الفعلِ .
7- المذكّرُ والمؤنّثُ لابنِ الأنباريِّ ؛ دراسةً وتحقيقاً .
نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميَّةِ في مصرَ ، وخرجَ منه الجزءُ الأوَّلُ عامَ 1401هـ ، ووقعَ من الشيخِ موقعاً سبَّبَ له ألماً ، ويمكنُني إرجاعُ ذلك إلى ثلاثةِ أمورٍ، هي : الأوَّلُ : أنَّ لجنةَ إحياءِ التراثِ تصرَّفَتْ في عملِ الشيخِ - رحمَه اللهُ تعالى - في ضوءِ المنهجِ الذي اختطّتْه لنفسِها ، فاجتزأَتْ بعضَ الحواشي المطوَّلةِ، واكتفَتِ بالإشارةِ إلى المراجعِ المختلفةِ للمسألةِ الواحدةِ .
الثّانيةُ : أنَّ الكتابَ خرجَ وفيه استدراكاتٌ على الشيخِ وتعقُّباتٌ لم يرَها إلا بعدَ نشرِ العملِ ، واستغربَ وجودَها في عملِه ، انظر: الصفحات 5هـ1 ، 9هـ1 ، 10 هـ1 ، 11هـ1 ، وغيرَها من الصفحاتِ التي جاءَ في هوامشِها مثل هذا .
الثّالِثةُ : أنَّ د. رمضانَ عبدَالتوّابِ استدركَ عليه بعضَ تخريجاتٍ للشواهدِ، وأضافَها في طبعةِ الشيخِ، ووضعَ بينَ قوسينَ ( رمضان ) إشارةً منه إلى أنها من عملِه ، انظر : ص65هـ5 ، وص87هـ2 مثلاً ، وهو لم يشاركِ الشيخَ في التحقيقِ ، ويرى الشيخُ أنّه ليسَ من حقِّ أحد أن يضيفَ إلى عملِه دونَ علمِه .
كلُّ هذا سبَّبَ إزعاجاً للشيخِ ، ومعَ هذا لم يؤثِّرْ على علاقتِه بالدكتورِ رمضانِ عبدِالتوَّابِ ، فلمَّا زارَ د. رمضانُ عبدِالتوَّابِ الرياضَ، استقبلَه الشيخُ استقبالاً حَسَناً ، ولم يُبْدِ له تبرُّمَه ، ولكنَّه طَلَبَ منه أن يتابِعَ معَ المجلسِ الأعلى صدورَ الجزءِ الثَّاني . وتوفي الرجلانِ، ولم يظهرْ باقي الكتابِ حتى الآنَ .
8- المغني في تصريفِ الأفعالِ:
هذا الكتابُ كما قالَ الشيخُ : " ثمرةُ دراسةٍ مستوعبةٍ نفضتُ لها ما وصلَ إليَّ من كتبِ النحوِ والصرفِ ؛ أرجو أن يكونَ فيها غناءٌ في دراسةِ تصريفِ الفعلِ " .
وقد نشرَ هذا الكتابُ لأوَّلِ مرةٍ عامَ 1375هـ ، ثم نشرَ بعدَ ذلك عدةَ مراتٍ ، وقد خصَّصَه لتصريفِ الفعلِ ، واستوعبَ مسائلَه وختمَه بنماذجَ من أسئلتِه لطلابِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ عام 1957م ، وعام 1958 م ، وعام 1959م.
9- المقتضبُ للمبرّدِ ، دراسةً وتحقيقاً :
نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ الإسلاميِّ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميّةِ في مصرَ .
وأنجزَ الشيخُ تحقيقَ هذا العملِ الكبيرِ في ستةِ أشهرٍ فقط ، وأشارَ إلى هذا فقالَ : " فهرسْتُ كتابَ سيبويه فهرساً مفصَّلاً ، حوى مسائلَه مرتّبةً ترتيبَ أبوابِ النحوِ ، كما رتّبْتُ شواهدَه باعتبارِ القافيةِ(19)، وقد أسعفني هذا الفهرسُ في تحقيقِ ( المقتضبِ ) إذ قد ألزَمْتُ نفسي بعقدِ الصلةِ بينَ كتابِ سيبويهِ والمقتضبِ ، وقد اشترطَتِ اللجنةُ(20) في تعاقدِي لإخراجِ المقتضبِ أن يتمَّ تسليمُ الكتابِ في مدَّةٍ لا تتجاوزُ ستةَ أشهرٍ "(21). وقدْ أنجزَ ما وعدَ - رحمَه اللهُ تعالى - .
يقعُ الكتابُ في أربعةِ أجزاءٍ كبارٍ ، ختمَه بفهارسَ رائعةٍ لمسائلِ النحوِ والصرفِ في الكتابِ ، سهَّلَتِ الوصولَ إلى مسائلِه وقضاياه بيسرٍ وسهولةٍ .
وقد نشرَ د. أمينُ علي السيد الأستاذُ في قسمِ النحوِ والصرفِ في ذلكَ الوقتِ ، وعميدُ دارِ العلومِ بعدَ ذلكَ نقداً لعملِ الشيخِ نشرَه في مجلةِ الكليّةِ العددُ الحادي عشرَ الصفحات 241 - 250 ، مخالِفاً الشيخَ في ترتيبِ المقتضبِ ، وما ارتآه أنه إصلاحٌ له.
لم يعقِّبِ الشيخُ على المقالةِ بشيءٍ ، ولم يغيرْ من منهجِه شيئاً فقد نشرَ المقتضبُ بعدَ المقالةِ ، بل في العامِ نفسَه نشرةً ثانيةً عام 1401هـ ، واستدركَ على نفسِه ما رأى إصلاحَه .
10- هادي الطريق إلى ذخائر التطبيق :
أشارَ الشيخُ - رحمَه اللهُ تعالى - في مقالتِه التي عنوانُها: النحوُ بينَ التجديدِ والتقليدِ إلى محاولتِه في هذا الكتابِ تيسيرَ النحوِ وتحدَّثَ عنها حديثاً طويلاً ، أفاضَ فيه ، ومما قالَه: " إنَّ إيماني بهذه الفكرةِ(22) قديمٌ، وقد سنحَتْ ليَ الفرصةُ منذ خمسةَ عشرَ عاماً(23)، فأخرجْتُ كتاباً يحملُ هذه الفكرةَ، ويسيرُ على ضوئِها ، فكانَ بحقٍّ خطوةً على هذا الطريقِ .
كانَ منهجي في هذا الكتابِ أن أعرضَ القواعدَ التي نحتاجُ إليها في استقامةِ ألسنتِنا ، وسلامةِ أقلامِنا في عبارةٍ موجزةٍ واضحةٍ ، أمَّا الحديثُ عن المسائلِ التي لا صلةَ لها باستقامةِ الأساليبِ فقد تجاوزتُه ولم أشرْ إليه .
هذا الكتابُ غطّى نحواً من ثلثِ النحوِ ؛ من المبنيِّ والمعربِ إلى بابِ ظنَّ وأخواتِها ، تركتُ الحديثَ فيه عن وجوهِ شبهِ الاسمِ بالحرفِ حينَ البناءِ ، والحديثِ عن ( أل ) وأقسامِها ، ورافعِ المبتدأ والخبرِ ، هذا هو أهمُّ ما تركْتُ الحديثَ عنه. لم أعتمدْ على كتابٍ واحدٍ ، وإنَّما تحدَّثتُ عن كلِّ ما له صلةٌ باستقامةِ الأساليبِ ، لو كانَ هذا الحديثُ مذكوراً في غيرِ كتبِ النحوِ ، وأمثِّلُ لذلكَ :
1- فائدةٌ : يجوزُ في ( قليلٍ ) و ( كثيرِ ) جمعهما جمعَ مذكَّرٍ سالما(24) ...."(25).
ثم استمرَّ الشيخُ - رحمَه اللهُ - يسردُ منهجَه، ويصفُ عملَه في الكتابِ ، وقد استغرقَ ما يقاربُ سبعَ عشرةَ صفحةً(26) من ذلك البحثِ .
طبعَ هذا الكتابُ في مطبعةِ الاستقامةِ في القاهرةِ 1381هـ ، ويقعُ في مائةٍ واثنتينِ وسبعينَ صفحةً .
المقالات :
هذه جملةُ مقالاتٍ نشرَها الشيخ - رحمه الله تعالى - ، منها ما هو منشورٌ في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ من العددِ الثّالثِ ، وهي السنةُ التي قدمَ فيها إلى الرياضِ، ودرَّس في الكليّةِ، حتّى توفَّاه اللهُ، وكان العددُ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ - وهما في مجلَّدٍ واحدٍ - في المطبعةِ، وقد نشرَ الشيخُ في هذا العددِ الأخيرِ بحثينِ ، وللهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ ، وهذه المقالاتُ هي :
1- الأحنف بن قيس(27).
2- أسلوب الاستثناء في القرآن الكريم(28).
3- تجربتي في تحقيق التراث(29).
4- تجربتي مع كتاب سيبويه(30).
5- أبو حيان وبحره المحيط(31).
6- جموع التكسير في القرآن الكريم(32).
7- دراسات لأسلوب القرآن الكريم(33).
8- فهارس مسائل النحو والصرف في معاني القرآن للفراء(34).
9- القلب المكاني في القرآن الكريم(35).
10- لمحات عن دراسة السين وسوف في القرآن الكريم(36).
11- لمحات عن دراسة العدد في القرآن الكريم(37).
12- مع أساليب القرآن الكريم(38).
13- النحو بين التجديد والتقليد(39).
14- نظرات في أبنية القرآن الكريم(40).
وقد نشرَ مقالةً بعنوانِ : ( ردٌّ على مقالِ : لماذا احتقرَ النحويّون المرأةَ ؟ ) ، وهي ردٌّ على د. عدنان رشيد ، الذي كتبَ مقالةً في جريدةِ الجزيرةِ تحملُ هذا العنوانَ ، فما كانَ من الشيخِ إلا أن ردَّ عليه بهذه المقالةِ، وختمَها بقولِ الشَّاعرِ :
ما لمنْ ينصِبُ الحبائلَ في الأرضِ * ومرجَاه أن يصيدَ الهلالا(41)
جهوده في الدراسات العليا:
كان للشيخ - رحمه الله تعالى - جهودٌ كبيرةٌ في الدراسات العليا تمثلت في تدريسِه مقرر الصرف في السنة التمهيديةِ طيلة عقده بالإضافة إلى تدريسه مقرر الصرف في السنتين الثالثة والرابعة في كلية اللغة العربية ، وكان مثالاً للجدِّ والحزم ، لم يتأخر عن محاضرة ، ولم يتوان في إيضاح ما يتصدَّى لتدريسه بصورة رائعة .
وكنت من طلابه في السنوات الثلاث ، بالإضافة إلى إسهامه الكبير معي في رسالتي للماجستير وعنوانها هشام بن معاوية الضرير حياته وآراؤه ومنهجه ، فقد كان - رحمه الله تعالى - يحرص على معرفة آراء الكوفيين ، ويردد مقولته: إن آراء الكوفيين لم تصلنا عن طريق الكوفيين ، ولو وصلت عن طريق الكوفيين لتغيرت نظرتنا نحوه .
بالإضافة إلى التدريس كان - رحمه الله تعالى يسهم في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه ، ومن هذه الرسائل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الآتي:
أولاً : الماجستير :
أشرف على رسائل الماجستير الآتية:
1- آراء أبي عمرو بن العلاء النحوية واللغوية ؛ جمعها ودراستها؛ تقدم بها المعيد حسن بن محمد الحفظي ، وكان من المناقشين زميل د. عضيمة الدكتور أحمد حسن كحيل ، ونوقشت هذه الرسالة يوم 29/1/1402هـ.
2- الزجاج ومذهبه في النحو ؛ أنجزها المعيد عبدالرحمن بن صالح السلوم ، ونوقشت بتاريخ 20/2/1402هـ .
3- تحقيق القسم الأول من كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة لعلم الدين السخاوي ، وتقدم بها محمود سليمان عبيدات ( أردني الجنسية ) ، واشترك في مناقشتها د. أحمد كحيل ، ونوقشت يوم 5/5/1401هـ .
4- دراسة نحوية لكتاب إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب ، وتقدم بها يحيى بشير مصري ، ( سوري الجنسية ) ، واشترك في مناقشتها أيضاً د. أحمد كحيل ، ونوقشت يوم 1/1/1401هـ ، ومن طرائف الشيخ عضيمة في هذه المناقشة بعد أن أنهى المناقشان ملحوظاتها على الرسالة أشار إلى أنه من حق المشرف أن يناقش الطالب فيما اختلف فيه معه ، ولم يلتزم الطالب بتعديله ، وناقش الرسالة كأنه عضو مناقش ، وكانت مناقشة قوية مستفيضة ، أبان الشيخ عضيمة عن خلق العلماء والتجرد للعلم ، وهي أول مرة تحدث في الكلية ، وقد تكررت بعد ذلك في قسم آخر غير قسم النحو والصرف وفقه اللغة.
5- أثر اختلاف اللهجات العربية في النحو ؛ تقدم بها يحيى بن علي صالح ، وأشرف عليها الشيخ عضيمة بالاشتراك مع د. عبدالغفار حامد هلال ، ونوقشت مساء يوم 13/8/1402هـ .
ثانياً : رسائل الدكتوراه :
أشرف على عدد من رسائل الدكتوراه ، ومنها عدد من الرسائل أوشك أصحابها على النهاية ، لكن حالت منية الشيخ عن إتمام الإشراف عليها ، فأحيلت إلى مشرفين آخرين ، ومن الرسائل الدكتوراه الرسالة التي أنجزها د. عبدالله بن سالم الدوسري ، وعنوانها : ( سيبويه في لسان العرب ) ونوقشت يوم 16/6/1403هـ.
علاقات الشيخ :
كانَ الشيخُ - رحمَه اللهُ تعالى - له علاقاتٌ كثيرةٌ واسعةٌ حسنةٌ ، ويجيبُ عن جميعِ الرسائلِ التي تأتيه ، ولم يتوانَ في الردِّ على رسائلِه ، مهما كانَتْ ، ومن أيِّ جهةٍ جاءت ، كانت له مراسلاتٌ مع عددٍ غيرِ قليلٍ من أساتذة الجامعة في عدد من البلدان العربية.
ومن أبرزِ الأشخاصِ الذين للشيخِ بهم علاقةُ تقديرٍ من غيرِ منسوبي الكليّةِ التي عملَ بها الأستاذُ الدكتورُ حسنُ شاذلي فرهود؛ الذي كانَ يزورُ الشيخَ في سكنه شمالَ جامعِ الرياضِ الكبيرِ ، وغيرُه كثيرٌ من السعوديّين على وجهٍ الخصوصِ، وكان الشيخ عضيمة يثني على علم د. حسن فرهود ، ويعجبُه عملُه في تحقيق التكملةِ كثيراً . أشرتُ عند حديثي عن المقتضبِ إلى أن د. أمين علي السيد كتبَ نقداً لعملِ الشيخِ في ترتيبِ المقتضبِ ، ونشرَه في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ التي ينتميان إليها ، ولما قابلَ الشيخُ د. أمينَ السيد لم يظهرْ عليه أثرٌ لتلك المقالةِ ، أو أن يسودَ علاقتَهما فتورٌ ، بل بقيتِ العلاقةُ على ما كانت عليه .
وأشرْتُ عندَ حديثي عن المذكّرِ والمؤنَّثِ إلى ما صنعَه د. رمضان عبدالتواب في عملِ الشيخِ ، بل إنّ الاختصاراتِ كانَ التوقُّعُ يشيرُ إلى أنّها من فعلِه - عفا الله عنه - ، وجاء د. رمضان أستاذاً زائراً لكليةِ اللغةِ العربيةِ ، وقابلَ الشيخَ في الكليةِ ، وألحَّ الشيخُ عليه بدعوتِه إلى منزلِه ، وفعلاً زارَه د. رمضان ، وكنْتُ حاضِراً تلك الزيارةَ ، وقد احتفَى به الشيخُ أيما حفاوةٍ ، وقدّرَه تقديراً رائعاً .
وفي تلك الزيارةِ جرى حديثٌ بينهما عن تحقيقِ د. عبدِالسلامِ هارون لكتابِ سيبويهِ ، فذكرَ الشيخُ أنَّ له على العملِ ملحوظاتٍ كثيرةً ، فعرَضَ عليه د. رمضان أنْ يعيدَ تحقيقَ الكتابِ ، فاعتذرَ الشيخُ بأنَّه لا داعيَ له ما دامَ أنَّ الكتابَ خرجَ محقَّقاً ، فطلبَ منه أن ينقدَ تحقيقَ عبدالسلام هارون ، فأطرقَ الشيخُ قليلاً ثم قالَ : هارونُ أحسنَ في تحقيقِ كثيرٍ من كتبِ التراثِ ، ولم يوفَّقْ في تحقيقِ الكتابِ ، فنحن نغفرُ له هذه من أجلِ تلكَ .
أما العلاقةُ التي كانتْ مبنيةً على إعجابٍ متبادلٍ بين الرجلين فهي علاقته بالأستاذ محمود محمد شاكر ، وقد قدّم الأستاذ محمود شاكر لكتاب الدراسات ، وكتبَ الشيخُ عضيمة مقالة رائعة بعنوان : ( الأستاذ محمود محمد شاكر : كيف عرفته ) ونشرت ضمن كتاب دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى فهر بمناسبة بلوغه السبعين ص453- 455(42).
وفاته :
بقيَ الشيخُ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ ، جرتْ عادتُه - رحمه الله تعالى - طيلة السنوات الماضية أن يقضي إجازة نصف العام - وهي أسبوعان - الأسبوع الأول في مكة المكرمة ، ويسكنُ في أحدِ الفنادقِ القريبةِ من الحرمِ ، ثم يسافرُ إلى المدينةِ المنوّرةِ ليقضيَ فيها الأسبوعَ الثاني قريباً من المسجدِ النبويِّ .
