القواعد الفقهیة و الاصولیة
الحکم الظاهری

خطابات قانونیه




کتاب الخطابات القانونیة رؤية مبتكرة عند الامام الخميني دراسة تحليلية-محمد جواد فاضل لنکرانی


کتاب بررسی نظریه خطابات قانونیه-سید مجتبی نورمفیدی


بررسی تطبیقی خطابات قانونی از دیدگاه مشهور و امام خمینی


درآمدی تحلیلی به نظریه خطابات قانونی امام خمینی ره و پیامدهای آن در فقه عبادات


نظریه خطابات قانونی؛ افقی تازه در تحلیل ماهیت حکم شرعی





***************

کلمات امام خمینی

در بحث ترتب

                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 433
المقدّمة الرابعة:
أنّك إذا تتبّعت كلمات الأعلام في تقسيم الحكم إلى مراتبه الأربعة «1» تجد فيها ما لا يمكن الموافقة معه؛ إذ قد عدّوا منها ما هو من مبادئ الحكم و ملاكاته، كالمصالح و المفاسد التي يعبّر عنها بمرتبة الاقتضاء، كما قد عدّوا منها ما هو من أحكام العقل بعد تمامية الحكم- أعني التنجيز- لأنّه حكم عقلي غير مربوط بمراتب الأحكام المجعولة، و معنى تنجّزه قطع عذر المكلّف في المخالفة و عدم كونه معذوراً، من غير تبديل و تغيير في الحكم و لا الإرادة.
و أعجب منه: كون حكم فعلياً في ساعة و إنشائياً في اخرى، و فعلياً في‏
__________________________________________________
 (1)- راجع درر الفوائد، المحقّق الخراساني: 70.


                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 434
حقّ شخص و إنشائياً في حقّ آخر، إلى غير ذلك ممّا يدمغه البرهان و حكم العقل بامتناع تغيّر الإرادة في حقّ الشارع، بل و لا يناسبه القوانين العقلائية؛ عالمية كانت أو غيرها.
فإذا انحصر مراتب الحكم في الإنشائية و الفعلية فلا بدّ من توضيحهما، فنقول: الناموس المطّرد في قوانين العالم هو أنّ الحاكم بعد ما تصوّر صلاح شي‏ء و فساده و جزم أنّ في جعل حكم له صلاحاً لحال أتباعه يتعلّق الإرادة على إنشائه بصورة قانون كلّي لعامّة البشر أو لجماعة منهم، فينشئه حكماً عمومياً جاعلًا له في مظانّه التي يطلبه فيها المراجعون، و يرجع إليها في استعلام الوظيفة المكلّفون.
و لا يتفاوت فيما ذكرنا كون الحاكم شخصاً واحداً أو أشخاصاً متعدّدين، غير أنّ الحكم في الثاني يدور مدار غالبية الآراء و أكثريتها.
ثمّ إنّ للمحيط و حال المكلّفين دخلًا تامّاً في إجراء الحكم و إعلانه؛ فإن ساعدت الأحوال و وجدت شرائط الإجراء يأمر الحاكم بإعلانه و إيصاله إلى المكلّفين، و إلّا فيترقّب تناسب المحيط و استعداد الناس بقبوله، و يترك هو في سنبله الإنشائي.
و الذي نسمّيه حكماً إنشائياً أو شأنياً هو ما حاز مرتبة الإنشاء و الجعل؛ سواء لم يعلن بينهم أصلًا حتّى يأخذه الناس و يتمّ عليهم الحجّة؛ لمصالح في إخفائها، كالأحكام التي بقيت مخزونة لدى ولي العصر- عجّل اللَّه تعالى فرجه- و يكون وقت إجرائها زمان ظهوره؛ لمصالح تقتضي العناية الإلهية، كنجاسة بعض الطوائف المنتحلة بالإسلام و كفرهم، فهو حكم إنشائي في زماننا، و إذا بلغ وقت إجرائه يصير فعلياً.أو أعلن بينهم، و لكن بصورة العموم و الإطلاق؛ ليلحقه التقييد و التخصيص‏
                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص:435


بعد بدليل آخر، كالأحكام الكلّية التي تنشأ على الموضوعات، و لا تبقى على ما هي عليها في مقام الإجراء.
فالمطلقات و العمومات قبل ورود المقيّدات و المخصّصات أحكام إنشائية بالنسبة إلى موارد التقييد و التخصيص؛ و إن كانت فعليات في غير هذه الموارد.
و الذي نسمّيه حكماً فعلياً هو ما حاز مرتبة الإعلان، و تمّ بيانه من قبل المولى بإيراد مخصّصاته و مقيّداته، و آن وقت إجرائه و حان موقع عمله.
فحينئذٍ؛ فقوله تعالى: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» بهذا العموم حكم إنشائي، و ما بقي بعد التقييد أو التخصيص حكم فعلي. هذا هو المختار في معنى إنشائية الحكم و فعليته.
فتلخّص: أنّ الأحكام منقسمة إلى حكم إنشائي؛ و هو ما لم ير الحاكم صلاحاً في إجرائه؛ و إن كان نفس الحكم ذا صلاح، كالأحكام المودوعة عند صاحب الأمر الواصلة إليه من آبائه عليهم السلام، أو يرى صلاحاً في إجرائه، و لكن أنشأ بصورة العموم و الإطلاق؛ ليلحق به خصوصه و قيده، هو نفسه أو وصي بعده، و إلى حكم فعلي قد بيّن و أوضح بخصوصه و قيوده، و آن وقت إجرائه و انفاذه.
و عليه: إذا فرضنا حصول عائق عن وصول الحكم إلى المكلّف- و إن كان قاصراً عن إزاحة علّته- أو عروض مانع، كالعجز و الاضطرار عن القيام بمقتضى التكليف لا يوجب ذلك سقوط الحكم عن فعليته و لا يمسّ بكرامتها و لا يسترجعه إلى ورائه، فيعود إنشائياً؛ لأنّ ذلك أشبه شي‏ء بالقول بانقباض إرادة المولى عند طروّ العذر و انبساطها عند ارتفاعه.
__________________________________________________
 (1)- المائدة (5): 1.


                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 436
و السرّ في ذلك: أنّ غاية ما يحكم به العقل هو أنّ المكلّف إذا طرأ عليه العذر أو دام عذره و جهله لا يكون مستحقّاً للعقاب، بل يخرج من زمرة الطاغين و عداد المخالفين؛ لعدم المخالفة عن عمدٍ، و أمّا كونه خارجاً من موضوع التكليف؛ بحيث تختصّ فعلية الحكم بغير الجهّال و ذوي الأعذار فلا وجه له، و سيأتي أنّ الخطابات القانونية ليست مثل الخطابات الشخصية؛ فإنّ الثانية لا يجوز توجيهها لغير القادر، بل يقبح خطاب العاجز بشخصه دون الاولى. فحينئذٍ فلا وقع للسؤال عن أنّ إسراء الحكم إلى العاجز و الجاهل إسراء بلا ملاك، فارتقب.
و بذلك يتّضح: أنّ الفعلية و الشأنية بالمعنى المعروف- من إنشائية الحكم بالنسبة إلى شخص كالجاهل و الغافل و الساهي و العاجز، و فعليته بالنسبة إلى مقابلاتها- ممّا لا أساس له؛ لأنّ الاشتراط الشرعي في بعضها غير معقول، مع عدم الدليل عليه في جميعها. و التصرّف العقلي أيضاً غير معقول؛ لعدم إمكان تصرّف العقل في إرادة الشارع و لا في حكمه، و سيأتي توضيحه.
و بالجملة: أنّ الأحكام المضبوطة في الكتاب و السنّة لا يعقل فيها هاتان المرتبتان بالمعنى الدائر بينهم، فقوله تعالى: «وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ...» «1» إلى آخره لا يختلف بالنسبة إلى الجاهل و العالم، و لا معنى للفعلية و الشأنية في هذا الحكم المجعول المنضبط، بل جعل الحكم على العنوان و إجراؤه بين المكلّفين عند ذكر مخصّصاته و مقيّداته يوجب فعلية الحكم على عامّة الناس؛ سواء العالم و الجاهل و القادر و العاجز، و قد عرفت أنّ العقل يرفع حكم العقاب لا نفس التكليف.
__________________________________________________
 (1)- آل عمران (3): 97.

