بسم الله الرحمن الرحیم

حدیث جاثلیق-کتاب سلمان-ثانی ما صنف فی الاسلام

هم فاطمة و
أمیر المؤمنین صلوات اللّه علیه
انا مدینة العلم و علي بابها


سند متصل حاجی نوری به کتاب سلمان



                        الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏1، ص: 129
باب العرش و الكرسي‏
1- عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد البرقي رفعه قال: سأل الجاثليق «1» أمير المؤمنين ع فقال أخبرني عن الله عز و جل يحمل العرش أم العرش يحمله فقال أمير المؤمنين ع الله عز و جل حامل العرش و السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما و ذلك قول الله عز و جل- إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا «2» قال فأخبرني عن قوله و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية «3» فكيف قال ذلك و قلت إنه يحمل العرش و السماوات و الأرض فقال أمير المؤمنين ع إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة نور أحمر منه احمرت الحمرة و نور أخضر منه اخضرت الخضرة و نور أصفر منه اصفرت الصفرة و نور أبيض منه ابيض البياض و هو العلم الذي حمله الله الحملة و ذلك نور من عظمته فبعظمته و نوره أبصر قلوب المؤمنين و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون «4» و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المشتبهة فكل محمول يحمله الله بنوره و عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا
__________________________________________________
 (1) كان اسما لعالم النصارى.
 (2) فاطر: 41. و قوله تعالى: «أن تزولا» أى يمسكهما كراهة أن تزولا بالعدم و البطلان أو يمنعهما و يحفظهما أن تزولا، فان الامساك متضمن للمنع و الحفظ و فيه دلالة على أن الباقي في البقاء محتاج إلى المؤثر، إن أمسكهما أي ما أمسكهما، من بعده أي من بعد الله أو من بعد الزوال أو «من» الأولى زائدة للمبالغة في الاستغراق و الثانية للابتداء (آت)
 (3) الحاقة: 17.
 (4) لان النور مسارق الظلمة التي هي ضد النور و المعاداة انما تكون بين الضدين كذا قيل و الأظهر عندي أن المراد أن ظهوره صار سببا لخفائه، كما قيل: يا خفيا من فرط الظهور. (آت)
                       

الكافي (ط - الإسلامية)، ج‏1، ص: 130
حياة و لا نشورا فكل شي‏ء محمول و الله تبارك و تعالى الممسك لهما أن تزولا و المحيط بهما من شي‏ء «1» و هو حياة كل شي‏ء و نور كل شي‏ء سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا قال له فأخبرني عن الله عز و جل أين هو فقال أمير المؤمنين ع هو هاهنا و هاهنا و فوق و تحت و محيط بنا و معنا و هو قوله- ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا فالكرسي محيط بالسماوات و الأرض و ما بينهما و ما تحت الثرى و إن تجهر بالقول فإنه يعلم السر و أخفى و ذلك قوله تعالى- وسع كرسيه السماوات و الأرض و لا يؤده حفظهما و هو العلي العظيم فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه و ليس يخرج عن هذه الأربعة شي‏ء خلق الله في ملكوته الذي أراه الله أصفياءه و أراه خليله ع فقال- و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين «2» و كيف يحمل حملة العرش الله و بحياته حييت قلوبهم و بنوره اهتدوا إلى معرفته.

 

                        التوحيد (للصدوق)، ص: 182
16- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي أبو الحسين قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد النسوي قال حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي بمرو قال حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري و أخوه معاذ بن يعقوب قالا حدثنا محمد بن سنان الحنظلي قال حدثنا عبد الله بن عاصم قال حدثنا عبد الرحمن بن قيس عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي رحمه الله في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة- مع مائة من النصارى بعد وفاة النبي ص و سؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ثم أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فسأله عنها فأجابه فكان فيما سأله أن قال له أخبرني عن وجه الرب تبارك و تعالى فدعا علي ع بنار و حطب فأضرمه فلما اشتعلت قال علي ع أين وجه هذه النار قال النصراني هي وجه من جميع حدودها قال علي ع هذه النار مدبرة مصنوعة لا يعرف وجهها و خالقها لا يشبهها- و لله المشرق و المغرب فأينما تولوا فثم وجه الله لا يخفى على ربنا خافية.
و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

 

                        التوحيد (للصدوق)، ص: 286
4- حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي قال حدثنا أحمد بن محمد أبو سعيد النسوي قال حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي بمرو «2» قال حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري و أخوه معاذ بن يعقوب قالا حدثنا محمد بن سنان الحنظلي قال حدثنا عبد الله بن عاصم قال حدثنا عبد الرحمن بن قيس عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى و ما سأل عنه أبا بكر فلم يجبه ثم أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فسأله عن‏
__________________________________________________
 (1). المعنى الظاهر لهذا الحديث: اعرفوا كل شي‏ء بما هو به هو كالعالم فانه يعرف بالعلم و الخياط يعرف بالخياطة و إلا فينكر أنه عالم أو خياط، فمن اردتم أن تعتقدوا أنه عالم أو خياط فانظروا الى علمه أو خياطته، فان كان له فهو هو و الا فلا، و كذلك الله و الرسول و أولى الامر، فاعرفوا من سميتموه بالله و عبدتموه و اعتقدتم أن الخلق و الامر له بالالوهية أي بأن يكون مبدئ العالم و خالقه و مدبره و بيده أموره و يكون واحدا لا شريك و لا شبيه له فالله هو ذلك لا من هو بمعزل عن ذلك، كما عرف هو نفسه بذلك في مواضع من كتابه، و اعرفوا من يدعى أنه رسول من الله و أردتم أن تعتقدوا أنه رسول من الله بالرسالة من الله و هي أن يخبر عن الله صدقا و صدقه يثبت بالمعجزات، و اعرفوا أولى الامر بعد الرسول بهذه الخصال فمن تمت و كملت فيه فهو ولى الامر بعده.
ثم انه عليه السلام قال: اعرفوا الله بالله و لم يقل بالالوهية كما قال: الرسول بالرسالة لان هذا التعبير يوهم زيادة الصفة على الموصوف، و في الكافي باب أنه لا يعرف الا به: «و أولى الامر بالامر بالمعروف و العدل و الاحسان».
 (2). صغد بضم الصاد المهملة و الغين المعجمة الساكنة آخره الدال المهملة موضع ببخارا و موضع بسمرقند، و هذا السند بعينه مذكور في الحديث السادس عشر من الباب الثامن و العشرين و الحديث الثالث من الباب الثامن و الأربعين.
                       

التوحيد (للصدوق)، ص: 287
مسائل فأجابه عنها و كان فيما سأله أن قال له أخبرني عرفت الله بمحمد أم عرفت محمدا بالله عز و جل فقال علي بن أبي طالب ع ما عرفت الله بمحمد ص و لكن عرفت محمدا بالله عز و جل حين خلقه و أحدث فيه الحدود من طول و عرض فعرفت أنه مدبر مصنوع باستدلال و إلهام منه و إرادة كما ألهم الملائكة طاعته و عرفهم نفسه بلا شبه و لا كيف «1».
__________________________________________________
 (1). قيل هذا نظير دعاء مأمور بقراءته في أيام غيبة صاحب الامر عليه السلام: «اللهم عرفنى نفسك فانك ان لم تعرفنى نفسك لم أعرف رسولك- الخ»، و هذا ظاهر لان المضاف بما هو مضاف لا يعرف الا بعد معرفة المضاف إليه، أقول: هذا حق، و لكنه عليه السلام نهج هنا منهجا آخر مذكورا في كثير من أحاديث الكتاب، و مراده عليه السلام: انى ما عرفت ذاته تعالى بحدود ذات محمد صلى الله عليه و آله لان ذاته لا تدرك بذاته و لا بشي‏ء من الذوات، و لكن عرفت محمدا صلى الله عليه و آله بذاته و خصوصياته انه مصنوع مدبر له بالهامه تعالى و دلالته اياى.
و جملة الكلام في معرفته تعالى أنه لا يدرك ذاته و لا صفاته الذاتية لأنها عينها. و هذا ما نطق به كثير من أحاديث الكتاب من أنه تعالى لا يوصف و لا يدرك بعقل و لا بوهم، فالمدرك منه بحسب العقل و التصور هو العناوين الصادقة عليه ذاتا أو صفة كالشي‏ء و الموجود و الاله و العالم و الحى و القادر الى غير ذلك من أسمائه تعالى كما تبين في مواضع من الكتاب و أمر العباد بأن يدعوه بها، و بحسب الفطرة هو نوره و ظهوره لكل موجود على قدر نورانيته و صفاء فطرته، و هذا ما نطق به الآيات و الاخبار من لقائه و رؤيته بالقلب و شهوده و غير ذلك من التعبيرات، ثم ان معرفته كائنة ما كانت من حيث السبب بذاته لا بشي‏ء آخر لانه مبدأ الكل فاينما كانت فيه كانت سواء كان لها مبدأ وسطى أم لا و سواء كان لها شرط أم لا كسائر الأمور فما صدر عنهم عليهم السلام من أنه يعرف بذاته لا بخلقه و أنه دال على ذاته بذاته و أمثالهما ناظر الى هذه الحيثية، و هنا كلام آخر لا يسعنى ذكره، و أما من حيث الوجود فمتوقفة على الخلق اذ حيث لا خلق لا معرفة للخلق به، و هذا ما شاع في الآيات و الاخبار و ألسنة العلماء و المتكلمين من الاستدلال بالآثار على مبدإ الآثار، فاحتفظ على هذه الوجوه كى لا يشتبه عليك المراد في الأحاديث المختلفة التي كل منها ناظر الى كل منها.
                       

التوحيد (للصدوق)، ص: 288
و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة و قد أخرجته بتمامه في آخر أجزاء كتاب النبوة

 

                        التوحيد (للصدوق)، ص: 316
3- حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي قال حدثنا أحمد بن محمد أبو سعيد النسوي قال حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي بمرو «1» قال حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري و أخوه معاذ بن يعقوب قالا حدثنا محمد بن سنان الحنظلي قال حدثنا عبد الله بن عاصم قال حدثنا عبد الرحمن بن قيس عن أبي هاشم الرماني عن زاذان عن سلمان الفارسي في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد قبض رسول الله ص و سؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ثم أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فسأله عنها فأجابه و كان فيما سأله أن قال له أخبرني عن الرب أين هو و أين كان فقال علي ع لا يوصف الرب جل جلاله بمكان هو كما كان و كان كما هو لم يكن في مكان و لم يزل من مكان إلى مكان و لا أحاط به مكان بل كان لم يزل بلا حد و لا كيف قال صدقت فأخبرني عن الرب أ في الدنيا هو أو في الآخرة قال علي ع لم يزل ربنا قبل الدنيا و لا يزال أبدا هو مدبر الدنيا و عالم بالآخرة فأما أن يحيط به الدنيا و الآخرة فلا و لكن يعلم ما في الدنيا و الآخرة قال صدقت يرحمك الله ثم قال أخبرني عن ربك أ يحمل أو يحمل فقال علي ع إن ربنا جل جلاله يحمل و لا يحمل قال النصراني فكيف ذاك و نحن نجد في الإنجيل و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية فقال علي ع إن الملائكة تحمل العرش و ليس العرش كما تظن كهيئة السرير و لكنه شي‏ء محدود مخلوق مدبر و ربك عز و جل مالكه لا أنه عليه ككون الشي‏ء على الشي‏ء و أمر الملائكة بحمله فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه قال النصراني صدقت رحمك الله.
و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة و قد أخرجته بتمامه في آخر كتاب النبوة

 

                        الأمالي (للطوسي)، النص، ص: 218
382- 32- أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد، قال: حدثنا العباس بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن عمرو الكندي، قال: حدثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي، قال: حدثنا محمد بن يزداد، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن بن قيس البصري، قال: حدثنا زاذان، عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، قال: لما قبض النبي (صلى الله عليه و آله) و تقلد أبو بكر الأمر، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق له سمت «1» و معرفة بالكلام و وجوهه و حفظ التوراة و الإنجيل و ما فيهما، فقصدوا أبو [أبا] بكر، فقال له الجاثليق: إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى، و قد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا، و أنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا، و قد فاتنا نبيكم محمد، و فيما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل، فأنت أيها الأمير وصيه، لنسألك عما نحتاج إليه فقال عمر: هذا خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله). فجثا الجاثليق لركبتيه، و قال له:
خبرنا- أيها الخليفة- عن فضلكم علينا في الدين، فإنا جئنا نسأل عن ذلك فقال أبو بكر: نحن مؤمنون و أنتم كفار، و المؤمن خير من الكافر، و الإيمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق: هذه دعوى تحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك فقال أبو بكر: أنا مؤمن عند نفسي، و لا علم لي بما عند الله.
قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن، أم أنا كافر عند الله‏
__________________________________________________
 (1) الجاثليق: رئيس الأساقفة، عند بعض طوائف المسيحية. و السمت: الهيئة و السكينة و الوقار.

                        الأمالي (للطوسي)، النص، ص: 219
فقال: أنت عندي كافر، و لا علم لي بحالك عند الله.
فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكا في نفسك و في، و لست على يقين من دينك، فخبرني أ لك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها فقال: لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد، و لا أعلم هل أصل إليها أم لا.
فقال له: فترجو أن تكون لي منزلة في الجنة قال: أجل أرجو ذلك. فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا لي، و خائفا على نفسك، فما فضلك علي في العلم ثم قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك قال: لا و لكن أعلم منه ما قضي لي علمه.
قال: فكيف صرت خليفة للنبي، و أنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه أمته من علمه، و كيف قدمك قومك على ذلك فقال له عمر: كف- أيها النصراني- عن هذا العنت و إلا أبحنا دمك. فقال الجاثليق: ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا.
فقال سلمان (رحمه الله): فكأنما ألبسنا جلباب المذلة، فنهضت حتى أتيت عليا (عليه السلام) فأخبرته الخبر، فأقبل- بأبي و أمي- حتى جلس و النصراني يقول: دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سل- يا نصراني- فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة، لا تسألني عما مضى و لا ما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد (صلى الله عليه و آله).
فقال النصراني: أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أ مؤمن أنت عند الله، أم عند نفسك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي.
فقال الجاثليق: الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه، متحقق فيه بصحة يقينه، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي فقال (عليه السلام): منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى، لا أرتاب بذلك، و لا أشك في الوعد به من ربي.

                        الأمالي (للطوسي)، النص، ص: 220
فقال النصراني: فبما ذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): بالكتاب المنزل و صدق النبي المرسل.
قال: فبما ذا علمت صدق نبيك قال (عليه السلام): بالآيات الباهرات و المعجزات البينات.
قال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج، فخبرني عن الله تعالى، أين هو اليوم فقال: يا نصراني، إن الله تعالى يجل عن الأين، و يتعالى عن المكان، كان فيما لم يزل و لا مكان، و هو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال.
فقال: أجل أحسنت أيها العالم و أوجزت في الجواب، فخبرني عنه تعالى أ مدرك بالحواس عندك، فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس، أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الأمر كذلك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار، أو تدركه الحواس، أو يقاس بالناس، و الطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول، الدالة ذوي الاعتبار بما هو عنده مشهود و معقول.
قال الجاثليق: صدقت، هذا و الله الحق الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات، فخبرني الآن عما قاله نبيكم في المسيح، و إنه مخلوق، من أين أثبت له الخلق، و نفى عنه الإلهية، و أوجب فيه النقص و قد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المتدينين.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه، و التصوير و التغيير من حال إلى حال، و الزيادة التي لم ينفك منها و النقصان، و لم أنف عنه النبوة، و لا أخرجته من العصمة و الكمال و التأييد، و قد جاءنا عن الله تعالى بأنه مثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن فيكون.
فقال له الجاثليق: هذا ما لا يطعن فيه الآن، غير أن الحجاج مما تشترك فيه الحجة على الخلق و المحجوج منهم، فبم بنت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك‏

                        الأمالي (للطوسي)، النص، ص: 221
قال: بما أخبرتك به من علمي بما كان و ما يكون.
قال الجاثليق: فهلم شيئا من ذكر ذلك أتحقق به دعواك. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): خرجت- أيها النصراني- من مستقرك مستفزا لمن قصدت بسؤالك له، مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب و الاسترشاد، فأريت في منامك مقامي، و حدثت فيه بكلامي، و حذرت فيه من خلافي، و أمرت فيه باتباعي. قال: صدقت و الله الذي بعث المسيح، و ما اطلع على ما أخبرتني به إلا الله تعالى، و أنا أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنك وصي رسول الله، و أحق الناس بمقامه. و أسلم الذين كانوا معه كإسلامه و قالوا: نرجع إلى صاحبنا، فنخبره بما وجدنا عليه هذا الأمر و ندعوه إلى الحق.
فقال له عمر: الحمد لله الذي هداك- أيها الرجل- إلى الحق و هدى من معك إليه، غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها، و الأمر من بعده لمن خاطبت أولا برضا الأمة و اصطلاحها عليه، و تخبر صاحبك بذلك و تدعوه إلى طاعة الخليفة. فقال: قد عرفت- أيها الرجل- و أنا على يقين من أمري فيما أسررت و أعلنت.
و انصرف الناس و تقدم عمر ألا يذكر ذلك المقام من بعد، و توعد على من ذكره بالعقاب، و قال: أما و الله لو لا أنني أخاف أن يقول الناس: قتل مسلما، لقتلت هذا الشيخ و من معه، فإني أظن أنهم شياطين أرادوا الإفساد على هذه الأمة و إيقاع الفرقة بينها.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لي: يا سلمان، أ ما ترى كيف يظهر الله الحجة لأوليائه، و ما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا!.

 

                        الخرائج و الجرائح، ج‏2، ص: 554

4- و منها:
ما روي عن سلمان الفارسي لما قبض النبي ص قدم جاثليق «2» له سمت «3» و معرفة و حفظ للتوراة و الإنجيل و معه جماعة من النصارى فقصدوا أبا بكر فقال إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى و قد بلغنا خروج محمد بن عبد الله ففزعنا إلى ملكنا فأنفذنا في التماس الحق و قد فاتنا نبيكم و فيما قرأنا من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصيائهم يخلفونهم في أممهم فأنت وصيه لنسألك فقيل هو خليفة رسول الله فسأله الجاثليق عن مسائل فلم يجبه بالصواب قال سلمان فنهضت إلى علي فأخبرته الخبر و كان مقبلا إلى المسجد لذلك فدخل حتى جلس و النصراني يقول دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه فقال له علي ع سل فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة لا تسألني عما مضى و لا عما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد ص قال الجاثليق أسألك عما سألت هذا الشيخ خبرني أ مؤمن أنت عند الله أم عند نفسك قال أمير المؤمنين ع أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي «4»

__________________________________________________
 (1) رواه الشيخ في أماليه: 1/ 202، عن المفيد، عن علي بن بلال، عن إسماعيل بن على ابن عبد الرحمن، عن أبيه عن عيسى بن حميد الطائى، عن أبيه حميد بن قيس، عن علي بن الحسين بن علي بن الحسين يقول سمعت أبى يقول ...
عنه اثبات الهداة: 3/ 465 ح 391، و البحار: 8/ 622 و ج 14/ 210 ح 7 و ج 102/ 27 ح 2، و مدينة المعاجز: 81 ح 204، و مستدرك الوسائل: 3/ 429 ح 1.
و أورده في كشف الغمة: 1/ 393 عن علي بن الحسين عن آبائه عليهم السلام.
 (2) الجاثليق: متقدم الاساقفة. جمعها جثالقة.
 (3) السمت: عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة و الوقار و حسن الطريقة و استقامة المنظر و الهيئة. و يقال: سمت لهم: هيأ لهم وجه الكلام و الرأى.
 (4) «عند نفسى» خ ل.


                        الخرائج و الجرائح، ج‏2، ص: 555
قال الجاثليق هذا كلام واثق بدينه فخبرني عن منزلتك في الجنة ما هي قال ع منزلتي «1» مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتاب بذلك قال فبما عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها قال علي ع بالكتاب المنزل و صدق النبي المرسل قال فبما علمت صدق نبيك قال ع بالآيات الباهرات قال الجاثليق هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج فخبرني عن الله أين هو اليوم قال ع إن الله يجل عن الأين و يتعالى عن المكان كان فيما لم يزل و لا مكان و هو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال قال أجل أحسنت أيها العالم و أوجزت في الجواب فخبرني عنه أنه مدرك بالحواس عندك أم كيف طريق المعرفة به قال ع تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار أو تدركه الحواس أو يقاس بالناس و الطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدالة ذوي الاعتبار بما هو منها «2» مشهور و معقول قال الجاثليق هذا هو الحق خبرني ما قاله نبيكم في المسيح و أنه مخلوق من أين أثبت له الخلق و نفى عنه الإلهية و أوجب فيه النقص فقال أمير المؤمنين ع أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه و التصوير و التغيير من حال إلى حال و الزيادة التي لم ينفك منها و النقصان و لم أنف عنه النبوة و لا أخرجته عن العصمة و الكمال و التأييد و قد جاءنا عن الله بأنه مثل آدم خلقه الله من تراب ثم قال له كن فيكون فقال الجاثليق هذا ما لا مطعن فيه الآن غير أن الحجاج بما تشترك فيه الحجة على الخلق و المحجوج منهم فبما بنت «3» أيها العالم من الرعية الناقصة عنك‏
__________________________________________________
 (1) هكذا في الأمالي و في م «منزلى».
 (2) «بما هو عنده» الأمالي.
 (3) «ثبت» ه.


                        الخرائج و الجرائح، ج‏2، ص: 556
قال ع بما أخبرته من علمي بما كان و بما يكون قال الجاثليق فهلم شيئا من ذلك أتحقق به دعواك فقال أمير المؤمنين ع خرجت أيها النصراني من مستقرك متعنتا «1» لمن قصدت بسؤالك له مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب و الاسترشاد فأريت في منامك مقامي و حدثت فيه بكلامي و حذرت فيه من خلافي و أمرت فيه باتباعي قال صدقت و الله الذي بعث المسيح و ما اطلع على ما أخبرتني إلا الله و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك وصي رسول الله و أحق الناس بمقامه و أسلم الذين كانوا معه و قالوا نرجع إلى صاحبنا فنخبره بما وجدنا «2».

