رجال الكشي - إختيار معرفة الرجال، النص، ص: 47
97- قال الكشي: و روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية و هو
__________________________________________________
(1)- في النسخة: لطلبك.
(2)- مسح الله مابه: اي ازاله و عافاه.
(3)- اى دنت و لحقت.
(4)- عار فرسه: انفلت و ذهب.
(5)- الحية السوداء العظيمة و السالخ صفة لها لانسلاخ جلدها في كل عام.
رجال الكشي - إختيار معرفة الرجال، النص، ص: 48
عامله على المدينة: أما بعد. فإن عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق و وجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي، و ذكر أنه لا يأمن وثوبه، و قد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد «1» الخلاف يومه هذا، و لست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده، فاكتب إلي برأيك في هذا! و السلام.
فكتب إليه معاوية: أما بعد- فقد بلغني كتابك و فهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين، فإياك أن تعرض للحسين في شيء و اترك حسينا ما تركك، فإنا لا نريد أن تعرض له في شيء ما وفى ببيعتنا و لم ينز على «2» سلطاننا، فاكمن عنه «3» ما لم يبد لك صفحته! و السلام.
98- و كتب معاوية إلى الحسين بن علي (ع) أما بعد- فقد انتهت إلي أمور عنك: إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها و لعمر الله إن من أعطى الله عهده و ميثاقه لجدير بالوفاء، و إن كان الذي بلغني باطلا فإنك أنت أعزل «4» الناس لذلك و عظ نفسك فاذكر و لعهد الله «5» أوف! فإنك متى تنكرني أنكرك «6» و متى تكدني أكدك، فاتق شقك «7» عصا هذه الأمة و أن يردهم الله على يديك في فتنة، فقد عرفت الناس و بلوتهم «8»، فانظر لنفسك و دينك
__________________________________________________
(1)- في ج و الترتيب: يريد.
(2)- لم ينازعنا سلطاننا- خ. نزى ينزو: وثب.
(3)- فاكمن عليه- خ. و الكمون: الاختفاء.
(4)- اعدل،. اعذل- خ.
(5)- و بعهد الله- خ.
(6)- في النسخ الخطية: فانك متى انكرك تنكرنى و متى اكدك تكدنى.
(7)- شق- خ.
(8)- و قلوبهم- خ.
رجال الكشي - إختيار معرفة الرجال، النص، ص: 49
و لأمة محمد (ص) و لا يستخفنك السفهاء و الذين لا يعلمون.
99- فلما وصل الكتاب إلى الحسين (ع) كتب إليه: أما بعد- فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب «1» و أنا بغيرها عندك جدير: فإن الحسنات لا يهدي لها و لا يسدد «2» إليها إلا الله، و أما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني: فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاءون بالنميم، و ما أريد لك حربا و لا عليك خلافا، و ايم الله إني لخائف لله في ترك ذلك و ما أظن الله راضيا بترك ذلك و لا عاذرا بدون الإعذار فيه إليك و في أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة و أولياء الشياطين، أ لست القاتل حجر بن عدي أخا كندة و المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم و يستعظمون البدع و لا يخافون في الله لومة لائم ثم قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة لا تأخذهم «3» بحدث كان بينك و بينهم و لا بإحنة «4» تجدها في نفسك، أ و لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله (ص) العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه و اصفرت لونه بعد ما آمنته و أعطيته من عهود الله و مواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك و استخفافا بذلك العهد، أ و
__________________________________________________
(1)- اى و مضمون كتابك انك معرض عنها و انا راغب إليها و بغيرها جدير. و في الإحتجاج: و زعمت انى راغب فيها و انا بغيرها عنك جدير.
(2)- سد ده: ارشده الى الصواب.
(3)- و لا تأخذهم- خ.
(4)- بالكسر فالسكون الحقد.
