بسم الله الرحمن الرحیم

عدم الاعتداد بالآلات الرصديّة في الرؤية‌-الشیخ محمد سند

فهرست علوم
فهرست فقه
كتاب الصوم
مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم





هيويات فقهية؛ ص: 139
التنبيه الرابع: عدم الاعتداد بالآلات الرصدية في الرؤية‌
هل يثبت الهلال بالرؤية و بالعين المسلحة كالتلكسوب، أم لا بد من العين المجردة في تعيين مبدأ الشهر؟
أو التفصيل فتارة لا يمكن أن يرى الهلال بالعين المجردة، و أخرى يمكن ذلك إلّا أن الموانع تقع حاجبا في تحققها أو لعدم الاستهلال، و رؤي بالعين المسلحة.
الفرض الأول‌
و هو ما إذا لم يمكن مشاهدته بالعين المجردة، و شُوهد بالعين المسلحة، ففي هذه الحالة الاتفاق حاصل على عدم الاعتداد بهذه الرؤية.
و السر في ذلك يعزى إلى أن ابتعاد القمر عن تحت الشعاع ليس هو موضوع الحكم بشكل مطلق، بل ابتعاده عن الشمس بحيث يتكوّن و تشتدّ أشعة انعكاسه بنحو يرى على سطح الأرض بالعين المجردة، كأن يبتعد عن الشمس بمقدار عشر درجات فضائية، أما لو ابتعد عنها بأقل من هذا المقدار فانه لا يتمكن من رؤيته بالعين المجردة و إنما يمكن رؤيته بالعين المسلحة.
فالترديد في المقام فيه تباين موضوعي لا أن الموضوع واحد و الاختلاف منشؤه الطريق لهذا الموضوع كما قد يتوهم، إذ أن الموضوع ليس هو جرم القمر، و إلّا فانه يمكن أن يرصد و يرى القمر بالعين المسلحة طوال دورانه حول الأرض سواء كان في حالة المحاق أم في غيرها.
و انما الموضوع هو منازل القمر و هو قوله تعالى: «قُلْ هِيَ مَوٰاقِيتُ لِلنّٰاسِ» و منزلة القمر تختلف من حالة إلى أخرى، فاذا ابتعد القمر عن الشمس بمقدار‌


هيويات فقهية، ص: 140‌
درجتين فان هذه منزلة و في هذه الحالة لا يمكن أن يرى بالعين المجردة، و إذا ابتعد عن الشمس بمقدار عشر درجات فانها منزلة أخرى و ميقات آخر أيضا، و في هذه الحالة يمكن أن يرى بالعين المجردة، فمن حيث الزمن يوجد في المنازل اختلاف و كذلك من حيث المسافة الفضائية، فأي منزلة هي ميقات و موضوع الحكم.
ففي المقام موضوعان لا موضوع واحد و الطرق إليه مختلفة حتى يقال بامكان ثبوت الهلال بالعين المسلحة.
و هذا محصل ما قد يقال بأن الرؤية ليست طريقاً محضاً بل لها موضوعية، اي أن المرئي كونه بحيث يرى- و أخذ هذا قيداً- موضوع الحكم، لا أن الرؤية أخذت جزء الموضوع على نحو الصفتية أو الطريقية، بل هي طريق محض عبر به لبيان حصر الاعتماد على الطريق اليقيني الحسي و لبيان أن ما هو موضوع الحكم هو تكوّن الهلال بحيث يرى بالعين المجردة- أي المنزلة التي يسمى فيها هلالا و يستهلّ به الناظرين- لا التكوّن الضعيف غير المرئي بالباصرة أي المنزلة القمرية السابقة.
فالنكتة الثانية للتعبير بالرؤية عن الموضوع هو الكناية و الارشاد إلى حد درجة و منزلة القمر التي هي موضوع الحكم.
فالاشكال بالتهافت على ما في التنقيح و المستند من أن الرؤية و التبين- كما سيأتي فيبحث الليالي المقمرة- أخذا في كلامه من جهة أنهما طريق محض و التزم من جهة أخرى أن لهما موضوعية، حيث لا تقوم بقية الطرق مقامهما «1».
غفلة عن هذه النكتة و هي ان الموضوع بحيث يرى هو جزء الموضوع، اما نفس الرؤية فهي طريق محض.
______________________________
(1) و كذا ما عن بعض المعاصرين في رسالته الهلالية من اعتراضه على التنقيح و المستند من انه تارة يأخذ الرؤية موضوعية و اخرى لا يؤخذ.