 

 

                        جواهر الأصول، ج‏3، ص: 312
المقدّمة الرابعة:
الحقّ أن يقال: إنّ الأحكام الشرعية القانونية المجعولة على موضوعاتها على قسمين: أحدهما الأحكام الإنشائية، و ثانيهما الأحكام الفعلية.
و إن شئت قلت: إنّ للحكم مرحلتين: مرحلة الإنشاء، و مرحلة الفعلية، كما هو الشأن في وضع القوانين المدنية العالمية، من غير فرق بين كون المقنّن شخصاً واحداً أو أشخاصاً متعدّدين؛ لأنّه جرت ديدن الواضعين في جميع الأعصار و الحكومات على أنّهم يلاحظون الجهات المقتضية لوضع القوانين على الكلّية، فينشئونها أوّلًا بصور كلّية، ثمّ يعقّبونها بذكر المخصِّصات و المقيِّدات، و لم يشذّ الشارع الأقدس عن طريقتهم في ذلك، فبعد إنشاء الأحكام بصورة العموم أو الإطلاق و قبل ورود المخصّصات و المقيّدات، تكون الأحكام إنشائياً.
__________________________________________________
 (1)- مناهج الوصول 2: 23- 24.

                        جواهر الأصول، ج‏3، ص: 313
فعند ذلك فإن كانت جميع أفراده و مصاديقه أو نفس الطبيعة بدون القيد واجدة للمصلحة أو المفسدة فتكون الأحكام المجعولة على موضوعاتها أحكاماً فعلية.
و أمّا إذا كان بعض مصاديقه أو الطبيعة المقيّدة واجدة للمصلحة فيكون تعلّق الحكم بالمقدار الذي فيه المصلحة أو الطبيعة المقيّدة فعلياً. و أمّا المقدار الذي يكون فاقداً لها و نفس الطبيعة فباقية على مرتبتها الإنشائي.
و حيث إنّه ربّما يكون للزمان و أحوال المكلّفين مدخلية في إجراء بعض الأحكام- كنجاسة بعض المنتحلين بالإسلام و كفرهم؛ فقد حكم بإسلامهم و طهارتهم في عصر الغيبة، إلى أن يطلع شمس تلك الهداية و محورها- أرواح من سواه فداه- فمثل هذا حكم إنشائي في زماننا بالنسبة إلينا. و أمّا بعد طلوع شمس وجوده- عجّل اللَّه فرجه الشريف- و بالنسبة إلى أفراد ذلك العصر فيصير فعلياً.
إن قلت: فما فائدة الجعل الكذائي قبل أوان وقته؟ و هل هو إلّا العَبث؟!
قلت: كلّا!! فلعلّ سرّه هو أنّ تبليغ الأحكام حيث إنّه لا بدّ و أن يكون من طريق النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم و الوحي و ينقطع ذلك بموت النبي صلى الله عليه و آله و سلم فلا بدّ من تبليغ جميع الأحكام إلى العباد، أو إيداعها إلى الوصي من بعده، و هو إلى من بعده، إلى أن يبلغ وقت إجرائه، فينشره إمام ذاك العصر.
فظهر: أنّ قسماً من الأحكام الإنشائية لا يرى صلاح في إجرائها بعدُ، و يكون للمحيط و استعداد الناس دخل في إجرائها، كالأحكام المودعة عند ولي العصر، عجّل اللَّه فرجه الشريف.
و قسماً آخر لا يرى صلاح في إجرائها بصورة العموم و الإطلاق، لكنّه أنشأه بصورة العموم و الإطلاق ليلحق هو صلى الله عليه و آله و سلم أو الوصي من بعده مخصّصاته و قيوده.
فالعمومات و المطلقات قبل ورود المخصّصات و المقيدات أحكام إنشائية

                        جواهر الأصول، ج‏3، ص: 314
بالنسبة إلى موارد التخصيص و التقييد، و إن كانت فعليات بالنسبة إلى غير تلك الموارد.
و أمّا الأحكام الفعلية فهي الأحكام التي أعلنها الشارع و بيّن مخصّصاتها و مقيّداتها و حان وقت إجرائها.
فتحصّل: أنّ الأحكام القانونية على قسمين:
أحدهما: الأحكام الإنشائية، و هي التي لم يرَ الشارع صلاحاً في إجرائها فعلًا، و إن كانت نفس الأحكام ذات صلاح، كالأحكام المودعة عند صاحب الأمر- عجّل اللَّه فرجه الشريف- الواصلة إليه من آبائه عليهم السلام، أو رأى صلاحاً في إجرائها و لكن أنشأها بصورة العموم أو الإطلاق ليلحق به هو نفسه أو وصيّ بعده مخصّصه و قيده.
ثانيهما: الأحكام الفعلية، و هي التي بيّنها الشارع بعمومها و خصوصها و مطلقها و مقيّدها، و حان وقت إجرائها و إنفاذها.
هذا هو المعنى المقبول من الإنشائية و الفعلية.
و أمّا المعنى المعروف بينهم- من إنشائية الحكم بالنسبة إلى شخص، كالجاهل و الغافل و الساهي و العاجز، و فعليته بالنسبة إلى مقابلاتها- ممّا لا أساس له؛ لأنّ موضوعات الأحكام و إن يمكن أن تكون بحسب التصوّر مقيّدة بالعلم أو الذكر أو الالتفات أو القدرة، و لكن الاشتراط الشرعي فيها- مضافاً إلى عدم معقوليته في بعضها- لم يدلّ دليل على اعتباره. و التصرّف العقلي أيضاً غير معقول؛ لاستلزامه تصرّف العقل في إرادة الشارع و حكمه، و هو محال، و سيأتي بيانه.
و غاية ما يكون هناك و يحكم به العقل هي: أنّه مع طروّ إحدى تلك الحالات- من الجهل أو الغفلة أو النسيان أو العجز- يكون المكلّف معذوراً في عدم القيام بمقتضى التكليف، و ربّما يكون الشخص مستحقّاً للعقاب، بل ربّما يكون خارجاً عن‏

                        جواهر الأصول، ج‏3، ص: 315
ربقة الإسلام، و لا يوجب ذلك سقوط الحكم عن فعليته، و لا تمسّ بكرامة الواقع، و لا يسترجعه إلى ورائه حتّى يعود إنشائياً؛ لكون ذلك أشبه شي‏ء بالقول بانقباض إرادة المولى عند طروّ العذر و انبساطه عند ارتفاعه.
فتحصّل: أنّ الأحكام المضبوطة في الكتاب و السنّة لا يعقل فيها غير هاتين المرتبتين، فقوله تعالى: «وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ...» «1» إلى آخره، لا يختلف بالنسبة إلى الجاهل و العالم، و لا معنى للفعلية و الشأنية في هذا الحكم المجعول المنضبط.
فهو حكم فعلي على عامّة الناس؛ سواء العالم و الجاهل، و القادر و العاجز.
و بما ذكرنا يظهر: أنّ ما يظهر من بعضهم؛ من جعل الاقتضاء و التنجيز من مراتب الحكم، و أنّ للحكم مراتب أربع: مرتبة الاقتضاء، مرتبة الإنشاء، مرتبة الفعلية و مرتبة التنجّز «2»، غير صحيح؛ لأنّ الاقتضاء و التنجّز من طرفي الحكم؛ فإنّ الاقتضاء من مبادئ الحكم و التنجّز، و حكم عقلي غير مربوط بمراتب الحكم، و معنى تنجّزه قطع عذر المكلّف في المخالفة، و عدمِهِ كونه معذوراً فيها، من غير تغيير و تبديل في الحكم، و لا في الإرادة