 

                        مناقب آل أبي طالب عليهم السلام (لابن شهرآشوب)، ج‏2، ص: 45
و منهم المتكلمون و هو الأصل في الكلام‏
قال النبي ص علي رباني هذه الأمة.
و في الأخبار- أن أول من سن دعوة المبتدعة بالمجادلة إلى الحق علي.
و قد ناظره الملاحدة في مناقضات القرآن و أجاب مشكلات مسائل الجاثليق حتى أسلم-

 

                        مناقب آل أبي طالب عليهم السلام (لابن شهرآشوب)، ج‏2، ص: 257
فصل في إخباره بالغيب‏
زاذان عن سلمان الفارسي في خبر طويل إن جاثليقا جاء في نفر من النصارى إلى أبي بكر و سأله مسائل عجز عنها عنها أبو بكر فقال عمر كف أيها النصراني عن هذا العنت و إلا أبحنا دمك قال الجاثليق أ هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه فجاء علي و استسأله فقال النصراني أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ خبرني أ مؤمن أنت عند الله أم عند نفسك فقال ع أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي قال خبرني عن منزلتك في الجنة ما هي قال منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتاب بذلك و لا أشك في الوعد به من ربي قال فبما ذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها قال بالكتاب المنزل و صدق النبي المرسل قال فبما عرفت صدق نبيك قال بالآيات الباهرات و المعجزات البينات قال فخبرني عن الله تعالى أين هو قال إن الله تعالى يجل عن الأين و يتعالى عن المكان كان فيما لم يزل و لا مكان و هو اليوم كذلك و لم يتغير من حال إلى حال قال فخبرني عنه تعالى أ مدرك بالحواس فيسلك المسترشد في طلبه الحواس أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن‏

                        مناقب آل أبي طالب عليهم السلام (لابن شهرآشوب)، ج‏2، ص: 258
الأمر كذلك قال تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار أو تدركه أو يقاس بالناس و الطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدالة لذوي الاعتبار بما هو منها مشهود و معقول قال فخبرني عما قال نبيكم في المسيح و أنه مخلوق فقال أثبت له الخلق بالتدبير الذي لزمه و التصوير و التغيير من حال إلى حال و الزيادة التي لا ينفك منها و النقصان و لم أنف عنه النبوة و لا أخرجته من العصمة و الكمال و التأييد قال فبما بنت أيها العالم عن الرعية الناقصة عنك قال بما أخبرتك به عن علمي بما كان و ما يكون قال فهلم شيئا من ذلك أتحقق به دعواك قال خرجت أيها النصراني من مستقرك مستنكرا لمن قصدت بسؤالك له مضمرا خلاف ما أظهرت من الطلب و الاسترشاد فأريت في منامك مقامي و حدثت فيه بكلامي و حذرت فيه من خلافي و أمرت فيه باتباعي قال صدقت و الله و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك وصي رسول الله و أحق الناس بمقامه و أسلم الذين كانوا معه فقال عمر الحمد لله الذي هداك أيها الرجل غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها و الأمر من بعد لمن خاطبته أولا برضى الأمة قال قد عرفت ما قلت و أنا على يقين من أمري.

 

 

                        التحصين لأسرار ما زاد من كتاب اليقين، النص، ص: 637
26 الباب فيما نذكره في حديث عالم من النصارى ورد على أبي بكر بعد وفاة النبي ص فعجز عن جوابه فأجابه علي ع فشهد و من معه أن عليا أحق بمقام رسول الله من أبي بكر و غيره نذكر ذلك من كتاب نور الهدى‏
فقال ما هذا لفظه:
العباس بن وليد قال حدثنا محمد بن عمر الكندي قال حدثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي قال حدثنا محمد بن داود عن سعيد بن خالد عن إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الرحمن بن قيس المنقري قال حدثنا زاذان عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه قال:
لما قبض النبي ص و تقلد أبو بكر الأمر قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق لهم له سمت و معرفة بالكلام و وجوهه و حفظ التوراة و الإنجيل و ما فيهما.
فقصدوا أبا بكر فقال الجاثليق إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى ع و قد بلغنا خروج محمد بن عبد الله ص يذكر أنه ذلك الرسول ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا و أنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا «1» و قد فاتنا بينكم محمد و في ما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصيائهم يخلفونهم في أمتهم يقتبس منهم الفتيا فيما أشكل فأنت أيها الأمير وصيه لنسألك عما نحتاج إليه؟
فقال عمر هذا خليفة رسول الله فجثا الجاثليق لركبتيه و قال أخبرنا أيها الخليفة عن فضلكم علينا في الدين فإنا جئنا نسأل عن ذلك‏
__________________________________________________
 (1) في الهامش: وصل بنا.

                        التحصين لأسرار ما زاد من كتاب اليقين، النص، ص: 638
فقال أبو بكر نحن مؤمنون و أنتم كفار و المؤمن خير من الكافر و الإيمان خير من الكفر.
فقال هذه دعوى يحتاج إلى حجة فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك.
فقال أبو بكر أنا مؤمن عند نفسي و لا أعلم بما لي عند الله!
قال فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن أم أنا كافر عند الله؟
فقال أنت عندي كافر و لا أعلم ما لك عند الله!
قال الجاثليق فما أراك إلا شاكا في نفسك و في و لست على يقين من دينك فخبرني أ لك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه من الدين تعرفها؟
فقال لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد و لا أعلم هل أصل إليها أم لا!
فقال له فترجو لي أن يكون لي منزلة في الجنة؟
قال أجل أرجو ذلك.
فقال الجاثليق فما أراك إلا راجيا لي و خائفا على نفسك فما فضلك علي في العلم؟!
ثم قال له أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك؟
قال لا و لكن أعلم ما رضي [قضي‏] لي علمه.
قال فكيف صرت خليفة النبي و أنت لا تحيط علما بما يحتاج إليه أمته من علمه و كيف قدمك قومك على ذلك؟
فقال عمر كف أيها النصراني عن هذا العنت و إلا أبحنا دمك!
فقال الجاثليق ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا.
قال سلمان رحمه الله و كأنما ألبسنا جلباب المذلة فنهضت حتى أتيت عليا ع فأخبرته الخبر فأقبل بأبي و أمي حتى جلس و النصراني يقول دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه.
فقال له أمير المؤمنين ع يا نصراني فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة لا تسألني عما مضى و ما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد صلى الله عليه و آله‏

                        التحصين لأسرار ما زاد من كتاب اليقين، النص، ص: 639
فقال النصراني أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ خبرني أ مؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟
فقال أمير المؤمنين ع أنا مؤمن عند الله كما أنني مؤمن في عقيدتي.
قال الجاثليق الله أكبر هذا كلام واثق بدينه متحقق فيه بصحة يقينه فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي؟
فقال ع منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتاب لذلك و لا أشك في الوعد به من ربي.
فقال النصراني فبما ذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها؟
فقال أمير المؤمنين ع بالكتاب المنزل و صدق النبي المرسل.
قال فبما علمت صدق نبيك؟
قال ع بالآيات الباهرة و المعجزات و البينات.
قال الجاثليق هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج فخبرني عن الله تعالى أين هو اليوم؟!
فقال ع يا نصراني إن الله يجل عن الأين و يتعالى عن المكان كان فيما لم يزل و لا مكان و هو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال.
قال أجل أحسنت أيها العالم و أوجزت في الجواب فخبرني عنه تعالى أ يدرك بالحواس عندك يسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس أم كيف طريق المعرفة إن لم يكن الأمر كذلك؟
فقال أمير المؤمنين ع تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار أو يدركه الحواس أو يقاس بالناس و الطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول الدالة ذوي الاعتبار بما هو منها مشهود معقول.
فقال الجاثليق صدقت هذا و الله الحق الذي ضل عنه التائهون في‏

                        التحصين لأسرار ما زاد من كتاب اليقين، النص، ص: 640
الجهالات [فخبرني‏] «2» الآن عما قاله نبيكم في المسيح و من أنه مخلوق من أين أثبت له الخلق و نفى عنه الإلهية و أوجب النقص و قد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المبتدئين؟
فقال أمير المؤمنين ع أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه و التصوير و التغيير من حال إلى حال و الزيادة التي لم ينفك منها و النقصان و لم أنف عنه النبوة و لا أخرجه عن العصمة و الكمال و التأييد و قد جاءنا عن الله تعالى أنه مثل آدم ع خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون «3».
فقال الجاثليق هذا ما لا يطعن فيه الآن غير أن الحجاج مما يشترك الحجة على الخلق و المحجوج منهم فبم ثبت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك؟
قال فبما أخبرتك به من علمي بما كان و ما يكون.
قال الجاثليق فهلم شيئا من ذكر ذلك الخلق [يثبت‏] «4» به دعواك.
فقال أمير المؤمنين ع خرجت أيها النصراني من مستقرك مستنفرا لمن قصدت سؤالك له مضمرا لخلاف ما أظهرت من الطلب و الاسترشاد فأريت في منامك مقامي و حدثت فيه كلامي و حذرت فيه خلافي و أمرت باتباعي.
قال صدقت و الله الذي بعث المسيح ما اطلع على ما أخبرتني إلا الله تعالى و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك وصي رسول الله و أحق الناس بمقامه و أسلم الذين كانوا معه كإسلامه و قالوا نرجع إلى صاحبنا فنخبره بمن وجدناه عليه هذا الأمر و ندعوه إلى الحق.
فقال عمر الحمد لله الذي هداك أيها الرجل إلى الحق و هدى من معك إليه غير أنه يجب أن تعلم أن علم النبوة في أهل بيت صاحبها و الأمر بعده‏
__________________________________________________
 (2) الزيادة منا.
 (3) إشارة إلى الآية 3 من سورة آل عمران.
 (4) الزيادة منا و في العبارة إغلاق كما ترى.

                        التحصين لأسرار ما زاد من كتاب اليقين، النص، ص: 641
لمن خاطبت أولا برضا الأمة و اصطلاحها عليه و تخبر صاحبك بذلك و تدعوه إلى طاعة الخليفة!
فقال قد عرفت ما قلت أيها الرجل و أنا على يقين من أمري فيما أسررت و أعلنت.
فانصرف الناس فقال أمير المؤمنين ع يا سلمان أ ما ترى كيف يظهر الله الحجة لأوليائه و ما يزيد بذلك قومنا عنا إلا نفورا «5».

 

******************

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 299
 [حكاية الجاثليق الأول‏]
بحذف الإسناد مرفوعا إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: كان في البلاء العظيم الذي ابتلى الله عز و جل به قريشا بعد نبيها ص ليعرفها أنفسها و تخرج شهادتها عما ادعته على رسول الله ص بعد وفاته و دحض حجتها ما أسرت في قلوبها و أخرجت ضغائنها لآل الرسول و أزالتهم عن إمامتهم و ميراث كتاب الله فيهم ما عظمت خطيئته و شملت قضيته و وضحت هداية الله فيه [لأهل‏] دعوته و ورثة نبيه ص و أثارت قلوب أوليائهم و عممهم نفعه و أضاء به برهانه أن ملك الروم لما بلغه خبر وفاة رسول الله ص و خبر أمته و اختلافهم في الاختيار عليهم و تركهم سبيل هدايتهم و ادعائهم على رسول الله أنه لم يوص إلى أحد بعد وفاته و إهماله إياهم حتى يختاروا لأنفسهم و توليتهم الأمر بعده الأباعد من قومه و صرف ذلك عن أهل بيته و ذريته و أقربائه دعا علماء بلده و أساقفتهم فناظرهم في الأمر الذي ادعته قريش بعد نبيها و فيما جاء به محمد ص فأجابوه بجوابات من حججهم على أنه محمد فسأل أهل مدينته أن يوجههم إلى المدينة بمناظرتهم و الاحتجاج عليهم فأمر الجاثليق أن يختار من أصحابه و أساقفته فاختار منهم مائة رجل فخرجوا يقدمهم جاثليق لهم قد أقرت العلماء له جميعا
  

                      إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 300
بالفضل و العلم متبحرا في علمه يخرج الكلام من تأويله و يرد كل فرع إلى أصله ليس بالخرق و لا بالبرق و لا بالبليد و لا الرعيد و لا النكل و لا الفشل ينصت لم [لمن‏] يتكلم و يجيب إذا سئل و يصبر إذا منع فقدم المدينة بمن معه من أحبار قومه و أصحابه حتى نزل القوم عن رواحلهم فسأل أهل المدينة عمن أوصى إليه محمد ص و من قام مقامه فدلوهم على أبي بكر فأتوا مسجد رسول الله فدخلوا على أبي بكر و هو في حسك [حشدة] من قريش فيهم عمر بن الخطاب و أبو عبيدة بن الجراح و خالد بن الوليد و عثمان بن عفان و باقي القوم وقفوا عليه فقال زعيم القوم السلام عليكم فردوا عليه السلام فقال أرشدونا إلى القائم مقام نبيكم فإنا قوم من الروم و إنا على دين المسيح عيسى ابن مريم ع قدمنا لما بلغنا من وفاة نبيكم و اختلافكم نسأل عن صحة نبوته و نسترشد لديننا و نتعرض دينكم فإن كان أفضل من ديننا دخلنا فيه و سلمنا و قبلنا الرشد منكم طوعا و أجبناكم إلى دعوة نبيكم ص و إن يكن على خلاف ما جاءت به الرسل و جاء به عيسى ع رجعنا إلى دين المسيح فإن عنده من عهد ربنا في أنبيائه و رسله دلالة و نورا واضحا فأيكم صاحب الأمر بعد نبيكم ص فقال عمر بن الخطاب هذا صاحب أمر نبينا بعده قالوا هذا صاحبنا و ولي الأمر بعد نبينا قال الجاثليق هو هذا الشيخ فقالوا نعم فقال أيها الشيخ أنت القائم الوصي لمحمد في أمته و أنت العالم المستغني بعلم نبيك من أمر الأمة و ما يحتاج إليه قال أبو بكر لا ما أنا بوصي قال له فما أنت قال عمر هذا خليفة رسول الله قال النصراني أنت خليفة رسول الله استخلفك في أمته قال أبو بكر لا قال فما هذا الاسم الذي أبدعتموه و ادعيتموه بعد نبيكم فإنا قد قرأنا كتب الأنبياء ع فوجدنا الخلافة لا تصلح إلا لنبي من أنبياء الله لأن الله عز و جل جعل آدم ع خليفة في الأرض و فرض طاعته على أهل السماء و الأرض و نوه باسم داود ع فقال يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فكيف تسميت بهذا الاسم و من سماك به أ نبيك سماك به قال لا و لكن تراضوا الناس فولوني و استخلفوني فقال أنت خليفة قومك لا خليفة نبيك و قد
  

                      إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 301
قلت إن النبي لم يوص إليك و قد وجدنا في سنن الأنبياء أن الله لم يبعث نبيا إلا و له وصي يوصي به اليوم و يحتاج الناس كلهم إلى علمه و هو مستغن عنهم و قد زعمت أنه لم يوص كما أوصت الأنبياء و ادعيت أشياء لست بأهلها و ما أراكم إلا و قد دفعتم نبوة محمد ص و قد أبطلتم سنن الأنبياء في قومهم. قال ثم التفت الجاثليق إلى أصحابه فقال إن هؤلاء يقولون إن محمدا لم يأتهم بالنبوة و إنما كان أمره بالغلبة و لو كان نبيا لأوصى كما أوصت الأنبياء و خلف فيهم كما خلفت الأنبياء من الميراث و العلم و لسنا نجد عند القوم أثر ذلك ثم التفت كالأسد فقال يا شيخ أما أنت فقد أقررت أن محمدا النبي ص لم يوص إليك و لا استخلفك و إنما تراضوا الناس بك و لو رضي الله عز و جل لرضاء الخلق و اتباعهم لهواهم و اختبارهم لأنفسهم ما بعث الله النبيين مبشرين و منذرين و آتاهم الكتاب و الحكمة ليبينوا للناس ما يأتون و يدرءون و ما يختلفون فيه و لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فقد دفعتم للنبيين عن رسالاتهم و استغنيتم بالجهل من اختيار الناس عن اختيار الله عز و جل الرسل للعباد و اختيار الرسل لأمتهم و نراكم تعظمون بذلك الفرية على الله عز و جل و على نبيكم و لا ترضون إلا أن تتسمون بعد ذلك بالخلافة و هذا لا يحل إلا لنبي أو وصي نبي و إنما تصح الحجة لكم بتأكيدكم النبوة لنبيكم و أخذكم بسنن الأنبياء في هداهم و قد تغلبتم فلا بد لنا أن نحتج عليكم فيما ادعيتم حتى نعرف سبيل ما تدعون إليه و نعرف الحق فيكم بعد نبيكم أ صواب ما فعلتم بإيمان أو بجهل و كفرتم ثم قال يا شيخ أجب قال فالتفت أبو بكر إلى أبي عبيدة ليجيب عنه فلم ير جوابا ثم التفت الجاثليق إلى أصحابه فقال بناء القوم عن غير أساس و لا أرى حجة لهم أ فهمتم قالوا بلى ثم قال لأبي بكر يا شيخ أسألك قال سل قال أخبرني عني و عنك ما أنت عند الله و ما أنا قال أما أنا فعند نفسي مؤمن و ما أدري ما أنا عند الله فيما بعد و أما أنت فعندي كافر و لا أدري ما أنت عند الله قال الجاثليق أما أنت فقد منيت نفسك الكفر بعد الإيمان-

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 302
و جهلت مقامك في إيمانك أ محق أنت فيه أم مبطل و أما أنا فقد منيتني الإيمان بعد الكفر فما أحسن حالي و ما أسوأ حالك عند نفسك إذ كنت لا توقن بما لك عند الله فقد شهدت لي بالفوز و النجاة و شهدت لنفسك بالهلاك و الكفر ثم التفت إلى أصحابه فقال طيبوا أنفسكم فقد شهد لكم بالنجاة بعد الكفر ثم التفت إلى أبي بكر فقال يا شيخ أين مكانك الساعة من الجنة إذا ادعيت الإيمان و أين مكاني من النار قال فالتفت أبو بكر إلى عمر و إلى أبي عبيدة مرة أخرى ليجيبا عنه فلم ينطق أحد منهما قال إنه قال ما أدري أين مكاني و ما حالي عند الله قال الجاثليق يا هذا أخبرني كيف استجزت لنفسك أن تجلس هذا المجلس و أنت محتاج إلى علم غيرك فهل في أمة نبيكم من هو أعلم منك قال نعم قال ما أعلمك و إياهم إلا و قد حملوك أمرا عظيما و سفهوا بتقديمهم إياك على من هو أعلم منك فإن كان الذي هو أعلم منك يعجز عما سألتك كعجزك فأنت و هو واحد في دعواكم و أرى نبيكم إن كان نبيا فقد ضيع علم الله عز و جل و عهده و ميثاقه الذي أخذ على النبيين من قبله فيكم في إقامة الأوصياء لأمتهم ليفزعوا إليهم فيما يتنازعون في أمر دينهم فدلوني على هذا الذي هو أعلم منكم فعساه في العلم أقل منكم في محاورة و جواب و بيان ما يحتاج إليه من آثره [أثر] النبوة و سنن الأنبياء و لقد ظلمك القوم و ظلموا أنفسهم فيك قال سلمان رض فلما رأيت ما نزل بالقوم من البهت و الحيرة و الذل و الصغار و ما حل بدين محمد و ما نزل بالقوم من الحزن نهضت لا أعقل أين أضع قدمي إلى باب أمير المؤمنين ع فدققت عليه الباب فخرج و هو يقول ما دهاك يا سلمان قال قلت هلك دين الله و هلك الإسلام بعد محمد ص و ظهر أهل الكفر على دينه و أصحابه بالحجة فأدرك يا أمير المؤمنين دين محمد و القوم قد ورد عليهم ما لا طاقة لهم و لا بد و لا حيلة فأنت اليوم مفرج كربها و كاشف بلوها و صاحب ميسمها و تاجها و مصباح ظلمها و مفتاح مبهمها قال فقال ع و ما ذلك قال قلت قد قدم قوم لهم قوة من ملك الروم‏
      

