فهرست عامالسورةفهرست قرآن كريم

بسم الله الرحمن الرحیم

آية بعدآية [864] در مصحف از مجموع [6236]آية قبل

6|75|وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ





در تفاسیر



****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 20/11/2024 - 13:42

روایات ذیل آیه شریفه

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 431
قوله تعالى:
و إذ قال إبراهيم لأبيه آزر أ تتخذ أصناما آلهة إني أراك و قومك في ضلال مبين* و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين* فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين- إلى قوله تعالى- إن كنتم تعلمون [74- 81]
__________________________________________________
 (1)- معاني الأخبار: 146/ 1.
 (1) في «ط»: إن الهدى هدى الله.
 (2) تأتي في تفسير الآية (68) من سورة الزمر.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 432
3511/ «1»- ابن بابويه: قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا أبي، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري، عن علي بن محمد بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أ ليس من قولك إن الأنبياء معصومون؟ قال: «بلى».
قال: فسأله عن آيات من القرآن في الأنبياء (عليهم السلام)، فكان فيما سأله أن قال له: فأخبرني عن قول الله عز و جل في إبراهيم (عليه السلام): فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي.
فقال الرضا (عليه السلام): «إن إبراهيم (عليه السلام) وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، و صنف يعبد القمر، و صنف يعبد الشمس، و ذلك حين خرج من السرب «1» الذي أخفي فيه، فلما جن عليه الليل فرأى الزهرة قال: هذا ربي؟! على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل الكوكب قال: لا أحب الآفلين لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم، فلما رأى القمر بازغا قال: هذا ربي؟! على الإنكار و الاستخبار، فلما أفل قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين «2»، فلما أصبح و رأى الشمس بازغة قال: هذا ربي؟! هذا أكبر من الزهرة و القمر، على الإنكار و الاستخبار، لا على الإخبار و الإقرار، فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس:
يا قوم إني بري‏ء مما تشركون* إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين.
و إنما أراد إبراهيم (عليه السلام) بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم، و يثبت عندهم أن العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس، و إنما تحق العبادة لخالقها، و خالق السماوات و الأرض، و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز و جل و آتاه كما قال عز و جل: و تلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه «3»». فقال المأمون:
لله درك، يا ابن رسول الله.
3512/ «2»- محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن مسكان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين، قال: «كشط لإبراهيم السماوات السبع حتى نظر إلى ما فوق العرش، و كشط له الأرضون السبع «4»، و فعل بمحمد (صلى الله عليه و آله) مثل ذلك، و إني لأرى صاحبكم و الأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك».
__________________________________________________
 (1)- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 197/ 1.
 (2)- بصائر الدرجات: 127/ 2.
 (1) السرب: جحر الوحشي، أو حفير تحت الأرض لا منفذ له.
 (2) زاد في المصدر: يقول: لو لم يهدني ربي لكنت من القوم الضالين.
 (3) الأنعام 6: 83.
 (4) في المصدر: و كشط له الأرض حتى رأى ما في الهواء.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 433
3513/ «3»- و عنه: عن أحمد بن محمد، عن البرقي «1»، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل رأى محمد (صلى الله عليه و آله) ملكوت السماوات و الأرض كما رأى إبراهيم (عليه السلام)؟ قال: «بلى- قال- و كذلك أري صاحبكم «2»».
3514/ «4»- و عنه: عن محمد «3»، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن ثعلبة، عن عبد الرحيم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين.
قال: «كشط الله «4» الأرض حتى رآها و من عليها، [و عن السماء حتى رآها و من فيها] و الملك الذي يحملها، و العرش و من عليه «5»، و كذلك أري صاحبكم».
3515/ «5»- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، رفعه، قال: سأل الجاثليق أمير المؤمنين (عليه السلام)، و ذكر الحديث، و قال: «الذين يحملون العرش و من حوله «6» هم العلماء الذين حملهم الله علمه، و ليس يخرج عن هذه الأربعة «7» شي‏ء خلق الله في ملكوته، و هو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه و أراه خليله (عليه السلام) فقال: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين».
و سيأتي تمام الحديث- إن شاء الله تعالى- عند ذكر العرش «8».
3516/ «6»- و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، و علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما رأى إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة
__________________________________________________
 (3)- بصائر الدرجات: 127/ 4.
 (4)- بصائر الدرجات: 126/ 1.
 (5)- الكافي 1: 101/ 1.
 (6)- الكافي 8: 305/ 473.
 (1) (عن البرقي) ليس في «س» و «ط»، و الصواب ما في المتن، حيث روى أحمد بن محمد، كتاب النضر بن سويد، عن أبيه محمد بن خالد البرقي. انظر معجم رجال الحديث 19: 151.
 (2) في المصدر: قال: نعم، و صاحبكم.
 (3) في «س» و «ط»: أحمد بن محمد، و الصواب ما في المتن، و هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، شيخ الصفار، و الراوي عن عبد الله، كما في مشيخة الفقيه 4: 107، معجم رجال الحديث 10: 305. و لم نجد رواية لأحمد بن محمد عن عبد الله الحجال.
 (4) في المصدر: كشط له عن.
 (5) في «ط»: و من يحمله.
 (6) غافر 40: 7.
 (7) قال المجلسي: قال الوالد العلامة (قدس سره): الظاهر أن المراد بالأربعة: العرش، و الكرسي، و السماوات، و الأرض، و يحتمل أن يكون المراد بها الأنوار الأربعة التي هي عبارة عن العرش لأنه محيط على ما هو المشهور. مرآة العقول 2: 75.
 (8) يأتي في الحديث (5) من تفسير الآية (5) من سورة طه.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 434
فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله عز ذكره إليه: يا إبراهيم، إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبد عبد غيري فلن يفوتني، و عبد عبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني».
و روى ذلك علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «1».