وفي عام 1404هـ وقبل بدء الامتحاناتِ قدَّم طلباً إلى عميدِ الكلية آنذاك الشيخ ناصر بن عبدالله الطريم ، وقالَ في الطلبِ : إنّه بقيَ في المملكةِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، لم يسافرْ خلال إجازة نصف العام إلى مصر ، ويطلبُ الإذنَ له بالسفر ، ومثلُ الشيخِ لا يردُّ طلبه ، فوافقت الكليةُ ، وتمَّ الأمر ، وكانت إجازةُ نصفِ العامِ تبدأُ بنهايةِ دوامِ يومِ الأربعاءِ 8/4/1404هـ ، إلا أنّ الشيخَ رغبَ في تقديمِ سفرِه لظروفِ الحجزِ والطيران ، فسافرَ يومِ الثلاثاء 7/4/1404هـ تصحبُه زوجتُه. وبعد وصولِه القاهرةَ استقبله ابنه المعتز ، ووقعَ لهم حادثُ سيارةٍ ، ووصفت الباحثةُ التي كتبَت عن الشيخِ رسالتها قائلةً : " وحينَ وصلَ وزوجُه إلى مطارِ القاهرة كان في استقبالهما ابنهما محمد المعتز بالله ، وقد جلسَ الشيخُ في المقعد الأمامي في السيارةِ ، وبادرت الزوجةُ والابنُ بوضعِ الحقائب فيها حين أقبلَت سيارةٌ كبيرةٌ فاصطدمت بسيارتهم ، ولم تلحقْ بهم إصاباتٍ بيدَ أن الشيخ أصيبَ بالإغماءِ ، وفقدَ وعيُه ، فنقلَ إلى مستشفىً قريبٍ ، ولكنه ظلّ مغمىً عليه إلى إن انتقلَ إلى رحمةِ الله بعد نحوِ ثمان وأربعين ساعة في 9/4/1404هـ الموافق 12/1/1984م رحمه الله رحمة واسعة "(43).
هذا ما قالته الباحثةُ، وأثبتته في رسالتها ، والروايةُ التي سمعتُها وقت الحادثة والتي نقلت إلى الدكتور أحمد كحيل وهو الذي نقل الخبرَ ، وسمعتُه أيضاً من عددٍ من الزملاء المصريين ربما يختلفُ بعضَ الشيء ، فبعد وصولهما استقلا السيارة الخاصة ، وبعد خروجِهم من المطارِ بمسافةٍ ليست بعيدةً حانت التفاتةٌ من السائق ، فانحرفت السيارةُ عن الطريق ، واصطدمَت بعمودِ كهرباءَ ، وأصيبَ الشيخُ الذي كان يجلس في المقعد الأمامي بضربةٍ في الجبهةِ وأعلى الأنفِ، مما سبّبَ دخولَه في غيبوبةٍ طيلة يومي الثلاثاء والأربعاء ، وجاءه أولادُه وبناتُه ، وهو ما زالَ في غيبوبةٍ ، وأفاقَ بعدَ العشاءِ ، وسألَ عن ابنتيه هناء وآيات ، وطلبَ أن يراهما ، وبقيَ مستفيقاً مدةً ليست طويلةً وانتهت الزيارةُ ، فلما جاءَ الأبناء صباحَ اليوم التالي وهو يوم الخميس أفادَ المستشفى أنَّ الشيخ توفي في الليل ، يعني ليلة الخميس 9/4/1404هـ .
رحمه اللهُ رحمةً واسعةً ، وغفرَ له ، وأسكنه فسيحَ جنته ، وألحقه بالصدّيقينَ والشهداءِ وحسنَ أولئك رفيقاً .
بعض أقوال الشيخ :
للشيخ - رحمه الله تعالى - أقوالٌ كثيرةٌ ، تجسِّدُ منهجَه في الحياةِ والبحثِ والتعاملِ معَ الآخرين ، وله نظرتُه الثاقبةُ ، وآراؤه الدقيقةُ ، أمّا في العلمِ فقد بناها على درسٍ وتمحيصٍ وتدقيقٍ ، أما في الحياة فقد أملاها ذكاؤه وبصرُه بالناس ، ولن أزيد على هذا ، وإنما اخترتُ نصوصاً من أقوالِه مسندةً إلى أعماله موثِّقاً جميع ما نقلتُ .
قالَ - رحمه الله تعالى - : " إذا قرأَ النَّاسُ القرآنَ الكريمَ للتدبُّرِ والعبرةِ ونيلِ الثوابِ فلا يشغلُني في قراءةِ القرآنِ إلا الجانبُ النحويُّ ، تشغلُني دراسةُ هذا الجانبِ عن سائرِ الجوانبِ الأخرى.
أهوى قراءةَ الشعر ، وأحرصُ على حفظِ الجيِّد منه ، ولكنَّ جيِّدَ الشعر الذي يصلح لأن يحلَّ محلَّ شواهدِ النحو له تقديرٌ خاصٌّ في نفسي .
ورحمَ الله ثعلباً فقد قالَ: اشتغلَ أهلُ القرآنِ بالقرآنِ ففازوا ، واشتغل أهلُ الحديثِ بالحديثِ ففازوا ، واشتغلَ أهلُ الفقهِ بالفقهِ ففازوا ، واشتغلت أنا بزيدٍ وعمرٍو ، فيا ليت شعري ماذا تكونُ حالي في الآخرةِ"(44).
قال - رحمه الله تعالى- : " وفي رأيي أنَّه لا يجملُ بالمتخصِّصِ في مادَّتِه العاكفِ على دراستِها أن تكونَ طبعاتُ كتابِه صورةً واحدةً لا أثر فيها لتهذيبٍ أو قراءاتٍ جديدةٍ ، فإن القعودَ عن تجديدِ القراءةِ سمةٌ من سماتِ الهمودِ ، ولونٌ من ألوانِ الجمودِ "(45).
وقال - رحمه الله تعالى - : " وليس من غرضي في إخراج المقتضب أن أزهوَ به ، وأحطَّ من قدر سواه ، فإنِّي أكرمُ نفسي عن أن أكون كشخصٍ كلَّما ترجم لشاعرٍ جعله أشعرَ الشعراءِ "(46).
قال - رحمه الله تعالى - :" فحديثي اليوم إنما هو وحيٌ هذه التجربة ، وثمرة تلك الممارسة والمعاناة ، ولكلِّ إنسانٍ تجربته ، فإذا كان لغيري تجربةٌ أخرى ، أو رأيٌ آخر يخالف ما أذكرُه أو استفسارٌ فليكتب لي عن ذلك بعد الفراغ من المحاضرة ، وعلم الله أنَّي لا أضيقُ بالرأيِ المخالفِ ، وفي يقيني أنَّ المناقشةَ تنضجُ الرأيَ وتهذِّبَه "(47).
وقال - رحمه الله تعالى - : " لقد سجَّلت كثيراً مما فاتَ النحويين ، وليسَ من غرضي أن أتصيَّد أخطاءهم ، وأردَّ عليها ، ولسْتُ أزعم أنَّ القرآنَ قد تضمَّن جميعَ الأحكامِ النحويةِ ، فالقرآنُ لم ينزل ليكونَ كتابَ نحوٍ ، وإنَّما هو كتابُ تشريعٍ وهدايةٍ ، وإنَّما أقولُ : ما جاءَ في القرآن كانَ حجّةً قاطعةً ، وما لم يقعْ في القرآنِ نلتمسُه في كلامِ العربِ ، ونظيرُ هذا الأحكامُ الشرعيةُ ؛ إذا جاءَ الحكمُ في القرآن عُملَ به ، وإن لم يرد به نصٌّ في القرآنِ التمسناه في السنَّةِ وغيرها "(48).
أمثلة من اختياراته واستدراكاته وأقواله :
لن أطيلَ الحديثَ عن تعقباتِ الشيخِ للسابقين ، واستدراكاتِه في النحوِ والصرفِ ، وإنّما سوف أكتفي ببعضِ الأمثلةِ ، ومنها على سبيلِ المثالِ :
استدركَ على السهيليِّ استقباحَه تقدُّمَ معمولِ الفعلِ المقترن بالسينِ عليها ، ووافق المبردَ والرضيّ وأبا حيان ، ولم يشر هؤلاء الجلَّةُ إلى الدليل من السماع ، ووقف الشيخ على هذا التقديمِ في القرآنِ الكريمِ، وأورد شاهداً عليه(49) . اشترطَ الزمخشريُّ في خبر ( أنَّ ) الواقعةِ بعد ( لو ) أن يكونَ خبرها فعلاً ، واستدرك عليه الشيخ أن خبرها جاء اسماً جامداً ، واسماً مشتقّاً في القرآن الكريم .
منع ابنُ الطراوةِ أن يقعَ المصدرُ المؤوَّلُ من ( أن ) والفعل مضافاً إليه ، واستدركَ عليه الشيخُ أنَّ المصدرَ المؤول من ( أن ) والفعل جاءَ مضافاً إليه في ثلاثةٍ وثلاثين موضعاً من القرآن .
منع النحويُّونَ وقوعَ الاستثناءِ المفرَّغِ بعد الإيجابِ ، وعلَّلوا ذلك بأنّ وقوعَه بعد الإيجابِ يتضمّنُ المحالَ والكذبَ ، واستدركَ عليهم الشيخُ أنه جاء في القرآن ثماني عشرة آية وقع الاستثناءُ المفرَّغُ بعدَ الإثباتِ ، وفي بعضِها كان الإثباتُ مؤكّداً مما يبعد تأويلَه بالنفي(50).
ويكفي من القلادةِ ما أحاطَ بالعنقِ .
خاتمة :
هذه السيرةُ المختصرةُ كتبتُها في مدةٍ قصيرةٍ من الزمنِ ، وهناك أمورٌ كثيرةٌ ، ونصوص مختلفة من كتابات متعدِّدة رغبت في تسجيلها لكن ربما يكون من العذرِ ضيق الوقت ، وأمور أخرى لم أسجِّلُها ، وهناكَ أحداثٌ مسجّلةٌ ، ووقائع مختلفة منها الخاصُّ، ومنها العام جرت في حياة الشيخ وعايشت فصولها ، تدخل في السيرة الذاتية ولم أسجلها هنا، ولعلَّ أهم توجيه تلقيته منه هو نصيحته لي شخصياًّ ألا أقبل عملاً إدارياًّ مهما كان حتى أنهي جميع المراحل التي تتطلب بحوثاً وأعمالاً علمية ، وأنها هي الأَوْلى من الأعمال الإدارية.
وأخيراً لعلَّ فيما قدمت مكنةً لمن أرادَ أن يعرفَ سيرةَ علمٍ أفنى عمره ، وتمنى أن يكون في العمر بقيّةٌ ، فحقَّق اللهُ له ذلك ، وامتدت هذه البقية حتى أنهى الكتابَ الذي نصَّبَ نفسَه للعملِ فيه ، وأنهى طباعتَه ومراجعتَه ، وأسهمتْ جامعةُ الإمام محمد بن سعود الإسلامية في إعانتها له بتحملِ نفقاتِ الطباعةِ ، ثم يريدُ الله سبحانه وتعالى أن يتمَّ جميعُ ذلك في حياةِ الشيخِ ، وأن تسهمَ الجامعةُ مرةً أخرى في خدمةِ صاحبِ الكتابِ كما أسهمت في خدمةِ الكتابِ طباعةً ونشراً فرشّحَتِ المؤلفَ لنيل جائزةٍ عالميةٍ؛ وهي جائزة الملك فيصل -رحمه الله تعالى - فيفوز بها ، ليلقى ربّه بعد ذلك في العام التالي كما أسلفت ، والله كريم يمنُّ على عباده ، ويجزي المتقين ، فجزى الله شيخي أحسنَ الجزاءِ ، وغفرَ له ، وأكرمَ نزلَه ، ورفعَ مقامَه ، وجزى الله جامعةَ الإمام خيرَ الجزاءِ على جهودِها في خدمةِ العلمِ ، والعنايةِ بالعلماءِ . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المصدر : ملتقى أهل التفسير .
____________
1- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين 13 ، 14 ص 753، وانظر أيضاً : إتمام الأعلام 378.
2- انظر : الشيخ عضيمة وجهوده اللغوية ص7. ( رسالة ماجستير ، كلية اللغة العربية - جامعة أم القرى ).
3- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين 13 ، 14 ص 753.
4- انظر : الشيخ عضيمة وجهوده اللغوية ص7.
5- انظر : المصدر السابق.
6- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين 13 ، 14 ص 753.
7- مجلة كلية اللغة العربية العددين الثالث عشر والرابع عشر 753.
8- انظر : الأستاذ محمود شاكر : كيف عرفته . للشيخ عضيمة ( ضمن دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى أبي فهر ) 453 .
9- أشار إلى هذا في بحث دراسات لأسلوب القرآن الكريم . انظر :مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الخامس ص87.
10- انظر : إتمام الأعلام 378.
11- تصدير بقلم الأستاذ محمود شاكر ؛ دراسات لأسلوب القرآن الكريم القسم الأول الصفحات جـ - د.
12- دراسات لأسلوب القرآن الكريم ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد الخامس 87.
13- كان هذا الكلام كما ترى في التاريخ المدوَّن عام 1375 هـ ، وعاش الشيخ بعده تسعة وعشرين عاماً ، وذلك فضلٌ من الله سبحانه .
14- مقدمة : المغني في تصريف الأفعال 6.
15- دراسات لأسلوب القرآن الكريم ؛ مجلة كلية اللغة العربية ، العدد الخامس 81.
16- دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/4/649.
17- فهارس كتاب سيبويه 5.
18- لم أنشرْ هذا الكلامَ حتَّى استأذنْتُ أخي الكريمَ الأستاذَ / عبدالله العوهلي فيه ، وقرأتُه عليه كاملاً ، فأضاف أنَّ الشيخَ رحمه الله تعالى لم يشترط قيمة ، وإنما هو الذي قدَّرها ، وأن الشيخ استكثر المبلغ وبخاصة أنه دفع مقدَّماً ، فوفاءً للرجلين الشيخ والعوهليِّ أثبت هذا للتاريخ ، وكان اتصالي بالأستاذ عبدالله العوهلي صباح يوم الأحد الثاني عشر من شهر صفر الخير من هذا العام 1427هـ ، لأستأذنه في نشر ما كتبته عنه إن لم ير مانعاً من ذلك.
19- على عادة الشيخ في فهرسة ما يقرأ.
20- هي لجنة إحياء التراث الإسلامي في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر.
21- فهارس كتاب سيبويه 4 ، وقد أشار في مقدمة تحقيقه للمقتضب إلى أن فهارس كتاب سيبويه أعانته على إنجاز التحقيق ، ولم تكن هذه الفهارس قد طبعت آنذاك .
22- يعني تيسير النحو.
23- كان حديثه هذا عام 1396 هـ ، ويعني به خروج كتابه هادي الطريق الذي أنهاه وكتب مقدمته في 14من شهر شعبان 1381هـ .
24- انظر هذه الفائدة في : هادي الطريق إلى ذخائر التطبيق 11.
25- النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السادس 88-89 .
26- انظر : المجلة ؛ المصدر السابق : الصفحات من 88 - 104 .
27- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد العاشر ص331 - 353.
28- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين الثالث عشر والرابع عشر ص11-29.
29- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الحادي عشر ص157-178 .
30- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الرابع ص35 -53 .
31- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السابع ص 13 - 50.
32- انظر : مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء العدد الثاني 349.
33- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الخامس ص 81-100.
34- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين الثالث عشر والرابع عشر ص187-216 .
35- انظر : مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية العدد الأول ص273 -284.
36- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الثالث ص65-70 .
37- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الثاني عشر ص 11-56.
38- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد التاسع ص13-27 .
39- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السادس ص11-106 .
40- انظر : مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الثامن ص 13- 52 .
41- انظر : الجزيرة العدد 3118 ، الجمعة 23/4/1401هـ.
42- كدت ألا أذكر هذه المقالة حتى نبهني أخي د . هشام عبدالعزيز الشرقاوي عليها ، فجزاه الله خيراً .
43- الشيخ عضيمة وجهوده اللغوية12-13 .
44- النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد السادس 82 .
45- المغني في تصريف الأفعال 4 .
46- المقتضب 1/126 ( ط : الثانية ) .
47- النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد السادس 82-83 .
48- المصدر السابق 95.
49- انظر : السين وسوف في القرآن الكريم ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد الثالث 69.
50- انظر هذا وأكثر منه بالتفصيل في بحث : دراسات لأسلوب القرآن الكريم ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد الخامس 29-93 .






