بسم الله الرحمن الرحیم

فهرست علوم
علم کلام

المجسمة

المجسمة


مجسمه توحيد وهابيه حشويه
ابن تيميه ونگاه به زمين در نماز
ابن تيميه وخوشحال شدن خدا
ابن تيميه وتجسيم
تأویل آیه فثم وجه الله در کلام ابن تیمیه
اثبات جهة الفوق
ابن حنبل و احاطه علم الهی-رجلا کان فی یدیه قدح
اعفونی عن الفرج و اللحیة



مجسمه توحيد وهابيه حشويه



فتح الباري لابن حجر (13/ 408)
وقسم بعضهم أقوال الناس في هذا الباب إلى ستة أقوال قولان لمن يجريها على ظاهرها أحدهما من يعتقد أنها من جنس صفات المخلوقين وهم المشبهة ويتفرع من قولهم عدة آراء والثاني من ينفي عنها شبه صفة المخلوقين لأن ذات الله لا تشبه الذوات فصفاته لا تشبه الصفات فإن صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته وقولان لمن يثبت كونها صفة ولكن لا يجريها على ظاهرها أحدهما يقول لا نؤول شيئا منها بل نقول الله أعلم بمراده والآخر يؤول فيقول مثلا معنى الاستواء الاستيلاء واليد القدرة ونحو ذلك وقولان لمن لا يجزم بأنها صفة أحدهما يقول يجوز أن تكون صفة وظاهرها غير مراد ويجوز أن لا تكون صفة والآخر يقول لا يخاض في شيء من هذا بل يجب الإيمان به لأنه من المتشابه الذي لا يدرك معناه


ابن تيميه ونگاه به زمين در نماز

مدارج السالكين - ابن القيم (2 / 385) :

ومن الأدب: نهى النبي صلى الله عليه وسلم المصلي: أن يرفع بصره إلى السماء فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: هذا من كمال أدب الصلاة: أن يقف العبد بين يدي ربه مطرقا خافضا طرفه إلى الأرض ولا يرفع بصره إلى فوق قال: والجهمية لما لم يفقهوا هذا الأدب ولا عرفوه ظنوا أن هذا دليل أن الله ليس فوق سمواته على عرشه كما أخبر به عن نفسه واتفقت عليه رسله وجميع أهل السنة قال: وهذا من جهلهم بل هذا دليل لمن عقل عن الرسول على نقيض قولهم إذ من الأدب مع الملوك: أن الواقف بين أيديهم يطرق إلى الأرض ولا يرفع بصره إليهم فما الظن بملك الملوك سبحانه



ابن تيميه وخوشحال شدن خدا

مدارج السالكين - ابن القيم (2 / 433) :

وسألت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يوما فقلت له: إذا كان الرب سبحانه يرضى بطاعة العبد ويفرح بتوبته ويغضب من مخالفته فهل يجوز أن يؤثر المحدث في القديم حبا وبغضا وفرحا وغير ذلك فقال لي: الرب سبحانه هو الذي خلق أسباب الرضى والغضب والفرح وإنما كانت بمشيئته وخلقه فلم يكن ذلك التأثر من غيره بل من نفسه بنفسه والممتنع




ابن تيميه وتجسيم

مجموع مؤلفات عقائد الرافضة والرد عليها [106 /98]

قال: (كنا جلوساً في صحن الجامع الأموي في مجلس ابن تيمية فذكّر ووعظ، وتعرض لآيات الاستواء، ثم قال: (واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا) قال: فوثب الناس عليه وثبة واحدة، وأنزلوه عن الكرسي، وبادروا إليه ضرباً باللكم والنعال وغير ذلك...) (74) .

ومنها: أن ابن تيمية رحمه الله أثبت النزول للباري عزّ وجل كل ليلة، كما هو ظاهر حديث النزول، فأنكروا عليه إثبات النزول (75) .

وقالوا بأن ابن تيمية رحمه الله يثبت نزولاً للخالق يشبه نزول المخلوقين، كما ذكر ذلك ابن بطوطة (ت - 779هـ) في رحلته المشهورة فقال:

(حضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: (إن الله ينزل كنزولي هذا) ونزل درجة من درج المنبر) (76) .

وقد اشتهرت هذه المقولة عن ابن بطوطة (ت - 779هـ) ، وهي تنسب - أيضاً - إلى أبي علي السكوني (77) وأنه نسبها إلى ابن تيمية عزّ وجل قبل ابن بطوطة (ت - 779هـ) .

ومرد ذلك إلى الاختلاف الكبير الحاصل في تحديد سنة وفاة أبي علي السكوني، فالقول الذي رجحه بعض الباحثين هو أن وفاة السكوني كانت سنة (717هـ) (78) ، وبهذا تكون القصة قد اشتهرت ونسبت إلى ابن تيمية رحمه الله قبل مجيء ابن بطوطة إلى دمشق، فقد كان مجيئه إليها سنة (726هـ) في شهر رمضان (79) .

وقيل: إن السكوني قد توفي سنة (747هـ) وقيل: سنة (816هـ) ، لكنها أقوال مرجوحة، والله أعلم.

%%%%%

أكذوبة قصة ابن بطوطه

... ويحتج الحبشي وأصحابه برواية أبن بطوطة المكذوبة علي ابن تيميه بل والتي ربما كانت مكذوبة علي ابن بطوطة نفسه كما ستعلم.

... فقد ذكروا (1) أن ابن بطوطه دخل المسجد الأموي بدمشق ورأي بن تيميه علي المنبر وهو يوقل " إن الله ينزب إلي السماء الدنيا كنزولي هذا " ثم نزل درجة من المنبر " (2)

... *أن رحلة ليست من كتب التاريخ المعتمدة، وليس مؤلفها معروفاً من اهل العلم، وإنام كان من عوام المتصوفة. وقد غلب علي رحلته زيارة أضرحة الاولياء والتبرك بقبورهم وتقبيل أعتابها حتي أن الشيخ حسن السائح أشار إلي هذه الحقيقة في مقدمته لكتاب تاج المفرق " في تحلية علماء المشرق " للشيخ خالد بن عيسي البلوي. وأنه ربما سمع بأسم عالم من علماء المشرق " للشيخ خالد بن عيسي البلوي، وأنه ربما سمع بأسم عالم من علماء البلد التي زارها فيذكر اسمه في الرحلة ولو لم يتصل به اتصالاً شخصياً كما فعل في تونس حسن ذكر علماً من أعلامها وهو ابن الغماز "

... وثمة ملاحظة أخري مهمة وذكرها الحافظ الحافظ بن حجر وهي أن ابن بطوطة لم يكتب تفاصيل رحلته إنما جمعها منه أبو عبد الله بن جزي ونمقها وكان البلفيقي يتهمه بالكذب (3) وعلي كل حال فهذا يفيد أن ابن بطوطة ليس هو الذي كتب تفاصيل رحلته بيده.






(1) أنظر مجلتهم منار " الهدي " 15/50.

(2) رحلة أبن بطوطة أو تحفة النظار في غرائب الأمصار 110.

(3) الدرر الكامنة 3/480.