3517/ «7»- علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن إسماعيل بن مرار «2»، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كشط له عن الأرض و من عليها، و عن السماء و من فيها «3»، و الملك الذي يحملها، و العرش و من عليه، و فعل ذلك برسول الله و أمير المؤمنين (عليهما الصلاة و السلام)».
3518/ «8»- و في كتاب (الإختصاص) للمفيد (رضي الله عنه): عن الحسن «4» بن أحمد بن سلمة اللؤلؤي، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين، قال: و كنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق، ثم قال: «ارفع رأسك» فرفعت رأسي، فنظرت إلى السقف قد انفرج حتى خلص بصري إلى نور ساطع، و حار بصري دونه، ثم قال لي: «رأى إبراهيم (عليه السلام) ملكوت السماوات و الأرض هكذا» ثم قال لي: «أطرق» فأطرقت، ثم قال: «ارفع رأسك» فرفعت رأسي، فإذا السقف على حاله.
ثم أخذ بيدي فقام و أخرجني من البيت الذي كنت فيه، و أدخلني بيتا آخر، فخلع ثيابه التي كانت عليه، و لبس ثيابا غيرها، ثم قال لي: «غض بصرك» فغضضت «5» بصري، فقال: «لا تفتح عينيك» فلبثت ساعة، ثم قال لي:
 «تدري أين أنت؟» قلت: لا. قال: «أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين». فقلت له: جعلت فداك، أ تأذن لي أن أفتح عيني فأراك؟ فقال لي: «افتح فإنك لا ترى شيئا». ففتحت عيني، فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي.
ثم سار قليلا و وقف فقال: «هل تدري أين أنت؟» فقلت: لا أدري. فقال: «أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر (عليه السلام)». و سرنا فخرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر، فسلكنا فيه، فرأينا كهيئة عالمنا هذا في بنائه و مساكنه و أهله، ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول و الثاني، حتى وردنا على خمسة عوالم. قال: ثم قال لي:
 «هذه ملكوت الأرض، و لم يرها إبراهيم (عليه السلام) و إنما رأى ملكوت السماوات، و هي اثنى عشر عالما، كل عالم‏
__________________________________________________
 (7)- تفسير القمي 1: 205.
 (8)- الاختصال: 322.
 (1) تفسير القمي 1: 205.
 (2) في المصدر: ضرار، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 3: 143 و 183.
 (3) في «س» و «ط»: عليها.
 (4) في «س» و «ط»: الحسين، تصحيف، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 4: 284.
 (5) في «ط»: غمض بصرك فغمضت.
                        البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 435
كهيئة ما رأيت، كلما مضى منا إمام سكن إحدى هذه العوالم، حتى يكون آخرهم القائم (عليه السلام) في عالمنا الذي نحن ساكنوه».
ثم قال لي: «غض بصرك» ثم أخذ بيدي فإذا [نحن‏] «1» في البيت الذي خرجنا منه، فنزع تلك الثياب، و لبس ثيابه التي كانت عليه، و عدنا إلى مجلسنا، فقلت له: جعلت فداك، كم مضى من النهار؟ فقال: «ثلاث ساعات».
و روى هذا الحديث محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن الحسن بن أحمد بن سلمة، عن محمد بن المثنى، عن عثمان بن زيد «2»، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز و جل:
و كذلك نري الحديث، إلا أن فيه: «و أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر (عليه السلام)» فشرب الماء و شربت «3»، و خرجنا من ذلك العالم، و ساق الحديث إلى آخره «4».
3519/ «9»- الإمام العسكري (عليه السلام)، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا أبا جهل، أ ما علمت قصة إبراهيم الخليل (عليه السلام) لما رفع في الملكوت، و ذلك قول ربي و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين قوى الله بصره لما رفعه دون السماء، حتى أبصر الأرض و من عليها ظاهرين، فالتفت «5» فرأى رجلا و امرأة على فاحشة، فدعا عليهما بالهلاك، فهلكا، ثم رأى آخرين، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما، فأوحى الله إليه: يا إبراهيم، اكفف دعوتك عن عبادي و إمائي، فإني أنا الغفور الرحيم، الحنان الحليم «6»، لا تضرني ذنوب عبادي، كما لا تنفعني طاعتهم، و لست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك، فاكفف دعوتك عن عبادي و إمائي، فإنما أنت عبد نذير لا شريك في المملكة، و لا مهيمن علي و لا على عبادي، و عبادي معي بين خلال ثلاث: إما تابوا إلي فتبت عليهم و غفرت ذنوبهم و سترت عيوبهم، و إما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم ذريات مؤمنون «7»، فأرفق بالآباء الكافرين، و أتأنى بالأمهات الكافرات، و أرفع عنهم عذابي ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم، فإذا تزايلوا حل «8» بهم عذابي، و حاق بهم بلائي، و إن لم يكن هذا و لا هذا فإن الذي أعددته لهم من عذابي أعظم مما تريده بهم، فإن عذابي لعبادي على حسب جلالي و كبريائي يا إبراهيم، فخل بيني و بين عبادي. فإني أرحم بهم منك، و خل بيني و بين عبادي فإني أنا الجبار الحليم، العلام الحكيم، أدبرهم بعلمي، و أنفذ فيهم قضائي و قدري.
__________________________________________________
 (9)- التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 512/ 314.
 (1) أثبتناه من البصائر.
 (2) في «س» و «ط»: يزيد، و الصواب ما في المتن. راجع معجم رجال الحديث 11: 109 و 129.
 (3) (فشرب الماء و شربت) ليس في المصدر.
 (4) بصائر الدرجات: 424/ 4.
 (5) في المصدر: ظاهرين و مستترين.
 (6) في «س»: الجبار الحكيم، و في «ط»: الجبار الحليم.
 (7) في «ط»: يؤمنون.
 (8) في «ط» نسخة بدل: حق.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 436
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله تعالى- يا أبا جهل- إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة: عكرمة ابنك، و سيلي من أمور المسلمين ما إن أطاع الله [و رسوله‏] فيه كان عند الله جليلا، و إلا فالعذاب نازل عليك».
3520/ «10»- و قال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل أي غاب قال لا أحب الآفلين.
3521/ «11»- ثم قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن آزر أبا إبراهيم (عليه السلام) كان منجما لنمرود بن كنعان، فقال له: إني أرى في حساب النجوم أن في هذا الزمان يحدث رجل «1» فينسخ هذا الدين، و يدعو إلى دين آخر. فقال النمرود في أي بلاد يكون؟ قال: في هذه البلاد. و كان منزل نمرود بكوثى ربا «2»، فقال له نمرود: قد خرج إلى الدنيا؟ قال آزر: لا. قال: فينبغي أن يفرق بين الرجال و النساء. ففرق بين الرجال و النساء.
و حملت أم إبراهيم بإبراهيم (عليه السلام) و لم يبن «3» حملها، فلما حانت ولادتها قالت: يا آزر، إني قد اعتللت و أريد أن أعتزل عنك. و كان في ذلك الزمان، المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها، فخرجت و اعتزلت في غار، و وضعت إبراهيم (عليه السلام)، فهيأته، و قمطته، و رجعت إلى منزلها، و سدت باب الغار بالحجارة، فأجرى الله لإبراهيم (عليه السلام) لبنا من إبهامه، و كانت أمه تأتيه. و وكل نمرود بكل امرأة حامل، فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت أم إبراهيم بإبراهيم (عليه السلام) من الذبح، و كان يشب إبراهيم في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر، حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة.
فلما كان بعد ذلك زارته أمه، فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها، فقال: يا أمي، أخرجيني. فقالت له: يا بني، إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك. فلما خرجت أمه و خرج من الغار و قد غابت الشمس، نظر إلى الزهرة في السماء، فقال: هذا ربي. فلما أفلت «4» قال: لو كان هذا ربي ما تحرك و لا برح، ثم قال: لا أحب الآفلين- و الآفل: الغائب- فلما نظر إلى المشرق رأى القمر بازغا، قال: هذا ربي، هذا أكبر و أحسن. فلما تحرك و زال قال إبراهيم (عليه السلام): لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما أصبح و طلعت الشمس و رأى ضوءها، و قد أضاءت الدنيا لطلوعها قال: هذا ربي، هذا أكبر و أحسن، فلما تحركت و زالت كشف الله له عن السماوات حتى رأى العرش و من عليه، و أراه الله ملكوت السماوات و الأرض، فعند ذلك قال: يا قوم إني بري‏ء مما تشركون*