تنقیح الاصول

الخطابات القانونيّة:
و توضيحه يحتاج إلى‏ تمهيد امور:
الأوّل: أنّ ما ذكره في غير موردٍ من «الكفاية» من أنّ للأحكام مراتبَ أربعة:- مرتبة الاقتضاء، و مرتبة الإنشاء، و مرتبة الفعليّة، و مرتبة التنجّز «2»- غيرُ متصوّر، و المتصوّر منها مرتبتان على وجه، و هما مرتبة الإنشاء، و مرتبة الفعليّة، و أمّا مرتبة الاقتضاء فليست من مراتب الحكم؛ لأنّها قبل الحكم، كما أنّ مرتبة التنجّز بعد الحكم، و ليست- أيضاً- من مراتبه؛ و ذلك لأنّ جميع الأحكام صادرة من الشارع لانقطاع الوحي بعد النبيّ صلى الله عليه و آله و لا دَخْلَ لعلم المكلّف و قدرته و جهله و عجزه فيها، و الأحكام كلّيّة قانونيّة تشمل جميع المكلّفين، كالأوامر العرفيّة الصادرة من الموالي العرفيّة، و هي مرتبة الإنشاء.
__________________________________________________
 (1)- البقرة: 43.
 (2)- كفاية الاصول: 193 و 297.

                        تنقيح الأصول، ج‏2، ص: 124
و من الأحكام ما لم يصدر من الشارع؛ لمصالح في عدم إجرائها أو مفاسد فيه، كالأحكام التي لم يُؤمر النبيّ صلى الله عليه و آله و الأئمّة عليهم السلام بإعلامها للناس بل هي مُستودعة عند صاحب الأمر- عجّل اللَّه تعالى‏ فرجه- كنجاسة أهل الخلاف و كفرهم.
و منها: ما أوقعه الشارع في مورد الإجراء، مثل «لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ» «1» و «أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ»* «2» و نحوها المتوجّهة إلى‏ جميع المكلّفين الواقعة في مورد الإجراء و العمل، و هي المرتبة الفعليّة، و لا تختصّ بالعالم و القادر، بل تشمل الجاهل و العاجز أيضاً، غاية الأمر أنّ العاجز و الجاهل القاصر معذوران عقلًا في المخالفة، و ليس هذا تقييداً للدليل الشرعيّ؛ كي يتحقّق هنا مرتبة اخرى‏ للحكم هي مرتبة التنجّز.
الثاني: أنّهم ذكروا: أنّ الأمر بما هو خارج عن مورد الابتلاء مستهجن، و كذلك الزجر عنه، و لذا حكموا بعدم منجّزية العلم الإجمالي بالمحرّم مع خروج بعض أطرافه عن مورد الابتلاء؛ لعدم العلم- حينئذٍ- بالتكليف و الحكم الشرعيّ «3»، لكن هذا إنّما يصحّ في الخطابات الجزئيّة الشخصيّة، و كذا يقبح بعث شخص أو زجره عن شي‏ء يعلم بإتيان المكلّف به أو زجره بنفسه و لو لم يأمره به أو يزجره عنه.
و أمّا الأحكام الكلّيّة القانونيّة مثل الأحكام الشرعيّة و الخطابات الإلهيّة و النبويّة صلى الله عليه و آله و كذا أوامر الموالي العرفيّة الكلّيّة القانونيّة، فهي إنّما تُستهجن إذا كان المأمور به و المنهيّ عنه خارجاً عن ابتلاء جميع المكلّفين، و أمّا إذا لم يكن كذلك؛ لابتلاء بعض المكلّفين به، و إن خرج عن مورد ابتلاء بعضٍ آخر فهو غير مُستهجن، فليس الخطاب بمثل «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»* و نحوه من الخطابات الكلّيّة، قبيحةً
__________________________________________________
 (1)- آل عمران: 97.
 (2)- البقرة: 43.
 (3)- انظر فرائد الاصول: 250، 251، و فرائد الاصول 4: 50- 51.

                        تنقيح الأصول، ج‏2، ص: 125
و مستهجنة، و الشاهد على ذلك أنّهم لا يقولون بذلك في الأحكام الوضعيّة، كنجاسة الخمر الموجود في مكان بعيد خارج عن مورد الابتلاء، و كذلك نجاسة الدم و نحوه، و إلّا لزم الهرج و المرج في الفقه.
و توهّم: انحلال الأحكام الكلّيّة القانونيّة المتوجّهة إلى‏ المكلّفين إلى‏ أحكام جزئيّةٍ بعدد المكلّفين، متوجّهةٍ إلى‏ كلّ واحد من آحاد المكلّفين «1»، لا معنى له، بل هو غير معقول؛ أ ترى‏ أنّه لو قال: «جاء الناس كلّهم» في الإخبار كذباً، أنّه أكاذيب متعدّدة بعددهم؛ لانحلاله إلى‏ ذلك؟! حاشا و كلّا، بل هو كذب واحد، و هو شاهد على فساد القول بالانحلال بالمعنى‏ المذكور.
فتلخّص: أنّ الأحكام الصادرة من الشارع كلّية قانونيّة متوجّهة إلى‏ جميع المكلّفين- العالم منهم و الجاهل، القادر منهم و العاجز- غاية الأمر أنّ العقل يحكم بمعذورية العاجز و الجاهل القاصر في المخالفة، و ليس ذلك تقييداً لحكم الشارع كما عرفت.

 

 

                        مناهج الوصول إلى علم الأصول، ج‏2، ص: 24
المقدمة الرابعة: أنّ الأحكام الشرعيّة القانونيّة المترتّبة على موضوعاتها على قسمين:
أحدهما: الأحكام الإنشائيّة، و هي التي أنشئت على الموضوعات و لم تبق على ما هي عليه في مقام الإجراء، كالأحكام الكلّيّة قبل ورود المقيّدات و المخصّصات و مع قطع النّظر عنهما، أو لم يأن وقت إجرائها، كالأحكام التي بقيت مخزونة لدى وليّ العصر عجّل اللَّه فرجه و يكون وقت إجرائها زمان ظهوره، لمصالح [تقتضيها] العناية الإلهيّة.
ثانيهما: الأحكام الفعليّة، و هي التي آن، وقت إجرائها، و بلغت موقع عملها بعد تماميّة قيودها و مخصّصاتها، ف أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «2» بهذا العموم حكم إنشائيّ، و الّذي بقي بعد ورود المخصّصات عليه بلسان الكتاب و السّنّة هو
__________________________________________________
 (1) و ذلك في الصفحة: 30 من هذا الجزء.
 (2) المائدة: 1 ..