مجموع مؤلفات عقائد الرافضة والرد عليها [58 /52]

%%%%%%%

1285 - محمد بن عبد الله بن ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن يوسف اللوائي الطنجي ابو عبد الله ابن بطوطة قال ابن الخطيب كان مشاركا في شىء يسير ورحل الى المشرق في رجب سنة 25 فجال البلاد وتوغل في عراق العجم ثم دخل الهند والسند والصين ورجع على اليمن فحج سنة 26 ولقى من الملوك والمشايخ خلقا كثيرا وجاور ثم رجع الى الهند فولاه ملكها القضاء ثم خلص فرجع الى المغرب فحكى بها احواله وما اتفق له وما استفاد من اهلها قال شيخنا ابو البركات ابن البلفيقي حدثنا بغرائب مما رآه فمن ذلك انه زعم انه دخل القسطنطينيه فرآى في كنيستها اثني عشر الف اسقف ثم انتقل الى العدوة ودخل بلاد السودان ثم استدعاه صاحب فاس وامره بتدوين رحلته - انتهى وقرأت بخط ابن مرزوق ان ابا عبد الله بن جزي نمقها وحررها بامر السلطان ابي عنان وكان البلفيقي رماه بالكذب فبرأه ابن مرزوق وقال إنه بقى إلى سنة سبعين ومات وهو متولى القضاء ببعض البلاد قال ابن مرزوق ولا اعلم احدا جال البلاد كرحلته وكان مع ذلك جوادا محسنا

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [5 /227]

%%%%%%%%

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [1 /180]

فذكروا أنه ذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال كنزولي هذا فنسب إلى التجسيم ورده على من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استغاث فأشخص من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحبس مرارا فأقام على ذلك نحو أربع سنين أو أكثر وهو مع ذلك يشغل ويفتي إلى أن اتفق أن الشيخ نصرا قام على الشيخ كريم الدين الآملي

%%%%%

حكاية

وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون. إلا أن في عقله شيئاً. وكان أهل دمشق يعظمونه أشد التعظيم، ويعظهم على المنبر. وتكلم مرة بأمر أنكره الفقهاء، ورفعوه إلى الملك الناصر فأمر بإشخاصه إلى القاهرة، وجمع القضاة والفقهاء بمجلس الملك الناصر، وتكلم شرف الدين الزواوي المالكي وقال: إن هذا الرجل قال كذا وكذا، وعدد ما أنكر على ابن تيمية، وأحضر العقود بذلك ووضعها بين يدي قاضي القضاة وقال قاضي القضاة لابن تيمية: ما تقول؟ قال: لا إله إلا الله فأعاد عليه فأجاب بمثل قوله. فأمر الملك الناصر بسجنه فسجن أعواماً. وصنف في السجن كتاباً في تفسير القرآن سماه البحر المحيط، في نحو أربعين مجلداً. ثم إن أمه تعرضت للملك الناصر، وشكت إليه، فأمر بإطلاقه إلى أن وقع منه مثل ذلك ثانية. وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم. فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجة من درج المنبر فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء، وأنكر ما تكلم به. فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته، وظهر على رأسه شاشية حرير، فأنكروا عليه لباسها واحتملوه إلى دار عز الدين بن مسلم قاضي الحنابلة، لإامر بسجنه وعزره بعد ذلك. فأنكر فقهاء المالكية والشافعية ما كان من تعزيره، ورفعوا الأمر إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكيز، وكان من خيار الأمراء وصلحائهم. فكتب إلى الملك الناصر بذلك، وكتب عقداً شرعياً على ابن تيمية بأمور منكرة، منها أن المطلق بالثلاث في كلمة واحدة لا تلزمة إلا طلقة واحدة ومنها المسافر الذي ينوي بسفره زيارة القبر الشريف زاده الله طيباً لا يقصر الصلاة، وسوى ذلك ما يشبهه، وبعث العقد إلى الملك الناصر فأمر بسجن ابن تيمية بالقلعة، فسجن بها حتى مات في السجن.

رحلة ابن بطوطة [ص 43]

%%%%%%%

وكان دخولي لبعلبك عشية النهار. وخرجت منها بالغد، ولفرط اشتياقي إلى دمشق وصلت يوم الخميس التاسع من شهر رمضان المعظم عام ستة وعشرين إلى مدينة دمشق الشام، فنزلت منها بمدرسة المالكية المعروفة بالشرابشية، ودمشق هي التي تفضل جميع البلاد

رحلة ابن بطوطة [ص 37]

%%%%%%%

حكاية

شاهدت أيام الطاعون الأعظم بدمشق في أواخر ربيع الثاني سنة تسع وأربعين من تعظيم أهل دمشق لهذا المسجد ما يعجب منه،

رحلة ابن بطوطة [ص 45]

%%%%%

%%%%%

القاضي المالكي فاشترط المالكي أن لا يعود فقال له السلطان قد تاب وسكن القاهرة وتردد الناس إليه إلى أن توجه صحبة الناصر إلى الشام بنية الغزاة في سنة 712 وذلك في شوال فوصل دمشق في مستهل ذي القعدة فكانت مدة غيبته عنها أكثر من سبع سنين وتلقاه جمع عظيم فرحا بمقدمه وكانت والدته إذ ذاك في قيد الحياة ثم قاموا عليه في شهر رمضان سنة 719 بسبب مسألة الطلاق وأكد عليه المنع من الفتيا ثم عقد له مجلس آخر في رجب سنة عشرين ثم حبس بالقلعة ثم أخرج في عاشوراء سنة 721 ثم قاموا عليه مرة أخرى في شعبان سنة 726 بسبب مسألة الزيارة واعتقل بالقلعة فلم يزل بها إلى أن مات في ليلة الإثنين العشرين من ذي القعدة سنة 728 قال الصلاح الصفدي كان كثيرا ما ينشد

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [1 /174]

%%%%%%%%

قال الطوفي سمعته يقول من سألني مستفيدا حققت له ومن سألني متعنتا ناقضته فلا يلبث أن ينقطع فأكفى مؤنته وذكر تصانيفه وقال في كتابه إبطال الحيل عظيم النفع وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسنة واللغة

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [1 /179]

%%%%%%%%

ولما قدم غازان بجيوش التتر إلى الشام خرج إليه وكلمه بكلام قوي فهم بقتله ثم نجا واشتهر أمره من يومئذ واتفق الشيخ نصر المنبجي كان قد تقدم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه فبلغه أن ابن تيمية يقع في ابن العربي لأنه كان يعتقد أنه مستقيم وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد من قصور فهم من ينكر عليه فأرسل ينكر عليه وكتب إليه كتابا طويلا ونسبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد فعظم ذلك عليهم وأعانه عليه قوم آخرون ضبطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة وقعت منه في مواعيده وفتاويه فذكروا أنه ذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال كنزولي هذا فنسب إلى التجسيم ورده على من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استغاث فأشخص من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحبس مرارا فأقام على ذلك نحو أربع سنين أو أكثر وهو مع ذلك يشغل ويفتي إلى أن اتفق أن الشيخ نصرا قام على الشيخ كريم الدين الآملي شيخ خانقاه سعيد السعداء فأخرجه من الخانقاه وعلى شمس الدين الجزري فأخرجه من تدريس الشريفية فيقال إن الآملي دخل الخلوة بمصر أربعين يوما فلم يخرج حتى زالت دولة بيبرس وخمل ذكر نصر وأطلق ابن تيمية إلى الشام وافترق الناس فيه شيعا فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك كقوله إن اليد والقدم

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [1 /180]

والساق والوجه صفات حقيقية لله وأنه مستو على العرش بذاته فقيل له يلزم من ذلك التحيز والانقسام فقال أنا لا أسلم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام فألزم بأنه يقول بتحيز في ذات الله

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة [1 /181]

%%%%%%%

فقيل لهم معلوم بضرورة العقل أن إثبات موجود فوق العالم ليس بجسم أقرب إلى العقل من إثبات قائم بنفسه ليس بمباين للعالم ولا بمداخل له

المنتقى من منهاج الاعتدال [ص 110]

%%%%%%%%

وأما وصفه بالحد والنهاية الذي تقول أنت أنه معنى الجسم فهم فيه كسائر أهل الإثبات على ثلاثة أقوال منهم من يثبت ذلك كما هو المنقول عن السلف والأئمة ومنهم من نفى ذلك ومنهم من لا يتعرض له بنفي ولا إثبات ونفاة ذلك منهم يثبتون له مع ذلك الصفات الخبرية لكن لا اختصاص للحنابلة بذلك كما تقدم بعضه وكما سيأتي حكاية مذاهب الأئمة والأمة في ذلك ومنهم طائفة لا تثبت الصفات الخبرية

