بسم الله الرحمن الرحیم
الفتوح، ج 5، ص 20-21
ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية قال: فلم جاء إليه محمد ابن الحنفية رضي اللّه عنه قال: يا أخي فدتك نفسي! أنت أحب الناس إليّ و أعزهم عليّ و لست و اللّه أدخر النصيحة لأحد من الخلق و ليس أحد أحق بها منك فإنك كنفسي و روحي و كبير أهل بيتي و من عليه اعتمادي و طاعته في عنقي لأن اللّه تبارك و تعالى قد شرفك و جعلك من سادات أهل الجنة. و إني أريد أن أشير عليك برأيي فاقبله مني. فقال له الحسين: قل ما بدا لك! فقال: أشير عليك أن تنجو نفسك عن يزيد بن معاوية و عن الأمصار ما استطعت، و أن تبعث رسلك إلى الناس و تدعوهم إلى بيعتك فإني إن بايعك الناس و تابعوك حمدت اللّه على ذلك، و قمت فيهم بما يقوم فيهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و الخلفاء الراشدون المهديون من بعده حتى يتوفاك اللّه و هو عنك راض و المؤمنون كذلك كما رضوا عن أبيك و أخيك، و إن أجمع الناس على غيرك حمدت اللّه على ذلك ، و إني خائف عليك أن تدخل مصرا من الأمصار أو تأتي جماعة من الناس فيقتتلون فتكون طائفة منهم معك و طائفة عليك فتقتل منهم. فقال له الحسين: يا أخي! إلى أين أذهب؟ قال: أخرج إلى مكة فإن اطمأنت بك الدار فذاك الذي تحب و أحب، و إن تكن الأخرى خرجت إلى بلاد اليمن فإنهم أنصار جدك و أخيك و أبيك، و هم أرأف الناس و أرقهم قلوبا و أوسع الناس بلادا و أرجحهم عقولا، فإن اطمأنت بك أرض اليمن و إلا لحقت بالرمال و شعوب الجبال و صرت من بلد إلى بلد لتنظر ما يؤول إليه أمر الناس و يحكم بينك و بين القوم الفاسقين. فقال له الحسين: يا أخي! و اللّه لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوى لما بايعت و اللّه يزيد بن معاوية أبدا و قد قال (صلّى اللّه عليه و سلّم): «اللّهم! لا تبارك في يزيد» قال: فقطع عليه محمد ابن الحنفية الكلام و بكى فبكى معه الحسين ساعة ثم قال: جزاك اللّه يا أخي عني خيرا! و لقد نصحت و أشرت بالصواب و أنا أرجو أن يكون إن شاء اللّه رأيك موفقا مسددا، و إني قد عزمت على الخروج إلى مكة و قد تهيأت لذلك أنا و إخوتي و بنو إخوتي و شيعتي و أمرهم أمري و رأيهم رأيي. و أما أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة فتكون لي عينا عليهم و لا تخف عليّ شيئا من أمورهم. قال: ثم دعا الحسين بدواة و بياض و كتب فيه.
وصية الحسين رضي اللّه عنه لأخيه محمد رضي اللّه عنه فكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب لأخيه محمد ابن الحنفية المعروف ولد علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: إن الحسين بن علي يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله، جاء بالحق من عنده، و أن الجنة حق و النار حق. و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أن اللّه يبعث من في القبور، و إني لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما، و إنما خرجت لطلب النجاح و الصلاح في أمة جدي محمد (صلّى اللّه عليه و سلّم) أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر و أسير بسيرة جدي محمد (صلّى اللّه عليه و سلّم) و سيرة أبي علي بن أبي طالب و سيرة الخلفاء الراشدين المهديين رضي اللّه عنهم، فمن قبلني بقبول الحق فاللّه أولى بالحق، و من ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي [اللّه] بيني و بين القوم بالحق و يحكم بيني و بينهم [بالحق] و هو خير الحاكمين، هذه وصيتي إليك يا أخي! و ما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت و إليه أنيب، و السلام عليك و على من اتبع الهدى، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم. قال: ثم طوى الكتاب الحسين و ختمه بخاتمه و دفعه إلى أخيه محمد ابن الحنفية ثم ودعه و خرج في جوف الليل يريد مكة بجميع أهله ، و ذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان في سنة ستين،
المقتل للخوارزمی، ج 1، ص 271-273
و تهيأ الحسين عليه السّلام، و عزم على الخروج من المدينة، و مضى في جوف اللّيل الى قبر أمه، فصلّى عند قبرها و ودعها، ثم قام من قبرها، و صار إلى قبر أخيه الحسن عليه السّلام ففعل كذلك، ثم رجع إلى منزله في وقت الصبح، فأقبل إليه أخوه - محمد بن الحنفية -، فقال له: يا أخي! فديتك نفسي أنت أحبّ الناس إلي و أعزهم عليّ، و لست و اللّه أدخر النصيحة لأحد من الخلق، و ليس أحد أحق بها منك لأنك مزاج مائي و نفسي و روحي و بصري، و كبير أهل بيتي، و من وجب طاعته في عنقي، لأنّ اللّه تبارك و تعالى قد شرفك و جعلك من سادات أهل الجنّة، إني اريد أن اشير عليك فاقبل مني. فقال له الحسين: «قل، يا أخي! ما بدا لك»؟ فقال: اشير عليك أن تتنحى بنفسك عن يزيد بن معاوية، و عن الأمصار ما استطعت، و أن تبعث رسلك إلى الناس فتدعوهم إلى بيعتك، فإن بايعك الناس حمدت اللّه على ذلك، و قمت فيهم بما كان يقومه رسول اللّه، و الخلفاء الراشدون المهديون من بعده، حتى يتوفاك اللّه و هو عنك راض، و المؤمنون عنك راضون، كما رضوا عن أبيك و أخيك، و إن اجتمع الناس على غيرك حمدت اللّه على ذلك و سكت و لزمت منزلك، فإني خائف عليك أن تدخل مصرا من الأمصار، أو تأتي جماعة من النّاس فيقتتلون، فتكون طائفة منهم معك، و طائفة عليك فتقتل بينهم. فقال له الحسين: «يا أخي! فإلى أين أذهب»؟ قال: تخرج إلى مكة فإن اطمأنت بك الدار بها، فذاك الذي تحب، و إن تكن الاخرى خرجت إلى - بلاد اليمن - فإنهم أنصار جدك و أبيك و أخيك، و هم أرأف و أرق قلوبا، و أوسع الناس بلادا، و أرجحهم عقولا، فإن اطمأنت بك - أرض اليمن - فذاك، و إلاّ لحقت بالرمال، و شعوب الجبال، و صرت من بلد إلى بلد، حتى تنظر ما يؤول إليه أمر الناس، و يحكم اللّه بيننا و بين القوم الفاسقين.
فقال له الحسين: «يا أخي! و اللّه، لو لم يكن في الدنيا ملجأ و لا مأوى، لما بايعت يزيد بن معاوية، قد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله: اللّهمّ! لا تبارك في يزيد، فقطع محمد الكلام و بكى، فبكى معه الحسين ساعة، ثم قال: «يا أخي! جزاك اللّه عني خيرا، فلقد نصحت، و أشرت بالصواب، و أرجو أن يكون رأيك موفقا مسددا، و أنا عازم على الخروج إلى مكة، و قد تهيأت لذلك: أنا و إخوتي و بنو أخي و شيعتي، ممن أمرهم أمري و رأيهم رأيي، و أما أنت، يا أخي! فلا عليك أن تقيم في - المدينة - فتكون لي عينا عليهم، و لا تخف عليّ شيئا من امورهم». ثم دعا الحسين عليه السّلام بدواة و بياض، و كتب فيها هذه الوصية لأخيه محمد. بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ «هذا ما أوصى به - الحسين بن عليّ بن أبي طالب - إلى أخيه - محمد ابن علي - المعروف «بابن الحنفية»، إن الحسين بن علي يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمدا عبده و رسوله، جاء بالحق من عند الحق، و أن الجنّة و النار حقّ، و أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، و أنّ اللّه يبعث من في القبور. إني لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما، و إنما خرجت أطلب الإصلاح في أمّة جدي محمد صلّى اللّه عليه و آله اريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر، و أسير بسيرة جدي محمد، و سيرة أبي علي بن أبي طالب، و سيرة الخلفاء الراشدين. فمن قبلني بقبول الحق، فاللّه أولى بالحقّ، و من ردّ عليّ هذا، صبرت حتّى يقضي اللّه بيني و بين القوم بالحقّ، و يحكم بيني و بينهم، و هو خير الحاكمين. هذه وصيتي إليك، يا أخي! و ما توفيقي إلاّ باللّه عليه توكلت و إليه انيب، و السلام عليك، و على من اتّبع الهدى، و لا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم». ثمّ طوى الحسين كتابه هذا، و ختمه بخاتمه، و دفعه إلى أخيه محمّد، ثمّ ودّعه و خرج في جوف اللّيل يريد «مكّة» في جميع أهل بيته، و ذلك لثلاث ليال مضين من شهر شعبان سنة ستين،
تسلیه المجالس، ج 2، ص 159-161
قال: قطع محمد بن الحنفيّة الكلام و بكى، فبكى [معه] الحسين عليه السلام ساعة، ثمّ قال: يا أخي، جزاك اللّه خيرا فقد نصحت و أشرت بالصواب، و أنا عازم على الخروج إلى مكّة، و قد تهيّأت لذلك أنا و إخوتي و بنو أخي و شيعتي ممّن أمرهم أمري و رأيهم رأيي، و أمّا أنت يا أخي فما عليك أن تقيم بالمدينة، فتكون لي عينا عليهم لا تخف عنّي شيئا من امورهم. [وصيّة الحسين عليه السلام لأخيه محمد بن الحنفيّة] ثمّ دعا الحسين عليه السلام بدواة و بياض و كتب هذه الوصيّة لأخيه محمد رضي اللّه عنه: بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن عليّ بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفيّة، أنّ الحسين يشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أنّ محمدا عبده و رسوله، جاء بالحقّ من عند الحقّ، و أنّ الجنّة و النار حقّ، و أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، و أنّ اللّه يبعث من في القبور، و أنّي لم أخرج أشرا و لا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما، و إنّما خرجت لطلب الاصلاح في أمّة جدّي صلّى اللّه عليه و آله، اريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر، و أسير بسيرة جدّي محمد صلّى اللّه عليه و آله و أبي عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فمن قبلني بقبول الحقّ فاللّه أولى بالحقّ، و من ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي اللّه بيني و بين القوم بالحقّ [و يحكم بيني و بينهم] و هو خير الحاكمين، و هذه وصيّتي يا أخي إليك، و ما توفيقي إلاّ باللّه، عليه توكّلت و إليه انيب.