محمد عبد الخالق عضيمة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
معلومات شخصية
الميلاد 15 يناير 1910
مصر - طنطا
الوفاة 12 يناير 1984
مصر
مكان الدفن مصر
طبيعة الوفاة حادث سيارة
مواطنة مصر
الأولاد ثلاثة أبناء وخمس بنات
عدد الأولاد ثمانية: ثلاثة أبناء وخمس بنات
الحياة العملية
المهنة نحوي تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
الجوائز
جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية (1083) تعديل قيمة خاصية (P166) في ويكي بيانات
تعديل مصدري - تعديل طالع توثيق القالب

محمد عبد الخالق عضيمة (15 يناير 1910 طنطا – 12 يناير 1984)، عالم مسلم وباحث في علوم العربية مصريًا.

إسمه

محمّدُ بنُ عبدِ الخالقِ بنِ عليِّ بنِ عضيمةَ؛ وكانَ يكتبُ اسمَه دائماً: محمدُ عبدِالخالقِ عضيمةَ، فيظنُّ من لا يعرفُ الشيخَ أنَّ اسمَه مركَّبٌ من محمدٍ وعبدِ الخالقِ، كما جرَتْ عادةُ بعضِ المعاصرينَ من إضافةِ اسمِ محمَّدٍ إلى أسمائِهم تبرُّكاً، وكانَ الشيخُ يضيقُ بمن يكاتبُه باسمِ الشيخِ عبدِ الخالقِ عضيمةَ، فيحذفُون محمَّداً ظنّاً منهم أنَّ هذا الأمرَ منطبقٌ عليه.

مولدُه
أشارَت الأوراقُ الرسميَّةُ إلى أنَّ الشيخَ ولدَ في تاريخِ 11 ربيع الآخر 1328 هـ الموافق 15 يناير 1910 في قريةِ خباطة من قرى طنطا

، وهي قريةٌ تابعة حاليا لمركز قطور، محافظة الغربية.

تعلُّمُ الشيخِ وبعضُ شيوخِه
درسَ الشيخُ عضيمةَ في القريةِ، وحفظَ القرآنَ الكريمَ، وأتمَّ تعليمَه الأوليَّ فيها، وهو ما أهَّلَه للالتحاقِ بمعهدِ طنطا الأزهريِّ وأنهى الدراسةَ فيه عامَ 1930م. بعدَها التحقَ بكليةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ، وتخرَّجَ فيها عامَ 1934م. التحقَ بالدِّراساتِ العليا التي أنشئت في ذلكَ الوقتِ، وحصلَ على شهادةِ التخصُّصِ، وهي الماجستيرُ في الأعرافِ الأكاديميّةِ الآن عام 1940م، وكانَ بحثُه بعنوانِ «المشترك في كلام العربِ». حصلَ على العالميّةِ العاليةِ الدكتوراه (تخصص المادةِ) عام 1943م، وكانَت رسالتُه بعنوانِ «أبو العباس المبرد وأثرُه في علومِ العربيةِ».

شيوخُه
التحقَ بكليةِ اللغةِ العربيةِ، وكانَ يحاضرُ فيها صفوةٌ من العلماءِ المبرِّزينَ في اللغةِ، مثلُ الشيخِ إبراهيمَ الجبالي، والشيخِ سليمان نوار والشيخِ محمَّد محيي الدّينِ والأستاذِ أحمد نجاتي والأستاذِ علي الجارم، والدكتورِ عبد الوهاب عزام، فتلقَّى العلمَ عنهم في النحوِ والصرفِ والأدبِ والتاريخِ. ومن شيوخه الذين ذكر د. عضيمة أنه قرأ عليهم الأستاذ محمد نور الحسن، وأشار إلى أنه كان يقرأ عليه في منزله.

حياته الاجتماعية

بعدَ حصولِ الشيخِ على الشهادةِ العالميةِ أوفدَ إلى مكّةَ المكرمةِ، وبعدَ مدةٍ قصيرةٍ من إيفاده تزوّجَ بمصر، ورحلَ بزوجتِه إلى مكّةَ المكرمةِ. أنجبَ الشيخُ ثمانيةً من الولدِ، ثلاثةُ اولاد وخمس بنات.
رحلاتُه
كانَت أولُ رحلةٍ رحلَها الشيخُ إلى مكَّةَ المكرَّمَةِ، وفيها بدأَ العملَ في كتابِه: «دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ»، وكانَتْ في شهرِ صفرٍ عامَ 1366هـ، يناير عام 1947م. أمَّا الرحلةُ الثّانيةُ فكانَتْ إلى ليبيا، إلى مركزِ الدراساتِ العليا في واحةِ جغبوب، وبقيَ حتى قيامِ انقلاب 1969.