هيويات فقهية، ص: 141‌
الفرض الثاني‌
و قد أفتى به السيد الخوئي- على ما يحكى و ان تخيل البعض أنه الفرض الأول.
و هو أن الرؤية المجردة ممكنة إلّا انه لمانع من غيم و أبخرة، أو لعدم الاستهلال لم يرصد و لم يرى الهلال، ففي هذه الحال إذا قطع بانه يرى بالعين المجردة لو لا المانع، بعد أن رئي بالعين المسلحة فإنه يحكم بثبوت الهلال، حيث أن الموضوع- و هو المنزلة الخاصة للقمر و هي الهلال- قد تحققت.
بحرانى، محمد سند، هيويات فقهية، در يك جلد، منشورات الاجتهاد، قم - ايران، اول، 1429 ه‍ ق




رؤيت هلال؛ ج‌2، ص: 1383
التنبيه الرابع: عدم الاعتداد بالآلات الرصديّة في الرؤية‌
هل يثبت الهلال بالرؤية و بالعين المسلّحة كالتلسكوب، أم لا بدّ من العين المجرّدة في تعيين مبدإ الشهر؟ أو التفصيل، فتارة لا يمكن أن يرى الهلال بالعين المجرّدة، و أخرى يمكن ذلك، إلّا أنّ الموانع تقع حاجبة في تحقّقها أو لعدم الاستهلال و رئي بالعين المسلّحة.
الفرض الأوّل: و هو ما إذا لم يمكن مشاهدته بالعين المجرّدة،
و شوهد بالعين المسلّحة، ففي هذه الحالة الاتّفاق حاصل على عدم الاعتداد بهذه الرؤية.
و السرّ في ذلك يعزى إلى أنّ ابتعاد القمر عن تحت الشعاع ليس هو موضوع الحكم بشكل مطلق، بل ابتعاده عن الشمس بحيث يتكوّن و تشتدّ أشعّة انعكاسه بنحو يرى على سطح الأرض بالعين المجرّدة، كأن يبتعد عن الشمس بمقدار عشر درجات فضائية، أمّا لو ابتعد عنها بأقلّ من هذا المقدار، فإنّه لا يتمكّن من رؤيته بالعين المجرّدة، و إنّما يمكن رؤيته بالعين المسلّحة.
فالترديد في المقام فيه تباين موضوعى، لا أنّ الموضوع واحد، و الاختلاف منشؤه الطريق لهذا الموضوع، كما قد يتوهّم؛ إذ أنّ الموضوع ليس هو جرم القمر، و إلّا فإنّه يمكن أن يرصد و يرى القمر بالعين المسلّحة طوال دورانه حول الأرض، سواء كان في حالة المحاق أم في غيرها.
و إنّما الموضوع هو منازل القمر، و هو قوله تعالى: قُلْ هِيَ مَوٰاقِيتُ لِلنّٰاسِ «1» و منزلة القمر تختلف من حالة إلى أخرى، فإذا ابتعد القمر عن الشمس بمقدار درجتين؛ فإنّ هذه منزلة، و في هذه الحالة لا يمكن أن يرى بالعين المجرّدة، و إذا ابتعد عن الشمس بمقدار عشر درجات، فإنّها منزلة أخرى و ميقات آخر أيضا، و في هذه الحالة يمكن أن يرى بالعين المجرّدة، فمن حيث الزمن يوجد في المنازل اختلاف، و كذلك من حيث المسافة الفضائيّة، فأيّ منزلة هي ميقات و موضوع الحكم؟
ففي المقام موضوعان لا موضوع واحد، و الطرق إليه مختلفة حتّى يقال بإمكان ثبوت‌ الهلال بالعين المسلّحة.
و هذا محصّل ما قد يقال بأنّ الرؤية ليست طريقا محضا بل لها موضوعيّة، أي أنّ المرئي كونه بحيث يرى- و أخذ هذا قيدا- موضوع الحكم، لا أنّ الرؤية أخذت جزء الموضوع على نحو الصفتيّة أو الطريقيّة، بل هي طريق محض عبّر به لبيان حصر الاعتماد على الطريق اليقيني الحسّي، و لبيان أنّ ما هو موضوع الحكم هو تكوّن الهلال بحيث يرى بالعين المجرّدة- أي المنزلة التي يسمّى فيها هلالا و يستهلّ به الناظرون- لا التكوّن الضعيف غير المرئي بالباصرة، أي المنزلة القمريّة السابقة.
فالنكتة الثانية للتعبير بالرؤية عن الموضوع هو الكناية و الإرشاد إلى حدّ درجة و منزلة القمر، التي هي موضوع الحكم.
فالإشكال بالتهافت على ما في التنقيح و المستند من أنّ الرؤية و التبيّن أخذا في كلامه من جهة أنّهما طريق محض، و التزم من جهة أخرى أنّ لهما موضوعيّة، حيث لا تقوم بقيّة الطرق مقامهما «1» غفلة عن هذه النكتة، و هي أنّ الموضوع بحيث يرى هو جزء الموضوع، أمّا نفس الرؤية فهي طريق محض.
الفرض الثاني: و قد أفتى به السيّد الخوئي‌
قدّس سرّه على ما يحكى و إن تخيّل البعض أنّه الفرض الأوّل.
و هو أنّ الرؤية المجرّدة ممكنة إلّا أنّه لمانع من غيم و أبخرة، أو لعدم الاستهلال لم يرصد و لم ير الهلال، ففي هذه الحالة إذا قطع بأنّه يرى بالعين المجرّدة لو لا المانع بعد أن رئي بالعين المسلّحة، فإنّه يحكم بثبوت الهلال، حيث إنّ الموضوع- و هو المنزلة الخاصّة للقمر، و هي الهلال- قد تحقّق.