                  إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 303
في مائة رجل من أشراف قومهم يقدمهم جاثليق لم أر مثله يورد الكلام على معانيه و يصرفه على تأويله و يؤكد حجته و لحكم [يحكم‏] ابتداءه لم أسمع مثل حجته و لا سرعة جوابه من كنوز علمه فأتى أبو بكر و هو في جماعة فسأله عن مقامه و وصية رسول الله ص فأبطل دعواهم بالخلافة و غلبهم بادعائهم تخليفهم مقامه فأورد على أبي بكر مسألة أخرجه بها عنإيمانه و ألزمه الكفر و الشك في دينه فعلتهم في ذلك ذلة و خضوع و حيرة فأدرك يا أمير المؤمنين دين محمد فقد ورد عليهم ما لا طاقة لهم فنهض أمير المؤمنين ع معي حتى أتينا القوم و قد ألبسوا الذلة و المهانة و الصغر و الحيرة فسلم علي ع ثم جلس فقال يا نصراني أقبل علي وجهك و اقصدني بحاجتك فعندي جواب ما يحتاج الناس إليه فيما يأتون و يذرون و بالله التوفيق قال فتحول النصراني إليه فقال يا شاب إنا وجدنا في كتب الأنبياء أن الله عز و جل لم يبعث نبيا قط إلا و كان له وصي يقوم مقامه و قد بلغنا اختلاف عن أمة محمد في مقام نبوته و ادعاء قريش على الأنصار و ادعاء الأنصار على قريش و اختيارهم لأنفسهم فأقدمنا ملكنا وفدا و قد اختارنا لنبحث عن دين محمد ص و نعرف سنن الأنبياء و الاستماع من قومه الذين ادعوا مقامه حق ذلك أم باطل قد كذبوا عليه كما كذبت الأمم بعد أنبيائها على نبيها و دفعت الأوصياء عن حقها فإنا وجدنا قوم موسى ع بعده عكفوا على العجل و دفعوا هارون عن وصيته و اختاروا ما أنتم عليه و كذلك سنة الله في الذين خلوا من قبلي و لن تجد لسنة الله تبديلا فقدمنا و أرشدونا إلى هذا الشيخ فادعى مقامه و الأمر له من بعده فسألنا عن الوصية إليه من نبيه ص فلم يعرفها و سألناه عن قرابته منه إذا كانت الدعوة من إبراهيم ع فيما سبقت في الذرية إني جاعلك للناس إماما قال و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين و أن الإمامة لا ينالها إلا ذرية بعضها من بعض و لا ينالها إلا مصطفى مطهر فأردنا أن يتبين لنا السنة من محمد ص و أن ما جاء به النبيون ص و اختلاف الأمة على‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 304
الوصي كما اختلف على من مضى من الأوصياء و معرفة العترة فيهم فإن وجدنا لهذا الرسول وصيا قائما بعده و عنده علم ما يحتاج إليه الناس و يجيب بجوابات بينة يخبر عن أسباب البلايا و المنايا و فصل الخطاب و الأنساب و ما يهبط من الغيم [العلم‏] في ليلة القدر في كل سنة و ما تنزل به الملائكة و الروح و الأوصياء صدقنا بنبوته و أجبنا دعوته و اقتدينا بوصيه و أمنائه و بكتابه المنزل و ما جاءت به الرسل قبله و إن يكن غير ذلك رجعنا إلى ديننا و علمنا أن أحمد لم يبعث و قد سألنا هذا الشيخ فلم نجد عنده تصحيح النبوة نبوة محمد ص و إنما ادعى أنه كان جبارا غلب على قومه بالقهر ملكهم و لم يكن عنده أثر النبوة و لا ما جاءت به الأنبياء قبله و إنه مضى و تركهم بهم [بهما] يغلب بعضهم بعضا و ردهم جاهلية جهلاء مثل ما كانوا يختارون بآرائهم لأنفسهم أي دين أحبوا و أي ملك أرادوا فأخرجوا محمدا ص من سبيل الأنبياء و جهلوه في رسالته و دفعوا وصيته و زعموا أن الجاهل يقوم مقام العالم و ذلك هلاك الحرث و النسل و ظهور الفساد في البر و البحر و حاشا الله [لله‏] عز و جل أن يبعث الله نبيا إلا مطهرا مسددا مصطفى على العالمين فإن العالم أمير على الجاهل أبدا إلى يوم القيامة فسألته عن اسمه فقال الذي إلى جنبه هذا خليفة رسول الله ص فقلت إن هذا الاسم لا نعرفه لأحد بعد النبي إلا أن يكون لغة من لغات العرب فأما الخلافة فلا تصلح إلا لآدم و داود ع و السنة فيها للأنبياء في الأوصياء و إنكم لتعظمون الفرية على الله تعالى و رسوله فانتفى من العلم و اعتذر من الاسم و قال إنما تراضوا الناس بي فسموني و في الأمة من هو أعلم مني فاكتفينا بما حكم على نفسه و على ما اختاره فقدمت مسترشدا و باحثا عن الحق فإن وضح لي أتبعه و لم تأخذني في الله لومة لائم فهل عندك أيها الشاب شفاء لما في صدورنا قال علي ع بل عندي شفاء لصدوركم و ضياء لقلوبكم و شرح لما أنتم عليه و بيان لا يختلجكم الشك معه و إخبار عن أموركم و برهان لدلالتكم فأقبل إلي بوجهك و فرغ لي مسامع قلبك و أحضرني ذهنك و ع ما أقول لك إن الله بمنه و طوله و فضله له الحمد كثيرا دائما قد صدق وعده و أعز دينه و نصر محمدا عبده‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 305
و رسوله و هزم الأحزاب وحده ف له الملك و له الحمد و هو على كل شي‏ء قدير تبارك و تعالى اختص محمدا ص و اصطفاه و هداه و انتجبه لرسالته إلى الناس كافة برحمته و إلى الثقلين برأفته و فرض طاعته على أهل السماء و أهل الأرض و جعله إماما لمن قبله من الرسل و خاتما لمن بعده من الخلق و ورثه مواريث الأنبياء و أعطاه مقاليد الدنيا و الآخرة و اتخذه نبيا و رسولا و حبيبا و إماما و رفعه إليه و قربه عن يمين عرشه بحيث لم يبلغه ملك مقرب و لا نبي مرسل فأوحى الله إليه في وحيه ما كذب الفؤاد ما رأى و أنزل علامته على الأنبياء و أخذ ميثاقهم لتؤمنن به و لتنصرنه ثم قال للأنبياء أ أقررتم و أخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا و أنا معكم من الشاهدين و قال تجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه فأولئك هم المفلحون فيما مضى ص حتى أتم الله عز و جل مقامه و أعطاه وسيلته و رفع له درجته فلن يذكر الله عز و جل إلا كان مقرونا و فرض دينه و وصل طاعته بطاعته فقال من يطع الرسول فقد أطاع الله و قال ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا فأبلغ عن الله عز و جل رسالته و أوضح برهان ولايته و أحكم آيته و شرع شرائعه و أحكامه و دلهم على سبيل نجاتهم و باب هدايته و حكمته و كذلك بشر به النبيون قبله و بشر به عيسى روح الله و كلمته إذ يقول في الإنجيل أحمد العربي النبي الأمي صاحب الجمل الأحمر و القضيب و أقام لأمته وصيه فيهم و عيبة علمه و موضع سره و محكم آيات كتابه و تاليه حق تلاوته و باب حطته و وارث كتابه و خلفه مع كتاب الله فيهم و أخذ فيهم بالحجة فقال ص قد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله و عترتي أهل بيتي و هما الثقلان كتاب الله الثقل الأكبر-

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 306
حبل ممدود من السماء إلى الأرض سبب بأيديكم و سبب بيد الله عز و جل و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فلا تتقدموهم فتمزقوا و لا تأخذوا عن غيرهم فتعطبوا و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وصيه القائم بتأويل كتابه و العارف بحلاله و حرامه و بمحكمه و متشابهه و ناسخه و منسوخه و أمثاله و عبره و تصاريفه و عندي علم ما تحتاج إليه أمته من بعده و كل قائم و ملتو و عندي علم البلايا و المنايا و الوصايا و الأنساب و فصل الخطاب و مولد الإسلام و مولد الكفر و صاحب الكرات و دولة الدول فاسألني عما يكون إلى يوم القيامة و عما كان على عهد عيسى ع منذ بعثه الله تبارك و تعالى و عن كل وصي و كل فئة تضل مائة و تهدي مائة و عن سائقها و قائدها و ناعقها إلى يوم القيامة و كل آية نزلت في كتاب الله في ليل نزلت أم في نهار و عن التوراة و الإنجيل و القرآن العظيم فإنه ص لم يكتمني شيئا من علمه و لا شيئا ما تحتاج إليه الأمم من أهل التوراة و الإنجيل و أصناف الملحدين و أحوال المخالفين و أديان المختلفين إذ كان ص خاتم النبيين بعدهم و عليهم فرضت طاعته و الإيمان به و النصرة له تجدون ذلك مكتوبا في التوراة و الإنجيل و الزبور و في الصحف الأولى صحف إبراهيم و موسى و لم يكن ليضيع عهد الله عز و جل في خلقه و يترك الأمة تائهين بعده و كيف يكون ذلك و قد وصفه الله بالرأفة و الرحمة و العفو و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة القسطاس المستقيم و إن الله عز و جل أوحى [إليه كما أوحى‏] إلى نوح و النبيين من بعده و كما أوحى إلى موسى و عيسى و صدق الله و بلغ رسالته ص و أنا على ذلك من الشاهدين و قد قال تبارك و تعالى فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيدا و قال قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب و صدق الله تعالى و أعطاه الوسيلة إليه و إلى الله عز و جل فقال يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين فنحن و الله الصادقون و أنا أخوه في الدنيا و الآخرة و الشاهد منه عليهم بعده و أنا وسيلته بينه و بين أمته و أنا و ولدي ورثته و أنا و هم كسفينة نوح في قومه من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق و أنا و هم كباب حطة في بني إسرائيل و أنا منه‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 307
بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده و أنا الشاهد منه في الدنيا و الآخرة و رسول الله ص على بينة من ربه و فرض طاعتي و محبتي على أهل الإيمان و أهل الكفر و أهل النفاق فمن أحبني كان مؤمنا و من أبغضني كان كافرا و الله ما كذبت و لا ضللت و لا ضل بي و إني لعلى بينة بينها ربي عز و جل لنبيه محمد ص فبينها لي فاسألوني عما هو كائن إلى يوم القيامة قال فالتفت الجاثليق إلى أصحابه و قال هذا و الله هو الناطق بالعلم و القدرة و الفاتق و الراتق و نرجو من الله أن يكون قد صادقنا [صادفنا] حظنا و نور هدايتنا و هذه و الله حجج الأوصياء من الأنبياء على قومهم قال ثم التفت إلى علي ع فقال كيف عدل بك القوم عن قصدهم إياك و ادعوا ما أنت أولى به منهم ألا و قد حق القوم [القول‏] عليهم فضربوا أنفسهم و ما ضر ذلك الأوصياء مع ما أغناهم الله عز و جل به من العلم و استحقاق مقامات رسله ص فأخبرني أيها الحكيم عني و أنت ما أنت عند الله و ما أنا عنده قال علي ع أما أنا فعند الله عز و جل و عند نفسي مؤمن مستيقن بفضله و رحمته و هدايته و نعمه علي و كذلك أخذ الله عز و جل جلاله ميثاقي على الإيمان و هداني لمعرفته و لا أشك في ذلك و لا أرتاب لم أزل على ما أخذه الله علي من الميثاق و لم أبدل و لم أغير و ذلك بمن الله و رحمته و صنعه أنا لا أشك في ذلك و لا أرتاب لم أزل على ما أخذ الله عز و جل علي من الميثاق فإن الشك شرك لما أعطاني الله من اليقين و البينة و أما أنت فعند الله كافر بجحودك الميثاق و الإقرار الذي أخذ الله عليك بعد خروجك من بطن أمك و بلوغك العقل و المعرفة و التمييز للجيد و الردي و الخير و الشر و إقرارك بالرسل و جحودك لما أنزل في الإنجيل من أخبار النبيين ع ما دمت على هذه الحال كنت في النار لا محالة قال فأخبرني عن مكاني من النار و مكانك من الجنة قال علي ع فلم أدخلها فأعرف مكاني من الجنة و مكانك من النار و لكن أعرف ذلك من كتاب الله عز و جل إن الله جل جلاله بعث محمدا ص‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 308
بالحق و أنزل عليه كتابا لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أحكم فيه جميع علمه و أخبر رسول الله ص عن الجنة بدرجاتها و منازلها قسم الله جل جلاله الجنان بين خلقه لكل عامل منهم ثوابا منها و أجلهم على قدر فضائلهم في الأعمال و الإيمان فصدقنا الله و عرفنا منازل الفجار و ما أعد لهم من العذاب في النار و قال لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم فمن مات على كفره و شركه و نفاقه و ظلمه و فسوقه ف لكل باب منهم جزء مقسوم و قد قال الله عز و جل إن في ذلك لآيات للمتوسمين و كان رسول الله ص هو المتوسم و أنا و الأئمة من ذريتي المتوسمين إلى يوم القيامة قال فالتفت الجاثليق إلى أصحابه و قال قد أصبتم إرادتكم و أرجو أن تظفروا بالحق الذي طلبنا إلا أني قد نصبت له مسائل فإن أجابها عنها نظرنا أمرنا و قبلت منه قال علي ع فإن أجبتك عما تسألني عنه و فيه تبيان و برهان واضح لا تجد له مدافعا و لا من قبوله بدا تدخل في ديننا قال نعم فقال علي ع الله عليك راع كفيل وضح لك الحق و عرفت الهدى أن تدخل في ديننا أنت و أصحابك قال الجاثليق نعم لك الله علي راع كفيل أني أفعل ذلك فقال علي ع خذ على أصحابك الوفاء قال فأخذ عليهم العهد ثم قال ع سل عما أحببت قال أخبرني عن الله جل و علا أ حمل العرش أم العرش يحمله قال ع الله حامل العرش و السماوات و الأرضين و ما فيهما و ما بينهما و ذلك قول الله عز و جل- إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا قال فأخبرني عن قوله عز و جل- و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية فكيف ذلك و قلت إنه يحمل العرش و الأرض قال علي ع إن العرش خلقه الله تبارك و تعالى من أنوار أربعة نور أحمر احمرت منه الحمرة و نور أخضر اخضرت منه الخضرة و نور أصفر اصفرت منه الصفرة و نور أبيض ابيض منه البياض و هو العلم الذي حمله الله الحملة و ذلك‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 309
نور من عظمته فبعظمته و نوره ابيضت منه قلوب المؤمنين و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المتشتتة و كل محمول يحمله الله نوره و نور [بنوره و] عظمته و قدرته لا يستطيع لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا فكل شي‏ء محمل [محمول‏] و الله عز و جل الممسك لهما أن تزولا و المحيط بهما و بما فيهما من شي‏ء و هو حياة كل شي‏ء سبحانه و نور كل شي‏ء سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا قال فأخبرني عن الله عز و جل أين هو قال ع هو هاهنا و هاهنا و هاهنا و هاهنا و هو فوق و تحت و محيط بنا و معنا و هو قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شي‏ء عليم و الكرسي محيط بالسماوات و الأرض و لا يؤده حفظهما و هو العلي العظيم ف الذين يحملون العرش هم العلماء و هم الذين حملهم الله علمه و ليس يخرج من هذه الأربعة شي‏ء و خلق الله عز و جل في ملكوته و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه و أراه الله عز و جل خليله ع فقال و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين فكيف يحمل عرش الله و بحياته حييت قلوبهم و بنوره اهتدوا إلى معرفته قال و التفت الجاثليق إلى أصحابه فقال هذا و الله الحق من عند الله عز و جل على لسان المسيح و النبيين و الأوصياء ع قال أخبرني عن الجنة هل في الدنيا هي أم في الآخرة و أين الآخرة من الدنيا قال ع الدنيا في الآخرة و الآخرة محيطة بالدنيا إذ كانت النقلة من الحياة إلى الموت ظاهرة و كانت الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون و ذلك أن الدنيا نقلة و الآخرة حياة و مقام مثل ذلك كالنائم و ذلك أن الجسم ينام و الروح لا تنام و البدن يموت و الروح لا يموت قال الله عز و جل و إن الدار الآخرة

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 310
لهي الحيوان لو كانوا يعلمون و الدنيا رسم الآخرة و الآخرة رسم الدنيا و ليس الدنيا الآخرة و لا الآخرة الدنيا إذا فارق الروح الجسم يرجع كل واحد منهما إلى ما منه بدأ و ما منه خلق و كذلك الجنة و النار في الدنيا موجودة و في الآخرة لأن العبد إذا مات صار في دار من الأرض إما روضة من رياض الجنة و إما بقعة من بقاع النار و روحه إلى أحد دارين إما في دار نعيم مقيم لا يموت فيها و إما في دار عذاب أليم لا يموت فيها و الرسم لمن عقل موجود واضح و قد قال الله عز و جل كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم. ثم لترونها عين اليقين ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم و عن الكافرين فقال إنهم كانوا في شغل عن ذكري- و كانوا لا يستطيعون سمعا و لو علم الإنسان ما هو فيه مات خوفا من الموت و من نجا فبفضل اليقين قال فأخبرني عن قوله تعالى جل ثناؤه- يوم تبدل الأرض غير الأرض جميعا قبضت [قبضته‏] يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه سبحانه و تعالى عما يشركون فإذا طويت السماء و قبضت الأرض فأين تكون الجنة و النار فيهما قال فدعا بدواة و قرطاس ثم كتب فيه الجنة و النار ثم درج القرطاس و دفعه إلى النصراني و قال له أ ليس قد طويت هذا القرطاس قال نعم قال فافتحه قال ففتحته قال هل ترى آية النار و آية الجنة أ محاهما طي القرطاس قال لا قال فهكذا في قدرة الله إذ طويت السماوات و قبضت الأرض لم تبطل الجنة و النار كما لم يبطل طي هذا الكتاب آية الجنة و آية النار قال فأخبرني عن قول الله عز و جل- كل شي‏ء هالك إلا وجهه فما هذا الوجه و كيف هو و أين يؤتى و ما دليلنا عليه فقال ع يا غلام علي بحطب و نار و أتي بحطب و نار فأمر أن تضرم فلما استوقدت و اشتعلت قال يا نصراني هل تجد لهذه النار وجها دون وجه قال لا بل حيث ما لقيتها فهو وجه قال ع فإذا كانت هذه النار المخلوقة المدبرة في ضعفها و سرعة زوالها لا تجد لها وجها فكيف من خلق هذه النار و جميع ما في ملكوته من شي‏ء يوصف بوجه أو يحد بحد أو يدرك ببصر أو

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 311
يحيط به عقل أو يضبطه وهم و قال الله تعالى ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير قال الجاثليق صدقت أيها الوصي العلي الحكيم الرفيق الهادي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالحق بشيرا و نذيرا* و أنك وصيه و صديقه و دليله و موضع سره و أمينه على أهل بيته و ولي المؤمنين من بعده من أحبك و تولاك هديته و نورت قلبه و أعنته و كفيته و شفيته و من تولى عنك و عدل عن سبيلك غبن عن حظه و اتبع هواه بغير هدى من الله و رسوله و كفى هداك و نورك هاديا كافيا و شافيا. قال ثم التفت إلى القوم فقال يا هؤلاء قد أصبتم أمنيتكم و أخطأتم سنة نبيكم فاتبعوه تهتدوا و ترشدوا فما دعاكم إلى ما فعلتم ما أعرف لكم عذرا بعد آيات الله و الحجة عليكم أشهد أنها سنة الذين خلوا من قبل و لا تبديل لكلمات الله و قد قضى عز و جل الاختلاف على الأمم و الاستبدال بأوصيائهم بعد أنبيائهم و ما العجب إلا منكم بعد ما شاهدتم فما هذه القلوب القاسية و الحسد الظاهر و الضغن و الإفك المبين قال و أسلم النصراني و من كان معه و شهدوا لعلي ع بالوصية و لمحمد ص بالحق و المروة و أنه الموصوف المنعوت في التوراة و الإنجيل ثم خرجوا منصرفين إلى ملكهم ليردوا إليه ما عاينوا و ما سمعوا فقال علي ع الحمد لله الذي أوضح برهان محمد ص و أعز دينه و نصره و صدق رسوله و أظهره على الدين كله و لو كره المشركون* ... و الحمد لله رب العالمين* و صلى الله على محمد و آله قال فتباشر القوم بحجج علي ع و بيان ما أخرج إليهم و كشف عنهم الذلة و قالوا أحسن الله جزاك يا أبا الحسن في مقامك بحق نبيك ثم تفرقوا و كأن الحاضرين لم يسمعوا شيئا مما فهمه القوم الذين هم عندهم أبدا و قد نسوا ما ذكروا به ... و الحمد لله رب العالمين قال سلمان الخير فلما خرجوا من المسجد و تفرق الناس و أرادوا الرحيل‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 312
أتوا عليا ع مسلمين عليه مودعين له و استأذنوا فخرج إليهم علي فجلسوا فقال الجاثليق يا وصي محمد و أبا ذريته ما نرى الأمة إلا هلكت كهلاك من مضى من بني إسرائيل من قوم موسى و تركهم هارون و عكوفهم على أمر السامري و إنا وجدنا لكل نبي بعثه الله عدوا شياطين الإنس و الجن يفسدان على النبي دينه و يهلكان أمته و يدفعان وصيه و يدعيان الأمر بعده و قد أرانا الله عز و جل ما وعد الصادقين من المعرفة بهلاك هؤلاء القوم و بين ما سبيلك و سبيلهم و بصرنا ما أعماهم عنه و نحن أولياؤك و على دينك و على طاعتك فمرنا بأمرك إن أحببت أقمنا معك و نصرناك على عدوك و إن أمرتنا بالمسير سرنا و إلى ما صرفتنا إليه صرفنا و قد نرى صبرك على ما ارتكب منك و كذلك سيماء الأوصياء و سنتهم بعد نبيهم فهل عندك من نبيك ص عهد فيما أنت فيه و هم قال علي ع نعم و الله إن عندي لعهد [لعهدا] من رسول الله ص مما هم صائرون إليه و ما هم عاملون و كيف يخفى علي أمر أمته و أنا منه بمنزلة هارون من موسى و منزلة شمعون من عيسى أ و ما تعلمون أن وصي عيسى شمعون بن حمون الصفا ابن خاله اختلفت عليه أمة عيسى ع و افترقوا أربع فرق و افترقت الأربع على اثنتين و سبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة و كذلك أمة موسى افترقت على إحدى و سبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة و قد عهد إلي محمد رسول الله ص أن أمته يفترقون على ثلاث و سبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تدعي مودتنا كلها هالكة إلا فرقة و إني لعلى بينة من ربي و إني عالم بما يصير القوم إليه و لهم مدة و أجل معدود لأن الله عز و جل يقول- و إن أدري لعله فتنة لكم و متاع إلى حين و قد صبرت عليهم القليل لما هو بالغ أمره و قدره المحتوم فيهم و ذكر نفاقهم و حسدهم [و] أنه سيخرج أضغانهم و يبين مرض قلوبهم بعد فراق نبيهم ص قال الله تعالى- يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون أي تعقلون- و لئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض و نلعب قل أ بالله و آياته و رسوله كنتم تستهزؤن. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 313
نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين فقد عفا عن القليل من هؤلاء و وعدني أن يظهرني على أهل الفتنة و يرد الأمر إلي و لو كره المبطلون و عندكم كتاب من رسول الله ص في المصالحة و المهادنة على أن لا تحدثوا و لا تأووا محدثا فلكم الوفاء ما وفيتم و لكم العهد و الذمة ما أقمتم على الوفاء بعهدكم و علينا مثل ذلك لكم و ليس هذا أوان نصرنا و لا يسل بسيف و لا يقام عليهم بحق ما لم يقبلوا أو يعطوني طاعتهم إذ كنت فريضة من الله عز و جل و من سدوله [رسوله‏] ص مثل الحج و الزكاة و الصلاة و الصيام فهل يقام هذه الحدود إلا بعالم قائم يهدي إلى الحق و هو أحق أن يتبع و لقد أنزل الله سبحانه و تعالى قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون فأنا رحمكم الله فريضة من الله و من رسوله عليكم بل أفضل الفرائض و أعلاها و أجمعها للحق و أحكمها لدعائم الإيمان و شرائع الإسلام و ما يحتاج إليه الخلق لصلاحهم و فسادهم و لأمر دنياهم و آخرتهم فقد تولوا عني و دفعوا فضلي و فرض رسول الله إمامتي و سلوك سبيلي فقد رأيتم ما شملهم من الذل و الصغار من بعض الحجة و كيف أثبت الله عز و جل عليهم الحجة و قد نسوا ما ذكروا به* من عهد نبيهم و ما أكد عليهم من طاعتي و أخبرهم من مقامي و بلغها من رسالة الله عز و جل في فقرهم إلى علمي و غنائي عنهم و عن جميع الأمة بما أعطاني الله فكيف آسى على من صد الحق بعد ما تبين له و اتخذ إلهه هواه و أضله الله على علم و ختم على سمعه و قلبه و جعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله إن هداه للهدى و هما السبيلان سبيل الجنة و النار و الدنيا و الآخرة فقد ترى ما نزل بالقوم من استحقاق العذاب الذي عذب به من كان قبلهم من الأمم و كيف بدلوا كلام الله و كيف جرت السنة من الذين خلوا من قبلهم و عليكم بالتمسك بحبل الله و كونوا حزب الله و رسوله و الزموا عهد رسول الله ص و ميثاقه عليكم فإن الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا و كونوا في أهل ملتكم كأصحاب الكهف و إياكم أن تفشوا أمركم إلى أهل أو ولد أو حميم أو