رجال الكشي - إختيار معرفة الرجال، النص، ص: 50
لست المدعي زياد ابن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك و قد قال رسول الله (ص) الولد للفراش و للعاهر «1» الحجر، فتركت سنة رسول الله (ص) تعمدا و تبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على العراقين يقطع أيدي المسلمين و أرجلهم و يسمل «2» أعينهم و يصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة و ليسوا منك، أ و لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي (ع) فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي! فقتلهم و مثل بهم بأمرك، و دين علي (ع) و الله الذي كان يضرب عليه أباك و يضربك، و به جلست مجلسك الذي جلست، و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف أبيك الرحلتين «3»، و قلت فيما قلت انظر لنفسك و لدينك و لأمة محمد و اتق شق عصا هذه الأمة و أن تردهم إلى فتنة: و إني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها و لا أعظم نظرا لنفسي و لديني و لأمة محمد (ص) و علينا «4» أفضل من أن أجاهدك، فإن فعلت فإنه قربة إلى الله و إن تركته فإني أستغفر الله لديني و أسأله توفيقه لإرشاد أمري، و قلت فيما قلت إني إن أنكرتك تنكرني و إن أكدك تكدني: فكدني ما بدا لك فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في و أن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك، على أنك قد ركبت
__________________________________________________
(1)- عهر إليها: أتاها للفجور و عمل المنكرة.
(2)- سمل عينه: قلعها.
(3)- اشارة الى قوله تعالى رحلة الشتاء و الصيف.
(4)- و لنا- خ.
رجال الكشي - إختيار معرفة الرجال، النص، ص: 51
بجهلك و تحرضت «1» على نقض عهدك، و لعمري ما وفيت بشرط و لقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح و الأيمان و العهود و المواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا و قتلوا، و لم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا و تعظيمهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا، فأبشر يا معاوية بالقصاص و استيقن بالحساب و اعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها، و ليس الله بناس لأخذك بالظنة «2» و قتلك أوليائه على التهم و نفيك أوليائه من دورهم إلى دار الغربة، و أخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر و يلعب بالكلاب «3»، لا أعلمك إلا و قد خسرت نفسك و تبرت دينك و غششت رعيتك و أخربت أمانتك و سمعت مقالة السفيه الجاهل و أخفت الورع التقي لأجلهم «4»- و السلام.
فلما قرأ معاوية الكتاب، قال: لقد كان في نفسه ضب ما أشعر «5» به.
فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه جوابا تصغر إليه نفسه و تذكر فيه أباه بشر فعله! قال، و دخل عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال له معاوية: أ ما
__________________________________________________
(1)- و تحرصت- خ.
(2)- بالكسر فالتشديد: بمعنى التهمة و هي بالضم جمعها التهم بالضم فالفتح.
(3)- و في الإحتجاج: بالكعاب و هو فصوص النرد.
(4)- في الإحتجاج: الحليم.
(5)- شعر يشعر به من باب نصر: علم او احس به. و الضب: الحقد الخفى.
رجال الكشي - إختيار معرفة الرجال، النص، ص: 52
رأيت ما كتب به الحسين قال و ما هو قال، فاقرأه الكتاب، فقال و ما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه و إنما قال ذلك في هوى معاوية، فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي فضحك معاوية فقال أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك، قال عبد الله فقد أصاب يزيد.
فقال معاوية أخطأتما أ رأيتما لو أني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه، و مثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل و ما لا يعرف، و متى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل «1» بصاحبه و لا يراه الناس شيئا كذبوه، و ما عسيت أن أعيب حسينا، و و الله ما أرى للعيب فيه موضعا و قد رأيت أن أكتب إليه أتوعده و أتهدده ثم رأيت ألا أفعل و لا أمحله «2»..