__________________________________________________
 (10)- تفسير القمي 1: 206.
 (11)- تفسير القمي 1: 206.
 (1) في المصدر: أن هذا الزمان يحدث رجلا.
 (2) كوثى ربا: من أرض بابل بالعراق، فيها مولد إبراهيم الخليل (عليه السلام)، و فيها مشهده. (معجم البلدان 4: 487)
 (3) في المصدر: و لم تبين.
 (4) في هامش «ط»: فلما غابت الزهرة.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 437
إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين فجاء إلى أمه و أدخلته دارها و جعلته بين أولادها».
و سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم (عليه السلام): هذا ربي، أشرك في قوله: هذا ربي؟
فقال: «لا، بل من قال هذا اليوم فهو مشرك، و لم يكن من إبراهيم (عليه السلام) شرك، و إنما كان في طلب ربه، و هو من غيره شرك».
 «فلما دخلت أم إبراهيم بإبراهيم دارها نظر إليه آزر فقال: من هذا الذي قد بقي في «1» سلطان الملك، و الملك يقتل أولاد الناس؟ قالت: هذا ابنك، ولدته وقت كذا و كذا حين اعتزلت عنك. قال: ويحك، إن علم الملك بهذا زالت منزلتنا عنده. و كان آزر صاحب أمر نمرود و وزيره، و كان يتخذ الأصنام له و للناس، و يدفعها إلى ولده فيبيعونها، و كان في دار الأصنام، فقالت أم إبراهيم لآزر: لا عليك، إن لم يشعر الملك به بقي لنا ولدنا «2»، و إن شعر به كفيتك الاحتجاج عنه.
و كان آزر كلما نظر إلى إبراهيم (عليه السلام) أحبه حبا شديدا، و كان يدفع إليه الأصنام ليبيعها كما يبيع إخوته، فكان يعلق في أعناقها الخيوط، و يجرها على الأرض و يقول: من يشتري ما لا يضره و لا ينفعه؟! و يغرقها في الماء و الحمأة و يقول لها: اشربي و كلي و تكلمي، فذكر إخوته ذلك لأبيه فنهاه، فلم ينته، فحبسه في منزله و لم يدعه يخرج. و حاجه قومه، فقال إبراهيم (عليه السلام): أ تحاجوني في الله و قد هدان أي بين لي و لا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شي‏ء علما أ فلا تتذكرون ثم قال لهم: و كيف أخاف ما أشركتم و لا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون أي أنا أحق بالأمن حيث أعبد الله، أو أنتم الذين تعبدون الأصنام!!».
3522/ «12»- ابن بابويه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق «3» (رضي الله عنه). قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن زيد الزيات، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام)، و ذكر حديث ما ابتلى الله عز و جل به إبراهيم (عليه السلام)، فقال (عليه السلام): «منها اليقين، و ذلك قول الله عز و جل: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين و منها المعرفة بقدم بارئه، و توحيده، و تنزيهه عن التشبيه، حين نظر إلى الكوكب و القمر و الشمس، فاستدل بأفول كل واحد منها على حدوثه، و بحدوثه «4» على محدثه».
__________________________________________________
 (12)- الخصال 305/ 84.
 (1) زاد في «ط»: زمن.
 (2) في «س»: يبقى ولدنا.
 (3) في المصدر: علي بن أحمد بن موسى، كلاهما صحيح، انظر معجم رجال الحديث 11: 254 و 255.
 (4) في المصدر: حدثه و بحدثه.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 438
و الحديث طويل، تقدم بتمامه في قوله تعالى: و إذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن «1» و هو حديث حسن.
3523/ «13»- الشيخ: بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الصلت، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سأله سائل عن وقت المغرب، قال: «إن الله تعالى يقول في كتابه لإبراهيم (عليه السلام):
فلما جن عليه الليل رأى كوكبا فهذا أول الوقت، و آخر ذلك غيبوبة الشفق، و أول وقت العشاء ذهاب الحمرة، و آخر وقتها إلى غسق الليل، يعني نصف الليل».
3524/ «14»- و روى الطبرسي في (الإحتجاج) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث له في رد سؤال يهودي، قال له اليهودي: فإن هذا عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلم في المهد صبيا.
قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و محمد (صلى الله عليه و آله) سقط من بطن أمه واضعا يده اليسرى على الأرض، و رافعا يده اليمنى إلى السماء، يحرك شفتيه بالتوحيد».
قال له اليهودي: فإن هذا إبراهيم قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الإيمان به «2».
قال له علي (عليه السلام): «لقد كان كذلك، و أعطي محمد (صلى الله عليه و آله) أفضل منه، قد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله تعالى، و أحاطت دلالته بعلم الإيمان به «3»، و تيقظ إبراهيم و هو ابن خمس عشرة سنة، و محمد (صلى الله عليه و آله) كان ابن سبع سنين، قدم تجار من النصارى، فنزلوا بتجارتهم بين الصفا و المروة، فنظر إليه بعضهم فعرفه بصفته و نعته «4» و خبر مبعثه و آياته (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: يا غلام، ما اسمك؟ قال: محمد: قالوا: ما اسم أبيك؟ قال: عبد الله. قالوا: ما اسم هذه؟ و أشاروا بأيديهم إلى الأرض، قال: الأرض. قالوا: فما اسم هذه؟
و أشاروا بأيديهم إلى السماء، قال: السماء. قالوا: فمن ربهما؟ قال: الله. ثم انتهرهم و قال: أ تشككوني في الله عز و جل؟! ويحك- يا يهودي- لقد تيقظ بالاعتبار على معرفة الله عز و جل مع كفر قومه، إذ هو بينهم يستقسمون بالأزلام و يعبدون الأوثان، و هو يقول: لا إله إلا الله».
3525/ «15»- العياشي: عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: و إذ قال إبراهيم لأبيه آزر