بيان تلبيس الجهمية [1 /52]

%%%%%%%%







البيهقي وموقفه من الإلهيات (ص: 220)
وهذه الجملة الأخيرة ترشدنا إلى الشبهة التي حملت البيهقي ومن وافقه على القول بقدم الصفات، لأننا إذا جوزنا حدوثها فقد جوزنا حلول الحوادث بذات الله تعالى، وذلك محال عندهم. وهذه القضية أعني القول بمنع حلول الحوادث، بذات الله تعالى، محل اتفاق بين المتكلّمين من أشاعرة ومعتزلة، وكذلك الفلاسفة.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله ـ أن القول بحلول الحوادث بذات الله تعالى "هو مذهب أكثر أهل الحديث، بل قول أئمة الحديث، وهو الذي نقلوه عن سلف الأمة، وأئمتها. وكثير من الفقهاء والصوفية أو أكثرهم، وفيهم من الطوائف الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية الحنابلة، من لا يحصي عدده إلاّ الله"3.
__________
1 ما قد يفهم من هذه العبارة من أن البيهقي يرى أن الله لا يعلم الأشياء إلاّ عند حدوثها كما هو رأي الجهم، غير مراد البيهقي. لأنه يقول بالقدر، وإن الله عالم بما كان وما سيكون، وإنما أراد هنا بيان أن العلم قديم وليس حادثاً.
2 الاعتقاد ص: 32.
3 بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية1/203.






البيهقي وموقفه من الإلهيات (ص: 223)
وهذا الرأي الذي اختاره ابن تيمية وذكر أنه مذهب السلف وأنه الحق الذي يؤيده الدليل الشرعي والعقلي هو بعينه رأى الكرامية.
وكل ما بين الكرامية والسلف من خلاف في هذه المسألة هو أنهم يجعلون لما يحدث في ذاته ابتداء ويقولون: إنه لم يكن متكلماً ولا فاعلاً في الأزل ثم صار متكلماً وفاعلاً فيما لا يزال، كما إن ما يحدث في ذاته عندهم لا يقبل العدم والزوال2.
وهكذا يتضح لنا أن القول بحلول الحوادث بذات الله تعالى بمعنى أنه يتكلم متى شاء ويفعل ما يريد هو الرأي الصحيح بدلالة العقل والنقل. كما اتضح لنا موافقة البيهقي للأشاعرة على ما وضعوه من أحكام لهذه الصفات، والتي سبق ذكرها في أوّل هذا الفصل.
__________
1 شرح العقيدة الإصفهانية لابن تيمية ص: 69-70.
2 انظر: ابن تيمية السلف للدكتور محمّد خليل هراس ص: 134.



البيهقي وموقفه من الإلهيات (ص: 290)
وبهذا المبدأ أخذ البيهقي - رحمه الله - إلا أنه يرى أن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} ليست من ذلك النوع، لأن معنى الوجه فيها ليس هو الصفة، بل يرى أن له معنى آخر. فأما أن يكون معنى الوجه في هذه الآية الجهة كما رواه عن الشافعي، أو القبلة كما هو رأي مجاهد. فأما أن يكون معناه الوجه الذي هو صفة الله فلا.
فقد قال رحمه الله بعد سوقه للأدلة التي أثبت بها الصفة: "وأما قوله: عز وجل {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} فقد حكى المزني عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية يعني - والله أعلم - فثم الوجه الذي وجهكم الله إليه"2.
كما ذكر بسنده عن مجاهد أنه قال في تفسير هذه الآية:"قبلة الله، فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها"3.
وإنما أشار - رحمه الله - بذلك إلى أن هذه الآية ليست من آيات الصفات، لذلك ينبغي تفسيرها على أحد الرأيين السالفين، وهو تفسير لم يبتدعه البيهقي، بل رواه عن إمامين جليلين من أئمة السلف.
ولكن، هل ما رواه عن هذين الإمامين الشافعي ومجاهد من أن الوجه المذكور في هذه الآية، ليس هو الوجه الذي يراد به الصفة وبه تخرج هذه الآية عن أن تكون من آيات الصفات التي لا يجوز تأويلها هل ذلك متفق عليه بين السلف جميعاً؟.
الواقع أن ذلك ليس محل اتفاق، بل للسلف في المسألة رأيان:
أحدهما: يمثّل الاتجاه السابق في تفسير الآية، لأنه في نظرهم لا يعد خروجاً عن المنهج السلفي في آيات الصفات، إذ إن هذه الآية ليست منها.
والآخر: يرى أن من الأولى أن نسلك بهذه الآية مسلك بقية الآيات الواردة في الصفات، سداً لذريعة التأويل الذي جنى جناية عظمى على العقيدة الإسلامية، وإليك زيادة إيضاح للرأيين:
الرأي الأول:
وهو ما يمثله القول بأن هذه الآية ليست من آيات الصفات، يقول بأن سياق الآية يدل على أن المراد بالوجه فيها الجهة، أو القبلة وهما معنيان متقاربان، لأن القبلة جهة - وهذا هو الرأي الذي سبق أن ذكرت أن البيهقي ارتضاه ورواه عن مجاهد والشافعي. وهو ما ذهب إلى القول به شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذ ذكر أن بعض الناس قد اتهم السلف بتأويل صفة الوجه محتجين بما رواه البيهقي هنا في معنى الآية، مبيناً أنه التفسير الصحيح الذي يتفق مع سياقها وأنه إطلاق جائز في اللغة.
يقول - رحمه الله -: " ... أحضر بعض أكابرهم كتاب الأسماء والصفات للبيهقي - رحمه الله تعالى - فقال: هذا فيه تأويل الوجه عن السلف. فقلت: لعلك تعني قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} فقال: نعم، قد قال مجاهد والشافعي يعني قبلة الله، فقلت نعم. هذا صحيح عن مجاهد والشافعي وغيرهما وهذا حق، وليست هذه الآية من آيات الصفات، ومن عدها في الصفات فقد غلط، كما فعل طائفة، فإن سياق الكلام يدل على المراد حيث قال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} والمشرق والمغرب الجهات، والوجه هو الجهة، يقال: أي وجه تريد؟ أي: أي جهة، وأنا أريد هذا الوجه، أي هذه الجهة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ولهذا قال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} أي تستقبلوا وتتوجهوا"1.
وهذا هو تفسير ابن عباس الذي ذكره عنه ابن أبي حاتم واختيار الإمام الشوكاني2.
كالرأي الثاني:
وهو القائل بأن هذه الآية من آيات الصفات بها ثبتت صفة الوجه لله تعالى، شأنها في ذلك شأن سائر الآيات الواردة فيها ذكر الوجه، وممن انتصر لهذا الرأي الشيخ ابن قيم الجوزية، الذي أثبت الوجه صفة حقيقية لله تبارك وتعالى بستة وعشرين دليلاً.
فقد ذكر- رحمه الله - أنه وإن وجد من السلف من فسر الوجه في هذه الآية دون غيرها بأنه قبلة الله، فإنهم لم يقولوا ذلك إلاّ في هذا الموضع فقط، وعلى فرض صحة ذلك فإنه لا يجوز أن يقال في غيره. مع
__________
1 ابن تيمية مجموع الفتاوى3/193، وتفسير ابن تيمية ص: 81، وجمع إقبال محمّد الأعظمي.
2 انظر: فتح القدير1/131.