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج44، ص: 212
9- كش، رجال الكشي روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية و هو عامله على المدينة أما بعد فإن عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق و وجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي و ذكر أنه لا يأمن وثوبه و قد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلاف يومه هذا و لست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا و السلام فكتب إليه معاوية أما بعد فقد بلغني و فهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين فإياك أن تعرض للحسين في شيء و اترك حسينا ما تركك فإنا لا نريد أن نعرض له في شيء ما وفى بيعتنا و لم ينازعنا سلطاننا فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته و السلام و كتب معاوية إلى الحسين بن علي ع أما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها و لعمر الله إن من أعطى الله عهده و ميثاقه لجدير بالوفاء فإن كان الذي بلغني باطلا فإنك أنت أعزل الناس لذلك و عظ نفسك فاذكر و بعهد الله أوف فإنك متى ما تنكرني أنكرك و متى ما تكدني أكدك فاتق شق عصا هذه الأمة و أن يردهم الله على يديك في فتنة فقد عرفت الناس و بلوتهم فانظر لنفسك و لدينك و لأمة محمد- و لا يستخفنك السفهاء و الذين لا يعلمون فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه كتب إليه أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أنه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب و أنا بغيرها عندك جدير فإن الحسنات لا يهدي لها و لا يسدد إليها إلا الله و أما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاءون بالنميم و ما أريد لك حربا و لا عليك خلافا و ايم الله إني لخائف لله في ترك ذلك و ما أظن الله راضيا بترك ذلك و لا عاذرا بدون الإعذار فيه إليك و في أولئك القاسطين الملحدين حزب الظلمة و أولياء الشياطين أ لست القاتل حجرا أخا كندة و المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم-
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج44، ص: 213
و يستعظمون البدع و لا يخافون في الله لومة لائم ثم قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة و لا تأخذهم بحدث كان بينك و بينهم و لا بإحنة تجدها في نفسك أ و لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله ص العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه و صفرت لونه بعد ما أمنته و أعطيته من عهود الله و مواثيقه ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك و استخفافا بذلك العهد أ و لست المدعي زياد ابن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك و قد قال رسول الله ص الولد للفراش و للعاهر الحجر فتركت سنة رسول الله تعمدا و تبعت هواك بغير هدى من الله ثم سلطته على العراقين يقطع أيدي المسلمين و أرجلهم و يسمل أعينهم و يصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة و ليسوا منك أ و لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي فقتلهم و مثل بهم بأمرك و دين علي ع و الله الذي كان يضرب عليه أباك و يضربك و به جلست مجلسك الذي جلست و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف أبيك الرحلتين «1» و قلت فيما قلت انظر لنفسك و لدينك و لأمة محمد و اتق شق عصا هذه الأمة و أن تردهم إلى فتنة و إني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها و لا أعلم نظرا لنفسي و لديني و لأمة محمد ص علينا أفضل من أن أجاهدك فإن فعلت فإنه قربة إلى الله و إن تركته فإني أستغفر الله لذنبي و أسأله توفيقه لإرشاد أمري و قلت فيما قلت إني إن أنكرتك تنكرني و إن أكدك تكدني فكدني ما بدا لك فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في و أن لا يكون على أحد أضر منه
__________________________________________________
(1) يعني ما في قوله تعالى «لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء و الصيف» 1- 7 106: 1- 2.
بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج44، ص: 214
على نفسك لأنك قد ركبت جهلك و تحرصت على نقض عهدك و لعمري ما وفيت بشرط و لقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح و الأيمان و العهود و المواثيق فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا و قتلوا و لم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا و تعظيمهم حقنا فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا فأبشر يا معاوية بالقصاص و استيقن بالحساب و اعلم أن لله تعالى كتابا- لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها و ليس الله بناس لأخذك بالظنة و قتلك أولياءه على التهم و نفيك أولياءه من دورهم إلى دار الغربة و أخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر و يلعب بالكلاب لا أعلمك إلا و قد خسرت نفسك و بترت دينك و غششت رعيتك و أخزيت أمانتك و سمعت مقالة السفيه الجاهل و أخفت الورع التقي لأجلهم و السلام فلما قرأ معاوية الكتاب قال لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه و تذكر فيه أباه بشر فعله قال و دخل عبد الله بن عمرو بن العاص فقال له معاوية أ ما رأيت ما كتب به الحسين قال و ما هو قال فأقرأه الكتاب فقال و ما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه و إنما قال ذلك في هوى معاوية فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي فضحك معاوية فقال أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك قال عبد الله فقد أصاب يزيد فقال معاوية أخطأتما أ رأيتما لو أني ذهبت لعيب علي «1» محقا ما عسيت أن أقول فيه و مثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل و ما لا يعرف و متى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل بصاحبه و لا يراه الناس شيئا و كذبوه و ما عسيت أن أعيب حسينا و و الله ما أرى للعيب فيه موضعا و قد رأيت أن أكتب إليه أتوعده و أتهدده ثم رأيت أن لا أفعل و لا أمحكه.