__________________________________________________
 (13)- التهذيب 2: 30/ 88.
 (14)- الإحتجاج: 213، 223.
 (15)- تفسير العياشي 1: 362/ 32.
 (1) تقدم في الحديث (1) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة.
 (2) (به) ليس في المصدر.
 (3) (قد تيقظ ... الايمان به) ليس في المصدر.
 (4) في المصدر: و رفعته.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 439
، قال: «كان اسم أبيه آزر».
3526/ «16»- عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين، قال: «كشط له عن الأرض حتى رآها و ما فيها، و السماء و ما فيها، و الملك الذي يحملها، و العرش و ما عليه».
3527/ «17»- عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول الله: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض، قال: «كشط له السماوات السبع حتى نظر إلى السماء السابعة و ما فيها، و الأرضين السبع و ما فيهن، و فعل بمحمد (صلى الله عليه و آله) كما فعل بإبراهيم (عليه السلام)، و إني لأرى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك».
3528/ «18»- عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام)، في قول الله: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «كشط له عن السماوات حتى نظر إلى العرش و ما عليه».
قال: و السماوات و الأرض و العرش و الكرسي؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كشط له عن الأرض حتى رآها، و عن السماء و ما فيها، و الملك الذي يحملها، و الكرسي و ما عليه «1»».
3529/ «19»- عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض.
قال: «أعطي بصره من القوة ما نفذ السماوات فرأى ما فيها و رأى العرش و ما فوقه «2»، و رأى ما في الأرض و ما تحتها».
3530/ «20»- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أري «3» ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني، فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر، فدعا عليه فمات، حتى رأى ثلاثة، فدعا عليهم فماتوا، فأوحى الله إليه أن: يا إبراهيم: إن دعوتك مجابة، فلا تدع على عبادي، فإني لو شئت لم أخلقهم، إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف: عبد يعبدني و لا يشرك بي شيئا فأثيبه، و عبد يعبد غيري فلن يفوتني، و عبد يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني».
3531/ «21»- عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: في إبراهيم (عليه السلام) إذ رأى كوكبا، قال: «إنما
__________________________________________________
 (16)- تفسير العياشي 1: 363/ 33.
 (17)- 1: 363/ 34.
 (18)- تفسير العياشي 1: 364/ 35.
 (19)- تفسير العياشي 1: 364/ 36.
 (20)- تفسير العياشي 1: 364/ 37.
 (21)- تفسير العياشي 1: 364/ 38.
 (1) في «س» و «ط»: و ما فيها.
 (2) في «ط»: القوة حتى رأى السماء و من عليها و الملك الذي يحملها.
 (3) في «ط»: رأى.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 440
كان طالبا لربه، و لم يبلغ كفرا، و إنه من فكر من الناس في مثل ذلك فإنه بمنزلته».
3532/ «22»- عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، في قول إبراهيم (صلوات الله عليه): لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين: «أي ناس للميثاق».
3533/ «23»- عن أبان بن عثمان، عمن ذكره، عنهم (عليهم السلام): «أنه كان من حديث إبراهيم (عليه السلام) أنه ولد في زمان نمرود بن كنعان، و كان قد ملك الأرض أربعة: مؤمنان و كافران: سليمان بن داود، و ذو القرنين، و نمرود بن كنعان، و بخت‏نصر، و أنه قيل لنمرود: إنه يولد العام غلام يكون هلاككم و هلاك دينكم «1» و هلاك أصنامكم «2» على يديه. و أنه وضع القوابل على النساء، و أمر أن لا يولد هذه السنة ذكر إلا قتلوه. و أن إبراهيم (عليه السلام) حملته أمه في ظهرها، و لم تحمله في بطنها، و أنه لما وضعته أدخلته سربا و وضعت عليه غطاء، و أنه كان يشب شبا لا يشبه الصبيان، و كانت تعاهده، فخرج إبراهيم (عليه السلام) من السرب، فرأى الزهرة و لم ير كوكبا أحسن منها، فقال:
هذا ربي. فلم يلبث أن طلع القمر، فلما رآه هابه، قال: هذا أعظم، هذا ربي. فلما أفل قال: لا أحب الآفلين. فلما رأى النهار، و طلعت الشمس، قال: هذا ربي، هذا أكبر مما رأيت. فلما أفلت قال: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين».
3534/ «24»- عن حجر، قال: أرسل العلاء بن سيابة يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم (عليه السلام):
هذا ربي و أنه من قال هذا اليوم فهو عندنا مشرك؟ قال: «لم يكن من إبراهيم (عليه السلام) شرك، إنما كان في طلب ربه، و هو من غيره شرك».
3535/ «25»- عن محمد بن حمران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله فيما أخبر عن إبراهيم (عليه السلام): هذا ربي، قال: «لم يبلغ به شيئا، أراد غير الذي قال».
3536/ «26»- ابن الفارسي في (روضة الواعظين) و غيره: روى عن مجاهد عن أبي عمرو و أبي سعيد الخدري قالا: كنا جلوسا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذ دخل سلمان الفارسي، و أبو ذر الغفاري، و المقداد بن الأسود «3»، و أبو الطفيل عامر بن واثلة، فجثوا بين يديه و الحزن ظاهر في وجوههم، و قالوا: فديناك بالآباء و الأمهات- يا رسول الله- إنا نسمع من قوم في أخيك و ابن عمك ما يحزننا، و إنا نستأذنك في الرد عليهم. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله):
__________________________________________________
 (22)- تفسير العياشي 1: 364/ 39.
 (23)- تفسير العياشي 1: 365/ 40.
 (24)- تفسير العياشي 1: 365/ 41.
 (25)- تفسير العياشي 1: 365/ 42.
 (26)- روضة الواعظين: 82.
 (1) في «ط»: دينك.
 (2) في «س» و «ط»: أصنامك.
 (3) في المصدر زيادة: و عمار بن ياسر، و حذيفة بن اليمان، و أبو الهيثم بن التيهان، و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 441
 «و ما عساهم يقولون في أخي و ابن عمي علي بن أبي طالب؟».
فقالوا: يقولون: أي فضل لعلي في سبقه إلى الإسلام، و إنما أدركه الإسلام طفلا، و نحو هذا القول.
فقال (صلى الله عليه و آله): «أ فهذا يحزنكم؟» قالوا: إي و الله. فقال: «تالله أسألكم: هل علمتم من الكتب السالفة أن إبراهيم (عليه السلام) هرب به أبوه من الملك الطاغي، فوضعته «1» أمه بين أثلاث «2» بشاطئ نهر يتدفق «3» بين غروب الشمس و إقبال الليل، فلما وضعته و استقر على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه و رأسه، و يكثر من شهادة أن لا إله إلا الله، ثم أخذ ثوبا فامتسح به، و أمه تراه «4»، فذعرت منه ذعرا شديدا، ثم مضى يهرول بين يديها مادا عينيه إلى السماء، فكان منه ما قال الله عز و جل و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين* فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي إلى قوله: إني بري‏ء مما تشركون.
و علمتم أن موسى بن عمران (عليه السلام) كان فرعون في طلبه، يبقر بطون النساء الحوامل، و يذبح الأطفال ليقتل موسى (عليه السلام)، فلما ولدته أمه أمرت أن تأخذه من تحتها، و تقذفه في التابوت، و تلقي التابوت في اليم، فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى (عليه السلام) و قال لها: يا أم، اقذفيني في التابوت، و ألقي التابوت في اليم. فقالت و هي ذعرة من كلامه: يا بني، إني أخاف عليك من الغرق. فقال لها: لا تحزني، إن الله رادني إليك «5». ففعلت ما أمرت به، فبقي في التابوت في اليم إلى أن قذفه إلى الساحل، و رده إلى أمه برمته، لا يطعم طعاما، و لا يشرب شرابا، معصوما- و روي أن المدة كانت سبعين يوما. و روي: سبعة أشهر- و قال الله تعالى «6» في حال طفوليته:
و لتصنع على عيني* إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها و لا تحزن «7» الآية.
و هذا عيسى بن مريم قال الله عز و جل: فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا إلى قوله: إنسيا «8» فكلم أمه وقت مولده، و قال حين أشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا* قال إني عبد الله آتاني الكتاب و جعلني نبيا* و جعلني مباركا «9» إلى آخر الآية، فتكلم (عليه السلام) في وقت ولادته، و أعطي الكتاب و النبوة، و أوصي بالصلاة و الزكاة في ثلاثة أيام من مولده، و كلمهم في اليوم الثاني من مولده.
و قد علمتم جميعا أن الله تعالى خلقني و عليا من نور واحد، و إنا كنا في صلب آدم نسبح الله تعالى، ثم نقلنا
__________________________________________________
 (1) في المصدر: فوضعت به.
 (2) الأثل: شجر طويل، مستقيم، يعمر، كثير الأغصان متعقدها، دقيق الورق. «المعجم الوسيط- أثل- 1: 6».
 (3) و في رواية: نهر يتدفق يقال له: حرزان «منه قدس سره».
 (4) و في رواية: فاتشح به و أمه تراه. «منه قدس سره».
 (5) في المصدر زيادة: فبقيت حيرانه حتى كلمها موسى، و قال لها: يا أم اقذفيني في التابوت و ألقي التابوت في اليم.
 (6) في «س» و «ط»: الله ربي.
 (7) طه 20: 39- 40.
 (8) مريم 19: 24- 26.
 (9) مريم 19: 29- 31.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 442
إلى أصلاب الرجال «1» و أرحام النساء، يسمع تسبيحنا في الظهور و البطون، في كل عهد و عصر إلى عبد المطلب، و إن نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا و أمهاتنا حتى تبين أسماؤنا مخطوطة بالنور على جباههم. ثم افترق نورنا، فصار نصفه في عبد الله، و نصفه في أبي طالب عمي، و كان يسمع تسبيحنا من ظهورهما، و كان أبي و عمي إذا جلسا في ملأ من قريش فقد تبين نوري من صلب أبي، و نور علي من صلب أبيه، إلى أن خرجنا من صلب آبائنا «2» و بطون أمهاتنا.
و لقد هبط حبيبي جبرئيل في وقت ولادة علي فقال لي: يا حبيب الله، الله يقرئك «3» السلام و يهنئك بولادة أخيك علي، و يقول: هذا أوان ظهور نبوتك، و إعلان وحيك، و كشف رسالتك، إذ أيدتك بأخيك و وزيرك و صنوك و خليفتك و من شددت به أزرك، و أعليت به ذكرك. فقمت مبادرا فوجدت فاطمة بنت أسد أم علي و قد جاءها المخاض، و هي بين النساء، و القوابل حولها، فقال حبيبي جبرئيل: يا محمد، أسجف «4» بينها و بينك سجفا، فإذا وضعت بعلي فتلقه. ففعلت ما أمرت به، ثم قال لي: امدد يدك يا محمد، فإنه صاحبك اليمين. فمددت يدي نحو أمه، فإذا بعلي مائلا على يدي، واضعا يده اليمنى في أذنه اليمنى و هو يؤذن، و يقيم بالحنيفية، و يتشهد بوحدانية الله عز و جل، و برسالتي، ثم انثنى إلي، و قال: السلام عليك يا رسول الله، أقرأ يا أخي «5» [فقلت: اقرأ] فو الذي نفسي «6» بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله عز و جل على آدم (عليه السلام) فقام بها شيث، فتلاها من أول حرف فيها إلى آخر حرف فيها، حتى لو حضر بها شيث لأقر له بأنه أحفظ لها منه «7»، ثم صحف نوح، ثم صحف إبراهيم (عليه السلام)، ثم قرأ توراة موسى (عليه السلام) حتى لو حضره موسى لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ زبور داود حتى لو حضره داود (عليه السلام) لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ إنجيل عيسى (عليه السلام) حتى لو حضره عيسى (عليه السلام) لأقر بأنه أحفظ لها منه، ثم قرأ القرآن الذي أنزل الله تعالى علي من أوله إلى آخره، فوجدته يحفظ كحفظي له الساعة، من غير أن أسمع له آية، ثم خاطبني و خاطبته بما يخاطب الأنبياء و الأوصياء، ثم عاد إلى حال طفوليته، و هكذا أحد عشر إماما من نسله [كل‏] يفعل في ولادته مثل ما يفعل الأنبياء «8».
فلم تحزنون؟ و ماذا عليكم من قول أهل الشك و الشرك بالله تعالى؟ هل تعلمون أني أفضل النبيين، و أن وصيي أفضل الوصيين، و أن أبي آدم (عليه السلام) لما رأى اسمي و اسم علي و اسم ابنتي فاطمة و الحسن و الحسين‏
__________________________________________________
 (1) في «ط»: الآباء.
 (2) في المصدر: أصلاب أبوينا.
 (3) في المصدر: يقرأ عليك.
 (4) السجف: الستر. «لسان العرب- سجف- 9: 144».
 (5) في المصدر: و برسالتي ثم قال لي: يا رسول الله، أقرأ.
 (6) في المصدر: نفس محمد.
 (7) و في رواية أخرى: حتى لو حضره آدم لأقر له أنه أحفظ لها منه. «منه قدس سره».
 (8) (و هكذا ... الأنبياء) ليس في المصدر.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 443
و أسماء أولادهم مكتوبة على ساق العرش بالنور قال: إلهي و سيدي، هل خلقت خلقا هو أكرم عليك مني؟ فقال:
يا آدم، لولا هذه الأسماء لما خلقت سماء مبنية، و لا أرضا مدحية، و لا ملكا مقربا، و لا نبيا مرسلا، و لا خلقتك يا آدم.
فلما عصى آدم (عليه السلام) ربه سأله بحقنا أن يقبل توبته، و يغفر خطيئته، فأجابه، و كنا الكلمات التي تلقاها آدم من ربه عز و جل فتاب عليه و غفر له، و قال له: يا آدم، أبشر، فإن هذه الأسماء من ذريتك و ولدك. فحمد الله «1» ربه عز و جل، و افتخر على الملائكة بنا، و إن هذا من فضلنا، و فضل الله علينا».
فقام سلمان و من معه و هم يقولون: نحن الفائزون.
فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه و آله): «أنتم الفائزون، و لكم خلقت الجنة، و لأعدائنا و أعدائكم خلقت النار».