البيهقي وموقفه من الإلهيات (ص: 294)
وهكذا رجح ابن القيم أن يكون الوجه المذكور في الآية الكريمة: {فَثَمَّ وَجْه الْلَّهِ} بمعنى وجه الرحمن، وقد سبقه إلى ذلك إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة2.
ومع احترامي لما ذهب إليه البيهقي ومن معه، أقول: "إن ما ذهب إليه ابن القيم هو الرأي الأصح. إذ إن كل آية في كتاب الله تعالى، وكلّ حديث في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد بذكر صفة من صفات الله سبحانه فإن الإثبات هو الغرض من ذلك الإيراد، وما وقع فيه المؤولون من تعطيل لا ينبغي أن نسنده بالقول في بعض الآيات بما يجعلهم ينسبون التأويل إلى السلف، الذين هم منه براء.





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Tuesday - 5/3/2024 - 9:35

تأویل آیه فثم وجه الله در کلام ابن تیمیه

وقال لي بعض الحاضرين ــ وقد أحضر كتاب الأسماء والصفات للحافظ أبي بكر البيهقي ــ: هذا قد ذكر فيه عن بعض السلف تأويل صفة الوجه.
فقلت: لعلك تعني قوله: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: ١١٥].
فقال: نعم، قد ذكر عن مجاهد والشافعي أنها قبلة الله (١).
فقلت: هذا صحيح، وليست هذه من آيات الصفات، بل سياق الكلام يدل على المقصود حيث قال: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}، أي فثم جهة الله، فإن الوجه والجهة والوجهة في مثل
--------
ج 8، ص193 - كتاب جامع المسائل ابن تيمية ط عطاءات العلم - ليس هذا اعتقاد أحمد بن حنبل فقط بل جميع سلف الأمة - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/145376/2929#p3

 

هذا بمعنى واحد، كما قال: {ولكل وجهة هو موليها} [البقرة: ١٤٨] أي يستقبلها. ويقال: أي وجه تريد؟ أي أي ناحية تريد. فقوله: أينما تولوا، أي أينما تتولوا أي تتوجهوا وتستقبلوا فثم جهة الله أي قبلة الله. وهذا ظاهر الكلام الذي يدل عليه سياقه، وقد يغلط بعض الناس فيدخل في الصفات ما ليس منها، كما يغلط بعض الناس فيجعل من التأويل المخالف للظاهر ما هو ظاهر اللفظ، كما في هذه الآية ونحوها. ومثل ذلك قوله: «الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه واستلمه فكأنما صافح الله وقبل يمينه» (١).
فقال لي بعض الحاضرين: فقد روي عن مالك أنه قال في حديث النزول: ينزل أمره (٢).
فقلت: هذا رواه حبيب كاتبه، وهو كذاب (٣).
--------
ص194 - كتاب جامع المسائل ابن تيمية ط عطاءات العلم - لم يثبت عن الإمام مالك أنه أول حديث النزول - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/145376/2930#p1

 

 

وقال الأشعري أيضا في «اختلاف أهل القبلة في العرش» :
«قال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم ولا يشبه الأشياء، وأنه
--------
ص497 - كتاب الفتوى الحموية الكبرى - قول أبي الحسن الأشعري في كتابه المقالات - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/18381/311#p5

 

استوى على العرش كما قال تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه:٥] ، ولا نتقدم بين يدي الله ورسوله في القول؛ [بل] نقول: استوى بلا كيف، وأن له وجها، كما قال تعالى: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن:٢٧] ، وأن له يدين كما قال تعالى: {خلقت بيدي} [ص:٧٥] ، وأن له عينين كما قال: {تجري بأعيننا} [القمر:١٤] ، وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} [الفجر:٢٢] ، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء في الحديث، ولم يقولوا شيئا إلا ما وجدوه في الكتاب وجاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
--------
ص498 - كتاب الفتوى الحموية الكبرى - قول الأشعري في كتابه الإبانة - المكتبة الشاملة
--------
الرابط:https://shamela.ws/book/18381/312#p1





****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Wednesday - 1/11/2023 - 16:32

احمد بن حنبل و بیان احاطه علم الهی-رجلا کان فی یدیه قدح

يقول: هو إله من في السموات وإله من في الأرض، وهو على العرش، وقد أحاط علمه بما دون العرش، ولا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان، فذلك قوله: {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} [الطلاق: ١٢] ، ومن الاعتبار في ذلك، لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صاف وفيه شراب صاف، كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح، فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه، من غير أن يكون في شيء من خلقه١.
وخصلة أخرى: لو أن رجلا بنى دارا بجميع مرافقها، ثم أغلق بابها وخرج منها، كان ابن آدم لا يخفى عليه كم بيت في داره، وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار. فالله وله لمثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه، وعلم كيف هو، وما هو، من غير أن يكون في شيء مما خلق
--------
كتاب الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد ت صبري، ص149 -150
 






****************
ارسال شده توسط:
حسن خ
Monday - 4/3/2024 - 13:46

اعفوني عن الفرج و اللحية

الملل والنحل (1/ 105)
وأما مشبهة الحشوية؛ فحكى الأشعري عن محمد بن عيسى أنه حكى عن مضر، وكهمس، وأحمد الهجيمي: أنهم أجازوا على ربهم الملامسة والمصافحة، وأن المسلمين المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة؛ إذا بلغوا في الرياضة والاجتهاد إلى حد الإخلاص والاتحاد المحض.
وحكى الكعبي عن بعضهم أنه كان يجوز الرؤية في دار الدنيا، وأن يزوره ويزورهم. وحكى عن داود الجواربي أنه قال: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك، وقال: إن معبوده جسم، ولحم، ودم. وله جوارح وأعضاء من يد، ورجل، ورأس، ولسان، وعينين، وأذنين، ومع ذلك جسم لا كالأجسام، ولحم لا كاللحوم، ودم لا كالدماء. وكذلك سائر الصفات، وهو لا يشبه شيئا من المخلوقات، ولا يشبهه شيء، وحكي عنه أنه قال: هو أجوف من إعلاه إلى صدره، مصمت ما سوى ذلك، وأن له وفرة1 سوداء، وله شعر قطط.

 

الملل والنحل (1/ 187)
ويحكى عن داود أنه قال: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك؛ فإن في الأخبار ما يثبت ذلك.

 

العرش للذهبي (1/ 128)
ـ الجواربية: أتباع داود الجواربي الذي وصف معبوده بأن له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية3.
وقال: "أعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك"4. تعالى الله عما يقوله علواً كبيراً.
وقال الأشعري في المقالات: "وقال داود الجواربي: إن الله جسم، وأن له جُثةٌ وأنه على صورة الإنسان له لحم ودم وشعر وعظم، له جوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان ورأس وعينين، وهو مع هذا لا

العرش للذهبي (1/ 129)
يشبه غيره ولا يشبهه غيره"1.
وحكي عن داود الجواربي أنه كان يقول: إنه أجوف من فِيهِ إلى صدره، مُصْمَتٌ ما سوى ذلك2.

 

وسطية أهل السنة بين الفرق (ص: 318)
ومنهم: داود الجواربي3 الذي وصف معبوده بأن له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية4 وقال: "اعفوني عن الفرج واللحة واسألوني عما وراء ذلك"5. تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

 

مواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات (ص: 120)
وقال: "اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك"1. تعالى الله عما يقوله علوا كبيرا.
وقال الأشعري في المقالات: "وقال داود الجواربي: إن الله جسم، وإن له جثة وإنه على صورة الإنسان له لحم ودم وشعر وعظم، له جوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان ورأس وعينين، وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه غيره"2. وحكي عن داود الجواربي أنه كان يقول: إنه أجوف من فيه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك3.