أمَّا الرحلةُ الثالثةُ فكانَتْ إلى الرياضِ حتىّ تُوفَّي، وكانَتْ ما بينَ عامي 1392هـ حتَّى عام 1404هـ.

مؤلفاته
أولاً: الكتب
أبو العبَّاسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيّةِ: هذا هو العملُ الذي نالَ به درجةَ الدكتوراه، وقد طبعتْه مكتبةُ الرشدِ بعدَ وفاةِ الشيخِ، وقبلَ أن يعيدَ الشيخُ النظرَ فيه، ولم تتسنَّ مراجعتُه كما ينبغي، ولم تصنعْ له الفهارسُ التي كانَتْ من ديدنِ صاحبِ العملِ.
دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ: وهو عملٌ علميٌّ ضخمٌ يقعُ في ثلاثةِ أقسامٍ في أحدَ عشرَ مجلّداً؛ قالَ عنه الأستاذُ محمود شاكر:«"فماذَا يقولُ القائلُ في عملٍ قامَ به فردٌ واحدٌ، لو قامَتْ عليه جماعةٌ لكانَ لها مفخرةٌ باقيةٌ ؟ فمنَ التواضعِ أن يسمَّى هذا العملُ الذي يعرضُه عليكَ هذا الكتابُ "معجماً نحوياًّ صرفياًّ للقرآنِ العظيمِ". فمعلومٌ أنَّ جلَّ اعتمادِ المعاجمِ قائمٌ على الحصرِ والترتيبِ. أمَّا هذا الكتابُ فالحصرُ والترتيبُ مجرَّدُ صورةٍ مخطَّطةٍ يعتمَدُ عليها. أمَّا القاعدةُ العظمَى التي يقومُ عليها فهي معرفةٌ واسعةٌ مستوعبةٌ تامَّةٌ لدقائقِ علمِ النحوِ وعلمِ الصرفِ وعلمِ اختلافِ الأساليبِ».
ابنُ هشامٍ ألفَ كتابَه «مغني اللبيبِ» لأولِ مرةٍ في مكةَ، ثمَّ فُقِدَ منه في منصرفِه إلى القاهرةِ، ولمَّا عادَ إلى مكَّةَ ثانيةً ألَّفه للمرَّةِ الثانيةِ.في هذا العامِ يخبرُ الشيخُ أنَّه أمضَى أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً يعمَلُ في هذا الكتابِ، ولم ينجزْ إلا دراسةَ جانبٍ واحدٍ؛ هو الحروفُ والأدواتُ، قالَ «"فهذا العنوانُ "دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ" إنَّما هو عنوانٌ لبحثٍ تناولَ بالدراسةِ جانِباً من جوانبِ الدراساتِ القرآنيةِ، وهو الجانبُ النحويُّ، أقمتُ على دراسةِ هذا الجانبِ أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً، وما فرغتُ إلا من جانبٍ واحدٍ من جوانبِ الدراسات النحويةِ، وهو دراسةُ الحروفِ والأدواتِ في القرآنِ».

عمل الشيخ في الكتاب وتفرَّغ له بعد أن عكف سنين طويلة جداًّ على جمع مادته وتبويبها، ومراجعة كثير من مسائلها على كتب النحو التي فهرسها، واعتمد عليها في التصنيف والتقسيم، وتتبع النحويين، وجمع أشتات المسائل، وواصل ليله بنهاره، حتى تمَّ له ما أراد، فأنجز الجانبين الآخرين، هما الجانب النحوي والجانب الصرفي، فجاء القسم الثاني دراسة الجانب الصرفي في أربعة أجزاء، والقسم الثالث دراسة القسم النحوي في أربعة أجزاء أيضاً، بعد القسم الأول وهو قسم الحروف الذي أخرجه في ثلاثة أجزاء، بها تم الكتاب في أحد عشر مجلداًّ، كما سيأتي بعد.

في العام تمَّ إنجازُ الكتابِ كامِلاً تأليفاً وطباعةً؛ في أحدَ عشرَ مجلّداً، تزيدُ صفحاتُ كلِّ مجلدٍ عن ستمائةٍ صفحةٍ، وبعضها تجاوز سبعمائة صفحة، وبعضها الآخر تجاوز ثمانمائة صفحة. قالَ في آخرِ الكتاب في المجلدِ الرابعِ من القسمِ الثالثِ: «كانَتْ طباعةُ القسمينِ الثّاني والثالثِ بالقاهرةِ، وكانَ عملِي في الرياضِ، ولذلكَ وقعَتْ بعضُ الأخطاءِ المطبعيّةِ، وقد نبَّهْتُ على المهمِّ منْها، وتركْتُ الباقي لفطنةِ القارئِ، على أنّي أقولُ كمَا قالَ الإمامُ الشافعيُّ رحمَه اللهُ:
وعينُ الرّضَا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ كما أنَّ عينَ السخطِ تبدِي المساويا

ولستُ أزعمُ أني لا أخطِئُ، فإنَّ العصمةَ للهِ وحدَه، ولكنِّي أقولُ كما قالَ شاعرُ النيلِ حافظ إبراهيم:
إذا قيسَ إحسانُ امرئٍ بإساءةٍ فأرْبى عليها فالإساءةُ تغفرُ


واللهَ أسألُ أن يجعلَه عملاً خالصاً لوجهِه تعالى، بريئاً من الرياءِ والسمعةِ والزهْوِ، إنّه سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعاءِ. 25 شوال 1401هـ 25أغسطس 1981م. محمد عبد الخالق عضيمة، حلوان: 47 شارع محمد سيد أحمد».

في 1402 هـ أعلَنَتِ الأمانةُ العامَّةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميّةِ للدراساتِ الإسلاميّةِ موضوعَ الجائزةِ للعامِ القادمِ في مجالِ الدراساتِ الإسلاميّةِ هو الدراساتُ القرآنيةُ. وبناءً على هذا رشحتْ كليةُ اللغةِ العربيةِ بجامعةِ الإمامِ محمّدِ بنِ سعودٍ الإسلاميةِ كتابَ «دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ» لمؤلِّفِه الشيخِ محمد عبد الخالق عضيمةَ، لنيل الجائزةِ. في 1403 هـ تعلنُ الأمانةُ العامةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ فوز الشيخِ محمد عبد الخالق عضيمةَ بجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ لعامِ 1403هـ. وهكذا كتاب ومؤلف من عام 1366 هـ إلى عام 1404 هـ.

لطالما تمنى أن يرى كتابه مطبوعاً تاماًّ كاملاً، فإذا به يفوزِ بجائزةٍ عالميَّةٍ، في وقت لم يخطرْ ببالِه أنّه سيكمِلُ الكتابَ، ولك أن تنظر حاله عام 1375 هـ لما قال:«إن كان في العمر بقية»، ثم لما عنَّ له أن يدعوَ بالدعاءِ السابقِ الذي جعلَه ختامَ كتابِه، ثم كان الختامُ منحه جائزةَ الملكِ فيصلٍ العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ

في حياته، ثم يتوفى بعد هذا في العام التالي لهذا مباشرة.

فهارس كتاب سيبويه: هذا العملُ الضخمُ يقعُ في إحدى عشرةَ وتسعِمائةِ صفحةٍ، وهو أكبر عملٍ لفهرسة كتاب نحو، وقالَ الشيخُ في باعثِه على العملِ: «ولمَّا أخرجْتُ المقتضبَ للمبرّدِ صنعْتُ له فهرساً مفصَّلاً ظفرَ بإعجابِ كثيرٍ من الباحثين، وطلبَ مني كثيرٌ من الأصدقاءِ أن أصنعَ لكتابِ سيبويهِ فهرساً مفصَّلاً على غرارِ فهرسِ المقتضبِ، ولمَّا أمكنتني الفرصةُ اهتبلتُها، وشرعْتُ في تحقيقِ هذه الأمنيّةِ».

طبعَ هذا العملُ في طبعتِه الأولى عام 1395هـ، في مطبعةِ السعادةِ في القاهرةِ، وبعدَ هذا أعطَى الشيخُ حقوقَ الطبعِ الأستاذَ عبدَالله العوهليَّ صاحبَ مكتبةِ دارِ العلومِ الذي اشترَى منه حقوقَ الطبعِ، مع جملةِ الفهارسِ الآتي ذكرُها.
فهارسُ المخصّصِ والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ: هذه فهارسُ صنعَها الشيخُ لهذه الكتبِ، على غرارا فهارس الكتاب وفهارس المقتضب، جاءَت فهارسُ المخصَّصِ في مجلدين، والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ كلِّ واحدٍ منهما في مجلَّدٍ واحدٍ، وقد اشترى حقوقَ الطبعِ بالإضافة إلى فهارسِ كتابِ سيبويهِ الأستاذُ الفاضلُ / عبدُ الله العوهلي صاحبُ مكتبةِ دارِ العلومِ،
ودفعَ الحقوقَ الماليَّةَ كاملةً، وكانَ المبلغُ كبيراً في ذلكَ الوقتِ، سلمه للشيخِ مقدَّماً، وكانَ العوهليُّ كريمَ النفسِ حسنَ التعاملِ رحبَ الصدرِ، فصحَّحَ الشيخُ التجربةَ الأولى، وسلَّمها إلى المكتبةِ، ولكنَّ المنيةَ عاجلته، ولم تزلِ الكتبُ حتّى الآنَ تحتاجُ من يقيلُ عثرتَها، ويعينُ صاحبَ دارِ العلومِ على أن تخرجَ في أحسنِ حالٍ، فهو حريصٌ كلَّ الحرصِ على إتقانِ الكتبِ التي تخرجُها الدارُ.
فهارسُ مسائلِ النحوِ والصرفِ في معاني القرآنِ للفرّاءِ: نشرَ في العددِ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ من مجلةِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ.
اللبابُ من تصريفِ الأفعالِ: طبعَ عدَّةَ طبعاتٍ، وخرجَتِ الطبعةُ الخامسةُ في شعبان سنةَ 1391هـ في مطبعةِ السعادةِ في مصرَ، وهو كتابٌ متوسِّطٌ في تصريفِ الفعلِ.
المذكّرُ والمؤنّثُ لابنِ الأنباريِّ؛ دراسةً وتحقيقاً. نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميَّةِ في مصرَ، وخرجَ منه الجزءُ الأوَّلُ عامَ 1401هـ، ووقعَ من الشيخِ موقعاً سبَّبَ له ألماً، يُمكن إرجاعُ ذلك إلى ثلاثةِ أمورٍ، هي:

الأوَّلُ: أنَّ لجنةَ إحياءِ التراثِ تصرَّفَتْ في عملِ الشيخِ في ضوءِ المنهجِ الذي اختطّتْه لنفسِها، فاجتزأَتْ بعضَ الحواشي المطوَّلةِ، واكتفَتِ بالإشارةِ إلى المراجعِ المختلفةِ للمسألةِ الواحدةِ.
الثّانيةُ: أنَّ الكتابَ خرجَ وفيه استدراكاتٌ على الشيخِ وتعقُّباتٌ لم يرَها إلا بعدَ نشرِ العملِ، واستغربَ وجودَها في عملِه.

الثّالِثةُ: أنَّ د. رمضانَ عبدَ التوّابِ استدركَ عليه بعضَ تخريجاتٍ للشواهدِ، وأضافَها في طبعةِ الشيخِ، ووضعَ بينَ قوسينَ (رمضان) إشارةً منه إلى أنها من عملِه،

وهو لم يشاركِ الشيخَ في التحقيقِ، ويرى الشيخُ أنّه ليسَ من حقِّ أحد أن يضيفَ إلى عملِه دونَ علمِه.

كلُّ هذا سبَّبَ إزعاجاً للشيخِ، ومعَ هذا لم يؤثِّرْ على علاقتِه بالدكتورِ رمضانِ عبدِالتوَّابِ، فلمَّا زارَ د. رمضانُ عبدِالتوَّابِ الرياضَ، استقبلَه الشيخُ استقبالاً حَسَناً، ولم يُبْدِ له تبرُّمَه، ولكنَّه طَلَبَ منه أن يتابِعَ معَ المجلسِ الأعلى صدورَ الجزءِ الثَّاني. وتوفي الرجلانِ، ولم يظهرْ باقي الكتابِ حتى الآنَ.