تنبيه‏

قوله (صلى الله عليه و آله) في صدر الحديث في قصة إبراهيم (عليه السلام) «هرب أبوه من الطاغي فوضعته أمه بين أثلاث».
و
في رواية أخرى في هذا الحديث: فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هذا يحزنكم؟» قالوا: نعم يا رسول الله. فقال:
 «بالله عليكم، هل علمتم في الكتب المتقدمة أن إبراهيم خليل الله (عليه السلام) ذهب [به‏] أبوه و هو حمل في بطن أمه مخافة عليه من النمرود بن كنعان لعنه الله، لأنه كان يشق بطون الحوامل و يقتل الأولاد، فجاءت به أمه فوضعته بين أثلاث بشط نهر يتدفق يقال له حرزان، بين غروب الشمس إلى إقبال الليل ...»
الحديث. و هذا دليل على أن آزر ليس أباه حقيقة كما تعطيه الأحاديث و القرآن أن آزر بقي بعد وضعه (عليه السلام).
و يؤيده ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أن آزر كان أبا إبراهيم (عليه السلام) في التربية».
و
روي في حديث عن الصادق (عليه السلام): «أن اسم أبي إبراهيم تارخ «2»»
قال في القاموس. تارح- كآدم- أبو إبراهيم الخليل (عليه السلام) «3».
و قال الطبرسي في (جوامع الجامع) و لا خلاف بين النسابين أن اسم أبي إبراهيم تارح. قال: قال أصحابنا:
إن آزر كان جد إبراهيم (عليه السلام) لأمه. و
روي أيضا أنه كان عمه.
و قالوا: إن آباء نبينا (صلى الله عليه و آله) إلى آدم كانوا موحدين. و
رووا عنه (عليه السلام) قوله: «لم يزل ينقلنا الله تعالى من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات «4»».
قلت: ستأتي- إن شاء الله تعالى- الروايات في ذلك، في قوله تعالى: و تقلبك في الساجدين «5».
و قال الله عز و جل حكاية عن يعقوب (عليه السلام) و بنيه: أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال‏
__________________________________________________
 (1) في المصدر: فحمد آدم.
 (2) بحار الأنوار 12: 42/ 31.
 (3) القاموس المحيط- ترح- 1: 224.
 (4) جوامع الجامع: 129.
 (5) تأتي في تفسير الآيات (217- 219) من سورة الشعراء 26.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 444
لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك و إله آبائك إبراهيم و إسماعيل و إسحاق إلها واحدا و نحن له مسلمون «1» ففي هذه الآية أطلق على أن إسماعيل من آباء يعقوب، و إنما هو عمه.
و سيأتي بهذا المعنى حديث في قوله تعالى: رب هب لي من الصالحين* فبشرناه بغلام حليم من سورة الصافات «2»، و الله سبحانه و تعالى أعلم‏






