(ج) حال سيدتنا عقيلة بني هاشم بطلة كربلاء المعلى زينب الكبرى عليها السلام
(1) ولادتها عليها السلام
(1) قال جلال الدين السيوطي في رسالته «الزينبية»:
ولدت زينب عليها السلام في حياة جدها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كانت لبيبة، جزلة، عاقلة، لها قوة جنان، فإن الحسن عليه السلام ولد قبل وفاة جده بثمان سنين، و الحسين عليه السلام بسبع سنين، و زينب الكبرى بخمس سنين.
(2) فاطمة الزهراء عليها السلام من المهد إلى اللحد:
ولدت السيدة زينب الكبرى عليها السلام في السنة الخامسة من الهجرة؛
و هي المولود الثالث للبيت النبوي العلوي الشريف الأرفع.
(3) زينب الكبرى للنقدي: هي الثالثة من أولاد فاطمة عليها السلام؛
كانت ولادة هذه الميمونة الطاهرة في الخامس من شهر جمادى الأولى في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة، على ما حققه بعض الأفاضل.
و قيل: في شعبان في السنة السادسة للهجرة، و قيل: في السنة الرابعة؛
و قيل: في أواخر شهر رمضان في السنة التاسعة للهجرة، و هذا القول باطل لا
__________________________________________________
(1) 114.
(2) 2/ 19.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج11-قسم-2-فاطمةس، ص: 946
يمكن القول بصحته، لأن فاطمة عليها السلام توفيت بعد والدها في السنة العاشرة أو الحادية عشرة للهجرة- على إختلاف الروايات- فإذا كانت ولادة زينب في السنة التاسعة- و هي كبرى بناتها-
فمتى كانت ولادة أم كلثوم؟ و متى حملت بالمحسن و أسقطته لستة أشهر؟
لأن المدة الباقية من ولادة زينب عليها السلام على هذا القول إلى حين وفاة امها غير كافية.
و الذي يترجح عندنا هو أن ولادة زينب عليها السلام كانت في الخامسة من الهجرة؛
و ذلك حسب الترتيب الوارد في أولاد الزهراء عليها السلام، أضف إلى ذلك أن الخبر المروي في «البحار» عن «العلل» في باب معاشرة فاطمة مع علي عليهما السلام جاء فيه:
«حملت الحسن على عاتقها الأيمن، و الحسين على عاتقها الأيسر؛
و أخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى، ثم تحولت إلى حجرة أبيها صلى الله عليه و آله و سلم».
و أم كلثوم هذه إن كانت هي زينب عليها السلام فذلك دليل على أنها كانت كبيرة؛
و إن كانت اختها فذاك دليل على أن امها عليها السلام تركت زينب عليها السلام لتنوب منابها في الشؤون المنزلية، فهي كانت كبيرة إذن.
و قد روى صاحب «ناسخ التواريخ» في كتابه: أن زينب عليها السلام أقبلت عند وفاة امها؛
و هي تجر رداءها و تنادي: يا أبتاه، يا رسول الله، الآن عرفنا الحرمان من النظر إليك.
و روى هذه الرواية صاحب «البحار» عن «الروضة» بهذا اللفظ:
و خرجت أم كلثوم و عليها برقعة تجر ذيلها، متجلببة برداء عليها تسحبهما و هي تقول: يا أبتاه، يا رسول الله، الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا.
و أم كلثوم هذه هي زينب عليها السلام من غير شك، كما صرح باسمها في رواية صاحب «الناسخ»، و لكونها أكبر بنات فاطمة عليها السلام، و هذا دليل واضح على أنها كانت عند وفاة امها في السادسة أو السابعة من عمرها، و لهذا الخبر نظائر و مؤيدات؛
منها: ما نقله في «الطراز المذهب» عن «بحر المصائب» عن بعض الكتب:
لما دنت الوفاة من النبي صلى الله عليه و آله و سلم، رأى كل من أمير المؤمنين و الزهراء عليهما السلام رؤيا تدل
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج11-قسم-2-فاطمةس، ص: 947
على وفاته صلى الله عليه و آله و سلم، فأخذا بالبكاء و النحيب.
