الأنوار الجلالیة في شرح الفصول النصیریة، صفحه: ۹۵
قال: لطيفة - قد ثبت أنّه تعالى ذات واحدة مقدّسة، و أنّه لا مجال للتعدّد و الكثرة في رداء كبريائه، فالاسم الذي يطلق عليه - من غير اعتبار غيره - ليس إلاّ لفظة: «اللّه». و ما عداه إمّا أن يطلق عليه باعتبار إضافته إلى الغير، كالقادر و العالم و الخالق و البارئ و الكريم. أو باعتبار سلب الغير عنه، كالواحد و الفرد و الغنيّ و القديم. أو باعتبار الإضافة و السلب معا، كالحيّ و العزيز و الواسع و الرحيم. فكلّ اسم يليق بجلاله و يناسب كماله ممّا لم يرد به إذن شرعيّ جاز إطلاقه عليه تعالى، إلاّ أنّه ليس من الأدب؛ لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر، كيف و لو لا غاية عنايته و نهاية رأفته في إلهام الأنبياء و المقرّبين أسماءه لما جسر أحد من الخلق أن يطلق واحدا من أسمائه عليه سبحانه.
الأنوار الجلالیة في شرح الفصول النصیریة، صفحه: -95-98
المؤلف: فاضل مقداد
أقول: هذه اللطيفة تشتمل على ذكر أسمائه تعالى و ضبط أقسامها، و تحقيق ذلك يتمّ بفوائد:
الاولى: الاسم هو اللفظ الدالّ على المعنى بالاستقلال المجرّد عن الزمان. فقد يكون نفس المسمّى كلفظ الاسم، فإنّه لمّا كان إشارة إلى اللّفظ الدّال على المسمّى - و من جملة المسمّيات لفظ الاسم - فقد دلّ عليه. و قد يكون مغايرا له كلفظ الجدار الدالّ على معناه المغاير له.
الثانية: الاسم إذا اطلق على الشيء فإمّا أن يكون المسمّى به ذات الشيء، أو ما
يكون داخلا فيها، أو ما يكون خارجا عنها، و الدالّ على الخارجيّ إمّا أن يدلّ على الصفة، أو على الموصوفيّة بتلك الصفة، أو على ذلك الشيء مع كونه موصوفا بتلك الصفة، و الدالّ على الصفة إمّا أن يدلّ على صفة حقيقيّة فقط، أو إضافيّة فقط، أو سلبيّة فقط، أو ما يتركّب من هذه الأقسام.
الثالثة: اختلف الناس في أنّه تعالى هل لذاته اسم أم لا؟ قال الأوائل: لا يجوز ذلك؛ لأنّ الواضع إن كان هو اللّه تعالى و قصد تعريف نفسه فهو محال؛ لأنّه عالم بذاته قبل التعريف، أو تعريف غيره ذاته، فهو أيضا محال؛ لأنّ ذاته غير معلومة لأحد كما يجيء.
و إن كان الواضع غيره فباطل أيضا؛ لأنّه لا بدّ أن يكون عارفا به، و قد بيّنّا استحالته.
و اتّفق الكلّ على أنّه لا يجوز أن يكون له اسم دالّ على جزء معناه؛ لاستحالة التركيب عليه تعالى، فلا جزء له .
و أمّا الأسماء الدالّة على الصفات و الإضافات و السلوب فقد منعها قوم، بناء على أنّه لا يجوز وصفه تعالى بما يوصف به غيره، و هم الملاحدة و جهم بن صفوان ، قالوا: و إلاّ لشارك غيره، فيفتقر إلى مميّز، فيقع التركيب. و هو خطأ؛ فإنّ التركيب إنّما يتمّ على تقدير المشاركة و المباينة بالذاتيّات. و يبطل قولهم أيضا: الإجماع و القرآن العزيز؛ فإنّه تعالى وصف نفسه فيه بكونه قادرا و عالما و غير ذلك. هذا مع أنّا نحن لا نثبت له صفات حقيقيّة نثبت لغيره مثلها حتّى يوجب ذلك الاشتراك، بل ننفى عنه سائر الصفات كما يجيء بيانه،
و إنّما أسماؤه بفرض اعتبارات أو سلوب أو هما معا كما سيجيء.