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 314
قريب فإنه دين الله عز و جل الذي أوجب له التقية لأوليائه و إن أصبتم من الملك فرصة ألقيتم على قدر ما ترون من قبوله و إنه باب الله و حصن الإيمان لا يدخله إلا من أخذ الله ميثاقه و نور له في قلبه و أعانه على نفسه انصرفوا إلى بلادكم على عهدكم الذي عاهدتموني عليه فإنه سيأتي على الناس برهة من دهركم ملوك بعدي و بعد هؤلاء يغيرون دين الله عز و جل و يحرفون كلامه و يقتلون أولياء الله و يعزون أعداء الله و تكثر البدع و تدرس السنن حتى تملأ الأرض جورا و عدوانا ثم يكشف الله بنا أهل البيت جميع البلاء عن أهل دعوة الله بعد شدة من البلاء العظيم حتى يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا ألا و قد عهد إلي رسول الله ص أن الأمر صائر إلي بعد الثلاثين من وفاته و ظهور الفتن و اختلاف الأمة علي و مروقهم من دين الله عز و جل و أمرني بقتال الناكثين و المارقين و القاسطين فمن أدرك منكم ذلك الزمان و تلك الأمور و أراد أن يأخذ بحظه من الجهاد معي فليفعل فإنه و الله الجهاد الصافي صفاه لنا كتاب الله و سنة نبيه ص فكونوا رحمكم الله من أجلاس [أحلاس‏] بيوتكم إلى أوان ظهور أمرنا فمن مات منكم كان من المظلومين و من عاش منكم أدرك ما تقر به عينه إن شاء الله تعالى ألا و إني أخبركم أنه سيحملون علي خطة من جهلهم و ينقضون علينا عهد نبيكم ص لقلة علمهم بما يأتون و ما يذرون و سيكون منهم ملوك يدرس عندهم العهد و ينسون ما ذكروا به و يحل بهم ما يحل بالأمم حتى يصيروا إلى الهرج و الاعتداء و فساد العدو [العهد و] ذلك لطول المدة و شدة المحنة التي أمرت بالصبر عليها و سلمت لأمر الله في محنة عظيمة يكدح فيها المؤمن حتى يلقى الله ربه واها للمتمسكين بالثقلين و ما يعمل بهم و واها لفرج آل محمد ص في خليفة مستخلف عريف مترف يقتل خلفي و خلف الخلف بلى اللهم لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهرا مشهورا أو باطنا مستورا لئلا تبطل حجج الله و بيناته و يكون نحلة لمن اتبعه و اقتدى به و أين أولئك و كم أولئك الأقلون‏

                        إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج‏2، ص: 315
عددا الأعظمون عند الله خطرا بهم يحفظ الله دينه و علمه حتى يزرعها في صدور أشباههم و يودعها أمثالهم هجم بهم العلم على حقيقة الإيمان و استروحوا روح اليقين و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون و استلانوا ما استوعر منه المترفون و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك حجج الله في أرضه و أمناؤه على خلقه فوا شوقاه إليهم و إلى رؤيتهم و واها لهم على صبرهم على عدوهم و سيجمعنا الله و إياهم في جنات عدن و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذرياتهم* قال ثم بكى و بكى القوم معه ثم ودعوه و قالوا نشهد لك بالوصية و الإمامة و الأخوة و إن عندنا لصفتك و صورتك و سيقام وفد بعد هذا الرجل من قريش على الملك و ليخرجن إليهم صورة الأنبياء و صورة ابنيك الحسن و الحسين ع و صورة فاطمة زوجتك سيدة نساء العالمين بعد مريم الكبرى البتول و إن ذلك لمأثور عندنا و محفوظ و نحن راجعون إلى الملك و مخبروه بما أودعتنا من نور هدايتك و برهانك و كرامتك و صبرك على ما أنت فيه و نحن المرابطون لدولتك الداعون لك و لأمرك فما أعظم هذا البلاء و ما أطول هذه المدة و نسأل الله التوفيق و الثبات و السلام عليك و رحمة الله و بركاته.

 

 

                        غرر الأخبار، ص: 312
الفصل السادس و العشرون في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام لعلماء النصارى عن مسائلهم‏
محمد بن محمد، قال: أخبرني أبو الحسين علي بن خالد، قال: أخبرني العباس ابن الوليد، قال: أخبرني محمد بن عمرو الكندي، قال: حدثنا عبد الكريم ابن إسحاق الرازي، قال: حدثنا محمد بن داود، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل ابن أويس، عن عبد الرحمن بن قيس البصري، قال: حدثنا زادان، عن سلمان الفارسي رضى الله عنه، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله و ولي أبو بكر، قدم جماعة من النصارى المدينة يقدمهم جاثليق لهم له سمة بالكلام و وجه و حفظ التوراة و الإنجيل.
 [قال‏] الجاثليق لأبي بكر: إنا وجدنا في التوراة و الإنجيل صفة رسول الله صلى الله عليه و آله يخرج من بعد عيسى، و قد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه هو الرسول المذكور ففزعنا إلى ملكنا، فجمع وجوه قومنا و أنفذنا عن معرفة الحق، فمن أقصد؟ و فيما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصيائهم يخلفون في أمتهم يقبسون من الضياء و الهدى، فما أشكل عليهم من دينهم؛ فإن كنت أيها الأمير وصيه فنسألك عما نحتاج إليه.
                        غرر الأخبار، ص: 313
فقال عمر: هذا خليفة رسول الله فاسأله عما شئت.
فجثا الجاثليق على ركبتيه، فقال: أخبرني عن فضلكم علينا في الدين.
فقال أبو بكر: نحن مؤمنون و أنتم كافرون، و المؤمن خير من الكافر، و الإيمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق: هذه دعوة تحتاج إلى بينة، فخبرني: أنت مؤمن من عند الله أم من عند نفسك؟
فقال أبو بكر: أنا مؤمن من عند نفسي، و لا أعلم بما عند الله.
قال: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن، أم أنا كافر عند الله؟
فقال: أنت عندي كافر، و لا أعلم ما عند الله.
 [قال:] «1» لك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه من الدين تعرفها؟
فقال أبو بكر: لي في الجنة أعرفها بالوعد، و لا أعلم هل أصل إليها أم لا.
فقال: أخبرني أ ترجو أن تكون في منزلة في الجنة؟
قال: أجل أرجو ذلك.
فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا و خائفا على نفسك، فما فضلك علي إذن و أنا أرجو كما ترجو و أخاف كما تخاف؟ فما فضلك علي؟! فأخبرني هل احتويت على جميع علم المبعوث إليك أم لا؟
قال: لا، و لكني أعلم منه ما قضي لي علمه.
قال: و كيف صرت خليفة رسول الله صلى الله عليه و آله و لا تعلم علمه بما تحتاج إليه أمته؟
و كيف قدمك قومك دون ذلك؟
__________________________________________________
 (1) ما بين المعقوفتين، إضافة اقتضاها سياق الكلام.
                        غرر الأخبار، ص: 314
فقال له عمر: يا نصراني، اسكت و إلا لجنا دمك.
فقال الجاثليق: ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا الهدى منكم!
فقال سلمان رضى الله عنه: فكأنما ألبسنا جلباب المذلة، فنهضت أنا حتى أتيت عليا عليه السلام فقصصت عليه القصة، فأقبل حتى جلس في المسجد و النصراني يقول: دلوني على من أسأله عما أحتاج إليه.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: «يا نصراني، سل عما شئت، و إنك لا تسألن عن شي‏ء مضى و لا شي‏ء يكون إلا أخبرتك عنه عن نبي الهدى محمد صلى الله عليه و آله».
فقال: أخبرني أ مؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟
فقال: «أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن عند نفسي».
فقال الجاثليق: الله أكبر، هذا كلام واثق بدينه، عالم بنفسه؛ فخبرني الآن: ما منزلتك عند نفسك في الجنة؟
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «منزلتي في الجنة مع النبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتاب في ذلك و لا أشك فيه و لا في الوعد به من ربي و نبيي».
فقال النصراني: فيما عرفت الوعد لك؟
فقال أمير المؤمنين: «بالكتاب المنزل، و صدق النبي المرسل».
فقال: بما ذا علمت صدق نبيك؟
فقال: «بالآيات الباهرات، و المعجزات البينات».
فقال الجاثليق: هذا طريق الحجة لمن أراد البيان عن الحق، فأخبرني عن الله تعالى: أين هو؟
فقال عليه السلام: «يا نصراني، إن الله تعالى جل عن الأين و الكيف و المكان، فيما لم يزل‏
                        غرر الأخبار، ص: 315
كائن و لا مكان، ثم خلق المكان فهو على ما كان قبل المكان لم يتغير من حال إلى حال».
قال: أحسنت أيها العالم الحبر و أوجزت؛ فخبرني عنه سبحانه: أ يدرك بالحواس إن أراد إدراكه بالنظر في طريق معارفه؟
فقال: «تعالى الله أن يوصف بمقدار أو تدركه الحواس أو يقاس بالناس، بل الطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة الدالة لذوي العقول و الاعتبار بما هو منها مشهور، و في مواضي الأيام و الليالي مذكور».
فقال: صدقت، هذا و الله هو الحق الذي لا شك فيه و لا ارتياب؛ فخبرني الآن عما قاله نبيكم في المسيح: إنه مخلوق؛ و من أين ثبت ذلك؟
فقال: «ثبت أنه مخلوق بالتقدير الذي له و التصيير و التغيير من حال إلى حال و الزيادة و النقصان، و أنه كان صبيا ثم يافعا ثم شابا ثم كهلا، و أنه يأكل الطعام و يشرب الشراب، معلوم الحدث بعد العدم و الأم، و أنه مولود منها، و كان يعبد الله و يصوم و يصلي له، و العابد غير المعبود، و لم أنف عنه النبوة، بل كان عبد الله و رسولا إلى خلقه يدعو الناس إلى عبادة الله و طاعته، و لم أخرجه عن العصمة و الكمال و التأييد، و أنه جاء بأمر الله تعالى، لأن فيه قولا: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) «1».
فقال الجاثليق: هذا ما لا طعن فيه فيما بينت أيها العالم، الرغبة إلى تصديق قولك، فأبن لنا زيادة الحجة نزدد بيانا و يقينا.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «خرجت يا نصراني من مستقرك إلى من قصدت‏
__________________________________________________
 (1) آل عمران (3): 59.
                        غرر الأخبار، ص: 316
سؤلك له مضمرا، و خلا ما أظهرت، فأريت في منامك مقامي و حديثي و كلامي، و حذرت من خلافي، و أمرت فيه باتباعي».
قال: صدقت و الله الذي لا إله إلا هو الذي بعث المسيح و ما اطلع على من أخبرني به أحد غيري، و أنا أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنك وصيه، و أنك حبيبه و خليفته من بعده و أحق الناس بمقامه.
ثم أسلم و من كان معه، و قالوا: نرجع إلى صاحبنا فنخبره بما وجدنا عليه وصي رسول الله صلى الله عليه و آله و ندعوه إلى الحق.
فقال عمر: الحمد لله الذي هداكم إلى الحق و يهدي من عندكم إليه، غير أنه يجب أن يعلم أن علم النبوة في أهل بيته و الأمر من بعده إلى من خاطبت أولا، لاجتماع الناس عليه.
فقال له: قد عرفت ما قلت أيها الرجل، و أنا على يقين من أمري الذي قد ظهر له برهانه و بيانه.
فقال عمر: و الله لو لا أن يقول الناس إني قد قتلت مسلما لقتلتهم، فإني أظنهم شياطين يريدون اتباع الفتن و تفريق الأمة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «يا سلمان، أ ما ترى كيف يظهر الله تعالى الحجة و البرهان لأوليائه و ما يزداد الناس بذلك إلا نفورا و عنادا» «1».

 

                        الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، ج‏2، ص: 15
و أسند الطوسي في أماليه و ابن جبر في كتاب الاعتبار في إبطال الاختيار إلى سلمان أنه قدم على أبي بكر نصارى و فيهم جاثليق فقال وجدنا في الإنجيل رسولا بعد عيسى و في كتبنا لا تخرج الأنبياء من الدنيا إلا و لهم أوصياء فقال عمر هذا خليفة رسول الله فقال الجاثليق بم فضلتم علينا قال أبو بكر نحن مؤمنون و أنتم كافرون قال فأنت مؤمن عند الله أم عند نفسك فقال عند نفسي و لا علم لي بما عند الله فقال أنا كافر عندك أم عند الله قال عندي و لا علم لي بما عند الله قال أنت شاك في دينك و لست على يقين من دينك قال أ فتصل بما أنت عليه من الدين إلى الجنة قال لا أعلم قال أ فترجو لي ذلك قال أجل قال فما أراك إلا راجيا لي و خائفا على نفسك فما فضلك علي و كيف صرت خليفة النبي ص و لم تحط علما بما تحتاج إليه الأمة قال عمر كف عن هذا العبث و إلا أبحنا دمك قال ما هذا عدل على من جاء مسترشدا دلوني على من أسأله فجاء سلمان به إلى علي ع فسأله فقال ع في جوابه أنا مؤمن عند الله و عند نفسي و أصل إلى الجنة بوعد نبيي المعلوم صدقه بمعجزاته قال أين الله اليوم قال ع إن الله أين الأين فلا أين له قال فيحس أم بم يعرف قال ع تعالى الله عن الحواس و يعرف بصنائعه قال فما عندكم في المسيح‏
                       

الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، ج‏2، ص: 16
قال مخلوق لتغيره قال فبم بنت الرعية قال ع لعلمي بما كان و ما يكون قال هات برهانه قال أظهرت في سؤالك الاسترشاد و أضمرت خلافه و أريت في منامك مقامي و حذرت من خلافي فأسلم الجاثليق و من معه و أقروا بوصايته فقال عمر يجب أن تعلم أن الخليفة هو من خاطبت أولا برضا الأمة فأبى ذلك فقال عمر لو لا أن يقول الناس قتل مسلما لقتلته و إني أظنه شيطانا يريد إفساد هذه الأمة ثم توعد من يذكر هذه القصة.

 

 

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 53
 [18] باب في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و آله و رجوعهم إلى أمير المؤمنين عليه السلام‏
و قد أوردنا كثيرا من ذلك في أبواب الاحتجاج «1»، و نورد هاهنا أمثالها بأسانيد أخرى لمناسبتها لهذا الكتاب أيضا، و لكونها مشتملة على تغييرات و زيادات.
1- إرشاد القلوب «2»: بحذف الإسناد مرفوعا إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: كان من البلاء العظيم الذي ابتلى الله عز و جل به قريشا بعد نبيها صلى الله عليه و آله ليعرفها أنفسها و يجرح «3» شهادتها على ما ادعته على رسول الله‏
__________________________________________________
 (1) في مطبوع البحار: الاحتجات، و لعله: الاحتجاجات.
انظر: بحار الأنوار، المجلد العاشر، في احتجاجاتهم عليهم السلام في فروع و مسائل مختلفة.
 (2) إرشاد القلوب 2- 92- 108 [2- 299- 315] في كلامه مع الجاثليق. و قد ذكرنا أكثر الاختلافات بين المصدر و المتن مع عدم تثبتنا من صحة هذه الطبعة لكثرة ما فيها من أغلاط.
 (3) في المصدر: و تخرج ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 54
صلى الله عليه و آله بعد وفاته، و دحض حجتها، و كشف غطاء «1» ما أسرت في قلوبها، و أخرجت ضغائنها لآل رسول الله صلى الله عليه و آله أجمعين و أزالتهم عن إمامتهم، و ميراث كتاب الله فيهم، ما عظمت خطيئته، و شملت فضيحته، و وضحت هداية الله فيه لأهل «2» دعوته و ورثة نبيه صلى الله عليه و آله، و أنارت «3» به قلوب أوليائهم، و غمرهم نفعه و أصابهم بركاته: أن «4» ملك الروم لما بلغه وفاة «5» رسول الله صلى الله عليه و آله و خبر أمته و اختلافهم في الاختيار عليهم، و تركهم سبيل هدايتهم، و ادعائهم على رسول الله صلى الله عليه و آله أنه لم يوص إلى أحد بعد وفاته صلى الله عليه و آله، و إهماله إياهم يختاروا «6» لأنفسهم، و توليتهم الأمر بعده الأباعد من قومه، و صرف ذلك عن أهل بيته و ورثته و قرابته «7»، دعا علماء بلده و استفتاهم «8» فناظرهم في الأمر الذي ادعته قريش بعد نبيها صلى الله عليه و آله و فيما جاء به محمد صلى الله عليه و آله فأجابوه بجوابات من حججهم على أنه «9» محمد صلى الله عليه و آله، فسأل أهل مدينته أن يوجههم إلى المدينة لمناظرتهم و الاحتجاج عليهم، فأمر الجاثليق أن يختار من أصحابه و أساقفته، فاختار منهم مائة رجل، فخرجوا يقدمهم جاثليق لهم قد أقرت العلماء له جميعا بالفضل و العلم، متبحرا «10» في علمه يخرج الكلام من تأويله، و يرد كل فرع‏
__________________________________________________
 (1) لا توجد في المصدر: و كشف غطاء.
 (2) لا توجد: لأهل، في المصدر.
 (3) في المصدر: و أثارت.
 (4) زيادة في المصدر قبل كلمة أن، و هي: و عمهم نفعه و أضاء به برهانه أن ...
 (5) في إرشاد القلوب: خبر وفاة ...
 (6) في إرشاد القلوب: حتى يختاروا.
 (7) في المصدر: و ذريته و أقربائه.
 (8) في إرشاد القلوب و نسخة جاءت على (ك): و أساقفتهم.
 (9) في (ك): أمة.
 (10) في (ك): متجرئا.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 55
إلى أصله، ليس بالخرق «1» و لا بالنزق «2» و لا بالبليد و الرعديد «3»، و لا النكل «4» و لا الفشل ينصت لمن يتكلم، و يجيب إذا سئل، و يصبر إذا منع، فقدم المدينة بمن معه من خيار «5» أصحابه حتى نزل القوم عن رواحلهم، فسأل أهل المدينة عمن أوصى إليه محمد صلى الله عليه و آله و من قام مقامه فدلوه على أبي بكر، فأتوا مسجد رسول الله، فدخلوا، على أبي بكر و هو في حشدة «6» من قريش فيهم عمر بن الخطاب و أبو عبيدة بن الجراح و خالد بن الوليد و عثمان بن عفان و أنا في القوم «7»، فوقفوا عليه فقال زعيم القوم: السلام عليكم .. فردوا عليه السلام، فقال:
أرشدونا إلى القائم مقام نبيكم فإنا قوم من الروم، و إنا على دين المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، فقدمنا «8» لما بلغنا وفاة نبيكم و اختلافكم نسأل «9» عن صحة نبوته و نسترشد لديننا، و نتعرف «10» دينكم، فإن كان أفضل من ديننا دخلنا فيه و سلمنا و قبلنا الرشد منكم طوعا و أجبناكم إلى دعوة نبيكم (ص)، و إن يكن على‏
__________________________________________________
 (1) الحمق و ضعف العقل، كذا جاء في حاشية (ك).
أقول: قال في النهاية 2- 16: الخرق- بالضم-: الجهل و الحمق.
 (2) جاء في (ك) كذا: نزق- كفرح و ضرب-: طاش و حف عند الغضب. قاموس.
انظر: القاموس 3- 285. و في المصدر: البزق. قال في القاموس 3- 213: بزق: بسق، و الأرض: بذرها، و الشمس: بزغت.
 (3) فسره في حاشية (ك) ب: الجبان، قاله في القاموس 1- 295. و في المصدر: الرعيد.
 (4) نكل عن العدو و عن اليمين ينكل- بالضم-: أي جبن، و الناكل: الجبان الضعيف. صحاح.
كذا جاء في حاشية (ك). انظر: الصحاح 5- 1835.
 (5) في المصدر: أخبار قومه- بالباء الموحدة-، و الظاهر: أخيار، أو أحبار.
 (6) في حاشية (ك) عبارة و هي: عندي حشد من الناس: أي جماعة. صحاح.
انظر: صحاح اللغة 2- 2465، و فيه: حسك. كما في الإرشاد. قال في القاموس 3- 298:
الحسك: الحقد و العداوة، و حسك: غضب.
 (7) في إرشاد القلوب: و باقي القوم، بدلا من: و أنا في القوم.
 (8) في المصدر: قدمنا.
 (9) في (س): لنسأل.
 (10) في المصدر: نتعرض.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 56
خلاف ما جاءت به الرسل و جاء به عيسى عليه السلام رجعنا إلى دين المسيح فإن عنده من عهد رأينا فيه أنبياءه «1» و رسله دلالة و نورا واضحا، فأيكم صاحب الأمر بعد نبيكم صلى الله عليه و آله؟
فقال عمر بن الخطاب: هذا صاحبنا «2» و ولي الأمر بعد نبينا.
قال الجاثليق: هو هذا الشيخ؟!.
فقال «3»: نعم.
فقال: يا شيخ «4»! أنت القائم الوصي لمحمد صلى الله عليه و آله في أمته؟
و أنت العالم المستغني بعلمك مما علمك «5» نبيك من أمر الأمة و ما تحتاج إليه؟.
قال أبو بكر: لا، ما أنا بوصي.
قال له: فما أنت؟! قال عمر: هذا خليفة رسول الله.
قال النصراني: أنت خليفة رسول الله استخلفك في أمته؟.
قال أبو بكر: لا.
قال: فما هذا الاسم الذي ابتدعتموه و ادعيتموه بعد نبيكم؟!. فإنا قد قرأنا كتب الأنبياء صلوات الله عليهم فوجدنا الخلافة لا تصلح إلا لنبي من أنبياء الله، لأن الله تعالى جعل آدم خليفة في الأرض فرض طاعته على أهل السماء و الأرض، و نوه «6» باسم داود عليه السلام فقال: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض «7»