 

 

شرح الطحاوية لسفر الحوالي (ص: 360، بترقيم الشاملة آليا)
وينسب التشبيه إِلَى مقاتل بن سليمان المفسر والله أعلم بصحة ذلك، لكن ينسب إليه أنه كَانَ يقول: اعفوني عن اللحية والفرج، وما عدا ذلك فأنا أثبته، ونحن لا نجزم بصحة ذلك عنه، فهو مفسر كبير مشهور له قدره وإن كانت روايته ضعيفة.

 

 

مذاهب مختلف تشبیه در کلام ابن ابی الحدید

الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى‏
و هو معنى قوله ع بعد و قرب أي في حال واحدة و ذلك يقتضي نفي كونه تعالى جسما و كذلك قوله ع فلا استعلاؤه باعده و لا قربه ساواهم في المكان به فنقول إن مذهب جمهور المتكلمين نفي التشبيه و هذا القول يتنوع أنواعا.
النوع الأول نفي كونه تعالى جسما مركبا أو جوهرا فردا غير مركب و المراد بالجوهر هاهنا الجرم و الحجم و هو قول المعتزلة و أكثر محققي المتكلمين من سائر الفرق و إليه ذهبت الفلاسفة أيضا.
و قال قوم من مستضعفي المتكلمين خلاف ذلك فذهب هشام بن الحكم إلى أنه تعالى جسم مركب كهذه الأجسام و اختلفت الحكاية عنه فروي عنه أنه قال إنه يشبر نفسه سبعة أشبار و روي عنه أنه قال إنه على هيئة السبيكة و روي عنه أنه قال إنه على هيئة البلورة الصافية المستوية الاستدارة من حيث أتيتها رأيتها على هيئة واحدة و روي عنه أيضا قال إنه ذو صورة و أصحابه من الشيعة يدفعون اليوم هذه الحكايات عنه و يزعمون أنه لم يزد على قوله أنه جسم لا كالأجسام و أنه إنما أراد بإطلاق هذا اللفظ عليه إثباته.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 224
و صدقوا عنه أنه كان يطلق عليه كونه نورا لقول الله سبحانه الله نور السماوات و الأرض مثل نوره «1».
و حكي عن محمد بن النعمان الأحول المعروف بشيطان الطاق و هشام بن سالم المعروف بالجواليقي و أبي مالك بن الحضرمي أنه نور على صورة الإنسان و أنكروا مع ذلك أن يكون جسما و هذه مناقضة ظاهرة.
و حكي عن علي بن ميثم مثله و قد حكي عنه أنه كان يقول بالصورة و الجسم.
و حكي عن مقاتل بن سليمان و داود الجواربي و نعيم بن حماد المصري أنه في صورة الإنسان و أنه لحم و دم و له جوارح و أعضاء من يد و رجل و لسان و رأس و عينين و هو مع ذلك لا يشبه غيره و لا يشبهه غيره وافقهم على ذلك جماعة من العامة و من لا نظر له.
و حكي عن داود الجواربي أنه قال اعفوني من الفرج و اللحية و سلوني عما وراء ذلك و حكي عنه أنه قال هو أجوف من فيه إلى صدره و ما سوى ذلك مصمت.
و حكى أبو عيسى الوراق أن هشام بن سالم الجواليقي كان يقول إن له وفرة سوداء.
و ذهب جماعة من هؤلاء إلى القول بالمؤانسة و الخلوة و المجالسة و المحادثة.
و سئل بعضهم عن معنى قوله تعالى في مقعد صدق عند مليك مقتدر «2» فقال يقعد معه على سريره و يغلفه بيده.
و قال بعضهم سألت معاذا العنبري فقلت أ له وجه فقال نعم حتى عددت‏
__________________________________________________
 (1)- سورة النور 35.
 (2) سورة القمر 55.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 225
جميع الأعضاء من أنف و فم و صدر و بطن و استحييت أن أذكر الفرج فأومأت بيدي إلى فرجي فقال نعم فقلت أ ذكر أم أنثى فقال ذكر.
و يقال إن ابن خزيمة أشكل عليه القول في أنه أ ذكر أم أنثى فقال له بعض أصحابه إن هذا مذكور في القرآن و هو قوله تعالى و ليس الذكر كالأنثى «1» فقال أفدت و أجدت و أودعه كتابه.
و دخل إنسان على معاذ بن معاذ يوم عيد و بين يديه لحم في طبيخ سكباج فسأله عن البارئ تعالى في جملة ما سأله فقال هو و الله مثل هذا الذي بين يدي لحم و دم.
و شهد بعض المعتزلة عند معاذ بن معاذ فقال له لقد هممت أن أسقطك لو لا أني سمعتك تلعن حماد بن سلمة فقال أما حماد فلم ألعنه و لكني ألعن من يقول إنه سبحانه ينزل ليلة عرفة من السماء إلى الأرض على جمل أحمر في هودج من ذهب فإن كان حماد يروي هذا أو يقوله فعليه لعنة الله فقال أخرجوه فأخرج.
و قال بعضهم خرجنا يوم عيد إلى المصلى فإذا جماعة بين يدي أمير «2» و الطبول تضرب و الأعلام تخفق فقال واحد من خلفنا اللهم لا طبل إلا طبلك فقل له لا تقل هكذا فليس لله تعالى طبل فبكى و قال أ رأيتم هو يجي‏ء وحده و لا يضرب بين يديه طبل و لا ينصب على رأسه علم فإذن هو دون الأمير.
و روى بعضهم أنه تعالى أجرى خيلا فخلق نفسه من مثلها.
و روى قوم منهم أنه نظر في المرآة فرأى صورة نفسه فخلق آدم عليها.
و رووا أنه يضحك حتى تبدو نواجذه.
__________________________________________________
 (1) سورة آل عمران 36.
 (2) ب «أمير المؤمنين»، و الأجود ما أثبته عن ا، ج.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 226
و رووا أنه أمرد جعد قطط «1» في رجليه نعلان من ذهب و أنه في روضة خضراء على كرسي تحمله الملائكة.
و رووا أنه يضع رجلا على رجل و يستلقي فإنها جلسة الرب.
و رووا أنه خلق الملائكة من زغب ذراعيه و أنه اشتكى عينه فعادته الملائكة و أنه يتصور بصورة آدم و يحاسب الناس في القيامة و له حجاب من الملائكة يحجبونه.
و رووا عن النبي ص أنه قال رأيت ربي في أحسن صورة فسألته عما يختلف فيه الملأ الأعلى فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها فعلمت ما اختلفوا فيه.
و رووا أنه ينزل إلى السماء الدنيا في نصف شعبان و أنه جالس على العرش قد فضل منه أربع أصابع من كل جانب و أنه يأتي الناس يوم القيامة فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك فيقول لهم أ فتعرفونه إن رأيتموه فيقولون بيننا و بينه علامة فيكشف لهم عن ساقه و قد تحول في الصورة التي يعرفونها فيخرون له سجدا.
و رووا أنه يأتي في غمام فوقه هواء و تحته هواء.
و كان بطبرستان قاص من المشبهة يقص على الناس فقال يوما في قصصه إن يوم القيامة تجي‏ء فاطمة بنت محمد معها قميص الحسين ابنها تلتمس القصاص من يزيد بن معاوية فإذا رآها الله تعالى من بعيد دعا يزيد و هو بين يديه فقال له ادخل تحت قوائم العرش لا تظفر بك فاطمة فيدخل «2» و يختبئ و تحضر فاطمة فتتظلم و تبكي فيقول سبحانه انظري يا فاطمة إلى قدمي و يخرجها إليها و به جرح من سهم نمرود
__________________________________________________
 (1) قطط: قصير.
 (2) ب: «فيدخل يزيد»، و ما أثبته عن ا، ج.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 227
فيقول هذا جرح نمرود في قدمي و قد عفوت عنه أ فلا تعفين أنت عن يزيد فتقول هي أشهد يا رب أني قد عفوت عنه.
و ذهب بعض متكلمي المجسمة إلى أن البارئ تعالى مركب من أعضاء على حروف المعجم.
و قال بعضهم إنه ينزل على حمار في صورة غلام أمرد في رجليه نعلان من ذهب و على وجهه فراش من ذهب يتطاير.
و قال بعضهم إنه في صورة غلام أمرد صبيح الوجه عليه كساء أسود ملتحف به.
و سمعت أنا في عصري هذا من قال في قوله تعالى و ترى الملائكة حافين من حول العرش «1» إنهم قيام على رأسه بسيوفهم و أسلحتهم فقال له آخر على سبيل التهكم به يحرسونه من المعتزلة أن يفتكوا به فغضب و قال هذا إلحاد.
و رووا أن النار تزفر و تتغيظ تغيظا شديدا فلا تسكن حتى يضع قدمه فيها فتقول قط قط أي حسبي حسبي و يرفعون هذا الخبر مسندا و قد ذكر شبيه به في الصحاح.
و روي في الكتب الصحاح أيضا أن الله خلق آدم على صورته و قيل إن في التوراة نحو ذلك في السفر الأول.