                        مناهج الوصول إلى علم الأصول، ج‏2، ص: 25
الحكم الفعليّ، و نجاسة بعض الطوائف المنتحلة للإسلام و كفرهم حكمان إنشائيّان في زماننا، و إذا بلغا وقت إجرائهما يصيران فعليّين.
و أمّا الفعليّة و الشأنيّة بما هو معروف- من أنّ الحكم بالنسبة إلى الجاهل و الغافل و الساهي و العاجز يكون شأنيّا، و بالنسبة إلى مقابليهم يصير فعليّا- فليس لهما وجه معقول، لأنّ الاشتراط الشرعيّ في بعضها غير معقول، مع عدم الدليل عليه في جميعها، و التصرّف العقليّ غير معقول، كما سيتّضح لك.
و بالجملة: إنّ الأحكام المضبوطة في الكتاب و السّنّة لا يعقل فيها غير هاتين المرتبتين، فقوله: لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ... «1» إلخ لا يختلف بالنسبة إلى الجاهل و العالم، و لا معنى للفعليّة و الشأنيّة في هذا الحكم المجعول المنضبط، و كذا لا يعقل تغيير إرادة اللّه تعالى الصادع بالشرع، لامتناع تغيّرها، كما هو معلوم لدى أهله.
و أمّا الاقتضاء و التنجّز فليسا من مراتب الحكم: أمّا الأوّل فواضح، و أمّا الثاني فلأنّه حكم عقليّ غير مربوط بمراتب الأحكام المجعولة، و معنى تنجّزه قطع عذر المكلّف في المخالفة، و عدمه كونه معذورا فيها، من غير تغيير و تبديل في الحكم و لا في الإرادة.
المقدمة الخامسة: أنّ الأحكام الكلّيّة القانونيّة تفترق عن الأحكام الجزئيّة من جهات، صار الخلط بينهما منشأ لاشتباهات:
__________________________________________________
 (1) آل عمران: 97.


                        مناهج الوصول إلى علم الأصول، ج‏2، ص: 26
منها: حكمهم بعدم منجّزيّة العلم الإجماليّ إذا كان بعض الأطراف خارجا عن محلّ الابتلاء، بتوهّم أنّ الخطاب بالنسبة إليه مستهجن «1».
و قد ذكرنا في محلّه «2» أنّ الاستهجان ليس في الخطابات الكلّيّة المتوجّهة إلى عامّة المكلّفين، فراجع.
و منها: توهّم أنّ الخطاب لا يعقل أن يتوجّه إلى العاجز و الغافل و الساهي، ضرورة أنّ الخطاب للانبعاث، و لا يعقل انبعاث العاجز و مثله «3».
و هذا- أيضا- من موارد الخلط بين الحكم الكلّيّ و الجزئيّ، فإنّ الخطاب الشخصيّ إلى العاجز و مثله لغو ممتنع صدوره من الملتفت، و هذا بخلاف الخطابات الكلّيّة المتوجّهة إلى العناوين الكلّيّة، كالناس و المؤمنين، فإنّ مثل تلك الخطابات تصحّ من غير استهجان إذا كان فيهم من ينبعث عنها، و لا يلزم أن تكون باعثة أو ممكنة البعث بالنسبة إلى جميعها في رفع الاستهجان.
أ لا ترى أنّ الخطاب الشخصيّ إلى من كان عاصيا، أو الكلّيّ إلى عنوان العصاة، مستهجن غير ممكن الصدور من العاقل الملتفت، و لكنّ الخطاب العموميّ غير مستهجن بل واقع، لأنّ الضرورة قائمة على أنّ الخطابات و الأوامر الإلهيّة شاملة للعصاة، و أنّ [بناء] المحقّقين على أنّها شاملة
__________________________________________________
 (1) فرائد الأصول: 250- 251، الكفاية 2: 218، فوائد الأصول 4: 50- 51.
 (2) و ذلك في صفحة: 213- 218 من الجزء الثاني من أنوار الهداية.
 (3) فرائد الأصول: 308- سطر 23.


                        مناهج الوصول إلى علم الأصول، ج‏2، ص: 27
للكفّار أيضا، مع أنّ الخطاب الخصوصيّ إلى الكفّار المعلومي الطغيان من أقبح المستهجنات، بل غير ممكن لغرض الانبعاث، فلو كان حكم الخطاب العامّ كالجزئيّ فلا بدّ من الالتزام بتقييد الخطابات بغيرهم، و هو كما ترى.
و كذا الحال في الجاهل و الغافل و النائم و غيرهم ممّا لا يعقل تخصيصهم بالحكم، و لا يمكن توجُّه الخطاب الخصوصيّ إليهم، و إذا صحّ في مورد فليصحّ فيما هو مشترك معه في المناط، فيصحّ الخطاب العموميّ لعامّة الناس من غير تقييد بالقادر، فيعمّ جميعهم، و إن كان العاجز و الجاهل و الناسي و الغافل و أمثالهم معذورين في مخالفته، فمخالفة الحكم الفعليّ قد تكون لعذر كما ذكر، و قد لا تكون كذلك.
و السرّ فيما ذكرنا: هو أنّ الخطابات العامّة لا ينحلّ كلّ [منها] إلى خطابات بعدد نفوس المكلّفين، بحيث يكون لكلّ منهم خطاب متوجّه إليه بالخصوص، بل يكون الخطاب العموميّ خطابا واحدا يخاطب به العموم، و به يفترق عن الخطاب الخصوصيّ في كثير من الموارد.
هذا، مضافا إلى أنّ الإرادة التشريعيّة ليست إرادة إتيان المكلّف و انبعاثه نحو العمل، و إلاّ يلزم في الإرادة الإلهيّة عدم انفكاكها عنه و عدم إمكان العصيان، بل هي عبارة عن إرادة التقنين و الجعل على نحو العموم، و في مثله يراعى الصحّة بملاحظة الجعل العموميّ القانونيّ، و معلوم أنّه لا تتوقّف صحّته على صحّة الانبعاث بالنسبة إلى كلّ الأفراد، كما يظهر
                       

مناهج الوصول إلى علم الأصول، ج‏2، ص: 28
بالتأمُّل في القوانين العرفيّة.




                        معتمد الأصول، ج‏1، ص: 127
تحقيق في الجواب على مسلك الخطابات القانونيّة
و تنقيح الكلام في هذا المقام بحيث يظهر منه صحّة الاشتراط و لزومه أو عدمهما يتوقّف على رسم مقدّمات:
الاولى: أنّه ليس للحكم إلّا مرتبتان: مرتبة الإنشاء و مرتبة الفعلية، بل نقول: إنّهما ليستا مرتبتين للحكم بأن يكون كلّ حكم ثابتاً له هاتان المرتبتان، بل هما مقسمان لطبيعة الحكم بمعنى أنّ الأحكام على قسمين: أحدهما: الأحكام الإنشائية، و ثانيهما: الأحكام الفعلية، و المراد بالأُولى‏ هي الأحكام التي لم يكن فيها ما يقتضي إجراءها بعد جعلها بل اوحي إليها إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم و أودعها صلى الله عليه و آله و سلم إلى الأئمّة عليهم السلام حتّى يظهر قائمهم عليه السلام، فيجريها، كما أنّ المراد بالثانية هي القوانين و الأحكام التي قد اجريت بعد الوحي، و هي الأحكام‏