المغني في تصريفِ الأفعالِ: هذا الكتابُ كما قالَ الشيخُ: «ثمرةُ دراسةٍ مستوعبةٍ نفضتُ لها ما وصلَ إليَّ من كتبِ النحوِ والصرفِ ؛ أرجو أن يكونَ فيها غناءٌ في دراسةِ تصريفِ الفعلِ». نشرَ هذا الكتابُ لأوَّلِ مرةٍ عامَ 1375هـ، ثم نشرَ بعدَ ذلك عدةَ مراتٍ، وقد خصَّصَه لتصريفِ الفعلِ، واستوعبَ مسائلَه وختمَه بنماذجَ من أسئلتِه لطلابِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ عام 1957م، وعام 1958 م، وعام 1959م.
المقتضبُ للمبرّدِ، دراسةً وتحقيقاً: نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ الإسلاميِّ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميّةِ في مصرَ. أنجزَ الشيخُ تحقيقَ هذا العملِ الكبيرِ في ستةِ أشهرٍ فقط، وأشارَ إلى هذا فقالَ: «فهرسْتُ كتابَ سيبويه فهرساً مفصَّلاً، حوى مسائلَه مرتّبةً ترتيبَ أبوابِ النحوِ، كما رتّبْتُ شواهدَه باعتبارِ القافيةِ،

وقد أسعفني هذا الفهرسُ في تحقيقِ "المقتضبِ" إذ قد ألزَمْتُ نفسي بعقدِ الصلةِ بينَ كتابِ سيبويهِ والمقتضبِ، وقد اشترطَتِ اللجنةُ. في تعاقدِي لإخراجِ المقتضبِ أن يتمَّ تسليمُ الكتابِ في مدَّةٍ لا تتجاوزُ ستةَ أشهرٍ.

» وقدْ أنجزَ ما وعدَ .

يقعُ الكتابُ في أربعةِ أجزاءٍ كبارٍ، ختمَه بفهارسَ رائعةٍ لمسائلِ النحوِ والصرفِ في الكتابِ، سهَّلَتِ الوصولَ إلى مسائلِه وقضاياه بيسرٍ وسهولةٍ. وقد نشرَ د. أمينُ علي السيد الأستاذُ في قسمِ النحوِ والصرفِ في ذلكَ الوقتِ، وعميدُ دارِ العلومِ بعدَ ذلكَ نقداً لعملِ الشيخِ نشرَه في مجلةِ الكليّةِ العددُ الحادي عشرَ الصفحات 241 – 250، مخالِفاً الشيخَ في ترتيبِ المقتضبِ، وما ارتآه أنه إصلاحٌ له. لم يعقِّبِ الشيخُ على المقالةِ بشيءٍ، ولم يغيرْ من منهجِه شيئاً فقد نشرَ المقتضبُ بعدَ المقالةِ، بل في العامِ نفسَه نشرةً ثانيةً عام 1401هـ، واستدركَ على نفسِه ما رأى إصلاحَه.

هادي الطريق إلى ذخائر التطبيق: أشارَ الشيخُ في مقالتِه التي عنوانُها: النحوُ بينَ التجديدِ والتقليدِ إلى محاولتِه في هذا الكتابِ تيسيرَ النحوِ وتحدَّثَ عنها حديثاً طويلاً، أفاضَ فيه، ومما قالَه: «إنَّ إيماني بهذه الفكرةِ

قديمٌ، وقد سنحَتْ ليَ الفرصةُ منذ خمسةَ عشرَ عاماً،

فأخرجْتُ كتاباً يحملُ هذه الفكرةَ، ويسيرُ على ضوئِها، فكانَ بحقٍّ خطوةً على هذا الطريقِ. كانَ منهجي في هذا الكتابِ أن أعرضَ القواعدَ التي نحتاجُ إليها في استقامةِ ألسنتِنا، وسلامةِ أقلامِنا في عبارةٍ موجزةٍ واضحةٍ، أمَّا الحديثُ عن المسائلِ التي لا صلةَ لها باستقامةِ الأساليبِ فقد تجاوزتُه ولم أشرْ إليه. هذا الكتابُ غطّى نحواً من ثلثِ النحوِ ؛ من المبنيِّ والمعربِ إلى بابِ ظنَّ وأخواتِها، تركتُ الحديثَ فيه عن وجوهِ شبهِ الاسمِ بالحرفِ حينَ البناءِ، والحديثِ عن (أل) وأقسامِها، ورافعِ المبتدأ والخبرِ، هذا هو أهمُّ ما تركْتُ الحديثَ عنه. لم أعتمدْ على كتابٍ واحدٍ، وإنَّما تحدَّثتُ عن كلِّ ما له صلةٌ باستقامةِ الأساليبِ، لو كانَ هذا الحديثُ مذكوراً في غيرِ كتبِ النحوِ، وأمثِّلُ لذلكَ:

1- فائدةٌ: يجوزُ في (قليلٍ) و(كثيرِ) جمعهما جمعَ مذكَّرٍ سالما
....» ثم استمرَّ الشيخُ - رحمَه اللهُ - يسردُ منهجَه، ويصفُ عملَه في الكتابِ، وقد استغرقَ ما يقاربُ سبعَ عشرةَ صفحةً

من ذلك البحثِ. طبعَ هذا الكتابُ في مطبعةِ الاستقامةِ في القاهرةِ 1381هـ، ويقعُ في مائةٍ واثنتينِ وسبعينَ صفحةً.
المقالات
هذه جملةُ مقالاتٍ نشرَها الشيخ، منها ما هو منشورٌ في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ من العددِ الثّالثِ، وهي السنةُ التي قدمَ فيها إلى الرياضِ، ودرَّس في الكليّةِ، حتّى توفَّاه اللهُ، وكان العددُ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ – وهما في مجلَّدٍ واحدٍ - في المطبعةِ، وقد نشرَ الشيخُ في هذا العددِ الأخيرِ بحثينِ، وللهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ، وهذه المقالاتُ هي:
الأحنف بن قيس.
أسلوب الاستثناء في القرآن الكريم.تجربتي في تحقيق التراث.تجربتي مع كتاب سيبويه.أبو حيان وبحره المحيط.جموع التكسير في القرآن الكريم.دراسات لأسلوب القرآن الكريم.فهارس مسائل النحو والصرف في معاني القرآن للفراء.القلب المكاني في القرآن الكريم.لمحات عن دراسة السين وسوف في القرآن الكريم.لمحات عن دراسة العدد في القرآن الكريم.مع أساليب القرآن الكريم.النحو بين التجديد والتقليد.نظرات في أبنية القرآن الكريم.وقد نشرَ مقالةً بعنوانِ: (ردٌّ على مقالِ: لماذا احتقرَ النحويّون المرأةَ ؟)، وهي ردٌّ على د. عدنان رشيد، الذي كتبَ مقالةً في جريدةِ الجزيرةِ تحملُ هذا العنوانَ، فما كانَ من الشيخِ إلا أن ردَّ عليه بهذه المقالةِ، وختمَها بقولِ الشَّاعرِ

ما لمنْ ينصِبُ الحبائلَ في الأرضِ ومرجَاه أن يصيدَ الهلالا.


جهوده في الدراسات العليا

كان للشيخ جهودٌ كبيرةٌ في الدراسات العليا تمثلت في تدريسِه مقرر الصرف في السنة التمهيديةِ طيلة عقده بالإضافة إلى تدريسه مقرر الصرف في السنتين الثالثة والرابعة في كلية اللغة العربية، وكان مثالاً للجدِّ والحزم، لم يتأخر عن محاضرة، ولم يتوان في إيضاح ما يتصدَّى لتدريسه بصورة رائعة. بالإضافة إلى التدريس كان يسهم في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه، ومن هذه الرسائل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الآتي:
أولاً: الماجستير

أشرف على رسائل الماجستير الآتية:

آراء أبي عمرو بن العلاء النحوية واللغوية ؛ جمعها ودراستها؛ تقدم بها المعيد حسن بن محمد الحفظي، وكان من المناقشين زميل د. عضيمة الدكتور أحمد حسن كحيل، ونوقشت هذه الرسالة يوم 29/1/1402هـ.
الزجاج ومذهبه في النحو؛ أنجزها المعيد عبد الرحمن بن صالح السلوم، ونوقشت بتاريخ 20/2/1402هـ.
تحقيق القسم الأول من كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة لعلم الدين السخاوي، وتقدم بها محمود سليمان عبيدات (أردني الجنسية)، واشترك في مناقشتها د. أحمد كحيل، ونوقشت يوم 5/5/1401هـ.
دراسة نحوية لكتاب إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب، وتقدم بها يحيى بشير مصري، (سوري الجنسية)، واشترك في مناقشتها أيضاً د. أحمد كحيل، ونوقشت يوم 1/1/1401هـ، ومن طرائف الشيخ عضيمة في هذه المناقشة بعد أن أنهى المناقشان ملحوظاتها على الرسالة أشار إلى أنه من حق المشرف أن يناقش الطالب فيما اختلف فيه معه، ولم يلتزم الطالب بتعديله، وناقش الرسالة كأنه عضو مناقش، وكانت مناقشة قوية مستفيضة، أبان الشيخ عضيمة عن خلق العلماء والتجرد للعلم، وهي أول مرة تحدث في الكلية، وقد تكررت بعد ذلك في قسم آخر غير قسم النحو والصرف وفقه اللغة.
أثر اختلاف اللهجات العربية في النحو ؛ تقدم بها يحيى بن علي صالح، وأشرف عليها الشيخ عضيمة بالاشتراك مع د. عبد الغفار حامد هلال، ونوقشت مساء يوم 13/8/1402هـ.

ثانياً: رسائل الدكتوراه

أشرف على عدد من رسائل الدكتوراه، ومنها عدد من الرسائل أوشك أصحابها على النهاية، لكن حالت منية الشيخ عن إتمام الإشراف عليها، فأحيلت إلى مشرفين آخرين، ومن الرسائل الدكتوراه الرسالة التي أنجزها د. عبد الله بن سالم الدوسري، وعنوانها: (سيبويه في لسان العرب) ونوقشت يوم 16/6/1403هـ.

علاقاته

كانَ الشيخُ له علاقاتٌ كثيرةٌ واسعةٌ حسنةٌ، ويجيبُ عن جميعِ الرسائلِ التي تأتيه، ولم يتوانَ في الردِّ على رسائلِه، مهما كانَتْ، ومن أيِّ جهةٍ جاءت، كانت له مراسلاتٌ مع عددٍ غيرِ قليلٍ من أساتذة الجامعة في عدد من البلدان العربية.

ومن أبرزِ الأشخاصِ الذين للشيخِ بهم علاقةُ تقديرٍ من غيرِ منسوبي الكليّةِ التي عملَ بها الأستاذُ الدكتورُ حسنُ شاذلي فرهود؛ الذي كانَ يزورُ الشيخَ في سكنه شمالَ جامعِ الرياضِ الكبيرِ، وغيرُه كثيرٌ من السعوديّين على وجهٍ الخصوصِ، وكان الشيخ عضيمة يثني على علم د. حسن فرهود، ويعجبُه عملُه في تحقيق التكملةِ كثيراً. أشرتُ عند حديثي عن المقتضبِ إلى أن د. أمين علي السيد كتبَ نقداً لعملِ الشيخِ في ترتيبِ المقتضبِ، ونشرَه في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ التي ينتميان إليها، ولما قابلَ الشيخُ د. أمينَ السيد لم يظهرْ عليه أثرٌ لتلك المقالةِ، أو أن يسودَ علاقتَهما فتورٌ، بل بقيتِ العلاقةُ على ما كانت عليه.

وأشرْتُ عندَ حديثي عن المذكّرِ والمؤنَّثِ إلى ما صنعَه د. رمضان عبد التواب في عملِ الشيخِ، بل إنّ الاختصاراتِ كانَ التوقُّعُ يشيرُ إلى أنّها من فعلِه، وجاء د. رمضان أستاذاً زائراً لكليةِ اللغةِ العربيةِ، وقابلَ الشيخَ في الكليةِ، وألحَّ الشيخُ عليه بدعوتِه إلى منزلِه، وفعلاً زارَه د. رمضان، وكنْتُ حاضِراً تلك الزيارةَ، وقد احتفَى به الشيخُ أيما حفاوةٍ، وقدّرَه تقديراً رائعاً. وفي تلك الزيارةِ جرى حديثٌ بينهما عن تحقيقِ د. عبدِالسلامِ هارون لكتابِ سيبويهِ، فذكرَ الشيخُ أنَّ له على العملِ ملحوظاتٍ كثيرةً، فعرَضَ عليه د. رمضان أنْ يعيدَ تحقيقَ الكتابِ، فاعتذرَ الشيخُ بأنَّه لا داعيَ له ما دامَ أنَّ الكتابَ خرجَ محقَّقاً، فطلبَ منه أن ينقدَ تحقيقَ عبد السلام هارون، فأطرقَ الشيخُ قليلاً ثم قالَ: هارونُ أحسنَ في تحقيقِ كثيرٍ من كتبِ التراثِ، ولم يوفَّقْ في تحقيقِ الكتابِ، فنحن نغفرُ له هذه من أجلِ تلكَ.

أما العلاقةُ التي كانتْ مبنيةً على إعجابٍ متبادلٍ بين الرجلين فهي علاقته بالأستاذ محمود محمد شاكر، وقد قدّم الأستاذ محمود شاكر لكتاب الدراسات، وكتبَ الشيخُ عضيمة مقالة رائعة بعنوان: (الأستاذ محمود محمد شاكر: كيف عرفته) ونشرت ضمن كتاب دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى فهر بمناسبة بلوغه السبعين ص453- 455.