__________________________________________________
 (1) في المصدر: ربنا في أنبيائه. و هي نسخة في مطبوع البحار.
 (2) في إرشاد القلوب زيادة: هذا صاحب أمر نبينا بعده قالوا: هذا صاحبنا.
 (3) في المصدر: فقالوا.
 (4) في المصدر: أيها الشيخ ...
 (5) لا توجد في المصدر: مما علمك.
 (6) نوهه و به: دعاه و رفعه، قاله في القاموس 4- 294.
 (7) سورة ص: 26.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 57
كيف تسميتم «1» بهذا الاسم؟ و من سماك به؟ أ نبيك سماك به؟.
قال: لا، و لكن تراضوا الناس فولوني و استخلفوني.
فقال: أنت خليفة قومك لا نبيك «2»، و قد قلت إن النبي لم يوص إليك، و قد وجدنا في كتب من «3» سنن الأنبياء، أن الله لم يبعث نبيا إلا و له وصي يوصي إليه «4»، و يحتاج الناس كلهم إلى علمه و هو مستغن عنهم، و قد زعمت أنه لم يوص كما أوصت الأنبياء، و ادعيت أشياء لست بأهلها، و ما أراكم إلا و قد دفعتم نبوة محمد و قد أبطلتم سنن الأنبياء في قومهم.
قال: فالتفت «5» الجاثليق إلى أصحابه و قال: إن هؤلاء يقولون إن محمدا لم يأتهم بالنبوة و إنما كان أمره بالغلبة، و لو كان نبيا لأوصى كما أوصت الأنبياء، و خلف فيهم كما خلفت الأنبياء من الميراث و العلم، و لسنا نجد عند القوم أثر ذلك، ثم التفت كالأسد، فقال: يا شيخ! أما أنت فقد أقررت أن محمدا «6» لم يوص إليك و لا استخلفك و إنما تراضوا الناس بك، و لو رضي الله عز و جل برضى «7» الخلق و اتباعهم لهواهم و اختيارهم لأنفسهم ما بعث الله النبيين مبشرين و منذرين، و آتاهم الكتاب و الحكمة ليبينوا للناس ما يأتون و يذرون و ما فيه يختلفون: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل «8» فقد دفعتم النبيين عن رسالاتهم، و استغنيتم بالجهل من اختيار الناس عن اختيار الله عز و جل الرسل للعباد، و اختيار الرسل لأمتهم، و نراكم تعظمون بذلك الفرية على الله عز
__________________________________________________
 (1) في المصدر: فكيف تسميت ...
 (2) في المصدر: لا خليفة نبيك.
 (3) لا توجد: كتب من، في المصدر.
 (4) في إرشاد القلوب: يوصي به اليوم.
 (5) في المصدر: ثم التفت.
 (6) في المصدر: محمدا النبي.
 (7) في إرشاد القلوب: لرضى.
 (8) النساء: 165.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 58
و جل و على نبيكم، و لا ترضون إلا أن تتسموا بعد ذلك بالخلافة، و هذا لا يحل إلا لنبي أو وصي نبي، و إنما تصح الحجة لكم بتأكيدكم النبوة لنبيكم و أخذكم بسنن الأنبياء في هداهم، و قد تغلبتم فلا بد لنا أن نحتج عليكم فيما ادعيتم حتى نعرف سبيل ما تدعون إليه، و نعرف الحق فيكم بعد نبيكم، أ صواب ما فعلتم بإيمان أم كفرتم بجهل «1»؟.
ثم قال: يا شيخ! أجب.
قال:: فالتفت أبو بكر إلى أبي عبيدة ليجيب عنه، فلم يحر جوابا، ثم التفت الجاثليق إلى أصحابه فقال: بناء القوم على غير أساس و لا أرى لهم حجة، أ فهمتم؟.
قالوا: بلى.
ثم قال لأبي بكر: يا شيخ! أسألك؟.
قال: سل.
قال: أخبرني عني و عنك ما «2» أنت عند الله، و ما أنا عند الله «3»؟.
قال: أما أنا فعند نفسي مؤمن، و ما أدري ما أنا عند الله فيما بعد، و أما أنت فعندي كافر، و ما «4» أدري ما أنت عند الله؟.
قال الجاثليق: أما أنت فقد منيت نفسك الكفر بعد الإيمان، و جهلت مقامك في إيمانك، أ محق أنت فيه أم مبطل، و أما أنا فقد منيتني الإيمان بعد الكفر، فما أحسن حالي و أسوأ «5» حالك عند نفسك، إذ كنت لا توقن بما لك عند الله، فقد شهدت لي بالفوز و النجاة، و شهدت لنفسك بالهلاك و الكفر.
__________________________________________________
 (1) في المصدر: بإيمان أو بجهل و كفرتم ...
 (2) في (ك): و ما.
 (3) لا توجد: عند الله .. في المصدر.
 (4) في (ك): و لا، بدلا من: و ما، و في المصدر: و لا أدري ما أدري قال: ...
 (5) في المصدر: ما أسوأ ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 59
ثم التفت إلى أصحابه فقال: طيبوا نفسا «1» فقد شهد لكم بالنجاة بعد الكفر، ثم التفت إلى أبي بكر فقال: يا شيخ! أين مكانك الساعة من الجنة إذا ادعيت الإيمان، و أين مكاني من النار؟!.
قال: فالتفت أبو بكر إلى عمر و أبو [أبي‏] عبيدة مرة أخرى ليجيبا عنه، فلم ينطق أحدهما «2».
قال: ثم قال: ما أدري أين مكاني و ما حالي عند الله؟.
قال الجاثليق: يا هذا! أخبرني كيف استجزت لنفسك أن تجلس في هذا المجلس و أنت محتاج إلى علم غيرك؟ فهل في أمة محمد «3» من هو أعلم منك؟.
قال: نعم.
قال: ما أعلمك و إياهم إلا و قد حملوك أمرا عظيما، و سفهوا بتقديمهم إياك على من هو أعلم منك، فإن كان الذي هو أعلم منك يعجز عما سألتك كعجزك فأنت و هو واحد في دعواكم، فأرى نبيكم إن كان نبيا فقد ضيع علم الله عز و جل و عهده و ميثاقه الذي أخذه على النبيين من قبله في إقامة الأوصياء لأمتهم حيث لم يقم وصيا ليتفرغوا «4» إليه فيما «5» تتنازعون «6» في أمر دينكم، فدلوني على هذا الذي هو أعلم منكم، فعساه في العلم أكثر منك في «7» محاورة و جواب و بيان و ما يحتاج إليه من أثر النبوة و سنن الأنبياء، و لقد ظلمك القوم و ظلموا أنفسهم فيك.
قال سلمان رضي الله عنه: فلما رأيت ما نزل بالقوم من البهت و الحيرة و الذل‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: أنفسكم.
 (2) في إرشاد القلوب: أحد منهما قال إنه قال: ...
 (3) في المصدر: نبيكم، بدلا من: محمد.
 (4) في (ك): لتفزعوا.
 (5) في المصدر: لأمتهم ليفزعوا إليهم فيما ...
 (6) في المصدر: يتنازعون. و هي نسخة في مطبوع البحار.
 (7) في إرشاد القلوب: في العلم أقل منكم في ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 60
و الصغار، و ما حل بدين محمد (ص)، و ما نزل بالقوم من الحزن، نهضت- لا أعقل أين أضع قدمي- إلى باب أمير المؤمنين عليه السلام، فدققت عليه الباب، فخرج و هو «1» يقول: ما دهاك يا سلمان؟!. قال: قلت: هلك دين محمد صلى الله عليه و آله «2»، و هلك الإسلام بعد محمد صلى الله عليه و آله، و ظهر أهل الكفر على دينه و أصحابه بالحجة، فأدرك- يا أمير المؤمنين!- دين محمد صلى الله عليه و آله و القوم قد ورد عليهم ما لا طاقة لهم به و لا بد و لا حيلة، و أنت اليوم مفرج كربها، و كاشف بلواها، و صاحب ميسمها «3» و تاجها، و مصباح ظلمها، و مفتاح مبهمها.
قال: فقال علي عليه السلام و «4» ما ذاك؟.
قال: قلت: قد قدم قوم من ملك الروم في مائة رجل من أشراف الناس من قومهم «5» يقدمهم جاثليق لهم «6» لم أر مثله، يورد الكلام على معانيه، و يصرفه على تأويله «7»، و يؤكد حجته و يحكم ابتداءه، لم أسمع مثل حجته و لا سرعة جوابه من كنوز علمه، فأتى أبا بكر- و هو في جماعة- فسأله عن مقامه و وصية رسول الله صلى الله عليه و آله، فأبطل دعواه «8» بالخلافة، و غلبهم بادعائهم تخليفهم مقامه، فأورد على أبي بكر مسألة أخرجه بها عن إيمانه، و ألزمه الكفر و الشك في دينه، فعلتهم لذلك «9» ذلة و خضوع و حيرة، فأدرك- يا أمير المؤمنين- دين محمد،
__________________________________________________
 (1) لا توجد: و هو، في (س).
 (2) في المصدر: هلك دين الله و ...
 (3) الميسم- بكسر الميم-: أثر الحسن، قاله في القاموس 4- 186.
 (4) وضع في مطبوع البحار على حرف الواو رمز نسخة بدل.
 (5) في المصدر: من أشراف قومهم.
 (6) لا توجد: لهم، في المصدر.
 (7) في (س): على ما تأويله.
 (8) في إرشاد القلوب: دعواهم.
 (9) في المصدر: في ذلك.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 61
فقد ورد عليهم ما لا طاقة لهم به «1».
فنهض أمير المؤمنين عليه السلام معي حتى أتينا القوم و قد ألبسوا الذلة و المهانة و الصغار و الحيرة، فسلم علي عليه السلام ثم جلس، فقال: يا نصراني! أقبل علي بوجهك و اقصدني بمسائلك «2» فعندي جواب ما يحتاج الناس إليه فيما يأتون و يذرون، و بالله التوفيق.
قال: فتحول النصراني إليه، و قال: يا شاب! إنا وجدنا في كتاب الأنبياء أن الله لم يبعث نبيا قط إلا و كان له وصيا [كذا] [وصي‏] يقوم مقامه، و قد بلغنا اختلاف عن أمة محمد في مقام نبوته، و ادعاء قريش على الأنصار و ادعاء الأنصار على قريش، و اختيارهم لأنفسهم، فأقدمنا ملكنا وفدا، و قد اختارنا لنبحث عن دين محمد صلى الله عليه و آله و نعرف سنن الأنبياء فيه «3» و الاستماع من قومه الذين ادعوا مقامه، أ حق ذلك أم باطل؟ قد كذبوا عليه كما كذبت الأمم بعد أنبيائها على نبيها، و دفعت الأوصياء عن حقها، فإنا وجدنا قوم موسى عليه السلام بعده عكفوا على العجل و دفعوا هارون عن وصيته، و اختاروا ما أنتم عليه، و كذلك: سنة الله في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا «4»، فقدمنا فأرشدنا «5» القوم إلى هذا الشيخ، فادعى مقامه و الأمر له من بعده، فسألنا عن الوصية إليه عن نبيه (ص) «6»؟ فلم يعرفها، و سألناه عن قرابته منه إذ كانت الدعوة في إبراهيم «7» عليه السلام فيما سبقت في الذرية في إمامته أنه لا ينالها إلا «8» ذرية بعضها من بعض،
__________________________________________________
 (1) لا توجد: به، في المصدر.
 (2) في المصدر: بحاجتك، بدلا من: بمسائلك.
 (3) لا توجد: فيه، في المصدر.
 (4) الأحزاب: 62.
 (5) في (ك) نسخة بدل: و أرشدنا، و في المصدر: و أرشدونا إلى هذا ...
 (6) في المصدر: من نبيه.
 (7) في المصدر: إذا كانت الدعوة من إبراهيم.
 (8) هنا سقط، و جاءت العبارة في المصدر هكذا: .. في الذرية إني جاعلك للناس إماما، قال و من ذريتي قال: لا ينال عهدي الظالمون [كذا]، و إن الإمامة لا ينالها إلا ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 62
و لا ينالها إلا مصطفى مطهر، فأردنا أن نتبين السنة من محمد صلى الله عليه و آله و ما جاء به النبيون عليهم السلام، و اختلاف الأمة على الوصي كما اختلفت على من مضى من الأوصياء، و معرفة العترة فيهم؟، فإن وجدنا لهذا الرسول وصيا و قائما بعده و عنده علم ما يحتاج إليه الناس، و يجيب بجوابات بينة، و يخبر عن أسباب البلايا و المنايا و فصل الخطاب و الأنساب، و ما يهبط من العلم في ليلة القدر في كل سنة، و ما ينزل «1» به الملائكة و الروح إلى الأوصياء صدقنا بنبوته، و أجبنا دعوته، و اقتدينا بوصيته، و آمنا به و بكتابه «2»، و بما جاءت به الرسل من قبله، و إن يكن غير ذلك رجعنا إلى ديننا و علمنا أن محمدا «3» لم يبعث، و قد سألنا هذا الشيخ فلم نجد عنده تصحيح نبوة «4» محمد صلى الله عليه و آله، و إنما ادعوا له و كان جبارا «5» غلب على قومه بالقهر، و ملكهم و لم يكن عنده أثر النبوة، و لا ما جاءت به الأنبياء عليهم السلام قبله، و أنه مضى و تركهم بهما يغلب بعضهم بعضا، و ردهم جاهلية جهلاء مثل ما كانوا يختارون بآرائهم لأنفسهم .. أي دين أحبوا، و أي ملك أرادوا، و أخرجوا محمدا صلى الله عليه و آله من سبيل الأنبياء، و جهلوه في رسالته، و دفعوا وصيته «6»، و زعموا أن الجاهل يقوم مقام العالم، و في ذلك هلاك الحرث و النسل و ظهور الفساد في الأرض في البر و البحر، و حاشا الله عز و جل أن يبعث نبيا إلا مطهرا مسددا مصطفى على العالمين، و إن العالم أمير على الجاهل أبدا إلى يوم القيامة، فسألته عن اسمه فقال الذي إلى جنبه: هذا خليفة رسول‏
__________________________________________________
 (1) في (ك): و ما يتنزل. و في المصدر: و ما تنزل.
 (2) في المصدر: و اقتدينا بوصيه و أمنائه و بكتابه.
 (3) في إرشاد القلوب: و أن أحمد.
 (4) في المصدر: النبوة نبوة.
 (5) في الإرشاد: و إنما ادعي أنه كان جبارا.
 (6) في (س): وصيه.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 63
الله. فقلت: إن «1» هذا الاسم لا نعرفه لأحد بعد النبي إلا أن يكون لغة من اللغات «2»، فأما الخلافة فلا تصلح إلا لآدم و داود عليهما السلام، و السنة فيها للأنبياء و الأوصياء، و إنكم لتعظمون الفرية «3» على الله و على رسوله، فانتفى من العلم، و اعتذر من الاسم، و قال: إنما تراضوا الناس بي فسموني خليفة، و في الأمة من هو أعلم مني، فاكتفينا بما حكم على نفسه و على من اختاره، فقدمت مسترشدا و باحثا عن الحق، فإن وضح لي اتبعته «4» و لم تأخذني في الله لومة لائم، فهل عندك أيها الشاب شفاء لما في صدورنا «5»؟.
قال علي عليه السلام: بلى! عندي شفاء لصدوركم، و ضياء لقلوبكم، و شرح لما أنتم عليه، و بيان لا يختلجكم الشك معه، و إخبار عن أموركم، و برهان لدلالتكم، فأقبل علي «6» بوجهك، و فرغ لي مسامع قلبك، و أحضرني ذهنك، و ع ما أقول لك: إن الله بمنه و طوله و فضله- له الحمد كثيرا دائما- قد صدق وعده، و أعز دينه، و نصر محمدا عبده و رسوله، و هزم الأحزاب وحده، ف له الملك و له الحمد و هو على كل شي‏ء قدير، إنه «7» تبارك و تعالى اختص محمدا صلى الله عليه و آله و اصطفاه و هداه، و انتجبه لرسالته إلى الناس كافة برحمته، و إلى الثقلين برأفته، و فرض طاعته على أهل السماء و الأرض «8»، و جعله إماما لمن قبله من الرسل، و خاتما لمن بعده من الخلق، و ورثه مواريث الأنبياء، و أعطاه مقاليد الدنيا و الآخرة،
__________________________________________________
 (1) في (ك): وضع رمز نسخة بدل على كلمة: إن.
 (2) في المصدر: من لغات العرب.
 (3) في (ك): القربة، و لا معنى لها هنا.
 (4) في إرشاد القلوب: أتبعه.
 (5) في (س): الصدور.
 (6) في المصدر: إلي، بدلا من: علي.
 (7) لا توجد: إنه، في المصدر.
 (8) في الإرشاد: و أهل الأرض.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 64
و اتخذه نبيا و رسولا و حبيبا و إماما، و دفعه «1» إليه، و قربه يمين «2» عرشه بحيث لا يبلغه «3» ملك مقرب و لا نبي مرسل، فأوحى الله إليه في وحيه ما أوحى «4» ما كذب الفؤاد ما رأى «5»، و أنزل علاماته على الأنبياء، و أخذ ميثاقهم: لتؤمنن به و لتنصرنه «6».
قال: ثم قال أ أقررتم و أخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا و أنا معكم من الشاهدين «7» «8» و قال: يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به و عزروه و نصروه و اتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون «9» فما مضى صلى الله عليه و آله حتى أتم الله مقامه، و أعطاه وسيلته، و رفع له درجته، فلن يذكر الله تعالى «10» إلا كان معه مقرونا، و فرض دينه، و وصل طاعته بطاعته، فقال:
من يطع الرسول فقد أطاع الله «11» و قال: ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا «12» فأبلغ عن الله عز و جل رسالته، و أوضح برهان ولايته، و أحكم آياته، و شرع شرائعه و أحكامه، و دلهم على سبيل نجاتهم، و باب هدايته‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: رفعه. و هي نسخة في مطبوع البحار.
 (2) في الإرشاد: عن يمين.
 (3) في المصدر: لم يبلغه.
 (4) لا توجد: ما أوحى، في المصدر.
 (5) النجم: 11.
 (6) آل عمران: 81.
 (7) لا توجد: قال، في (س). و في المصدر: ثم قال للأنبياء.
 (8) آل عمران: 81.
 (9) الأعراف: 157.
 (10) في المصدر: عز و جل، بدلا من: تعالى.
 (11) النساء: 80.
 (12) الحشر: 7.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 65
و حكمته، و كذلك بشر به النبيون صلى الله عليهم قبله، و بشر به عيسى روح الله و كلمته إذ يقول في الإنجيل: أحمد العربي النبي الأمي صاحب الجمل الأحمر و القضيب، و أقام لأمته وصيه فيهم، و عيبة علمه، و موضع سره، و محكم آيات كتابه، و تاليه حق تلاوته، و باب حطته، و وارث كتابه، و خلفه مع كتاب الله فيهم، و أخذ فيهم الحجة «1»، فقال صلى الله عليه و آله: قد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا «2»، كتاب الله و عترتي أهل بيتي، و هما الثقلان: كتاب الله الثقل الأكبر حبل ممدود من السماء إلى الأرض سبب بأيديكم و سبب بيد الله عز و جل، و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فلا تقدموهم فتمرقوا «3» و لا تأخذوا عن غيرهم فتعطبوا، و لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، و أنا وصيه و القائم بتأويل كتابه، و العارف بحلاله و حرامه، و بمحكمه و متشابهه، و ناسخه و منسوخه، و أمثاله و عبره و تصاريفه، و عندي علم ما يحتاج «4» إليه أمته من بعده، و كل قائم و ملتو «5»، و عندي علم البلايا و المنايا و الوصايا و الأنساب و فصل الخطاب، و مولد الإسلام، و مولد الكفر، و صاحب الكرات، و دولة الدول، فاسألني عما يكون إلى يوم القيامة و عما كان على عهد عيسى عليه السلام منذ بعثه الله تبارك و تعالى، و عن كل وصي، و كل فئة تضل مائة و تهدي مائة، و عن سائقها و قائدها و ناعقها إلى يوم القيامة، و كل آية نزلت في كتاب الله في ليل نزلت أم نهار «6»، و عن التوراة و الإنجيل و القرآن «7» العظيم، فإنه صلى الله عليه و آله لم يكتمني من علمه شيئا و لا ما تحتاج إليه الأمم من أهل التوراة و الإنجيل، و أصناف الملحدين و أحوال‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: بالحجة.
 (2) في المصدر: لن تضلوا أبدا.
 (3) في إرشاد القلوب: فلا تتقدموهم فتمزقوا ...
 (4) في المصدر: تحتاج.
 (5) قال في القاموس 4- 387: لوي القدح و الرمل- كرضي- لوى فهو لو: اعوج، كالتوى.
 (6) في المصدر: أم في نهار.
 (7) خ. ل: الفرقان، جاءت على مطبوع البحار.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 66
المخالفين، و أديان المختلفين، و كان «1» صلى الله عليه و آله خاتم النبيين بعدهم، و عليهم فرضت طاعته و الإيمان به و النصرة له، تجدون ذلك مكتوبا في التوراة و الإنجيل و الزبور، و في الصحف الأولى صحف إبراهيم و موسى «2»، و لم يكن ليضيع عهد الله «3» في خلقه و يترك الأمة قائهين «4» بعده، و كيف يكون ذلك و قد وصفه الله بالرأفة و الرحمة و العفو و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقامة القسطاس المستقيم؟!.
و إن الله عز و جل أوحى إليه كما أوحى «5» إلى نوح و النبيين من بعده، و كما أوحى إلى موسى عليه السلام و عيسى عليه السلام فصدق الله و بلغ رسالته و أنا على ذلك من الشاهدين، و قد «6» قال الله تبارك و تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد و جئنا بك على هؤلاء شهيدا «7» و قال: و كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب «8» و قد صدقه الله و أعطاه الوسيلة إليه و إلى الله عز و جل، فقال: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين «9»، فنحن الصادقون «10»، و أنا أخوه في الدنيا و الآخرة، و الشاهد منه عليهم بعده، و أنا وسيلته بينه و بين أمته «11»، و أنا و ولدي ورثته، و أنا و هم كسفينة
__________________________________________________
 (1) في المصدر: إذ كان.
 (2) الأعلى: 18- 19.
 (3) في الإرشاد زيادة: عز و جل بعد لفظ الجلالة.
 (4) كذا، و جاءت نسخة بدل في مطبوع البحار: تائهين، و هو الظاهر. و في المصدر: تاهين. و لم نجد معنى مناسبا لغة لما أثبتناه متنا.
 (5) لا يوجد في المصدر: إليه كما أوحى.
 (6) لا توجد: قد، في (ك).
 (7) النساء: 41.
 (8) الرعد: 43.
 (9) التوبة: 119.
 (10) في المصدر: فنحن و الله الصادقون.
 (11) في (س): و بين الله.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 67
نوح في قومه من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق، و أنا و هم كباب حطة في بني إسرائيل، و أنا «1» بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده، و أنا الشاهد منه في الدنيا و الآخرة، و رسول الله على بينة من ربه و يعرض «2» طاعتي و محبتي بين «3» أهل الإيمان و أهل الكفر و أهل النفاق، فمن أحبني كان مؤمنا، و من أبغضني كان كافرا، و الله ما كذبت و لا كذبت و لا كذب بي «4»، و لا ضللت و لا ضل بي، و إني لعلى «5» بينة بينها ربي عز و جل لنبيه صلى الله عليه و آله فبينها لي، فاسألوني عما كان و عما يكون «6» و عما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال: فالتفت الجاثليق إلى أصحابه و قال: هذا هو «7» و الله الناطق بالعلم و القدرة، الفاتق «8» الراتق، و نرجو من الله تعالى أن نكون صادفنا «9» حظنا، و نور هدايتنا، و هذه و الله حجج الأوصياء من الأنبياء على قومهم.
قال: فالتفت إلى علي عليه السلام: فقال: كيف عدل بك القوم عن قصدهم إياك، و ادعوا ما أنت أولى به منهم؟! ألا و قد وقع القول عليهم، قصروا في أنفسهم «10» و ما ضر ذلك الأوصياء مع ما أغناهم الله عز و جل به من العلم و استحقاق مقامات رسله، فأخبرني- أيها العالم الحكيم- عني و عنك ما «11»