__________________________________________________
(1) في الاحتجاج ص 153 أردت أن أعيب عليا.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج17-الحسينع، ص: 90
6- رجال الكشي: روي أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية و هو عامله على المدينة:
أما بعد، فإن عمرو بن عثمان ذكر أن رجالا من أهل العراق و وجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي عليهما السلام، و ذكر أنه لا يأمن و ثوبه، و قد بحثت عن ذلك فبلغني أنه لا يريد الخلافة «2» يومه هذا، و لست آمن من أن يكون هذا أيضا «3» لما بعده فاكتب إلي برأيك في هذا و السلام.
فكتب إليه معاوية: أما بعد، فقد بلغني و فهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين عليه السلام فإياك أن تعرض للحسين عليه السلام في شيء و اترك حسينا ما تركك، فإنا لا نريد أن نعرض له في شيء ما وفى ببيعتنا، و لم ينازعنا سلطاننا، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته و السلام.
و كتب معاوية إلى الحسين بن علي عليهما السلام: أما بعد، فقد انتهت إلي امور عنك إن كانت «4» حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها، و لعمر الله إن من أعطى الله عهده و ميثاقه لجدير بالوفاء، و إن كان الذي بلغني (عنك) باطلا فإنك أنت أعزل الناس لذلك، وعظ
__________________________________________________
(1)- 6/ 19 ح 7 و البحار: 44/ 211 ح 8.
(2)- في المصدر و البحار: الخلاف.
(3)- في الأصل: لمن.
(4)- في الأصل: كان.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج17-الحسينع، ص: 91
نفسك فاذكر و بعهد الله أوف! فإنك متى «ما تنكرني انكرك «1»» و متى، تكدني أكدك فاتق شق عصا هذه الامة و أن يردهم الله على يديك في فتنة، فقد عرفت الناس و بلوتهم، فانظر لنفسك، و لدينك و لامة محمد صلى الله عليه و آله و لا يستخفنك السفهاء و الذين لا يعلمون.
فلما وصل الكتاب إلى الحسين عليه السلام كتب إليه: أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عني امور أنت لي عنها راغب، و أنا بغيرها عندك جدير، فإن الحسنات لا يهدي [لها] و لا يسدد إليها إلا الله.
و أما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاءون بالنميم و ما اريد لك حربا و لا عليك خلافا، و أيم الله إني لخائف لله في ترك ذلك و ما أظن الله راضيا بترك ذلك، و لا عاذرا بدون الاعذار فيه إليك، و إلى اولئك «2» القاسطين الملحدين حزب الظلمة و أولياء الشياطين.
أ لست القاتل حجرا أخا كندة و المصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم و يستعظمون البدع و لا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلما و عدوانا من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة و المواثيق المؤكدة، و لا تأخذهم بحدث «3» كان بينك و بينهم، و لا بإحنة تجدها في نفسك.
أ و لست قاتل عمرو بن الحمق (الخزاعي) صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فنحل جسمة، و صفرت لونه بعد ما آمنته و أعطيته من عهود الله و مواثيقه ما لو اعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك و استخفافا بذلك العهد.
أ و لست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «الولد للفراش و للعاهر الحجر» فتركت سنة رسول الله صلى الله عليه و آله تعمدا و تبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على العراقين: يقطع أيدي المسلمين و
__________________________________________________
(1)- في الأصل: ما انكرك تنكرني، و في المصدر: تنكرني أنكرك.