وفاته

بقيَ الشيخُ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، جرتْ عادتُه طيلة السنوات الماضية أن يقضي إجازة نصف العام – وهي أسبوعان – الأسبوع الأول في مكة المكرمة، ويسكنُ في أحدِ الفنادقِ القريبةِ من الحرمِ، ثم يسافرُ إلى المدينةِ المنوّرةِ ليقضيَ فيها الأسبوعَ الثاني قريباً من المسجدِ النبويِّ.

وفي عام 1404هـ وقبل بدء الامتحاناتِ قدَّم طلباً إلى عميدِ الكلية آنذاك الشيخ ناصر بن عبد الله الطريم، وقالَ في الطلبِ: إنّه بقيَ في المملكةِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، لم يسافرْ خلال إجازة نصف العام إلى مصر، ويطلبُ الإذنَ له بالسفر، ومثلُ الشيخِ لا يردُّ طلبه، فوافقت الكليةُ، وتمَّ الأمر، وكانت إجازةُ نصفِ العامِ تبدأُ بنهايةِ دوامِ يومِ الأربعاءِ 8/4/1404هـ، إلا أنّ الشيخَ رغبَ في تقديمِ سفرِه لظروفِ الحجزِ والطيران، فسافرَ يومِ الثلاثاء 7/4/1404هـ تصحبُه زوجتُه. وبعد وصولِه القاهرةَ استقبله ابنه المعتز، ووقعَ لهم حادثُ سيارةٍ، ووصفت الباحثةُ التي كتبَت عن الشيخِ رسالتها قائلةً: " وحينَ وصلَ وزوجُه إلى مطارِ القاهرة كان في استقبالهما ابنهما محمد المعتز بالله، وقد جلسَ الشيخُ في المقعد الأمامي في السيارةِ، وبادرت الزوجةُ والابنُ بوضعِ الحقائب فيها حين أقبلَت سيارةٌ كبيرةٌ فاصطدمت بسيارتهم، ولم تلحقْ بهم إصاباتٍ بيدَ أن الشيخ أصيبَ بالإغماءِ، وفقدَ وعيُه، فنقلَ إلى مستشفىً قريبٍ، ولكنه ظلّ مغمىً عليه إلى إن تُوفي بعد نحوِ ثمان وأربعين ساعة في 9/4/1404هـ الموافق 12/1/1984م.

هذا ما قالته الباحثةُ، وأثبتته في رسالتها، والروايةُ التي سمعتُها وقت الحادثة والتي نقلت إلى الدكتور أحمد كحيل وهو الذي نقل الخبرَ، وسمعتُه أيضاً من عددٍ من الزملاء المصريين ربما يختلفُ بعضَ الشيء، فبعد وصولهما استقلا السيارة الخاصة، وبعد خروجِهم من المطارِ بمسافةٍ ليست بعيدةً حانت التفاتةٌ من السائق، فانحرفت السيارةُ عن الطريق، واصطدمَت بعمودِ كهرباءَ، وأصيبَ الشيخُ الذي كان يجلس في المقعد الأمامي بضربةٍ في الجبهةِ وأعلى الأنفِ، مما سبّبَ دخولَه في غيبوبةٍ طيلة يومي الثلاثاء والأربعاء، وجاءه أولادُه وبناتُه، وهو ما زالَ في غيبوبةٍ، وأفاقَ بعدَ العشاءِ، وسألَ عن ابنتيه هناء وآيات، وطلبَ أن يراهما، وبقيَ مستفيقاً مدةً ليست طويلةً وانتهت الزيارةُ، فلما جاءَ الأبناء صباحَ اليوم التالي وهو يوم الخميس أفادَ المستشفى أنَّ الشيخ توفي في الليل، يعني ليلة الخميس 9/4/1404هـ. ُ رحمةً واسعةً، وغفرَ له، وأسكنه فسيحَ جنته، وألحقه بالصدّيقينَ والشهداءِ وحسنَ أولئك رفيقاً.

بعض أقواله

للشيخ أقوالٌ كثيرةٌ، تجسِّدُ منهجَه في الحياةِ والبحثِ والتعاملِ معَ الآخرين، وله نظرتُه الثاقبةُ، وآراؤه الدقيقةُ، أمّا في العلمِ فقد بناها على درسٍ وتمحيصٍ وتدقيقٍ، أما في الحياة فقد أملاها ذكاؤه وبصرُه بالناس.

قالَ محمد عبد الخالق عضيمة: «إذا قرأَ النَّاسُ القرآنَ الكريمَ للتدبُّرِ والعبرةِ ونيلِ الثوابِ فلا يشغلُني في قراءةِ القرآنِ إلا الجانبُ النحويُّ ، تشغلُني دراسةُ هذا الجانبِ عن سائرِ الجوانبِ الأخرى. أهوى قراءةَ الشعر، وأحرصُ على حفظِ الجيِّد منه، ولكنَّ جيِّدَ الشعر الذي يصلح لأن يحلَّ محلَّ شواهدِ النحو له تقديرٌ خاصٌّ في نفسي. ورحمَ الله ثعلباً فقد قالَ: اشتغلَ أهلُ القرآنِ بالقرآنِ ففازوا، واشتغل أهلُ الحديثِ بالحديثِ ففازوا، واشتغلَ أهلُ الفقهِ بالفقهِ ففازوا، واشتغلت أنا بزيدٍ وعمرٍو ، فيا ليت شعري ماذا تكونُ حالي في الآخرةِ».
وقال أيضاً: «وفي رأيي أنَّه لا يجملُ بالمتخصِّصِ في مادَّتِه العاكفِ على دراستِها أن تكونَ طبعاتُ كتابِه صورةً واحدةً لا أثر فيها لتهذيبٍ أو قراءاتٍ جديدةٍ ، فإن القعودَ عن تجديدِ القراءةِ سمةٌ من سماتِ الهمودِ، ولونٌ من ألوانِ الجمودِ». وقال: « وليس من غرضي في إخراج المقتضب أن أزهوَ به، وأحطَّ من قدر سواه، فإنِّي أكرمُ نفسي عن أن أكون كشخصٍ كلَّما ترجم لشاعرٍ جعله أشعرَ الشعراءِ».قال:« فحديثي اليوم إنما هو وحيٌ هذه التجربة ، وثمرة تلك الممارسة والمعاناة ، ولكلِّ إنسانٍ تجربته ، فإذا كان لغيري تجربةٌ أخرى ، أو رأيٌ آخر يخالف ما أذكرُه أو استفسارٌ فليكتب لي عن ذلك بعد الفراغ من المحاضرة ، وعلم الله أنَّي لا أضيقُ بالرأيِ المخالفِ ، وفي يقيني أنَّ المناقشةَ تنضجُ الرأيَ وتهذِّبَه». وقال: « لقد سجَّلت كثيراً مما فاتَ النحويين ، وليسَ من غرضي أن أتصيَّد أخطاءهم ، وأردَّ عليها ، ولسْتُ أزعم أنَّ القرآنَ قد تضمَّن جميعَ الأحكامِ النحويةِ ، فالقرآنُ لم ينزل ليكونَ كتابَ نحوٍ ، وإنَّما هو كتابُ تشريعٍ وهدايةٍ ، وإنَّما أقولُ: ما جاءَ في القرآن كانَ حجّةً قاطعةً، وما لم يقعْ في القرآنِ نلتمسُه في كلامِ العربِ ، ونظيرُ هذا الأحكامُ الشرعيةُ ؛ إذا جاءَ الحكمُ في القرآن عُملَ به ، وإن لم يرد به نصٌّ في القرآنِ التمسناه في السنَّةِ وغيرها».

المصادر

أباظة، نزار؛ المالح، محمد رياض (1 يناير 1999). إتمام الأعلام. دار صادر - بيروت. ص. 249. مؤرشف من الأصل في 2020-08-03.
الجوادي، د محمد. "محمد عبد الخالق عضيمة.. سيبويه العصر الحديث". www.aljazeera.net. مؤرشف من الأصل في 2020-06-12. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-03.
"الدكتور محمد عبدالخالق عضيمة". online.fliphtml5.com. مؤرشف من الأصل في 2020-08-03. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-03.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين 13 ، 14 ص 753
الشيخ عضيمة وجهوده اللغوية ص7.
الأستاذ محمود شاكر: كيف عرفته. للشيخ عضيمة (ضمن دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى أبي فهر) 453.
أشار إلى هذا في بحث دراسات لأسلوب القرآن الكريم. انظر:مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الخامس ص87.
تصدير بقلم الأستاذ محمود شاكر ؛ دراسات لأسلوب القرآن الكريم القسم الأول الصفحات جـ - د.
دراسات لأسلوب القرآن الكريم ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد الخامس 87.
دراسات لأسلوب القرآن الكريم ؛ مجلة كلية اللغة العربية ، العدد الخامس 81.
دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/4/649
"King Faisal Prize --الشيخ الدكتور محمد عبد الخالق عضيمة الفائز بجائزة الملك فيصل لعام ١٤٠٣هـ/١٩٨٣م". مؤرشف من الأصل في 2019-11-03. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-03.
فهارس كتاب سيبويه 5.
لم أنشرْ هذا الكلامَ حتَّى استأذنْتُ أخي الكريمَ الأستاذَ / عبد الله العوهلي فيه ، وقرأتُه عليه كاملاً ، فأضاف أنَّ الشيخَ تعالى لم يشترط قيمة، وإنما هو الذي قدَّرها، وأن الشيخ استكثر المبلغ وبخاصة أنه دفع مقدَّماً، فوفاءً للرجلين الشيخ والعوهليِّ أثبت هذا للتاريخ، وكان اتصالي بالأستاذ عبد الله العوهلي صباح يوم الأحد الثاني عشر من شهر صفر الخير من هذا العام 1427هـ ، لأستأذنه في نشر ما كتبته عنه إن لم ير مانعاً من ذلك.
انظر: الصفحات 5هـ1، 9هـ1، 10 هـ1، 11هـ1، وغيرَها من الصفحاتِ التي جاءَ في هوامشِها مثل هذا.
انظر: ص65هـ5، وص87هـ2 مثلاً،
على عادة الشيخ في فهرسة ما يقرأ.
هي لجنة إحياء التراث الإسلامي في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر.
هي لجنة إحياء التراث الإسلامي في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر
يعني تيسير النحو.
كان حديثه هذا عام 1396 هـ ، ويعني به خروج كتابه هادي الطريق الذي أنهاه وكتب مقدمته في 14من شهر شعبان 1381هـ.
انظر هذه الفائدة في: هادي الطريق إلى ذخائر التطبيق 11.
النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السادس 88-89.
النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السادس الصفحة 88.
ff
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد العاشر ص331 - 353.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين الثالث عشر والرابع عشر ص11-29.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الحادي عشر ص157-178.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الرابع ص35 -53.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السابع ص 13 - 50.
مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الأحساء العدد الثاني 349.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الخامس ص 81-100.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العددين الثالث عشر والرابع عشر ص187-216.
مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية العدد الأول ص273 -284.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الثالث ص65-70.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الثاني عشر ص 11-56.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد التاسع ص13-27.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد السادس ص11-106.
مجلة كلية اللغة العربية ؛ العدد الثامن ص 13- 52.
الجزيرة العدد 3118 ، الجمعة 23/4/1401هـ.
الشيخ عضيمة وجهوده اللغوية 12-13.
النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد السادس الصفحة 82.
المغني في تصريف الأفعال الصفحة 4.
المقتضب 1/126 (ط: الثانية).
النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد السادس 82-83.

النحو بين التجديد والتقليد ؛ مجلة كلية اللغة العربية العدد السادس صفحة 95.

[https://kingfaisalprize.org/ar/professor-mohammad-a-odaimah/]

[1]

عنت







محمد عبد الخالق عضيمة
الرئيسيةفهرس المؤلفين

كتب المؤلف
المغني في تصريف الأفعال

الكتاب: المغني في تصريف الأفعال المؤلف: محمّدُ بنُ عبدِ الخالقِ بنِ عليِّ بنِ عضيمةَ (ت ١٤٠٣هـ) الناشر: دار الحديث- القاهرة الطبعة: الثانية ١٤٢٠هـ-١٩٩٩م عدد الصفحات: ٢٤ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
دراسات لأسلوب القرآن الكريم

الكتاب: دراسات لأسلوب القرآن الكريم المؤلف: محمد عبد الخالق عضيمة (ت ١٤٠٤ هـ) تصدير: محمود محمد شاكر الناشر: دار الحديث، القاهرة الطبعة: بدون عدد الأجزاء: ١١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تعريف بالمؤلف
محمّدُ بنُ عبدِ الخالقِ بنِ عليِّ بنِ عضيمة

(مولدُه)
• وُلِدَ في تاريخِ ٤/ ١ /١٣٢٨ هـ الموافق ١٥/ ١/١٩١٠ م، في قريةِ (خبَّاطةَ) [كانَتْ من أعمالِ مديريةِ الغربيةِ، هي الآنَ من قرى محافظةِ كفرِ الشّيخِ].