__________________________________________________
 (1) في الإرشاد: و أنا منه.
 (2) في المصدر: و فرض.
 (3) جاء في الإرشاد: على، بدلا من: بين.
 (4) لا يوجد في المصدر: و لا كذبت و لا كذب بي.
 (5) في المصدر: و إني على.
 (6) في المطبوع وضع على: عما يكون، نسخة بدل، و لا توجد في المصدر.
 (7) في المصدر لا توجد: هو.
 (8) في (س): الفائق. و في المصدر: الفاتن، بدلا من: الفاتق.
 (9) في إرشاد القلوب: أن يكون قد صادقنا.
 (10) في المصدر: فضربوا أنفسهم.
 (11) في المصدر: أيها الحكيم عني و أنت ما ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 68
أنت عند الله؟ و ما أنا عند الله؟.
قال علي عليه السلام: أما أنا فعند الله عز و جل مؤمن و عند نفسي مؤمن متيقن «1» بفضله و رحمته و هدايته و نعمه علي، و كذلك أخذ الله جل جلاله «2» ميثاقي على الإيمان و هداني لمعرفته «3» لا أشك في ذلك و لا أرتاب، و لم أزل على ما أخذ الله تعالى «4» علي من الميثاق، و لم أبدل و لم أغير و ذلك بمن الله و رحمته و صنعه، أنا في الجنة لا أشك في ذلك و لا أرتاب «5»، لم أزل على ما أخذ الله تعالى «6» علي من الميثاق، فإن الشك شرك لما أعطاني الله من اليقين و البينة، و أما أنت فعند الله كافر بجحودك الميثاق و الإقرار الذي أخذه الله عليك بعد خروجك من بطن أمك و بلوغك العقل و معرفة التمييز «7» للجيد و الردي‏ء و الخير و الشر، و إقرارك بالرسل، و جحودك لما أنزل الله في الإنجيل من أخبار النبيين عليهم السلام ما دمت على هذه الحالة، كنت في النار لا محالة.
قال: فأخبرني عن مكاني من النار و مكانك من الجنة؟.
فقال علي عليه السلام: لم أدخلها فأعرف مكاني من الجنة و مكانك من النار، و لكن أعرفك ذلك «8» من كتاب الله عز و جل: إن الله جل جلاله بعث محمدا صلى الله عليه و آله بالحق، و أنزل عليه كتابا: لا يأتيه الباطل من بين يديه‏

__________________________________________________
 (1) في الإرشاد: عز و جل و عند نفسي مؤمن مستيقن.
 (2) في المصدر: الله عز و جل.
 (3) جاءت زيادة: و لا أرتاب، في المصدر.
 (4) لا توجد كلمة: تعالى، في (س) و المصدر، و فيه: ما أخذه الله علي ...
 (5) وضع في طبعتي البحار على قوله: و لم أزل .. إلى هنا ما يوهم كونه نسخة بدل، و ظاهره التكرار، فراجع.
 (6) في المصدر: عز و جل، بدلا من: تعالى.
 (7) في الإرشاد: و المعرفة و التمييز .. و هو الظاهر.
 (8) في المصدر: أعرف ذلك.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 69
و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد «1» أحكم فيه جميع علمه، و أخبر رسول الله صلى الله عليه و آله عن الجنة بدرجاتها و منازلها، و قسم الله «2» جل جلاله الجنان بين خلقه لكل عامل منهم ثوابا منها، و أحلهم على قدر فضائلهم في الأعمال و الإيمان، فصدقنا الله و عرفنا منازل الأبرار، و كذلك «3» منازل الفجار، و ما أعد لهم من العذاب في النار، و قال: لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم «4» فمن مات على كفره و فسوقه و شركه و نفاقه و ظلمه ف لكل باب منهم جزء مقسوم «5»، و قد قال جل جلاله: إن في ذلك لآيات للمتوسمين «6» و كان رسول الله صلى الله عليه و آله هو المتوسم، و أنا و الأئمة من ذريتي المتوسمون إلى يوم القيامة.
قال: فالتفت الجاثليق إلى أصحابه و قال: قد أصبتم إرادتكم و أرجو أن تظفروا بالحق الذي طلبنا، إلا أنه «7» قد نصبت له مسائل فإن أجابني عنها نظرنا في أمرنا و قبلت منه.
قال علي عليه السلام: فإن أجبتك عما تسألني عنه- و فيه تبيان و برهان واضح لا تجد له مدفعا و لا من قبوله بدا أن «8»- تدخل في ديننا؟
قال: نعم.
فقال علي عليه السلام: الله عليك راع و «9» كفيل، إذا وضح لك الحق و عرفت الهدى أن تدخل في ديننا أنت و أصحابك؟.
قال الجاثليق: نعم، لك الله علي راع و «10» كفيل أني أفعل ذلك.
__________________________________________________
 (1) فصلت: 42.
 (2) الله، وضع عليها رمز نسخة بدل في (ك).
 (3) لا توجد: منازل الأبرار، و كذلك في المصدر.
 (4) الحجر: 44.
 (5) الحجر: 44.
 (6) الحجر: 75.
 (7) في المصدر: إلا أني .. و هو الظاهر.
 (8) لا توجد: أن، في المصدر، و هو أولى.
 (9) لا توجد الواو في المصدر.
 (10) لا توجد الواو في المصدر.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 70
فقال علي عليه السلام: فخذ على أصحابك الوفاء.
قال: فأخذ عليهم العهد.
ثم قال علي عليه السلام: سل عما أحببت.
قال: خبرني عن الله عز و جل «1» أ حمل العرش أم العرش يحمله؟.
قال عليه السلام: الله حامل العرش و السماوات و الأرض و ما فيهما و ما بينهما، و ذلك قول الله تعالى: إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا «2».
قال: أخبرني عن قول الله: و يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية «3» فكيف ذلك؟ و قلت إنه يحمل العرش و السماوات «4» و الأرض؟.
قال علي عليه السلام: إن العرش خلقه الله تبارك و تعالى من أنوار أربعة:
نور أحمر- احمرت منه الحمرة-، و نور أخضر- اخضرت منه الخضرة-، و نور أصفر- اصفرت منه الصفرة-، و نور أبيض- ابيض «5» منه البياض- و هو العلم الذي حمله الله الحملة، و ذلك نور من عظمته، فبعظمته و نوره ابيضت قلوب المؤمنين، و بعظمته و نوره عاداه الجاهلون، و بعظمته و نوره ابتغى من في السماوات و الأرض- من جميع خلائقه- إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة و الأديان المتشتتة «6»، و كل محمول يحمله الله بنوره و عظمته «7» و قدرته لا يستطيع لنفسه نفعا و لا ضرا* و لا موتا و لا حياة و لا نشورا، و كل شي‏ء محمول «8» و الله عز و جل الممسك لهما أن تزولا، و المحيط بهما
__________________________________________________
 (1) في المصدر: جل و علا.
 (2) فاطر: 41.
 (3) الحاقة: 17.
 (4) لا توجد: و السماوات، في المصدر.
 (5) في (ك): ابيضت.
 (6) في (س): المنشأة، و هي نسخة في (ك).
 (7) في المصدر: نوره و نور عظمته.
 (8) في إرشاد القلوب: محمل.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 71
و بما فيهما من شي‏ء، و هو حياة كل شي‏ء «1» و نور كل شي‏ء سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا «2».
قال: فأخبرني عن الله عز و جل أين هو؟.
قال عليه السلام: هو هاهنا .. و هاهنا .. و هاهنا .. و هاهنا «3» ..، و هو فوق «4» و تحت و محيط بنا و معنا، و هو قوله «5»: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة «6»، و الكرسي محيط بالسماوات و الأرض:
و لا يؤده حفظهما و هو العلي العظيم «7» ف الذين يحملون العرش هم العلماء، و هم الذين حملهم الله علمه، و ليس يخرج عن «8» هذه الأربعة شي‏ء خلقه الله تعالى في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه، و أراه الله عز و جل خليله عليه السلام، فقال: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين «9» فكيف يحمله حملة العرش «10» و بحياته حييت قلوبهم، و بنوره اهتدوا إلى معرفته و انقادوا «11»؟!.
قال: فالتفت الجاثليق إلى أصحابه، فقال: هذا هو- و الله- الحق من عند
__________________________________________________
 (1) في المصدر زيادة: سبحانه.
 (2) الأسراء: 43. و في الإرشاد و (س): سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون .. فلا تصبح آية.
 (3) في (ك) ذكر: هاهنا، ثلاث مرات.
 (4) في (ك) وضع على: و هو فوق، رمز نسخة بدل.
 (5) في المصدر زيادة: تعالى.
 (6) المجادلة: 7. و في المصدر زيادة: إن الله بكل شي‏ء عليم.
 (7) البقرة: 255.
 (8) في المصدر: من، بدلا من: عن.
 (9) الأنعام: 75.
 (10) في المصدر: و كيف يحمل عرش الله ...
 (11) لا توجد: و انقادوا، في المصدر.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 72
الله عز و جل على لسان المسيح و النبيين و الأوصياء عليهم السلام.
قال: أخبرني عن الجنة في الدنيا «1» هي أم في الآخرة؟ و أين الآخرة و الدنيا؟.
قال عليه السلام: الدنيا في الآخرة، و الآخرة محيطة بالدنيا، إذا [إذ] كانت النقلة من الحياة إلى الموت ظاهرة، كانت «2» الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون، و ذلك أن الدنيا نقلة و الآخرة حياة و مقام مثل ذلك النائم، و ذلك أن الجسم ينام و الروح لا تنام، و البدن يموت و الروح لا تموت، قال الله عز و جل:
و إن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون «3» و الدنيا رسم الآخرة، و الآخرة رسم الدنيا، و ليس الدنيا الآخرة و لا الآخرة الدنيا، إذا فارق الروح الجسم يرجع كل واحد «4» منهما إلى ما منه بدأ، و ما منه خلق، و كذلك الجنة و النار في الدنيا موجودة و في الآخرة موجودة «5»، لأن العبد إذا مات صار في دار من الأرض، إما «6» روضة من رياض الجنة، و إما بقعة من بقاع النار، و روحه إلى إحدى دارين: إما في دار نعيم مقيم لا موت فيها، و إما في دار عذاب أليم لا يموت فيها، و الرسم لمن عقل موجود واضح، و قد قال الله تعالى: كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم «7»، و عن «8» الكفار فقال إنهم: كانت أعينهم في غطاء عن ذكري‏

__________________________________________________
 (1) في (ك) نسخة بدل: هي في الدنيا أم .. و في المصدر: هل في الدنيا ...
 (2) في المصدر: و كانت.
 (3) العنكبوت: 64.
 (4) وضع على كلمة (واحد) رمز نسخة بدل في (ك).
 (5) لا توجد: موجودة- الثانية- في المصدر.
 (6) في (س) زيادة: روحة في.
 (7) التكاثر: 5- 8.
 (8) خ. ل: عني.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 73
و كانوا لا يستطيعون سمعا «1» «2»، و لو علم الإنسان علم «3» ما هو فيه مات حبا «4» من الموت، و من نجا فبفضل اليقين.
قال: فأخبرني عن قول الله عز و جل: و ما قدروا الله حق قدره و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السماوات مطويات بيمينه سبحانه و تعالى عما يشركون «5» «6»، فإذا طويت السماوات و قبضت الأرض، فأين تكون الجنة و النار و هما «7» فيهما؟. قال: فدعا بدواة و قرطاس ثم كتب فيه: الجنة و النار، ثم درج القرطاس و دفعه إلى النصراني، و قال له: أ ليس قد طويت هذا القرطاس؟ قال:
نعم. قال: فافتحه «8» .. ففتحته قال: هل ترى آية النار و آية الجنة أ محاهما القرطاس «9»؟. قال: لا. قال: فهكذا في «10» قدرة الله تعالى إذا طويت السماوات و قبضت الأرض لم تبطل الجنة و النار كما لم تبطل طي هذا الكتاب آية الجنة و آية النار.
قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: كل شي‏ء هالك إلا وجهه «11» ما هذا الوجه؟، و كيف هو؟، و أين يؤتى؟، و ما دليلنا عليه؟.
قال علي عليه السلام: يا غلام! علي بحطب و نار، فأتى بحطب و نار و أمر
__________________________________________________
 (1) في المصدر: و عن الكافرين، فقال إنهم كانوا في شغل عن ذكري و كانوا ...
 (2) الكهف: 101.
 (3) لا توجد: علم، في المصدر، و هو الظاهر.
 (4) في (س)، و نسخة في (ك): حيا، و في المصدر: مات خوفا، و هو الظاهر.
 (5) جاءت العبارة في المصدر باختلاف، و هي: .. عن قوله تعالى جل ثناؤه: «يوم تبدل الأرض غير الأرض» جميعا و هو خلط بين الآيتين.
 (6) الزمر: 67.
 (7) لا توجد: و هما، في المصدر.
 (8) هنا سقط كلمة: قال .. جاءت في المصدر.
 (9) في المصدر: طي القرطاس .. و هو الظاهر.
 (10) في (ك) وضع على: في، رمز نسخة بدل.
 (11) القصص: 88.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 74
أن تضرم، فلما استوقدت و اشتعلت، قال له: يا نصراني هل تجد لهذه النار وجها دون وجه؟. قال: لا، حيثما أتيتها فهو «1» وجه.
قال عليه السلام: فإذا كانت هذه النار المخلوقة المدبرة في ضعفها و سرعة زوالها لا تجد لها وجها فكيف من خلق هذه النار و جميع ما في ملكوته من شي‏ء أجابه؟ كيف «2» يوصف بوجه أو يحد بحد، أو يدرك ببصر، أو يحيط به عقل، أو يضبطه وهم، و قال الله تعالى: ليس كمثله شي‏ء و هو السميع البصير «3».
قال الجاثليق: صدقت أيها الوصي العليم «4» الحكيم الرفيق الهادي، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، أرسله بالحق بشيرا و نذيرا*، و أنك وصيه و صديقه و دليله و موضع سره و أمينه على أهل بيته و ولي المؤمنين من بعده، من أحبك و تولاك هديته و نورت قلبه و أغنيته «5» و كفيته و شفيته، و من تولى عنك و عدل عن سبيلك ضل «6» و غبن عن حظه و اتبع هواه بغير هدى من الله و رسوله، و كفى هداك و نورك هاديا و كافيا و شافيا.
قال: ثم التفت الجاثليق إلى القوم فقال: يا هؤلاء! قد أصبتم أمنيتكم و أخطأتم سنة نبيكم، فاتبعوه تهتدوا و ترشدوا، فما دعاكم إلى ما فعلتم؟! ما أعرف لكم عذرا بعد آيات الله و الحجة عليكم، أشهد «7» أنها سنة الله في «8» الذين خلوا
__________________________________________________
 (1) في المصدر: حيث ما لقيتها فهو ...
 (2) لا يوجد في المصدر: أجابه كيف .. و هو الظاهر.
 (3) الشورى: 11.
 (4) في المصدر: العلي، بدلا من: العليم.
 (5) في حاشية (ك) كلمة: و عيبته، كتب بعدها كلمة: صح، و لم يعلم عليها، و لم ترد في (س)، و في المصدر: أعنته، و لعل الكلمة في (ك): عيينة و ...
 (6) في (س) وضع على كلمة: ضل، رمز نسخة بدل. و لا توجد في المصدر.
 (7) لا توجد: أشهد في المصدر.
 (8) لا توجد: الله في .. في المصدر.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 75
من قبلكم «1» و لا تبديل لكلمات الله، و قد قضى عز و جل الاختلاف على الأمم، الاستبدال بأوصيائهم بعد أنبيائهم، و ما العجب إلا منكم بعد ما شاهدتم؟! فما هذه القلوب القاسية، و الحسد الظاهر، و الضغن و الإفك المبين؟!.
قال: و أسلم النصراني و من معه «2» و شهدوا لعلي عليه السلام بالوصية و لمحمد صلى الله عليه و آله بالحق و النبوة، و أنه الموصوف المنعوت في التوراة و الإنجيل، ثم خرجوا منصرفين إلى ملكهم ليردوا عليه «3» ما عاينوا و ما سمعوا.
فقال علي عليه السلام: الحمد لله الذي أوضح برهان محمد صلى الله عليه و آله و أعز دينه و نصره، و صدق رسوله و أظهره على الدين كله و لو كره المشركون، و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله.
قال: فتباشر «4» القوم بحجج علي عليه السلام و بيان ما أخرجه إليهم، فانكشفت «5» عنهم الذلة، و قالوا: جزاك الله يا أبا الحسن «6» في مقامك بحق نبيك، ثم تفرقوا و كأن الحاضرين لم يسمعوا شيئا مما فهمه القوم و «7» الذين هم عندهم أبدا، و قد نسوا ما ذكروا به، و الحمد لله رب العالمين قال سلمان الخير: فلما خرجوا من المسجد و تفرق الناس و أرادوا الرحيل أتوا عليا عليه السلام مسلمين عليه و يدعون الله تعالى له «8» و استأذنوا، فخرج إليهم علي عليه السلام فجلسوا، فقال الجاثليق: يا وصي محمد و أبا ذريته! ما نرى الأمة
__________________________________________________
 (1) في إرشاد القلوب: من قبل.
 (2) في المصدر: و من كان معه ...
 (3) ففي الإرشاد: إليه، بدلا من: عليه.
 (4) في (ك) نسخة بدل: فتباشروا.
 (5) في المصدر: و كشف.
 (6) في إرشاد القلوب: أحسن الله جزاك يا أبا الحسن ...
 (7) لا توجد الواو، في المصدر.
 (8) في المصدر: و يدعون له.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 76
إلا هالكة «1» كهلاك من مضى من بني إسرائيل من قوم موسى و تركهم موسى «2» و عكوفهم على أمر «3» السامري، و إنا وجدنا لكل نبي بعثه الله عدوا شياطين الإنس و الجن يفسدان على النبي دينه، و يهلكان أمته، و يدفعان وصيه، و يدعيان الأمر بعده، و قد أرانا الله عز و جل ما وعد الصادقين من المعرفة بهلاك هؤلاء القوم، و بين لنا سبيلك و سبيلهم، و بصرنا ما أعماهم عنه، و نحن أولياؤك و على دينك و على طاعتك، فمرنا بأمرك، إن أحببت أقمنا معك و نصرناك على عدوك، و إن أمرتنا بالمسير سرنا و إلى ما صرفتنا إليه صرنا «4»، و قد نوى «5» صبرك على ما ارتكب منك، و كذلك شيم الأوصياء و سنتهم بعد نبيهم، فهل عندك من نبيك عهد فيما أنت فيه و هم؟.
قال علي عليه السلام: نعم، و الله إن عندي لعهدا من رسول الله صلى الله عليه و آله مما هم صائرون إليه، و ما هم عاملون، و كيف يخفى علي أمر أمته و أنا منه بمنزلة هارون من موسى، و بمنزلة شمعون من عيسى؟! أ و ما تعلمون أن وصي عيسى شمعون بن حمون الصفا- ابن خاله- اختلفت عليه أمة عيسى (ع) و افترقوا أربع فرق، و افترقت الأربع فرق «6» على اثنين [اثنتين‏] و سبعين فرقة، كلها هالكة إلا فرقة واحدة «7»؟ و كذلك أمة موسى (ع) افترقت على اثنين [اثنتين‏] و سبعين «8» فرقة،
__________________________________________________
 (1) في المصدر: هلكت.
 (2) خ. ل: هارون، و هي كذلك في المصدر، و هو الظاهر.
 (3) وضع في (ك) على: أمر، رمز نسخة بدل.
 (4) في المصدر: صرفنا.
 (5) قال في النهاية 5- 132: و من ينو الدنيا تعجزه .. أي من يسع لها يخب، يقال: نويت الشي‏ء:
إذا جددت في طلبه، و النوى: البعد. و قال في الصحاح 6- 2156: نويت نية و نواة .. أي عزمت. و في المصدر: و قد نرى.
 (6) لا توجد: فرق، في المصدر.
 (7) لا توجد: واحدة، في المصدر.
 (8) في إرشاد القلوب: إحدى و سبعين .. و هو الظاهر ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 77
كلها هالكة إلا فرقة واحدة «1»، و قد عهد إلي محمد صلى الله عليه و آله أن أمته يفترقون على ثلاث و سبعين فرقة، ثلاث عشرة فرقة تدعي محبتنا و مودتنا «2» كلهم هالكة إلا فرقة واحدة «3»، و إني لعلى بينة من ربي، و إني عالم بما يصير القوم إليه، و لهم مدة و أجل معدود، لأن الله عز و جل يقول: و إن أدري لعله فتنة لكم و متاع إلى حين «4» و قد صبر «5» عليهم القليل لما هو بالغ أمره و قدره المحتوم فيهم «6»، و ذكر نفاقهم و حسدهم و «7» أنه سيخرج أضغانهم و يبين مرض قلوبهم بعد فراق نبيهم «8» قال الله عز و جل: يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون «9» أي تعلمون «10» و لئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض و نلعب قل أ بالله و آياته و رسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين «11» فقد «12» عفا الله عن القليل من هؤلاء و وعدني أن يظهرني على أهل الفتنة و يردوا [يرد] الأمر إلي و لو كره المبطلون، و عندكم كتاب من رسول الله صلى الله عليه و آله في المصالحة و المهادنة على أن لا تحدثوا و لا تأووا محدثا، فلكم الوفاء على «13»

