بسم الله الرحمن الرحیم

اعتبار الأجهزة الحديثة في رؤية الهلال‌-الشيخ محمّد جواد اللّنكراني‌

فهرست علوم
فهرست فقه
كتاب الصوم
مباحث رؤیت هلال-كتاب الصوم



مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 121‌
اعتبار الأجهزة الحديثة في رؤية الهلال‌
سماحة الاستاذ الشيخ محمّد جواد اللّنكراني‌
مقدّمة‌
من المسائل المطروحة للبحث اليوم مسألة اعتبار أو عدم اعتبار الأجهزة و الوسائل الحديثة في رؤية الهلال، فمع ظهور هذه الأجهزة الجديدة من قبيل الناظور و التلّسكوب طرح هذا البحث في مدى إمكانية الاجتزاء بها لرؤية الهلال، و جرى الكلام في أنّه هل تكفي مثل هذه الوسائل لإثبات الرؤية كما تكفي فيها الرؤية بالعين المعبّر عنها بالرؤية غير المسلّحة أو لا؟ و بعبارة اخرى: هل تجزي الرؤية بالعين المسلّحة أم لا؟
و قد ورد استفتاء على سماحة آية اللّٰه العظمى الشيخ الفاضل اللنكراني- مدّ ظلّه العالي- في 24 رمضان 1425 بخصوص الاستفادة من الوسائل الفلكية (كالناظور و التلّسكوب و غيرها) لرؤية الهلال، فكان جواب سماحته ما يلي:
«لا فرق في رؤية الهلال بين كونها بالعين المسلّحة أو غير المسلّحة، فتكفي الرؤية بالتّلسكوب كما تكفي بالمنظار و النظّارات المستخدمة في الصيد و نحوه».




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 124‌
و قد تركت هذه الفتوى انعكاساً و صدى واسعاً في الخارج و الداخل، سيما بين العلماء و الأكابر، و لعلّه يمكن أن يقال بأنّه لا نجد نظيراً لهذه الفتوى بين المراجع العظام بهذه الصراحة و الوضوح قبل هذا، و قد طلب منّي جمع من الأفاضل على إثر ذلك بيان و توضيح هذه الفتوى.
و حالفني التوفيق- و للّٰه الحمد- لبحث هذه المسألة التي هي في عداد المسائل المستحدثة بحثاً استدلالياً بحسب ما سنحت به الفرصة و في حدود الإمكان، راجياً من ذوي الرأي ملاحظتها بعين الإنصاف.
تحرير محلّ النزاع‌
قبل الخوض في الآراء و استعراض الأدلّة يلزم أولًا تحرير محلّ النزاع فنقول: إنّ‌
للهلال من الناحية التكوينية و الواقعية حالتين:
الاولى: المقارنة،
و هي عند ما يكون الهلال واقعاً تحت ضوء الشمس بحيث لا يمكن رؤيته بالعين المجرّدة إطلاقاً.
الثانية: الولادة،
و هي عند ما يخرج القمر من المحاق و من تحت ضوء الشمس، و يبدأ بذلك شهر جديد، و هو ما يعبّر عنه في اللغة و العرف بالهلال.
و بعبارة أخرى: إنّ أول زمان الولادة هو أوّل زمان الهلال.
و الوارد في لسان الأخبار‌
كملاك للمسألة عبارة عن عنوان مركّب هو: «رؤية الهلال»، و هو مكوّن من «الرؤية و الهلال»، و لا بدّ من البحث في كلّ منهما. و سوف نتناول فيما يلي من البحث عند تعريف الرؤية كيفية أخذها في الأخبار و أنّه هل بنحو الموضوعية أو الطريقية؟ و هل إنّ لها إطلاقاً من جهة السبب أو لا؟ إنّما المهم الآن البحث عن تحديد معنى «الهلال» بمعنى «الشهر الجديد» أي ولادة القمر و إن كان المستفاد من بعض العبائر إمكانية أن يكون ثمّة فاصل زمني يتخلّل بين زمان الولادة و تحقق الهلال، فلكي يتحقق الهلال‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 125‌
لا بدّ من مضي مدّة بعد ولادته لشدّة ضعف نوره، إلّا أنّ الظاهر تحقق بداية الشهر بمجرّد ولادة الهلال.
و الهلال لغة هو الشهر الجديد و إن كان يطلق عليه لليلة أو ليلتين هلالًا أيضاً عند البعض أو إلى سبعة عند آخر «1».
قال في لسان العرب: «الهلال غرّة القمر حين يهلّه الناس في غرّة الشهر. و قيل: يسمّى هلالًا لليلتين من الشهر ثمّ لا يسمّى به إلى أن يعود في الشهر الثاني. و قيل يسمّى به ثلاث ليال ثمّ يسمّى قمراً» «2».
و يتضح من هذا النصّ أنّ الهلال يصدق على الشهر من أول ليلة و منذ الولادة؛ لأنّ ابن ليلتين يعني الليلة الأولى و الثانية، و النتيجة هي صدق الهلال عليه بخروجه من المحاق و لو لم يره الناس و التعبير ب‍ «حتى يهلّه الناس» ليس مقوّماً لمعناه، بل هو من آثاره الغالبة، و الشاهد على ذلك ما ورد في القاموس المحيط من تفسيره الهلال بغرّة القمر «3» و لم يتضمن عبارة «حين يهلّه الناس» ثمّ قال: «قال أبو إسحاق: و الذي عندي و ما عليه الأكثر أن يسمّى هلالًا ابن ليلتين؛ فإنّه في الثالثة يتبين ضوؤه» «4».
و عليه فإنّ الهلال صادق على بداية ضوء القمر الضعيف، في حين أنّه لا يغلب على ظلمة السماء. قال في صحاح اللغة: «الهلال أوّل ليلة و الثانية و الثالثة، ثمّ هو قمر» «5». حيث اعتبر أول ليلة هلالًا و يصدق عليها عنوان الهلال، و ليس فيها «حين يهلّه الناس».
و على هذا فإنّ للهلال معنى لغوياً بيّناً، و إن كان ثمّة مقولة معروفة عن ابن الأعرابي كما في لسان العرب أنّ الهلال إنّما سُمّي هلالًا لأنّ الناس يصيحون عند رؤيته، إلّا أنّه لا يمكن اعتبار مثل هذا في الهلال مورد البحث، أي الموضوع للحكم الشرعي، بعبارة اخرى: لا يمكن عدّ ذلك- صيحة الناس- ملاكاً في الهلال، و إن كان هو الغالب فيه.
______________________________
(1) منتهى الإرب، أقرب الموارد.
(2) لسان العرب 11: 702 مادة هلل.
(3) القاموس المحيط 4: 70.
(4) لسان العرب 11: 702.
(5) صحاح اللغة 5: 1851.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 126‌
نعم، ورد في صحاح اللغة كما يلي: «و يقال أيضاً استهل هو بمعنى تبيّن و لا يقال أهلّ «1»» حيث فسّر الاستهلال بمعنى التبين و الظهور، و السبب في ذلك هو أنه لو استهلّ شخص و لم ير الهلال فلا يصدق على ذلك الاستهلال، و النقطة الجديرة بالإشارة هي أنّ الاستهلال في الروايات ليس ملاكاً للحكم و أنّ الملاك هو نفس الهلال و رؤيته.
النقطة الاخرى الجديرة بالاهتمام هي أنّه لو فرضنا القبول بمدخلية الظهور و رؤية الناس و صيحتهم لذلك في تحقق الهلال، إلّا أنّه قد ثبت في محلّه أنّه لا مدخلية تامة لوجه التسمية في صدق العنوان، بمعنى إمكانية أن يصدق العنوان في بعض الحالات من دون صدق وجه التسمية.
و النتيجة هي أنّ الهلال يتحقق بمجرّد ولادته، و قوله تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ...» «2» شامل أيضاً لمثل هذا الهلال قطعاً.
و للفلكيين أن يسلكوا لتعيين ولادة الهلال طريق الحساب الدقيق كما يسلكوه في المقارنة، إلّا أنّ المشكلة عدم حجية مثل هذه الحسابات بنفسها و مع غضّ النظر عن إمكان إفادتها الاطمئنان و عدمه، هذا أولًا، و ثانياً إنّ الأدلّة نصّت على اعتبار أنّ الرؤية هي الملاك، و لذا لا يمكن الاعتماد على الحسابات الفلكية، فالملاك إذاً بحسب ظاهر الأدلّة هو رؤية الهلال.
و قد وقع البحث في أنّه لو كان الهلال- و هو ما كان في زمن الولادة- قابلًا للرؤية بالتّلسكوب بنحو لا تستوجب الرؤية به تغييراً في الواقع و لا تعكس إلّا الهلال الواقعي فهل مثل هذه الرؤية حجّة أو لا؟
و الوارد في كلمات بعض الأعاظم كالمرحوم المحقق الخوئي قدس سره فيما يرتبط بالهلال محلّ البحث هو أنّ «الهلال عبارة عن خروجه عن تحت الشعاع بمقدار يكون قابلًا للرؤية و لو في الجملة» «3».
______________________________
(1) صحاح اللغة 5: 1852.
(2) البقرة: 189.
(3) كتاب الصوم (الخوئي) 2: 118.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 127‌
فهو يشترط في تعريف الهلال مضافاً إلى خروجه من تحت الشعاع- أن ينفصل قليلًا عن الشمس و أن يخرج من تحت شعاعها حتى يكون قابلًا للرؤية و لو في بعض المناطق.
و لكنّا لا نرى وجهاً لإضافة مثل هذا القيد في تعريف الهلال، بل يلزم على ذلك ألّا تكون هناك ضابطة معيّنة، و لو أردنا تعريف الهلال كذلك فإنّه يمكن اعتبار النزاع حينئذٍ لفظياً. توضيح ذلك: إنّا لو التزمنا بهذا التعريف أي خروج الهلال من تحت شعاع الشمس بحيث لا يكون قابلًا للرؤية بالعين الطبيعية فعلًا لشدة ضعف نوره و لكنه قابل للرؤية من الناحية العلمية، فيرى بالتلسكوب أو الكاميرات فلا بدّ أن يفتي الجميع في هذه الصورة بكفاية ذلك و صحته.
و إن كان ظاهر الفتاوى عدم كفاية ذلك في مثل الفرض ما لم تتحقق الرؤية بالعين المجرّدة، إلّا أنّ الواقع هو أنّه مع حصول الاطمئنان بخروج الهلال من تحت الشعاع لعدّة ساعات- بمعنى مضي ساعات على الهلال- فإنّ تلك الليلة هي أول ليلة للشهر القمري بما لا يقبل التأمّل و التردّد.
و لو لم يوافق على مثل هذه الدعوى و قيل بأنّ هذه الصورة المفروضة داخلة في محل النزاع أيضاً، فلا بدّ حينئذٍ من البحث بصورة أوسع بما يشمل صورتين:
الصورة الأولى: أن يولد الهلال و لكن بنحو لا تمكن رؤيته- حسب الحسابات الفلكية- بالعين المجرّدة، و ذلك حين خروجه في اللحظات الاولى من تحت الشعاع.
الصورة الثانية: أن يخرج من تحت شعاع الشمس بمقدار تكون إمكانية الرؤية بالعين المجرّدة من حيث الحسابات الفلكية ضعيفة جدّاً، و لكن مع ذلك لا تستحيل الرؤية و إن كانت بالفعل غير متحقّقة. ففي هاتين الصورتين لم يفكك‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 128‌
بينهما من تعرّض لبحث المسألة مع أنّ الصورة الثانية كما أسلفنا يمكن إخراجها عن محل النزاع،
هل يمكن التعويل على الرؤية بالوسائل و التلسكوب أو لا؟
نُسب إلى المشهور من الفقهاء عدم كفاية الرؤية بالعين المسلّحة، و الحال أنّ المسألة هي من المسائل المستحدثة التي لا يرجع تأريخها إلى فترة قديمة، بل يمكن القول بشكل أدقّ- كما ورد ذلك في بعض الكلمات- أنّ فترة الاستخدام المنضبط و المقنن لهذه الأجهزة و الوسائل لرؤية الهلال لا تتجاوز بضعة عقود. و عليه فلا يمكن دعوى الشهرة المعتبرة بين الفقهاء و التي هي عبارة عن الشهرة بين المتقدّمين، نعم الحكم مشهور بين المتأخرين، و لكن الشهرة بينهم ليست حجّة كما هو معلوم.
و قد تمسك القائلون بكفاية الرؤية بالعين المسلّحة بأصالة الإطلاق في المقام، و أنّه لم يرد أيُّ دليل أو قرينة تقيّد الرؤية بغير المسلّحة، و إن كانت أصل الرؤية عندهم معتبرة، و الحسابات الفلكية و الأمور الظنّية غير معتبرة عندهم، و لكنهم يرون أنّ الرؤية لمّا كانت مجزية بالوسائل كالنظّارات- مثلًا- فإنّها مجزية أيضاً إذا كانت بوسائل أقوى و أفضل إذا لم تحدث تغييراً في الواقع المرئي، فالمهم من الناحية الصناعية هو صدق استناد الرؤية إلى الرائي، و من يرى بالتلسكوب تُسند إليه الرؤية قطعاً، و هذا الاستناد حقيقي. و بعبارة ثانية: إنّ صدق الرؤية محرز و مسلّم في الرؤية بالتلسكوب، و الشاهد على ذلك هو إمكانية الشهادة بالقتل إذا شوهد بالتلسكوب و على القاضي ترتيب الأثر عليه، مع أنه يشترط في باب الشهادات أن تكون مستندة إلى الرؤية أيضاً.
و شاهد آخر على هذا القول هو أنّه يشترط في حليّة أكل السمك أن يكون ذا فلس، فقد اعتبرت النصوص و الفتاوى الملاك في حلّية أكل السمك هو‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 129‌
وجود الفلس، فلو تعذّرت رؤية الفلس في بعض أنواع السمك- مثلًا- بالعين المجرّدة و أمكنت بمثل الناظور أو لم يتمكّن عامة الناس من تشخيصه الفلس و تمكّن أُهلّ الخبرة من ذلك فالظاهر كفاية هذا المقدار في حليّة أكله و لا يمكن القول باشتراط كون الرؤية بالعين المجرّدة فقط.
و بعبارة ثانية: إنّ جواز الأكل منوط بوجود الفلس واقعاً، و فيما نحن فيه و إن ذكرت الرؤية في الروايات إلّا أنّ المستفاد من الأدلّة هو الوجود الواقعي للهلال.
و بشكل عام فإنّه- مضافاً إلى هذين الشاهدين- يمكن إجمال استدلال هذا الفريق بثلاثة أدلّة و مؤيّد واحد:
1- إجراء أصالة الإطلاق بالنسبة لسبب الرؤية و عدم وجود قرينة على الانصراف.
2- استناد الرؤية حقيقة إلى من يستخدم هذه الوسائل في الرؤية.
3- شمول لفظ الأهلّة في قوله «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ...» «1»، حيث يشمل بإطلاقه الهلال الذي لا يراه الناس بالعين غير المسلّحة و لكنّهم يرونه بالعين المسلّحة.
و من المؤيدات لهذا الرأي بالإضافة إلى هذه الأدلّة الثلاثة هو أنّه لو لم تمكن الرؤية العادية في الليلة الاولى و تمّت رؤيته بالتلسكوب فإذا لم نعتبر نهار تلك الليلة اليوم الأول من الشهر و اعتبرنا اليوم الذي بعده أول الشهر، فإذا كان ذلك الشهر ثمانية و عشرين يوماً فإنّه يجب قضاء يوم واحد طبقاً لبعض الروايات و فتوى جميع الفقهاء، و هذا يكشف عن أنّ ذلك اليوم هو الأول للشهر و لو لم تتمّ فيه الرؤية بالعين الطبيعية.
و هذا خير شاهد على أنّه لا موضوعية للرؤية بالعين العادية.
______________________________
(1) البقرة: 189.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 130‌
إن قلت: إنّه في مثل الفرض المذكور نستكشف أنّ الرؤية بالعين المجرّدة في الليلة الاولى كانت ممكنة إلّا أنّها تعذّرت لبعض الموانع.
و بعبارة ثانية: إنّه قد يدّعى وجود ملازمة بين هذين الأمرين، أي بين رؤية الهلال في الليلة الثلاثين بالعين المجرّدة و بين إمكانية رؤيته كذلك في الليلة الاولى.
قلت: إنّه لم يقم أيُّ دليل لا من الناحية الفلكيّة و لا غيرها من الطرق الاخرى على وجود هكذا ملازمة، بل إنّا لو لاحظنا حالات الرؤية لوجدنا في بعض الموارد منها أنّ الفلكيين يدّعون فيها عدم قابلية الرؤية في الليلة الاولى بالعين المجرّدة، ثمّ يأتون و يدّعون بعد مضيّ تسعة و عشرين يوماً إمكانية رؤية الهلال الجديد بالعين المجرّدة، بل يمكن القول مع غضّ النظر عن هذا المطلب إنّه لا دليل أساساً في علم الفلك على وجود مثل هذا الأمر.
و أمّا من استدلّ على عدم كفاية الرؤية بالعين المسلّحة‌
فمجموع ما استدلّ به عبارة عن دعويين:
الدعوى الاولى: دعوى انصراف الرؤية إلى الرؤية بالعين الطبيعية، قال بعض الأعلام:
«لا تكفي الرؤية بعين ذات البصر الحادّ كما لا تكفي الرؤية بالآلات الرصدية، و ما هذا إلّا للانصراف» «1».
الدعوى الثانية: دعوى أخذ الرؤية بنحو الطريقية لا الموضوعية، على توضيح سيأتي.
الدعوى الاولى: الانصراف‌
قال بعض الأعاظم: عند ما تطلق الرؤية فإنّ المنصرف هو الرؤية المتعارفة و هي الرؤية بالعين غير المسلّحة؛ لأنّ الفقهاء يصرفون الإطلاقات في جميع‌
______________________________
(1) الصوم في الشريعة الإسلامية الغراء: 144.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 131‌
أبواب الفقه إلى الأفراد المتعارفة «1».
و لكن ثمّة أمور جديرة بالملاحظة في هذا النص، و هي كما يلي:
أولًا: لا بدّ من ملاحظة ما هو المنشأ في الانصراف؟ قد ثبت في علم الأصول صحة الانصراف لو كان منشؤه غلبة الاستعمال لا ما إذا كان من غلبة الوجود، و كما تستعمل الرؤية في الرؤية بالعين غير المسلّحة فإنّها تستعمل- حقيقة- في الرؤية بالنظّارات أو المكبّرات أو المنظار.
ثانياً: إنّ ما ذكر دليلًا على هذا المدّعى حقيق بالتأمل؛ لأنّ ما ذكر- من أنّ الفقهاء يصرفون الإطلاقات في جميع الأبواب الفقهية إلى المصاديق المتعارفة- على فرض صحته لكن هل يمكن اعتبار عمل الفقهاء دليلًا و حجة في المقام؟ فإذا كان الفقهاء إلى ما قبل العلّامة الحلّي يفتون بلزوم نزح المقدّرات في البئر فهل يكون هذا حجّة على سائر الفقهاء؟! فإنّه من الواضح لزوم البحث في أدلة الأقوال في مثل هذه المسألة، و كذا الأمر فيما نحن فيه.
من الواضح أنّه كما يجب في أمثال هذا المورد البحث و الفحص عن الدليل، فكذا يجب في هذا المورد الرجوع إلى أدلّة المسألة لكي يتمّ بحثها.
ثالثاً: عدم تمامية مثل هذه النسبة إلى الفقهاء بمجرّد إحصاء موارد قليلة، حيث توجد ثمّة موارد على خلاف ذلك- سنشير إليها- تؤكد عدم صحة مثل هذه الدعوى على إطلاقها و نسبتها إلى جميع الفقهاء.
و لكن نشير قبل التعرّض للموارد- سواء قبل الفقهاء بالانصراف فيها أو لم يقبلوا- إلى بعض النقاط التي ينبغي تدقيقها و تمحيصها من جهة صناعية:
النقطة الاولى: من الواضح إنّ أصالة الإطلاق من الاصول اللفظية العقلائية،
و الأصل الأوّلي في الألفاظ هو الإطلاق بمقتضى مقدّمات الحكمة ما لم يتوفّر دليل أو تقم قرينة على التقييد. و بعبارة اخرى: إنّ رفع اليد عن‌
______________________________
(1) انظر: إثارات هامّة حول رؤية الهلال.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 132‌
الإطلاق و دعوى الانصراف بحاجة إلى قرينة دائماً، و بدونها لا يمكن دعوى الانصراف، بل لو أردنا حمل المطلقات في جميع الموارد على الفرد المتعارف لفقد الاجتهاد حيويته و فاعليته، فالاجتهاد حيٌ و فاعل ببركة هذه الإطلاقات و العمومات.
و لا توجد أيّة قرينة صارفة في الروايات الواردة في رؤية الهلال أو غيرها من الأدلّة، و الرؤية مطلقة من جهة السبب «إذا رأيت الهلال فصم و إذا رأيته فافطر» أو «صم للرؤية و افطر للرؤية».
لقد وردت «الرؤية» في هذه الروايات إمّا بصيغة الخطاب أو بغير صيغة الخطاب، و الخطاب إمّا بصورة المفرد أو بصورة الجمع، إلّا أنّه لم يرد في جميع هذه الروايات الثمانية و العشرين (في الباب الثالث من أبواب شهر رمضان من المجلد العاشر من الوسائل) أية قرينة دالّة على الانصراف، و بذلك نثبت الاكتفاء بالرؤية بكلّ طريقة، بمعنى أنّ الملاك هو صدق الرؤية بأيّ طريق اتّفق، و من جهة اخرى فإنّ من الواضح إنّه و في حالات كثيرة بل في جميع موارد الإطلاق عند ما يتمّ الانصراف إلى الأفراد المتعارفة فإنّ مقتضى القاعدة و الصناعة توقف دعوى الانصراف على وجود القرينة، و بدونها لا يمكن القبول بدعوى الانصراف البتة.
تحليل الروايات‌
المستفاد من دراسة الروايات الواردة أنّ الرؤية طريق و كاشف عن ثبوت الهلال، لكنها طريق إلى اليقين و الاطمئنان بتحقق الهلال في السماء بعد خروجه عن المقارنة.
إنّ الرؤية الواردة في الروايات قد وردت كمقدمة لليقين، كما أنّ مفادها أيضاً أنّ شهر رمضان لا يكون بالرأي و التظنّي:




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 133‌
1- محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن مهزيار عن محمّد بن أبي عمير، عن أيّوب و حمّاد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، و إذا رأيتموه فافطروا، و ليس بالرأي و لا بالتّظنّي و لكن بالرؤية» «1».
2- محمد بن الحسن عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال: «صيام شهر رمضان بالرؤية، و ليس بالظّن» «2».
3- محمد بن الحسن عن فضالة عن سيف بن عميرة عن اسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: في كتاب علي عليه السلام «صم لرؤيته و أفطر لرؤيته و إياك و الشك و الظنّ ...» «3».
4- محمد بن الحسن عن العباس بن موسى، عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزّاز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: «إنّ شهر رمضان فريضة من فرائض اللّٰه فلا تؤدوا بالتظنّي» «4».
و المستفاد بشكل واضح من هذه النصوص هو:
أولًا- إنّ المقصود بالرؤية في الروايات نفي الرأي و الظنّ و التأكيد على لزوم حصول اليقين بالهلال في وجوب الصوم.
و من الواضح جدّاً أنّ تحصيل هذا اليقين غير مختص بالرؤية المجرّدة، بل يحصل من طريق الوسائل و الأجهزة أيضاً.
و ثانياً- إنّ الملاك في شروع شهر رمضان هو نفس الهلال لا أصل وجود القمر و إذا تيقنا من الهلال فلا بدّ من الصوم و مع تجدّد الهلال يبدأ الشهر، و مع التيقن من تحقق الهلال يبدأ الشهر القمري.
روى محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح عن صفوان عن ابن مسكان عن الحلبي جميعاً عن‌
______________________________
(1) الوسائل 10: 252 ب 3 أحكام شهر رمضان، ح 2.
(2) المصدر السابق: 253 ح 6.
(3) المصدر السابق: 255، ح 11.
(4) المصدر السابق: 256، ح 16.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 134‌
أبي عبد اللّٰه أنّه سُئل عن الأهلّة فقال: هي أهلّة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، و إذا رأيته فافطر» «1». فالمستفاد من هذا الحديث أنّ الملاك في بداية الشهر القمري هو الهلال و الرؤية طريق لليقين بحصول الهلال. و من جهة اخرى فإنّ الهلال غير مشروط بالرؤية الطبيعية، و إلّا لزم أن يكون هناك أهلّة متعدّدة بتعدّد الأفراد و اختلاف البلاد، و هو واضح البطلان.
و من الشواهد و المؤيّدات على اعتبار الرؤية طريقاً لليقين بحصول الهلال ما ورد في بعض الروايات الواردة من أنّه لو استُهل صباحاً في جهة المشرق و لم ير الهلال فهو هلال جديد في ليلة ذلك اليوم، سواء رُئي أم لم ير:
محمد بن الحسن بإسناده عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن زكريا بن يحيى الكندي الرقّي عن داود الرقّي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «إذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير فهو هاهنا هلال جديد رُئي أم لم ير» «2».
و إن كان صاحب الوسائل قد حمل هذه الرواية على الغالب أو التقية، و لكن وجود ما يوافقها من الروايات يمنع من حملها على التقية. و بشكل عام فإنّ المستفاد أنّ الرؤية طريق لليقين بحصول الهلال، و أنّها لا موضوعية لها.
إنّ المستفاد من تحليل الروايات بطلان القول باحتمال أنّ الشارع الأقدس جعل الخروج عن المحاق بمقدار يراه الناس موضوعاً لوجوب الصوم، فلا شاهد و لا دليل على مثل هذا الاحتمال، بل الرؤية- مسلّحة كانت أو غير مسلّحة- طريق للعلم بثبوت الهلال.
و المتلخّص هو أنّه لا ترديد في أنّ الرؤية الواردة في الروايات لها دور الطريقية، و لا فرق بين أسباب حصول ذلك، بل الملاك هو اليقين بحصول الهلال و تحقّقه.
و قد ذكر بعض الأعاظم «3» أنّ لرؤية الهلال موضوعية بمعنى أنّه لا بدّ في احتساب بداية الشهر القمري من إمكانية الرؤية بالعين غير المسلّحة و إن كانت الرؤية متعذّرة بالفعل بسبب المانع.
______________________________
(1) المصدر السابق: 254، ح 7.
(2) المصدر السابق: 282، كتاب الصوم، ب 9، ح 4.
(3) إثارات هامة حول رؤية الهلال.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 135‌
و لكن يظهر ممّا تقدّم بطلان هذه الدعوى؛ و ذلك: لخلو الروايات من أيّة قرينة دالّة على الإمكان. نعم، قد يقال بعدم اعتبار الرؤية بالفعل إذا كان هناك ما يمنع منها إلّا أنّ هذا لا يلازم القول بأنّ لإمكانية الرؤية بالعين غير المسلّحة موضوعية في المقام.
بل المستفاد من الروايات بشكل واضح- كما أسلفنا- عدم اعتماد التظنّي في بداية الهلال بل لا بدّ من حصول اليقين، فإنّ الطريق الوحيد في ذلك الزمان لحصول اليقين هو الرؤية فقط، و عليه فإنّ للرؤية طريقية لاثبات الهلال، و هذا الطريق هو طريق لحصول اليقين، و لا تطرّق في الروايات للإمكان أو عدمه، بل إنّ المراد بالرؤية هي الرؤية الفعلية كما هو مقرّر في محلّه من أنّ العناوين ظاهرة في الفعلية.
و ليس من المستبعد استفادة هذا المطلب من مجموع الروايات الواردة في المقام، و هو: إنّ طريق تحصيل اليقين في الأزمنة السابقة كان ينحصر بالرؤية، و لم تكن الحسابات الفلكية موجبةً لحصول اليقين حتى للفلكي نفسه فضلًا عن غيره، و قد نفت الروايات اعتماد الظنّ. و أمّا في عصرنا الحاضر فحيث إنّ الحسابات الفلكية الدقيقة تورث الاطمئنان و الوثوق فهي قابلة للاعتماد أكثر ممّا سبق. فإذا ثبت بالحسابات الفلكية الدقيقة في غروب يوم من الأيام خروج الهلال من تحت الشعاع فإنّه يمكن اعتبار تلك الليلة أول الشهر القمري؛ و لأجل هذا يقول الفقهاء بكفاية الاطمئنان ببداية الشهر الجديد إذا كان من طريق الحسابات المفيدة لمثل هذا الاطمئنان.
و ممّا يجدر ذكره أنّ الشارع لم يتعبّدنا البتة بخصوص ثبوت الشهر القمري، بحيث يكون فرق بين الشهر القمري و الشهر الشرعي، و إنّما اشترط شيئاً واحداً- طبعاً هذا في وجوب الصوم لا لبداية الشهر- و هو عدم الاعتماد على الظنّ و الرأي، و لم يتعبّدنا بما سوى ذلك البتة.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 136‌
النقطة الثانية: ما هو المراد بالمتعارف؟ و المتعارف في أيّ زمان هو المقصود؟
نقل صاحب الجواهر عن الشيخ البهائي و عن اللّوامع أنّه يلزم حمل المتعارف على ما كان متعارفاً في زمان النبي صلى الله عليه و آله و سلم و إن لم يكن متعارفاً في زمان الأئمة عليهم السلام ثمّ استدلّ قائلًا: «لأنّ أحكامهم متلقّاة منه» «1».
إذاً، لا يمكن دعوى الانصراف إلى المتعارف؛ لأن مسألة الرؤية بالعين المسلّحة لم تكن مطروحة للبحث أساساً في زمن صدور الأحاديث، و إذا كان في الزمان الحالي ثمّة عنوان غير متعارف فهذا لا يبرّر انصراف الروايات السابقة عن هذا المورد و العنوان، كما أنّه لا يمكن اعتبار الرؤية بالعين المسلّحة من الموارد غير المتعارفة. نعم، لمّا كانت مثل هذه الوسائل ليست في متناول أيدي الجميع فلا يتيسر الإفادة منها و استخدامها من قبل الجميع، و لكن هذا غير مسألة أنّها غير متعارفة.
و أمّا إذا كان المراد من غير المتعارف هو الندرة كما هو كذلك في جميع الأزمنة فيمكن أن يكون لذلك وجه مقبول، أمّا إذا كان نادراً في زماننا- مثلًا- غير نادر في الأزمنة الآتية فلا وجه حينئذٍ لذلك؛ لأنّ مثل هذا الانصراف سيستلزم انسداد باب الإطلاق في الفقه و هدم كثير من الأحكام الفقهية.
النقطة الثالثة: إنّ حقيقة الإطلاق كما يقتضيه التحقيق هي رفض القيود لا جمعها،
فإذا كان الاطلاق كذلك فلا وجه حينئذٍ لهذه الدعوى إطلاقاً، نعم لو قلنا إنّه عبارة عن جمع القيود كان وجه لهذه الدعوى ثبوتاً، و أمّا إثباتاً فهي بحاجة إلى دليل أو قرينة تدلّ عليه.
و توضيح ذلك أن يقال: إذا كان الإطلاق هو رفض القيود فلا بدّ من الالتزام بأنّ الشارع اعتبر تمام الملاك في الرؤية دون أن يلحظ أيّ قيد آخر، بل لم يلتفت أساساً إلى الأفراد و المصاديق ليقال بالانصراف عن بعض و عدم الانصراف عن الآخر، و أمّا إذا كان الإطلاق هو جمع القيود فإنّه يمكن القول‌
______________________________
(1) جواهر الكلام 6: 115.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 137‌
بأنّ الشارع أخذ جميع الأفراد و المصاديق و القيود بنظر الاعتبار و قد أراد المعنى المطلق منها جميعاً، فهنا يمكن دعوى الانصراف بحق البعض منها.
و بعبارة أخرى: إنّه بناءً على هذا المبنى لا يمكن دعوى الانصراف في أيّ مورد من الموارد، و لا يمكن أن ينصرف اللفظ المطلق بذاته إلى فرد خاص بعينه، و إن كان يمكن تشخيص ذلك الفرد بقيام القرينة عليه، إلّا أنّ هذا بحث آخر غير الانصراف.
النقطة الرابعة: و التي هي في غاية الأهمية و هي عبارة عن أنّ الألفاظ يجب حملها على معانيها المتعارفة‌
لا على المعاني النادرة و غير المشهورة، و لكن ثمّة فرق بين المعنى المتعارف و بين المصداق المتعارف، و في بحث رؤية الهلال ينطبق على الوسائل الجديدة أنّها من المصاديق غير المتعارفة لا أنّها معنى غير متعارف، فالعلاقة بين اللفظ و المعنى أمر واضح و صحيح، و لكن العلاقة بين اللفظ و الفرد أو المصداق هو أنّه لا يمكن تعيين المصداق فيها من خلال الوضع و اللغة؛ لأنّ المصداق و الفرد يرتبطان بمقام التطبيق، و التطبيق أمر عقلي لا علاقة له بالواضع أو العرف. و تأسيساً على ذلك فإنّ الخلط بين المعنى المتعارف و المصداق المتعارف هو الذي سبّب الخلط عند البعض.
و نشير فيما يلي إلى بعض النماذج في المقام:
النموذج الأول: قوله: «الطواف بالبيت صلاة»‌
فإنّ المعنى المتعارف هو الصلاة الفعلية، بينما معناها النادر هو الدعاء، و لذا لا يمكن القول بأنّ المراد بالصلاة هنا الدعاء، بل لا بدّ من تنزيلها على معناها المتعارف، قال صاحب الجواهر: «و الألفاظ إنّما تُحمل على المعنى المتعارف، لا النادر غير المشهور» «1».
النموذج الثاني: في وضوء ذي الوجه الطويل الخارج عن المتعارف،
قال صاحب الجواهر: «و يجب عليه الغسل من القصاص إلى الذقن و إن طال وجهه‌
______________________________
(1) جواهر الكلام 1: 222.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 138‌
بحيث خرج عن المتعارف؛ لصدق اسم الوجه» «1».
فيعلم من ذلك أنّ الموارد التي تكون ذات معنى واضح لا تأثير للمصداق فيها، و لا توجب المصاديق غير المتعارفة تغييراً في معنى اللفظ. نعم، بالنسبة إلى معنى الوجه و أنّه هل المراد منه المتعارف يمكن أن يُدّعى ذلك؛ و لذا قال في الجواهر: «لا عبرة بالأنزع ... و لا بالأغمّ» «2». ثمّ قال: «فيرجع كلّ منهما إلى الغالب في أكثر الناس» «3»، لكن هذا من جهة أنّ المقصود بالوجه هو الوجه المتعارف، فيجب غسله ما دام يصدق عليه عنوان الوجه و لو لم يكن من المصاديق المتعارفة.
النموذج الثالث: ممّا يدل على أنّه إذا كان عام و مطلق لغوي‌
فجميع الأفراد يتساوون بالنسبة إليه، و لا فرق بين الأفراد الغالبة و غير الغالبة، ما تعرّض له صاحب الجواهر في غسل الوجه في الوضوء بعد أن ذكر عدم وجوب غسل المسترسل من اللحية و لا تخليله، ثمّ نقل كلاماً عن الشهيد في الدروس قال فيه: «يستحب التخليل و إن كثف الشعر» ثمّ عقّب عليه معترضاً بأنّه لم نجد دليلًا على ذلك و أنّ الأدلّة على خلافه: «و حيث اشتملت الرواية على العموم اللغوي الذي يتساوى جميع الأفراد بالنسبة إليه لم يختلف الحال في الموافق للغالب و عدمه، فالأغم- مثلًا- إن كان كثيف الشعر اجتزى بغسله» «4».
فيظهر من ذلك انتفاء الفرق بين الفرد الغالب و غير الغالب.
النقطة الخامسة: حتى في صورة ما إذا كان الانصراف مع القرينة‌
فإنّ المستفاد مع ذلك من منهجية صاحب الجواهر عدم إمكان التعويل عليه لوحده لدى الفقيه، بل يجب ألّا يكون معارضاً لفهم الأصحاب أولًا، و أن يُدعم بالمؤيدات ثانياً، و نشير هنا إلى نموذجين:
النموذج الأول: مسألة التطهير بالماء القليل‌
و أنّه هل يشترط ورود الماء على النجاسة أو لا؟ خلاف في ذلك. و قد عالج صاحب الجواهر المسألة من‌
______________________________
(1) المصدر السابق 2: 147.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق: 159.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 139‌
خلال الانصراف إلى المتعارف و المعهود بين الناس حيث يعتبرون ورود الماء مطهراً، لكن قد أيّد قبل و بعد هذا الحكم بالإجماع و السيرة المستمرة.
النموذج الثاني: ما ذكره أيضاً قدس سره في صورة تكبيرة الإحرام‌
حيث قال: «فصورتها أن يقول: اللّٰه أكبر» و قد عدّ من أدلّتها أنّها هي المتعارفة و المعهودة من صاحب الشرع، لكن أورد شواهد اخرى أيضاً «1».
و المتحصّل:
أولًا- إنّه بعد أن اتضح أنّ الرؤية بالآلات من مصاديق الرؤية عرفاً و أنّه لا ترديد في صدق الرؤية عليها عرفاً فلا بدّ من القول بأنّ الرؤية الواردة في الروايات مطلقة من جهة السبب.
ثانياً- إنّه لا قرينة على الانصراف، و عليه فلا يمكن التعويل عليه كدليل يعتمده الفقيه. و قد ذكر البعض أنّ القرينة هي عبارة عن مناسبات الحكم و الموضوع. و لكن الصحيح عدم إمكان اعتبار ذلك قرينة؛ لأنّ الهلال كما يناسب رؤيته بالعين غير المسلّحة يناسب أيضاً رؤيته بالعين المسلّحة.
موارد من عدم حمل الفقهاء المطلقات على الفرد المتعارف في الفقه:
من خلال ملاحظة موارد عديدة من الحالات التي لم يحمل فيها الفقهاء المطلقات على الفرد المتعارف مع وجوده نصل إلى هذه النتيجة و هي أنّ الفقهاء لا يحملون المطلق على الفرد المتعارف في جميع الموارد ما لم تكن هناك قرينة في المقام:
1- قال صاحب الذخيرة في مسألة جواز تطهير المخرج من الغائط إذا تعدّى بالماء فقط أو بالأحجار أيضاً: «و لا يخفى أنّ الأخبار الدالّة على الاكتفاء بالأحجار مطلقة من غير تفصيل بالمتعدي و غيره» ثمّ قال: «فإن لم يكن إجماع على الحكم المذكور كان للتأمل مجال» «2».
______________________________
(1) المصدر السابق 9: 205.
(2) ذخيرة المعاد 1: 17.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 140‌
فمع أنّ المتعارف هو موضع الغائط حتى أنّ بعض الفقهاء كصاحب الجواهر قد علّله بقوله: «لبناء الشرعية على المتعارف دون النادر» «1» إلّا أنّ صاحب المدارك استند إلى الإطلاق، فلو كان الحمل دائمياً في جميع الموارد على المتعارف حتى المصداق المتعارف لما كان ثمّة مجال للنزاع إذاً!
2- نقل صاحب الجواهر في مسألة الوضوء للمرأة ذات اللحية و أنّه لا يجب تخليلها و نقل عن بعض العامّة حمله دليل غسل الشعر أو التخليل على الغالب المتعارف و هو الرجل دون المرأة، و لكنّه قدس سره ضعّف ذلك معلّلًا بقوله: «لما عرفت من العموم اللغوي فيه» «2» و عليه فمع وجود العموم اللغوي لا مجال للانصراف.
3- ذكر صاحب الجواهر في مسألة اشتراط كون المسح على الرأس باليد اليمنى كما هو المتعارف أو لا؟ أنّ مقتضى إطلاق الكتاب و السنّة و بعض الفتاوى عدم ذلك، و إن كان الظاهر من حسنة زرارة الوجوب «و تمسح ببلّة يمناك ناصيتك» إلّا أنّ هذه الرواية و لو كانت صحيحة السند لا تصلح لتقييد تلك المطلقات، خصوصاً مع احتمال إعراض الأصحاب عنها. ثمّ قال: «فاحتمال صرف إطلاق النصّ و الفتوى إلى المسح باليد اليمنى لكونه الفرد المتعارف بعيد جدّاً» «3».
إذاً لا يمكن في مثل هذه الموارد تقييد الإطلاق مع وجود الفرد المتعارف فيها.
4- اختلف الفقهاء في حكم خروج المنيّ و أنّ المراد هو الخروج من الموضع المتعارف أو الملاك مطلق الخروج و لا فرق بين الموضع المعتاد و غيره.
استظهر صاحب الجواهر من كلام المحقق الحلّي الاطلاق. و المشهور في الحدث الأصغر هو الخروج من الموضع المعتاد، و قد استبعد صاحب الجواهر‌
______________________________
(1) جواهر الكلام 2: 30.
(2) جواهر الكلام 2: 159.
(3) المصدر السابق 2: 185.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 141‌
تنزيل ما نحن فيه على الحدث الأصغر. قال العلّامة في المنتهى: «لو خرج المني من ثقبة في الاحليل غير المعتاد أو في خصيته أو في صلبه فالأقرب وجوب الغسل» «1».
و قال في التذكرة: «لو خرج المني من ثقبة في الذكر أو الانثيين أو الصلب وجب الغسل» «2» و ثمّة تردد في وجود إطلاق شامل لما فوق الصُّلب. قال المحقق الثاني: «لو خرج من غير الثلاثة المذكورة في المنتهى فاعتبار الاعتياد حقيق بأن يكون مقطوعاً به» «3» ثمّ قال صاحب الجواهر: «و لعل الوجه خلافه؛ و ذلك لاشتراك الدليل بالنسبة للمجموع و هو الإطلاق كقوله صلى الله عليه و آله و سلم: إنّما الماء من الماء» «4». ثمّ قوّى في النهاية القول الثاني القائل بالإطلاق مستضعفاً دليل القول الأول و هو انصراف المطلقات إلى المتعارف المعهود.
فهذا شاهد آخر على عدم إمكان رفع اليد عن العمومات و الإطلاقات حتى مع وجود الفرد المتعارف.
5- ذكر الفقهاء وجوهاً في مسألة وجوب الغسل لو كان الدخول في الدبر و لم يتحقق الإنزال، منها ما ذكره في الجواهر قال:
«إطلاق قولهم إذا أدخله و أولجه أو غيّب الحشفة فقد وجب الغسل الشامل للدبر»، ثمّ قال: «و ما يقال إنّ المطلق ينصرف إلى المتعارف يدفعه بعد تسليم كون ذلك من المتعارف الذي يكون سبباً لحمل اللّفظ عليه، أنّه كذلك ما لم يعارضه فهم الأصحاب؛ لانقلاب الظن حينئذٍ بخلافه» «5».
و المتحصّل من هذه العبارة: أولًا- أنّ كلّ فرد متعارف و معهود لا يمكن أن يكون سبباً- برأيه قدس سره- لحمل اللفظ عليه. و ثانياً- إنّ المتعارف لو كان صالحاً للتقييد فهو مشروط بعدم معارضته لفهم الأصحاب. و في مقامنا بالرغم من دعوى وجود الفرد المتعارف إلّا أنّه قدس سره يرى الإطلاق هو المحكّم في المقام.
______________________________
(1) منتهى المطلب 2: 181.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 222.
(3) جامع المقاصد 1: 277.
(4) المصدر السابق 3: 7.
(5) المصدر السابق: 31.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 142‌
6- في بحث العصير العنبي و أفراده نجد أنّ صاحب الجواهر و إن كان قد ذهب في بداية البحث إلى تنزيل العموم على المتعارف و قال: «إن لم نقل بتنزيل عموم الصحيح على المتعارف من أفراد العصير».
إلّا أنّه ذهب في الأخير إلى ترجيح العمل بالعموم، قال قدس سره: «و مع ذا فهو ليس بأولى من حمله على إرادة العموم بالنظر إلى أفراد العنب و أقسامه و إلى ما ظهر إسكاره أو اتخذ له و عدمه و إلى ما اتخذ من كافر أو مسلم مستحلّ لما دون الثلثين و عدمه» «1».
فيستنتج منه أن لا وجه لدعوى الانصراف مع وجود العموم اللغوي في البين.
7- قال قدس سره في بحث حرمة التغطية من محرمات الإحرام: «ثمّ لا فرق بين جميع أفرادها كالثوب و الطين و الدواء و الحنّاء و حمل المتاع أو نحوه كما صرّح به غير واحد، بل لا أجد فيه خلافاً بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا.
نعم، في المدارك و هو غير واضح؛ لأنّ المنهي عنه في الروايات المعتبرة تخمير الرأس و وضع القناع عليه و الستر بالثوب لا مطلق الستر مع أنّ النهي لو تعلّق به لوجب حمله على المتعارف منه و هو الستر بالمعتاد و تبعه في الذخيرة».
ثمّ ناقشه في الجواهر و قال: «مضافاً إلى قوله عليه السلام: «إحرام الرجل في رأسه» و غيره من الإطلاقات و استثناء عصام القربة و غير ذلك» «2».
و النتيجة هي أنّه قدّم العمل بالإطلاق و ردّ الانصراف إلى المتعارف.
8- لا شك أنّ من الأسباب المتعارفة و البيّنة للكسوف هو حيلولة القمر بين الأرض و الشمس أو حيلولة الأرض بين القمر و الشمس، و هذا السبب موجب لصلاة الآيات، و لكن الخلاف فيما لو سببت بعض الكواكب للبعض الآخر‌
______________________________
(1) المصدر السابق 6: 25.
(2) المصدر السابق 18: 384.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 143‌
كسوفاً، أو فيما لو حصل خسوف أو كسوف للشمس أو القمر بالنسبة إلى الكواكب الاخرى، بحيث يكون ذلك سبباً غير متعارف و غير معهود، فهل تجب صلاة الآيات حينئذٍ؟
ذكر صاحب الجواهر أولًا أنّ الملاك في تحقق وجوب صلاة الآيات هو تحقق الكسوف، و لا موضوعية لأيّ سبب من قبيل حيلولة الأرض، و استدل لذلك بإطلاق النصوص و الفتاوى، قال قدس سره: «فالمدار في الوجوب تحقق المصداق المزبور (الكسوف) من غير مدخلية لسببه من حيلولة الأرض أو بعض الكواكب و غيرها؛ لإطلاق النصوص و الفتاوى و عدم مدخلية شي‌ء من ذلك في المفهوم لغةً و عرفاً و شرعاً. نعم، قد يتوقّف في غير المنساق منه عرفاً كانكساف الشمس ببعض الكواكب الذي لم يظهر إلّا لبعض الناس لضعف الانطماس فيه، فالاصول حينئذٍ بحالها» ثمّ نقل رأي صاحب كشف اللثام الموافق لرأيه «فما في كشف اللثام من أنّه لا إشكال في وجوب الصلاة لهما و إن كان لحيلولة بعض الكواكب جيد إن كان الحاصل و المتعارف ممّا يتحقق به صدق الانكساف عرفاً» «1».
ثمّ ذكر أنّ الملاك في وجوب صلاة الآيات هو إحساس الانطماس، فكلّ من شاهد الكسوف وجبت عليه الصلاة سواء رآه الغير أو لم يره، و سواء كان الانطماس ثابتاً بقول أهل الهيئة أو غيرهم. نعم، لو أخبر المنجمون بالانطماس و لم يره المكلّف لم تجب عليه الصلاة؛ لعدم الوثوق حينئذٍ بقولهم.
ثمّ نقل فتوى الشيخ في النهاية و العلّامة في التذكرة حيث ذهبا في مثل هذه الحالات غير المتعارفة إلى عدم وجود النصّ و جريان أصالة البراءة أولًا، و إلى خفاء مثل هذا الأمر و عدم دلالة الحسّ عليه و لا طريق هنا سوى الاعتماد على من لا يورث إخبارهم الوثوق كالمنجمين. هذا من جهة، و من جهة اخرى نلاحظ صدق الآية المخوفة على ذلك، و قد استشكل على ذلك كاشف اللثام‌
______________________________
(1) المصدر السابق 11: 401.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 144‌
قائلًا: «النصوص كلّها تشمله، و الكلام في الوجوب لما يحس به لا ما يستند فيه إلى قول من لا يوثق به» «1».
و قال الشهيد في الذكرى: «منع كونه مخوفاً؛ فإنّ المراد بالخوف ما خافه العامّة غالباً و هم لا يشعرون بذلك» «2».
فالكسوف مورد النزاع لا يحس به الناس؛ و لذا لا يصدق عليه الآية المخوفة. قال الشهيد: «و الأقرب الوجوب فيه أيضاً؛ لكونه من الأخاويف لمن يحسّ به، و المخوف ما يخافه معظم من يحسّ به لا معظم الناس مطلقاً» «3».
و قال صاحب المدارك- بعد نقل كلام العلّامة و الشهيد في الذكرى-: «و الأجود إناطة الوجوب بما يحصل منه الخوف كما تضمنته الرواية» «4».
إنّ صاحب الجواهر برغم قبوله الإطلاق أولًا بعد نقل جميع هذه الكلمات إلّا أنّه استشكل على كاشف اللثام و قال: «لما عرفت من انصراف إطلاق أدلّة الكسوف إلى ما هو المتعارف منه كائناً ما كان سببه، أمّا غيره فلا يدخل تحت الإطلاق المزبور، بل ربما يشك في صدق الاسم على بعض أفراده فضلًا عن انصراف الاطلاق إليه» «5».
و المتحصّل هو أنّ صاحب الجواهر لا يرى انحصار سبب وجوب صلاة الآيات بسبب خاص و هو الحيلولة، بل إنّه يوسّع من دائرة ذلك إلى أسباب اخرى في الكسوف توجب صلاة الآيات إذا كانت أسباباً متعارفة، بل إنّ كاشف اللثام قد توسّع إلى الأسباب غير المتعارفة استناداً إلى الإطلاقات، فتجب صلاة الآيات مشترطاً استناد الرؤية إلى المكلّف نفسه.
و من الملفت هنا هو أنّ الملاك في الكسوف في الروايات و النصوص هو الرؤية أيضاً، كما هو الأمر في تحديد بداية الشهر القمري على ما بيّناه في تحرير محل النزاع:
روي عن الصادقين عليهما السلام: «إنّ اللّٰه إذا أراد تخويف عباده و تجديد الزجر‌
______________________________
(1) كشف اللثام 4: 365.
(2) الذكرى: 247.
(3) كشف اللثام 4: 365.
(4) مدارك الأحكام 4: 128.
(5) جواهر الكلام 11: 402.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 145‌
لخلقه كسف الشمس و خسف القمر، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى اللّٰه بالصلاة» «1».
و كذا في خبر عمار عن الصادق عن أبيه عليهما السلام: «إنّ الزلازل و الكسوفين و الرياح الهائلة من علامات الساعة، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فتذكروا قيام الساعة و افزعوا إلى مساجدكم» «2».
فالمستخلص من المورد الثامن هو أنّه لو كان الانصراف إلى الفرد المتعارف أمراً متسالماً عليه بين الفقهاء لما كان هذا الاختلاف بينهم في ذلك، و لكان الملاك في الكسوف و وجوب صلاة الآيات هو الحيلولة لا غير، و الحال إنّ صاحب الجواهر و غيره من الأكابر لم يوافقوا على انصراف الاطلاق إلى الفرد المتعارف في المورد المذكور. طبعاً، نعم ثمّة تردّد من جهة اخرى في صدق عنوان الكسوف.
9- ما تمسّك به بعض الأعاظم- كالمحقق الخوئي- من إطلاق قوله تعالى: «وَ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «3» لإثبات وجوب النفقة على الصغيرة مع وضوح انصرافه إلى الكبيرة، بمعنى أنّه لا اعتبار عندهم لهذا الانصراف.
10- التمسّك بقوله تعالى: «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً» «4» لإثبات العدّة على الزوجة الصغيرة إذا مات عنها زوجها، مع أنّ الإطلاق في الأزواج منصرف إلى الكبيرة.
11- تمسّك الفقهاء بشكل جلي بإطلاق قوله: «وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «5» في موارد البيع كافّة حتى في المصاديق التي لم تكن في السابق كإنشاء البيع بالتلفون و الإنترنيت، فلم يدّع فقيه إلى الآن أنّ البيع ينصرف إلى خصوص البيع المتعارف الموجود بين غالب الناس، بل قد تمسّك البعض بإطلاقها لإثبات صدق البيع فيما يشك في صدقه «6».
______________________________
(1) وسائل الشيعة 7: 484، ب 1 من صلاة الكسوف و الآيات، ح 5.
(2) وسائل الشيعة 7: 487، ب 2 من صلاة الكسوف و الآيات، ح 4.
(3) البقرة: 233.
(4) البقرة: 234.
(5) البقرة: 275.
(6) منهاج الصالحين: 287.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 146‌
12- من الواضح إنّه لم يتمسّك أحد بحمل قوله: «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ» «1» على الفرد المتعارف للضرب الذي هو بمعنى المشي المعروف أو المشي مع الحيوانات كالخيل- و إن كان هناك شبهات قد طرحت أخيراً في هذا المجال- إلّا أنّ أكابر الفقهاء قد تمسّكوا بإطلاقها لكل أفراد الضرب و إن لم تكن من أفراده المتعارفة.
13- فسّر المشهور- و منهم الشيخ الأنصاري- الباطل في قوله تعالى: «وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» «2» بالباطل العرفي، و قد طبّق ذلك على مصاديق للباطل سيما في عصرنا هذا استناداً إلى الآية الكريمة كالمعاملات المعبّر عنها بالمعاملات الهرمية، فهي و إن كانت قد لا تُعدّ باطلًا بحسب الظاهر لدى العرف، و لكن حقيقتها باطلة، و لو كان العرف يقف على حقيقتها واقعاً لحكم بكونها باطلًا.
14- النظر للأجنبية حرام مطلقاً من غير تقييد بالعين مباشرة، و لم يذهب فقيه واحد إلى تقييده بذلك، فلو تمّ النظر إلى الأجنبية على بعد عدّة كيلومترات بواسطة الكاميرات القوية لكان مصداقاً للنظر المحرّم.
15- لقد ورد في بعض الروايات في نفس مقامنا (مسألة الهلال) أنّه لو رُئي الهلال قبل الزوال نهاراً فذاك هو أول شوال و إن كان بعده فهو من رمضان «3» مع أنّ القائلين بالانصراف ينبغي أن يصرفوا الرؤية للرؤية ليلًا، و الحال أنّ الرؤية نهاراً قد اعتبرت جزءاً من الرؤية أيضاً.
16- تمسّك الفقهاء باطلاق «عورة المؤمن على المؤمن حرام» «4» في تحريم النظر إلى عورة الصغير و الكبير، فانظر مثلًا النراقي في مستنده «5» حين حرّم النظر إلى عورة الصغير لذلك، و لم يصرف الحديث إلى خصوص البالغ.
فالمتحصّل من جميع هذه الموارد عدم صحة ما ذكره البعض من: إنّا لا‌
______________________________
(1) النساء: 101.
(2) البقرة: 188.
(3) وسائل الشيعة 10: 279، ب 8 من إنّه لا عبرة برؤية الهلال قبل الزوال و لا بعده، ح 5.
(4) وسائل الشيعة 2: 37، ب 8 من تحريم تتبع زلات المؤمن، ح 1، 2.
(5) انظر: مستند الشيعة 3: 89.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 147‌
يمكننا الأخذ بالأفراد المتعارفة في سائر المطلقات في الفقه و لكن عند ما نصل إلى رؤية الهلال نرجع إلى الأفراد غير المتعارفة «1».
و لعلّ المتتبع يظفر بالمزيد من الموارد الاخرى التي لم يرتّب فيها الفقهاء الحكم على الفرد المتعارف.
و قد ورد في كتاب «إثارات هامة حول رؤية الهلال» بعض الموارد التي حمل فيها الفقهاء المطلقات على الفرد المتعارف، إلّا أنّ العجيب أنّ في تلك الموارد ما لا علاقة له بالمطلوب إطلاقاً. فمثلًا جاء في المورد الرابع: «أنّ الكثير من الفقهاء يجعلون الملاك في المناطق القطبية أو القريبة من القطب و التي يكون فيها الليل أو النهار قصيراً جداً و خارجاً عن المتعارف هو المناطق المتعارفة».
و لكن أيّة علاقة لهذا المورد بالمدّعى؟ فهل أنّ كلمة «المتعارف» كلّما وردت في الفقه فهي ترتبط بمحل الكلام؟ و هل ثمّة إطلاق في هذا المورد حتى يحمل على الفرد المتعارف؟ إنّ المراد بالمتعارف هنا هو ما كان جهة اشتراك المكلّفين في أصل التكليف في أيّة منطقة و مكان كانوا، فلا بدّ أن يأتوا بأعمالهم العبادية كسائر المكلّفين، فالمناسب أداء أعمالهم في الأوقات الخمسة كالمناطق المتعارفة الأخرى، و إلّا لم يلتزم فقيه بأنّ قوله: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» «2» يجب حمله على الطلوع أو الغروب المتعارف للشمس!
و هكذا الكلام ذكره في المورد السادس حيث ذكر أنّ المتعارف في موارد الجلد بالسوط المتعارف منه؛ إذ من الواضح عدم استفادة ذلك من الإطلاق، بل من القرائن المتوفّرة الدالّة على الفرد المتعارف.
نتائج البحث:
أولًا: إنّ الأصل الأولي هو أصالة الاطلاق فيجب التمسك بها.
______________________________
(1) إثارات هامة في رؤية الهلال.
(2) الاسراء: 78.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 148‌
ثانياً: إنّ الانصراف إلى فرد معيّن بحاجة إلى قرينة خاصة، و قد لوحظ أنّ الفقهاء يتمسكون في موارد عديدة من الفقه بالاطلاق فيما لو فُقدت هذه القرينة، و لا قرينة فيما نحن فيه على الانصراف، و مناسبات الحكم و الموضوع لا تصلح للقرينية هنا.
ثالثاً: عدم كفاية القرينة الدالّة على الانصراف لو كانت لوحدها، بل لا بدّ من توفّر القرائن و الشواهد الاخرى التي يمكن أن يستند إليها الفقيه.
رابعاً: إنّه لو كان الشارع الأقدس يعتبر الرؤية بالعين غير المسلّحة لوحدها شرطاً في ثبوت الهلال لأكّد ذلك ببيان أوضح و أجلى ممّا هو عليه. و بعبارة أخرى: إنّه لا يمكن الالتزام بأنّ الشارع قد اكتفى بالانصراف في مثل هذا الأمر المهم الذي هو مورد ابتلاء المسلمين في كل سنة بل و في كل شهر من الشهور القمرية.
خامساً: إنّه لو قلنا بالانصراف لوجب الالتزام بأنّ الرؤية المعتبرة هي خصوص ما كان على سطح الأرض المستوي دون ما كان منه على رأس جبل أو بناية شاهقة، مع أنّه ممّا لا يمكن الالتزام به. نعم، قد ورد النهي في بعض الروايات من الصعود على الجبل لرؤية غروب الشمس، إلّا أنّه خارج عمّا نحن فيه؛ لاختلاف الموضوع بين المقامين.
و عليه، فإنّه يمكن المصير إلى جواز رؤية الهلال بالعين المسلّحة كالعين غير المسلّحة تماماً، و الأدلّة و الضوابط الشرعية تساعد على إثبات ذلك.
الدعوى الثانية: الطريقية و الموضوعية‌
طرح البعض في بعض بحوثه حول هذه المسألة مسألة الطريقية و الموضوعية و أنّ الرؤية في باب الهلال ذات عنوان طريقي و في باب النظر للأجنبية ذات عنوان موضوعي و لذا حاولوا حل الإشكال عن هذا الطريق، أي بما أنّ الرؤية في باب النظر إلى الأجنبية مأخوذة على نحو الموضوعية، فلذا‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 149‌
لا فرق حينئذٍ بين أقسامها و أسبابها.
و هذا الكلام في غاية الإشكال، حيث يرد عليه:
أولًا: لا شكّ أنّ الرؤية في أول الشهر القمري قد أخذت على نحو الطريقية و أنّ البيّنة أو العلم الشخصي يمكن أن تقوم مقامها، إلّا أنّ نزاعنا ليس في أنّ الرؤية مأخوذة بنحو الطريقية أو الموضوعية؛ لأنّه يمكن بناء النزاع على كلا القولين (الطريقية و الموضوعية)، بل النزاع في أنّ هل مطلق الرؤية طريق أو الطريق خصوص الرؤية الاعتيادية؟ و هل أنّ مطلق الرؤية مأخوذة على نحو الموضوعية أو خصوص الرؤية الاعتيادية، و بعبارة ثانية: إنّه لا يمكن إثبات انحصار الرؤية بالاعتيادية من خلال نفي الموضوعية. فما ورد في بعض المقالات «1» من أنّه بناءً على التفريق بين موارد الطريقية و الموضوعية يمكن القول بأنّ الملاك ليس هو إلّا الرؤية الاعتيادية في غاية الغرابة؛ إذ كيف يمكن للتمييز بين الموضوعية و الطريقية أن ينتج القول بأنّ مجرّد نفي الموضوعية يثبت أصالة الطريقية و أنّ مجرّد نفي الطريقية يثبت أصالة الموضوعية، و أمّا الاطلاق و عدم الاطلاق فلا ربط لأحدهما بالآخر؟!
و ذهب بعض آخر- في بعض المقالات «2»- إلى أنّه كلّما ورد السمع أو النظر في الروايات في تحديد شي‌ء معيّن فإنّهما مأخوذان على نحو الطريقية و لا يمكن أن يقوم مقامهما شي‌ء آخر حتى لو كان النظر و السمع حادّين و خارقين للعادة لا خصوص الرؤية و السماع بالوسائل و الأجهزة الحديثة.
و يرد عليه:
أولًا- إنّ الطريقية لا تعني عدم قيام شي‌ء مقامها، بل يراد بها العكس، أي إمكانية قيام شي‌ء مقامها.
ثانياً- إنّ التأمل فيما تقدّم من البحث يكشف وقوع خلط بين أن يؤخذ عنوان ما طريقاً و بين أن يؤخذ ملاكاً و موضوعاً للحكم.
و من الممكن القول‌
______________________________
(1) بررسى حكم شرعى رؤيت هلال با چشم مسلّح، محمد سميعى.
(2) رؤيت هلال با چشم مسلح- رضا مختارى.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 150‌
في مثل هذه الموارد أنّ رؤية الموضوع و سماعه إنّما هو للتحديد و قرينيّة مناسبات الحكم و الموضوع تقتضي عدم إمكانية أن يقوم مقامهما أيُّ بديل آخر، بل الذي يقوم هو خصوص ما كان متناسباً مع التحديد دون ما كان منافياً له.
ثالثاً- ذكر كاتب المقال أنّ رؤية الهلال تشبه مسألة حدّ الترخّص، فكما أنّ الشارع في حدّ الترخص هو في مقام التحديد فكذلك هنا.
إلّا أنّ هذه مجرّد دعوى لا دليل عليها؛ و ذلك أنّا لا نجيز استعمال الوسائل بدل الرؤية في حدّ الترخّص، لتوفّر قرينية مناسبات الحكم و الموضوع؛ و ذلك باعتبار أنّ الملاك هو الابتعاد عن البلد بحيث لا يسمع أذانه، في حين أنّ مقامنا هو في قيام الوسائل مقام الرؤية الاعتيادية، و ذلك لا ينافي بداية الشهر القمري و تحديده.
و أخيراً، فالمهم عند من يناقش في كفاية الرؤية بالوسائل هو دفع جميع الأقوال المقابلة حتى القول بأنّ بداية الشهر هي بخروج الهلال من المحاق، فهل يمكن أن ندّعي في قبال من يرى أنّ بداية الشهر بالخروج من المحاق أنّ هذا الرأي يتنافى مع كون المسألة في مقام التحديد؟ و إذا أجابكم صاحب هذا القول بأنّ الرؤية المأخوذة في النصوص هي على نحو الطريقية لإثبات خروج الهلال من المحاق لا لإثبات إمكانية الرؤية الاعتيادية، فما هو الجواب على ذلك؟! إنّ دعوى كون الرؤية هي خصوص الرؤية الاعتيادية ليس إلّا مصادرة واضحة على المطلوب، حيث أخذ القائل بذلك في ذهنه مسبقاً هذا المعنى ثمّ حمل الرؤية الواردة في الأخبار عليها بما يشبه أن تكون قضية ضرورية بشرط المحمول.
و بعبارة أوضح إنّ لمسألة حدّ الترخّص خصوصيات، و هي عبارة عن:
1- إنّ العرف يرى أنّ ثمّة حدّ معيّن يسمّى بحدّ الترخّص و ما ذكره‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 151‌
الشارع يمكن أن يكون طريقاً لإحراز ذلك الحدّ العرفي ليس إلّا.
2- إنّ كل شي‌ء يراد له أن يكون طريقاً إلى حدّ الترخّص لا بدّ أن يكون موائماً و منسجماً مع عنوان التحديد، و أمّا في مقامنا فالتحديد تكويني و واقعي، فالشهر له بداية و نهاية محدّدة تستغرق فترة من 29 إلى 30 يوماً، و هذا أمر تكويني و ليس عنواناً عرفياً، فالحدّ إذن في مسألة حدّ الترخّص له عنوان عرفي بينما في مقامنا له عنوان واقعي. و عليه فبعد أن اعتبر الشارع الرؤية طريقاً يُطرح التساؤل في أنّه طريق لأيّ شي‌ء؟ إذا قلنا إنّه طريق للهلال في حال خروجه من المحاق حيث لا تتيسر رؤيته بالعين الاعتيادية فهذا إضافة إلى بعده فهو عين المدّعى. و عليه، فما يقتضيه البحث العلمي ليس التركيز على كون الرؤية بنحو الطريقية أو لا، بل لا بدّ من البحث عن نفس الشي‌ء الذي تقع الرؤية موضوعاً له، فهل هو صرف الخروج من المحاق ليُجاب بأنّ الخروج من المحاق أمر عقلي دقيق خارج عن الفهم العرفي؟ احتمال في المسألة.
الاحتمال الآخر: هو أن يخرج من المحاق بمقدار معيّن و أن يخرج من تحت شعاع الشمس و لا تمكن رؤيته إلّا بالعين المسلّحة.
الاحتمال الثالث: هو أن يخرج و تمكن رؤيته بالعين الاعتيادية.
و يقع البحث في الصحيح من هذين الاحتمالين الثاني أو الثالث و في الدليل على ذلك؟ و صرف الادّعاء بأنّ الرؤية مأخوذة بنحو الطريقية لا يعيّن الصحيح منهما. و بعبارة بديلة: الطريقية تنسجم مع كلا الاحتمالين. نعم، يمكن إثبات أحدهما أو نفيه بواسطة الإطلاق و عدمه.
و الحاصل من مجموع ما تقدّم: عدم صحة شي‌ء من هاتين الدعويين في عدم حجّية الرؤية بالعين المسلّحة، فنستنتج أنّ الملاك لمّا كان هو ثبوت الهلال، و الرؤية ليست إلّا طريقاً مؤدّياً إليه لتحصيل اليقين بثبوته، و أيضاً‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 152‌
ليس الملاك في بداية الشهر و وجوب الصيام إلّا اليقين بثبوت الهلال- و قد سبقت الإشارة إلى أنّ الهلال أمر واقعي تكويني يتعلق بالليلة الاولى من الشهر- فإنّ الرؤية بالوسائل و الأجهزة الحديثة هي معتبرة شرعاً و مجزية في ثبوت الهلال.
إيرادات و توهمات:
الإيراد الأول: إنّه لو كانت الرؤية بالوسائل الحديثة حجّة معتبرة شرعاً للزم ثبوت النجاسة و الطهارة بالميكروسكوب،
بمعنى وجوب غسل الثوب من الذرّات التي يمكن مشاهدتها بالميكروسكوب، مع أنّه يشكل الالتزام بذلك فقهياً، بل هو غير صحيح.
و الجواب على ذلك واضح جدّاً و هو أنّ المعيار في باب النجاسات و لزوم تطهيرها- كما في الأخبار- هو اليقين بالنجاسة، أي يجب التطهير في صورة التيقن بالنجاسة «إن كان استبان من أثره شي‌ء فاغسله و إلّا لا بأس» «1».
طبعاً هذه الروايات واردة في مقام الشك، فالشارع لا يوجب التفحّص عن الواقع في حالات الشك، بل يجب الاجتناب و التطهير عند تيقّن النجاسة. و بعبارة ثانية: إنّه لو كان التفحّص عن النجاسة هو الأصل لقلنا بأنّ من طرق ثبوتها هو النظر بالميكروسكوب أو المكبّرة، و لكن الشارع لمّا وسّع على المكلّفين في ذلك نستنتج عدم وجوب الفحص، بل لو حصل القطع بالنجاسة بشكل عادي لوجب التطهير.
و قد يطرح التساؤل التالي: إنّه و إن لم يجب الفحص و لو بالآلات و الوسائل و لكن لو اتفق ذلك صدفة و تمّ رؤية ذرّات النجاسة بالمكبّرة أو الميكروسكوب على الثوب فما حكم ذلك؟
يمكن القول بأنّ هذا من مصاديق الاستبانة استناداً إلى الاطلاقات، و بما أنّه حصل اليقين بالنجاسة فيشترك هذا المورد مع سائر الموارد في الحكم.
______________________________
(1) الوسائل 3: 467، ب 37 من النجاسات، ح 3.