                        معتمد الأصول، ج‏1، ص: 128
المتداولة بين الناس التي أظهرها النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أو الأئمّة من بعده.
و الدليل على ما ذكرنا من أنّه ليس الفعلية و الإنشائية مرتبتين للحكم بأن يكون العالم مثلًا حكمه فعليّاً و الجاهل إنشائياً: أنّ المراد بالحكم الذي يجعلون له المرتبتين بل المراتب الأربع- كما في الكفاية «1»- إن كان هو العبارة المكتوبة في القرآن أو في كتب الحديث فمن الواضح البديهي أنّه لا يعرض له التغيير بتغيّر حالات المكلّف من حيث العلم و الجهل و القدرة و العجز و نظائرها، و إن كان المراد به هو حقيقة الحكم الراجعة إلى إرادة المبدأ الأعلى جلّ شأنه، فمن الواضح أيضاً أنّه لا يعرض لها التغيير باختلاف الحالات المذكورة؛ لامتناع عروض التغيّر له تعالى‏، كما لا يخفى‏.
الثانية: لا يذهب عليك ثبوت الفرق بين الخطاب بنحو العموم و بين الخطاب بنحو الخصوص في بعض الموارد، منها: مسألة الابتلاء، فإنّه يشترط في صحّة توجيه الخطاب الخاصّ و عدم استهجانه أن يكون المخاطب مبتلى بالواقعة المنهي عنها، كما أنّه يشترط في صحّة توجيه الخطاب الخاصّ المتضمّن للأمر أن لا يكون للمخاطب داعٍ إلى إتيان المأمور به مع قطع النظر عن تعلّق الأمر.
و السرّ في ذلك أنّ الأمر و النهي إنّما هو للبعث و الزجر، و يقبح زجر المكلّف عمّا يكون متروكاً؛ لعدم الابتلاء به، كما هو واضح، و هذا بخلاف الخطاب بنحو العموم، كما هو الشأن في جميع الخطابات الواردة في الشريعة، فإنّه لا يشترط في صحّته أن يكون كلّ واحد من المخاطبين مبتلى بالواقعة المنهيّ عنها؛ لعدم انحلال ذلك الخطاب إلى‏ خطابات عديدة حسب تعدّد المخاطبين حتّى يشترط
__________________________________________________
 (1)- كفاية الاصول: 321.

                        معتمد الأصول، ج‏1، ص: 129
فيه ذلك، بل يشترط فيه أن لا يكون جميعهم أو أكثرهم تاركين للمنهي عنه؛ لعدم الابتلاء، و أمّا لو كان بعضهم تاركاً له و لم يكن في البين ما يميّز كلّ واحد من الطائفتين عن الاخرى، فلا يضرّ بصحّة الخطاب بنحو العموم أصلًا، فما اشتهر بينهم من أنّه إذا خرج بعض أطراف العلم الإجمالي عن مورد الابتلاء، لم يجب الاجتناب من الآخر أيضاً ليس في محلّه، كما حقّقناه في موضعه «1»
. و الوجه في عدم الانحلال: أنّه لا إشكال في كون الكفّار و العصاة مكلّفين بالأحكام الشرعية مع أنّه لو قيل بالانحلال إلى‏ خطابات متكثّرة، يلزم عدم كونهم مكلّفين؛ لعدم صحّة توجيه الخطاب الخاصّ إليهم بعد عدم انبعاثهم إلى‏ فعل المأمور به، و عدم انزجارهم عن فعل المنهي عنه أصلًا، كما لا يخفى‏، فمن كونهم مكلّفين يستكشف أنّه لا يشترط في الخطاب بنحو العموم كون كلّ واحد من المخاطبين واجداً لشرائط صحّة توجيه الخطاب الخاصّ إليه.
و الدليل على عدم كون الخطابات الواردة في الشريعة مقيّدة بالعلم و القدرة، مضافاً إلى‏ ما نراه بالوجدان من عدم كونها مقيّدةً بنظائرهما: أنّها لو كانت مقيّدةً بالقدرة بحيث لم يكن العاجز مشمولًا لها و مكلّفاً بالتكاليف التي تتضمّنه تلك الخطابات يلزم فيما لو شكّ في القدرة و عدمها إجراء البراءة؛ لأنّ مرجع الشكّ فيها إلى الشكّ في التكليف؛ لأنّ المفروض الشكّ في تحقّق قيده، و إجراء البراءة في موارد الشكّ في التكليف ممّا لا خلاف فيه بينهم مع أنّه يظهر منهم القول بالاحتياط في مورد الشكّ في القدرة كما يظهر بمراجعة فتاويهم.
و أيضاً لو كانت الخطابات مقيّدةً بالقدرة، يلزم جواز إخراج المكلّف نفسه عن عنوان القادر، فلا يشمله التكليف، كما يجوز للحاضر أن يسافر، فلا يشمله‏
__________________________________________________
 (1)- أنوار الهداية 2: 213 و ما بعدها.

                        معتمد الأصول، ج‏1، ص: 130
تكليف الحاضر، و كما يجوز للمكلّف أن يعمل عملًا يمنعه عن صدق عنوان المستطيع عليه، و غيرهما من الموارد، مع أنّ ظاهرهم عدم الجواز في المقام، و ليس ذلك كلّه إلّا لعدم اختصاص الخطاب بالقادرين، بل يعمّ الجميع غاية الأمر كون العاجز معذوراً في مخالفة التكليف المتعلّق به بحكم العقل.
و توهّم: أنّه كيف يمكن أن تتعلّق إرادة المولى بإتيان جميع الناس مطلوباته مع أنّ العقل يحكم بامتناع تعلّق الإرادة من الحكيم بإتيان العاجز.
مدفوع: بأنّه ليس في المقام إلّا الإرادة التشريعية، و معناها ليس إرادة المولى إتيان العبد، كيف و لازمه استحالة الانفكاك بالنسبة إلى اللَّه جلّ شأنه؛ لما قرّر في محلّه من عدم إمكان تخلّف مراده تعالى‏ عن إرادته، بل معنى الإرادة التشريعية ليست إلّا الإرادة المتعلّقة بجعل القوانين المتضمّنة للبعث و الزجر، فمتعلّق الإرادة إنّما هو بعث الناس إلى محبوبه و زجرهم عن مبغوضه، لا انبعاثهم و انزجارهم حتّى يستحيل الانفكاك.
و بالجملة، فلا يشترط في جعل القوانين العامّة إلّا كونها صالحةً لانبعاث النوع و انزجار لسببه كما يظهر بمراجعة العقلاء المقنّنين للقوانين العرفية، فتأمّل في المقام؛ فإنّه من مزالّ الأقدام.
الثالثة: قد عرفت أنّ كلّ واحد من الأمر بالأهمّ و الأمر بالمهمّ إنّما تعلّق بالطبيعة معراة عن جميع القيود، و ليس فيها لحاظ الأفراد و لا لحاظ الحالات التي يطرأ بعد تعلّق الأمر بها حتّى صار المولى بصدد بيان العلاج و دفع التزاحم بين الأمرين في حالة الاجتماع.
الرابعة: أنّه ليس للعقل التصرّف في أوامر المولى بتقييدها ببعض القيود، بل له أحكام توجب معذورية المكلّف بالنسبة إلى‏ مخالفة تكاليف المولى، فحكمه بقبح العقاب في صورة الجهل أو العجز لا يرجع إلى‏ تقييد الأحكام بصورة

                        معتمد الأصول، ج‏1، ص: 131
العلم و القدرة حتّى لا يكون الجاهل أو العاجز مكلّفاً، بل الظاهر ثبوت التكليف بالنسبة إلى‏ جميع الناس أعمّ من العالم و الجاهل و القادر و العاجز، غاية الأمر كون الجاهل و العاجز معذوراً في المخالفة بحكم العقل. نعم قد يكون حكم العقل كاشفاً عن بعض الأحكام الشرعية، فحكمه حينئذٍ طريق إليه، كما لا يخفى‏.
الخامسة: قد عرفت أنّ الخطابات الواردة في الشريعة إنّما تكون على نحو العموم، و لا يشترط فيها أن يكون كلّ واحد من المخاطبين قادراً على إتيان متعلّقها، بل يعمّ القادر و العاجز، و معذوريّة العاجز إنّما هو لحكم العقل بقبح عقابه على تقدير المخالفة، لا لعدم ثبوت التكليف في حقّه، و حينئذٍ فالعجز إمّا أن يكون متعلّقاً بالإتيان بمتعلّق التكليف الواحد، و حينئذٍ فلا إشكال في معذورية المكلّف في مخالفته، و إمّا أن يكون متعلّقاً بالجمع بين الإتيان بمتعلّق التكليفين أو أزيد بأن لا يكون عاجزاً عن الإتيان بمتعلّق هذا التكليف بخصوصه و لا يكون عاجزاً عن موافقة ذلك التكليف بخصوصه أيضاً، بل يكون عاجزاً عن الجمع بين موافقة التكليفين و متابعة الأمرين.