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 20/11/2024 - 14:6

شرح أصول الكافي (صدرا)، ج‏3، ص: 350
قوله عليه السلام: و هو الملكوت الذي أراه الله أصفيائه و أراه خليله عليه السلام فقال: و كذلك نري إبراهيم «1» ... الآية، ضمير هو راجع الى الاربعة و هو مبتداء و تذكيره من جهة الخير، يعني ان هذه الامور هي ملكوت الاشياء و هي التي أراها الله أصفيائه و اوليائه، فان السالكين الى الله تعالى بقدمي العبودية و اليقين لا بد لهم من المرور على هذه الانوار الباطنة، فان الله سبعين حجابا من نور و لكن جوامعها منحصرة في هذه الاربعة، اذ لكل منها مراتب متفاوتة في اللطافة و النورية.
فللطبيعة مراتب بعضها الطف من بعض، فليست طبيعة الارض كطبيعة الماء و لا الهواء كالنار و لا طبيعة الجماد كطبيعة النبات و لا النبات كالحيوان و لا طبيعة العنصريات كطبيعة الفلكيات و لا الفلك الادنى كالفلك الاعلى، و على هذا القياس تفاوت أنوار النفس‏
__________________________________________________
 (1)- الانعام 75.
                       

شرح أصول الكافي (صدرا)، ج‏3، ص: 351
و العقل و الروح، و لا يصل السالك الى حجاب من تلك الحجب الا و يظن انه قد وصل و كذلك كان الخليل عليه السلام في سلوكه الى الله.
فان المراد من هذه الاجسام المضيئة هي مراتب الانوار الملكوتية لا صورها المحسوسة، اذ كان يراها في حالة الصغر و يعلمها انها ليست آلهة و هي كثيرة و ليست واحدة، و الجهال يعلمون ان الكواكب ليست باله، فكيف يخفي على مثله حتى يغتر به؟ و لكن المراد نور من الانوار المعنوية التي حجب الله و لا يتصور الوصول إليه تعالى الا بالوصول إليها، و اصغر النيرات السماوية الكوكب، فاستعير لذلك النور لفظه و اعظمها الشمس و بينهما القمر، فعبر عن تلك المراتب الملكوتية النورية بهذه الاجرام النيرة.
فلم يزل ابراهيم عليه السلام يصل الى نور بعد نور و يتخايل إليه في اول ما يلقاه انه وصل، ثم كان يكشف له ان ورائه امر، فيترقى إليه حتى وصل الى الحجاب الاقرب الذي لا وصول بعده قال: هذا أكبر «1»، فلما ظهر له انه مع عظمته غير خال عن الهوى في حضيض النقص و الانحطاط عن ذروة التناهي في الكمال قال: لا أحب الآفلين «2» إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين «3»، فهذه الانوار هي التي أراها الله تعالى على التدريج حتى وصل الى المبدأ الاعلى و الغاية القصوى و المنزل الاسنى و ذلك قوله تعالى: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين‏
 «4».

 

                       

شرح أصول الكافي (صدرا)، ج‏4، ص: 119
فاذن الذي من الآثار و الافعال تصير سببا للاطلاع على مؤثرها و فاعلها انما هى مشاهدة ذواتها و معاينة وجودها «2» و كذلك قال تعالى: و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين‏
 «3»، و قال: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا «4»، فلما رأى القمر بازغا «5»، فلما رأى الشمس بازغة «6»، تنبيها على ان ملاك المعرفة من هذا الطريق مشاهدة الآثار و رؤيتها دون ادراكها الذهنى و لاجل ذلك قال ابراهيم: رب أرني كيف تحي الموتى «7»، و غرضه كان طلب رؤية المحيى و هو ذاته تعالى لكنه تأدب مع الله و اتى بهذه العبارة، و لانه كان عالما بان رؤيته تعالى لا يمكن الا من جهة رؤية آثاره و افعاله الصادرة عنه بلا واسطة و لا يكفى فيها مجرد الايمان بذلك اعنى العلم الاستدلالى بان محى الاشياء و مميتها ليس الا الله.

 

                       

مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 388

 [تفسير قوله تعالى: «و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات»]

 [الحديث 473]
473 محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى و علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب الخزاز عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال: لما رأى‏

__________________________________________________
بطاعته بمنزلة الشرك بالله، حيث لم يطع الله في ذلك، و أطاع شياطين الجن و الإنس، فلذا عبر عن طاعة ولي الأمر بذكر الله وحده، أو لأن توحيده تعالى لما لم يعلم إلا بالأخذ عنهم، سمي ولايتهم توحيدا، و الاشمئزاز: الانقباض و الإنكار.
الحديث الثاني و السبعون و الأربعمائة: مجهول.
قوله تعالى:" فتلقى آدم من ربه كلمات" أي استقبلها بالأخذ و القبول و العمل بها حين علمها.
قوله:- و في رواية أخرى أقول: وردت الروايات الكثيرة بذلك، و قد أوردناها في كتاب بحار الأنوار «2» و سبق بعضها في كتاب الحجة و لا تنافي بينها و بين الخبر الأول لإمكان الجمع بينهما بجمعه عليه السلام بينهما.
الحديث الثالث و السبعون و الأربعمائة: صحيح.
__________________________________________________
 (1) سورة البقرة: 37.
 (2) بحار الأنوار: ج 11 ص 171 ح 33 و 34.
                       

مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 389
إبراهيم ع ملكوت السماوات و الأرض التفت فرأى رجلا يزني فدعا عليه فمات ثم رأى آخر فدعا عليه فمات حتى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا فأوحى الله عز ذكره إليه يا إبراهيم إن دعوتك مجابة فلا تدع على عبادي فإني لو شئت لم أخلقهم إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف عبدا يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه و عبدا يعبد غيري فلن يفوتني و عبدا عبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني ثم التفت فرأى جيفة على‏

__________________________________________________
قوله عليه السلام:" لما رأى إبراهيم عليه السلام ملكوت السماوات و الأرض" أقول: هذا إشارة إلى قوله تعالى:" و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين" «1» و الملكوت هو الملك، و التاء للمبالغة كالرغبوت من الرغبة و الرهبوت من الرهبة، و اختلف المفسرون في تفسير هذه الإراءة على قولين.
الأول: إن الله أراه الملكوت بالعين، قالوا: إن الله تعالى شق له السماوات حتى رأى العرش و الكرسي و إلى حيث ينتهي إليه العالم الجسماني من جهة الفوق، و شق له الأرض إلى حيث ينتهي إلى السطح الآخر من العالم الجسماني، و رأى ما في السماوات من العجائب و البدائع، و رأى ما في باطن الأرض من العجائب و البدائع، و رووا عن ابن عباس نحوا مما في الكتاب.
و الثاني: أن هذه الإراءة كانت بعين البصيرة و العقل، لا بالبصر الظاهر و الحس الظاهر، و كل منهما محتمل.
و الثاني أظهر بحسب العقل، و الأول ألصق بما روي في ذلك من النقل، كما روي في تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إن إبراهيم الخليل لما رفع في الملكوت، و ذلك قول ربي:" و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين" قوي الله بصره لما رفعه دون‏
__________________________________________________
 (1) سورة الأنعام: 75.
                       

مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج‏26، ص: 390
ساحل البحر نصفها في الماء و نصفها في البر تجي‏ء سباع البحر فتأكل ما في الماء ثم ترجع فيشد بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا و تجي‏ء سباع البر فتأكل منها فيشد بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا فعند ذلك تعجب إبراهيم ع مما رأى و قال رب أرني كيف تحي الموتى «1» قال كيف تخرج ما تناسل التي أكل بعضها بعضا- قال‏


__________________________________________________
السماء حتى أبصر الأرض و من عليها ظاهرين و مستترين «2». ثم ذكر نحوا مما في هذا الخبر.
و روى الصفار في البصائر بعدة طرق عن الصادق و الباقر عليهما السلام في تفسير هذه الآية أنهما قالا: كشط لإبراهيم عن السماوات السبع حتى نظر إلى ما فوق العرش، و كشط له عن الأرض حتى رأى ما في الهواء، و فعل بمحمد صلى الله عليه و آله مثل ذلك، و إني لأرى صاحبكم و الأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك «3».
و روي أيضا بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله" و كذلك نري إبراهيم" الآية قال: فكنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق ثم قال لي: ارفع رأسك فرفعت رأسي فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه، قال: ثم قال لي: رأى إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض هكذا «4» إلى آخر ما أوردناه في كتابنا الكبير «5» و لا استبعاد في ذلك لجواز أن يرفع الله تعالى عنه موانع الرؤية في تلك الحالة.

 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 27/11/2024 - 13:46

در تفاسیر

مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 498
«و كذلك نري إبراهيم» أي مثل ما وصفناه من قصة إبراهيم و قوله لأبيه ما قال نريه «ملكوت السماوات و الأرض» أي القدرة التي تقوى بها دلالته على توحيد الله تعالى و قيل معناه كما أريناك يا محمد أريناه آثار قدرتنا فيما خلقنا من الشمس و القمر و النجوم و ما في الأرض من البحار و المياه و الرياح ليستدل بها و هذا معنى قول ابن عباس و قتادة و قيل يعني بالملكوت آيات السماوات و الأرض عن مجاهد و قيل أن ملكوت السماوات و الأرض ملكهما بالنبطية عن مجاهد أيضا و قيل أن ملكوت السماوات و الأرض ما نشاهده من الحوادث الدالة على أن الله سبحانه مالك لهما و الله المالك لهما و لكل شي‏ء بنفسه لا يملكه سواه فأجرى الملكوت على المملوك الذي هو في السماوات و الأرض مجازا عن أبي علي الجبائي‏
و قال أبو جعفر (ع) كشط الله له عن الأرضين حتى رآهن و ما تحتهن و عن السماوات حتى رآهن و ما فيهن من الملائكة و حملة العرش‏
و روى أبو بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لما رأى إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض رأى رجلا يزني فدعا عليه فمات ثم رأى آخر فدعا عليه فمات ثم رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا فأوحى الله تعالى يا إبراهيم إن دعوتك مستجابة فلا تدع على عبادي فإني لو شئت أن أميتهم بدعائك ما خلقتهم إني خلقت خلقي على ثلاثة أصناف صنف يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه و صنف يعبد غيري فليس يفوتني و صنف يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني‏
 «و ليكون من الموقنين» أي من المتيقنين بأن الله سبحانه هو خالق ذلك و المالك له.
النظم‏
وجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما عاب دينهم و ذم آلهتهم و احتج عليهم بما سلف ذكره بين أنه دين إبراهيم و للناس ألف بدين الآباء لا سيما إذا كان الأب ذا قدر و قيل أنها تتصل بقوله «أ ندعوا من دون الله ما لا ينفعنا» إلى قوله «بعد إذ هدانا» ثم قال و بعد أن قال إبراهيم كذا و كذا عن أبي مسلم.
                       

 

الميزان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 169

قوله تعالى: «و كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض» إلخ، ظاهر السياق أن تكون الإشارة بقوله: «كذلك» إلى ما تضمنته الآية السابقة: «و إذ قال إبراهيم لأبيه آزر أ تتخذ أصناما آلهة إني أراك» إلخ، أنه (ع) أري الحق في ذلك، فالمعنى:
على هذا المثال من الإراءة نري إبراهيم ملك السماوات و الأرض.
و بمعونة هذه الإشارة و دلالة قوله في الآية التالية: «فلما جن عليه الليل» الدالة على ارتباط ما بعده بما قبله يظهر أن قوله: «نري» لحكاية الحال الماضية كقوله تعالى:
 «و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض»: (القصص: 5).
                       

الميزان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 170
فالمعنى: أنا أرينا إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض فبعثه ذلك أن حاج أباه و قومه في أمر الأصنام و كشف له ضلالهم، و كنا نمده بهذه العناية و الموهبة و هي إراءة الملكوت و كان على هذه الحال حتى جن عليه الليل و رأى كوكبا.
و بذلك يظهر أن ما يتراءى من بعضهم: أن قوله: «و كذلك نري» إلخ، كالمعترضة لا يرتبط بما قبله و لا بما بعده، و كذا قول بعضهم: إن إراءة الملكوت أول ما ظهر من أمرها في إبراهيم (ع) أنه لما جن عليه الليل رأى كوكبا إلخ، فاسد لا ينبغي أن يصار إليه.
و أما ملكوت السماوات و الأرض فالملكوت هو الملك مصدر كالطاغوت و الجبروت و إن كان آكد من حيث المعنى بالنسبة إلى الملك كالطاغوت و الجبروت بالنسبة إلى الطغيان و الجبر أو الجبران.
و المعنى الذي يستعمله فيه القرآن هو المعنى اللغوي بعينه من غير تفاوت كسائر الألفاظ المستعملة في كلامه تعالى غير أن المصداق غير المصداق و ذلك أن الملك و الملكوت و هو نوع من السلطنة إنما هو فيما عندنا معنى افتراضي اعتباري بعثنا إلى اعتباره الحاجة الاجتماعية إلى نظم الأعمال و الأفراد نظما يؤدي إلى الأمن و العدل و القوة الاجتماعيات و هو في نفسه يقبل النقل و الهبة و الغصب و التغلب كما لا نزال نشاهد ذلك في المجتمعات الإنسانية.
و هذا المعنى على أنه وضعي اعتباري و إن أمكن تصويره في مورده تعالى من جهة أن الحكم الحق في المجتمع البشري لله سبحانه كما قال تعالى: «إن الحكم إلا لله»: (الأنعام:
57) و قال: «له الحمد في الأولى و الآخرة و له الحكم»: (القصص: 70) لكن تحليل معنى هذا الملك الوضعي يكشف عن ثبوت ذلك في الحقائق ثبوتا غير قابل للزوال و الانتقال كما أن الواحد منا يملك نفسه بمعنى أنه هو الحاكم المسلط المتصرف في سمعه و بصره و سائر قواه و أفعاله بحيث إن سمعه إنما يسمع و بصره إنما يبصر بتبع إرادته و حكمه لا بتبع إرادة غيره من الأناسي و حكمه و هذا معنى حقيقي لا نشك في تحققه فينا مثلا تحققا لا يقبل الزوال و الانتقال كما عرفت فالإنسان يملك قوى نفسه و أفعال نفسه و هي جميعا تبعات وجوده قائمة به غير مستقلة عنه و لا مستغنية عنه فالعين إنما تبصر

                    