__________________________________________________
 (1) لا توجد في المصدر: واحدة ...
 (2) في المصدر: تدعي مودتنا.
 (3) في إرشاد القلوب لا توجد: واحدة.
 (4) الأنبياء: 111.
 (5) في المصدر: صبرت.
 (6) في (س): فيه.
 (7) لا توجد الواو في المصدر.
 (8) في (س): بينهم.
 (9) التوبة: 64.
 (10) في المصدر: أي تعقلون.
 (11) التوبة: 65.
 (12) في (س): قد.
 (13) لا توجد في المصدر: على.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 78
ما وفيتم، و لكم العهد و الذمة على «1» ما أقمتم على الوفاء بعهدكم علينا «2» مثل ذلك لكم، و ليس هذا أوان نصرنا و لا يسل سيف «3» و لا يقام عليهم بحق ما لم يقبلوا و يعطوا «4» طاعتهم، إذ كنت فريضة من الله عز و جل و من رسوله صلى الله عليه و آله مثل الحج و الزكاة و الصوم و الصلاة، فهل يقام بهذه الحدود إلا بعالم قائم يهدي إلى الحق و هو أحق أن يتبع؟! و لقد أنزل الله سبحانه: قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أ فمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون «5» فأنا- رحمك الله «6» فريضة من الله و رسوله صلى الله عليه و آله عليكم، بل أفضل الفرائض و أعلاها، و أجمعها للحق، و أحكمها لدعائم الإيمان، و شرائع الإسلام، و ما يحتاج إليه الخلق لصلاحهم و لفسادهم و لأمر دنياهم و آخرتهم، فقد تولوا عني، و دفعوا فضلي، و فرض رسول الله صلى الله عليه و آله إمامتي و سلوك سبيلي، فقد رأيتم ما شملهم من الذل و الصغار من بعد «7» الحجة.
و كيف أثبت الله عليهم الحجة و قد نسوا ما ذكروا به من عهد نبيهم، و ما أكد عليهم من طاعتي و أخبرهم من مقامي، و بلغهم من رسالة الله عز و جل في فقرهم إلى علمي و غناي عنهم و عن جميع الأمة مما أعطاني الله عز و جل، فكيف آسى على من ضل عن الحق من بعد ما «8» تبين له و اتخذ إلهه هواه و أضله الله‏

__________________________________________________
 (1) لا توجد في المصدر: على.
 (2) في المصدر: و علينا- بزيادة الواو- و هو الظاهر.
 (3) في إرشاد القلوب: بسيف.
 (4) في المصدر: و يعطوني.
 (5) يونس: 35.
 (6) في المصدر: فإن رحمكم الله .. و الظاهر: فأنا رحمكم الله.
 (7) في إرشاد القلوب: بعض، بدلا من: بعد، و ما في المتن أولى.
 (8) في المصدر: صد الحق بعد ما ...

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 79
على علم و ختم على سمعه و قلبه و جعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أ فلا تذكرون «1» إن هداه للهدى، و هما السبيلان: سبيل الجنة و سبيل النار و الدنيا و الآخرة، فقد ترى ما نزل بالقوم من استحقاق العذاب الذي عذب به من كان قبلهم من الأمم، و كيف بدلوا كلام الله، و كيف جرت السنة فيهم «2» من الذين خلوا من قبلهم، فعليكم بالتمسك بحبل الله و عروته، و كونوا من حزب «3» الله و رسوله، و الزموا عهد رسول الله و ميثاقه عليكم، فإن الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا، و كونوا في أهل ملتكم كأصحاب الكهف، و إياكم أن تغشوا «4» أمركم إلى أهل أو ولد أو حميم أو قريب، فإنه دين الله الذي أوجب له التقية لأوليائه «5» فيقتلكم قومكم و إن أصبتم من الملك فرصة ألقيتم على قدر ما ترون من قبوله، و إنه باب الله و حصن الإيمان لا يدخله إلا من أخذ الله ميثاقه، و نور له في قلبه «6» و أعانه على نفسه، انصرفوا إلى بلادكم على عهدكم الذي عاهدتموني عليه، فإنه سيأتي على الناس بعد «7» برهة من دهرهم «8» ملوك بعدي و بعد هؤلاء يغيرون دين الله عز و جل، و يحرفون كلامه، و يقتلون أولياء الله، و يعزون أعداء الله، و بهم «9» تكثر البدع، و تدرس السنن، حتى تملأ الأرض جورا و عدوانا و بدعا «10»، ثم يكشف الله بنا أهل البيت جميع البلايا عن أهل دعوة الله بعد شدة
__________________________________________________
 (1) الجاثية: 23، و لا يوجد في المصدر ذيل الآية: أ فلا تذكرون.
 (2) لا توجد في المصدر: فيهم.
 (3) في المصدر: و عروة و كونوا حزب ...
 (4) في الإرشاد: أن تفشوا.
 (5) في المصدر: و لأوليائه، و لا توجد جملة: فيقتلكم قومكم.
 (6) في (س): قبره.
 (7) وضع على: بعد، في (ك) رمز نسخة بدل: خ. و لا توجد في المصدر.
 (8) في المصدر: من دهركم، و هو الظاهر.
 (9) لا توجد: بهم في المصدر.
 (10) لا توجد: بدعا، في المصدر.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 80
من البلاء العظيم حتى تملأ «1» الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، ألا و قد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه و آله أن الأمر صائر إلي بعد الثلاثين من وفاته و ظهور الفتن، و اختلاف الأمة علي، و مروقهم من دين الله، و أمرني بقتال الناكثين و المارقين و القاسطين، فمن أدرك منكم ذلك الزمان و تلك الأمور و أراد أن يأخذ بحظه من الجهاد معي فليفعل، فإنه و الله الجهاد الصافي، صفاه لنا كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و آله، فكونوا- رحمكم الله- من أحلاس بيوتكم إلى أوان ظهور أمرنا، فمن مات منكم كان من المظلومين، و من عاش منكم أدرك ما تقر به عينه إن شاء الله تعالى.
ألا و إني أخبركم أنه سيحملون علي خطة جهلهم «2»، و ينقضون علينا عهد نبينا صلى الله عليه و آله لقلة علمهم بما يأتون و يذرون «3»، و سيكون منكم «4» ملوك يدرس عندهم العهد، و ينسون ما ذكروا به، و يحل بهم ما يحل بالأمم حتى يصيروا إلى الهرج و الاعتداء و فساد العهد، و ذلك لطول المدة و شدة المحنة التي أمرت بالصبر عليها، و سلمت لأمر الله في محنة عظيمة يكدح فيها المؤمن حتى يلقى الله «5» ربه، و واها «6» للمتمسكين بالثقلين و ما يعمل بهم! و واها لفرج «7» آل محمد صلى الله عليه و آله من خليفة متخلف عتريف مترف «8»، يقتل خلفي و خلف‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: يملأ.
 (2) في المصدر: من جهلهم.
 (3) في الإرشاد: و ما يذرون.
 (4) في (ك): منهم، و هو الظاهر.
 (5) يلقى الله، وضع عليها في المطبوع رمز نسخة بدل.
 (6) قال في مجمع البحرين 1- 466: و في حديث علي عليه السلام مع الرجلين: واها لهما فقد نبذا الكتاب جملته .. قيل معنى هذه الكلمة: التلهف، و قد توضع موضع الإعجاب بالشي‏ء، يقال:
واها له.
 (7) خ. ل: لفرخ، و هو الأصوب، كما ذكرها المصنف رحمه الله في بيانه.
 (8) في المصدر: في خليفة مستخلف عريف مترف.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 81
الخلف، بلى «1» اللهم لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهرا مشهورا أو باطنا مستورا لئلا تبطل حجج الله و بيناته «2»، و يكون محنة «3» لمن اتبعه و اقتدى به، و أين أولئك؟ و كم أولئك؟ أولئك «4» الأقلون عددا، الأعظمون عند الله خطرا، بهم يحفظ الله دينه و علمه حتى يزرعها في صدور أشباههم، و يودعها أمثالهم، هجم بهم العلم على حقيقة الإيمان، و استروحوا روح اليقين، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، و استلانوا ما استوعر منه المترفون، و صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملإ «5» الأعلى، أولئك حجج الله في أرضه، و أمناؤه على خلقه، آه .. آه شوقا إليهم «6» و إلى رؤيتهم، و واها لهم على صبرهم على عدوهم، و سيجمعنا الله و إياهم في جنات عدن و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذرياتهم قال: .. ثم بكى .. و بكى القوم معه و ودعوه «7» و قالوا: نشهد لك بالوصية و الإمامة و الأخوة، و إن عندنا لصفتك و صورتك، و سيقدم وفد بعد هذا الرجل من قريش على الملك، و لنخرجن إليهم صورة الأنبياء و صورة نبيك و صورتك و صورة ابنيك الحسن و الحسين «8» عليهما السلام و صورة فاطمة عليها السلام زوجتك سيدة نساء العالمين بعد مريم الكبرى البتول، و إن ذلك لمأثور عندنا و محفوظ، و نحن راجعون إلى الملك و مخبروه بما أودعتنا من نور هدايتك و برهانك و كرامتك و صبرك على ما أنت فيه، و نحن المرابطون لدولتك، الداعون‏
__________________________________________________
 (1) في (ك): بل.
 (2) في (ك): بنيانه.
 (3) في المصدر: نحلة.
 (4) أولئك، لا توجد في المصدر و جاءت نسخة في مطبوع البحار.
 (5) في المصدر: بالمحل، و هي نسخة في (ك).
 (6) في إرشاد القلوب: على خلقه فوا شوقاه إليهم ..، و في مطبوع البحار جعلت بين آه و آه: هاة، و وضع عليها رمز نسخة بدل.
 (7) في المصدر: ثم ودعوه.
 (8) وضع على: الحسن و الحسين (ع)، في المطبوع من البحار رمز نسخة بدل.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 82
لك و لأمرك، فما أعظم هذا البلاء، و ما أطول هذه المدة، و نسأل الله التوفيق بالثبات، و السلام عليك و رحمة الله و بركاته.
بيان: قوله: ما عظمت .. اسم كان، أو خبره، أو عطف بيان للبلاء العظيم، و على الأخير إن ملك الروم أحد معمولي كان، و على الأولين استئناف لبيان ما تقدم، أو بيان لما، أو خبر بعد خبر لكان.
قال الجوهري: الخرق- بالتحريك-: الدهش من الخوف أو الحياء، و قد خرق- بالكسر- فهو خرق .. و بالتحريك «1» أيضا مصدر الأخرق، و هو ضد الرفيق «2».
و النزق: الخفة و الطيش «3».
و الرعديد- بالكسر-: الجبان «4».
و الناكل: الجبان «5».
قوله: و تركهم بهما .. البهم- بالضم- جمع: البهيم، و هو المجهول الذي لا يعرف، و بالفتح و يحرك، جمع: البهيمة «6»، و البهيم الأسود: الخالص الذي لم يشبه غيره، و
في الحديث: يحشر الناس بهما.
- بالضم- قيل: أي ليس بهم شي‏ء مما كان في الدنيا نحو البرص و العرج، أو عراة «7».
__________________________________________________
 (1) في المصدر: و الخرق، بدلا من: و بالتحريك. و قال في القاموس 3- 226: .. فهو خرق، و الخرق- بالضم و بالتحريك-: ضد الرفق.
 (2) في صحاح اللغة 4- 1468، و مثله في لسان العرب 10- 76. و في (ك): الرقيق، بدل: الرفيق.
 (3) ذكره في الصحاح 4- 1558، و القاموس 3- 285، و غيرهما.
 (4) نص عليه في صحاح اللغة 2- 475، و القاموس 1- 295.
 (5) صرح به في القاموس 4- 60، و قال في الصحاح 5- 1835: الناكل: الجبان الضعيف.
 (6) كذا، و الظاهر: البهمة كما في النهاية و القاموس.
 (7) جاء في النهاية 1- 167- 169، و لسان العرب 12- 56- 59، و القاموس 4- 82.

                        بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 83
و الحاصل أنه تركهم كالبهائم لا راعي لهم أو أشباها لا تميز بينهم بالإمامة و الرعية.
و مرق السهم من الرمية- كنصر-: خرج من الجانب الآخر «1».
و عطب- كفرح- هلك «2».
قوله عليه السلام: فكيف آسى .. أي أحزن، من الأسى- بالفتح و القصر و هو الحزن «3».
قوله عليه السلام: و هما السبيلان .. الضمير راجع إلى ما ظهر سابقا من اتباع الوصي و عدمه.
قوله عليه السلام: بعد الثلاثين .. هذا تاريخ آخر زمان خلافته عليه السلام، و لما اجتمعت أسباب استيلائه عليه السلام على المنافقين في قرب وفاته و لم يتيسر له ذلك بعروض شهادته علق رجوع الأمر بهذا الزمان، أو هذا مما وقع فيه بداء، و المراد بالأمر الشهادة و الاستراحة عن تلك الدار «4» الفانية و آلامها و فتنها.
و قال الجوهري «5»: أحلاس البيوت: ما يبسط تحت حر الثياب «6»، و
في الحديث: كن حلس بيتك.
أي لا تبرح.
و الحظة- بالضم-: الأمر و القصة «7».
__________________________________________________
 (1) قاله في القاموس 3- 282، و لسان العرب 10- 341، و غيرهما.
 (2) كما في لسان العرب 1- 610، و القاموس 1- 106. و لا توجد: هلك في (س).
 (3) نص عليه في الصحاح 6- 2268، و القاموس 4- 299، و مجمع البحرين 1- 27.
 (4) في (س): الزمان.
 (5) الصحاح 3- 919، و مثله في القاموس 2- 207.
 (6) في المصدر: تحت الحر من الثياب، و في القاموس 2- 207 كما في المتن.
 (7) جاء في القاموس 2- 358، و الصحاح 3- 1123: و الخطة- بالضم-: شبه القصة و الأمر، و في كليهما بالخاء المعجمة و الطاء المهملة. و ما تقدمت في المتن أيضا كانت كذلك، و أما الحظة- بالحاء المهملة و الظاء المعجمة- فليست بذلك المعنى.
                       

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 84
قوله: لفرج آل محمد (ص) .. في أكثر النسخ بالجيم فهو تحسر على عدم حصول الفرج بسبب المتخلف «1» التعريف، و الأصوب- بالخاء المعجمة «2»-: أي نسلهم و ذريتهم، و قد مر و سيأتي أنه عبر عن الحسنين عليهما السلام في كتب الأنبياء عليهم السلام ب: الفرخين المستشهدين. و يقال: رجل عتريف .. أي خبيث فاجر جري‏ء ماض «3»، و لعل المراد به يزيد لعنه الله، فإنه قتل الحسين و أولاده عليهم السلام.
قوله: و سيقدم وفد بعد هذا الرجل .. أي سيقدم و يأتي إلى ملكنا بعد ذهاب أبي بكر و خلافة عمر رسل و نخرج إلى رسله تلك الصور، و يحتمل أن يكون إشارة إلى ما سيأتي أنه وقع في زمن معاوية، حيث أخرج ملك الروم صور الأنبياء عليهم السلام إلى يزيد فلم يعرفها و عرفها الحسن عليه السلام، و أجاب عن مسائله بعد ما عجز يزيد- لعنه الله- عنها «4».
و قد مر شرح بعض أجزاء الخبر في كتاب التوحيد «5» و كتاب المعاد «6» و سيأتي شرح بعضها في كتاب الغيبة و غيره «7»، فإن المحدثين فرقوا أجزاءه على الأبواب،
__________________________________________________
 (1) في (ك): التخلف.
 (2) قال في مجمع البحرين 2- 439، و القاموس 1- 266: الفرخ: ولد الطائر، و كل صغير من الحيوان و النبات.
 (3) كما صرح به في الصحاح 4- 1399، و القاموس 3- 171، و زاد في الأخير: غاشم متغشرم، بعد قوله ماض.
 (4) كما جاء في جملة من الروايات، انظر: تفسير القمي 2- 269 و ما بعدها في حديث طويل.
 (5) بحار الأنوار 3- 333- 334.
 (6) بحار الأنوار 10- 52- 69 كتاب الاحتجاج.
 (7) بحار الأنوار: لم نجده في كتاب الغيبة، و قد مرت قطعة منه في بحار الأنوار 3- 272- 275 و 328. و سيأتي في 41- 308، 58- 9- 14 حكاه عن الكافي و المناقب و غيرهما-، و نقل بعضه العامة كما صرح بذلك العلامة الأميني في غديره 7- 179- 181 عن الحافظ العاصمي في كتابه:
زين الفتى في شرح سورة هل أتى.
                       

بحار الأنوار (ط - بيروت)، ج‏30، ص: 85
و هي مروية في الأصول المعتبرة، و هذا مما يدل على صحتها، و يؤيده أيضا أنه قال الشيخ قدس الله روحه في فهرسته «1»: سلمان الفارسي رحمة الله عليه .. روى خبر الجاثليق الرومي الذي «2» بعثه ملك الروم بعد النبي صلى الله عليه و آله،- أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد «3»، عن الصفار و الحميري «4» عمن حدثه، عن إبراهيم بن حكم الأسدي، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن أبي وقاص، عن سلمان الفارسي. انتهى.

 

خبر الجاثلیق الرومی- ثانی ما صنف فی الاسلام

                        فهرست كتب الشيعة و أصولهم و أسماء المصنفين و أصحاب الأصول (للطوسي) ( ط - الحديثة)، النص، ص: 227
 [338] سلمان [الفارسي‏]
سلمان الفارسي رحمة الله عليه.
روى خبر الجاثليق الرومي الذي بعثه ملك الروم بعد النبي صلى الله عليه و اله.
أخبرنا ابن أبي جيد، عن ابن الوليد (عن الصفار) «2»، عن الحميري، عمن حدثه، عن إبراهيم بن الحكم الأسدي، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الأعلى التغلبي «3»، عن أبي وقاص، عن سلمان الفارسي.