الرابعة: لمّا ثبت أنّه تعالى ذات واحدة و أنّه لا مجال للتكثّر و التعدّد في رداء كبريائه استحال أن يكون له تعالى اسم يدلّ على معنى خارجيّ قديم أو حادث، خلافا للأشاعرة المثبتين له صفات سبعة قديمة ، و الكراميّة المثبتين له صفات حادثة، بل أسماؤه إمّا أن تدلّ على الذات فقط من غير اعتبار أمر، أو مع اعتبار أمر. و ذلك الأمر إمّا إضافة ذهنيّة فقط، أو سلب فقط، أو إضافة و سلب. فالأقسام حينئذ أربعة:
الأوّل: ما يدلّ على الذات فقط من غير اعتبار، و هو لفظة «اللّه»؛ فإنّه اسم للذات الموصوفة بجميع الكمالات الربّانيّة المنفردة بالوجود الحقيقيّ، فإنّ كلّ موجود سواه غير مستحقّ للوجود لذاته، بل إنّما استفاده من الغير. و يقرب من هذا الاسم لفظة «الحقّ»، إذا اريد به الذات من حيث هي واجبة الوجود، فإنّ الحقّ يراد به دائم الثبوت، و الواجب ثابت دائم غير قابل للعدم و الفناء، فهو حقّ بل أحقّ من كلّ حقّ.
الثاني: ما يدلّ على الذات مع إضافة ك «القادر»، فإنّه بالإضافة إلى مقدور تعلّقت به القدرة بالتأثير.
و «العالم»، فإنّه أيضا اسم للذات باعتبار انكشاف الأشياء لها.
و «الخالق»، فإنّه اسم للذات باعتبار تقدير الأشياء.
و «البارئ»، فإنّه اسم للذات باعتبار اختراعها و إيجادها.
و «المصوّر»، باعتبار أنّه مرتّب صور المخترعات أحسن ترتيب.
و «الكريم»، فإنّه اسم للذات باعتبار إعطاء السؤالات و العفو عن السيّئات.
و «العليّ»، هو اسم للذات التي هي فوق سائر الذوات.
و «العظيم»، فإنّه اسم للذات باعتبار تجاوزها حدّ الإدراكات الحسّيّة و العقليّة.
و «الأوّل»، و هو السابق على الموجودات.
و «الآخر»، و هو الذي إليه مصير الموجودات.
و «الظاهر»، و هو اسم للذات باعتبار دلالة العقل على وجودها دلالة بيّنة.
و «الباطن»، فإنّه اسم لها بالإضافة إلى خفائه عن إدراك الحسّ و الوهم... إلى غير ذلك من الأسماء.
الثالث: ما يدلّ على الذات باعتبار سلب الغير عنه ك «الواحد»، باعتبار سلب النظير و الشريك.
و «الفرد»، باعتبار سلب القسمة و البعضيّة.
و «الغنيّ»، باعتبار سلب الحاجة.
و «القديم»، باعتبار سلب العدم.
و «السلام»، باعتبار سلب العيوب عنه و النقائص.
و «القدّوس»، باعتبار سلب ما يخطر بالبال عنه... إلى غير ذلك.
الرابع: باعتبار الإضافة و السلب معا ك «الحيّ»، فإنّه الدرّاك الفعّال الذي لا يلحقه الآفات.
و «الواسع»، باعتبار سعة علمه و عدم فوات شيء منه.
و «العزيز»، و هو الذي لا نظير له، و هو ممّا يصعب إدراكه و الوصول إليه.