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 19/2/2024 - 23:10

                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 214
موضوعاً حتّى يثبت له حكم، و يقال: إنّه بنفسه متهافت مع غيره، بل اخذ طريقاً إلى ملحوظه و مرآة إلى معلومه؛ فإذن يكون ملاك التهافت المفروض في الملحوظ بما هو ملحوظ، دون نفس اللحاظ.
و أمّا ثانياً: بعد ما كان مورد التهافت هو الملحوظ نقول: إنّا لا نتصوّر أن يكون شي‏ء أوجب ذلك التناقض؛ سوى تقييد الموضوع بما يأتي من قِبَل الأمر، فيرجع الكلام إلى أنّ لحاظ الشيئين المترتّبين في الوجود في رتبة واحدة موجب للتهافت في اللحاظ و التناقض في العلم، و قد عرفت تقريره من الوجوه السابقة و أجوبتها.
فيما استدلّ به للقائلين بامتناع الأخذ امتناعاً بالغير
و أمّا القول الثاني- أعني امتناع أخذه في المتعلّق امتناعاً بالغير- فقد استدلّ له بوجوه عليلة، نشير إلى مهمّاتها:
الأوّل: أنّ فعلية الحكم الكذائي تستلزم الدور؛ لأنّ فعلية الحكم تتوقّف على فعلية موضوعه- أي متعلّقات متعلّق التكليف- ضرورة أنّه ما لم تكن القبلة متحقّقة لا يمكن التكليف الفعلي باستقبالها، و فعلية الموضوع فيما نحن فيه تتوقّف على فعلية الحكم، فما لم يكن أمر فعلي لا يمكن قصده، فإذا كانت فعلية الحكم ممتنعة يصير التكليف ممتنعاً بالغير؛ ضرورة أنّ التكليف إنّما هو بلحاظ صيرورته فعلياً ليعمل به المكلّف «1».
و الجواب: أنّك قد عرفت أنّ إنشاء التكليف على الموضوع المقيّد لا يتوقّف إلّا على تصوّره، فإذا أنشأ التكليف كذلك يصير الموضوع في الآن المتأخّر فعلياً؛
__________________________________________________
 (1)- انظر نهاية الدراية 1: 326.

                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 215
لأنّ فعليته تتوقّف على الأمر الحاصل بنفس الإنشاء.
و بعبارة اخرى: أنّ فعلية التكليف متأخّرة عن الإنشاء رتبة، و في رتبة الإنشاء يتحقّق الموقوف عليه.
بل لنا أن نقول: إنّ فعلية التكليف لا تتوقّف على فعلية الموضوع؛ توقّف المعلول على علّته، بل لا بدّ في حال فعلية الحكم من فعلية الموضوع، و لو صار فعلياً بنفس فعلية الحكم؛ لأنّ الممتنع هو التكليف الفعلي بشي‏ء لم يكن متحقّقاً بالفعل، و أمّا التكليف الفعلي بشي‏ء يصير فعلياً بنفس فعلية الحكم لم يقم دليل على امتناعه، بل الضرورة قاضية بجوازه‏

 

 

                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 319
الجهة الثانية: في حكم الواجب المشروط قبل تحقّق شرطه‏
نبحث فيها عن أنّ الواجب المشروط وجوبه فعلي قبل تحقّق شرطه أولا؟
و المشهور المنصور هو الثاني «1»، و توضيحه يتوقّف على تحقيق حقيقة الحكم:
لا إشكال في أنّ الآمر قبل إنشاء الحكم يتصوّر المبعوث إليه و يدرك فائدته و لزوم حصوله بيد المأمور، فيريد البعث إليه بعد تمامية مقدّماته.
إنّما الكلام في أنّ الحكم هل هو الإرادة أو الإرادة المظهرة أو البعث الناشئ منها؛ بحيث يكون الإرادة كسائر المقدّمات من مبادئ حصوله لا من مقوّماته؟
التحقيق: هو الأخير بشهادة العرف و العقلاء، أ لا ترى أنّ مجرّد صدور الأمر من المولى يكفي في انتقال العبيد إلى وجوب الإتيان، من غير أن يخطر ببالهم أنّ أمره ناشٍ من الإرادة أو أنّ هنا إرادة في نفسه و هو يحكي عنها؟ بل قد عرفت «2» أنّ البعث و الإغراء بأيّ آلة كانت فهو تمام الموضوع لحكم العقلاء بوجوب الامتثال.
و أمّا ما عن بعض محقّقي العصر: من كون الحكم عبارة عن الإرادة التشريعية التي يظهرها المريد بأحد مظهراتها «3» فهو خلاف التحقيق:
__________________________________________________
 (1)- الفصول الغروية: 80/ السطر 10، كفاية الاصول: 121.
 (2)- تقدّم في الصفحة 204- 205.
 (3)- بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1: 345، نهاية الأفكار 1: 302.

                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 320
أمّا أولًا: فلما عرفت من ارتكاز العبيد على الانتقال إلى الوجوب من الأوامر، بلا لحاظ الإرادة التي هذا اللفظ حاكٍ عنها.
و ثانياً: أنّ الوجوب و الإيجاب في عالم الاعتبار واحدان ذاتاً كالوجود و الإيجاد في وعاء التكوين و يختلفان اعتباراً، و لو صحّ انتزاع الوجوب عن الإرادة صحّ انتزاع الإلزام و الإيجاب عنها، مع أنّ الإرادة لا تسمّى إلزاماً و إيجاباً، بخلاف الإغراء و البعث لفظاً وحده.
فإن قلت: يرد هذا لو قال القائل بأنّ الحكم عبارة عن نفس الإرادة، و لكنّه قدس سره يقول بكونه عبارة عن الإرادة التشريعية التي يُظهرها المريد، فشَرَط مع نفس الإرادة وجود المُظهر.
قلت: نعم، لكن كون الحكم عبارة عن الإرادة المظهرة ينافي انتزاع الوجوب عن البعث المولوي مع الغفلة عن الإرادة.
و ثالثاً: أنّ الأحكام الوضعية قسيم التكليفية، مع أنّ الوضعيات لا تكون من قبيل الإرادات المظهرة؛ إذ الحكومة و القضاوة و الملكية و غيرها تنتزع من جعلها.
و لا يمكن أن يقال: إنّ هذه العناوين منتزعة عن الإرادة أو عن الإرادة المظهرة، كما أنّ حكم السلطان و القاضي عبارة عن نفس الإنشاء الصادر منه في مقام الحكومة و القضاء لا الإرادة المظهرة، بل لا يكفي في فصل الخصومة إظهار إرادته أو إفهام رأيه ما لم يتكلّم بلفظ نحو «حكمتُ» أو «أنفذتُ» أو ما يفيد الحكم بالحمل الشائع.
نعم، لو لم ينشأ البعث من الإرادة الجدّية لا ينتزع منه الوجوب و الإيجاب، و هو لا يوجب أن تكون الإرادة دخيلة في قوام الحكم أو تكون تمام حقيقته، و يكون الإظهار واسطة لانتزاع الحكم منها، بل أقصى ما يقتضيه أن يعدّ الإرادة من مبادئ الحكم، كما فرضناه.
                       

تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 321
إذا عرفت ذلك: يتّضح لك أنّ وجوب المشروط قبل تحقّق شرطه ليس فعلياً، كما هو ظاهر تعليق الهيئة، و إنشاء البعث على تقدير لا يمكن أن يكون بعثاً حقيقياً إلّا على ذلك التقدير؛ للزوم تخلّف المنشأ عن الإنشاء؛ إذ المفروض أنّ المنشأ إنّما هو الوجوب و الإيجاب على تقدير حصول شرطه، فلا معنى- حينئذٍ- للوجوب فعلًا مع عدم شرطه.
و نظيره باب الوصية؛ إذ إنشاء الملكية على تقدير الموت لا يفيد الملكية الفعلية، بل يؤثّر في الملكية بعد الموت.
هذا، و لو قلنا: إنّ الإرادة دخيلة في الحكم لا تكون دخالتها إلّا بنحو كونها منشأً للانتزاع، و أمّا كونها نفس الحكم ذاتاً فهو خلاف الضرورة، و عليه لا ينتزع من الإرادة المعلّقة على شي‏ء إلّا الوجوب على تقدير، لا الوجوب الفعلي.
فتلخّص: أنّ البعث على تقدير كالإرادة على تقدير لا يكون إيجاباً فعلياً، و لا منشأً له كذلك.
فإن قلت: إنّ الوجوب بما أنّه أمر اعتباري يصحّ التعليق فيه، و هذا بخلاف الإرادة؛ فإنّها من مراتب التكوين، و امتناع التعليق في التكوين ضروري. و قولك:
إنّ الإرادة هنا على تقدير يوهم ذلك.
قلت: إنّ المراد من الإرادة على تقدير ليس معناه عدم الإرادة فعلًا و لا التعليق في نفس الإرادة، بل المراد إرادة إيجاب شي‏ء من المأمور على تقدير، فالإرادة التشريعية هنا فعلية، لكن تعلّق بإيجاب شي‏ء على تقدير، و لذلك لا ينتزع منه الوجوب الفعلي، بل الوجوب على تقدير، و هو يساوق الإنشائية.
و بالجملة: تعلّقت إرادة فعلية بالبعث على تقدير، ففي مثله لا ينتزع الوجوب الفعلي، ففرق بين التقدير في الإرادة أو في إنشاء البعث بها.


                        تهذيب الأصول، ج‏1، ص: 322
و ليعلم: أنّ قولنا بأنّ الإرادة التشريعية هنا فعلية و تعلّق مع فعليتها بإيجاب شي‏ء على تقديرٍ، لا ينافي مع ما اخترناه؛ من أنّ الإرادة و الحكم في الواجب المشروط غير فعلي؛ خلافاً لبعض محقّقي العصر.
وجه عدم المنافاة: هو أنّ المراد من فعلية الإرادة هو الإرادة التشريعية المتعلّقة بإنشائها و تشريعها، فهي فعلية قطعاً، و ما هو غير فعلي إنّما هي الإرادة المتعلّقة بإيجاده في الخارج فعلًا؛ و لو قبل حصول شرطه أو البعث الفعلي إليه كذلك.

 

                        تهذيب الأصول، ج‏3، ص: 217
افي الاضطرار إلى بعض الأطراف المعيّن‏
منها: أنّه لو كان الاضطرار إلى بعض الأطراف معيّناً قبل تعلّق التكليف أو بعده و قبل العلم به، فلا إشكال في عدم وجوب الاجتناب عن الآخر؛ سواء كان الاضطرار عقلياً أو عادياً:
أمّا على مسلك المشهور: من أنّ الأعذار العقلية أو الشرعية يوجب سقوط الأحكام عن الفعلية فواضح؛ لأنّ العلم بتكليف دائر أمره بين كونه إنشائياً لو صادف مورد الاضطرار، و فعلياً لو كان في الطرف الآخر لا يوجب علماً بالتكليف الفعلي على أيّ تقدير، فلا معنى للتنجيز.
و أمّا على المختار في باب الأعذار من بقاء الأحكام على فعلياتها- كان المكلّف عاجزاً أو قادراً، مختاراً كان أو مضطرّاً، من دون أن يكون الاضطرار موجباً لتحديد التكليف و تقييد فعليته، غاية الأمر يكون المكلّف معذوراً في ترك الواجب أو ارتكاب الحرام، و لأجل ذلك قلنا بلزوم الاحتياط عند الشكّ في القدرة، إلى أن يقف على عذر مسلّم- فيمكن القول بلزوم الاجتناب عن الطرف الآخر؛ لحصول العلم بالتكليف الفعلي بعد الاضطرار، و المفروض عدم ارتفاعه بحدوث الاضطرار.
فلو كان الخمر في ذاك الطرف غير المضطرّ إليه لزم الاجتناب عنه قطعاً.
فارتكاب عامّة الأطراف مخالفة عملية بلا عذر للتكليف على فرض وجوده في ذاك الطرف، فيجب الاجتناب عنه مقدّمة.

                        تهذيب الأصول، ج‏3، ص: 218
و إن شئت نزّلت المقام بما لو علم العبد بالتكليف الفعلي و شكّ في قدرته، و قد تقدّم أنّه ليس معذوراً في ذلك، بل لا بدّ من العلم بالعذر، و ليس له الاكتفاء بالشكّ مع العلم بالتكليف الفعلي.
و مثله المقام؛ فإنّ العلم الإجمالي قد تعلّق بالتكليف الفعلي، و المكلّف شاكّ في كونه مضطرّاً إلى الإتيان بمتعلّق التكليف، فيكون من قبيل الشكّ في القدرة، فيجب له الاحتياط، من غير فرق في ذلك بين العلم التفصيلي و الإجمالي.
و لكن الإنصاف: وضوح الفرق بين المقامين؛ فإنّ التكليف هناك قطعي و الشكّ في وجود العذر، و أمّا المقام فالتكليف و إن كان محقّقاً إلّا أنّ العذر مقطوع الوجود.
توضيحه: أنّ المكلّف بعد ما وقف على التكليف الفعلي- أي غير المقيّد بالقدرة- يجب له الاحتياط و ترك المساهلة حتّى يجيب أمر المولى بامتثال قطعي أو عذر كذلك. فلو أجاب أمر المولى بالشكّ في القدرة فقد أجابه بما يشكّ كونه عذراً عند العقل و العقلاء. و هذا بخلاف المقام؛ فإنّ العذر- و هو الاضطرار- حاصل في المقام قطعاً.
و ما أسمعناك من أنّ الاضطرار عذر في الطرف المضطرّ إليه دون الطرف الآخر، و أنّ مرجع ذلك إلى الشكّ في العذرية؛ لأنّ التكليف لو كان في الطرف المضطرّ إليه فهو عذر قطعاً، و لو كان في الطرف الآخر فهو غير معذور قطعاً. فالشكّ في أنّ الحرام في أيّ الطرفين يلازم الشكّ في وجود العذر في ذلك الطرف.
مدفوع بما عرفت في صدر المسألة من أنّ الميزان في تنجيز العلم الإجمالي أن يتعلّق العلم بشي‏ء لو تعلّق به العلم التفصيلي لتنجّز عليه التكليف، فلو تعلّق العلم الإجمالي على أمر مردّد بين الإنشائي و الفعلي فلا يكون منجّزاً.