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 153‌
و لكن من المحتمل أيضاً أن يستفاد من مجموع الأدلّة الواردة في باب الطهارة و النجاسة أنّ الشارع لم يجعل هذا المقدار موضوعاً للحكم و أنّه قد تلقّى ذلك بمنزلة العدم، و لكن هذا لا يعني إسناد ذلك إلى الانصراف.
الإيراد الثاني: قيل في حدّ الترخّص: إنّه المكان الذي يتوارى فيه الجدران و يخفى فيه الأذان.
فلو قلنا إنّ المعيار هو مطلق الرؤية و مطلق السماع لكان اللازم اعتبار المكان الذي يبعد عشرين كيلومتراً حدّاً للترخّص فيما لو كان يُرى منه الجُدران بواسطة التلسكوب مثلًا، و الحال أنّ الفقهاء اعتبروا المعيار هو الحالة العادية.
الجواب: من الواضح إنّ حدّ الترخّص لا يختلف باختلاف الأفراد، بل هو أمر عرفي، و تحديد الشرع له ليس تحديداً تعبّدياً محضاً، بل هو كاشف عن ضابطة عرفية، فالعرف يعتبر الرؤية و السماع الطبيعيين هما المقياس، و لا يقيم اعتباراً للأجهزة و الوسائل؛ و ذلك لأنّه لو أخذ مثل هذه الوسائل بنظر الاعتبار لاختلف حدّ الترخّص باختلاف هذه الوسائل، و لخرج عن حقيقة الحدّ. و بعبارة ثانية: إنّ الملاك لحدّ الترخّص هو الابتعاد عن البلد بحيث تخفى الجدران و لا يسمع الأذان، و هذا الابتعاد نفسه هو أفضل قرينة على وجود حدّ معيّن له في الواقع.
الإيراد الثالث: قيل إنّه لو شهد اثنان حادّي البصر لا تكفي شهادتهم،
فتلحق الرؤية بالوسائل بذلك في عدم الاعتبار.
و الجواب:
أولًا: إن حدّة البصر في نفسها يحتمل معها قوياً وقوع الخطأ فيه، في حال أنّ مثل هذا الخطأ في التلسكوب إمّا معدوم أو ضعيف.
ثانياً: إمكانية الرؤية بالتلسكوب أو المكبّرات لكلّ أحد، و هذا بعكس هؤلاء ذوي البصر الحادّ فإنّ ذلك خاص بهم، و لذا لا يمكن قياس النظر بالتلسكوب‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 154‌
على حادّ النظر.
ثالثاً: إنّ هذا الاستدلال لا يعدو أن يكون قياساً فلا يمكن أن يقال- مثلًا- في باب النجاسات: إنّه لو رأى النجاسة شخص حادّ البصر بما لا يراها غيره لم يجب عليه الاجتناب، بل يجب عليه الاجتناب عند التيقّن بالنجاسة و إن لم يجب على الآخرين الاجتناب.
رابعاً: المستفاد من هذه الفتوى عدم حجية مثل هذه الشهادة للغير لكن هي حجّة في حقهم و يجب عليهم ترتيب آثارها.
الإيراد الرابع: إنّ لازم اعتبار الشارع للرؤية بالعين المسلّحة معناه تخطئة المسلمين لأكثر من ألف سنة،
حيث إنّ هذه الوسائل لم تكن في السابق، فمعناه أنّ الشهر كان يتأخّر عندهم إمّا دائماً أو غالباً.
الجواب:
أولًا: إنّ القبول بهذا الإشكال ينحصر بصورة منع الشارع الناس من هذه الوسائل، و الحال أنه لم يمنع منها.
ثانياً: إنّ تمامية هذا الإشكال تتوقّف على أن تكون الرؤية بالعين المسلّحة هي المتعيّنة و المعيار الحقيقي، مع أنّه قد تقدّم أنّ القائلين بها يذهبون إليها على نحو مانعة الخلو.
ثالثاً: إنّه إذا تمّت رؤيته في منطقة ما بالعين غير المسلّحة فهذا لا يعني أبداً عدم إمكانية رؤيته في الليلة السابقة، و عليه فلا يمكن مناقشة هذا الرأي من خلال الإيراد المذكور.
و بعبارة ثانية: إنّ اعتبار الرؤية بالعين المسلّحة كافية أو غير كافية لا يؤثر في الواقع شيئاً كما هو الحال في الرؤية بالعين غير المسلّحة.
الإيراد الخامس: إنّ القول بحجية الرؤية بالعين المسلّحة يستتبع إشكاليات‌




مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)، ج‌40، ص: 155‌
عديدة و هو قابل للنقض ببرهان الخلف. بيان ذلك: إنّ حجية هذا القول تستلزم القول بأنّ الأحكام الشرعية و المصالح و المفاسد هي تابعة لتطور الحياة و الأجهزة الحديثة، فإذا تمّ اختراع التلسكوب مثلًا و أمكن من خلاله رؤية الهلال الذي لم يكن يُر بدونه فهذا معناه أن تتقدّم ليلة القدر و أن تعجّل الملائكة بنزولها في تلك الليلة التي رُئي فيها الهلال «1».
الجواب:
أولًا: إنّ هذه الإشكاليات يمكن أن تكون مشتركة، بمعنى أنّه حتى لو كان المعيار هو الرؤية بالعين الاعتيادية فإنّ مثل هذه الإشكالات موجودة أيضاً في البلاد التي لم يُر فيها الهلال و ليست قريبة الافق.
و بعبارة أخرى: إنّ هذه الاشكالات ليست ناشئة من استعمال الوسائل الحديثة.
ثانياً: إنّنا ندّعي أساساً أنّ اعتماد الرؤية بالعين غير المسلّحة تحول دون وقوع مثل هذه الإشكالات، فهذا الطريق أسلم من الرؤية بالعين الطبيعية.
ثالثاً: و هو العمدة في الجواب، و حاصله: إنّه قد ثبت في علم الاصول أنّ الأحكام الواقعية و الظاهرية هي التابعة للمصالح و المفاسد، و أمّا الأحكام الفعلية التي تحمل العنوان الظاهري فلها ملاكاتها الخاصّة بها المذكورة في علم الأصول.
رابعاً: الوارد في الروايات و الفتاوى أنّه لو رأى شخص الهلال لوحده دون سواه و اطمأنّ إلى رؤيته من غير شك فيها وجب عليه الصوم وحده، و أمّا إذا كان شاكّاً صام مع سائر الناس. و على كل حال، فإن وظيفته تختلف عن غيره، فهل تلتزمون في مثل هذه الصورة بالإشكالات المذكورة؟ أم أنّ العلاج هو طرق الجمع المذكورة في محلّها بين الحكم الواقعي و الظاهري؟
فالنتيجة هي عدم ترتب شي‌ء من هذه التوالي الفاسدة على الرأي المختار القاضي بجواز استعمال الأجهزة الحديثة لرؤية الهلال.
______________________________
(1) بررسى حكم شرعى رؤيت هلال با چشم مسلّح، محمد سميعى.
















مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 114‌
پاسخى به نقد مقاله اعتبار ابزار جديد در رؤيت هلال‌
محمد جواد فاضل لنكرانى‌
با سلام و تحيت و تشكر از تلاش‌هاى علمى و فقهى بسيار خوبى كه در مجله وزين فقه اهل بيت (ع) انجام مى‌گيرد.
به دنبال چاپ مقاله اينجانب تحت عنوان «اعتبار ابزار جديد در رؤيت هلال» در شماره 43 فصلنامه، نقدى از طرف دوست ارجمند و محقق گرانقدر جناب آقاى مختارى (دام عزّه) در آن مجله درج‌گرديد. ضمن تشكر از ايشان كه زحمت كشيدند و مقاله اينجانب را مورد نقد قرار دادند، با كثرت مشاغلى كه داشتم نكاتى به ذهنم رسيد كه پاره‌اى از آن را به استحضار مى‌رسانم.
قطعاً چنين نقدى كه حاكى از دقت و توجه عميق به اين نظريه است مى‌تواند ابعاد فقهى و علمى اين بحث جديد را هر چه بيشتر روشن سازد (چنانچه نظر شريف بر آن باشد دستور دهيد تا در شماره بعدى منتشر گردد). روشن است كه قضاوت نهايى در اين مورد بر عهده اهل نظر و واجدين مرتبه رفيع استنباط است. ابتدا چند نكته را- قبل از پرداختن به مناقشاتى كه براين نقد وارد است- عنوان مى‌نمايم:



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 115‌
[چند نكته]
نكتۀ اول:
اينجانب در رساله مزبور ضمن استعراض ادله كفايت و نقد وجوهى كه بر عدم كفايت مطرح مى‌شود، بيشتر به اين نكته پرداخته‌ام بيشتر فقيهانى كه به عدم اعتبار قايل‌اند به انصراف ادلّه اعتماد مى‌كنند، در حالى كه اين انصراف، مناقشات فراوانى دارد كه آنها را در آنجا ذكر نموده‌ام. انتظار مى‌رفت كه اين مطلب يعنى انصراف و عدم انصراف كه تكيه گاه طرفين در اين بحث است مورد توجه قرار بگيرد؛ خصوصاً نكاتى در اين رابطه مطرح شده بود كه پيشتر در نوشته يا مقاله‌اى ملاحظه نكرده بودم و بالاخصّ نكات جديدى مطرح شده كه در بحث‌هاى ديگر فقهى قطعاً مفيد خواهد بود.
نكته دوم:
در اين نقد گويا عنوان «رؤيت پذيرى» جزء مقوّم هلال قرار داده شده است- حتى رؤيت طريقى براى چنين هلالى كه رؤيت‌پذير است- در حالى كه اين مطلب علاوه بر آن كه دور به شمار مى‌آيد مصادره به مطلوب نيز هست و همه نزاع در اين است كه رؤيت پذيرى و هلال قابل رؤيت- آن هم با چشم عادى- را از كجا و به چه دليلى آورده‌ايد‌
؟ نكته سوم:
در نوشتار ما علاوه بر ادلّه سه گانه، برخى از شواهد مهم بر كفايت رؤيت با ابزار مطرح شده است؛ مثلًا اينكه اگر كسى با دوربين ببيند كه شخص «الف» شخص «ب» را به قتل رساند يا او را مجروح كرد، چنين شخصى مى‌تواند در دادگاه شرعى شهادت دهد و قاضى شرع هم بايد به اين شهادت اعتماد نمايد و مسئله شهادت كه در آن، شهادت حسّى معتبر است اگر نگوييم از مسئله هلال مهم‌تر است قطعاً از نظر ادلّه و مدارك، همسان و مشترك اند و ظاهراً هيچ فقيهى منكر اعتبار اين شهادت نيست.
نكته چهارم:
در پايان نوشته ما ناقد معظّم نسبت به مسئله طريقيت و موضوعيت اشكالاتى مطرح كرده‌اند كه در اين نقد به آنها پاسخ داده نشده است‌
. نكته پنجم:
ايشان در اين نقد بيشتر درصدد مردود شمردن كفايت خروج از تحت الشعاع بوده‌اند، در حالى كه ما در آن مقاله درصدد اثبات اين مطلب نبوده‌ايم. بنابراين اشكالاتى كه بر اين نظريه وارد است و توالى فاسدى كه براى ملاك قراردادن خروج از تحت الشعاع وجود دارد، با آنچه ما در آن مقاله نوشته‌ايم ارتباطى ندارد، ولى به جهت تكميل در ردّ اين نقد به برخى از اشكالات آن اشاره مى‌كنيم:



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 116‌
[پاسخها]
1. ص 207: «ترديدى نيست كه موضوع حكم وجوب روزه، ماه رمضان است ...».
اين مطلب از نظر صناعى و فن علم اصول صحيح نيست. ماه رمضان مانند وقت نماز ظرف تحقّق واجب است؛ وجوب حكم است و صيام متعلق آن و مكلف داراى شرايط موضوع است. اگرمبناى مرحوم نايينى (ره) را بپذيريم كه قيود حكم به موضوع برگردد، مى‌توان گفت كه ماه رمضان موضوع است البته نه تمام موضوع؛ و اگر مبناى نايينى (ره) پذيرفته نشود اين قيد اصلًا به موضوع ارتباطى ندارد، بلكه يا ظرف حكم است و يا ظرف واجب، آن هم بنابر واجب معلّق 2.
. ص 208: «يكى از ادلّه طريقيت رؤيت در روايات هلال ...».
در طريقيت رؤيت از اين جهت فرقى نيست كه ذوالطريق را واقع رمضان قرار دهيم يا ماه رمضان معلوم را 3.
. ص 209: «مسلّماً مراد از شهر در قرآن كريم و روايات شريفه سه معناى اوّل نيست ...».
نكته مهم در اين بخش آن است كه اطلاق ماه قمرى بر اين موارد چهارگانه از كجا ثابت شده است؟ بين مورد سوم و چهارم تفاوت فاحشى وجود ندارد و اساساً اطلاق چهارم بر اين فرض مبتنى است كه اصل رؤيت پذيرى را بپذيريم. به عبارت ديگر بعد از آنكه ديگران در مسئله ماه رؤيت پذيرى را مفروض مى‌گيرند اطلاق چهارم متولد مى‌شود در حالى كه پذيرش اين مفروض، اوّل دعوى است و چه بسا شخصى بگويد كه ماه قمرى بر مبناى همان اطلاق سوم است و در شرع هم همان اراده مى‌شود. آرى اين معنى را مى‌پذيريم كه عرف، مجرّد اقتران و اجتماع حقيقى بين نيّرين را ميزان قرار نمى‌دهد تا تفكيك بين قبل از نصف النهار و بعد از نصف النهار لازم آيد، بلكه بعد از مقارنه، اوّلين شب هلال را ملاك قرار مى‌دهد حتى اگر با چشم عادى هم قابل رؤيت نباشد 4.
. ص 210: «رؤيت پذيرى هلال هنگام غروب آفتاب است ...».
ما ادعا مى‌كنيم كه واقع هلال هنگام غروب آفتاب است و كسى هم اين ادّعا را رد نكرده است.



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 117‌
5. ص 211: «مانعى ندارد كه تعريف امور تكوينى را از بيان شارع استفاده نماييم ...».
اگر مقصود آن است كه شارع به عنوان عالم به واقعيات بيان فرمايد، در اين صورت اشكالى وجود ندارد؛ اما شارع- بما أنّه شارع- هيچ گاه در صدد بيان واقعيات و تعريف تكوينيات نيست. در ضمن مواردى مانند كُر، رطل و درهم از امور اعتبارى است و هيچ گاه از امور واقعى و تكوينى به شمار نمى‌رود. اين كه چه مقدار را كُر بدانيم يا چه مقدار را يك كيلو بدانيم يك امر تكوينى نيست، بلكه كاملًا اعتبارى است و گويا در اين عبارات و ما بعد آن بين عرف و تكوين خلط شده است 6.
. ص 213: «بنابراين به كار بردن كلمه هلال در اين موارد صحيح نيست ...».
اين مطلب با توجه به همان مسئله رؤيت پذيرى است. اينكه شما اين مطلب را از كتاب يا مجله تحقيقات اسلامى نقل نموده‌ايد نمى‌تواند ادعاى ايشان را ثابت كند؛ چون در تمام اين كتاب ها مسئله هلال و استعمال اين لفظ با توجه به رؤيت پذيرى مطرح شده است و ادعاى ما آن است كه دليلى بر رؤيت پذيرى نداريم. يعنى ايشان در مقابل كسانى كه خروج از محاق را معتبر دانسته و رؤيت پذيرى را دخيل نمى‌دانند- بلكه مجرد خروج را در تحقق هلال كافى مى‌دانند- دليلى اقامه نكرده‌اند و به عبارت ديگر ايشان در اين عبارات به مطالبى استناد مى‌كنند كه عين مدّعىٰ است 7.
. ص 213: «رؤيت هلال به صرف خروج ماه از تحت الشعاع امكان‌پذير نيست و به عوامل و مشخصه‌هاى گوناگونى بستگى دارد ...».
اين عوامل و مشخصه‌ها در فرضى است كه رؤيت پذيرى را محور قرار دهيم؛ اما اگر كسى مجرد خروج از تحت الشعاع را در تحقق هلال كافى بداند و رؤيت را طريق براى آن قرار دهد ديگر براى رؤيت‌پذير، به اين مشخصه‌ها و عوامل نياز ندارد و اين امور براى او اعتبارى نخواهد داشت؛ آرى فقط بايد زمان دقيق خروج از محاق را بداند 8.
. ص 214: «براى صدور حكم مطمئن و قطعى ...».
ايشان كه در ابتداى مقاله، مخاطب شارع مقدس را عرف قرارداده‌اند- كه مطلب صحيحى است- بفرمايند كه چنين مشخصه هايى از قبيل علايم زمانى و قسمتى و حددار و‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 118‌
موقعيتى و نيز مقدار زاويه ماه از خورشيد هنگام غروب خورشيد و همچنين اختلاف طول هاى دايرة البروجى ماه و خورشيد را عرف عام مى‌تواند بفهمد 9.
!؟ ص 217: «اوّلًا ادعايى است بدون دليل ...».
دليل مطلب همين است كه در روايات، متعلق رؤيت هلال است يعنى واقع هلال نه رؤيت پذيرى هلال، و از طرفى هم در زمان مقارنه هلال وجود ندارد 10.
. ص 217: «موضوع قراردادن خروج قمر از محاق و تحت الشعاع ...».
به نظر مى‌رسد كه اوّلًا: با معيار قراردادن قبل از نصف النهار و بعد از آن بتوان اين توالى فاسد را حلّ كرد.
ثانياً: اين امور در رؤيت پذيرى هم به شكل ديگرى وجود دارد. اگر نسبت به يك افق در يك ساعت معين رؤيت پذيرى وجود داشته باشد و نسبت به افق ديگر در ساعت ديگر در اين صورت اختلاف دو روز مطرح مى‌شود كه مهمترين تالى فاسد است. به عبارت ديگر، در رؤيت پذيرى همين مقدار بس كه بين هشت تا سيزده ساعت اختلاف وجود دارد 11.
. ص 218: «با توجه به تأكيد روايات فراوان بر رؤيت ... و عدم امكان ناديده گرفتن آنها و از سوى ديگر موضوعيت نداشتن رؤيت، مقتضاى رعايت اين دو جهت آن است كه بگوييم رؤيت هلال در ادله طريق است براى رؤيت پذيرى هلال ...».
واقعاً ايشان اين عبارات را چگونه تفسير و معنى مى‌كنند؟ ما در روايات تعبير به رؤيت داريم و در اين جهت كه آن را طريق يا موضوع قرار دهيم از هيچكدام نمى‌توانيم ذوالطريق را استفاده كنيم، بلكه به عكس اگر ذوالطريق را پيدا كرديم مى‌توانيم بفهميم كه رؤيت طريق است يا خير؟ اگر بگوييم خروج از تحت الشعاع ملاك است يا اينكه بگوييم همين خروج هلال واقعى است در اين فرض رؤيت طريق است.
اساساً اين عبارت كه رؤيت طريق است براى رؤيت پذيرى، چگونه قابل تفسير است در حالى كه شبيه جمع متخالطين است؟ كسانى كه رؤيت پذيرى را مطرح مى‌كنند موضوعيت رؤيت (موضوعيت در حد امكان رؤيت، نه فعليت رؤيت) را مفروض مى‌گيرند نه طريقيت را. ما پيشتر گفتيم كه رؤيت‌پذيرى اوّل دعوى است و در حقيقت‌
مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 119‌