و «الرحيم»، و هو اسم للذات باعتبار شمول رحمته للمخلوقات أو المؤمنين و عدم خروج أحدهم من رحمته و عنايته، و إرادته لهم الخيرات.
الخامسة: الأسماء بالنسبة إلى ذاته المقدّسة على ثلاثة أقسام:
الأوّل: ما يمتنع إطلاقه عليه. و ذلك كلّ اسم يدلّ على معنى يحيل العقل نسبته إلى ذاته الشريفة، كالأسماء الدالّة على الامور الجسمانيّة، أو ما هو مشتمل على النقائص و الحاجة.
الثاني: ما يجوز عقلا إطلاقه عليه و ورد في الكتاب العزيز أو السنّة الشريفة تسميته، فذلك لا حرج في تسميته به، بل يجب امتثال الأمر الشرعيّ في كيفيّة إطلاقه عليه بحسب الأحوال و الأوقات و التعبّدات، إمّا وجوبا أو ندبا.
الثالث: ما يجوز إطلاقه عليه و لكن لم يرد ذلك في الكتاب و لا السنّة الشريفة كالجوهر، فإنّ أحد معانيه كون الشيء قائما بذاته غير مفتقر إلى غيره، و هذا المعنى ثابت له تعالى.
قال المصنّف رحمه اللّه: يجوز تسميته تعالى به؛ إذ لا مانع في العقل من ذلك، لكنّه ليس من الأدب؛ لأنّه و إن جاز عقلا إطلاقه و لم يمنع منه مانع لكنّه يجوز أن لا يناسبه من جهة أخرى لا نعلمها؛ إذ العقل لم يطّلع على كافّة ما يمكن أن يكون معلوما، فإنّ كثيرا من الأشياء لا نعلمها لا إجمالا و لا تفصيلا. و إذا جاز عدم المناسبة و لا ضرورة داعية إلى التسمية فيجب الامتناع من جميع ما لم يرد به نصّ شرعيّ من الأسماء، و هو المطلوب.
و هذا هو معنى قول العلماء: إنّ أسماءه تعالى توقيفيّة، أي موقوفة على النصّ و الإذن في إطلاقها.
شرح الفصول النصریة، ص 170-173
المؤلف: رکن الدین محمد بن علی استرآبادی شاگرد علامه حلی
و اعلم أنّ المتكلّمين اختلفوا في أنّ أسماء اللّه تعالى توقيفية - أي هل يتوقّف إطلاقها على إذن الشرع فيه أو لا؟ و ليس الكلام في أسمائه الأعلام الموضوعة في اللغات، و إنّما النزاع في الأسماء المأخوذة من الصفات و الأفعال، فذهب المعتزلة و الكرامية إلى أنّه إذا دلّ العقل على اتّصافه تعالى بصفة وجودية أو سلبية جاز أن يطلق عليه إسم يدلّ على اتصافه بها، سواء ورد بذلك الإطلاق إذن شرعي أو لا ،
و كذا الحال في الأفعال، و قال القاضي أبو بكر - من الأشاعرة -: كلّ لفظ دلّ على معنى ثابت له تعالى، جاز إطلاقه عليه بلا توقيف، إذا لم يكن إطلاقه موهما لمّا لا يليق بكبريائه . فمن ثمّ لم يجز أن يطلق عليه لفظ العارف؛ لأنّ المعرفة قد يراد بها علم يسبقه غفلة، و لا لفظ الفقيه؛ لأنّ الفقه فهم غرض المتكلّم من كلامه، و ذلك مشعر بسابقة الجهل، و لا لفظ العاقل؛ لأنّ العقل علم مانع من الإقدام على ما لا ينبغي، مأخوذ من العقال، و إنّما هذا يتصور فيمن يدعوه الداعي إلى ما لا ينبغي، و لا لفظ الفطن؛ لأنّ الفطانة سرعة إدراك ما يراد به تعريضه على السامع، فتكون مسبوقة بالجهل، و لا لفظ الطبيب؛ لأنّ الطب يراد به علم مأخوذ من التجارب، و الى غير ذلك من الأسماء، التي فيها نوع إيهام بما لا يصحّ في حقه تعالى، و قد يقال: لا بدّ مع نفي ذلك الإيهام من الإشعار بالتعظيم، حتى يصحّ الإطلاق بلا توقيف. و ذهب أبو الحسن الأشعري و أتباعه: إلى أنّه لا بدّ من التوقيف، و هو المختار؛ و ذلك للإحتياط، تحرّزا عمّا يوهم باطلا، لعظم الخطر في ذلك، فلا يجوز الإكتفاء في عدم إيهام الباطل بمبلغ إدراكنا، بل لا بدّ من الإستناد إلى الشرع . و قال المصنّف رحمه اللّه: كلّ إسم يليق بجلاله -