و اعلم أن أهل التوحيد يتأولون ما يحتمل التأويل من هذه الروايات على وجوه محتملة غير مستبعدة و ما لا يحتمل التأويل منها يقطعون ببطلانه و بأنه موضوع و للاستقصاء في هذا المعنى موضع غير هذا الموضع.
و حكى أبو إسحاق النظام و محمد بن عيسى برغوث أن قوما قالوا إنه تعالى الفضاء نفسه و ليس بجسم لأن الجسم يحتاج إلى مكان و نفسه مكان الأشياء.
__________________________________________________
 (1) سورة الزمر 75.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 228
و قال برغوث و طائفة منهم يقولون هو الفضاء نفسه و هو جسم تحل الأشياء فيه و ليس بذي غاية و لا نهاية و احتجوا بقوله تعالى و جاهدوا في الله حق جهاده «1».
فأما من قال إنه جسم لا كالأجسام على معنى أنه بخلاف العرض الذي يستحيل أن يتوهم منه فعل و نفوا عنه معنى الجسمية و إنما أطلقوا هذه اللفظة لمعنى أنه شي‏ء لا كالأشياء و ذات لا كالذوات فأمرهم سهل لأن خلافهم في العبارة و هم علي بن منصور و السكاك و يونس بن عبد الرحمن و الفضل بن شاذان و كل هؤلاء من قدماء رجال الشيعة و قد قال بهذا القول ابن كرام و أصحابه قالوا معنى قولنا فيه سبحانه أنه جسم أنه قائم بذاته لا بغيره.
و المتعصبون لهشام بن الحكم من الشيعة في وقتنا هذا يزعمون أنه لم يقل بالتجسيم المعنوي و إنما قال إنه جسم لا كالأجسام بالمعنى الذي ذكرناه عن يونس و السكاك و غيرهما و إن كان الحسن بن موسى النوبختي و هو من فضلاء الشيعة قد روي عنه التجسيم المحض في كتاب الآراء و الديانات.
النوع الثاني نفي الأعضاء و الجوارح عنه سبحانه فالذي يذهب إليه المعتزلة و سائر المحققين من المتكلمين نفي ذلك عنه و قد تأولوا ما ورد في القرآن العزيز من ذلك من نحو قوله تعالى لما خلقت بيدي «2» و قوله سبحانه على ما فرطت في جنب الله «3» و غير ذلك و حملوه على وجوه صحيحة جائزة في اللغة العربية.
و أطلقت الكرامية عليه سبحانه لفظ اليدين و الوجه و قالوا لا نتجاوز الإطلاق‏
__________________________________________________
 (1) سورة الحج 78.
 (2) سورة ص 75.
 (3) سورة الزمر 46.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 229
و لا نفسر ذلك و لا نتأوله و إنما نقتصر على إطلاق ما ورد به النص.
و أثبت الأشعري اليدين صفة قائمة بالبارئ سبحانه و كذلك الوجه من غير تجسيم.
و قالت المجسمة إن لله تعالى يدين هما عضوان له و كذلك الوجه و العين و أثبتوا له رجلين قد فضلتا عن عرشه و ساقين يكشف عنهما يوم القيامة و قدما يضعها في جهنم فتمتلئ و أثبتوا له ذلك معنى لا لفظا و حقيقة لا مجازا.
فأما أحمد بن حنبل فلم يثبت عنه تشبيه و لا تجسيم أصلا و إنما كان يقول بترك التأويل فقط و يطلق ما أطلقه الكتاب و السنة و لا يخوض في تأويله و يقف على قوله تعالى و ما يعلم تأويله إلا الله «1» و أكثر المحصلين من أصحابه على هذا القول.
النوع الثالث نفي الجهة عنه سبحانه فالذي يذهب إليه المعتزلة و جمهور المحققين من المتكلمين أنه سبحانه ليس في جهة و لا مكان و أن ذلك من توابع الجسمية أو العرضية اللاحقة بالجسمية فإذا انتفى عنه كونه جسما و كونه عرضا لم يكن في جهة أصلا و إلى هذا القول يذهب الفلاسفة.
و ذهبت الكرامية و الحشوية «2» إلى أن الله تعالى في جهة فوق و إليه ذهب هشام بن الحكم و علي بن منصور و يونس بن عبد الرحمن و هشام بن سالم الجواليقي و كثير من أهل الحديث.
و ذهب محمد بن الهيصم متكلم الكرامية إلى أنه تعالى ذات موجودة منفردة بنفسها عن سائر الموجودات لا تحل شيئا حلول الأعراض و لا تمازج شيئا ممازجة الأجسام‏
__________________________________________________
 (1) سورة آل عمران 7.
 (2) الكرامية: أصحاب محمد بن كرام؛ و الحشوية طائفة من المشبهة؛ سموا بذلك لأنهم لا يتحاشون من إظهار الحشو. راجع شفاء العلل 105.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 230
بل هو مباين للمخلوقين إلا أنه في جهة فوق و بينه و بين العرش بعد لا يتناهى.
هكذا يحكي المتكلمون عنه و لم أره في شي‏ء من تصانيفه و أحالوا ذلك لأن ما لا يتناهى لا يكون محصورا بين حاصرين و أنا أستبعد عنه هذه الحكاية لأنه كان أذكى من أن يذهب عليه فساد هذا القول و حقيقة مذهب مثبتي المكان أنه سبحانه متمكن على العرش كما يتمكن الملك على سريره فقيل لبعض هؤلاء أ هو أكبر من العرش أم أصغر أم مساو له فقال بل أكبر من العرش فقيل له فكيف يحمله فقال كما تحمل رجلا الكركي جسم الكركي و جسمه أكبر من رجليه و منهم من يجعله مساويا للعرش في المقدار و لا يمتنع كثير منهم من إطلاق القول بأن أطرافه تفضل عن العرش و قد سمعت أنا من قال منهم إنه مستو على عرشه كما أنا مستو على هذه الدكة «1» و رجلاه على الكرسي الذي وسع السموات و الأرض و الكرسي تحت العرش كما يجعل اليوم الناس تحت أسرتهم كراسي يستريحون بوضع أرجلهم عليها.
و قال هؤلاء كلهم إنه تعالى ينزل و يصعد حقيقة لا مجازا و إنه يتحرك و ينزل فمن ذلك نزوله إلى السماء الدنيا كما ورد في الخبر و من ذلك إتيانه و مجيئه كما نطق به الكتاب العزيز في قوله سبحانه هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام «2» و قوله و جاء ربك و الملك صفا صفا «3».
و أطلق ابن الهيصم عليه هذه الألفاظ اتباعا لما ورد في الكتاب و السنة و قال لا أقول بمعانيها و لا أعتقد حركته الحقيقية و إنما أرسلها إرسالا كما وردت و أما غيره فاعتقد معانيها حقيقة و قال ابن الهيصم في كتاب المقالات إن أكثر الحشوية يجيز عليه تعالى العدو و الهرولة.
__________________________________________________
 (1) الدكة: بناء يسطح أعلاه للجلوس عليه.
 (2) سورة البقرة 210.
 (3) سورة الفجر 22.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 231
و قال قوم منهم إنه تعالى يجوز أن ينزل فيطوف البلدان و يدور في السكك.
و قال بعض الأشعريين إن سائلا سأل السكاك فقال إذا أجزت عليه الحركة فهلا أجزت عليه أن يطفر فقال لا يجوز عليه الطفر لأن الطفر إنما يكون فرارا من ضد أو اتصالا بشكل فقال له فالحركة أيضا كذلك فلم يأت بفرق.
فأما القول بأنه تعالى في كل مكان فإن المعتزلة يقولون ذلك و تريد «1» به أنه و إن لم يكن في مكان أصلا فإنه عالم بما في كل مكان و مدبر لما في كل مكان و كأنه موجود في جميع الأمكنة لإحاطته بالجميع.
و قال قوم من قدماء الفلاسفة إن البارئ تعالى روح شديد في غاية اللطافة و في غاية القوة ينفذ في كل العالم و هؤلاء يطلقون عليه أنه في كل مكان حقيقة لا تأويلا و من هؤلاء من أوضح هذا القول و قال إنه تعالى سار في هذا العالم سريان نفس الواحد منا في بدنه فكما أن كل بدن منا له نفس سارية فيه تدبره كذلك البارئ سبحانه هو نفس العالم و سار في كل جزء من العالم فهو إذا في كل مكان بهذا الاعتبار لأن النفس في كل جزء من البدن.
و حكى الحسن بن موسى النوبختي عن أهل الرواق من الفلاسفة أن الجوهر الإلهي سبحانه روح ناري عقلي ليس له صورة لكنه قادر على أن يتصور بأي صورة شاء و يتشبه بالكل و ينفذ في الكل بذاته و قوته لا بعلمه و تدبيره.
النوع الرابع نفي كونه عرضا حالا في المحل فالذي تذهب إليه المعتزلة و أكثر المسلمين و الفلاسفة نفي ذلك القول باستحالته عليه سبحانه لوجوب وجوده و كون كل حال في الأجسام ممكنا بل حادثا.
__________________________________________________
 (1) ب: «فإن المعتزلة يقولون ذلك و يريدون ..».