فقيهانى كه رؤيت پذيرى را مطرح كرده‌اند پيشتر امكان رؤيت را به صورت موضوعيت مفروض گرفته‌اند و در حقيقت گرفتار دور شده‌اند.
از آنان مى‌پرسيم چرا ملاك، رؤيت است؟ مى‌گويند چون رؤيت پذيرى هلال ملاك است، در حالى كه خود رؤيت پذيرى بر دخالت رؤيت به نحو موضوعيت استوار است و با طريقيت آن به هيچ وجه سازگارى ندارد و ديگر طريقيت رؤيت كه بر آن اصرار داريد محفوظ نمى‌ماند؛ فتدبّر جيّداً 12.
. ص 219: «پيش از الغاى موضوعيت رؤيت ...».
اگر اين الغا را بپذيريد ديگر عنوان رؤيت پذيرى به طور كلى منتفى مى‌شود و هيچ مرتبه‌اى را غير از اصل تحقق هلال واقعى، نه هلال مرئى- نمى‌توانيد در مرئى ملاك قرار دهيد 13.
. ص 219: «اين نكته در پاسخ آية اللّٰه خويى (ره) ...».
در اين عبارت كه از مرحوم آية اللّٰه خويى (ره) نقل شده است چند ملاحظه وجود دارد:
الف: ايشان در يك عبارت شهر و ماه را امر عرفى دانسته و فرموده‌اند: «أن يكون الشهر عبارة عن بلوغ الهلال في الأُفق مرتبة يمكن للعين المجرّدة رؤيته»؛ اما در عبارت ديگر در چند سطر بعد فرموده‌اند: «أنّ الشهر بحسب المرتكزات العرفية أمر واقعي على حدّ الأُمور الواقعية الأُخرى التكوينية فلايناسب أن يكون للعلم و الجهل دخل فيه»؛ و ظاهراً بين اين دو عبارت ناسازگارى وجود دارد. چون از يك طرف ملاك در شروع ماه را خروج از محاق و رسيدن به مرحله‌اى كه عرف با چشم مجرّد ببيند دانسته‌اند و از طرف ديگر ماه را يك امر واقعى تكوينى دانسته‌اند كه فقط با خروج از محاق سازگارى دارد. به عبارت ديگر در امور تكوينى علاوه بر آنكه علم و جهل دخالت ندارد، همچنين عرف و شرع هم نمى‌تواند در آن تصرف كند بلكه همان تكوين و واقع ملاك است.
ب: اين كه ايشان رؤيت را طريق محض قرارداده‌اند صحيح است؛ اما اين كه رسيدن هلال را به حدّى كه قابل رؤيت با چشم مجرد باشد، ذوالطريق دانسته‌اند فقط يك ادعا است و براى آن دليلى ذكر نكرده‌اند و اين ادعا هم كه از ادله باب چنين استفاده مى‌شود‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 120‌
مخدوش است چون از هيچ دليلى رؤيت پذيرى استفاده نمى‌شود.
ج: چنانچه مراجعه به عرف ملاك باشد و قايل شويم كه شارع مقدس رؤيت را طريق محض قرار داده‌است، در اين صورت حتماً بايد ذوالطريق خروج از محاق باشد و نمى‌توان گفت كه طريقيت محض فقط موضوعيت رؤيت را الغا مى‌كند، بلكه مرتبه مفروض در مرئى را هم الغا مى‌كند، علاوه بر اين كه اگر مرتبه مفروض را هم بپذيريم ادعاى ما آن است كه در شهر عرفى و هلالى بين رؤيت مجرّد و رؤيت با ابزار فرقى وجود ندارد و هر دو عنوان عرفى است. يعنى اگر از عنوان خروج از محاق قطع نظر كنيم و بپذيريم كه شهر عرفى بايد ملاك باشد معتقد شده‌ايم كه اگر ماه به مرحله‌اى رسيد كه با چشم مسلح هم قابل رؤيت است اين هم با عرف و هم با ادله مساعد است 14.
. ص 220: «يكى از فقه پژوهان ...».
در عبارتى كه از ايشان نقل شده نيز اشكال وجود دارد؛ زيرا از طرفى رؤيت را طريق محض قرار داده و از طرفى هم گفته است: «لبيان أنّ ما هو موضوع الحكم هو تكون الهلال بحيث يرى بالعين المجردة». اين عبارت، تصريح در موضوعيت است و انصاف آن است كه بين اين دو عبارت تفاوت مسلّمى وجود دارد، علاوه بر اين كه در ابتداى كلام جزء الموضوع بودن رؤيت نفى شده است؛ اما در ذيل كلام آورده است: «بحيث يرى هو جزء الموضوع 15.
.» ص 222: «در چنين موردى محال است كه شارع به صورت مانعة الخلوّ موضوع بودن هر دو را معتبر دانسته باشد ...».
دليل استحاله چيست؟ مجرد اين كه بر هر كدام اثر مختلفى بار مى‌شود نمى‌تواند سبب استحاله باشد، بلكه چون يك امر اعتبارى شرعى است اشكالى ندارد كه شارع مقدس رؤيت پذيرى به واسطه يكى از اين دوطريق را معتبر دانسته باشد و به نظر مى‌رسد در فقه موارد زيادى براى آن وجود دارد كه به دو مورد از آنها اشاره مى‌شود:
الف: در مسئله حد ترخّص بيشتر فقيهان قائلند كه يا خفاء الجدران و يا خفاء الأذان ملاك حد ترخّص است، در حالى كه اثر مترتّب مختلف است؛ امكان دارد خفاء الجدران‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 121‌
در دو كيلومترى باشد اما خفاء الأذان در يك كيلومترى.
ب: بيشتر روايات لزوم احرام دلالت دارد كه براى ورود به مكه بايد مُحرم شد؛ اما برخى ديگر از روايات موضوع لزوم را دخول در حرم دانسته‌اند. گرچه بيشتر فقيهان بر طبق روايات دسته اوّل فتواداده‌اند ولى برخى ديگر از فقيهان مسئله ترديد را مطرح نموده و فرموده‌اند كه براى دخول در حرم يا مكه بايد مُحرم شد؛ يعنى يكى از اين دو را على سبيل منع الخلّو ملاك قرار داده‌اند با اين كه اثرشان مختلف است.
نتيجه آن كه ادعاى استحاله ثبوتى هيچ دليلى ندارد، همان گونه كه تا به حال نيز از هيچ فقيهى چنين مطلبى- حتى به صورت احتمال- مطرح نشده است و اين كه فرمايش مرحوم ميرزاى نايينى را بر اين مطلب حمل نموده‌اند، صحيح نيست، بلكه از ظاهر فتواى ايشان استفاده مى‌شود كه رؤيت با آلات، خروج از متعارف است 16.
. ص 223: «آن دو اشكال را در اينجا نقل مى‌كنم ...».
در اين بحث ما به دنبال اثبات عدم لزوم اتحاد آفاق نيستيم اما انصاف آن است كه اين دو اشكال، خارج از صنف استدلال صناعى است و جز استبعاد چيز ديگرى نيست؛ زيرا اوّلًا: مسئله اغراى مكلفين در بيش از ده قرن يك استبعاد محض است چرا كه اگر واقعاً رؤيت با چشم مسلح هم كافى باشد نفى آن نيز موجب اغراى مكلفين در زمان خود و در آينده خواهد بود و چه بسا زمان آينده تا قيامت بيش از ده قرن باشد. ثانياً:
اين مطلب به رؤيت هلال اختصاص ندارد بلكه در برخى ديگر از مباحث وجود دارد؛ مثلًا اين كه زمان مغرب چه وقتى است؟ اكثريت مسلمانان همان استتار قرص، و بيشتر فقيهان شيعه نيز ذهاب حمره مشرقيه را زمان مغرب مى‌دانند. آيا در اين بحث مى‌توان گفت كه شارع در بيش از ده قرن مكلفين را اغرا نموده است؟ اساساً اگر ما تاكنون نتوانسته‌ايم مراد جدى شارع را بفهميم بدين معنى نيست كه شارع اغرا نموده باشد و اصولًا اگر ما بخواهيم مسئله اغرا را مطرح كنيم در بسيارى از مسائل مستحدثه دچار همين مشكل خواهيم شد كه به صورت اجمال اشاره مى‌كنم؛ مثلًا در مسئله شبيه سازى و استنساخ كه بسيارى از فقيهان شيعه بر حسب عنوان اوّلى آن را جايز دانسته‌اند و بر طبق عناوين ثانويه آن‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 122‌
را تحريم كرده‌اند شما بايد همين مطلب را بگوييد؛ يعنى اشكال كنيد كه اگر به وجود آمدن كودك از غير طريق جنسى و بلكه از سلول باشد و شارع بخواهد به حسب اوّلى تجويز كند اين هم يك نوع اغرا است كه در طول تاريخ وجود داشته است؛ يعنى تاكنون همه خيال مى‌كردند كه فرزند شرعى و ولادت شرعى فقط از طريق معاشرت جنسى زوج و زوجه امكان‌پذير است در حالى كه امروزه ثابت شده كه ولادت شرعى از طريق ديگر هم مى‌تواند باشد. آيا مى‌توان گفت چون شارع تا به حال اين طريق را بيان نفرموده پس يك نوع اغرا به جهل نموده است؟ پاسخ اساسى اين مطلب آن است كه هر مكلفى- در هر زمان- به همان احكام ظاهرى مكلف است و هيچ گاه به واقع قطعى مكلف نيست مگر آن كه بتواند از طريقى به آن دست يابد. به عبارت ديگر اشكال اغرا در صورتى وارد است كه مسلمانان از طرفى مكلف به واقع باشند و از طرف ديگر شارع آنان را به واقع آگاه نكرده باشد، در حالى كه اين چنين نيست. از همين جا اشكال دوم هم پاسخ داده مى‌شود؛ يعنى چون مردم مكلف به واقع نبوده‌اند از اين رو ائمه عليهم السلام- در هيچ زمانى- آنها را به قضا امر نكرده‌اند. به عبارتى امر نكردن به قضا دليل بر اثبات قول مشهور نيست. در خصوص علم اجمالى هم بايد بگوييم كه اگر براى شخصى چنين علمى حاصل شود بايد به مقتضاى آن عمل نمايد؛ زيرا منجّزيت علم اجمالى يك حكم عقلى است و ارتباطى به شرع ندارد 17.
. ص 226: در پاسخ به مطلب اوّل:
آورده‌اند: اگر اطلاق ثبوتاً محال باشد‌
ثانياً: دليلى كه اقامه نموده‌ايد به هيچ وجه استحاله ثبوتى را اثبات نمى‌كند؛ زيرا هيچ‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 123‌
گاه ادعا نمى‌شود كه شارع يك روز را براى يك شخص هم اوّل ماه قرار داده است و هم قرار نداده است. ما ادعا نمى‌كنيم كه اگر كسى به دلخواه خود از ابزار استفاده كند همان ملاك است، بلكه مى‌گوييم اگر كسى در غروب يك روز يقين كند كه چنانچه از ابزارهم استفاده كند ماه رؤيت خواهد شد، همين امر كفايت مى‌كند. اگر مكلف از ابزار استفاده نكند و غروب جمعه را- مثلًا- با چشم عادى نبيند در صورتى روز شنبه براى او اوّل ماه خواهد بود كه به امكان رؤيت از طريق ابزار علم نداشته باشد. به عبارت ديگر رؤيت با ابزار از اين جهت نيز مانند رؤيت با چشم عادى است؛ همان طور كه در اين مورد علم كفايت مى‌كند، در مورد ابزار هم همين طور است. اما اين كه گفته‌ايد: «لازمه سخن عدم اعتبار رؤيت با چشم عادى است» علاوه بر اين كه البته بديهى البطلان است، اصلًا و ابداً چنين لازمه‌اى از آن مطلب استفاده و بلكه توهّم هم نمى‌شود. زيرا اگر بگوييم چنانچه [هلال] در غروب جمعه با ابزار رؤيت شود يا به رؤيت از طريق ابزار علم پيدا شود- ولو اين كه بالفعل از آن استفاده نگردد- در هر دو فرض روز بعد اوّل ماه خواهد بود و توهّم اين مطلب لازم نمى‌آيد كه اين امر مستلزم نفى اعتبار با چشم عادى است.
اوّلًا: آن مقدارى كه در اصول بيان شده است چنانچه تقابل بين اطلاق و تقييد، عدم و ملكه باشد در موردى كه تقييد محال است در آن مورد اطلاق هم محال خواهد بود و اين كه برخى تمسك به اطلاق هيأت را از اين جهت مردود مى‌دانند البته در جاى خود مناقشاتى در اين بحث و مبنا وجود دارد؛ اما با قطع نظر از اين مورد ديگر استحاله در مورد اطلاق صحت ندارد. آرى در مواردى به دليل وجود برخى از توالى فاسد مى‌توانيد عدم اراده اطلاق را تعبير نماييد ولى اين به معناى استحاله ثبوتى اطلاق نيست.
در پاسخ مطلب دوم هم آورده‌ايد كه نمى‌توان گفت شارع در چنين امر مهمى به مجرّد اطلاق اكتفا كرده است. بايد در جواب عرض شود كه اعتماد بر اطلاق يك امر مسلّم عقلايى است و چه بسا در مسئله مهم‌ترى شارع مقدس به همين روش عقلايى اعتماد كرده باشد. نكته ديگر آن كه اين مطلب روشن است كه اگر شارع خصوص هر كدام- چه مسلح و چه غير مسلح- را معتبر بداند بايد قرينه‌اى بر آن اقامه كند؛ حال كه قرينه‌اى ذكر نشده است بايد به اطلاق تمسك كرد. اين مطلب از واضحات ابتدايى اصول است 18.
. ص 228: در پاسخ به مطلب سوم: «اين ادعايى است بى دليل ...».
اوّلًا: در اين مطلب ادعايى صورت نگرفته بلكه سؤالى مطرح شده است. پيش از بيان سؤال مى‌گوييم: قائلين به مسئله طريقيت، در معناى موضوعيت- كه رؤيت را به مسئله حد ترخص تشبيه و تنظير نموده‌اند- گفته‌اند: همان طور كه در حد ترخّص ابزار جايگزين نمى‌شود در رؤيت هلال هم همين طور است.