أي بصفاته السلبية، أو بصفة القهر - و يناسب جماله - أي صفاته الثبوتية، أو بصفة اللطف - ممّا لم يرد به إذن شرعي، جاز إطلاقه عليه، إلاّ أنّه ليس ذلك الإطلاق من الأدب؛ لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر لا نعلمه، و كيف لا يتوقف إطلاق أسمائه على إذن الشرع، و الحال أنّه لولا غاية عنايته، و نهاية رأفته، في إلهام الأنبياء و المقرّبين أسماءه، لمّا جسر أحد من الخلق أن يطلق عليه إسما واحدا من أسمائه سبحانه، و الذي ورد به التوقيف في المشهور تسعة و تسعون إسما ، فقد جاء في الصحيحين: «إنّ للّه تعالى تسعة و تسعين اسما، مائة إلاّ واحدا، من أحصاها دخل الجنة» . و ليس فيهما تعيين تلك الأسماء، لكن الترمذي و البيهقي عيّناها كما هو المشهور ، و إحصاؤها أمّا حفظها؛ فلأنّه إنّما يحصل بتكرار مجموعها، و تعدادها مرارا، و أمّا ضبطها حصرا و تعدادا، و علما و إيمانا، و قياما بحقوقها ، نسأل اللّه أن يوفقنا للعلم و التخلّق بها، إنّه اللطيف المجيب .
ختم لباب التوحيد، و إرشاد للطالبين إلى طريق النجاة.
المصباح للكفعمي (جنة الأمان الواقية)، ص: 336
الجواد
هو كثير الإحسان و الإنعام و الفرق بينه و بين الكريم الذي يعطي مع السؤال و الجواد يعطي من غير سؤال و قيل بالعكس و رجل جواد أي سخي و لا يقال الله سخي لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين و أرض سخاوية و قرطاس سخاوية إذا كان لينا و سمي السخي سخيا للينه عند الحوائج هذا آخر كلام صاحب العدة قلت و قوله و لا يقال الله سخي ليس بشيء لأن السخاء مرادف للجود و هو صفة كمال فيجوز إطلاقه عليه مع أنه قد ورد به الإذن في كثير من الأدعية و إضافة السخاء فيها إليه تعالى كما في
دعاء الجوشن الكبير المروي عن زين العابدين عن أبيه عن جده ع عن النبي ص في قوله يا ذا الجود و السخاء
فقرن بين السخاء و الجود لترادفهما على اسم الكرم و كما في دعاء الصحيفة المذكورة في مهج ابن طاوس في قوله سبحانه من ثواب ما أسخاه و سبحانه من سخي ما أنصره فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصا و قد ورد في الدعوات فما المانع في [من] إطلاقه عليه تعالى إن قلت إن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره كما ذكره صاحب العدة قلت اللين بمعنى الحلم لا بمعنى ضد الخشونة و في دعاء يوم السبت المذكور في كتاب متهجد الشيخ الطوسي ره و لنت في تجبرك و تجبرت في لينك أي حلمت في عظمتك و ليس صفاته تعالى كصفات خلقه لأن التواب من الناس التائب و التواب من أسمائه تعالى هو الذي يقبل التوبة عن عباده و الصبور من الناس كثير حبس النفس عن الجزع
المصباح للكفعمي (جنة الأمان الواقية)، ص: 337
و الصبور من أسمائه تعالى هو الذي لا تحمله العجلة بعقوبة العصاة لاستغنائه عن التسرع إذ لا يخاف الفوت مع أن الشيخ نصير الدين قدس الله سره قال في فصوله كل اسم يليق بجلاله و يناسب كماله و إن لم يرد به إذن يجوز إطلاقه عليه تعالى إلا أنه ليس من الأدب لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر ثم إنا نرجع و نقول إن أصل السخاوة راجع إلى الاتساع و السهولة و السخو الأرض السهلة الواسعة كما ذكره الجوهري و غيره من أئمة اللغة و سمي السخي سخيا لسهولة عطائه و سعته فالله تعالى أحق باسم السخاء لأنه وسع بعطائه المعطين و عم ببره المبرين مع أنا لو سلمنا للشيخ أحمد بن فهد ره صحة الرجوع إلى أصل الاشتقاق في الأسماء الحسنى لوجب أن يترك كل اسم منها يحصل في اشتقاق أصله ما لا يناسب عنده و هو باطل بالإجماع أ لا ترى أن السيد من أسمائه تعالى و هو عند أهل اللغة المسن من المعز قال الجوهري.
عنه ص ثني من الضأن خير من سيد من المعز
و أظن أن صاحب العدة رحمه الله قلد القاضي عبد الجبار في شرحه الأسماء الحسنى في صحة هذا الاشتقاق لأنه منع في شرحه أن يوصف سبحانه بالحنان قال لأنه يفيد معنى الحنين و هو لا يجوز عليه تعالى قلت و كلام عبد الجبار أيضا غير صحيح لاشتقاق الحنان من عير الحنين قال الجوهري في صحاحه الحنان بالتخفيف الرحمة و بالتشديد ذو الرحمة و قال الهروي في الغريبين في قوله تعالى و حنانا من لدنا أي رحمة قال و الحنان بالتشديد الرحيم و هو من صفاته تعالى و بالتخفيف العطف و الرحمة.
و في الحديث أنه ص مر على رجل و هو يعذب فقال لأتخذنه حنانا
أي لأتعطفن عليه و لأترحمن لأنه من أهل الجنة و قال الإمام الطبرسي رحمه الله في تفسيره مجمع البيان في تفسير قوله تعالى و حنانا من لدنا أي رحمة يقال حنانك و حنانيك و أكثر ما يستعمل بمعنى التثنية قال طرفة حنانيك بعض الشر أهون من بعض و معنى حنانيك رحمك الله
المصباح للكفعمي (جنة الأمان الواقية)، ص: 338
رحمة بعد رحمة قال ره و الحنان بالتخفيف العطف و الرحمة و الحنان الرزق و البركة و بالتشديد الرحيم و هو من صفاته تعالى و قيل الله حنان كما قيل رحيم و معناه ذو الرحمة ثم نرجع و نقول على ما ذهب إليه الشيخ أحمد بن فهد و عبد الجبار لا يجوز أن يسمى الله شاكرا و قد ورد به القرآن المجيد في قوله فإن الله شاكر عليم لأن الشاكر في الأصل كما ذكره الإمام الطبرسي في تفسيره هو المظهر للإنعام عليه و الله تعالى يتعالى عن أن يكون لأحد عليه نعمة و إنما وصف سبحانه نفسه بأنه شاكر مجازا و توسعا ثم قال ره و معنى أنه شاكر أي مجاز عبده على طاعته بالثناء و الثواب و إنما ذكر لفظ الشاكر تلطفا لعباده و مظاهرة في الإحسان و الإنعام عليهم كما قال سبحانه من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا و الله تعالى لا يستقرض من عوز لكنه ذكر هذا اللفظ على سبيل اللطف أي يعامل