(2)- في المصدر و البحار: و في أوليائك.
(3)- في الأصل: بحديث.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج17-الحسينع، ص: 92
أرجلهم و يسمل أعينهم و يصلبهم على جذوع النخل، كأنك لست من هذه الامة، و ليسوا منك.
أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية إنهم كانوا على دين علي عليه السلام؟ فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي! فقتلهم و مثل بهم بأمرك، و دين علي- و الله- الذي كان يضرب عليه أباك و يضربك، و به جلست مجلسك الذي جلست، و لو لا ذلك لكان شرفك و شرف أبيك الرحلتين «1».
و قلت فيما قلت: «انظر لنفسك و لدينك و لامة محمد صلى الله عليه و آله، و اتق شق عصا هذه الامة و أن تردهم إلى فتنة» و إني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الامة من ولايتك عليها، و لا أعلم نظرا لنفسي و لديني و لامة محمد صلى الله عليه و آله و علينا أفضل من [أن] اجاهدك، فإن فعلت فإنه قربة إلى الله، و إن تركته فإني أستغفر الله لذنبي «2» و أسأله توفيقه لإرشاد أمري.
و قلت فيما قلت: «إني إن أنكرتك تنكرني و إن أكدك تكدني»، فكدني ما بدا لك فإني أرجو أن لا يضرني كيدك في و أن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك، لأنك قد ركبت جهلك «3»، و تحرصت على نقض عهدك، و لعمري ما وفيت بشرط، و لقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصالح و الأيمان و العهود و المواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا و قتلوا، و لم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا و تسليمهم «4» حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا.
فابشر يا معاوية بالقصاص و استيقن بالحساب، و اعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها، و ليس الله بناس لأخذك بالظنة، و قتلك أولياءه على التهم و نقلك «5» أولياءه من دورهم إلى دار الغربة، و أخذك الناس «6» ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر و يلعب بالكلاب، لا اعلمك إلا و قد خسرت نفسك و تبرت «7» دينك و غششت رعيتك و أخربت «8» أمانتك و سمعت مقالة السفيه الجاهل و أخفت الورع التقي
__________________________________________________
(1)- إشارة إلى قوله تعالى: «رحلة الشتاء و الصيف».
(2)- في المصدر: لديني.
(3)- في المصدر: على أنك قد ركبت بجهلك.
(4)- في المصدر و البحار: و تعظيمهم.
(5)- في المصدر و البحار: و نفيك.
(6)- في المصدر: و أخذ للناس.
(7)- في البحار: و بترت، و تبرت بمعنى: أهلكت.
(8)- في البحار: و أخزيت.
عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد، ج17-الحسينع، ص: 93
الحليم لأجلهم و السلام.
فلما قرأ معاوية الكتاب، قال: لقد كان في نفسه ضب ما أشعر به، فقال يزيد: يا أمير المؤمنين أجبه جوابا يصغر إليه نفسه و تذكر فيه أباه بشر فعله، قال: و دخل عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال له معاوية: أ رأيت «1» ما كتب به الحسين عليه السلام؟ قال: و ما هو؟ [قال:] فأقرأه الكتاب، فقال: و ما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه، و إنما قال ذلك في هوى معاوية، فقال يزيد: كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأيي، فضحك معاوية، فقال: أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك.
قال عبد الله: فقد أصاب يزيد، فقال معاوية: أخطأتما أ رأيتما لو أني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه، و مثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل و ما لا يعرف، و متى ما عبت رجلا بما لا يعرفه الناس لم يحفل «2» بصاحبه، و لا يراه الناس شيئا و كذبوه، و ما عسيت أن أعيب حسينا، و و الله ما أرى للعيب فيه موضعا و قد رأيت أن أكتب إليه أتوعده و أتهدده ثم رأيت أن لا أفعل و لا أمحكه «3».