(تعليمه)
• معهدِ طنطا الأزهريِّ وأنهى الدراسةَ فيه عامَ ١٩٣٠ م.
• كليةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ، وتخرَّجَ فيها عامَ ١٩٣٤ م.
• حصلَ على شهادةِ التخصُّصِ [الماجستيرُ الآن] عام ١٩٤٠ م، بعنوانِ (المشترك في كلام العربِ).
• حصلَ على العالميّةِ العاليةِ [الدكتوراه] عام ١٩٤٣ م، بدرجةِ ممتازٍ، وكانَ أوَّلَ من أخذَ درجةَ امتيازٍ، وعنوان الرسالة (أبو العباسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيةِ).

(شيوخُه)
• في كليةِ اللغةِ العربيةِ: المحاضرون أمثال الشيخِ إبراهيمَ الجبالي، والشيخِ سليمان نوار والشيخِ محمَّد محيي الدّينِ والأستاذِ أحمد نجاتي والأستاذِ عليِّ الجارم، والدكتورِ عبدِ الوهاب عزّام
• الأستاذ محمد نور الحسن: ذكر د. عضيمة أنه كان يقرأ عليه في منزله.

(حياته الاجتماعية)
له ثمانيةً من الولدِ، ثلاثةُ أبناءٍ؛ هم: صفيُّ الدينِ وبه يكنى، فكنيةُ الشيخِ أبو صفيٍّ، وأيمنُ والمعتزُّ باللهِ، وخمسُ بنات

(رحلاتُه)
• الأولى: بعد حصولِه على الشهادةِ العالميةِ أوفدَ إلى مكّةَ المكرمةِ، في شهرِ صفرٍ عامَ ١٣٦٦ هـ، يناير عام ١٩٤٧ م، وفيها بدأَ العملَ في كتابِه: (دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ)،
• الثّانيةُ: إلى ليبيا، إلى مركزِ الدراساتِ العليا في واحةِ جغبوب، وبقيَ حتى قيامِ ثورةِ الفاتحِ من أيلول.
• الثالثةُ: إلى الرياضِ حتىّ توفَّاه اللهُ، وكانَتْ ما بينَ عامي ١٣٩٢ هـ حتَّى عام ١٤٠٤ هـ.

(مؤلفاته)
١ - أبو العبَّاسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيّةِ: (أطروحة الدكتوراه)، وقد طبعتْه مكتبةُ الرشدِ بعدَ وفاته ِ
٢ - دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ: (ضخم في ١١ مجلدا) [فاز بجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ لعامِ ١٤٠٣ هـ].
• بدأت فكرة الكتاب في مكةَ المكرّمةِ، عندما خطر له أن ينظرَ في استعمالِ القرآنِ لبعضِ حروفِ المعاني، فمثلاً (إلا) الاستثنائيةُ لها وجوهٌ كثيرةٌ في كلام العربِ، فهل استعملَ القرآنُ هذه الوجوهَ كلَّها أو بعضَها دونَ بعضٍ.
• ثم قرر أن تكون دراسته تعتمدُ على الاستقراءِ التام، وقسمه ٣ أقسام:
- القسم الأول: الحروفُ والأدواتُ في القرآنِ أمضَى فيه أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً (٣ مجلدات)
- القسم الثاني: الجانب الصرفي (٤ مجلدات)
- القسم الثالث: الجانب النحوي (٤ مجلدات)، وبهذا تم الكتاب في أحد عشر مجلداًّ.
٣ - فهارس كتاب سيبويه
٤ - فهارسُ المخصّصِ والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ
٥ - فهارسُ مسائلِ النحوِ والصرفِ في معاني القرآنِ للفرّاءِ: نشرَ في العددِ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ من مجلةِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ.
٦ - اللبابُ من تصريفِ الأفعالِ: كتابٌ متوسِّطٌ في تصريفِ الفعلِ.
٧ - المذكّرُ والمؤنّثُ لابنِ الأنباريِّ؛ دراسةً وتحقيقاً: نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميَّةِ في مصرَ، وخرجَ منه الجزءُ الأوَّلُ عامَ ١٤٠١ هـ، ولم يظهرْ باقي الكتابِ حتى الآنَ.
٨ - المغني في تصريفِ الأفعال: قالَ الشيخُ: " ثمرةُ دراسةٍ مستوعبةٍ نفضتُ لها ما وصلَ إليَّ من كتبِ النحوِ والصرفِ؛ أرجو أن يكونَ فيها غناءٌ في دراسةِ تصريفِ الفعلِ ".
٩ - المقتضبُ للمبرّدِ، دراسةً وتحقيقاً: نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ الإسلاميِّ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميّةِ في مصرَ.
١٠ - هادي الطريق إلى ذخائر التطبيق: حاول فيه تيسيرَ النحوِ، وقال: كانَ منهجي في هذا الكتابِ أن أعرضَ القواعدَ التي نحتاجُ إليها في استقامةِ ألسنتِنا، وسلامةِ أقلامِنا في عبارةٍ موجزةٍ واضحةٍ، أمَّا الحديثُ عن المسائلِ التي لا صلةَ لها باستقامةِ الأساليبِ فقد تجاوزتُه ولم أشرْ إليه.

(وفاته)
توفي - رحمه الله - بالقاهرة في ٩/ ٤/ ١٤٠٤ هـ الموافق ١٢/ ١/ ١٩٨٤ م إثر حادث سيارة







وقفة مع كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم
اسم الكاتب: إسلام ويب
تاريخ النشر:18/05/2009
التصنيف:كتب قرآنية معاصرة

يعد كتاب "دراسات لأسلوب القرآن الكريم"، لمؤلفه محمد عبد الخالق عضيمة أول دراسة تقوم على استقراء أسلوب القرآن في جميع رواياته المتواترة والشاذة. كتاب وصفه شيخ العربية وإمام المحققين بأنه "عمل قام به فرد واحد، لو قامت به جماعة لكان لها مفخرة باقية. فمن التواضع أن يسمى هذا العمل الذي يعرضه هذا الكتاب "معجماً نحوياً صرفياً للقرآن العظيم". هذا ما قاله الأستاذ محمود محمد شاكر في حق هذا الكتاب في أثناء تصديره له.

الغرض من الكتاب

ذكر المؤلف في مقدمة كتابه أنه وضع هذا الكتاب؛ ليصنع للقرآن الكريم معجماً نحوياً صرفياً، يكون مرجعاً لدارس النحو. فهذا الغرض الأساس من عمل المؤلف في هذا الكتاب؛ إذ كانت الحاجة ماسَّة إلى وضع دراسة شاملة لأسلوب القرآن الكريم في جميع رواياته، وذلك أن هذه القراءات ثروة لغوية ونحوية جديرة بالدرس، وفيها دفاع عن النحو، تعضد قواعده، وتدعم شواهده.

ولا يعني تصريح المؤلف بما تقدم أن فائدة هذه الدراسة محصورة بدارسي النحو واللغة فحسب، بل إن المفسر والمشتغل بالقرآن بحاجة ماسَّة أيضاً لهذا النوع من الدراسة التي تتناول أسلوب القرآن من جوانب متعددة.

مضمون الكتاب

يتركز موضوع الكتاب على ثلاثة جوانب أساسية: يتناول المؤلف في الجانب الأول حروف المعاني (الأدوات النحوية)، فيدرسها دراسة موسعة، مستوعباً جمع تلك الحروف والأدوات في مواضعها كافة في القرآن بحسب الترتيب الأبجدي، فيبتدئ بالحرف (إذ) وينتهي بأداة النداء (يا) مبيناً معنى كل حرف من هذه الحروف (الأدوات)، وناقلاً لأقوال اللغويين والمفسرين فيها، ومناقشاً ومستدركاً عليهم ما بدا له من رأي. وقد استغرقت دراسة هذه الحروف (الأدوات) ثلاثة أجزاء، وهي القسم الأول من الكتاب.

الجانب الثاني يتعلق بالجانب الصرفي، ويتناول المؤلف هذا الجانب بحسب تقسيم الأبواب والأوزان الصرفية، فبدأ هذا الجانب بالحديث عن صيغة (أفعل) وأبنيته، وانتهي بالحديث عن الإعلال، وما بينهما من مباحث صرفية، كالمفرد والجمع، والتذكير والتأنيث، وغير ذلك. وقد استغرقت دراسة هذا الجانب من المؤلف أربعة أجزاء، وهي تشكل القسم الثاني من الكتاب.

الجانب الثالث من موضوع الكتاب يتعلق بالجانب النحوي، وقد تناول المؤلف في هذا الجانب جميع الأبواب النحوية بحسب ترتيب النحويين لها، فبدأ هذا القسم بلمحات عن دراسة الضمائر بأنواعها، ثم بدراسة عن الأسماء الموصولة، فدراسة المبتدأ والخبر، والفاعل واسم الفاعل واسم المفعول...وثنى بدارسة الفعل بأزمنته الثلاثة، فبدأ بالفعل الماضي ثم المضارع ثم الأمر، وختم بدارسة فعل التعجب. وقد استغرقت دراسة هذا الجانب من المؤلف أربعة أجزاء أيضاً. فجاء الكتاب في مجموعه في أحد عشر جزءاً.

وبدراسة هذه الأقسام الثلاثة يكون المؤلف قد استوعب دارسة كل كلمة من القرآن الكريم، باعتبار أن الكلام إما حرف وإما اسم وإما فعل ولا رابع لها. وقد ذكر المؤلف أن الآيات والقراءات التي وردت في بحثه أو أشير إليها تجاوزت (28700) آية، ما يدل على الجهد الذي بذله المؤلف في هذه الدراسة.

منهج المؤلف

أشرنا إلى أن المؤلف رتب القسم الأول المتعلق بدارسة حروف المعاني ترتيباً أبجدياً، وجمع تحت كل حرف ما ورده تحته من حروف قرآنية، وأنه رتب القسمين الثاني والثالث بحسب ترتيب أبواب النحو والصرف، وجمع في كل باب ألفاظه القرآنية؛ ليسهل على القارئ الوقوف على الآيات عن طريق هذه الألفاظ.

وقد قدَّم المؤلف بين يدي دراسة كل حرف أو باب صرفي أو نحوي مختصراً واضحاً لعناصر الدراسة التفصيلية، واختار لفعله هذا العنوان التالي: "لمحات عن دراسة..."، وقد آثر المؤلف هذا المسلك لسببين:

الأول: تقريب الدراسة إلى نفوس القراء على اختلاف درجاتهم الثقافية، وتيسرها لهم، فمن أراد اكتفى بالقدر المختصر، ومن أراد المزيد ولج في التفصيل.

الثاني: حرية نقل النصوص في الدراسة التفصيلية، لأن البحوث النحوية إن لم ترتكز على النصوص كانت كلاماً إنشائياً.

مآخذ المؤلف على النحويين

قارئ هذا الكتاب لا يعجزه أن يجد أن المؤلف قد بذل جهداً غير عادي فيما قرره ووصل إليه من نتائج، ولعل من الأمور المهمة التي تستوقف قارئ هذا الكتاب تلك الانتقادات والاستدراكات التي يأخذها المؤلف على النحويين المتقدمين وعلى المفسرين كذلك، هذا من جانب، ومن جانب آخر يبرز دفاع المؤلف عن القراء، الذين نقلوا إلينا روايات القرآن المتواتر منها والشاذ.

والمؤلف إذ يفعل ذلك لا يفعله تحيزاً لطرف على حساب طرف، بل يتحيز لما يؤيده الدليل، ويرشد إليه البحث. وينطلق المؤلف بهذا الصدد من نقطة مهمة قد يغفلها البعض حاصلها أن القرآن الكريم برواياته كافة، المتواترة والشاذة، حجة في اللغة، وعدم توفر شرط التواتر في القراءة الشاذة لا يجعلها غير صالحة للاحتجاج؛ لأن رواية الواحد من أهل اللغة إذا كانت معتبرة ومقبولة، ، فمن باب أولى أن تكون رواية القارئ أجدر بالقبول والاعتبار.

من جملة المآخذ التي يأخذها المؤلف على النحويين ما ذكره من أن "سيبويه استشهد بالشعر أكثر من استشهاده بالقرآن". ومن هذا القبيل ما ذكره من أن "للنحويين قوانين كثيرة لم يحتكموا فيها لأسلوب القرآن، فمنعوا أساليب كثيرة جاء نظيرها في القرآن". ويقول أيضاً: "ولبعض النحويين جرأة عجيبة: يجزم بأن القرآن خلا من بعض الأساليب من غير أن ينظر في القرآن ويستقري أساليبه". ومن ذلك أيضاً قوله: "بعض النحويين يُخطئ في حصر ما جاء في القرآن"، وقوله: "في كتب النحو ذِكْرُ بعض المسائل من غير استشهاد لها بكلام العرب، أو القرآن، على حين أن شواهدها كثيرة جداً"، وقوله: "النحويين كثر منهم تلحين القراء الأئمة، يستوي عندهم في ذلك القراءات المتواترة وغيرها". وقوله: "كتب النحو واللغة والتفسير وغيرها تضمنت نصوصاً كثيرة في الطعن على الأئمة القراء، الذين تواترت قراءاتهم في السبع، والذين ارتضت الأمة الإسلامية قراءاتهم".