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 232
و ذهبت الحلولية من أهل الملة و غيرها إلى أنه تعالى يحل في بعض الأجسام دون بعض كما يشاء سبحانه و إلى هذا القول ذهب أكثر الغلاة في أمير المؤمنين و منهم من قال بانتقاله من أمير المؤمنين ع إلى أولاده و منهم من قال بانتقاله من أولاده إلى قوم من شيعته و أوليائه و اتبعهم على هذه المقالة قوم من المتصوفة كالحلاجية و البسطامية و غيرهم.
و ذهبت النسطورية «1» من النصارى إلى حلول الكلمة في بدن عيسى ع كحلول السواد في الجسم.
فأما اليعقوبية «2» من النصارى فلا تثبت الحلول و إنما تثبت الاتحاد بين الجوهر الإلهي و الجوهر الجسماني و هو أشد بعدا من الحلول.
النوع الخامس في نفي كونه تعالى محلا لشي‏ء ذهبت المعتزلة و أكثر أهل الملة و الفلاسفة إلى نفي ذلك و القول باستحالته على ذاته سبحانه.
و ذهبت الكرامية إلى أن الحوادث تحل في ذاته فإذا أحدث جسما أحدث معنى حالا في ذاته و هو الإحداث فحدث ذلك الجسم مقارنا لذلك المعنى أو عقيبه قالوا و ذلك المعنى هو قول كن و هو المسمى خلقا و الخلق غير المخلوق قال الله تعالى ما أشهدتهم خلق السماوات و الأرض و لا خلق أنفسهم «3» قالوا لكنه قد أشهدنا ذواتها فدل على أن خلقها غيرها.
__________________________________________________
 (1) النسطورية: أصحاب نسطور الحكيم؛ ظهر في زمن المأمون، و تصرف في الأناجيل برأيه و انظر الملل و النحل للشهرستانى 1: 205- 206.
 (2) اليعقوبية أصحاب يعقوب؛ قالوا بالأقانيم الثلاثة، إلا أنهم قالوا: انقلبت الكلمة لحما و دما؛ فصار الإله هو المسيح .... الشهرستانى 1: 206- 208.
 (3) سورة الكهف 51.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 233
و صرح ابن الهيصم في كتاب المقالات بقيام الحوادث بذات البارئ فقال إنه تعالى إذا أمر أو نهى أو أراد شيئا كان أمره و نهيه و إراداته كائنة بعد أن لم تكن و هي قائمة به لأن قوله منه يسمع و كذلك إرادته منه توجد.
قال و ليس قيام الحوادث بذاته دليلا على حدوثه و إنما يدل على الحدوث تعاقب الأضداد التي لا يصح أن يتعطل منها و البارئ تعالى لا تتعاقب عليه الأضداد.
و ذهب أبو البركات البغدادي صاحب المعتبر إلى أن الحوادث تقوم بذات البارئ سبحانه و إنه لا يصح إثبات الإلهية إلا بذلك و قال إن المتكلمين ينزهونه عن ذلك و التنزيه عن هذا التنزيه هو الواجب.
و ذهب أصحابنا و أكثر المتكلمين إلى أن ذلك لا يصح في حق واجب الوجود و أنه دليل على إمكان ذاته بل على حدوثها و أجازوا مع ذلك عليه أن يتجدد له صفات يعنون الأحوال لا المعاني نحو كونه مدركا بعد أن لم يكن و كقول أبي الحسين أنه يتجدد له عالمية بما وجد و كان من قبل عالما بأنه سيوجد و إحدى هاتين الصفتين غير الأخرى.
و قالوا إن الصفات و الأحوال قيل «1» مفرد عن المعاني و المحال إنما هو حلول المعاني في ذاته لا تجدد الصفات لذاته و للكلام في هذا الباب موضع هو أليق به.
النوع السادس في نفي اتحاده تعالى بغيره ذهب أكثر العقلاء إلى استحالة ذلك و ذهبت اليعقوبية من النصارى إلى أن الكلمة اتحدت بعيسى فصارت جوهرا من جوهرين أحدهما إلهي و الآخر جسماني و قد أجاز الاتحاد في نفس الأمر لا في ذات‏
__________________________________________________
 (1) قيل، أي قول.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 234
البارئ قوم من قدماء الفلاسفة منهم فرفريوس و أجازه أيضا منهم من ذهب إلى أن النفس إنما تعقل المعقولات لاتحادها بالجوهر المفارق المفيض للنفوس على الأبدان و هو المسمى بالعقل الفعال.
النوع السابع في نفي الأعراض الجسمانية عنه من التعب و الاستراحة و الألم و اللذة و الغم و السرور و نحو ذلك.
و ذهبت المعتزلة و أكثر العقلاء من أهل الملة و غيرهم إلى نفي ذلك و القول باستحالته عليه سبحانه.
و ذهبت الفلاسفة إلى جواز اللذة عليه و قالوا إنه يلتذ بإدراك ذاته و كماله لأن إدراك الكمال هو اللذة أو سبب اللذة و هو تعالى أكمل الموجودات و إدراكه أكمل الإدراكات و إلى هذا القول ذهب محمد الغزالي «1» من الأشعرية. و حكى ابن الراوندي عن الجاحظ أن أحد قدماء المعتزلة و يعرف بأبي شعيب كان يجوز عليه تعالى السرور و الغم و الغيرة و الأسف و يذكر في ذلك ما روي‏
عن النبي ص أنه قال لا أحد أغير من الله و إنه تعالى يفرح بتوبة عبده و يسر بها.
و قال تعالى فلما آسفونا انتقمنا منهم «2» و قال مقال المتحسر «3» على الشي‏ء يا حسرة على العباد «4» و حكي عنه أيضا أنه يجوز عليه أن يتعب و يستريح و يحتج بقوله و ما مسنا من لغوب «5».
__________________________________________________
 (1) هو الإمام محمد بن محمد أبو حامد الغزالى صاحب الإحياء.
 (2) سورة الزخرف 55.
 (3) كذا في ا، ج، و في ب، ا «حكاية عن التحسر».
 (4) سورة يس 30.
 (5) سورة ق 38.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 235
و هذه الألفاظ كلها عند أصحابنا متأولة محمولة على محامل صحيحة تشتمل على شرحها الكتب المبسوطة.
النوع الثامن في أنه تعالى ليس بمتلون لم يصرح أحد من العقلاء قاطبة بأن الله تعالى متلون و إنما ذهب قوم من أهل التشبيه و التجسيم إلى أنه نور فإذا أبصرته العيون و أدركته أبصرت شخصا نورانيا مضيئا لم يزيدوا على ذلك و لم يصرحوا بإثبات اللون بهذه العبارة و إن كان كل مضي‏ء ملونا.
النوع التاسع في أنه تعالى لا يشتهي و لا ينفر ذهب شيوخنا المتكلمون إلى أنه سبحانه لا يصح عليه الشهوة و النفرة لأنهما إنما يصحان على ما يقبل الزيادة و النقصان بطريق الاغتذاء و النمو و البارئ سبحانه و تعالى يتعالى عن ذلك و ما عرفت لأحد من الناس خلافا في ذلك اللهم إلا أن يطلق هاتان اللفظتان على مسمى الإرادة و الكراهية على سبيل المجاز.
النوع العاشر في أن البارئ تعالى غير متناهي الذات قالت المعتزلة لما كان البارئ تعالى ليس بجسم و جسماني و كانت النهاية من لواحق الأشياء ذوات المقادير يقال هذا الجسم متناه أي ذو طرف.
قلنا إن ذات البارئ تعالى غير متناهية لا على معنى أن امتداد ذاته غير متناه فإنه سبحانه ليس بذي امتداد بل بمعنى أن الموضوع الذي يصدق عليه النهاية ليس بمتحقق في حقه سبحانه فقلنا إن ذاته غير متناهية كما يقول المهندس إن النقطة غير متناهية لا على معنى أن لها امتدادا غير متناه فإنها ليست بممتدة أصلا بل على معنى أن الأمر