فجاءت زينب، إلى جدها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قالت: يا جداه، رأيت البارحة رؤيا أنها انبعثت ريح عاصفة سودت الدنيا و ما فيها و أظلمتها، و حركتني من جانب إلى جانب، فرأيت شجرة عظيمة فتعلقت بها من شدة الريح، فإذا بالريح قلعتها و ألقتها على الأرض، ثم تعلقت على غصن قوي من أغصان تلك الشجرة فقطعتها أيضا، فتعلقت بفرع آخر فكسرته أيضا، فتعلقت على أحد الفرعين من فروعها فكسرته أيضا؛
فاستيقظت من نومي. فبكى صلى الله عليه و آله و سلم، و قال:
الشجرة جدك، و الفرع الأول امك فاطمة، و الثاني أبوك علي، و الفرعان الآخران هما أخواك الحسنان، تسود الدنيا لفقدهم، و تلبسين لباس الحداد في رزيتهم. «1»
(2) اسمها عليها السلام
لما ولدت زينب عليها السلام جاءت بها امها الزهراء عليها السلام إلى أبيها أمير المؤمنين عليه السلام و قالت: سم هذه المولودة، فقال: ما كنت لأسبق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم- و كان في سفر له-
و لما جاء صلى الله عليه و آله و سلم و سأله علي عليه السلام عن اسمها، فقال: ما كنت لأسبق ربي تعالى؛
فهبط جبرئيل عليه السلام يقرأ السلام من الله الجليل و قال له:
سم هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم؛
ثم أخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى النبي صلى الله عليه و آله و سلم، و قال:
من بكى على مصائب هذه البنت، كان كمن بكى على أخويها الحسن و الحسين.
(3) كنيتها عليها السلام
و تكنى بام كلثوم، كما تكنى بام الحسن أيضا، و لم نقف على حقيقته، و يقال لها: زينب الكبرى للفرق بينها و بين من سميت باسمها من أخواتها، و كنيت بكنيتها، كما أنها تلقبت بالصديقة الصغرى للفرق بينها و بين امها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام. «2»
__________________________________________________
(1) 18- 19.
(2) زينب الكبرى عليها السلام للنقدي: 16- 17.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج11-قسم-2-فاطمةس، ص: 948
(4) ألقابها عليها السلام المأثورة و غير المأثورة
1- عالمة غير معلمة
2- فهمة غير مفهمة
3- كعبة الرزايا
4- نائبة الزهراء
5- نائبة الحسين
6- مليكة الدنيا
7- عقيلة النساء
8- العقيلة
9- شريكة الشهيد
10- كفيلة السجاد
11- ناموس رواق العظمة
12- سيدة العقائل
13- سر أبيها
14- سلالة الولاية
15- وليدة الفصاحة
16- شقيقة الحسن
17- عقيلة خدر الرسالة
18- رضيعة ثدي الولاية
19- البليغة
20- الفصيحة
21- الصديقة الصغرى
22- الموثقة
23- عقيلة الطالبيين
24- الفاضلة
25- الكاملة
26- عابدة آل علي
27- عقيلة الوحي
28- شمسة قلادة الجلالة
29- نجمة سماء النبالة
30- المعصومة الصغرى
31- قرينة النوائب
32- محبوبة المصطفى
33- قرة عين المرتضى
34- صابرة محتسبة
35- عقيلة النبوة
36- ربة خدر القدس
37- قبلة البرايا
38- رضيعة الوحي
39- باب حطة الخطايا
40- خفرة علي و فاطمة
41- ربيبة الفضل
42- بطلة كربلا
43- عظيمة بلواها
44- عقيلة قريش
45- الباكية
46- سليلة الزهراء
47- أمينة الله
48- آية من آيات الله
49- مظلومة وحيدة
50- عقيلة بني هاشم
51- الأرومة الهاشمية
52- فرع من فروع الشجرة الطيبة.
53- عديلة الخامس من أهل الكساء. «1»
__________________________________________________
(1) توجد هذه الألقاب الشريفة في «زينب الكبرى» للنقدي، و «الخصائص الزينبية» للجزائري، و ديوان آية الله الغروي الأصفهاني: «الأنوار القدسية»، و «عقيلة الوحي» للسيد شرف الدين.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج11-قسم-2-فاطمةس، ص: 949
(5) كلمات الأعلام في شأنها عليها السلام
(1) قال العلامة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين (ره):
فلم ير أكرم منها أخلاقا، و لا أنبل فطرة، و لا أطيب عنصرا، و لا أخلص جوهرا، إلا أن يكون جدها و اللذين أولداها.