الميزان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 171
بإذن من الإنسان الذي يبصر بها و كذا السمع يسمع بإذن منه، و لو لا الإنسان لم يكن بصر و لا إبصار و لا سمع و لا استماع كما أن الفرد من المجتمع إنما يتصرف فيما يتصرف فيه بإذن من الملك أو ولي الأمر، و لو لم تكن هذه القوة المدبرة التي تتوحد عندها أزمة المجتمع لم يكن اجتماع، و لو منع عن تصرف من التصرفات الفردية لم يكن له أن يتصرف و لا نفذ منه ذلك، و لا شك أن هذا المعنى بعينه موجود لله سبحانه الذي إليه تكوين الأعيان و تدبير النظام فلا غنى لمخلوق عن الخالق عز اسمه لا في نفسه و لا في توابع نفسه من قوى و أفعال، و لا استقلال له لا منفردا و لا في حال اجتماعه مع سائر أجزاء الكون و ارتباط قوى العالم و امتزاج بعضها ببعض امتزاجا يكون هذا النظام العام المشاهد.
قال تعالى: «قل اللهم مالك الملك»: (آل عمران: 26) و قال تعالى: «لله ملك السماوات و الأرض»: (المائدة: 120) و قال تعالى: «تبارك الذي بيده الملك و هو على كل شي‏ء قدير، الذي خلق الموت و الحياة- إلى أن قال- الذي خلق سبع سماوات طباقا»: (الملك: 3) و الآيات- كما ترى- تعلل الملك بالخلق فكون وجود الأشياء منه و انتساب الأشياء بوجودها و واقعيتها إليه تعالى هو الملاك في تحقق ملكه و هو بمعنى ملكه الذي لا يشاركه فيه غيره و لا يزول عنه إلى غيره و لا يقبل نقلا و لا تفويضا يغني عنه تعالى و ينصب غيره مقامه.
و هذا هو الذي يفسر به معنى الملكوت في قوله: «إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شي‏ء»: (يس: 83) فالآية الثانية تبين أن ملكوت كل شي‏ء هو كلمة كن الذي يقوله الحق سبحانه له، و قوله فعله، و هو إيجاده له.
فقد تبين أن الملكوت هو وجود الأشياء من جهة انتسابها إلى الله سبحانه و قيامها به، و هذا أمر لا يقبل الشركة و يختص به سبحانه وحده، فالربوبية التي هي الملك و التدبير لا تقبل تفويضا و لا تمليكا انتقاليا.
و لذلك كان النظر في ملكوت الأشياء يهدي الإنسان إلى التوحيد هداية قطعية كما قال تعالى: «أ و لم ينظروا في ملكوت السماوات و الأرض و ما خلق الله من شي‏ء و أن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون»: (الأعراف: 185)

الميزان في تفسير القرآن، ج‏7، ص: 172
و الآية- كما ترى- تحاذي أول سورة الملك المنقول آنفا.
فقد بان أن المراد بإراءة إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض على ما يعطيه التدبر في سائر الآيات المربوطة بها هو توجيهه تعالى نفسه الشريفة إلى مشاهدة الأشياء من جهة استناد وجودها إليه، و إذ كان استنادا لا يقبل الشركة لم يلبث دون أن حكم عليها أن ليس لشي‏ء منها أن يرب غيره و يتولى تدبير النظام و أداء الأمور فالأصنام تماثيل عملها الإنسان و سماها أسماء لم ينزل الله عليها من سلطان، و ما هذا شأنه لا يرب الإنسان و لا يملكه و قد عملته يد الإنسان، و الأجرام العلوية كالكوكب و القمر و الشمس تتحول عليها الحال فتغيب عن الإنسان بعد حضورها، و ما هذا شأنه لا يكون له الملك و تولي التدبير تكوينا كما سيجي‏ء بيانه.
قوله تعالى: «و ليكون من الموقنين» اللام للتعليل، و الجملة معطوفة على أخرى محذوفة و التقدير: ليكون كذا و كذا و ليكون من الموقنين.
و اليقين هو العلم الذي لا يشوبه شك بوجه من الوجوه، و لعل المراد به أن يكون على يقين بآيات الله على حد ما في قوله: «و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون»: (السجدة: 24) و ينتج ذلك اليقين بأسماء الله الحسنى و صفاته العليا.
و في معنى ذلك ما أنزله في خصوص النبي ص قال: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا»: (الإسراء:
1) و قال: «ما زاغ البصر و ما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى»: (النجم: 18) و أما اليقين بذاته المتعالية فالقرآن يجله تعالى أن يتعلق به شك أو يحيط به علم و إنما يسلمه تسليما.
و قد ذكر في كلامه تعالى من خواص العلم اليقيني بآياته تعالى انكشاف ما وراء ستر الحس من حقائق الكون على ما يشاء الله تعالى كما في قوله: «كلا لو تعلمون علم اليقين، لترون الجحيم»: (التكاثر: 6) و قوله: «كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين، و ما أدراك ما عليون، كتاب مرقوم، يشهده المقربون»: (المطففين: 21).










(6:75:1:1) wa REM PREFIX|w:REM+ -28908-@@@@(6:75:1:2) ka P PREFIX|ka+ -28909-@@@@(6:75:1:3) *a`lika DEM STEM|POS:DEM|LEM:*a`lik|MS -28910-@@@@(6:75:2:1) nuriY^ V STEM|POS:V|IMPF|(IV)|LEM:>arayo|ROOT:rAy|1P -28911-@@@@(6:75:3:1) aroDi N STEM|POS:N|LEM:>aroD|ROOT:ArD|F|GEN -28918-@@@@(6:75:7:1) wa CONJ PREFIX|w:CONJ+ -28919-@@@@(6:75:7:2) li PRP PREFIX|l:PRP+ -28920-@@@@(6:75:7:3) yakuwna V STEM|POS:V|IMPF|LEM:kaAna|ROOT:kwn|SP:kaAn|3MS|MOOD:SUBJ -28921-@@@@(6:75:8:1) mina P STEM|POS:P|LEM:min -28922-@@@@(6:75:9:1) {lo DET PREFIX|Al+ -28923-@@@@(6:75:9:2) muwqiniyna N STEM|POS:N|ACT|PCPL|(IV)|LEM:m~uwqiniyn|ROOT:yqn|MP|GEN -28924-@@@@





دیتای صرفی-کامپیوتر نور






















































آية بعدالفهرستآية قبل









****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 27/11/2024 - 14:13

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 108
279/ «12»- و عنه: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الصمد بن بشير، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس، ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاما، فيها خلق كثير، ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه.
__________________________________________________
 (8)- تفسير القمي 1: 29.
 (9)- مختصر بصائر الدرجات: 12.
 (10)- مختصر بصائر الدرجات: 11.
 (11)- مختصر بصائر الدرجات: 12.
 (12)- مختصر بصائر الدرجات: 12.
 (1) في «س» و «ط»: عن.
 (2) في «س» و «ط»: عجلان بن أبي صالح، و في المصدر: عجلان بن صالح بن صالح، و الظاهر صحة ما أثبتناه. راجع معجم رجال الحديث 11: 132 و 133.
                       

البرهان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 109
و إن من وراء قمركم هذا أربعين قرصا، بين القرص إلى القرص أربعون عاما، فيها خلق كثير، ما يعلمون أن الله عز و جل خلق آدم أو لم يخلقه، قد ألهموا- كما ألهمت النحلة- لعنة الأول و الثاني في كل الأوقات، و قد و كل بهم ملائكة، متى لم يلعنوا عذبوا».