                        تهذيب الأصول، ج‏3، ص: 219
و أمّا المقام فمتعلّق العلم و إن كان حكماً فعلياً إلّا أنّ مجرّد كونه فعلياً لا يثمر، بل لا بدّ أن يتعلّق بحكم فعلي صالح للاحتجاج مطلقاً عند العقلاء.
و هذا القيد مفقود في المقام؛ حيث إنّه لم يتعلّق بما هو صالح له مطلقاً؛ بحيث لو ارتفع الإجمال لتنجّز التكليف، بل هو صالح للاحتجاج على وجه، و غير صالح على وجه آخر. و مرجعه إلى عدم العلم بالصالح مطلقاً، و معه لا يوجب تنجيزاً أصلًا.
و إن شئت قلت: فرق واضح بين الشكّ في القدرة أو الاضطرار مع العلم بالتكليف، و بين العلم بالعجز أو الاضطرار مع الشكّ في انطباقه على مورد التكليف أو غيره؛ فإنّ العلم بالعجز و الاضطرار يكون عذراً وجدانياً، فلم يتعلّق علم العبد بتكليف فعلي لا يكون معذوراً فيه، و لكن الشكّ في العجز لا يكون عذراً عند العقلاء مع فعلية التكليف، و هذا هو الفارق بين البابين.

 

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 19/2/2024 - 23:14

الخلل فی الصلاه، ص 153-155

كيفية شرطية الوقت وحكم الصلاة الواقعة خارج الوقت ولا بدّ من تقديم مقدّمة: و هي أنّ‌ دخول الوقت يحتمل أن يكون شرطاً لوجوب الصلاة، فيكون وجوبها مشروطاً بمجيء الوقت كسائر الوجوبات المشروطة، ويحتمل أن تكون الصلاة الواجبة معلّقة على دخول الوقت، فتكون من قبيل الواجبات المعلّقة، فيكون الوجوب فعلياً متعلّقاً بأمر استقبالي هي الصلاة في الوقت، ويحتمل أن يكون الوجوب مطلقاً و الوقت شرطاً للمأمور به، كالطهارة و الستر للصلاة. فعلى الأوّلين: لو وقعت الصلاة خارج الوقت بطلت بحسب القواعد؛ عمداً كان أو سهواً ونسياناً ونحوهما، ولا يمكن تصحيحها بحديث الرفع ،  كالتصحيح به بالنسبة إلى شروطها كالطهارة و القبلة، على ما مرّ الكلام فيه ، فإنّ‌ الصلاة قبل الوقت ليست مأموراً بها، فلا مجرى لحديث الرفع فيها قبل الوقت، ولا لقاعدة الإجزاء. وعلى الثالث: يكون حاله كحال سائر الشروط و الأجزاء التي قلنا بجريان الحديث فيها ، وصيرورة الواجب الصلاة ما عدا الجزء أو الشرط المنسيّين. هذا بحسب الاحتمال. ولا إشكال بحسب الإثبات في عدم كون الوقت من قبيل شروط الواجب، وظاهر الآية الكريمة أَقِمِ‌ الصَّلاٰةَ‌ لِدُلُوكِ‌ الشَّمْسِ‌... إلى آخره أحد الاحتمالين الأوّلين، والأرجح منهما هو الأوّل، فإنّ‌ الأظهر أن يكون قوله: لِدُلُوكِ‌ الشَّمْسِ‌ متعلّقاً بالطلب، فيكون الحاصل: تجب الصلاة عند دلوكها، فيكون الوجوب مشروطاً؛ لا بالصلاة حتّى يكون الوجوب معلّقاً، و أمّا كونها بصدد بيان الشرطية، لا الحكم التكليفي، فخلاف الظاهر بعد كون الأمر متعلّقاً بالصلاة أو متعلّقاتها. هذا بالنسبة إلى أوّل الزوال، و أمّا منه إلى آخر الوقت فسيأتي الكلام فيه . و أمّا الروايات فيظهر من كثير منها: أنّ‌ الصلاة بالإضافة إلى وقتها من قبيل الواجب المشروط، مع أنّ‌ عدم وجوبها قبل الوقت واضح لدى المتشرّعة، وكيف كان، لا إشكال في عدم جريان حديث الرفع بالنسبة إلى الوقت؛ من غير فرق بين ما قبل الوقت وما بعده، ولا بين وقوع بعضها خارج الوقت ووقوع كلّها. هذا بحسب القواعد الأوّلية.

 




****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Sunday - 25/2/2024 - 21:44

نکاتی در مورد نظریه خطابات قانونیه

در تحلیل مراتب حکم، دو نظریه  «قضایای حقیقیه » و «خطابات قانونیه » از نظریات قابل تامل در این حوزه می باشند. در این میان برخی نظریه خطابات را تکامل یافته نظریه اول می دانند که با برخی ملاحظات قابل پذیرش است.

نکات قابل تامل این نظریه عبارتند از :

1. اخذ قید عموم در اصل خطاب قانونی

2. عدم تفکیک بین خطاب و انشاء

3. ابهامات در مودر تقسیم احکام انشائی  

بیان ذلک: ایشان حکم انشائی را به دو قسم تقسیم می کنند. قسم اول احکام انشائیه که ابلاغ نمی شود الا در زمان ظهور و قسم دوم احکامی که اعم از مقصود شارع ابلاغ می شوند و بعدتر قیود آن بیان می شود.

در هر دو قسم ابهاماتی به چشم می خورد

3.1. عنوان احکام در زمان غیبت؟ انشاء است یا فعلیت؟ اگر حکم انشا شده نجاست است و در زمان ظهور فعلی می شود حکم طهارتی که در زمان غیبت مستقر است انشا شده است؟ در این صورت  انشاء دو حکم متضاد لازم می آید و یا فعلی است که چگونه حکم انشا نشده فعلی می شود؟

3.2. در این قسم یک بیان عام داریم و یک تخصیص و تقیید. آیا بیان عام شارع، انشاء است یا آن اراده جدیه اولیه؟ اگر بیان خاص انشاء شارع باشد، عنوان بیان عام چیست؟ چه این که نه انشاء است (دامنه اعم) و نه فعلی خواهد شد که در این صورت نقص بیانی این نظریه خواهد بود. و اما اگر بیان عام شارع انشا باشد کما هو الظاهر در این صورت بین فعلیت و انشاء تطابق برقرار نیست و حکم خاص بدون این که انشاء خاص داشته باشد فعلی شده است.  به عبارت دیگر مبلغ احکام شرع که حق ندارد از انشاء شارع کوتاه بیاید و صرفاً بخشی ابلاغ شود. در این صورت ما در مرحله فعلیت ناگزیر از انشاء ثانی خواهیم بود قبل از این مرحله و این بازگشت به نظریه انشاءات طولیه است.

3.3 دقت در این دو مورد ابهام، روشن می سازد که جامع حقیقی بین دو قسم نداریم و انشاء د راین دو قسم بالدقه در یک معنا به کار نرفته است.

4.   عدم تفکیک بین فعلیت در مقام انشاء و فعلیت در مقام امتثال

5. عدم تفکیک بین شروط عامه تکلیف و شروط اختصاصی مانند استطاعت و وقت نماز.

 

















فایل قبلی که این فایل در ارتباط با آن توسط حسن خ ایجاد شده است