عبده معاملة المستقرض من حيث إن العبد ينفق في حال غناه فيأخذ أضعاف ذلك في حال فقره و حاجته و كذلك لما كان تعالى يعامل عبده معاملة الشاكر من حيث إنه يوجب الثناء له و الثواب سمى نفسه شاكرا ثم نرجع و نقول هنا فائدة يحسن بهذا المقام أن نسفر قناعها و نحدر لفاعها و هي أن الأسماء التي ورد بها السمع و لا شيء منها يوهم نقصا يجوز إطلاقها على الله تعالى إجماعا و ما عدا ذلك فأقسام ثلاثة الأول ما لم يرد به السمع و يوهم نقصا فيمتنع إطلاقه على الله تعالى إجماعا كالعارف و العاقل و الفطن و الذكي لأن المعرفة قد تشعر بسبق فكره و العقل هو المنع عما لا يليق و الفطنة و الذكاء يشعران بسرعة الإدراك لما غاب عن المدرك و كذا المتواضع لأنه يوهم الذلة و العلامة لأنه يوهم التأنيث و الداري لأنه يوهم تقدم الشك و
ما جاء في الدعاء من قول الكاظم ع في دعاء يوم السبت- يا من لا يعلم و لا يدرى كيف هو إلا هو
جواز هذا فيكون
المصباح للكفعمي (جنة الأمان الواقية)، ص: 339
مرادفا للعلم الثاني ما ورد به السمع و لكن إطلاقه في غير مورده يوهم النقص فلا يجوز كأن يقول يا ماكر و يا مستهزئ و يحلف به قال الشهيد ره في قواعده و منع بعضهم أن يقول اللهم امكر بفلان و قد ورد في دعوات المصباح اللهم استهزئ به و لا تستهزئ بي الثالث ما خلا عن الإيهام إلا أنه لم يرد به السمع كالنجي و الأرتجي قال الشهيد ره و الأولى التوقف عما لم يثبت التسمية به و إن جاز أن يطلق معناه عليه إذا عرفت ذلك فنقول قال الشيخ نصير الدين أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله سره في فصوله كل اسم يليق بجلاله و يناسب كماله مما لم يرد به إذن يجوز إطلاقه عليه تعالى إلا أنه ليس من الأدب لجواز أن لا يناسبه تعالى من وجه آخر قلت فعنده يجوز أن يطلق عليه الجوهر لأن الجوهر قائم بذاته غير مفتقر إلى الغير و الله تعالى كذلك و قال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل في كتابه منتهى السؤال لا يجوز أن يطلق على الواجب تعالى صفة لم يرد في الشرع المطهر إطلاقها عليه و إن صح اتصافه بها معنى كالجوهر مثلا بمعنى القائم بذاته لجواز أن يكون في ذلك مفسدة خفية لا نعلمها فإنه لا يكفي في إطلاق الصفة على الموصوف ثبوت معناها له فإن لفظتي عز و جل لا يجوز إطلاقهما على النبي ص و إن كان عزيزا جليلا في قومه لأنهما يختصان بالله تعالى و لو لا عناية الله و رأفته بعباده في إلهام أنبيائه أسماءه لما جسر أحد من الخلق و لا يهجم في إطلاق شيء من هذه الأسماء و الصفات عليه سبحانه قلت و هذا القول أولى من قول صاحب الفصول المتقدم آنفا لأنه إذا جاز عدم المناسبة و لا ضرورة داعية إلى التسمية وجب الامتناع ما لم يرد به نص شرعي من الأسماء و هذا معنى قول العلماء إن أسماء الله تعالى توقيفية أي موقوفة على النص و الإذن الشرعي و لقد خرجنا في هذا الباب بالإكثار عن حد الاختصار غير أن الحديث
المصباح للكفعمي (جنة الأمان الواقية)، ص: 340
ذو شجون