وقد تحدث المؤلف حول ما ينسبه النحويون للقراء من تلحين القراءة، وبين خطأ ذلك وشفع كل ذلك بالأمثلة الموضحة لهذا المسلك. ومما نقله بهذا الصدد عن أهل العلم قولهم: "إن القراءة لا تتبع العربية، بل العربية تتبع القراءة"، وقولهم: "وليس القصد تصحيح القراءة بالعربية، بل تصحيح العربية بالقراءة".

والمؤلف إذ يفعل ذلك لم يكن غرضه التصيد والتتبع، بل تقرير ما هو واقع، ثم هو بعدُ لا يطلق كلامه من غير دليل، بل يأتي على كل مأخذٍ من المآخذ التي أخذها على النحويين والمفسرين بأمثلة تبين صحة ما قرره.

مزايا الكتاب

ألمحنا في فاتحة القول إلى أن هذا الكتاب يعد أول دراسة تقوم على استقراء أسلوب القرآن في جميع رواياته المتواترة والشاذة، ما يعني أننا إلى قبل صدور هذا الكتاب لم نكن لنقف على دراسة مستوعبة لجميع ألفاظ القرآن الكريم برواياته المختلفة استقراءً وتحليلاً وتوجيهاً.

وقد أشار المؤلف نفسه إلى نحو هذا، فقال: "جعلت كتابي قائماً برأسه، مستغنياً بنفسه، لا يحتاج الناظر فيه إلى الرجوع إلى شيء من كتب النحو". وبالفعل، فإن الكتاب يعد مرجعاً لا غنى عنه لمن يريد أن يتعرف على أسلوب القرآن من جهة اللفظ ومن جهة التركيب، وذلك في آياته كافه، وقراءاته المختلفة، وهذا ما لا نجده في غيره من الكتب.

ومما يميز هذا الكتاب أيضاً ما يمنحه لقارئه من دافع للبحث والجِدِّ، وهو ما يفقده كثير من المشتغلين بالبحث والدرس. يقول د.عبد الله عبد المحسن التركي، وهو بصدد تصديره للقسم الثاني من هذه الدراسة: "إنها صورة رائعة لمتابعة الدرس، وموالاة البحث من غير كلل ولا ملل".

وما يميز هذه الدراسة غير ما تقدم -كما يقول د. التركي- أنها "أَثْرَت الدراسات النحوية إثراء عظيماً، وحفلت بكثير من الطرائف والفرائد؛ وما ذاك إلا لكثرة المراجع التي رجع إليها المؤلف وتنوعها"، ما يجعلها محط أنظار الباحثين، يقبلون عليها، وينهلون من معارفها".

وقد أجمل الشيخ شاكر قيمة هذا الكتاب بقوله: إن"الشيخ لم يترك مجالاً للاستدراك على عمله العظيم، فكل ما أستطيع أن أقوله، إنما هو ثناء مستَخْرَج من عمل يثني على نفسه".

بعض نتائج الدراسة

خَلَص الباحث -بالإضافة لما ألمحنا إليه- إلى بعض النتائج أفضت إليها دراسته الاستقرائية للقرآن الكريم، من ذلك:

وقع الفعل المضارع المثبت كثيراً في القرآن بعد الاستفهام، وخلا من التوكيد إلا في آية واحدة جاء مؤكداً وهي قوله تعالى: {فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ} (الحج:15).

لم يقع خبر (لا) النافية للجنس اسماً صريحاً مفرداً، وإنما جاء ظرفاً وجاراً ومجروراً. كقوله تعالى: {لا فيها غول} (الصافات:47).

عطف (ثم) للاسم المفرد لم يقع في القرآن، وإنما جاءت عاطفة للجملة، كقوله تعالى: {فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون} (البقرة:28).

رأي للشيخ شاكر

ذكر الشيخ شاكر أن المؤلف قد ظن أن الأوائل قد شغلهم الشعر عن النظر في شواهد القرآن، ويبدو أن هذا الرأي لم يرق للشيخ شاكر فقال: "والذي ظن الأستاذ أن القدماء قد فرغوا هممهم له، هو في الحقيقة ناقص يحتاج إلى تمام، وتمامه أن يهيئ الله للناس من يقوم لهم في الشعر بمثل ما قام به هو في القرآن".

ولا شك، فإن قراءة هذا الكتاب/المعجم ليس بالأمر اليسير، ولا يقدر على ذلك إلا من رُزق صبراً جميلاً، وأوتي جَلَداً كبيراً، لكن ما هو ممكن، بل ما هو مطلوب العودة إلى هذا الكتاب للوقوف على كثير مما يُشْكِل علينا في فهم ألفاظ القرآن تركيباً وأسلوباً.

الكتاب صدرت طبعته الأولى عن دار الحديث في القاهرة، 1425هـ-2004م، وصدرت طبعته هذه في أحد عشر مجلداً، كل مجلد في حدود ستمائة صفحة.
مواد ذات الصله
المقالات
المكتبة
كتاب: بلاغ الرسالة القرآنية
كتاب اختلاف السلف في التفسير بين التنظير والتطبيق
كتاب التحرير في أصول التفسير









******************

معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم (ص: 12)
المؤلف: الدكتور ف. عبد الرحيم (=فانيامبادي عبد الرحيم)
دراسات لأساليب القرآن الكريم:
هو كتاب ضخم يقع في أحد عشر مجلداً، وينقسم إلى ثلاثة أقسام؛ ويحتوي القسم الأول على ثلاثة أجزاء، ويحتوي كل من القسمين الثاني والثالث على أربعة أجزاء. خصص القسم الأول لدراسة حروف المعاني، والقسم الثاني لدراسة مباحث الصرف، والقسم الثالث لدراسة مباحث النحو.
عكف المؤلف على إنجازه خمسة وعشرين عاماً، وهو كتاب كبير في مبناه، وعظيم في معناه. أما كبر مبناه فيظهر من قول المؤلف: إنه» الآيات والقراءات في هذا المبحث، أو أشير إليها (28700) «اهـ؛ وأما عظم معناه فيتضح من قول الشيخ محمود محمد شاكر رحمه الله في تصديره للكتاب إن المؤلف أودعه» معرفة واسعة مستوعبة تامة لدقائق علم النحو، وعلم الصرف، وعلم اختلاف الأساليب «.
يرى المؤلف أن هذا الكتاب معجم نحوي صرفي للقرآن الكريم، ويقول موضحاً هدفه من وضعه:» استهدفت أن أضع للقرآن الكريم معجماً نحوياً صرفياً يكون مرجعاً لدارس النحو، فيستطيع أن يعرف متى أراد: أوقع مثل هذا الأسلوب في القرآن أم لا؟ وإذا كان في القرآن فهل ورد كثيراً أو قليلاً، وفي قراءات متواترة أو شاذّة؟ كما أنه يستطيع أن يحتكم إليه في الموازنة بين الأقوال المختلفة كما كان يفعل الصدر الأول في الاحتكام إلى كلام الفصحاء ومشافهتهم قبل أن يدبَّ اللحن إلى الألسنة « (1) .
__________
(1) دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1: 1: 1. (القسم الأول: الجزء الأول: ص 1) .


معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم (ص: 13)
غير أنه ليس معجماً بالمعنى المعروف والشكل المألوف، إنما هو كتاب يدرس فيه المؤلف المسائل الصرفية والنحوية الواردة في القرآن الكريم، والآيات المجموعة الواردة في الكتاب إنما جمعها المؤلف خدمة لهذه الدراسة. ولكن الكتاب يحوي نواة للمعجم، ويمكن تحويل المواد الواردة فيه إلى معجم.
منهج الكتاب:
1) يبدأ المؤلف دراسة مسألة ما تحت عنوان» لمحات عن دراسة (1) في القرآن الكريم «يذكر فيه ما يمهد لدراسة المسألة دراسة مفصلة في المبحث الذي يليه. يقول المؤلف موضحاً هدفه من هذا العنوان:» رأيت أن أقدم أمام دراسة كل حرف (2) صورة واضحة موجزة لعناصر الدراسة التفصيلية، واخترت لها عنوان (لمحات عن دراسة) ، وهذه اللمحات أشبه بما تفعله الإذاعات في صدر نشراتها الإخبارية من تقديم موجز الأنباء، وآثرت هذا المنهج لأمرين:
أ) تقريب هذه الدراسة إلى نفوس القرَّاء على اختلاف درجاتهم الثقافية، وتيسيرها لهم، فمن شاء اكتفى بهذا القدر، ومن شاء رجع إلى الدراسة التفصيلية.
ب) كفل هذا المنهج لي حريَّة نقل النصوص في الدراسة التفصيلية «.
2) ثم يعقد فصلاً بعنوان» دراسة في القرآن الكريم «يفصل فيه الكلام على وجوهها مع ذكر شواهد كثيرة من القرآن الكريم.
__________
(1) هنا يذكر المسألة المدروسة.
(2) إنما ذكر الحرف لأنه بدأ مشروعه هذا بدراسة حروف المعاني، ثم أكمله بدراسة المسائل الصرفية والنحوية كلها.


معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم (ص: 14)
لقد وجد الشيخ عضيمة باستقراء بعض المسائل النحوية في القرآن الكريم أن ما جاء في القرآن الكريم يخالف بعض القواعد النحوية التي ذكرها النحاة. يقول الشيخ موضحاً هذه النتائج التي توصَّل إليها:
وللنحويين قوانين كثيرة لم يحتكموا فيها لأسلوب القرآن، فمنعوا أساليب كثيرة جاء نظيرها في القرآن، من ذلك:
1) ذكر سيبويه قبح» كلّ «المضافة إلى نكرة في أن يلي العوامل، فقال (1: 274) :» " أكلت شاة كلَّ شاةٍ " حسن، و" أكلت كلَّ شاة " ضعيف «.
جاء» كلّ «المضافة إلى نكرة مفعولاً به في 36 موضعاً في القرآن الكريم، كما تصرّفت في وجوه كثيرة من الإعراب.
2) منع السهيلي أن تلى» كلّ «المقطوعة عن الإضافة العوامل، نحو:» ضربت كلاً «، و» مررت بكلٍّ « (نتائج الفكر ص 227) .
جاءت» كلّ «المقطوعة عن الإضافة مفعولاً به، ومجرورة بالحرف متأخرة عن فعلها في آيات من القرآن.
3) اشترط الزمخشري في خبر» أنَّ «الواقعة بعد» لو «أن يكون خبرها فعلاً (المفصَّل 2: 216) .
جاء خبرها في القرآن اسماً جامداً، واسماً مشتقاً.
4) منع ابن الطراوة أن يقع المصدر المؤوَّل من» أن «والفعل مضافاً إليه (الهمع 2: 3) .
جاء المصدر المؤوَّل من» أن «والفعل مضافاً إليه في ثلاثة وثلاثين موضعاً في القرآن.
5) منع النحويون وقوع الاستثناء المفرَّغ بعد الإيجاب، وعلَّلوا ذلك بأن وقوعه بعد الإيجاب يتضمن المحال أو الكذب.


معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم (ص: 15)
وفي القرآن ثماني عشرة آية وقع فيها الاستثناء المفرغ بعد الإيجاب، وفي بعضها كان الإيجاب مؤكداً مما يبعد تأويله بالنفي، كقوله تعالى:
* {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (2: 45) .
* {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} (2: 143) .
* {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (12: 66) .
ذكر المؤلف أمثلة أخرى، ونحن نكتفي بهذا القدر.


معجم المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم (ص: 16)
نتائج واقتراحات:
يتضح من هذه الدراسة أنه لم يوضع إلى الآن معجم شامل للمسائل الصرفية والنحوية الواردة في القرآن الكريم، ونقترح أن يصمم برنامج حاسوبي لمثل هذا المعجم، ويضمَّن إمكان إعادة تصنيف الآيات الخاصة بمسألة ما تصنيفات فرعية، ولنشرح هذه الفكرة بمثال. ففي مجال المفعول المطلق - مثلاً - تظهر أولاً جميع الآيات التي تتضمن المفعول المطلق. وبإمكاننا توزيع هذه الشواهد على أساس الغرض من المصدر، فتتوزع على الأصناف الآتية:
(1) ما جاء فيه المصدر مؤكداً لعامله
(2) ما جاء فيه المصدر مبيناً لنوعه
(3) ما جاء فيه المصدر مبيناً لعدده
(4) ما جاء فيه المصدر نائباً عن فعله
وبلمسة أخرى لأحد المفاتيح نستطيع أن نوزعها على أساس العناصر التي نابت عن المصدر.
مما لا شك فيه أن مثل هذا البرنامج سيمنح الباحثين في مجال النحو إمكانات هائلة لدراسة المسائل النحوية والصرفية الواردة في القرآن الكريم، وكذلك سيساعد مؤلفي كتب النحو الدراسية في اختيار الشواهد المناسبة للمسائل النحوية إن شاء الله.
ونذيل البحث بنموذجين لتصنيف الأدوات تصنيفاً يساعد الباحث على دراستها.





















شرح حال محمد بن عبد الخالق بن علي بن عضيمة-دراسات لأسلوب القرآن الكريم(1328 - 1404 هـ = 1910 - 1984 م)