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 124‌
حال سؤال اين است با توجه به اين كه برخى كه شروع ماه هلالى را همان خروج از محاق مى‌دانند شما چگونه مسئله تحديد را در اين رابطه مطرح مى‌كنيد؟ به عبارت ديگر، با توجه به اين قول اصلًا تحديد هيچ معنايى ندارد تا بتوانيد نتيجه بگيريد كه ابزار جايگزين او نمى‌شود.
بنابراين با كمى دقت روشن مى‌شود كه اوّلًا مطلب ما فقط يك سؤال است نه ادعا و ثانياً: با اندكى دقت ارتباط آن مشخص مى‌شود.
ثانياً: اين كه فرموده‌ايد: «درست به همين دليل احدى از فقها خروج ماه از محاق را مبدأ قمرى شرعى نمى‌داند»؛ بايد بيان شود كسانى كه خروج از محاق را معتبر نمى‌دانند به هيچ وجه به اين نكته توجه نكرده‌اند تا به آن استدلال كنند 19.
. در ص 228: در پاسخ به مطلب چهارم آورده‌ايد: «البته بنده چنين سخنى نگفته‌ام؛ مدّعاى بنده ...».
عجيب است كه ظاهراً مدعاى شما درست براى خودتان هم روشن نيست. آيا خروج از محاق به اندازه‌اى كه امكان و قابليت رؤيت داشته باشد، عين اين مطلب كه رؤيت طريق است براى قابليّة الهلال للروية نيست؟ اگر نيست فرق را بيان نماييد. به نظر ما جز تغيير در تعبير هيچ تفاوت جوهرى وجود ندارد. آنگاه با همين تصريح خود تان كه رؤيت طريق است براى قابلية الهلال للروية كه رؤيت را در ذوالطريق اخذ نموده‌ايد، ترديدى نيست كه مصادره به مطلوب است؛ يعنى از شما پرسيده مى‌شود كه چرا رؤيت با چشم مسلّح كافى نيست؟ مى‌فرماييد چون غايت امكان رؤيت و قابليت رؤيت با چشم معمولى است. آيا اين مصادره به مطلوب وعود به مدّعىٰ نيست؟!!!
در ضمن، اين كه مجدداً آورده‌ايد ذوالطريق نمى‌تواند هر دو موضوع باشد جوابش را داديم 20.
. ص 229: «آيا هلالى است كه با چشم عادى قابل رؤيت است يا مسلّح يا اعمّ از آن؟»‌
مقصود همان اعمّ است، يعنى هلالى ملاك است كه يا با چشم عادى و يا با چشم مسلّح قابل رؤيت باشد اما همان طور كه پيشتر توضيح داديم اين نه به معناى ترديد در‌
مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 125‌



موضوع است و نه به معناى تنويع (گوناگونى) در آن، بلكه به اين معنى است كه همان طور كه رؤيت با چشم عادى كفايت مى‌كند رؤيت با ابزار هم كافى است و چنانچه يقين داشته باشيم كه با ابزار حتماً رؤيت مى‌شود اين مانند رؤيت با چشم عادى است. اگر كسى با چشم مسلّح ببيند موضوع محقق مى‌شود و ديگر براى چشم عادى موضوعى باقى نمى‌ماند تا مسئله «دو منزل و يا منازل» را مطرح فرماييد و حتى مى‌توان گفت كه اين مطلب به نحو تنويع اما نسبت به دو نفر يا دو گروه و يا دو بلد است، خصوصاً بنابر اعتبار وحدت افق؛ يعنى اگر كسى در يك بلد داراى وسايل و ابزار نبود و يقين هم نداشت كه اگر از ابزار استفاده مى‌كرد رؤيت محقق مى‌شد، نسبت به چنين شخصى همان رؤيت با چشم مجرد موضوع است. اما كسى كه در بلد و افق ديگر است و از ابزار استفاده مى‌نمايد براى او همين كفايت مى‌كند. از اين بيان مناقشه در جواب مطلب هشتم نيز روشن مى‌شود 21.
. ص 229: در پاسخ به مطلب ششم: «اين كه بگوييم ماه عنوان عرفى ندارد نادرست است ...».
پيشتر گفتيم كه براى عرفى بودن ماه، دليل واضح و روشنى نداريم، بلكه ملاك در ماه همان حركت تكوينى او است. گفته‌ايد: «مگر امر تكوينى نمى‌تواند عنوان عرفى داشته باشد روشن است كه نمى‌توان هم جهت تكوينى و هم جهت عرفى- هر دو- را در عرض يكديگر ملاك و موضوع قرار داد.»‌
اين كه در اين پاسخ آورده‌ايد: «حد ترخص هم امرى تكوينى و عنوانى واقعى ...» بسيار جاى تعجب است؛ چون در اين مطلب بين تكوين و واقع خلط كرده‌ايد. تكوين، علل و اسباب تكوينى دارد ولى حد ترخّص يك امر واقعى و غير قابل اختلاف است، البته واقعى در نزد عرف؛ مثل اين كه عرف به حد معينى از آب كُر مى‌گويد. اين به معناى تكوينى بودن آن نيست. بنابراين مقصود آن است كه حدّ ترخّص يك امر واقعى عرفى و غير تكوينى است 22.
. ص 229: در پاسخ به مطلب هفتم آمده است: «مگر قرار است شهر به اختلاف‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 126‌
افراد و اشخاص مختلف شود».
همان طور كه در مطلب قبل روشن شد حدّ ترخّص يك امر واقعى عرفى است و به اختلاف افراد و اشخاص مختلف نمى‌شود. مقصود ما بيان علت عدم اعتبار ابزار در باب حد ترخص بوده است؛ مقصود ما اين نيست كه در مقابل، آن شهر به اختلاف اشخاص مختلف مى‌شود. به عبارت ديگر فرق بين حدّ ترخّص و مسئله ماه در اين است كه در حد ترخص قرينه روشنى بر عدم اعتبار ابزار وجود دارد ولى اين قرينه در باب ماه وجود ندارد، هر چند كه هر دو امر واقعى غير قابل اختلاف به اختلاف اشخاص است 23.
. در ص 231: در پاسخ به مطلب نهم آورده‌ايد: «در اين عبارت هم مقارنه و هم ولادت اشتباه معنى شده است».
روشن است كه اين دو حالت يعنى يكى تحت الشعاع و ديگرى خروج از تحت الشعاع براى ماه وجود دارد و دانشمندان هيئت و نجوم در برخى موارد تعبير به شروع مقارنه و يا پايان مقارنه دارند كه در اين موارد مقصود آنان همان تحت الشعاع است. بنابراين مقصود روشن است و اين كه فرموده‌ايد: «متفقٌ عليه بين اهل فن خير ديگرى است»، براى ما ثابت نيست ودر هر صورت اين مطلب مهمى نيست و لو اين كه از نظر اصطلاحى تسامحى در تعبير باشد 24.
. ص 232: در پاسخ به مطلب دهم گفته‌ايد: «نويسنده معتقدند ...».
به نظر مى‌رسد كه تحقيق اقتضاى همين مطلب را دارد و آنچه مقدارى انسان را متوقف مى‌كند اين است كه آن لحظه و محاسبه آن، يك امر دقّى و عقلى است كه شارع آن را مورد توجه قرار نداده است؛ پس بايد مقدارى از آن فاصله بگيرد ولى در غروب آن زمان كه چند ساعت از خروج از تحت الشعاع گذشته باشد به طورى كه بتوان با چشم مسلح ديد، چنين امرى را شارع مقدس معتبر دانسته است. بنابراين ما در عبارت آورده‌ايم كه «در شب اوّل» و به اين نكته هم توجه داشته‌ايم كه مقدارى از مقارنه و تحت الشعاع گذشته باشد.



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 127‌
25. ص 232: در پاسخ به مطلب يازدهم آمده است: «بدون چنين قيدى اصلًا هلالى وجود نخواهد داشت ...».
جواب آن است كه در شب اوّل چنانچه با ابزار، همان نور را رؤيت كنند هلال صدق مى‌كند و به عبارت ديگر شما كه در هلال ديدن نور را لازم مى‌دانيد- حتى اگر هم اين نكته را بپذيريم- ما مى‌گوييم اگر همين نور و روشنايى ماه را با دوربين ببينند چرا آن هلال نباشد؟ به چه دليلى مى‌گوييد كه اين نور و روشنايى را حتماً بايد با چشم معمولى ديد 26.
؟ ص 233: در پاسخ مطلب دوازدهم: «سند روايت داوود رقى ضعيف است ...».
ما نيز با توجه به همين ضعف سند و با توجه به عدم فتوا بر طبق آن از آن به عنوان مؤيّد استفاده نموديم نه به عنوان دليل، و اين مطلب در فقه وجود دارد كه از روايت ضعيف مى‌توان به عنوان مؤيد استفاده نمود. علاوه بر اين مقصود ما اين بوده كه از نظر اطلاق- نسبت به رؤيت كه در ذيل آن آمده است «سواء رُئي أم لم يُرى»- با رواياتى كه رؤيت را طريق براى يقين به هلال قرار داده است موافقت دارد. آرى آنچه در صدر روايت است، نه مطابق با واقع است و نه مفتى به 27.
. ص 234: در پاسخ به مطلب سيزدهم: «آيا هلالى كه در طول بيش از هزار سال مردم آن را نمى‌ديده‌اند ميقات قرار داده شده است؟ ...»‌
در جواب بايد عرض شود كه از آيه شريفه استفاده نمى‌شود كه مردم تمام هلال‌ها را ميقات قرار داده‌اند و اساساً ممكن است بگوييم از ميان اين هلال‌ها برخى را ميقات قرار داده‌اند و برخى ديگر را- ولو اين كه قابل رؤيت هم بوده باشد- به عنوان ميقات قرار نداده‌اند وچه بسا واقع خارجى هم مطابق با همين مطلب باشد. علاوه بر اين ادعاى ما اين است كه اگر مردم هلال را با ابزار ببينند آيا نمى‌توانند مواقيت قرار دهند؟
آيا براى ميقات قرار دادن فقط بايد با چشم عادى ببينند 28.
؟ ص 234: در پاسخ به مطلب چهاردهم: «و برفرض وقوع كشف مى‌كنيم كه در‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 128‌
شب اوّل ماه، هلال با چشم معمولى قابل‌رؤيت بوده است ...».
اوّلًا: در موارد متعددى اتفاق افتاده كه ماه بر حسب ظاهر بيست و هشت روز شده است و فقيهان به لزوم قضاى روز اوّل فتواداده‌اند؛ لذا خود اين مطلب يعنى ماههاى بيست و هشت روزه بهترين دليل بر وقوع است.
ثانياً: فرض بر اين است كه در شب اوّل، استهلال به صورت گسترده صورت گرفته است و هوا هم صاف بوده است و مانعى دركار نبوده است.
در اين صورت چطور شما كشف مى‌كنيد كه قابليت رؤيت با چشم معمولى را داشته است؟
ثالثاً: طبق محاسبات نجومىِ فعلى كه در كمتر از هشت درجه قابليت رؤيت با چشم معمولى را منتفى مى‌دانند، چنانچه در شب اوّل هم اين گونه باشد در اين صورت چه مى‌فرماييد 29.
؟ ص 236: در پاسخ به مطلب هفدهم: «اما اين دليل مستقلى در قبال دليل اوّل يعنى اصالة الاطلاق نيست ...».
گرچه در اين اشكال دقت فرموده‌ايد و جاى تقدير است؛ اما در عين حال مى‌توان بين اين دو دليل چنين فرقى را ذكر نمود كه در تمسك به اصالة الاطلاق لازم نيست استناد رؤيت حقيقى باشد، بلكه اگر مجازى- حتى به نحو شايع- باشد اطلاق شامل آن فرد مجازى هم مى‌شود. اگر در عرف به شخصى يا گروهى- مجازاً- عالِم گفته شود اطلاق عالم همه آنها را شامل مى‌شود. بنابراين دليل دوم محتاج دليل اوّل (اصالة الاطلاق) است اما دليل اوّل ملازمه‌اى با مطلب دوم ندارد. علاوه بر اين كه در دليل دوم مجرد استناد ملاك قرار داده شده است، يعنى عرف به استناد نظر دارد؛ بنابر اين بعيد نيست كه بگوييم از اين جهت به اطلاق نياز نداريم، فتأمّل 30.
. ص 237: در پاسخ به مطلب هجدهم آمده است: «زيرا در مسأله ما در لسان ادله رؤيت هلال بيان شده و موضوع است ...».
ظاهراً اين تعبير با مبناى طريقيت سازگارى ندارد بلكه براساس طريقيت خود هلال‌



مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، ج‌45، ص: 129‌
ملاك است و رؤيت هيچ موضوعيتى ندارد. بنابراين همان طور كه فلس وجود واقعى او دخالت دارد از هر طريق كه بتوانيم به او پى ببريم، در هلال هم همين طور است؛ لذا قياس به هيچ وجه مع الفارق نيست مگر اين كه براى رؤيت موضوعيت قايل شويم. اما تأكيد بر رؤيت در روايات از اين جهت است كه در زمان گذشته هيچ راهى- غير از رؤيت- براى يقين به هلال نبوده است و همان طور كه در روايات، ظن و گمان نفى شده است به خوبى مى‌فهميم كه مقصود يقين به هلال است 31.
. ص 239: در پاسخ به مطلب نوزدهم آمده است: «از اثبات يكى نفى ديگرى استفاده نمى‌شود ...».
ما از اثبات نخواستيم نفى را استفاده كنيم بلكه نفى، تصريح اين روايات است و اين نفى قرينه است بر اين كه مقصود از رؤيت طريقيت محض است. اين كه فرموده‌ايد: «مگر روايات، منحصر در همين چهار روايت است؟» بايد عرض شود كه بالاخره همين چهار روايت نسبت به مدّعى اظهر و بلكه نصّ در مدّعى است و ما با اين‌ها مى‌توانيم در روايات ظاهر ديگر تصرف كنيم؛ بنابر اين وجه حمل روشن است و بالاخره اين نويسنده مكرّم در اين پاسخ مطالبى را با اضطراب و تشويش بيان فرموده‌اند 32.
. ص 240: در پاسخ به مطلب بيستم آمده است: «گفتنى است كه فقيهان بزرگ و دقيق النظرى مانند محقق نايينى و امام خمينى (ره) هيچ يك به اطلاق رؤيت در روايات تمسك نكرده‌اند ...». فقه ما آكنده از اين موارد است؛ يعنى موارد بسيارى وجود دارد كه فقيهان گذشته به عموميت يا اطلاق دليل توجهى نكرده‌اند ولى بعضى فقيهان ديگر به آن توجه نموده‌اند. علاوه بر اين ادعاى ما آن است كه اين بزرگان به اطلاق توجه كرده‌اند اما به يك انصراف بدوى معتقد بوده‌اند كه ما در رسالۀ خود به صورت مفصل اين انصراف را مورد مناقشه قرار داده‌ايم.
________________________________________
جمعى از مؤلفان، مجله فقه اهل بيت عليهم السلام (فارسى)، 56 جلد، مؤسسه دائرة المعارف فقه اسلامى بر مذهب اهل بيت عليهم السلام، قم - ايران، اول، ه‍ ق