معالم العلماء، ص: 2
 [المقدمة]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏
الحمد لله رب العالمين و الصلاة على محمد و آله الطاهرين و سلم تسليما قال الشيخ الإمام الأجل الأوحد رشيد الدين فخر العلماء محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني السروي هذا كتاب معالم العلماء في فهرست كتب الشيعة و أسماء المصنفين منهم قديما، و حديثا، و إن كان قد جمع شيخنا أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه في ذلك العصر ما لا نظير له الا أن هذا المختصر فيه زوائد و فوائد، فيكون إذن تتمه له، و قد زدت فيه نحوا من ستمائة مصنف و أشرت إلى المحذوف من كتابه، و إن كانت الكتب لا تعد و لا تحد قال الغزالي: أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريح في الآثار، و حروف التفاسير عن مجاهد و عطاء بمكة، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن، ثم كتاب الموطإ بالمدينة لمالك بن أنس، ثم جامع سفيان الثوري بل الصحيح أن أول من صنف فيه أمير المؤمنين ع جمع كتاب الله جل جلاله، ثم سلمان الفارسي رضي الله عنه، ثم أبو ذر الغفاري رحمه الله، ثم الأصبغ بن نباتة، ثم عبيد الله بن أبي رافع ثم الصحيفة الكاملة عن زين العابدين ع‏
                       

معالم العلماء، ص: 3
و قال الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي رضي الله عنه و قدس روحه: صنف الإمامية من عهد أمير المؤمنين علي ع إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري ص أربع مائة كتاب تسمى الأصول و هذا معنى قولهم: أصل، ثم إني عقبت بعد ذلك بأسماء شعراء أهل البيت ع المعروفين منهم بقدر و سعي و طاقتي و ما توفيقي الا بالله عليه توكلت و هو رب العرش العظيم‏




                        معالم العلماء، ص: 57
382- سلمان الفارسي رحمه الله:
روى خبر الجاثليق‏




الذریعة، ج 6، ص 376

2364: كتاب حديث الجاثليق‌

قد أشرنا في (ص 14) من مقدمه الكتاب أنه لسيدنا و مولانا أبي عبد الله سليمان الفارسي المتوفى في خلافة عثمان (حدود 34) يرويه عنه أبو وقاص كما ذكره الشيخ في الفهرست بإسناده إلى أبي وقاص عن سلمان و يرويه عن سلمان أيضا أبو عمرة زاذان الفارسي كما وقع في سند هذا الحديث المروي بطوله في أمالي الشيخ الطوسي بروايته عن الشيخ المفيد عن شيخه أبي الحسن علي بن خالد المراغي بإسناده إلى زاذان عن سلمان، و جاثليق (كاتوليك) هو عالم النصارى و رئيس وفدهم الذين بعثوا إلى المدينة المنورة لتحقيق دين الحق فوردوها بعد رحلة النبي (ص) و في خلافة أبي بكر و حكاه نقلا عن أمالي الشيخ في المجلد الثالث من البحار في الاحتجاجات التي لأمير المؤمنين (ع) على النصارى.




                        قاموس الرجال، ج‏5، ص: 202
هذا، و أمّا قول الفهرست: «روى خبر الجاثليق الرومي الّذي بعثه ملك الروم بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» فالخبر هو الّذي روى الصدوق في توحيده بعض مواضع حاجته منه و قال: أخرجته بتمامه في آخر كتاب النبوّة. و هو حديث طويل ذكر فيه قدوم الجاثليق مع مائة من النصارى بعد وفاة النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- و سؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها، ثمّ ارشد إلى أمير المؤمنين- عليه السّلام- «1».
__________________________________________________
 (1) التوحيد: 182 و ليس فيه «أخرجته بتمامه في آخر كتاب النبوّة».

                        قاموس الرجال، ج‏5، ص: 203
و إسناده غير إسناد الفهرست، فاسناد التوحيد- كما في مواضع منه- هكذا:
محمّد بن إبراهيم الفارسي، عن أحمد بن محمّد الفسوي «1» عن أحمد بن محمّد الصغدي، عن محمّد بن يعقوب العسكري و أخيه معاذ، عن محمّد بن سنان الحنظلي، عن عبد اللّه بن عاصم، عن عبد الرحمن بن قيس، عن أبي هاشم الرمّاني، عن زاذان، عن سلمان.
و إسناد الفهرست: عن الحميري، عمّن حدّثه، عن إبراهيم بن الحكم الأسدي، عن أبيه، عن شريك بن عبد اللّه، عن عبد الأعلى التغلبي، عن أبي وقّاص، عن سلمان.
ثمّ إنّ عنوان الفهرست له لروايته ذاك الخبر. و كان عليه أن يزيد أنّ له خطبة يشرح فيها إسلامه لرؤيته علامات النبوّة في النبيّ- صلّى اللّه عليه و آله- و إنكاره على الناس ترك أمير المؤمنين- عليه السّلام- و إخباره بملاحم كما رواها الكشّي في خبره الأخير. فقد عنون الفهرست أبا ذرّ باسمه «جندب» كما مرّ، و قال: «له خطبة يشرح فيها الامور بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله» و كان على النجاشي عنوانه لذاك الخبر و لتلك الخطبة، فليسا بأقلّ من كثير من الاصول الّتي يعنون من عنون لها.
ثمّ الظاهر أنّ قول سلمان في خطبته- في خبر الكشّي الأخير- في ظهر الكوفة «و يبنى جبيلها حتّى يأتي زمان لا يبقى مؤمن إلّا بها أو يحنّ إليها» إشارة إلى بناء بلدة النجف- على ساكنها أفضل التحف- فانّها مبنيّة على جبيل معروف.
 

 



سند متصل حاجی نوری به کتاب جاثلیق

نفس الرحمن فی فضائل سلمان، ص 489

و لنختم الباب بما وعدناه سابقاً من ذکر کتاب سلمان الذی هو ثانی ما صنف فی الاسلام- علی ما صرح به ابن شهرآشوب فی معالم العلماء و ذکر الشیخ طریقة الی ذلک الکتاب فی الفهرس و ذکر بعض اجزائه الصدوق فی التوحید و قال: انه ذکره بتمامه فی کتاب النبوة و بعض اجزائه الصفار فی البصائر عن ابی الفضل العلوی عن سعید بن عیسی البصری عن ابراهیم بن الحکم الی آخر ما سیأتی فنقول:

ﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ
ﺍﻟﺮﺍﺳﺨﻴﻦ، ﻭﻣﺮﻭﺝ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﺍﻟﻤﻨﺠﻠﻲ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺩﺭﺭ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ
ﻣﺪﻟﻬﻤﺎﺕ ﻏﻴﺎﻫﺐ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻣﻦ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﻟﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻀﺊ ﻣﻦ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﻮﺱ
ﺃﻧﻈﺎﺭﻩ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺯﻭﺍﻳﺎ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺮﺷﺪ ﻭﺍﻟﺪﻻﻟﺔ، ﺍﻟﻤﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺭ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ،
ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺮﺗﻀﻰ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺃﻟﺒﺴﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻼﺑﻴﺐ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ
ﻭﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ، ﻭﺃﺳﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ - ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺣﺮﻡ ﺃﺑﻲ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ
ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺟﻌﻔﺮ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺠﻮﺍﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻟﺜﻤﺎﻥ ﺧﻠﻮﻥ ﻣﻦ
ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺷﻬﻮﺭ ﺳﻨﺔ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻭﻣﺄﺗﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻟﻒ ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻨﺪﻩ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻫﺞ
ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻨﺮﺍﻗﻲ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺍﻷﺯﻫﺮ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻣﻬﺪﻱ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺫﺭ
ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺭﻓﻴﻌا

 

نفس الرحمن فی فضائل سلمان، ص 490

ﺍﻟﻤﺸﻬﺪﻱ، ﻋﻦ ﻣﻼﺫ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ﻭﻏﻮﺍﺹ ﺑﺤﺎﺭ ﺍﻷﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺴﻲ، ﻋﻦ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺎﺯﻧﺪﺭﺍﻧﻲ، ﻋﻦ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻔﻀﻼﺀ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﻬﺎﺀ
ﺍﻟﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ.
ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﺷﻴﺨﻲ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫﻱ ﻭﻣﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﻱ، ﺯﺑﺪﺓ ﺃﻋﺎﻇﻢ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﻭﻧﺨﺒﺔ ﺃﻓﺎﺧﻢ ﺍﻟﻤﺪﻗﻘﻴﻦ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﻤﺘﺒﺤﺮﻳﻦ
ﻭﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ، ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺐ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﺣﺎﻭﻱ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺩ
ﺍﻟﻤﺆﻳﺪ ﺑﺎﻷﻟﻄﺎﻑ ﺍﻟﺴﺒﺤﺎﻧﻴﺔ، ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﻄﻬﺮﺍﻧﻲ
- ﺃﺩﺍﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻼﻩ ﻭﺣﻔﻈﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺳﻮﺀ ﻭﻭﻗﺎﻩ - ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻩ ﺑﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻣﻦ ﺷﻬﻮﺭ ﺳﻨﺔ
ﺳﺖ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺄﺗﻴﻦ ﻭﺍﻷﻟﻒ، ﻋﻦ ﻣﺤﻂ ﺭﺣﺎﻝ ﺃﻓﺎﺿﻞ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻣﺮﺟﻊ ﺟﻤﻴﻊ
ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻩ ﻭﺃﻭﺍﻧﻪ، ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺑﺎﻗﺮ(،
ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺼﻔﻲ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﻨﺠﻔﻲ ﻋﻦ ﺳﻴﺪ ﺍﻷﻋﺎﻇﻢ ﻭﺑﺤﺮ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻡ
ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ، ﻋﻦ ﻃﻮﺍﺩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﺎﺫﺥ ﻭﻋﻤﺎﺩ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻟﺮﺍﺳﺦ

 

نفس الرحمن فی فضائل سلمان، ص491

ﺍﻟﻤﺘﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺎﻫﺮ ﺍﻵﻏﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎﻗﺮ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﻷﺟﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻛﻤﻞ، ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ
ﺍﻷﻣﺠﺪ ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺩ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﻄﻨﻄﻨﺔ
ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺑﻴﻦ ﻻﺑﺘﻲ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﻴﻦ ﺍﻵﻏﺎ ﺣﺴﻦ ﻋﻦ ﻧﻮﺭ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻭﺿﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺮﺷﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﺗﻘﻲ ﺑﻦ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﺺ ﺑﻤﺠﻠﺴﻲ، ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ
ﺑﻬﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ.
ﻭﺃﺧﺒﺮﻧﻲ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﺪﻗﻖ ﺍﻟﻔﻬﺎﻣﺔ
ﺍﻟﻨﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺘﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺎﻫﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺒﻬﻲ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﺪﺭﻱ ﺍﻟﻤﻴﺮﺯﺍ
ﻣﺤﻤﺪ ﻫﺎﺷﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﻴﺮﺯﺍ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻷﺟﻞ
ﺍﻟﺒﺎﺭﻉ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﻤﺘﺒﺤﺮ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ
ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻱ ﺍﻟﺨﻮﺍﻧﺴﺎﺭﻱ - ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﺮﺿﺎﺗﻪ -، ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ
ﺍﻟﻤﺘﺒﺤﺮ ﻓﻲ ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻱ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ﺍﻹﺻﻔﻬﺎﻧﻲ ﺍﻟﻨﺠﻔﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ،
ﻋﻦ ﺟﺪﻩ، ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﻭﺃﺳﺘﺎﺫﻩ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻭﺗﺮﺟﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﻀﻼﺀ
ﻭﺍﻟﻤﺘﺒﺤﺮﻳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ، ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻟﻌﻠﻲ
ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻫﺎﺷﻢ ﺍﻟﺘﻮﺑﻠﻲ، ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻟﺼﻔﻲ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﺢ ﺍﻟﻨﺠﻔﻲ،
ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﻲ، ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﺑﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ
ﺍﻟﺒﺎﺭﻉ ﺍﻟﻮﺭﻉ ﻋﺰ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ ﺑﻦ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ
ﺣﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﺠﺒﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ﺍﻟﺤﺎﺭﺛﻲ ﺍﻟﻬﻤﺪﺍﻧﻲ، ﻋﻦ ﺭﻭﺽ ﺍﻟﻔﻀﻞ
ﻭﺭﻭﺿﺘﻪ ﻭﻃﻮﺩ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺩﻭﺣﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ
ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺗﻘﻲ ﺑﻦ ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﺠﺒﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ ﺍﻟﻤﺸﺘﻬﺮ ﺑﺎﻟﺸﻬﻴﺪ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺧﺎﺗﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲ، ﻋﻦ ﻣﺮﻭﺝ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ

 

ص 492

ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻌﺠﻢ ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ
ﺍﻟﻜﺮﻛﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻫﻼﻝ
ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮﻱ، ﻋﻦ ﻗﺪﻭﺓ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﻭﺯﺑﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ
ﻓﻬﺪ ﺍﻟﺤﻠﻲ، ﻋﻦ ﺍﻷﺟﻞ ﺍﻷﻓﺨﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﺎﺯﻥ، ﻋﻦ ﺳﻨﺪ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺠﻠﺔ
ﻭﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻤﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﺟﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻜﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﺑﺎﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻷﻭﻝ،
ﻋﻦ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻭﺫﺧﺮ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ
ﺍﻟﻐﻄﺮﻳﻒ ﻭﻣﺎﻟﻚ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﺘﺂﻟﻴﻒ ﺁﻳﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺃﺑﻲ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺳﺪﻳﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﻄﻬﺮ ﺍﻟﺤﻠﻲ
ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺔ، ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﻨﺪﻳﻦ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﻴﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﺧﻴﻪ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻃﺎﻭﻭﺱﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ
ﺍﻷﻳﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻱ، ﻋﻦ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻘﺰﻭﻳﻨﻲ، ﻋﻦ
ﺃﻣﻴﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺑﻲ ﻋﻠﻲ ﻓﻀﻞ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻄﺒﺮﺳﻲ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮ، ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻲ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺃﺑﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻄﻮﺳﻲ، ﻋﻦ
ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺟﻴﺪ، ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ، ﻋﻦ
ﺍﻟﺤﻤﻴﺮﻱ، ﻋﻤﻦ ﺣﺪﺛﻪ، ﻋﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻷﺳﺪﻱ، ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﻋﻦ
ﺷﺮﻳﻚ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻠﺒﻲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ، ﻋﻦ ﺳﻠﻤﺎﻥ
ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ.
ﻭﻋﻦ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ، ﻋﻦ ﻋﺮﻭﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﻔﺘﺨﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ

 

ص 493

ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻬﻤﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻤﻔﻴﺪ، ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ
ﺍﻷﺟﻞ ﺍﻷﻛﻤﻞ ﺍﻟﺼﺪﻭﻕ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺑﺎﺑﻮﻳﻪ، ﻋﻦ
ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﺳﻌﻴﺪ
ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻨﺴﻮﻱ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﺃﺑﻮ ﻧﺼﺮ ﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﻌﺪﻱ
ﺑﻤﺮﻭ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺃﺧﻮﻩ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ
ﻳﻌﻘﻮﺏ، ﻗﺎﻻ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻨﺎﻥ ﺍﻟﺤﻨﻈﻠﻲ، ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺎﺻﻢ،
ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ، ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﺍﻟﺮﻣﺎﻧﻲ، ﻋﻦ ﺯﺍﺫﺍﻥ، ﻋﻦ
ﺳﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ:
ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺑﺘﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﻪ ﻗﺮﻳﺸﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﺒﻴﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻟﻴﻌﺮﻓﻬﺎ ﺃﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﻳﺠﺮﺡ ﺷﻬﺎﺩﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺍﺩﻋﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ
ﻭﻓﺎﺗﻪ،...

 

در کتب عامه

[١١٦٣٨] نبي، رجل من أصحاب علي (١١) (١٢).
--------
ج 9، ص573 - كتاب التاريخ الكبير للبخاري ت الدباسي والنحال - نحاز بن جدي الحنفي - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/113/5699#p9

 

قال (١) محمد بن كثير: نا (٢) سفيان، عن سماك، نا (٣) نبي، رجل منا، قال: جاء جاثليق -رجل رومي (٤) - فأراد أن يسجد لعلي فمنعه، وقال: اسجد لله عز وجل (٥).
--------
ص574 - كتاب التاريخ الكبير للبخاري ت الدباسي والنحال - نجيد بن عمران بن حصين الخزاعي البصري - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/113/5700#p1

 

٢٤٦٠ - نبي (رجل من أصحاب علي - ١) قال (لنا - ٢) محمد بن كثير ارنا سفيان عن سماك قال نا نبي رجل منا قال قال جاء جاثليق رومي فأراد أن يسجد لعلي فمنعه وقال أسجد لله عزوجل.
--------
ج 8، ص133 - كتاب التاريخ الكبير للبخاري ت المعلمي اليماني - نسر - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/956/3360#p2

 

 

٢٣٣٠ - نبى أبو المنذر قال: جاء جاثليق إلى علي رضي الله عنه فاراد ان يسجد له فمنعه.
روى عنه سماك وقال: هو رجل منا.
سمعت ابى يقول ذلك.
--------
ج 8، ص509 - كتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم - الافراد - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/2170/3756#p5

 

وأبو المعالي ناصر بن علي بن الحسين البني سمع أبا الحسين بن النقور وطبقته توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مئة. قال: والبني: لقب لإنسان. قلت: هو تصغير ابن وقد ألحق في نسخة المصنف بغير خطه بعد قوله لإنسان: مؤذن. وقال المصنف في مسودة الكتاب: والبني لقب الخطيب شمس الدين النجار المواقيتي صاحبنا. انتهى. و [نبي] بتقديم النون على الموحدة مع ضم اوله وفتح ثانيه: نبي بن هرمز الذهلي روى عنه سماك بن حرب. وقد ذكره المصنف في حرف المثلثة وقال محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سماك قال: حدثني نبي - رجل منا - قال: جاء جاثليق رومي فأراد أن يسجد لعلي رضي الله عنه فمنعه وقال: اسجد لله عز وجل. بثيرة: بفتح اوله وكسر المثلثة وسكون المثناة تحت وفتح الراء ثم هاء: في نسب الإخوة الثلاثة الصحابة: عبد الله ويزيد
--------
ج 1، ص344 - كتاب توضيح المشتبه - حرف الباء - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/5812/255#p1








تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (2/ 428)
وعن الثوري عن سماك بن هاني قال: دخل الجاثليق على علي بن أبي طالب فأراد أن يسجد له فقال له علي اسجد لله ولا تسجد لي.
وقال عليه الصلاة والسلام لو أمرت أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها.


التاريخ الكبير للبخاري بحواشي المطبوع (8/ 133)
2460 - نبي (رجل من أصحاب علي - 1) قال (لنا - 2) محمد بن كثير ارنا سفيان عن سماك قال نا نبي رجل منا قال قال جاء جاثليق رومي فأراد أن يسجد لعلي فمنعه وقال أسجد لله عزوجل.



التاريخ الكبير للبخاري بحواشي محمود خليل (8/ 133)
2460- نبي، رجل من أصحاب علي.
قال لنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن سماك، قال: حدثنا نبي، رجل منا، قال: قال: جاء جاثليق رومي، فأراد أن يسجد لعلي، فمنعه، وقال: اسجد لله، عز وجل.


الثقات للعجلي ط الباز (ص: 448)
1684- نبي4: "كوفي"، تابعي، ثقة.
__________
4 نبي أبو المنذر، قال: جاء جاثليق إلى علي رضي الله عنه فأراد أن يسجد له فمنعه، روى عنه سماك، وقال: هو رجل منا. "الجرح والتعديل" "4: 1: 509".



الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 509)
2330 - نبى أبو المنذر قال: جاء جاثليق إلى علي رضي الله عنه فاراد ان يسجد له فمنعه.
روى عنه سماك وقال: هو رجل منا.
سمعت ابى يقول ذلك.



توضيح المشتبه (1/ 344)
وأبو المعالي ناصر بن علي بن الحسين البني سمع أبا الحسين بن النقور وطبقته توفي سنة إحدى وثمانين وأربع مئة. قال: والبني: لقب لإنسان. قلت: هو تصغير ابن وقد ألحق في نسخة المصنف بغير خطه بعد قوله لإنسان: مؤذن. وقال المصنف في مسودة الكتاب: والبني لقب الخطيب شمس الدين النجار المواقيتي صاحبنا. انتهى. و [نبي] بتقديم النون على الموحدة مع ضم اوله وفتح ثانيه: نبي بن هرمز الذهلي روى عنه سماك بن حرب. وقد ذكره المصنف في حرف المثلثة وقال محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن سماك قال: حدثني نبي - رجل منا - قال: جاء جاثليق رومي فأراد أن يسجد لعلي رضي الله عنه فمنعه وقال: اسجد لله عز وجل. بثيرة: بفتح اوله وكسر المثلثة وسكون المثناة تحت وفتح الراء ثم هاء: في نسب الإخوة الثلاثة الصحابة: عبد الله ويزيد



صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (6/ 327)
مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملّتنا. قال معاذ «يا رسول الله! إنّي قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم فأنت يا رسول الله أحقّ أن يسجد لك. فقال: [لا] «1» لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها من عظم حقّه عليها» . وعن صهيب: «أن معاذا [لما] «2» قدم من اليمن سجد للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال يا معاذ، ما هذا؟ قال: إن اليهود تسجد لعظمائها وعلمائها، ورأيت النصارى تسجد لقسّيسيها وبطارقتها، قلت ما هذا؟
قالوا: تحيّة الأنبياء- فقال عليه السّلام: كذبوا على أنبيائهم» . وعن سفيان الثوريّ عن سماك بن هانيء قال: دخل الجاثليق «3» على عليّ بن أبي طالب، فأراد أن يسجد له، فقال له عليّ: اسجد لله ولا تسجد لي.



السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 423)
929 - حدثني أبي، نا إسماعيل، أنا خالد الحذاء، عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر القرشي، عن عبد الله بن الحارث الهاشمي، قال: خطب عمر رضي الله عنه بالجابية - وقد قال خالد مرة أخرى: بالشام - والجاثليق ماثل، فتشهد فقال: «من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له»، فقال الجاثليق: لا، فقال عمر: ما قال؟ فقالوا: ما قال، فأعاد: «من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له» فقال الجاثليق بقميصه هكذا، ونفض إسماعيل ثوبه وأخذه من صدره فنفضه، وقال: إن الله لا يضل أحدا، فقال: ما يقول؟ فقالوا: ما قال، فقال: كذبت عدو الله، الله خلقك، والله أضلك، ثم يميتك فيدخلك النار إن شاء الله، والله لولا ولث عقد لك لضربت عنقك، ثم قال: إن الله عز وجل خلق آدم عليه السلام، فنشر ذريته في يده، ثم كتب أهل الجنة وما هم عاملون، وكتب أهل النار وما هم عاملون، ثم قال: هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه، قال: فتصدع الناس وما يتنازع في القدر "














فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است



****************
ارسال شده توسط:
ابو محمد
Friday - 1/12/2023 - 18:55

سلام. از کجا می فرمائید کتاب سلمان فقط یک حدیث بوده؟