قلت: و هذه الوصيّة معنى قول أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه الّذي رواه سيّدنا و مفخرنا السيّد محمد الرضيّ بن الحسين الموسوي رضي اللّه عنه في كتابه الّذي جمعه من كلام جدّه أمير المؤمنين عليه السلام و سمّاه ب «نهج البلاغة» في باب الكلام القصير في قوله صلوات اللّه عليه: روى ابن جرير الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه - و كان ممّن خرج لقتال الحجّاج مع ابن الأشعث - أنّه قال فيما كان يحضّ به الناس على القتال : إنّي سمعت عليّا رفع اللّه روحه في الصالحين، و أثابه ثواب الشهداء و الصدّيقين، يقول -: لمّا لقينا أهل الشام -: أيّها المؤمنون، إنّه من رأى عدوانا يعمل به و منكرا يدعى إليه، فأنكره بقلبه فقد سلم و برىء ، و من أنكره بلسانه فقد اجر، و هو أفضل من صاحبه، و من أنكره بالسيف لتكون كلمة اللّه العليا و كلمة الظالمين السفلى فذلك الّذي أصاب سبيل الهدى، و أقام على الطريقة المثلى ، و نوّر في قلبه اليقين .
المنتخب فخری ،ص 410
خرجت اطلب الاصلاح
«مسند ابن الجعد» (ص299):
«2031 - حدثني جدي، نا يزيد بن هارون، نا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري _ قال يزيد: فقلت لفضيل رفعه؟ قال: أحسبه قد رفعه _ قال: " من قال حين يخرج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا إني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا رياء، ولا سمعة، خرجت خوف سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وكل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته "
2032 - حدثنا أحمد بن منصور، نا يحيى بن أبي بكير، نا فضيل، عن عطية، عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يشك»
«مسند أحمد» (17/ 248 ط الرسالة):
«أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وكل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته " (1)
11157 - حدثنا يزيد، أخبرنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، عن
_________
(1) إسناده ضعيف كسابقه، وقد روي موقوفا وهو أشبه.
وأخرجه ابن ماجه (778) من طريق الفضل بن الموفق، والطبراني في "الدعاء" (421) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (84) من طريق عبد الله بن صالح العجلي، كلاهما عن فضيل بن مرزوق، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/211 عن وكيع بن الجراح، عن فضيل، به، موقوفا. قال أبو حاتم في "العلل" 2/184: الموقوف أشبه.
وله شاهد لا يفرح به من حديث بلال عند ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (83) ، وفي إسناده الوازع بن نافع العقيلي، قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك.
قال السندي: قوله: "بحق السائلين عليك"، أي: متوسلا إليك في قضاء الحاجة وإمضاء المسألة بما للسائلين عندك من الفضل الذي يستحقونه عليك بمقتضى فضلك ووعدك وجودك وإحسانك، ولا يلزم منه الوجوب المتنازع فيه عليه تعالى، لكن لإبهامه الوجوب بالنظر إلى الأفهام القاصرة يحترز عنه علماؤنا الحنفية، ويرون أن إطلاقه لا يخلو عن كراهة.
وقوله: "أشرا" بفتحتين: افتخارا.
وقوله: "ولا بطرا" بفتحتين: إعجابا.
وقوله: "بوجهه"، أي: ينظر إليه نظرة رحمة ولطف»
«العقد الفريد» (3/ 178):
الشعبي عن أم سلمة قالت: كان النبي صلّى الله عليه وسلم إذا خرج في سفر يقول: «اللهم إني أعوذ بك أن أزل أو أزل، أو أضلّ أو أضلّ، أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ» .
وقالت: من خرج في طاعة الله، فقال: اللهم إني لم أخرج أشرا «4» أو بطرا «5» ، ولا
«العقد الفريد» (3/ 179):
«رياء ولا سمعة، ولكني خرجت ابتغاء مرضاتك واتقاء سخطك؛ فأسألك بحقك على جميع خلقك أن ترزقني من الخير أكثر مما أرجو، وتصرف عني من الشر أكثر مما أخاف. استجيب له بإذن الله»