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 236
الذي تصدق عليه النهاية و هو الامتداد لا يصدق عليها فإذن صدق عليها أنها غير متناهية و هذا قول الفلاسفة و أكثر المحققين.
و قالت الكرامية البارئ تعالى ذات واحدة منفردة عن العالم قائمة بنفسها مباينة للموجودات متناهية في ذاتها و إن كنا لا نطلق عليها هذا اللفظ لما فيه من إيهام انقطاع وجودها و تصرم بقائها.
و أطلق هشام بن الحكم و أصحابه عليه تعالى القول بأنه متناهي الذات غير متناهي القدرة.
و قال الجاحظ إن لي قوما زعموا أنه تعالى ذاهب في الجهات الست التي لا نهاية لها.
النوع الحادي عشر في أنه تعالى لا تصح رؤيته قالت المعتزلة رؤية البارئ تعالى مستحيلة في الدنيا و الآخرة و إنما يصح أن يرى المقابل ذو الجهة.
و قالت الكرامية و الحنابلة و الأشعرية تصح رؤيته و يرى في الآخرة يراه المؤمنون ثم اختلفوا فقالت الكرامية و الحنابلة يرى في جهة فوق و حكي عن مضر و كهمس و أحمد الجبي «1» أنهم أجازوا رؤيته في الدنيا و ملامسته و مصافحته و زعموا أن المخلصين يعانقونه متى شاءوا و يسمون الحبية. و حكى شيخنا أبو الحسين في التصفح عن أيوب السجستاني من المرجئة أن البارئ تعالى تصح رؤيته و لمسه.
و ذهب قوم إلى أنهم لا يزالون يرون الله تعالى و أن الناس كلهم كافرهم و مؤمنهم يرونه و لكن لا يعرفونه.
__________________________________________________
 (1) كذا في ا، و في الحاشية نقلا عن القاموس: أحمد بن عبد الله الجبى، و يقال: الجبابى، لبيعا الجباب، محدث، و في ب: «انجمى».

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 237
و قال من ترفع عن هذه الطبقة منهم لا يجوز أن يرى بعين خلقت للفناء و إنما يرى في الآخرة بعين خلقت للبقاء.
و قال كثير من هؤلاء إن محمدا ص رأى ربه بعيني رأسه ليلة المعراج.
و رووا عن كعب الأحبار أن الله تعالى قسم كلامه و رؤيته بين موسى و محمد ع. و رووا عن المبارك بن فضالة أن الحسن كان يحلف بالله قد رأى محمد ربه.
و تعلق كثير منهم بقوله تعالى و لقد رآه نزلة أخرى «1» و قالوا كلمه موسى ع مرتين و رآه محمد ص مرتين.
و أنكر ابن الهيصم مع اعتقاده أقوال الكرامية ذلك و قال إن محمدا ص لم يره و لكنه سوف يراه في الآخرة.
قال و إلى هذا القول ذهبت عائشة و أبو ذر و قتادة و قد روي مثله عن ابن عباس و ابن مسعود. و اختلف من قال إنه يرى في الآخرة هل يجوز أن يراه الكافر فقال أكثرهم إن الكفار لا يرونه لأن رؤيته كرامة و الكافر لا كرامة له و قالت السالمية و بعض الحشوية إن الكفار يرونه يوم القيامة و هو قول محمد بن إسحاق بن خزيمة ذكر ذلك عنه محمد بن الهيصم. فأما الأشعري و أصحابه فإنهم لم يقولوا كما قال هؤلاء إنه يرى كما يرى الواحد منا بل قالوا يرى و ليس فوقا و لا تحتا و لا يمينا و لا شمالا و لا أماما و لا وراء و لا يرى كله و لا بعضه و لا هو في مقابلة الرائي و لا منحرفا عنه و لا تصح الإشارة إليه إذا رئي‏
__________________________________________________
 (1) سورة النجم 13.

                        شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج‏3، ص: 238
و هو «1» مع ذلك يرى و يبصر و أجازوا أيضا عليه أن تسمع ذاته و أن تشم و تذاق و تحس لا على طريق الاتصال بل تتعلق هذه الإدراكات كلها بذاته تعلقا عاريا عن الاتصال و أنكرت الكرامية ذلك و لم يجيزوا عليه إلا إدراك البصر وحده و ناقضهم شيخنا أبو الحسين في التصفح و ألزمهم أحد أمرين إما نفي الجميع أو إثبات إدراكه من جميع الجهات كما يقوله الأشعرية. و ذهب ضرار بن عمرو إلى أن الله تعالى يرى يوم القيامة بحاسة سادسة لا بهذا البصر و قيل ذلك عن جماعة غيره.
و قال قوم يجوز أن يحول الله تعالى قوة القلب إلى العين فيعلم الله تعالى بها فيكون ذلك الإدراك علما باعتبار أنه بقوة القلب و رؤية باعتبار أنه قد وقع بالمعنى الحال في العين.
فهذه الأنواع الأحد عشر هي الأقوال و المذاهب التي يشتمل قوله ع بنفي التشبيه عليها و سيأتي من كلامه ع في نفي التشبيه ما هو أشد تصريحا من الألفاظ التي نحن في شرحها