و كانت ممن لا يستفزها نزق، و لا يستخفها غضب، و لا يروع حلمها رائع؛
آية من آيات الله في ذكاء الفهم، و صفاء النفس، و لطافة الحس، و قوة الجنان، و ثبات الفؤاد، في أروع صورة من صور الشجاعة و الإباء و الترفع. «1»
(2) قال العلامة الشيخ جعفر النقدي:
و لقد كانت نشأة هذه الطاهرة الكريمة و تربية تلك الدرة الثمينة زينب عليها السلام في حضن النبوة و درجت في بيت الرسالة، رضعت لبان الوحي من ثدي الزهراء البتول، و غذيت بغذاء الكرامة من كف ابن عم الرسول، فنشأت نشأة قدسية، و ربيت تربية روحانية، متجلببة جلابيب الجلال و العظمة، مرتدية رداء العفاف و الحشمة، فالخمسة أصحاب العباء عليهم السلام هم الذين قاموا بتربيتها و تثقيفها و تهذيبها، و كفاك بهم مؤدبين معلمين. «2»
(3) قال العلامة المجاهد السيد محسن الأمين (ره):
كانت زينب عليها السلام من فضليات النساء، و فضلها أشهر من أن يذكر، و أبين من أن يسطر، و تعلم جلالة شأنها، و علو مكانتها، و قوة حجتها و رجاحة عقلها، و ثبات جنانها و فصاحة لسانها، و بلاغة مقالها كأنها تفرغ عن لسان أبيها أمير المؤمنين عليه السلام من خطبها بالكوفة و الشام؛
و ليس عجبا من زينب عليها السلام، أن تكون كذلك و هي فرع من فروع الشجرة الطيبة النبوية، و الأرومة الهاشمية، جدها الرسول، و أبوها الوصي، و امها البتول، و أخواها لامها و أبيها الحسنان، و لا بدع أن جاء الفرع على منهاج أصله ... «3»
__________________________________________________
(1) عقيلة الوحي: 24.
(2) زينب الكبرى: 19.
(3) أعيان الشيعة: 33/ 191.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج11-قسم-2-فاطمةس، ص: 950
(4) قال العلامة المامقاني (ره): أقول: زينب، و ما زينب! و ما أدراك ما زينب!
هي عقيلة بني هاشم، و قد حازت من الصفات الحميدة ما لم يحزها بعد امها أحد، حتى حق أن يقال: هي الصديقة الصغرى؛
هي في الحجاب و العفاف فريدة، لم ير شخصها أحد من الرجال في زمان أبيها و أخويها إلى يوم الطف، و هي في الصبر و الثبات و قوة الإيمان و التقوى وحيدة، و في الفصاحة و البلاغة كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام، كما لا يخفى على من أمعن النظر في خطبتها.
و لو قلنا بعصمتها لم يكن لأحد أن ينكر إن كان عارفا بأحوالها في الطف و ما بعده، كيف و لو لا ذلك لما حملها الحسين عليه السلام مقدارا من ثقل الإمامة أيام مرض السجاد عليه السلام، و ما أوصى إليها بجملة من وصاياه،
و لما أنابها السجاد نيابة خاصة في بيان الأحكام و جملة اخرى من آثار الولاية.
أ لا ترى ما رواه الصدوق في «إكمال الدين» و الشيخ (ره) في كتاب «الغيبة» مسندا عن أحمد بن إبراهيم قال: دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي أبي الحسن العسكري عليها السلام في سنة اثنتين و ثمانين بعد المائتين، فكلمتها من وراء حجاب، و سألتها عن دينها، فسمت لي من نأتم به، ثم قالت: فلان ابن الحسن؛
فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبرا؟
فقالت: خبرا عن أبي محمد عليه السلام كتب به إلى امه.
فقلت لها: فأين المولود؟ فقالت: مستور،
فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدة أم أبي محمد
فقلت لها: أقتدي بمن في وصيته إلى المرأة؟ فقالت:
اقتد بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، إن الحسين بن علي عليهما السلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي بن أبي طالب عليهم السلام في الظاهر، و كان ما يخرج عن علي بن الحسين من علم ينسب إلى زينب بنت علي عليهما السلام تسترا على علي بن الحسين عليهما السلام ... «1»
__________________________________________________
(1) تنقيح المقال: 3/ 79.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج11-قسم-2-فاطمةس، ص: 951
(5) قال ابن الأثير الجزري:
و كانت زينب عليها السلام امرأة عاقلة لبيبة جزلة، زوجها أبوها علي عليه السلام من عبد الله ابن أخيه جعفر، فولدت له عليا و عونا الأكبر و عباسا و محمدا و أم كلثوم، و كانت مع أخيها الحسين عليه السلام لما قتل، و حملت إلى دمشق، و حضرت عند يزيد بن معاوية؛
و كلامها ليزيد حين طلب الشامي اختها فاطمة بنت علي عليه السلام من يزيد، مشهور مذكور في التواريخ، و هو يدل على عقل و قوة جنان ... «1»
(6) قال محمد فريد وجدي: